فقه المعاملات المالية |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
فقه المعاملات المالية المقارن دراسة تأصيلية شرعية صياغة جديدة وأمثلة معاصرة
-البيع - الإيجار – المرابحة – البنوك -التأمين - المقاولات – الجوائز – الأسهم – السندات– الشيكات – بطاقات الائتمان
تأليف الأستاذ الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري والدكتور عدنان بن محمد أبو عمر
تقديم الأستاذ الدكتور خليفة راشد الشعالي نهدي هذا العمل :
إلى الحبيبالمصطفى سيدنا محمد r
وإلى أصحابه الكرام رضوان الله عليهمأجمعين
وإلى مشايخناالأحيـاء مـنـهـم والأمـوات
وإلى جميع الأخوة والأحباب وطلاب العلم وأخص منهم طالبات الكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية
قال الله تعالى محذراً عباده (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)المنافقون : ١١ العمل في الدنيا ليس فيه ضرراً، ولكن تعلق القلب بالدنيا هو الضرر، ولاتبرر انغماسك في الدنيا من أجل أولادك، لأن أولادك إن كانوا صلحاء فالله تعالى يتولاهم:(وهو يتولى الصالحين)الأعراف : 196 أين ولايتك من ولايته جل وعلا ؟ وإن كانوا قصراً فعليك بالتقوى قال تعالى: ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديداً) النساء : 9 . والعبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب . وإن كانوا أشقياء لاقدر الله تعالى، فلا تكن سبباً في عونهم على الشقاء، فهم يعذبون بسبب عصيانهم ، وأنت تعذب بسبب التهائك عن ذكر الله تعالى بجمع المال، فرزقك ورزقهم على الله تعالى، فخذ بالسبب ولايكن ذلك على حساب دينك . واعلم أن الرزّاق هو الله تعالى لا السبب . وخير المال ما استعملته في الحلال . من أقوال الشيخ المربي أحمد فتح الله جامي حفظه الله تعالى
شكر وتقدير الحمد لله الذي قال في كتابه العزيز:]لَئِنْ شَكَرْتُم لأَزِيْدَنَّكُم[[إبراهيم:7] فإني لأتقدم بجزيل الشكر والاحترام والتقدير إلى كل من ساهم في إخراج هذا الكتاب، وساعد في السير والعمل فيه وزلل لنا ما صعب، وهم كثر، وأخص منهم: كما أشكر الكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية على منحها لي الثقة في إصدار كتاب خاص بمساق فقه المعاملات المالية ليكون مقرراً يدرس فيها. وأتوجه بعميق الشكر والتقدير من قلبي إلى فضيلة الأستاذ الدكتور المربي خليفة راشد الشعالي حفظه الله تعالى ، على ما بذل من جهد مستمر ، وهيأ لي من وسائل وتسهيلات يسرت لي الطريق للتدريس في الكلية المذكورة كي أكون تحت جناحه ، فيسّر لي الجو المناسب لخوض غمار العمل في الكلية عنده. الدكتور عدنان بن محمد أبو عمر للاقتراحات حتى نستدركها في الطبعة القادمة : Draboomar71@hotmail.com تقديم الأستاذ الدكتور خليفة راشد الشعالي
المقدمة الحمد لله القائل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [ المنافقون/ 9 ]، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على خير النبيين والمرسلين، محمد خاتم رسل الله أجمعين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فإن أقرب العلوم الشرعية إلى حياة المسلمين علم الفقه؛ كونه مرتبطاً بأمور الحياة، ومتشعباً في كل مناحيها، وهو بمعناه اللغوي: الفهم، وفي الاصطلاح: العلم بالأحكام الشرعية العملية المستمدة من الأدلة الشرعية التفصيلية. وفهم الأحكام ومعرفتها والعلم بها للانتقال إلى المعنى الاصطلاحي للفقه، يحتاج إلى معلم ومنهج وكتاب. هذا وإن كثيراً من طلبة العلم الشرعي يَطَّلِعُون في الغالب على القسم الأول من أبواب الفقه؛ العبادات المحضة؛ من صلاة وزكاة وصيام وحج، وقليل من طلبة العلم مَن يواصل قراءة أبواب الفقه ليصل إلى العبادات الاجتماعية والعبادات المالية، بقراءة ما اصطلح على تسميته بفقه المعاملات، وقليل أيضاً مَن يثابر في تحصيله المعرفي ليتعمق في أحكام المعاملات المالية المعاصرة، وما أكثر حاجة الناس إلى ذلك. فكان من فضل الله علينا، ونعمته وتوفيقه لنا أن شَرَّفنا بالمتابعة والتحصيل العلمي في هذا الجانب العملي من أبواب الفقه؛ فقه المعاملات، فأحببنا أن نُقَدِّم لطلبة العلم الشرعي ما يُعِيْنُهم على فهم أحكام المعاملات المالية، بعد أن دَرَّسنا المادة بالكليات، لمدة طويلة، مما أفادنا في المسائل الاقتصادية المعاصرة، ولا يخفى دور عشرات المؤتمرات والدورات التي حضرناها وشاركنا فيها. ومن جهة أخرى فإنه لَمَّا كانت الشريعةُ الإسلامية صالحةً لكل زمان ومكان؛ من خلال نصوصها الشرعية (الكتاب والسنة) الثابتة، وكليات مقاصدها الجامعة، وأسسها المتينة، وقواعدها الرصينة ومن خلال مرونتها في الفروع والجزئيات، كان لزاماً على المشتغلين بأمور الفقه الإسلامي، قراءة الاجتهادات الفقهية بروح الزمان الذي يعيشونه، لا بقراءة مَن كَتَبَهَا فحسب؛ دون تَنَكُّرٍ للأصول الشرعية، أو تجنٍ على عمل السابقين. لهذا قال الله في محكم تنزيله : ] وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم وَلَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُوْنَ [ [ النحل 44]. فمرجع ومآل الشريعة الإسلامية إلى أصلين شريفين : هما القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة ، والقرآن هو أصل الدين ، ومعجزة النبي r العظمى ، والسنة النبوية بيان وتفسير للقرآن الكريم , وشرح لأحكامه , وبعض آياته , وبسط لأصوله , والسنة متى صحت وثبتت , فهي ملزمة , وواجبـة الاتباع. قال r : (( تَرَكْتُ فِيْكُم أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُم بِهِمَا : كِتَابُ اللهِ وَسُنَّتِي ))[2] إذاً : السنة النبوية تعتبر الأصل الثاني بعد القرآن الكريم في تقرير الأحكام الشرعية و بيانها ، وإليها يفزع كل مسلم ليستقي منها ما يسعده في دينه ودنياه ، فهي الحجة على المسلمين ، والمبينة لأوامر الله في قرآنه ، وهي التطبيق العملي في الإسلام على يد الرسول r ، وستبقى شقيقة القرآن حتى يرث الله الأرض ومن عليها . وهذا البحث يتناول مسائل هي في غاية الأهمية ، تتعلق بالمعاملات المالية وبيان أحكامها الشرعية لمعرفة المباح من المحرم فيها. لهذا علينا أن نقوي جانب الآخرة لا جانب الدنيا ، وذلك باتِّباع رسول الله r]لَقدْ كَانَ لكمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَة حَسَنة[[الأحزاب/21] والوصول إلى هذه الأمور الربانية لا يكون إلاَّ بالتجاوز عن الطبيعة البشرية المخالفة ، أما الأكل والشرب والزواج والولد والمعيشة والبيع والشراء فلا بد منه ، ولكن كّله يؤخذ بأمر من الله تعالى ومن رسوله r فاستخدم نِعم الله على حسب ما أراد لا على حسب ما تريد فالتقيد بالشرع الشريف منفعة للعبد جسيمة وكبيرة والحرص على الدنيا لا يزيد في رزق الإنسان ،كما أن الزهد فيه لا ينقص من رزقه شيئًا[3] . هذا، وقد وفقنا الله عزَّ وجلَّ لإعادة صياغة المادة العلمية المبثوثة في كتب الفقه على اختلاف مدارسها الفقهية، وتنوع اتجاهاتها الفكرية، وعرضناها (نحسب) بأسلوب ميسر سهل، مع الأمثلة المعاصرة، والتطبيقات العملية. وإن علم الفقه يُعَدُّ من أَجَلِّ العلوم وأرفعها قدراً ، ولست في حاجة إلى بيان مكانة هذا العلم من بين علوم الشريعة ، فقد كثر الحديث عنه ، وهو أشهر من أن يشاد به في الكلمات ، وقد عرف أسلافنا قدره ، وأدركوا أهميته منذ فجر الإسلام ؛ فأقبلوا على تدارسه وتدريسه ، وتعلمه وتعليمه ، وتوضيح معالمه ، وتقعيد قواعده . ولما تحددت معالم هذا الفن أُلِّفَت فيه مؤلفات ، وأصبحت علماً مستقلاً ، تُشَدُّ الرِّحَال إلى علمائه ، وتضرب أكباد الإبل في سبيل الوصول إلى حملته ، لأجل الأخذ عنهم . وقد عزمنا مستعينين بالله تعالى على أن يكون موضوع هذا الكتاب في هذا الفن ، لتزداد خبراتنا ويتسع اطلاعنا فيه . لهذا قررنا أن نكتب هذا الكتاب :((فقه المعاملات المالية المقارن دراسة تأصيلية شرعية)) . أهمية الموضوع والغرض منه ، وسبب اختياره : أ – أهمية الموضوع والغرض منه : - تتضح وتظهر أهمية هذا الموضوع من خلال ما توصل إليه هذا البحث من نتائج ، أهمها : أهمية معرفة كل الأحكام التي تتعلق بالمعاملات المالية . وقد بيَّنَ البحث هذه المسائل المتعلقة بالمعاملات المالية وفق دراسة نظرية وتطبيقية من خلال ذكر أمثلة واقعية مستحدثة تتعلق بهذه المسائل الفقهية ذات الصلة . - ومما هو معلوم : فإن البحث في دراسة المعاملات المالية أمر غاية في الأهمية ، خصوصاً إذا وضعنا في حسباننا ما يحاك لهذه الأمة من مكر ومكائد، بغية صرفها عن دينها في هذا العصر الذي نعيشه اليوم عصر العولمة - وأيضاً : فإن أهمية هذا البحث تكمن من خلال المسائل التي تطرق لها وبينها بدراسة تأصيلية شرعية محكمة. - ظهور مستجدات متعاقبة، تظهر مع تسارع التطور العلمي والانفتاح المعرفي، نظرياً وعملياً، وتركيب عقود مع بعضها؛ خدمة للإنسان وتلبية لحاجاته المتزايدة، والتي تحتاج لبيان الحكم الشرعي فيها. ب – سبب اختيار الموضوع : - عدم وقوفنا على مصنف يتناول هذا الموضوع بهذا الهيكل والشكل ، وكل ما كتب عنه عبارة عن مباحث متفرقة غير مجموعة على وفق هذا الهيكل والشكل الذي اعتمدناه وذكرنا فيه حكم المسائل المستجدة في هذا العصر الذي تقدم فيه العلم بشكل متسارع . - وهذا الموضوع جدير بالاهتمام والدراسة والبحث ، وهو من المواضيع الواسعة فهو يحتمل كتابة أكثر من رسالة فيه ، وكل رسالة ممكن أن تؤخذ فيه. منحى يختلف عن المنحى الآخر كل حسب اختياره . - فمن الممكن أن يؤخذ هذا الموضوع وفق دراسة فقهية كما درسناه هنا ، ومن الممكن أن يؤخذ كدراسة يغلب عليها الصبغة الأصولية ، أو الحديثية ، كل حسب تخصصه - ومن الممكن أن نعتبر الفقرة السابقة ( أهمية الموضوع ) سبباً من أسباب اختيار هذا الموضوع ، فكلما كان الموضوع مهما ؛ كانت الحاجة إليه أكبر وأكثر . - تأليف كتاب يتطابق مع توصيف مساق فقه المعاملات المقرر في الكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية ويعتبر هذا السبب الرئيس في تأليف وتصنيف هذا الكتاب. - علاقة هذا الموضوع بعدة علوم شرعية ، فكما أنه موضوع متعلق بالفقه، فهو بالمقابل متعلق بالقرآن وأحكامه من خلال دراسة الجوانب التي تتعلق بالمسائل التي لها صلة بالمعاملات المالية التي ذكرت في القرآن الكريم، وأيضاً فإن هذا الموضوع يتعلق بأصول الفقه في بعض مسائله ، فهو يتناول تأصيل هذه المسائل وفق دراسة فقهية لا تنفك عن علم أصول الفقه. وباعتبار أن هذا الموضوع متشعب الأطراف في علوم شتى فقهية أصولية لغوية حديثية ، فهذا يلزمنا أن نرجع إلى كم كبير من المصادر والمراجع ؛ التي تتعلق بهذه العلوم ، وهذا أدعى لاتساع دائرة المعرفة عند الباحثين . - الرغبة الكبيرة في دراستنا لهذا الموضوع بطبيعة عملنا كمحاضرين في الكليات لمساق فقه المعاملات كي يكون هذا المصنف كتاباً يتطابق مع توصيف المساق المقرر. ج – الجهود السابقة التي دُرِست حول هذا الموضوع : لقد سبقت هذه الدراسة دراسات أخرى ، أخذت كل دراسة منها صبغة خاصة تختلف عما قمنا به هنا من إضافات لهذا الموضوع خصوصاً ربط المسائل بالبيوع المستحدثة والمسائل التي ظهرت على الساحة بسبب التقدم العلمي المتسارع ، وقد استفدنا من هذه الدراسات بعد قراءتها والاطلاع عليها د – الصعوبات التي واجهت الباحثين : عند إعداد هذا البحث لم يعترضنا صعوبات كثيرة بسبب أنننا كنا قد وضعنا هذا الموضوع في ذهننا منذ مدة طويلة , فقد قرأنا عنه وجمعنا مادته على فترة من الزمن من خلال المحاضرات التي كنا نلقيها على الطلبة والطالبات في الكلية , لكن يمكن أن نحصر بعض الصعوبات في هذا البحث وهي : تشـعب الموضوع وسـعته , واتصاله بعلوم شتَّى ( فقه – أصول – حديث – لغة . . . ) هذا الأمر ألزمنا أن نجمع مادة علمية حول كل فصل من فصول هذا البحث , من خلال الرجوع إلى هذا الكم الكبير من المصادر والمراجع , فقمنا بتلخيصها , ومن ثم صياغة هذه الأفكار والمسائل بطريقة سهلة يسهل على الباحث والقارئ الرجوع إليها وفهمها عند الحاجة , وهذا يحتاج إلى مزيد من الصبر و الأناة . المنهج المتبع في كتابة البحث : لقد رسمنا منهجاً مشينا عليه في إعداد هذا الكتاب , ويتلخص هذا المنهج في ما يلي : 1 – سردت في دراسة الموضوع وتناول مباحثه على طريقة العرض والنقد في المنهج العلمي التحليلي المقارن , وذلك عن طريق عرض الأقوال والآراء , من ثم قمت بتحليلها ومقارنتها ومناقشتها , وأخيراً الترجيح عند الحاجة, معتمدين على أقوال الفقهاء فيما صح عنهم واعتمد . وقد سبق هذا الأمر أن عكفنا على جمع المادة العلمية الكثيرة حول هذا الموضوع وفروعه , ثم قمنا بتنسيقها وترتيبها وتلخيصها و صياغتها بطريقة توصل إلى المقصود والمراد من البحث بغية الوصول إلى لب الموضوع . 2 – شرحت العبارات التي وردت في البحث خصوصاً الغريب منها معتمداً على كتب معاجم اللغة العربية وكتب غريب الحديث , كما قمت بتشكيل ما يُشْكِلُ من الكلمات بقصد إظهار النطق الصحيح لها , ودفع الإبهام الذي قد يقع فيه القارئ . 3 – شرحت الألفاظ الغريبة والمصطلحات ، فقمت قدر الاستطاعة بتعريف المبهم والمغمور الوارد في النص بما يفيد توضيحه وتسهيل إفادة القارئ منه 4 – أما فيما يتعلق بالآيات القرآنية ، فقد قمت بضبطها وتشكيلها مع بيان رقمها وسورتها ، ضمن المتن ، فأذكر اسم السورة متبوعا برقم الآية فيها، وذلك بغية عدم إثقال الهامش بالحواشي . 5 – وفي تخريج الأحاديث : إذا وجدنا الحديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم أكتفينا بهما، أو بأحدهما عند انفراده. وإلا انتقلنا إلى كتب السنن الأربعة؛ مجتمعة إذا كان الحديث موجوداً لديهم، أو أكتفينا بتخريج الحديث من أحدها عند الانفراد. وإذا لم يكن الحديث في الكتب الستة نحاول الاستقصاء في التخريج ما استطعت، وأحيل إلى كتب التخريج غالباً؛ كتلخيص الحبير، ونصب الراية. وقد كررنا تخريج الحديث عند كل ذكرٍ له، ولم نكتفِ بالإشارة إلى ما سبق تخريجه؛ وذلك لسهولة معرفة الحكم الفقهي مع الدليل المخرَّج قريباً من الحكم، بدل البحث عن تخريجه في المرة الأولى. 6 – ترجمت لبعضالأعلام الذين ورد ذكرهم. 7 – خرجت هذا الكم الكبير من النقولات المختلفة التي ذكرتها في البحث إلى مراجعها الأصلية إن وجدت ، وإلا فمن الكتب الموثوقة لدى العلماء . وقد وضعت الكلام المنقول بنصه بين علامتي التنصيص هكذا (( )) ،وإذا تصرفت في كلمات منه أشرت إلى ذلك في الهامش عقب الإحالة بلفظ : (( بتصرف )) ، أو (( انظر )) ، بدون وضع علامة تنصيص . 8 – حرصنا في الأغلب على الاختصار المفيد وعدم التطويل ، كي لا يطول البحث ، فتفتر الهمة عن قراءته ورغم المباحث التي دُرِست فيه يصلح كثير منها أن يفرد برسالة علمية مستقلة ، لكثرة المواد العلمية , وسعة المعلومات القيمة , وتشعب الأبحاث المتنوعة , وضخامة المسائل المختلفة, فما لا يدرك كله لا يترك جله , فنرجو أن يقيِّد الله من يقوم بهذه المهمة . 9 – سعينا قدر الإمكان أن يخرج البحث مشتملاً على جملة من مقاصد التأليف , وأغراض التصنيف , كجمع المتفرق , وتوضيح المشكل , وتفصيل الإجمال , وشرح الإبهام . 10 – ذكرنا اسمَي المرجع والمؤلف كاملين – غالباً – عند أول ورودهما في البحث . 11 – اقتصرنا على ذكر اسم الكتاب والمؤلف مختصراً , وأذكرهما بما اشتهرا به نحو : حاشية ابن عابدين وغيره مما اشتهر وعُلِمَ من المصنفات . 12 – ميَّزْنا الكتب التي تتفق أسماؤها بالنسبة إلى الفن , أو إلى المؤلف , كالبرهان للزركشي وللجويني . 13 – حاولنا وصل الماضي بالحاضر , والغابر بالمعاصر في ذكر الأصول والمناهج والأمثلة التطبيقيةفي البيوع والمعاملات المالية المستحدثة. 14- ذكرنا في أوائل المباحث ومبادئ المطالب بيان المعاني اللغوية والمفاهيم الاصطلاحية مما يتعلق بجوهر عنوان الفصل ، مع الإشارة إلى أنواعه وفروعه وآثاره بغية تجلية عنوان الموضوع المدروس . 15 – حاولنا قدر الإمكان تفادي الخلل والتفكك الموضوعي ، وعدم الانسجام ساعياً في إعطاء صورة واضحة وبَيِّنَة عن الموضوع بأسلوب علمي ، بغية ربط المتقدم بالمتأخر ، وتهيئة الطريق للدخول في الموضوع الجديد ، وهذا ما يسمى في علم التفسير : ( المناسبة ) ، وعند التربويين ( التهيئة الحافزة ) ، وعند اللغويين والشعراء والكُتَّاب والأدباء ( براعة الاستهلال ) . 16- اعتمدنا في المسائل الفقهية على كتب الفقه في المدارس الفقهية الأربعة، واكتفيت بمصدر واحد من كل مدرسة فقهية للمسألة، دون استقصاء لها في جميع المصادر في المدرسة الواحدة؛ كي لا أُثقل الحواشي. 17- وقد تتبعنا القرارات والنصوص المعايير التي أصدرتها المجامع الفقهية في العالم الإسلامي، وضمناها كتابنا هذا، كل في موقعه، ليسهل على طلبة العلم التعرف على الجديد والمفيد بعون الله. وذيلنا كل بحث بما يخصه من قرارات المجامع الفقهية؛ فيما استُجِدَّ من معاملات مالية معاصرة، ووسائل علمية تقنية، ومن المعلوم أنه عند تعذر الإجماع القولي لفقهاء الأمة في زمن من الأزمان، أو عصر من العصور، يُلجأ إلى الاجتهاد الجماعي؛ ليحقق (على أقل تقدير) إجماعاً سكوتياً، في مسألة معينة. 18 – وقد خُتِمَ البحث ببيان أهم النتائج التي توصلنا إليها في هذه الدراسة، وما تبدى معنا من وصايا ومقترحات ذات صلة بالموضوع ، لمن أراد أن يسير بهذا الطريق فيأخذ بها . 19 – ذيلنا البحث بفهارس تساعد الباحث والقارئ على الكشف من مضامينه بسهولة ويسر . وأخيراً : لا نزكي أنفسنا ولا ندعي لعملنا الكمال ، فإن ابن آدم خطاء ، والكمال لله وحده، فما كان من صواب فمن الله وحده وتيسيره ، فله الحمد والمنة على هذا ، وما كان من خطأ فمن أنفسنا ومن الشيطان ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم . فنسأل الله تعالى أن يتقبل منا هذا العمل البسيط ، وأن ينفعنا به في الدنيا والآخرة ، وينفع به المسلمين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . المؤلفان : الأستاذ الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري والدكتور عدنان بن محمد أبو عمر
خطة البحث : لقد اشتمل الكتاب على مقدمة ، وتمهيد وفصول ، وخاتمة، وهذه الخطة وضعناها كالتالي : مقدمة : وتشتمل على : أهمية الموضوع والغرض منه وسبب اختياره والجهود السابقة التي درست حوله وصعوبات البحث والمنهج المتبع في كتابة البحث وخطة البحث التمهيدي :الأهلية وأقسامها الفصل الأول : العقد الفصل الثاني : عقد البيع الفصل الثالث : تقسيم المبيع من حيث الحكم الشرعي الفصل الرابع :الخيارات الفصل الخامس : بيوع الأمانات الفصل السادس : الإقالة الفصل السابع :الربا الفصل الثامن :التأمين الفصل التاسع :الصرف الفصل العاشر :القرض الفصل الحادي عشر : فتاوى معاصرة تتعلق بالديون والقروض الفصل الثاني عشر : السلم الفصل الثالث عشر : الاستصناع الفصل الرابع عشر : الإجارة الفصل الخامس عشر : إجارة الأشخاص الفصل السادس عشر : عقد المقاولة الفصل السابع عشر :الجعالة الفصل الثامن عشر : الرهن الفصل التاسع عشر : الوديعة الفصل العشرون : الحوالة الفصل الحادي والعشرون : الوكالة الفصل الثاني والعشرون : الإعارة الفصل الثالث والعشرون : الهبة الفصل الرابع والعشرون : الشركة الفصل الخامس والعشرون :الصيغ الاستثمارية الإسلامية المعاصرة الفصل السادس والعشرون : شركة المضاربة الفصل السابع والعشرون : صور معاصرة لشركة المضاربة الفصل الثامن والعشرون : المزارعة الفصل التاسع والعشرون : المساقاة الفصل الثلاثون : الكفالة الفصل الحادي والثالثون : الغصب الفصل الثاني والثلاثون : اللقطة الفصل الثالث والثلاثون :إحياء الموات الفصل الرابع والثلاثون :الشروط المقترنة بالعقود وأثرها على العقد الخاتمة : وتتضمن أهم ما انتهى إليه البحث من نتائج وتوصيات
تمهيد المبحث الأول : الهدف من معرفة أحكام المعاملات المالية :
تعريف المعاملات المالية المعاصرة : المعاملات في اللغة : جمع معاملة وهي مأخوذة من العمل وهو لفظ عام في كل فعل يقصده المكلف[4]. إن مصطلح (المعاملات) مصطلح فقهي قديم، استعمله الفقهاء القدامى في كتبهم، وقد أطلقوه على (فقه المعاملات المالية)، ذلك الفقه الذي يجمع الأحكام الشرعية المنظِّمة لعلاقة المسلم مع غيره والمتعلقة بالبيع والشراء والإجارة وغيرها، وأما في الاصطلاح : فهي الأحكام الشرعية التي تنظم الأمور المتعلقة بالدنيا كالبيع والشراء والإجارة والرهن وغير ذلك. فائدة : اعلم أن العلماء رحمهم اللَّه يقسمون الفقه إلى أربعة أقسام : 1 - عبادات . 3 - أنكحة . 2 - معاملات . 4 - أحكام الجنايات والقضاء . هذا ما عليه أكثر العلماء رحمهم اللَّه[5] . وبعض العلماء لا يخصون قسم المعاملات بالمعاملات المالية وإنما يدرجون أحكام الأنكحة بالمعاملات فيجعلون الأقسام ثلاثة : 1 - عبادات . 2 - معاملات ولا يخصونها بالمعاملات المالية .3 - أحكام الحدود والجنايات . وممن ذهب إلى هذا التقسيم ابن عابدين الحنفي رحمه اللَّه صاحب حاشية رد المحتار[6]. لكن أكثر العلماء رحمهم اللَّه على تقسيم الفقه إلى الأقسام الأربعة المذكورة والمراد بالمعاملات : المعاملات المالية وهي تشمل أمرين: 1 - أحكام المعاوضات : وهي المعاملات التي يقصد بها العوض من الربح والكسب والتجارة وغير ذلك. وتشمل البيع والإجارة والخيارات والشركات.. وما يلحق بذلك من عقود التوثقات. 2 - أحكام التبرعات : وهي المعاملات التي يقصد بها الإحسان والإرفاق. مثل الهبة والعطية والوقف والعتق والوصايا وغير ذلك. إذا عرفنا أن المراد بالمعاملات ؛ المعاملات المالية ، فالعلماء يطلقون المال على ثلاثة إطلاقات : 1 - الأعيان العروض : كالسيارة والبيت والأطعمة والأقمشة وغير ذلك. 2 - المنافع : كمنفعة السكنى في هذا البيت ومنفعة البيع والشراء في هذا الدكان.. 3 - العين : ويراد به الذهب والفضة وما يقوم مقامه الآن من الأوراق النقدية مع أن المشهور عند الفقهاء رحمهم اللَّه أنهم يجعلون الأوراق النقدية من قبيل العروض. والعلماء رحمهم اللَّه عرفوا المال بتعاريف متقاربة فقالوا : هو كل عين مباحة النفع أو كل ما أبيح نفعه فهو مال إلا ما استثناه الشارع[7]. المعاصرة : مأخوذة في اللغة من العصر ، والعصر يطلق في اللغة على ثلاثة إطلاقات: 1 - الدهر والحين . 2 - من عَصَر الشيء إذا ضغطه حتى يحتلب. 3 - الملجأ ، يقال : اعتصر بالمكان أي التجأ به[8] . فيتلخص لنا في تعريف المعاملات المعاصرة أنها : الأحكام الشرعية للمسائل المالية التي ظهرت ووجدت في عصرنا . خريطة ذهنية توضح أهم عقود المعاملات المالية :
ا المبحث الثاني : مفهوم الأهلية وأقسامها : أهمية الأهلية : 1- موضوع الأهلية من المواضيع المهة ، لكونه يبحث في أهلية الإنسان و التي يتوقف عليها تشريع الأحكام ، من حيث صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له أو علية ، و القيود التي تفرض على الأولياء . حماية لمصلحة ناقصي الأهلية أو عديميها. 2- إن البحث في الأهلية يبين مدى سماحة شريعة الإسلام العظيمة ، و التي جاءت لنصرة الضعفاء في الأرض ، فأحكام الشرع لا تخاطب إلا من كان كامل الأهلية ، فلم تخاطب عديمي الأهلية ، أو ناقصيها أو من تعرض لهم عوارض تحد من قدرتهم على التزام أحكام الشرع. 3- إن شريعتنا الإسلامية لا تفرق بين الرجل و المرأة من حيث الأهلية ، فقد أعطت المرأة الأهلية الكاملة إلا ما اختصت به عن الرجل ، بسبب اختلافها في التكوين النفسي و البدني عن الرجل . 4- إن العوارض مبنية على رفع الحرج ، يظهر ذلك في التخفيف على ناقصي الأهلية أو عديميها , كالصبي و المجنون و المعتوه ، من حيث الأحكام ، و هذا على العكس من القوانين الوضعية ، حيث كانت أوروبا وإلى عهد ليس ببعيد تنصب المحاكم لمحاكمة الأطفال على أخطائهم ، كما يظهر رفع الحرج في حق المريض ، فقد شرعت العبادات على حسب طاقته ، وهكذا في باقي العوارض. 5- مبحث الأهلية من المباحث التي تتعلق بعلم أصول الفقه فالأصوليون عادة يدرجون في كتبهم مباحث عن الأهلية لأهميتها في تقرير الصلاحية .
تعريف الأهلية : لغة واصطلاحاً : يُقال في اللّغة: هو أهل لكذا، أي هو مستوجِب له. ويقال: استأهله بمعنى استوجبه. فتكون بمعنى الاستحقاق[9] ب- أهلية وجوب كاملة: وهي صلاحية الإنسان لأن تثبت له حقوق وتجب عليه واجبات. وتثبت للإنسان من ولادته حياً إلى مماته، فيصلح الإنسان لتلقي الحقوق والالتزام بالواجبات، ولا يوجد إنسان فاقد لهذه الأهلية. لكن الصبي غير المميز ينوب عنه وليه بأداء الواجبات التي تجب عليه، كالنفقات، والزكاة، وصدقة الفطر، ونحو ذلك[13]. -تصرفات: ضارة ضرراً محضاً، كإعطاء الهدية أو الوقف أو الكفالة بالدين، فهذه لا تصح ولا تنفذ مطلقاً 2-الجنون: وهو زوال العقل أو فساد فيه، وتنعدم به أهلية الأداء، فيكون المجنون كالصبي غير المميز، وقد قال النبي : «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم[19]»؛ فلا يجب عليه شيء من العبادات، كما لا يؤاخذ بأقواله، وأما أفعاله التي فيها ضرر للغير، فيؤاخذ بها من ماله دون بدنه، ويكون وليه نائباً عنه في ذلك[20]. وأما حقوق العباد، فإنه لا أثر له فيها، فلا يكون عذراًَ، فلو أتلف الناسي مال غيره وجب ضمانه. أ- أن يغلب فيه الهلاك عادة، ويرجع في ذلك إلى الأطباء . ب- أن يعقبه الموت مباشرة، سواء كان الموت بسببه أم بسبب آخر، كقتل أو حرق أو غرق أو نحو ذلك. ومن أمثلته: مرض السرطان بأنواعه، والسل، ونزيف الدم الدائم، وغير ذلك. وقد ألحق الفقهاء بالمريض مرض الموت: الأصحاء الذين يكونون في أحوال مآلها إلى الموت غالباً، ومن هذه الأحوال: -المقاتلة حال التحام الصفين. -المقدم ليقتل قصاصاً أو حداً. -ركاب البحر حال هيجانه، الذين غلب عليهم الهلاك. -المرأة الحامل عندما يأتيها الطلق[28]. فمرض الموت وما في حكمه لا ينافي أهلية الأداء في الأصل؛ ولذا تلزمه الحقوق بنوعيها: حقوق الله تعالى، وحقوق العباد، كما يجب له أيضاً ما ثبت له من حقوق؛ إلا أن الشارع قيد بعض تصرفاته المالية المتعلقة بحقوق الوارثين، وحقوق الدائنين؛ حفاظاً عليها[29].
الفصل الأول : العقد تعريف العقد: العقد في اللغة([41]): نقيض الحَلّ، ويأتي بمعنى: العهد والشد والضمان، ويأتي بمعنى الربط بين أطراف الشيء، وهو: اتفاق بين طرفين يلتزمُ بمقتضاه كلٌّ منهما تنفيذ ما اتفقا عليه، والجمع عقود، ومنه قال الله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[[المائدة: 1]. والعقد عند الفقهاء: هو: [ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع يثبت أثره في محله]([42])، أو هو: [تعلُّق كلام أحد العاقدين بالآخر شرعاً على وجه يَظهر أثرُه في المحل]([43]). ومن اللافت للنظر في تعريف العقد عند الفقهاء قولهم: (شرعاً) لإخراج الارتباط بين المتعاقدين على وجه غير مشروع، كارتباط المتعاقدين بعقد ربا: (أخذ زيادة بدون عوض)، ولا بُدَّ من التأكد في العقود المالية والمصرفية أن تكون مشروعة خالية من أي شبهة. والعقد عند رجال القانون، هو: [توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني من إنشاء التزام، أو نقله، أو تعديله، أو إنهائه]([44]). والفرق بين التعريفين الفقهي والقانوني: أن التعريف الفقهي يؤكد على الارتباط الذي يَعْتَدُّ الشارع به وليس مجرد اتفاق الإرادتين؛ إذ قد يحصل اتفاق بين إرادتين على شيء يحرِّمُه الشارع، وبذلك يكون تعريفُ العقد عند القانونين غيرَ مانع من دخول العقد الباطل فيه. موقف التشريع الإسلامي من العقود لقد اشتمل القرآن الكريم على آيات تثبت مشروعية العقد، وتأمر بالوفاء به والالتزام بما اتفق عليه العاقدان. - قال الله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[[المائدة: 1]. وفي أحاديث رسول الله r توجيهٌ للالتزام بالعقود، والحرص على تنفيذها؛ إذ إنَّ خُلْفَ الوعدِ من النفاق. - قال رسول الله r: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ"([45]). - وقال رسول الله r: "لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ"([46]). مقومات العقد (أركانه وشروطه): جمعاً بين أقوال الفقهاء في تحديد الأركان أنقل استحسان الشيخ مصطفى الزرقا تسمية مجموع الصّيغة والعاقدين والمحلّ: قوام العقد؛ للاتّفاق على عدم قيام العقد بدونها، بغضِ النظر عن التسمية: ركن أو شرط. فقد اتفق الفقهاء على أن العقد لا يتم إلا إذا وجد:
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن هذه الثلاثة كلها أركان العقد([47]). وذهب فقهاء الحنفية إلى أن ركن العقد هو الصيغة فقط([48])، أما العاقدان والمحل فمما يستلزمه وجود الصيغة، لا من الأركان، وذلك؛ لأن ما عدا الصيغة ليس جزءاً من حقيقة العقد وإن كان يتوقف وجوده عليه. وسأذكر هنا شروطاً عامة لمقومات العقد، أما التفصيلات الدقيقة فتأتي في حينها. صيغة العقد : هي: التعبير الدَّال على إرادة المتعاقدين لإنشاء العقد وإبرامه، ويسمى هذا التعبير: إيجاباً وقبولاً([49]). والأصل في العقود([50]): اتفاق الإرادتين، وتراضي المتعاقدين، وليست الألفاظ إلا ترجمة عن ذلك الاتفاق والتراضي، وقد أوجب الفقه الإسلامي ظهور الإرادتين بشكل واضح بَيِّنٍ، ولا شكَّ فيه؛ حفاظاً على الأموال والأعمال. والتعبير عن إرادة المتعاقدين، تكون أصلاً باللفظ أو بالقول، يقول الشاعر: إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جُعِلَ اللسان على الفؤاد دليلا ويمكن أن يقومَ مقامَ اللفظِ – اللسانِ-، أَيُّ تصرفٍ يدل على الإرادة، سواءٌ كان بالعمل أو بالإشارة أو بالكتابة. فقد ينعقد العقد بدون قول أو لفظ، وإنما بفعلٍ يرصد من أحد المتعاقدين، أو من كليهما.
ويسمى هذا في الفقه: العقد بالمعاطاة([51])، وهو جائز عند جمهورالفقهاء([52]) غير فقهاء الشافعية([53]). والتعاقد بالإشارة فيه تفصيل([54]): فالإشارة إما أن تكون من ناطق أو من أخرس: فإذا كان العاقد قادراً على النطق ففي المسألة قولان: فعند فقهاء الحنفية والشافعية([55]): لا ينعقد العقد بإشارته، فالإشارة لا تكون مفيدة لليقين قطعاً، ولا يُلجأ إليها إلا عند الضرورة. وعند فقهاء المالكية وفقهاء الحنابلة([56]): يجوز التعبير عن الإرادة العقدية من الناطق بالإشارة المفهمة. وإذا كان العاقد عاجزاً عن النطق كالأخرس ومعتقل اللسان الذي يخرج معه الكلام متعثراً، أو الحروف مقطعة، يُنْظَر: فإن كان يُحْسِنُ الكتابة فلا بُدَّ منها؛ لأن الكتابة أبلغ في الدلالة على الإرادة، وأبعد عن الاحتمال من الإشارة؛ فيُلجأ إليها. أما إذا كان لا يحسن الكتابة، وله إشارة مفهمة فتقوم إشارته مقام النطق باللسان باتفاق الفقهاء للضرورة، وفي مجلة الأحكام العدلية: (الإشارات المعهودة للأخرس كالبيان باللسان)([57]). والتعاقد بالكتابة جائز، سواء كان العاقدان ناطقين أم عاجزين عن النطق، وسواء كانا حاضرين في مجلس العقد أم غائبين، وبأي لغة كانت ما دامت الكتابة مفهومة لدى الطرفين. واشترط الفقهاء: أن تكون الكتابةُ مستبينةً باقيةَ الصورةِ بعد الانتهاء منها، مرسومةً، مسطرةً بالطريقة المعتادة بين الناس؛ بذكر المرسل إليه وتوقيع المرسل. وفي صحة العقد بالكتابة جاء في مجلة الأحكام العدلية: (الكتاب كالخطاب)([58])، وهذا رأي فقهاء الحنفيةوفقهاء المالكية([59]). واشترط فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة([60]) لصحة العقد بالكتابة: أن يكون العاقدان غائبين. محل العقد([61]): هو ما يقع عليه العقد، أي: هو المعقود عليه، الذي تظهر فيه أحكام العقد وآثاره، فهو: المال المتقوِّم([62]) (كل شيء طاهر منتفع به شرعاً)، سواء كان عيناً أم منفعة؛ سلعة أم خدمة، ويشترط أن يكون معلومَ الوجودِ، والصفةِ، والقَدْرِ، والأَجَلِ إنْ أُجِّلَ، ويشترط أن يكون مقدوراً على تسليمه، وأن يكون سالماً من الغرر والربا، ومن كل شرط مُفْسِد. ويقابله الثمن، وهو بالتعريف: كل طاهر منتفع به شرعاً قبله الناس وسيلة في التداول، ومقياساً للقيم([63]). العاقد وشرطه: العاقد يشمل: البائع والمشتري، ويشترط فيه: أن يكون كامل الأهلية([64])، أي: بالغاً عاقلاً([65])، بمعنى جائز التصرف([66]). أن يكون مختاراً([67]). أن يكون عالماً بالعقد مالكاً أو وكيلاً عن مالكه، قادرا ًعلى تسليم المعقود عليه([68]). الضوابط العامة للعقود : العقود قديمة كانت أو مستحدثة تتوقف صحتها على أن تتحقق فيها مجموعة من الضوابط،هذه الضوابط هي: الضابط الأول: أن تكون العقود قائمة على مبدأ الرضا: وهذا هو المبدأ العام والقاعدة التي اعتبرها الشارع أساساً للعقود، ويستمد ذلك من قوله تعالـى: {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء: 29]، وذكرت التجارة هنا خصوصاً من بين سائر أسباب الملك لكونها أغلبها وقوعاً. والمراد بالتراضي أي رضا المتعاقدين فيما تعاقدا عليه. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنما البيع عن تراض"([69]). وعليه فالعقود التي تحقق فيها الرضا هي عقود مشروعة، وغياب الرضا يعتبر سبباً في إلغائها. الضابط الثاني: أن تخلو العقود من الغرر: والغرر لغة هو الخطر، مأخوذ من الفعل غرّ يغره غروراً، واغتر بالشيء: خدع به([70]).أما اصطلاحاً فالغرر: هو ما كان له ظاهر يغر وباطن مجهول، أو هو ما تردد فيه بين الوجود وعدمه([71]). والعقود المشتملة على الغرر هي عقود منهي عنها، وغير مشروعة؛ لما رواه سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "نهى عن بيع الغرر"([72])، والنهي عن الغرر إنما ورد لأجل الحفاظ على الأموال من الضياع، وحسماً للخصومة والخلاف بين الناس. الضابط الثالث: أن تكون العقود قائمة على العدل والعفو: يعتبر العدل أصل من أصول الشريعة، ومبدأ من المبادئ التي تقوم عليها العقود؛ ولذلك فإن الله تعالى نهى عن التزيد في حق النفس بقوله تعالـى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)} [المطففين].كما ونهى القرآن عن الربا بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278]، وقوله تعالى: { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]. ونهى الشارع عن الغش بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من حمل علينا السلاح فليسمنا ومن غشنا فليس منا"([73]). ونهى عن الغرر والميسر لما فيه من الظلم وأكل أموال الناس بالباطل. والعدل والعفو يعتبران من الأسس التي تحقق التكافل الاجتماعي، ومن ثم لزم أن تقوم العقود على العدل والعفو؛ لما لها من أثر في مبدأ التكافل الاجتماعي. الضابط الرابع:أن تكون العقود قائمة على الاستقرار وعدم التذبذب: والمراد بالاستقرار وعدم التذبذب أي تنفيذ الالتزام الناشئ عن العقود بتقبل الآثار الشرعية المترتبة عليها؛ ولذلك أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود تحقيقاً للاستقرار والاطمئنان على نتائجها، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]. التعاقد بواسطة آلات الاتصال الحديثة : مع تطور الحياة وتقدم التقنية وتوفر وسائل الاتصالات الآلية المباشرة، كان لا بد من إيجاد المخرج الشرعي المناسب لإجراء العقود بواسطة آلات الاتصال الحديثة، مثل: إجراء العقود عبر الهاتف، وإجراء العقود عبر المراسلات الآلية؛ كالبرقيات، أو بواسطة التلكس أو الفاكس [البريد المصور]، أو عبر الشبكة العالمية (الإنترنت) مثلاً. وقد درس فقهاء العصر هذه المسألة؛ ووصل أعضاء مجمع الفقه الإسلامي بجدة، إلى نتيجة مفادها: جواز إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة، كون تلك الآلات تشبه المرسِل سابقاً.
تصنيف العقود : بعد بيان تعريف العقد وموضوعه، والقاعدة الحاكمة له، فيما يلي بيان لأهم تصنيفات العقود، والذي يتبع لاعتبارات مختلفة([74]): التقسيم الأول: أنواع العقود بالنظر إلى مشروعيتها وعدمها صنفان عند الجمهور([75]): 1 – عقود مشروعة، وهي: ما أجازها الشرع الإسلامي وأَذِنَ بها؛ كالبيع، والرهن، والهبة… 2 – عقود ممنوعة، وهي التي منعها الشرع الإسلامي ونهى عنها؛كبيع الأجنة في بطون أمهاتها، والبيع الربوي وغيرهما، والعقود الممنوعة تعدّ باطلة غير منعقدة أصلاً عند جمهور الفقهاء، والتصنيف نفسه عند فقهاء الحنفية ثلاثة أقسام([76]): 1 – عقود مشروعة، وهي: ما شرعت بأصلها ووصفها. 2 – عقود باطلة، وهي: ما لم تشرع بأصلها ولا بوصفها. 3 – عقود فاسدة، وهي: ما شرعت بأصلها دون وصفها. التقسيم الثاني: بالنظر إلى صحة العقد وعدمها صنفان([77]): 1 – عقود صحيحة، وهي: ما توافرت فيها جميع شرائطها الشرعية العامة والخاصة، في أصلها وفي نواحيها الفرعية – في أصلها ووصفها – كبيع المال المتقوِّم بثمن معلوم نقداً أو نسيئة. 2 2 – عقود فاسدة، وهي: التي اختلت بفقدان بعض شرائطها المتعلقة ببعض نواحيها الفرعية – فهي مشروعة بأصلها دون وصفها –؛ كبيع الشي بثمن مجهول. التقسيم الثالث: أنواع العقود بالنظر إلى النفاذ صنفان([78]): 1– عقود نافذة، وهي: العقود التي صدرت من كامل الأهلية، وخالية من كل حق لغير العاقدين يوجب توقفها على إرادته. 2– عقود موقوفة، وهي: التي تصدر من ناقص الأهلية، وتحوي حقاً لغير العاقدين يوجب توقفها على إرادة الآخر وإجازته. التقسيم الرابع: أنواع العقود بالنظر إلى اللزوم وقابلية الفسخ أربعة أصناف([79]): 1– عقد لازم بحق الطرفين، ولا يقبل الفسخ بطريق الإقالة، وهو عقد الزواج. 2– عقود لازمة بحق الطرفين، ولكنها تقبل الفسخ والإلغاء بطريق الإقالة، أي: باتفاق العاقدين؛ كالبيع والإجارة. 3– عقود لازمة بحق أحد الطرفين فقط؛ كالرهن والكفالة؛ فإنهما لازمان بالنسبة إلى الراهن والكفيل، وغير لازمين بالنسبة إلى الدائن المرتهن والمكفول له 4- عقود غير لازمة أصلاً بحق كلا الطرفين، وهي: التي يملك كل منهما فيها حق الرجوع والإلغاء؛ كالإيداع والإعارة والوكالة. التقسيم الخامس: بالنظر إلى تبادل الحقوق ثلاثة أصناف([80]): 1– عقود المعاوضات، وهي: التي تقوم على أساس إنشاء وجائب متقابلة بين العاقدين يأخذ فيها كل من الطرفين شيئاً ويعطي في مقابله شيئاً؛ وذلك كالبيع والإجارة. 2– عقود التبرعات، وهي: التي تقوم على أساس المنحة أو المعونة من أحد الطرفين للآخر؛ كالهبة والإعارة. 3 – عقود تحوي معنى التبرع ابتداءً، والمعاوضة انتهاءً؛ كالقرض، والكفالة بأمر المدين، والتأمين التكافلي… التقسيم السادس: بالنظر إلى غاية العقد سبعة أصناف([81]): 1– التمليكات، وهي: ما يقصد بها تمليك شيءٍ، عين أو منفعة، فإن كان التمليك بعوض فهي عقود المعاوضات؛كالبيع والإجارة…، وإن كان التمليك مجاناً بغير عوض فهي عقود التبرعات؛كالهبة والوقف… 2– الإسقاطات، وهي: ما يقصد بها إسقاط حق من الحقوق، فإن كان الإسقاط بدون بدل من الطرف الآخر فهو الإسقاط المحض؛كالإبراء عن الدَّين، والتنازل عنحق الشفعة. وإن كان الإسقاط ببدل أو عوض من الطرف الآخر، فهو إسقاط المعاوضة؛ كالصلح في الدين والعفو عن القصاص بالدية. 3– الإطلاقات، وهي: إطلاق الشخص يد غيره في العمل؛كالوكالة والإذن للصغير المميز بالتجارة. 4– التقييدات، وهي: منع الشخص من التصرف؛ كعزل الوكيل، والحجر على المأذون بالتجارة؛ بسبب الجنون أو العته أو السفه أو الصغر. 5– التوثيقات، وهي: التي يقصد بها ضمان الديون لأصحابها، وتأمين الدائن على ديَنْهِ، وهي الكفالة والحوالة والرهن، وتسمى هذه العقود (التأمينات أو عقود الضمان). 6– الاشتراك، وهي: التي يقصد بها المشاركة في المال والعمل والربح؛كعقود الشركات بأنواعها، ومنها المضاربة والمزارعة والمساقاة. 7 – الحفظ، وهي: التي يراد منها حفظ المال لصاحبه؛كعقد الإيداع، وبعض خصائص الوكالة. عقود الإذعان([82]) : الإذعان في اللغة([83]): الخضوع والانقياد. ومصطلح الإذعان مصطلح قانوني حديث مستمد من الفقهالغربي. والمراد بهذا الصنف من العقود: ما ينحصر القبول فيه بمجرد التسليمبمشروع عقد ذي نظام مقرر يضعه الموجب ولا يقبل فيه مناقشة. مثاله: الاشتراك فيخدمات الكهرباء والاتصالات ونحوها. حيث جرت العادة أن تفرض مثل تلك الشركات شروطاً تمليها على المشترك لا يسعه إلا أن يوافق عليها جملة، أو يَدَع الاستفادة من مثل تلك الخدمات. وغالباً ما تكون حاجة المشترك لمثل تلك الخدمات أساسية لا يمكنه الاستغناء عنها أو العيش بدونها. وقد اختلفت الآراء حول طبيعة عقود الإذعان([84]). فالبعض يرى أنها: عقود حقيقية كسائر العقود التي تتم بالتراضي بينالمتعاقدين؛ حيث إن الطرف القابل يدخل فيها برضاه دون جبر أو إلزام وتتحقق فيها المساواة القانونية. ويرى آخرون أنها: عبارة عن عقود منفردة تعبر في الواقع عن إرادة طرف واحد يملي إرادته على الطرف الآخر الذي ليس له في هذا العقد غير دور سلبي. ويرى غيرهم أنها: أقرب إلى كونها نظاماً أو تنظيماً لائحياً منه إلى العقود؛ حيث إنها قد استبعدت فيها المناقشة أو المفاوضة بين الطرفين حول الشروط والالتزامات المفروضة فيها، كما أن مبنى التعاقد على تساوي الطرفين في حين أنهما ليسا على قدمالمساواة في عقود الإذعان. وبنظرة فاحصة متأنية لعقود الإذعان يُلاحَظ أنها محكومة بخصائص وشروط تميزها عن غيرها من العقود؛ من ضمنها: أ) تعلق عقد الإذعان بسلع أو منافع يحتاج إليها الناس كافة ولا غنى لهم عنها؛ كحاجتهم إلى الماء والكهرباء والغاز والنقل العام، ونحو ذلك. ب) احتكار (أي: سيطرة) الموجِب لتلك السلع أو المنافع أو المرافق احتكاراً قانونياً أو فعلياً، أو على الأقل سيطرته عليها بشكل يجعل المنافسة فيها محدودة النطاق إن لم تكن منعدمة. جـ) انفرادالطرف الموجب بوضع تفاصيل العقد وشروطه، دون أن يكون للطرف الآخر حق في مناقشتها أو إلغاء شيء فيها أو تعديلها. د) صدور الإيجاب (العرض) موجهاً إلى الجمهور موحَّداً فيتفاصيله وشروطه وعلى نحو مستمر. اجتماع العقود([85]): 1- لا مانع شرعاً من الجمع بين عقدين في صفقة واحدة، سواء أكانا من عقود المعاوضات أم من عقود التبرعات؛ لعموم الأدلة الدالة على الأمر بالوفاء بالشروط والعقود. ويستثنى من ذلك ما يأتي: اجتماع عقدين على نحو يؤدي إلى الربا، أو شبهته مثل اجتماع عقد القرض مع أي عقد آخر؛ لورود النهي عن بيع وسلف، ولأنه يؤدي إلى الربا. واجتماع بيع مؤجل مع بيع معجل في صفقة واحدة. 2- الشروط الصحيحة مهما كثرت مقبولة شرعاً. 3- إذا وُجِدَ شرط فاسد مع شروط صحيحة؛ فإن فساده لا يُؤَثِّر على صحة العقد، بل ينحصر الفساد فيه، غير أنه إذا اجتمع شرطان فاسدان أو أكثر في عقد واحد؛ فإن العقد يصبح فاسداً. وفي الغالب يكون الشرط الفاسد متصلاً بالثمن؛ بأن كان خمراً أو ميتة أو محرماً. اجتماع العقود المتعددة في عقد واحد([86]) : يجوز اجتماع العقود المتعددة في عقد واحد، سواء أكانت هذه العقود متفقة الأحكام أم مختلفة الأحكام، طالما استوفى كل عقد منها أركانه وشرائطه الشرعية، وسواء أكانت هذه العقود من العقود الجائزة أم من العقود اللازمة أم منهما معاً، وذلك بشرط: 1- ألا يكون الشرع قد نهى عن هذا الاجتماع. 2- وألا يترتب على اجتماعها تَوَسُّل (توصل) إلى ما هو محرَّم شرعاً.
وقبل الخوض في تفاصيل الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات المالية، نقدِّم إجمالاً لمعرفة مجمل العقود، وارتباطها بعناصر الإنتاج.
الفصل الثاني عقد البيع التّعريف: البيع لغةً: مبادلة مال بمال([87])، أو بعبارة أخرى: مقابلة شيء بشيء([88])، أو دفع عوض وأخذ ما عوّض عنه([89]). والبيع من الأضداد - كالشّراء - قد يطلق أحدهما ويراد به الآخر([90])، قال الله تعالى: ]وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ[[يوسف: 20]. أمّا في اصطلاح الفقهاء: فقد عرَّفه فقهاء الحنفية بأنه: عقد متضمن مبادلة مال بمال([91]). وعرّفه فقهاء المالكية بأنّه: عقد معاوضة على غير منافع، ولا متعة لذّة، فتخرج الإجارة والنّكاح، وتدخل هبة الثّواب والصّرف والمراطلة والسّلم([92]). وعرّفه فقهاء الشافعية بأنّه: عقد معاوضة ماليّة تفيد ملك عين أو منفعة على التّأبيد([93])، وخرج بالمعاوضة نحو الهديّة، وبالماليّة نحو النّكاح، وبإفادة ملك العين الإجارة، وبالتّأبيد الإجارة أيضاً، والمراد بالمنفعة: بيع نحو حقّ الممرّ([94]). وعرّفه فقهاء الحنابلة بأنّه: مبادلة المال بالمال تمليكاً وتملّكاً([95])، أي: تمليكاً للسلعة وتملكاً للثمن. الحكم التّكليفيّ: اتّفق الفقهاء([96]) على أنّ البيع مشروع على سبيل الجواز، دلّ على جوازه الكتاب والسّنّة والإجماع والمعقول. فمن الكتاب قوله تعالى: ]وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ[[البقرة: 275]، وقوله عزّ وجلّ: ]يا أيّها الّذينَ آمنوا لا تَأْكُلوا أمْوالَكُمْ بينكمْ بالبَاطِلِ إلاّ أنْ تكُونَ تجارةً عن تراضٍ مِنْكُمْ[[النساء: 29]. وأمّا السّنّة فمنها: "سُئِلَ النَّبِيُّ r عَنْ أَفْضَلِ الْكَسْبِ؟ فَقَالَ: بَيْعٌ مَبْرُورٌ، وَعَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ"([97])، وكذلك فِعْل رسول الله r، وإقراره أصحابه عليه. وقد استقر الإجماع على جواز البيع([98]). أمّا المعقول: فلأنّ الحكمة تقتضيه؛ لتعلّق حاجة الإنسان بما في يد صاحبه، ولا سبيل إلى المبادلة إلاّ بعوض غالباً، ففي تجويز البيع وصول إلى الغرض ودفع للحاجة([99]). مقومات العقد: جمعاً بين أقوال الفقهاء في تحديد الأركان أنقل استحسان الشيخ مصطفى الزرقا تسمية مجموع الصّيغة والعاقدين والمحلّ (قوام العقد([100]))؛ للاتّفاق على عدم قيام العقد بدونها، وهي: المباشِر (العاقدان)، والمحل (المعقود عليه)، والرابط بينهما (الصيغة). أركان البيع وشروطه : للفقهاء خلاف في تحديد الأركان في البيع وغيره من العقود، هل هي الصّيغة فقط (الإيجاب أو القبول)؟، أو مجموع: الصّيغة، والعاقدين (البائع والمشتري)، والمعقود عليه أو محلّ العقد (المبيع والثّمن). فيرى فقهاء الحنفية([101]) أنّ الرّكن في عقد البيع وغيره: هو الصّيغة فقط، أمّا العاقدان والمحلّ فممّا يستلزمه وجود الصّيغة لا من الأركان. وجمهور الفقهاء يرون أنّ هذه كلّها أركان البيع([102]). هذا، ولكلّ من الصّيغة والعاقدين والمحلّ شروط لا يتحقّق الوجود الشّرعيّ لأيّ منها إلاّ بتوافرها. وإليك التفصيل بدءاً بما اتفق عليه الفقهاء من الأركان: المبحث الأول: صّيغة البيع وشروطها : الصّيغة هي: ما صدر من المتعاقدين دالاًّ على توجه إرادتهما الباطنة لإنشاء العقد وإبرامه، وتُعرَف الإرادة الباطنة بواسطة اللفظ، أو ما يقوم مقامه؛ من الفعل أو الإشارةأو الكتابة. والصّيغة: الإيجاب والقبول، ويصلح لهما كلُّ ما يدلّ على الرّضا([103])، مثل قول البائع: بعتك أو أعطيتك، أو ملّكتك بكذا، وقول المشتري: اشتريت أو تملّكت أو ابتعت أو قبلت، وشبه ذلك. والإيجاب عند جمهور الفقهاء([104]): ما يصدر من البائع دالاً على الرّضا، والقبول: ما يصدر من المشتري كذلك. ومع ذلك فقد صرّح جمهور الفقهاء بأنّ تقدّم لفظ المشتري على لفظ البائع جائز لحصول المقصود([105]). وعند فقهاء الحنفية: الإيجاب يطلق على ما يصدر أوّلاً من كلام أحد العاقدين، سواء أكان هو البائع أم المشتري، والقبول ما يصدر بعده([106]). وفيما يأتي بيان لبعض التّطبيقات المهمة الخاصّة بصيغة البيع. لا خلاف فيما إذا كان الإيجاب والقبول بصيغة الماضي مثل: بعتُ، أو اشتريتُ([107]). كما أنه لا خلاف إذا كان الإيجاب والقبول بصيغة المضارع المراد به الحال بقرينة لفظيّة مثل: أبيعك الآن، أو قرينة حاليّة؛ كما إذا جرى العرف على استعمال المضارعبمعنى الحال([108]). ولا ينعقد البيع إذا كان الإيجاب أو القبول بصيغة الاستفهام([109])، مثل: أتبيعني؟، أو المضارع المراد به الاستقبال، مثل: سأبيعك، أو أبيعك غداً([110]). أمّا البيع بصيغة الأمر فعند فقهاء الحنفية، وفي رواية عند فقهاء الحنابلة، ومقابل الأظهر عند فقهاء الشافعية، مثل: بعني؛ فإنه يحتاج إلى النظر في إجابة الآخر، فإذا أجابه بقوله: بعتك؛ كان هذا اللّفظ الثّاني إيجاباً، واحتاج إلى قبول من الأوّل (الآمر بالبيع)([111]). أمّا عند فقهاء المالكية، وهو الأظهر عند فقهاء الشافعية، وإحدى الرّوايتين عند فقهاء الحنابلة: ينعقد البيع بقول المشتري: بعني، وبقول البائع: بعتك؛ للدّلالة على الرّضا، ولا يحتاج إلى قبول من الأوّل([112]). وصرّح فقهاء الحنفية بصحّة الإيجاب بلفظ الأمر أو المضارع، إذا كان في العبارة إيجاب أو قبول ضمنيّ، مثل: خذ هذه السّلعة بكذا، فقال: أخذتها؛ لأنّ (خذ) تتضمّن: بعتك فخُذْ، وكذلك قول البائع بعد إيجاب المشتري: يبارك اللّه لك في السّلعة؛ لأنّه يتضمّن معنى قبلت البيع، ومثل ذلك عند فقهاء المالكية وفقهاء الحنابلة([113]). والعبرة في العقود بالدّلالة على المقصود، سواء أكان ذلك بوضع اللّغة أم بجريان العرف([114]). شروط الإيجاب والقبول: الوضوح والتطابق والاتصال. 1- وضوح دلالة الإيجاب والقبول([115]): بأن يكون لفظ كل من العاقدَين مفهماً مراده، باستعمال لفظ يدل لغة أو عرفاً على نوع العقد المقصود. 2- تطابق الإيجاب والقبول([116]): بأن يكون القبول موافقاً للإيجاب، ويحصل التّوافق بين الإيجاب والقبول بأن يقبل المشتري كلّ المبيع بكلّ الثّمن. فلا توافق إنْ قَبِلَ بعض السلعة الّتي وقع عليها الإيجاب أو قَبِلَ سلعة غيرها، وكذلك لا توافق إن قَبِل ببعض الثّمن الّذي وقع به الإيجاب أو بغيره، إلاّ إن كان القبول إلى خير ممّا في الإيجاب، كما لو باع شخص السّلعة بألفٍ فقبلها المشتري بألفٍ وخمسمئة، أو اشترى شخص سلعةً بألف فقبل البائع بيعها بثمانمئة، وهذه موافقة ضمنيّة ولكن لا تلزم الزّيادة، إلاّ إن قبلها الطّرف الآخر. وكذلك لا توافق إن باعه سلعةً بألف، فَقَبِلَ نصفها بخمسمئة مثلاً، إلاّ إن رضي البائع بعد هذا؛ فيصير القبول إيجاباً، ورضا البائع بعده قبول. 3- اتصال القبول بالإيجاب([117]): بأن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد في حال حضورهما، أو في مجلسِ علمِ الطرفِ الغائب بالإيجاب، ويتحقق الاتصال بأن يعلم كل من العاقدين بما صدر عن الآخر، وبألا يصدر منه ما يدل على إعراضه عن العقد، سواء من الموجِب أو القابل. انعقاد البيع بالمعاطاة، أو التّعاطي: التعاطي في البيع، ويقال فيه أيضاً المعاطاة: أن يأخذ المشتري المبيع ويدفع للبائع الثمن، أو يدفع البائع المبيع فيدفع له الآخر الثمن، من غير تكلم ولا إشارة. فالمعاطاة: إعطاء كلّ من العاقدين لصاحبه ما يقع التّبادل عليه دون إيجاب ولا قبول، أو بإيجاب دون قبول، أو عكسه، وهي من قبيل الدّلالة الحاليّة.أو: وضع الثمن وأخذ المثمن - السلعة - عن تراض منهما([118]). ويصحّ بها البيع في القليل والكثير عند فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية وفقهاء الحنابلة وبعض فقهاء الشافعية كالمتولّي والبغويّ والنووي في كل شيء يَعُدُّ العرفُ المعاطاةَ فيه بيعاً([119]). والمذهب عند فقهاء الشافعية اشتراط الصيغة لصحة البيع وما في معناه، وأن المعاطاة ليست بيعاً([120]). ولفقهاء الشافعية قول ثالث وقول عند فقهاء المالكية بجواز المعاطاة في المحقرات([121]). انعقاد البيع بالكتابة والمراسلة([122]): يصحّ التّعاقد بالكتابة بين حاضرين. أو باللّفظ من حاضر والكتابة من الآخر. وكذلك ينعقد البيع إذا أوجب العاقد البيع بالكتابة إلى غائب بمثل عبارة: بعتك داري بكذا، أو أَرَسَل بذلك رسولاً، فقَبِل المشتري بعد اطّلاعه على الإيجاب من الكتاب أو الرّسول. واشترط فقهاء الشافعية: الفور في القبول([123])، وقالوا: يمتدّ خيار المجلس للمكتوب إليه أو المرسل إليه ما دام في مجلس قبوله، ولا يعتبر للكاتب مجلس، ولو بعد قبول المكتوب إليه، لأنه موجِب، بل يمتدّ خياره ما دام خيار المكتوب إليه، كما قالوا: لا يشترط إرسال الكتاب أو الرّسول فوراً عقب الإجابة. ولم يشترط غير فقهاء الشافعية الفور في القبول، بل صرّح فقهاء الحنابلة: بأنّه لا يضرّ التّراخي هنا بين الإيجاب والقبول؛ لأنّ التّراخي مع غيبة المشتري لا يدلّ على إعراضه عن الإيجاب([124]). انعقاد البيع بالإشارة من الأخرس وغيره: الإشارة تقوم مقام اللفظ في أغلب الأمور؛ لأنها تبين المراد كالنطق. وإشارة الأخرس: معتبرة شرعاً([125])، وتقوم مقام عبارة الناطق فيما لا بد فيه من العبارة، إذا كانت معهودة في جميع العقود؛ كالبيع، والإجارة، والرهن. ولا فرق في اعتبار إشارة الأخرس بين أن يكون قادراً على الكتابة، أو عاجزاً عنها، ولا بين أن يكون الخرس أصالة أو طارئاً عند جمهور الفقهاء([126]). ونقل عن المتولي من فقهاء الشافعية: إنما تعتبر إشارة الأخرس إذا كان عاجزاً عن الكتابة؛ لأنها أضبط([127]). ويشترط فقهاء الحنفية لقبول إشارته ما يلي([128]): أ - أن يكون قد ولد أخرس، أو طرأ عليه الخرس ودام حتى الموت، وفي هذا حرج. ب - ألا يقدر على الكتابة، قال ابن عابدين: إن كان يحسن الكتابة لا تجوز إشارته. وهكذا، فالأصل في العقود: السلامة، والبيان، والوضوح. المبحث الثاني: شروط العاقدين : العاقدان: كل من يتولى العقد. إما أصالة؛ كأن يبيع أو يشتري لنفسه. أو وكالة؛ كأن يعقد نيابة عن الغير بتفويض منه في حياته. أو ولاية على مَن يشرف عليه؛ من صبي أو مجنون. أو وصاية؛ كمن يتصرف خلافة عن الغير في شؤون صغاره بعد وفاته بإذن منه أو من قبل القاضي. وحيث إن العقد لا يتصور وجوده من غير عاقد فقد جعله جمهور الفقهاء من أركان العقد. العاقدان هما البائع والمشتري، ولا يتصور الإيجاب والقبول بدونهما، فكل منهما ركيزة أساسية في العقد. ويشترط في كل منهماأن يكون جائز التصرف وهو البالغ العاقل الرشيد. ولكي ينعقد العقد صحيحاً نافذاً يشترط في العاقدين ما يأتي: الأهلية، والولاية، والرضا مع الاختيار. الأول – الأهلية: وقد فصلنا فيها القول سابقاً في تمهيد هذا الكتاب . الثاني – الولاية: بمعنى أن تكون له ولاية التصرف ليعقد العقد. والولاية على المال نوعان: قاصرة، ومتعدية. أما الولاية القاصرة: فهي سلطة المرء على مال نفسه، وهي ثابتة لكل من له أهلية الأداء الكاملة، وهو البالغ العاقل الرشيد من الذكور والإناث، فله أن يتصرف في مال نفسه بما يشاء من أنواع التصرفات السائغة شرعاً. وأما الولاية المتعدية: فهي سلطة المرء على مال غيره. وهي قسمان: أ - سلطة أصلية: وهي التي تثبت بإثبات الشارع من غير حاجة إلى مثبت من البشر، ولا يملك صاحبها عزل نفسه منها؛ لأنها لم تثبت له بإرادته، وتنحصر في ولاية الأب والجد على مال ولدهما القاصر. ب - وسلطة نيابية: وهي التي يستمدها صاحبها من شخص آخر؛ كالوصي الذي يستمد ولايته من الأب أو الجد أو القاضي، والوكيل الذي يستمد ولايته من موكله، ونحو ذلك. وتثبت الولاية المتعدية شرعاً في غير الوكالة على المحجور عليهم، وهم الصغير والمجنون والمعتوه والسفيه وذو الغفلة، وتستمر ما دام الوصف الموجب لها قائماً، فإن زال انقطعت. الثالث - الرضا والاختيار([129]): اتفق الفقهاء على أن الرضا أساس العقود، قال الله تعالى: ]يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ[ [النساء: 29]، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ"([130]). والأصل في الرضا: سرور القلب وطيب النفس. وقد عرفه فقهاء الحنفية: بأنه امتلاء الاختيار، أي بلوغه نهايته؛ بحيث يفضي أثره إلى الظاهر من البشاشة في الوجه، أو إيثار الشيء واستحسانه([131]). وعرفه جمهور الفقهاء: بأنه قصد الفعل دون أن يشوبه إكراه([132]). وبناء على هذه التفرقة قال فقهاء الحنفية: إن الرضا شرط لصحة عقدالبيع. أما جمهور الفقهاء فتدور عباراتهم بين التصريح بأن الرضا أصل أو أساس أو شرط للعقود كلها، فلا ينعقد عقد البيع إذا لم يتحقق الرضا.
المبحث الثالث: شروط المبيع([133]) : 1 - أن يكون المعقود عليه مالاً متقوِّماً، وهو: كل طاهر منتفع به شرعاً. 2 - أن يكون المعقود عليه غير منهي عنه شرعاً. 3 - أن يكون موجوداً حين العقد. 4 - أن يكون المعقود عليه مقدوراً على تسليمه. 5 - أن يكون المعقود عليه معلوماً للعاقدين؛ ذاتاً ومقدراً وصفة، وهذا الشّرط عند فقهاء الحنفية شرط صحّة، لا شرطَ انعقاد([134])، فإذا تخلّف لم يبطل العقد، بل يصير فاسداً. 6 - ألا يتعلق بالمعقود عليه حق لغير العاقد. وإليك التفصيل: الشرط الأول: أن يكون مالاً متقوِّم([135]) : وهو (كل طاهر منتفع به شرعاً): والمال: ما يميل إليه الطّبع، ويجري فيه البذل والمنع([136])، فما ليس بمال ليس محلاً للمبادلة بعوض، والعبرة بالماليّة في نظر الشّرع. وفقهاء الحنابلة([137]) استغنوا عن شرط التّقوّم هذا بشرط الماليّة، بتعريف المال بأنّه: ما فيه منفعة مباحة لغير حاجة أو ضرورة، فخرج بقيد المنفعة: ما لا منفعة فيه أصلاً؛ كالحشرات، وما فيه منفعة محرّمة؛ كالخمر، وما فيه منفعة مباحة للحاجة؛ كالكلب، وما فيه منفعة مباحة للضّرورة؛ كالميتة في حال المخمصة. أما عن القيد الأول، وهو الطهارة: فلا يصح بيع النجس([138])؛ كالدم، والميتة، والخمر، والخنـزير. حكم بيع الدم: هل يجوز أخذ العوض عن الدم؟، وبعبارة أخرى: بيع الدم؟. رأى مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي([139]): [لا يجوز؛ لأنه – أي: الدم – من المحرمات المنصوص عليها في القرآن الكريم، مع الميتة ولحم الخنـزير، فلا يجوز بيعه، وأخذ عوضٍ عنه، وقد صح في الحديث: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ شَيْئاً حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ"([140])، كما صح أنه e نهى عن بيع الدم([141]). ويستثنى من ذلك: حالات الضرورة إليه؛ للأغراض الطبية، ولا يوجد مَن يتبرع به إلا بعوض؛ فإن الضرورات تُبيح المحظورات([142])، بقدر ما تُرفَع الضرورة، وعندئذ يَحِل للمشتري دفعُ العوض، ويكون الإثم على الآخذ. ولا مانع من إعطاء الدم على سبيل الهبة أو المكافأة؛ تشجيعاً على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري؛ لأنه يكون من باب التبرعات، لا من باب المعاوضات]. وقد جرى العرف اليوم أن يدفع الناس مالاً مقابل الحصول على الدم في التعاملات الطبية، وفي الجواب نقول: أ ـ الدم نجس، وبيع وشراء (النجس) الدم باطل، إلا أنه لما كانت الضرورة تدفع إلى استعمال الدم في التعاملات الطبية، فإن دفع المال من باب الضرورة، و(الضرورات تبيح المحظورات) ([143]). ب ـ إن ما يُؤخذ من مال لا يُقابل بالدم عيناً، لكونه نجس، بل هو في مقابلة الحفظ والفحص، والتأكد من سلامة الدم المأخوذ والمعطى، فالمال هنا أجر على هذه الأعمال، وليس ثمن دم. ج ـ الدم النجس هو الدم المسفوح، الذي لا مس الهواء، وفسد وتلوث، أما الدم المنقول في التعاملات الطبية فهو بمثابة دم داخل الجسم، وهو طاهر، ودفع المال في مقابل الطاهر جائز. بيع الميتة: بيع الميتةِ باطل، سواء أماتت حتف أنفها، أم ماتت بخنق ونحوه من غير تذكية، وهذا لقولـه تعالى: ]حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ[[المائدة: 3]، ويستثنى من ذلك: السّمك والجراد، لحديث ابن عمر أن رسول الله r قال: "أُحِلَّ لَنَا مِن الدَّمِ دَمَـان، وَمِن الْمَيْتَةِ مَيْتَتَان؛ مِن الْمَيْتَةِ: الْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَمِن الدَّمِ: الْكَبِدُ والطِّحَالُ"([144]). ودليل التّحريم: حديث رسول الله r عام الفتح وهو بمكة: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ؟؛ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ (أي: يجعلونها زيتاً للمصابيح والإضاءة)؟! فَقَالَ: "لا، هُوَ حَرَامٌ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r عِنْدَ ذَلِكَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ؛ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أَجْمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ"([145]). وأما بيع عظم الميتة وجلدها وصوفها وحافرها وريشها ونحوها: فمذهب جمهور الفقهاء([146]): أنّه لا يجوز بيعها؛ لنجاستها؛ لقوله تعالى: ]حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ[[المائدة: 3]، وهذه أجزاء الميتة، فتكون حراماً، فلا يجوز بيعها، وفي الحديث: "لا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ"([147]). أمّا فقهاء الحنفية ففصّلوا في هذه المسألة بين الآدمي وغير الآدمي، وبين جلد الميتة قبل الدّبغ وبين جلدها بعد الدّبغ([148]): أ - إنّ جلد الميتة قبل الدّبغ لا يجوز بيعه؛ لما روي في الحديث: "لا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ"([149])، ولأنّ نجاسته من الرّطوبات المتّصلة به بأصل الخلقة، فصار كلحم الميتة، أمّا بعد الدّبغ فإنّه يجوز بيعه والانتفاع به؛ لأنّه طَهُرَ بالدّبّاغ. ب - أمّا العظم ونحوه؛ فإنّه طاهر بأصل الخلقة، والقاعدة عندهم: أنّ كلّ شيء لا يسري فيه الدّم لا ينجس بالموت، كالشّعر والرّيش والوبر والقرن والحافر والعظم؛ فيجوز بيعه والانتفاع به، ودليلهم على ذلك: أنّ اللّه تعالى جعل هذه الأشياء، وامتنّ بها من غير فصل بين الذّكيّة والميّتة، فيدلّ على تأكّد الإباحة، قال تعالى: ]وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ[[النحل: 80]، ولأنّ حرمة الميتة ليست لموتها؛ فإنّ الموت موجود في السّمك والجراد، وهما حلالان بالنّصّ، بل لما فيها من الرّطوبات السّيّالة والدّماء النّجسة، لانجمادها بالموت. ج - يستثنى من ذلك جلد الخنـزير؛ فإنّه نجس العين (وكذا لحمه وعظمه وشعره) فلا يطهر بالتّذكية ولا بالدّبّاغ.وأجاز فقهاء الحنفية([150]): بيع السرجين [الزبل] والبعر؛ لأنه منتفع به ويستخدم سماداً للأراضي الزراعية، كما أجازوا بيع المتنجس كالزيت، والانتفاع به في غير الأكل؛ كالدبغ والدهان. وعند فقهاء المالكية وفقهاء الشافعية([151]): يجوز اقتناء السرجين وتربية الزرع به مع الكراهة؛ لما فيه من مباشرة النجاسة. وعند فقهاء الحنابلة([152]): لا يجوز بيع السرجين النجس ولا الأدهان النجسة، وأجازوا بيع السرجين الطاهر؛ كروث الحمام، وروث ما يؤكل لحمه. أما الماء النّجس: فيجوز بيعه؛ لإمكان تطهيره بالمكاثرة([153]). أما المتنجس إذا كان قابلاً للتطهير؛ كالثوب المتنجس: فيصح بيعه اتفاقاً؛ لأنّه ينتفع به بعد التّطهير، وطهارته أصليّة، وإنّما عرض لها نجاسة يمكن إزالتها([154]). ولا يصح بيع المتنجس([155]) الّذي لا يقبل التّطهير؛ كالسّمن والزّيت والعسل واللّبن والخلّ، فعن أبي هريرة سئل رسول الله r عن الفأرة تقع في السمن؟ قال: "إذَا كَانَ جَامِدَاً فَأَلْقُوهَا وَمَا حَولَها، وَإنْ كَان مَائِعَاً فَلا تَقْرَبُوهُ"([156])، وإذا كان حراماً لم يجز بيعه؛ لحديث: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ؟؛ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا، النَّاسُ (أي: يجعلونها زيتاً للمصابيح والإضاءة)؟! فَقَالَ: "لا، هُوَ حَرَامٌ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r عِنْدَ ذَلِكَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ؛ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أَجْمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ"([157])، ولأنّها نجسة، فلا يجوز بيعها، قياساً على شحم الميتة، فهي في معنى نجس العين. وعند فقهاء الحنفية: يجوز بيع الثوب أو الدهن المتنجس؛ لأن نجاسته ليست أصلية بل عارضة([158]). وأما عن القيد الثاني، وهو الانتفاع بالشيء شرعاً([159]): فإنه يندرج تحت هذا القيد عدد من المبيعات يحسن معرفة أحكامها بالتفصيل: بيع الكلب: ذهب فقهاء الحنفية إلى([160]): صحّة بيع الكلب أيّ كلب كان؛ معلَّماً أو غير معلَّم؛ حتّى العقور. وذهب جمهور الفقهاء إلى([161]): عدم صحّة بيع الكلب؛ أيّ كلب كان ولو كان معلّماً؛ للحديث أنّ رسول اللّه r "نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَثَمَنِ الدَّمِ، وَنَهَى عَنْ الْوَاشِمَةِ وَالْمَوْشُومَةِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ"([162]). وفرّق بعض فقهاء المالكية بين الكلب المأذون باتّخاذه؛ للصيد أو الحراسة، وبين غيره؛ للتسلية أو اللهو؛ فأجازوا بيع الأوّل، واختلفوا في الثّاني([163]). ويمكن القول بأن المال المدفوع هو في مقابل التدريب الذي أجراه المختص على الكلب، وليس ثمن عين الكلب. بيع الهر: أمّا الهرّ: فذهب جمهور الفقهاء([164]) إلى جواز بيعه؛ لأنّه حيوان منتفع به، وحملوا حديث أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِراً عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ، قَالَ: زَجَرَ النَّبِيُّ r عَنْ ذَلِكَ([165])، وفي لفظ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ" ([166]): على غير المملوك، أو على ما لا نفع فيه من الهررة. وفي أصح الروايات عند الحنابلة: عدم جواز بيع الهر؛ للنهي الصحيح عن بيعه([167]). بيع سباع البهائم وجوارح الطّير والهوامّ: اتّفق الفقهاء([168]) على عدم جواز بيع سباع البهائم والطّير، إذا كانت ممّا لا ينتفع به بحال. فإن كانت ممّا ينتفع به جاز بيعه إلاّ الخنـزير، فإنّه نجس العين؛ فلا يجوز الانتفاع به([169])، فكذلك لا يجوز بيعه. وفي تفسير النّفع الّذي يجيز بيع السّباع ذهب الفقهاء مذاهب: ففقهاء الحنفية وفقهاء المالكية في الرّاجح، ذهبوا إلى إطلاق النّفع، ولو بالجِلْد، وبدون تفرقة بين المعلَّم وغيره([170]). وعلّل الزّيلعيّ أيضاً جواز بيعها بجواز الانتفاع بها شرعاً، وبقبولها التّعليم عادةً([171]). وعند فقهاء المالكية: إذا كان بيع الهرّ والسّبع من أجل الجلد فجائز، وأمّا إذا كان من أجل اللّحم فقط، أو له وللجلد فمكروه([172]). أمّا فقهاء الشافعية([173]): فقد فسّروا النّفع بنحو الصّيد والحراسة، ولو مآلاً؛ بأن يرجى تعلّم الحيوان، أمّا ما لا نفع فيه فلا يصحّ بيعه؛ كالفواسق الخمسة([174])، وكذا ما لا يرجى تعلّمه للصّيد؛ فالفهد يُنْتَفَعُ به للصّيد، والفيل للقتال، والقرد للحراسة، والهرّة الأهليّة لدفع نحو فأر، والعندليب للأُنْس بصوته، والطّاووس للأنس بلونه. أمّا فقهاء الحنابلة وأبو يوسف من فقهاء الحنفية فقد ذهبوا إلى أنّه: لا يصحّ بيع ما لا يصلح للاصطياد، ولا يقبل التّعليم بحال([175]): أ - ومثّل فقهاء الحنابلة لما لا يصلح للاصطياد: بالأسد، والذّئب، والنّمر، والدّبّ، والحدأة، والنَّسْرِ. فأمّا ما يصلح للاصطياد([176])؛ كالفهد وكالصّقر والباز؛ بأن كانت معلّمةً أو قابلةً للتّعليم، فإنّ فيها نفعاً مباحاً؛ فيصحّ بيعها، وبيع أولادها وفراخها، وبيضها لاستفراخه، فينتفع به مآلاً. ومع ذلك نصّوا على جواز بيع القرد، للحفظ لا للّعب؛ لأنّ الحفظ - كما قالوا - من المنافع المباحة([177]). ب - ومثّل فقهاء الحنفية للمرويّ عن أبي يوسف، بالآتي([178]): الأسد، إن كان يقبل التّعليم ويصطاد به؛ يجوز بيعه وإلاّ فلا. الفهد والبازي يقبلان التّعليم؛ فيجوز بيعهما على كلّ حال. النّمر لا يقبل التّعليم لشراسته؛ فلا يجوز بيعه بحال، وكذا الكلب العقور. (في قبول التعليم وعدمه: يمكن القول، بأن ما يدفع هو أجرة الخبير الذي يدرب الحيوان، وليس ثمن عين الحيوان). القرد، فيه روايتان عن أبي حنيفة: الأولى: جواز بيعه؛ لإمكان الانتفاع بجلده، والأخرى: لا يجوز بيعه؛ لأنّه للتّلهّي، وهو محظور، فكان بيع الحرام للحرام، وأنّه لا يجوز. وأما عن بيع صور الحيوان، فقد ذكر فقهاء الشافعية المسألة بقولهم: [ويصح بيع الأطباق والثياب والفرش المصورة بصور الحيوان]([179]). بيع آلات اللّهو والمعازف: ذهب الصّاحبان من فقهاء الحنفية، وجمهور الفقهاء([180]): إلى تحريم بيع آلات اللّهو المحرّمة، والمعازف إلاّ ما جاز استعماله منها، وصرّحوا بعدم صحّة بيعها؛ لأنّ هذه الآلات أعدّت للمعصية، ولا يقصد منها غير المعصية، ولا نفع بها شرعاً؛ فبطل تقوّمها، ولا ينعقد بيعها، [ومن اشترى من آلة اللهو شيئاً؛ البوق وغيره؛ فُسِخَ البيعُ وأُدِّب أهلُه] ([181]). وفقهاء الحنابلة قرّروا أنّ كسر هذه الآلات لا يستوجب الضّمان، وأنّها كالميتات.ومذهب أبي حنيفة - خلافاً لصاحبيه – أنّه: يصحّ بيع آلات اللّهو كلّها مع الكراهة([182])، وهو أيضاً قول ضعيف عند فقهاء الشافعية، مقيّد بأنه يمكن اعتبار مكسّرها مالاً، ففيها نفع متوقّع عندئذ([183]). بيع التماثيل والأصنام ونحوها([184]): الخلاف المارّ بين جمهور الفقهاء وبين أبي حنيفة وبعض فقهاء الشافعية في بيع آلات اللّهو، جارٍ هنا في بيع الأصنام. ودليل التّحريم: انتفاء المنفعة المباحة شرعاً، ففي الحديث: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالأَصْنَامِ"([185]). ودليل الجواز: الانتفاع بها بعد الكسر، فنفعها متوقّع، فوجدت الماليّة والتّقوّم في المال، وجواز البيع مرتّب عليهما. إنتاج أوبيع أو شراء الألبسة (الملابس) وقد طُبع عليها عبارات مسيئة: إن الإنسان مبتلى وممتحن في أشياء كثيرة. وتظهر شخصية الإنسان عموماً والمؤمن بوجه خاص في اختياره وانتقائه فيجب على الإنسان أن يضع ميزان الشرع في ما ينتقي ويختار. والواجب الشرعي أن لا يتم اعتماد جمال الشيء، أو رخصه، أو جودته فقط.بل يجب الاعتماد على ما يكون حلالاً (إذن الشرع فيه). الشرط الثاني: أن لا يكون منهياً عنه شرعاً : كل ما جاء النص الشرعي بتحريمه، يَحْرُم العقد عليه.فلا ينعقد بيع صيد المحرِم([186]). ولا يصح بيع ما لم يقبض([187]). ولا تنعقد بيعتان في بيعة([188]). ولا بيع وسلف([189]). ولا شرطان في بيع([190]). وغيرها كثير، يمكن الرجوع فيها المبحث الخامس من هذا الفصل: البيوع الصحيحة من حيث الأركان والشروط، ولكنها محرَّمة بالنص، كمثل:
وقد ثبت النّهي عن ذلك في الصّحيح: عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: "لا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ يَخْطُبْ بَعْضُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ بَعْضٍ"([191]).
وقد ورد النّهي عنه، في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: "لاَ تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الْغَنَمَ، وَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا؛ إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ"([192])، وفي حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ r عَنْ النَّجْشِ"([193]).
بيع الحاضر للبادي: وقد ورد النّهي عنه في أحاديث كثيرة منها: "لاَ تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الْغَنَمَ، وَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا؛ إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ"([195]). "لاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ؛ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقْ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ"([196]). "نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ أَوْ أَبَاهُ"([197]).
الشرط الثالث: أن يكون المبيع موجوداً حين العقد([198]) : فلا يصحّ بيع المعدوم([199])، وما له خطر العدم([200])، وذلك باتّفاق الفقهاء، ودليله: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ"([201])، ومن أمثلته: بيع الثّمرة قبل أن يبدو صلاحها، أي: قبل أن تخلق([202]). وبيع المضامين([203]): وهي ما سيوجد من ماء الفحل، أو: ما في أصلاب الفحول، وفي الحديث: "نَهَى رَسُولُ الله r عَن بَيْعِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلاَقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ "([204]). وبيع الملاقيح([205]): وهي ما في أرحام الأنعام والخيل من الأجنّة. وحَبَل الحبلة([206]): وهو بيع نتاج النّتاج؛ بأن يبيع ولد ما تلده هذه النّاقة أو الدّابّة؛ فولد ولدها هو نتاج النّتاج.وبيع الجنين في بطن أمّه([207]).وبيع عسب الفحل([208])، وفي الحديث: "نَهَى النَّبِيُّ r عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ"([209]). ولا ينعقد بيع اللبن في الضرع، ولا بيع الثمر والزرع قبل الظهور، ولا البزر في البطيخ، ولا النوى في التمر، ولا ينعقد بيع اللحم في الشاة الحية، والشحم والألية فيها، وأكارعها ورأسها، ولا بيع الشيرج في السمسم([210]). وتعليل بطلان البيع : أن في هذا البيع غرراً، فعسى أن لا تلد النّاقة، أو تموت قبل ذلك، فهو بيع معدوم وما له خطر المعدوم، وهو بيع ما ليس بمملوك، ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه، ويمكن تعليله: بالجهالة؛ فإنّه لا تعلم صفته ولا حياته. ولا خلاف في استثناء بيع السّلم([211])، فهو صحيح مع أنّه بيع المعدوم، وذلك للنّصوص الواردة فيه، ومنها: "مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ"([212]).
حضور المبيع وغيابه : أ - حضور المبيع: إذا كان المبيع في حضرة المتعاقدين - مجلس العقد - وتمّ تعيينه بالإشارة بحيث عرفه المشتري ورآه؛ فإنّ البيع لازم. ب - غياب المبيع: إذا كان المبيع غائباً: فإمّا أن يُشترى بالوصف الكاشف له، ببيان جنسه ونوعه وصفته ومقداره. وإمّا أن يُشترى دون وصف، بل يحدّد بالإشارة إلى مكانه أو إضافته إلى ما يتميّز به. فإن كان البيع بالوصف، فإذا تبيّنت المطابقة بين المبيع بعد مشاهدته وبين الوصف؛ لزم البيع، وإلاّ كان للمشتري خيار الخُلْف عند جمهور الفقهاء([213])، أمّا فقهاء الحنفية: فإنّهم يثبتون للمشتري هنا خيار الرّؤية، بقطع النّظر عن سبق وصفه أو عدمه([214]). لكن إن تمّ الشّراء على أساس الأنموذج، ولم يختلف المبيع عنه؛ فليس للمشتري خيار رؤية عند فقهاء الحنفية([215])، والبيع بالأنموذج غير صحيح عند فقهاء الحنابلة([216])، ويصح عند فقهاء الشافعية إذا بيع الأصل مع الأنموذج([217]). وبيع الغائب مع الوصف صحيح في الجملة عند جمهور الفقهاء وهو مقابل الأظهر عند فقهاء الشافعية([218])، وهو سَلَم حالّ عند فقهاء الشافعية([219]). وإن كانت العين غائبة غير موصوفة فالعقد باطل عند جمهور الفقهاء([220])، صحيح عند فقهاء الحنفية فقط، وللمشتري خيار الرؤية. الشرط الرابع: أن يكون المبيع مملوكاً لمن يلي العقد؛ أصالة أو وكالة أو ولاية أو وصاية([221])، وأن لا يكون في المبيع حق للغير([222]) فلا يصح بيع المرهون أثناء الرهن، ولا المستَأجَر، إلا إذا رضي المشتري تأخير القبض حتى زوال الرهن أو الإجارة. سواء كان مالكاً بنفسه للمبيع، أو كان وكيلاً، أو نائباً شرعياً؛ كالوليّ والوصيّ والقيّم. دليل هذا الشّرط، حديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r فَقُلْتُ: يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنْ الْبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي، أَبْتَاعُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ثُمَّ أَبِيعُهُ، قَالَ: "لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([223])، قالوا: المراد ما ليس في ملكك([224]) وقدرتك([225]). وبناءً عليه: لا ينعقد بيع الكلأ في منابته، ولو كان في أرض مملوكة، لأنّه مباح بالنّصّ. وكذلك لا يصح بيع الماء في منابعه ما لم يحرز، وذلك لحديث: "الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثٍ؛ فِي الْكَلإِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ"([226]). وكذا الطّير في الهواء، والسّمك في الماء، لا ينعقد بيعه؛ لانعدام سبب الملك فيه، وهو الإحراز. فإذا جُمِعَ الكلأ، وصِيْد الطّير والسّمك، وحُمِل الماء ونُقِل من الينابيع والأنهار العامّة؛ مُلِكَ، وجاز بيعه([227]).وبناءً على هذا الشّرط صرّح الفقهاء ببطلان بيع ما يلي: بيع الوقف([228]): وقد صرّحوا ببطلانه، حتّى فقهاء الحنفية، وقالوا: إنّه باطل لا فاسد؛ فلا يُمْلَك بالقبض([229])، واستثنى فقهاء المالكية بعض الحالات؛ كالتوسعة في مسجد الجمعة([230])، وصرح فقهاء الحنابلة: بجواز بيع الوقف عند الضرورة وتعطل الانتفاع من الوقف، على أن الذي يلي البيع هو الحاكم([231]). عدم جواز بيع المعادن الجارية (النفط)، والجامدة (الموجودة في أصلها؛ كالجبال)([232])؛ فإن حيزت ومُلِكت جاز بيعها. ويتحقق تمام الملك: بالقبض والاستلام اتفاقاً([233]). كما يتحقق بالضمان([234]) وتَحَمُّل المسؤولية، فمن اشترى بضاعة ولم يتسلمها؛ فلا يجوز أن يبيعها حتى تكون في حيازتها وضمانه وتحت سيطرته ومسؤوليته، فيما إذا أصابتها آفة أو تلفت. كمن اشترى بضاعة وهي في طريقها إليه، فيُنْظَر هل اتفاق العقد على أن التسليم في مكان البائع أو مينائه، أو في ميناء المشتري أو في محله؟ وتبعاً لذلك يُحكم بجواز البيع والتصرف وعدمه. فما كان ضمانه على المشتري جاز التصرف فيه، ولو لم يصل إلى يده، فهو تحت ضمانه ومسؤوليته، وما كان ضمانه على البائع بعد فلا يحق للمشتري أن يتصرف فيه حتى ينتقل إليه الضمان. مفهوم القبض: المراد بالقبض: القبض في اللغة: الأخذ. يقال: صار الشيء في قبضتك أي: صار في ملكك وقبّضه المال أعطاه إياه([235]). القبض في الاصطلاح: هو التمكين والتخلي وارتفاع الموانع؛ عرفاً وعادة حقيقة([236]). إذاً، فهو: حيازة الشيء حقيقةً أو حكماً. وقولنا حقيقة أي: بوضع اليد على الشيء كأخذه وتسلمه. وقولنا حكماً أي: بالتخلية بينه وبينه فيصير في حكم المقبوض. والتخلية هي: أن يخلي البائع بين المبيع وبين المشتري برفع الحائل بينهما على وجهٍ يتمكن المشتري من التصرف فيه فيجعل البائع مسلماً للمبيع والمشتري قابضاً له. فالتخلية بين المبيع وبين المشتري قبض، وإن لم يتم القبض حقيقةً، فإذا هلك يهلك على المشتري. وهكذا، فللقبض طرقٌ كثيرة، منها: التناول باليد. والنقل والتحويل فيما بيع جزافاً. والكيل والوزن فيما يكال ويوزن. والتخلية فيما لا يمكن نقله. ويكون الإتلاف والتصرف في المبيع من المشتري قبل قبضه بمنزلة القبض فيكون ضامناً له. صفة القبض: يتم القبض بطرق: أقواها وأكثرها وقوعاً المناولة. وقد اختلف العلماء في صفة القبض: فقال الحنفية: يكون بالتخلية سواء كان المبيع عقاراً أو منقولاً إلا المكيل والموزون فإن قبضه يكون باستيفاء قدره أي بكيله أو وزنه. وقال المالكية والشافعية: قبض العقار يكون بالتخلية بين المبيع وبين المشتري وتمكينه من التصرف فيه بتسليم المفاتيح إن وجدت، وقبض المنقول بحسب العرف الجاري بين الناس. وقال الحنابلة: قبض كل شيءٍ بحسبه فإن كان مما ينقل فقبضه بنقله، وإن كان مكيلاً أو موزوناً فقبضه بكيله ووزنه، لأن القبض ورد مطلقاً فيجب الرجوع فيه إلى العرف. وفي رواية أخرى أن القبض بالتخلية مع التمييز. ومما سبق يتبين أن مذهب الجمهور أن ما كان مقدراً فقبضه يكون باستيفاء قدره، وما كان جزافا فعند الحنابلة ورواية عند المالكية: قبضه بنقله من مكانه، وفيما عدا الجزاف والمقدر يرجع للعرف في قبضه، وهو مذهب الجمهور عدا الحنفية. كيفية القبض: تختلف كيفية قبض الأشياء بحسب اختلافها في نفسها، وهي في الجملة نوعان: عقار ومنقول. أ – كيفية قبض العقار: اتفق الفقهاء على أن قبض العقار يكون بالتخلية والتمكين من اليد والتصرف؛ بشرط فراغه من أمتعة البائع، فلو جمعت أمتعة البائع في غرفة؛ صحَّ قبض ما عداها، وتَوَقَّف قبضها على تفريغها([237]). ونص فقهاء الحنفية: على أن العقار إذا كان له قفل، فيكفي في قبضه تسليم المفتاح مع تخليته؛ بحيث يتهيأ له فتحه من غير تكلف([238]). ومن عبارات فقهاء المالكية: أنّ العقار إن كان أرضاً فقبضه بالتّخلية، وإن كان داراً للسّكنى فقبضها بالإخلاء([239]). وقَيَّدَ فقهاء الشافعية ذلك بما: إذا كان العقار غير معتبر فيه تقدير، أما إذا كان معتبراً فيه – كما إذا اشترى أرضاً مذارعة، أي: بالقياس؛ بالأمتار أو الكيلومتر، أو بالهكتار– فلا تكفي التخلية والتمكين، بل لا بد مع ذلك من الذرع([240]).وقد ألحق جمهور الفقهاء غير فقهاء المالكية الثمر على الشجر بالعقار في اعتبار التخلية مع ارتفاع الموانع قبضاً له؛ لحاجة الناس إلى ذلك وتعارفهم عليه([241]). ب - كيفية قبض المنقول: المنقول على أنواع: 1- أن يكون مما يُتَنَاول باليد عادةً؛ كالنقود والثياب والجواهر والحلي وما إليها، وقبضه يكون بتناوله باليد عند جمهور الفقهاء ([242]). 2- أن يكون مما لا يعتبر فيه تقدير؛ كالأمتعة والعروض، ففي هذه الحالة يكون قبضه بنقله وتحويله، واستدلوا على ذلك: بالنص والعرف([243])، فأما النص فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: "مَنْ اشْتَرَى طَعَاماً؛ فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ"، قَالَ: وَكُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنْ الرُّكْبَانِ جِزَافاً فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ"([244])، وقيس على الطعام غيره، وأما العرف؛ فلأن أهله لا يعدون احتواء اليد عليه قبضاً من غير تحويل. 3- أن يكون مما يعتبر فيه تقدير من كيل أو وزن أو ذرع أو عد، فقبضه يكون باستيفائه بما يقدر فيه من كيل أو وزن أو ذرع أو عَدٍّ، واشترط فقهاء الشافعية بالإضافة إلى ذلك نقله وتحويله([245]). والدليل: حديث جَابِرٍ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ؛ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي"([246])، وقوله r: "مَنْ ابْتَاعَ طَعَاماً؛ فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ"([247])، فدل ذلك: على أنه لا يحصل فيه القبض إلا بالكيل، فتعين فيمـا يقدر بالكيل الكيل، وقيس عليه الباقي. وقال فقهاء الحنفية: قبض المنقول يكون بالتناول باليد، أو بالتخلية على وجه التمكين([248]). وتسليم المبيع هو: أن يُخَلَّى بين المبيع وبين المشتري على وجه يتمكن المشتري من قبضه بغير حائل، وكذا التسليم في جانب الثمن([249]).
القبض الحكمي([250]): عند الفقهاء يقام مقام القبض الحقيقي، وإن لم يكن متحققاً حساً في الواقع، وذلك لضرورات ومسوغات تقتضي اعتباره تقديراً وحكماً، وترتيب أحكام القبض الحقيقي عليه، ويُتصَّور في قبض الشيكات ووثائق التحويلات المصرفية؛ فإعطاء النقود للمصرف وأخذ إشعار بالصرف أو التحويل؛ يُعَدُّ قبضاً حكمياً، وكذا تسليم إشعار أمر الصرف أو التحويل وأخذ ما يقابله من النقود؛ يُعَدُّ تقابضاً حكمياً. من صور القبض المستحدثة:
التكييف الشرعي للصور الجديدة: التكييف الشرعي للشيك وما بمعناه([251]): الشيك: ليس ورقة نقدية، وإنما هو وثيقة بدين بإحالة محتواه من ذمة ساحبه إلى ذمة المسحوب عليه مع بقاء مسئولية ساحبه حتى سداده. ويمكن اعتبار الشيك بمثابة الوكالة، أو الحوالة إلا أنه لا تبرأ به ذمته تماماً بل يعتبر محيلاً بمبلغ الشيك وضامناً سداده، أو أنه في حكم الورقة النقدية فيكون تسلم الشيك بمثابة تسلم قيمته. والشيك السياحي يمكن إلحاقه بالشيك أو الأوراق النقدية. والقيد على الحساب يعتبر تسلماً فعلياً للنقود ولكن بطريقةٍ حديثة، وكذلك القيد على الحساب في الصرف عند استبدال عملةٍ بأخرى. التكييف الشرعي للحوالة المصرفية: الحوالة المصرفية هي: أن يدفع شخص إلى مصرف مبلغاً من المال ليحوله إلى شخص بعينه في بلد آخر فيحرر المصرف حوالة بذلك المبلغ إلى مصرف آخر أو فرع له في ذاك البلد يأمره بدفع المبلغ إلى ذلك الشخص المعين، أو يقوم المصرف بناء على رغبة دافع المبلغ بالكتابة أو الإبراق إلى المصرف الآخر بتسليم المبلغ إلى شخص دون أن يتسلم العميل حوالة محررة بذلك ويسمى هذا النوع بالتحويل البريدي، ويتقاضى البنك عمولة. والحوالة المصرفية أشبه بالسفتجة([252]) إلا أن الحوالة قد تكون بين جنسين ولا يشترط أن تكون دَيْنَاً، بل يتم السحب من الرصيد ثم إن المصرف يأخذ عمولة وهذا خلاف السفتجة. فإذا كانت الحوالة بجنس العملة فيمكن اعتبارها كالسفتجة التي أجازها الفقهاء أو إجارة، وإذا كان بعملة أخرى فيكون صرفا وإجارة. أو نقول: أخذ العميل ورقة التحويل بمثابة القبض ثم قيام المصرف بتحويله إلى الآخر سفتجة، وإن حولها إلى عملةٍ أخرى فهي مصارفة. التكييف الشرعي لقبض أوراق البضائع، وأسهم الشركات: ويتم تداولها عن طريق التظهير (أي: نقل ملكية الورقة التجارية لمستفيدٍ جديدٍ أو توكيله أو استيفائها أو رهنها بعبارة تفيد ذلك) ويعتبر تظهيرها بمثابة قبضٍ للأعيان التي هي وثائق بها. وكذلك الأسهم تنتقل ملكيتها بنقل قيدها في سجل المساهمين أو تظهيرها. أشكال القبض في معاملات الاستيراد: وفي المعاملات المعاصرة، وفي مجال الاستيراد (التوريد) يكون القبض حسب الاتفاق في العقد من الحالات الآتية: التسليم في مكان البائع؛ فضمان المبيع على المشتري من لحظة التسليم في مكان البائع؛ فيجوز للمشتري أن يتصرف بالمبيع، ولو قبل وصوله إليه.التسليم في ميناء البائع؛ وضمان المبيع حتى وصوله إلى ميناء بلد البائع عليه، ولا ينتقل الضمان إلى المشتري، ولا يجوز له التصرف بالمبيع إلا بتسلمه في ميناء البائع من قِبَل المشتري أو وكليله. التسليم في ميناء المشتري؛ ويكون ضمان المبيع على البائع حتى وصول المبيع إلى ميناء المشتري، فإذا ما وصل المبيع إلى ميناء المشتري؛ انتقل إليه ضمان المبيع وجاز له التصرف بالمبيع. التسليم في مكان المشتري؛ ويكون ضمان المبيع على البائع حتى وصول المبيع إلى مكان المشتري؛ وبالتالي فليس من حق المشتري ان يتصرف بالمبيع قبل وصول المبيع إلى مكانه. القبض: صوره وبخاصة المستجدة منها وأحكامها([253]): إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي قرر ما يلي: [أولاً: قبض الأموال كما يكون حسياً في حالة الأخذ باليد، أو الكيل أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض: يتحقق اعتباراً وحكماً بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حساً، وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيمايكون قبضاً لها]. فمن اشترى بضاعة (خيوط للنسيج مثلاً) وتركها عند البائع، لغرضٍ ما؛ كالبيع من جديد، أو الحاجة إلى العمل بها؛ فيُنْظَر: إن كان الترك للبضاعة على سبيل الأمانة والحفظ جاز له التصرف بالبضاعة، أما إنْ لم تكن البضاعة قد تركت عند البائع بنية الحفظ؛ فلا يجوز للمشتري أن يتصرف بالبضاعة حتى يقبضها ويستلمها. ومعيار الحفظ من عدمه: يظهر في بيان مسؤولية التلف فيما لو حصل على مَن تكون؟، فمَن تَحَمَّل المسؤولية كان مالكاً، وبالتالي جاز له التصرف. هذا مع الأخذ بعين الاعتبار: أن البائع الأول المستأمن على البضاعة يضمن قيمتها إذا ثبت أن تعمد في إتلاف البضاعة، أو أهمل وقَصَّر في حفظها. ومما يذكر هنا: أن استيراد البضاعة والتصرف فيها قبل وصولها يتبع الشرط الآتي: الشرط الخامس: أن يكون المبيع مقدور التّسليم([254]) : وهذا الشرط لا بد منه؛ فقد يملك الإنسان مالاً، ولا يقدر على تسليمه؛ لأنّ ما لا يقدر على تسليمه شبيه بالمعدوم، والمعدوم لا يصحّ بيعه فكذا ما أشبهه. فلا يصح بيع حيوان شارد، ولا طائر في الهواء، ولا سمك في الماء. أمثلة من بيع غير مقدور التّسليم: ضربة الغائص([255]): الغائص: من يغوص لاستخراج اللآلئ منالبحر، يقول: أغوص غوصةً، فما أخرجته من اللآلئ فهو لك بكذا. ومثله القانص([256])، وهو: الصّائد، يقول: بعتك ما يخرج من إلقاء هذه الشّبكة مرّةً، بكذا. وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ"([257]). ولا يختلف الفقهاء في فساد هذا البيع؛ لأنّه بيع معدوم، وبيع ما لم يملك، وبيع مجهول، وبيع غرر. الشرط السادس: أن يكون معلوماً لكلّ من العاقدين([258]) : ولا بدّ لمعرفة المبيع: من أن يكون معلوماً بالنّسبة للمشتري بالجنس والنّوع والصفة والمقدار. ويحصل العلم([259]): بكلّ ما يميّز المبيع عن غيره، ويمنع المنازعة، وصرح فقهاء الشافعية باشتراط الرؤية وسيلة للعلم بالمبيع([260])؛ فبيع المجهول جهالةً تفضي إلى المنازعة غير صحيح؛ كبيع شاة من القطيع، أو بيع ثوب من أثواب، ولا يصح بيع شيء في وعاء؛ لا يعرف قدره([261]). المبحث الرابع: الثّمن وأحكامه وأحواله الثّمن هو: ما يكون في مقابلة المبيع، وهو: كلّ ما يتراضى عليه المتعاقدان، سواء أكان أكثر من القيمة، أم أقلّ منها، أم مثلها، أو هو: ما يدفعه المشتري. السّعر هو: الثّمن المقدّر للسّلعة، أو هو ما يطلبه البائع. القيمة هي: ما يساويه الشّيء في تقويم المقوّمين (أهل الخبرة)، أو بتقدير المالك. شروط الثمن لإتمام عقد البيع: 1- تسمية الثمن حين البيع لازمة([262]). وإذا كان الثمن مسكوتاً عنه حين البيع فالبيع فاسد وليس بباطل؛ لأن البيع المطلق يقتضي المعاوضة، فإذا سكت البائع عن الثمن كان مقصده أخذ قيمة المبيع، فكأنه يقول: بعت مالي بقيمته، وذكر القيمة مجملة يجعل الثمن مجهولاً فيكون البيع فاسداً. 2 - كون الثمن مالاً متقوِّماً([263]): والتقوم في الثمن شرط صحة، وقد سبق([264]) بيان مفهوم المال المتقوم، وتفريعات ذلك في المبيع، وهو ينطبق على الثمن. 3- أن يكون الثمن المعين مملوكاً للمشتري([265]): وهذا محل اتفاق بين الفقهاء، وملك المشتري يكون وقت العقد ملكاً تاماً؛ أي: لا حَقَّ لغيره فيه؛ لقوله r لحكيم بن حزام: "لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([266])، والحديث يفيد: أن يكون المبيع مملوكاً لبائعه، والثمن المعين مثل المبيع في هذا الحكم. 4- أن يكون الثمن المعيَّن مقدور التسليم([267]): يشترط في الثمن المعين أن يكون مقدور التسليم، وهذا متفق عليه بين الفقهاء؛ لأن ما لا يقدر على تسليمه شبيه بالمعدوم، والمعدوم لا يصح أن يكون ثمناً؛ فلا يصح أن يكون الثمن طيراً في الهواء، أو جملاً شارداً لا يقدر على تسليمه؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ"([268]). 5- معرفة القدر والوصف في الثمن([269]): فعند فقهاء الحنفية([270]): الثمن إما أن يكون مشاراً إليه، أو غير مشار إليه. فإن كان مشاراً إليه فلا حاجة إلى معرفة مقداره وصفته في جواز البيع، (والقدر: كخمسة أو عشرة، والصفة: كدنانير كويتية أو أردنية)، فإذا قال: بعتك هذا الشيء بهذه النقود التي في يدك وهي مرئية له فقبل جاز ولزم؛ لأن الإشارة أبلغ طرق التعريف([271]). أما إن كان الثمن غير مشار إليه فاتفق الفقهاء([272]) على أنه لا يصح به العقد، إلا أن يكون معلوم القدر والصفة؛ لأن جهالته تفضي إلى النـزاع المانع من التسليم والتسلم، فيخلو العقد عن الفائدة، وكل جهالة تفضي إلى النـزاع تكون مفسدة للعقد([273]) البيع بالتقسيط([274]) : أولاً: تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحالي، كما يجوز ذكر ثمن (سعر) المبيع نقداً وثمنه (سعره) بالأقساط لمدد معلومة، ولا يصح البيع إلا إذا جزم المتعاقدان بالنقد أو التأجيل؛ فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل؛ بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد فهو غير جائز شرعاً. ثانياً: لا يجوز شرعاً في بيع الأجل: التنصيصُ (النص) في العقد على فوائد التقسيط مفصولة عن الثمن الحالي؛ بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتفق المتعاقدان على نسبة الفائدة، أم ربطاها بالفائدة السائدة. ثالثاً: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد؛ فلا يجوز إلزامُه أيَّ زيادة على الدَّين بشرط سابق أو بدون شرط؛ لأن ذلك ربا محرم. رابعاً: يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حَلَّ من الأقساط، ومع ذلك لا يجوز شرعاً اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء. خامساً: يجوز شرعاً أن يشترط البائع بالأجل حلول الأقساط قبل مواعيدها عند تأخر المدين عن أداء بعضها ما دام المدين قد رضي بهذا الشرط عند التعاقد. سادساً: لا حَقَّ للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهنَ المبيعِ عنده؛ لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة. وفي قرار آخر([275]): البيع بالتقسيط جائز شرعاً، ولو زاد فيه الثمن المؤجَّل على المعجَّل. ما يصلح ثمناً وما لا يصلح: كلّ ما صلح أن يكون مبيعاً صلح أن يكون ثمناً، والعكس صحيح أيضاً، هذا ما يفهم من اتّجاه جمهور الفقهاء([276]). وذهب فقهاء الحنفية إلى أنّه: لا عكس؛ فما صلح أن يكون ثمناً قد لا يصلح أن يكون مبيعاً([277]). والنقود الورقية أثمان بالعرف والاصطلاح([278])، وهو ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي([279]) بخصوص أحكام العملات الورقية: أنها نقود اعتبارية؛ فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة؛ من حيث أحكام الربا، والزكاة، والسَّلَم، وسائر أحكامهما. المبحث الخامس: أحكام مشتركة بين المبيع والثّمن : هلاك المبيع أو الثّمن المعيّن كلّيّاً أو جزئيّاً قبل التّسليم: من آثار وجوب البيع: أنّ البائع يلزمه تسليم المبيع إلى المشتري، ولا يسقط عنه هذا الحقّ إلاّ بالأداء.فإذا هلك كل المبيع: يُنْظَر([280]): إن كان بآفة سماوية (بمطر أفسد الطعام، أو صاعقة أحرقت السيارة، أو زلزال خسف البيت)؛ فقد بطل العقد، ويكون ضمان المبيع على البائع عند جمهور الفقهاء، وأما عند فقهاء المالكية: فالضمان على المشتري؛ فالضمان ينتقل إليه بالعقد، دون القبض([281]). وأما إن كان بفعل البائع، فقد اختلفت آراء الفقهاء في المسألة: فعند فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية: الضمان على البائع، ويُفسَخ العقد، وعند فقهاء الشافعية قولان: على البائع، وينفسخ العقد، والقول الآخر: يتخير المشتري بين الفسخ واسترداد الثمن، وبين إمضاء البيع وأخذ قيمة المبيع، وعند فقهاء الحنابلة: يخير المشتري بين أن يفسخ العقد، وبين أن يتمسك بالعقد ويأخذ قيمة المبيع. وأما إذا كان بفعل المشتري: فضمان الهلاك عليه. وأما إن كان بفعل أجنبي، فقد اختلفت أقوال الفقهاء في المسألة: فعند فقهاء الحنفية والحنابلة والأظهر عند فقهاء الشافعية: يُخَيَّر المشتري بين أن يفسخ العقد، ويرجع البائع على المتلِف بالضمان، وبين أن يتمسك بالعقد، ويرجع على المتلِف بالضمان، وعند فقهاء المالكية: على المشتري فسخ العقد.
وأما إذا هلك بعض المبيع؛ فيُنْظَر([282]): إن كان الهلاك بآفة سماوية ترتب عليه نقصان المقدار، فعند جمهور الفقهاء: يُسقط من الثمن بمقدار التلف، ويُخير المشتري بين أخذ الباقي، أو الفسخ، وعند فقهاء المالكية: الضمان على المشتري. وأما إن كان الهلاك بفعل البائع؛ فعند جمهور الفقهاء: يسقط ما يقابله من الثمن مع تخيير المشتري بين أخذ الباقي أو الفسخ، وعند فقهاء المالكية: يتعين فسخ العقد. وإما إن كان بفعل المشتري؛ فإن هلاك بعض المبيع يعد قبضاً. وأما إن كان بفعل أجنبي؛ فإن المشتري يُخيَّر بين الفسخ واسترداد الثمن، ويرجع البائع على الأجنبي بقيمة ما أتلف، وبين التمسك بالعقد وأخذ المبيع بثمنه بعد إسقاط قيمة الهلاك، والرجوع بالمتلَف على الأجنبي.
المبحث السادس : بيع الثمار : بيع الثمار إما أن يكون قبل ظهورها أو بعده. وإذا بيعت بعد ظهورها: فإما أن يكون قبل بدو الصلاح أو بعده. وتفصيل ذلك فيما يلي: أ - بيع الثمار قبل ظهورها([283]): أجمع الفقهاء على عدم صحة بيع الثمار قبل ظهورها؛ لأنها معدومة، وبيع المعدوم غير جائز؛ بسبب وجود الغرر. ب - بيع الثمار بعد ظهورها وقبل بدو الصلاح([284]): ويسمّى أيضاً المخاضرة([285])، لا يصح أيضاً؛ لورود النهي نصاً. وورد النّهي عن ذلك في أحاديث كثيرة منها: حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا؛ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ"([286]). وفي لفظ آخر: "نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ، وَعَنْ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ، وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ؛ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ"([287]). وحديث: "لاَ تَبْتَاعُوا الثِّمَارَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا"([288]). ج - بيع الثمار بعد بدو صلاحها: وقد جاء معنى الصلاح مفسّراً في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ r أَنَّهُ: "نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، وَعَنْ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ، قِيلَ: وَمَا يَزْهُو؟، قَالَ: "يَحْمَارُّ أَوْ يَصْفَارُّ"([289]).وفي بعض الرّوايات عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُـولَ اللَّهِ r "نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا تُزْهِي؟ قَالَ: "حَتَّى تَحْمَرَّ"([290]). كما جاء بدوّ الصّلاح مفسّراً في حديث أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r "نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ، وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ"([291]). وورد في الصّحيح التّعبير بلفظ التّشقيح، وهذا في حديث جابر بن عبد اللّه قال: "نَهَى النَّبِيُّ r أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشَقِّحَ، فَقِيلَ: وَمَا تُشَقِّحُ؟، قَالَ: "تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ، وَيُؤْكَلُ مِنْهَا"([292]). وهذا البيع لا يخلو من ثلاثة أحوال: إحداها: أن يكون البيع بشرط التبقية، وحينئذ لا يصح البيع بالإجماع([293]). ثانيتها: أن يكون البيع بشرط القطع في الحال فيصح البيع بالإجماع([294])؛ لأن المنع إنما كان خوفاً من تلف الثمرة وحدوث العاهة عليها قبل أخذها، وهذا مأمون فيما يقطع فصح بيعه كما لو بدا صلاحه. ولا بد من ملاحظة الانتفاع بالقطع، وإلا فلا يجوز قطع الشجر أو الزرع بلا منفعة أو فائدة، قال رَسُولُ اللَّهِ r: "مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً([295]) صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ"([296])، هذا فيما يكون في البراري، فما بالك فيما يزرعه الإنسان ويعتني به، فقطعه بلا فائدة أشد عقاباً. ثالثتها: أن يكون البيع مطلقاً – أي: لا يذكر قطعاً ولا تبقية – واختلف الفقهاء في هذه الحالة: فذهب جمهور الفقهاء: إلى بطلان البيع؛ لإطلاق النهي عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها([297]). وذهب فقهاء الحنفية إلى التفريق بين أن يكون الثمر منتفعاً به أو غير منتفع به فإن كان الثمر بحال لا ينتفع به في الأكل، ولا في علف الدواب، فالصحيح أنه لا يجوز.وإن كان بحيث ينتفع به؛ فالبيع جائز([298]). معنى بدوّ الصّلاح: فسّر الفقهاء بدوّ الصّلاح بمعان شتّى: ففقهاء الحنفية قالوا في تفسيره: أن تؤمن العاهة والفساد([299]). وفقهاء المالكية فسّروه تفسيراً مختلفاً نسبيّاً: فهو في التّمر: أن يحمرّ ويصفرّ ويزهو، وفي العنب: أن يسودّ وتبدو الحلاوة فيه، وفي غيرهما من الثّمار: حصول الحلاوة، وفي الخسّ والعصفر: أن ينتفع بهما، وفي سائر البقول: أن تطيب للأكل، وفي الزّرع والحبّ: أن ييبس ويشتدّ([300]). وأرجع فقهاء الشافعية بدوّ الصّلاح في الثّمر وغيره كالزّرع، إلى ظهور مبادئ النّضج والحلاوة، فيما لا يتلوّن منه، أمّا فيما يتلوّن فبأن يأخذ في الحمرة أو السّواد أو الصّفرة([301])
الفصل الثالث تقسيم البيع من حيث الحكم الشرعي
للبيع تقسيمات عديدة باعتبارات مختلفة، ويهمنا التعرف على أنواع البيع من حيث الحكم الشرعي لها. بيان أنواع البيوع من حيث الحكم الشرعي : 1. البيوع الجائزة.2. البيوع الموقوفة.3. البيوع المتفق على بطلانها.4. البيوع المختلف في حكمها.5. البيوع المحرَّمة بالنص.
المبحث الأول: البيوع الجائزة : وهو: كل بيع مشروع (أي حقَّقَ الأركانَ والشروطَ) ووقع التراضي فيه بين البائع والمشتري. وهو الأصل المشروع في العقود الصحيحة من البيوع، وهناك بعض البيوع المحتملَة يجب معرفة حكمها. وفيما يأتي بيان بعض أنواع من البيوع التي قد يُظّنُّ منعها؛ لما فيها من الجهالة والغرر في مقدارها أو أوصافها، وهي في الحقيقة جائزة شرعاً، مراعاة لمصالح العباد. البيع بثمن آجل معلوم القدر والأجل: متّفق على جوازه، ولا خلاف فيه لأحد من الفقهاء، وذلك لقول اللّه تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ[[البقرة: 282]، (إذا تداينتم بدَين، أي: بعد بيع)، قال المفسّرون: المراد به كلّ معاملة كان أحد العوضين فيها نقداً والآخر نسيئةً؛ فما قُدِّم فيه الثّمن وأجّل فيه تسليم المثمّن، فهو السَّلَم، وقد ورد الشّرع بجوازه، وانعقد عليه الإجماع، فهذا مثله؛ لأنّه تأجيل لأحد العوضين. وهذا بشرط أن لا يكون العوضان ممّا يجري بينهما ربا النّسيئة، كالذّهب بالذّهب أو بالفضّة، وكالقمح بالشّعير. هذا، غير أنّ الإمام أحمد كره أن يختصّ الرّجل بالبيع بالنّسيئة، لا يبيع إلاّ بها، ولا يبيع بنقد، قال ابن عقيل الحنبلي: (وإنّما كره النّسيئة لمضارعتها الرّبا؛ فإنّ الغالب أنّ البائع بنسيئة يقصد الزّيادة بالأجل، لكنّ البيع بنسيئة ليس بمحرّم اتّفاقاً، ولا يكره إلاّ أن لا يكون له تجارة غيره)([302]). البيع بالمزايدة : استثنى الفقهاء بيع المزايدة بالمناداة، ويسمى بيع الدلالة، أي: بيع الدلاَّل([303])،استثنوها من الشّراء على الشّراء، ومن السّوم على سوم أخيه. وهي: أن ينادى على السّلعة، ويزيد النّاس فيها بعضهم على بعض، حتّى تقف على آخر زائد فيها فيأخذها([304]). وهذا بيع جائز بإجماع المسلمين([305]). ودليل جواز بيع المزايدة: حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ r يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: "أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟"، قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ، وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ، قَالَ: "ائْتِنِي بِهِمَا". قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ r بِيَدِهِ، وَقَالَ: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟"، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: "مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ"؛ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: "اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَاماً فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالآخَرِ قَدُوماً فَأْتِنِي بِهِ". فَأَتَاهُ بِهِ، فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ r عُوداً بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: "اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ، وَلاَ أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً". فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ؛ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْباً، وَبِبَعْضِهَا طَعَاماً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لِثَلاَثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ"([306])، قال الكاسانيّ في تعليقه على هذا الحديث: وما كان رسول اللّه r ليبيع بيعاً مكروهاً([307]). والدّليل الثّاني: أنّ المسلمين لم يزالوا يتبايعون في أسواقهم بالمزايدة([308])، وأنّه بيع الفقراء، والحاجة ماسة إليه([309]). والفرق بين جواز البيع بالمزايدة، والنهي عن البيع على البيع، أو الشراء على الشراء، أو السوم على السوم، أن النهي يُتصور في الحالات الفردية ثنائية الأطراف، حيث نهى رسول الله r عن دخول طرف ثالث بينهما، بينما البيع بالمزايدة فتكون موجهاً لجمهور (أكثر من سامع و أكثر من راغب). وقد أخذ هذا البيع أساليب جديدة، وقد عُرِض على مجمع الفقه الإسلامي، واتخذ المجمع فيه قراراً، هذا نصه: القرار([310]): بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: (عقد المزايدة) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله، وحيث إن عقد المزايدة من العقود الشائعة في الوقت الحاضر، وقد صاحب تنفيذه في بعض الحالات تجاوزات دعت لضبط طريقة التعامل به ضبطاً؛ يحفظ حقوق المتعاقدين، طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، كما اعتمدته المؤسسات والحكومات وضبطته؛ بتراتيب إدارية، ومن أجل بيان الأحكام الشرعية لهذا العقد تقرر ما يلي: أولاً: عقد المزايدة: عقد معاوضة يعتمد دعوة الراغبين نداءً أو كتابةً للمشاركة في المزاد، ويتم عند رضا البائع. ثانياً: يتنوع عقد المزايدة بحسب موضوعه إلى: بيع وإجارة وغير ذلك، وبحسب طبيعته إلى: اختياري؛ كالمزادات العادية بين الأفراد، وإلى إجباري؛ كالمزادات التي يوجبها القضاء، وتحتاج إليه المؤسسات العامة والخاصة والهيئات الحكومية والأفراد. ثالثاً: إن الإجراءات المتبعة في عقود المزايدات من تحرير كتابي وتنظيم وضوابط وشروط إدارية أو قانونية، يجب أن لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. رابعاً: طلب الضمان ممن يريد الدخول في المزايدة جائز شرعاً، ويجب أن يُرَدَّ لكل مشارك لم يرس عليه العطاء، ويحتسب الضمان المالي من الثمن لِمَن فاز بالصفقة. خامساً: لا مانع شرعاً من استيفاء رسم الدخول (قيمة دفتر الشروط بما لا يزيد عن القيمة الفعلية)؛ لكونه ثمناً له. سادساً: يجوز أن يعرض المصرف الإسلامي أو غيره مشاريع استثمارية ليحقق لنفسه نسبة أعلى من الربح، سواء أكان المستثمر عاملاً في عقد مضاربة مع المصرف أم لا. سابعاً: النَّجْش حرام، ومن صوره: أ - أن يزيد في ثمن السلعة من لا يريد شراءها؛ ليغري المشتري بالزيادة. ب - أن يتظاهر من لا يريد الشراء بإعجابه بالسلعة ويمدحها؛ ليغري المشتري فيرفع ثمنها. ج - أن يَدَّعي صاحب السلعة أو الوكيل أو السمسار ادعاءً كاذباً أنه دفع فيها ثمناً معيناً؛ ليدلس على ما يسوم. د – ومن الصور الحديثة للنَّجْش المحظورة شرعاً: اعتماد الوسائل السمعية والمرئية والمقروءة التي تذكر أوصافاً رفيعة؛ لا تمثل الحقيقة، أو ترفع الثمن؛ لتغري المشتري وتحمله على التعاقد. المبحث الثاني: البيع الموقوف : التّعريف: عرّف فقهاء الحنفية البيع الموقوف بأنّه: البيع المشروع بأصله ووصفه، ويفيد الملك على وجه التّوقّف، ولا يفيد تمامه لتعلّق حقّ الغير به([311])، وهو من البيع الصّحيح([312]). ويقابله البيع النّافذ، وهو: البيع الصّحيح الّذي لا يتعلّق به حقّ الغير، ويفيد الحكم في الحال([313]). مشروعيّة البيع الموقوف: للفقهاء اتجاهين في حكم البيع الموقوف: الاتجاه الأول([314]): يرى فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية، وفقهاء الحنابلة في إحدى الرّوايتين، وهو قول عند فقهاء الشافعية مشروعيّة البيع الموقوف، واعتباره قسماً من أقسام البيع الصّحيح([315])؛ لعمومات البيع نحو قوله تعالى ]وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ[[البقرة: 275]، وقوله عزّ شأنه: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[[النساء: 29]. وجه الدّلالة من هذه الآيات: أنّ اللّه سبحانه وتعالى شرع البيع والشّراء والتّجارة من غير فصل، بين ما إذا وجد من المالك بطريق الأصالة، وبين ما إذا وجد من الوكيل في الابتداء، أو بين ما إذا وجدت الإجازة من المالك في الانتهاء، وبين وجود الرّضا في التّجارة عند العقد أو بعده؛ فيجب العمل بعمومها إلاّ ما خصّ بدليل([316]). ولما ثبت عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r أَعْطَاهُ دِينَاراً يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً؛ فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ؛ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ([317])، ومعلوم أنّه لم يكن مأموراً ببيع الشّاة، فلو لم ينعقد البيع الموقوف، لما باع ولما دعا له بالخير والبركة على ما فعل، ولأنكر عليه؛ لأنّ الباطل يُنْكَر([318]).كما أنّ البيع الموقوف تَصَرُّفٌ صدر من أهله في محلّه فلا يلغو، كما لو حصل من المالك، والتّصرّف إذا صدر من أهله في محلّه تحقّق به وجوده، ثمّ قد يمتنع نفاذه شرعاً لمانع، فيتوقّف على زوال ذلك المانع، وبالإجازة يزول المانع، وهو عدم رضا المالك به([319]).ولأنّ البيع الموقوف يفيد الملكيّة بدون قبض تماماً، كما هو الحكم في البيع الصّحيح، فالبيع الموقوف هو بيع صحيح؛ لصدق تعريفه وحكمه عليه، وانعقاد هذا البيع موقوفاً على الإجازة لا ينافي كونه صحيحاً([320]). الاتجاه الآخر([321]): ذهب فقهاء الشافعية على المشهور من المذهب، وفقهاء الحنابلة في إحدى الرّوايتين إلى بطلان العقد الموقوف، واستدلّوا بحديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r فَقُلْتُ: يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنْ الْبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي، أَبْتَاعُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ثُمَّ أَبِيعُهُ، قَالَ: "لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([322])، ولأنّ وجود السّبب بكماله بدون آثاره يدلّ على فساده. أمثلة على البيع الموقوف: عقد البيع يكون موقوفاً إذا تعلّق به حقّ الغير، وهو: أن يكون ملك الغير أو يكون لغير المالك حقّ في المبيع. وقد حصر صاحب الخلاصة أنواع البيع الموقوف في خمسة عشر نوعاً، وأوصلها صاحب النّهر إلى ثمانية وثلاثين نوعاً، وذكر ابن نجيم في البحر الرائق شرح كنز الدقائق تسعاً وعشرين صورةً للبيع الموقوف، وفي حاشية ابن عابدين ثمانية وثلاثون صورة([323])، أهمّها: بيع الصّبيّ موقوف على إجازة الأب أو الوصيّ. بيع غير الرّشيد موقوف على إجازة القاضي. بيع المرهون من قبل المالك موقوف على إجازة (الدائن) المرتهن. بيع العين المستأجرة موقوف على إجازة المستأجر. بيع ما في مزارعة الغير موقوف على إجازة المزارع. بيع البائع للشّيء المبيع بعد القبض من غير المشتري موقوف على إجازة المشتري الأوّل. بيع الشّيء برَقْمِهِ موقوف على تبيّن الثّمن.
المبحث الثالث: البيوع المتفق على بطلانها تعريف البيع الباطل: والبيع الباطل: عند فقهاء الحنفية هو: ما لم يشرع لا بأصله ولا بوصفه([324]). وعند جمهور الفقهاء هو: ما لم يترتّب أثره عليه، فلم يثمر ولم تحصل به فائدته من حصول الملك([325]). تعريف البيع الفاسد: جمهور الفقهاء لا يفرقون بين البيع الباطل والبيع الفاسد([326]). أمّا فقهاء الحنفية فيجعلون البيع الفاسد مرتبةً بين البيع الصّحيح والبيع الباطل، ويعرّفونه بأنّه: ما شرع بأصله دون وصفه([327]). والمراد بالأصل: الصّيغة، والعاقدان، والمعقود عليه. وبالوصف: ما عدا ذلك. الحكم التّكليفيّ للبيع الباطل أو الفاسد: الإقدام على البيع الباطل مع العلم بالبطلان حرام، ويأثم فاعله؛ لارتكابه المعصية بمخالفته المشروع، وعدم امتثاله لما نهى الشّارع عنه؛ لأنّ البيع الباطل لم يشرع لا بأصله ولا بوصفه. هذا مع استثناء حالة الضّرورة؛ كالمضطرّ يشتري الطّعام بزيادة على ثمن المثل، وكالعقد الّذي يختبر به رشد الصّبيّ، وكبيع الميتة والدّم والملاقيح والمضامين. كما يحرم الإقدام على البيع الفاسد إذا كان المتصرّف عالماً بفساده؛ لأنّ فيه مخالفةً شرعيّةً ولو في وصف العقد، والفاسد منهيّ عنه، والنّهي يدلّ على كونه غير مباح.ومن البيوع المتفق على بطلانها بيع الغرر : تعريف الغرر في اللغة([328]) : اسم مصدر من التغرير، وهو: الخطر، والخدعة، وتعريض المرء نفسه أو ماله للهلكة، وبيع الغرر: أن يكون على غير عهدة ولا ثقة([329]). الحكم التكليفي: الغرر الذي يتضمن خديعة أو تدليساً حرام ومنهي عنه. ومنه النهي عن بيع الغرر، فيما ورد عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ"([330]). الغرر في عقد البيع: الغرر في عقد البيع؛ إما أن يكون في صيغة العقد، أو يكون في محل العقد. 1- الغرر في صيغة العقد: قد ينعقد عقد البيع على صفة تجعل فيه غرراً، بمعنى أن الغرر يتعلق بنفس العقد - الإيجاب والقبول - لا بمحله - المعقود عليه - ويدخل في الغرر في صيغة العقد عدة بيوع نهى الشارع عنها صراحة، منها البيعتان في بيعة، ومنها: بيع الحصاة، ومنها: بيع الملامسة والمنابذة. 2- الغرر في محل العقد (المعقود عليه)، ويشمل المبيع والثمن، والغرر في محل العقد يرجع إلى الجهالة به. والغرر في المبيع يرجع إلى أحد الأمور التالية: الجهل بذات البيع أو جنسه أو نوعه أو صفته أو مقداره أو أجله، أو عدم القدرة على تسليمه، أو التعاقد على المحل المعدوم، أو عدم رؤيته. فمثال الجهل بذات المبيع: بيع شاة من قطيع، أو ثوب من ثياب مختلفة، فالمبيع هنا - وإن كان معلوم الجنس - إلا أنه مجهول الذات، مما يؤدي إلى حصول نـزاع في تعيينه. ومثال الجهل بجنس المحل: بيع الحصاة، وبيع المرء ما في كمه، وأن يقول: بعتك سلعة من غير أن يسميها. ومثال الجهل بنوع المحل: كمن باع سيارة دون أن يبين نوعها: شاحنة، أم سياحية، كبيرة أم صغيرة. ومثال الجهل بصفة المحل: بيع الحمل، وبيع المضامين، وبيع الملاقيح، وبيع عسب الفحل. ومثال الجهل بمقدار المبيع: بيع المزابنة (بيع الرطب باليابس من جنسه، ومثاله بيع التمر بالرطب، والزبيب بالعنب)، والمحاقلة (بيع الحنطة في سنبلها بحنطة مثل كيلها خرصاً)، وبيع ضربة الغائص. ومثال الجهل بالأجل: بيع حبل الحبلة. ومثال عدم القدرة على تسليم المحل: بيع البعير الشارد، والطير في الهواء، وبيع الإنسان ما ليس عنده، وبيع الدين، وبيع المغصوب. ومثال التعاقد على المحل المعدوم: بيع الثمرة التي لم تخلق، وبيع المعاومة والسنين، وبيع نتاج النتاج. كما أن الغرر في الثمن يرجع إلى الجهل به. والجهل بالثمن قد يكون جهلاً بالذات، كما لو باع سلعة بمئة شاة من هذا القطيع، فلا يجوز لجهالة الثمن. وقد يكون جهلاً بالنوع، فإذا قال: بعتك بدينار في ذمتك، أو قال: بعشرة دراهم في ذمتك، أو أطلق الدراهم؛ فلا خلاف في أنه يشترط العلم بنوعها، إلا عند التعارف على نقد بلد معين. وقد يكون جهلاً بصفة الثمن؛ فلا يصح البيع بثمن مجهول الصفة؛ لأن الصفة إذا كانت مجهولة تحصل المنازعة، فالمشتري يريد دفع الأدون والبائع يطلب الأرفع؛ فلا يحصل مقصود شرعية البيع، وهو دفع الحاجة بلا منازعة. وقد يكون جهلاً بمقدار الثمن؛ إذ يشترط الفقهاء العلم بمقدار الثمن إذا لم يكن مشاراً إليه، فلا يصح البيع بثمن مجهول القدر اتفاقاً. وقد يكون جهلاً بأجل الثمن، فقد اتفق الفقهاء على أنه: لا يجوز البيع بثمن إلى أجل مجهول. بيع المنابذة: وقد ثبت النّهي عنها في صحاح الأحاديث، كما ثبت عن الملامسة، وفسّرت في بعضها.وصوّرها الفقهاء فيما يأتي: أ - أن ينبذ كلّ واحد من المتبايعين ثوبه إلى الآخر، ولا ينظر كلّ واحد منهما إلى ثوب صاحبه، أو ينبذه إليه بلا تأمّل كما عبّر فقهاء المالكية([331]) على جعل النّبذ بيعاً، وهذا التّفسير المأثور عن أبي سعيد الخدريّ في رواية مسلم: فيكون ذلك بيعهما، من غير نظر ولا تراض، وهو المنقول عن أبي حنيفة([332]). ب - أن يجعلا النّبذ بيعاً، اكتفاءً به عن الصّيغة، فيقول أحدهما: أنبذ إليك ثوباً بعشرة، فيأخذه الآخر، وهذا عند فقهاء الشافعية([333]). ج - أن يقول: بعتك هذا بكذا، على أنّي إذا نبذته إليك؛ لزم البيع وانقطع الخيار، وهو عند فقهاء الشافعية([334]). د - أن يقول المشتري: أيّ ثوب نبذته إليّ فقد اشتريته بكذا، وهذا ظاهر كلام أحمد([335])، هذا ولا بدّ أن يسبق تراوضهما (تراضيهما) على الثّمن مع ذلك، وإلاّ كان المنع لعدم ذكر الثّمن، ومعلوم من فقهاء الحنفية، أنّ السّكوت عن الثّمن مفسد للبيع([336])، ونفيه عنه مبطل له.ويقاس على بيع المنابذة ما يجري في أماكن الألعاب واللهو من دفع مبلغ ثابت لمحاولات معينة؛ برمي قرص على بضائع متنوعة ومختلفة في القيمة، بحيث يحصل الرامي على الشيء الذي وقع عليه رميه. وقد علل الفقهاء فساد الصور السابقة: بالنّهي في الحديث الصّحيح المتقدّم([337]). والجهالة، وعلّل بها فقهاء الحنفية وفقهاء الحنابلة([338]). وتعليق التّمليك بالخطر([339])، والتّمليكات لا تحتمل الخطر؛ لأدائه إلى معنى القمار. وتعليق العقد على شرط، كما علل فقهاء الحنابلة([340]). ولعدم الرّؤية، أو عدم الصّيغة، أو للشّرط الفاسد، كما علّل فقهاء الشافعية([341]). بيع الملامسة([342]): الملامسة من بيوع الجاهليّة، ويشبهه في هذا الزمان، قول بعض الباعة للزبائن: متى لمست الشيء فقد وجب عليك إتمام الصفقة، أو متى فتحت الصندوق أو العلبة أو أنـزلت البضاعة من مكانها، أو أريتك البضاعة فقد تم البيع، وما أشبه ذلك. وقد ثبت النّهي عنها في الحديث، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى عَنْ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ"([343])، وفسّره أبو هريرة في رواية مسلم بقوله: أمّا الملامسة: فأن يلمس كلّ واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمّل([344]). وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَلِبْسَتَيْنِ: نَهَى عَنْ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ"([345]). وعلّل فقهاء الحنابلة([346]) الفساد بعلّتين: الأولى: الجهالة، والأخرى: كونه معلّقاً على شرط، وهو: لمس الثّوب. بيع الحصاة([347]): وأشبه ما يكون هذا البيع الباطل: ما يجري في المسابقات العامة وفي مدن الألعاب والملاهي، بدفع قيمة استخدام أداة تُرمى على بضائع مختلفة الأنواع والأسعار، وحيثما وقعت الأداة تم الحصول على البضاعة التي أصابتها الأداة. وقد ورد النّهي عنه، وذلك في حديث النّهي عن الغرر، فيما روي عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ"([348]). البيعتان في بيعة([349]) :ورد النّهي عنها في ثلاث روايات: الأولى: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ"([350]). الثّانية: أنّ النّبيّ r قال: "مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا (أي: أنقصهما([351]))، أَوْ الرِّبَا"([352]). الثّالثة: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ"([353]). فالبيعتان في بيعة عقد محرّم، يأثم من يقدم عليه؛ لمخالفته النّهي، وهو عقد فاسد. والمراد بهذه المسألة: جمع بيعتين في عقد واحد، وتسمية ذلك العقد بيعتين باعتبار تعدّد الثّمن. تعددت أقوال العلماء في بيان معنى البيعتين في بيعة، وإليك بعض صورها: الأوّلى([354]): أن يبيع الرّجل السّلعة، فيقول (عاقداً وليس عارضاً للأسعار، ومبيناً): هي نقداً بكذا، ونسيئةً بكذا، أي: بثمن أكثر من الثّمن الأوّل، ويفترقان على الإبهام بين الثّمنين. الثانية([355]): أن يقول: بعتك هذا بألف نقداً أو ألفين إلى سنة؛ فخذ بأيّهما شئت أنت وشئت أنا، ويفترقان على الإبهام. الثالثة([356]): البيع بثمنين معجّل ومؤجّل أعلى منه، مع الإبهام: إذا باع سلعةً بألف حالّةً أو ألف ومئة إلى سنة، وقد وجب عليه أحدهما؛ فإن عيّنا أحد الثّمنين قبل الافتراق جاز البيع، وإن افترقا على الإبهام لم يجز، فهذا كأنّه وجب عليك بدينار نقداً، فأخّرته فجعلته بدينارين إلى أجل، أو فكأنّه وجب عليك بدينارين إلى أجل فجعلتهما بدينار نقداً. الرابعة([357]): أن يقول: بعتك هذه السّلعة بمئة إلى سنة على أن أشتريها منك – أي: بعد ذلك - بثمانين حالّةً، قال ابن القيم: وهذا معنى الحديث الوارد في البيعتين في بيعة، وهو مطابق لقول النّبيّ r: "فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا (أي: أنقصهما([358])) أَوْ الرِّبَا"([359])، فإنّه إمّا أن يأخذ الثّمن الزّائد فيربي، أو الثّمن الأوّل فيكون هو أوكسهما. الخامسة([360]): هو أن يشترطا بيعاً في بيع؛ بأن يقول: بعتك هذه السيارة بألف على أن تبيعني دارك بكذا، أي: إذا وجب لك عندي فقد وجب لي عندك. السادسة([361]): أن يبيع داراً بشرط أن يسكنها البائع شهراً، أو سيارة على أن يستخدمها المشتري ولو مدّةً معيّنةً، ونحو ذلك. علة المنع في البيعتين في بيعة: الأولى: أنّ في ذلك رباً، والتّعليل بهذه العلّة مستند إلى بعض الرّوايات، ففيها: "الصَّفْقَةُ فِي الصَّفْقَتَينِ رِبَاً"([362])، "فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا (أي: أنقصهما([363])) أَوْ الرِّبَا"([364]). الثّانية: الجهالة في الثّمن وعدم استقراره([365]). وأعرض كلام ابن رشد في مسألة بيعتين في بيعة فقد أحسن عرضها؛ إذ يقول: [وذلك يتصور على وجوه ثلاثة: أحدها إما في مثمونين بثمنين، أو مثمون واحد بثمنين، أو مثمونين بثمن واحد؛ على أن أحد البيعين قد لزم. أما في مثمونين بثمنين؛ فإن ذلك يتصور على وجهين: أحدهما: أن يقول له: أبيعك هذه السلعة بثمن كذا على أن تبيعني هذه الدار بثمن كذا. والثاني: أن يقول له: أبيعك هذه السلعة بدينار أو هذه الأخرى بدينارين. وأما بيع مثمون واحد بثمنين؛ فإن ذلك يتصور أيضاً على وجهين: أحدهما: أن يكون أحد الثمنين نقداً، والآخر نسيئة، مثل أن يقول له: أبيعك هذا الثوب نقداً بثمن كذا، على أن أشتريه منك إلى أجل كذا بثمن كذا. وأما مثمونان بثمن واحد؛ فمثل أن يقول له أبيعك أحد هذين بثمن كذا. أما الوجه الأول، وهو أن يقول له: أبيعك هذه الدار بكذا على أن تبيعني هذا الغلام بكذا، فنص الشافعي على أنه لا يجوز؛ لأن الثمن في كليهما يكون مجهولاً؛ لأنه لو أفرد المبيعين لم يتفقا في كل واحد منهما على الثمن عليه في المبيعين في عقد واحد، وأصل الشافعي في رد بيعتين في بيعة إنما هو جهل الثمن أو المثمون. وأما الوجه الثاني، وهو أن يقول: أبيعك هذه السلعة بدينار، أو هذه الأخرى بدينارين، على أن البيع قد لزم في أحدهما؛ فلا يجوز عند الجميع، وسواء أكان النقد واحداً أو مختلفاً...، وعلة منعه عند الجميع: الجهل، وعند مالك: من باب سد الذرائع؛ لأنه ممكن أن يختار في نفسه أحد الثوبين فيكون قد باع ثوباً وديناراً بثوب ودينار وذلك لا يجوز على أصل مالك. وأما الوجه الثالث، وهو أن يقول له: أبيعك هذا الثوب نقدا بكذا أو نسيئة بكذا، فهذا إذا كان البيع فيه واجباً؛ فلا خلاف في أنه لا يجوز، وأما إذا لم يكن البيع لازماً في أحدهما؛ فأجازه مالك، ومنعه أبو حنيفة والشافعي؛ لأنهما افترقا على معلوم، وجعله مالك من باب الخيار؛ لأنه إذا كان عنده على الخيار لم يتصور فيه ندم يوجب تحويل أحد الثمنين في الآخر، وهذا عند مالك هو المانع؛ فعلة امتناع هذا الوجه الثالث عند الشافعي وأبي حنيفة: من جهة جهل الثمن، فهو عندهما من بيوع الغرر التي نهي عنها، وعلة امتناعه عند مالك: سد الذريعة الموجِبَة للربا؛ لإمكان أن يكون الذي له الخيار قد اختار أولاً إنفاذ العقد بأحد الثمنين المؤجل أو المعجل، ثم بدا له ولم يظهر ذلك، فيكون قد ترك أحد الثمنين للثمن الثاني، فكأنه باع أحد الثمنين بالثاني، فيدخله ثمن بثمن نسيئة، أو نسيئة ومتفاضلاً] ([366]). وينبغي بيان حكم : تعدد الأسعار: السعر هو ما يعرضه البائع من أسعار بضاعة واحدة تبعاً لأسلوب الدفع؛ بأن يعرض البائع أن سعر البضاعة إذا تم الدفع الآن نقداًً 1000 مثلاً، وإذا تم الدفع بعد شهر فالسعر 1050، وإذا تم الدفع بعد سنة فالسعر 1150، وهكذا، فهذا التعدد للأسعار جائز، وهو من باب العرض والبيان وليس من باب العقود، وهو أشبه بالمساومة والمفاوضة. فإذا قال: بعتك هذا بألف نقداً أو ألفين إلى سنة؛ فخذ بأيّهما شئت أنت وشئت أنا، وكان جواب المشتري: قبلت بألف نقداً، أو قال: قبلت بألفين نسيئةً؛ صحّ ذلك([367])، قال ابن قدامة: وإنّما يصحّ إذا قال المشتري بعد ذلك: أنا آخذه بالنّسيئة بكذا، فقال البائع: خذه، أو قد رضيت، أو نحو ذلك، فيكون عقداً كافياً([368]). الجمع بين عقدين: لو جمع بين بيع وإجارة، بعوض واحد؛ جاز عند فقهاء المالكية، وهو أحد قولي فقهاء الشافعية، والأصح عند فقهاء الحنابلة([369])؛ كما لو قال: بعتك داري هذه وآجرتك داري الأخرى سنةً بألف دينار؛ فهذا جائز؛ لأنّهما عينان يجوز أخذ العوض عن كلّ واحدة منهما منفردةً، فجاز أخذ العوض عنهما مجتمعتين، كما لو قال: بعتك هذّبن الثّوبين بألف، ويوزّع العوض عند التّرادّ في أحدهما حسب قيمتهما (أي: قيمة المؤجّر مثلاً من حيث الأجرة للمدّة المضروبة، وقيمة رقبة المبيع). وكذا يجوز الجمع بين بيع وصرف بعوض واحد، وهو أحد قولي فقهاء الشافعية والأصح عند فقهاء الحنابلة([370]). أما عند فقهاء المالكية فعلى المشهور([371]): لا يجوز أن يجتمع مع البيع صرف ولا جعالة ولا مساقاة ولا شركة ولا قراض ولا نكاح ولا سلف. المبحث الرابع: البيوع المختلف في حكمها : بيع الجزاف :الجزاف اسم من جازف مجازفةً، والجُزاف بالضّمّ، وهو في اللّغة من الجزف، أي: الأخذ بكثرة، وجزف في الكيل جزفاً: أكثر منه([372]).وبيع الجزاف اصطلاحاً: هو بيع ما يكال، أو يوزن، أو يُعَدّ، جملةً بلا كيل ولا وزن، ولا عدّ([373]). الحكم التّكليفيّ: الأصل أنّ من شرط صحّة عقد البيع: أن يكون المبيع معلوماً، ولكن لا يشترط العلم به من كلّ وجه، بل يكفي العلم بعين المبيع وقدره وصفته.وفي بيع الجزاف يحصل العلم بالقدر، كبيع صُبرة طعام، (أي: كمية منه)، دون معرفة كيلها أو وزنها، وكذا بيع قطيع الماشية دون معرفة عددها، وكذا بيع الأرض دون معرفة مساحتها، وكذا بيع الثّوب دون معرفة طوله. وبيع الجزاف استثني من الأصل؛ لحاجة النّاس واضطرارهم إليه، بما يقتضي التّسهيل في التّعامل([374]). وقد اتّفق الفقهاء([375]) على جوازه من حيث الجملة، والأظهر عند فقهاء الشافعية([376]) جوازه مع الكراهة. ودليل مشروعيته([377]): حديث ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: "مَنْ اشْتَرَى طَعَاماً فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ"، قَالَ: وَكُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنْ الرُّكْبَانِ جِزَافاً، فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ"، وفي رواية: أَنَّهُمْ كَانُوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r إِذَا اشْتَرَوْا طَعَاماً جِزَافاً أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِ حَتَّى يُحَوِّلُوهُ. بيع العربون :التّعريف:العَرَبون بفتحتين كحَلَزون، والعُربون وزان عُصفور، لغة فيه، والعُربان بالضّمّ لغة ثالثة، بوزن القُربان، وهو معرّب، وفسّروه لغةً: بما عقد به البيع([378]). وفي الاصطلاح الفقهيّ: أن يشتري السّلعة، ويدفع إلى البائع درهماً أو أكثر، على أنّه إن أخذ السّلعة، احتسب به من الثّمن، وإن لم يأخذها فهو للبائع([379]). الحكم الإجماليّ: والفقهاء مختلفون في حكم هذا البيع: أ – فجمهور الفقهاء([380])، يرون أنّه: لا يصحّ. دليلهم: النّهي عنه في حديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ([381]) أَنَّهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ"([382]). ولأنّه من أكل أموال النّاس بالباطل، وفيه غرر([383]). ولأنّ فيه شرطين مفسدين: شرط الهبة للعربون، وشرط ردّ المبيع بتقدير أن لا يرضى([384]). ولأنّه شرط للبائع شيئاً بغير عوض؛ فلم يصحّ([385]). ب - ومذهب فقهاء الحنابلة([386]): جواز هذه الصّورة من البيوع، وصرّحوا بأنّ ما ذهب إليه الأئمّة من عدم الجواز، هو القياس، لكن قالوا: وإنّما صار أحمد فيه إلى ما روي عن نافع بن الحارث، أنّه اشترى لعمر دار السّجن من صفوان بن أميّة، فإن رضي عمر، وإلاّ فله كذا وكذا([387])، قال الأثرم: قلت لأحمد: تذهب إليه؟ قال: أيّ شيء أقول؟ هذا عمر، وضعّف الحديث المرويّ عن عمرو بن شعيب في النّهي عنه([388]).ولكن حديث عمرو بن شعيب قد ورد من طرق يقوّي بعضها بعضاً، ولأنّهيتضمّن الحظر، وهو أرجح من الإباحة([389])، كما تقرّر في الأصول: إذا اجتمع الحاظر والمبيح؛ قُدِّم الحاظر([390]). من أهمّ الأحكام في بيع العربون: أنّ المشتري إن أعطى العربون على أنّه: إن كره البيع، أخذه واستردّه، وإلاّ حاسب به؛ جاز كما يقول فقهاء المالكية، وأنّ هذا البيع يفسخ عندهم، فإن فات (أي: تعذّر الفسخ) أمضى البيع بالقيمة([391]). إن دفع المشتري إلى البائع درهماً، وقال: لا تبع هذه السّلعة لغيري، وإن لم أشترها منك فهذا الدّرهم لك([392]): أ -فإن اشتراها بعد ذلك بعقد مبتدأ، واحتسب الدّرهم من الثّمن صحّ؛ لأنّ البيع خلا عن الشّرط المفسد، ويحتمل أنّ شراء دار السّجن من صفوان بن أميّة الّذي وقع لعمر، كان على هذا الوجه، فيحمل عليه، جمعاً بين فعله وبين الخبر، وموافقة القياس، والأئمّة القائلين بفساد بيع العربون. ب - وإن لم يشتر السّلعة، لم يستحقّ البائع الدّرهم؛ لأنّه يأخذه بغير عوض، ولصاحبه الرّجوع فيه، ولا يصحّ جعله عوضاً عن انتظاره، وتأخّر بيعه من أجله؛ لأنّه لو كان عوضاً عن ذلك لما جاز جعله من الثّمن في حال الشّراء، ولأنّ الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه، ولو جازت لوجب أن يكون معلوم المقدار، كما في الإجارة.وفي الجمع بين القولين: يُعمل بقول جمهور الفقهاء عند عدم وجود الضرر على البائع أو المشتري، ويُعمل بقول فقهاء الحنابلة عند وجود ضرر لأحد العاقدين. قرار مجمع الفقه في بيع العربون([393]): أولاً: المراد ببيع العربون: (بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغاً من المال إلى البائع؛ على أنه إن أخذ السلعة احتُسِب المبلغ من الثمن، وإن تركها فالمبلغ للبائع)، ويجري مجرى بيع الإجارة؛ لأنها بيع المنافع، ويستثنى من البيوع: كل ما يشترط لصحته قبض أحد البدلين في مجلس العقد (السَّلَم)، أو قبض البدلين (مبادلة الأموال الربوية والصرف)، ولا يجرى في المرابحة للآمر بالشراء في مرحلة المواعدة، ولكن في مرحلة البيع التالية للمواعدة. ثانياً: يجوز بيع العربون إذا قيدت فترة الانتظار بزمن محدود، ويحتسب العربون جزءاً من الثمن إذا تم الشراء، ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء([394]). بيع العِيْنَة :وغالباً ما يستخدمه مَن يكون بحاجة إلى سيولة نقدية، وليس له رغبة في السلعة، فيحتال بشراء بضاعة بثمن مؤجَّل، ثم يبيعها لِمَن اشتراها منه، أو لوكيل البائع بثمن حالٍّ، ويلتزم بدفع الثمن المؤجل على أقساط أو دفعة واحدة حين الأجل المتَّفَق عليه.التّعريف: العِينة بكسر العين، معناها في اللّغة: السّلف، يقال: اعتان الرّجل: إذا اشترى الشّيء بالشّيء نسيئةً أو اشترى بنسيئة([395])، وقيل لهذا البيع عِينة؛ لأنّ مشتري السّلعة إلى أجل يأخذ بدلها (أي: من البائع) عيناً، أي: نقداً حاضراً([396]).وفي الاصطلاح الفقهيّ([397]): أن يبيع شيئاً من غيره بثمن مؤجّل، ويسلّمه إلى المشتري، ثمّ يشتريه بائعه قبل قبض الثّمن بثمن نقد أقلّ من ذلك القدر. ووصفها ابن عبد البر بأنها: تَحَيُّلٌ في بيع دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل بينهما سلعة محللة([398]). وقال ابن جزي: بيع العينة أن يظهرا فعل ما يجوز؛ ليتوصلا به إلى ما لا يجوز([399]). ويمكن وصفها بأنّها: قرض في صورة بيع؛ لاستحلال الفضل. صورتها: للعِيْنَة المنهيّ عنها تفسيرات أشهرها: أن يأتي الرجل المحتاج إلى آخر ويستقرضه عشرة دراهم، ولا يرغب المقرض في الإقراض طمعا في فضل لا يناله بالقرض، فيقول: لا أقرضك، ولكن أبيعك هذا الثوب إن شئت باثني عشر درهما وقيمته في السوق عشرة ليبيعه في السوق بعشرة فيرضى به المستقرض فيبيعه كذلك فيحصل لرب الثوب درهمان، وللمشتري قرض عشرة([400]).أو أن يدخلا بينهما ثالثاً فيبيع المقرض ثوبه من المستقرض باثني عشر درهماً ويسلمه إليه، ثم يبيعه المستقرض من الثالث بعشرة ويسلمه إليه، ثم يبيعه الثالث من صاحبه وهو المقرض بعشرة ويسلمه إليه ويأخذ منه العشرة ويدفعها للمستقرض؛ فيحصل للمستقرض عشرة، ولصاحب الثوب عليه اثنا عشر درهماً([401]). أو أن يبيع سلعةً بثمن إلى أجل معلوم، ثمّ يشتريها نفسها نقداً بثمن أقلّ، وفي نهاية الأجل يدفع المشتري الثّمن الأوّل، أو يتم الدفع على أقساط شهرية، أو دورية، حسب الاتفاق، والفرق بين الثّمنين فضل هو رباً للبائع الأوّل، وتؤول العمليّة إلى قرض عشرة، لردّ خمسة عشر، والبيع وسيلة صوريّة إلى الرّبا([402]). حكمها: اختلف الفقهاء في حكمها بهذه الصّور: فعند جمهور الفقهاء([403]): لا يجوز هذا البيع، قال محمّد بن الحسن: هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال، ذميم اخترعه أكلة الرّبا([404]). وهذا البيع وإن نقل عن أبي يوسف من فقهاء الحنفية([405]) وعن الإمام الشّافعيّ([406]) جواز الصّورة المذكورة (كأنّه نظر إلى ظاهر العقد، وتوافر الرّكنيّة، فلم يعتبر النّيّة)، إلا أن ابن قيم الجوزية([407]) حقَّق المسألة، ودافع عن الإمام الشافعي، وأوضح حرمة المسألة في الصور الحالية التي تجري في الأسواق في زمانه وتنطبق على ما يجري في زماننا، وبخاصة إذا وُجد التواطؤ والاتفاق المسبق أو الضمني أو المعروف أو المشروط بين البائع والمشتري. ومن أدلة التّحريم: أ - أنّه ذريعة إلى الرّبا([408])، وسد الذّريعة المؤدية إلى الحرام مطلب شرعي([409]). ب - وما ورد عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ"([410]). بيع الفضوليّ :التّعريف: الفضوليّ لغةً: مَنْ يشتغل بما لا يعنيه([411]).واصطلاحاً: هو من ليس بأصيل ولا وكيل ولا وليّ عن المالك([412]). الحكم التكليفي: مذهب فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية، والشّافعيّ في القديم([413]): أنّ هذا العقد صحيح موقوف على إجارة المالك، فإن أجازه نفذ ولزم البيع، وإن لم يجزه وردّه بَطَل؛ وذلك لإطلاقات النّصوص في حلّ البيع، من غير تفصيل بين الأصيل والوكيل، ابتداءً أو بقاءً وانتهاءً. ومذهب فقهاء الحنابلة، والشّافعيّ في الجديد([414]): أنّه باطل، وإن أجازه المالكية بعد ذلك. الأدلّة: أ - استدلّ القائلون بجواز بيع الفضوليّ بالأدلة الآتية: بحديث عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r أَعْطَاهُ دِينَاراً يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً؛ فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ؛ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ ([415]).وبحديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r بَعَثَهُ يَشْتَرِي لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ، فَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً، فَأُرْبِحَ فِيهَا دِينَاراً، فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا؛ فَجَاءَ بِالأُضْحِيَّةِ وَالدِّينَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ: "ضَحِّ بِالشَّاةِ، وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَار"([416]). ب - واستدلّ القائلون بعدم الجواز بالأدلة الآتية: بما روي عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r فَقُلْتُ: يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنْ الْبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي، أَبْتَاعُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ثُمَّ أَبِيعُهُ، قَالَ: "لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([417]). وبحديث عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ حَتَّى ذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: "لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلاَ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلاَ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنُ، وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([418]). وبما روي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: "لاَ طَلاَقَ إِلاَّ فِيمَا تَمْلِكُ، وَلاَ عِتْقَ إِلاَّ فِيمَا تَمْلِكُ، وَلاَ بَيْعَ إِلاَّ فِيمَا تَمْلِكُ"([419]). فهذه الأحاديث تدلّ على أنّ بيع الفضوليّ باطل؛ لأنّه تصرّف بلا ملك ولا إذن ولا ولاية ولا وكالة، ولأنّه باع ما لا يقدر على تسليمه فلم يصحّ. بيع العصير أو العنب لمن يتّخذه خمراً، وكذا كل ما هو حلال في أصله يمكن أن يتحول أو يستخدم في حرام : للفقهاء ثلاثة أقوال في المسألة: الحرمة، والكراهة، والجواز. القول بالحرمة مع صحة العقد: ذهب فقهاء المالكية وفقهاء الحنابلة إلى حرمة هذا البيع، وهو الأصحّ والمعتمد عند فقهاء الشافعية([420]) إن كان يعلم أو يظنّ أيلولته إلى الخمر، فإن شكّ كره، ونحوه قول للصّاحبين: بأنّه مكروه([421])، والكراهة إن أطلقت عند فقهاء الحنفية للتّحريم([422]). وقد استدلّوا بقوله تعالى: ]وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[[المائدة: 2]، قال ابن قدامة: وهذا نهي يقتضي التّحريم، ولأنّه يعقد البيع على عصير لمن يعلم أنّه يريده للمعصية([423]). واستدلّوا كذلك بحديث: "لُعِنَتْ الْخَمْرُ عَلَى عَشْرَةِ أَوْجُهٍ: بِعَيْنِهَا، وَعَاصِرِهَا، وَمُعْتَصِرِهَا، وَبَائِعِهَا، وَمُبْتَاعِهَا، وَحَامِلِهَا، وَالْمَحْمُولَةِ إِلَيْهِ، وَآكِلِ ثَمَنِهَا، وَشَارِبِهَا، وَسَاقِيهَا"([424])، ووجه الاستدلال: أنّه يدلّ على تحريم التّسبّب إلى الحرام([425]).ولما روي عن ابن سيرين، أنّ قيّماً (خادماً) كان لسعد بن أبي وقّاص في أرض له، فأخبره عن عنب أنّه لا يصلح زبيباً، ولا يصلح أن يباع إلاّ لمن يعصره، فأمره بقلعه، وقال: بئس الشّيخ أنا إن بعت الخمر([426]). القول بالكراهة مع صحة العقد([427]): هو القول الآخر لفقهاء الشّافعيّة. القول بالجواز([428]): ذهب أبو حنيفة إلى: أنّ هذا البيع جائز، واستدلّ بقوله تعالى: ]وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ[[البقرة: 275] وقد تمّ بأركانه وشروطه، ولأنّ المعصية لا تقوم بعينه، والفساد ليس في قصد البائع، وإنما في قصد المشتري([429]). تنبيه: اشتراط علم البائع بقصد المشتري اتّخاذ العصير للخمر: اشترط جمهور الفقهاء([430]) للمنع من هذا البيع: أن يعلم البائع بقصد المشتري اتّخاذ الخمر من العصير، فلو لم يعلم لم يكره بلا خلاف. قال ابن قدامة([431]): إنّما يحرم البيع إذا علم البائع قصد المشتري ذلك؛ إمّا بقوله، وإمّا بقرائن مختصّة به تدلّ على ذلك، واكتفى فقهاء الشافعية بظنّ البائع أنّ المشتري يعصر خمراً أو مسكراً([432]). حكم بيع العصير لذمّيّ يتّخذه خمراً([433]): إنّ مقتضى العموم والإطلاق في منع بيع العصير ممّن يتّخذه خمراً، لا فرق فيه بين المسلم والكافر، وذكر الفقهاء حرمة البيع للعاصر ولو كان كافراً؛ لحرمة ذلك عليه. بيع ما يقصد به فعل محرّم: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ: كلّ ما يقصد به الحرام، وكلّ تصرّف يفضي إلى معصية فهو محرّم؛ فيمتنع بيع كلّ شيء علم أنّ المشتري قصد به أمراً لا يجوز. فمن أمثلته عند فقهاء المالكية([434]): بيع الأرض لتتّخذ كنيسةً أو خمّارةً، وبيع الخشب لمن يتّخذه صليباً، والنّحاس لمن يتّخذه ناقوساً، وكذا يمنع أن يباع للحربيّين آلة الحرب؛ من سلاح أو كراع أو سُرُج، وكلّ ما يتقوّون به في الحرب، من نحاس أو خباء أو ماعون. ومن أمثلته عند فقهاء الشافعية([435]): بيع مخدّر لمن يظنّ أنّه يتعاطاه على وجه محرّم، وخشب لمن يتّخذه آلة لهو، وثوب حرير لرجل يلبسه بلا نحو ضرورة، وكذا بيع سلاح لنحو باغٍ وقاطع طريق، ودابّة (وكذا السيارة) لمن يحمّلها فوق طاقتها، والديك للمهارشة، والكبش للمناطحة، والحرير والذهب لرجل يلبسه، وكذا بيع مسلم طعاماً، علم أو ظنّ أنّه يأكله نهاراً في رمضان؛ لأنّ ذلك إعانة على المعصية. ومن أمثلته عند فقهاء الحنابلة([436]): بيع السّلاح لأهل الحرب، أو لقطّاع الطّريق، أو في الفتنة، وإذا علم أنّ من يشتري منه، يدعو عليه من يشرب المسكر، لا يبيعه، ومن يخترط (يصنع) الأقداح لا يبيعها ممّن يشرب فيها (أي: الخمر)، ونهى عن بيع الدّيباج (أي: الحرير) للرّجال. ويُلحق بالمسألة في هذا الزمان: بيع مكبرات الصوت لِمَن يتخذها في الباطل أو المعاصي والمنكرات، والورق لِمَن يطبع عليه كفراً أو إلحاداً، وكذا بيع المواقع على الأنترنيت أو المساهمة في هذا البيع إذا كان المشتري يستخدم ذلك في الحرام، وكذا بيع الألبسة الفاضحة لامرأة تستخدمها في الحرام، واتخاذ الإعلانات المحرَّمة (باستخدام المرأة مكشوفة العورة) في ترويج البضائع، والمال المكتسب من بيع البضائع المروجة عن طريق الإعلانات المحرِّمة مال خبيث. بيع وشرط: اتفق الفقهاء على صحة الشرط الذي ورد فيه النص الشرعي، أو يقتضيه العقد، أو يلائم مضمون العقد، ويحقق مصلحة العاقدين. المبحث الخامس : البيوع الصحيحة من حيث الأركان والشروط، ولكنها محرَّمة بالنص بيع الرّجل على بيع أخيه، وكذا شراؤه، وسومهوصوره كثيرة، منها: أن يتراضى المتبايعان على ثمن سلعة، فيجيء آخر، فيقول: أنا أبيعك مثل هذه السّلعة بأنقص من هذا الثّمن، أو يقول: أبيعك خيراً منها بثمنها أو بأقلّ منه، أو يعرض على المشتري سلعةً كان قد رغب فيها من عند آخر؛ فيفسخ البيع من الآخر، ويشتريها ممَن عرضها عليه. ما إذا تساوم رجلان، فطلب البائع بسلعته ثمناً، ورضي المشتري بذلك الثّمن، فجاء مشتر آخر، ودخل على سوم الأوّل، فاشتراه بزيادة، أو بذلك الثّمن نفسه، لكنّه رجل وجيه، فباعه منه البائع لوجاهته. أن يأمر شخص البائع بفسخ العقد ليشتريه هو بأكثر، أو يجيء شخص إلى البائع قبل لزوم العقد؛ ليدفع في المبيع أكثر من الثّمن الّذي اشتري به، ليفسخ البيع ويعقد معه([437]). وقد ثبت النّهي عن ذلك في الصّحيح: عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: "لا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ يَخْطُبْ بَعْضُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ بَعْضٍ"([438]). حكمه: ذهب فقهاء الحنفية: إلى أنّ هذا البيع ونحوه من البياعات مكروه تحريماً، وذلك للأحاديث المذكورة، ولما فيه من الإيحاش والإضرار([439]).وذهب فقهاء المالكية وفقهاء الشافعية إلى([440]): أنّ هذا البيع محرّم، لكنّه لا يبطل البيـع، بل هو صحيح لرجوع النّهي إلى معنًى خارج عن ذّات العقد، وهو الإيـذاء والإضرار بالمسلم والإفساد عليه([441]). والمذهب عند فقهاء الحنابلة([442]): أنّه غير جائز وحرام، ولا يصحّ هذا البيع، بل هو باطل لأنّه منهيّ عنه، والنّهي يقتضي الفساد. البيع بالنّجْش: النَجْش هو بسكون الجيم مصدر، وبالفتح اسم مصدر، ومن معانيه اللّغويّة: الإثارة، يقال: نجش الطّائر: إذا أثاره من مكانه، قال الفيّوميّ: نجش الرّجل ينجش نجشاً: إذا زاد في سلعة أكثر من ثمنها، وليس قصده أن يشتريها، بل ليغرّ غيره، فيوقعه فيه، وأصل النّجش: الاستتار؛ لأنّ النّاجش يستر قصده، ومنه يقال للصّائد: ناجش لاستتاره([443]). وقد عرّفه الفقهاء: بأن يزيد الرّجل في الثّمن ولا يريد الشّراء؛ ليرغّب غيره([444]). أو: أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها؛ ليغري المشتري([445]). أو أن يمدح المبيع بما ليس فيه؛ ليروّجه. وقد ورد النّهي عنه، في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: "لاَ تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الْغَنَمَ، وَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا؛ إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ"([446])، وفي حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ r عَنْ النَّجْشِ"([447]). حكم النجش التكليفي (الحكم الأخروي): أ - فمذهب جمهور الفقهاء([448]): أنّه حرام، وذلك لثبوت النّهي عنه، ولما فيه من خديعة المسلم، وهي حرام. ب - ومذهب فقهاء الحنفية([449]): أنّه مكروه تحريماً إذا بلغت السّلعة قيمتها، أمّا إذا لم تبلغ فلا يكره، لانتفاء الخداع. ذلك حكمه التّكليفيّ. حكم النجش الوضعيّ (الحكم الدنيوي): أ - فمذهب جمهور الفقهاء([450]): أنّ البيع صحيح؛ لأنّ النّجش فعل النّاجش لا العاقد، فلم يؤثّر في البيع، والنّهي لحقّ الآدميّ؛ فلم يفسد العقد، كتلقّي الرّكبان وبيع المعيب والمدلّس، بخلاف ما كان حقّاً للّه؛ لأنّ حقّ الإنسان ينجبر بالخيار أو زيادة الثّمن. ب - ومذهب مالك، وهو رواية عن أحمد([451]): أنّه لا يصحّ بيع النّجش؛ لأنّه منهيّ عنه، والنّهي يقتضي الفساد. تلقّي الجَلَب أو السّلع أو الرّكبان ويقاس عليه: الوكالة الحصرية([452]) بجامع العلة بينهما (الإضرار) بالمستهلكين بزيادة الأسعار، أو بالمنتجين ـ في بعض الحالات - ببخسهم حقهم. وقد عبّر فقهاء الحنفية عن ذلك: بتلقّي الجَلَب([453])، وعبّر فقهاء المالكية: بتلقّي السّلع([454])، وعبّر فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة: بتلقّي الرّكبان([455]). حكم التّلقّي التكليفي (الحكم الأخروي): ذهب جمهور الفقهاء([456]): إلى أنّ بيع التّلقّي محرّم؛ لثبوت النّهي عنه في قوله r: "لاَ تَلَقَّوْا الْجَلَبَ؛ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ (أي: صاحبه) السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ"([457]). وعند فقهاء الحنفية ورواية عند فقهاء الحنابلة: أن التلقي مكروه([458])؛ وذلك للضّررأو الغرر. حكم التلقي الوضعيّ (الحكم الدنيوي): اتفق الفقهاء([459]): على أن بيع التلقي صحيح، ولا يفسد العقد به، وعللوا الصحة : بإثبات الخيار في الحديث، والخيار لا يكون إلا في عقد صحيح([460]). ولأن النهي لا لمعنى في البيع، بل يعود إلى ضرب من الخديعة، يمكن استدراكها بإثبات الخيار([461]). وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد، أن التلقي فاسد، وذلك لظاهر النهي([462]). بيع الحاضر للبادي: التّعريف:الحاضر: ساكن الحاضرة؛ المدن والقرى والرّيف، والبادي: ساكن البادية.والمراد ببيع الحاضر للبادي عند جمهور الفقهاء([463]): أن يتولّى الحضريّ بيع سلعة البدويّ؛ بأن يصير الحاضر سمساراً للبادي البائع، أي: يأخذ الحضري سلعة البدوي بسعر منخفض، ويتولى بيعها لأهل الحضر بسعر مرتفع، مستغلاً جهل البدوي بالأسعار الحقيقية، وطامعاً بزيادة الثمن عند البيع. وذهب بعض فقهاء الحنفية إلى: أنّ المراد بالحديث([464]): أن يبيع الحضريّ سلعته للبدويّ، وذلك طمعاً في الثّمن الغالي، فهو منهيّ عنه؛ لما فيه من الإضرار بأهل البلد، أي: يأخذ الحضري السلعة من البلد ليبيعها لأهل البادية بسعر مرتفع، مستغلاً جهل البدوي بالأسعار الحقيقية، وطامعاً بزيادة الثمن عند البيع.وينطبق هذا: على استغلال المواد عند استيرادها لبيعها للناس في الداخل بسعر مرتفع، وكذلك استغلال المواد عند تصديرها لكسب الأرباح الإضافية، ولو بإضرار بأهل البلد بسحبها من الأسواق. النهي عن هذا البيع: ورد النّهي عنه في أحاديث كثيرة منها: "لاَ تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الْغَنَمَ، وَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا؛ إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ"([465]). "لاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ؛ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقْ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ"([466]). "نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ أَوْ أَبَاهُ"([467]). قيود النّهي: قيّد جمهور الفقهاء النّهي عن بيع الحاضر للبادي، بقيود وشروط شتّى منها: 1- أن يكون ما يقدم به البادي، ممّا تعمّ الحاجة إليه، وفي حالة قحط وعوز، سواء أكان مطعوماً أم غير مطعوم، فما لا يحتاج إليه إلاّ نادراً، لا يدخل تحت النّهي([468]). 2- وأن يكون قصد البادي البيع حالاً، وهو ما عبّروا عنه بالبيع بسعر يومه، فلو كان قصده البيع على التّدريج، فسأله البلديّ تفويض ذلك إليه فلا بأس به؛ لأنّه لم يضرّ بالنّاس، ولا سبيل إلى منع المالك منه([469]). 3- وأن يكون البيع على التّدريج بأغلى من بيعه حالاً، كما استظهره بعض فقهاء الشافعية، قالوا: لأنّه إذا سأل الحضريّ أن يفوّض له بيعه، بسعر يومه على التّدريج؛ لم يحمله ذلك على موافقته، فلا يكون سبباً للتّضييق، بخلاف ما إذا سأله أن يبيعه بأغلى، فالزّيادة ربّما حملته على الموافقة، فيؤدّي إلى التّضييق([470]). 4- وأن يكون البادي جاهلاً بالسّعر؛ لأنّه إذا علمه لم يزده الحاضر على ما عنده، ولأنّ النّهي لأجل أن يبيعوا للنّاس برخص، وهذه العلّة إنّما توجد إذا كانوا جاهلين بالأسعار، فإذا علموا بالأسعار فلا يبيعون إلاّ بقيمتها كما يبيع الحاضر، فبيع الحاضر حينئذ بمنـزلة بيعهم، وهذا الشّرط لفقهاء المالكيّة وفقهاء الحنابلة([471]). حكم بيع الحاضر للبادي: أ - ذهب جمهور الفقهاء([472]): إلى أنّه محرّم مع صحّته، والنّهي عنه لا يستلزم الفساد والبطلان؛ لأنّه لا يرجع إلى ذات البيع ولا إلى لازمه؛ لأنّه لم يفقد ركناً ولا شرطاً، بل هو راجع لأمر خارج غير لازم؛ كالتّضييق والإيذاء. ب - وفي رواية عن أحمد([473]): أنّ البيع صحيح ولا كراهة فيه، وأنّ النّهي اختصّ بأوّل الإسلام لما كان عليهم من الضّيق، قال أحمد: كان ذلك مرّةً. ج - مذهب فقهاء المالكية، والمذهب عند فقهاء الحنابلة([474]): أنّ هذا البيع حرام وباطل وفاسد؛ لأنّه منهيّ عنه، والنّهي يقتضي فساد المنهيّ عنه. وفصّل فقهاء المالكية في هذا، وقرّروا([475]): أوّلاً: أنّه يفسخ البيع ما دامت السّلعة قائمةً لم تفت ببيع، أو عيب، أو موت، أو نحو ذلك. ثانياً: فإن فاتت مضى البيع بالثّمن (الّذي وقع به البيع)، وهذا هو المعتمد، وقيل: بالقيمة.
البيع عند أذان الجمعة([476]) :أمر القرآن الكريم بترك البيع عند النّداء (الأذان) يوم الجمعة، فقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ[[الجمعة: 9]، والأمر بترك البيع نهي عنه.الحكم التّكليفيّ فيه: لم يختلف الفقهاء([477]): في أنّ هذا البيع محرّم لهذا النّصّ، وعبر عنه فقهاء الحنفية: بالكراهة([478])، والنهي عن البيع عند جمهور الفقهاء([479]) هو وقت أذان خطبة الجمعة بين يدي المنبر، والإمام على المنبر؛ لأنّ البيع عند هذا الأذان يشغل عن الصّلاة، ويكون ذريعةً إلى فواتها، أو فوات بعضها. والمختار عند فقهاء الحنفية: أنّ المنهيّ عنه هو البيع عند الأذان الأوّل الّذي على المنارة، وهو الّذي يجب السّعي عنده؛ وعلّلوه بحصول الإعلام به([480]). من أهم قيود تحريم هذا البيع: أن يكون المشتغل بالبيع ممّن تلزمه الجمعة([481])؛ فلا يحرم البيع على المرأة والصّغير والمريض. استمرار تحريم البيع حتّى انقضاء الصّلاة: اتفق الفقهاء على: أنّ النّهي عن البيع عند الأذان لصلاة الجمعة، يستمرّ حتّى الفراغ من الصّلاة([482]). الحكم الوضعيّ فيه : جمهور الفقهاء([483])، يرون أنّ عقد البيع يقع صحيحاً؛ لأنّ المنع منه لمعنًى في غير البيع، خارج عنه، وهو ترك السّعي، فكان البيع في الأصل مشروعاً جائزاً، لكنّه يكره تحريماً؛ لأنّه اتّصل به أمر غير مشروع، وهو ترك السّعي.لكنّ مشهور مذهب فقهاء المالكية([484]): أنّ هذا البيع كالبيع الفاسد يفسخ، ويردّ من يد المشتري ما لم يفت بيده؛ فإن فات - بتغيّر سوق - مضى العقد، ولزم المشتري القيمة حين القبض على المشهور، وقيل بالقيمة حين البيع. خاتمة في بعض أحكام البيع : لا يجوز بيع أجزاء الآدمي؛ حية ولا ميتة؛ لكرامة الإنسان. حكم انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياًً كان أو ميتاًً([485]): إنَّ مجلس مجمع الفقه الإسلامي بعد اطلاعه على الأبحاث الفقهية والطبية الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاً، وفي ضوء المناقشات التي وجهت الأنظار إلى أنَّ هذا الموضوع أمر واقع فرضه التقدم العلمي والطبي، وظهرت نتائجه الإيجابية المفيدة والمشوبة في كثير من الأحيان بالأضرار النفسية والاجتماعية الناجمة عن ممارسته من دون الضوابط والقيود الشرعية التي تصان بها كرامة الإنسان، مع إعمال مقاصد الشريعة الإسلامية الكفيلة؛ بتحقيق كل ما هو خير ومصلحة غالبة للفرد والجماعة، والداعية إلى التعاون والتراحم والإيثار، وبعد حصر هذا الموضوع في النقاط التي يتحرر فيها محل البحث وتنضبط تقسيماته وصوره وحالاته التي يختلف الحكم تبعاً لها، قرر ما يلي : من حيث التعريف والتقسيم: أولاً: يقصد هنا بالعضو أي جزء من الإنسان، من أنسجة وخلايا ودماء ونحوها كقرنية العين.سواء أكان متصلاً به، أم انفصل عنه. ثانياًً: الانتفاع الذي هو محل البحث، هو استفادة دعت إليها ضرورة المستفيد لاستبقاء أصل الحياة، أو المحافظة على وظيفة أساسية من وظائف الجسم كالبصر ونحوه، على أن يكون المستفيد يتمتع بحياة محترمة شرعاًً. ثالثاً: تنقسم صور الانتفاع هذه إلى الأقسام التالية: نقل العضو من حي، نقل العضو من ميت، النقل من الأجنة. الصورة الأولى: وهي نقل العضو من حي، تشمل الحالات التالية: نقل العضو من مكان من الجسد إلى مكان آخر من الجسد نفسه؛ كنقل الجلد والغضاريف والعظام والأوردة والدم ونحوها. نقل العضو من جسم إنسان حي إلى جسم إنسان آخر، وينقسم العضو في هذه الحالة إلى ما تتوقف عليه الحياة وما لا تتوقف عليه. أما ما تتوقف عليه الحياة، فقد يكون فردياً، وقد يكون غير فردي، فالأول: كالقلب والكبد، والثاني: كالكلية والرئتين. وأما ما لا تتوقف عليه الحياة، فمنه ما يقوم بوظيفة أساسية في الجسم، ومنه ما لا يقوم بها. ومنه ما يتجدد تلقائياً كالدم، ومنه ما لا يتجدد، ومنه ما له تأثير على الأنساب والموروثات، والشخصية العامة؛ كالخصية والمبيض وخلايا الجهاز العصبي، ومنه ما لا تأثير له على شيء من ذلك. الصورة الثانية: وهي نقل العضو من ميت: ويلاحظ أن الموت يشمل حالتين: الحالة الأولى: موت الدماغ بتعطل جميع وظائفه تعطلاً نهائياً لا رجعة فيه طبياً. الحالة الثانية: توقف القلب والتنفس توقفاً تاماً لا رجعة فيه طبياً، فقد روعي في كلتا الحالتين قرار المجمع في دورته الثالثة([486]). الصورة الثالثة: وهي النقل من الأجنة، وتتم الاستفادة منها في ثلاث حالات: حالة الأجنة التي تسقط تلقائياً. حالة الأجنة التي تسقط لعامل طبي أو جنائي. حالة اللقائح المستنبتة خارج الرحم. من حيث الأحكام الشرعية: أولاً: يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أنَّ النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، وبشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود، أو لإعادة شكله، أو وظيفته المعهود له، أو لإصلاح عيب أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً. ثانياً: يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر، إن كان هذا العضو يتجدد تلقائياً؛ كالدم والجلد، ويراعى في ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأهلية، وتحقق الشروط الشرعية المعتبرة. ثالثاً: تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضية لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلة مرضية. رابعاً: يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة؛ كالقلب من إنسان حي إلى إنسان آخر. خامساً: يحرم نقل عضو من إنسان حي يعطل زواله وظيفة أساسية في حياته، وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها؛ كنقل قرنية العين كلتيهما، أما إن كان النقل يعطل جزءاً من وظيفة أساسية فهو محل بحث ونظر. سادساً: يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك، بشرط أن يأذن الميت قبل موته أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة ولي أمر المسلمين؛ إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له. سابعاً: وينبغي ملاحظة: أنَّ الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي تم بيانها، مشروط بأن لا يتم ذلك بواسطة بيع العضو؛ إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما. أما بذل المال من المستفيد، ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأة وتكريماً، فمحل اجتهاد ونظر].
$ $ $
الفصل الرابع الخيارات التّعريف: الخيار في اللّغة([487]): اسم مصدر من الاختيار، وهو الاصطفاء والانتقاء، والفعل منهما اختار، وقول القائل: أنت بالخيار، معناه: اختر ما شئت، وخيّره بين الشّيئين معناه: فوّض إليه اختيار أحدهما. والخيار في الاصطلاح([488]): (حقّ العاقد في فسخ العقد أو إمضائه؛ لظهور مسوّغ شرعيّ، أو بمقتضى اتّفاق عقديّ)، أو (طلب خير الأمرين من الإمضاء والفسخ)([489]). المبحث الأول: خيار التعيين تعريفه([490]): شراء أحد شيئين أو ثلاثة، على أن يُعَيِّنَ أياً شاء. صورته: أن يقول البائع للمشتري: بعتك أحد هذه الأثواب الثلاثة ولك الخيار في أيها شئت، ونحو ذلك من العبارات، سواء وقع التصريح به من البائع أو المشتري([491])، وهو ما يجري في هذا الزمان: بمناداة البائع: ادفع كذا من النقود في مقابل أي قطعة ترغب بها، مما هو موجود أمامك. تسميته: يسمي فقهاء المالكية العقد المشتمل عليه: بيع الاختيار([492]). الحكم التكليفي: ذهب فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية إلى القول بمشروعية هذا الخيار([493]). وفقهاء الشافعية([494]) حين منعوه جعلوه من مسائل جهالة عين المبيع، ونصوا على بطلانه، سواء وقع العقد على واحد من متعدد، أو وقع على الكل إلا واحداً، ومذهب جمهور فقهاء الحنابلة([495]) كذلك، مع تنصيصهم على أنه باطل، ولو تساوت قيمة الأشياء المختار منها. دليل المجيزين لخيار التعيين([496]): القياس على خيار الشرط؛ لأن خيار الشرط شُرِعَ للحاجة إلى دفع الغَبْن، والحاجة إلى هذا النوع من البيع متحققة، فكان باعتبار الحاجة في معنى ما ورد به الشرع، وما فيه من جهالة لا تفضي إلى المنازعة؛ فالمشتري هو الذي يستقل بالاختيار. المبحث الثاني: خيار الرّؤية للمشتري : خيار الرّؤية من الخيارات الّتي يراد بها إتاحة المجال للعاقد ليتروّى وينظر، هل المبيع صالح لحاجته أم لا؟. التّعريف: اصطلاحاً([497]): هو حقّ يثبت به للمتملّك الفسخ، أو الإمضاء عند رؤية محلّ العقد المعيّن الّذي عُقِدَ عليه ولم يَرَه، فهو خيارٌ سببُه: الرّؤية([498]). خيار الرّؤية وأقوال الفقهاء فيه: يرتبط القول بخيار الرّؤية ببيع الشّيء الغائب صحّةً وفساداً، والمراد بالعين الغائبة: غيبة العين عن البصر بحيث لم تجر رؤيتها عند العقد، سواء أكانت غائبةً أيضاً عن مجلس العقد، أو حاضرةً فيه لكنّها مستورةٌ عن عين العاقد، ويستوي في غيابها عن المجلس، أن تكون في البلد نفسه أو في بلد آخر. وبيع العين الغائبة باطل لا يصح إذا كان بلا وصف عند جمهور الفقهاء([499])، وجائز عند فقهاء الحنفية([500])، وللمشتري خيار الرؤية. مشروعيّة خيار الرّؤية : اختلف الفقهاء في مشروعيّة خيار الرّؤية على ثلاثة أقوال: أ - إثبات خيار الرّؤية، بحكم الشّرع - دون حاجة إلى اتّفاق الإرادتين عليه - وتمكين العاقد بموجبه من الفسخ أو الإمضاء على سبيل التّروّي، ولو كان ما اشتراه موافقاً لما وصف له عند العقد، وهذا ما ذهب إليه فقهاء الحنفية([501])، وفي هذا توَسُّع. ب - القول بخيار رؤية يشترطه المشتري في بيع ما لم يره ليصحّ عقده، وهو لا يثبت بحكم الشّرع، بل هو إراديّ محض يجب على العاقد اشتراطه في بعض صور بيع الغائب وبدونه يفسد العقد، وهذا تحقيق ما ذهب إليه فقهاء المالكية والحنابلة([502])، وهو الأولى بالعمل. ج - نفي خيار الرّؤية مطلقاً، وهو القول الجديد المعتبر في مذهب فقهاء الشافعية، وأشهر الرّوايتين في مذهب أحمد([503])، وفي هذا حرج. احتجّ المجيزون لخيار الرؤية: بقوله e: "مَن اشْتَرَى شَيْئَاً لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذَا رَآهُ، إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وِإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ"([504]).واحتج المانعون بأنّ: بيع الغائب أصلاً لا يصحّ، وإنما جوَّزوه على أساس شروط السَّلَم([505]). المراد بالرّؤية([506]): العلم بالمعقود عليه، سواء أكان ذلك العلم يحصل بالرّؤية البصريّة أو بأيّ حاسّة من الحواسّ؛ كاللّمس، والجسّ، أو الذّوق، أو الشّمّ، أو السّمع، فهو في كلّ شيء بحسبه. ولا تُشترط رؤية الجميع، فقد يُكتفى برؤية البعض عن الكل، إذا كان المبيع أشياء لا تتفاوت آحادها، كشراء الكتب أو السيارات المتماثلة؛ المبيَّن جنسها ونوعها وصفتها وقدرها. أما إذا كان المبيع أكثر من واحد من تلك الأشياء المتفاوتة، كعدّة أنواع من السيارات مثلاً، فرؤية البعض لا تعرّف الباقي للتّفاوت في آحاده. أمّا ما لا بدّ من رؤيته كالدّار ونحوها والنّموذج في المثليّات؛ فيغني عن الرّؤية الوصف بأبلغ ما يمكن، فإذا قال: قد رضيت، سقط خياره؛ لأنّ الوصف يقام مقام الرّؤية أحياناً، كالسّلم، والمقصود رفع الغَبْن عنه، وذلك يحصل بالوصف، وإن كان بالرّؤية أتمّ([507]). شرائط قيام خيار الرّؤية([508]): أ - كون المحلّ المعقود عليه عيناً (سلعة مادية)؛ فلا يتصوّر في النّقد والدّيون خيار رؤية؛ لأنّ العقد ينعقد على مثلها لا على عينها، والأعيان: الأراضي والدّوابّ، وكلّ ما لم يكن من المثليّات. ب - عدم الرّؤية عند العقد، أو قبله، مع عدم التّغيّر؛ سبب ثبوت الخيار أنّ الرّؤية السّابقة تمنع ثبوت الخيار إذا توفّر فيها أمران: أحدهما: عدم التّغيّر، فبالتّغيّر يصير شيئاً آخر؛ فيكون مشترياً شيئاً لم يره. والأمر الثّاني: لا بدّ أن يكون عالماً وقت العقد أنّ ما يعقد عليه هو مرئيّه السّابق، فلو لم يعلم به؛ كأن رأى ثوباً ثمّ اشتراه ملفوفاً بساتر، وهو لا يعلم أنّه ذلك الّذي رآه فله الخيار؛ لعدم ما يوجب الحكم عليه بالرّضا. والقاعدة: أن الرؤية السابقة كالمقارنة([509]). المبحث الثالث: خيار الشّرط : وإنما شُرِع ليدفع بالفسخ: الضررَ عن نفسه، سواء كان الضرر تأخير أداء الثمن أو غيره([510]). التّعريف: في الاصطلاح: ما يثبت بالاشتراط لأحد المتعاقدين من الاختيار بين الإمضاء والفسخ([511]). ويسمى عند فقهاء المالكية: بخيار التروي والخيار الشرطي([512])، وعند فقهاء الشافعية بخيار التروي([513]). مشروعيّته: اتفق الفقهاء([514]) على: جواز الأخذ بخيار الشّرط واعتباره مشروعاً لا ينافي العقد.واستدلّوا بالسّنّة والإجماع. فأمّا السّنّة: فاستدلّوا بحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ r أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ"([515]) (أي لا خديعة). وعن محمّد بن يحيى بن حبّان قال: هو جدّي منقذ بن عمرو، وكان رجلاً قد أصابته آمّة في رأسه، فكسرت لسانه ونازعته عقله، وكان لا يدع التّجارة ولا يزال يغبن، فأتى رسول اللّه e فذكر له ذلك، فقال: "إِذَا بِعْتَ فَقُلْ: لاَ خِلاَبَةَ، ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ تَبْتَاعُهَا بِالْخِيَارِ ثَلاَثَ لَيَالٍ؛ فَإِنْ رَضِيْتَ فَأَمْسِكْ، وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْهَا عَلَى صَاحِبِهَا"([516]). وأما الإجماع: فقد ذكر الفقهاء الإجماع على جواز البيع بشرط الخيار([517]). شرائط قيام الخيار: شريطة التّوقيت أو معلوميّة المدّة: اتفق الفقهاء([518]) على: أنّه لا بدّ من تقييد الخيار بمدّة معلومة مضبوطة من الزّيادة والنّقصان، فلا يصحّ اشتراط خيار غير مؤقّت أصلاً، وللمدّة الجائز ذكرها حدّان: حدّ أدنى، وحدّ أقصى. أمّا الحدّ الأدنى: فلا توقيت له. وأمّا الحدّ الأقصى للمدّة الجائزة: فقد اختلفت فيه المذاهب اختلافاً كثيراً ما يثبت فيه خيار الشّرط([519]): يثبت خيار الشرط في كل العقود اللازمة القابلة للفسخ؛ لأنّ فائدته إنّما تظهر فيها فقط، مثل: البيع والإجارة. أما السّلم، والصّرف، وبيع الرّبويّ بجنسه؛ فهي عقود يبطلها خيار الشّرط. اشتراط الخيار للمتعاقدين([520]): يصحّ اشتراط خيار الشرط لأيّ واحد من المتعاقدين أو لكليهما، ففي البيع مثلاً: للبائع والمشتري. انتهاء خيار الشرط([521]): ينتهي خيار الشّرط بـ: إمضاء العقد بإجازته، أو بمضيّ مدّة الخيار دون فسخ، أو بفسخ العقد. المبحث الرابع: خيار المجلس :التّعريف: المراد بالمجلس([522]): مكان التّبايع أو التّعاقد، فما دام المكان الّذي يضمّ كلا العاقدين واحداً، فلهما الخيار في إمضاء العقد أو فسخه، إلى أن يتفرّقا، ويكون لكلّ واحد منهما مجلسه المستقلّ. ومجلس العقد: هو الوحدة الزّمنيّة الّتي تبدأ من وقت صدور الإيجاب، وتستمرّ طوال المدّة الّتي يظلّ فيها العاقدان منصرفين إلى التّعاقد، دون ظهور إعراض من أحدهما عن التّعاقد، وتنتهي بالتّفرّق، وهو: مغادرة أحد العاقدين للمكان الّذي حصل فيه العقد([523]). وفي حكم التّفرّق حصول التّخاير([524])، وهو: أن يخيّر أحدهما الآخر في إمضاء العقد أو ردّه، لكنّ خيار المجلس لا يبدأ من صدور الإيجاب، بل من لحاق القبول به مطابقاً له، أمّا قبل وقوع القبول فإنّ العاقدين يملكان خياراً في إجراء العقد أو عدمه، لكنّه خيار يدعى: خيار القبول، وهو يسبق تمام التّعاقد. خيار القبول مع اتّحاد المجلس : يثبت خيار القبول للمتعاقدين عند فقهاء الحنفية([525]) ما داما جالسين ولم يتمّ القبول، ولكلّ منهما حقّ الرّجوع ما لم يقبل الآخر. ولا يخالفهم فقهاء الحنابلة([526]) في ذلك؛ لأنّ خيار المجلس عندهم يكون في ابتداء العقد وبعده واحداً؛ فخيار القبول مندرج تحت خيار المجلس. ولا خيار للقبول عند فقهاء المالكية وفقهاء الشافعية([527])، غير أنّه يجوز الرّجوع عند فقهاء الشـافعية ولو بعد القبول، ما دام ذلك في المجلس، ولا يجوز الرّجوع عنـد فقهاء المالكية ولو قبل الارتباط بينهما، إلاّ في حالة واحدة، وهي: أن يكون الإيجاب أو القبول بصيغة المضارع، ثمّ يدّعي القابل أو الموجب أنّه ما أراد البيع؛ فيحلف ويصدّق. هذا، وإنّ حقيقة الجلوس ليست مقصودةً في هذا الخيار المسمّى: بخيار المجلس؛ لأنّ المعتبر هو الفترة الزّمنيّة الّتي تعقب عمليّة التّعاقد، دون طروء التّفرّق من مكان التّعاقد، فالجلوس ذاته ليس معتبراً في ثبوته، ولا ترك المجلس معتبر في انقضائه، بل العبرة للحال الّتي يتلبّس بها العاقدان، وهي الانهماك في التّعاقد؛ لذا أسماه بعض الفقهاء (خيار المتبايعين) ([528]). فخيار المجلس هو([529]): حقّ العاقد في إمضاء العقد أو ردّه، منذ التّعاقد إلى التّفرّق أو التّخاير. واتّحاد المجلس في العقود وغيرها على قسمين: حقيقيّ: بأن يكون القبول في مجلس الإيجاب([530]).وحكميّ: إذا تفرّق مجلس القبول عن مجلس الإيجاب، كما في الكتابة والمراسلة، فيتّحدان حكماً([531]). اختلاف المجلس وأنواعه([532]): ما له حكم المكان الواحد؛ كالمسجد والبيت لا ينقطع فيه المجلس بالانتقال، إلاّ إن اقترن بعمل أجنبيّ كالأكل والعمل الكثيرين، والبيع والشّراء بين القراءتين. واختلاف المجلس على نوعين([533]): حقيقيّ: بأن ينتقل من المكان إلى آخر بأكثر من خطوتين. وحكميّ: وذلك بمباشرة عمل يعدّ في العرف قاطعاً لما قبله. بم ينقطع اتّحاد المجلس؟ينقطع اتّحاد المجلس بالموت([534])، وبالتفرق([535])، وبالإعراض عن الإيجاب([536])، غير أنّهم اختلفوا في الأمور الّتي يحصل معها الإعراض. فعند فقهاء الحنفية([537]): ينقطع باختلاف المجلس، فلو قام أحدهما ولم يذهب بطل الإيجاب؛ إذ لا يبقى المجلس مع القيام، وإن تبايعا وهما يسيران، ولو كانا على دابّة واحدة، أو في سيارة واحدة؛ لم يصحّ العقد لاختلاف المجلس، ويختلف المجلس بالاشتغال بالأكل، وتغتفر اللّقمة الواحدة، ولو كان في يده كوز فشرب ثمّ أجاب جاز، ولو ناما جالسين؛ فلا يتبدّل المجلس، ولو مضطجعين أو أحدهما فهي فرقة. وجعل جمهور الفقهاء العرفَ هو الضّابط لذلك([538]). وفقهاء الشافعية([539]) جعلوا الاشتغال بأجنبيّ خارج عن العقد إبطالاً له، وكذلك السّكوت الطّويل بين الإيجاب والقبول، لكنّ اليسير لا يضرّ. مشروعيّة خيار المجلس: ذهب فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة([540]): إلى إثبات خيار المجلس؛ فلا يلزم العقد عند هؤلاء، إلاّ بالتّفرّق عن المجلس، أو التّخاير واختيار إمضاء العقد. وذهب فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية([541]): إلى نفي خيار المجلس. دليل القائلين بخيار المجلس: من السّنّة القوليّة بما رواه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: "الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ؛ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلاَّ بَيْعَ الْخِيَارِ"([542])، ووجه الاستدلال([543]): إثبات الخيار من الشّرع للمتبايعين، وهما متبايعان بعد تمام البيع بالإيجاب والقبول، أمّا قبل ذلك فهما متساومان، وللقابل خيار في القبول أو الرد، واستدلّوا بالمعقول([544])؛ فحاجة النّاس دّاعية إلى مشروعيّته؛ لأنّ الإنسان بعد أن يبيع شيئاً قد يبدو له فيندم؛ فبالخيار الثّابت له في المجلس يمكنه التّدارك. دليل النافين لخيار المجلس: قوله تعالى: ]لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ[ [النساء: 29]، فهذه الآية أباحت أكل المال بالتّجارة عن تراض، مطلقاً عن قيد التّفرّق عن مكان العقد. المبحث الخامس: خيار العيب : تعددت تعريفات العيب في الاصطلاح، فمن التعريفات له: ما تخلو عنه أصل الفطرة السّليمة ممّا يعدّ به ناقصاً([545])، أو: ما نقص عن الخلقة الطّبيعيّة أو عن الخلق الشّرعيّ نقصاناً له تأثير في ثمن المبيع([546])، أو: هو ما نقص قيمة المبيع عادة([547]). مشروعيّة خيار العيب: لا خلاف بين الفقهاء([548]) في الرّدّ بالعيب في الجملة، واستدلّوا بأدلّة من الكتاب والسّنّة. فمن الكتاب : عموم قوله تعالى: ]إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ[ [النساء: 29]، ووجه الاستدلال أنّ العلم بالعيب في المبيع منافٍ للرّضا المشروط في العقود، فالعقد الملتبس بالعيب تجارة عن غير تراض([549]). ومن السّنّة: عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: "الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ"([550])، وفي رواية: "الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ"([551]). واستدلّوا بالقياس على الخيار في المصرّاة، والجامع بينهما عدم حصول المبيع السّليم، لأنّه بذل الثّمن ليسلّم له مبيع سليم ولم يسلّم له ذلك، قال ابن قدامة: إثبات النّبيّ الخيار بالتّصرية تنبيه على ثبوته بالعيب([552]).
طرق إثبات العيب([553]): إثبات العيب يختلف باختلاف العيب من حيث درجة الظّهور، والعيوب أنواع([554]): أ - عيب ظاهر مشاهد. ب - عيب باطن خفيّ، لا يعرفه إلاّ أهل الخبرة. ج - عيب لا يطّلع عليه إلاّ النّساء. د- عيب لايعرف بالمشاهدة المجرّدة بل يحتاج إلى التّجربة والامتحان عند الخصومة. أثر خيار العيب على حكم العقد: يثبت للمشتري عند قيام خيار العيب: أ - التّخيير بين أمرين هما الرّدّ، أو الإمساك بجميع الثّمن، وهذا الاتّجاه هو مذهب فقهاء الحنفية وفقهاء الشافعية([555]). ب - التّخيير بين أمرين اثنين أيضاً، لكنّهما هنا: الرّدّ أو الإمساك مع الأرش، ولو لم يتعذّر الرّدّ، وسواء رضي البائع بدفع الأرش أو سخط به، ففي هذا الاتّجاه لا مكان للإمساك بدون أرش، بل هو من لوازمه، وهو مذهب فقهاء الحنابلة([556]). سقوط خيار العيب وانتهاؤه([557]): 1- زوال العيب قبل الرّدّ. 2- الرّضا بالعيب صراحةً. 3- الإسقاط لخيار العيب صراحة. 4- التّصرّفات الدّالّة على الرّضا([558])؛ وذلك بأن يوجد من المشتري بعـد العلـم بالعيب تصرّف في المبيع يدلّ على الرّضا بالعيب، والتّصرّفات بالنّسبة لهذا المسقط يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع: أ - تصرّفات استعمال للمبيع واستغلال له وانتفاع منه([559]): وذلك بأيّ وجه كان دون انتقاص لعينه أو إتلاف له؛ كلبس الثّوب، وركوب السيارة لغير الرّدّ، أو شراء العلف للحيوان، وسقي الأرض أو زرعها أو حصادها، أو عرض المبيع على البيع أو الإجارة، أو مداواته واستخدامه ولو مرّةً. ب - تصرّفات إتلاف للمبيع([560]): كالتّمزيق للثّوب، وقتل الدّابّة، وإحراق السيارة. ج - تصرّفات إخراج عن ملكه: إذا أخرج المشتري المبيع عن ملكه؛ بأن عقد عليه عقداً من عقود التّمليك؛ كالبيع أو الهبة مع التّسليم أو الصّلح، ثمّ اطّلع على عيب قديم فيه، سقط خياره؛ لتعذّر ردّ المبيع إلى البائع، هذا مذهب فقهاء الحنفية وفقهاء الحنابلة([561]).وذهب فقهاء المالكية([562]) إلى أنّ هذه التّصرّفات إن كانت بعوض فهي مسقطة للخيار: للرّدّ والأرش معاً، وإن كانت بغير عوض فله نقصان الثّمن. المبحث السادس: خيار فوات الوصف([563]) التّعريف: هو: حقّ الفسخ لتخلّف وصف مرغوب اشترطه العاقد في المعقود عليه([564])، ويسمى عند فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة: (خيار الخُلف)([565])، وعند فقهاء الحنفية (خيار الوصف) ([566]). ومثاله: أن يشتري إنسان شيئاً ويشترط فيه وصفاً مرغوباً له؛ كمن اشترى حصاناً على أنّه عربيّ أصيل فإذا هو هجين، أو اشترى جواداً على أنّه سريع المشي في سهولة؛ فإذا هو بطيء، أو سريع في اضطراب وعسر، وكذلك شراء البقرة على أنّها حلوب كثيرة اللّبن زيادةً عن المعتاد في أمثالها، واشتراط كون الكلب صائداً، والسيارة بمواصفات خاصة. مشروعيّة خيار فوات الوصف: اتفق الفقهاء([567]): على إثبات هذا الخيار، ويستند ثبوته على ثبوت خيار العيب، وبيان ذلك: أنّ فوات الوصف المرغوب بعد أن حصل في العقد الالتزام من البائع به، هو في معنى فوات وصف السّلامة في المبيع إذا ظهر فيه عيب، فكما يثبت في الصّورة الأخيرة خيار العيب يثبت في الصّورة الأولى خيار الوصف، وكلّ من الخيارين ثبت لتخلّف شرط في الحلّ، غير أنّ الشّرط في خيار العيب ثابت دلالةً، أمّا في خيار الوصف فهو ثابت نصّاً بالاشتراط في العقد. وفي منـزلة الشّرط الصّادر من المشتري: ما يصدر من البائع من المناداة على السّلعة حال البيع أنّها كذا وكذا؛ ببيان أوصافها، فتردّ بعدم وجود الوصف الذي سمعه، أو بيَّنه البائع عند العقد([568]). المبحث السابع: خيار الغَبْن : التّعريف: الغَبْن في اللّغة([569]): النّقص، وغبنه في البيع: خدعه. والمعنى الاصطلاحيّ للغبن مستمدّ من المعنى اللّغويّ نفسه فهو: النّقص في الثّمن في البيع والشّراء، ومثله النّقص في البدل في باقي عقود المعاوضات. وخيار الغَبْن، هو: أن يبيع ما يساوي عشرة بثمانية أو يشتري ما يساوي ثمانية بعشرة فيثبت الخيار ولا أرش مع الإمساك([570]). الخيارات المرتبطة بالغَبْن،هي: أ - تلقّي الرّكبان([571])، إذا اشترى منهم أو باعهم بغَبْن. ب - بيع النّجش([572])، بالزّيادة في السّلعة ممّن يعمل لمصلحة البائع دون إرادة الشّراء ليقع المشتري في غبن. وقد نصّ الفقهاء على خيار الفسخ في هذا البيع: ففقهاء المالكية قالوا ([573]): إن علم البائع بالنّاجش وسكت، فللمشتري ردّ المبيع إن كان قائماً، وله التّمسّك به، فإن فات المبيع فالواجب القيمة يوم القبض إن شاء، وإن شاء أدّى ثمن النّجش، وإن لم يعلم البائع بالنّاجش، فلا كلام للمشتري، ولا يفسد البيع، والإثم على من فعل ذلك. وهذا قول عند فقهاء الشافعية، حيث جعلوا للمشتري الخيار عند التّواطؤ. والأصحّ عند فقهاء الشافعية أنّه لا خيار للمشتري لتفريطه([574]). وعند فقهاء الحنابلة([575]): البيع صحيح سواء أكان النّجش بمواطأة من البائع أم لم يكن، لكن إن كان في البيع غبن لم تجر العادة بمثله فالخيار للمشتري بين الفسخ والإمضاء؛ كما في تلقّي الرّكبان، وإن كان يتغابن بمثله فلا خيارله. ج – المسترسل([576])، وهو: المستسلم للبائع، ولا ريب في أنّ خيار المسترسل من صميم خيارات الغَبْن؛ لأنّه خيانة طارئة من البائع بعدما ركن إليه المشتري، فترك المساومة في الثّمن، ولاذ بالبائع ليجيره من الغَبْن، فأوقعه فيه، فهو خيار غبن حقّاً، وهو مكروه عند فقهاء الشافعية([577]). تلخيص أراء الفقهاء من الغَبْن واستلزامه الخيار أو عدمه: ففقهاء الحنفية([578]): لا يرون للمغبون خياراً، إلاّ إذا كان مغرّراً به على الرّاجح، أو كان غبناًً للقاصر. وفقهاء المالكية([579]): يقولون بالخيار للمغبون مطلقاً، أو إذا كان مسترسلاً لبائعه. وفقهاء الشافعية([580]): يقولون بالخيار. وفقهاء الحنابلة([581]): يقتصرون على إثبات الخيار لمن كان مسترسلاً وغُبِن.
الفصل الخامس بيوع الأمانات وإنما سميت هذه البيوع ببيوع الأمانة؛ لأن بيع المرابحة مبني على الأمانة ويحتاج فيه إلى الصدق واجتناب الريبة([582]). وهي أربعة: المرابحة. التولية. الإشراك. الوضيعة (المواضعة).
المبحث الأول: المُرَابحة : التعريف: المرابحة في اللغة([583]): تحقيق الربح، يقال: بعت المتاع مرابحة، أو اشتريته مرابحة: إذا سميت لكل قدر من الثمن ربحاً. وفي الاصطلاح: عند فقهاء الحنفية([584]): نقل ما ملكه بالعقد الأول، بالثمن الأول مع زيادة ربح. وعند فقهاء المالكية([585]): بيع السلعة بالثمن الذي اشتراها به وزيادة ربحمعلوم لهما. وعند فقهاء الشافعية([586]): بيع بمثل الثمن، أو ما قام عليه به، مع ربح موزع على أجزائه. وعند فقهاء الحنابلة([587]): البيع برأس المال وربح معلوم، ويشترط علمهما برأس المال. فالمرابحة من بيوع الأمانات التي تعتمد على الإخبار عن ثمن السلعة وتكلفتها التي قامت على البائع. وصورتها: هي أن يعرّف صاحب السلعة المشتري بكم اشتراها، ويأخذ منه ربحاً إما على الجملة، مثل أن يقول: اشتريتها بعشرة وتربحني ديناراً أو دينارين، وإما على التفصيل وهو أن يقول: تربحني درهماً لكل دينار أو نحوه، أي: إما بمقدار محدد، وإما بنسبة عشرية([588]). الحكم التكليفي للمرابحة: ذهب جمهور الفقهاء([589]): إلى جواز المرابحة ومشروعيتها؛ لعموم قوله تعالى: ]وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ[[البقرة: 275]، وقوله سبحانه: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا بينكمْ بالبَاطِلِ إلاّ أنْ تكُونَ تجارةً عن تراضٍ مِنْكُمْ[[النساء: 29]، والمرابحة بيع بالتراضي بين العاقدين، فكان دليل شرعية البيع مطلقاً بشروطه المعلومة هو دليل جوازها. وفسر فقهاء المالكية([590]) الجواز بأنه خلاف الأولى، أو الأحب خلافه، والمساومة أحب إلى أهل العلم من بيع المزايدة، وبيع الاستئمان والاسترسال، وأضيقها عندهم بيع المرابحة؛ لأنه يتوقف على أمور كثيرة قل أن يأتي بها البائع على وجهها. الشروط الخاصة بالمرابحة([591]): يشترط في بيع المرابحة ما يشترط في كل البيوع، مع إضافة شروط أخرى تتناسب مع طبيعة هذا العقد وهي: أ – أن يكون العقد الأول صحيحاً، فإن كان فاسداً؛ لم يجز بيع المرابحة. ب – العلم بالثمن الأول؛ فإذا لم يعلم الثمن الأول فسد العقد([592]). ج – ألا يكون الثمن في العقد الأول مقابَلاً بجنسه([593]) من أموال الربا([594]). د - أن يكون الربح معلوماً: العلم بالربح ضروري؛ لأنه بعض الثمن، والعلم بالثمن شرط في صحة البيوع، فإن كان الثمن مجهولاً حال العقد؛ لم تجز المرابحة([595]). ولا فرق في تحديد الربح بين أن يكون مقداراً مقطوعاً أو بنسبة عشرية في المئة، ويضم الربح إلى رأس المال ويصير جزءاً منه، سواء أكان حالاً نقدياً، أو مقسطاً على أقساط معينة في الشهر أو السنة مثلاً. المبحث الثاني: التولية : التعريف: لغة([596]): مصدر: ولي، يقال: وليت فلاناً الأمر؛ جعلته والياُ عليه. وفي الاصطلاح: عند فقهاء الحنفية: نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول بدون زيادة ربح([597])، أو: البيع بالثمن الأول من غير زيادة ولا نقصان([598]). وعند فقهاء المالكية([599]): تصيير مشتر ما اشتراه لغير بائعه بثمنه. وعند فقهاء الشافعية([600]): نقل جميع المبيع إلى المولَى بمثل الثمن المثلي، أو قيمة المتقوِّم؛ بلفظ: وليتك، أو ما اشتق منه. مشروعية التولية: الأصل في بيع التولية أنه جائز([601])، والتولية كالمرابحة؛ من بيوع الأمانة؛ التي يؤتمن فيها البائع في إخباره عن الثمن الأول من غير بينة ولا استحلاف؛ فتجب صيانتها عن الخيانة والتهمة، وذلك واجب؛ لقوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[[الأنفال: 27]، والتولية داخلة في عموم قول الله تعالى: ]وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ[[البقرة: 275]، وأجمع المسلمون على جواز هذا البيع؛ حيث توارثوا هذه البياعات في سائر الأعصار من غير نكير. الشروط الخاصة في التولية([602]):
من أحكام رأس مال التولية: أولاً: المعتبر في رأس مال التولية([603]): المعتبر في رأس المال هو: ما لزم المشتري بالعقد؛ لأن الواجب هو الثمن الأول، وهو ما وجب بالبيع، وصورته: إذا اشترى ثوباً بعشرة دراهم، ونقد مكانها ديناراً، أو ثوباً؛ فرأس المال هو العشرة دراهم، لا الدينار ولا الثوب. ثانياً: ما يُلحق برأس المال، وما لا يُلحق به([604]): ما جرت به عادة التجار أنهم يُلحقونه برأس المال ويعدونه منه: أُلحِق برأس المال؛ كأجرة القصَّار، والغَسَّال، والفتَّال، والخيَّاط، والسمسار، ونحوها، والأصل فيها: العرف. ويترتب على بيع التولية([605]): وجوب بيان العيب الطارئ على المبيع قبل بيعه تولية؛ فإن لم يُبين العيب كان للمشتري الخيار. المبحث الثالث: الإشراك : التعريف: الإشراك في البيع لغة: تصييره شريكاً. واصطلاحاً: أن يشتري شيئاً ثم يشرك غيره فيه ليصير بعضه له بقسطه من الثمن([606]). مشروعية الإشراك: هو عقد جائز مشروع؛ لأن له حكم التولية، ويدخل في عموم قوله تعالى: ]وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ[[البقرة: 275]، وأجمع المسلمون في جميع الأعصار على جواز هذا البيع، وتعاملوا به([607]). أنواع الإشراك:الإشراك إما أن يكون مقيداً أو مطلقاً([608]). فالإشراك المقيد: أن يشرك في قدر معلوم؛ كالنصف، والثلث، والربع، ونحو ذلك؛ فيقع العقد صحيحاً. والإشراك المطلق: كأن يقول: أشركتك في هذا البيع؛ فالعقد صحيح، ويكون البيع مناصفة بينهما؛ لأن الشركة المطلقة تقتضي المساواة، فتقتضي أن يكون نصيباهما متساويين. شروط الإشراك: يشترط في الإشراك ما يشترط في التولية، ويزاد عليها([609]): 1- أن يبين مقدار بعض المبيع الذي حصل فيه الإشراك؛ فلو قال: أشركتك في بعضه، أو شيء منه: لم يصح؛ للجهل. 2- أن يذكر المبيع أو العقد في الإشراك؛ بأن يقول: أشركتك في بيع هذا، أو في العقد، ولا يكفي أن يقول: أشركتك في هذا.
المبحث الرابع: الوضيعة أو المواضعة : وقد تسمى: المحاطَّة، أو المخاسرة([610]). التعريف: عند فقهاء الحنفية([611]): بيع بمثل الثمن الأول مع نقصان شيء معلوم منه. وعند فقهاء الشافعية([612]): بيع بذلك مع حط موزع على أجزائه. وعند فقهاء الحنابلة([613]): بيع برأس ماله وخسران معلوم. مشروعية المواضعة: عقد جائز مشروع داخل في عموم البيع، قال تعالى: ]وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ[ [البقرة: 275]، ولتعامل المسلمين به في سائر الأزمان، فكان ذلك إجماعاً على جوازه([614]). كيفية المواضعة: لو قال البائع: اشتريت هذا بعشرة وبعتك بوضيعة؛ فإن قال: بوضيعة درهم من كل عشرة: فعند فقهاء الحنفية([615]): يكون الحط من كل أحد عشر درهماً، فتجعل كل درهم من العشرة التي هي رأس المال أحد عشر جزءاً، ثم اطرح منها درهماً: يكون الثمن تسعة دراهم، وجزءاً من أحد عشر جزءاً من درهم.وعند فقهاء المالكية([616]): في وضيعة العشرة أحد عشر تجعل العشرة أحد عشر، لكن لا بزيادة واحد؛ بل باعتبار أن العشرة تجزأ لأحد عشر لبعض منها واحد عن المشتري. وعند فقهاء الشافعية([617]): إن قال: بعتكه بما اشتريت، أي: بمثله أو برأس المال أو بما قام علي، وحط درهم لكل عشرة، أو في، أو على كل عشرة؛ فيقبل ويحط من كل أحد عشر واحد؛ فلو اشتراه بمئة فالثمن تسعون وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءاً من درهم، أو بمئة وعشرة فالثمن مائة، وقيل: يحط من كل عشرة واحد. وعند فقهاء الحنابلة([618]): يطرح من كل عشرة درهماً؛ لأن (من) للتبعيض، فكأنه قال: آخذ من العشرة تسعة، وأحط منها درهماً. وإن قال البائع: بوضيعة درهم لكل عشرة: كانت الوضيعة من كل أحد عشر درهماً، وهو قول جمهور الفقهاء([619])، فلو اشتراه بمئة، فالثمن تسعون، وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءاً من درهم.
$ $ $
الفصل السادس الإقالةُ التعريف: الإقالة في اللّغة([620]): الرّفع والإزالة، ومن ذلك قولهم: أقال اللّه عثرته إذا رفعه من سقوطه، ومنه الإقالة في البيع؛ لأنّها رفع العقد وحَلُّه. وهي في اصطلاح الفقهاء([621]): رفع العقد، وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطّرفين. حكم الإقالة التّكليفيّ: الإقالة دائرةٌ بين النّدب والوجوب بحسب حالة العقد. فإنّها تكون مندوباً([622]) إليها: إذا ندم أحد الطّرفين؛ لحديث رَسُولِ اللَّهِ r: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ"([623])، وقد دلّ الحديث على مشروعيّة الإقالة، وعلى أنّها مندوبٌ إليها؛ لِوَعْدِ المقيلين بالثّواب يوم القيامة، وأمّا كون المقال مسلماً فليس بشرطٍ، وإنّما ذكره لكونه حكماً أغلبيّاً، وإلاّ فثواب الإقالة ثابتٌ في إقالة غير المسلم، وقد ورد بلفظ: "مَنْ أَقَالَ نَادِمَاً... "([624]). وتكون الإقالة واجبةً([625]): إذا كانت بعد عقدٍ مكروهٍ أو بيعٍ فاسدٍ؛ لأنّه إذا وقع البيع فاسداً أو مكروهاً وجب على كلٍّ من المتعاقدين الرّجوع إلى ما كان له من رأس المال صوناً لهما عن المحظور؛ لأنّ رفع المعصية واجبٌ بقدر الإمكان، ويكون ذلك بالإقالة أو بالفسخ، كما ينبغي أن تكون الإقالة واجبةً([626]) إذا كان البائع غارّاً للمشتري وكان الغبن يسيراً، وإنّما قيّد الغبن باليسير هنا؛ لأنّ الغبن الفاحش يوجب الرّدّ إن غرّه البائع على الصّحيح. ركن الإقالة([627]): ركن الإقالة الإيجاب والقبول الدّالاّن عليها. وتصح بلفظها، وبلفظ المصالحة([628]). شروط الإقالة: يشترط لصحّة الإقالة ما يلي: أ - رضا المتقايلين([629]): لأنّها رفع عقدٍ لازمٍ، فلا بدّ من رضا الطّرفين. ب - اتّحاد المجلس([630]): لأنّ معنى البيع موجودٌ فيها، فيشترط لها المجلس، كما يشترط للبيع. ج - أن يكون التّصرّف قابلاً للفسخ؛ كالبيع، والإجارة، فإن كان التّصرّف لا يقبل الفسخ كالنّكاح والطّلاق فلا تصحّ الإقالة([631]). د - بقاء المحلّ وقت الإقالة، فإن كان هالكاً وقت الإقالة لم تصحّ، فأمّا قيام الثّمن وقت الإقالة فليس بشرطٍ([632]). هـ - تقابض بدلي الصّرف في إقالة الصّرف، وهذا على قول من يقول: إنّها بيعٌ؛ لأنّ قبض البدلين إنّما وجب حقّاً للّه تعالى، وهذا الحقّ لا يسقط بإسقاط الإنسان له([633]). و - ألاّ يكون البيع بأكثر من ثمن المثل في بيع الوصيّ، فإن كان لم تصحّ إقالته([634]). حقيقتها الشّرعيّة: للفقهاء في تكييف الإقالة اتّجاهاتٌ: الاتجاه الأول([635]): أنّها فسخٌ في حقّ العاقدين، بيعٌ في حقّ غيرهما، وهو قولأبي حنيفة. وجه هذا القول أنّ: الإقالة تنبئ عن الفسخ والإزالة. الاتجاه الثاني([636]): أنّها بيعٌ في حقّ العاقدين وغيرهما، إلاّ إذا تعذّر جعلها بيعاً؛ فإنّها تكون فسخاً، وهذا قول أبي يوسف من فقهاء الحنفية وقول فقهاء المالكية، ومن أمثلة ذلك أن تقع الإقالة في الطّعام قبل قبضه. وجه هذا القول أنّ معنى البيع هو مبادلة المال بالمال، وهو أخذ بدلٍ وإعطاء بدلٍ، وقد وجد، فكانت الإقالة بيعاً لوجود معنى البيع فيها، والعبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ والمباني. الاتجاه الثالث([637]): أنّها فسخٌ ينحلّ به العقد في حقّ العاقدين وغيرهما، وهو قول عند فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة ومحمّد بن الحسن من فقهاء الحنفية. وجه هذا القول أنّ الإقالة في اللّغة عبارةٌ عن الرّفع، ورفع العقد فسخه، ولأنّ البيع والإقالة اختلفا اسماً، فتخالفا حكماً.
$ $ $
الفصل السابع الربا التّعريف : الرّبا في اللّغة([638]): اسم مقصور، وهو من ربا يربو ربواً، وينسب إليه فيقال: ربويّ، والأصل في معناه الزّيادة، يقال: ربا الشّيء إذا زاد، ومن ذلك قول اللّه تبارك وتعالى: ]يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ[[البقرة: 276]. والرّبا في اصطلاح الفقهاء: عرّفه فقهاء الحنفية بأنّه([639]): فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال. وعرّفه فقهاء الشافعية بأنّه([640]): عقد على عوضٍ مخصوصٍ غير معلوم التّماثل في معيار الشّرع حالة العقد أو مع تأخيرٍ في البدلين أو أحدهما. وعرّفه فقهاء الحنابلة بأنّه([641]): تفاضل في أشياء، ونَسَأٌ في أشياء، مختصّ بأشياء ورد الشّرع بتحريمها – أي: تحريم الرّبا فيها - نصّاً في البعض، وقياساً في الباقي منها. وأما فقهاء المالكية فقد عرَّفوا كلّ نوعٍ من أنواع الرّبا على حدةٍ. الحكم التّكليفيّ: الرّبا محرّم([642]) بالكتاب والسّنّة والإجماع، وهو من الكبائر، ومن السّبع الموبقات، ومن استحلّه فقد كفر - لإنكاره معلوماً من الدّين بالضّرورة - فيستتاب، فإن تاب وإلاّ قتل، أمّا من تعامل بالرّبا من غير أن يكون مستحلاً له فهو فاسق. والرّبا لم يحلّ في شريعةٍ قطّ لقوله تعالى: ]وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ[ [النساء: 161]، يعني في الكتب السّابقة([643]). ودليل التّحريم من الكتاب قول اللّه تبارك وتعالى: ]وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[[البقرة: 275]، وقوله عزّ وجلّ: ]الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ[[البقرة: 275]([644]). ودليل التّحريم من السّنّة أحاديث كثيرة، منها: حديث رسول الله r: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟، قَالَ: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ"([645]). وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ r آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: "هُمْ سَوَاءٌ"([646]). وأجمعت الأمّة على أصل تحريم الرّبا([647])، وإن اختلفوا في تفصيل مسائله وتبيين أحكامه وتفسير شرائطه. وقد أُثِرَ عن السّلف أنّهم كانوا يحذّرون من الاتّجار قبل تعلّم ما يصون المعاملات التّجاريّة من التّخبّط في الرّبا، ومن ذلك قول عمر: لا يتّجر في سوقنا إلاّ من فقه، وإلاّ أكل الرّبا([648])، وقول عليٍّ: من اتّجر قبل أن يتفقّه ارتطم في الرّبا ثمّ ارتطم ثمّ ارتطم، أي: وقع وارتبك ونشب([649]). وقد حرص الشّارع على سدّ الذّرائع المفضية إلى الرّبا([650])؛ لأنّ ما أفضى إلى الحرامِ حرامٌ([651])، وكلّ ذريعةٍ إلى الحرام هي حرام([652]). من حِكَم تحريم الربا: ما يتضمنه الربا من ضرر اجتماعي، وظلم اقتصادي، وأكل لأموال الناس بالباطل، من غير جهد ولا عمل، كما أن الربا أحد أهم أسـباب التضخم النقـدي، وتكديس الثروات بأيدي قلة من الناس، يتحكَّمون بالآخرين([653]). أنواع الربا: الربا إما أن يكون عن طريق القرض، أو يكون عن طريق البيع. أما ربا القرض([654]) : فهو ناشيء عن كل قرض مشروط فيه جر نفع للدائن (المعطي)، أو للدائن (المعطي) والمدين (الآخذ)، أو تعارف الناس هذا النفع، ويسمى هذا النوع من الربا: (ربا الفضل).
وأما ربا البيوع، فهو نوعان: ربا الفضل([655])، وهو بيع النقد بالنقد من جنسه، مع الزيادة، أو بيع الطعام بالطعام من جنسه، مع الزيادة، وقد حُرِّم سداً للذرائع؛ حتى لا يكون طريقاً لربا النسيئة، ودفعاً للغبن عن الناس، ولمنع الإضرار عنهم. وربا النسيئة([656])، هو الزيادة المأخوذة بسبب تأجيل الدَّين المستَحَق إلى وقت في المستقبل، سواء أكان الدَّين ثمن مبيع أم قرضاً نقدياً، وهو الربا الجلي: أتقضي أم تربي؟، وهذا ما يجري عليه العمل في البنوك عامة، من خلال الفائدة المركبة. أثر الرّبا في العقود: ذهب الفقهاء([657]) إلى أنّ العقد الّذي يخالطه الرّبا مفسوخ لا يجوز بحالٍ، وأنّ من أربى يُنْقَضُ عقده ويردّ فعله وإن كان جاهلاً؛ لأنّه فعل ما حرّمه الشّارع ونهى عنه، والنّهي يقتضي التّحريم والفساد([658])، وقد قال رسول الله r: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ"([659]). ولحديث أبي سَعِيدٍ الخدريّ قال: "جَاءَ بِلاَلٌ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ فَقَالَ بِلاَلٌ: تَمْرٌ كَانَ عِنْدَنَا رَدِيءٌ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِمَطْعَمِ النَّبِيِّ r فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r عِنْدَ ذَلِكَ: " أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ التَّمْرَ فَبِعْهُ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ"([660])، فقوله r: "أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا"، أي: هو الرّبا المحرّم نفسه لا ما يشبهه، وقوله: "فَهُوَ رَدٌّ"، يدلّ على وجوب فسخ صفقة الرّبا وأنّها لا تصحّ بوجهٍ([661]). وقول رسول اللّه r: "وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ رِباً أَضَعُ رِبَانَا: رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ"([662])، قال النّوويّ: المراد بالوضع: الرّدّ والإبطال([663]). الأصناف التي يدخلها الربا: الذهب والفضة، والقمح، والشعير، والتمر، والملح، وهي المنصوص عليها في حديث رسول الله r: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ؛ مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَداً بِيَدٍ؛ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَداً بِيَدٍ"([664]). علّة تحريم الرّبا في الأجناس المنصوص عليها: عند فقهاء الحنفية([665]): العلّة: الجنس والقدر. وقد عُرِف الجنس بقوله r: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ،... وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ"([666])، وعُرِف القَدْر بقوله r: "مِثْلاً بِمِثْلٍ"([667])، ويعني بالقَدْر الكيل فيما يكال، والوزن فيما يوزن لقولـه r: "إنَّ الرِّبَا إِنَّمَا هُوَ فِي الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَفِيمَا يُكَالُ وَيُوْزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ"([668])، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ الأَنْصَارِيَّ فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r: "أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا"؟، قَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إِنَّا لَنَشْتَرِي الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ مِنْ الْجَمْعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "لاَ تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ مِثْلاً بِمِثْلٍ، أَوْ بِيعُوا هَذَا وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا، وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ"([669])، وهذا عامّ في كلّ مكيلٍ، سواء أكان مطعوماً أم لم يكن. وعند فقهاء المالكية([670]): علّة الرّبا في الذهب والفضة (النّقود): الثّمنيّة. وعلّة ربا الفضل في الطّعام: الاقتيات والادّخار، والاقتيات: قيامُ بنيةِ الآدميّ به – أي: حفظها وصيانتها - بحيث لا تفسد بالاقتصار عليه، وفي معنى الاقتيات إصلاح القوت كملحٍ وتوابل، والادّخار: عدم فساده بالتّأخير إلى الأجل المبتغى منه عادةً، والمرجع فيه العرف. وعلّة ربا النّساء: مجرّد الطّعم ولو على وجه التّداوي، فتدخل الفاكهة والخضر؛ كبطّيخٍ وقثّاءٍ ونحو ذلك. وعند فقهاء الشافعية([671]): علّة تحريم الرّبا في الذّهب والفضّة: كونهما جنس الأثمان غالباً. والعلّة في تحريم الرّبا في الأجناس الأربعة وهي: البرّ والشّعير والتّمر والملح: أنّها مطعومة، والدّليل قول رسول الله r: "الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ"([672])، فقد علّق الحكم بالطّعام الّذي هو بمعنى المطعوم، والمراد بالمطعوم: ما قصد لطعم الآدميّ غالباً؛ وإن لم يؤكل إلاّ نادراً، والطّعم يكون اقتياتاً أو تفكّهاً أو تداوياً، فالبرّ والشّعير يُقصد منهما: التّقوّت، ويُلحق بهما ما في معناهما كالأرز والذّرة، ويُقصد بالتّمر: التّفكّه والتّأدّم، فألحق به ما في معناه كالتّين والزّبيب، ونصّ على الملح: للإصلاح، ويلحق به ما في معناه، ولا فرق بين ما يُصْلِح الغذاء وما يُصْلِح البدن، فالأغذية لحفظ الصّحّة والأدوية لردّ الصّحّة. وروي عن أحمد بن حنبلٍ في علّة تحريم الرّبا في الأجناس السّتّة ثلاث رواياتٍ: أشهرها([673]): أنّ علّة الرّبا في الذّهب والفضّة كونهما موزوني جنسٍ، وفي الأجناس الباقية كونها مكيلات جنسٍ. والرّواية الثّانية([674]): أنّ العلّة في الأثمان الثّمنيّة، وفيما عداها كونه مطعوم جنسٍ فيختصّ بالمطعومات؛ لقول رسول الله r: "الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ"([675]). والرّواية الثّالثة([676]): العلّة فيما عدا الذّهب والفضّة: كونه مطعوم جنسٍ مكيلاً أو موزوناً. هذا، ويُلحق بالذهب والفضة: النقود اتفاقاً، على اختلاف أنواعها؛ فهي أثمان المبيعات، والثّمن هو المعيار الّذي يعرف به تقويم الأموال، فيجب أن يكون محدوداً مضبوطاً لا يرتفع ولا ينخفض؛ إذ لو كان الثّمن يرتفع وينخفض كالسّلع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات، بل الجميع سلع، وحاجة النّاس إلى ثمنٍ يعتبرون به المبيعات حاجة ضروريّة عامّة، لا إلى سلعة يرتفع وينخفض ثمنها، فتفسد معاملات النّاس ويقع الخُلْفَ ويشتدّ الضّرر، والأثمان لا تقصد لأعيانها، بل يقصد التّوصّل بها إلى السّلع، وكل محاولة لجعل النقود سلعاً تقصد لأعيانها يؤدي إلى فساد أمر النّاس. قرار مجمع الفقه الإسلامي، بخصوص أحكام العملات الورقية([677]): أنها نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة؛ من حيث أحكام الربا، والزكاة، والسَّلَم، وسائر أحكامهما. ويُلحق بالأصناف الأربعة الأخرى: كل مُدَّخر من المطعومات على قول فقهاء المالكية، أو كل مطعوم على قول فقهاء الشافعية، أو كل ما يمكن قياسه على رأي فقهاء الحنفية والحنابلة.
ويمكن تلخيص علة تحريم الربا بالجدول الآتي:
شروط تبادل الأموال الربوية: أ - عند اتحاد الجنس([678]): يصح تبادل الأموال الربوية بشرطين: الشرط الأول: التساوي في الكمية والمقدار (المماثلة)، دون النظر إلى الجودة والرداءة، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ r بِتَمْرٍ، فَقَالَ: "مَا هَذَا التَّمْرُ مِنْ تَمْرِنَا؟"([679])، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِعْنَا تَمْرَنَا صَاعَيْنِ بِصَاعٍ مِنْ هَذَا"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "هَذَا الرِّبَا، فَرُدُّوهُ، ثُمَّ بِيعُوا تَمْرَنَا وَاشْتَرُوا لَنَا مِنْ هَذَا"([680]). الشرط الثاني: التقابض في مجلس العقد، أو عدم تأجيل أحد البدلين. ب - عند اختلاف الجنس([681]): يصح تبادل الأموال الربوية بشرط التقابض في مجلس العقد، أو عدم تأجيل أحد البدلين. حكم التعامل المصرفي بالفوائد، وحكم التعامل بالمصارف الإسلامية([682]) بعد أن عُرِضَت على مجمع الفقه الإسلامي بحوث مختلفة في التعامل المصرفي المعاصر، وبعد التأمل فيما قدم ومناقشته مناقشة مركزة أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على النظام الاقتصادي العالمي، وعلى استقراره خاصة في دول العالم الثالث، وبعد التأمل فيما جرَه هذا النظام من خراب نتيجة إعراضه عما جاء في كتاب الله من تحريم الربا جزئياً وكلياً واضحاً بدعوته إلى التوبة منه، وإلى الاقتصاد على استعادة رؤوس أموال القروض دون زيادة ولا نقصان قل أو كثر، وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله ورسوله للمرابين، قرر ما يلي: أولاً: أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله،وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد. هاتان الصورتان ربا محرم شرعاً. ثانياً: أن البديل الذي يضمن السيولة المالية والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التي يرتضيها الإسلام هو التعامل وفقاً للأحكام الشرعية. ثالثاً: قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية، والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامي لتغطي حاجة المسلمين؛ كي لا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته. الربا وعلاقته بالمصارف قديماً وصف حكماء الأمة الديونَ بأنها همٌّ بالليل وذلٌّ بالنهار، والتقارير الاقتصادية تؤكد أن الديون على الدول العربية والإسلامية في تزايد مستمر، وأن الدول الغربية الدائنة تستخدم كل الوسائل المباحة وغير المباحة لكي تتفاقم مشكلة الديون ولِتُضَاعِفَ السيطرة والهيمنة والاستغلال. فقد بلغت الديون العربية في عام 2002م، (629 مليار دولار)؛ تستنـزف من ثروات الأمة ما قيمته مليار دولار سنوياً خدمة للديون، وتؤكد التقارير: أن الديون العربية تزيد نحو 500 ألف دولار كل دقيقة. وقد تحولت المشكلة إلى ورم سرطاني في جسد الأمة، وشبحاً يهدد مستقبل الأمة، وقد تضاعفت الديون في العقدين الأخيرين سبع مرات. ففي عام 1980م كانت الديون الخارجية تمثل 12% من الناتج المحلي الإجمالي العربي، أما الآن فتمثل 46% من الناتج المحلي الإجمالي العربي. فالاستدانة نفق مظلم؛ لا تعرف نهايته، وطوال الوجود داخل النفق يشعر السائر بالخوف المستمر من أي طارئ مفاجئ. فالبداية كانت مفروشة بالورود، وأن المدين قادر على الاستفادة من الدَّين في التنمية وإعادة البناء، وهذه هي النهاية. ينطبق الأمر على الأفراد وعلى الشعوب؛ كل ذلك بسبب الفوائد المتراكمة، والربا المجحف، والزيادة الظالمة. موقف الإسلام من الربا: لم يوافق الإسلام على أن يكون رأس المال النقدي مُكْسِبَاً بذاته، على نحو إجارة الدور أو الآلات التي تدخل في الإنتاج وتُؤخذ الأجرة عليها. ولسائل أن يسأل: إذن كيف يتمكن المالك لرأس مال نقدي أن ينميه؟. الجواب: إن رأس المال النقدي قد جَعَلَ له الإسلام طريقاً للتنمية، وذلك بدخوله مع عناصر الإنتاج الأخرى، ففي التجارة (إما أن يتاجر فيه صاحبه، وإما أن يعطيه لمن يتاجر به، على أن تكون نسبة مئوية لصاحب المال ونسبة مئوية أيضاً للعامل). وإذا خسر المشروع فلا يجوز أن يجبر العامل على تحمل الخسارة النقدية، وإنما حدد الشرع الخسارة على صاحب المال النقدي، أما العامل فقد خسر عمله وجهده وهو ما يملكه، وهذه العملية هي التي تسمى بالمضاربة أو القراض. وفي الحقيقة : إن المضارب عامل يعمل بأموال غيره، فعندما يحولها إلى أعيان بالشراء ويبيعها، فكل الربح يكون لصاحب المال حيث إن ماله قد تحول إلى مال آخر، فيستحق كل الربح، وبما أنه قد تعهد أن يعطي للعامل نسبة من الربح، فهو قد تنازل عن شيء من أمواله التي يملكها لهذا العامل حسب الاتفاق السابق في العقد. كما أن للعامل أن لا يوافق على عقد المضاربة، بل يتفق مع صاحب المال على العمل في التجارة بأموال صاحب المال لقاء أجر ثابت، وبذلك يدفع عن نفسه احتمال الخسارة في عمله. وقد أجاز الشارع لعمل العامل كلا الطريقين، ولكن يمتاز طريق الأجر بعنصر الضمان على أجره بقطع النظر عن نتائج العمل وما يسفر عنه الإنتاج من مكاسبأو خسائر. وأما طريق المشاركة في الأرباح بنسبة مئوية، بأمل الحصول على مكافأة أكبر؛ فحقيقته أن العامل قد ربط مصيره بالعملية التي يمارسها وفقد بذلك الضمان؛ إذ إنه من المحتمل أن لا يحصل على شيء إذا لم يربح المشروع التجاري، ولكنه في مقابل تنازله عن الضمان يفوز بمكافأة منفتحة، غير محددة، تفوق الأجر المحدد في أكثر الأحيان. ثم إن من نافلة القول تأكيد أن عقد المضاربة إنما يصح في التجارة بالمال النقدي، فالمال من فرد والعمل من آخر، أو المال من جماعة والعمل من جماعة ثانية، والربح نسبة محددة والخسارة على ربّ المال، والعمال خسروا العمل، ولا يصح تضمين العمال للخسارة. الفرق بين الربا والربح الحلال : من النص القرآني: ]الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[[البقرة: 275]. نتائج مهمة:
وأخص خصائص البيع التي نشأ عنها حل الربح، أنه معاوضة بين شيئين مختلفي المنافع والصفات، أحدهما نقد والآخر شيء، إما منقول أو عقار، والبائع يُعَرِّض ماله لمخاطر الكسب والخسارة، واحتمال كساد السلعة وفسادها، أو هلاكها كلياً أو جزئياً، وإنفاقه بعض ماله، وبذل جهده في جلبها وحفظها وعرضها للبيع، فالبائع يخاطر بأمواله في عمل منتج نافع ومفيد بالزراعة أو الصناعة، أو التجارة، أو المشاركة مع غيره في شيء من ذلك.
ضابط التفرقة بين الربا والربح : يستفاد من علة وخصائص كل من ربا الدين المحرم، وربح البيع الحلال، وجود ضابط لا يتخلف أبداً للتفرقة بين الأمرين هو: أن أي معاملة كانت، وأياً كان مسماها، إذا نتج عنها وجود مبلغ مالي مؤجل السداد ثابت في ذمة الطرفين ومضمون الرد بمثله، كان هذا المال ديناً، وكان صاحبه دائناً، والطرف الآخر مديناً، وأي زيادة على هذا المال تعتبر رباً محرماً. أما إذا كانت المعاملة لا تتضمن وجود مبلغ مالي مؤجل السداد، وكان الطرف المسؤول عن رد المال أميناً على مال صاحبه غير ضامن له لو هلك أو خسر، وتقاسما معاً الربح قل أو كثر، كان صاحب المال شريكاً، وكانت العملية شركة مشروعة، وكانت الزيادة على رأس المال ربحاً حلالاً. ومفهوم ذلك: أن العبرة هي بتوفر خصائص وطبيعة المركز القانوني والشرعي لكل من طرفي العلاقة المالية في الواقع العملي من حيث كونها علاقة دائنية ومدينية، أو علاقة مشاركة حقيقية.
حقيقة الفوائد البنكية وأصول التعامل المصرفي فيالأموال: إن أهم العمليات الاقتصادية للبنوك هي عملية جمع الأموال من أصحابها، ثم إقراضها لأرباب المشروعات وأصحاب الحاجات الشخصية. فالاقتصاديون والمصرفيون يؤكدون: إن مهمة البنوك الأساسية، هي الاتجار في الائتمان أخذاً وعطاءً. ويقولون: إن مفهوم الائتمان هو الإقراض إلى أجل، وسُمي بالائتمان؛ لأن أساسه الثقة، وأهم سلعة لعملية الائتمان هي النقود، وثمن النقود هو الفائدة، وتجسيداً لهذا المفهوم يطلق على مقدار الفائدة: اصطلاح سعر الفائدة، أي: السعر المحدد ثمناً للنقود. وتقطع الدراسات الاقتصادية والعملية أنه لا صلة إيجابية مباشرة إطلاقاً بين سعر الفائدة، وربح الدَّين، أو خسارته. وأن سعر الفائدة يتحدد نتيجة عوامل أخرى كثيرة غير الربح والخسارة أهمها حالات الرواج والكساد، وكمية العرض والطلب للنقود، وقوانين الدولة، والمصالح الشخصية لأصحاب المصارف والمؤسسات المالية والمضاربات في سوق الأوراق المالية، والسعر العالمي للفائدة. وتتم عملية الاتجار في الائتمان على مرحلتين: المرحلة الأولى: جمع الأموال من المدخرين بفائدة، وتسمى الإيداع أو الودائع، وهذه التسمية غير حقيقية؛ لأن هذه الأموال تسجل لدى البنك على أنها إيرادات دائنة، العميل فيها دائن والبنك فيها مدين، فهذه الإيرادات تدخل ذمة البنك المدينة، ويتملكها ملكية كاملة، ويستثمرها البنك لحساب نفسه، وربحها أو خسارتها له أو عليه وحده، وليس للعميل الدائن إلا رأس ماله وفائدته. بل إن القوانين والأصول المصرفية لا تسمح للبنوك بأن تدخل شريكاً بالربح والخسارة في أي مشروعات، إلا في نطاق محدود جداً من رأس المال، وبشرط أن تكون عمليات مضمونة لا مخاطرة فيها كبعض العمليات العقارية. ويوجد لدى البنك نظام خاص للودائع الحقيقية يتقاضى عنها أجراً، ويتمثل وإذن فطبيعة هذه الودائع هي طبيعة القرض والدين الثابت في الذمة بكل خصائصه الشرعية والقانونية. المرحلة الثانية: هي توزيع الأموال على المحتاجين من أصحاب الأعمال، أو المستهلكين لبعض السلع فقط، وتتم عن طريق الإقراض بفائدة أعلى. وهي أيضاً عملية مداينة، البنك فيها دائن، وأصحاب الأعمال مدينون، وليس للبنك إلا رأس مال القرض وفائدته، سواء ربح صاحب المشروع أو خسر. ويكسب البنك الفرق بين فائدتي الإيداع والإقراض. وتفيد ميزانيات البنوك أنه ما بين 70% إلى 80% على الأقل من أرباح البنوك تتم عن طريق عملية الإقراض للمحتاجين. ويقوم نظام البنوك على أن سداد المدين لجزء من دينه، يخصم أولاً من الفوائد المتراكمة، وهو عادة لا يستطيع الوفاء بها كاملة، ويفاجأ المدين بعد عدد من السنين أنه أوفي للبنك بقيمة الدين كاملاً، ولكن الدين باق على حاله كاملاً، بالإضافة إلى جزء من الفوائد، ويؤول الأمر إلى مديونية دائمة تمتص عائد جهده، ولا فكاك له منها، وتؤدي بمشروعه إلى كارثة اقتصادية. بعض الاقتصاديين الغربيين، وعلى رأسهم الاقتصادي الكبير «كينـز»، يرون أن الفائدة تعوق النمو الاقتصادي، وتعطل حركة الأموال . الفصل الثامن التأمينالتعريف: التأمين لغة: من مادة أَمِن يأمن أمناً، إذا وثق وركن إليه، وأمّنه إذا جعله في الأمن فكان بذلك آمناً، يقال أمّن على ماله عند فلان تأميناً، أي جعله في ضمانه، وهو ضد الخوف، قال الله تعالى: ]وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف[[قريش: 4]. والتأمين التجاري اصطلاحاً([683]): هو نظام تعاقدي يقوم على أساس المعاوضة؛ غايته: التعاون على ترميم أضرار المخاطر الطارئة بوساطة هيئات منظمة تزاول عقوده بصورة فنية قائمة على أسس وقواعد إحصائية. ولقد ظهرت الحاجة إلى التأمين وقويت في هذا العصر للأسباب التالية([684]): 1- غياب الدولة التي تتولى مساعدة الناس عند نزول الضرر بهم؛ بغية تحقيق الاستقرار في المجتمع، لا من أجل تحقيق الربح. 2- فقدان المجتمع المتكافل الذي يَهُبُّ أعضاؤه لإغاثة الملهوف منهم، ومساعدة المصاب؛ حتى يخف عنه أثر المصيبة.
المبحث الأول: التأمين التجاري : ويسمى: (التأمين ذو القسط الثابت) وهو: عقد بين طرفين، أحدهما يسمى: المؤمِّن، والثاني: المؤمَّنله أو المستأمِن؛ يلتزم فيه المؤمِّن بأن يؤدي إلى المؤمَّنلمصلحته مبلغاً من المال، أو إيراداً مرتباً، أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث، أو تحقق خطر مبيّن في العقد، وذلك في مقابل قسط أو أية دفعة مالية أخرىيؤديها المؤمَّن له إلى المؤمِّن. وأول من تعرَّض من فقهاء المسلمين إلى أحكام عقد التأمين الفقيه ابن عابدين حيث ذكر في كتابه المسمَّى: حاشية ابن عابدين، قال: (والذي يظهر لي أنه لا يَحِلَّ للتاجر أخذ بدل الهالك من ماله؛ لأن هذا التزام ما لا يلزم) ([685]). ويقصد بقوله (التزام ما لا يلزم): بُطلان التزام التاجر (المُقْرِض) بخسارة ماله في حال هلاك السفينة، وبُطلان التزام صاحب السفينة (المُقْتَرِض) بردّ مبلغ الفائدة الربوية في حال نجاة السفينة، فالعقد من أساسه باطل؛ لما فيه من ضياع الحقوق، وأكل الأموال بالباطل. لذا، يمكن القول بأن جميع أنواع التأمين التجاري تندرج تحت الربا الصريح دون شك، فهي بيع نقود بنقود أقل منها أو أكثر مع تأجيل أحد النقدين، ففيها ربا الفضل وفيها ربا النسيئة؛ لأن أصحاب التأمين يأخذون نقود الناس ويَعِدُونَهم بإعطائهم نقوداً؛ أقل أو أكثر؛ متى وقع الحادث المعيَّن المؤمَّن ضده، وهذا هو الربا. التأمين بأنواعه في حقيقته ميسر وقمار، والجهالة والغرر ظاهران فيه، ومن القواعد الفقهية أنه (إذا دار الأمر بين غنم وغرم فهو مَيْسِرٌ)([686]) ومن المعروف في معاملات التأمين أن المشترك قد يدفع الأقساط لسنوات ثم هو لا يأخذ مقابل ذلك شيئا بسبب عدم تعرضه لحادث أو طارئ يأخذ لأجله العوض، وفي الوقت نفسه قد يدفع المشترك قسطاً أو قسطين ثم يصاب بحادث مثلاً، فيأخذ لأجل ذلك أضعاف ما قد دفعه، وهذا طبعاً على حساب من كان مشتركاً من سنوات، وبشأن تحريم الميسر يقول تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[[المائدة: 90-91]. وعقد التأمين يفُضي إلىاستهتار الناس المؤمن لهم بالأموال، وعدم مبالاتهم بها؛ حيث يعلمون أن شركات التأمين ستدفع لهم عند حدوث حادث، وفي هذا إتلاف للأموال والأنفس، فتعم الفوضى واللامبالاة. فالتأمين التجاري بجميع أنواعه وصوره عملية احتيالية لأكل أموال الناس بالباطل، وقد أثبتت إحدى الإحصائيات الدقيقة لأحد الخبراء الألمان أن نسبة ما يعاد إلى الناس إلى ما أخذ منهم لا يساوي إلا 2.9%. ويقول خبير التأمين (ملتون آرثر): إن نسبة ما يعاد إلى المؤمن لهم في التأمين على الحياة 1.3% من قيمة الأقساط([687]). وأسجل هذا الاستطلاع في الرأي العام الذي قام به أحد الباحثين في مصر، وألمانيا، وأوروبا، وأمريكا، وكانت نتيجته ما يلي([688]): 55 % تقريباً يقولون: إن شر التأمين يغلب خيره، و25% يقولون: إنه شر لا خير فيه، و15% يقولون: إن خيره يساوي شره، و5 % فقط هم الذين يُغَلِّبون خيرهعلى شره. شبهات وردود حول التأمين: وأما القول بأن التأمين التجاري من باب المصالح المرسلة، أو إنزاله منـزلة البراءة الأصلية، أو أنه من باب الضرورة الشرعية، فهو كلام منقوض لا يستقيم؛ فالمصلحة المرسلة هي: ما لم يشهد الشرع صراحة باعتباره أو إهداره بدليل خاص لكن دلت عليه الأدلة الكلية، و في الوقت نفسه قامت الأسباب والدواعي على فعله والحاجة إليه من غير مناقضة لأصل شرعي، ولا يخفى - على ما سبق من معنى المصلحة المرسلة - أن التامين التجاري أبعد ما يكون عن الجواز؛ لما علم من الفرق العظيم بينه وبين التأمين التجاري الذي جاءت الأدلة العامة والخاصة على نقض هذا النوع من المعاملات؛ لكونها ميسر أو أقرب ما تكون إلى الميسر، وهذا عداك عما فيها من الغرر ومن شبهة الربا في بعض صوره. وأما أنها على البراءة الأصلية، فباطل؛ فليس الميسر على أصل البراءة الأصلية كما لا يخفى. وأما أنها ضرورة شرعية فلا يصح أيضا، فإن ما أباحه الله من طرق كسب الطيبات أكثر أضعافا مضاعفه مما حرمه الله علينا، فليس هناك ضرورة تجيء إلى ما حرمته الشريعة؛ ففي الحلال كفاية عن الحرام. قرار مجمع الفقه الإسلامي([689]) تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك للأدلة الآتية: الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش؛ لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي، أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً، أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمِن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً، فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمِن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم النهي عن بيع الغرر([690]). الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة؛ لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل، أو مقابل غير مكافئ؛ فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين، ثم يقع الحادث، فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً، ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[ [المائدة: 90-91]. الثالث: عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسأ؛ فإن الشركة إ ذا دفعت للمستأمن، أو لورثته، أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها، فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة، فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع. الرابع: عقد التأمين التجاري من الرهان المُحَرَّم؛ لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام، وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي r رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله r: "لاَ سَبَقَ إِلاَّ فِي خُفٍّ، أَوْ فِي حَافِرٍ، أَوْ نَصْلٍ"([691])، وليس التأمين من ذلك، ولا شبيهاً به فكان محرماً. الخامس: عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذ المال بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم؛ لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[[النساء: 29]. السادس: في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً؛ فإن المُؤَمِّن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، والمؤمِّن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً. قرر المجمع الفقهي([692]) تحريمَ التأمينِ المتعارف عليه اليوم بأنواعه، وإليك نص القرار: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فإن مجمع الفقه الإسلامي قد نظر في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك وبعدما اطلع أيضا على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة المنعقدة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/1397هـ من التحريم للتأمين بأنواعه وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر المجلس بالأكثرية: تحريم التأمين بجميع أنواعه سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك من الأموال. كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التأمين التعاوني بدلاً من التأمين التجاري المحرم. المبحث الثاني: التأمين على الحياة : إن عقد التأمين على الحياة هو: أن يدفع المستأمن للشركة قسطاً معيناً لمدة محددة، فإذا توفي خلال هذه المدة؛ فإن الشركة تدفع لورثته التعويض المتفق عليه، وإن توقف عن دفع بعض الأقساط خسر كل ما دفعه، وإن استمر على التأمين بعد انتهاء المدة نال ربحاً محدداً على ما دفع من أقساط. حكم التأمين على الحياة: إن هذا العقد بهذه الصفة باطل قطعاً، ووسائل البطلان محيطة به من جميعجهاته، منها: - أنه تسليم دراهم مُقَسَّطة في دراهم أكثر منها مؤجلة قد يتحصل عليها، وقد تفوت عليه. - وأنه يشبه عقد المَيْسِر (القمار) حقيقة ومعنى. - وأنه فوق ذلك لا تقتضيه الحاجة ولا توجبه المصلحة. وأما الادعاء بأن العقد يقع بالتراضي، يُرَدُّ بأن جميع العقود المحرمة تقع بالتراضي، ولا يحللها رضى المتعاقدين. وأما الادعاء بأن الشركة تدفع العوض بالرضا؛ فلا تقع عداوة ولا بغضاء، ليس على إطلاقه، بل قد تقع العداوة والبغضاء في حالات كثيرة، فالتأمين على الحياة والقمار سواء في الحكم. وأما الادعاء أن المستأمِن يُخَلِّف المال لأولاده الضعاف؛ فإن حُسْنَ المقاصد لا يبيح المحرمات، يقول الله تعالى: ]إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا[[النساء: 135]. ويمكن إجراء التأمين على الحياة بالصيغة التكافلية، التأمين التعاوني. المبحث الثالث: التأمين الإلزامي : إذا قررت الدولة إلزام الناس على التأمين في مجال من المجالات فما موقف المسلم؟ الجواب: إذا قررت الدولة إلزام الناس على التأمين في مجال من المجالات، فهي حالة ضرورة مشروعة، إلا إذا كان يستطيع التهرب من التعامل في ذلكالمجال فليتهرب ما لم يلحقه عنت أو مشقة. مسألة: في حالة دخول الإنسان في التأمين الإلزامي الذي فرضته الدولة، هل يحل له أخذ التعويض من شركة التأمين إذا لحقه ضرر يوجب دفع التعويض له من قبل شركة التأمين؟ الجواب: اختلف العلماء في جواز أخذ التعويض على قولين: من العلماء من يقول: لا يجوز له أخذ التعويض إلا بقدر الأقساط التي دفعها لشركة التأمين فقط؛ لأن ما أخذ من الإنسان ظلماً يجوز له استرداده فهو حق له متى وجد إلى ذلك سبيلاً، ولا يزيد على ما هو حق له. ومن العلماء من يقول: إن للإنسان أخذ التعويض كاملاً ولو زاد على ما أخذ منه، وعللوا ذلك: بأن ما تأخذه شركات التأمين من مجموع الناس تأخذه ظلماً، ولا يعود إلى أصحابه، فإما أن يأخذ الشخص التعويض أو تستأثر به شركات التأمين ظلماً فيكون من باب: هو لك أو لأخيك أو للذئب. المبحث الرابع: التأمين التعاوني : إن الجائز من التأمين هو التأمين التعاوني، ودليل مشروعيته: أن النبي r قال: "إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ: جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ؛ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ"([693]). وصورته: اشتراك مجموعة من الناس في إنشاء صندوق لهم يمولونه بقسط محدد يدفعه كل واحد منهم، ويأخذ كل منهم من هذا الصندوق نصيباً معيناً إذا أصابه حادث معين. والفرق بينه وبين التأمين التجاري: أن الأموال المتجمعة من الأقساط تبقى ملكاً للجميع بدل أن تؤول إلى أصحاب الشركة، كما هو الحال في التأمين التجاري، مع العلم أيضا أن التأمين التعاوني الهدف منه هو تحقيق التكافل وقضاء حوائج المحتاج من المسلمين، فهو بهذا الشكل نوع من أنواع التكافل المحض الذي يحقق المصلحة للمسلمين. ويقوم هذا النوع على فكرة التعاون بين مجموعة من الأفراد يكوّنون جمعية ما؛ حيث يتحملون جميعاً مخاطر الكوارث والتعويض عنها، عن طريق توزيع ذلك التعويض بينهم بما يخفف من آثاره وعبئه على الفرد، وبمعنى آخر هو اتحاد يقوم بموجبه المؤمن لهم أنفسهم بالتعهد بدفع اشتراكات دورية وفق جدول متفق عليه؛ لتغطية الخسائر التي يتعرض لها بعضهم في حالات معينة محتمل حدوثها في المستقبل، ويكون هذا على سبيل التبرر والتبرع.فقد يقوم أهل حرفة واحدة أو أهل نمط واحد من أنماط العيش؛ كأصحاب السيارات الخاصة مثلاً، أو أصحاب سيارات الأجرة أو أهل النقابة حيث تضمن هذه الفئة أو هذه النقابة درء الخطر النازل على أحد المشتركينفيها. ومعنى ذلك أن يكون المستأمن هو في الوقت نفسه مؤمِّن (بالميم المشددة المكسورة)، فهو يؤمن غيره ونفسه، وغيره يصنع صنيعه، ولذلك سمي بالتأمين التبادلي التعاوني، ويكون جميع المشتركين هم أصحاب الجمعية، أو الاتحاد، أو الشركة فيحافظ كل منهم عليها، ويعمل على تقويتها، وقد يتبرع الرجل بعمله في تنظيم الدفاتر وقيد الحسابات، وهذا المناخ يمنع التحايل للابتزاز وأخذ مال غير مستحق, كما يحصل فيشركات التأمين التجاري. ويمكن أن يقوم هذا التأمين في كل موقع عمل أو تجمع بين الزراع، أو بين مالكي المصانع، أو بين العمال، أو التجار، أو أصحاب العقارات وهكذا، بحيث يؤلف كل جماعة فيما بينهم اتحاداً يؤمنهم تأميناً شاملاً، حسب النظام الذييرتضونه. التأمين الصحي([694]): إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي (دولة الإمارات العربية المتحدة) 30 صفر - 5 ربيع الأول 1426هـ، الموافق 9 - 14 نيسان (إبريل) 2005م. بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع التأمين الصحي، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،قرر ما يلي:
التأمين الصحي إما أن يتم عن طريق مؤسسة علاجية، أو عن طريق شركة تأمين تقوم بدور الوسيط بين المستأمن وبين المؤسسة العلاجية.
أ - إذا كان التأمين الصحي مباشراً مع المؤسسة العلاجية فإنه جائز شرعاً بالضوابط التي تجعل الغرر يسيراً مغتفراً مع توافر الحاجة التي تُنزل منزلة الضرورة لتعلق ذلك بحفظ النفس والعقل والنسل وهي من الضروريات التي جاءت الشريعة بصيانتها. ومن الضوابط المشار إليها:
ب - إذا كان التأمين الصحي عن طريق شركة تأمين إسلامي (تعاوني أو تكافلي) تزاول نشاطها وفق الضوابط الشرعية التي أقرها المجمع في قراره رقم 9(9/2) بشأن التأمين وإعادة التأمين، فهو جائز. ج- إذا كان التأمين الصحي عن طريق شركة تأمين تجاري فهو غير جائز، كما نص على ذلك قرار المجمع المشار إليه أعلاه.
على الجهات المختصة القيام بالإشراف والرقابة على عمليات التأمين الصحي بما يحقق العدالة ويرفع الغبن والاستغلال وحماية المستأمنين. التوصيات: يوصي مجلس المجمع بما يلي:
$ $ $
الفصل التاسع الصرف التعريف: الصرف في اللغة([695]): يأتي بمعان منها: رد الشيء عن الوجه، يقال: صرفه يصرفه صرفاً إذا رَدَّه، وصرفت الرجل عني فانصرف، ومنها: الإنفاق؛ كقولك: صرفت المال، أي: أنفقته، ومنها: البيع، كما تقول: صرفت الذهب بالليرات، أي: بعته، ومنها: الفضل والزيادة، ومنها: التوبة، في الحديث: "فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِماً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ؛ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ"([696])، ومنها: الحيلة، قال تعالى: ]فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً[[الفرقان: 19]. وفي الاصطلاح عرفه جمهور الفقهاء([697]): بأنه بيع الثمن بالثمن؛ جنساً بجنس، أو بغير جنس، فيشمل بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، كما يشمل بيع الذهب بالفضة. والمراد بالثمن: كل طاهر منتفَع به شرعاً؛ قبله الناس وسيطاً في التبادل ومقياساً لقيم الأشياء. وعرفه فقهاء المالكية([698]) بأنه: بيع النقد بنقد مغاير لنوعه؛ كبيع الذهب بالفضة، أما بيع النقد بنقد مثله، كبيع الذهب بالذهب، أو بيع الفضة بالفضة، فسموه باسم آخر حيث قالوا: إن اتحد جنس العوضين، فإن كان البيع بالوزن فهو المراطلة، وإن كان بالعدد فهو المبادلة. مشروعية الصرف: ورد في مشروعيته أحاديث صحيحة، منها: حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ؛ مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ؛ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ"([699])، أي: بيعوا الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل، وكذا البقية. شروط الصرف: تقابض البدلين، والخلو عن الخيار، والخلو عن اشتراط الأجل، والتماثل، وإليك التفصيل أولاً - تقابض البدلين: اتفق الفقهاء([700]) على أنه يشترط في الصرف تقابض البدلين من الجانبين في المجلس قبل افتراقهما. والأصل في ذلك: قوله e: "بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ، وَبِيعُوا الْبُرَّ بِالتَّمْرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ وَبِيعُوا الشَّعِيرَ بِالتَّمْرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَداً بِيَدٍ"([701]). وقد نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْناً([702]). ونهى أن يباع غائب بناجز، وقال e: "الْوَرِقُ بِالذَّهَبِ رِباً إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ"([703]). والافتراق المانع من صحة الصرف هو افتراق العاقدين بأبدانهما عن مجلسهما، فيأخذ هذا في جهة، وهذا في جهة أخرى، أو يذهب أحدهما ويبقى الآخر، حتى لو كانا في مجلسهما لم يبرحا عنه لم يكونا مفترقين وإن طال مجلسهما؛ لانعدام الافتراق بالأبدان، وكذا إذا قاما عن مجلسهما فذهبا معا في جهة واحدة إلى منـزل أحدهما، أو إلى الصراف فتقابضا عنده، ولم يفارق أحدهما صاحبه؛ جاز عند جمهور الفقهاء؛ لأن المجلس هنا كمجلس الخيار، كما حرره جمهور الفقهاء([704]). أنواع الصرف : النوع الأول : بيع أحد النقدين: (الذهب والفضة، العملة الورقية)([705]) بجنسه. اتفق الفقهاء([706]) على أنه إذا باع فضة بفضة أو ذهباً بذهب يجب أن يكون يداً بيد مِثْلاً بمثل في المقدار والوزن، فيحرم بيع النقد بجنسه تفاضلاً، كما يحرم بيعه بجنسه نَسَاءً، (أي: إلى أَجَلٍ). النوع الثاني - بيع أحد النقدين بالآخر: اتفق الفقهاء([707]) على جواز بيع أحد النقدين بالآخر متفاضلاً في الوزن والعدد، أو متساوياً. لكن يشترط في هذا النوع من الصرف أيضا التقابض في المجلس قبل الافتراق؛ لحرمة ربا النساء في جميع أنواع الصرف. وهذا هو النوع الوحيد الذي يسميه فقهاء المالكية([708]) بالصرف. النوع الثالث - الصرف على الذمة أو في الذمة: هذا النوع من الصرف عدة صور: الصورة الأولى: أن تشتري من رجل ليرات بريالات في مجلس، ثم تستقرض أنت الريالات من رجل آخر إلى جانبك، ويستقرض هو الليرات من رجل إلى جانبه، فتدفع إليه الريالات التي استقرضتها، وتقبض الليرات التي استقرضها.فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه([709]): صح الصرف إذا تقابضا في المجلس؛ لأن القبض في المجلس يجري مجرى القبض عند العقد، وكذلك يصح الصرف عندهم إذا كان نقد أحدهما حاضراً واستقرض الآخر. وقال فقهاء المالكية([710]): إن تسلفا فالعقد فاسد؛ لأن تسلفهما مظنة الطول المخل بالتقابض، وإن تسلف أحدهما وطال فكذلك، وإن لم يطل جاز عند ابن القاسم، ولم يجزه أشهب، قال الحطاب: ولقبت المسألة: بالصرف على الذمة. الصورة الثانية: أن يكون لرجل في ذمة رجل ريالات وللآخر عليه ليرات مثلاً، فاصطرفا بما في ذمتيهما، ولقبت هذه المسألة: بالصرف في الذمة. عند فقهاء الحنفية([711]): صح بيع مَن عليه ليرات دَين بريالات ممَن له عليه، أي: من دائنه، فإذا كان لرجل على آخر عشر ليرات دَين، فباعه الذي عليه العشرة ريالاً بالعشرة التي عليه، ودفع الريال إليه فهو جائز. أما فقهاء المالكية([712]) فقد فصلوا في المسألة وقالوا: إن وقع صرف دَين بدَين؛ فإن تَأَجَّل الدَينان عليهما؛ بأن كان لأحدهما على الآخر ريالات مؤجلة وللآخر عليه ليرات مؤجلة كذلك، سواء اتفق الأجلان أم اختلفا، وتصارفا قبل حلول الأجلين؛ بأن أسقط كل واحد منهما ما له على الآخر في نظير إسقاط الآخر ما له عليه؛ فإنه لا يجوز لأنه يكون من بيع الدين، كذلك لا يجوز إن تأجل من أحدهما وحَلَّ الأجل من الآخر. وذهب فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة([713]): إلى عدم جواز هذا النوع من الصرف، وعللوا عدم الجواز: بأنه بيع دَين بدَين، قال ابن قدامة : ولا يجوز ذلك بالإجماع، وقد روي عن النبي e أنه "نَهَى عَنْ بيع الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ"([714])، وفسر ببيع الدَين بالدَين. الصورة الثالثة([715]): اقتضاء أحد النقدين من الآخر؛ بأن كان لك على آخر ليرات فتأخذ منه ريالات، أو كانت عليه ريالات فتأخذ منه ليرات بسعر يومها، وهذا جائز عند جمهور الفقهاء غير فقهاء المالكية الذين لم يذكروا المسألة، بشرط قبض البدل في المجلس؛ وذلك لحديث ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الإِبِلَ بِالْبَقِيعِ؛ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ؛ آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رُوَيْدَكَ أَسْأَلُكَ: إِنِّي أَبِيعُ الإِبِلَ بِالْبَقِيعِ؛ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ؛ آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "لاَ بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا؛ مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ"([716])، وهذا يدل على جواز الاستبدال عن الثمن الثابت في الذمة. الاتجار في العملات([717]) : لا يجوز شرعاً البيع الآجل للعملات، ولا تجوز المواعدة على الصرف فيها؛ وهذا بدلالة الكتاب والسنة وإجماع الأمة. إن الربا والاتجار في العملات والصرف التي لا تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية، من أهم أسباب الأزمات والتقلبات الاقتصادية التي عصفت باقتصاديات بعض الدول. قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي([718]): إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي قد نظر في موضوع: أولاً: صرف النقود في المصارف، هل يُسْتَغْنَى فيه عن القبض بالشيك الذي يتسلمه مريد التحويل؟. ثانياً: هل يُكْتَفَى بالقيد في دفاتر المصرف عن القبض لِمَن يُرِد استبدال عملة بعملة أخرى مودعة في المصرف؟. وبعد البحث والدراسة قرر المجلس بالإجماع ما يلي: أولاً: يقوم استلام الشيك مقام القبض عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف. ثانياً: يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لِمَن يُرِد استبدال عملة بعملة أخرى، سواء أكان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أم بعملة مودعة فيه.
$ $ $
الفصل العاشر القرض التعريف : القرض في اللغة([719]): مصدر قرض الشيء يقرضه: إذا قطعه، القرض: اسم مصدر بمعنى الإقراض، يقال: قرضت الشيء بالمقراض، والقرض: ما تعطيه الإنسان من مالك لتقضاه، وكأنه شيء قد قطعته من مالك، ويقال: إن فلاناً وفلاناً يتقارضان الثناء، إذا أثنى كل واحد منهما على صاحبه، وكأن معنى هذا أن كل واحد منهما أقرض صاحبه ثناء؛ كقرض المال. وفي الاصطلاح: عند فقهاء الحنفية: ما تعطيه من مثلي لتتقاضاه([720]). عند فقهاء المالكية: إعطاء متموَّل في نظير عوض متماثل في الذمة لنفع المعطَى فقط([721]). عند فقهاء الشافعية: تمليك الشيء على أن يرد بَدَلَه([722]). وعند فقهاء الحنابلة: دفع مال إرفاقاً لمن ينتفع به ويرد بدله([723]). قالوا: ويسمى نفس المال المدفوع على الوجه المذكور قرضاً، والدافع للمال مقرِضاً (دائناً)، والآخذ: مقترضاً، ومستقرضاً (مديناً)، ويسمى المال الذي يَرُدُّه المقترض إلى المقرض عوضاً عن القرض: بدل القرض، وأخذ المال على جهة القرض: اقتراضاً. دليل مشروعية القرض: ثبتت مشروعية القرض بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب، فبالآيات الكثيرة التي تحث على الإقراض، كقوله تعالى: ]مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً[[البقرة: 245]، ووجه الدلالة فيها([724]): أن المولى سبحانه شَبَّه الأعمال الصالحة والإنفاق في سبيل الله بالمال المقرض، وشبه الجزاء المضاعف على ذلك ببدل القرض، وسمَّى أعمال البر قرضاً؛ لأن المحسن بذلها ليأخذ عوضها، فأشبه من أقرض شيئاً ليأخذ عوضه، وقال تعالى: ]إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ[[التغابن: 17]. وأما السنة، ففعله r فقد اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْراً([725])، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلاَّ خِيَاراً رَبَاعِياً([726])، فَقَالَ: "أَعْطِهِ إِيَّاهُ؛ إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً"([727])، ثم ما ورد فيه من الأجر العظيم، كقوله r: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِماً قَرْضاً مَرَّتَيْنِ إِلاَّ كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً"([728])، وقال r: "رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوباً: الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ؟، قَالَ: لأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ، وَالْمُسْتَقْرِضُ لاَ يَسْتَقْرِضُ إِلاَّ مِنْ حَاجَةٍ"([729]). وأما الإجماع، فقد أجمع المسلمون على جواز القرض([730]). أركان القرض: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن أركان عقد القرض ثلاثة([731]): 1- الصيغة، وهي (الإيجاب والقبول). 2- العاقدان وهما (المقرِض؛ دائن) و(المقترض؛ مستقرض، مدين). 3- المحل وهو (المال المقرَض). وذهب فقهاء الحنفية([732]) إلى أن ركن القرض هو الصيغة المؤلفة من الإيجاب والقبول الدالين على اتفاق الإرادتين وتوافقهما على إنشاء هذا العقد. الهدية للمقرض ذريعة إلى الزيادة الربوية: اختلف في حكم هدية المقترض للمقرض قبل الوفاء بالقرض على أقوال: (أحدها): لفقهاء الحنفية([733])، وهو أنه لا بأس بهدية من عليه القرض لمقرضه، لكن الأفضل أن يتورع المقرض عن قبول هديته إذا علم أنه إنما يعطيه لأجل القرض، أما إذا علم أنه يعطيه لا لأجل القرض، بل لقرابة أو صداقة بينهما، فلا يتورع عن القبول، وكذا لو كان المستقرض معروفا بالجود والسخاء، فإن لم يكن شيء من ذلك فالحالة حالة الإشكال، فيتورع عنه حتى يتبين أنه أهدى لا لأجل الدين. (والثاني): لفقهاء المالكية([734])، وهو أنه لا يحل للمقترض أن يهدي الدائن رجاء أن يؤخره بدينه، ويحرم على الدائن قبولها إذا علم أن غرض المدين ذلك، لأنه يؤدي إلى التأخير مقابل الزيادة، ثم إن كانت الهدية قائمة وجب ردها، وإن فاتت بمفوت وجب رد مثلها إن كانت مثلية، وقيمتها يوم دخلت في ضمانه إن كانت قيمية، أما إذا لم يقصد المدين ذلك، وصحت نيته؛ فله أن يهدي دائنه، قال ابن رشد: لكن يكره لذي الدين أن يقبل ذلك منه وإن تحقق صحة نيته في ذلك إذا كان ممن يقتدى به؛ لئلا يكون ذريعة لاستجازة ذلك حيث لا يجوز. ثم أوضح فقهاء المالكية([735]) ضابط الجواز حيث صحت النية وانتفى القصد المحظور، فقالوا : إن هدية المديان حرام، إلا أن يتقدم مثل الهدية بينهما قبل المداينة، وعلم أنها ليست لأجل الدين، فإنها لا تحرم حينئذ حالة المداينة، وإلا أن يحدث موجب للهدية بعد المداينة، من صهارة أو جوار أو نحو ذلك؛ فإنها لا تحرم أيضاً. (والثالث) لفقهاء الشافعية([736]) وهو أنه لا يكره للمقرض أخذ هدية المستقرض بلا شرط ولو في الربوي. (والرابع) لفقهاء الحنابلة([737])، وهو أن المقترض إذا أهدى لمقرضه هدية قبل الوفاء، ولم ينو المقرض احتسابها من دينه، أو مكافأته عليها لم يجز، إلا إذا جرت عادة بينهما بذلك قبل القرض، فإن كانت جارية به جاز، أما إذا أهداه بعد الوفاء - بلا شرط ولا مواطأة - فهو جائز في الأصح؛ لأنه لم يجعل تلك الزيادة عوضا في القرض ولا وسيلة إليه، ولا إلى استيفاء دينه، فأشبه ما لو لم يكن هناك قرض. واستدلوا على ذلك : بحديث رَسُولِ اللَّهِ r : "إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضاً؛ فَأَهْدَى لَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ: فَلاَ يَرْكَبْهَا، وَلاَ يَقْبَلْهُ؛ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ"([738]). الحكم التكليفي للقرض : حكم الإقراض : لا خلاف بين الفقهاء([739]) في أن الأصل في القرض في حق المقرِض (الدائن) أنه قربة من القرب؛ لما فيه من إيصال النفع للمقترض (المدين)، وقضاء حاجته، وتفريج كربته، ولما فيه من التعاون على البر والتقوى والمعروف، وأن حكمه من حيث ذاته الندب([740])؛ لحديث رسول الله r : "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ"([741]). لكن قد يعرض له الوجوب أو الكراهة أو الحرمة أو الإباحة، بحسب ما يلابسه أو يفضي إليه؛ إذ للوسائل حكم المقاصد. وعلى ذلك: فإن كان المقترض مضطراً، والمقرِض مليء كان إقراضه واجباً، وإن علم المقرض أو غلب على ظنه أن المقترض يصرفه في معصية أو مكروه؛ كان حراماً أو مكروها بحسب الحال، ولو اقترض تاجر لا لحاجة، بل ليزيد في تجارته طمعا في الربح الحاصل منه، كان إقراضه مباحاً، حيث إنه لم يشتمل على تنفيس كربة، ليكون مطلوباً شرعاً([742]).
الفصل الحادي عشر فتاوى معاصرة تتعلق بالقروض والديونأداء الديون بعملة مغايرة([743]): بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (قضايا العملة) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله تقرر ما يلي: أولاً: يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدَّين بعملة مغايرة لعملة الدَّين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد. وكذلك يجوز - في الدَّين على أقساط بعملة معينة - الاتفاقُ يوم سدادِ أيِ قسطٍ أيضاً على أدائه كاملاً بعملة مغايرة بسعر صرفها في ذلك اليوم، ويشترط في جميع الأحوال : أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة، مع مراعاة القرار الصادر عن المجمع بشأن القبض. ثانياً: يجوز أن يتفق المتعاقدان عند العقد على تعيين الثمن الآجل أو الأجرة المؤجلة بعملة تدفع مرة واحدة، أو على أقساط محددة من عملات متعددة، أو بكمية من الذهب، وأن يتم السداد حسب الاتفاق . كما يجوز أن يتم حسب ما جاء في البند السابق . ثالثاً: الدَّينُ الحاصل بعملة معينة لا يجوز الاتفاق على تسجيله في ذمة المدين بما يعادل قيمة تلك العملة من الذهب أو من عملة أخرى، على معنى أن يلتزم المدين بأداء الدَّينِ بالذهب أو العملة الأخرى المتفق على الأداء بها.
تغير قيمة العملة([744]) : إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تغير قيمة العملة، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، وبعد الاطلاع على قرار المجمع رقم 21 (9/3) في الدورة الثالثة، بأن العملات الورقية نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامها،قرر ما يلي: العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما، هي بالمثل وليس بالقيمة؛ لأن الديون تُقضى بأمثالها، ولا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أياً كان مصدرها، بمستوى الأسعار. التضخم وتغير قيمة العملة([745]): إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421 هـ إلى غرة رجب 1421 هـ (23-28 سبتمبر 2000م). بعد اطلاعه على البيان الختامي للندوة الفقهية الاقتصادية لدراسة قضايا التضخم (بحلقاتها الثلاث بجدة، وكوالالمبور، والمنامة) وتوصياتها ومقترحاتها، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة أعضاء المجمع وخبرائه وعدد من الفقهاء قرر ما يلي : أولاً : تأكيد العمل بالقرار السابق رقم 42 (4/5) ونصه:العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليست بالقيمة، لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار. ثانياً: يمكن في حالة التضخم التحوط عند التعاقد بإجراء الدين بغير العملة المتوقع هبوطها وذلك بأن يعقد الدين بما يلي: أ ـ الذهب والفضة ب ـ سلعة مثلية جـ ـ سلة من السلع المثلية د ـ عملة أخرى أكثر ثباتا هـ ـ سلة عملات ويجب أن يكون بدل الدين في الصور السابقة بمثل ما وقع به الدين، لأنه لا يثبت في ذمة المقترض إلا ما قبضه فعلا. وتختلف هذه الحالات عن الحالة الممنوعة التي يحدد فيها العاقدان الدين الآجل بعملة ما مع اشتراط الوفاء بعملة أخرى (الربط بتلك العملة) أو بسلة عملات، وقد صدر في منع هذه الصورة قرار المجمع رقم 75 (6/8) رابعا. ثالثا: لا يجوز شرعا الاتفاق عند إبرام العقد على ربط الديون الآجلة بشيء مما يلي: أ ـ الربط بعملة حسابية ب ـ الربط بمؤشر تكاليف المعيشة أو غيره من المؤشرات. جـ ـ الربط بالذهب والفضة. د ـ الربط بسعر سلعة معينة. هـ ـ الربط بمعدل نمو الناتج القومي. و ـ الربط بعملة أخرى. ز ـ الربط بسعر الفائدة. ح ـ الربط بمعدل أسعار سلة من السلع. وذلك لما يترتب على هذا الربط من غرر كثير وجهالة فاحشة بحيث لا يعرف كل طرف ما له وما عليه فيختل شرط المعلومية المطلوب لصحة العقود. وإذا كانت هذه الأشياء المربوط بها تنحو منحى التصاعد فإنه يترتب على ذلك عدم التماثل بين ما في الذمة وما يطلب أداؤه ومشروط في العقد فهو ربا. الغرامة المالية بسبب تأخير أداء الديون: إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي … قد نظر في موضوع السؤال التالي: إذا تأخر المدين عن سداد الدين في المدة المحددة، فهل له – أي: البنك - الحق بأن يَفْرِض على المدين غرامةً ماليةً جزائيةً بنسبة معينة بسبب التأخير عن السداد في الموعد المحدد بينهما؟، وبعد البحث والدراسة قرر المجمع الفقهي بالإجماع ما يلي([746]): إن الدائن إذا شَرَطَ على المدين أو فَرَضَ عليه أن يدفع له مبلغاً من المال غرامة مالية جزائية محددة أو بنسبة معينة إذا تأخر عن السداد في الموعد المحدد بينهما؛ فهو شرط أو فرض باطل، ولا يجب الوفاء به، بل ولا يحل، سواء أكان الشارط هو المصرف أم غيره؛ لأن هذا بعينه هو ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه. أجور خدمات القروض: القرار([747]): بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لجميع الاستفسارات التي تقدم بها البنك الإسلامي للتنمية إلى المجمع بخصوص (أجور خدمات القروض) في البنك الإسلامي للتنمية قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية: أولاً: جواز أخذ أجور عن خدمات القروض. ثانياً: أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية. ثالثاً: كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة؛ لأنها من الربا المحرم شرعاً. شهادات الاستثمار وصناديق التوفير: صدرت عن مفتي الديار المصرية فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق (سنة 1400هـ - 1979م) الفتوى بأن: فوائد شهادات الاستثمار وشهادات التوفير من الربا المحرم، وأنها لا تعد من قبيل المكافأة أو الوعد بجائزة. و(سنة 1401هـ-1981م) بأن شهادات الاستثمار (أ، ب) ذات الفائدة المحددة المشروطة مقدماً زمناً ومقداراً داخلة في ربا الزيادة المحرم. وتؤكد الندوة الفقهية([748]) ما صدر من قرارات وفتاوى عن مجامع الفقه الإسلامي بشأن حرمة شهادات الاستثمار ذات العائد المُحَدَّد مُقَدَّماً؛ باعتبار ذلك من الربا المُحَرَّم بالكتاب والسنة والإجماع. بطاقات الائتمان: تعريفها([749]): مستند يعطيه مصدره لشخص طبيعي أو اعتباري (بناء على عقد بينهما) يمكنه من شراء السلع أو الخدمات ممن يعتمد المستند دون دفع الثمن حالاً لتضمنه التزام المصدر بالدفع. البطاقة غير المغطاة([750]): أولاً: لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة، ولا التعامل بها، إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازماً على السداد ضمن فترة السماح المجاني. ثانياً: يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شرط زيادة ربوية على أصل الدَّين. ويتفرع على ذلك: أ – جواز أخذ مُصْدِرِها من العميل رسوماً مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجراً فعلياً على قدر الخدمات المُقَدَّمة منه. ب – جواز أخذ البنك المُصْدِر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد. ثالثاً: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراض من مُصْدِرِها، ولا حرج فيه شرعاً إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يُعَدُّ من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض او مدته مقابل هذه الخدمة. وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرَّمة؛ لأنها من الربا المحرَّم شرعاً([751]). رابعاً: لا يجوز شراء الذهب والفضة وكذا العملات النقدية بالبطاقة غير المغطاة. البطاقة المغطاة([752]): قرر ما يأتي: يجوز إصدار بطاقات الائتمان المغطاة، والتعامل بها، إذا لم تتضمن شروطه دفع الفائدة عند التأخر في السداد. ينطبق على البطاقة المغطاة ما جاء في القرار 108(2/12) بشأن الرسوم، والحسم على التجار ومقدمي الخدمات، والسحب النقدي بالضوابط المذكورة في القرار. يجوز شراء الذهب أو الفضة أو العملات بالبطاقة المغطاة. لا يجوز منح المؤسسات حامل البطاقة امتيازات محرمة؛ كالتأمين التجاري أو دخول الأماكن المحظورة شرعاً، أما منحه امتيازات غير محرمة مثل أولوية الحصول على الخدمات أو التخفيض في الأسعار، فلا مانع من ذلك شرعاً. على المؤسسات المالية الإسلامية التي تقدم بدائل للبطاقة غير المغطاة أن تلتزم في إصدارها وشروطها بالضوابط الشرعية، وأن تتجنب شبهات الربا أو الذرائع التي تؤدي إليه، كفسخ الدَّين بالدَّين. نص معيار بطاقة الحسم وبطاقة الائتمان([753]): 1 - نطاق المعيار يطبق هذا المعيار على بطاقة الحسم وبطاقة الائتمان التي تصدرها المؤسسات لعملائها، ليتمكنوا بواسطتها من السحب من أرصدتهم نقداً، أو الحصول على قرض، أو دفع اثمان المشتريات والخدمات. وتشمل الأنواع الآتية:
2 - خصائص البطاقات من هذه الخصائص ما هو مشترك بين أكثر من بطاقة، ومنها ما هو مختص بكل بطاقة. 2/1 بطاقة الحسم الفوري خصائص هذه البطاقة (أ) تصدر هذه البطاقة من المؤسسة لمن له رصيد في حسابه. (ب) تخول هذه البطاقة لحاملها السحب، أو تسديد أثمان السلع والخدمات بقدر رصيده المتاح، ويتم الحسم منه فوراً، ولا تخوله الحصول على ائتمان. (ج) لا يتحمل العميل رسوماً مقابل استخدامه هذه البطاقة غالباً إلا في حال سحب العميل نقداً، أو شرائه عملة أخرى عن طريق مؤسسة أخرى غير المؤسسة المصدرة للبطاقة. (د) تصدر هذه البطاقة برسم أوبدونه. (هـ) تتقاضى بعض المؤسسات من قابل البطاقة نسبة من أثمان المشتريات أو الخدمات. 2/2 بطاقة الائتمان والحسم الآجل خصائص هذه البطاقة(أ) هذه البطاقة أداة ائتمان في حدود سقف معين لفترة محددة، وهي أداة وفاء أيضاً. (ب) تستعمل هذه البطاقة في تسديد أثمان السلع والخدمات، وفي الحصول على النقد. (ج) لا يتيح نظام هذه البطاقة تسهيلات ائتمانية متجددة لحاملها؛ حيث يتـعين عليه المبادرة بسداد ثمن مشترياته خلال الفترة المحددة عند تسلمه الكشوف المرسلة إليه من المؤسسة. (د) إذا تأخر حامل البطاقة في تسديد ما عليه بعد الفترة المسموح بها يترتب عليه فوائد ربوية. أما المؤسسات فلا ترتب فوائد ربوية. (هـ) لا تتقاضى المؤسسة المصدرة للبطاقة أية نسبة من حامل البطاقة على المشتريات والخدمات، ولكنها تحصل على نسبة معينة (عمولة) من قابل البطاقة على مبيعاته أو خدماته التي تمت بالبطاقة. (و) تلتزم المؤسسة في حدود سقف الائتمان (وبالزيادة الموافق عليها) للجهة القابلة للبطاقة بسداد أثمان السلع والخدمات، وهذا الالتزام بتسديد أثمان المبيعات والخدمات شخصي ومباشر بعيداً عن علاقة الجهة القابلة للبطاقة بحامل البطاقة. (ز) للمؤسسة المصدرة للبطاقة حق شخصي ومباشر قبل حامل البطاقة في استرداد ما دفعته عنه، وحقها في ذلك حق مجرد ومستقل عن العلاقة الناشئة بين حامل البطاقة والجهة القابلة لها بموجب العقد المبرم بينهما. 2/3 بطاقة الائتمان المتجدد خصائص هذه البطاقة : (أ) هذه البطاقة أداة ائتمان في حدود سقف متجدد على فترات يحددها مصدر البطاقة، وهي أداة وفاء أيضاً.(ب) يستطيع حاملها تسديد أثمان السلع والخدمات، والسحب نقداً، في حدود سقف الائتمان الممنوح. (ج) في حالة الشراء للسلع أو الحصول على الخدمات يمنح حاملها فترة سماح يسدد خلالها المستحق عليه بدون فوائد، كما تسمح له بتأجيل السداد خلال فترة محددة مع ترتب فوائد عليه. أما في حالة السحب النقدي فلا يمنح حاملها فترة سماح. (د) ينطبق على هذه البطاقة ما جاء في البند 2/2 هـ، و، ز. 3 - الحكم الشرعي لأنواع البطاقات : 3/1 بطاقة الحسم الفوري : يجوز للمؤسسات إصدار بطاقة الحسم الفوري ما دام حاملها يسحب من رصيده ولا يترتب على التعامل بها فائدة ربوية. 3/2 بطاقة الائتمان والحسم الآجل : يجوز إصدار بطاقة الائتمان والحسم الآجل بالشروط الآتية: (أ) ألاَ يشترط على حامل البطاقة فوائد ربوية في حال تأخره عن سداد المبالغ المستحقة عليه. (ب) في حالة إلزام المؤسسة حامل البطاقة بإيداع مبلغ نقدي ضماناً لا يمـكن لحامل البطاقة التصرف فيه يجب النص على أنها تستثمره لصالحه على وجه المضاربة مع اقتسام الربح بينه وبين المؤسسة بحسب النسبة المحددة. (ج) أن تشترط المؤسسة على حامل البطاقة عدم التعامل بها فيما حرمته الشريعة، وأنه يحق للمؤسسة سحب البطاقة في تلك الحالة. 3/3 بطاقة الائتمان المتجدد : لا يجوز للمؤسسات إصدار بطاقات الائتمان ذات الدين المتجدد الذي يسدده حامل البطاقة على أقساط آجلة بفوائد ربوية. 4/4 شراء الذهب والفضة والنقود بالبطاقات : يجوز شراء الذهب أو الفضة أو النقود ببطاقة الحسم الفوري، كما يجوز ذلك ببطاقة الائتمان والحسم الآجل في الحالة التي يمكن فيها دفع المؤسسة المصدرة المبلغ إلى قابـل البطاقة بدون أجل. 4/5 السحب النقدي بالبطاقة : (أ) يجوز لحامل البطاقة أن يسحب بها مبلغاً نقدياً، سواء في حدود رصيده أو أكثر منه بموافقة المؤسسة المصدرة، على أن لا يترتب على ذلك فوائد ربوية. (ب) يجوز للمؤسسة المصدرة للبطاقة أن تفرض رسماً مقطوعاً متناسباً مع خدمة السحب النقدي، وليس مرتبطاً بمقدار المبلغ المسحوب. 4/6 المميزات التي تمنحها الجهات المصدرة للبطاقة (أ) لا يجوز أن تمنح المؤسسات حامل البطاقة امتيازات تحرمها الشريعة؛ مثل التأمين التقليدي على الحياة، أو دخول الأماكن المحظورة، أو تقديم الهدايا المحرمة. (ب) يجوز منح حامل البطاقة مميزات لا تحرمها الشريعة؛ مثل أن يكون لحاملها أولوية في الحصول على الخدمات، أو تخفيض في الأسعار لدى حجوزات الفنادق وشركات الطيران أو المطاعم ونحو ذلك.
الفصل الثاني عشر السَّلَم التّعريف: السَّلَم لغة([754]): الإعطاء، والتّسليف يقال: أسلم الثّوب للخيّاط، أي: أعطاه إيّاه، وأسلم في البُّر، أي: أسلف، من السَّلَم. وقد اختلف الفقهاء في تعريفه تبعاً لاختلافهم في الشّروط المعتبرة فيه: ففقهاء الحنفية وفقهاء الحنابلة([755]) الّذين شرطوا في صحّته قبض رأس المال في مجلس العقد، وتأجيل المُسْلَم فيه - احترازاً من السَّلَم الحالّ - عرّفوه بما يتضمّن ذلك: هو شراء آجل بعاجل([756])، أو: بيع موصوف في الذمة إلى أجل([757]). أمّا فقهاء المالكية([758]) الّذين منعوا السَّلَم الحالّ، ولم يشترطوا تسليم رأس المال في مجلس العقد، وأجازوا تأجيله اليومين والثّلاثة لخفّة الأمر، فقد عرّفوه بأنّه: بيع معلوم في الذّمّة محصور بالصّفة بعين حاضرة أو ما هو في حكمها إلى أجل معلوم. وفقهاء الشافعية([759]) الّذين شرطوا لصحّة السَّلَم قبض رأس المال في المجلس، وأجازوا كون السَّلَم حالاًّ ومؤجّلاً عرّفوه بأنّه: عقد على موصوف في الذّمّة ببدل يعطى عاجلاً؛ فلم يقيّدوا المُسْلَم فيه الموصوف في الذّمّة بكونه مؤجّلاً؛ لجواز السَّلَم الحالّ عندهم. حكم بيع العين الغائبة الموصوفة في الذّمّة: وهو نوعان، أحدهما: أن تكون العين معيّنةً. والثّاني: أن لا تكون العين معيّنةً. والفرق بين هذا النّوع الثّاني وبين السَّلَم: أنّ السَّلَم يشترط فيه تأجيل تسليم المبيع، أمّا بيع الموصوف في الذّمّة فقد يكون حالاًّ. وفرّق فقهاء الشافعية([760]) في بيع العين الغائبة الموصوفة في الذّمّة بين أن يكون التّعاقد بلفظ السَّلَم، أو بلفظ البيع، فإن كان بلفظ السَّلَم اشترط تسليم الثّمن قبل التّفرّق. أمّا إن كان بلفظ البيع فلا يشترط تسليم الثّمن اعتباراً باللّفظ، وعلى كون ذلك بيعاً يشترط تعيين أحد العوضين، وإلاّ يصير بيع دين بدين وهو باطل، ولا يشترط قبضه في المجلس؛ لأنّ التّعيين بمنـزلة القبض لصيرورة المعيّن حالاّ لا يدخله أجل أبداً([761]). مشروعيّة السَّلَم: ثبتت مشروعيّة عقد السَّلَم بالكتاب والسّنّة والإجماع. أ - أمّا الكتاب: فقوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمّىً فَاكْتُبُوهُ[[البقرة: 282]، قال ابن عبّاس([762]): أشهد أنّ السّلف المضمون إلى أجل مسمّىً قد أحلّه اللّه في كتابه وأذن فيه، ثمّ قرأ هذه الآية، ووجه الدّلالة في الآية الكريمة: أنّها أباحت الدَّين، والسَّلَم نوع من الدّيون، والدَّين([763]): كلّ معاملة كان أحد العوضين فيها نقداً، والآخر في الذّمّة نسيئةً، فإنّ العين عند العرب ما كان حاضراً، والدّين ما كان غائباً. ب - وأمّا السّنّة: فما روى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ r الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَقَالَ: "مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ؛ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ"([764])، فدلّ الحديث الشّريف على إباحة السَّلَم وعلى الشّروط المعتبرة فيه. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبُو بُرْدَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى فَسَأَلْتُهُمَا عَنْ السَّلَفِ، فَقَالاَ: كُنَّا نُصِيبُ الْمَغَانِمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فَكَانَ يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّأْمِ، فَنُسْلِفُهُمْ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى، قَالَ: قُلْتُ: أَكَانَ لَهُمْ زَرْعٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ زَرْعٌ؟، قَالاَ: مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ.([765]). ج - وأمّا الإجماع: فقال ابن المنذر: أجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أنّ السَّلَم جائز([766]). حكمة مشروعيّة السَّلَم([767]): إنّ عقد السَّلَم ممّا تدعو إليه الحاجة، ومن هنا كان في إباحته رفع للحرج عن النّاس، فالمزارع مثلاً قد لا يكون عنده المال الّذي ينفقه في إصلاح أرضه وتعهّد زرعه إلى أن يدرك، ولا يجد من يقرضه ما يحتاج إليه من المال، ولذلك فهو في حاجة إلى نوع من المعاملة يتمكّن بها من الحصول على ما يحتاج إليه من المال، وإلاّ فاتت عليه مصلحة استثمار أرضه، وكان في حرج ومشقّة وعنت، فمن أجل ذلك أبيح السَّلَم. أركان السَّلَم وشروط صحّته: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ أركان السَّلَم ثلاثة: أولاً – الصّيغة؛ وهي الإيجاب والقبول. ثانياً – والعاقدان؛ وهما المُسْلِم، والمُسْلَم إليه. ثالثاً – والمحل؛ رأس المال، والمُسْلَم فيه. وانفرد فقهاء الحنفية([768]) حيث اعتبروا ركن السَّلَم هو الصّيغة الدَّالة على اتّفاق الإرادتين وتوافقهما على إنشاء هذا العقد.
$ $ $
الفصل الثالث عشر الاستصناع التعريف: الاستصناع في اللغة([769]): مصدر استصنع الشيء، أي: دعا إلى صنعه، ويقال: اصطنع فلان باباً: إذا سأل رجلاً أن يصنع له باباً، كما يقال: اكتتب، أي: أمر أن يكتب له. وفي الاصطلاح على ما عرفه فقهاء الحنفية: عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل([770]). فإذا قال شخص لآخر من أهل الصنائع: اصنع لي الشيء الفلاني بكذا درهما، وقَبِلَ الصانع ذلك؛ انعقد استصناعاً عند فقهاء الحنفية وفقهاء الحنابلة([771])، حيث يستفاد من كلامهم أن الاستصناع: بيع سلعة ليست عنده على غير وجه السلم، فيرجع في هذا كله عندهم إلى البيع وشروطه عند الكلام عن البيع بالصنعة. أما فقهاء المالكية وفقهاء الشافعية: فقد ألحقوه بالسلم، فيؤخذ تعريفه وأحكامه من السلم، عند الكلام عن السلف في الشيء المسلم للغير من الصناعات صفة الاستصناع (حكمه التكليفي): الاستصناع (باعتباره عقداً مستقلاً) مشروع عند أكثر فقهاء الحنفية([772]) على سبيل الاستحسان، ومنعه زفر من فقهاء الحنفية([773]) أخذاً بالقياس؛ لأنه بيع المعدوم. ووجه الاستحسان: أَنَّ النَّبِيَّ r اصْطَنَعَ خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ، فَاصْطَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: "إِنِّي كُنْتُ اصْطَنَعْتُهُ، وَإِنِّي لاَ أَلْبَسُهُ"، فَنَبَذَهُ فَنَبَذَ النَّاسُ([774]) . والإجماع([775])من لدن رسول الله r دون نكير، وتعامل الناس بهذا العقد والحاجة الماسة إليه. ونص فقهاء الحنابلة([776]) على أنه لا يصح استصناع سلعة؛ لأنه بيع ما ليس عنده على وجه غير السلم، وقيل: يصح بيعه إلى المشتري إن صح جمع بين بيع وإجارة منه بعقد واحد؛ لأنه بيع وسلم. حكمة مشروعية الاستصناع([777]): الاستصناع شرع لسد حاجات الناس ومتطلباتهم؛ نظراً لتطور الصناعات تطورا كبيرا، فالصانع يحصل له الارتفاق ببيع ما يبتكر من صناعة هي وفق الشروط التي وضع عليها المستصنع في المواصفات والمقايسات، والمستصنع يحصل له الارتفاق بسد حاجياته وفق ما يراه مناسبا لنفسه وبدنه وماله، أما الموجود في السوق من المصنوعات السابقة الصنع فقد لا تسد حاجات الإنسان؛ فلا بد من الذهاب إلى مَن لديه الخبرة والابتكار. أركان الاستصناع: ركن الاستصناع الصيغة، أو الإيجاب والقبول، وهي: كل ما يدل على رضا الجانبين البائع والمشتري، ومثالها هنا: اصنع لي كذا، ونحو هذه العبارة لفظاً أو كتابة([778]). وأما محل الاستصناع: فقد اختلف فقهاء الحنفية فيه، هل هو العين أو العمل([779])؟ جمهور فقهاء الحنفية([780]): على أن العين هي المعقود عليه، وذلك لأنه لو استصنع رجل في عين يسلمها له الصانع بعد استكمال ما يطلبه المستصنع، سواء أكانت الصنعة قد تمت بفعل الصانع أم بفعل غيره بعد العقد؛ فإن العقد يلزم، ولا تُرَدُّ العين لصانعها إلا بخيار الرؤية، ويرون أن المتفق عليه أن الاستصناع ثبت فيه للمستصنع خيار الرؤية([781])، وخيار الرؤية لا يكون إلا في بيع العين. ومن فقهاء الحنفية([782]) من يرى أن المعقود عليه في الاستصناع هو العمل؛ لأن العقد ينبئ عن أنه على عمل، ولو لم يكن عقد الاستصناع عقد عمل لما جاز أن يفرد بالتسمية. الشروط الخاصة للاستصناع : للاستصناع شروط هي([783]): أ - أن يكون المستصنَع فيه معلوماًَ؛ ببيان الجنس والنوع والصفة والقَدْر. ب - أن يكون مما يجري فيه التعامل بين الناس؛ لأن ما لا تعامل فيه يرجع فيه للقياس فيحمل على السَّلَم ويأخذ أحكامه. ج - عدم ضرب الأجل: اختلف في هذا الشرط، فأبو حنيفة يرى أنه يشترط في عقد الاستصناع خلوه من الأجل، فإذا ذكر الأجل في الاستصناع صار سَلَماً، ويعتبر فيه شرائط السلم، وحجتهم: أن السَّلَم عقد على مبيع في الذمة مؤجلاً؛ فإذا ما حُدِّد في الاستصناع أجل صار بمعنى السَّلَم([784]). وخالف في ذلك أبو يوسف ومحمد([785])؛ إذ إن العرف عندهما جرى بضرب الأجل في الاستصناع، والاستصناع إنما جاز للتعامل، ومن مراعاة التعامل بين الناس ألا يتحول إلى السلم بوجود الأجل. الآثار العامة للاستصناع: الاستصناع عقد غير لازم عند أكثر فقهاء الحنفية([786])، سواء تم أم لم يتم، وسواء أكان موافقاً للصفات المتفق عليها أم غير موافق. وذهب أبو يوسف([787]): إلى أنه إن تم صنعه (وكان مطابقا للأوصاف المتفق عليها) يكون عقداً لازماً، وأما إن كان غير مطابق لها فهو غير لازم عند الجميع؛ لثبوت خيار فوات الوصف. ورأي أبو يوسف أقرب إلى الصواب في التطبيق العملي في زماننا، وقد رجحته مجلة الأحكام العدلية، (إذا انعقد الاستصناع فليس لأحد العاقدين الرجوع، وإذا لم يكن المصنوع على الأوصاف المطلوبة المبينة كان المستصنع مخيَّراً) ([788]).
وللتمييز بين عقد الاستصناع وعقد السَّلَم، أضع الجدول الآتي:
ولإيضاح الأمر من جهة أخرى، يمكن القول:
فإذا كان ذلك في نطاق الزراعة، فإنه يخضع لأحكام السَّلَم. أما إذا كان ذلك في نطاق الصناعة، فإنه يخضع لأحكام الاستصناع عند فقهاء الحنفية، ولأحكام السَّلَم عند جمهور الفقهاء.
$ $ $
الفصل الرابع عشر إجارة الأعيان تعريف الإجارة: الإجارة في اللّغة([789]): اسم للأجرة، وهي عوض العمل. وعرّفها الفقهاء([790]): بأنّها عقد معاوضة على تمليك منفعة بعوض. حكم الإجارة ودليلها: الأصل في عقد الإجارة أنّه: مشروع على سبيل الجواز([791])، والدّليل على ذلك الكتاب والسّنّة والإجماع والمعقول. أمّا الكتاب، فمنه قوله تعالى: ]فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ[[الطلاق: 6]. ومن السّنّة قول رسول اللّه e: "مَن اسْتَأْجَرَ أَجِيْرَاً فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ"([792])، وقوله: "أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ"([793])، وقوله: "قَالَ اللَّهُ: ثَلاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرّاً فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيراً فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ"([794])، وكذلك فعله عليه الصلاة والسلام وتقريره. وأمّا الإجماع فإنّ الأمّة أجمعت على العمل بها منذ عصر الصّحابة وإلى الآن([795]).وأمّا دليلها من المعقول([796]) فلأنّ الإجارة وسيلة للتّيسير على النّاس في الحصول على ما يبتغونه من المنافع الّتي لا ملك لهم في أعيانها، فالحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان، ومراعاة حاجة النّاس أصل في شرع العقود. أركان عقد الإجارة : اتفق الفقهاء على مقومات العقود، وكان اختلافهم في التسمية، فأركان عقد الإجارة عند جمهور الفقهاء ثلاثة([797]):
وذهب فقهاء الحنفية([798]): إلى أنّها الصّيغة فقط، وأمّا العاقدان والمعقود عليه فأطراف للعقد ومن مقوّماته. الصّيغة:صيغة عقد الإجارة ما يتمّ بها إظهار إرادة المتعاقدين من لفظ أو ما يقوم مقامه، وذلك بإيجاب يصدره المملِّك (المؤجِّر)، وقبول يصدره المتملّك (المستأجر) على رأي جمهور الفقهاء([799])؟ ويرى فقهاء الحنفية([800]): أنّ الإيجاب ما صدر أوّلاً من أحد المتعاقدين والقبول ما صدر بعد ذلك من الآخر. فالفقهاء([801]) يرون أنّ الإجارة تنعقد بأيّ لفظ دالّ عليها؛ كالاستئجار والاكتراء والإكراء. وانعقادها بلفظ البيع مضافاً إلى المنافع قول عند فقهاء الشافعية، ووجه عند فقهاء الحنابلة([802])؛ لأنّه صنف من البيع؛ لأنّه تمليك يتقسّط العوض فيه على المعوّض، كالبيع،فانعقد بلفظه. شروط الصيغة في الإجارة: أولاً: يشترط في الصّيغة لانعقاد العقد أن تكون([803]):
ثانياً: يشترط في الصّيغة لصحّة العقد([805]):
ثالثاً: يشترط لنفاذ الإجارة([806]):
العاقدان (المؤجر والمستأجر) وما يشترط فيهما: يشترط فيهما للانعقاد([807]): العقل؛ فلا تنعقد الإجارة من المجنون ولا من الصّبيّ الّذي لا يميّز. ويشترط فيهما للصّحّة: - أن يقع - عقد الإجارة - بينهما عن تراض؛ فإذا وقع العقد مشوباً بإكراه فإنّه يفسد([808]). - ولاية إنشاء العقد؛ فعقد الفضوليّ يعتبر فاسداً عند فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة([809]). محلّ الإجارة (المعقود عليه) : الكلام هنا يتناول منفعة العين المؤجّرة، والأجرة.أوّلاً - منفعة العين المؤجّرة: المعقود عليه في الإجارة هو المنفعة: ويشترط لانعقاد الإجارة على المنفعة شروط هي: أوّلاً: أن تكون معلومةً علماً ينفي الجهالة المفضية للنّزاع، وهذا الشّرط يجب تحقّقه في الأجرة أيضاً؛ لأنّ الجهالة في كلّ منهما تفضي إلى النّزاع، وهذا موضع اتّفاق([810]). ثانياً: أن تكون المنفعة متقوِّمةً مقصودة الاستيفاء بالعقد([811])، فلم يجيزوا استئجار الأشجار للاستظلال بها، ولا المصاحف للنّظر فيها. ثالثاً: أن تكون المنفعة مباحة الاستيفاء، وليست طاعةً مطلوبةً، ولا معصيةً ممنوعةً([812]). رابعاً: القدرة على استيفائها حقيقةً وشرعاً([813])؛ فلا تصحّ إجارة السيارة الضائعة أو المسروقة، ولا إجارة الدّابّة الفارّة، أو السيارة المسروقة، ولا إجارة المغصوب من غير الغاصب، لكونه معجوزاً عن تسليمه، ولا الأقطع والأشلّ للخياطة بنفسه، فهي منافع لا تحدث إلاّ عند سلامة الأسباب . وعلى هذا فلا تجوز إجارة ما لا يقدر عليه المستأجِر، ويحتاج فيه إلى غيره . وانبنى على هذا القول بعدم جواز استئجار الفحل للإنزاء، والكلب والباز للصّيد. خامساً: أن تقع الإجارة على المنفعة لا على استهلاك العين([814])، فإجارة ما تستهلك عينه لا تصح؛ كاستئجار الشّمعة للإضاءة، وإنزاء الفحل، واستئجار الشّجر للثّمر. ويشترط في المنفعة للزوم العقد : ألاّ يطرأ عذر يمنع الانتقاع بها، كما يرى جمهور الفقهاء([815])؛ لأنّها شرعت للانتفاع، فاستمرارها مقيّد ببقاء المنفعة، فإذا تعذّر الانتفاع كان العقد غير لازم.
ثانياً – شروط مدة الإجارة: أن تكون المدّة معلومةً في إجارة العين لمدّة([816])؛ كالدّار والأرض والآدميّ للخدمة أو للرّعي أو للنّسج أو للخياطة، لأنّ المدّة هي الضّابط للمعقود عليه، ويعرف بها. كما يشترط أن يغلب على الظّنّ بقاء العين فيها وإن طالت المدّة عند جمهور الفقهاء([817])، ويتحدّد أكثر المدّة في بعض الإجارات، كإجارة الدّابّة (السيارة) لسنة، والثوب سنة أو سنتين، والعامل لخمسة عشر عاماً، والدّار حسب حالتها، والأرض لثلاثين عاماً([818])، إلا مال الوقف ومال اليتيم، فعند فقهاء الحنفية لم يجيزوا إجارتها أكثر من ثلاث سنوات([819]). وفي قول عند فقهاء الشافعية([820]): لا تجوز الإجارة أكثر من سنة، وفي قول: إنّها لا تجوز أكثر من ثلاثين سنةً، وتمتد إجارة الأرض لمئة سنة أو أكثر. ثالثاً – شروط الأجرة: ضابط الأجرة([821]): كلّ ما يصلح أن يكون ثمناً في البيع يصلح أن يكون أجرةً في الإجارة. ويشترط في الأجرة ما يشترط في الثّمن([822]). ويجب العلم بالأجر لقول النّبيّ e: "مَن اسْتَأْجَرَ أَجِيْرَاً فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ"([823]). هل يجوز أن تكون الأجرة منفعة؟جَوَّزَ جمهور الفقهاء أن تكون الأجرة منفعةً([824]) من جنس المعقود عليه، ومن غير جنسـها، لأنّ المنافع في الإجارة كالأعيان في البيع، ثمّ الأعيان يجوز بيع بعضها ببعض، فكذلك المنافع؛ كإجارة دار بسكنى دار أخرى. ومنع فقهاء الحنفية([825]) إجارة المنفعة بمنفعة من جنسها، إلاّ أن تكون الأجرة منفعةً من جنس آخر؛ كإجارة السّكنى بالخدمة. تملّك المنفعة، وتملّك الأجرة، ووقته: يتّجه فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية([826]) إلى أنّ الأجرة لا تستحقّ إلا باشتراط التّعجيل أو استيفاء المعقود عليه، وزاد فقهاء الحنفية: التّعجيل بالفعل، فالأجرة لا تملك إلاّ بأحد معان ثلاثة([827]): أحدها: شرط التّعجيل في نفس العقد لقوله e: "الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ"([828]). الثّاني: التّعجيل من غير شرط، قياساً على البيع في جواز تعجيل الثّمن قبل تسليم المبيع، لأنّ الإجارة بيع. الثّالث: استيفاء المعقود عليه، لأنّه لمّا ملك المعوَّض فيملك المؤجّر العوضَ في مقابلته، تحقيقاً للمعاوضة المطلقة، وتسويةً بين العاقدين. والقاعدة عند فقهاء المالكية التّأجيل، إلاّ في مسائل يجب فيها تعجيل الأجرة، وهي([829]):
أما في الصّانع والأجير، فليس لهما أجرة إلاّ بعد التّمام عند الاختلاف، وأمّا عند التّراضي فيجوز تعجيل الجميع وتأخيره. أمّا في الأكرية في دار أو راحلة أو في الإجارة على بيع السّلع؛ كالسّمسرة، أو نحوها، فبقدر ما مضى، فإذا لم يكن الأجر معيّناً، ولم يشرط تعجيله، ولم تجر العادة بتعجيله، ولم تكن المنافع مضمونةً، فلا يجب تعجيل الأجر . وإذا لم يجب التّعجيل كان مياومةً، أي كلّما استوفى منفعة يوم، أو تمكّن من استيفائها، لزمته أجرته، أو بعد تمام العمل. ويتّجه فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة([830]) : إلى أنّ العقد إذا أطلق وجبت الأجرة بنفس العقد، ويجب تسليمها بتسليم العين والتّمكين من الانتفاع وإن لم ينتفع فعلاً، لأنّه عوض أطلق ذكره في عقد المعاوضة فيستحقّ بمطلق العقد كالثّمن والمهر؛ فإذا استوفى المنفعة استقرّت الأجرة. الأحكام التّبعيّة الّتي يلتزم بها المؤجّر والمستأجر: التزامات المؤجّر : أ - تسليم العين المؤجّرة([831]): يلتزم المؤجّر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمعقود عليه، وذلك بتسليمه العين حتّى انتهاء المدّة أو قطع المسافة. ويشمل التّسليم توابع العين المؤجّرة الّتي لا يتحقّق الانتفاع المطلوب إلاّ بها حسب العرف. ويترتّب على أنّ التّسليم تمكين من الانتفاع: أنّ ما يعرض أثناء المدّة ممّا يمنع الانتفاع بغير فعل المستأجر يكون على المؤجّر إصلاحه؛ كعمارة الدّار وإزالة كلّ ما يخلّ بالسّكن. ب - ضمان العيوب([832]): يثبت خيار العيب في الإجارة، والعيب الموجب للخيار فيها هو ما يكون سبباً لنقص المنافع الّتي هي محلّ العقد ولو بفوات وصف في إجارة الذّمّة، ولو حدث العيب قبل استيفاء المنفعة وبعد العقد، ويكون المستأجر بالخيار بين فسخ العقد وبين استيفاء المنفعة مع الالتزام بتمام الأجر. التزامات المستأجر: أ - دفع الأجرة: الأجرة تلزم المستأجر. فإن كانت معجّلةً حقّ للمؤجّر حبس ما وقع عليه العقد حتّى يستوفي الأجرة عند جمهور الفقهاء([833])، لأنّ عمله ملكه، فجاز له حبسه. ولا يحقّ له ذلك في القول الآخر عند فقهاء الشافعية، وهو مذهب فقهاء الحنابلة([834])؛ لأنّه لم يرهن العين عنده. ب - استعمال العين حسب الشّرط أو العرف والمحافظة عليها: يتّفق الفقهاء([835]) على أنّ المستأجر يلزمه أن يتّبع في استعمال العين ما أعدّت له، مع التّقيّد بما شرط في العقد، أو بما هو متعارف عليه إذا لم يوجد شرط، وله أن يستوفي المنفعة المعقود عليها، أو ما دونها من ناحية استهلاك العين والانتفاع بها، وليس له أن ينتفع منها بأكثر ممّا هو متّفق عليه. فإذا استأجر الدّار ليتّخذها سكناً فلا يحقّ له أن يتّخذها مدرسةً أو مصنعاً، وإن استأجر الدّابّة (السيارة) لركوبه الخاصّ فليس له أن يتّخذها لغير ذلك([836]). وعلى المستأجر إصلاح ما تلف من العين بسبب استعماله([837]). ولا خلاف في أنّ العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر، فلو هلكت دون اعتداء منه أو مخالفة المأذون فيه، إلى ما هو أشدّ، أو دون تقصير في الصّيانة والحفظ؛ فلا ضمان عليه؛ لأنّ قبض الإجارة قبض مأذون فيه، فلا يكون مضموناً([838]). ج - رفع المستأجر يده عن العين عند انتهاء الإجارة([839]): بمجرّد انقضاء الإجارة يلزم المستأجر رفع يده عن العين المستأجرة ليستردّها المؤجّر، فهو الّذي عليه طلب استردادها عند انقضاء الإجارة، وإن استأجر سيارة ليصل بها إلى مكان معيّن لزم المؤجّر استلامها من هذا المكان، إلاّ إذا كانت الإجارة للذّهاب والعودة. التزامات المؤجّر والمستأجر في إجارة الدّور: يلزم المؤجّر عمارة الدّار وإصلاح كلّ ما يخلّ بالسّكنى؛ فإن أبى حُقَّ للمستأجر فسخُ العقد إلاّ إذا كان استأجرها على حالها، وهذا عند فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة([840])، وأما مذهب فقهاء المالكية وفقهاء الحنفية([841]) فلا يجبر الآجر (المؤجِّر) على إصلاح لمُكْتَرِ (مستأجر) مطلقاً، ويخيّر السّاكن بين السّكنى، ويلزمه الكراء كاملاً، وبين الخروج منها.ولو أنفق المكتري شيئاً في الإصلاح من غير إذن وتفويض من المؤجّر، فهو متبرّع، وعند انقضاء المدّة خيّر ربّ الدّار بين دفع قيمة الإصلاح منقوضاً أو أمره بنقضه إن أمكن فصله([842]). ولا يجوز اشتراط صيانة العين على المستأجر([843])؛ لأنّه يؤدّي إلى جهالة الأجرة، فتفسد الإجارة، غير أنّ فقهاء المالكية أجازوا كراء الدّار ونحوها مع اشتراط المرمّة على المكتري من الكراء المستحقّ عليه عن مدّة سابقة أو من الكراء المشترط تعجيله([844]). المنفعة المعتبرة شرعاً في إجارة الدّور والمباني: لا يعلم خلاف بين فقهاء المذاهب في ضرورة تعيين الدّار المستأجرة، وأنّه إذا تغيّرت هيئتها الأولى الّتي رآها عليها بما يضرّ بالسّكن يثبت له خيار العيب([845])، ويرجع إلى العرف أيضاً في كيفيّة الاستعمال. إذا شرط المؤجّر على المستأجر ألاّ يسكن غيره معه: ففقهاء الحنفية([846]) يرون أنّ الشّرط لاغ والعقد صحيح، فله أن يسكن غيره معه. وذهب فقهاء المالكية وفقهاء الحنابلة([847]) إلى اعتبار الشّرط، فليس له أن يسكن غيره معه، إلاّ ما جرى به العرف. وذهب فقهاء الشافعية([848]) إلى فساد الشّرط والعقد؛ لأنّ هذا الشّرط لا يقتضيه العقد، وفيه منفعة للمؤجّر، فيكون شرطاً فاسداً، ويفسد به العقد. وإذا لم يكن هناك شرط فالعبرة في ذلك([849]) بعدم الضّرر أوّلاً، والرّجوع للعرف ثانياً، وللمستأجر أن ينتفع بالدّار والحانوت كيف شاء في حدود المتعارف، بنفسه وبغيره ممّن لا يزيد ضرره عنه، وليس له أن يجعل فيها ما يوهن البناء كالحدادة والقصارة. أثر بيع العين المؤجّرة : ذهب جمهور الفقهاء([850]) إلى أنّه: لا تفسخ الإجارة ببيع العين المؤجَّرَة، وحجتهم: أنّ المعقود عليه في البيع هو العين، والمعقود عليه في الإجارة هو المنافع، فلا تعارض، وقيدها فقهاء المالكية بأن كان هناك اتهام. وذهب فقهاء المالكية([851]) إلى أنّه: إذا لم تكن هناك تهمة، وفقهاء الشّافعيّة في غير الأظهر، إلى أنّ: الإجارة تفسخ بالبيع، وحجتهم: أنّ البيع يمنع الإجارة من التّسليم، فتناقضا. انقضاء الإجارة: تنقضي الإجارة بـ: أوّلاً - انقضاء المدّة([852]): إذا كانت الإجارة محدّدة المدّة، وانتهت هذه المدّة، فإنّ الإجارة تنتهي بلا خلاف، غير أنّه قد يوجد عذر يقتضي امتداد المدّة؛ كأن تكون أرضاً زراعيّةً، وفي الأرض زرع لم يستحصد، أو كانت سفينةً فيالبحر، أو طائرةً في الجوّ، أو سيارة في الجبل، وانقضت المدّة قبل الوصول إلى الأرض. ثانياً - انقضاء الإجارة بالإقالة: كما أنّ الإقالة جائزة في البيع؛ لقوله e: "مَن أَقَالَ نَادِمَاً بَيْعَتَهُ أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ"([853])، فهي كذلك جائزة في الإجارة، لأنّ الإجارة بيع منافع. ثالثاً - انقضاء الإجارة بهلاك المأجور([854]): تفسخ الإجارة بسبب هلاك العين المستأجرة بحيث تفوت المنافع المقصودة منها كلّيّةً، كالسّفينة إذا نقضت وصارت ألواحاً، والدّار إذا انهدمت وصارت أنقاضاً، وهذا القدر متّفق عليه. رابعاً: انفساخ الإجارة بالموت: يرى فقهاء الحنفية([855]) أنّ: الإجارة تنقضي بموت أحد العاقدين، كما تنقضي بموت أحد المستأجرين أو أحد المؤجّرين في حصّته فقط، وإن مات المستأجر فإنّ المنفعة لا تورث، ولا يظهر الانفساخ إلاّ بالطّلب، فلو بقي المستأجر ساكناً بعد موت المؤجّر غرّمه الأجر لمضيّه في الإجارة، ولا يظهر الانفساخ إلاّ إذا طالبه الوارث بالإخلاء . وإذا مات المؤجِّر، والسيارة والدّابّة أو ما يشبهها في الطّريق: تبقى الإجارة حتّى يصل المستأجر إلى مأمنه، وإذا مات أحد العاقدين والزّرع في الأرض بقي العقد بالأجر المسمّى حتّى يدرك. وفي قول عند فقهاء الشافعية([856]) أنّ إجارة الوقف تبطل الموت. وذهب جمهور الفقهاء([857]) إلى أنّ: الإجارة لا تنفسخ بموت أحد المتعاقدين، لأنّها عقد لازم لا ينقضي بهلاك أحدهما ما دام ما تستوفى به المنفعة باقياً. سادساً- فسخ الإجارة بسبب العيب: لا خلاف بين فقهاء المذاهب([858]) في أنّه إذا حدث في المعقود عليه عيب في مدّة العقد، وكان هذا العيب يخلّ بالانتفاع بالمعقود عليه، ويفوّت المقصود بالعقد مع بقاء العين؛ كانجراح ظهر الدّابّة المعيّنة المؤجّرة للرّكوب . فإنّ ذلك يؤثّر على العقد اتّفاقاً، ويجعله غير لازم بالنّسبة لمن أضرّ به وجود العيب.فلو اشترى شيئاً فآجره، ثمّ اطّلع على عيب به، يكون له أن يفسخ الإجارة، ويردّ المبيع، فحقّ الرّدّ بالعيب يكون عذراً يخوّل له فسخ الإجارة وإن سبق له الرّضا بالعيب؛ لأنّ المنافع تتجدّد. أمّا إذا كان العيب لا يفوّت المنافع المقصودة من العقد، كانهدام بعض الأحجار في البيت، بحيث لا يدخل الدّار برد ولا مطر، وكانتهاء وقود السيارة، وكانقطاع الماء عن الأرض مع إمكان الزّرع بدون ماء، فإنّ ذلك وأمثاله لا يكون مقتضياً الفسخ([859]). والعبرة فيما يستوجب الفسخ أو عدمه من العيوب بقول أهل الخبرة، وإذا وجد عيب وزال سريعاً بلا ضرر فلا فسخ([860]). فتاوى معاصرة تتعلق بالإجارة : موقف المُؤَجِّر من تصرفات المستأجِر غير المشروعة([861]) : أ - يحرم على المالك أن يعقد مع المستأجر عقد إجارة فيه شرط باستعمال المأجور في عمل محرم فإن عقدت الإجارة على ذلك فالعقد باطل ويجب إزالة هذا المنكر. ب - إذا لم يشترط المستأجر في عقد الإجارة استعمال المأجور في عمل محرم ينظر: إن علم المالك بقصد المستأجر يقيناً أو بغلبة الظن فإن عقد الإجارة على ذلك حرام، ويفسخ العقد، وتستحق الأجرة عما مضى من المدة قبل الفسخ ويحتاط المالك بالتصدق بهذه الأجرة. إذا كان الغرض من الإجارة مشروعاً كالسكنى، وزاول المستأجر بعض المنكرات الفردية دون مجاهرة فإثم ذلك على المستأجر ولا يخل ذلك بعقد الإجارة. ج - المستأجر ملزم عن استعماله العين المؤجرة بالتقييد بما اتفق عليه في العقد أو بما هو متعارف عليه بين الناس في حدود الشرع. د - العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر فلو هلكت دون اعتداء منه أو مخالفة المأذون فيه إلى ما هو أشد أو دون تقصير في الصيانة والحفظ، فلا ضمان عليه. هـ - إذا خالف المستأجر شرطاً معتبراً للمؤجر لا يتنافى مع مقتضى العقد فإنه يعتبر معتدياً ويضمن ما يصيب العين المؤجرة من أضرار. و - إذا اشترط المؤجر على المستأجر ضمان العين، فالشرط فاسد لمنافاته العقد ولا تفسد الإجارة. ز - ليس على المستأجر إصلاح الخلل الذي يصيب العين المأجورة دون تعد أو تقصير منه. ح - تمليك المستأجر منفعة العين المؤجرة لشخص آخر في مدة الإجارة إن حصل من جرائه ضرر بالعين المؤجرة فالمستأجر ضامن لما يصيب العين المؤجرة من ضرر. وفي ضوء ما طرح في مناقشة موضوع الإجارة من بيانات عن التقنيات الشرعية السابق العمل بها في الماضي والمشاريع المقترحة في مجال تطوير التشريعات القائمة بما يوافق الشريعة الإسلامية تبين أهمية هذه الزمرة من الأعمال العلمية ولا سيما في مجال (المعاملات المالية) بصفتها محاولات جادة تساعد على تطبيق الفقه الإسلامي. صيانة العين المأجورة([862]) : أولاً: لا يلزم القين (أي الخادم) بشيء من الإصلاحات الإنشائية أو التحسينية إلا بشرط في العقد. ثانياً: يلزم المؤجر القيام بالإصلاحات الضرورية لتمكين المستأجر من الانتفاع إذا حدث الخلل بعد التعاقد، أو كان موجود عن التعاقد ولم يطلع عليه المستأجر، أما إذا كان موجوداً واطلع عليه المستأجر فلا يلزم المؤجر القيام بإصلاحه إلا بشرط في العقد، فإذا قام المؤجر بالإصلاحات التي تلزمه بمقتضى البند السابق لم يكن للمستأجر حق فسخ العقد، أما إذا لم يقم بها فلا يُجْبَر عليها بل يكون للمستأجر حق فسخ العقد. ثالثاً: الأصل أنه لا يجوز أن يشترط المؤجر على المستأجر صيانة العين مما قد يحصل بها من الخلل فإن وقع العقد بهذا الشرط فسد، للجهالة. ويستثنى من ذلك الحالات التالية: أ. الصيانة التشغيلية وهي ما يستلزمه استعمال العين المستأجرة لاستمرارية استخدامها (كالزيوت المطلوبة للآلات والمعدات). ب. الصيانة الدورية، وهي ما يتطلبه استمرار قدرة العين على تقديم المنفعة. ج. الصيانة المعلومة، بالوصف والمقدار في العقد، أو العرف سواء كانت الصيانة مجرد عمل أو مع استخدام مواد أو قطع غيار معلومة؛ لأن ما كان من هذا القبيل فإنه بمثابة أجرة مأخوذة في الاعتبار. رابعاً: إن أذن المؤجر للمستأجر في العقد أو بعده بأن يقوم بإصلاحات معينة في العين فله أن يفعل ذلك ثم يكون له أن يرجع على المؤجر بما أنفقه على العين، ما لم يكن المؤجر قد اشترط ألا رجوع عليه، أما إن قام المستأجر بعمل صيانة للعين المستأجرة بدون إذن المؤجر فليس له أن يرجع عليه بشيء بل يكون متبرعاً. الاستثمار في المنافع والخدمات([863]) :(إعادة التأجير) : أولاً: المستأجر يملك المنفعة، والأصل أن من يملك المنفعة ملك الانتفاع بها بنفسه وبغيره، فيجوز للمستأجر إعادة تأجير العينة المستأجرة. ثانياً: لا عبرة لاشتراط مالك العين على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه، ما لم يكن في ذلك إلحاق ضرر بالعين المأجورة. ثالثاً: يجوز إعادة التأجير بمثل ما استأجرت العين أو بأكثر أو بأقل. سواء كانت إعادة التأجير بعد قبض المستأجر الأول للعين أو قبل القبض. رابعاً: يجوز لِمَن استأجر خدمةَ شخصٍ أن يقوم بتأجيرها إلى غيره بمثل ما استأجرت الخدمة أو بأكثر أو بأقل؛ لأن مستأجر خدمة شخص استحق منافعه فجاز له نقلها لغيره. بدل الخلو (الفروغ): قرار مجمع الفقه الإسلامي([864]): أولاً: تنقسم صور الاتفاق على بدل الخلو إلى أربع صور هي: 1- أن يكون الاتفاق بين مالك العقار وبين المستأجر عند بدء العقد. 2- أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين المالك وذلك في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها. 3- أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين مستأجر جديد في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها. 4- أن يكون الاتفاق بين المستأجر الجديد وبين كُلٍّ من المالك والمستأجر الأول قبل انتهاء المدة أو بعد انتهائها. ثانياً: إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغاً مقطوعاً زائداً عن الأجرة الدورية (وهو ما يسمى في بعض البلاد [مثل سورية] خُلُوَاً) فلا مانع شرعاً من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن يُعَدَّ جزءاً من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة. ثالثاً: إذا تم الاتفاق بين المالك والمستأجر أثناء مدة الإجارة على أن يدفع المالك إلى المستأجر مبلغاً مقابل تخليه عن حقه الثابت بالعقد في ملك منفعة بقية المدة فإن بدل الخلو هذا جائز شرعاً؛ لأنه تعويض عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك، أما إذا انقضت مدة الإجارة ولم يتجدد العقد صراحة أو ضمناً عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له فلا يحل بدل الخلو؛ لأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر. رابعاً: إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول والمستأجر الجديد أثناء مدة الإجارة على التنازل عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية فإن بدل الخلو هذا جائز شرعاً مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المُبْرَم بين المالك والمستأجر الأول ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية، على أنه في الإجارات الطويلة المدة - خلافاً لنص عقد الإجارة طبقاً لما تسوغه بعض القوانين - لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك، أما إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة فلا يحل بدل الخلو لانقضاء حق المستأجر الأول في منفعة العين. الإيجار المنتهي بالتمليك وصكوك التأجير([865]): إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421 هـ إلى غرة رجب 1421 هـ (23-28 سبتمبر 2000م). بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع (الإيجار المنتهي بالتمليك، وصكوك التأجير) وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة أعضاء المجمع وخبرائه وعدد من الفقهاء قرر ما يلي : الإيجار المنتهي بالتمليك : أولاً: ضابط الصور الجائزة والممنوعة ما يلي: أ ـ ضابط المنع : أن يرد عقدان مختلفان في وقت واحد على عين واحدة في زمن واحد. ب ـ ضابط الجواز :
ثانياً: من صور العقد الممنوعة : أ ـ عقد إجارة ينتهي بتملك العين المؤجرة مقابل ما دفعه المستأجر من أجرة خلال المدة المحددة دون إبرام عقد جديد، بحيث تنقلب الإجارة في نهاية المدة بيعا تلقائيا. ب ـ إجارة عين لشخص بأجرة معلومة، ولمدة معلومة، مع عقد بيع له معلق على سداد جميع الأجرة المتفق عليها خلال المدة المعلومة أو مضاف إليه وقت في المستقبل. جـ ـ عقد إجارة حقيقي واقترن به بيع بخيار الشرط لصالح المؤجر، ويكون مؤجلا إلى أجل طويل محدد (هو آخر مدة عقد الإيجار) هذا وما تضمنته الفتاوى والقرارت الصادرة من هيئات علمية، ومنها هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ثالثا: من صور العقد الجائزة أ ـ عقد إجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة، واقترن به عقد هبة العين للمستأجر، معلقا على سداد كامل الأجرة وذلك بعقد مستقل، أو وعد بالهبة بعد سداد كامل الأجرة (وذلك وفق ما جاء في قرار المجمع بالنسبة للهبة رقم 13/1/3 في دورته الثالثة) ب ـ عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة (وذلك وفق قرار المجمع رقم 44 (6/5) في دورته الخامسة)
$ $ $
الفصل الخامس عشر إجارة الأشخاص حكم استئجار الأشخاص: استئجار الأشخاص جائز شرعاً لقول اللّه تعالى: ]قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ[[القصص: 27]، وقول النّبيّ e: "أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ"([866]). ومتى كان الأجير جائز التّصرّف، مستوفياً لشروط العقد من سلامة الأسباب والآلات، قادراً على تسليم المنفعة المطلوبة منه حسّاً وشرعاً، ولم يكن فيما يستأجر عليه معصية، فإنّه يجب عليه الوفاء بما تمّ العقد عليه. صورتا إجارة الأشخاص: تقع إجارة الأشخاص على صورتين: أجير خاصّ استؤجر على أن يعمل للمستأجر فقط؛ كالخادم الخاص، والموظّف والعامل، ويستحقّ أجرةً على المدّة. وأجير مشترك يُكْتَرى لأكثر من مستأجر بعقود مختلفة، ولا يتقيّد بالعمل لواحد دون غيره، كالطّبيب في عيادته، والمهندس والمحامي في مكتبيهما، ويستحقّ أجرةً على العمل. إجارة الأشخاص على المعاصي([867]): الإجارة على المنافع المحرّمة كالزّنى والنّوح والغناء والملاهي محرّمة، وعقدها باطل لا يستحقّ به أجرة، ولا يجوز استئجار كاتب ليكتب له غناءً ونوحاً، لأنّه انتفاع بمحرّم. ولا يجوز الاستئجار على حمل الخمر لمن يشربها، ولا على حمل الخنـزير؛ لأنّ النّبيّ e لعن حاملها والمحمولة إليه([868])، وأمّا حمل هذه الأشياء لإراقتها وإتلافها فجائز إجماعاً([869]). إجارة الأشخاص على الطاعات([870]): الأصل أنّ كلّ طاعة يختصّ بها المسلم لا يجوز الاستئجار عليها؛ كالإمامة والأذان والحجّ وتعليم القرآن والجهاد؛ فَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: إِنَّ مِنْ آخِرِ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ r: "أَنْ اتَّخِذْ مُؤَذِّناً؛ لاَ يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْراً"([871])، وما رواه عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ: عَلَّمْتُ نَاساً مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْقُرْآنَ وَالْكِتَابَةَ فَأَهْدَى إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْساً، فَقُلْتُ: لَيْسَتْ بِمَالٍ، وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ r عَنْهَا، فَقَالَ: "إِنْ سَرَّكَ أَنْ تُطَوَّقَ بِهَا طَوْقاً مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا"([872])، وقال رسول اللّه e: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ؛ وَلاَ تَغْلُوا فِيهِ، وَلاَ تَجْفُوا عَنْهُ، وَلاَ تَأْكُلُوا بِهِ، وَلاَ تَسْتَكْثِرُوا بِهِ"([873])، ولأنّ من شرط صحّة هذه الأفعال كونها قربةً إلى اللّه تعالى، فلم يجز أخذ الأجر عليها.والمتأخّرون من فقهاء الحنفية([874]) أجازوا الإجارة على تعليم القرآن استحساناً، وكذا ما يتّصل بإقامة الشّعائر كالإمامة والأذان؛ للحاجة. وأجاز جمهور الفقهاء([875]) أخذ الأجر على قراءة القرآن وتعليمه، ؛ فَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا، قَالَ: قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ"([876])، وجعل ذلك يقوم مقام المهر، فجاز أخذ الأجرة عليه في الإجارة، وفي الحديث الصّحيح: أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r مَرُّوا بِمَاءٍ، فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ، إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلاً لَدِيغاً أَوْ سَلِيماً، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ (أي والأجر شاة)، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْراً؟، حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْراً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْراً كِتَابُ اللَّهِ"([877])، ولا يكاد يوجد متبرّع بذلك، فيحتاج إلى بذل الأجر فيه. وقد نصّ فقهاء المالكية([878]) على كراهة الأجرة على قراءة القرآن بلحن، لأنّ القراءة على هذا الوجه مكروهة إذا لم يخرج عن حدّه. وصرّح فقهاء الحنابلة([879]) بجواز الإجارة على ذبح الأضحيّة والهدي وتفريق الصّدقات وإعطاء الشّاهد ما يستعين به على الوصول إلى مجلس القضاء.
$ $ $
الفصل السادس عشر عقد المقاولة([880])والمناقصة عقد المقاولة: كثر الاعتماد على أشكال المقاولة وصورها، وزاد حجمها زيادة واسعة لها أثرها في اقتصاد البلاد وفي أوضاع العاملين في قطاع التعمير والإنشاء والتصنيع، مما جعل المقاولة ذات أهمية اقتصادية واجتماعية. وبرز في الساحة العمرانية في مجال القوانين المدنية عقد جديد من عقود العمل وهو عقد المقاولة الذي جرى العرف فيه على هذه التسمية، عوضاً عن (عقد الاستصناع) وعن (إجارة الأعمال) ما يسمى باستئجار الأجير، حرصاً على رفع شأن العامل والإعراض عن تسميته بالأجير الذي يثير الحساسية والدونية. وقد تعددت أشكال المقاولة وصورها في العصر الحاضر، سواء على الصعيد الحكومي؛ بإنشاء كثير من المرافق الحيوية كالمصانع والمشافي والمدارس، أم على الصعيد الخاص في الإنشاء والتعمير. وصار عقد المقاولة شاملاً كل أوجه تقديم المهن الحرة في ميدان العمل والصناعة، وخضع هذا العقد للأحكام الخاصة بالاستصناع، والأجير المشترك، وجرى العرف والاستحسان والتقنين على استعمال كلمة (البدل) لتشمل الثمن في الاستصناع، والأجر في إجارة الأعمال. تعريف عقد المقاولة في النظم المدنية ونطاقها: المقاولة([881]): عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر.يدل هذا التعريف على أن المقاولة عقد معاوضة رضائي يلتزم فيه المقاول صناعة شيء كتمثال، أو أداء عمل؛ كإقامة بناء وإشراف عليه، في مقابل التزام الطرف الآخر بتقديم بدل نقدي متفق عليه، إما شهرياً، وإما بنسبة معينة مثل (15 أو 10%) من النفقات الفعلية. أما تقديم مواد العمل فقد نصت هذه القوانين عليها، ووصفت كيفية المقاولة وقصرتها على حالتين بحسب التراضي أو الاتفاق: 1- إما أن يتعهد المقاول تقديم العمل فقط، ويقدم صاحب العمل المادة المستخدمة أو المستعان بها في القيام بالعمل. 2- وإما أن يتعهد المقاول بتقديم المادة والعمل، أي: المادة التي تدخل في تركيب المصنع أو البناء مثلاً، مع القيام بالعمل الفعلي القائم على تقديم الأدوات والمواد الأولية كالأسمنت والحديد وأدوات أو آلات المصنع، وتشغيل العمال وتقديم الأجرة لهم. وفي الحالتين يجب في عقد المقاولة وصف المحل وبيان النوع والمقدار وطريقة الأداء، ومدة الإنجاز، وتحديد مقدار البدل المدفوع في مقابل هذه الخدمات. وهذه الأحكام صحيحة تتفق مع أحكام الاستصناع في الفقه الإسلامي، فتكون المادة والعمل من الصانع، وقد يكون العمل فقط هو المعقود عليه؛ لأن الاستصناع: طلب الصنع، وهو العمل. والاستصناع: انفرد فقهاء الحنفية([882]) بالقول بجوازه على نحو فيه سماحة وسعة، استحساناً لتعامل الناس وتعارفهم عليه. أما جمهور الفقهاء فأجازوه بنحو مضيق على أساس عقد السلم، واشترطوا شروط السَّلَم فيه، ومنها تعجيل كامل البدل في مجلس العقد. واتفق الجميع على أنه لابدَّ فيه من بيان جنس المصنوع ونوعه وقدره وصفته. وقد أجاز الصاحبان من فقهاء الحنفية عقد الاستصناع، سواء حدد فيه أجل أو لم يحدد، لأن العادة جارية بتحديد الأجل فيه. تكييف عقد المقاولة في الفقه الإسلامي بحسب التزام المقاول: المقاولة تتردد بين أن تدخل تحت ما يعرف في الفقه بعقد الاستصناع أو بعقد الإجارة على العمل. أما حالة شبه المقاولة بالاستصناع: فتكون في حالة تقديم المقاول لإنجاز تعهده أو التزامه تقديم المادة الأولية اللازمة كلها أو بعضها، والعمل أو الخبرة التي لابدَّ منها للتصنيع. وهكذا شأن الصانع في الاستصناع وهو الغالب عادة، حينما يلتزم بإنجاز شيء، والمادة من عنده، بالإضافة لعمله؛ كأن يصنع أبواباً لمنـزل أو غيره، أو غرفة أثاث للنوم أو صالة الاستقبال، بحسب النموذج المتفق عليه، وتكون الأخشاب من عنده، وهو القائم بالعمل أو الخبرة المتخصصة لذلك. وأما حالة شبه المقاولة بعقد الإجارة على العمل: فتظهر حين اقتصار التزام المقاول على تنفيذ العمل المتفق عليه، على أن يقدِّم رب العمل المواد اللازمة لذلك، سواء أكانت مادة مستهلكة يستخدمها المقاول، أم كانت مادة استعمالية يستعين بها المقاول في القيام بعمله. وهكذا شأن القائمين بإجارة الأعمال وهي: التي تعقد على عمل معلوم؛ كبناء وخياطة ثوب، وحمل إلى موضع معين، وصباغة ملابس، وإصلاح حذاء ونحوه. والمراد: الأجير المشترك أو العام وهو: الذي يعمل لعامة الناس كالصباغ والحداد والكواء ونحوهم، وليس الأجير الخاص أو أجير الوَحَد وهو: الذي يعمل لشخص واحد، لمدة معلومة([883]). وقد أصبح عقد المقاولة منفصلاً عن كل من عقد البيع أو الاستصناع، وعقد الإيجار، وصار عقد المقاولة عقداً مُلْزِماً للجانبين، يقع التراضي فيه على العمل المطلوب تأديته من المقاول، وعلى المقابل الذي يتعهد رب العمل بأدائه. وأصبح عقد المقاولة متميزاً عن عقدي العمل والوكالة. والذي يميز المقاولة عن عقد العمل هو: أن المقاول لا يخضع لإرادة رب العمل وإشرافه، بل يعمل مستقلاً طبقاً لشروط العقد المبرم بينهما، ومن ثَمّ فلا يعتبر المقاول تابعاً لرب العمل، ولا يسأل رب العمل عن المقاول مسؤولية المتبوع عن تابعه. وأما ما يميز المقاولة عن الوكالة فهو: أن المقاول (وهو يؤدي العمل لمصلحة رب العمل) لا ينوب عنه وإنما يعمل مستقلاً عنه، على عكس الوكيل وهو الذي يقوم بالتصرف القانوني لمصلحة موكله، يكون نائباً عنه، ويمثّله في التصرف الذي يقوم به، فينصرف أثر هذا التصرف إلى الموكل. وإذا قدَّم المقاول مواد العمل كلها أو بعضها، وجب: أن تكون هذه المواد مطابقة للشروط والمواصفات المتفق عليها. فإذا لم تكن هناك شروط أو مواصفات، وجب على المقاول أن يتوخى في اختيار المواد أن تكون وافية بالغرض المقصود . وإذا لم تبين درجة المواد من حيث جودتها، ولم يكن استخلاص ذلك من العرف أو من ظرف آخر، التزم المقاول بتقديم مواد من صنف متوسط طبقاً للقواعد العامة. وعلى المقاول أيضاً ضمان المواد المقدمة وفقاً لأحكام الضمان في عقد البيع؛ لأنه يكون في هذه الحالة بائعاً للمواد التي يقدمها([884]). وإذا كانت مواد العمل مقدمة من صاحب العمل، فإنه يجب على المقاول: أن يحافظ على المواد المسلَّمة إليه، وأن يبذل في المحافظة عليها عناية الشخص، لأنه أمين عليها، فإذا أخل بهذه العناية كان مسؤولاً عن هلاكها أو ضياعها. وعليه أن يستخدم هذه المواد طبقاً لأصول الفن الصناعي، فيتجنب الإفراط والتفريط فيها، ويستعمل منها القدر اللازم لإنجاز العمل دون نقص أو زيادة، طبقاً لقواعد المسؤولية العقدية، فيكون عبء إثبات إهمال المقاول أو عدم بذله عناية الشخص العادي، أو بقصور كفايته الفنية في جعل المواد أو بعضها غير صالح للاستعمال يقع على رب العمل([885]). أحكام المقاولة أو آثارها : التزامات صاحب العمل: منصوص عليها في القوانين المدنية الإسلامية([886])، وهي مستمدة من الفقه الحنفي([887]) وهي ما يأتي([888]): 1- تسلّم ما تم من العمل بعد إنجازه: متى أنجزه المقاول ووضعه تحت تصرفه؛ فإذا امتنع بغير سبب مشروع، على الرغم من إنذاره رسمياً، وتلف في يد المقاول أو تغيب دون تقصير منه؛ فلا ضمان عليه؛ لأن المقاول (أو الأجير الخاص) أمين على ما في يده، فلا يضمن ما تلف في يده من غير تعد ولا تقصير. 2- دفع الأجرة عند تسلّم المعقود عليه؛ لأن الأجرة تلزم باستيفاء المنفعة ما لم يتفق أو يتعارف على غير ذلك. فإذا كان عقد المقاولة على أساس الوحدة، مثل: كل بناء على حدة، وبمقتضى تصميم معين، ثم تبين أن تنفيذ التصميم يقتضي زيادة جسيمة في النفقات، جاز لرب العمل أن يتحلل من العقد، مع إيفاء المقاول حقه عما أنجزه من الأعمال مقدرة على وفق شروط العقد. أما إن كان تنفيذ العمل على أساس تصميم لقاء أجر إجمالي، فليس للمقاول المطالبة بأية زيادة في الأجر. وإذا لم يُعَيَّن في العقد أجر على العمل: استحق المقاول أجر المثل، مع قيمة المواد التي يتطلبها العمل. وإذا لم يتفق المهندس الذي صمم البناء وأشرف على تنفيذه على الأجر، استحق أجر المثل حسب الجاري عرفاً، فإن طرأ ما يحول دون إتمام تنفيذ العمل وفقاً للتصميم الذي أعده، استحق أجر مثل ما قام به من عمل دون الباقي.
الفصل السابع عشر الجعالـة التّعريف: في اللغة([889]): الجُعْل: الأجر، يقال: جعلت له جعلاً، والْجَُِعالة: بتثليث الجيم: اسم لما يجعل للإنسان على فعل شيء. في الاصطلاح:عرّفها فقهاء المالكية([890]): التزام أهل الإجارة جعلاً؛ يستحقه السامع بالتمام. وعرّفها فقهاء الشافعية([891]): بأنّها التزام عوض معلوم على عمل معيّن معلوم، أو مجهول يعسر ضبطه. وعرّفها فقهاء الحنابلة([892]): أن يجعل شيئاً معلوماً لمن يعمل له عملاً معلوماً أو مجهولاً مدة معلومة أو مجهولة. والجعالة أوسع من الإجارة([893])، وتمتاز عنها في كونها تجوز مع جهالة العمل والمدة، بخلاف الإجارة. والجعالة لا تخالف الإجارة إلا في أربعة أحكام([894]):
صورتها: أن يقول: مَن رَدَّ لُقَطَتي، أو ضالتي فله كذا، أو له نصفها أو ثلثها، أو مَن بنى لي هذا الحائط فله كذا، أو مَن يحضر لي دواءً معيناً فله كذا، أو مَن يجلب لي الزبائن فله كذا، أو مَن نجح في صفه فله كذا، أو مَن أَذَّن في هذا المسجد شهراً فله كذا، أو مَن أجاب على سؤال معين فله كذا. ويجوز أخذ الجعالة على الأذان والإمامة([895])، وكذلك الجعالة على الدعاء([896]). والعوض في الشهادة من باب الجعالة لا من باب الإجارة اللازمة([897]). وتصح الجعالة على الشفاء؛ وإن لم يكن مقدوراً، إلا أن أسبابه مقدور عليها([898]). حكم الجعالة، ودليل شرعيّتها: عقد الجعالة مباح شرعاً عند جمهور الفقهاء([899])، إلاّ أنّ فقهاء المالكية يقولون: إنّها جائزة بطريق الرّخصة، اتّفاقاً، والقياس عدم جوازها بل عدم صحّتها للغرر الّذي يتضمّنه عقدها([900])، وإنّما خرجت عن ذلك إلى الجواز للأدلّة التّالية: في الكتاب، والسّنّة، والمعقول. فمن الكتاب قوله تعالى: ]ولِمَنْ جَاءَ به حِمْلُ بَعِيرٍ[[يوسف: 72]، وكان حمل البعير معلوماً عندهم، وهو الوسق وهو ستّون صاعاً، وشرع من قبلنا شرع لنا([901]) إذا قُصَّ علينا من غير نكير، ولم يثبت نسخه، ومن خالف في هذه القاعدة جعله استئناساً. ومن السّنّة: حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r كَانُوا فِي سَفَرٍ، فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ، فَقَالُوا لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ؛ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: نَعَمْ، فَأَتَاهُ، فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ؛ فَبَرَأَ الرَّجُلُ، فَأُعْطِيَ قَطِيعاً مِنْ غَنَمٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَقَالَ: حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ r، فَأَتَى النَّبِيَّ r فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا رَقَيْتُ إِلاَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: "وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟"، ثُمَّ قَالَ: "خُذُوا مِنْهُمْ، وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ"([902])، وفي رواية قال: "إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْراً كِتَابُ اللَّهِ"([903])، وقال r يوم حنين: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ"([904]). ومن المعقول: إنّ حاجة النّاس قد تدعو إليها لردّ مال ضائع، أو عمل لا يقدر عليه الجاعل ولا يجد من يتطوّع به، ولا تصحّ الإجارة عليه لجهالته، فجازت شرعاً للحاجة إليها([905]). وعند فقهاء الحنفية الجعالة غير جائزة([906])؛ لما فيها من تعليق التّملّك على الخطر (أي: التّردّد بين الوجود والعدم) كما أنّ الجعالة الّتي لم توجّه إلى معيّن لم يوجد فيها من يقبل العقد فانتفى العقد. أركان الجعالة([907]):ثلاثة : الصّيغة، والمتعاقدان، والمعقود عليه؛ العمل والجُعْل صيغة الجعالة([908]): الصّيغة عند القائلين بالجعالة هي كلّ لفظ دالّ على الإذن في العمل بعوض معلوم، مقصود وملتزم، سواء أكان الإذن عامّاً لكلّ من سمعه أو علم به، مثل أن يقول الجاعل: من ردّ ضالّتي أو ضالّة فلان فله كذا، أم كان الإذن خاصّاً بشخص معيّن مثل أن يقول له: إن رددت ضالّتي فلك كذا، لأنّها عقد معاوضة فيحتاج إلى صيغة تدلّ على المطلوب وقدر المبذول عوضا كالإجارة، والأخرس تكفي إشارته المفهمة لذلك. ولا يشترط في الصّيغة قبول العامل لفظاً وإن عيّنه، لما فيه من التّضييق في محلّ الحاجة بل يكفي العمل منه، وكذا لا يشترط حضور العامل وقت إيجاب الجاعل وإعلانه. عقد الجعالة قبل تمام العمل هل هو لازم أم غير لازم؟عند جمهور الفقهاء([909]): إنّ الجعالة عقد غير لازم لكلّ من المتعاقدين قبل شروع العامل في العمل فيجوز لكلّ من المتعاقدين الرّجوع فيه بدون أن يترتّب على ذلك أيّ أثر; لأنّها من جهة الجاعل تعليق استحقاق العامل للجعل بشرط، وأمّا من جهة العامل فلأنّ العمل فيها مجهول، وما كان كذلك لا يتّصف عقده باللّزوم. ويقابل هذا قول عند فقهاء المالكية([910]): بأنّها عقد لازم لكلّ من المتعاقدين؛ ولو قبل الشّروع كالإجارة، وقيل عندهم: إنّها عقد لازم للجاعل فقط بمجرّد إيجابه أو إعلانه دون العامل، وأمّا بعد شروع العامل في العمل المجاعل عليه وقبل تمامه، فعند فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة العقد غير لازم أيضا لكلّ منهما، كما قبل الشّروع في العمل. وهذا عند فقهاء المالكية بالنّسبة للعامل، أمّا الجاعل فعند فقهاء المالكية([911]): إنّها تلزمه في هذه الحالة على الرّاجح، فلا يكون له حقّ الرّجوع عن تعاقده هذا حتّى لا يبطل على العامل عمله، والظّاهر أنّه لا يكون له حقّ الرّجوع حتّى ولو كان العمل الّذي حصل به الشّروع قليلاً لا قيمة له. المتعاقدان([912]): يشترط في الملتزم بالجُعْل: أن يكون صحيح التّصرّف فيما يجعله عوضاً، وأن يكون مختاراً؛ فلا يصحّ العقد بالتزام صبيّ، أو مجنون، أو محجور عليه بسفه، أو مكره. يشترط في العامل: يشترط في العامل المعيَّن أهليّته للعمل بأن يكون قادراً عليه؛ فلا يصحّ العقد من عاجز عن العمل، كصغير، وضعيف لا يقدر عليه، لأنّ منفعته معدومة. أمّا إذا كان العامل غير معيّن: فيكفي علمه بإعلان الجاعل، ولا يشترط قدرته على العمل أصلاً، ويكفي أن يأذن أو يوكّل من يعمل. محظورات في الجعالة: تاجر يعرض على الصُّناع وأصحاب الحرف (تمديدات صحية وكهربائية ونحوها) دفع مبلغٍ من المال من أجل أن يجذبوا له الزبائن، فهل هذا العرض جائز؟.الجواب([913]): لا يجوز للبائع أن يدفع مالاً لهؤلاء الصُّناع وأصحاب الحرف لكي يجلبوا زبائنهم إلى محله؛ لأن هؤلاء مؤتمنون على عملهم من قِبَل زبائنهم، والمال المعروض عليهم قد يدعوهم إلى التغرير بالمشترين، ودعوتهم لشراء بضائع لا يحتاجونها، أو يوجد ما هو أجود منها، أو أرخص منها كما هو معلوم من عادات الصُّناع وأصحاب الحرف، وهذا منهم خيانة للأمانة، ومن التاجر معاونة لهم على ذلك، وقد قال الله تعالى: ]وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[[المائدة: 2]. ومن المعلوم أن الذي يتقاضى مالاً لن يكون حراً في نظره واختياره الأصلح لِمَن يعمل له، كما يكون لو لم يأخذ ذلك المال.ولو فرض أن عاملاً لن يدعوه هذا المال إلى عدم اختيار الأصلح لموكله الذي يعمل له؛ فهذا نادر وخلاف الغالب، وقاعدة الشريعة([914]): تقديم الغالب على النادر، وأن الحكم للغالب لا للنادر.
$ $ $
الفصل الثامن عشر الرهن التّعريف : الرّهن في اللّغة([915]): الثّبوت والدّوام، يقال: ماء راهن أي: راكد ودائم، ونعمة راهنة أي: ثابتة دائمة، ويأتي بمعنى الحبس، ومن هذا المعنى: قوله تعالى: ]كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ[ [الطور: 21]. وشرعاً([916]): جعل عينٍ ماليّةٍ وثيقةً بدينٍ يستوفى منها أو من ثمنها إذا تعذّر الوفاء. مشروعيّة الرّهن: الأصل في مشروعيّة الرّهن قوله تعالى: ]وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَة[ [البقرة: 283]، والمعنى: فارهنوا، واقبضوا. وحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا "أَنَّ النَّبِيَّ r اشْتَرَى طَعَاماً مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعاً مِنْ حَدِيدٍ"([917]). وقد أجمعت الأمّة على مشروعيّة الرّهن، وتعاملت به من لدن عهد النّبيّ e إلى يومنا هذا، ولم ينكره أحد([918]). الحكم التّكليفيّ([919]): الرّهن جائز وليس واجباً؛ لأنّه وثيقة بدينٍ، فلم يجب كالضّمان، والكفالة. والأمر الوارد به أمر إرشادٍ، لا أمر إيجابٍ، بدليل قوله تعالى: ]فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَه[[البقرة: 283]، ولأنّه أمر بعد تعذّر الكتابة، والكتابة غير واجبةٍ، فكذلك بدلها. جواز الرّهن في الحضر([920]): الرّهن في الحضر جائز جوازه في السّفر، واستدلّوا بحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ r وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلاَثِينَ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ"([921])، ولأنّها وثيقة تجوز في السّفر، فجازت في الحضر كالضّمان، وقد تترتّب الأعذار في الحضر أيضاً فيقاس على السّفر. والتّقييد بالسّفر في الآية خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له؛ لدلالة الأحاديث على مشروعيّته في الحضر، وأيضاً السّفر مظنّة فقد الكاتب، فلا يحتاج إلى الرّهن غالباً إلاّ فيه. أركان الرّهن: أ - ما ينعقد به الرّهن: ينعقد الرّهن بالإيجاب والقبول وهذا محلّ اتّفاقٍ بين الفقهاء([922]). ب - العاقد([923]): شرط في كلٍّ من الرّاهن والمرتهن أن يكون مطلق التّصرّف في المال بأن يكون عاقلاً بالغاً رشيداً، غير محجورٍ من التّصرّف. فأمّا الصّبيّ، والمجنون، والمحجور عليه في التّصرّف الماليّ؛ فلا يصحّ منه الرّهن، ولا الارتهان؛ لأنّه عقد على المال فلم يصحّ منهم. والرّهن نوع تبرّعٍ; لأنّه حبس مالٍ بغير عوضٍ فلم يصحّ إلاّ من أهل التّبرّع، فيصحّ رهن البالغ العاقل الرّشيد ماله، أو مال مولّيه بشرط وقوعه على وجه الغبطة الظّاهرة، فيكون بها مطلق التّصرّف في مال مولّيه، بأن تكون في رهنه إيّاه غبطة ظاهرة أو ضرورة. وصرّح فقهاء الحنفية([924]): بأنّ الصّبيّ المأذون يجوز له الرّهن والارتهان; لأنّ الرّهن من توابع التّجارة فيملكه من يملك التّجارة.وصرّح فقهاء المالكية([925]) بأنّ الصّبيّ المميّز والسّفيه يصحّ رهنهما ويكون موقوفاً على إجازة الوليّ. ج - المرهون به: اتّفق الفقهاء([926]) على أنّه: يجوز أخذ الرّهن بكلّ حقٍّ لازمٍ في الذّمّة، أو آيلٍ إلى اللّزوم، د - المرهون: لا خلاف بين الفقهاء([927]) في أنّه: يجوز رهن كلّ متموّلٍ يمكن أخذ الدّين منه، أو مِن ثمنه عند تعذّر وفاء الدّين من ذمّة الرّاهن، ثمّ اختلفوا في بعض التّفاصيل. فاشترط فقهاء الحنفية في المرهون ما يلي([928]): 1- أن يكون محوزاً أي مقسوماً، فلا يجوز رهن المشاع. 2- وأن يكون مُفَرَّغاً عن ملك الرّاهن، فلا يجوز رهن مشغول بحقّ الرّاهن؛كدارٍ فيها متاعه. 3- وأن يكون مميّزاً، فلا يجوز رهن المتّصل بغيره اتّصال خلقةٍ؛ كالثّمر على الشّجر بدون الشّجر. وعند فقهاء المالكية([929]): يجوز رهن ما فيه غرر يسير؛ كبعيرٍ شاردٍ، وثمرٍ لم يبد صلاحه؛ لأنّه شيء في الجملة وهو خير من لا شيءٍ، بخلاف ما فيه غرر شديد كالجنين، وزرعٍ لم يخلق. وعند فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة([930]): كلّ عينٍ جاز بيعها جاز رهنها؛ لأنّ المقصود من الرّهن أن يباع ويستوفى الحقّ منه إذا تعذّر استيفاؤه من ذمّة الرّاهن، وهذا يتحقّق في كلّ عينٍ جاز بيعها، وما لا يصحّ بيعه لا يصحّ رهنه؛ فلا يصحّ رهن الكلب، أو الخنـزير، أو الخمر. رهن المستعار([931]): لا يشترط أن يكون المرهون ملكاً للرّاهن، فيصحّ رهن المستعار بإذن المعير باتّفاق الفقهاء؛ لأن الرهن توثّق، وهو يحصل بما لا يملكه الرّاهن بدليل صحّة الإشهاد والكفالة، ولأنّ للمعير أن يلزم ذمّته دين غيره، فيملك أن يلزم عين ماله ; لأنّ كلاًّ منهما محلّ حقّه، وتصرّفه. الانتفاع بالمرهون: اختلف الفقهاء في جواز الانتفاع بالمرهون، وفيمن له ذلك. فعند فقهاء الحنفية([932]): ليس للرّاهن ولا للمرتهن الانتفاع بالمرهون مطلقاً؛ لا بالسّكنى ولا بالرّكوب، ولا غيرهما، إلاّ بإذن الآخر، وفي قولٍ عندهم: لا يجوز الانتفاع للمرتهن ولو بإذن الرّاهن; لأنّه رباً، وفي قولٍ: إن شرطه في العقد كان رباً، وإلاّ جاز انتفاعه بإذن الرّاهن. وعند فقهاء المالكية([933]): غلاّت المرهون للرّاهن، وينوب في تحصيلها المرتهن، ويجوز للمرتهن الانتفاع بالمرهون بشروطٍ هي: 1- أن يشترط ذلك في صلب العقد. 2- وأن تكون المدّة معيّنةً. 3- ألاّ يكون المرهون به دين قرضٍ.فإن لم يشرط في العقد وأباح له الرّاهن الانتفاع به مجّاناً لم يجز ; لأنّه هديّة مديانٍ، وهي غير جائزةٍ، وكذا إن كان المرهون به دَين قرضٍ؛ لأنّه سلف جرّ نفعاً. وعند فقهاء الشافعية([934]): يُمْنَع المرتهن من كلّ تصرّفٍ أو انتفاعٍ بالعين المرهونة، أمّا الرّاهن فله عليها كلّ انتفاعٍ لا ينقص القيمة؛ كالرّكوب ودرّ اللّبون، والسّكنى، والاستخدام، لحديث: "الظَّهْرُ يُرْكَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُوناً، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُوناً، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ نَفَقَتُهُ"([935])، وحديث: "الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ"([936])، وقيس على ذلك ما أشبهه من الانتفاعات. أمّا ما ينقص القيمة؛ كالبناء على الأرض المرهونة والغرس فيها فلا يجوز له إلاّ بإذن المرتهن; لأنّ الرّغبة تقلّ بذلك عند البيع زمن تعذر الوفاء. وفرّق فقهاء الحنابلة([937]) بين المرهون المركوب أو المحلوب وبين غيرهما، وقالوا: إن كان المرهون غير مركوبٍ أو محلوبٍ، فليس للمرتهن ولا للرّاهن الانتفاع به إلاّ بإذن الآخر، أمّا المرتهن فلأنّ المرهون ونماءه ومنافعه ملك للرّاهن، فليس لغيره أخذها بدون إذنه، وأمّا الرّاهن فلأنّه لا ينفرد بالحقّ، فلا يجوز له الانتفاع إلاّ بإذن المرتهن. فإن أذن المرتهن للرّاهن بالانتفاع بالمرهون جاز، وكذا إن أذن الرّاهن للمرتهن بشرط: 1- أن لا يكون المرهون به دين قرضٍ. 2- وأن لا يأذن بغير عوضٍ. فإن أذن الرّاهن للمرتهن بالانتفاع بغير عوضٍ، وكان المرهون به دين قرضٍ، فلا يجوز له الانتفاع به; لأنّه قرض جرّ نفعاً، وهو حرام. وإن شرط في صلب العقد أن ينتفع بها المرتهن فالشّرط فاسد; لأنّه ينافي مقتضى العقد. أمّا المركوب، والمحلوب: فللمرتهن أن ينفق عليه، ويركب، ويحلب بقدر نفقته متحرّياً العدل (من غير استئذانٍ من الرّاهن بالإنفاق، أو الانتفاع) سواء تعذّر إنفاق الرّاهن أم لم يتعذّر، واستدلّوا بحديث: "الظَّهْرُ يُرْكَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُوناً، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُوناً، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ نَفَقَتُهُ"([938]).
$ $ $ الوديعةالتعريف : في اللغة([939]): اسْتَوْدَعه مالاً وأَوْدَعه إِياه: دَفَعَه إِليه ليكون عنده و دِيعةً، وأَوْدَعَه: قَبِلَ منه الوَدِيعة، ويقال: أَوْدَعْتُ الرجل مالاً واسْتَوْدَعْتُه مالاً، والوَدِيعةُ: واحدة الوَدائعِ، وهي ما اسْتُودِعَ. عند فقهاء الحنفية([940]): تسليط المالك غيرَه على حفظ ماله؛ صريحاً، أو دلالة. وعند فقهاء المالكية([941]): توكيل بحفظ مال. وعند فقهاء الشافعية([942]): العقد المقتضي للاستحفاظ. وعند فقهاء الحنابلة([943]): توكيل في الحفظ؛ تبرعاً. مشروعية الوديعة([944]): الوديعة مشروعة مندوب إليها؛ لأن فيها إعانة صاحبها على حفظ ماله، قال تعالى: ]وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى[[المائدة: 2]، وقال تعالى: ]فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ[[البقرة: 283]. ومَن عجز عن حفظها: حَرُم عليه قبولها؛ لأنه يعرضها للتلف. ومَن قَدَر على حفظها وهو أمين، ولكنه لم يثق بأمانته: كُرِه له قبولها. فإن وَثِق بأمانة نفسه، وقَدَر على حفظها: استُحِب له قبولها. فإذا قَبِل المودَع الوديعة: لزمه حفظها؛ لأنه التزم بذلك، قال رسول الله r: "الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ"([945]). أركان الوديعة: عند جمهور الفقهاء ثلاثة([946]): (العاقدان؛ المودِع، والمودَع لديه)، و(المحل؛ الوديعة)، و(الرابط؛ الصيغة: الإيجاب والقبول). وعند فقهاء الحنفية([947]): ركن واحد، هو الإيجاب والقبول. شروط الوديعة([948]): أ - أن تكون قابلة لإثبات اليد عليها؛ فلا يصح إيداع الطير في الهواء، ولا إيداع المال الساقط فيالبحر. ب- أن لا تكون محرمة؛ كإيداع الكافر مصحفاً، وإيداع المحرِم صيداً. شرط المودِع([949]): يشترط في المودِع: التكليف؛ فلا يصح الإيداع من المجنون والصبي الذي لا يعقل، وأما البلوغ فليس بشرط عند فقهاء الحنفية؛ فيصح الإيداع من الصبي المأذون. شرط المودَع لديه([950]): يشترط في المودَع له: التكليف؛ فلا يصح قبول الوديعة من المجنون والصبي الذي لا يعقل؛ لأن مَن لا عقل له لا يكون من أهل الحفظ، وأما البلوغ فليس بشـرط عند
فقهاء الحنفية؛ فيصح قبول الوديعة من الصبي المأذون؛ لأنه من أهل الحفظ. الصيغة: الصيغة عند فقهاء الحنفية تتكون من: الإيجاب والقبول([951]). وعند فقهاء المالكية: يكفي في القبول الرضا بالسكوت([952]). وذهب فقهاء الشافعية إلى: عدم اشتراط القبول، بل يكفي القبض([953]). صفة عقد الوديعة([954]): الوديعة أمانة في يد المودَع لديه: فلا تُضمَن إلا بالتعدي أو التقصير، ويترتبعلى ذلك أحكام: وجوب الرد عند طلب المالك([955])؛ لقوله تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا[[النساء: 58]، فلو حبسها بعد طلب المالك فضاعت: ضَمِن. وجوب الأداء إلى المالك([956])؛ لأن الله أمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وأهلُها مالكها؛ فلو ردَّها إلى منـزل المالك فجعلها فيه، أو دفعها إلى مَن هو في عياله فهلكت؛ ضَمِن؛ لأنه لم يردها إلى يد مالكها، كما أمرت الآية. إذا هلكت الوديعة في يد المودَع لديه بغير صنعه: لا يضمن([957])؛ لأن يده كيد المالك، فهلاكها في يده كهلاكها في يد المالك . انتهاء الوديعة : تنتهي الوديعة بأحد الأمور الآتية([958]):
الودائع المصرفية (حسابات المصارف) ([959]) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي قرر ما يلي: أولاً: الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي؛ حيث إن المصرف المتسلم لهذه الودائع يدُه يدَ ضمان لها، وهو ملزم شرعاً بالرد عند الطلب، ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض) مليئاً. ثانياً: إن الودائع المصرفية تنقسم إلى نوعين بحسب واقع التعامل المصرفي: أ - الودائع التي تدفع لها فوائد، كما هو الحال في البنوك الربوية، هي قروض ربوية محرمة سواء أكانت من نوع الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية)، أم الودائع لأجل، أم الودائع بإشعار، أم حسابات التوفير. ب – الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعلياً بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة، وتنطبق عليها أحكام المضاربة (القراض) في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب (البنك) لرأس مال المضاربة.
الفصل العشرون الحوالة التّعريف: الحوالة في اللّغة([960]): من حال الشّيء حولاً وحؤولاً: تحوّل، وتحوّل من مكانه انتقل عنه وحوّلته تحويلاً نقلته من موضع إلى موضع، والحوالة بالفتح مأخوذة من هذا، فإذا أحلت شخصاً بدينك فقد نقلته إلى ذمّة غير ذمّتك. والحوالة في الاصطلاح: نقل الدّين من ذمّة إلى ذمّة([961]). حكم الحوالة، ودليل مشروعيتها: الحوالة بالدّين مشروعة يدلّ لذلك ما يأتي: أ - السّنّة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ"([962])، وقوله r: "إِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ"([963])، وفي رواية: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَمَنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ"([964]). ب- الإجماع: انعقد الإجماع على مشروعيّة الحوالة([965]). ج- القياس: الحوالة مقيسة على الكفالة([966])، بجامع أنّ كلاًّ من الْمُحَـال عليـه والكفيل قد التزم ما هو أهل لالتزامه وقادر على تسليمه، وكلاهما طريق لتيسير استيفاء الدّين، فلا تمتنع هذه كما لم تمتنع تلك، والحاجة تدعو إلى الحوالة، والدّين يسر. وهل الأمر في قبول الْمُحَال (الدائن) للحوالة المأمور به في الحديث، هل هو أمر إيجاب، أم ندب أم إباحة؟. جمهور الفقهاء على أن الأمر هنا للندب ([967]). أركان الحوالة وشروطها: ذهب فقهاء الحنفية([968]) إلى: اعتبار الصّيغة وحدها ركناً، أمّا المحيل (المدين) والْمُحَال (الدائن) والْمُحَال عليه فهم أطراف الحوالة، والْمُحَال به هو محلّها. وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه: لا بدّ لوجود الحوالة من الآتي([969]): أ - الصّيغة. ب - المحيل (المدين). ج - الْمُحَال (الدائن). د - الْمُحَال عليه. هـ - الْمُحَال به؛ دين الْمُحَال (الدائن) على المحيل (المدين). كما ذهب جمهور الفقهاء([970]) إلى أنّه: لا بدّ لوجود الحوالة من وجود دين للمحيل على الْمُحَال عليه في الجملة. ولم يعتبر فقهاء الحنفية لوجود الحوالة وجود هذا الدّين([971]). المراد بالصّيغة: الصّيغة تتألّف في الجملة من إيجاب وقبول، وتتمثل في كل لفظ دالٍّ على الرضا بالنقل والتحويل([972]). وعند فقهاء الحنفية([973]): يقوم مقام الألفاظ كلّ ما يدلّ دلالتها، كالكتابة، وإشارة الأخرس المفهمة، ولو كان الأخرس قادراً على الكتابة فيما اعتمدوه. والصّيغة تدلّ على التّراضي ويتناول بحث التّراضي العناصر الثّلاثة الآتية: أوّلاً: رضا المحيل (المدين): ذهب جمهور الفقهاء([974]) إلى: اشتراط رضا المحيل (المدين)، وعلّلوه بأنّه مخيّر في جهات قضاء الدّين، فلا تتعيّن عليه جهة قهراً، كجهة الدّين الّذي له على الْمُحَال عليه. واشترط فقهاء الحنفية([975]): أن تقع الحوالة عن رضاً من المحيل (المدين)؛ لأنّها إبراء فيه معنى التّمليك، فيفسدها الإكراه كسائر التّمليكات. ثانياً: رضا الْمُحَال (الدائن): ذهب جمهور الفقهاء([976]) إلى: وجوب رضا الْمُحَال (الدائن) للمعنى نفسه الآنف في رضا المحيل (المدين)، ولأنّ الدّين حقّه، فلا ينتقل من ذمّة إلى ذمّةإلاّ برضاه، إذ الذّمم تتفاوت يساراً وإعساراً، وبذلاً ومطلاً، وتتأثّر بذلك قيمة الدّين نفسه، ولا سبيل إلى إلزامه بتحمّل ضرر لم يلتزمه. واشترط أبو حنيفة ومحمّد([977]): أن يكون هذا الرّضا في مجلس العقد، حتّى إذا كان غائباً عن المجلس ثمّ بلغه خبر الحوالة فأجازها، لم تنفذ الحوالة، لأنّها لم تنعقد أصلاً إذ أنّ رضا الْمُحَال (الدائن) عندهما ركن في انعقادها، أمّا عند أبي يوسف: فيكتفى منه بمجرّد الرّضا، أينما كان ولو خارج مجلس العقد، فيكون شريطة نفاذ. وأمّا فقهاء الحنابلة([978]): فلا يوجبون رضا الْمُحَال (الدائن)، إلاّ على احتمال ضعيف عندهم، بل يجبر الْمُحَال (الدائن) على القبول، إذا كان الْمُحَال عليه مليئاً غير جاحد ولا مماطل. ثالثاً: رضا الْمُحَال عليه: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه([979]): لا يشترط رضا الْمُحَال عليه؛ لأنّ الحقّ للمحيل فله أن يستوفيه بغيره كما لو وكّل غيره بالاستيفاء. وذهب فقهاء الحنفية([980]) في المشهور عندهم إلى: اشتراط رضا الْمُحَال عليه سواء أكان مديناً أم لا، وسواء أتساوى الدّينان أم لا، لأنّ النّاس يتفاوتون في تقاضي ديونهم رفقاً وعنفاً، ويسراً وعسراً، فلا يلزم من ذلك بما لم يلتزمه، وقياساً على الْمُحَال (الدائن) فإنّ الْمُحَال عليه مثله في أنّه طرف في الحوالة لا تمام لها بدونه فليكن مثله في اشتراط رضاه. أطراف الحوالة: أوّلاً - المحيل (المدين) وشرائطه: يشترط في المحيل (المدين) عدّة شرائط لصحّة العقد، وشريطة واحدة لنفاذه، فشرائط صحّة الحوالة في المحيل (المدين) نوعان: النّوع الأوّل([981]): شرائط تتعلّق بأهليّة المحيل (المدين): أ - العقل: يشترط في المحيل (المدين) أن يكون عاقلاً، فلا تنعقد حوالة المجنون والصّبيّ اللّذين لا تمييز لديهما؛ إذ العقل من شرائط أهليّة التّصرّفات كلّها. ب - نفاذ التّصرّفات الماليّة. النّوع الثّاني: مديونيّة المحيل (المدين) للمحال: صرّح جمهور الفقهاء([982]) بأنّ من شروط الحوالة: أن يكون المحيل (المدين) مديناً للمحال ولو بدَين حوالة سابقة، أو دَين كفالة، أو بدَين مركّب من هذا كلّه أو بعضه، وعلّلوه بأن ليس من المتصوّر حوالة دين لا وجود له. ثانيًا: الْمُحَال (الدائن) وشرائطه: يشترط جمهور الفقهاء([983]) في الْمُحَال (الدائن) لانعقاد الحوالة: أن يكون عاقلاً، فلا يصحّ احتيال مجنون ولا صبيّ غير مميّز. ولم يتعرّض فقهاء الحنابلة([984]) لهذا الشّرط؛ لأنّهم لا يشترطون رضا الْمُحَال (الدائن) - إلاّ على احتمال ضعيف لهم - بل الْمُحَال (الدائن) عندهم يجبر على القبول إذا أحيل على مليء. أحكام الحوالة: لعقد الحوالة أثران رئيسيّان هما: براءة ذمّة المحيل (المدين) من الدّين الّذي أحال به، واشتغال ذمّة الْمُحَال عليه بالدّين، وفيما يلي بيان لهذين الأثرين وما يتبعهما بالنّسبة إلى: أولاً - أثر الحوالة في علاقة المحيل (المدين) والْمُحَال (الدائن): اتّفق الفقهاء([985]) على أنّه متى صحّت الحوالة فقد فرغت وبرئت ذمّة المحيل (المدين) ممّا كان عليه لدائنه الّذي قبل الحوالة، وبالتّالي لا يكون لهذا الدّائن حقّ المطالبة. ولكن المحيل (المدين) ضامن لدين الحوالة: وهذا الحكم انفرد به فقهاء الحنفية([986])، ومفاده أنّه: إذا عجز الْمُحَال (الدائن) عن الوصول إلى حقّه من طريق الْمُحَال عليه، فإنّه يرجع على المحيل (المدين) بدينه، كما كان أوّلاً. ثانياً - أثر الحوالة في علاقة الْمُحَال (الدائن) والْمُحَال عليه: اتّفق الفقهاء([987]) على أنّ: الحوالة تشغل ذمّة الْمُحَال عليه بحقّ أنشأته الحوالة للمحال، وإن اختلفوا في حقيقة هذا الاشتغال. فالمهمّ: أنّ الحوالة كما أحدثت براءةً في ذمّة المحيل (المدين) قد أحدثت شغلاً في ذمّة الْمُحَال عليه. انتهاء الحوالة: أوّلاً - انتهاء الحوالة بالتّنفيذ: إذا أدّى الْمُحَال عليه مال الحوالة - بعينه إن كان عيناً، وبمثله إن كان دَيناً - إلى الْمُحَال (الدائن) أو من ينوب منابه فهذه هي غايتها المنشودة. ثانياً: انتهاء الحوالة دون تنفيذ: تنتهي الحوالة دون تنفيذ في حالتين: الأولى: الانتهاء الرّضائيّ، الثّانية: الانتهاء غير الرّضائيّ. الأولى الانتهاء الرّضائيّ: وذلك بطريقين: أ - الانتهاء بطريق التّقايل (التّراضي على الفسخ) ([988]): يملك المحيل (المدين) والْمُحَال (الدائن) نقض الحوالة. ب - الانتهاء بطريق الإبراء([989]): إبراء الْمُحَال (الدائن) للمحال عليه من دين الحوالة .
الفصل الحادي والعشرون الوكالة تعريف الوكالة: بفتح الواو وكسرها، تطلق لغة على معان، منها: الحفظ، قال الله تعالى: ]وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ[[آل عمران: 173]. التفويض، قال الله تعالى: ]وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ[[إبراهيم: 12]. واصطلاحاً: عند فقهاء الحنفية([990]): عبارة عن إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في تصرف جائز معلوم. وعند فقهاء المالكية([991]): نيابة ذي حق غير ذي إمرة ولا عبادة لغيره فيه؛ غير مشروطة بموته. وعند فقهاء الشافعية([992]): الوكالة تفويض شخص ماله فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حياته. وعند فقهاء الحنابلة([993]): استنابة الجائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة. ركن الوكالة: عند فقهاء الحنفية([994]): هو الإيجاب والقبول، وللوكالة عند الجمهور([995]) أركان أربعة هي الموكل والوكيل والموكل فيه والصبغة. مشروعية الوكالة: الوكالة جائزة([996]) بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب: فقوله تعالى حكاية عن أهل الكهف: ]فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيُنْظَر أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيُنْظَر أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ[ [الكهف: 19]. وقوله تعالى: ]إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا[[التوبة: 60]، أي السعاة والجباة الذين يبعثهم الإمام لتحصيل الزكاة، فالله سبحانه جوز العمل على الصدقات، وهو بحكم النيابة عن المستحقين. وأما السنة: فأحاديث كثيرة، منها: "أنَّهُ r بَعَثَ السُّعَاةَ لأَخْذِ الزَّكَاةِ"([997]). و"تَوْكِيْلُهُ r عَمْرَو بنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ في نِكَاحِ أُمِّ حَبِيْبَةَ"([998]). و"تَوْكِيْلُهُ r أَبَا رَافِعٍفي قَبُوْلِ نِكَاحِ مَيْمُوْنَةَ"([999]). و: "تَوْكِيْلُهُ r عُرْوَةَ الْبَارِقِي في شِرَاءِ الشَّاةِ"([1000]). و: "تَوْكِيْلُهُ r حَكِيْمَ بنَ حِزَامٍ بِشِرَاءِ شَاةِ أُضْحِيَةٍ"([1001]). ومنها: حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ فَقَالَ: "إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقاً، فَإِنْ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَكَ عَلَى تَرْقُوَتِهِ([1002])"([1003]). وقد انعقد الإجماع على جواز الوكالة في الجملة([1004])، فالحاجة داعية إليها، إذ الشخص قد يعجز عن قيامه بمصالحه كلها، فهي عقدُ نيابةٍ أَذِن الله فيه للحاجة إليه، وقيام المصلحة به؛ إذ يعجز كل أحد عن تناول أموره إلا بمعونةٍ من غيره، أَوْ قد يصل إلى مرحلة من الترف والراحة، فيستنيب مَن يريحه من تعبه([1005]). أنواع الوكالة: للوكالة أنواع أربعة:
فالوكالة الخاصة هي: الإنابة في تصرف معين؛ كبيع أرض أو سيارة معينة، وإجارة عقار محدد، وتوكيل في دعوى معينة، وهي جائزة بالاتفاق([1006])، والوكيل مقيد بما وُكِّل فيه. والوكالة العامة هي: الإنابة العامة في كل تصرف أو شيء؛ مثل: أنت وكيلي في كل التصرفات، أو في كل شيء، أو اشتر لي ما شئت، أو ما رأيت، وهي جائزة عند فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية([1007])، وتسمى وكالة مفوضة، غير جائزة عند فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة([1008])؛ لما فيها من الغرر العظيم، والوكيل يملك كل تصرف يملكه الموكِّل وتجوز النيابة فيه، ما عدا التصرفات الضارة بالموكِّل.
فالوكالة المقيدة: هي التي يقيد فيها تصرف الوكيل بشروط معينة؛ مثل: وكلتك في بيع أرضي بثمن حالٍّ قدره كذا، أو بثمن مؤجل قدره كذا، وهي جائزة، والوكيل يتقيد بما وُكِّل به؛ فإذا خالف الوكيل فإن التصرف لا يلزم الموكِّل؛ إلا إذا كان خلافاً إلى خير؛ بأن يحقق الوكيل للموكِّل نفعاً. والوكالة المطلقة: هي التي لا يقيد فيها الموكِّلُ الوكيلَ بشيء؛ مثل: وكلتك في بيع هذه الأرض؛ من غير تحديد ثمن، أو أجل، وحكمها: عند أبي حنيفة: يجري التوكيل على إطلاقه. وعند أبي يوسف ومحمد، وبه قال جمهور الفقهاء: يتقيد الوكيل بما تعارفه الناس. صفة عقد الوكالة: اتفق الفقهاء([1010]) على أن: عقد الوكالة بغير أجر جائز غير لازم بالنسبة للعاقدين، أما من جانب الموكل: فلأنه قد يرى المصلحة في ترك ما وكل فيه، أو في توكيل شخص آخر. وأما من جانب الوكيل: فلأنه قد لا يتفرغ لأعمال الوكالة، فيكون لزوم العقد مضراً بالطرفين.وبناء عليه: لكل من طرفي عقد الوكالة الرجوع عنه متى شاء، وتنتهي حينئذ الوكالة.
الفصل الثاني والعشرون الإعـارة التعريف: الإعارة في اللّغة([1011]): من التّعاور، وهو التّداول والتّناوب مع الرّدّ، والإعارة وفي الاصطلاح عرّفها الفقهاء بتعريفات متقاربةٍ: فقال فقهاء الحنفية([1012]): إنّها تمليك المنافع مجّاناً. وعرَّفها فقهاء المالكية([1013]): بأنّها تمليك منفعةٍ مؤقّتةٍ بلا عوضٍ. وعرَّفها فقهاء الشافعية([1014]): إنّها شرعاً إباحة الانتفاع بما يحل الانتفاع به مع بقاء عينه. وعرَّفها فقهاء الحنابلة([1015]): بأنّها إباحة الانتفاع بعينٍ من أعيان المال. دليل مشروعيّتها: الأصل في مشروعيّة الإعارة الكتاب والسّنّة والإجماع والمعقول: أمّا الكتاب : فقوله تعالى: ]وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ[[الماعون: 7]، وقد فسر ابن عبّاسٍ وابن مسعودٍ الماعون([1016]): بالفأس والقِدْر والميزان والدّلو. وأمّا السّنّة : فما روي عن النّبيّ e أنّه قال في خطبة حجّة الوداع: "الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ"([1017])، وعَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r اسْتَعَارَ مِنْهُ يَوْمَ خَيْبَرَ أَدْرَاعاً، فَقَـالَ: أَغَصْبـاً يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: "بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ"([1018]). وأجمع المسلمون على جواز العاريّة([1019]). ومن المعقول([1020]): أنّه لمّا جازت هبة الأعيان جازت هبة المنافع، ولذلك صحّت الوصيّة بالأعيان والمنافع جميعاً. حكم الإعارة: اتفق الفقهاء([1021]) على أنّ: حكمها في الأصل النّدب؛ لقوله تعالى: ]وَافْعَلُوا الْخَيْرَ[[الحج: 77]، وقول النّبيّ e "كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ"([1022])، وليست واجبةً؛ لأنّها نوعٌ من الإحسان.ولكن قد يعرض لها الوجوب، كغنيٍّ عنها، فيجب إعارة كلّ ما فيه إحياء مهجةٍ محترمةٍ لا أجرة لمثله، وكذا إعارة سكّينٍ لذبح مأكولٍ يخشى موته. وقد تكون حراماً؛ كإعطائها لمن تعينه على معصيةٍ. وقد تكون مكروهةً؛ كإعطائها لمن تعينه على فعلٍ مكروهٍ. حكم الاستعارة([1023]): الأصل أنّ([1024]): من أبيح له أخذ شيءٍ أبيح له طلبه، ومن لا فلا. ويختلف حكمها بحسب الحالة الّتي يتمّ فيها الطّلب. فقد تكون الاستعارة واجبةً إذا توقّف عليها إحياء نفسٍ، أو حفظ عرضٍ، أو نحو ذلك من الأمور الضّروريّة؛ لأنّ سدّ الضّرورات واجبٌ لا يجوز التّساهل فيه، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجبٌ. وقد تكون مندوبةً ليستعين بها على الخير كاستعارة الكتب النّافعة. وتكون الاستعارة مكروهةً، عندما يكون فيها منّةٌ، ولحاجةٍ له مندوحةٌ عنها. وقد تكون الاستعارة محرّمةً؛ كما لو استعار شيئاً ليتعاطى به تصرّفاً محرّماً، كاستعارته سلاحاً ليقتل به بريئاً، أو آلة لهوٍ ليجمع عليها الفسّاق ونحو ذلك. أركان الإعارة([1025]): عند جمهور الفقهاء أربعةٌ هي: المعير، والمستعير، والمعار، والصّيغة. وذهب فقهاء الحنفية([1026]) إلى أنّ: ركنها هو الصّيغة فقط، وما عداه يسمّى أطراف العقد، كما يسمّى المعار محلاًّ. أ - المعير([1027])، ويشترط فيه: أن يكون مالكاً للتّصرّف في الشّيء المعار، مختاراً يصحّ تبرّعه، فلا تصحّ إعارة مكرهٍ، ولا محجورٍ عليه، ولا إعارة من يملك الانتفاع دون المنفعة؛ كسكّان مدرسةٍ موقوفةٍ، وقد صرّح فقهاء الحنفية بأنّ الصّبيّ المأذون إذا أعار ماله؛ صحّت الإعارة. ب - المستعير([1028])، وهو: طالب الإعارة، ويشترط فيه أن يكون أهلاً للتّبرّع عليه بالشّيء المعار، وأن يكون معيّناً، فلو فرش بساطه لمن يجلس عليه لم يكن عاريّةً، بل مجرّد إباحةٍ. ج - المستعار (المحلّ) ([1029])، هو: الّذي يمنحه المعير للمستعير للانتفاع به. ويشترط فيه أن يكون منتفعاً به انتفاعاً مباحاً مقصوداً مع بقاء عينه. أمّا ما تذهب عينه بالانتفاع به كالطّعام فليس إعارةً، كما لا تحلّ إذا كانت الإعارة لانتفاعٍ محرّمٍ، كإعارة السّلاح لأهل البغي أو الفساد، ولا يعار ما لا نفع فيه. د - الصّيغة، وهي: كلّ ما يدلّ على الإعارة من لفظٍ أو إشارةٍ أو فعلٍ، وهذا عند فقهاء المالكية وفقهاء الحنابلة([1030]). والصّحيح عند فقهاء الشافعية([1031]) أنّه لا بدّ من اللّفظ للقادر عليه . وعند فقهاء الحنفية([1032]) أنّ ركن الإعارة الإيجاب بالقول من المعير، ولا يشترط القول في القبول، وتنعقد عندهم بكلّ لفظٍ يدلّ عليها ولو مجازاً. ضمان الإعارة: لا خلاف بين الفقهاء([1033]) في: أنّ العاريّة إن تلفت بالتّعدّي من المستعير؛ فإنّه يضمنها؛ لأنّها إن كانت أمانةً، كما هو عند فقهاء الحنفية: فالأمانات تضمن بالتّعدّي([1034]). ومذهب فقهاء المالكية([1035]): كذلك فيما لا يمكن إخفاؤه؛ كالعقار والحيوان، بخلاف ما يمكن إخفاؤه، كالثّياب والحليّ؛ فإنّه يضمنه، إلاّ إذا أقام بيّنةً على أنّه تلف أو ضاع بلا سببٍ منه، وقالوا: إنّه لا ضمان في غير ما ذكر. وعند فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة([1036]): يضمن المستعير بهلاك الشّيء المعار، ولو كان الهلاك بآفةٍ سماويّةٍ، أو أتلفها هو أو غيره ولو بلا تقصيرٍ، وقالوا: إن تلفت باستعمالٍ مأذونٍ فيه؛ كاللّبس والرّكوب المعتاد لم يضمن شيئاً؛ لحصول التّلف بسببٍ مأذونٍ فيه، واستدلّوا بقول النّبيّ e في حديث صفوان "بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ"([1037])، وبقوله e "عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ"([1038]). ثمّ قال فقهاء الحنفية([1039]): إنّ الإتلاف يكون حقيقةً، ويكون معنًى. فالإتلاف حقيقةً بإتلاف العين؛ كعطب الدّابّة (السيارة) بتحميلها ما لا يحمله مثلها، أو استعمالها فيما لا يستعمل مثلها فيه. والإتلاف معنىً بالمنع بعد الطّلب، أو بعد انقضاء المدّة، أو بجحود الإعارة أو بترك الحفظ، أو بمخالفة الشّروط في استعمالها، فلو حبس العاريّة بعد انقضاء المدّة أو بعد الطّلب قبل انقضاء المدّة يضمن لأنّها واجبة الرّدّ في هاتين الحالتين؛ لقوله r: "الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ"([1040])، وقوله r: "عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ"([1041]).وعند فقهاء المالكية([1042]): إن ادّعى المستعير أنّ الهلاك أو الضّياع ليس بسبب تعدّيه أو تفريطه في الحفظ فهو مصدّقٌ في ذلك بيمينه، إلاّ أن تقوم بيّنةٌ أو قرينةٌ على كذبه، وسواءٌ في ذلك ما يغاب عليه وما لا يغاب. ما تنتهي به الإعارة: تنتهي الإعارة بأحد الأسباب الآتية([1043]): أ - انتهاء المدّة في الإعارة المؤقّتة. ب- رجوع المعير في الحالات الّتي يجوز فيها الرّجوع. ت- جنون أحد المتعاقدين أو موتهما. ث- الحجر عليه لسفهٍ أو فلسٍ. ح- هلاك العين المعارة .
الفصل الثالث والعشرون الهبـةالتعريف: الهبة إن قُصِد بها التقرب إلى الله بإعطاء محتاج: فهي صدقة. وإن حُمِلت إلى مكان المهدَى إليه؛ إعظاماً له وتودداً: فهي هدية، وإلاَّ فهبة. والهبة اصطلاحاً([1044]): عقد يفيد التمليك بلا عوض حال الحياة تطوعاً. مشروعية الهبة: الهبة مشروعة مندوب إليها؛ دلَّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع. ففي القرآن، يقول الله تعالى: ]فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً[[النساء: 4]، وقال تعالى: ]وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ[[البقرة: 177]. وفي السنة: قال رسول الله r: "تَهَادُوا تَحَابُّوا"([1045])، وقال رسول الله r: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِىءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ" ([1046]). وانعقد الإجماع على استحباب الهبة بجميع أنواعها([1047]). ركن الهبة: عند فقهاء الحنفية([1048]): ركن الهبة الإيجاب والقبول، وكذا القبض؛ لأنه لا بد منه لثبوت الملك، وقال بعض فقهاء الحنفية: ركنها الإيجاب من الواهب فقط، وأكثر شراح فقه الحنفية على أن الهبة تتم بالإيجاب وحده في حق الواهب، وبالإيجاب والقبول في حق الموهوب له. وعند جمهور الفقهاء([1049]): أركان الهبة أربعة: الواهب، والموهوب له، والموهوب، والصيغة. فالواهب: المالك إذا كان صحيح البدن مالكاً أمر نفسه. والموهوب له: كل إنسان. والموهوب: كل مملوك. والصيغة: كل ما يقتضي الإيجاب والقبول؛ من قول أو فعل. والإيجاب: إما صريح؛ كقوله: وهبت هذا الشيء لك. أو ما يجري مجرى الصريح؛ كقوله: مَلَّكْتُه منك، أو جعلته لك، أو هو لك، أو أعطيته، أو نحلته، أو أهديته، أو أطعمتك هذا الطعام، أو حملتك في هذه السيارة، ونوى به الهبة. شروط الهبة: هناك شروط للواهب، وشروط للموهوب. أولاً: شروط الواهب([1050]): أن يكون أهلاً للتبرع؛ بكمال العقل والبلوغ مع الرشد؛ فلا تجوز هبة الصبي والمجنون. أولاً: شروط الموهوب: 1- أن يكون موجوداً وقت الهبة([1051])؛ فلا تنعقد هبة ما يثمر نخله في هذا العام مثلاً، أو ما تلد أغنامه هذه السنة؛ لأنه تمليك لمعدوم؛ فيكون العقد باطلاً، والقاعدة: كل ما يصح بيعه تصح هبته. 2- أن يكون مالاً متقوِّماً([1052])؛ فلا تنعقد هبة ما ليس بمال أصلاً؛ كالميتة، والدم، وصيد الحرم، وصيد المحرم، ونحو ذلك، كما لا تنعقد هبة ما ليس بمتقوِّم؛ كالخمر والخنـزير. 3- أن يكون مملوكاً في نفسه؛ فلا تنعقد هبة المباحات. 4- أن يكون مملوكاً للواهب([1053])؛ فلا تنفذ هبة مال الغير بغير إذنه؛ لاستحالة تمليك ما ليس بمملوك. 5- أن يكون محرزاً، أي مفرزاً. فعند فقهاء الحنفية([1054]): لا تجوز هبة المشاع؛ إذا كان يحتمل القسمة؛ كالدار، وتكون الهبة فاسدة، وتجوز الهبة إذا كان مشاعاً لا يحتمل القسمة([1055])؛ كالسيارة، وجواز الهبة للضرورة؛ لأنه قد يحتاج إلى هبة بعض ذلك. وعند جمهور الفقهاء([1056]): هبة المشاع جائزة، وصفة قبضه: أن يسلم الواهب جميع الشيء إلى الموهوب له فيستوفي منه حقه، ويكون نصيب شريكه في يده كالوديعة، واستدلوا: بأن وفد هوازن لما جاءوا يطلبون من رسول الله r أن يرد عليهم ما غنمه منهم، قال r: "مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ"([1057]). صفة حكم الهبة: عند فقهاء الحنفية([1058]): حكم الهبة ثبوت الملك للموهوب له غير لازم؛ فيصح الرجوع والفسخ؛ لقوله r: "الْرَّجُلُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لِمْ يُثَبْ مِنْهَا"([1059])، أي: يُعَوَض، لكن يكره الرجوع لأنه من الدناءة، ولا يصح الرجوع إلا بالتراضي أو بقضاء القاضي. وعند فقهاء المالكية([1060]): يثبت الملك في الهبة بمجرد العقد، ويصبح لازماً بالقبض؛ فلا يحل الرجوع بعدئذ، واستثنوا الأب في رجوعه فيما وهبه لابنه؛ سواء قبل القبض أو بعده، ما لم يترتب عليه حق الغير؛ كأن يتزوج الابن مثلاً، ويُعرف عندهم بالاعتصار في الهبة. وعند فقهاء الشافعية والحنابلة([1061]): لا يحل للواهب أن يرجع في هبته؛ إلا الوالد فيما أعطى ولده؛ لقوله r: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِىءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ" ([1062])،وقال رسول الله r: "لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً؛ فَيَرْجِعَ فِيْهَا إِلاَّ الْوَالِدُ فِيْمَا يُعْطِي لِوَلَدِهِ"([1063])، وكالوالد سائر الأصول عند فقهاء الشافعية. عطية الأولاد: لا خلاف بين العلماء في: استحباب التسوية في العطاء بين الأولاد، واختلفوا في بيان المراد من التسوية المستحبة. فعند جمهور الفقهاء([1064]): يستحب للأب أن يسوي بين الأولاد؛ الذكور والإناث في العطية؛ فيُعطي للأنثى مثل الذكر؛ لقوله r: "سَوُّوا بَيْنَ أَوْلاَدِكِمْ فِي الْعَطِيَّةِ، وَلَو كُنْتُ مُفَضِّلاً أَحَدَاً لَفَضَّلْتُ النَّسَاءَ"([1065])، وهذا على وجه الندب. وعند فقهاء الحنابلة([1066]): للأب أن يقسم بين أولاده على حسب قسمة الله تعالى في الميراث؛ لأن الله تعالى قسم بينهم كذلك . الفصل الرابع والعشرون الشركة التعريف: الشِرْكة بكسر فسكون؛ كنِعْمة، أو الشَرِكة بفتح فكسر؛ ككَلِمة، ويجوز الشَرْكة بالفتح وإسكان الراء: اسم مصدر شَرِك؛ كعَلِم: يقال: شَرِك الرجلُ الرجلَ في البيع والميراث يَشْرَكه شِرْكاً، والشِرْك: النصيب، وشَرِكة: خلط نصيبه بنصيبه، أو اختلط نصيباهما([1067]). فالشركة إذن: خلط النصيبين واختلاطهما([1068]). وسيكون حديثنا عن شركة العقود، دون شركة الملك. تعريف شركة العقد: عند فقهاء الحنفية([1069]): عقد بين المتشاركين في الأصل والربح. وعند فقهاء المالكية([1070]): بيع مالك كل بعضه ببعض كل الآخر؛ موجب صحة تصرفهما في الجميع. وعند فقهاء الشافعية([1071]): ثبوت الحق في شيء لاثنين فأكثر على الشيوع. وعند فقهاء الحنابلة([1072]): اجتماع في تصرف. وشركة العقد بأنواعها الثلاثة (أموال وأعمال ووجوه) جائزة سواء أكانت عَناناً أم مفاوضة([1073]). دليل مشروعية الشركة: ثبتت مشروعية شركة العنان : بالكتاب، والسنة، والإجماع، والمعقول : أ – أما الكتاب: فقوله تعالى: ]وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ[[ص: 24]، والخلطاء هم الشركاء([1074]). ب – وأما السنة: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ؛ فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا"([1075])، وعَنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ أَنَّهُ كَانَ يُشَارِكُ رَسُولَ اللَّهِ r قَبْلَ الإِسْلامِ فِي التِّجَارَةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ جَاءَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ r: "مَرْحَباً بِأَخِي وَشَرِيكِي، كَانَ لاَ يُدَارِي وَلاَ يُمَارِي"([1076])، وعَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فَاشْتَرَيَا فِضَّةً بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةً؛ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ r فَأَمَرَهُمَا أَنَّ: مَا كَانَ بِنَقْدٍ فَأَجِيزُوهُ، وَمَا كَانَ بِنَسِيئَةٍ فَرُدُّوهُ"([1077])، وتقريرات رسول الله r كثيرة لا مرية فيها على الجملة([1078])؛ لأن أكثر عمل القوم في صدر الدعوة كان التجارة والمشاركة فيها. ج - الإجماع([1079]): فقد كان الناس وما زالوا يتعاملون بها في كل زمان ومكان وفقهاء الأمصار شهود فلا يرتفع صوت بنكير. د - المعقول([1080]): فإن شركة العنان طريق من طرق استثمار المال وتنميته تمس إليه حاجة الناس، قَلَّت أموالهم أو كثرت، كما هو مشاهد ملموس، حتى لقد كادت الشركات التجارية الكبرى، التي يستحيل عادة على تاجر واحد تكوينها: أن تكون طابع هذا العصر الذي نعيش فيه. وأما المفاوضة منشركة الأموال فليس في جوازها نص ثابت. وإنما أجازها فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية([1081]) بالبراءة الأصلية: فالأصل في المعاملات الجواز حتى يقوم دليل المنع، ولا دليل. ومنعها فقهاء الشافعية والحنابلة([1082])؛لتضمنها الوكالة في مجهول، والكفالة بمجهول لمجهول، وكلاهما باطل على انفراد، فما تضمنهما معا أشد بطلاناً. وأما شركة الأعمال: فتجوز عند فقهاء الحنفية وفقهاء الحنابلة([1083]). ويستدل للجواز بما يلي: أولاً - بالبراءة الأصلية: فالأصل في العقود كلها الصحة حتى يقوم دليل الفساد، ولا دليل. ثانياً - أن الحاجة داعية إليهما، وتصحيحهما ممكن بطريق التوكيل الضمني من كل شريك لشريكه؛ ليقع تصرف كل واحد والربح المترتب عليه للجميع، فلا معنى للحكم ببطلانهما. وأما عند فقهاء المالكية الشافعية([1084]): فإن شركة الأعمال باطلة للغرر. وأما شركة الوجوه: فتجوز عند فقهاء الحنفية والحنابلة([1085]). وذهب فقهاء المالكية وفقهاء الشافعية([1086]) إلى: بطلان شركة الوجوه؛ لأنها من باب الضمان بجعل، ومن باب السلف الذي يجر نفعاً، ولعدم المال المشترك فيهما. تقسيم شركة العقد باعتبار محلها: تنقسم الشركة بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام([1087]):
فشركة الأموال([1088]): عقد بين اثنين فأكثر على أن يتجروا في رأس مال لهم، ويكون الربح بينهم بنسبة معلومة، سواء علم مقدار رأس المال عند العقد أم لا؛ لأنه يعلم عند الشراء، وسواء شرطوا أن يشركوا جميعاً في كل شراء وبيع، أم شرطوا أن ينفرد كل واحد بصفقاته، أم أطلقوا. وأما شركة الأعمال([1089])، فهي: أن يتعاقد اثنان فأكثر على أن يتقبلوا نوعاً معيناً من العمل أو أكثر أو غير معين لكنه عام، وأن تكون الأجرة بينهم بنسبة معلومة، وذلك كالخياطة، والصباغة، والبناء، وتركيب الأدوات الصحية أو كل ما يتقبل. وأما شركة الوجوه([1090]): فهي أن يتعاقد اثنان فأكثر بدون ذكر رأس مال على أن يشتريا نسيئة ويبيعا نقداً، ويقتسما الربح بينهما بنسبة ضمانهما للثمن. تقسيم شركة العقد باعتبار التساوي والتفاوت: والمراد التساوي والتفاوت في أمور خمسة([1091]):
وتنقسم شركة العقد باعتبار التساوي والتفاوت إلى قسمين:
وشركة المفاوضة عند فقهاء الحنفية([1092]) هي: التي يتوافر فيها تساوي الشركاء في هذه الأمور الخمسة من ابتداء الشركة إلى انتهائها؛ لأن شركة المفاوضة من العقود الجائزة من الطرفين، لكل منهما فسخها متى شاء، فأعطي دوامها حكم ابتدائها، وشرطت فيه المساواة أيضاً. وشركة العِنان([1093]) هي: التي لا يوجد فيها هذا التساوي([1094])؛ بأن لم يوجد أصلاً، أو وجد عند العقد وزال بعده: كأن كان المالان متساويين عند العقد ثم ارتفعت قيمة أحدهما قبل الشراء؛ فإن الشركة تنقلب عناناً بمجرد [هذا الارتفاع]. ولم يشترط فقهاء المالكية([1095]) المساواة في هذه الأمور الخمسة لصحة المفاوضة، بل كل ما عندهم من الفرق بين طبيعتيشركة المفاوضة وشركة العنان. أن كلا من الشريكين في شركة المفاوضة يطلق التصرف لشريكه ولا يحوجه إلى مراجعته وأخذ موافقته في كل تصرف من تصرفاته للشركة، بخلاف العنان؛ فإنها لا بد فيها من ذلك. أما فقهاء الحنابلة فللمفاوضة عندهم معنيان([1096]): أحدهما: الشركات الأربع مجتمعة: العنان، والمضاربة، والأبدان، والوجوه: فإذا فوض كل من الشريكين لصاحبه المضاربة وتصرفات سائر هذه الشركات صحت الشركة؛ لأنها مجموع شركات صحيحة، ويكون الربح على ما شرطاه، والخسارة بقدر المالين. ثانيهما: أن يشترك اثنان فصاعداً في كل ما يثبت لهما وعليهما، وهذا صحيح أيضا لكن بشريطة أن لا يدخلا فيه كسباً نادراً ولا غرامة، وإلا اختص كل شريك بما يستفيده من مال نفسه أو عمله، وبما يلزمه من ضمانات فكل نفس ]لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ[[البقرة: 2/286]. تقسيم شركة العقد باعتبار العموم والخصوص: يقسم فقهاء الحنفية الشركة بهذا الاعتبار إلى:
فالمطلقة([1097]): هي التي لم تقيد بشرطٍ أَمْلَتْه إرادة شريك أو أكثر: بأن تقيد بشيء من المتاجر دون شيء، ولا زمان دون زمان، ولا مكان دون مكان، ولا ببعض الأشخاص دون بعض؛ كأن اشترك الشريكان في كل أنواع التجارة وأطلقا.والمقيدة([1098]): كالتي تقيد ببعض الأشياء أو الأزمان أو الأمكنة؛ كأن تقيد بالحبوب، أو المنسوجات، أو السيارات، أو البقالات، أو تقيد بموسم قطن هذا العام، أو ببلاد هذه الدولة، أو غيرها. والتقييد ببعض المتاجر دون بعض لا يتأتى في شركة المفاوضة. أما التقييد ببعض الأوقات دون بعض: فيكون في شركة المفاوضة وفي شركة العنان. الشروط العامة في شركة العقد: وتتنوع أنواعاً: النوع الأول: في كل من شركتي المفاوضة والعنان. أولاً - قابلية الوكالة: ويمكن تفسيرها بأمرين([1099]): 1- قابلية التصرف المتعاقد عليه للوكالة ليتحقق مقصود الشركة: وهو الاشتراك في الربح؛ لأن سبيل ذلك أن يكون كل واحد من الشريكين وكيلا عن صاحبه في نصف ما تصرف فيه، وأصيلا في نصفه الآخر. 2- أهلية كل شريك للتوكيل والتوكل؛ لأنه وكيل في أحد النصفين. أصيل في الآخر؛ فلا تصح الشركة من الصبي غير المأذون في التجارة. والمعتوه الذي لا يعقل. ثانياً - أن يكون الربح معلوماً بالنسبة([1100]): أي أن تكون حصة كل شريك من الربح محددة بجزء شائع منه معلوم النسبة إلى جملته: كنصفه، فإذا تم العقد على أن يكون للشريك حصة في الربح من غير بيان مقدار، كان عقدا فاسداً؛ لأن الربح هو مقصود الشركة فتفسد بجهالته؛ كالعوض والمعوض في البيع والإجارة. وكذلك إذا علم مقدار حصة الشريك في الربح، ولكن جهلت نسبتها إلى جملته؛ كمائة أو أكثر أو أقل؛ لأن هذا قد يؤدي إلى خلاف مقتضى العقد - أعني الاشتراك في الربح. النوع الثاني: في شركة المفاوضة خاصة: فتنعقد عناناً إذا اختل شرط منه : أولاً: أهلية الكفالة([1101]): وهذا شرط فقهاء الحنفية في كل من الشريكين؛ لأن كل واحد منهما بمنـزلة الكفيل عن صاحبه فيما يجب من دين التجارة أو ما يجري مجراها. ثانياً - أن لا يشترط العمل على أحد الشريكين([1102]): فلو شرط العمل على أحد المتفاوضينبطلت الشركة عند فقهاء الحنفية؛ لأن هذا تصريح بما ينافي طبيعة المفاوضة من المساواة فيما يمكن الاشتراك فيه من أصول التصرفات. شروط خاصة بشركة الأموال مطلقاً: (أي سواء كانت شركة مفاوضة أم شركة عنان): الشرط الأول([1103]): أن يكون رأس المال عيناً؛ لا دَيناً؛ لأن التجارة التي بها يحصل مقصود الشركة وهو الربح، لا تكون بالدين، فجعله رأس مال الشركة منافٍ لمقصودها. الشرط الثاني([1104]): أن يكون المال من الأثمان: سواء أكان من النقدين. أعني الذهب والفضة (المضروبين عملة)، ومثلها النقود الورقية وما يقابلها من الوسائل الحديثة. الشرط الثالث: أن يكون رأس المال حاضراً : اشترط فقهاء الحنفية([1105]): أن يكون رأس المال حاضراً، وتساهل فقهاء المالكية بالغيبة القريبة([1106]). الشرط الرابع: الخلط : لا يشترط فقهاء الحنفية ولا فقهاء الحنابلة خلط المالين([1107]). أما فقهاء المالكية([1108])فالصواب أنه عندهم ليس بشرط صحة أصلاً؛ لأن الشركة تلزم عندهم بمجرد العقد. أي بمجرد تمام الصيغة. وعند فقهاء الشافعية([1109]): إذا لم يخلط المالان فلا شركة، وكذلك إذا خلطا وبقيا متميزين؛ لاختلاف الجنس كنقود بلدين بسكتين أو نقود ذهبية وفضية، أو الوصف كنقود قديمة وجديدة؛ لأن بقاء التمايز يجعل الخلط كلا خلط. بعض أحكام الشركة والآثار المترتبة عليها([1110]): يد الشريك يد أمانة([1111]): اتفق الفقهاء على أن: يد الشريك يد أمانة بالنسبة لمال الشركة، أياً كان نوعها؛ لأنه كالوديعة مال مقبوض بإذن مالكه، لا ليستوفي بدله، ولا يستوثق به. والقاعدة في الأمانات : أنها لا تضمن إلا بالتعدي أو التقصير([1112])، ومن النتائج المترتبة على أمانة الشريك: قبول قولهبيمينه فيمقدار الربح والخسارة([1113]). استحقاق الربح([1114]): لا يُستحق الربح إلا بالمال أو العمل أو الضمان؛ فهو يُستحق بالمال، لأنه نماؤه فيكون لمالكه، قال r: "الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ"([1115])، أو "الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ"([1116])، أي: مَن ضَمِنَ شيئاً فله غَلَّتُه. والربح في شركة المفاوضة دائماً على التساوي. أما في شركة العنان: فالربح بحسب المالين. أسباب انتهاء الشركة([1117]): أولاً: فسخ أحد الشريكين. ثانياً: جنون أحدهما جنوناً مطبقاً. ثالثاً: موت أحد الشريكين. رابعاً: مخالفة شروط العقد،
$ $ $
الفصل الخامس والعشرون الصيغ الاستثمارية الإسلامية المعاصرة : المبحث الأول: الأسواق المالية([1118]) أولاً : بطاقة الائتمان: يرارجع الفصل الحادي عشر في بيان أنواعها وحكمها هناك . ثانياً : السندات والأسهم والشيكات والبورصة([1119]) : أ -تعريف السند: شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند، أو ترتيب نفع مشروط؛ سواء أكان جوائز توزع بالقرعة، أم مبلغاً مقطوعاً أم حسماً. ب-حكم السند: قرر مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: أولاً: إن السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغ مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط محرمة شرعاً من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول؛ لأنها قروض ربوية سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولة. ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوكاً استثمارية أو ادخارية أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحاً أو ريعاً أو عمولة أو عائداً. ثانياً: تحرم أيضاً السندات ذات الكوبون الصفري باعتبارها قروضاً يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية،ويستفيد أصحابها من الفروق باعتبارها حسماً لهذه السندات. ثالثاً: كما تحرم أيضاً السندات ذات الجوائز باعتبارها قروضاً اُشترط فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع المقرضين،أو لبعضهم لا على التعيين،فضلاً عن شبهة القمار. رابعاً: من البدائل للسندات المحرمة (إصداراً أو شراءً أو تداولاً) السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يملكون من هذه السندات أو الصكوك ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلاً. فالسندات هي أوراق مالية ذات قيمة معينة، وهي أحد أوعية الاستثمار، والسند عادة ورقة تعلن عن أن مالك السند دائن إلى الجهة المصدرة للسند، سواء حكومة أو شركة، أو مشروع. الفائدة من السندات : السندات عبارة عن قروض ، فبعض الشركات – خصوصاً الكبيرة – تلجأ إلى السندات لحاجتها إلى الأموال ؛ لأجل توسِّع أعمالها التجارية أو لكي تفي ببعض ديونها ....... علة تحريمها : جماهير المتأخرين على أن هذه السندات محرمة ولا تجوز .التعليل :لأنهاقروض بفائدة . وإن كانت بدون فائدة جائزة شرعاً بضوابطها الشرعية . ج-الأسهم : -السهم لغة: النصيب. - اصطلاحاً : حصة الشريك في شركة الأموال ممثلة بصك قابل للتداول. فالسهم في حقيقته يمثل جزءاً مشاعاً في رأس مال الشركة المساهمة . - خصائص الأسهم : - أن الأسهم متساوية القيمة الاسمية ؛ فلا توجد لبعض الأسهم قيمة أعلى من غيرها. - أنها غير قابلة للتجزئة، ويجوز أن يشترك في السهم الواحد أكثر من شخص يمثلهم في الشركة شخص واحد . - أنها قابلة للتداول والتصرف فيها بالبيع والشراء والرهن وغير ذلك - مسؤولية الشركاء في الشركة بحسب ما يملكون من أسهم ؛ فلا يسأل الشريك عن ديون الشركة إلا بمقدار أسهمه التي يملكها . كيفية زكاة الأسهم : خمس أقوال الراجح فيها هو : تنزيل شركات (الأسهم) مكان الأشخاص؛ فإذا كانت الشركة تجارية عوملت معاملة التاجر، وإذا كانت صناعية أو عقارية عوملت معاملة صاحب العقار أو المصنع، وإذا كانت زراعية عوملت معاملة المزارع، وإذا كانت مواشي عوملت معاملة من يملك ماشية فتخرج زكاة كل مال بحسبه.(تنبيه مر سابقاً) أسهم ربوية ما الفرق بين الأسهم والسندات هناك عدة فروق جوهرية : -السندات مضمونة القيمة والفائدة غالباً بعكسالأسهم . -حامل السند ليس شريكاً في الجهة المصدرة ولايحق له حضور جميعات الشركة أو التصويت بعكس الأسهم. د- الشيكات : تعريف الشيك : هـ-التعامل بالبورصة : البورصة بإختصارهي :سوق تبادل ( بيع و شراء ) رؤوس الأموال : ( الأسهم و السندات و صناديق الإستثمار ) و هي سوق منظمة لحفظ حقوق المتعاملين بالبيع أو الشراء يوجد سوق بورصة في كل دولة غالباً . يتم البيع و الشراء على أرض البورصة مقابل نسبة مئوية تأخذها البورصة من المتعاملين ، أضافة أن السمسار يأخذ إما عمولة أو هامش ربحي من العميل طبقاً لإتفاقه معه بشروط التعاقد و التي تختلف من دولة لأخرى و من سمسار لأخر . أنواع البورصات يوجد أنواع من البورصات إن صح التعبير : -الأوراق المالية هي الأشهر . -بورصة السلع . المبحث الثاني: المشاركة المتناقصة وضوابطها الشرعية([1120]) تعريف المشاركة المتناقصة: معاملة جديدة تتضمن شركة بين طرفين في مشروع ذي دخل يتعهد فيها أحدهما بشراء حصة الطرف الآخر تدريجاً، سواء كان الشراء من حصة الطرف المشتري في الدخل أم من موارد أخرى. أساس قيام المشاركة المتناقصة: هو العقد الذي يبرمه الطرفان ويسهم فيه كل منهما بحصة في رأسمال الشركة، سواء أكان إسهامه بالنقود أم بالأعيان بعد أن يتم تقويمها، مع بيان كيفية توزيع الربح، على أن يتحمل كل منهما الخسارة - إن وجدت - بقدر حصته فيالشركة. تختص المشاركة المتناقصة: بوجود وعد مُلْزِم من أحد الطرفين فقط؛ بأن يتملك حصة الطرف الآخر، على أن يكون للطرف الآخر الخيار، وذلك بإبرام عقود بيععند تملك كل جزء من الحصة، ولو بتبادل إشعارين بالإيجاب والقبول. يجوز لأحد أطراف المشاركة استئجار حصة شريكه بأجرة معلومة ولمدة محددة، ويظل كل منالشريكين مسؤولاً عن الصيانة الأساسية بمقدار حصته. حكمها: المشاركة المتناقصة مشروعة إذا التُزم فيها بالأحكام العامة للشركات، وروعيت فيها الضوابط الآتية: أ - عدم التعهد بشراء أحد الطرفين حصة الطرف الآخر بمثل قيمة الحصة عند إنشاء الشركة؛ لما في ذلك من ضمان الشريك حصة شريكه، بل ينبغي أن يتم تحديد ثمن بيع الحصة بالقيمة السوقية يوم البيع، أو بما يتم الاتفاق عليه عند البيع. ب - عدم اشتراط تحمّل أحد الطرفين مصروفات التأمين أو الصيانة وسائر المصروفات، بلتحمّل على وعاء المشاركة بقدر الحصص. ج - تحديد أرباح أطراف المشاركة بنسب شائعة، ولا يجوز اشتراط مبلغ مقطوع من الأرباح أو نسبة من مبلغ المساهمة. د - الفصل بين العقود والالتزامات المتعلقة بالمشاركة. هـ - منع النص على حقأحد الطرفين في استرداد ما قدمه من مساهمة (تمويل).
$ $ $
الفصل السادس والعشرون شركة المُضَارَبَة التعريف : المضاربة في اللغة([1121]): مفاعلة من ضرب في الأرض: إذا سار فيها، ومن هذا قوله تعالى: ]وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ[ [المزمل: 20]، وهي أن تعطي إنساناً من مالك ما يتجر فيه على أن يكون الربح بينكما، أو يكون له سهم من الربح. وتسمية المضاربة بهذا الاسم في لغة أهل العراق، أما أهل الحجاز فيسمون عقد المضاربة قراضاً أو مقارضة. واختار فقهاء الحنفية وفقهاء الحنابلة التسمية بالمضاربة، واختار فقهاء المالكية وفقهاء الشافعية التسمية بالقراض([1122]). وهي في اصطلاح فقهاء الحنفية([1123]): عقد شركة في الربح بمال من جانب،وعمل من جانب. وعند فقهاء الشافعية([1124]): أن يدفع المالك إلى العامل مالاً ليتجر فيه، والربح مشترك. مشروعية المضاربة: اتفق الفقهاء([1125]): على مشروعية المضاربة وجوازها، وذلك على وجه الرخصة أو الاستحسان، فالقياس أنها لا تجوز، لأنها استئجار بأجر مجهول، بل بأجر معدوم ولعمل مجهول، ولكن الفقهاء تركوا القياس وأجازوا المضاربة ترخصاً أو استحساناً لأدلة قامت عندهم على مشروعية المضاربة، منها ما ذكره الكاساني حيث قال([1126]): تركنا القياس بالكتاب العزيز والسنة والإجماع. أما الكتاب الكريم فقوله عز شأنه: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ[[المزمل: 20]، والمضارب يضرب في الأرض يبتغي من فضل الله عز وجل. وأما السنة: فما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كان العباس بن عبد المطلب إذا دفع مالاً مضاربة اشترط على صاحبه أن لا يسلك به بحراً، ولا ينـزل به وادياً، ولا يشتري به ذات كبد رطبة، فإن فعل فهو ضامن، فرفع شرطه إلى رسول الله فأجازه([1127])، وكذا بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يتعاقدون بالمضاربة، فلم ينكر عليهم، وذلك تقرير لهم على ذلك، والتقرير أحد وجوه السنة. وأما الإجماع([1128]): فإنه روي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم دفعوا مال اليتيم مضاربة، منهم؛ عمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبيد الله ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم، ولم ينقل أنه أنكر عليهم من أقرانهم أحد، ومثله يكون إجماعاً، وعلى هذا تعامل الناس من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير إنكار من أحد، وإجماع أهل كل عصر حجة، فترك به القياس. حكمة مشروعية شركة المضاربة([1129]): شرعت لأن الضرورة دعت إليها؛ لحاجة الناس إلى التصرف في أموالهم وتنميتها بالتجارة فيها، وليس كل أحد يقدر على ذلك بنفسه، فاضطر فيها إلى استنابة غيره، ولعله لا يجد من يعمل له فيها بإجارة، لما جرت عادة الناس فيه في ذلك على المضاربة، فرخص فيها لهذه الضرورة، واستخرجت بسبب هذه العلة من الإجارة المجهولة على نحو ما رخص فيه في المساقاة. صفة عقد المضاربة: ذهب جمهور الفقهاء([1130]) إلى أن: المضاربة من العقود الجائزة من الطرفين تنفسخ بفسخ أحدهما أيهما كان، لأنه متصرف في مال غيره بإذن فهو كالوكيل، ولا فرق بين ما قبل التصرف وبعده. المضاربة المطلقة والمقيدة([1131]): قسّم فقهاء الحنفية المضاربة قسمين: أ - المضاربة المطلقة: وهي أن يدفع رب المال للعامل في المضاربة رأس المال من غير تعيين العمل أو المكان أو الزمان أو صفة العمل أو من يعامله. ب - المضاربة المقيدة: وهي التي يعين فيها رب المال لعامل شيئاً من ذلك. وقالوا: إن تصرف المضارب في كل من النوعين ينقسم إلى أربعة أقسام: أ – قسم للمضارب أن يعمله من غير حاجة إلى التنصيص عليه ولا إلى قول: اعمل برأيك. ب - قسم ليس له أن يعمل ولو قيل له: اعمل برأيك، إلا بالتنصيص عليه. ج - قسم له أن يعمله إذا قيل له: اعمل برأيك، وإن لم ينص عليه. د - قسم ليس له أن يعمله رأساً وإن نص عليه. أركان المضاربة: ذهب فقهاء الحنفية([1132]) إلى أن: ركن عقد المضاربة الإيجاب والقبول بألفاظ تدل عليهما. وذهب جمهور الفقهاء([1133]) إلى أن أركان: المضاربة هي: عاقدان، ورأس مال، وعمل، وربح، وصيغة. وقال بعض فقهاء الشافعية([1134]): يكفي القبول بالفعل، وذلك إذا كان الإيجاب بلفظ الأمر، كـ(خذ)، فيكفي أخذ الدراهم مثلاً. شروط المضاربة: ذكر الفقهاء لصحة المضاربة شروطاً وهي: ما يتعلق بالصيغة من الشروط: اتفق الفقهاء([1135]) على أنه لابد في المضاربة من الصيغة، وهي الإيجاب والقبول، وتنعقد بلفظ يدل على المضاربة، مثل: ضاربتك أو قارضتك أو عاملتك، أو ما يؤدي معاني هذه الألفاظ؛ لأن المقصود المعنى، فجاز التعبير بكل ما يدل عليه، والعبرة في العقود لمعانيها لا لصور الألفاظ. وقبول العامل يكون بلفظ يدل على الرضا والموافقة، متصلاً بالإيجاب بالطريق المعتبر شرعاً في عقد البيع وسائر العقود. ما يتعلق بالعاقدين من الشروط([1136]): أن يكون العاقد من أهل التصرف، وهو الحر البالغ الرشيد الذي يصح منه التوكيل والتوكل. ما يتعلق برأس مال المضاربة من الشروط : يشترط لصحة المضاربة شروط يلزم تحقيقها في رأس المال، وهي: أن يكون نقداً من الدراهم والدنانير، وأن يكون معلوماً، وأن يكون عيناً لا ديناً. أولاً: كون رأس المال من الدراهم والدنانير: اتفق الفقهاء على هذا الشرط، ولهم فيما يتخرج على هذا الشرط من محترزات وصور ومسائل خلاف وتفصيل: ثانياً: كون رأس مال المضاربة معلوماً: ذهب الفقهاء([1137]) إلى أنه: يشترط في رأس مال المضاربة أن يكون معلوماً للعاقدين؛ قَدْرَاً وصفة وجنساً؛ علماً تَرتفع فيه الجهالة، ويُدْرَأ النـزاع. ثالثاً: كون رأس مال المضاربة عَيناً: ذهب الفقهاء إلى أنه : يشترط لصحة المضاربة أن يكون رأس مالها عَيناً . فلا تجوز على ما في الذمة، بمعنى أن لا يكون رأس المال دَيْنَاً؛ فإن كان دَيناً لم تصح. والمضاربة بالدَّين لا تخلو إما أن تكون بالدَّين على العامل، وإما بالدَّين علىغير العامل. أ - المضاربة بالدَّين على العامل : اتفق الفقهاء على أن([1138]): المضاربة بدَين لرب المال على العامل لا تصح. ب - المضاربة بدين على غير العامل: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن([1139]): المضاربة بدَين على غير العامل لا تصح؛ كما لو قال للعامل: قارضتك على دَيني على فلان فاقبضه واتجر فيه، أو نحو ذلك. وعند فقهاء الحنفية([1140]): تجوز المضاربة في ما لو قال لرجل: اقبض مالي على فلانمن الدَّين، واعمل به مضاربة؛ لأن المضاربة هنا أضيفت إلى المقبوض؛ فكان رأس المال عَيناً لا دَيناً. رابعاً: كون رأس مال المضاربة مُسَلَّماً إلى العامل: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه([1141]): يشترط لصحة المضاربة أن يكون العامل مطلق التصرف في رأس مال المضاربة ومستقلاً باليد عليه، وعبر بعض عن ذلك بالتخلية بينه وبين رأس المال، وعبر عنه آخرون بأنه تسليم رأس المال إليه. ما يستحقه المضارب في المضاربة الصحيحة: يستحق المضارب بعمله في مال المضاربة الصحيحة شيئين: النفقة والربح المسمى([1142]). أولاً: نفقة المضارب: اختلف الفقهاء في نفقة المضارب: عند فقهاء الحنفية([1143]): يستحق المضارب النفقةَ بعمله في مال المضاربة على سبيل الوجوب، وشرط الوجوب: خروج المضارب بالمال من المصر الذي أخذ المال منه مضاربة، سواء كان مصره أو لم يكن، فما دام يعمل به في ذلك المصر فإن نفقته في مال نفسه لا في مال المضاربة. وكل من كان مع المضارب ممن يعينه على العمل فنفقته من مال المضاربة؛ كأجير يخدمه؛ لأن نفقته كنفقة نفسه. وتحتسب النفقة من الربح أولاً إن كان في المال ربح، فإن لم يكن فهي من رأس المال، لأن النفقة جزء هالك من المال. والمراد من النفقة هنا: الكسوة والطعام والإدام والشراب وأجر الأجير، وفراش ينام عليه، وعلف دابته (نفقة سفره بالسيارة أو الطائرة أو الباخرة) التي يركبها في سفره ويتصرف عليها في حوائجه، وغسل الثياب، ودهن السراج (مصروف الإنارة) والحطب (التدفئة) ونحو ذلك؛ لأنه لابد للمضارب من هذه الأشياء، فكان الإذن ثابتاً من رب المال دلالة. وأما ثمن الدواء والحجامة والادهان (العطر)، ونحوه مما يرجع إلى التداوي وصلاح البدن، ففي ماله خاصة، لا في مال المضاربة. وقدر النفقة يكون بالمعروف عند التجار من غير إسراف، فإن جاوز ذلك؛ ضَمِن الفضل (الزيادة)؛ لأن الإذن ثابت بالعادة فيعتبر القدر المعتاد. وعند فقهاء المالكية([1144]): يجوز لعامل المضاربة الإنفاق من مالها على نفسه في زمن سفره للتجارة، وإقامته في البلد الذي يتجر فيه وفي حال رجوعه حتى يصل إلى وطنه، ويقضى له بذلك عند المنازعة بشروط: الأول: أن يسافر فعلاً للتجارة، أو يشرع في السفر، أو يحتاج لما يشرع به فيه لتنمية المال (ولو دون مسافة القصر)؛ من طعام، وشراب، وركوب، ومسكن، وحمام، وحجامة، وغسل ثوب، ونحو ذلك على وجه المعروف حتى يعود لوطنه، ومفهوم الشرط أنه لا نفقة للعامل في الحضر. الثاني: أن يحتمل مال المضاربة الإنفاق بأن يكون كثيراً عرفاً، فلا نفقة في اليسير. الثالث: أن يكون سفره لأجل تنمية المال، أما لو كان سفره لزوجة مدخول بها، وحج، وغزو؛ فلا نفقة له من مال المضاربة، لا في حال ذهابه ولا في حال إقامته في البلد التي سافر إليها، وأما في حال رجوعه: فإن رجع من سفرِ قُرْبَة؛ فلا نفقة له، وإن رجع من عند أهل لبلد له بها أهل فله النفقة؛ لأن سفر القُرْبَة والرجوع منه لله، والرجوع من عند الأهل ليس كذلك. وعند فقهاء الشافعية([1145]): لا ينفق العامل من مال المضاربة على نفسه حضراً جزماً، وكذا سفراً في الأظهر؛ لأن له نصيباً في الربح فلا يستحق شيئاً آخر، ولأن النفقة قد تكون قَدْر الربح فيؤدي إلى انفراده به، وقد تكون أكثر فيؤدي إلى أن يأخذ جزءاً من رأس المال، وهو ينافي مقتضاه، فلو شرط له النفقة في العقد: فسد. وعند فقهاء الحنابلة([1146]): ليس للمضارب نفقة من مال المضاربة ولو مع السفر بمال المضاربة؛ لأنه دخل في عقد المضاربة على أن يستحق من الربح شيئاً فلا يستحق غيره، إذ لو استحقها لأفضى إلى اختصاصه به حيث لم يربح سوى النفقة إلا بشرط؛ فإن شَرَطها ربُّ المال وقَدَّرَها فحسنٌ؛ قطعاً للمنازعة؛ فإن لم يقدرها واختلفا فله نفقة مثلِه عرفاً؛ من طعام، وكسوة؛ لأن إطلاق النفقة يقتضى جميع ما هو ضروراته المعتادة. ثانياً: الربح المسمى: وهذا ما لا خلاف فيه، وإنما اختلفوا في الوقت الذي يملك المضاربة فيه حصته من ربح المضاربة. فذهب جمهور الفقهاء إلى أن([1147]): المضارب يملك حصته من الربح بالقسمة لا بمجرد ظهور الربح؛ لأن الربح زيادة، والزيادة على الشيء لا تكون إلا بعد سلامة الأصل. ولأن المال إذا بقي في يد المضارب فحكم المضاربة بحالها، فلو صححنا قسمة الربح لثبتت قسمة الفرع قبل الأصل؛ فهذا لا يجوز، وإذا لم تصح القسمة؛ فإذا هلك ما في يد المضارب صار الذي اقتسماه هو رأس المال، فوجب على المضارب أن يرد منه تمام رأس المال. ولأن العامل في المضاربة لو ملك الربح بالظهور لكان شريكاً حتى لو هلك منه شيء هلك من المالين، وليس كذلك، بل الربح وقاية لرأس المال. وعند فقهاء الحنابلة([1148]): أن العامل يملك حصته من الربح بالظهور قبل القسمة. ما يستحقه رب المال في المضاربة الصحيحة([1149]): يستحق رب المال في المضاربة الصحيحة الربح المسمى إذا كان في المال ربح، وإن لم يكن فلا شيء له على المضارب. انفساخ المضاربة: تنفسخ المضاربة بأسباب منها: أولاً: موت رب المال أو المضارب: ذهب جمهور الفقهاء([1150]) إلى أن: المضاربة تنفسخ بموت رب المال أو المضارب؛ لأن المضاربة كالوكالة، أو تشتمل عليها، والوكالة تبطل بموت الموكل أو الوكيل، غير أنهم قالوا: إن رأس المال إذا كان عند الموت عرضاً فإن للمضارب البيع لتنضيضه (تحويله إلى سيولة نقدية). وذهب فقهاء المالكية([1151]) إلى أنه: إن مات عامل المضاربة قبل نضوض (تسييل) رأس مالها فلوارثه الأمين لا غيره: أن يكمل العمل على حكم مورثه، فيبيع ما بقي من سلع المضاربة ويأخذ حظ مورثه من الربح، ولا ينفسخ عقد المضاربة بموت العامل؛ ارتكاباً لأخف الضررين، وهما ضرر الورثة في الفسخ، وضرر رب المال في إبقائه عندهم. ثانياً: فقدان أهلية أحدهما أو نقصها: قد يعرض لأهلية رب المال أو المضارب من عوارض الأهلية ما يذهبها أو ينقصها، مما قد يكون سبباً في إنهاء المضاربة، ومن هذه العوارض: أ – الجنون([1152]): الجنون المطبق إذا اعترى أحد طرفي عقد المضاربة فإنه يبطله. ب – الإغماء([1153]): نص فقهاء الشافعية على أن: الإغماء سبب تنفسخ به المضاربة. ج – الحجر([1154]): المضاربة تبطل بالحجر يطرأ على أحد العاقدين. ثالثاً: فسخ المضاربة([1155]): فسخ المضاربة يكون من العاقدين بإرادتهما، أو من أحدهما بإرادته المنفردة، ويحصل الفسخ بقول: فسخت المضاربة أو رفعتها أو أبطلتها، أو بقول المالك للعامل: لا تتصرف بعد هذا، ونحو ذلك، وقد يحدث بالفعل؛ كاسترجاع رب المال رأس مال المضاربة كله، وغير ذلك. رابعاً: تلف رأس المال المضاربة([1156]): تنفسخ المضاربة بتلف مال المضاربة الذي تسلمه المضارب، ولم يحركه بعد للمضاربة بالشراء؛ لأن المال الذي تعين للمضاربة وتعلق به عقدها قد هلك وزال. وهذا إذا تلف المال كله، أما إذا تلف بعض المال في هذه الحالة؛ فإن المضاربة تنفسخ بقدر ما تلف من رأس المال ويظل باقيه على المضاربة.
$ $ $
الفصل السابع والعشرون صورٌ معاصرةٌ لشركة المضاربةسندات المقارضة وسندات الاستثمار([1157]): قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي: من حيث الصيغة المقبولة شرعاً لصكوك المقارضة: أولاً- سندات المقارضة هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأس مال المضاربة وما يتحول إليه، بنسبة ملكية كل منهم فيه، ويفضل تسمية هذه الأداة الاستثمارية صكوك المقارضة. ثانياً- الصورة المقبولة شرعاً لسندات المقارضة بوجه عام لا بد أن تتوافر فيها العناصر التالية: العنصر الأول: أنَّ يمثل الصك ملكية حصة شائعة في المشروع الذي أصدرت الصكوك؛ لإنشائه أو تمويله، وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته. وترتب عليها جميع الحقوق والتصرفات المقررة شرعاً للمالك في ملكه من بيع وهبة ورهن وإرث وغيرها،مع ملاحظة أنَّ الصكوك تمثل رأس مال المضاربة. العنصر الثاني: يقوم العقد في صكوك المقارضة على أساس أنَّ شروط التعاقد تحددها نشرة الإصدار، وأنَّ الإيجاب يعبر عنه الاكتتاب في هذه الصكوك، وأن القبول تعبر عنه موافقة الجهة المصدرة. ولابد أن تشتمل نشرة الإصدار على جميع البيانات المطلوبة شرعاً في عقد القراض (المضاربة) من حيث بيان معلومية رأس المال، وتوزيع الربح مع بيان الشروط الخاصة بذلك الإصدار على أن تتفق جميع الشروط مع الأحكام الشرعية. العنصر الثالث: أن تكون صكوك المقارضة قابلة للتداول بعد انتهاء الفترة المحددة للاكتتاب باعتبار ذلك مأذوناً فيه من المضارب عند نشوء السندات مع مراعاة الضوابط التالية: 1- إذا كان مال القراض المجتمع بعد الاكتتاب، وقبل المباشرة في العمل بالمال ما يزال نقوداً فإنَّ تداول صكوك المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد وتُطبق عليه أحكام الصرف. 2- إذا أصبح مال القراض ديوناً فإنه تُطَبَّق على تداول صكوك المقارضة أحكام التعامل بالديون. 3- إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان والمنافع فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة وفقاً للسعر المتراضى عليه، على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعياناً ومنافع. وفي جميع الأحوال يتعين تسجيل التداول أصولياً في سجلات الجهة المصدرة. العنصر الرابع: أنَّ من يتلقى حصيلة الاكتتاب في الصكوك لاستثمارها، وإقامة المشروع بها هو المضارب، أي عامل المضاربة،ولا يملك من المشروع إلا بمقدار ما قد يسهم به بشراء بعض الصكوك،فهو رب مال بما أسهم به،بالإضافة إلى أنَّ المضارب شريك في الربح بعد تحققه بنسبة الحصة المحددة له في نشرة الإصدار،وتكون ملكيته في المشروع على هذا الأساس. وأنَّ يد المضارب على حصيلة الاكتتاب في الصكوك، وعلى موجودات المشروع هي يد أمانة لا يضمن إلا بسبب من أسباب الضمان الشرعية. ثالثاً- مع مراعاة الضوابط السابقة في التداول: يجوز تداول صكوك المقارضة في أسـواق الأوراق المالية، إن وجدت، بالضوابط الشرعية، وذلك وفقاً لظروف العرض والطلب ويخضع لإرادة العاقدين. كما يجوز أن يتم التداول بقيام الجهة المصدرة في فترات دورية معينة بإعلان أو إيجاب يوجه إلى الجمهور تلتزم بمقتضاه خلال مدة محددة بشراء هذه الصكوك من ربح مال المضاربة بسعر معين، ويحسن أن تستعين في تحديد السعر بأهل الخبرة، وفقاً لظروف السوق والمركز المالي للمشروع. كما يجوز الإعلان عن الالتزام بالشراء من غير الجهة المصدرة من مالها الخاص،على النحو المشار إليه. رابعاً- لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال، أو ضمان ربح مقطوع، أو منسوب إلى رأس المال؛ فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمناً بَطَلَ شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل. خامساً- لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار ولا صك المقارضة الصادر بناء عليها على نص يلزم بالبيع، ولو كان معلقاً أو مضافاً للمستقبل، وإنما يجوز أن يتضمن صك المقارضة وعداً بالبيع، وفي هذه الحالة لا يتم البيع إلا بعقد بالقيمة المقدرة من الخبراء وبرضا الطرفين.
$ $ $
الفصل الثامن والعشرون المُزَارعَةالتعريف: المزارعة في اللغة([1158]): من زرع الحب زرعاً وزراعة: بذره، والأرضَ: حرثها للزراعة، وزرع الله الحرث: أنبته وأنماه، وزارعه مزارعة: عامله بالمزارعة، والمزارعة: المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها. وفي الاصطلاح: عرفها الفقهاء بعدة تعريفات. فعرَّفها فقهاء الحنفية بأنها([1159]): عقد على الزرع ببعض الخارج. وعرَّفها فقهاء المالكية([1160]): بأنها الشركة في الزرع. وعند فقهاء الشافعية([1161]): عمل على أرض ببعض ما يخرج منها، والبذر من المالك. وعند فقهاء الحنابلة([1162]): دفع أرض وحب لمن يزرعه ويقوم عليه، أو مزروع ليعمل عليه بجزء مشاع معلوم من المتحصل. حكم المزارعة: اختلف الفقهاء في حكم المزارعة: أ - فذهب جمهور الفقهاء إلى جواز عقد المزارعة، ومشروعيتها([1163])، واستدلوا على ذلك بالسنة والإجماع والمعقول. فمن السنة: "أَنَّ النَّبِيَّ r عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ"([1164]). أما الإجماع([1165]): فقد أجمع الصحابة قولاً وعملاً على مشروعية المزارعة، ولم يخالف في ذلك أحد منهم. وأما المعقول([1166]): فالمزارعة عقد شركة بمال من أحد الشريكين وهو الأرض، وعمل من الآخر وهو الزراعة، فتجوز بالقياس على المضاربة، والجامع بينهما دفع الحاجة في كل منهما؛ فإن صاحب المال قد لا يهتدي إلى العمل، والمهتدي إليه قد لا يجد المال، فمسّت الحاجة إلى انعقاد هذا العقد بينهما. ب - وذهب أبو حنيفة وزفر إلى: عدم جواز المزارعة مطلقاً([1167])، واستدلوا على ذلك بالسنة المطهرة والمعقول. أما السنة: ما ورد أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا نُخَابِرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r، فَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ عُمُومَتِهِ أَتَاهُ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعاً، وَطَوَاعِيَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا وَأَنْفَعُ، قَالَ قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ؟، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ فَلْيُزْرِعْهَا أَخَاهُ، وَلاَ يُكَارِيهَا بِثُلُثٍ، وَلاَ بِرُبُعٍ، وَلاَ بِطَعَامٍ مُسَمًّى"([1168]). وأما المعقول فمن وجهين([1169]): الأول: أن رسول الله : "نهى عن قفيز الطحان"([1170])، والاستئجار ببعض الخارج (المزارعة) في معناه، والمنهي عنه غير مشروع، فيكون الاستئجار لبعض الخارج غير مشروع كذلك. الثاني: أن الاستئجار ببعض الخارج من النصف والثلث والربع ونحوه استئجار ببدل مجهول، وهو غير جائز، وبه تبين أن حديث خيبر محمول على الجزية دون المزارعة؛ صيانة لدلائل الشرع عن التناقض. ج - وذهب فقهاء المالكية إلى أنه([1171]): لا يجوز إعطاء الأرض مزارعة إلا أن تكون أرضاً وشجراً، فيكون مقدار البياض من الأرض ثلث مقدار الجميع، ويكون السواد مقدار الثلثين من الجميع، فيجوز حينئذٍ أن تعطى بالثلث والربع، والنصف على ما يعطى به ذلك السواد. د - وأجازها فقهاء الشافعية([1172]) في الأرض التي تكون بين النخيل أو العنب إذا كان بياض الأرض أقل، فإن كان أكثر؛ فالأصح جوازها أيضاً، وقيل: لا تجوز، ولكنهم منعوها مطلقاً في الأرض البيضاء. أركان المزارعة: عند جمهور الفقهاء: العاقدان، ومحل العقد، والصيغة، (الإيجاب والقبول) الدالان على التراضي. وركنها عند فقهاء الحنفية([1173]): الصيغة فقط. حقيقة المزارعة: اختلف الفقهاء في حقيقة عقد المزارعة، وهل هو إجارة، أو شركة أو يجمع بين الاثنين؟. فذهب فقهاء الحنفية([1174]) إلى أن: المزارعة تنعقد إجارة، ثم تتم شركة. أما إن فيها معنى الإجارة: فلأن الإجارة تمليك المنفعة بعوض والمزارعة كذلك، فالبذر إن كان من قبل رب الأرض فالعامل يملك منفعة نفسه من رب الأرض بعوض هو نماء بذره، وإن كان من قبل العامل فصاحب الأرض يملك منفعة أرضه من العامل بعوض هو نماء بذره، فكانت المزارعة استئجاراً، إما للعامل، وإما للأرض، والأجرة فيها: بعض الخارج منها. وأما أن فيها معنى الشركة؛ فلأن الخارج من الأرض يكون مشتركاً بين صاحبها وبين المزارع حسب النسبة المتفق عليها بينهما. وذهب فقهاء المالكية وفقهاء الحنابلة([1175]) إلى: أنها شركة. شروط خاصة في صحة المزارعة عند جمهور الفقهاء: أولاً: ما يخص البذر([1176]): نص فقهاء الحنفية وفقهاء الحنابلة على أنه([1177]): يشترط فيه أن يكون معلوماً؛ بأن يبين جنسه، ونوعه، ووصفه، وعَلَّلُوا ذلك: بأن حال المزروع يختلف باختلاف الزرع بالزيادة والنقصان، فرب زرع يزيد في الأرض، ورب آخر ينقصها، وقد يكثر النقصان وقد يقل فوجب البيان والتحديد. تحديد مقدار البذر: اختلف الفقهاء في اشتراط تحديد مقدار البذر الذي يزرع. فذهب فقهاء الحنفية([1178]) إلى: عدم اشتراط ذلك؛ لأن هذا تحدده حاجة الأرض إليه. وذهب فقهاء الحنابلة([1179]) إلى أنه: يشترط تحديد مقدار البذر؛ لأنها معاقدة على عمل، فلم تجز على غير معلوم الجنس والقدر كالأجرة. الطرف الذي يكون عليه البذر: ذهب فقهاء الحنفية([1180]) إلى أنه يجوز أن يكون البذر من المزارع، ويجوز أن يكون من صاحب الأرض، ولكن لا يجوز أن يكون منهما معاً، فوجب بيان من عليه البذر، لأن عدم البيان يؤدي إلى المنازعة، وهي مفسدة للعقد. وذهب فقهاء المالكية([1181]) إلى أنه : يجوز أن يكون البذر من أي منهما، ويجوز أن يكون منهما معاً، بشرط أن لا يكون مقابل الأرض؛ لئلا يؤدي إلى كراء الأرض بممنوع، وهو مقابلة الأرض بطعام؛ كالعسل، أو بما تنبته ولو لم يكن طعاماً؛ كالقطن والكتان. وذهب فقهاء الحنابلة([1182]) إلى أنه: لا يشترط كون البذر من رب الأرض. ثانياً: الشروط الخاصة بالخارج من الأرض (قسمة المحصول): يشترط في الخارج من الأرض شروط هي([1183]): أ - أن يُبَيَّن في عقد المزارعة نصيبُ مَن لا بذر له من الخارج من الأرض؛ فلو سكت عنه فسدت المزارعة؛ لأن المزارعة استئجار ببعض الخارج والسكوت عن ذكر الأجرة مفسد للإجارة، فكذلك السكوت عن ذكر الخارج يفسد المزارعة. ب- أن يكون الخارج مشتركاً بين صاحب الأرض والمزارع؛ لأنه هو المقصود بالمزارعة، فلو شرطا أن يكون الخارج من الأرض لأحدهما فقط : فسدت المزارعة؛ لأن معنى الشركة لازم لهذا العقد وكل شرط يكون قاطعاً لها يكون مفسداً للعقد؛ فالمزارعة تنعقد إجارة في الابتداء، وتقع شركة في الانتهاء، كما ذكرنا. ج- أن تكون حصة كل واحد منهما بعض الخارج من الأرض ذاتها؛ فلو شرطا أن تكون الحصة من محصول أرض أخرى: بطلت المزارعة؛ لأنها استئجار ببعض الخارج من الأرض وليست كالإجارة المطلقة. د – أن يكون ذلك البعض من الخارج معلوم القَدْر سواء بالتساوي أو بالتفاوت حسب الاتفاق بين المتعاقدين؛ كالنصف، والثلث، والربع ونحو ذلك؛ لأن ترك التقدير يؤدي إلى الجهالة المفضية إلى المنازعة. واشترط فقهاء المالكية وفقهاء الحنابلة([1184]): التساوي في الربح إذا كان البذر منهما متساوياً؛ فإن كان متفاضلاً فعلى قدر بذر كلٍّ. هـ - أن تكون حصة كل منهما من الخارج جزءاً شائعاً من الجملة؛ كالنصف، أو الثلث، أو الربع، ونحو ذلك؛ فلو شرط لأحدهما كمية معينة من المحصول؛ كعشرة أرادب([1185]) من القمح أو خمسة قناطير من القطن؛ فإن العقد لا يصح مطلقاً؛ لأن المزارعة فيها معنى الإجارة والشركة، واشتراط قدر معلوم منالخارج لأحدهما ينفي لزوم معنى الشركة؛ لاحتمال أن الأرض لا تخرج زيادة على القدر المعلوم، فلا يبقى للطرف الآخر شيء. ثالثاً: ما يخص الأرض (محل المزارعة): اشترط الفقهاء في الأرض شروطاً هي([1186]): أ – أن تكون معلومة؛ معينة تعييناً نافياً للجهالة. ب – أن تكون صالحة للزراعة في مدة المزارعة؛ لأن الأرض التي لا تصلح للزراعة لا تجوز إجارتها، فلا تصح المزارعة عليها كذلك، أما إذا كانت صالحة للزراعة في المدة، ولكن لا يمكن زراعتها وقت التعاقد لعارض موقت؛ كانقطاع الماء أو في زمن الفيضان، أو كثرة الثلوج ونحو ذلك من العوارض التي هي على شرف الزوال في مدة المزارعة: فإن العقد يكون صحيحاً([1187]). ج – التخلية بين الأرض والعامل ليتمكن من العمل فيها بلا مانع؛ وعلى ذلك لو شرط أن يكون العمل على صاحب الأرض أو عليهما معاً؛ فسدت المزارعة؛ لانعدام التخلية بين الأرض والمزارع. والتخلية أن يقول صاحب الأرض للعامل: سلمت إليك الأرض، ومن التخلية: أن تكون الأرض فارغة عند العقد. صور من المزارعة الصحيحة: أ- أن يكون العمل من جانب، والباقي كله من أرض وبذر وماشية وآلات ونفقات من الجانب الآخر. وقد نص على صحة هذه الصورة جمهور الفقهاء([1188])، ووجه صحتها: أن صاحب الأرض يصير مستأجراً للعامل لا غير، ليعمل له في أرضه ببعض الخارج منها، الذي هو نماء ملكه وهو البذر. ويشترط فقهاء المالكية([1189]) لصحة هذه الصورة أن ينعقد بلفظ الشركة؛ فإن عقدا بلفظ الإجارة لا تصح؛ لأنها إجارة بجزء مجهول، وإن أطلقا القول فالمشهور عند فقهاء المالكية حملها على الإجارة؛ فلا تجوز. ب- أن تكون الأرض من جانب، والباقي كله من الجانب الآخر، وهذه الصورة جائزة عند فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية([1190])، وظاهر المذهب عند فقهاء الحنابلة([1191]) أنه : إن كان البذر من رب الأرض، والعمل من العامل كانت المزارعة صحيحة، وهذا هو الأصل في المزارعة فقد عامل رسول الله أهل خيبر على هذا، ووجه صحة هذه الصورة: أن العامل يصير مستأجراً للأرض لا غير ببعض الخارج منها الذي هو نماء ملكه وهو البذر. ج- أن تكون الأرض والبذر من جانب، والعمل والماشية من الجانب الآخر وهو المزارع([1192])، ووجه صحة هذه الصورة: أن هذا استئجارٌ للعامل لا غير؛ مقصوداً، أما البذر فغير مستأجر مقصوداً، ولا يقابله شيء من الأجرة. ما يفسخ به عقد المزارعة([1193]): أولاً: العذر الاضطراري الذي يحول دون مضي العقد: العذر الاضطراري إما أن يرجع إلى صاحب الأرض، وإما أن يعود إلى المزارع. أ – عند فقهاء الحنفية: العذر الذي يرجع إلى صاحب الأرض: هو الدَين الفادح الذي لا يستطيع صاحب الأرض قضاءه إلا من ثمنها؛ فلو كان عليه دَين؛ بيعت الأرض لسداد هذا الدَين، وفسخ عقد المزارعة إذا أمكن فسخه؛ بأن كان قبل زراعة الأرض، أو بعدها ولكن الزرع بلغ الحصاد. أما إذا لم يمكن الفسخ بأن كان الزرع بقلاً، فإن الأرض لا تباع في الدين ولا ينفسخ العقد إلا بعد بلوغ الزرع الحصاد؛ لأن في البيع إبطال حق المزارع، وفي الانتظار إلى وقت الحصاد تأخير حق صاحب الدين، وفيه رعاية للجانبين فكان أولى. ب – عند فقهاء الحنفية: العذر الذي يرجع إلى المزارع: نحو المرض الشديد؛ لأنه معجز عن العمل، ونحو السفر البعيد . ثانياً: فسخ المزارعة صراحة أو دلالة: واللفظ الصريح: الفسخ أو الإقالة. أما الدلالة: فكأن يمتنع صاحب البذر عن المضي في العقد. ثالثاً: انقضاء المدة رابعاً: موت أحد المتعاقدين: عند فقهاء الحنفية: تفسخ المزارعة بموت أحد وعند فقهاء الحنابلة([1194]): على ورثة المزارع متابعة العمل إذا كان المزارع هو المتوفى، وكان الزرع قد أدرك، ولكنهم لا يجبرون على ذلك.
الفصل التاسع والعشرون المُسَاقَاةالتعريف: المساقاة في اللغة([1195]): مفاعلة من السَقْي، وهي دفع النخيل والكروم إلى مَن يعمره، ويسقيه، ويقوم بمصلحته، على أن يكون للعامل سهم (نصيب) والباقي لمالك النخيل. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي([1196]). أو أن يعامل غيره على نخل أو شجر أو عنب؛ ليتعهده بالسقي والتربية على أن الثمرة لهما([1197]). الحكم التكليفي: اختلف الفقهاء في حكم المساقاة على أقوال: القول الأول: أنها جائزة شرعاً([1198])، وهو قول جمهور الفقهاء، وعليه الفتوى عند فقهاء الحنفية([1199])، وقالوا: سبب جوازها حاجة الناس إليها([1200])، واستدلوا بحديث عَبْدِ اللَّهِ (ابن عمر) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ r خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا؛ وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا([1201])، وبالقياس على المضاربة من حيث الشركة في النماء فقط دون الأصل([1202]). القول الثاني: أنها غير مشروعة، وهو قول أبي حنيفة وزفر([1203])، واستدلوا بحديث رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا نُخَابِرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r، فَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ عُمُومَتِهِ أَتَاهُ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعاً، وَطَوَاعِيَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا وَأَنْفَعُ، قَالَ قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ؟، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ فَلْيُزْرِعْهَا أَخَاهُ، وَلاَ يُكَارِيهَا بِثُلُثٍ، وَلاَ بِرُبُعٍ، وَلاَ بِطَعَامٍ مُسَمّىً"([1204])، وهذا الحديث وإن كان وارداً في المزارعة غير أن معنى النهي (وهو الكراء بجزء من الخارج من الأرض) وارد في المساقاة أيضاً([1205]). كما استدلوا بحديث: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ"([1206])، وغرر المساقاة متردد بين ظهور الثمرة وعدمها، وبين قلتها وكثرتها، فكان الغرر أعظم، فاقتضى أن يكون القول بإبطالها أحق([1207]). واستدلوا كذلك بحديث: أن رسول الله : "نهى عن قفيز الطحان"([1208])، والمعنى الذي نهى لأجله عن قفيز الطحان موجود في المساقاة؛ لأنها استئجار العامل ببعض ما يخرج من عمله([1209]). ومن أدلتهم في المعقول: أن هذا استئجار ببعض الخارج وإنه منهي عنه([1210]). حكمة مشروعيتها([1211]): تحقيق المصلحة ودفع الحاجة؛ فمن الناس من يملك الشجر، ولا يهتدي إلى طرق استثماره، أو لا يتفرغ له، ومنهم من يهتدي إلى الاستثمار، ويتفرغ له ولا يملك الشجر، فمست الحاجة إلى انعقاد هذا العقد بين المالك والعامل. أركان المساقاة: عند جمهور الفقهاء([1212]): خمسة وهي: العاقدانويراد بهما العامل والمالك ، والصيغة، ومتعلق العمل (الشجر)، والثمار، والعمل، وزاد فقهاء المالكية: المدة فهي ستة عندهم. والركن عند فقهاء الحنفية هو الصيغة فقط([1213])، والبواقي أطراف. ولكل من هذه الأركان شروط نذكرها فيما يلي: مدة المساقاة: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه([1214]): يصح توقيت المساقاة، ولا يشترط التوقيت، واستدلوا: بأن وقت إدراك الثمر معلوم، وقلما يتفاوت فيه فيدخل فيه ما هو المتيقن، ولأن رسول الله وخلفاءه لم يضربوا مدة لأهل خيبر([1215])، وأنه لا ضرر في تقدير مدة المساقاة؛ فهي عقد جائز؛ كالوكالة، فلم يشترط التوقيت. وعند فقهاء الشافعية([1216]): يشترط معرفة العمل جملة لا تفصيلاً بتقدير المدة؛ كسنة أو أكثر، فلا تصح مطلقة ولا مؤبدة؛ لأنها عقد لازم فأشبهت الإجارة. الأحكام المترتبة على المساقاة الصحيحة ابتداء: يترتب على المساقاة الصحيحة العديد من الأحكام، منها([1217]): أ – أنه يجب قيام العامل بكل ما يحتاج إليه الشجر من السقي والتلقيح والحفظ؛ لأنها من توابع المعقود عليه، وهو العمل، كما يجب على المالك كل ما يتعلق بالنفقة على الشجر من السماد واللقاح ونحو ذلك. ب – لا يملك العامل أن يدفع الشجرَ معاملةً إلى غيره إلا إذا قال له المالك: اعمل برأيك، وذلك لأن فيه إثبات الشركة في مال غيره بغير إذنه والثمر عندئذ للمالك، وللعامل الثاني أجر مثله على العامل الأول، ولا أجر للأول لأنه تصرف في مال غيره بغير تفويض وهو لا يملك ذلك؛ قياساً على المضاربة والوكالة. وأجاز فقهاء المالكية([1218]) ذلك بقيد، وهو: إن لم يشترط رب الحائط عمل العامل بعينه، وإلا مُنِع من مساقاته لآخر، ما لم يكن أميناً، ولو أقل أمانة لا غير أمين. انفساخ المساقاة: تنفسخ المساقاة بـ([1219]): أ – الموت.ب – مضي المدة.ج – الاستحقاق. د – تصرف المالك.هـ - الفسخ بالإقالة والعذر $ $ $ الفصل الثلاثون الكفالـةالتعريف: الكفالة لغة([1220]): من كَفَل (بابه: نصر) المال وبالمال: ضمنه، وكَفَلَ بالرجل يَكْفُل ويَكْفِل كَفْلاً وكُفُولاً، وكفالة، وكَفُل وكَفِل وتَكَفَّل به: ضَمِنَه، وأَكْفَلَه إياه وكَفَّلَه: ضَمَّنَه، وكَفَلْتُ عنه المال لغريمه وتَكَفَّل بدينه تَكَفُّلاً. وأما الكفالة في الاصطلاح: فقد اختلف الفقهاء في تعريف الكفالة تبعاً لاختلافهم فيما يترتب عليها من أثر. فعرفها فقهاء الحنفية([1221]): ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل على وجه التوثيق. ويرى جمهور الفقهاء أن الكفالة هي([1222]): أن يلتزم الرشيد بإحضار بدن من يلزم حضوره في مجلس الحكم. ففقهاء الحنفية([1223]): يطلقون الكفالة على كفالة المال والوجه. وفقهاء المالكية وفقهاء الشافعية([1224]): يقسمون الضمان إلى ضمان المال وضمان الوجه، ويطلق فقهاء الشافعية الكفالة على ضمان الأعيان البدنية. وأما عند فقهاء الحنابلة([1225]): فالضمان يكون التزام حق في ذمة شخص آخر، والكفالة التزام بحضور بدنه إلى مجلس الحكم.ويسمى الملتزم بالحق ضامناً، وضميناً، وحميلاً، وزعيماً، وكافلاً، وكفيلاً، وصبيراً، وقبيلاً، وغريماً، غير أن العرف جار([1226]) بأن الضمين يستعمل في الأموال، والحميل في الديات، والزعيم في الأموال العظام، والكفيل في النفوس، والقبيل والصبير في الجمع. الحكم التكليفي: الكفالة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع. فمن الكتاب قوله تعالى: ]قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ[ [يوسف: 72]، أي كفيل: ضامن وقوله تعالى: ]سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ[ [القلم: 40]، أي: كفيل. ومن السنة: قوله r: "الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ"([1227])، قال الخطابي: الزعيم: الكفيل، والزعامة: الكفالة. وعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r لاَ يُصَلِّي عَلَى رَجُلٍ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأُتِيَ بِمَيِّتٍ، فَقَالَ: "أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟"، قَالُوا: نَعَمْ، دِينَارَانِ، قَالَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ"، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ: هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ r، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ: "أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ؛ فَمَنْ تَرَكَ دَيْناً فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ"([1228]). وقد نقل كثير من الفقهاء الإجماعَ على جواز الكفالة؛ لحاجة الناس إليها ودفع الضرر عن المدين([1229]). أركان الكفالة وشروطها: أركان الكفالة([1230]): الصيغة، والكفيل، والمكفول له، والمكفول عنه، والمكفول به. الفصل الواحد والثلاثون الغصبالتعريف: الغصب لغة([1231]): هو أخذ الشيء ظلماً وقهراً، والاغتصاب مثله، يقال: غصبه منه وغصبه عليه بمعنى واحد. واصطلاحاً: عرفه فقهاء الحنفية بأنه([1232]): إزالة يد المالك عن ماله المتقوم على سبيل المجاهرة والمغالبة بفعل في المال. وعرفه فقهاء المالكية بأنه([1233]): أخذ مال قهراً تعدياً بلا حرابة. وعرفه فقهاء الشافعية بأنه([1234]): الاستيلاء على حق الغير عدواناً، أي بغير حق. وعرفه فقهاء الحنابلة بأنه([1235]): الاستيلاء على مال الغير قهراً بغير حق. الحكم التكليفي ودليله: الغصب حرام([1236]) إذا فعله الغاصب عن علم; لأنه معصية، وقد ثبت تحريمه بالقرآن والسنة والإجماع. أما القرآن الكريم: فقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[ [النساء: 29]. وأما السنة الشريفة: فمنها قوله e: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا"([1237])، وقوله r: "لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ"([1238]). وأما الإجماع: فقد أجمع المسلمون على تحريم الغصب، وإن لم يبلغ المغصوب نصاب سرقة. ما يتحقق به الغصب: في بيان ما يتحقق به الغصب اتجاهان: الأول: لجمهور الفقهاء([1239]): الغصب يتحقق بإثبات يد العدوان على الشيء المغصوب، بمعنى إثبات اليد على مال الغير بغير إذنه، ولا يشترط إزالة يد المالك، وليس المقصود من الاستيلاء، الاستيلاء الحسي بالفعل، وإنما يكفي الحيلولة بين المال وبين صاحبه، ولو أبقاه بموضعه الذي وضعه فيه. والثاني: لفقهاء الحنفية([1240]): الغصب إزالة يد المالك عن ماله المتقوِّم على سبيل المجاهرة والمغالبة، أي أن الغصب لا يتحقق إلا بأمرين اثنين هما: إثبات يد الغاصب (وهو أخذ المال) وإزالة يد المالك، أي: بالنقل والتحويل. آثار الغصب: للغصب آثار تتعلق بكل من الشيء المغصوب والغاصب والمالك المغصوب منه. أولاً - ما يلزم الغاصب: يلزم الغاصب الإثم إذا علم أنه مال الغير، ورد العين المغصوبة ما دامت قائمة، وضمانها إذا هلكت. أ - الإثم والتعزير([1241]): يستحق الغاصب المؤاخذة في الآخرة، إذا فعـل الغصب عالماً أن المغصوب مال الغير; لأن ذلك معصية، وارتكاب المعصية عمداً موجب للمؤاخذة، بقوله e: "مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ"([1242]). وصرح جمهور الفقهاء بأنه([1243]): يؤدب بالضرب والسجن غاصبٌ مميزٌ، صغيراً أو كبيراً; رعاية لحق الله تعالى ولو عفا عنه المغصوب منه; لدفع الفساد وإصلاح حاله وزجراً له ولأمثاله. أما غير المميز، من صغير ومجنون، فلا يعزر؛ فإن حدث الغصب والشخص جاهل بكون المال لغيره، بأن ظن أن الشيء ملكه؛ فلا إثم ولا مؤاخذة عليه; لأنه خطأ لا مؤاخذة عليه شرعاً، لقوله e: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ"([1244])، وعليه رد العين ما دامت قائمة، والغرم إذا صارت هالكة. ب - رد العين المغصوبة([1245]): ذهب الفقهاء إلى أنه: يجب على الغاصب رد العين المغصوبة إلى صاحبها حال قيامها ووجودها بذاتها؛ لقوله e "عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ"([1246])، وقوله أيضاً: "لاَ يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لاَعِباً وَلاَ جَادّاً، وَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا"([1247]). وترد العين المغصوبة إلى مكان الغصب؛ لتفاوت القيم باختلاف الأماكن. ومؤنة الرد على الغاصب; لأنها من ضرورات الرد، فإذا وجب عليه الرد، وجب عليه ما هو من ضروراته. فإن كان المغصوب قد فات؛ كأن هلك أو فقد أو هرب؛ رَدَّ الغاصب إلى المغصوب منه مثله إن كـان له مِثْل؛ بأن كان مكيلاً أو موزوناً أو معدوداً من الطعام والدنانير والدراهم وغير ذلك، أو قيمته إن لم يكن له مِثْل؛ كالعروض والحيوان والعقار. ثانياً - حقوق المغصوب منه: للمالك المغصوب منه حقوق هي: رد عين المغصوب والثمار والغلة، والتضمين، وحقه في الهدم والقلع لما أحدثه الغاصب في ملكه، والجمع بين أخذ القيمة والغلة. $ $ $
الفصل الثاني والثلاثون اللُقَطَةالتعريف : اللقطة في اللغة([1248]): من لقط أي أخذ الشيء من الأرض. واللقطة شرعاً([1249]): هي المال الضائع من ربه يلتقطه غيره، أو الشيء الذي يجده المرء ملقىً فيأخذه أمانة. حكم الالتقاط: اختلف الفقهاء في حكم الالتقاط على ما يأتي: ذهب فقهاء الحنفية إلى أنه([1250]): يندب رفع اللقطة إن أمن الملتقط على نفسه تعريفها، وإلا فالترك أولى من الرفع، وإن أخذها لنفسه حَرُم؛ لأنها كالغصب في هذه الحالة، ويُفْرَض عليه أخذها إذا خاف من الضياع؛ فلو تركها حتى ضاعت كان آثماً. وذهب فقهاء المالكية إلى أنه([1251]): إن كان الملتقط يعلم من نفسه الخيانة كان الالتقاط حراماً، وإن كان يخاف أن يستفزه الشيطان ولا يتحقق من ذلك فيكون مكروهاً، وإن كان يثق بأمانة نفسه، فإما أن يكون بين ناس لا بأس بهم ولا يخاف عليها الخونة، وإما أن يخافهم فإن خافهم وجب عليه الالتقاط، وإن لم يخفهم فللإمام مالك ثلاثة أقوال في هذه الحالة: الاستحباب مطلقاً، والاستحباب فيما له بال فقط، والكراهة. وعند فقهاء الشافعية([1252]): إذا وجدها بمضيعة وأمن نفسه عليها فالأفضل أخذها، وحكي عن الإمام الشافعي قول آخر: أنه يجب أخذها؛ صيانة للمال عن الضياع، وذلك لقوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة: 71]. فإذا كان المؤمن ولياً للمؤمن فقد وجب عليه حفظ ماله فلا يتركه عرضة للضياع. ويرى فقهاء الحنابلة أن([1253]): الأفضل ترك الالتقاط؛ لقول رَسُولِ اللَّهِ r: "ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ"([1254])، ولأنه تعريض لنفسه لأكل الحرام وتضييع الواجب في تعريفها وأداء الأمانة فيها فكان تركه أولى وأسلم. التعريف باللقطة([1255]): يجب على الملتقط التعريف باللقطة؛ لما ورد عن أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَخَذْتُ صُرَّةً مِئَةَ دِينَارٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ r فَقَالَ: "عَرِّفْهَا حَوْلاً"، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: "عَرِّفْهَا حَوْلاً"، فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلاثاً، فَقَالَ: "احْفَظْ وِعَاءَهَا، وَعَدَدَهَا، وَوِكَاءَهَا؛ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا"، فَاسْتَمْتَعْتُ فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: لاَ أَدْرِي ثَلاَثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلاً وَاحِداً"([1256]). لأن إمساكها من غير تعريف تضييع لها عن صاحبها فلم يجز، ولأنه لو لم يجب التعريف لما جاز الالتقاط؛ لأن بقائها في مكانها إذاً أقرب إلى وصولها إلى صاحبها، إما بأن يطلبها في الموضع الذي ضاعت فيه فيجدها، وإما بأن يجدها من يعرفها، وأخذها يفوت الأمرين فيحرم. وذكر فقهاء الشافعية أنه: يشترط فيمَنْ يَتَوَلَّى التعريف: أن يكون عاقلاً ثقة ولا تشترط فيه العدالة إذا كان موثوقاً بقوله، كما يشترط أن يكون غير مشهور بالخلاعة والمجون وهو عدم المبالاة بما يصنع. مدة التعريف: يرى فقهاء الحنفية([1257]): التفريق في اللقطة بين القليل والكثير فإن كانت أقل من عشرة دراهم عرّفها أياماً على حسب ما يرى أنها كافية للإعلام، وأن صاحبها لا يطلبها بعد هذه المدة، وإن كانت عشرة دراهم فصاعداً عرّفها حولاً؛ لأن التقدير بالحول ورد في لقطة كانت مائة دينار تساوي ألف درهم. يرى جمهور الفقهاء([1258]) أن اللقطة تعرّف سنة من غير تفصيل بين القليل والكثير؛ لما ورد عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ r فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ؟، فَقَالَ: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا([1259])، وَوِكَاءَهَا([1260])، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً؛ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا"، قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟، قَالَ: "لَكَ، أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ"، قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟، قَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا؛ مَعَهَاسِقَاؤُهَا([1261])وَحِذَاؤُهَا؛ تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا"([1262])، فقد أمره أن يعرف اللقطة سنة من غير فصل بين القليل والكثير. الاتجار في اللقطة([1263]): يد الملتقط على اللقطة يد أمانة وحفظ خلال الحول؛ ولذلك لا يجوز له الاتجار فيها خلال هذه المدة؛ لأن في ذلك تعريضاً للهلاك أو الضياع أو النقص بفعل من الملتقط عن قصد؛ إذ التجارة تحتمل الربح والخسارة. وإذا اتجر فيها خلال الحول فهو ضامن لها، أو ضامن لأرش نقصها عند جمهور الفقهاء، وإذا ربحت خلال الحول وجاء صاحبها فيجب على الملتقط ردها إليه مع زيادتها المتصلة أو المنفصلة. التصدق باللقطة: ذهب جمهور الفقهاء([1264]) إلى: جواز التصدق باللقطة إذا عرفها الملتقط ولم يحضر صاحبها مدة التعريف، ولا يتوقف ذلك على إذن الحاكم، ويتصدق بها على الفقراء والمساكين. ويرى فقهاء الحنفية([1265]) أن صاحب اللقطة إذا جاء بعد ما تصدق بها الملتقط فهو بأحد خيارات ثلاث: أ – إن شاء أمضى الصدقة. ب – وإن شاء ضَمَّن الملتقط؛ لأنه سلم ماله إلى غيره بغير إذنه. ج – وإن شاء ضَمَّن المسكين إذا هلك المدفوع إليه في يده؛ لأنه قبض ماله بغير إذنه.
$ $ $
الفصل الثالث والثلاثون إحياء الموات التعريف: الإحياء في اللّغة([1266]): جعل الشّيء حيّاً، والموات: الأرض الّتي خلت من العمارة والسّكّان، أو: الأرض الّتي لا مالك لها، ولا ينتفع بها أحد([1267]). وإحياء الموات في الاصطلاح: عند فقهاء الحنفية([1268]): التّسبّب للحياة النّامية ببناء أو غرس أو كرب (حراثة) أو سقي. وعرّفه فقهاء المالكية بأنّه([1269]): لقب لتعمير داثر الأرض بما يقتضي عدم انصراف المعمر عن انتفاعه بها. وعرّفه فقهاء الشافعية بأنّه([1270]): عمارة الأرض الخربة الّتي لا مالك لها، ولا ينتفع بها أحد. وعرّفه فقهاء الحنابلة بأنَّه([1271]): عمارة ما لم يجر عليه ملك لأحد، ولم يوجد فيه أثر عمارة. الحكم التّكليفيّ لإحياء الموت: حكمه الجواز([1272])؛ لقول النَّبِيِّ r: "مَنْ أَحْيَا أَرْضاً مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ"([1273]). على أنّ فقهاء الشافعية ذهبوا إلى أنّه مستحبّ([1274])؛ للحديث، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "مَنْ أَحْيَا أَرْضاً مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ"([1275])، وحكمة مشروعيّته أنّه سبب لزيادة الأقوات والخصب للأحياء. إذن الإمام في الإحياء: فقهاء المذاهب مختلفون في أرض الموات، هل هي مباحة فيَملك كلُّ من يحقّ له الإحياء أن يحييها بلا إذن من الإمام، أم هي ملك للمسلمين فيحتاج إحياؤها إلى إذن؟ ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ([1276]): الإحياء لا يشترط فيه إذن الإمام، فمن أحيا أرضاً مواتاً بلا إذن من الإمام ملكها، ولكن يستحب استئذانه. وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنّه([1277]): يشترط إذن الإمام، سواء أكانت الأرض الموات قريبةً من العمران أم بعيدةً. والمفهوم من نصوص فقهاء المالكية([1278]) أنّ: العبرة بما يحتاجه النّاس وما لا يحتاجونه، فما احتاجوه فلا بدّ فيه من الإذن، وما لا فلا. ما يجوز إحياؤه وما لا يجوز: اتفق الفقهاء([1279]) على أنّ ما كان مملوكاً لأحد أو حقّاً خاصّاً له أو ما كان داخل البلد لا يكون مواتاً أصلاً؛ فلا يجوز إحياؤه، ومثله ما كان خارج البلد من مرافقها محتطباً لأهلها أو مرعًى لمواشيهم، حتّى لا يملك الإمام إقطاعها $ $ $ الفصل الرابع والثلاثون الشروط المقترنة بالعقود وأثرها على العقد 1- حكم الشروط المقترنة بالعقود . 2- أقوال العلماء في الشروط المقترنة بالعقود . 3- أسباب الخلاف في هذه مسألة . 4- نظرية مقتضى العقد . 5- أمثلة تطبيقية على هذه الشروط المقترنة بالعقود
لكل نوع من العقود السابقة شروط وأركان إذا تحققت كان العقد صحيحاً وإذا لم تتحقق لم يكن صحيحاً وهذه الشروط منها : موافقة للشرع مخالفة للشرع مختلف فيها حكم هذه الشروط : ما وافق قبل وما خالف لزم رده ويبطل العقد
أسباب الخلاف في مسألة الشروط المقترنة بالعقود : 1-أسباب موضوعية تتعلق بما ورد من نصوص في الغرر والشروط 2- وأسباب ذاتية تتعلق بفهم كل منهم للنصوص الواردة، وطريقة الجمع والترجيح بين المتعارض منها يمكن تجميع آراء الفقهاء في حرية الاشتراط في ثلاثة مذاهب: مذهب المضيقين الذين قيدوا حرية الاشتراط في التعاقد إلى أقصى حد ممكن، ومذهب المتوسطين الذين قيدوا حرية الاشتراط لكن بقيود معقولة في نطاق نظرية مقتضى العقد، ومذهب الموسعين الذين يقفون في الطرف المقابل للمضيقين، حيث وسعوا حرية الاشتراط إلى أقصى حد ممكن بتوسعهم في مفهوم نظرية مقتضى العقد، وجعلهم الأصل في الشروط الصحة ما لم تعارض نصاً شرعياً صريحاً، أو تصادم مقتضى العقد مصادمة تؤثر تأثيراً فعلياً على مقتضاه وتعطل مقصوده. مذهب المضيقين (الشافعية والحنفية) : 1-الأصل عند أصحاب هذا المذهب في العقود والشروط الحظر إلا ما ورد نص شرعي بإجازته، وهذا قول أهل الظاهر، فلا يصححون عقداً ولا شرطاً إلا بما ثبت جوازه بنص أو إجماع، وإذا لم يثبت جوازه بنص أو إجماع أبطلوه واستصحبوا الحكم الأصلي الذي قبله وهو المنع. وقد اعتمدوا في أصلهم هذا على أدلة أهمها قصة بريرة : " قوله ... ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق وشرط الله أوثق . أخرجه البخاري[1280] 2-فكل شرط ليس في القرآن ولا في الحديث ولا في الإجماع وبالتالي فهو باطل اعترض المخالفون من الفقهاء على استدلالهم هذا : المراد بقوله " ليس في كتاب الله " أنه مخالف لما في كتاب الله، وهذا نتفق على بطلانه ، أما إذا لم يكن مخالفاً لما في كتاب الله فلا يكون داخلاً ضمن قوله "ليس في كتاب الله " [1281] مذهب المتوسطين (المالكية) :
- حديث النهي عن بيع وشرط : عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله r نهى عن بيع وشرط رواه الطبراني في الأوسط (مختلف بصحته) [1283] - حديث النهي عن صفقتين في صفقة، والتزام مبدأ وحدة الصفقة مذهب الموسعين (الحنابلة) : الأصل عندهم في العقود والشروط الجواز والصحة ولا يحرم منها ولا يبطل إلا ما دل على تحريمه وإبطاله نص أو إجماع أو قياس صحيح. وأصول الإمام أحمد تجري على هذا الأصل . توضيح: يجوز أحمد اشتراط قدر زائد على مقتضى العقد ، واستثناء بعض منفعة الخارج من ملكه في جميع العقود ما لم يتضمن مخالفة للشرع ، فيجوز للبائع أن يستثني بعض المبيع ، كبيع الدار بشرط سكناها مدة معلومة ونحوها إذا كانت تلك المنفعة مما يجوز استيفاؤها في ملك الغير، وذلك اعتمادا على حديث جابر لما باع النبي r جملا واستثنى ظهره إلى المدينة . واستدل أصحاب هذا المذهب على أصلهم هذا بالأدلة التالية: الأدلة النقلية من الكتاب والسنة : 1- عموم الآيات التي تأمر بالوفاء بالعقود والعهود ، ومنها قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " (المائدة / 1) ، وقوله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} (الإسراء/ 34) فقد أمرنا الله سبحانه بالوفاء بالعقود وهذا عام، وأمرنا بالوفاء بعهد الله وبالعهد وقد دخل في ذلك ما عقده المرء على نفسه وإن لم يكن الله قد أمر بنفس تلك العهود. 2- عموم أحاديث النهي عن الغدر : كحديث آيات المنافق ومنها : " ... وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف..أخرجه مسلم[1284] وغيرها من الأحاديث التي تذم الغدر والغادرين، ومن شرط شرطاً ثم نقضه فقد غدر . 3- قوله: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً، والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً ”أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح[1285] الأدلة العقلية : 1- العقود من باب الأفعال العادية ، والأصل في الأفعال العادية عدم التحريم، فيستصحب عدم التحريم فيها حتى يدل دليل على التحريم ، كما أن الأعيان الأصل فيها عدم التحريم . وقوله تعالى: " وقد فصل لكم ما حرم عليكم " ( الأنعام /119 ) عام في الأعيان والأفعال، وإذا لم تكن حراماً لم تكن فاسدة ؛ لأن الفساد إنما ينشأ من التحريم ، وإذا لم تكن فاسدة كانت صحيحة ، فثبت بالاستصحاب العقلي وانتفاء الدليل الشرعي عدم التحريم ، فيكون فعلها حلالاً .[1286] - إن الشرط إذا كان منافياً لمقصود العقد بحيث يصير العقد لغواً، أو منافياً لمقصود الشارع بأن خالف نصاً شرعياً فيكون مخالفاً لله ولرسوله كان باطلاً، أما إذا لم يشتمل الشرط على واحد من هذين ، فلم يكن لغواً ولا مشتملاً على ما حرم الله ورسوله فلا وجه لتحريمه ، بل الواجب حله ويرى ابن تيمية أن الأصل في الشرط أن يكون صحيحاً ويصح معه العقد سواء كان ذلك في المعاوضات أو في التبرعات، ولا يكون الشرط في رأيه فاسداً إلا على سبيل الاستثناء في موضعين: الأول إذا كان الشرط ينافي المقصود من العقد، والثاني إذا كان الشرط يناقض الشرع فيحل الحرام.[1287] موقف الحنابلة من نظرية مقتضى العقد : يعتبرون مصلحة العاقد من مصلحة العقد نفسه ما دامت مشروعة ، أي لا تصادم نصاً شرعياً، فهم لا يعتبرون الشرط منافياً لمقتضى العقد إلا في الجوانب الأساسية من العقد التي إذا شرط ضدها تعطلت الغاية الأساسية من العقد ، وصارت ثمرة العقد ضد ما قصد منه، أو أدى الشرط إلى تفويت ثمرة مقصد العقد وعند ذلك يعتبر الشرط باطلاً. أما علاقته بالعقد فإنه إن كان مناقضاً تماماً لمقتضى العقد فإنه يبطل العقد والشرط معاً، أما إذا خفت المناقضة فيبطل الشرط ويصح العقد. مثال على هذا : لوشرط في عقد النكاح التأقيت ( نكاح المتعة ) فإن العقد يبطل بهذا الشرط ، أما لو شرط في عقد النكاح عدم ممارسة الاستمتاع الزوجي فإن النكاح يصح ويلغو الشرط ؛ لأنه ينافي مقتضى العقد، ولا يبطل العقد لأن مقصده الشرعي وهو حل المتعة حاصل وثابت بالاتفاق بمجرد العقد، والشرط المذكور زائد غير جائز فيفسد دون العقد (هذا رأي الحنابلة)[1288] أساس الخلاف بين الفقهاء في الشروط : الأصول التي يدور عليها اختلاف الفقهاء في مسألة الشروط جملة أحاديث منها الصحيح ومنها الضعيف ، ومنها المتفق على معناه ومنها المختلف فيه، وسبب الخلاف راجع إما للاختلاف في تصحيح الأحاديث، أو في الترجيح بينها، أو في تفسير معاني بعضها. وأهم هذه الأحاديث ما يلي : 1- ما روته عائشة في حديث بريرة رضي الله عنهما حيث قال :"...ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق”أخرجه البخاري[1289]. هذا الحديث هو عمدة الظاهرية في إبطال جميع الشروط التي لم يرد فيها نص من كتاب أو سنة بتفسيرهم نص "ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" أضيق تفسير، أما المتوسطون فقد اعتمدوا على هذا الحديث أيضاً، لكن من جانب آخر، وهو جانب مقتضى العقد، إذ عللوا فساد الشرط الذي شُرط في حديث عائشة بمخالفته لمقتضى العقد، ثم قاسوا عليه بعد ذلك كل شرط خالف مقتضى العقد فحكموا عليه بالبطلان، وقد يختلفون بعد ذلك في تفاصيل الشروط : ما يعتبر منها مخالفاً لمقتضى العقد، وما لا يعتبر كذلك. أما الحنابلة فمع موافقتهم لمذهب المتوسطين في تعليل إبطال الشرط في الحديث بمناقضته لمقتضى العقد إلا أنهم توسعوا في تفسير مقتضى العقد، وجعلوا مصلحة العاقدين من مصلحة العقد نفسه 2- ما رواه أبو حنيفة عن عمرو بن شعيب أن رسول الله نهى عن بيع وشرط[1290] . هذا الحديث هو عمدة الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وعليه مدار مذهبه في الشروط مع حديث النهي عن صفقتين في صفقة أما المالكية فمع عملهم بهذا الحديث إلا أنهم لم يأخذوه على إطلاقه، بل نظروا فجدوا آثاراً صحيحة قد وردت بجواز اجتماع بيع وشرط ، فصارت معارضةً لهذا الحديث، بالإضافة إلى كونها أصح منه، ففسروا الشرط المنهي عن اجتماعه مع بيع بالشرط الذي يناقض مقتضى العقد ومقصوده، أما الإمام أحمد فلم يصحح هذا الحديث، وبالتالي لم يعمل به، وصح عنده ما يعارضه [1291] مسألة شرط الخيار : الأصل عند الحنفية أن شرط الخيار يمنع انعقاد العقد في حق الحكم للحال فيكون شرطاً مغيراً لمقتضى العقد وبذلك يكون مفسداً للعقد ، إلا أنه ورد نص يستثني حالة الاشتراط بثلاثة أيام أو أقل وهو حديث حبان بن منقذ فاستحسن خيار الثلاثة أيام بهذا النص وبقي ما وراء الثلاثة على أصل الفساد . ويكون شرط الخيار عنده فاسداً في الحالات الآتية : 1- أن يكون مؤبداً . 2- أن يكون غير مؤقت أصلاً . 3-أن يكون مؤقتاً بوقت مجهول جهالة متفاحشة ، كنزول المطر وقدوم فلان وموت فلان. 4- أن يكون مؤقتاً بالزائد على ثلاثة أيام[1292] . تطبيق عملي لرأي الموسعين(الحنابلة) : عن جابر بن عبد الله أنه كان على جمل له قد أعيى فأراد أن يسيبه، قال : فلحقني النبي فدعا لي وضربه . فسار سيراً لم يسر مثله ، فقال: "بعنيه بأوقية " قلت : لا، ثم قال : " بعنيه " فبعته بأوقية، واشترطت حملانه إلى أهلي فلما بلغت أتيته بالجمل ، فنقدني ثمنه، ثم رجعت فأرسل في أثري، فقال : أتراني ماكستك لآخذ جملك ؟ خذ جملك ودراهمك فهو لك[1293] ”. هذا الحديث هو عمدة الحنابلة والمالكية فيما صححوه من الشروط المقارنة للعقود، فبناء عليه صحح الحنابلة اشتراط منفعة البائع في المبيع، بشرط أن تكون المنفعة معلومة، كما صححوا اشتراط البائع نفع المبيع مدة معلومة، كأن يبيع داراً ويستثني سكناها شهراً، وكذلك فعل المالكية، فأجازوا الشرط الذي فيه منفعة معقولة لأحد المتعاقدين مادام الشرط لا يناقض مقتضى العقد مناقضة صريحة، أما الحنفية فرجحوا حديث النهي عن بيع وشرط ولم يعملوا بحديث جابر هذا، وعللوا ذلك بأن ما تم بين جابر والرسول لم يكن بيعاً حقيقة، وإنما كان من حسن الصحبة والعشرة، يقول السرخسي: " وتأويل حديث جابر أن ذلك لم يكن شرطاً في البيع، على أن ما جرى بينهما لم يكن بيعاً حقيقة، وإنما كان من حسن العشرة والصحبة في السفر، الدليل على ذلك قصة الحديث[1294] مسألة : شرط ينافي مقتضى العقد : شرط ينافي مقتضى العقد: كأن يبيع داراً بشرط أن يسكنها مدة، أو ثوباً بشرط أن يخيطه له، أو دابة بشرط أن يستعملها مدة ، فهذه شروط فاسدة مفسدة للبيع، ودليل هذا : ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه "نهى عن بيع وشرط هذه المسائل فاسدة عند الشافعية(المضيقين) صحيحة عند الحنابلة(الموسعين) وإليك أدلة الفريقين :توجيه الموسعين والمضيقين ووجهة نظرهم : وهذه الشروط وأمثالها لا تقبلها أكثر المذاهب الأخرى ؛ لأنها تعتبرها معارضة لمقتضى العقد وهو الملك المطلق و حرية تصرف المشتري فيما اشتراه؛ حيث إن ثمرات الملك و حقوقه آثار لا يرتبها العاقد ، وإنما يرتبها الشارع ترتيباً يمنع تجوز الإنسان فيها على حقوق غيره . ولكن الحنابلة يرون أن هذه الشروط الإرادية لها تأثير في تحديد آثار العقد بسلطة منحها الشرع للعاقدين ، وفوضهما بمقتضاها هذا التحديد بحسب مصالحهما ، فلا يكون الملك المنتقل بعقد البيع مع هذه الشروط ملكاً مطلقاً بل مقيداً بما يمكن أن يشترطاه . [1295] خلاصة : من خلال استعراض موقف المدارس الفقهية من الشروط المقترنة بالعقد يتبين أن أنسب نظرية للشروط للتبني في عصرنا هذا هي نظرية الحنابلة لاشتمالها على جملة من المزايا: فهي تتوفر على مرونة كبيرة تمكن المتعاقدين من تكييف العقود، والتصرف في آثارها بما يلبي رغباتهم ويحقق احتياجاتهم، زيادة على أنها تفتح بابا واسعاً للتطوير بما يناسب الزمان والمكان الذي تطبق فيه، ومع كل ما ذكر فهي تحقق الالتزام المطلوب بالنصوص والضوابط الشرعية. والملاحظ أن المذهب الحنبلي يحاول الاستفادة من كل الأحاديث والآثار الواردة في الشروط، فلم يقض بحديث بعينه على الأحاديث الأخرى التي ظاهرها معارضته، كما فعل الحنفية مثلاً مع حديث النهي عن بيع وشرط ومنع اجتماع صفقتين في صفقة، بل يحاول التوفيق والجمع بين النصوص الواردة، ويعمل بكل نص فيما ورد فيه وما يصلح له. ويليه في المرونة المذهب المالكي الذي يحاول هو أيضاً الاستفادة من النصوص والآثار جميعها، وخصص ما ورد في النهي عن بيع وشرط بالشرط المناقض لمقتضى العقد ومقصوده، وجعل الأصل في الشروط الصحة، ولا يكون الشرط عندهم فاسداً إلا إذا أخل بالثمن أو ناقض مقتضى العقد. أما المذهبان الشافعي والحنفي فتنقصهما المرونة الكافية في بعض جوانب موضوع الشروط ، ورغم أن فقهاء الحنفية فتحوا منفذا للمرونة .
أهم ما انتهى إليه البحث من نتائج و توصيات : وبعد الانتهاء من هذا الكتاب الذي عنون له بـ : (( فقه المعاملات المالية المقارن دراسة تأصيلية شرعية )) فقد توصل البحث إلى عدة نتائج انتهى إليها هذا البحث إضافة إلى بعض المقترحات التي ظهرت ، ونحن نذكر هنا أهم هذه النتائج والتوصيات وهي : 1 – أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يعتبران الأصل وما سواهما فرع عنهما ، فهما عمدة في تقرير الأحكام الشرعية فيما يتعلق بأحكام المعاملات المالية وغيرها وبيان حكمها الشرعي الجواز من عدمه . 2 – القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، كل منهما له استقلاليته في إفادة الأحكام الشرعية، فلا تتوقف إفادته إياه على إفادة الآخر له ، وأن الله تعالى كما تكفل بحفظ كتابه ، فقد تكفل بحفظ سنة نبيه r ، فهيأ رجالاً في كل عصر أقام دينه على أكتافهم لحفظ كتابه وسنة نبيه وكل ما يستنبط منهما من أحكام . 3 – إن كل من ينسب للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ومذهبه التشدد في الأحكام الشرعية فهي نسبة باطلة تدل على جهل صاحبها لأن الإمام أحمد رحمه الله تعالى يعتبر من أكثر المذاهب الفقهية الأربعة توسعاً في إباحة المسائل التي تتعلق بالمعاملات المالية فمذهبه مذهب الموسعين وهو على نقيض من مذهب المضيقين والمتوسطين وهذه نتيجة ظهرت معنا في هذا الكتاب . 4 – ومما نتج عن هذا البحث : أن السنة النبوية المشرفة لها الأثر الكبير في اتساع دائرة التشريع الإسلامي وربط هذه الأمة برسولها r ، وأيضاً : ربط ماضي هذه الأمة الإسلامية المشرق بحاضرها من خلال بيان الأحكام الشرعية وتحديداً تلك التي يتعلق بالمعاملات المالية المعاصرة . 5 – وتوصل البحث إلى وجوب العلم والمعرفة في علوم الدين وخصوصاً ما يتعلق بعلم الفقه وعلى التحديد (فقه المعاملات المالية) ، والدليل على هذا أن شرعنا قائم على العلم والمعرفة ، ، لكشف حقائق النصوص ودقائقها في تقرير الأحكام التي تتعلق بتعامل الناس بعضهم مع البعض خصوصاً في التعاملات الماليةمن بيع وإجارة وشركات وغير ذلك . 6 – إن هذا الموضوع(( فقه المعاملات المالية المقارن دراسة تأصيلية شرعية)) يعتبر من المواضيع التي لها صلة قوية بحياة الإنسان وقوامها ، فهي من الموضوعات الجديرة بالبحث المتأني ولا أكون مغالياً أو مبالغاً إن قلت : إن كل جزئية من جزئيات هذا البحث تصلح لتكون رسالة علمية مستقلة للدراسة . 7 – أثبتَ البحث المستفيض أن للعلماءالدورالمهم والبارز الذي لا غنى عنه بحال من الأحوال في بيان الأحكام الشرعية التي تتعلق بالبيع والشراء لهذا لابد من معرفة حكمهما الشرعي من خلال الرجوع لكتب العلماء 8- تجربة البنوك الإسلامية في بلادنا لا زالت في بدايتها، ولذا يعتورها بعض الخلل
توصيات البحث : إذا كان لي أن أقترح أو أوصي بشيء في هذا المقام فإني أوصي وأقترح فأقول : 1 – إن الخوض في استقصاء الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات المالية تحتاج إلى علم كثير ، وفهم غزير ، وجهد متواصل ، لأن هذه العلوم ذات مجالات واسعة وكثيرة ، ومواضيعها متنوعة ومتفرعة ومتشابكة بسبب التقدم العلمي المتسارع. فعلى الباحثين أن ينهجوا المنهج العلمي في كتابة هذه البحوث النظرية والتطبيقية مع بذل غاية الجهد ، وقبل هذا إخلاص النية الله تعالى والصبر على الصعوبات والعقبات ، سؤال أهل العلم والشأن في ما يشكل بغية تذليل هذه الصعوبات . 2 – إن موضوع : (( فقه المعاملات المالية المقارن دراسة تأصيلية شرعية ))جدير بالاهتمام والعناية والدراسة ، بعد أن تبين معنى سعة واتساع هذا الموضوع ، فإن كل فصل في هذا البحث ليصلح أن يكتب فيه رسالة مستقلة حوله ، لهذا أقترح على الباحثين أن يفردوا في دراساتهم تفاصيل هذا الموضوع ويتوسعوا في دراسة كل فصل فيه على حدا ، وحبذا لو كان هذا العمل يصدر عن هيئة علمية ، أو مجموعة من الباحثين المختصين ، فيجعل هذا العمل كموسوعة تكون دراستها نظرية وتطبيقية . 3 – كتب فقه المعاملات المالية فيها مسائل قديمة ، فأقترح أن تدمج فيها صور المعاملات المالية المستحدثة من خلال دراسات علمية منظمة . 4 – المعاملات المالية المستحدثة اليوم جديرة بالدراسة الموضوعية وفق مناهج علمية تتماشى مع التقدم العلمي على الا تخرج عن دائرة الشرع الحنيف . 5 – أقترح تخصيص مادة مستقلة في الكليات والمعاهد والأقسام المتخصصة بدراسة المعاملات المالية تعنى بتدريس صور المسائل المستحدثة للتعاملات المالية التي تتعلق بالبنوك وما يتفرع من ذلك مسائل ظهرت بسبب التقدم العلمي والتكنولوجيا الحديثة . 6 – ألا يجعل اختلاف الأئمة الفقهاء ، واختلاف أهل العلم الناشئ عن اجتهاد مخلص مستنداً إلى الدليل الصحيح ، لا يجعل هذا سبباً للفرقة والانشقاق والتمزق لوحدة الأمة . 7 – عند ظهور زلة لعالم لا يجب أن تتخذ غرضاً للتشهير به وتجعل غطاء على محاسن هذا العالم ، ولا يحرم من بحر علمه الغزير . 8 – معرفة فضل أئمة الإسلام ، وحقوقهم ومراتبهم ، فالنصيحة لدين الله توجب رد بعض أقوالهم ، وليس في ذلك إهدار لمكانتهم . 9 – إن المسائل المستحدثة والتي تتعلق بالمعاملات المالية يجب أن تدرس في كتاب مستقل بغية معرفة حكمها الشرعي ودراستها وفق ضوابط الشرع التي لا تخرج عن الكتاب والسنة المطهرة . وأخيراً : نسأل الله تعالى أن يسخرنا لخدمة دينه مع القبول وأن يتقبل منا هذا العمل اليسير ، وأن يجعله طريقاً إلى رضاه وأن يكتب لنا ولوالدينا ومعلمينا ومشايخنا وللمسلمين أجمعين السعادة في الدارين ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين .
فهرس المصادر والمراجع كتب فقه الحنفية: الاختيار لتعليل المختار. أنيس الفقهاء، القونوي. البحر الرائق شرح كنـز الدقائق. بداية المبتدي. بدائع الصنائع، الكاساني. تبيين الحقائق. تحفة الفقهاء، السمرقندي. تحفة الملوك. التلويح على التوضيح. حاشية ابن عابدين. حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح. الخراج، أبو يوسف. الدر المختار، الحصكفي. رد المحتار، ابن عابدين. شرح العناية على الهداية، البابرتي، بهامش فتح القدير شرح فتح القدير، ابن الهمام. الفتاوى الأنقروية. الفتاوى الهندية. كتاب التقرير والتحبير. كشف الأسرار. لسان الحكام. المبسوط، الإمام محمد بن الحسن الشيباني. المبسوط، السرخسي. مجمع الأنهر. مراقي الفلاح. الهداية شرح البداية. كتب فقه المالكية: أحكام القرآن، ابن الفرس. بداية المجتهد، ابن رشد. بلغة السالك. التاج والإكليل. التمهيد. الثمر الداني شرح رسالة القيرواني. الجامع، ابن عبد البر. جواهر الإكليل. حاشية البناني على هامش الزرقاني. حاشية الدسوقي على الشرح الكبير. حاشية الصاوي على الشرح الصغير. حاشية العدوي. دليل الطالب. الذخيرة. شرح الخرشي على مختصر خليل، ط أميرية ببولاق. شرح الزرقاني على الموطأ. الشرح الصغير. الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي. الفواكه الدواني. القوانين الفقهية. كفاية الطالب. مختصر خليل. المدونة الكبرى. المقدمات الممهدات، ابن عبد البر. المنتقى للباجي. منح الجليل. مواهب الجليل، للحطاب. كتب فقه الشافعية: الإبهاج، السبكي. أسنى المطالب. إعانة الطالبين، الدمياطي. الإقناع. الأم. البهجة شرح التحفة. التبصرة، الشيرازي. تحفة المحتاج. التنبيه. جواهر العقود، السيوطي. حاشية البجيرمي على الخطيب. حاشية البجيرمي. حاشية الجمل على شرح المنهج. حاشية الرملي على أسنى المطالب. حاشية عميرة على شرح المحلى على المنهاج ط عيسى الحلبي. حاشيتا قليوبي وعميرة. الحاوي، الماوردي. حواشي الشرواني. خبايا الزوايا. دقائق المنهاج. روضة الطالبين وعمدة المفتين. شرح زُبد ابن رسلان. الشرقاوي على التحرير. فتاوى السيوطي، ضمن مجموعة رسائله مخطوطة الأزهر رقم (131 فقه شافعي) ورقة (143). فتح العزيز. فتح المعين. فتح الوهاب. المجموع. مغني المحتاج، الشربيني. المهذب، الشيرازي. نهاية الزين. نهاية المحتاج. الوسيط. كتب فقه الحنابلة: إعلام الموقعين عن رب العالمين. الإنصاف، المرداوي. الروض المربع. روضة الناظر. زاد المستقنع. شرح منتهى الإرادات. الطرق الحكمية في السياسة الشرعية. عمدة الفقه. غاية المنتهى. فتاوى السغدي. الفروع. الكافي في فقه ابن حنبل. كشاف القناع، البهوتي. المبدع، ابن مفلح. مجموع فتاوى ابن تيمية. المحرر في الفقه. مختصر الخرقي. مطالب أولى النهى. المغني، ابن قدامة المقدسي. منار السبيل. النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر. كتب أصول الفقه: إرشاد الفحول. تخريج الفروع على الأصول. المدخل، ابن بدران. الموافقات، الشاطبي. كتب القواعد الفقهية: الأشباه والنظائر، ابن نجيم. الأشباه والنظائر، السيوطي. شرح الرسالة. الفروق. قواعد الفقه، المجددي. المسودة. المنثور في القواعد، الزركشي. كتب الفقه القانوني: درر الحُكَّام شرح مجلة الأحكام، علي حيدر. في شرح القانون المدني، نظرية الالتزام، د. السنهوري. مجلة الأحكام العدلية. المدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا. المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي وقواعد الملكية والعقود فيه، محمد مصطفى شلبي. مرشد الحيران. نظرية العقد، د. السنهوري. الموسوعات الفقهية: مجلة المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة. مجلة مجمع الفقه الإسلامي، جدة. موسوعة الفقه الإسلامي، مصر. الموسوعة الفقهية الكويتية. كتب الفقه المعاصرة فتاوى الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل الكويتي. فتاوى الندوة الفقهية الخامسة لبيت التمويل الكويتي. فتاوى الندوة الفقهية الرابعة لبيت التمويل الكويتي. فتاوى وتوصيات الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل الكويتي. فتاوى وتوصيات الندوة الفقهية الثانية لبيت التمويل العقاري، الكويت، 1410هـ / 1990 م. فتاوى وتوصيات الندوة الفقهية الثانية لبيت التمويل الكويتي. كتب التفسير وتفسير آيات الأحكام: أحكام القرآن، الجصاص. تفسير ابن كثير. تفسير الطبري. تفسير القرطبي. التفسير الكبير، للفخر الرازي. تفسير غرائب القرآن، النيسابوري بهامش الطبري. كتب الحديث: الأدب المفرد، البخاري. الرواة، الخطيب البغدادي. سنن ابن ماجه. سنن أبي داود. سنن البيهقي الكبرى. سنن الترمذي. سنن الدارقطني. سنن النسائي. صحيح ابن حبان. صحيح البخاري. صحيح مسلم بشرح النووي. صحيح مسلم. مجمع الزوائد، الهيثمي. المستدرك على الصحيحين. مسند الإمام أحمد. مسند البزار. مصنف ابن أبي شيبة. مصنف عبد الرزاق. المعجم الأوسط، الطبراني. المعجم الكبير، الطبراني. موطأ الإمام مالك. كتب شروح الحديث: تحفة الأحوذي. عون المعبود. فتح الباري شرح صحيح البخاري. النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير. النووي على صحيح مسلم. كتب أحاديث الأحكام: تلخيص الحبير، ابن حجر. الدراية في تخريج أحاديث الهداية. شرح معاني الآثار. مسند الإمام الشافعي. نصب الراية. نيل الأوطار. الكتب القانونية: القانون المدني الأردني. القانون المدني الإماراتي. القانون المدني السوري. القانون المدني الكويتي. القانون المدني المصري. المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الأردني. المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الإماراتي. المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي. كتب اللغة: التعريفات، الجرجاني. الصحاح، الجوهري. القاموس المحيط. لسان العرب. مختار الصحاح. المصباح المنير. المعجم الوسيط. معجم مقاييس اللغة. الْمُغْرِب، المطرزي. كتب متخصصة ومعاصرة: دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي. د. يوسف القرضاوي. العقود المسماة في قانون المعاملات المدنية الإماراتي والقانون المدني الأردني، أ. د. وهبة الزحيلي. فتاوى الشيخ مصطفى الزرقا. فتاوى معاصرة، الدكتور يوسف القرضاوي. الفروسية، ابن القيم. الفقه الإسلامي وأدلته، أستاذنا الدكتور وهبة الزحيلي. الميسر والقِداح والقمار، الدكتور رفيق يونس المصري. نظام التأمين، الأستاذ مصطفى أحمد الزرقاء، مؤسسة الرسالة، 1984م. النقود، وظائفها الأساسية وأحكامها الشرعية، د. علاء الدين زعتري. المقالات في الصحف والمجلات والأنترنت: شركة الاتصالات.. وعقود الإذعان، يحيى محمد الشهراني، صحيفة الوطن السعودية، الاثنين 26 ربيع الآخر 1425هـ الموافق 14 يونيو 2004م العدد(1354) السنة الرابعة. www.tamseel-cs.gov.eg/view_news.asp?id271. حقيقة شركات التأمين، د. سليمان بن إبراهيم بن ثنيان. http: //www.saaid.net/arabic/ar63.htm. حقيقة التأمين، د. سليمان بن إبراهيم بن ثنيان. مجلة البيان، العدد 148، 1420 هـ. http: //www.alhttan.com/ms5.htm. عقد المقاولة، بحث أستاذنا الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي، لدورة مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة عشر. موقع الشبكة الإسلامية. الوساطة المالية في الاقتصاد الإسلامي، د. سامي إبراهيم السويلم، مجلة الاقتصاد الإسلامي، جامعة الملك عبد العزيز، المجلد العاشر. الرشوة.. دليل فساد أخلاقي، الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ في جامعة الأزهر، صحيفة الخليج، 11/6/2004م. الفتاوى الاقتصادية، من موقع: الإسلام. صحيفة الجزيرة السعودية، الأحد: 24 رمضان 1422هـ، www.suhuf.net.sa/2001jaz/dec/9/ec1.htm. www.albayan.com 16/9/2002م.
فهرس الموضوعات
(1) أبو داود في سننه (5 / 157 – 158) ، والترمذي في سننه (4/ 299) ، قال : هذا حديث حسن صحيح .
(1) مالك في الموطأ , بلاغاً ( هو ما رواه مالك بصيغة (( بلغني )) يرفعه للنبي r بدون سند ,كتاب القدر , باب : النهي عن القول في القدر , راجع شرح الزرقانيرقم 1727 (4 / 330) ، وانظر : تخريجه في الموطأ, رقم 3 ص644, قال الزرقاني : (( مر أن بلاغه صحيح كما قال ابن عيينة , وأخرجه ابن عبد في حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده , قال الشيخ الألباني في تعليقه على المشكاة رقم 186(1/ 66 ): له شاهد من حديث ابن عباس بسند حسن أخرجه الحاكم في مستدركه 1 / 93. ملاحظة : العلماء وصلوا بلاغات الإمام مالك في موطئه وعددها(42) وممن وصلها ابن عبد البر في كتابه التمهيد سوى أربعة أحاديث قام بوصلها ابن الصلاح ضمن رسالة له وأثبتوا صحة واتصال هذه البلاغات . (1) ينظر : سوانح قلبية للشيخ أحمد فتح الله جامي ص 122 . (1) ينظر لسان العرب لابن منظور الإفريقي مادة (عمل) . (1) وهذا ما ذكره الفقهاء في كتبهم عندما بوبوا للفقه أبوابه وفصوله . يراجع مقدمة كتب الفقه عند أصحاب المذاهب الأربعة . (2) ينظر حاشية ابن عابدين (رد المحتار على الدر المختار) محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز الدمشقي 1/79. (1) ينظر : المبدع في شرح المقنع إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد المفلح 4/9 والمغني لابن قدامة 4/175 وحاشية ابن عابدين 6/449 . (2) ينظر : لسان العرب لابن منظور الإفريقي مادة (عصر) . (1) ينظر: لسان العرب لابن منظور الإفريقي مادة "أهل"، والمعجم الوسيط : مجمع اللغة العربية (1/31-32.( (2) ينظر: كشف الأسرار، للبخاري 4/335، وقواعد الفقه، للبركتي ص198. (3) ينظر: حاشية الرهاوي ص930 نقلاً عن عوارض الأهلية، للدكتور حسين الجبوري ص70، وانظر: شرح التلويح 2/337. (4) ينظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي عبد العزيز بن أحمد البخاري الحنفي 4/335، و شرح التلويح على التوضيح المؤلف: سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني2/337، وأصول الفقه، للدكتور وهبة الزحيلي 1/163.
(1) ينظر: عوارض الأهلية، للدكتور الجبوري ص108-110، وأصول الفقه، للزحيلي1/165-166، وأصول الفقه، للدكتور البري ص294. (2) ينظر: شرح التلويح للتفتازاني 2/337، وعلم أصول الفقه، لخلاف ص136، وأصول الفقه، للزحيلي 1/164. (1) ينظر: كشف الأسرار للبخاري 4/350وما بعدها، وشرح التلويح للتفتازاني 2/342-346، وأصول الفقه، للزحيلي 1/166-168، وأصول الفقه، للبري ص294 . (2) ينظر: كشف الأسرار للبخاري 4/350وما بعدها، وشرح التلويح للتفتازاني 2/342-346، وأصول الفقه، للزحيلي 1/166-168، وأصول الفقه، للبري ص294 . (3) ينظر: تيسيرالتحرير المؤلف: محمد أمين بن محمود البخاريالحنفي 2/372، وكشف الأسرار للبخاري 4/350، وشرح التلويح للتفتازاني 2/348، وأصول الفقه، للزحيلي 1/168 . (1) ينظر: تيسير التحرير للبخاري 2/372، وكشف الأسرار للبخاري 4/370-371، وشرح التلويح للتفتازاني 2/351، و قواطع الأدلة في أصول الفقهالمؤلف: منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني الشافعي 2/388، وشرح الكوكب المنير لتقي الدين أبو البقاء محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي المعروف بابن النجار /510 . (2) أبو داود في سننهرقم 4403 (4/244) ، والنسائي في سننهرقم 7343 (4/323) ، وصححه الألباني في الإرواء (2/5) (3) ينظر: تيسير التحرير للبخاري 2/372، وكشف الأسرار للبخاري 4/370-371، وشرح التلويح 2/348 للتفتازاني، وقواطع الأدلة للسمعاني 2/388، وشرح الكوكب المنيرلتقي الدين أبو البقاء محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي المعروف بابن النجار /510، وعوارض الأهلية، للجبوري ص160، وما بعدها، وأصول الفقه، للزحيلي 1/169، وأصول الفقه، للبري ص295 .
(4) ينظر: تيسير التحرير للبخاري 2/372، وكشف الأسرار للبخاري 4/370-371، وشرح التلويح للتفتازاني2/348، وقواطع الأدلة للسمعاني 2/388، وشرح الكوكب المنير ابن النجار 1/510، وعوارض الأهلية، للجبوري ص160، وما بعدها، وأصول الفقه، للزحيلي 1/169، وأصول الفقه، للبري ص295 . (1) ابن ماجه في سننهرقم 2045 (1/659) ، وابن حبان في صحيحهرقم 7219 (16/202) ، وصححه الألباني في الإرواء (1/123) . (2) ينظر: تيسير التحرير للبخاري 2/372، وكشف الأسرار للبخاري 4/370-371، وشرح التلويح للتفتازاني2/348، وقواطع الأدلة للسمعاني 2/388، وشرح الكوكب المنير لابن النجار 1/510، وأصول الفقه، للزحيلي 1/169 . (1) ينظر: تيسير التحرير للبخاري 2/372، وكشف الأسرار للبخاري 4/433، وشرح التلويح للتفتازاني 2/369، وقواطع الأدلة 2/388، وأصول الفقه، للزحيلي 1/174، وأصول الفقه، للبري ص296 . (2) الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل المؤلف: موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى بن سالم الحجاوي 1/63 (4) ينظر: عوارض الأهلية للجبوري ص297-298، والأموال ونظرية العقد، للدكتور محمد موسى ص338، وانظر: الروض المربع مع حاشية ابن قاسم 6/29-33 .
(1) ينظر: تيسير التحرير للبخاري 2/372، وكشف الأسرار للبخاري 4/426، وشرح التلويح للتفتازاني 2/370، وقواطع الأدلة في أصول الفقه للسمعاني الشافعي 2/388، وعوارض الأهلية، للجبوري ص296، وما بعدها، وأصول الفقه، للزحيلي 1/173، وأصول الفقه، للبري ص296. (2) ينظر: تيسير التحرير للبخاري 2/372، وكشف الأسرار للبخاري 4/434، وشرح التلويح للتفتازاني 2/373، وعوارض الأهلية، للجبوري ص312، وما بعدها، وأصول الفقه، للزحيلي 1/175. (3) ينظر: كشف الأسرار للبخاري 4/454، وشرح التلويح للتفتازاني 2/377، وأصول الفقه، للزحيلي 1/177. (1) ينظر: كشف الأسرار للبخاري 4/457-483، وشرح التلويح للتفتازاني 2/377-388، وأصول الفقه، للزحيلي 1/177-178، وعوارض الأهلية ص334، وما بعدها . (2) ينظر: كشف الأسرار للبخاري 4/488-492، وشرح التلويح للتفتازاني 2/389-392، و البحر المحيط في أصول الفقه المؤلف:أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي 1/284، وشرح الكوكب المنير المؤلف :تقي الدين أبو البقاء محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي المعروف بابن النجار 1/505، وأصول الفقه، للزحيلي 1/179. (1) أبو داود في سننهرقم 2196 (2/225) ، والترمذي في سننهرقم 1184 (3/490) ، وقال: (حديث حسن غريب)، وابن ماجه في سننهرقم 2039 (1/658) ، وصححه الألباني في الإرواء . (2) الهيثمي في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارثرقم 503 (1/555) من طريق عبادة بن الصامت مرفوعاً، وضعفه ابن حجر في البلوغ ص271، وأخرجه ابن أبي شيبةرقم18714 (5/105)، وعبد الرزاق في مصنفهرقم 10245 (6/133) موقوفاً على أبي الدرداء . (3) ينظر: كشف الأسرار للبخاري 4/514، وشرح التلويح للتفتازاني 2/403، وأصول الفقه، للزحيلي 1/181-182، وأصول الفقه، للبري ص297 . (1) ابن ماجه في سننه رقم 2045 (1/659) ، وابن حبان في صحيحه رقم 7219 (16/202) ، وصححه الألباني في الإرواء (1/123) . (2) ينظر: كشف الأسرار للبخاري 4/534، وشرح التلويح للتفتازاني 2/411، وقواطع الأدلة 2/388، وشرح الكوكب المنير لابن النجار 1/510، وأصول الفقه، للزحيلي 1/184، وأصول الفقه، للبري ص297 . (3) ينظر: كشف الأسرار للبخاري 4/524، وشرح التلويح للتفتازاني 2/408، وأصول الفقه، للزحيلي 1/183 (4) هذا بناء على مذهب الحنابلة في الإكراه. ينظر: المغنيعبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي: 8/260 و 9/322 و 10/96، 154، 155، 166، وكشاف القناع عن متن الإقناع المؤلف : منصور بن يونس بن صلاح الدين ابن حسن بن إدريس البهوتى الحنبلى 8/405. ([41]) ينظر: لسان العرب، مادة (عقد). ([42]) المادة رقم (103 و 104) من مجلة الأحكام العدلية. ([43]) شرح العناية على الهداية، البابرتي، بهامش فتح القدير، 5/74. ([44]) الوسيط في شرح القانون المدني، نظرية الالتزام، د. عبد الرزاق السنهوري، الفقرة 36، 1/149. ([45]) صحيح البخاري، 33، 1/21، وصحيح مسلم بشرح النووي، 107، 1/322. ([46]) مسند الإمام أحمد، عن أنس بن مالك، 11975، 3/135. ([47]) مواهب الجليل، الحطاب، 4/228، إعانة الطالبين، الدمياطي، 3/5، والمبدع، ابن مفلح، 4/4. ([48]) حاشية ابن عابدين، 5/50. ([49]) يُنْظَر: المدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا، 1/1292، الفقرة رقم (133)، ونظرية العقد، د. عبد الرزاق السنهوري، ص23. ([50]) يُنْظَر: المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي وقواعد الملكية والعقود فيه، محمد مصطفى شلبي، ص440، والمدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا، 1/318، الفقرة رقم (151). ([51]) نصت المادة (175) من مجلة الأحكام العدلية على ما يأتي: [حيث إن المقصد الأصلي من الإيجاب والقبول هو تراضي الطرفين، فينعقد البيع بالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي، ويسمى هذا بيع التعاطي]. درر الحُكَّام شرح مجلة الأحكام، علي حيدر، 1/143. ([52]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، الكاساني، 5/134، وشرح فتح القدير، ابن الهمام، 5/77، وحاشية ابن عابدين، 4/11، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/3، والمهذب، الشيرازي، 1/257، والمغني، ابن قدامة، 3/561. ([53]) هذا في الأصل، واختار النووي وجماعة من الشافعية [منهم المتولي والبغوي الانعقاد بالمعاطاة في كل ما يُعِدُّه الناس بيعاً؛ لأنه لم يثبت اشتراط لفظ، فيرجع للعرف كسائر الألفاظ المطلقة، وبعضهم كابن سريج والروياني خصص جواز بيع المعاطاة بالمحقرات]. مغني المحتاج، الشربيني، 2/3. ([54]) يُنْظَر: موسوعة الفقه الإسلامي، مصر، مادة: إشارة، بحث: إشارة في البيع 48 – 53. ([55]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/135، ومغني المحتاج، 2/7. ([56]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/3، والمغني، ابن قدامة، 3/561 – 162. ([57]) درر الحُكَّام شرح مجلة الأحكام، علي حيدر، المادة رقم (70)، 1/70. ([58]) درر الحُكَّام شرح مجلة الأحكام، علي حيدر، المادة رقم (69)، 1/69. ([59]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، الكاساني، 5/137، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/3. ([60]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/257، وكشاف القناع، البهوتي، 3/148. ([61]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، الكاساني، 5/138-152، وبداية المجتهد، ابن رشد، 2/204، ومغني المحتاج، الشربيني، 2/10-20، والروض المربع، 2/165. ([62]) تحفة الفقهاء، السمرقندي، 2/34. ([63]) النقود؛ وظائفها الأساسية وأحكامها الشرعية، د. علاء الدين زعتري، ص 102. ([64]) تحفة الفقهاء، السمرقندي، 2/33. ([65]) بدائع الصنائع، الكاساني، 5/135، وشرح زُبد ابن رسلان، 1/182. ([66]) كشاف القناع، البهوتي، 3/151. ([68]) مغني المحتاج، الشربيني، 2/11. ([69]) سنن ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، د.ت، في كتاب التجارات (12)، باب بيع الخيار (18)، حديث رقم (2185)، 2/736-737، وصحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، حديث رقم (4967)، 11/340، ومسند أبي يعلى الموصلي، حديث رقم (1354)، 2/506. ([70]) الرازي: مختار الصحاح، وابن منظور: لسان العرب مادة (غرر). ([71]) ابن مفلح المقدسي: الفروع (4/322). ([72]) مالك: موطأ، كتاب البيوع، باب بيع الغرر، ح 1345، (2/664)؛ أحمد: مسند، ح 8871، (2/376)؛ أبو داود: سنن، كتاب البيوع، باب في بيع الغرر، ح 3376، (3/254). ([73]) مسلم: صحيح، كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من غشنا فليس منا"، ح 101، (1/99)؛ أحمد: مسند، ح 7290، (2/242)؛ أبو داود: سنن، كتاب الإجارة، باب النهي عن الغش، ح 3452، (3/272)؛ ابن ماجه: سنن، كتاب التجارات، باب النهي عن الغش، ح 2224، (2/749). ([74]) يُنْظَر: نظرية العقد، د. عبد الرزاق السنهوري، الفقرة 114-151، ص 111- 144. ([75]) يُنْظَر: المدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا، الفقرة (296)، 1/573. ([76]) يُنْظَر: رد المحتار، ابن عابدين،4/104، والأشباه والنظائر، ابن نجيم، ص 337. ([77]) المدخل الفقهي العام، مصطفى أحمد الزرقا، الفقرة رقم (297)، 1/574. ([78]) يُنْظَر: المدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا، 1/577، الفقرة (300). ([79]) يُنْظَر: المدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا، 1/577، الفقرة (301)، ونظرية العقد، د. عبد الرزاق السنهوري، الفقرة 134-135، ص 129-130. ([80]) يُنْظَر: المدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا، 1/578، الفقرة (302). ([81]) يُنْظَر: المدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا، 1/583، الفقرة (304). ([82]) يُنْظَر: شركة الاتصالات.. وعقود الإذعان، يحيى محمد الشهراني، صحيفة الوطن السعودية، الاثنين 26 ربيع الآخر 1425هـ الموافق 14 يونيو 2004م العدد(1354) السنة الرابعة. ([83]) يُنْظَر: لسان العرب، مادة (ذَعَنَ). ([84]) نقل مثل هذه الآراء الدكتور الزرقا في كتابه (المدخل الفقهي). ([85]) من فتاوى الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل الكويتي، الفتوى رقم (6)، ص 390-391. ([86]) من فتاوى الندوة الفقهية الخامسة لبيت التمويل الكويتي، الفتوى رقم (1). ([87]) يُنْظَر: المصباح المنير، ولسان العرب، مادة (بيع). ([88]) حاشية ابن عابدين، 4/501، ومغني المحتاج، 2/273. ([89]) مواهب الجليل، الحطاب، 4/222، وكشاف القناع، البهوتي، 3/146. ([90]) لسان العرب، مادة (بيع). ([91]) البحر الرائق شرح كنـز الدقائق، 5/78. ([92]) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/2. ([94]) حاشيتا قليوبي وعميرة، 2/152. ([95]) المغني، ابن قدامة، 4/3. ([96]) يُنْظَر: تحفة الفقهاء، السمرقندي، 1/432، والمهذب، الشيرازي، 1/257، والمغني، ابن قدامة، 4/3. ([97]) مسند الإمام أحمد، 15276، 4/141. ([98]) يُنْظَر: فتح المعين، 3/3، والمبدع، ابن مفلح، 4/3. ([99]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/3. ([100]) يُنْظَر: المدخل الفقهي العام، مصطفى أحمد الزرقا، 1/312 وما بعدها. ([101]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/133، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/186، وحاشية ابن عابدين، 3/10 وما بعدها. ([102]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 4/241، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/3، وكشاف القناع، البهوتي، 3/145 وما بعدها. ([103]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/258. ([104]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 4/228، وحاشية العدوي، 2/180، وكشاف القناع، البهوتي، 3/146. ([105]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/3، ومغني المحتاج، 2/4، والكافي في فقه ابن حنبل، 2/3. ([106]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/58 وما بعدها. ([107]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/21، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/3، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/75، والمبدع، ابن مفلح، 4/5. ([108]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/5، والإنصاف، المرداوي، 4/262. ([109]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/133، وحاشية البجيرمي، 2/168، والمبدع، ابن مفلح، 4/5. ([110]) يُنْظَر: حاشية البجيرمي، 2/167. ([111]) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار، 2/4، ومغني المحتاج، 2/5، والنكت والفوائد السنية على مشكل المحرر، 1/254. ([112]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/3، والمهذب، الشيرازي، 1/257، والإنصاف، المرداوي، 4/261. ([113]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/3، والموسوعة الفقهية الكويتية، 9/12. ([114]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/229، وكشاف القناع، البهوتي، 3/547. ([115]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/136 وما بعدها، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/5، ومغني المحتاج، 2/5. ([116]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/136 وما بعدها، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/5، وحاشية البجيرمي، 3/216. ([117]) يُنْظَر: إعانة الطالبين، الدمياطي، 3/55، والإنصاف، المرداوي، 7/28. ([118]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/291. ([119]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/134، وشرح الزرقاني على الموطأ، 1/290، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/4، والمبدع، ابن مفلح، 4/6. ([120]) يُنْظَر: روضة الطالبين وعمدة المفتين وعمدة المفتين، 3/336، والمجموع، النووي، 9/153. ([121]) يُنْظَر: إعانة الطالبين، الدمياطي، 3/4، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/3. ([122]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/290، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/154. ([123]) يُنْظَر: الوسيط، 5/379. ([124]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/137، ومواهب الجليل، الحطاب، 4/239، والمبدع، ابن مفلح، 4/356. ([125]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/7. ([126]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 3/422، والكافي في فقه ابن حنبل، 3/29. ([127]) يُنْظَر: الأشباه والنظائر، السيوطي، 1/312. ([128]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/135، وحاشية ابن عابدين، 3/241. ([129]) يُنْظَر: المجموع، النووي، 9/140، ودليل الطالب، 1/106. ([130]) رواه ابن ماجه، 2185، 2/737. ([131]) التلويح على التوضيح 2/195، وكشف الأسرار 4/1503. ([132]) هذا التعريف وإن لم يصرحوا به لكنه يؤخذ من كتبهم بوضوح، يراجع لذلك: شرح الخرشي على مختصر خليل، 5/ 9، ط الأميرية ببولاق، ومواهب الجليل، الحطاب، 5/9، ط السعادة 1329، وفتاوى السيوطي، ضمن مجموعة رسائله مخطوطة الأزهر رقم (131 فقه شافعي) ورقة (143)، وحاشية عميرة على شرح المحلى على المنهاج 2/156 ط عيسى الحلبي، وكشاف القناع، البهوتي، ط الرياض، 2/5. ([133]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/138 وما بعدها، وبداية المجتهد، ابن رشد، 2/204، ومغني المحتاج، 2/10-20، والمغني، ابن قدامة، 4/7 وما بعدها. ([134]) [لأن ما لا ينعقد لم يصح ولا ينعكس؛ فإن الفاسد عندنا منعقد نافذ إذا اتصل به القبض]. البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/281. ([135]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/505، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/10 وما بعدها، والإقناع، 4/274، وكشاف القناع، البهوتي، 3/154. ([136]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 6/449. ([137]) يُنْظَر: المبدع، ابن مفلح، 4/9، والمغني، ابن قدامة، 4/175. ([138]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/261. ([139]) مكة المكرمة، الدورة الحادية عشرة، القرار رقم (3). ([140]) فتح الباري شرح صحيح البخاري، 4/425، والنووي على صحيح مسلم، 11/3. ([141]) فتح الباري شرح صحيح البخاري، 4/426. ([142]) مجلة الأحكام العدلية، 1/18، والدر المختار، الحصكفي، 3/532، وشرح فتح القدير، ابن الهمام، 4/348، وكشاف القناع، البهوتي، 1/398، وقواعد الفقه، المجددي، 1/89، والمدخل، ابن بدران، 1/298. ([143]) مجلة الأحكام العدلية، 1/18، والدر المختار، الحصكفي، 3/532، وشرح فتح القدير، ابن الهمام، 4/348، وكشاف القناع، البهوتي، 1/398، وقواعد الفقه، المجددي، 1/89، والمدخل، ابن بدران، 1/298. ([145]) صحيح مسلم، 1581، 3/1207. ([146]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 4/258، والإقناع، 3/274، وكشاف القناع، البهوتي، 3/156. ([147]) سنن الترمذي، 1729، 4/222، وسنن ابن ماجه، 3612، 2/1194. ([148]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/142، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، 1/109 وما بعدها، و6/88، وتحفة الملوك، 1/23. ([149]) سنن الترمذي، 1729، 4/222، وسنن ابن ماجه، 3612، 2/1194. ([150]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/187، وحاشية ابن عابدين، 5/58، وبدائع الصنائع، 5/135. ([151]) يُنْظَر: التمهيد، 4/144، والمهذب، الشيرازي، 1/261. ([152]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 3/156، والمبدع، ابن مفلح، 4/14. ([153]) يُنْظَر: تحفة الفقهاء، السمرقندي، 1/55-56، والتاج والإكليل، 1/113، وحاشية البجيرمي، 2/177، والمبدع، ابن مفلح، 1/56. ([154]) يُنْظَر: الفواكه الدواني، 1/389، والمجموع، النووي، 1/284، وكشاف القناع، البهوتي، 3/156. ([155]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 4/258، والإقناع، 2/274، وكشاف القناع، البهوتي، 3/156. ([156]) فتح الباري شرح صحيح البخاري، 1/344. ([157]) صحيح مسلم، 1581، 3/1207. ([158]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/73. ([159]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/261. ([160]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 1/109، و6/187. ([161]) يُنْظَر: التمهيد، 8/404، والوسيط، 3/18، ودليل الطالب، 1/106. ([162]) رواه البخاري، 1980، 2/735، ومسلم، 1567، 3/1198. ([163]) يُنْظَر: بداية المجتهد، ابن رشد، 2/95، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/11. ([164]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/187، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/11، والمبدع، ابن مفلح، 4/10. ([165]) رواه مسلم، 1569، 3/1199. ([166]) رواه أبو داود، وقال الترمذي هذا حديث حسن، وفي إسناده اضطراب. ([168]) يُنْظَر: الدر المختار، الحصكفي، 6/306، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/11، وتحفة المحتاج، 4/238، والإنصاف، المرداوي، 4/273. ([169]) وعند فقهاء المالكية: [ذكر ابن الفرس في أحكام القرآن: أن المشهور من المذهب أن جلد الخنـزير يُنْتَفَع به بعد الدبغ]. مواهب الجليل، الحطاب، 1/101، وفي الكافي، ابن عبد البر، 1/19: [وجلد الخنـزير لا يطهر بدباغ ولا غيره؛ لأنه محرم الذكاة]. ([170]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/187، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/115-117. ([172]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 2/115-117. ([173]) يُنْظَر: الإقناع، 2/275، وروضة الطالبين وعمدة المفتين وعمدة المفتين، 3/350، ومغني المحتاج، 2/11-12. ([174]) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَمْسٌ مِنْ الْفَوَاسِقِ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحِدَأَةُ، وَالْحَيَّةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ". ([175]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/174، وكشاف القناع، البهوتي، 3/153، والمبدع، ابن مفلح، 4/14. ([176]) يُنْظَر: الكافي في فقه ابن حنبل، 2/5. ([178]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/187، وشرح فتح القدير، ابن الهمام، 7/118، وحاشية ابن عابدين، 6/464. ([179]) يُنْظَر: حواشي الشرواني، 4/239. ([180]) يُنْظَر: القوانين الفقهية، 1/164، ومغني المحتاج، 2/12، وكشاف القناع، البهوتي، 3/155. ([181]) مواهب الجليل، الحطاب، 4/263. ([182]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/78، وحاشية ابن عابدين، 4/268. ([183]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/12. ([184]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 8/142، والمهذب، الشيرازي، 1/374، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 22/141. ([185]) صحيح مسلم، 1581، 3/1207. ([186]) يُنْظَر: المحرر في الفقه، 1/240. ([187]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/59، والتمهيد، 16/345، والأم، 3/70، والمغني، ابن قدامة، 4/162. ([188]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 13/16، وكفاية الطالب، 2/222، والمهذب، الشيرازي، 1/267، وعمدة الفقه، 1/47. ([189]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/446، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/76، والوسيط، 3/72، ومنار السبيل 1/239. ([190]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/446، والمدونة الكبرى، 7/234، والمجموع، النووي، 9/250، والمبدع، ابن مفلح، 4/55. ([191]) أخرجه البخاري، 2032، 2/752، ومسلم، 1412، 2/1032. ([192]) رواه البخاري، 2043، 2/755، ومسلم، 1412، 3/1155. ([193]) رواه البخاري، 6562، 6/2554، ومسلم، 1516، 2/1032. ([194]) رواه مسلم، 1519، 3/1157. ([195]) رواه البخاري، 2043، 2/755. ([196]) رواه مسلم، 1522، 3/1157. ([197]) رواه مسلم، 1523، 3/1158. ملاحظة : السمسار في الوقت الحالي الذي نحن فيه عمل مشروع ولا يدخل في النهي هنا لأنه صلة وصل بين طرفين ومهنته تختلف عن فعل السمسار الذي يكون بين الحاضر والبادي لأن فعله يتأتى عنه مضرة وهي رفع السعر على أهل البلد بسبب تلقيه للركبان . ([198]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/505، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/175-176، والمغني، ابن قدامة، 4/17. ([199]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/279، والتاج والإكليل، 4/365، والتنبيه، 1/88، والكافي في فقه ابن حنبل، 2/10. ([200]) يُنْظَر: الدر المختار، الحصكفي، 5/59، وبدائع الصنائع، 4/136. ([201]) رواه مسلم، 1533، 3/1153. ([202]) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/325، وبداية المجتهد، ابن رشد، 2/112، والأم، 3/47، والمغني، ابن قدامة، 4/65. ([203]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/53، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/57، وحاشية البجيرمي، 2/206، والمبدع، ابن مفلح، 4/27. ([204]) يُنْظَر: مصنف عبد الرزاق، 8/21. ([205]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/280، والتمهيد، 13/315، والإقناع، 1/98، والإنصاف، المرداوي، 4/300. ([206]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/53، وكفاية الطالب، 2/219، والأم، 3/118، والكافي في فقه ابن حنبل، 2/18. ([207]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/21، وكفاية الطالب، 2/219، ونهاية الزين، 1/238، والمغني، ابن قدامة، 4/146. ([208]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/175، والتاج والإكليل، 4/364، ودقائق المنهاج، 1/60، والمبدع، ابن مفلح، 4/29. ([209]) رواه البخاري، 2164، 2/797، وشرح النووي على صحيح مسلم، 10/230. ([210]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/279. ([211]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/71، وأنيس الفقهاء، القونوي، 1/219، ومغني المحتاج، 3/45، وكشاف القناع، البهوتي، 3/289. ([212]) رواه البخاري، 2124، 2/781، ومسلم، 1604، 3/1226. ([213]) يُنْظَر: الوسيط، 5/166 وما بعدها، والمحرر في الفقه، 1/324. ([214]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/32. ([215]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/65. ([216]) يُنْظَر: المبدع، ابن مفلح، 4/25. ([217]) يُنْظَر: إعانة الطالبين، الدمياطي، 3/11. ([218]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 4/297، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/164، والمغني، ابن قدامة، 4/15. ([220]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/263، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 29/306. ([221]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/505، والفروق، 2/257، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/160، وكشاف القناع، البهوتي، 3/157. ([222]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/72، ومغني المحتاج، 2/14. ([223]) رواه أبو داود، 3503، 3/283، والترمذي، 1232، 3/534. ([224]) الإنصاف، المرداوي، 5/98، وعون المعبود، 9/291، وتحفة الأحوذي، 4/360. ([226]) رواه أبو داود، 3477، 3/278، وابن ماجه، 2472، 2/826. ([227]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/241. ([228]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/16، والشرح الكبير، مع حاشية الدسوقي، 3/365، والمهذب، الشيرازي، 1/262، والإنصاف، المرداوي، 7/103. ([229]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/396. ([230]) يُنْظَر: الشرح الكبير، مع حاشية الدسوقي، 3/365. ([231]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 7/105. ([232]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 30/190 وما بعدها، والمدونة الكبرى، 6/15، وحواشي الشرواني، 4/450، والمبدع، ابن مفلح، 4/22. ([233]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/284، وحواشي الشرواني، 4/358، والكافي في فقه ابن حنبل، 2/30. ([234]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 2/260، وحواشي الشرواني، 4/395، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 20/343. ([236]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/148. ([237]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/561، ومواهب الجليل، الحطاب، 4/447، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/515، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 30/272. ([238]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/561 وما بعدها. ([239]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/145. ([240]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/73، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/517. ([241]) يُنْظَر: شرح معاني الآثار، 4/36، والإقناع، 2/289، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 30/274. ([242]) يُنْظَر: المدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا، 1/312 وما بعدها، والذخيرة، 1/152، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/38، والمحرر في الفقه، 1/323. ([243]) يُنْظَر: الشرح الكبير، مع حاشية الدسوقي، 3/145، ومغني المحتاج، 2/72، والفروع، 4/105. ([244]) رواه مسلم، 1526، 3/1161. ([245]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/73. ([246]) رواه ابن ماجه، 2228، 2/750. ([247]) رواه مسلم، 1525، 3/1160، و1528، 3/1162. ([248]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، المواد: 272، 273، 274، 275. ([249]) يُنْظَر: الفتاوى الهندية، 3/16. ([250]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/99، والفواكه الدواني، 1/333، وحواشي الشرواني، 5/6. ([251]) وقريب من الشيك الكمبيالة إلا أن الشيك يسحب عادةً على المصرف والكمبيالة على أي جهة، والشيك واجب الدفع بمجرد الاطلاع، ويشترط له الرصيد بخلاف الكمبيالة. ([252]) السفتجة؛ بضم السين وتفتح وفتح التاء، وهي إقراض لسقوط خطر الطريق، فكأنه أحال الخطر المتوقع على المستقرض فكان في معنى الحوالة، وقالوا: إذا لم تكن المنفعة مشروطة ولا متعارفة فلا بأس. [الدر المختار، الحصكفي]، وفي القاموس هي: أن يعطي مالاً لآخر، وللآخذ مال في بلد المعطي فيوفيه إياها هناك، فيستفيد أمن الطريق، وفي الموسوعة الفقهية الكويتية [41/146]: السفتجة: طريقة تتبع في نقل النقود من بلد إلى آخر، تتفادى بها أخطار النقل من سرقة أو نهب أو فقدان أو غير ذلك. ([253]) قرار رقم: 53(4/6) مجلة المجمع (العدد 6، 1/453)، في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410هـ الموافق14-20 آذار (مارس)1990م. ([254]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/505، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/11، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/11، والنكت والفوائد السنية على مشكل المحرر، 1/289. ([255]) يُنْظَر:البحر الرائق، 6/82، والإقناع، 1/92. ([256]) يُنْظَر:البحر الرائق، 6/82. ([257]) سنن ابن ماجه، 2196، 2/740. ([258]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/281، ومواهب الجليل، الحطاب، 4/285، والإقناع، 2/298، والمبدع، ابن مفلح، 4/24. ([259]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 13/164، والفواكه الدواني، 2/107، والمهذب، الشيرازي، 1/264، وكشاف القناع، البهوتي، 3/163. ([260]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/10. ([261]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/309. ([262]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/572، ومجلة الأحكام العدلية، 1/49، والثمر الداني شرح رسالة القيرواني، 1/522. ([263]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/305، والقوانين الفقهية، 1/163. ([265]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 3/157. ([266]) رواه أبو داود، 3503، 3/283، والترمذي، 1232، 3/534. ([267]) يُنْظَر: إعانة الطالبين، الدمياطي، 3/11. ([268]) صحيح مسلم، 1513، 3/1153. ([269]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/505، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/15. ([270]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/294. ([271]) يُنْظَر: كتاب التقرير والتحبير، 2/414. ([272]) يُنْظَر: الدر المختار، الحصكفي، 4/529، وحاشية البجيرمي، 2/427، والمغني، ابن قدامة، 4/136. ([273]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/179، 207، 208، 213. ([274]) مجمع الفقه الإسلامي، جدة، الدورة السادسة، القرار رقم (2). ([275]) مجمع الفقه الإسلامي، جدة، الدورة السابعة، القرار رقم (2). ([276]) يُنْظَر: جواهر الإكليل، 1/305، و2/5، والبهجة شرح التحفة، 2/86، وشرح منتهى الإرادات، 2/142. ([277]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/272. ([278]) يُنْظَر: النقود، وظائفها الأساسية وأحكامها الشرعية، د. علاء الدين زعتري، 361 وما بعدها. ([279]) قرار مجمع الفقه الإسلامي، رقم: 21 (9/3)، في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 – 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م. ([280]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/560، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/146، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/210 وما بعدها، والمغني، ابن قدامة، 4/89. ([281]) واستثنى فقهاء المالكيّة صوراً، لا ينتقل فيها الضمان إلى المشتري إلاّ بالقبض، هي: أ - ما لو كان في المبيع حقّ توفية لمشتريه، وهو المثليّ من مكيل أو موزون أو معدود حتّى يفرغ في أواني المشتري، فإذا هلك بيد البائع عند تفريغه فهو من ضمان البائع. ب - السّلعة المحبوسة عند بائعها لأجل قبض الثّمن. ج - المبيع الغائب على الصّفة أو على رؤية متقدّمة. د - المبيع بيعاً فاسداً. هـ - الثّمار المبيعة بعد بدوّ صلاحها، فلا تدخل في ضمان المشتري إلاّ بعد أمن الجائحة. يُنْظَر: الموسوعة الفقهية الكويتية، مادة (بيع) الفقرة: 59. ([282]) يُنْظَر: المراجع السابقة. ([283]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/324، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/176، ومغني المحتاج، 2/88 وما بعدها، والكافي في فقه ابن حنبل، 2/70. ([284]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/555، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 30/220. ([285]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/73. ([286]) رواه مسلم، 1534، 3/1165. ([287]) شرح النووي على صحيح مسلم، 10/178. ([288]) رواه مسلم، 1538، 3/1167. ([289]) رواه البخاري، 2085، 2/766. ([290]) رواه البخاري، 2086، 2/766، ومسلم، 1555، 3/1190. ([291]) رواه أبو داود، 3371، 3/253، والترمذي، 1228، 3/530، وابن ماجه، 2217، 2/747. ([292]) رواه البخاري، 2084، 2/766، ومسلم، 1535، 3/1175. ([293]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 4/500، ومغني المحتاج، 2/88، والمبدع، ابن مفلح، 4/165. ([294]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/555، وشرح الزرقاني على الموطأ، 3/335، والإقناع، 2/289، والمبدع، ابن مفلح، 4/168. ([295]) السدرة: شجرة النبق (الحبق) التي يكثر وجودها في البراري. ([296]) رواه أبو داود، 5239، 4/361. ([297]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/212، والمبدع، ابن مفلح، 4/168. ([298]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/555. ([299]) يُنْظَر: المرجع السابق. ([300]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/178. ([301]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/91. ([302]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/128. ([303]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/103، والفواكه الدواني، 2/72. ([304]) القوانين الفقهية، 1/175. ([305]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 15/76، والفواكه الدواني، 2/72، والمهذب، الشيرازي، 1/291، والنكت والفوائد السنية على مشكل المحرر، 1/283. ([306]) رواه أبو داود، 1641، 2/120، وابن ماجه، 2198، 2740. ([307]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/232. ([308]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 3/183. ([309]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/54، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/108. ([310]) مجمع الفقه الإسلامي، جدة، الدورة الثامنة، القرار رقم (4). ([311]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/30. ([312]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/50. ([313]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/30. ([314]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 19/122، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/12، ومغني المحتاج، 2/15، والأشباه والنظائر، السيوطي، ص285، والنكت والفوائد السنية على مشكل المحرر، 1/259. ([315]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/50. ([316]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/148-149، ([317]) رواه البخاري، 3443، 3/1332. ([318]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/148-149. ([319]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 13/154. ([320]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/148-149. ([321]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/15، والأشباه والنظائر، السيوطي، ص285، والنكت والفوائد السنية على مشكل المحرر، 1/259. ([322]) رواه أبو داود، 3503، 3/283، والترمذي، 1232، 3/534، وقال: حديث حسن. ([323]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/75 وما بعدها، وحاشية ابن عابدين، 5/50، و113، وشرح فتح القدير، ابن الهمام، 7/69، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/12، والأشباه والنظائر، السيوطي، ص285، وفتاوى السغدي، 1/441. ([324]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 4/76، و7/311، ومجلة الأحكام العدلية، 1/30. ([325]) يُنْظَر: منح الجليل، 2/550، والمجموع، النووي، 9/136، وروضة الناظر، 1/58. ([326]) يُنْظَر: فتح الوهاب، 2/434. ([327]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 4/76، وحاشية ابن عابدين، 4/508، ومجلة الأحكام العدلية، 1/30. ([328]) يُنْظَر: مختار الصحاح، مادة (غرر). ([329]) لسان العرب، مادة (غرر). ([330]) رواه مسلم، 1513، 3/1153. ([331]) يُنْظَر: الكافي، ابن عبد البر، 1/364، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/56. ([332]) يُنْظَر: فتاوى السغدي، 1/466. ([333]) يُنْظَر: فتح الوهاب، 1/282، ومغني المحتاج، 2/31. ([334]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/266. ([335]) يُنْظَر: المبدع، ابن مفلح، 4/29. ([336]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/287، وحاشية ابن عابدين، 4/526. ([337]) يُنْظَر: شرح الزرقاني على الموطأ، 3/400، والمهذب، الشيرازي، 1/266، والمبدع، ابن مفلح، 4/29. ([338]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/83، والمبدع، ابن مفلح، 4/29. ([339]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/287، وشرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/55. ([340]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/146. ([341]) يُنْظَر: حاشية البجيرمي، 2/207. ([342]) يُنْظَر: والقوانين الفقهية، 1/170، والمهذب، الشيرازي، 1/266، والمبدع، ابن مفلح، 4/29. ([343]) رواه البخاري، 5481، 5/2190، ومسلم، 1511، 3/1151. ([344]) صحيح مسلم، 1511، 3/1152. ([345]) صحيح مسلم، 1512، 3/1152. ([346]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/146، والمبدع، ابن مفلح، 4/29. ([347]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/56، والوسيط، 3/71، والمبدع، ابن مفلح، 4/29. ([348]) صحيح مسلم، 1513، 3/1153. ([349]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 13/16، والفواكه الدواني، 2/95، والأم، 3/75، وعمدة الفقه، 1/47. ([350]) رواه الترمذي، 1231، 3/533. ([351]) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، 5/219. ([352]) رواه أبو داود، 3461، 3/274. ([353]) قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه البزار وأحمد، 4/84. ([354]) يُنْظَر: نصب الراية، 4/20. ([355]) يُنْظَر: الوسيط، 3/72. ([356]) يُنْظَر: جواهر الإكليل، 2/22، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/177. ([357]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/127. ([358]) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، 5/219. ([359]) رواه أبو داود، 3461، 3/274. ([360]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/447، والتمهيد، 24/391، والمهذب، الشيرازي، 1/267، وعمدة الفقه، 1/47. ([361]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/80. ([362]) قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الكبير، 4/84. ([363]) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، 5/219. ([364]) رواه أبو داود، 3461، 3/274. ([365]) يُنْظَر: المبدع، ابن مفلح، 4/35. ([366]) يُنْظَر: بداية المجتهد، ابن رشد، 2/115. ([367]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 4/311، وكشاف القناع، البهوتي، 3/174. ([368]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/161. ([369]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 5/396، والمهذب، الشيرازي، 1/270، والمبدع، ابن مفلح، 4/40. ([370]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/270، والمبدع، ابن مفلح، 4/40. ([371]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/32، ومواهب الجليل، الحطاب، 4/313. ([372]) يُنْظَر: لسان العرب، والمصباح المنير، مادة (جزف). ([373]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 4/285. ([374]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/20. ([375]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/77، وكفاية الطالب، 2/23، وكشاف القناع، البهوتي، 3/169. ([376]) يُنْظَر: حاشية البجيرمي، 2/193. ([377]) أخرجه مسلم، 1526، 3/1161. ([378]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (عرب)، والقاموس المحيط، باب النون فصل العين. ([379]) يُنْظَر: فتاوى السغدي، 1/472-473، ومواهب الجليل، الحطاب، 4/369، ومغني المحتاج، 2/39، والمبدع، ابن مفلح، 4/59. ([380]) يُنْظَر: فتاوى السغدي، 1/472-473، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/63، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/397، والمبدع، ابن مفلح، 4/59. ([381]) عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص. ([382]) رواه أبو داود، 3502، 3/283، وابن ماجه، 2192، 2/738، وفي تلخيص الحبير، لابن حجر، 3/17: (وفيه راو لم يسم، وسمي في رواية لابن ماجه: كمال عبد الله بن عامر الأسلمي، وقيل: هو ابن لهيعة، وهما ضعيفان، ورواه الدارقطني والخطيب في الرواة: عن مالك من طريق الهيثم بن اليمان عنه، عن عمرو بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، وعمرو بن الحارث ثقة، والهيثم ضعفه الأزدي، وقال أبو حاتم: صدوق، وذكر الدارقطني: أنه تفرد بقوله: عن عمرو بن الحارث، قال ابن عدي: يقال إن مالكاً سمع هذا الحديث من ابن لهيعة، ورواه البيهقي من طريق عاصم بن عبد العزيز، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن عمرو بن شعيب، وقال عبد الرزاق في مصنفه: أنا الأسلمي، عن زيد بن أسلم، سئل رسول الله r عن العربان في البيع فأحله، وهذا ضعيف، والأسلمي هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى). ([383]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/63، والتاج والإكليل، 4/369. ([384]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/39، ونيل الأوطار، 5/251. ([385]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/160. ([386]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/160. ([387]) مصنف عبد الرزاق، 9213، 6/513-514، وسنن البيهقي الكبرى، 10962، 6/34، وقال ابن حجر: (عَلَّقَه البخاري). تلخيص الحبير، 4/196. ([388]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/160. ([389]) يُنْظَر: نيل الأوطار، 5/251. ([390]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 2/108، و2/211، والتاج والإكليل، 4/65، والمغني، ابن قدامة، 9/299. ([391]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/63. ([392]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 3/195. ([393]) مجمع الفقه الإسلامي، جدة، الدورة الثامنة، القرار رقم (3). ([394]) وفي هذا ترجيح لقول فقهاء الحنابلة. ([395]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (عين)، ومختار الصحاح، مادة (عين). ([396]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (عين)، وكشاف القناع، البهوتي، 3/186. ([397]) يُنْظَر: روضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/416-417، والكافي في فقه ابن حنبل، 2/25. ([398]) يُنْظَر: الكافي، ابن عبد البر، 1/325. ([399]) يُنْظَر: القوانين الفقهية، 1/171. ([400]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/273. ([401]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/273. ([402]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 4/404. ([403]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/273، والقوانين الفقهية، 1/171، والكافي، 1/325. ([404]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/273. ([405]) يُنْظَر: المرجع السابق. ([406]) يُنْظَر: روضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/417، والمجموع، النووي، 9/248. ([407]) قال في إعلام الموقعين عن رب العالمين، 3/281: [فصل: الأئمة منـزهون عن إحداث الحيل: والمتأخرون أحدثوا حيلاً لم يصح القول بها عن أحد من الأئمة ونسبوها الى الأئمة، وهم مخطئون في نسبتها إليهم، ولهم مع الأئمة موقف بين يدى الله، ومن عرف سيرة الشافعي وفضله ومكانه من الإسلام علم أنه لم يكن معروفاً بفعل الحيل، ولا بالدلالة عليها، ولا كان يشير على مسلم بها. وأكثر الحيل التي ذكرها المتأخرون المنتسبون الى مذهبه من تصرفاتهم... أدخلوها في مذهبه؛ وإن كان رحمه الله تعالى يجري العقود على ظاهرها، ولا ينظر الى قصد العاقد ونيته... فحاشاه ثم حاشاه أن يأمر الناس بالكذب والخداع والمكر والاحتيال وما لا حقيقة له، بل ما يُتَيَقَّن أن باطنه خلاف ظاهره... فالفرق إذاً واضحٌ بين أن لا يُعْتَبَر القصدُ في العقد ويجريه على ظاهره، وبين أن يُسَوِّغ عقداً قد عُلِم بناؤه على المكر و الخداع، وقد عُلِم أن باطنه خلاف ظاهره، فو الله ما سوغ الشافعي ولا إمام من الأئمة هذا العقد قط، ومَن نَسَبَ ذلك إليهم فهم خصماؤه عند الله. فالذى سوغه الأئمة بمنـزلة الحاكم (القاضي) يُجْرِي الأحكام على ظاهر عدالة الشهود؛ وإن كانوا في الباطن شهود زور. والذي سوغه أصحاب الحيل بمنـزلة الحاكم يَعلم أنهم في الباطن شهود زور كَذَبَة، وأن ما شهدوا به لا حقيقة له، ثم يَحْكُم بظاهر عدالتهم. ولو قيل للشافعي: إن المتعاقدين قد تواطئا على ألف بألف ومائتين، وترواضا (تراضيا) على ذلك، وجعلا السلعة مُحَلِّلاً للربا: لم يُجَوِّز ذلك، ولأَنْكَرَه غايةَ الإنكار]. ([408]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/127. ([409]) يُنْظَر: الموافقات، الشاطبي، 3/36، و3/300، وإرشاد الفحول، 1/411، والمدخل، ابن بدران، 1/296، وشرح الزرقاني على الموطأ، 2/437، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 32/225، و228، وفتح الباري شرح صحيح البخاري، 5/61، و12/327. ([410]) رواه أبو داود، 3462، 3/274. ([411]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (فضل). ([412]) يُنْظَر: التعريفات، الجرجاني. ([413]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/68، والقوانين الفقهية، 1/163، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 4/319. ([414]) يُنْظَر: دليل الطالب، 1/106، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/8. ([415]) رواه البخاري، 3443، 3/1332. ([416]) رواه الترمذي، 1257، 3/558. ([417]) رواه أبو داود، 3503، 3/283، والترمذي، 1232، 3/534. ([418]) رواه أبو داود، 3504، 3/283، والترمذي، 1234، 3/535. ([419]) رواه أبو داود، 2190، 2/258. ([420]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/7، والإنصاف، المرداوي، 4/327، وحاشية البجيرمي، 2/225. ([421]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/224، وشرحه: الهداية، 4/94. ([422]) يُنْظَر:البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 1/137، وحاشية ابن عابدين، 1/224. ([423]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/154. ([424]) رواه ابن ماجه، 3380، 2/1121. ([425]) يُنْظَر: حاشيتا قليوبي وعميرة، 2/184. ([426]) المغني، ابن قدامة، 4/154. ([427]) يُنْظَر: الأم للشافعي، 4/74، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/416. ([428]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/224، وشرحه: الهداية، 4/94. ([429]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، السرخسي، 24/26. ([430]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 4/94، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/23، والإنصاف، المرداوي، 4/327. ([431]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/154. ([432]) يُنْظَر: إعانة الطالبين، الدمياطي، 3/23. ([433]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 4/336، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/23، وكشاف القناع، البهوتي، 3/181. ([434]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/7. ([435]) يُنْظَر: المجموع، النووي، 6/25، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/23، وحاشية البجيرمي، 2/224، وفتح المعين، 3/23. ([436]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 4/327. ([437]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 3/183 وما بعدها. ([438]) أخرجه البخاري، 2032، 2/752، ومسلم، 1412، 2/1032. ([439]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/53، وبدائع الصنائع، 5/232. ([440]) يُنْظَر: الفواكه الدواني، 2/108، والمهذب، الشيرازي، 1/291. ([441]) يُنْظَر: إعانة الطالبين، الدمياطي، 3/25، وفتح الوهاب، 1/286، ومغني المحتاج، 2/37، والمغني، ابن قدامة، 4/149. ([442]) يُنْظَر: المحرر في الفقه، 1/282، والمغني، ابن قدامة، 4/149، وكشاف القناع، البهوتي، 3/183. ([443]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (نجش). ([444]) الهداية شرح البداية، 3/53. ([445]) المبدع، ابن مفلح، 4/78. ([446]) رواه البخاري، 2043، 2/755، ومسلم، 1412، 3/1155. ([447]) رواه البخاري، 6562، 6/2554، ومسلم، 1516، 2/1032. ([448]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/68، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/26، والمبدع، ابن مفلح، 4/78. ([449]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/233. ([450]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/233، والمهذب، الشيرازي، 1/291، والإنصاف، المرداوي، 4/395. ([451]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/68، والإنصاف، المرداوي، 4/395. ([452]) للعلم: فإنه ضمن برنامج سياسة الانفتاح الاقتصادي التي تقوم بها الحكومة السورية فقد ألغت احتكار الوكالة الحصرية الساري المفعول منذ 50 عاماً وسمحت للتجار بالاستيراد، دون التقيد بشرط الوكيل. www.albayan.com 16/9/2002م، وفي السعودية أنهت وزارة التجارة الدراسات النهائية لمشروع نظام مكافحة المنافسة غير المشروعة الذي يتضمن إلغاء الوكالات التجارية الحصرية بالمملكة تمهيداً لرفعه لمجلس الوزراء وإقراره رسمياً، ومن أهم نقاط المشروع: منع الوكيل للشركة الأجنبية باحتكار الوكالة على مستوى المملكة (أي: إلغاء الوكالة الحصرية الفردية)، وقد رأت وزارة التجارة مؤخراً أن قيام الوكالات التجارية باحتكار تسويق منتجات الشركة الأجنبية يعتبر هيمنة غير مشروعة، وتحد من قيام مجموعات تجارية تثري المجتمع بخدمات وفوائد كثيرة، وتهدف الوزارة من إلغاء الوكالة الحصرية إلى إيجاد منافسة شريفة بين المجموعات التجارية والوكلاء التجاريين للشركات الأجنبية، مما يعود بالنفع للمستهلك من حيث التعامل مع أكثر من وكيل، مما يتيح خدمته بشكل أفضل من حيث السعر المناسب وخدمة ما قبل وبعد البيع. صحيفة الجزيرة السعودية، الأحد: 24 رمضان 1422هـ، www.suhuf.net.sa/2001jaz/dec/9/ec1.htm، وفي لبنان قامت المحكمة اللبنانية في جلستها يوم 14/2/2002 بإقرار مشروع قانون إلغاء الوكالات الحصرية، وأرسلته إلى مجلس النواب بتاريخ 25/2/2002 مبررة أن إلغاء الوكالات الحصرية سيخفض الأسعار بنسب كبيرة، www.tamseel-cs.gov.eg/view_news.asp?id271. ([453]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/137، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/108. ([454]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/70، والكافي فقه ابن حنبل، 1/367. ([455]) يُنْظَر: روضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/413، وحواشي الشرواني، 4/291، والمبدع، ابن مفلح، 4/78، والإنصاف، المرداوي، 4/318. ([456]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/70، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/413، والمبدع، ابن مفلح، 4/78. ([457]) رواه مسلم، 1519، 3/1157. ([458]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/476، والمبدع، ابن مفلح 4/74. ([459]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/137، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/70، والمهذب، الشيرازي، 1/290، والمبدع، ابن مفلح، 4/74. ([460]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/478، والتمهيد، 13/321، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/413، والمغني، ابن قدامة، 4/152. ([461]) يُنْظَر: التمهيد، 13/321، وكشاف القناع، البهوتي، 3/211، والمغني، ابن قدامة، 4/152. ([462]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/152. ([463]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 4/378، وحاشية البجيرمي، 2/218، والمغني، ابن قدامة، 4/150. ([464]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/103. ([465]) رواه البخاري، 2043، 2/755. ([466]) رواه مسلم، 1522، 3/1157. ([467]) رواه مسلم، 1523، 3/1158. ([468]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/102، وحاشية البجيرمي، 2/220، وكشاف القناع، البهوتي، 3/184. ([469]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/108، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/412، وكشاف القناع، البهوتي، 3/184. ([470]) يُنْظَر: حاشية البجيرمي، 2/218. ([471]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/69، وكشاف القناع، البهوتي، 3/184. ([472]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/137، ومواهب الجليل، الحطاب، 4/378، والمهذب، الشيرازي، 1/291، والإنصاف، المرداوي، 4/333. ([473]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 4/333. ([474]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/69، والمبدع، ابن مفلح، 4/80. ([475]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/69. ([476]) إن الخطاب الإسلامي في آية الجمعة يشير إلى أنه لا يوجد يوم عطلة في الإسلام، كما يريد أن يسميها الناس؛ فالإسلام يدفع أتباعه إلى العمل الدؤوب في جميع الأوقات، فقبل أداء أعظم فرائض الله - صلاة الجمعة - كان المسلمون في حال عمل وبيع، وبعد أداء الصلاة: أمرهم بالانتشار في الأرض وطلب الرزق. ([477]) يُنْظَر: التمهيد، 18/201، والأم، 1/195، والمبدع، ابن مفلح، 4/41. ([478]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/137. ([479]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 1/386، والأم، 1/195، ومختصر الخرقي، 1/34. ([480]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 1/85. ([481]) يُنْظَر: حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح، 1/335، والتاج والإكليل، 5/102، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 2/95، والمبدع، ابن مفلح، 4/41. ([482]) يُنْظَر: مراقي الفلاح، 283، ومواهب الجليل، الحطاب، 2/182، وحاشية الجمل على شرح المنهج، 2/54، وكشاف القناع، البهوتي، 3/181. ([483]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/232، وحاشية البجيرمي، 4/447، ومنار السبيل، 1/291. ([484]) يُنْظَر: الثمر الداني شرح رسالة القيرواني، 1/505. ([485]) يُنْظَر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، (العدد الرابع، 1/89). ([486]) قرار رقم: 17 (5/3) بشأن أجهزة الإنعاش مجلة المجمع – ع 3، ج 2/ص 523: إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 – 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م، بعد تداوله في سائر النواحي التي أثيرت حول موضوع أجهزة الإنعاش، واستماعه إلى شرح مستفيض من الأطباء المختصين، قرر ما يلي:يعتبر شرعاً أن الشخص قد مات وتترتب جميع الأحكام المقررة شرعاً للوفاة عند ذلك، إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين: إذا توقف قلبه وتنفسه توقفاً تاماً وحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه. إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه، وأخذ دماغه في التحلل. وفي هذه الحالة يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص وإن كان بعض الأعضاء، كالقلب مثلاً، لا يزال يعمل آلياً بفعل الأجهزة المركبة،والله أعلم. ([487]) يُنْظَر: لسان العرب، ومعجم مقاييس اللغة، مادة (خير). ([488]) الموسوعة الفقهية الكويتية، مادة (خيار)، 20/41. ([489]) إعانة الطالبين، الدمياطي، 3/26. ([490]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/31. ([491]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/24. ([492]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/106. ([493]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/31، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/106. ([494]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/266. ([495]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/161. ([496]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/23، ومجمع الأنهر، 2/31. ([497]) يُنْظَر: الموسوعة الفقهية الكويتية، مادة (خيار الرؤية)، 20/64.. ([498]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/18. ([499]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/27، والمجموع، النووي، 9/274، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 29/306. ([500]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/133. ([501]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/292. ([502]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 4/296، والمبدع، ابن مفلح، 4/25. ([503]) يُنْظَر: الأم، 3/3، و3/74، والإنصاف، المرداوي، 4/296. ([504]) سنن البيهقي الكبرى، 10205، 5/268، وسنن الدارقطني، 3/4. ([505]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/27، والمجموع، النووي، 9/274، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 29/306. ([506]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/28 وما بعدها، والمجموع، النووي، 9/285، والنكت والفوائد السنية على مشكل المحرر، 1/292. ([507]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/298. ([508]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/28، و6/338، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/24، والمغني، ابن قدامة، 4/17. ([509]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/19، والمبدع، ابن مفلح، 4/26. ([510]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/572. ([511]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/565. ([512]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/91. ([513]) يُنْظَر: إعانة الطالبين، الدمياطي، 3/28. ([514]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/2، والفواكه الدواني، 2/84، والمهذب، الشيرازي، 1/258، والإنصاف، المرداوي، 4/375. ([515]) رواه البخاري، 2011، 2/745، ومسلم، 1533، 3/1165. ([516]) سنن البيهقي الكبرى، 10239، 5/273، وسنن الدارقطني، 220، 3/55. ([517]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/300، والمجموع، النووي، 9/181، والكافي فقه ابن حنبل، 2/45. ([518]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/3، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/95، ومغني المحتاج، 2/47، والإنصاف، المرداوي، 4/375. ([519]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 8/3، والإنصاف، المرداوي، 4/375. ([520]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/23، والفواكه الدواني، 2/48، ومغني المحتاج، 2/46، والمغني، ابن قدامة، 4/8. ([521]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/29، والشرح الصغير، 3/142، ومغني المحتاج، 2/48، والإنصاف، المرداوي، 4/378. ([522]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/228، والمبدع، ابن مفلح، 4/63. ([523]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/285، والفواكه الدواني، 2/109، ومغني المحتاج، 2/45، والمبدع، ابن مفلح، 4/63. ([524]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 13/157، وشرح الزرقاني على الموطأ، 3/406، ومغني المحتاج، 2/44، وكشاف القناع، البهوتي، 3/200. ([525]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/21. ([526]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 5/71. ([527]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/4، والمجموع، النووي، 9/166. ([528]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/5. ([529]) الموسوعة الفقهية الكويتية، مادة (خيار المجلس)، 20/169، ويُنْظَر: منار السبيل، 1/297. ([530]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/40، ومواهب الجليل، الحطاب، 4/240، وفتح الوهاب، 1/271، والمبدع، ابن مفلح، 4/5. ([531]) يُنْظَر: حواشي الشرواني، 4/223. ([532]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 1/246، ومغني المحتاج، 2/45، والشرح الكبير مع المغني، 5/71. ([533]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق،2/136، ومغني المحتاج، 2/45، والروض المربع، 2/173. ([534]) يُنْظَر: الوسيط، 3/104-105، ومنار السبيل، 1/297. ([535]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/284، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/91، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/437، والكافي في فقه ابن حنبل، 2/43. ([536]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/38، ومواهب الجليل، الحطاب، 4/241، ومغني المحتاج، 2/6، والمبدع، ابن مفلح، 4/5. ([537]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/137. ([538]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/5، ومغني المحتاج، 2/45، والإنصاف، المرداوي، 4/368. ([539]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/6، و2/45. ([540]) يُنْظَر: إعانة الطالبين، الدمياطي، 3/26، والإنصاف، المرداوي، 4/363. ([541]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/21، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/91. ([542]) رواه البخاري، 2005، 2/743، ومسلم، 1531، 3/1163. ([544]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/228. ([545]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 3/38. ([546]) يُنْظَر: بداية المجتهد، ابن رشد، 2/173. ([547]) يُنْظَر: الفروع، 4/76. ([548]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/389، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/108، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/30، والمبدع، ابن مفلح، 4/85. ([549]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/274. ([551]) رواه أبو داود، 3508، 3/284، والترمذي، 1285، 3/581، وابن ماجه، 2243، 2/754. ([552]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/108. ([553]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/41 وما بعدها. ([554]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/589، وشرح الخرشي على مختصر خليل، 5/149، ومغني المحتاج، 2/61، وكشاف القناع، البهوتي، 3/173. ([555]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 13/103، ومغني المحتاج، 2/56. ([556]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 4/410. ([557]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/18، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/119، والوسيط، 3/132، والمبدع، ابن مفلح، 4/284. ([558]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/21 وما بعدها، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/120، والوسيط، 3/130، والإنصاف، المرداوي، 4/426. ([559]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/70، والتاج والإكليل، 4/439، ومغني المحتاج، 2/58، وكشاف القناع، البهوتي، 3/223. ([560]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/58. ([561]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/21، والإنصاف، المرداوي، 4/420. ([562]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/124. ([563]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/3. ([564]) يُنْظَر: الموسوعة الفقهية، مادة (خيار فوات الوصف)، 20/157. ([565]) يُنْظَر: الوسيط، 5/166، ودليل الطالب، 1/112. ([566]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 6/763. ([567]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/3، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/108، والوسيط، 5/166، ومنار السبيل، 1/303. ([568]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/108، ومغني المحتاج، 2/34، والمغني، ابن قدامة، 4/139. ([569]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (غبن). ([571]) يُنْظَر: المبدع، ابن مفلح، 4/77، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/470. ([572]) يُنْظَر: المبدع، ابن مفلح، 4/78، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/470. ([573]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/68. ([574]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/291. ([575]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 4/395. ([576]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 4/470، والمبدع، ابن مفلح، 4/79. ([577]) يُنْظَر: روضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/419. ([578]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/282. ([579]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/141. ([580]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/36. ([581]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 4/396. ([582]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/213، والمبدع، ابن مفلح، 4/104. ([583]) يُنْظَر: الصحاح، الجوهري، مادة (ربح). ([585]) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/159. ([586]) حواشي الشرواني، 4/424. ([587]) المغني، ابن قدامة، 4/129. ([588]) يُنْظَر: القوانين الفقهية، 1/174. ([589]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/56، والتاج والإكليل، 4/488، ومغني المحتاج، 2/77، والكافي فقه ابن حنبل، 2/94. ([590]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/159. ([591]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/75، والمهذب، الشيرازي، 1/288. ([592]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/220، والتاج والإكليل، 4/488، ومغني المحتاج، 2/77، والمغني، ابن قدامة، 4/136. ([593]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 13/28، و89، وبدائع الصنائع، 5/222. ([594]) وأموال الربا عند فقهاء المالكية: كل مقتات مدخر، وعند فقهاء الشافعية: كل مطعوم، وعند فقهاء الحنفية وفقهاء الحنابلة: كل مكيل وموزون، واتفق الجميع على جريان الربا في الذهب والفضة، وما يحل محلهما من الأوراق النقدية على الصحيح. ([595]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/118، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/160، ومغني المحتاج، 2/77، والمغني، ابن قدامة، 4/136. ([596]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (ولي). ([598]) بدائع الصنائع، 5/226، ويُنْظَر: الكافي في فقه ابن حنبل، 2/28. ([599]) التاج والإكليل، 4/485. ([600]) حاشية البجيرمي، 2/282. ([601]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/223، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/156، والوسيط، 3/160 وما بعدها، والمغني، ابن قدامة، 4/93. ([602]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/220-221، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/157، والوسيط، 3/162، والمبدع، ابن مفلح، 4/102. ([603]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/222. ([604]) يُنْظَر: المرجع السابق. ([605]) يُنْظَر: المرجع السابق، 5/223. ([606]) روضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/526. ([607]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/220، والوسيط، 3/161، وكشاف القناع، البهوتي، 3/229. ([608]) ينظر: بدائع الصنائع، 5/226، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/158، ونهاية المحتاج، 4/110، وكشاف القناع، البهوتي، 3/229. ([609]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/181، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/158، ونهاية المحتاج، 4/110-111، والمبدع، ابن مفلح، 4/102. ([610]) يُنْظَر: نهاية المحتاج، 4/112. ([612]) حواشي الشرواني، 4/424. ([613]) كشاف القناع، البهوتي، 2/91. ([614]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/220، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/159، ومغني المحتاج، 2/77، والمغني، ابن قدامة، 4/134. ([615]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/220. ([616]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/163. ([617]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/77-78. ([618]) يُنْظَر: المغني مع الشرح الكبير، 4/287. ([619]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/220، ونهاية المحتاج، 4/112، والمغني مع الشرح الكبير، 4/287. ([620]) يُنْظَر: المصباح المنير، ولسان العرب، مادة (قيل). ([621]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/110، وشرح الزرقاني على الموطأ، 3/379، والمغني، ابن قدامة، 4/96. ([622]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/71، والتاج والإكليل، 4/484، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/493، ودليل الطالب، 1/113. ([623]) رواه أبو داود، 3460، 3/274، وابن ماجه، 2199، 2/741. ([624]) سنن البيهقي الكبرى، 10912، 6/27. ([625]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/110. ([626]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 4/88. ([627]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/71. ([628]) يُنْظَر: المبدع، ابن مفلح، 4/124. ([629]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/308. ([630]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/40، والمبدع، ابن مفلح، 4/124. ([631]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/110، ومغني المحتاج، 2/49. ([632]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/114، ومغني المحتاج، 2/49. ([633]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/308، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/159، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 3/493. ([634]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/259. ([635]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/54. ([636]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/72، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/155. ([637]) يُنْظَر: تحفة الفقهاء، السمرقندي، 2/111، والوسيط، 3/140، والشرح الكبير مع المغني، 4/132. ([638]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (ربو). ([639]) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/135. ([641]) كشاف القناع، البهوتي، 3/251. ([642]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 7/3، وكفاية الطالب، 2/180، والمهذب، الشيرازي، 1/270، والمغني، ابن قدامة، 4/25. ([643]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/21. ([644]) قال السّرخسيّ: ذكر اللّه تعالى لآكل الرّبا خمساً من العقوبات: [إحداها: التّخبّط.. قال اللّه تعالى: ]الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ[[البقرة: 275]. الثّانية: المحق.. قال تعالى: ]يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا[[البقرة: 276]، والمراد: الهلاك والاستئصال، وقيل: ذهاب البركة والاستمتاع حتّى لا ينتفع به، ولا ولده بعده. الثّالثة: الحرب.. قال اللّه تعالى: ]فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِه[[البقرة: 279]. الرّابعة: الكفر.. قال اللّه تعالى: ]وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ[[البقرة: 278]، وقال سبحانه بعد ذكر الرّبا: ]وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ[[البقرة: 276] أي: كفّارٍ باستحلال الرّبا، أثيمٍ فاجرٍ بأكل الرّبا. الخامسة: الخلود في النّار. قال تعالى: ]وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[[البقرة: 275]. وكذلك – قول اللّه تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[[آل عمران: 130]، قوله سبحانه: ]أَضْعَافاً مُّضَاعَفَة[[آل عمران: 130] ليس لتقييد النّهي به، بل لمراعاة ما كانوا عليه من العادة توبيخاً لهم بذلك؛ إذ كان الرّجل يربي إلى أجلٍ، فإذا حلّ الأجل قال للمدين: زدني في المال حتّى أزيدك في الأجل، فيفعل،وهكذا عند محلّ كلّ أجلٍ، فيستغرق بالشّيء الطّفيف ماله بالكلّيّة، فنهوا عن ذلك ونزلت الآية] المبسوط، السرخسي، 12/109. ([645]) رواه البخاري، 2615، 3/1017، ومسلم، 88، 1/92. ([646]) رواه مسلم، 1598، 3/1219. ([647]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/28، وفتح الوهاب، 1/276، والمبدع، ابن مفلح، 4/127. ([648]) يُنْظَر: تفسير القرطبي، 3/352، والتمهيد لابن عبد البر، 2/247، ومغني المحتاج، 2/22. ([649]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/22. ([650]) يُنْظَر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، 4/401، وقواعد الفقه، المجددي، 1/303، وإعلام الموقعين عن رب العالمين، 2/155، و3/150. ([651]) يُنْظَر: تفسير ابن كثير، 1/328، والبحر الرائق، 8/83، وبدائع الصنائع، 7/337. ([652]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 3/284. ([653]) حكمة تحريم الرّبا: أورد المفسرون لتحريم الرّبا حكماً تشريعيّةً (يُنْظَر: تفسير القرطبي، 3/359، والتفسير الكبير، للفخر الرازي، 7/93-94،وتفسير غرائب القرآن، النيسابوري بهامش الطبري، 3/81): منها: أنّ الرّبا يقتضي أخذ مال الإنسان من غير عوضٍ، لأنّ من يبيع الدّرهم بالدّرهمين نقداً أو نسيئةً تحصل له زيادة درهمٍ من غير عوضٍ، ومال المسلم متعلّق حاجته، وله حرمة عظيمة، قال r: "سِبَابُ الْمُسْلِمِ أَخَاهُ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ، وَحُرْمَةُ مَالِهِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ" مسند الإمام أحمد، عن عبد الله بن مسعود، 4041، وإبقاء المال في يده مدّةً مديدةً وتمكينه من أن يتّجر فيه وينتفع به أمر موهوم، فقد يحصل وقد لا يحصل، وأخذ الدّرهم الزّائد متيقّن، وتفويت المتيقّن لأجل الموهوم لا يخلو من ضررٍ. ومنها: أنّ الرّبا يمنع النّاس من الاشتغال بالمكاسب؛ لأنّ صاحب الدّرهم إذا تمكّن بواسطة عقد الرّبا من تحصيل الدّرهم الزّائد نقداً كان أو نسيئةً خفّ عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمّل مشقّة الكسب والتّجارة والصّناعات الشّاقّة، وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق الّتي لا تنتظم إلاّ بالتّجارات والحرف والصّناعات والعمارات. ومنها: أنّ الرّبا يفضي إلى انقطاع المعروف بين النّاس من القرض، لأنّ الرّبا إذا حُرِّم طابت النّفوس بقرض الدّرهم واسترجاع مثله، ولو حلّ الرّبا لكانت حاجة المحتاج تحمله على أخذ الدّرهم بدرهمين، فيفضي إلى انقطاع المواساة والمعروف والإحسان. ومن ذلك ما قال ابن القيّم: [فربا النّسيئة، وهو الّذي كانوا يفعلونه في الجاهليّة، مثل أن يؤخّر دَيْنَه ويزيده في المال، وكلّما أخّره زاد في المال، حتّى تصير المئة عنده آلافاً مؤلّفةً، وفي الغالب لا يفعل ذلك إلاّ معدم محتاج، فإذا رأى أنّ المستحقّ يؤخّر مطالبته ويصبر عليه بزيادةٍ يبذلها له تكلّف بذلها ليفتدي من أسر المطالبة والحبس، ويدافع من وقتٍ إلى وقتٍ، فيشتدّ ضرره، وتعظم مصيبته، ويعلوه الدّين حتّى يستغرق جميع موجوده، فيربو المال على المحتاج من غير نفعٍ يحصل له، ويزيد مال المرابي من غير نفعٍ يحصل منه لأخيه، فيأكل مال أخيه بالباطل، ويحصل أخوه على غاية الضّرر، فمن رحمة أرحم الرّاحمين وحكمته وإحسانه إلى خلقه أن حرّم الرّبا...] (إعلام الموقعين عن رب العالمين، 2/154). ([654]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/133، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/225، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/20، والمبدع، ابن مفلح، 4/210. ([655]) يُنْظَر: تحفة الفقهاء، السمرقندي، 2/25، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/47، والإقناع، الشربيني، 2/278، والمبدع، ابن مفلح، 4/127. ([656]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 8/253، والقوانين الفقهية، 1/165، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 2/369، والمبدع، ابن مفلح، 4/127. ([657]) يُنْظَر: الأم، 3/63، والتمهيد لابن عبد البر، 5/129. ([658]) يُنْظَر: التبصرة، الشيرازي، 1/99، والإبهاج، السبكي، 2/66، وروضة الناظر، 1/271، وفتح الباري شرح صحيح البخاري، 1/472، وشرح النووي على صحيح مسلم، 3/188، وحاشية ابن عابدين، 1/350، ومواهب الجليل، الحطاب، 3/264، والمهذب، الشيرازي، 1/186، والمبدع، ابن مفلح، 3/56. ([659]) رواه مسلم، 1718، 3/1343. ([660]) رواه البخاري، 2188، 2/813، ومسلم، 1594، 3/1215. ([661]) يُنْظَر: تفسير القرطبي، 3/356 وما بعدها، وحاشية القليوبي مع عميرة، 2/167، 2/175. ([662]) رواه مسلم، 1218، 2/886 وما بعدها. ([663]) يُنْظَر: شرح النووي على صحيح مسلم، 8/183. ([664]) رواه مسلم، 1587، 3/1211. ([665]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/84. ([666]) رواه مسلم، 1587، 3/1211. ([667]) رواه مسلم، 1587، 3/1211. ([668]) سنن البيهقي الكبرى، 10301، 5/286. ([669]) رواه البخاري، 6918، 6/2675، ومسلم، 1593، 3/1215. ([670]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/41-42. ([671]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/22. ([672]) رواه مسلم، 1592، 3/1214. ([673]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 5/136. ([674]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 5/12. ([675]) رواه مسلم، 1592، 3/1214. ([676]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 5/137. ([677]) الدورة الثالثة، رقم القرار: 21 (9/3): عمان، المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 – 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م. ([678]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/209، والفواكه الدواني، 2/76، والإقناع، 2/290، وكشاف القناع، البهوتي، 3/264. ([679]) تصلح العبارة استفهاماً تقريرياً، بمعنى: (من أي أنواع التمر هذا)، واستفهاماً إنكارياً، بمعنى: (ليس هذا من أنواع تمرنا). ([681]) ينظر: حاشية ابن عابدين، 5/260، والقوانين الفقهية، 1/166، والوسيط، 3/46، وكشاف القناع، البهوتي، 3/266. ([682]) قرار مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الثانية، جدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22 –28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م رقم القرار:10(10/2). ([683]) نظام التأمين، الأستاذ مصطفى أحمد الزرقاء مؤسسة الرسالة، 1984م، ص21. ([684]) ملخصاً من كتاب الشيخ فيصل المولوي. دار الرشاد الإسلامية، الطبعة الأولى (1408هـ-1988م). ([685]) حاشية ابن عابدين، 4/170. ([686]) يُنْظَر: نيل الأوطار، 8/258. ([687]) حقيقة شركات التأمين، د. سليمان بن إبراهيم بن ثنيان، عضو هيئة الـتـدريـس فـي فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم، وهو أستاذ متخصص في التأمين. http://www.saaid.net/arabic/ar63.htm. ([688]) حقيقة التأمين، د. سليمان بن إبراهيم بن ثنيان. مجلة البيان، العدد 148، 1420 هـ. http://www.alhttan.com/ms5.htm. ([689]) في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي. ([690]) رواه مسلم، 1513، 3/1153. ([691]) رواه أبو داود، 2574، 3/29، والترمذي، 1700، 4/205، والنسائي، 3585، 6/226. ([692]) المنعقد بمكة المكرمة بتاريخ 25 ربيع الآخر لعام 1399هـ، في قراره الخامس. ([693]) رواه البخاري، 2354، 2/880، ومسلم، 2500، 4/1944. ([694]) قرار بشأن التأمين الصحي، رقم: 149 (7/16). ([695]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (صرف). ([696]) رواه مسلم، 1370، 2/999. ([697]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/215، ومغني المحتاج، 2/25، والمغني، ابن قدامة، 4/41. ([698]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/2. ([699]) رواه مسلم، 1587، 3/1211. ([700]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 14/3، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/29، ومغني المحتاج، 2/25، والمغني، ابن قدامة، 4/41. ([701]) رواه الترمذي، 1240، 3/541. ([702]) رواه البخاري، 2070، 2/762. ([703]) رواه مسلم، 1586، 3/1209. ([704]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/215، ومغني المحتاج، 2/24، وكشاف القناع، البهوتي، 3/266. ([705]) قرار مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الثالثة، رقم القرار: 21 (9/3): إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11–16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة، قررما يلي: بخصوص أحكام العملات الورقية: أنها نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة؛ من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما. ([706]) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار، 2/40، وكفاية الطالب، 2/183، ومغني المحتاج، 2/22، 24، وكشاف القناع، البهوتي، 3/251-252. ([707]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 14/8، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/28، ومغني المحتاج، 2/24، وكشاف القناع، البهوتي، 3/254. ([708]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/29. ([709]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/235، ومغني المحتاج، 2/23، و25، والشرح الكبير مع المغني، 4/179. ([710]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 4/309. ([711]) يُنْظَر: الدر المختار، الحصكفي، 5/265. ([712]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/30. ([713]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/25، والشرح الكبير مع المغني، 4/179. ([714]) سنن الدارقطني، 269، 3/71. ([715]) يُنْظَر: الدر المختار، الحصكفي، 5/265، ومغني المحتاج، 2/70، والمغني، ابن قدامة، 4/54-55. ([716]) رواه أبو داود، 3354، 3/250، والنسائي، 4582، 7/281. ([717]) مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الحادي عشر بالمنامة في دولةالبحرين، من 25_ 30 رجب 1419هـ (14- 19 نوفمبر 1998م). ([718]) الدورة الحادية عشرة، القرار رقم (7). ([719]) يُنْظَر: الصحاح، الجوهري، مادة (قرض). ([720]) الدر المختار، الحصكفي، 5/161. ([721]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/222. ([724]) يُنْظَر: الموسوعة الفقهية الكويتية، مادة (قرض)، 33/112. ([725]) البَكر من الإبل: الصغير؛ كالغلام من الآدميين. شرح النووي على صحيح مسلم، 11/37. ([726]) الرباع من الإبل: إذا استكمل ست سنين ودخل في السابعة. شرح النووي على صحيح مسلم، 11/37. ([727]) رواه مسلم، 166، 3/1224. ([728]) رواه ابن ماجه، 2430، 2/812. ([729]) رواه ابن ماجه، 2431، 2/812. ([730]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 3/213. ([731]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/117. ([732]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 7/394. ([733]) يُنْظَر: الفتاوى الهندية، 3/203. ([734]) يُنْظَر: الكافي، لابن عبد البر، 2/359. ([735]) يُنْظَر: شرح الخرشي على مختصر خليل، 5/230. ([736]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/119. ([737]) يُنْظَر: الروض المربع، 2/191. ([738]) رواه ابن ماجه، 2432، 2/813. ([739]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 6/750، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/223، والمهذب، الشيرازي، 1/302، والروض المربع، 2/190. ([740]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 14/30، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/223، ومغني المحتاج، 2/117، وكشاف القناع، البهوتي، 3/313. ([741]) رواه مسلم، 2699، 4/2074. ([742]) يُنْظَر: المبدع، ابن مفلح، 4/204، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/223، ومغني المحتاج، 2/117. ([743]) مجمع الفقه الإسلامي، جدة، الدورة الثامنة، القرار رقم (6). ([744]) مجمع الفقه الإسلامي، قرار رقم:42 (4/5). في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م. ([745]) قرار بشأن موضوع التضخم وتغير قيمة العملة، رقم: 115 (9/12). ([746]) مجلة المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، الدورة الحادية عشرة، القرار رقم (8). ([747]) مجمع الفقه الإسلامي، جدة، الدورة الثالثة، القرار رقم (1)، الفقرة (أ). ([748]) من فتاوى وتوصيات الندوة الفقهية الثانية لبيت التمويل العقاري، الكويت، 1410هـ/1990م. ([749]) دورة مجمع الفقه الإسلامي السابعة. القرار رقم 63 (1/7). ([750]) دورة مجمع الفقه الإسلامي الثانية عشرة القرار رقم 108(2/12). ([751]) كما نص على ذلك مجمع الفقه الإسلامي في قراره رقم 13 (10/2) و13 (1/3). ([752]) دورة مجمع الفقه الإسلامي الخامسة عشرة بمسقط (سلطنة عُمان) من 14 إلى 19 المحرم 1425هـ، الموافق 6-11 آذار (مارس) 2004م. قرار رقم 139 (5/15). ([753]) المعيار رقم (2) لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. ([754]) يُنْظَر: لسان العرب، مادة (غرر). ([755]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/169، والروض المربع، 2/186. ([756]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/209. ([757]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 3/289. ([758]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/195. ([759]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/102. ([760]) يُنْظَر: الشرقاوي على التحرير، 2/16. ([761]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/195-197، ومغني المحتاج، 2/102. ([762]) يُنْظَر: مسند الإمام الشافعي، 2/171، وتفسير الطبري، 3/6، وتفسير ابن كثير، 1/335. ([763]) يُنْظَر: تفسير القرطبي، 3/377. ([764]) رواه البخاري، 2124، 2/781، ومسلم، 1604، 3/1226. ([765]) رواه البخاري، 2136، 2/784. ([766]) المغني، ابن قدامة، 4/185. ([767]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/168. ([768]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/168. ([769]) يُنْظَر: لسان العرب، والصحاح، الجوهري، مادة (صنع). ([770]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/2. ([771]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 12/138، والفروع، 4/18. ([772]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/3. ([773]) يُنْظَر: تحفة الفقهاء، السمرقندي، 2/362. ([774]) رواه البخاري، 5538، 5/2205، ومسلم، 2091، 3/1655. ([775]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/185. ([776]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 4/300. ([777]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/4. ([778]) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار، 2/4. ([779]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/2. ([780]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 12/139، والهداية شرح البداية، 3/78، وحاشية ابن عابدين، 5/255. ([781]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/2. ([782]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 12/139، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/186. ([783]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/3. ([784]) يُنْظَر: تحفة الفقهاء، السمرقندي، 2/363. ([785]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 12/139. ([786]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/3-4. ([787]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/3-4. ([788]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/76. ([789]) يُنْظَر: المُغْرِب، ومعجم مقاييس اللغة، مادة (آجر). ([790]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 15/14، ومنح الجليل، 3/735، ومغني المحتاج، 4/173، والشرح الكبير مع المغني، 6/6. ([791]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/173، ومنح الجليل، 3/734، ومغني المحتاج، 2/332، والشرح الكبير مع المغني، 6/5. ([792]) سنن البيهقي الكبرى، 11431، 6/120. ([793]) سنن ابن ماجه، 2443، 2/817. ([794]) صحيح البخاري، 2114، 2/776. ([795]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/173، ومنح الجليل، 3/734، ومغني المحتاج، 2/332، والشرح الكبير مع المغني، 6/5. ([796]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/231، وبداية المجتهد، ابن رشد، 2/165-166، والمهذب، الشيرازي، 1/394، والشرح الكبير مع المغني، 6/6. ([797]) يُنْظَر: منح الجليل، 3/736، ومغني المحتاج، 2/332، والمبدع، ابن مفلح، 5/63. ([798]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/174. ([799]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 4/228، وحاشية العدوي، 2/180، وكشاف القناع، البهوتي، 3/146. ([800]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/58 وما بعدها. ([801]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/174، ومواهب الجليل، الحطاب، 5/390، ومغني المحتاج، 2/332، والمبدع، ابن مفلح، 5/62-63. ([802]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/395، والكافي في فقه ابن حنبل، 2/300. ([803]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/176. ([804]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/332. ([805]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/194، ونهاية المحتاج، 5/278. ([806]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/179، وبداية المجتهد، ابن رشد، 2/172، وكشاف القناع، البهوتي، 3/203. ([807]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/176، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 5/173. ([808]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/176، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/108. ([809]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/15، ودليل الطالب، 1/106. ([810]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/179، وكفاية الطالب، 2/247، والمهذب، الشيرازي، 1/395، والمغني، 4/80. ([811]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/175، ومنح الجليل، 3/776، ومغني المحتاج، 2/335 وما بعدها، والمبدع، ابن مفلح، 5/73. ([812]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/189، 190، وكفاية الطالب، 2/247، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 4/427، والمبدع، ابن مفلح، 5/73. ([813]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/187، ومنح الجليل، 3/776، ومغني المحتاج، 2/336، وكشاف القناع، البهوتي، 3/563. ([814]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/175، 183، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/20، والمهذب، الشيرازي، 1/396، وكشاف القناع، البهوتي، 3/563. ([815]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/179، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/49، والمهذب، الشيرازي، 1/406. ([816]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/181، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/16، و4/20، ومغني المحتاج، 2/349، والمبدع، ابن مفلح، 5/84. ([817]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 16/32، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/12، وحاشية البجيرمي، 3/180، والمبدع، ابن مفلح، 5/84. ([818]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/401، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/12، والإقناع، 2/350، وكشاف القناع، البهوتي، 4/5. ([819]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/184. ([820]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/349، والإقناع، الشربيني، 2/350. ([821]) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار، 2/51، ومنح الجليل، 3/736، ونهاية المحتاج، 5/322، وكشاف القناع، البهوتي، 3/551. ([822]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 7/298، والقوانين الفقهية، 1/181، والإقناع، 2/349، والمبدع، ابن مفلح، 5/66. ([823]) سنن البيهقي الكبرى، 11431، 6/120. ([824]) يُنْظَر: منح الجليل، 3/736، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 5/176، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 29/71. ([825]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/194. ([826]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/179، ومنح الجليل، 3/739. ([827]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/202. ([828]) رواه البخاري، 2153، 2/794. ([829]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/4. ([830]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/399، والمبدع، ابن مفلح، 5/115. ([831]) يُنْظَر: الدر المختار، الحصكفي، 6/13، وحاشية العدوي، 2/257، ومغني المحتاج، 2/346 وما بعدها، وزاد المستقنع، 1/131. ([832]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/3، والفواكه الدواني، 2/114، ومغني المحتاج، 2/348، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 29/50، و30/159. ([833]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/204، ومواهب الجليل، الحطاب، 5/431، والمهذب، الشيرازي، 1/401 وما بعدها. ([834]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/401 وما بعدها، وكشاف القناع، البهوتي، 3/241. ([835]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/199، ومغني المحتاج، 2/354، والكافي في فقه ابن حنبل، 2/322. ([836]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/403. ([837]) يُنْظَر: الفتاوى الهندية، 4/470. ([838]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/210، ومغني المحتاج، 2/351. ([839]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/205، والمهذب، الشيرازي، 1/401. ([840]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/357، والكافي في فقه ابن حنبل، 2/321. ([841]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/208، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/55. ([842]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/209، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/45، ومغني المحتاج، 2/358، وكشاف القناع، البهوتي، 4/21. ([843]) يُنْظَر: الفتاوى الهندية، 4/434، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/47، ونهاية المحتاج، 5/264-265. ([844]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/47. ([845]) يُنْظَر: الفتاوى الهندية، 4/429، ومغني المحتاج، 2/334. ([846]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 6/35، والفتاوى الهندية، 4/429. ([847]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 5/471، والشرح الكبير مع المغني، 6/51-52. ([848]) يُنْظَر: نهاية المحتاج، 5/277، 278، 303. ([849]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/188، ومغني المحتاج، 2/350، والمغني، ابن قدامة، 5/276. ([850]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/207، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/30، 33، 94، ومغني المحتاج، 2/356، والروض المربع، 2/218. ([851]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/30، 33، 94. ([852]) يُنْظَر: الفتاوى الهندية، 4/416، ومنح الجليل، 3/756، ومغني المحتاج، 2/359. ([853]) سنن البيهقي الكبرى، 10912، 6/27. ([854]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/196 وما بعدها، ومغني المحتاج، 2/355، والإنصاف، المرداوي، 6/61-62. ([855]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/200-201. ([856]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/356. ([857]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/32، ومغني المحتاج، 2/356، والروض المربع، 2/217. ([858]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/195، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/29، والمهذب، الشيرازي، 1/405، والإنصاف، المرداوي، 6/66. ([859]) يُنْظَر: المراجع السابقة. ([860]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 6/66. ([861]) من فتاوى وتوصيات الندوة الفقهية الثانية لبيت التمويل الكويتي، الفتوى رقم (8)، ص 515-516. ([862]) من فتاوى وتوصيات الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل الكويتي، الفتوى رقم (5)، ص 389-390. ([863]) من فتاوى وتوصيات الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل الكويتي، الفتوى رقم (3)، ص 388-389. ([864]) مجمع الفقه الإسلامي، جدة، الدورة الرابعة، القرار رقم (6). ([865])قرار بشأن موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك، رقم: 110 (4/12). ([866]) سنن ابن ماجه، 2443، 2/817. ([867]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/189، ومنح الجليل، 3/772، ومغني المحتاج، 2/337، ومنار السبيل، 1/384. ([868]) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ r فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالْمُشْتَرِي لَهَا، وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ". رواه أبو داود، 3674، 3/326، والترمذي، 1295، 3/589، وابن ماجه، 3381، 2/1122. ([869]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 8/249، ومواهب الجليل، الحطاب، 5/409، ومغني المحتاج، 2/350، والمغني، ابن قدامة، 5/320. ([870]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/189، ومنح الجليل، 3/772، ومغني المحتاج، 2/337، والروض المربع، 2/216. ([871]) رواه الترمذي، 209، 1/409-410. ([872]) رواه ابن ماجه، 2157، 2/730. ([874]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/240، وحاشية ابن عابدين، 2/199. ([875]) يُنْظَر: منح الجليل، 3/764، ومغني المحتاج، 2/344، والمبدع، ابن مفلح، 5/91. ([876]) رواه البخاري، 4741، 4/1919. ([877]) رواه البخاري، 5405، 5/2166. ([878]) يُنْظَر: منح الجليل، 3/772. ([879]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 4/13. ([880]) ملخصاً من بحث أستاذنا الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي، لدورة مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة عشر. ([881]) يُنْظَر: المادة 661 من القانون المدني الكويتي، والمادة 780 من القانون المدني الأردني، والمادة 872 من القانون المدني الإماراتي. ([882]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/3. ([883]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 4/174. ([884]) يُنْظَر: المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي ص483-484. ([885]) يُنْظَر: المرجع السابق ص484 وما بعدها. ([886]) يُنْظَر: القانون الكويتي المواد 671-679، والإماراتي المواد 884-889، والأدني المواد 792-797. ([887]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية المواد 225، 226، 439، 466. ([888]) يُنْظَر: العقود المسماة في القانونين الإماراتي والأردني، أ. د. وهبة الزحيلي ص279-280. ([889]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (جعل). ([890]) الفواكه الدواني، 2/111. ([893]) يُنْظَر: الفروع، 2/244، ومنار السبيل، 1/387. ([894]) يُنْظَر: الإقناع، الشربيني، 2/353. ([895]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 1/234. ([896]) يُنْظَر: حاشية البجيرمي، 3/171، وحواشي الشرواني، 4/32. ([897]) يُنْظَر: مجموع فتاوى ابن تيمية، 30/76. ([898]) يُنْظَر: حواشي الشرواني، 6/372. ([899]) يُنْظَر: منح الجليل، 4/3، والمهذب، الشيرازي، 1/411، والمبدع، ابن مفلح، 5/267. ([900]) يُنْظَر: منح الجليل، 4/3. ([901]) يُنْظَر: التبصرة، الشيرازي، 1/285، والمسودة، 1/174، والمدخل، ابن بدران، 1/289، وتفسير القرطبي، 18/56، وفتح الباري شرح صحيح البخاري، 1/278، وشرح النووي على صحيح مسلم، 4/32، وشرح فتح القدير، ابن الهمام، 7/182، والتاج والإكليل، 4/476، وحاشية البجيرمي، 2/91. ([902]) رواه البخاري، 5404، 5/2166، ومسلم، 2201، 4/1727. ([903]) رواه البخاري، 5405، 5/2166. ([904]) رواه البخاري، 2973، 3/1144، ومسلم، 1751، 3/1370-1371. ([905]) يُنْظَر: منح الجليل، 4/3، والإقناع، 2/353، والكافي في فقه ابن حنبل، 2/333. ([906]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 11/17، وبدائع الصنائع، 6/203. ([907]) يُنْظَر: الإقناع، 2/353. ([908]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/60، ومغني المحتاج، 2/429، والمحرر في الفقه، 1/372. ([909]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/60 وما بعدها، ومغني المحتاج، 2/431، والروض المربع، 2/234. ([910]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/60 وما بعدها. ([911]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 5/215. ([912]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/60، ومغني المحتاج، 2/430، والمبدع، ابن مفلح، 5/267. ([913]) يُنْظَر: الفتوى رقم (32437) على موقع الشبكة الإسلامية. ([914]) يُنْظَر: تفسير القرطبي، 6/307، والمبسوط، السرخسي، 1/68، و2/2، و10/196، وحاشية ابن عابدين، 8/360، والتاج والإكليل، 4/318، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/96. ([915]) يُنْظَر: لسان العرب، مادة (رهن). ([916]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 4/126، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/48، والمبدع، ابن مفلح، 4/213. ([917]) رواه البخاري، 1962، 2/729، ومسلم، 1603، 3/1226. ([918]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 6/477، والإقناع، الشربيني، 2/297، والمغني، ابن قدامة، 4/215. ([919]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 6/477، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/231، والإقناع، 2/297، والمغني، ابن قدامة، 4/215. ([920]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 21/64، وكفاية الطالب، 2/351، والمهذب، الشيرازي، 1/305، والمغني، ابن قدامة، 4/215. ([921]) رواه البخاري، 2759، 3/1068. ([922]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/135، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/231، ومغني المحتاج، 2/121، والمغني، ابن قدامة، 4/216. ([923]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/135، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/231، ومغني المحتاج، 2/122، والشرح الكبير مع المغني، 4/418. ([924]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/135. ([925]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/231. ([926]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 4/133، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/232، ومغني المحتاج، 2/126، والإنصاف، المرداوي، 5/137-138. ([927]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/138 وما بعدها، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/234، ومغني المحتاج، 2/122، والشرح الكبير مع المغني، 4/405، و4/410. ([928]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/138 وما بعدها. ([929]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/232. ([930]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/122، والشرح الكبير مع المغني، 4/405، و4/410. ([931]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/136، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/238، ومغني المحتاج، 2/125، والشرح الكبير مع المغني، 4/422. ([932]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/146. ([933]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/246. ([934]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/131. ([935]) رواه البخاري، 2376، 2/888. ([936]) رواه الدارقطني والحاكم، كما في تلخيص الحبير، 3/36. ([937]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 4/431-432. ([938]) رواه البخاري، 2376، 2/888. ([939]) يُنْظَر: لسان العرب، مادة (ودع). ([941]) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/419. ([944]) يُنْظَر: تحفة الفقهاء، السمرقندي، 3/171، ومواهب الجليل، الحطاب، 5/268، ونهاية المحتاج، 6/111، والروض المربع، 2/229. ([945]) رواه البخاري، 2153، 2/794. ([946]) يُنْظَر: كفاية الطالب، 2/359، ونهاية المحتاج، 6/111، والإنصاف، المرداوي، 6/316. ([947]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/207. ([948]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/337، ونهاية المحتاج، 6/112. ([949]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/207، والفواكه الدواني، 2/170، ونهاية المحتاج، 6/114، ودليل الطالب، 1/155. ([950]) يُنْظَر: المراجع السابقة. ([951]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/207. ([952]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/419. ([953]) يُنْظَر: نهاية المحتاج، 6/113. ([954]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/210، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/419، ونهاية المحتاج، 6/113، والروض المربع،2/229. ([955]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/210، وحاشية العدوي، 2/359، والمهذب، الشيرازي، 1/361، والمغني، ابن قدامة، 6/306. ([956]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/210، والتاج والإكليل، 5/257، والإقناع، الشربيني، 2/379. ([957]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/210، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/421-422، والأم، 4/137، والمغني، ابن قدامة، 6/301. ([958]) يُنْظَر: نهاية المحتاج، 6/114. ([959]) قرار رقم: 86 (3/9)، صادر عن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1- 6 ذي القعدة 1415هـ الموافق 1- 6 نيسان (أبريل) 1995م. مجلة المجمع العدد 9،1/667). ([960]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (حول). ([961]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/17، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/325، ومغني المحتاج، 2/193، والروض المربع، 2/197. ([962]) رواه مسلم، 1564، 3/1197. ([963]) رواه الترمذي، 1309، 3/600. ([965]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/266، وشرح الزرقاني على الموطأ، 3/412، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/74، ومطالب أولى النهى، 3/423. ([966]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/481، والتمهيد، لابن عبد البر، 18/292، والأم، 7/118، المغني، ابن قدامة، 4/351. ([967]) يُنْظَر:البحر الرائق، 6/269، والتمهيد لابن عبد البر، 18/290، وحاشية البجيرمي، 3/20. ([968]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/15. ([969]) يُنْظَر: بلغة السالك، 2/153، مغني المحتاج، 2/193، والمبدع، ابن مفلح، 4/270. ([970]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/325، ومغني المحتاج، 2/193، والروض المربع، 2/197. ([971]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/15. ([972]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/326، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/75، ([973]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/15. ([974]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/325، ومغني المحتاج، 2/193، والروض المربع، 2/198. ([975]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/16. ([976]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/16، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/325، ومغني المحتاج، 2/194. ([977]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/16. ([978]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/339. ([979]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/325، ومغني المحتاج، 2/194، والمغني، ابن قدامة، 4/339. ([980]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/16. ([981]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/16، وشرح الخرشي على مختصر خليل، 4/204، ومغني المحتاج، 2/148، 172. ([982]) يُنْظَر: الفواكه الدواني، 2/240، ومغني المحتاج، 2/194، والشرح الكبير مع المغني، ابن قدامة، 5/56. ([983]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/16، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/326، والمهذب، الشيرازي، 1/337-338. ([984]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/339. ([985]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/17، والقوانين الفقهية، 1/215، ومغني المحتاج، 2/195، والمبدع، ابن مفلح، 4/270. ([986]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/17. ([987]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 6/266، وكفاية الطالب، 2/473، ومغني المحتاج، 2/195، والمبدع، ابن مفلح، 4/270. ([988]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/18. ([989]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/19. ([990]) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 7/139. ([991]) شرح منح الجليل، 3/351. ([993]) المبدع، ابن مفلح، 4/355. ([994]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/20. ([995]) يُنْظَر: شرح منح الجليل، 3/359، ومغني المحتاج، 2/217. ([996]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/377. ([997]) في صحيح مسلم بشرح النووي، 4/406، "قال جابر: قَدِمَ عليٌّ- أي ابن أبي طالب- من سعايته". ([998]) سنن البيهقي الكبرى، حديث رقم (13574)، 7/139. ([999]) رواه الترمذي،840، 3/200. ([1000]) رواه البخاري، 344، 3/1332. ([1001]) رواه أبو داود 3386، 3/679، والترمذي، 1257، 3/558. ([1002]) التَرْقُوة: العظم الذي بين ثُغرة النَّحر والعاتق. النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، 1/187. ([1003]) رواه أبو داود، 3632، 4/47. ([1004]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، السرخسي، 19/2 وما بعدها، والمهذب، الشيرازي، 1/348، ومنار السبيل، 1/393. ([1005]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، السرخسي، 19/2، وجواهر العقود، السيوطي، 2/210، والمبدع، ابن مفلح، 4/361. ([1006]) يُنْظَر: فتاوى السغدي، 2/596، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، 4/294. ([1007]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/510، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/380. ([1008]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/221، والروض المربع، 2/208. ([1009]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/27 وما بعدها، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/283، والمهذب، الشيرازي، 1/353 وما بعدها، والمغني، ابن قدامة، 5/124. ([1010]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 7/269، وشرح منح الجليل، 3/392، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/347، والروض المربع، 2/206. ([1011]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (عور). ([1012]) الدر المختار، الحصكفي، 5/677. ([1013]) مواهب الجليل، الحطاب، 5/268. ([1015]) المغني، ابن قدامة، 5/128. ([1016]) يُنْظَر: تفسير ابن كثير، 4/556. ([1017]) رواه أبو داود، 3565، 3/296، والترمذي، 2120، 4/433. ([1018]) رواه أبو داود، 3562، 3/296. ([1019]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/214، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/127، والمغني، ابن قدامة، 5/128. ([1020]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 5/128. ([1021]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 8/381، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/433، ومغني المحتاج، 2/264، والروض المربع، 2/220. ([1022]) رواه البخاري، 5675، 5/2241، ومسلم، 1005، 2/697. ([1023]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/264، وكشاف القناع، البهوتي، 2/274. ([1024]) يُنْظَر: الفروع، 5/451. ([1025]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/434، ومغني المحتاج، 2/264. ([1026]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/214. ([1027]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/214، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/433، ومغني المحتاج، 2/264، والروض المربع، 2/220. ([1028]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/214، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/434، ومغني المحتاج، 2/265، والروض المربع، 2/220. ([1029]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/214، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/434 وما بعدها، ومغني المحتاج، 2/265. ([1030]) يُنْظَر: الشرح الصغير، 3/571، والروض المربع، 2/220. ([1031]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/266. ([1032]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/214. ([1033]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/217، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/436، ومغني المحتاج، 2/267، والروض المربع، 2/220. ([1034]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/633، و8/232. ([1035]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/436. ([1036]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/267، والشرح الكبير مع المغني، 5/365-366. ([1037]) رواه أبو داود، 3562، 3/296. ([1038]) رواه أبو داود، 3561، 3/296، والترمذي، 1266، 3/566، وابن ماجه، 2400، 2/802. ([1039]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/218. ([1040]) رواه أبو داود، 3565، 3/296، والترمذي، 2120، 4/433. ([1041]) رواه أبو داود، 3561، 3/296، والترمذي، 1266، 3/566، وابن ماجه، 2400، 2/802. ([1042]) يُنْظَر: الشرح الصغير، 3/574. ([1043]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/685، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/433، ونهاية المحتاج، 5/130-131، والمغني، ابن قدامة، 5/132. ([1044]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 4/401، ومغني المحتاج، 2/396، والمغني، ابن قدامة، 5/384. ([1045]) رواه البخاري في الأدب المفرد. كما في نصب الراية، 4/120. ([1046]) رواه البخاري، 2449، 2/915، ومسلم، 1622، 3/1241. ([1047]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 12/47، والتاج والإكليل، 6/51، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/141، والمغني، ابن قدامة، 6/122. ([1048]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 12/57، وبدائع الصنائع، 6/115. ([1049]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/97 وما بعدها، والإقناع، الشربيني، 2/365، والفروع، 4/486. ([1050]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/118. ([1051]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 12/71، وبداية المجتهد، ابن رشد، 2/246، ومغني المحتاج، 2/399، والمغني، ابن قدامة، 5/383. ([1052]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/119. ([1053]) يُنْظَر: المرجع السابق. ([1054]) يُنْظَر: المرجع السابق. ([1055]) ضابط ما يقبل القسمة، وما لا يقبل القسمة، أن: كل شيء يضره التبعيض فيوجب نقصاناً في ماليته: يكون مما لا يحتمل القسمة، وما لا يوجب ذلك فهو يحتملها. حاشية ابن عابدين، 5/166، 5/351. ([1056]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/97، والمهذب، الشيرازي، 1/446، والمغني، ابن قدامة، 5/383. ([1057]) رواه النسائي، 3688، 6/263. ([1058]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/127. ([1059]) رواه ابن ماجه، 2387، 2/798. ([1060]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/110. ([1061]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/401، والمبدع، ابن مفلح، 5/376. ([1062]) رواه البخاري، 2449، 2/915، ومسلم، 1622، 3/1241. ([1063]) رواه الترمذي، 1299، 3/593، والنسائي، 3690، 6/265. ([1064]) يُنْظَر: تحفة الفقهاء، السمرقندي، 3/274، وشرح الزرقاني على الموطأ، 4/54، ومغني المحتاج، 2/401. ([1065]) سنن البيهقي الكبرى، 11780، 6/177. ([1066]) يُنْظَر: المبدع، ابن مفلح، 5/370. ([1067]) يُنْظَر: لسان العرب، مادة (شرك). ([1068]) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/179، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/332، والمغني، ابن قدامة، 5/3. ([1069]) الدر المختار، الحصكفي، 4/299. ([1070]) الفواكه الدواني، 2/119. ([1072]) الشرح الكبير مع المغني، 5/109. ([1073]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 5/179، والفواكه الدواني، 2/119، ومغني المحتاج، 2/211، والمغني، ابن قدامة، 5/109. ([1074]) يُنْظَر: تفسير الطبري، 23/145، وأحكام القرآن، الجصاص، 5/255، وفتح الباري شرح صحيح البخاري، 6/457. ([1075]) رواه أبو داود، 3383، 3/256. ([1078]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/153. ([1079]) يُنْظَر: الفواكه الدواني، 2/119، ومغني المحتاج، 2/211، والمغني، ابن قدامة، 5/124. ([1080]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/153. ([1081]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/58، ومواهب الجليل، الحطاب، 5/126. ([1082]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/212، والمبدع، ابن مفلح، 5/43. ([1083]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/57-58. ([1084]) يُنْظَر: الكافي، ابن عبد البر، 1/3/2، ومغني المحتاج، 2/212. ([1085]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/57-58، والمحرر في الفقه، 1/353. ([1086]) يُنْظَر:حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/363، ومغني المحتاج، 2/212. ([1087]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/63، ومغني المحتاج، 2/212. ([1088]) يُنْظَر: الفتاوى الهندية، 2/331، وكفاية الطالب، 2/264. ([1089]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/63، والمغني، ابن قدامة، 5/113. ([1090]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/128، والفواكه الدواني، 2/121، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/332، ودليل الطالب، 1/139. ([1091]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/226 وما بعدها، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/336، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 30/97. ([1092]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/58. ([1094]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/345. ([1095]) يُنْظَر:حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/351 وما بعدها. ([1096]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 5/198. ([1097]) يُنْظَر: تحفة الفقهاء، السمرقندي، 3/11. ([1098]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/213. ([1099]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/58 وما بعدها، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/348، ومغني المحتاج، 2/213، والمغني، ابن قدامة، 5/109. ([1100]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/59 وما بعدها، والمغني، ابن قدامة، 5/124، 148 وما بعدها. ([1101]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/60 وما بعدها، وشرح الخرشي على مختصر خليل، 4/261، والشرح الكبير مع المغني، 5/198. ([1102]) يُنْظَر: الفتاوى الهندية، 2/350، والفواكه الدواني، 2/173. ([1103]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/60 وما بعدها، ومغني المحتاج، 2/213، والمغني، ابن قدامة، 5/127. ([1104]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/59. ([1105]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/60. ([1106]) يُنْظَر: شرح الخرشي على مختصر خليل، 4/58. ([1107]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/60، وكشاف القناع، البهوتي، 3/499. ([1108]) يُنْظَر:حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/349. ([1109]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/213-214. ([1110]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/216. ([1111]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 11/167، وبلغة السالك، 2/169-170، ومغني المحتاج، 2/216. ([1112]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 3/685، و5/633، و6/485، و8/232. ([1113]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/319، والإقناع، الشربيني، 2/319. ([1114]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/62، والفواكه الدواني، 2/173، ومغني المحتاج، 2/215، والمبدع، ابن مفلح، 5/4. ([1115]) رواه أبو داود، 3508، 3/284، والترمذي، 1285، 3/581، وابن ماجه، 2243، 2/754. ([1116]) سنن البيهقي الكبرى، 10523، 5/321. ([1117]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/38، ومغني المحتاج، 2/215. ([1118]) دورة مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 – 14 أيار (مايو) 1992م. مجلة المجمع العدد 6، 2/1273 والعدد السابع، 1/73، والعدد التاسع، 2/5. ([1119]) دورة مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410هـ الموافق 14-20 آذار (مارس)1990م. مجلة المجمع العدد 6، 2/1273، والعدد 7، 1/73. ([1120]) يُنْظَر: دورة مجمع الفقه الإسلامي الخامسة عشرة بمسقط (سلطنة عُمان) من 14 إلى 19 المحرم 1425هـ، الموافق 6 -11 آذار (مارس)2004م.قرار رقم 136 (2/15). ([1121]) يُنْظَر: لسان العرب، والقاموس المحيط، مادة (ضرب). ([1122]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/79، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/517، ومغني المحتاج، 2/309، وكشاف القناع، البهوتي، 3/508. ([1123]) حاشية ابن عابدين، 8/276. ([1124]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/309-310. ([1125]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/79، ومواهب الجليل، الحطاب، 5/356، ومغني المحتاج، 2/309، وكشاف القناع، البهوتي، 3/507. ([1126]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/79. ([1127]) رواه البيهقي في السنن الكبرى، 11391، 6/111، والدارقطني، 290، 3/78. ([1128]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/79. ([1129]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/79، ومواهب الجليل، الحطاب، 5/356، ومغني المحتاج، 2/309، وكشاف القناع، البهوتي، 3/507. ([1130]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/109، ومغني المحتاج، 2/319، والمغني، ابن قدامة، 5/38. ([1131]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/87. ([1132]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/79. ([1133]) يُنْظَر: مواهب الجليل، الحطاب، 5/355، ومغني المحتاج، 2/310، وكشاف القناع، البهوتي، 3/508. ([1134]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/313. ([1135]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/80-81، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/517، ومغني المحتاج، 2/313، وكشاف القناع، البهوتي، 3/508. ([1136]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/81-82، والشرح الصغير، 3/455-458، ومغني المحتاج، 2/314، والمغني، ابن قدامة، 5/4. ([1137]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/82، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/518، ومغني المحتاج، 2/310، والشرح الكبير مع المغني، 5/141. ([1138]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/83 وما بعدها، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/518، ومغني المحتاج، 2/310. ([1139]) يُنْظَر: جواهر الإكليل، 2/171، ومغني المحتاج، 2/310، والشرح الكبير مع المغني، 5/140. ([1140]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/83. ([1141]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/84، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/520، مغني المحتاج، 2/310. ([1142]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/105. ([1143]) يُنْظَر: المرجع السابق، 6/105 وما بعدها. ([1144]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/530. ([1145]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/317. ([1146]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 3/516-517. ([1147]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/107، والفواكه الدواني، 2/177، ومغني المحتاج، 2/318. ([1148]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 5/170. ([1149]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/108. ([1150]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/112، ومغني المحتاج، 2/319، والشرح الكبير مع المغني، 5/172-173. ([1151]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/536. ([1152]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/112، ومغني المحتاج، 2/319، وكشاف القناع، البهوتي، 3/522. ([1153]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/319. ([1154]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 3/522. ([1155]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/109، والشرح الصغير، 6/507، ومغني المحتاج، 2/319، والمغني، ابن قدامة، 5/58. ([1156]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/113، ومغني المحتاج، 2/319. ([1157]) دورة مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخر 1408هـ الموافق6-11 شباط (فبراير)1988م. مجلة المجمع العدد الرابع، 3/1809. ([1158]) يُنْظَر: لسان العرب، والمصباح المنير، مادة (زرع). ([1159]) بدائع الصنائع، 6/175. ([1160]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/372. ([1162]) كشاف القناع، البهوتي، 3/532. ([1163]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/175، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/372، وكشاف القناع، البهوتي، 3/532. ([1164]) رواه البخاري، 2203، 2/820، ومسلم، 1551، 3/1186. ([1165]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 5/242. ([1166]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 23/17. ([1167]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/175. ([1168]) رواه أبو داود، 3395، 3/259، وأصله في البخاري، 2215، 2/824، ومسلم، 1536،3 /1176. ([1169]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/175. ([1170]) سنن البيهقي الكبرى، 10636، 5/339، والدارقطني، 195، 3/47. ([1171]) يُنْظَر: الشرح الصغير بهامش بلغة السالك، 2/260. ([1172]) يُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/394. ([1173]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/176. ([1174]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/177 وما بعدها. ([1175]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/372، والمغني، ابن قدامة، 5/247. ([1176]) البَذْر: هو كل حَبٍّ يزرع في الأرض. المعجم الوسيط. ([1177]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/177، والروض المربع، 2/213. ([1178]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 6/276. ([1179]) يُنْظَر: الشرح الكبير، 5/590. ([1180]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/177. ([1181]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/373. ([1182]) يُنْظَر: الروض المربع، 2/213. ([1183]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 6/275-276. ([1184]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/373، والشرح الكبير مع المغني، 5/589. ([1185]) جمع أردب: وحدة قياس (كيل) تستخدم في المحاصيل الزراعية. ([1186]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/178 وما بعدها، وكشاف القناع، البهوتي، 3/542 وما بعدها. ([1187]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/178. ([1188]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/179، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/375، والمغني، ابن قدامة، 5/423. ([1189]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/375. ([1190]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/179، وشرح الخرشي على مختصر خليل، 6/66. ([1191]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 5/587. ([1192]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/179، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/375، والمغني، ابن قدامة، 5/423. ([1193]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/181 وما بعدها. ([1194]) يُنْظَر: كشاف القناع، البهوتي، 3/538-539. ([1195]) يُنْظَر: لسان العرب، مادة (سقى). ([1196]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/504. ([1198]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/504، وشرح منح الجليل، 3/719، والمهذب، الشيرازي، 1/390، والروض المربع، 2/212. ([1199]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/504. ([1200]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 8/186. ([1201]) رواه البخاري، 2165، 2/798. ([1202]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/175، ونهاية المحتاج، 5/244-245، والمغني، ابن قدامة، 5/22. ([1203]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/504. ([1204]) رواه أبو داود، 3395، 3/259، وأصله في البخاري، 2215، 2/824، ومسلم، 1536، 3/1176. ([1205]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/175. ([1206]) رواه مسلم، 1533، 3/1153. ([1207]) يُنْظَر: الحاوي، الماوردي، 9/163. ([1208]) سنن البيهقي الكبرى، 10636، 5/339، والدارقطني، 195، 3/47. ([1209]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/175. ([1210]) يُنْظَر: المرجع السابق. ([1211]) يُنْظَر: درر الحُكَّام شرح مجلة الأحكام، علي حيدر، 3/504، ومغني المحتاج، 2/322-323، والشرح الكبير مع المغني، 5/556. ([1212]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/539، و550، ومغني المحتاج، 2/323، وكشاف القناع، البهوتي، 3/532، 540. ([1213]) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 8/186. ([1214]) يُنْظَر: مجمع الأنهر، 2/504، وشرح منح الجليل، 3/713، كشاف القناع، البهوتي، 3/538. ([1215]) رواه البخاري، 2213، 2/824، ومسلم، 1551، 3/1187. ([1216]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/327. ([1217]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/187، وشرح منح الجليل، 3/709، ومغني المحتاج، 2/328-329، والمغني، ابن قدامة، 5/413. ([1218]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/545. ([1219]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/184-185، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/546، ومغني المحتاج، 2/331، وكشاف القناع، البهوتي، 3/537. ([1220]) يُنْظَر: لسان العرب، والمصباح المنير، مادة (كفل). ([1221]) المبسوط، السرخسي، 19/160. ([1222]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/330، ومغني المحتاج، 2/198، والإنصاف، المرداوي، 5/209. ([1223]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/2. ([1224]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/330، ومغني المحتاج، 2/198. ([1225]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 5/71. ([1226]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/198. ([1227]) رواه أبو داود، 3565، 3/296، والترمذي، 2120، 4/433. ([1228]) رواه أبو داود، 3343، 3 /38، والترمذي، 1069، 3/381، وابن ماجه، 2407، 2/804. ([1229]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 19/161، وبداية المجتهد، ابن رشد، 2/221، والإقناع، 2/316، وكشاف القناع، البهوتي، 3/374. ([1230]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/198. ([1231]) يُنْظَر: لسان العرب، والمصباح المنير، مادة (غصب). ([1232]) بدائع الصنائع، 7/143. ([1233]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 2/442. ([1235]) الشرح الكبير مع المغني، 5/374. ([1236]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 7/148، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 3/445، والمهذب، الشيرازي، 1/367، وكشاف القناع، البهوتي، 4/76. ([1237]) رواه البخاري، 1652، 2/619، ومسلم، 1679، 3/1305. ([1238]) مسند الإمام أحمد، 19774. ([1239]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 2/442، ومغني المحتاج، 2/275، وكشاف القناع، البهوتي، 4/83. ([1240]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 7/143. ([1241]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/277، والفروع، 6/11. ([1242]) رواه البخاري، 2320، 2/866، ومسلم، 1610، 3/1231. ([1243]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 2/442، ومغني المحتاج، 2/277. ([1244]) رواه ابن ماجه، 2043، 1/659. ([1245]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 7/148، ومغني المحتاج، 2/276، والروض المربع، 2/222. ([1246]) رواه أبو داود، 3561، 3/296، والترمذي، 1266، 3/566، وابن ماجه، 2400، 2/802. ([1247]) رواه أبو داود، 5003، 4/301. ([1248]) يُنْظَر: لسان العرب، مادة (لقط). ([1249]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/118، ومغني المحتاج، 2/406، والشرح الكبير مع المغني، 6/318. ([1250]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/200. ([1251]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/120. ([1252]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/406 وما بعدها. ([1253]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/406 وما بعدها. ([1254]) رواه الترمذي، 1881، 4/300، وابن ماجه، 2502، 2/836. ([1255]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/278، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/120، ومغني المحتاج، 2/412-413، والشرح الكبير مع المغني، 6/374. ([1256]) رواه البخاري، 2294، 2/855، ومسلم، 1723، 3/1350. ([1257]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/122. ([1258]) يُنْظَر: المدونة الكبرى، 6/173، ومغني المحتاج، 2/413، والشرح الكبير مع المغني، 6/374 وما بعدها. ([1259]) العفاص: الوعاء وما تُحمل فيه. ([1260]) الوكاء: الخيط الذي يُربط به. ([1261]) السقاء: وعاء يُوضع فيه الشراب، وفيه إشارة إلى ما في سنام الإبل من الماء. ([1262]) رواه البخاري، 2243، 2/836، ومسلم، 1722، 3/1346-1347. ([1263]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 6/202-203، والمدونة الكبرى، 6/175، ومغني المحتاج، 2/415، والشرح الكبير مع المغني، 6/390. ([1264]) يُنْظَر: المدونة الكبرى، 6/180، ومغني المحتاج، 2/410. ([1265]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، ابن الهمام، 6/124. ([1266]) يُنْظَر: المصباح المنير والقاموس المحيط. ([1267]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/361. ([1268]) حاشية ابن عابدين، 6/431. ([1269]) مواهب الجليل، الحطاب، 6/2. ([1270]) حاشية البجيرمي على الخطيب، 3/129. ([1271]) الشرح الكبير مع المغني، 6/164. ([1272]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 6/432، ومواهب الجليل، الحطاب، 6/2، والإقناع، 3/295، والروض المربع، 2/232. ([1273]) رواه أبو داود، 3073، 3/178. ([1274]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/361. ([1275]) السنن الكبرى، النسائي، 5756، 3/404. ([1276]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/361، والشرح الكبير مع المغني، 6/168. ([1277]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 6/432. ([1278]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 6/11-12. ([1279]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/362، والشرح الكبير مع المغني، 6/172. (1) عن عائشة رضي الله عنها 3/177انظر في تفصيل هذا في المحلى لابن حزم:8/412-413. (1) انظر المحلى لابن حزم:8/412-413. (2) المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا، دار الفكر، دمشق، ط/9-1968م: 1/443 - بتصرف (3) نصب الراية للزيلعي: 4/17-18. (1) أخرجه مسلم في صحيحه 1/78 . (1) أخرجه الترمتذي في سننه4 /635 . (2) انظر الفتاوى الكبرى: 4/90 .
(2) انظر المدخل الفقهي العام للزرقا 1/482-483 . (1) بدائع الصنائع لعلاء الدين الكاساني: 5/175. أما حديث النهي عن صفقتين في صفقة فهو ما روي عن ابن مسعود قال: "نهى رسول الله r عن صفقتين في صفقة "، والحديث فيه مقال سندا، ومختلف في معناه متنا. أما سنده فقد ذكر الزيلعي في نصب الراية أنه رواه البزار ورجح وقفه، ورواه الطبراني في معجمه الوسط مرفوعا لكنه رواه في معجمه الكبير موقوفا، ورواه العقيلي في ضعفائه مرفوعا لكنه أعله بعمرو بن عثمان، وقال: لا يُتَابع على رفعه، والموقوف أولى، وبالوقف رواه كل من أبي عبيد القاسم بن سلام وابن حبان في صحيحه، وورد في رواية لابن حبان والعقيلي بلفظ " الصفقة في الصفقتين ربا "، وهذه الرواية تبين علة النهي. أما تفسيره فقد فسره أبو عبيد القاسم بن سلام بأن يقول الرجل للرجل: أبيعك هذا نقدا بكذا، ونسيئة بكذا، ويفترقان عليه. واعترض ابن الهمام في فتح القدير على هذا التفسير وجعله مرجوحا؛ لأن بعض روايات الحديث وردت بلفظ " الصفقة في الصفقتين ربا"، وهذا يفسر سبب تحريم الصفقة في الصفقتين وهو الربا، أما التفسير الذي ذكره ابن سلام فليس فيه معنى الربا. والتفسير المعتمد عند الحنفية هو الذي سنذكره في باب الشرط الفاسد المفسد للعقد، حيث يصير الشرط صفقة والبيع صفقة ثانية، فيجتمع بيع وإعارة أو بيع وإجارة. وقد روى مالك في الموطأ أنه بلغه أن رسول الله r نهى عن بيعتين في بيعة، لكنه يختلف عن المعنى الذي قصده الحنفية، ولا يسعفهم فيما قصدوا الاستدلال عليه، فقد ذكر الباجي في شرحه على الموطأ أن معنىبيعتين في بيعة عند الفقهاء أن يتناول عقد البيع بيعتين على أن لا تتم منهما إلا واحدة مع لزوم العقد،مثل أن يتبايعا ثوبا بدينار، وثوبا آخر بدينارين على أن يختار أحدهما أي البيعتين شاء فيلزمهما ذلك أو يلزم أحدهما، ويلغى البيع الثاني، وذكر أن مالكا علل هذا المنع بتقدير أنه قد أخذ أحد الثوبين بالدينار ثم تركه وأخذ الثاني ودفع دينارين، فصار إلى أن باع ثوبا ودينارا بثوب ودينارين. انظر المنتقى شرح الموطأ لأبي الوليد الباجي، مطبعة السعادة، مصر، ط/1-1331هـ: 5/36-37. ولم يمنع الحنابلة اجتماع صفقتين إذا لم يكن مما ورد النهي عنه لتأديته إلى الربا كبيع وسلف. يقول ابن قدامة في تعليل ذلك في معرض استدلاله على جواز بيع الزرع مع اشتراط حصاده على البائع: " ومن أجازه قال: هذا بيع وإجارة؛ لأنه باعه الزرع وآجره نفسه على حصاده، وكل واحد منهما يصح إفراده بالعقد، فإذا جمعهما جاز، كالعينين". المغني لابن قدامة، : 6/164. (1) ينظر بدائع الصنائع للكاساني 5/171 . (2) متفق عليه واللفظ لمسلم صحيح مسلم 1/160 . |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Powered by SyrianMonster Web Service Provider - all rights reserved 2024© |