الأخذ بالأسباب طاعة وإعفاف النفس عبادة |
الإسلام يدعو اتباعه إلى الأخذ الأسباب والسعي لتحقيق المطالب والأغراض وخاصة في الرزق. والله الخالق القدير قد لفت نظر الإنسان إلى الكون وما يحتويه ودعاه إلى التجول في رحاب أرضه، وتسلق قمم جباله، والغوص في بحاره، والبحث في كواكبه وأفلاكه، والاستفادة من خيراته. قال سبحانه وتعالى: {وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره، وسخر لكم الأنهار، وسخر لكم الشمس والقمر دائبين، وسخر لكم الليل والنهار} [إبراهيم: الآيتان 32 -33]. قال تعالى: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [الملك: 15]. والمسلمون الأولون كانوا عاملين ومتوكلين، يخوضون ميادين الحياة في التجارة والصناعة والزراعة، والأبحاث العلمية والفكرية. أخذاً بالأسباب التي أرشدهم إليها الله. وبذلك انفردوا بالسيادة والتقدم. ضرورة الأخذ بالأسباب كأحد أهم عناصر زيادة الرزق. فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان رائد العاملين والآخذين بالأسباب وكان يحث الناس على العمل، ويتعوذ بربه من العجز والكسل. واتخاذ الأسباب لا يتنافى مع التوكل على الله. فلقد فرض الله على الإنسان أن يتخذ الأسباب مع الاعتماد على السبب وهو الله وحده وتعاليم الإسلام تحذر من إهمال السبب، فقد أهمل إعرابي بعيره من غير قيد أمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: توكلت على الله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “اعقلها وتوكل”. إن الله قد أمر المؤمنين باتخاذ الأسباب، أسباب القوة المادية لتكون بجانب القوة المعنوية في خوض المعارك والحروب: فقال سبحانه: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} [الأنفال: 60]. جاء الإسلام واضحاً في اتخاذ أسباب الوقاية من الأمراض وذلك لا يتنافى مع التوكل على الله، فيقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وانتم فيها فلا تخرجوا منها". ألم يحذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من إهمال الأسباب في ترك أواني الطعام والشراب مكشوفة، خشية من سقوط الحشرات الضارة التي تسبب الأمراض فيها فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "اطفئوا المصابيح بالليل إذا رقدتم، وأوكئوا الأسقية وخمروا الطعام والشراب". طاعة وعبادة يبين الإسلام أن الأخذ بالأسباب في الحياة طاعة، والعمل من أجل إعفاف النفس والأهل عبادة، والسعي لزيادة الرزق ولنفع الغير جهاد في سبيل الله، خرج المسلمون صباحاً في يوم غزو فوجدوا شاباً قد بكر بالعمل، تبدو عليه القوة والنشاط، فتمنوا أن يكون معهم في الجهاد، وقالوا: لو كان شبابه وجلده في سبيل الله. فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لو خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله. ولو خرج ليعف نفسه عن المسألة فهو في سبيل الله، ولو خرج مفاخرا ومكاثرا فهو في سبيل الشيطان". والكسب الذي يجنيه المرء ثمرة سعيه، ونتيجة جهده وكفاحه أطيب كسب وأشرفه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده: وأن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده". |
Powered by SyrianMonster Web Service Provider - all rights reserved 2024© |