يقول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]. Satan threatens you with poverty. That is only Satan who frightens [you] of his supporters. So fear them not، but fear Me، if you are [indeed] believers.
روينا في الخبر: يقول إبليس لم ينج الغني مني من إحدى ثلاث خصال؛ أن أحبب إليه المال فيكتسبه من غير حقّه أو يضعه في غير حقّه أو يمنعه من حقّه، فلولم يعلم العدو أن الفقر من أفضل الأحوال ما قعد على طرقه وقد قال لأقعدن لهم صراطك المستقيم فأخبر الخبر عنه فقال: الشيطان يعدكم الفقر أي يخوفكم به، فجاء الفقير الصادق فسلك الطريق المستقيم إلى الآخرة واطرح تخويف العدّو بحول الله وقوّته.
عن ابن عباس، قال: اثنان من الله، واثنان من الشيطان: "الشيطان يعدكم الفقر"، يقول: لا تنفق مالك، وأمسكه عليك، فإنك تحتاج إليه، ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه"، على هذه المعاصي "وفضلا" في الرزق.
عن ابن عباس، قال: ثنتان - يعني من الله - وثنتان من الشيطان (الشيطان يعدكم الفقر، ويأمركم بالفحشاء) يقول: لا تنفق مالك وأمسكه عليك، فإنك تحتاج إليه.الفقر أربعة: فقر الحسنات في الآخرة، وفقر القناعة في الدنيا، وفقر المقتني، وفقرها جميعا والغني بحسبه، فمن حصل له في الدنيا فقد القناعة والمقتني فهو الفقير المطلق على سبيل الذم، ولا يقال له غني بوجه وهو المشار إليه بقوله عليه الصلاة والسلام " كاد الفقر أن يكون كفراً "، ومن فقد لقناعة دون القنية، فهو الغني بالمجاز فقير بالحقيقة، ولهذا قال: قد يكثر المال والإنسان مفتقر، وقيل لبعضهم: أفلان غني؟ فقال: لا أدري غناه، ولكنه كثير المال، ومن فقد القنية دون القناعة، إنه يقال له فقير وغني، وكلاهما يقالان على طريق المدح، فقد قيل: ليس الغني بكثرة العرض وإنما الغني غني القلب "، والمشهور من الفقر عند العامة الحاجة.
وعِدَة الشيطان بالفقر قد تحدث نتيجة وسوسته، أوبتحريك من ينوبون عنه، زوجة كانت، أم أبناء، أم أصدقاء، أم أقرباء، ونحوهم من جنوده الكثر، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الأبناء مجبنة مبخلة"، وفي ذلك تحذير أيما تحذير من طاعتهم في تثبيطهم عن الغزو والإنفاق في سبل الخير المختلفة، لأن الجبن والبخل من الأدواء المذلة، ولهذا أمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منهما"، اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل".
في الصحيحين مرفوعاً: (وما من يوم إلا وينادي ملكان من السماء؛ فيقول الأول: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الثاني: اللهم أعط ممسكاً تلفاً) والله عز وجل يقول: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:268] فمالك يا ابن آدم! تقول: مالي مالي مالي؟، الدولارات، والعمارات، والسيارات! (وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت؟!).
أي إن الشيطان يخوّف المتصدقين الفقر ويغريهم بالبخل، ويخيّل إليهم أن الإنفاق يذهب بالمال، ولا بد من إمساكه والحرص عليه استعدادا لحاجات الزمان، وسمى ذلك التخويف وعدا [والوعد هو الإخبار بما سيكون من جهة المخبر، والشيطان لم يضف مجىء الفقر إليه] مبالغة فى الإخبار بتحقق وقوعه، وكأن مجيئه بحسب إرادته وطوع مشيئته.
لكن الإنسان يسمع لوسوسة الشيطان أكثر مما يسمع لإرشاد القرآن، فهو ما يزال به يغريه بالبخل ويخوفه الفقر {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} حتى يجعل المال أحب إليه من نفسه ومن ولده ومن أمته، فيخرج من دنياه محروما من ماله لم ينفقه على نفسه ولم يجد به على إخوانه ولم يعلم به أبناءه ولم ينفع به أمته، ولم يكسب به رضا ربه.
الواجب على المسلم أن يكون قوي الثقة بربه سبحانه في جميع أحواله وأموره، حسن الظن به، بعيدا عن التوهمات والتوقعات التي تثبطه عن تنفيذ أمر الله والرضى بحكمه، وأن يعتقد اعتقادا جازما أن تطبيق أحكام الشرع المطهر لا ينتج عنه إلا كل خير في العاجل والآجل، بل إن الشر والضجر في عدم تطبيقها أو الإخلال بذلك.
دليل على أن الفقر مذموم والفقر أربعة أشياء فقر الحسنات في الآخرة وفقر القناعة في الدنيا، وفقر المقتنى وفقرهما والغنى بحسبه، فمن فقد القناعة والمقتنى فهو الفقير المطلق على سبيل الذم ومن فقد القناعة دون القنية فهو الغني بالمجاز الفقير بالحقيقة، ومن فقد القنية دون القناعة فإنه يقال له فقير وغني.
ينفث دائما فى قلب العبد واذنه فيظل خائفا ويضيع عمره، ولو انه جعل قلبه لله لكان كما قال صلى الله عليه وسلم: " لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتعود بطانا " أي تذهب ولا يوجد فى معدتها أي طعام وتعود مليئة معدتها.
قال الله تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) والمراد بنزغ الشيطان أن يأمرك بترك الطاعة أو يأمرك بفعل المعصية فإذا أحسست من نفسك الميل إلى ترك الطاعة فهذا من الشيطان أو الميل إلى فعل المعصية فهذا من الشيطان.
أي يوعدكم إذا أنفقتم بالفقر، ويحذركم من الصدقة بما يوسوس بذلك في أنفسكم؛ وإن كل بخيل تحدثه نفسه بخوف الفقر عند الإنفاق، وهذا الحديث هو حديث الشيطان؛ ولذا قيل: الناس من خوف الفقر في فقر.
أى أن الشيطان يوسوس للإنسان، ويلقى فى نفسه بأن الإنفاق يذهب بالمال، ويأمره بالإمساك والبخل والحرص على المال ومنع الزكاة؛ ومن ثم كان من الواجب الحذر منه، واتقاء شروره وآثامه.
المعنى الشيطان يعدكم الفقر ليمنعكم عن الإنفاق في وجوه الخيرات، ويخوفكم الحاجة لكم أو لأولادكم في ثاني الحال سيما في كبر السن وكثرة العيال، ويأمركم بالفحشاء أي المعاصي.
أي يخوفكم بالفقر، والفقر سوء الحال وقلة ذات اليد، ومعنى الآية: أن الشيطان يخوفكم بالفقر، ويقول للرجل: أمسك عليك مالك فإنك إذا تصدقت به افتقرت.
أي إبليس يخوفكم بالفقر عند الصدقة ويقول لكم: أمسكوا أموالكم فإنكم إذا تصدقتم صرتم فقراء. أو المعنى النفس الأمارة بالسوء توسوس لكم بالفقر.
الشيطان يعدكم الفقر ليمنعكم عن الإنفاق في وجوه الخيرات ويخوفكم الحاجة لكم أو لأولادكم في ثاني الحال سيما في كبر السن وكثرة العيال.