(وَقَالُوا سَمِعْنَا). أي: سَمعْنَا سَمْع قابِلينَ. و(أطَعْنَا): قِبِلْنَا ما سَمِعْنَا، لأن مَن سمع فلم يعْمل قيل له أصم كما قال جلَّ وعزَّ: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ). ليس لأنهم لَا يسْمعون ولكنهم صاروا في ترك القبول بمنزلة من لا يسمع قال الشاعر: أصَمُّ عمَّا سَاءَهُ سَمِيعُ، يضْرب مثلا للشخص يتغافل عَمَّا يكره.
يعني: سمعنا قولك وأطعنا أمرك، والمعنى قال المؤمنون: سمعنا قول ربنا فيما أمرنا به، وأطعناه فيما ألزمنا من فرائضه، واستَعْبَدَنا به من طاعته، وسَلَّمْنَا له فيما أَمَرَنَا به ونَهَانَا عنه.
أي: وقالوا بَلَّغَنَا الرسولُ، فسمعنا القولَ سماعَ تَدَبُّرٍ وفهمٍ، وأطعنا ما فيه من الأوامر والنواهي؛ طاعة إذعان وانقياد، وهذا مما يبعث النفس إلى العمل به؛ إلا إذا عَرَضَ لها مانعٌ يمنعها منه.
عَنْ ابْن حيان، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} يقولون: سمعنا للقرآن الَّذِي جَاءَ مِنَ اللهِ، {وَأَطَعْنَا}: أقروا عَلَى أنفسهم بطاعته، أن يطيعوه فيما أمرهم بِهِ ونهاهم عنه.
أي: وقالوا سمعنا قولك وفهمناه، وامتثلنا أمرك يا إلهنا واستقمنا عليه، وصبرنا على تكاليفه بكل رضا واستسلام.
أي: سمعنا قولك، وفهمنا ما جاءنا من الحق، وتيقنّا بصحته، وأطعنا بامتثال أوامرك، واجتنبنا نواهيك.
مدح يقتضي الحض على هذه المقالة وأن يكون المؤمن يمتثلها غابر الدهر، والطاعة قبول الأوامر.