shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

{وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} [البقرة: 282].

{وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} [البقرة: 282].

 

 

 

 

  • حكم جديد متوجه إلى الكاتب، وليس إلى المتداينين، وحمله البعض على الوجوب والفريضة: فرضية عين على الوجوب، وآخرون على أنه فرض عين إذا لم يكن في البلدة غيره، فإذا كان فهو واجب على الكفاية، وحمله البعض على الوجوب حال فراغه. والسؤال الذي يلح على العقل هنا هو: ما وجه توجيه النهي إلى الكاتب، وإشراكه في زمرة المتعاملين؟ إن الجملة تجعل الكاتب فرداً من أفراد هذه المعاملة، حيث تُشْرَط عليه، وتلزمه، وتأمره بالكتابة الحقّة، والكاتب في الواقع أجير يُستدعى لكتابة جميع المعاملات التي يُطلب فيها التوثق بالكتابة والإشهاد، ولا أرى أن هناك خلافاً في أخذ الأجر، لأن الكتابة عمل وحرفة يجوز أخذ الأجرة عليها، ويُتوقع الخطر إن كتب الكاتب كتابةً تضيع معها الحقوق، وهو ما حذرت منه الآية فنهت الكاتب - ليس الإباء عن الكتابة - بل عن عدم الكتابة الحقّة الموصوفة بقوله: {كما علمه الله}. ولعل أفعال الكثير من المحامين، وهم الذين يكتبون العقود في زماننا غالباً، في تغيير بعض الصيغ في العقد، وإضافة أو حذف بعض الكلمات مما يفوت الفرصة على صاحب الحق عند مطالبته بحقه، وهذا ما يشرح المقصود من النهي. وكم من حقوق ضاعت بسبب هذه الثغرات التي تضمنتها تلك العقود، فالأمر المفهوم من قوله: {ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله} لا يحتمل إلا وجهاً واحداً وهو أنه فرض عين، لأن ضد ذلك يعني أنه خان الأمانة، وكتب ليس كما علمه الله، وتلك جريمة تضيع بسببها الحقوق، ويشيع بسببها الفساد.
  • وَفِيهِ مَسَائِلُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ نَهْيٌ لِكُلِّ من كان كاتباً عن الامتناع عن الكتبة، وإيجاب الكتبة عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ كَاتِبًا، وَفِيهِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْإِرْشَادِ إِلَى الْأَوْلَى لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَابِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الله تعالى لما علمه الكتبة، وَشَرَّفَهُ بِمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَكْتُبَ تَحْصِيلًا لِمُهِمِّ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ شُكْرًا لِتِلْكَ النِّعْمَةِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ [الْقَصَصِ: 77] فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِكِتَابَتِهِ كَمَا نَفَعَهُ اللَّهُ بِتَعْلِيمِهَا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أحداً يكتب إلا ذلك الواحد وجب الكتبة عَلَيْهِ، فَإِنْ وَجَدَ أَقْوَامًا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَكْتُبَ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْكَاتِبِ، ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ}. وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْإِيجَابِ هُوَ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ، يَعْنِي الْوَاجِبُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ، وَأَنْ لَا يُخِلَّ بِشَرْطٍ مِنَ الشَّرَائِطِ، وَلَا يُدْرِجُ فِيهِ قَيْدًا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْإِنْسَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَهُ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ هَذِهِ الشُّرُوطِ اخْتَلَّ مَقْصُودُ الْإِنْسَانِ، وَضَاعَ مَالُهُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تَكْتُبُ فَاكْتُبْهُ عَنِ الْعَدْلِ، وَاعْتِبَارِ كُلِّ الشَّرَائِطِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى.
  • نهي لمن كان قادرًا على الكتابة من أن يمتنع عن الكتابة، فلا يصح لمن يحسن الكتابة من حيث جودة الخط واستبانته، ومن حيث العلم بفقه العقود، والقدرة على تحقيق العدالة بين العاقدين في وثيقة العقد؛ لَا يصح له أن يمتنع عن الكتابة إذا دعي إليها وإنه ليأثم إن تعين للكتابة ولم يوجد موثوق به فيها سواه، وامتنع عن الكتابة، ولقد قال الفقهاء: إن الكتابة فرض كفاية بمعنى أنه إذا امتنع كُتَّاب أهل قرية عن الكتابة أثموا، بل إنه يجب على أهل كل بلدة أن يخصصوا ناسًا لكتابة الوثائق فيها. وإنه على هذا يجب أن تعمل الدولة على تهيئة ناس لتوثيق العقود وكتابتها. وإن الكتابة لطلابها من التعاون على البر والتقوى، فهي صناعة، وهي علم، وواجب على الصانع أن يُعِين من لَا يحسن، فقد قال صلى الله عليه وسلم "إِنَّ مِنَ الصَّدَقَةِ أَنْ "تُعِينُ ضَايِعًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ" [البخاري، 2518، (3/ 144)]. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "مَنْ كَتَمَ عِلْمًا يَعْلَمه ألْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ" [المعجم الكبير للطبراني، (11/ 5)، 10845].
  • بعد أن شرط الله في الكاتب العدالة شرط فيه العلم بالأحكام والفقه في كتابة الدين، إذ الكتابة لا تكون ضماناً تاماً إلا إذا كان الكاتب عالما بالأحكام الشرعية والشروط المرعية عرفا وقانونا، وكان عادلا حسن السيرة، لا غرض له إلا بيان الحق بلا محاباة. وقدم صفة العدالة على صفة العلم، لأن العادل يسهل عليه أن يتعلم ما ينبغي أن يعلمه لكتابة الوثائق، ولكن من كان عالما غير عادل فالعلم بهذا وحده لا يهديه للعدالة، وقلما رأينا فسادا من عدل ناقص العلم، ولكن أكثر الفساد من العلماء الذين فقدوا ملكة العدالة. وفي ذكر هذه الشروط في الكاتب إرشاد من الله للمسلمين أن يكون فيهم هذا الصّنف من الكتاب القادرين على كتابة العقود الرسمية، كما أن في ذكرها إيماء إلى أنه ينبغي أن يكون الكاتب غير المتعاقدين وإن كانا يحسنان الكتابة خيفة أن يغالط أحدهما الآخر أو يغشّه. وفي التعبير بقوله (ولا يأب) رمز إلى أن العالم بما فيه مصلحة الناس، إذا دعي إلى القيام بعمل وجب عليه أن يلبّى الدعوة.
  • نَهْيٌ لِلْكَاتِبِ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى خِلَافِ الْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَهَذَا النَّهْيُ عَلَى الْوُجُوبِ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ كَتْبَهُ عَلَى خِلَافِ مَا تُوجِبُهُ أَحْكَامُ الشَّرْعِ كَمَا تَقُولُ لَا تُصَلِّ النَّفَلَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَا غَيْرِ مَسْتُورِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ ذَلِكَ أَمْرًا بِالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ وَلَا نَهْيًا عَنْ فِعْلِهَا مُطْلَقًا وَإِنَّمَا هُوَ نَهْيٌ عَنْ فِعْلِهَا عَلَى غَيْرِ شَرَائِطِهَا الْمَشْرُوطَةِ لَهَا وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ هُوَ نَهْيٌ عَنْ كَتْبِهِ عَلَى خِلَافِ الْجَائِزِ مِنْهُ إذْ لَيْسَتْ الْكِتَابَةُ فِي الْأَصْلِ وَاجِبَةً عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ لَا تَأْبَ أَنْ تُصَلِّيَ النَّافِلَةَ بِطَهَارَةٍ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ فِيهِ إيجَابٌ مِنْهُ لِلنَّافِلَةِ فَكَذَلِكَ مَا وَصَفْنَا.
  • التكليف هنا من الله - بالقياس إلى الكاتب - كي لا يتأخر ولا يأبى ولا يثقل العمل على نفسه. فتلك فريضة من الله بنص التشريع، حسابه فيها على الله. وهي وفاء لفضل الله عليه إذ علمه كيف يكتب.. {فليكتب} كما علمه الله. وهنا يكون الشارع قد انتهى من تقرير مبدأ الكتابة في الدين إلى أجل. ومن تعيين من يتولى الكتابة. ومن تكليفه بأن يكتب. ومع التكليف ذلك التذكير اللطيف بنعمة الله عليه، وذلك الإيحاء بأن يلتزم العدل.
  • كَانَ أَحَدُهُمْ يَجِيءُ إِلَى الْكَاتِبِ فَيَقُولُ: اكْتُبْ لِي، فَيَقُولُ: إِنِّي مَشْغُولٌ أَوْ لِي حَاجَةٌ، فَانْطَلِقْ إِلَى غَيْرِي، فَيَلْزَمُهُ وَيَقُولُ: إِنَّكَ قَدْ أُمِرْتَ أَنْ تَكْتُبَ لِي، فَلَا يَدَعُهُ وَيُضَارُّهُ بِذَلِكَ وَهُوَ يَجِدُ غَيْرَهُ، وَيَأْتِي الرَّجُلُ فَيَقُولُ: انْطَلِقْ مَعِي، فَيَقُولُ: اذْهَبْ إِلَى غَيْرِي فَإِنِّي مَشْغُولٌ أَوْ لِي حَاجَةٌ، فَيَلْزَمُهُ وَيَقُولُ: قَدْ أُمِرْتَ أَنْ تَتْبَعَنِي، فَيُضَارَّهُ بِذَلِكَ، وَهُوَ يَجِدُ غَيْرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: 282].
  • أَيْ: وَلَا يَمْتَنِعْ مَنْ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ إِذَا سُئِل أَنْ يكتبَ لِلنَّاسِ، وَلَا ضَرُورَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَكَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ، فَلْيتصدق عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَلْيَكْتُبْ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "إِنَّ مِنَ الصَّدَقَةِ أَنْ "تُعِينُ ضَايِعًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ" [البخاري، 2518، (3/ 144)]. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "مَنْ كَتَمَ عِلْمًا يَعْلَمه ألْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ" [المعجم الكبير للطبراني، (11/ 5)، 10845].
  • أي: لا يمتنع، يقال: أبى فلان الشيء يَأبَاهُ، إذا امتنع عنه ولم يفعله، ويقال: أَخَذَه أُبَاءٌ، إذا كان يأْبى الطعامَ فلا يشتهيه. قال مجاهد والربيع: واجب على الكاتب أن يكتبَ إذا أُمر؛ لأن الله تعالى أَمَره أن لا يَأْبى. قال الفراء: أُمِرَ الكاتبُ أن لا يأبى، لقلةِ الكُتّاب كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الحسن: ذاك إذا لم يقدر على كاتب سواه فيضر بصاحب الدين إن امتنع.
  • يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا بَيَّنَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ وَالْمُدَايَنَاتِ الثَّابِتَةِ الْجَائِزَةِ لِكَيْ يَحْصُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَدَايِنَيْنِ مَا قَصَدَ مِنْ تَصْحِيحِ عَقْدِ الْمُدَايَنَةِ وَلِأَنَّ الْكَاتِبَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكْتُبَ مَا يُفْسِدَ عَلَيْهِمَا مَا قَصَدَاهُ وَيُبْطِلَ مَا تَعَاقَدَاهُ وَالْكِتَابُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَتْمًا وَكَانَ نَدْبًا وَإِرْشَادًا إلَى الْأَحْوَطِ فَإِنَّهُ مَتَى كُتِبَ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذِهِ الشَّرِيطَةِ.
  • أي: لا يمتنعن من أن يكتب بالعدل، وقيل، ولا يمتنع عن الكتابة، إذا استكتب. السدي: فرض على الكفاية، وقيل: واجب عند الفراغ. عطاء: واجب، والجماعة على أنها نسخت بقوله: (وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ). الغريب: كما علمه الله متعلق بما بعده، أي كما منَّ الله عليه، بتعلم الكتابة، فليكتب جزاء وشكراً.
  • فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ كَالْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ؛ قَالَهُ الشَّعْبِيُّ. الثَّانِي: أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكَاتِبِ فِي حَالِ فَرَاغِهِ؛ قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ نَدْبٌ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ؛ قَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَمْرُ إرْشَادٍ؛ فَلَا يَكْتُبُ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ.
  • تذكير هؤلاء الكتبة بنعمة الله، وأن مِن شُكر نعمة الله عليهم أن يكتبوا؛ لقوله تعالى: { كما علمه الله }؛ وهذا مبني على أن الكاف هنا للتعليل. فإن قيل: «إنها للتشبيه» صار المعنى: أنه مأمور أن يكتب على الوجه الذي علمه الله من إحسان الخط، وتحرير الكتابة.
  • دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ فِيمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ حَقًّا فِي مَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْتَمِلُ ذَلِكَ الْحَقُّ أَنْ يَكُونَ كُلَّمَا دُعِيَ لِحَقٍّ كَتَبَهُ لَا بُدَّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ هُوَ فِي مِثْلِ حَالِهِ أَنْ يَقُومَ مِنْهُمْ مَنْ يَكْفِي حَتَّى لَا تَكُونَ الْحُقُوقُ مُعَطَّلَةً.
  • إن المسلمين بعامة في حاجة ماسة إلى القلم الصادق إلى القلم الأمين إلى القلم الملهم، الذي ينشر الحق ويُحيي السنة، ويدل الناس إلى ما فيه خير دينهم ودنياهم {وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ} [البقرة:282].
  • نهى لمن يعرف الكتابة أن يمتنع عن كتابة الدين إذا دعى إلى كتابته، فقد أنعم الله عليه بأن علّمه ما لم يكن يعلم، فلينفق من هذا الرزق الذي رزقه الله إياه، فى سبيل الخير، فذلك من زكاة هذه النعمة.
  • أي: يا أيها الكاتب! يا من علمك الله الكتابة! إذا دعيت لتكتب بين الناس كما علمك الله فعليك أن تخدم الناس، كما قال سبحانه: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص:77].
  • أي: ولا يمتنع كاتب من أن يكتب للمتداينين ديونهما بالطريقة التي علمه الله إياها أن يتحرى العدل والحق في كتابته، وأن يلتزم فيها ما تقتضيه أحكام الشريعة الإسلامية.
  • أي: مثل ما علمه الله من كتابة الوثائق لا يبدل ولا يغير. وقيل المعنى: كما أمر الله تعالى به من الحق، فيكون علم بمعنى أعلم، وقيل المعنى: كما فضله الله بالكتابة.
  • أي: ولا يمتنع أحد من أن يكتب كتاب الدين بين الدائن والمديون على طريقة ما علمه الله كتابة الوثائق فليكتب تلك الكتابة التي علمه الله إياها.
  • عَنْ عَامِرٍ، وَعَطَاءٍ، قَوْلُهُ: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} [البقرة: 282] قَالَا: «إِذَا لَمْ يَجِدُوا كَاتِبًا فَدُعِيتَ فَلَا تَأْبَ أَنْ تُكْتَبَ لَهُمْ».
  • {ولا يأب} يمتنع {كاتب} من {أن يكتب} إذ دعي إليها {كما علمه الله} اي فضله بالكتابة فلا يبخل بها والكاف متعلقة بـ (يأب).
  • عَنِ الرَّبِيعِ: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} [البقرة: 282] «فَكَانَ هَذَا وَاجِبًا عَلَى الْكُتَّابِ».
  • أي: ولا يمتنع واحد من الكتاب أن يكتب مثلما علمه الله كتابة الوثائق. لا يبدل، ولا يغير. فليكتب تلك الكتابة، لا يعدل عنها.
  • يَعْنِي: وَلَا يَأْبَيَنَّ كَاتِبٌ اسْتُكْتِبَ ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ بَيْنَهُمْ كِتَابَ الدَّيْنِ، كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ كِتَابَتَهُ فَخَصَّهُ بِعِلْمِ ذَلِكَ، وَحَرَمَهُ كَثِيرًا مِنْ خَلْقِهِ.
  • أي: لا يمتنع أحد من الكتاب من أن يكتب كتاب التداين على الطريقة التي علّمه الله من الكتابة أو كما علمه الله.
  • الأمر بالكتب مصلحة دنيوية وهي حفظ المال، ومصلحة دينية وهي السلامة من الخصومة بين المتعاملين.
  • وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَشا عَلَّمَهُ اللَّهُ يَكُونُ صَوَابًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ فِيهِ طَعْنٌ.
  • أي: لا يأب أن ينفع الناس بكتابته، كما نفعه الله بتعليمها، أو مثل ما علمه من كتابة الوثائق.
  • لا يخفى أن القيامَ بالكتابة للصُّكوك وحفظ الحقوق فرضٌ على الكفاية؛ كالقيام بالشهادة.
  • عَنِ الضَّحَّاكِ، {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} [البقرة: 282] كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ.
  • يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَتْمًا عَلَى مَنْ دُعِيَ لِلْكِتَابِ فَإِنْ تَرَكَهُ تَارِكٌ كَانَ عَاصِيًا.
  • أي: لا يأب أنْ يكتب كما أمره اللَّه به من الحق.
  • وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ الكتابة.
  • نَهَى الْكَاتِبُ عَنِ الِامْتِنَاعِ مِنَ الْكِتَابَةِ.

عدد القراء : 343