الطلاق حالة علاجية؛ يُلجأ إليها عند تعذر الوفاق بين الزوجين |
الأسرة أساس المجتمع، منها تتكون الأمة، وعليها تقيم عمادها، وتوطد أركانها، وبصلاح الأسرة تصلح الأمة وترقى إلى المجد، وفي فسادها فساد المجتمع. وقوام الأسرة رجل وامرأة، وقد جعل الإسلام العلاقة الزوجية أكرم العلاقات الإنسانية وأسماها، وكان التوجيه الإسلامي للزوج أكثر من التوجيه على الزوجة لتستقيم علاقة المودة والمحبة فيما بين الزوجين على أسس شرعية تُرضي الله تبارك وتعالى، هذا، وإن من الحقوق التي تكون للزوجة على زوجها: علاقـات طيبـة: بأن يكون الزوج كريم العشرة مع زوجته ويتمثل في عدم إهانتها وإيذائها، إذا بدا منها بعض هفواتها، يقول رسول الله e: " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلًقاً، وخياركم خيارهم لنسائهم"([1])، وإن آخر ما وصى به رسول الله e، الوصية بالنساء، قال e: "استوصوا بالنساء خيراً" ([2]). ولقد شرع الله تعالى النِّكاح وحثَّ عليه، لما يترتب عليه من مصالح عظيمة للفرد والمجتمع، وجعله على سبيل الدَّوام والبقاء، ووصفه بأنَّه سكن ومودة ورحمة: ]وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[ [الروم: آية 21]، ووصفه بأنَّه ميثاق غليظ: ]وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا [ [النساء: 21]. وأمر الزَّوجين بالمعاشرة بالمعروف: ]وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ[ [النساء: 19] وقوله تعالى: ]وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ[ [البقرة: 228]. وحثَّ الرِّجال على إكرام المرأة، وعلَّق وصف الخيرية على حُسن معاملة الزَّوج زوجته لحديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما: "خيرُكم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"([3]). ولكن، قد تعرض للزَّوجين أمورٌ تجعل العلاقة الزَّوجية أشبه بجحيمٍ يعيش فيه الزَّوجان، وتصبح الزَّوجية مصدراً للشقاء والخِصام، بدلاً من أن تكون سبباً للائتلاف والوئام وتبادُل المودَّة والرحمة، وتصبح نِقمةً بعد أن كانت نعمةً وسعادة، وتتعثَّر مساعي الإصلاح بين الزَّوجين، ويُصبح الاستمرار بها ضرباً من المستحيلات، فيكون اللجوء حينئذٍ لآخر الدواء وهو الطَّلاق. بعض المبررات الشرعية للطلاق: من الأمور التي تدعو الزَّوجين أو أحدهما إلى فصم عُرى الزَّوجية:
فإذا وقعت هذه الأمور أو أحدها كان ذلك مبرِّراً لإيقاع الطَّلاق. فالزَّوج بيده الطَّلاق يُطلِّق متى شاء، وللزوجة حق الخلع، أو ترفع أمرها للقاضي، فإن أثبتت سبباً مسوِّغاً شرعاً لتطليقها؛ حكم لها القاضي بما طلبت وطلَّقها من زوجها. فالطَّلاق إذاً حالة علاجية استثنائية، لا يكون اللجوء إليها إلا عندما يتعذَّر الوفاق بين الزَّوجين. هذا، وإن العلاقات الزوجية عميقة الجذور، بعيدة الآماد، فرحم الله رجلاً محمود السيرة، طيب السريرة، سهلاً رفيقاً، بأهله رحيماً، وبعياله شفوقاً؛ لا يكلف زوجته من الأمر شططاً، وبارك الله في امرأة لا تطلب من زوجها شططاً، ولا تحدث عنده غلطاً. وسئل e: ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، وتهجر إلا في البيت"([4]). ولكن النظرة إلى واقع المسلمين اليوم تشير إلى استخدام الطلاق وانفصال عرى الحياة الزوجية لا لأسباب علاجية، بل يخضع الطلاق لأهواء شخصية، وميول نفسية. ومما لا شك فيه أن الطلاق بمعنى حصول الانفصال وتحقق البينونة والفرقة بين الرجل والمرأة من الحالات السائدة في أوساط المجتمع الإنساني عموماً ومن ضمن ذلك المجتمع الإسلامي. وإذا كانت مسألة انفصال العلاقة الزوجية أمراً طبيعياً ف الظروف العادية؛ فإن من المؤسف أن تغدو كلمة (طالق) وما أشبهها تجري بسهولة على لسان الأزواج، وكذا كلمة (طلِّقني) ونظائرها على لسان الزوجات، حيث أضحت مشتقات كلمات الطلاق عند كثير من الأزواج أسهل من "السلام عليكم". فما الأسباب الكامنة وراء هذا الاستهتار بالحياة الزوجية؟، وهل شَرَع الإسلام الطلاق؛ للتشفي ومعالجة حالات الغضب عند الزوج، أو للانتقام في بعض الحالات؟، أم إنه وسيلة ناجعة في نهاية طواف الخصومة بين الزوجين، بعد عدة محاولات للإصلاح ورأب الصدع؛ بالموعظة الحسنة، والهجر في المضجع، والضرب تأديباً، والتحكيم من الأهل، والطلاق الرجعي مرتين، فإذا تعذرت الحياة رغم كل هذه الوسائل لجأ الزوج إلى هذه الوسيلة المشروعة؟. في الحديث عن أنس بن مالك t أن رسول الله e قال: "من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي"([5]). فقد جعل رسول الله e كمال شطر الإيمان بالزواج، والمسلم حريص على كمال إيمانه، وقد احتاط القرآن للمسلم قبل فقد إيمانه باحتياطات خمسة هي سبيل التدرج العكسي في حل المشكلات الزوجية: قال الله تعالى: ]الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا[[النساء: 34-35]. فالوقوف عند الحالة الأولى؛ الموعظة، هو كمال الإيمان في العلاقة الزوجية. فإن نفذ الصبر عن الموعظة فانتقل إلى الهجر في المضجع فقد فَقَدَ خُمُس إيمانه من جهة العلاقة الزوجية. فإن نفذ الصبر عن الهجر في المضجع فانتقل إلى الضرب فقد فَقَدَ خُمُسي إيمانه من جهة العلاقة الزوجية. فإن نفذ الصبر عن الضرب فانتقل إلى التحكيم فقد فَقَدَ ثلاثة أخماس إيمانه من جهة العلاقة الزوجية. فإن نفذ الصبر عن التحكيم فانتقل إلى الطلاق الرجعي الأول فقد فَقَدَ أربعة أخماس إيمانه من جهة العلاقة الزوجية. فإن نفذ الصبر عن الطلاق الرجعي الأول فانتقل إلى الطلاق الرجعي الثاني فقد فَقَدَ إيمانه من جهة العلاقة الزوجية. وعند تعذر الوفاق بين الزوجين تُحَلُّ العلاقة بالكلية عن طريق البائن بينونة كبرى. ولو رأت المرأة من زوجها إعراضاً من زوجها وعدم رغبة، فلا مانع من أن تتنازل عن بعض حقوقها للبقاء معه: ]وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا[ [النساء: 128].
فالطَّلاق حالة علاجية استثنائية، لا يكون اللجوء إليها إلا عندما يتعذَّر الوفاق بين الزَّوجين، وليست حقاً مكتسباً للرَّجل يمارسه جُزافاً دون مراعاة لِحُسن ِعِشرةٍ أو جميلِ مودَّة، والدليل على ذلك:
_ عدم لجوئه لطلاق زوجاته بمجرَّد حصول الخلاف والشقاق، وإنما حاول القضاء على أسباب هذا الخلاف، ثمَّ عرض عليهن الطلاق بتخييرهن بين الطلاق والبقاء معه في شظف العيش _ لترغيبهنَّ في الرجوع عمَّا كُنَّ عليه _ قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا[[الأحزاب: 28 ـ 29]. _ طلبه من زيد بن حارثة t التريث في طلاق امرأته والرجوع إليها، ويقول له: ]أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ[[الأحزاب: 37]([12]). _ طلبه من بريرة الرجوع لزوجها بعدما طلقت منه بالإعتاق([13]).
وبهذا يتبيَّن أنَّ حكم الطلاق بالأصل محرَّم، ولا يُباح إلا لحاجة: قراءة في أسباب الطلاق: إن من أنجع الأدواء لإزالة الأمراض معرفة الأسباب؛ وللطلاق أسباب كثيرة يمكن تصنيفها على الشكل الآتي: أسباب ثقافية، وأسباب اجتماعية، وأسباب اقتصادية، وأسباب سياسية. أولاً: الأسباب الثقافية: أظهر تقرير أن معظم حالات الطلاق كانت بين الشباب المتزوجين حديثاً وتحديداً في الفئة العمرية ما بين 20 إلى 34 عاما، كما أظهر أن 44 % من حالات الطلاق تمت بعد مرور سنة أو أقل على الزواج([14]). ودراسات أخرى أشارت إلى إن حالات الطلاق المسجلة تحدث أكثر خلال السنوات الثلاثة الأولى من الزواج، وتنخفض نسب الطلاق كلما زادت مدة الحياة الزوجية([15]). ومن جهة أخرى فإن وجود الأطفال يخفِّض نوعاً ما من حالات الطلاق، حيث تشير الدراسات إلى أنه كلما ازداد عدد الأطفال قَلَّت نسب الطلاق؛ وإن كان بعض الباحثين يروون أن ذلك لأسباب مجتمعية وثقافية سائدة أكثر منه تعبيراً عن وضع العلاقة الزوجية أو متانتها. والطلاق يحدث بصورة أكبر بين فتاة السن الصغيرة، وكذلك بين منخفضي التعليم. ومما يزيد الطلاق تبعاً للأسباب الثقافية:
ثانياً: الأسباب الاجتماعية: من أسباب إقدام الأزواج على الطلاق:
ثالثاً: الأسباب الاقتصادية: لعل من أكثر أسباب الطلاق شيوعاً: الأسباب الاقتصادية والمعيشية.
وتشير البيانات إلى أن أكثر من 58 % من النساء تُرْجِع أسباب طلب الطلاق لديهن بسبب الخلافات التي تنشب بسبب الفقر وعدم الوفاء بالاحتياجات المنـزلية. رابعاً: الأسباب السياسية: يلاحظ الباحثون زيادة معدلات الطلاق أثناء الأزمات والحروب، فقد أشارت دراسة طريفة إلى ارتفاع عدد المطلقات إلى نحو 85 ألف حالة في مختلف الدول العربية خلال شهري مارس وابريل الذين واكبا العدوان الأمريكي على العراق بزيادة قدرها 13% عن نفس المعدلات في مثل هذا الوقت من العام الماضي مما يؤكد دور الحروب في خراب البيوت لإشاعة أجواء التوتر داخل البيوت. كيفية تلافي هذه الأسباب: التنشئة الاجتماعية الصحيحة وتتمثل في:
نصائح ختامية: إن الله جعل الزواج قائماً على المودة والرحمة، فإذا تحولت المودة والرحمة إلى حالة بغض وبغضاء، ونفور وقسوة، ولم نستطع السيطرة على هذا الواقع بتحويله إلى واقع أفضل، عند ذلك يجب الطلاق. كما ينبغي لأهل الزوجة وأهل الزوج أن يربيا ابنتهما أو ولدهما على كيفية القيام بالواجبات الزوجية، بل لا بد من أن يربياهما على كيفية إدارة الحياة الزوجية من خلال التفاهم المشترك، والحوار المتبادل، وبالدفع بالتي هي أحسن قدر الإمكان. ولا بد من أن يُربى الزوجان على أساس أن يكون الإنسان زوجاً، وليس فرداً أنانياً، وأنه بالزواج يفتقد حريته الفردية. ومن الطبيعي أن يبحث عن الوسائل التي تحفظ هذا الارتباط تماماً كما هو الارتباط بين أعضاء الجسد الواحد. متعة الطلاق المتعة هي: ما يجب على الزوج دفعه لامرأته المفارقة الحياة بطلاق وما في معناه بشروط([17])، وبتعريف آخر، هي: ما يعطيه الزوج لمن طلقها زيادة على الصداق لجبر خاطرها المنكر بألم الفراق([18]). مشروعيتها: المتعة للمطلقة مشروعة ودليل ذلك في الكتاب وبعض الآثار المروية عن بعض الصحابة والإجماع. فمن الكتاب: 1_ قوله تعالى: ]لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ[ [البقرة: ٢٣٦]. 2_ قوله تعالى: ]وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ[ [البقرة: ٢٤١]. 3_ قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا[ [الأحزاب: ٢٨]. 4_ قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا[ [الأحزاب: ٤٩ ] . حكم المتعة: للفقهاء آراء ثلاثة في حكم المتعة. القول الأول: المتعة للمطلقة مستحبة وليست واجبة وبه قال الإمام مالك ولليث وابن أبي ليلى وفقهاء المدينة السبعة؛ لأن الله تعالى قال: ]لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ[ [البقرة: ٢٣٦]. فنخصهم بها، فيدل أنها على سبيل الإحسان والتفضيل، والإحسان ليس بواجب؛ لأنها لو كانت واجبة لم تخص المسنين دون غيرهم([19]). القول الثاني: إن متعة المطلقة فرض على المتقين والمحسنين دون غيرهم ونسبه ابن حزم إلى شريح وسعيد بن جبير وعكرمة. ودليله ظاهر القرآن فقد روى حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قال: شهدت شريحاً وأتوه في متاع فقال: لا تأب أن تكون من المتقين قال: إني محتاج قال لاتأب أن تكون من المحسنين قال أيوب: قلت لسعيد بن جبير: لكل مطلقة متاع قال: نعم إن كان من المتقين كان من المحسنين. قال أيوب : وسأل عكرمة رجل فقال: إني طلقت امرأتي فهل عليَّ متعة قال: إن كنت من المتقين([20]). القول الثالث: إن المتعة واجبة وبه قال بعض العلماء والحنفية والشافعية والحنابلة في المذهب([21]) سواء أكان قبل الدخول أو بعد الدخول. وهذا القول هو الأرجح دليلاً لما يأتي: قوله تعالى: ]لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ[ [البقرة: ٢٣٦]. وقوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا[ [الأحزاب: ٤٩ ] . وقوله تعالى: ]وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ[ [البقرة: ٢٤١]. والدلالة على وجوب المتعة من هذه الآيات الكريمات من وجوه: أحدهما:قوله تعالى: ﭽ ﮔ ﭼ فهذا أمر من الله عز وجل بامتناع المطلقة والأمر يقتضي الوجوب إذ هو الأصل فيه فلا يصرف عنه إلا بدليل يدل على الندب. والثاني: قوله تعالى: { ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ وليس في الألفاظ الدالة على الإيجاب أكد من قوله حقاً عليه. والثالث: قوله تعالى: { ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ . فهذا تأكيد لإيجابها؛ إذ جعلها من شروط الإحسان وعلى كل أحد أن يكون من المحسنين. وكذلك قوله تعالى: ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ قد دل قوله حقاً عليه على الوجوب وقوله تعالى: حقاً على المحسنين تأكيداً لإيجابها. وكذلك قوله تعالى: { ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﭼ [الأحزاب: ٤٩ ] قد دل على الوجوب من حيث هو أمر. وقوله تعالى: { ﮉ ﮊ ﮋ ﭼ يقتضي الوجوب؛ لأنه جعلها لهنَّ وما كان للإنسان فهو ملكه له المطالبة به كقولنا هذه الدار لزيد([22]). ونص القانون السوري في وجوب المتعة: _ يجب مهر المثل في العقد الصحيح عند عدم تسمية مهر أو فساد التسمية. _ إذا وقع الطلاق قبل الدخول والخلوة الصحيحة فعندئذ تجب المتعة . وعلى هذا تجب المتعة قانوناً للمطلقة قبل الدخول إذا لم يكن هناك تسمية للمهر أو كانت تسمية المهر فاسدة. أقسام المطلقات: الطلاق إما أن يكون قبل الدخول أو بعده . القسم الأول: مطلقة مدخول بها ومفروض لها وهذه يجب لها المفروض كاملاً ولا يحل للزوج منه شيء إلا بطيبة من نفسها أو كان الطلاق بسببها مما يؤدي إلى الخلع، وقد نص الله على بيان ما يجب لها في قوله تعالى: ﭽ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﭼ البقرة: ٢٢٩، فقوله آتيتموهن أي أعطيتموهن والمراد به المهر وهو نص صريح في عدم جواز أخذ شيء من مهر المرأة بعد الدخول . القسم الثاني من المطلقات: مطلقة قبل الدخول لم يسم لها ولم يفرض لها صداقاً؛ فالواجب لها المتعة بنص القرآن يحققه قوله تعالى: { ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ البقرة: ٢٣٦، فهذا نص في نفي الجناح وهو الإثم عن من طلق قبل الدخول والفرض وأمر له بإمتاع زوجته المطلقة ومثل هذه الآية في الدلالة قوله تعالى: { ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﭼ [الأحزاب: ٤٩ ] ، فقد بينت هذه الآية حكم المطلقة قبل الدخول وأنه لا عدة عليها واتفقت مع سابقتها في الأمر بإمتاعها. القسم الثالث: مطلقة مفروضة لها غير مدخول بها. وهذه يجب لها نصف المسمى ما لم يكن الطلاق بسببها، وقد بين الله حكمها في قوله تعالى: { ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﭼ البقرة: ٢٣٧ . القسم الرابع: مطلقة مدخول بها غير مفروض لها، فهذه يجب لها مهر المثل وقد بين الله حكمها في قوله تعالى: { ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ النساء: ٢٤، فالآية دالة على إيجاب مهر المثل لهذه المطلقة ذلك أن الأمة مجمعة على أن الموطؤة بالشبهة لها مهر المثل فالموطؤة بنكاح صحيح أولى بهذا الحكم([23]). والحاصل أن عقد النكاح يوجب بدلاً على كل حال ثم ذلك البدل مذكور فإن حصل الدخول استقر كله وإن لم يحصل الدخول وحصلت التسمية سقط نصف المذكور بالطلاق, وإن لم يكن البدل مذكوراً فإن لم يحصل الدخول ولم تحصل التسمية فالمتعة ولا مهر لها ولا عدة عليها وإن حصل الدخول ولم تحصل التسمية فالواجب مهر المثل وهو متفق عليه عند علماء الإسلام([24]) . لمن تكون المتعة ؟، وهل المتعة لكل مطلقة أو أنها لبعض المطلقات دون بعض ؟ اتفق علماء المسلمين على استحقاق المتعة للمطلقة قبل الدخول وقبل فرض مهر لها، ودليلهم قوله تعالى: { ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ البقرة: ٢٣٦. وهذا نص جلي في هذه المسألة يتعين الأخذ به ولا يجوز العدول عنه إذ هو نص في المسألة. واختلفوا في استحقاق المتعة لمن عداها من المطلقات وبيان مذاهبهم على النحو الآتي: 1_ عند فقهاء الحنفية : تكون المتعة واجبة وتكون مستحبة.
أحدهما: أن يكون قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه ولا فرض بعده، أو كانت التسمية فيه فاسدة . والثاني: أن يكون قبل الدخول في نكاح لم يسم فيه المهر وإنما فرض بعده، قال تعالى: { ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﭼ [الأحزاب: ٤٩ ] . فقد أوجب النص القرآني المتعة في المطلقات قبل الدخول عامة ثم خصت منه المطلقة قبل الدخول في نكاح فيه تسمية عند وجوده فبقيت المطلقة قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه عند وجوده على أصول العموم. ولهم دليل آخر وهو قوله تعالى: { ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﭼ البقرة: ٢٣٦.أي ولم تفرضوا لهنَّ فريضة وهو منصرف إلى الفرض في العقد علافاً، لا متأخراً عنه، وبه تبين أن الفرض المذكور في قوله تعالى: { ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ البقرة: ٢٣٧ . منصرف إلى المفروض في العقد لأنه هو المتعارف. ولأبي يوسف من فقهاء الحنفية أن قوله تعالى: { ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﭼ البقرة: ٢٣٧ . أوجب نصف المفروض في الطلاق قبل الدخول مطلقاً من غير فصل بين ما إذا كان الفرض في العقد أو بعد،ه ولأن الفرض بعد العقد كالفرض في العقد.
الطلاق بعد الدخول والطلاق قبل الدخول في نكاح فيه تسمية للمهر.
2_ عند فقهاء المالكية([26]): يرى المالكية أن المطلقات ثلاثة أقسام: 1_ مطلقة قبل الدخول وقبل التسمية (المفروضة) فلها المتعة وليس لها شيء من الصداق. 2_ ومطلقة قبل الدخول وبعد التسمية فلا متعة لها. 3_ ومطلقة بعد الدخول سواء كانت قبل التسمية أم بعدها فلها المتعة.
3_ عند فقهاء الشافعية: يرى الشافعية أن المطلقة لا يخلو: إما أن يكون طلاقها قبل الدخول أو بعده؛ فإن كان قبل الدخول فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن تكون مفوضة لم يفرض لها، وإما أن يكون مفروضاً لها؛ فإن لم يفرض لها مهر وجب لها المتعة. وإن فرض لها المهر لم تجب لها المتعة على أحد القولين لأنه لما أوجب بالآية على ما تقدم المتعة لمن لم يفرض لها دل على أنه لا يجب لمن فرض لها. أما إن كان الطلاق بعد الدخول ففي استحقاق المطلقة للمتعة قولان: أحدهما: لا تجب لها المتعة وهو قول الشافعي القديم لأنها مطلقة من نكاح لم يخل من عوض فلم تجب لها المتعة كالمسمى لها قبل الدخول. والثاني: تجب لها المتعة وهو قوله في الجديد لقوله تعالى: { ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﭼ الأحزاب: ٢٨. وكان ذلك في نساء دخل بهنَّ ولأن ما حصل من المهر لها بدل عن الوطء وبقى الابتذال بغير بدل فوجب لها المتعة كالمفوضة قبل الدخول([27]).
4_ عند فقهاء الحنابلة([28]): وجوب المتعة للمطلقة قبل الدخول وقبل الفرض لما تقدم من قوله تعالى: { ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ [البقرة: ٢٣٦]. وهذا أمر بها للمطلقة قبل الدخول وقبل الفرض، والأمر يقتضي الوجوب؛ إذ هو الأصل فيه، ولا يصرف عنه إلا بدليل، ولا دليل يصرفه عن ذلك. كذلك تجب المتعة للمفوضة ـ التي لم يسم لها مهر . أما لو سمى لها صداقاً فاسداً كالخمر أو سمى لها صداقاً مجهولاً فالمشهور وجوب نصف مهر المثل. ورواية أخرى أن الواجب لها المتعة كاملة؛ لأن التسمية الفاسدة كعدمها فأشبهت المفوضة. وتستحب المتعة عندهم لكل مطلقة غير المفوضة لقوله تعالى: { ﮉ ﮊ ﮋ ﭼ البقرة. 5_ القول الخامس: المتعة لكل مطلقة إلا التي طلقت قبل الدخول وكان قد فرض لها وحسبها نصف ما فرض لها وبه قال ابن عمر من الصحابة، وهو قول شريح ومجاهد من التابعين، وهو قول الشافعي في الجديد([29]). 6_ القول السادس: إن المتعة فرض على كل مطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أخر ثلاث وطئها أم لم يطأها فرض لها صداقها أو لم يفرض لها شيئاً، ويجيره القاضي، وبه قال الظاهرية ([30])، بدليل الآيات الدالة على عموم المتعة، منها قوله تعالى: ﭽ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ [البقرة: ٢٤١]، وقوله تعالى: { ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ [البقرة: ٢٣٦]. فعم عزَّ وجل َّ كل مطلقة ولم يخص وأوجبه حقاً لها على كل متقٍّ يخاف الله تعالى وقال في موضع آخر بعد ذكر الآية الأولى إن مضمونها جامع لكل مطلقة مفروض لها أو غير مفروض لها مدخول بها أو غير مدخول بها. شروط استحقاق المتعة يشترط الاستحقاق المتعة أن تكون الفرقة في الحياة بسبب الزوج، كطلاقه وخلعه ولو بسؤالها فتستحق معه المطلقة المتعة لما تقدم من الآيات التي تقيد بمنطوقها استحقاق المطلقة للمتعة. هذا وحكم المتعة من الأحكام التي يغفل عنها الرجال والنساء خصوصاً النساء ولهذا لم نسمع أن مطلقة متعها مطلقها سواء إن كان الطلاق قبل الدخول أو بعده فينبغي تعريف المسلمين بهذا الأمر رجالاً ونساءً براءة للذمة وأداء للواجب وخروجاً من تبعه الكتمان وأرجوا أن يكون هذا البحث مساهمة في هذا المجال. من المعتبر حاله في تقدير المتعة من الزوجين: للعلماء ثلاثة أقوال: القول الأول: إن المعتبر في ذلك حال الزوج في يساره وإعساره فتقدر مراعاة لحاله وبه قال جمهور أهل العلم لقوله تعالى: { ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ . الآية 236 من سورة البقرة . القول الثاني: المعتبر في ذلك حال المرأة في يسارها وإعسارها ومكانتها في المجتمع، وبه قال بعض الحنفية وهو وجه عند الشافعية لأن المهر معتبر بها كذلك المتعة القائمة مقامه([31]). القول الثالث([32]): إنها معتبرة بحالهما معاً وبه قال بعض الحنفية لأن الله تعالى اعتبر في المتعة شيئين أحدهما حال الرجل في يساره وإعساره بقوله عز وجل: { ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜﭼ . والثاني: أن يكون مع ذلك بالمعروف بقوله تعالى متاعاً بالمعروف. مقدار المتعة ونوعها: لم يرد نص في تقدير المتعة ونوعها , فاجتهد الفقهاء في مقدارها. قرر الحنفية أنها ثلاثة أثواب: لقوله تعالى: { ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜﭼ والمتاع اسم للعروض في العرف والمفتى به أن المتعة تعتبر بحال الزوجين كالنفقة , فإن كانا غنيين فلها الأعلى من الثياب، وإن كانا فقيرين فأدنى وإن كانا مختلفين فالوسط([33]). قال الشافعية : يستحب ألا تنقص المتعة عن ثلاثين درهماً أو ما قيمته ذلك وهذا أدنى المستحب, وأعلاه خادم وأوسطه ثوب. ويسن أن لا تبلغ نصف مهر المثل, فإن بلغته أو جاوزته جاز لإطلاق الآية (ومتعوهنَّ) . فإن تنازع الزوجان في قدرها , قدرها القاضي باجتهاده بحسب ما يليق بالحال, معتبراً حال الزوجين([34]). وذهب المالكية والحنابلة : إلى أن المتعة معتبرة بحال الزوج يساراً أو إعساراً على موسع قدره وعلى المقتر قدره، للآية السابقة المصرحة بكون المتعة على حسب الحال الزوج،, فأعلاه خادم أي قيمة خادم في زمنهم إذا كان موسراً أو أدناها إذا كان فقيراً كسوة كاملة تجز بها في صلاتها أي أقل الكسوة وهي درع وخمار، ونحو ذلك([35]). ونص القانون السوري على بعض أحكام المتعة: إذا وقع الطلاق قبل الدخول والخلوة الصحيحة فعندئذ تجب المتعة. (( المتعة: هي الكسوة مثل كسوة المرأة عند الخروج من بيتها, ويعتبر فيها حال الزوج على ألا تزيد على نصف مهر المثل([36]) )). وقد نصت المادة 71 من قانون الأحوال الشخصية على أن النفقة الزوجية تشمل الطعام والسكنى والتطبيب بالقدر المعروف وخدمة الزوجة التي يكون لأمثالها خادم, ويلزم الزوج بدفع النفقة إلى زوجته إذا امتنع عن الإنفاق عليها أو ثنت تقصيره. وفي المادة 76 تقدر النفقة للزوجة على زوجها بحسب حال الزوج عسراً ويسراً مهما كانت حالة الزوجة على أن لا تقل عن حد الكفاية للمرأة. مقترح: حين تطلق المرأة بعد عشرين عاماً من الزواج وتجد نفسها لا تملك إلا المهر المنصوص عليه. فالمقترح: اعتماد طريقة لاحتساب ما أنفقته المرأة العاملة في الحياة الزوجية، مع التنويه هنا بأن قيام المرأة بواجباتها الزوجية من تربية الأطفال وحضانتهم وخدمة المنزل هو نفسه لون من العمل الذي يجب تقويمه مادياً مع التأكيد بأن قيمته المعنوية أكبر من أن يتم تقويمها بثمن. فالمرأة المطلقة بعد عشرين عاماً تستحق تعويضاً أكبر من المرأة التي طلقت بعد سنتين على سبيل المثال. ودليل المقترح قول الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}، وفي الحديث: "إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج"، ويقول: "المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً". حد الكفاية للمرأة. القانون المدني مضى إلى وجوب التعويض على العامل عند تسريحه بما يتناسب مع عمله فينال من خدم عشرين سنة أكثر مما ينال من خدم سنة واحدة , وهو محل اتفاق بين الشرع والقانون فإذا كان ذلك ثابتاً في حق العامل لمجرد عمله فلم لا يثبت للمرأة مثل هذا الحق, إضافة إلى أن المرأة خاصة المرأة العاملة قد تكون أنفقت مادياً نفقات كثيرة خلال تلك الفترة لا تلزمها شرعاً وقد أقرها الزوج لاحقاً, بل ربما طلبها منها سابقاً وفي الحالين فيفترض أن يحفظ لها الشرع حقها إن بالوكالة السابقة أو بالإجازة اللاحقة.
([1]) موارد الظمآن، الهيثمي، رقم الحديث (1311)، 1/318، ومصنف ابن أبي شيبة، رقم الحديث (25318)، 6/165، وشعب ال |
Powered by SyrianMonster Web Service Provider - all rights reserved 2024© |