البائع والمشتري ضحايا الشركات المنتجة بسكويت «اسحب واربح وجرب حظك».. بضاعة لبيع الوهم |
البائع والمشتري ضحايا الشركات المنتجة بسكويت «اسحب واربح وجرب حظك».. بضاعة لبيع الوهم 25-2-2020 رويده سليمان. من منطقة البرامكة إلى بعض الأحياء والأسواق، ينتشر باعة بسكويت (اسحب واربح).. و(هديتك بإيدك) و(تحدي النجوم) و«جرب حظك» وأسماء عديدة تغلف قطع بسكويت، يدعي مروجوها أن بعضها يحتوي على مبالغ مادية، وأن تفوز بها فهذا يعود لحسن حظك. وبين الكذب والحقيقة،يجرب المارة حظهم، وكثيراً ما يذكر الناس الحظ في حياتهم، بل هو جزء لا يتجزأ منها، وقد ينسبون كل مشكلة تصيبهم إلى سوء الحظ، إذا واجهوا فشلاً في إحدى محطات حياتهم. وتحت ضغط الإفلاس الروحي وتعبيراً عن الاستسلام لضربة حظ، وإقراراً بالهزيمة النفسية يلجأ بعض الناس إلى تكرار محاولة السحب، معللين أنفسهم بأمل الفوز بالحظ السعيد لا المبلغ المالي الزهيد. بضاعة الوهم.. في حديث مع أحد بائعي بضاعة الوهم سألناه عن حكاية بسكويت اسحب واربح وجرب حظك فقال: هي ليست شطارة ولا مهارة إنما تعتمد على الحظ، وقد تربح في قطعة البسكويت (500) ليرة سورية أو(50) ليرة سورية أو (1000) ومن ليس لديهم حظ، أي تعيسي الحظ أنصحهم بعدم المغامرة (اللي مالو حظ لا يشقى ولا يتعب)؛ لأنه حتماً سيخسر ثمن قطعة البسكويت (100) ليرة سورية. بائع آخر، بعمر الورد.. طفل لا يتجاوز الثانية عشرة من العمر، ولكنه يفوق ابن السبعين بمفرداته الإقناعية للزبائن؛ لإعادة محاولة السحب وتجريب حظهم، وبسرد الحِكَم والأمثال عن الحظوظ السعيدة، وعبر طاقته الإيجابية، وبراءة الطفولة يجذب الناس، ومن مختلف الشرائح العمرية لشراء المزيد من البسكويت وزعم المزيد من الربح السريع. يقول بصوت عال للفت انتباه المارة: اسحب واربح، جرب حظك.. هديتك بإيدك.. ربما ينقذ أحدنا تسلحه بالإرادة، وثقافة أننا نحن من يصنع الحظ ويوفر عناصره وشروطه وخطة تنفيذه، وننجو بأنفسنا ممن يحاولون اصطياد الجيوب، وتخدير العقول. ولكن مع كثرة بائعي هذه الأنواع من المأكولات وإتقانهم فن الإعلان والبيع، واستعطاف صغار الباعة الآباء بصحبة صغارهم، قد نقع في فخ الاحتيال، ونرضخ لعملية شراء أكثر من قطعة بسكويت. تقول طفلة برفقة والدتها: سحبت أكثر من مرة ولم أربح، هؤلاء الباعة يضحكون علينا، خسرت 400 ليرة سورية، وأتمنى لو اشتريت أي شيء آخر، ولا أحب طعم هذا البسكويت. شاب في العشرينات جرب حظه، يقول: نصحني أحد الباعة أن أتحسس قطعة البسكويت قبل أن أسحبها فإن كان لها سماكة أختارها، ولا أعتمد العشوائية في السحب، نجحت هذه الطريقة في أحد المرات بمبلغ (50) ليرة سورية ومرات كثيرة أخفقت. واختصر مسن يتأمل هؤلاء الباعة والمشترين رأيه بكلمة (خزعبلات). الوعي وقاية.. والعلاج للجهات المعنية إذا كان الوعي الأسري الخطوة الأولى للوقاية من الوقوع في فخ الاحتيال؛ فإن العلاج وحماية المستهلك يكون بمراقبة هؤلاء الباعة، ومنعهم من الربح السريع الوفير، بأساليب غش وخداع، وهذا دور وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك. وعن مهمتها في ضبط هذه البسطات العشوائية المنتشرة ومخالفتها قانونياً، يقول مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك: إن هناك قراراً صادراً عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك رقم 3487 لعام 2018، يتضمن شروط الإعلان عن سحوبات منها: ألا تدخل كلفة الإعلان ضمن كلفة المنتج، وأن تكون الشركة مسجلة بالسجل التجاري، والكمية محدودة، وتحديد بدء ونهاية فترة التوزيع، وهذه الشروط لا تنطبق على سحوبات البسكويت التي تنتشر بشكل فوضوي وعشوائي في السوق. وهي ضرر مادي وصحي. وهناك أيضاً تعميم صدر قبل أيام ويخص العاب الأطفال والمأكولات التي تتخذ شكل علب سجائر وغيرها ذات الأشكال المؤذية وهي أصلاً محظورة من الاستيراد. وهنا لابد من مخاطبة المواطن أيضاً حفاظاً على صحته ومحفظة نقوده. فقطعة البسكويت حتماً من النوع الرديء؛ لأن سعرها أعلى من الكلفة بأضعاف مضاعفة، وللمواطن دوره في الشكوى، وعلى الأقل أن يخبر على أماكن وجود المخالفة القانونية أياً كانت في الأسعار أو في صلاحية المواد أو غيرها. ويجب على التجار أن لا يقتنوها في فعالياتهم التجارية. ونتوجه للمواطن عدم شراء أي سلعة وخصوصاً الغذائية على بسطة متنقلة، وأن تكون مصادرها معروفة (محل ثابت) يستطيع التموين أخذ عينات منها، والتأكد من مطابقتها للشروط الصحية الغذائية وكذلك من السعر، والمحاسبة إن كان هناك أي مخالفة قانونية. للحد من هذه الظاهرة وغيرها والقضاء عليها لا بد من تعاون جهات معنية. كوزارة التربية فتسرب الأطفال أحد أسبابها. وكذلك وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. والجهات الشرطية. ووزارة الإعلام. ووزارة الأوقاف. من الحظ إلى الإدمان معاون مدير الصحة النفسية في مديرية الصحة النفسية بوزارة الصحة يقول عن هذه الظاهرة: تقع هذه السحوبات ضمن مجال «القمار». والمقامرة هي الانغماس أو المشاركة في نشاط أو لعبة يقامر فيها الشخص بمال من أجل كسب مزيد من المال، وهي بأشكالها كافة تؤثر على حياة الفرد بالسلب؛ لأنها نوع من أنواع الإدمان، ولها ضرر جسدي ونفسي، وكم من أشخاص عاطلين عن العمل أدمنوا سحب ورق اليانصيب على حساب لقمة عيش أسرهم. ولا بد من لفت الانتباه إلى أن البائع والمشتري هم ضحايا الشركات المنتجة لهذه الأنواع السيئة من المواد التي تزيد من معاناة المواطن المعيشية، والأشخاص الذين يخضعون لعملية سحب أكثر من مرة هؤلاء أشخاص اندفاعيون كلما فشلوا يحاولون السحب مرة أخرى لتعزيز الذات، وربما يأتيه الحظ ويتحول هذا السلوك إلى إدمان أي لا يسحب بحكم تواجده في هذا المكان إنما قد يقصده لغاية السحب. وهذا يشجع الشركات المنتجة على المزيد من إنتاج هذا النوع الرديء، وهذه السحوبات تخضع للاحتمالات وليس الحظ، والحظ حليف الاجتهاد ومن ليس له حظ يجب أن يشقى ويتعب ليصل إلى أهدافه وطموحه ولا أتفق مع المثل القائل «حظ أعطيني وبالبحر ارميني» لأنه ما فائدة الحظ هنا إذا لم يكن المحظوظ يملك مهارات السباحة.. حتماً سيغرق. |
Powered by SyrianMonster Web Service Provider - all rights reserved 2024© |