قيمة الوقت |
قيمة الوقت إن الوقت هو الحياة، والعاقل هو الذى يعرف قدر وقته، وشرف زمانه؛ فلا يضيع ساعة واحدة من عمره إلا في خير للدنيا أو للآخرة؛ حتى لا يتحسر على هذه الساعة في ساعة لا تنفع فيها الحسرة ولا يجدي فيها الندم. إن الوقت من أعظم نعم الله، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان:62]، ويلفت ربنا أنظارنا إلى قدر الوقت وقيمة الوقت حين أقسم بالوقت في آيات كثيرة من قرآنه، قال جل وعلا: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل:1 - 2]، وقال جل وعلا: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر:1 - 2]، وقال جل وعلا: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1 - 3]. فالوقت -يا إخوة- هو العمر هو الحياة. والعاقل هو الذى يدرك شرف زمانه وقدر وقته، ولا تراه في ساعة من عمره إلا منشغلاً بعمل نافع للدنيا، وإما بعمل نافع للآخرة. وها هو نبينا يعلمنا أن الإنسان سيسأل عن ساعات عمره، وعن أيام عمره، وعن شهور عمره، وعن سنوات عمره، سيسأل الإنسان عن عمره كله بين يدي الله جل وعلا كما في الحديث الصحيح الذي رواه الترمذى من حديث أبي برزة الأسلمي أن الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسمه فيما أبلاه،-وفي لفظ: وعن شبابه فيما أبلاه-، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه). لن تتحرك من أرض المحشر ومن موقف الحساب بين يدي الله حتى تسأل عن أربع، كيف قضيت الأيام؟ كيف قضيت الساعات؟ كيف قضيت العمر؟ ستسأل عن عمرك كله، فيم أفنيت هذه الأيام، وهذه السنوات الطوال؟ هل أفنيتها في طاعة الكبير المتعال، وفي نفع لدنياك وأخراك، أم ضيعت عمرك وسنواتك كلها في معصية الله، وفيما لا يعود عليك بخير للدنيا أو للآخرة؟! وها هم سلفنا رضوان الله عليهم يعلموننا الحرص على الوقت، وأن الوقت هو الحياة، وأن العمر هو الحياة، فهم يعلموننا أن من عقوق الزمن أن تمضي ساعة واحدة لا يستغلها الإنسان لخير في حياته أو لآخرته. لله در القائل: (ما ندمت على شيء كندمي على يوم غربت شمسه، قرب فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي). ولله در القائل: إذا مر يومٌ ولم أقتبس هدىً ولم أستفد علماً فما ذاك من عمري. |
Powered by SyrianMonster Web Service Provider - all rights reserved 2024© |