المخاطر التي تواجه المصارف الإسلامية |
مفهوم المخاطر تعرف المخاطر بأنها: مسائل احتمالية تُعَرِّض المصرف إلى خسائر غير متوقعة وغير مخطط لها، و/أو تذبذب العائد المتوقع على استثمار معين. أنواع المخاطر تقسم المخاطر التي تتعرض لها المصارف إلى ثلاثة أنواع: المخاطر الفكرية، والمخاطر المالية، ومخاطر العمليات، وفيما يأتي عرض بشيء من التفصيل لهذه المخاطر: أولاً: مخاطر فكرية تشريعية: فاختلاف الرأي في فهم الشريعة الإسلامية قد أدى إلى تطبيقات متنوعة، وليس تطبيقاً واحداً للمبادئ الإسلامية في المعاملات المصرفية. وهذا التنوع الفكري يراه آخرون أنه قد يثري تجربة المصارف الإسلامية ويفتح أمامها العديد من الصيغ والأساليب. وعلى سبيل المثال([1]): ضمان الوديعة فتراه بعض المصارف أنه لا بأس بضمانها بل وحداً أدنى من العائد عليها وذلك في الحالات التالية: 1_ اشتراط صاحب المال على المضارب في عقد الوديعة عدم استخدام ماله إلا في عمليات تدر حداً أدنى من العائد. ب_ قيام طرف ثالث بضمان الوديعة وحد أدنى من العائد عليها، ويمكن أن يكون هذا الطرف الثالث هو أحد أجهزة الدولة. ج_ قيام مؤسسة تأمين تعاوني تشارك فيها مختلف المصارف الإسلامية مهمتها ضمان الودائع في حالات معينة يتفق عليها. د_ نصت المادة الرابعة من قانون النظام المصرفي الإسلامي في إيران على أنه لا مانع لدى المصارف من تأمين ودائع الرساميل التوظيفية ذات المدة. الاستخدامات لا تكاد تخرج ممارسات المصارف الإسلامية في استثمار مواردها عن الطرق الثلاثة الآتية: أولاً: تمويل النشاط الاقتصادي لعملاء المصرف: وهي الوظيفة التي تقوم بها المصارف العادية على سبيل الإقراض بفائدة محددة مسبقاً، وتقوم بها المصارف الإسلامية على سبيل المشاركة في الربح والخسارة أو المرابحة أو الإيجار.. الخ. ولعل صيغة التمويل على أساس المشاركة في الربح والخسارة هي أبعد الصيغ عن النظام المصرفي الحالي نظراً لما يتعرض له المصرف فيها من مخاطر نقصان أصل مبلغ التمويل في حالة الخسارة. وقد تنبهت المصارف الإسلامية في وقت مبكر إلى خطورة الاقتصار على هذه الصيغة واتجهت إلى تحديدها لائحياً أو عملياً بحيث لا تتجاوز نسبة محددة من مجموع مواردها، بل وحصرها البعض في نسبة محددة من حقوق المساهمين دون المودعين وأصبح بذلك خضوعها للتقييد أمراً مقبولاً لدى المصارف الإسلامية كما هو الشأن في تقييد المصارف العادية في شراء أسهم الشركات بنسبة محددة من رأسمالها. ويهمني هنا التأكيد على أمرين: 1_ أن المصارف الإسلامية تقوم بدراسة وتقييم المخاطر التي تتضمنها المشروعات التي تطلب التمويل بنفس الأساليب التي تقوم بها المصارف التقليدية سواء فيما يخص مخاطر العميل أو الدولة (سياسياً واقتصادياً) أو العملة، بل وتقوم بهذا التقييم بدرجة أعلى مما تقوم به المصارف التقليدية لمواجهة المخاطر الإضافية التي تتعرض لها نتيجة المشاركة في نتائج المشروع الذي تموله. 2_ أن المصارف الإسلامية بممارستها لهذا النوع من التمويل تقوم بالدور الذي تحجم عنه المصارف التقليدية في تقديم رأس المال المخاطر risk capital وهو الشرط اللازم ـ بانضمامه إلى المعرفة ـ knowhow لاستمرار إسهام العلم في خدمة الإنسان والحضارة. أما التمويل بالمرابحة فلا يثير صعوبة في نظر النظم المصرفية العادية فيما عدا مسألة جواز تملك البضاعة من حيث المبدأ، إذ أنه من الناحية العملية يتم نقل ملكية البضاعة فور تملك المصرف لها إلى المشتري، وتبقى مسألة تملك المصرف للبضاعة أشبه بحق المصرف في حالة إصدار مستندات البضاعة في الاعتمادات المستندية لأمر المصرف الذي يحولها بالتظهير إلى فاتح الاعتماد، وإن كان الهدف في حالة الاعتمادات المستندية هو إعطاء المصرف ضماناً على البضاعة بينما الهدف في حالة المرابحة هو تأكيد دور المصرف كمشتر وبائع للبضاعة، وهي مسألة أكاديمية ما زالت محل إعادة نظر في تكييفها الشرعي بغية تبسيطها وتقريبها إلى الواقع ونية الأطراف المتعاقدة، ويتصل بهذه المسألة مشكلة ضريبية في البلاد التي تفرض ضريبة القيمة المضافة على المبيعاتVAT أو ضريبة نقل ملكية العقار أو السيارات مثلا، والتي يعتبر دفع المصرف الإسلامي لها ثم دفع العميل لها مرة أخرى ازدواجاً في الضريبة يزيد من تكلفة البضاعة على العميل. والمأمون أن تراعي السلطات الضريبية الدور التمويلي للمصارف الإسلامية فتعفيها من هذه الضريبة قياساً على المصارف العادية التي لا تخضع لهذه الضرائب عند تمويلها للنشاط التجاري على أساس الفائدة ولا يكون اختلاف الصيغة سبباً في اختلاف المعاملة الضريبية. بقى التمويل بصيغة الإيجار والإيجار بشرط التمليك للعقارات والمعدات والآلات ووسائل النقل كالطائرات والسفن وقد أصبح أحد الأنشطة المصرح للمصارف العادية القيام بها في معظم الدول، ولا تمثل بالتالي مشكلة خاصة عند قيام المصارف الإسلامية بها فشأنها في ذلك شأن المصارف الأخرى. ثانياً: تمويل النشاط الاقتصادي من خلال شركات تابعة للمصرف: وهذه هي الطريقة الثانية التي تتبعها المصارف الإسلامية في استثمار مواردها إذ تقوم بإنشاء شركات تابعة متخصصة في مختلف قطاعات الاقتصاد من تجارة داخلية وخارجية وإسكان ومقاولات صناعات بأنواعها.. الخ، وتكون رؤوس أموال هذه الشركات إما مملوكة 100% للمصرف أو يملك المصرف نسبة غالبة فيها، ويقوم المصرف بتمويل رأسمالها العامل وفقاً لإحدى الصيغ التي يتم بها تمويل الغير، وتلجأ المصارف العادية إلى هذه الطريقة حيث يخضع رأس المال الرمزي للنسبة المسموح للمصرف شراؤها من الأسهم ـ بينما يعامل تمويل رأس المال وهو الأهم معاملة القروض باعتباره قرضاً مضموناً بفائدة محددة.. ورغم أن ضآلة رأس مال الشركة التابعة لا يعتبر واقياً من مخاطر إقراض مبلغ كبير إليها، إلا أن اختلاف الشخصية المعنوية يجعل سلطات الرقابة على المصارف تغض الطرف في بعض البلاد عن هذا النشاط وتعتبره ـ وفقاً للظاهر ـ قرضاً مضموناً وفقاً لتقدير إدارة المصرف. ولا تختلف المصارف الإسلامية في هذا الصدد عن المصارف العادية سوى أنها تعامل شركاتها التابعة وفقاً للصيغ السابق الإشارة إليها، وإن كان من الممكن دائماً ـ إن كان ذلك كافياً من وجهة نظر سلطات الرقابة المصرفية ـ اعتبار التمويل المقدم من المصرف إلى الشركة التابعة قرضا حسناً ـ أي بدون عائد ـ اكتفاء بالربح العائد على المصرف في صورة توزيعات dividend الشركات التابعة. كما أن من الممكن أن تتوسط شركة قابضة ـ تملك المصرف أو يملكها المصرف ـ في تمويل هذه الشركات وإن كان الوضع يختلف من دولة إلى أخرى وفقاً لمعاملة القانون المصرفي فيها للشركات التابعة والشقيقة. ثالثاً: القيام بالنشاط الاقتصادي ـ والتجاري بالذات ـ مباشرة بواسطة المصرف: وهذه هي الطريقة الثالثة التي لجأت إليها بعض المصارف الإسلامية بل وتوسعت فيها، وساعدها على ذلك بطبيعة الحال النص في نظمها الأساسية التي صدرت بقوانين على السماح لها بجميع الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية والنقل والتخزين والتأمين التبادلي وغير ذلك. ومن المستحسن وضع بعض القيود على قيام المصرف الإسلامي بنشاط تجاري مباشر لما في ذلك من منافسة غير مشروعة لعملائه الذين يأتمنونه على أسرارهم التجارية بحكم اطلاعه على مستندات الاستيراد في الاعتمادات المستندية التي تفتح عن طريقه ـ ولذلك فإن المصارف ـ شأنها في ذلك شأن المهن التي يؤتمن القائمون بها على أسرار عملائهم كمراقبي الحسابات والمحامين ـ ينبغي أن تظل بعيدة عن القيام بنفس النشاط حتى لا تقع تحت طائلة المنافسة غير المشروعة. وهذه الملاحظة خاصة بعمليات تجارة المواد المصنعة كالسيارات والمواد الغذائية مثلاً، ولا تمتد بالتالي إلى الاتجار في الأسواق الدولية في المواد الخام كالمعادن والحبوب حيث الأسعار يحددها العرض والطلب في البورصات العالمية بعيداً عن العملاء المحليين، والملاحظة التي تثور هي في عدم جواز دخول المصرف الإسلامي في عمليات مفتوحة open positions وتحمل مخاطر لا داعي لها هي أدخل في المغامرةspeculation منها في المتاجرة. وأرى هو تقييد المصرف الإسلامي من هذه الناحية، والأنسب هو قيام شركات تابعة للمصرف بهذه الأنشطة المباشرة حتى يتفرغ المصرف لوظيفته الأساسية في مجال التمويل. ثانياً: المخاطر المالية: وتتضمن المخاطر المتصلة بإدارة الموجودات والمطلوبات المتعلقة بالمصارف، وهذا النوع من المخاطر يتطلب رقابة وإشرافًا مستمرين من قبل إدارات المصارف وفقًا لتوجه وحركة السوق والأسعار والعمولات والأوضاع الاقتصادية والعلاقة بالأطراف الأخرى ذات العلاقة، وتحقق المصارف عن طريق أسلوب إدارة هذه المخاطر ربحًا أو خسارة، ومن أهم أنواع المخاطر المالية ما يلي: أ - المخاطر الائتمانية: فعملية الإقراض تكتنفها أخطار تتفاوت تبعًا لكل عملية، وعلى المصرف المقرِض أن يحاول كل ما في وسعه منع هذه الأخطار من أن تصبح حقيقة واقعة؛ لأنه إن لم يفعل فلن يحقق العائد الذي يرجوه، وقد تقود هذه الأخطار إلى خسارة الأموال المقرضة أيضًا، لذا فعلى المصرف أن يعمد إلى تحليل قدرة المقترض على السداد، وغالبًا ما يطلب المصرف من العميل تقديم ضمان يمكن المصرف من استخدامه إذا عجز المقترض عن السداد. ب - مخاطر السيولة: وتتمثل في عدم قدرة المصرف على سداد الالتزامات المالية عند استحقاقها، والمصرف الذي لا يستطيع الوفاء بالتزاماته قصيرة الأجل فهي البداية لحدوث ظاهرة العجز الذي إذا استمر يمكن أن يؤدي إلى إفلاسه، وقد تكون مخاطر السيولة كبيرة على المصارف المتخصصة في نشاطات الأموال الإلكترونية إذا لم تستطع التأكد من كفاية الأرصدة لتغطية التسديد في أي وقت محدد، إضافة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى مخاطر السمعة والتأثير على الربحية. ج - مخاطر التضخم: وهي المخاطر الناتجة عن الارتفاع العام في الأسعار، ومن ثم انخفاض القوة الشرائية للعملة. د - مخاطر تقلبات أسعار الصرف: وهي المخاطر الناتجة عن التعامل بالعملات الأجنبية وحدوث تذبذب في أسعار العملات، الأمر الذي يقتضي إلمامًا كاملاً ودراسات وافية عن أسباب تقلبات الأسعار. هـ - مخاطرة إعادة التسعير: والتي تنشأ من الاختلافات الزمنية في فترة الاستحقاق (للأسعار الثابتة) وأسعار أصول المصرف (العائمة). ثالثاً: مخاطر العمليات (التشغيل): يشمل هذا النوع المخاطر العملية المتولدة من العمليات اليومية للمصارف، ولا يتضمن عادة فرصة للربح، فالمصارف إما أن تحقق خسارة وإما لا تحققها، وعدم ظهور أية خسائر للعمليات لا يعني عدم وجود أي تغيير، ومن المهم للإدارة العليا التأكد من وجود برنامج لتقويم تحليل مخاطر العمليات، وتشمل مخاطر العمليات ما يلي: أ _ الاحتيال المالي (الاختلاس): وتعتبر من أكثر أشكال الاختلاس شيوعًا بين الموظفين، وتمثل معظم الخسائر التي تتعرض لها المصارف نتيجة حالات الاختلاس من الأموال المودعة بالمصارف أو الشيكات السياحية من الفروع وأجهزة الصرف الآلي. وتمثل عملية استعادة تلك الخسائر الناتجة من عمليات الاختلاس من الأمور المعقدة والصعبة، وفي بعض الأحيان تكون مستحيلة فيستدعي ذلك ضرورة تصميم برامج الكشف عن حالات الاختلاس ووضع إجراءات تكون أكثر فعالية لتقليل احتمالية حدوثها، بحيث تكون كلفة هذه الإجراءات لا تزيد بأي حال من الأحوال عن تكلفة محاولة استعادة المبالغ المختلسة و/أو الخسائر المحققة نتيجة عمليات الاختلاس. في دراسة شملت ست دول فإن حوالي 60% من متوسط حالات الاختلاس في أي مصرف قام بها موظفون و20% قام بها مديرون. ب – التزوير: وتتمثل في تزوير الشيكات المصرفية أو تزوير الأوراق المالية القابلة للتداول، مثل: خطابات الاعتماد، أو تزوير الوكالات الشرعية نتيجة عدم قدرة الموظفين العاملين في المصارف على التأكد بصورة كافية من صحة المستندات المقدمة إليهم من العملاء قبل البدء في دفع قيمتها. وتشير إحدى الدراسات إلى أن الخسائر الناتجة عن عمليات التزوير ما بين 10% إلى 18% في المصارف؛ نظرًا لتزايد استخدام التقنية في العمليات المصرفية، وهو ما أدى إلى تطور الفرص للأعمال الإجرامية، التي تطورت أساليبها وزادت صعوبة اكتشافها من خلال الوسائل العالية التقنية. ج – تزييف العملات: إن تطور الوسائل التكنولوجية في معظم الدول ساعد على زيادة حالات تزييف العملات، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتقدير حجم عملة الدولار المزورة بنحو بليون دولار أمريكي فئة20،50،100 ويتم تداولها خارج الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يمكن لأي خبير في هذا المجال اكتشاف ذلك. د - السرقة والسطو: وتزداد حالات السرقة والسطو مع تزايد حالات جرائم تعاطي المخدرات والمتاجرة فيها. هـ - الجرائم الالكترونية: وهي من أكثر الجرائم شيوعًا وتتمثل في المجالات الرئيسة التالية: - أجهزة الصرف الآلي. - بطاقات الائتمان. - نقاط البيع. - عمليات الاختلاس الداخلي من خلال تواطؤ الموظفين. - تبادل البيانات آليًا. - عمليات الاختلاس الخارجي. عمليات التجزئة الآلية. تتجه المصارف حاليًا إلى توسيع نطاق خدماتها في هذا الجانب من العمليات والتي تشمل تسديد فواتير الهاتف والكهرباء والمياه وغيرها، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة عرضتها للأخطار، ولكن تحسين الإجراءات الأمنية مع الأخذ بوسائل خاصة له أثر في الحد منها إلى أقصى حد ممكن. و- المخاطر المهنية: تتعرض المصارف عمومًا إلى نقص في مخصصاتها للخدمات والمنتجات المالية كأكبر أشكال مخاطر العمليات انتشارًا في القطاع المصرفي، وتندرج تحتها الأخطاء المهنية والإهمال والمخاطر المرتبطة بالمسؤولية القانونية التي يجب التفريق فيها بين المخاطر المهنية التي تؤثر على مجلس الإدارة عن تلك المؤثرة على ذات المصرف، علمًا بأن الالتزامات تنشأ من مصادر مختلفة منها: - دعاوى المساهمين. - الخدمات المقدمة للعملاء. - ممارسات موظفي المصارف. - الالتزامات البيئية. - مطالبات التزامات المقترضين.
|
Powered by SyrianMonster Web Service Provider - all rights reserved 2024© |