الصوم وحركة الإنتاج |
هل صحيح أن الصوم يقلل حركة الإنتاج؟ الرد على الشبهة: 1 ـ الصوم من العبادات التي لم ينفرد بها الإسلام. فقد أخبر القرآن الكريم أن الصوم كان مفروضًا أيضًا على الأمم السابقة: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم}. ولا تزال هناك ديانات أخرى حتى يومنا هذا تَعرِف شعيرة الصوم. ولكن هناك فرقًا واضحًا بين الصوم في الإسلام والصوم في غيره من الديانات. ويتمثل هذا الفرق في أن الصوم في الإسلام يأتي في شهر معين من العام طبقًا للتقويم الهجري، ويبدأ صيام كل يوم بالامتناع التام عن الطعام والشراب وعن كل الشهوات من طلوع الفجر حتى غروب الشمس. وهذا يعني أن المسلم يقضي نهار يومه كله ـ وهو وقت العمل المعتاد ـ وهو صائم على النحو المشار إليه. ولعل هذا هو السبب الذي من أجله يتوهم البعض أن الصوم الإسلامي بهذه الطريقة يقلل حركة الإنتاج لدى الفرد والمجتمع. 2 ـ والصوم في حقيقة الأمر برئ من هذه التهمة. فالصوم يفترض فيه أنه يعمل على تصفية النفوس والتسامي بالأرواح. وهذا من شأنه أن يمد الفرد بطاقة روحية تجعله أقدر على الإنتاج والعمل أكثر مما لو لم يكن صائمًا. وهذه الطاقة الروحية قوة لا يستهان بها. وقد حارب المسلمون في غزوة بدر أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وهم صائمون وانتصروا، ولم يقلل الصوم من نشاطهم، بل كان العكس هو الصحيح تمامًا. 3 ـ ما نراه في بعض البلاد الإسلامية من قلة الإنتاج في شهر الصوم يرجع إلى أسباب أخرى غير الصوم. فمن عادة الكثيرين أن يظلوا متيقظين في شهر الصوم معظم الليل. ولا يأخذون قسطًا كافيًا من النوم، فنجدهم ـ نظرًا لذلك ـ متعبين أثناء النهار. ومن هنا يقل إنتاجهم، ويقبلون على أعمالهم ببطء وفي تثاقل. ويعتذرون عن ذلك بأنهم صائمون. وقد يكون اعتذارهم هذا في أول النهار. فلو كان للصوم أي تأثير على النشاط ـ كما يزعمون ـ فإن ذلك لا يكون في أول النهار، بل يكون في فترة متأخرة منه. 4 ـ لقد ثبت أن للصوم فوائد كثيرة صحية وروحية واجتماعية وتربوية. فالمفروض أنه فرصة سنوية للمراجعة والتأمل والتقييم والنقد الذاتي على المستويين الفردي والاجتماعي بهدف القضاء على السلبيات والتخلص من الكثير من الأمراض الاجتماعية، وهذا من شأنه أن يدفع حركة المجتمع بخطي أسرع، وبإخلاص أكثر، وبوعي أفضل. |
Powered by SyrianMonster Web Service Provider - all rights reserved 2024© |