shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

كتاب الصلاة (فقه مقارن)

كتاب الصلاة المقارن

البَابُ الثاني: الصلاة

الفَصْلُ الأوَّل: مفهوم الصلاة

المبحث الأوَّل: تعريف الصلاة

التعريف:

الصلاة أصلها في اللغة: الدعاء، لقوله تعالى: {وَصَل عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أي ادع لهم.

وفي الحديث: قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَل، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ"([1])، أي لِيَدْعُ لأرباب الطعام.

وفي الاصطلاح([2]):

هي أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم مع النية بشرائط مخصوصة.

أو هي اسم لهذه الأفعال المعلومة من القيام والركوع والسجود.

مكانة الصلاة في الإسلام:

للصلاة مكانة عظيمة في الإسلام. فهي آكد الفروض بعد الشهادتين وأفضلها، وأحد أركان الإسلام الخمسة.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ"([3]).

وقد نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تاركها إلى الكفر فقال: "إِنَّ بَيْنَ الرَّجُل وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاَةِ"([4]).

وعن عبد الله شقيق العقيلي قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة([5]).

فالصلاة عمود الدين الذي لا يقوم إلا به، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيل اللَّهِ"([6]).

وهي أول ما يحاسب العبد عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أَوَّل مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلاَةُ، فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَنَجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ"([7]).

كما أنها آخر وصية وصى بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمته عند مفارقته الدنيا فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "الصَّلاَةَ"([8]).

وهي آخر ما يفقد من الدين، فإن ضاعت ضاع الدين كله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الإِسْلاَمِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِاَلَّتِي تَلِيهَا، فَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ، وَآخِرُهُنَّ الصَّلاَةُ"([9]).

كما أنها العبادة الوحيدة التي لا تنفك عن المكلف، وتبقى ملازمة له طول حياته لا تسقط عنه بحال.

المبحث الثاني: مشروعية الصلوات الخمس:

أصل وجوب الصلاة كان في مكة في أول الإسلام؛ لوجود الآيات المكية التي نزلت في بداية الرسالة تحث عليها.

وأما الصلوات الخمس بالصورة المعهودة فإنها فرضت ليلة الإسراء والمعراج على خلاف بينهم في تحديد زمنه.

وقد ثبتت فرضية الصلوات الخمس بالكتاب والسنة والإجماع:

أما الكتاب فقوله تعالى في غير موضع من القرآن.

مثل قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ} [البقرة: 110].

وقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، أي فرضاً مؤقتاً.

وقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238].

وقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْل} [هود: 114] يجمع الصلوات الخمس؛ لأن صلاة الفجر تؤدى في أحد طرفي النهار، وصلاة الظهر والعصر يؤديان في الطرف الآخر، إذ النهار قسمان غداة وعشي، والغداة اسم لأول النهار إلى وقت الزوال، وما بعده العشي، فدخل في طرفي النهار ثلاث صلوات ودخل في قوله: {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْل} المغرب والعشاء، لأنهما يؤديان في زلف من الليل وهي ساعاته.

وقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْل وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]، قيل: دلوك الشمس زوالها، وغسق الليل أول ظلمته، فيدخل فيه صلاة الظهر والعصر، وقوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} أي وأقم قرآن الفجر وهو صلاة الفجر، فثبتت فرضية ثلاث صلوات بهذه الآية وفرضية صلاتي المغرب والعشاء ثبتت بدليل آخر، وقيل: دلوك الشمس غروبها فيدخل فيها صلاة المغرب والعشاء، وفرضية الظهر والعصر ثبتت بدليل آخر.

وأما السنة:

فما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال عام حجة الوداع: "اعْبُدُوا رَبَّكُمْ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَحُجُّوا بَيْتَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ طَيِّبَةً بِهَا أَنْفُسُكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ"([10]).

وقد انعقد إجماع الأمة على فرضية هذه الصلوات الخمس وتكفير منكرها([11]).

المبحث الثالث: شروط الصلاة:

تقسيمات الشروط عند الفقهاء:

قسم الفقهاء شروط الصلاة إلى: شروط وجوب، وشروط صحة، وزاد المالكية قسماً ثالثاً هو: شروط وجوب وصحة معا.

شروط وجوب الصلاة:

الإسلام([12]): تجب الصلاة على كل مسلم ذكر أو أنثى.

العقل([13]): لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمُبْتَلَى" وفي رواية: "الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبُرَ"([14]).

البلوغ([15]): لا خلاف بين الفقهاء في أن البلوغ شرط من شروط وجوب الصلاة؛ لأنها عبادة بدنية، فلم تلزمه كالحج، لكن على وليه أن يأمره بالصلاة إذا بلغ سبع سنوات، ويضربه على تركها إذا بلغ عشر سنوات؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ"([16]).

وقد حمل جمهور الفقهاء الأمر في الحديث على الوجوب، وحمله المالكية على الندب.

شروط صحة الصلاة:

أ - الطهارة الحقيقية:

وهي طهارة البدن والثوب والمكان عن النجاسة الحقيقية؛ لقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]، وإذا وجب تطهير الثوب فتطهير البدن أولى، ولقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تَنَزَّهُوا مِنَ الْبَوْل، فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ"([17])، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي"([18])، فثبت الأمر باجتناب النجاسة، والأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي في العبادات يقتضي الفساد.

وأما طهارة مكان الصلاة فلقوله تعالى: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125]، وقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]، فهي تدل بدلالة النص على وجوب طهارة المكان كما استدل بها على وجوب طهارة البدن كما سبق.

ولما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الصلاة في المزبلة والمجزرة ومعاطن الإبل وقوارع الطريق والحمام والمقبرة... إلخ([19])، ومعنى النهي عن الصلاة في هذا الأماكن وما يشبهها: كونهما موضع النجاسة([20]).

ب - الطهارة الحكمية([21]):

وهي طهارة أعضاء الوضوء عن الحدث، وطهارة جميع الأعضاء عن الجنابة؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لاَ تُقْبَل صَلاَةٌ بِغَيْرِ طَهُورٍ"([22])، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطَّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ"([23])، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "تَحْتَ كُل شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ"([24])، والإنقاء هو التطهير.

ج - ستر العورة([25]):

لقول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُل مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: المراد به الثياب في الصلاة([26]).

ولقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لاَ يَقْبَل اللَّهُ صَلاَةَ حَائِضٍ إِلاَّ بِخِمَارٍ"([27])؛ ولأن ستر العورة حال القيام بين يدي الله تعالى من باب التعظيم.

د - استقبال القبلة([28]):

لقوله تعالى: {فَوَل وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144]، وقال ابن عمر رضي الله عنهما بينما الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها. وكان وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة([29]).

هـ - العلم بدخول الوقت:

لقول الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْل وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]، ولقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أَمَّنِي جِبْرِيل عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ فِي الأُولَى مِنْهُمَا حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْل الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ كُل شَيْءٍ مِثْل ظِلِّهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَأَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ، حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ وَحَرُمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ. وَصَلَّى الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالأَمْسِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ لِوَقْتِهِ الأَوَّل، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الآْخِرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْل، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتِ الأَرْضُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ جِبْرِيل وَقَال: يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ"([30]).

وقد اتفق الفقهاء على أنه يكفي في العلم بدخول الوقت غلبة الظن([31]).

المبحث الرابع: تقسيم أقوال وأفعال الصلاة:

قسم الحنفية والحنابلة أقوال الصلاة وأفعالها إلى أركان، وواجبات، وسنن([32]).

فالأركان هي التي لا تصح الصلاة بدونها بلا عذر، وتركها يوجب البطلان سواء كان عمداً أو سهواً.

والواجبات عند الحنفية هي ما لا تفسد الصلاة بتركه، وتعاد وجوباً إن تركه عمداً بلا عذر، أو سهواً ولم يسجد للسهو؛ فترك الواجب عمداً يوجب الإعادة، وسهواً يوجب سجود السهو، وإن لم يعدها يكن آثماً فاسقاً، ويستحق تارك الواجب العقاب بتركه ولكن لا يكفر جاحده، ومذهب الحنابلة كمذهب الحنفية في حالة ترك الواجب سهواً، حيث إن تركه سهواً أو جهلاً يوجب سجود السهو عندهم، ويخالفونهم في حالة الترك عمدا حيث إن ترك الواجب عمدا يوجب بطلان الصلاة عندهم.

والسنن، وهي التي لا يوجب تركها البطلان ولو عمداً، بل يوجب تركها عمداً إساءة، وأما إن كان غير عامد فلا إساءة، وتندب إعادة الصلاة، وعند الحنابلة يباح السجود للسهو عند ترك السنة سهواً من غير وجوب ولا استحباب.

وزاد الحنفية قسماً رابعاً هو الآداب، وهو في الصلاة: ما فعله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مرة أو مرتين ولم يواظب عليه كالزيادة على الثلاث في تسبيحات الركوع والسجود، كما قسم الحنابلة السنن إلى ضربين: سنن أقوال، وسنن أفعال وتسمى هيئات.

وقسم المالكية والشافعية أقوال وأفعال الصلاة إلى أركان وسنن من حيث الجملة([33])، وزاد المالكية الفضائل (المندوبات).

والسنن عند الشافعية على ضربين: أبعاض: وهي السنن المجبورة بسجود السهو، سواء تركها عمداً أو سهوا،ً وهيئات: وهي السنن التي لا تجبر بسجود السهو.

أركان الصلاة عند الفقهاء:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن أركان الصلاة هي:

أ - النية:

النية وهي العزم على فعل العبادة تقربا إلى الله تعالى، فلا تصح الصلاة بدونها بحال.

والأصل فيها قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5]، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّمَا الأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُل امْرِئٍ مَا نَوَى"([34]).

وقد انعقد الإجماع على اعتبارها في الصلاة([35]).

ولا بد في النية من تعيين الفرضية ونوعية الصلاة، هل هي ظهر أم عصر؟.

اتفق الفقهاء على أن محل النية من المكلف القلب([36]).

يترتب على أن محل النية القلب، أمران([37]):

الأول: لا يكفي اللفظ باللسان دون القلب؛ فلو اختلف اللسان والقلب فالعبرة بما في القلب، فلو نوى بقلبه الظهر وبلسانه العصر.

الثاني: أنه لا يشترط مع نية القلب التلفظ في جميع العبادات.

ب - تكبيرة الإحرام([38]):

ودليل فرضيتها حديث عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير([39])، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم للمسيء صلاته: "إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ"([40])، وحديث علي رضي الله عنه يرفعه قال: "مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطَّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ"([41]).

وتكبيرة الإحرام هي: قول المصلي لافتتاح الصلاة (الله أكبر)([42]).

ويجب أن يكبر المصلي قائماً فيما يفترض له القيام؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمران بن حصين وكانت به بواسير: "صَل قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ"([43])، وزاد النسائي: "فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا".

كما يجب على المصلي النطق بتكبيرة الإحرام بحيث يسمع نفسه([44]).

ج - القيام للقادر في الفرض([45]):

لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، ولخبر عمران بن حصين كانت بي بواسير، فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة؟ فقال: صَل قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ"([46]).

وقد أجمعت الأمة على ذلك، وهو معلوم من الدين بالضرورة.

اتفق الفقهاء على أن القيام المطلوب شرعاً في الصلاة هو الانتصاب معتدلاً، ولا يضر الانحناء القليل الذي لا يجعله أقرب إلى أقل الركوع بحيث لو مد يديه لا ينال ركبتيه([47]).

وركن القيام خاص بالفرض من الصلوات دون النوافل؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَل، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ"([48]).

د - قراءة الفاتحة:

وهي ركن في كل ركعة من كل صلاة فرضاً أو نفلاً، جهرية كانت أو سرية.

لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ"([49])، وفي رواية: "لاَ تُجْزِئُ صَلاَةٌ لاَ يَقْرَأُ الرَّجُل فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ"([50])، ولفعله صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"([51]).

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة.

وذهب الحنفية إلى أن ركن القراءة في الصلاة يتحقق بقراءة آية من القرآن لقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]، أما قراءة الفاتحة فهي من واجبات الصلاة وليست بركن.

هـ - الركوع:

وقد انعقد الإجماع على ركنيته، وسنده قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} [الحج: 77].

وحديث المسيء صلاته، وهو ما رواه أبو هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليه السلام ثم قال: "ارْجِعْ فَصَل، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَل". فعل ذلك ثلاثاً، ثم قال: والذي بعثك بالحق فما أحسن غيره، فعلمني. فقال: "إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ. ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِل قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَل ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا"([52]). فدل على أن الأفعال المسماة في الحديث لا تسقط بحال، فإنها لو سقطت لسقطت عن الأعرابي لجهله بها([53]).

والهيئة المجزئة في الركوع أن ينحني انحناء خالصاً قدر بلوغ راحتيه ركبتيه بطمأنينة.

والعاجز ينحني قدر إمكانه، فإن عجز عن الانحناء أصلاً أومأ برأسه ثم بطرفه.

ولو عجز عن القيام وصلى قاعداً ينحني لركوعه بحيث تحاذي جبهته ما قدام ركبتيه من الأرض، والأكمل أن تحاذي جبهته موضع سجوده.

و - الاعتدال([54]):

هو القيام مع الطمأنينة بعد الرفع من الركوع، وهو ركن في الفرض والنافلة؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمسيء صلاته: "ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِل قَائِمًا"، ولأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم داوم عليه. لقول أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه([55])، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي".

ز - السجود([56]):

من أركان الصلاة السجود في كل ركعة مرتين. وقد انعقد الإجماع على ذلك لقوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]، ولحديث المسيء صلاته: "ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا".

وحد السجود: مس الأرض، أو ما اتصل بها من ثابت بالجبهة.

ويتحقق أقل السجود بمباشرة بعض جبهته مكشوفة مصلاه.

ويجب وضع جزء من الركبتين، ومن باطن الكفين، ومن باطن القدمين على مصلاه لخبر الصحيحين: " أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ - وأشار بيده إلى أنفه - وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ"([57])، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا سَجَدَ الْعَبْدُ سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ آرَابٍ: وَجْهُهُ، وَكَفَّاهُ، وَرُكْبَتَاهُ، وَقَدَمَاهُ"([58]).

ويجب أن يستقر في السجود؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا سَجَدْتَ فَأَمْكِنْ جَبْهَتَكَ"([59]).

ومتى عجز المصلي عن السجود بجبهته سقط عنه لزوم باقي الأعضاء؛ لأن الجبهة هي الأصل في السجود، وغيرها تبع لها، فإذا سقط الأصل سقط التبع.

ودليل التبعية، ما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إِنَّ الْيَدَيْنِ تَسْجُدَانِ كَمَا يَسْجُدُ الْوَجْهُ، فَإِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَهُ فَلْيَرْفَعْهُمَا"([60]).

ح - الجلوس بين السجدتين([61]):

من أركان الصلاة الجلوس بين السجدتين، سواء أكان في صلاة الفرض أم النفل؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمسيء صلاته: "ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا"، ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالساً([62]).

ط - الجلوس للتشهد الأخير([63]):

وهو ركن عند الشافعية والحنابلة، لمداومة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عليه، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"، ولأن التشهد فرض والجلوس له محله فيتبعه.

وذهب المالكية: إلى أن الركن هو الجلوس للسلام فقط.

ى - التشهد الأخير([64]):

يقول بركنيته الشافعية والحنابلة لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَقُل : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ ..." ([65]).

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نقول في الصلاة قبل أن يفرض التشهد: السلام على الله السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لاَ تَقُولُوا هَذَا، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ ..." الحديث([66])، وقال عمر رضي الله عنه: لا تجزئ صلاة إلا بتشهد، والتشهد الأخير عند المالكية سنة وليس بركن.

ك - الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد التشهد الأخير([67]):

هي ركن عند الشافعية والحنابلة؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، ولحديث: قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا: "اللَّهُمَّ صَل عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آل مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آل إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آل مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آل إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"([68]).

وبعض الحنابلة يعد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركناً مستقلاً، وبعضهم يجعلها من جملة التشهد الأخير.

ل - السلام([69]):

اتفق الفقهاء على ركنيته؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ"([70])، وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يختم الصلاة بالتسليم([71]).

والواجب تسليمة واحدة عند المالكية والشافعية، وقال الحنابلة: بوجوب التسليمتين.

م - الطمأنينة([72]):

هي: استقرار الأعضاء زمناً ما، وهي ركن في جميع الأركان.

ودليل ركنية الطمأنينة حديث المسيء صلاته المتقدم، وحديث حذيفة: أنه رأى رجلا لا يتم الركوع ولا السجود فقال له: ما صليت، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وآله وسلم([73]).

ن - ترتيب الأركان([74]):

لما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصليها مرتبة، مع قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"، وعلمها للمسيء صلاته مرتبة "بثم".

أركان الصلاة عند الحنفية:

أركان الصلاة عند الحنفية خمسة([75]):

أ - القيام:

وهو ركن للقادر عليه في الفرض، ويشمل التام منه وهو: الانتصاب مع الاعتدال، وغير التام وهو: الانحناء القليل بحيث لا تنال يداه ركبتيه، ويسقط عن العاجز عنه حقيقة أو حكماً، والعجز الحكمي هو: كما لو حصل له به ألم شديد، أو خاف زيادة المرض، أو زيادة جرحِه إذا قام، أو يَسْلُسُ بَوْلُهُ، أو يبدو ربع عورته، أو يضعف عن القراءة أصلاً، أما لو قدر على بعض القراءة إذا قام فإنه يلزمه أن يقرأ مقدار قدرته، والباقي قاعداً.

ب - القراءة:

ويتحقق ركن القراءة بقراءة آية من القرآن، ومحلها ركعتان في الفرض وجميع ركعات النفل والوتر.

وأصله قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20].

ج - الركوع:

وأقله طأطأة الرأس مع انحناء الظهر؛ لأنه هو المفهوم من موضوع اللغة فيصدق عليه قوله تعالى: {ارْكَعُوا}.

د - السجود:

ويتحقق بوضع جزء من جبهته وإن قل، ووضع أكثرها واجب للمواظبة، كما يجب وضع الأنف مع الجبهة

هـ - القعدة الأخيرة قدر التشهد:

واجبات الصلاة:

قد سبق أنه لم يقل بواجبات الصلاة سوى الحنفية والحنابلة، وواجبات الصلاة عند الحنفية تختلف عن واجبات الصلاة عند الحنابلة.

أ - واجبات الصلاة عند الحنفية([76]):

قراءة الفاتحة. وهي من واجبات الصلاة؛ لثبوتها بخبر الواحد الزائد على قوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]، والزيادة وإن كانت لا تجوز، لكن يجب العمل بها، ومن أجل ذلك قالوا بوجوبها. ولقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ ، فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ"([77])، ولو كانت قراءة الفاتحة ركنا لعلمه إياها لجهله بالأحكام وحاجته إليه، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ"([78]) محمول على نفي الفضيلة.

ضم أقصر سورة إلى الفاتحة؛ كسورة الكوثر، أو ما يقوم مقامها من ثلاث آيات قصار نحو قوله تعالى: {ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ} [المدثر: 21 – 23]، أو آية طويلة تعدل ثلاث آيات قصار، وقدروها بثلاثين حرفاً، ومحل هذا الضم في الأوليين من الفرض، وجميع ركعات النفل والوتر.

 ويجب تقديم الفاتحة على كل السورة، وكذا يجب ترك تكريرها قبل سورة الأوليين، فلو قرأها في ركعة من الأوليين مرتين وجب سجود السهو؛ لتأخير الواجب وهو السورة، ومثله ما لو قرأ أكثرها ثم أعادها.

تعديل الأركان:

وهو: تسكين الجوارح في الركوع والسجود حتى تطمئن مفاصله، وأدناه قدر تسبيحة، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن أخف الصلاة: "صَل فَإِنَّكَ لَمْ تُصَل"، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث رفاعة بن رافع: "إِنَّهَا لاَ تَتِمُّ صَلاَةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل: فَيَغْسِل وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَل وَيَحْمَدَهُ، ثُمَّ يَقْرَأَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَتَيَسَّرَ، ثُمَّ يَقُول: اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَرْكَعَ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَقُول: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ يَقُول: اللَّهُ أَكْبَرُ. قَال: ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيَسْجُدَ فَيُمَكِّنَ وَجْهَهُ - أَوْ جَبْهَتَهُ - مِنَ الأَرْضِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَتَسْتَرْخِيَ، ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى مَقْعَدِهِ، وَيُقِيمَ صُلْبَهُ فَوَصْفُ الصَّلاَةِ هَكَذَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ حَتَّى تَفْرُغَ لاَ تَتِمُّ صَلاَةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَفْعَل ذَلِكَ"([79]).

واستدل على الوجوب بقوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]، حيث أمر بالركوع، وهو: الانحناء لغة، وبالسجود، وهو: الانخفاض لغة، فتتعلق الركنية بالأدنى منهما، وفي آخر الحديث الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سماه صلاة. فقال له: "إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُكَ ، وَإِنِ انْتَقَصْتَ مِنْهُ شَيْئًا انْتَقَصْتَ مِنْ صَلاَتِكَ"([80]).

القعود الأول: يجب القعود الأول قدر التشهد إذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الثانية في ذوات الأربع والثلاث، ولو في النفل.

التشهدان: أي تشهد القعدة الأولى وتشهد الأخيرة، ويجب سجود السهو بترك بعضه؛ لأنه ذكر واحد منظوم فترك بعضه كترك كله.

السلام: واستدلوا على وجوبه وعدم فرضيته بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال له حين علمه التشهد: "إِذَا قُلْتَ هَذَا أَوْ قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلاَتَكَ"([81])، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا أَحْدَث الرَّجُل وَقَدْ جَلَسَ فِي آخِرِ صَلاَتِهِ قَبْل أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ جَازَتْ صَلاَتُهُ"([82]). وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ"([83])، فإنه إن صح لا يفيد الفرضية؛ لأنها لا تثبت بخبر الواحد، وإنما يفيد الوجوب. ثم إنه يجب مرتين، والواجب منه لفظ (السلام) فقط دون (عليكم).

إتيان كل فرض أو واجب في محله، فلو أخره عن محله سهواً سجد للسهو.

وكذا يجب ترك تكرير الركوع وتثليث السجود؛ لأن في زيادة ركوع أو سجود تغيير المشروع، لأن الواجب في كل ركعة ركوع واحد وسجدتان فقط، فإذا زاد على ذلك فقد ترك الواجب، ويلزم منه ترك واجب آخر، وهو إتيان الفرض في غير محله.

ومن واجبات الصلاة: قراءة قنوت الوتر، وتكبيرات العيدين، والجهر والإسرار فيما يجهر فيه ويسر.

ب - واجبات الصلاة عند الحنابلة([84]):

تكبيرات الانتقال في محلها: ومحلها ما بين بدء الانتقال وانتهائه لحديث أبي موسى الأشعري: فَإِذَا كَبَّرَ يَعْنِي الإِمَامَ وَرَكَعَ، فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا ...، وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ، فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا"([85]) وهذا أمر، وهو يقتضي الوجوب.

التسميع: وهو قول: (سمع الله لمن حمده)، وهو واجب للإمام والمنفرد دون المأموم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول ذلك([86])، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم لبريدة: "يَا بُرَيْدَةُ، إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ فَقُل: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ"([87])، ويجب أن يأتي بها مرتبة، فلو قال: من حمد الله سمع له، لم يجزئه. وأما المأموم فإنه يحمد فقط في حال رفعه من الركوع ولا يسمع، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إِذَا قَال يَعْنِي الإِمَامَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ"([88]).

التحميد: وهو قول: (ربنا ولك الحمد) وهو واجب على الإمام والمأموم والمنفرد. لحديث أنس وأبي هريرة المتقدم، ويجزئه أن يقول: ربنا لك الحمد بلا واو. وبالواو أفضل، كما يجزئه أن يقول: (اللهم ربنا لك الحمد) بلا واو. وأفضل منه مع الواو، فيقول: (اللهم ربنا ولك الحمد).

التسبيح في الركوع: وهو قول: (سبحان ربي العظيم) والواجب منه مرة واحدة، لما روى حذيفة أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم. وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى([89]).

وعن عقبة بن عامر قال: لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ". فلما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} قال: " اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ"([90]).

التسبيح في السجود: وهو قول: (سبحان ربي الأعلى)، والواجب منه مرة واحدة لحديث حذيفة وعقبة بن عامر المتقدمين.

قول: (رب اغفر لي) في الجلوس بين السجدتين: وهو واجب مرة واحدة على الإمام والمأموم والمنفرد؛ لما روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول بين السجدتين: رب اغفر لي([91]).

التشهد الأول: لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعله وداوم على فعله وأمر به وسجد للسهو حين نسيه. قالوا: وهذا هو الأصل المعتمد عليه في سائر الواجبات، لسقوطها بالسهو وانجبارها بالسجود.

الجلوس للتشهد الأول: وهو واجب على غير من قام إمامه سهوا ولم ينبه، فيسقط عنه حينئذ التشهد الأول، ويتابع إمامه وجوباً.

المبحث الخامس: أنواع السنن في الصلاة([92]):

قسم جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية والشافعية) سنن الصلاة باعتبار تأكدها وعدمه وما يترتب على تركها إلى نوعين.

فقسمها الحنفية إلى: سنن وآداب، والمقصود بالسنن: هي السنن المؤكدة التي واظب عليها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الخلفاء الراشدون من بعده، وتركها يوجب الإساءة، والإثم إذا أصر على الترك. والآداب: وهي السنن غير المؤكدة، وتركها لا يوجب إساءة ولا عتابا لكن فعلها أفضل.

كما قسمها المالكية إلى: سنن ومندوبات. فالسنن: هي السنن المؤكدة. والمندوبات: هي السنن غير المؤكدة ويسمونها - أيضا - نوافل وفضائل ومستحبات.

وعند الشافعية تنقسم إلى: أبعاض، وهيئات. فالأبعاض: هي السنن المجبورة بسجود السهو، سواء تركها عمدا أو سهوا، وسميت أبعاضا لتأكد شأنها بالجبر تشبيها بالبعض حقيقة، والهيئات: هي السنن التي لا تجبر.

ولم يقسمها الحنابلة بهذا الاعتبار وإنما قسموها باعتبار القول والفعل، فهي تنقسم عندهم إلى: سنن أقوال، وسنن أفعال وهيئات.

سنن الصلاة:

(أ) رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام([93]):

اتفق الفقهاء على أنه يسن للمصلي عند تكبيرة الإحرام أن يرفع يديه؛ لما روى ابن عمر: أن رسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة([94]).

واختلفوا في كيفية الرفع.

فذهب الحنفية إلى أنه يرفع يديه حذاء أذنيه حتى يحاذي بإبهاميه شحمتي أذنيه، وبرؤوس الأصابع فروع أذنيه، ويستقبل ببطون كفيه القبلة، وينشر أصابعه ويرفعهما، فإذا استقرتا في موضع محاذاة الإبهامين شحمتي الأذنين يكبر؛ فالرفع يكون قبل التكبير. وهذا في الرجل، أما المرأة فإنها ترفع يديها حذاء المنكبين.

وذهب المالكية إلى أن المصلي يرفع يديه عند شروعه في الإحرام، فيكره رفعهما قبل التكبير أو بعده، والرفع يكون بحيث تكون ظهور يديه إلى السماء وبطونهما إلى الأرض وبحيث ينتهي رفعهما إلى حذو المنكبين على المشهور.

وعند الشافعية يكون الرفع حذو المنكبين؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما.

ومذهب الحنابلة: يرفع المصلي يديه حذو منكبيه برؤوسهما، ويستقبل ببطونهما القبلة. ويكون ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير وانتهاؤه مع انتهائه.

والدليل على أن اليدين تكون حذو المنكبين في الرفع ما في حديث ابن عمر: من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة([95]).

والدليل على أنها تكون حذو الصدر ما في حديث وائل بن حجر قال: رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة([96]).

والدليل على كونها حذو الأذنين حديث مالك بن الحويرث: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه([97]).

 (ب) القبض (وضع اليد اليمنى على اليسرى)([98]):

ذهب جمهور الفقهاء (الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى أن من سنن الصلاة القبض، وهو: وضع اليد اليمنى على اليسرى.

وخالف في ذلك المالكية فقالوا: يندب الإرسال وكراهة القبض في صلاة الفرض.

وقد اختلف الفقهاء في كيفية القبض، ومكان وضع اليدين.

كيفية القبض:

فرَّق الحنفية في كيفية القبض بين الرجل والمرأة، فذهبوا إلى أن الرجل يأخذ بيده اليمنى رسغ اليسرى بحيث يحلق الخنصر والإبهام على الرسغ ويبسط الأصابع الثلاث.

وذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يقبض بيده اليمنى على كوع اليسرى، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وضع اليمنى على اليسرى([99]).

وقال الشافعية: يقبض بكفه اليمنى على كوع اليسرى والرسغ وبعض الساعد، ويبسط أصابعها في عرض المفصل أو ينشرها صوب الساعد؛ لما روى وائل بن حجر قال: قلت لأَنْظُرَنَّ إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف يصلي فنظرت إليه وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد([100]).

مكان الوضع:

ذهب الحنفية والحنابلة إلى أن مكان وضع اليدين تحت السرة، فيسن للمصلي أن يضعهما تحت سرته، لقول علي رضي الله عنه: من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة([101]). أما المرأة فتضع يدها على صدرها.

وذهب الشافعية إلى أنه يسن وضع اليدين تحت الصدر وفوق السرة، وهو مذهب المالكية في القبض في النفل، لحديث وائل بن حجر: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره([102]).

ومعنى وضع كفه الأيمن على كوعه الأيسر وجعلها تحت سرته أن فاعل ذلك ذو ذل بين يدي ذي عز.

والحكمة في جعلهما تحت صدره: أن يكون فوق أشرف الأعضاء وهو القلب، فإنه تحت الصدر.

والقصد من القبض المذكور تسكين الجوارح، فإن أرسلهما ولم يعبث بهما فلا بأس.

(ج) دعاء الاستفتاح والتعوذ والبسملة([103]):

ذهب جمهور الفقهاء (الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى أن من سنن الصلاة دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام. لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا استفتح الصلاة قال: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ"([104])، ولما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا قام للصلاة قال: "وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ. ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ. وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ. لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ وَأَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ"([105]).

وذهب المالكية إلى كراهة دعاء الاستفتاح؛ لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين([106])، وحديث المسيء صلاته ليس فيه استفتاح.

أما التعوذ بعد دعاء الاستفتاح وقبل القراءة([107])؛ فهو سنة عند جمهور الفقهاء؛ لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]. وذهب المالكية إلى كراهته في الفرض دون النفل.

وقد اختلف الفقهاء في حكم قراءة البسملة بالنسبة للإمام والمأموم والمنفرد، في ركعات الصلاة، لاختلافهم في أنها آية من الفاتحة ومن كل سورة.

فمذهب الحنفية([108]): أنه يسن قراءة البسملة سراً للإمام والمنفرد في أول الفاتحة من كل ركعة، ولا يسن قراءتها بين الفاتحة والسورة مطلقاً عند أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأن البسملة ليست من الفاتحة، وذكرت في أولها للتبرك. وحكم المقتدي عند الحنفية أنه لا يقرأ لحمل إمامه عنه، ولا تكره التسمية اتفاقاً بين الفاتحة والسورة المقروءة سراً أو جهراً.

والمشهور عند المالكية([109]): أن البسملة ليست من الفاتحة، فلا تقرأ في المكتوبة سراً أو جهراً من الإمام أو المأموم أو المنفرد؛ لما ورد عن أنس أنه قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، ولا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها([110]).

والأظهر عند الشافعية([111]): أنه يجب على الإمام والمأموم والمنفرد قراءة البسملة في كل ركعة من ركعات الصلاة في قيامها قبل فاتحة الكتاب، سواء أكانت الصلاة فرضا أم نفلا، سرية أو جهرية، لحديث رواه أبو هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "فَاتِحَةُ الْكِتَابِ سَبْعُ آيَاتٍ، إِحْدَاهُنَّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"([112])، وللحديث الشريف: "لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ"([113])، ويدل على دخول المأمومين في العموم ما صح عن عبادة: كنا نخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صلاة الفجر، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: " لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ"، قلنا: نعم، قال: "لاَ تَفْعَلُوا إِلاَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا"([114])، وتقرأ البسملة عند ابتداء كل سورة في ركعات الصلاة، ويجهر بها في حالة الجهر بالفاتحة والسورة، وكذا يسر بها معهما، على القول بأن البسملة آية من سائر السور.

وعلى الأصح عند الحنابلة([115]): لا يجب قراءة البسملة مع الفاتحة ومع كل سورة في ركعات الصلاة؛ لأنها ليست آية من الفاتحة ومن كل سورة؛ لحديث: "قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ ..."([116])، ولأن الصحابة أثبتوها في المصاحف بخطهم، ولم يثبتوا بين الدفتين سوى القرآن، ويسن قراءة البسملة مع فاتحة الكتاب في الركعتين الأوليين من كل صلاة، ويستفتح بها السورة بعد الفاتحة، ويسر بها؛ لما ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة([117]).

(د) قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة([118]):

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يسن للمصلي أن يقرأ شيئاً من القرآن بعد الفاتحة.

وقد اتفق الفقهاء على أنه يسن للمصلي أن يقرأ في صلاة الصبح بطوال المفصل؛ لحديث جابر بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في الفجر بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} ونحوها، وكانت صلاته بعد تخفيفاً([119]).

وهو مذهب الحنفية في الظهر فيسن عندهم للمصلي أن يقرأ في الظهر بطوال المفصل؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين([120])، وذهب المالكية والشافعية إلى أن القراءة في الظهر تكون دون قراءة الفجر قليلاً، وذهب الحنابلة إلى أنه يقرأ في الظهر من أوساط المفصل؛ لما روي أن عمر كتب إلى أبي موسى: أن اقرأ في الصبح بطوال المفصل، واقرأ في الظهر بأوساط المفصل، واقرأ في المغرب بقصار المفصل.

وأما صلاة العصر، فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يقرأ فيها بأوساط المفصل. وقال المالكية: يقرأ فيها بقصار المفصل.

واتفقوا على أنه يقرأ في المغرب بقصار المفصل وفي العشاء بأوساطه؛ لما روى سليمان بن يسار عن أبي هريرة قال: ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فلان. قال سليمان: كان يطيل الركعتين الأوليين في الظهر، ويخفف الأخريين، ويخفف العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل، ويقرأ في العشاء بأوساط المفصل، ويقرأ في الصبح بطوال المفصل([121]).

محل القراءة:

اتفق الفقهاء على أن محل القراءة المسنونة هو الركعتان الأوليان من صلاة الفرض؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، وَيُسْمِعُنَا الآية أحياناً، ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب([122]).

كما يسن تطويل القراءة في الركعة الأولى على الثانية في الصلوات المفروضة([123]).

(هـ) التأمين([124]):

اتفق الفقهاء على أن التأمين بعد قراءة الفاتحة سنة؛ لحديث أبي هريرة مرفوعاً: إِذَا قَال الإِمَامُ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} فَقُولُوا آمِينَ. فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْل الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ ذَنْبِهِ"([125]).

وقد صرح الشافعية والحنابلة بأن المصلي يأتي بالتأمين بعد سكتة لطيفة ليتميز عن القراءة، فيعلم أنها ليست من القرآن، وإنما هي طابع الدعاء.

والتأمين سنة للمصلي سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً، واستثنى المالكية من ذلك الإمام في الصلاة الجهرية؛ فإنه لا يندب له التأمين.

والسنة عند الحنفية والمالكية أن يأتي المصلي بالتأمين سرا سواء كان إماما أم مأموما أم منفردا؛ فالإتيان بالتأمين سنة، والإسرار بها سنة أخرى.

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الإمام والمأموم والمنفرد يجهرون بالتأمين في الصلاة الجهرية ويسرون به في الصلاة السرية.

(و) تكبيرات الانتقال:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن تكبيرات الانتقال سنة من سنن الصلاة، لحديث المسيء صلاته؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمره بتكبيرات الانتقالات وأمره بتكبيرة الإحرام. أما الحنابلة فيرون أن تكبيرات الانتقال من الواجبات.

(ز) التسميع والتحميد([126]):

ذهب جمهور الفقهاء إلى سنية التسميع عند الرفع من الركوع، والتحميد عند الاستواء قائماً، والسنة عند المالكية التسميع فقط، أما التحميد فهو مندوب عندهم.

وذهب الحنابلة إلى وجوب التسميع والتحميد.

ثم إن الفقهاء اختلفوا في المصلي الذي يسن له التسميع والتحميد:

فذهب الحنفية والمالكية إلى أن الإمام يسمع فقط، والمأموم يحمد فقط، والمنفرد يجمع بينهما، فلا يحمد الإمام ولا يسمع المأموم، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إِذَا قَال الإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ"([127]).

وذهب الشافعية إلى أن التسميع والتحميد سنة للجميع؛ الإمام والمأموم والمنفرد.

ومذهب الحنابلة أن التسميع واجب على الإمام والمنفرد دون المأموم، والتحميد واجب على الجميع.

الأذكار الواردة في الاستواء بعد الرفع من الركوع:

صرح الشافعية والحنابلة بأنه يسن للمصلي بعد التحميد أن يقول: (ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد)؛ لما روى عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد([128]).

وله أن يزيد: (أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)؛ لما روى أبو سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا رفع رأسه من الركوع. قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد. أحق ما قال العبد - وكلنا لك عبد - اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد([129]).

ونص الحنابلة بأن له أن يقول غير ذلك مما ورد، كما جاء في حديث عبد الله بن أبي أوفى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول، وفي لفظ: يدعو إذا رفع رأسه من الركوع اللهم لك الحمد ملء السماء وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد. اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد. اللهم طهرني من الذنوب والخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ([130]).

وصرح الشافعية باستحباب زيادة: حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه([131])؛ لحديث رفاعة بن رافع قال: كنا نصلي يوما وراء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. فلما انصرف قال: "مَنِ الْمُتَكَلِّمُ"؟ قال: أنا، قال: "لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّل"([132]).

(ح) رفع اليدين عند الركوع والرفع منه، والقيام للركعة الثالثة([133]):

اختلف الفقهاء في مشروعية رفع اليدين عند الركوع والرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول للركعة الثالثة.

فاتفق الشافعية والحنابلة على مشروعية رفع اليدين عند الركوع والرفع منه، وأنه من سنن الصلاة؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه، وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع([134]).

وذهب الشافعية إلى أنه يندب رفع اليدين عند القيام من التشهد للركعة الثالثة، وهي رواية عن الإمام أحمد، لما روى نافع: أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه. ورفع ذلك ابن عمر إلى نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم([135]).

وذهب الحنفية والمالكية إلى عدم مشروعية رفع اليدين إلا عند تكبيرة الإحرام، فلا يشرع رفعهما عند الركوع أو الرفع منه، أو القيام للثالثة؛ لحديث البراء رضي الله عنه أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يديه حين افتتح الصلاة، ثم لم يرفعهما حتى انصرف([136])، وعن جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "مَالِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيَكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْل شُمْسٍ، اسْكُنُوا فِي الصَّلاَةِ"([137])، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى ولم يرفع يديه إلا في أول مرة([138]).

 (ط) كيفية الهوي للسجود والنهوض منه([139]):

 ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يسن عند الهوي إلى السجود أن يضع المصلي ركبتيه أولاً، ثم يديه، ثم جبهته وأنفه؛ لما روى وائل بن حجر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه([140])، قال الترمذي: والعمل عليه عند أكثرهم، ولأن هذه الكيفية أرفق بالمصلي. وأحسن في الشكل ورأي العين، وعند النهوض من السجود يسن العكس، إلا أن يشق عليه الاعتماد على ركبتيه؛ لكبر أو ضعف أو مرض، أو سمن ونحوه، فيعتمد بالأرض.

وذهب المالكية إلى ندب تقديم اليدين عند الهوي إلى السجود، وتأخيرهما عند القيام، لما روى أبو هريرة مرفوعاً: "إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَبْرُكُ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْل رُكْبَتَيْهِ"([141]).

(ى) هيئة السجود المسنونة([142]):

أن يسجد المصلي على الأعضاء السبعة: الجبهة مع الأنف، واليدين والركبتين، والقدمين؛ مُمَكِّنًا جبهته وأنفه من الأرض، وينشر أصابع يديه مضمومة للقبلة، وَيُفَرِّقَ ركبتيه، ويرفع بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويجافي عضديه عن جنبيه، ويستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة.

(ك) التشهد الأول وقعوده([143]):

ذهب المالكية والشافعية إلى سنية التشهد الأول وقعوده لخبر الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام من ركعتين من الظهر ولم يجلس، فلما قضى صلاته كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل السلام ثم سلم([144])؛ فدل عدم تداركهما على عدم وجوبها.

وذهب الحنفية والحنابلة إلى وجوبهما.

(ل) صيغة التشهد:

يرى الحنفية والحنابلة أن أفضل التشهد، التشهد الذي علمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، وهو([145]): التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله([146]).

ويرى المالكية أن أفضل التشهد تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو([147]): التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

وأما الشافعية فأفضل التشهد عندهم([148])، ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا التشهد، كما يعلمنا السورة من القرآن، فيقول: قولوا: التحيات المباركات، الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله([149]).

(م) الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد التشهد (الصلاة الإبراهيمية)([150]):

ذهب الحنفية والمالكية إلى أن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في التشهد الأخير سنة، وعند المالكية خلاف في أن المشهور: هل هي سنة أو فضيلة؟

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد التشهد الأخير ركن.

وأفضل صيغ الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الحنفية هي: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.

(ن) الدعاء بعد التشهد الأخير([151]):

يسن للمصلي بعد التشهد الأخير أن يدعو بما شاء لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَقُل: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ – إلى آخره، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ، أَوْ مَا أَحَبَّ. وفي رواية للبخاري: ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو بِهِ. وفي رواية أخرى لمسلم: ثُمَّ لِيَتَخَيَّرَ بَعْدُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ"([152])، وهو عند المالكية مندوب وليس بسنة.

والأفضل الدعاء بالمأثور، ومن ذلك ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال: قل: "اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"([153]).

وما روى أبو هريرة مرفوعاً: "إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الآْخِرِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّال"([154]).

(س) كيفية الجلوس([155]):

اختلف الفقهاء في هيئة الجلوس المسنونة في الصلاة.

فذهب الحنفية إلى التفريق بين الرجل والمرأة، فالرجل يسن له الافتراش، والمرأة يسن لها التورك، لا فرق في ذلك بين التشهد الأول أو الأخير، أو الجلسة بين السجدتين.

وذهب المالكية إلى أن هيئة الجلوس المسنونة في جميع جلسات الصلاة هي التورك سواء في ذلك الرجل أو المرأة.

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يسن التورك في التشهد الأخير، والافتراش في بقية جلسات الصلاة، لحديث أبي حميد: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته وفي رواية فإذا كانت الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض، وأخرج قدميه من ناحية واحدة([156]).

والافتراش: أن ينصب قدمه اليمنى قائمة على أطراف الأصابع بحيث تكون متوجهة نحو القبلة، ويفرش رجله اليسرى بحيث يلي ظهرها الأرض، جالسا على بطنها.

والتورك: كالافتراش؛ لكن يخرج يسراه من جهة يمينه، ويلصق وركه بالأرض.

(ع) جلسة الاستراحة:

ذهب الشافعية إلى أنه يسن بعد السجدة الثانية جلسة للاستراحة في كل ركعة يقوم منها؛ لما روى مالك بن الحويرث: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض في الركعة الأولى([157]).

وذهب جمهور الفقهاء إلى كراهة فعلها تنزيهاً لمن ليس به عذر.

(ف) كيفية وضع اليدين أثناء الجلوس([158]):

يسن للمصلي أثناء الجلوس أن يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى بحيث تساوي رؤوس أصابعه ركبتيه، وتكون أصابعه منشورة إلى القبلة. قال الحنفية: مفرجة قليلاً، وقال الحنابلة: مضمومة([159]).

وقد اتفق الفقهاء على أنه يسن للمصلي أن يشير بسبابته أثناء التشهد، وإن اختلفوا في كيفية قبض اليد والإشارة.

قال ابن عابدين: ليس لنا سوى قولين: الأول: وهو المشهور في المذهب بسط الأصابع بدون إشارة. الثاني: بسط الأصابع إلى حين الشهادة فيعقد عندها ويرفع السبابة عند النفي ويضعها عند الإثبات.

ويرى الشافعية أن يقبض المصلي أصابع يده اليمنى ويضعها على طرف ركبته إلا المسبحة فيرسلها، ويقبض الإبهام بجنبها بحيث يكون تحتها على حرف راحته؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قعد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين وأشار بالسبابة([160]).

وذهب الحنابلة، وهو قول عند الشافعية إلى أن: المصلي يحلق بين الوسطى والسبابة؛ لما روى وائل بن حجر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وعقد ثلاثين، وَحَلَّقَ واحدة، أشار بأصبعه بالسبابة([161]). ومحل الرفع عند الشافعية عند قوله: إلا الله، فيرفع المسبحة عند ذلك للاتباع([162]). وقال الحنابلة: يشير بسبابته مرارا، كل مرة عند ذكر لفظ (الله) تنبيها على التوحيد، ولا يحركها لفعله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: ولا يشير بغير سبابة اليمنى ولو عدمت.

سنن السلام:

 ذكر الفقهاء للسلام سنناً منها([163]):

أن يسلم مرتين: مرة عن يمينه ومرة عن يساره، ويسلم عن يمينه أولاً، بحيث يُرَى بياض خده الأيمن، وعن يساره ثانياً، بحيث يُرَى بياض خده الأيسر، يراه من خلفه. وقد قال الحنابلة: بفرضية التسليمتين، وقال الحنفية: بوجوبهما، وذهب المالكية، والشافعية إلى أنه يتأدى الفرض بتسليمة واحدة.

 

 

المبحث السادس: مكروهات الصلاة:

1 ـ يكره تنزيها: الصلاة في ثياب بذلة ومهنة، إن كان له غيرها([164]).

2 ـ وذهب جمهور الفقهاء إلى كراهة تنكيس السور([165])؛ أي أن يقرأ في الثانية سورة أعلى مما قرأ في الأولى؛ لما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عمن يقرأ القرآن منكوساً فقال: (ذلك منكوس القلب)، وإنما جوز للصغار تسهيلا لضرورة التعليم. واستثنى الحنفية والمالكية من قرأ في الركعة الأولى بسورة الناس، فإنه يقرأ في الثانية أول سورة البقرة. لكن الحنفية خصوا ذلك بمن يختم القرآن في الصلاة، واستدلوا بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أَحَبُّ العَمَلِ إِلَى اللهِ الْحَالَّ وَالْمُرْتَحِل"([166])، أي الخاتم والمفتتح.

وذهب الشافعية إلى أن تنكيس السور خلاف الأولى.

وصرح المالكية بحرمة تنكيس الآيات المتلاصقة في ركعة واحدة، وأنه يبطل الصلاة.

وقال الحنابلة: بحرمة تنكيس الكلمات، وأنه يبطل الصلاة. أما تنكيس الآيات فقيل: مكروه.

3 ـ ذهب جمهور الفقهاء إلى كراهة تغميض العينين في الصلاة([167])؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلاَ يُغْمِضُ عَيْنَيْهِ"([168]). واستثنوا من ذلك التغميض لكمال الخشوع، بأن خاف فوت الخشوع بسبب رؤية ما يفرق الخاطر فلا يكره حينئذ، بل قال بعضهم: إنه الأولى. قال ابن عابدين: وليس ببعيد.

4 ـ صرح جمهور الفقهاء بكراهة رفع البصر إلى السماء أثناء الصلاة([169])؛ لحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَا بَال أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ. فاشتد قوله في ذلك حتى قال: "لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ"([170]).

5 ـ ويكره النظر إلى ما يلهي عن الصلاة([171])؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صلى في خَمِيصَةٍ لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: "اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ؛ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاَتِي"([172])؛ ولأنه يشغله عن إكمال الصلاة.

 

6 ـ اتفق الفقهاء على كراهة التخصر([173])؛ وهو أن يضع يده على خاصرته في القيام؛ لقول أبي هريرة رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلي الرجل متخصراً([174])، وإنما كره ذلك لأن هذه الهيئة تنافي هيئة الصلاة.

7 ـ اتفق الفقهاء على كراهة ما كان من العبث واللهو كفرقعة الأصابع وتشبيكها([175])؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لاَ تُفَقِّعْ أَصَابِعَكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي"([176]).

8 ـ اتفق الفقهاء على كراهة العبث باللحية أو غيرها من جسده؛ لما روي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا يعبث في الصلاة، فقال: "لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ"([177]). واستثني من ذلك ما كان لحاجة: كحك بدنه لشيء أكله وأضره، وسلت عرق يؤذيه ويشغل قلبه، وهذا إذا كان العمل يسيراً.

9 ـ لا خلاف بين الفقهاء في كراهة الالتفات في الصلاة؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: "هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ الْعَبْدِ"([178]). والكراهة مقيدة بعدم الحاجة أو العذر.

10 ـ لا خلاف بين الفقهاء في كراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين([179])؛ لما روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلاَ هُوَ يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْنِ"([180]). ويسمى مدافع البول حاقناً، ومدافع الغائط حاقباً.

وصرح الحنفية بأن الكراهة ليست مختصة بالابتداء، بل تكره صلاة الحاقن مطلقا، سواء كان قبل شروعه أو بعده. قالوا: فإن شغله قطعها إن لم يخف فوت الوقت، وإن أتمها أثم، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لاَ يَحِل لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَقْنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ"([181]).

11 ـ اتفق الفقهاء على أنه يكره للمصلي أن يصلي مستقبلاً لرجل أو امرأة([182]). عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا يصلي إلى رجل فأمره أن يعيد الصلاة([183]).

كما صرح الحنفية والشافعية والحنابلة بكراهة الصلاة إلى متحدث؛ لأنه يشغله عن حضور قلبه في الصلاة، لكن الحنفية قيدوا الكراهة بما إذا خيف الغلط بحديثه.

وزاد الحنابلة: النائم، فتكره الصلاة إليه لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لاَ تُصَلُّوا خَلْفَ النَّائِمِ وَلاَ الْمُتَحَدِّثِ"([184]).

وذهب الحنفية والشافعية إلى عدم الكراهة لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت([185]). وهو يقتضي أنها كانت نائمة.

 

 

المبحث السابع: الأماكن التي تكره الصلاة فيها([186]):

روى ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نهى أن يصلى في سبعة مواطن: في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله([187]).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلاَ تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الإِبِل"([188]).

ولا تكره الصلاة في مرابض الغنم للحديث المتقدم، وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة في مرابض الغنم، فقال: "صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا خُلِقَتْ بَرَكَةً"([189]). وألحقوا مرابض البقر بمرابض الغنم فلا تكره الصلاة فيها.

 

 

المبحث الثامن: مبطلات الصلاة:

أ - الكلام:

اتفق الفقهاء على أن الصلاة تبطل بالكلام([190]).

لما روى زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فأمرنا بالسكوت ونُهينا عن الكلام([191]).

وعن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليما منه. فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: "إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ"([192]).

وذهب الشافعية إلى عدم بطلان الصلاة بكلام الناسي، واستدلوا للناسي بما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الظهر أو العصر فسلم من ركعتين، ثم أتى خشبة المسجد واتكأ عليها كأنه غضبان، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال لأصحابه: "أَحَقٌّ مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ"؟ قالوا: نعم. فصلى ركعتين أخريين ثم سجد سجدتين([193]).

ب - الخطاب بنظم القرآن والذكر([194]):

اختلف الفقهاء في بطلان صلاة من خاطب أحداً بشيء من القرآن وهو يصلي، كقوله لمن اسمه يحيى أو موسى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} أو {مَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى}، أو لمن بالباب {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}.

فذهب جمهور الفقهاء إلى بطلان الصلاة بكل ما قصد به الخطاب من القرآن. وقيد المالكية بطلان الصلاة بالخطاب بالقرآن بما إن قصد به التفهيم بغير محله. وذلك كما لو كان في الفاتحة أو غيرها فاستؤذن عليه فقطعها إلى آية {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمَنِينَ}، أما إن قصد التفهيم به بمحله فلا تبطل به الصلاة كأن يستأذن عليه شخص وهو يقرأ {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} فيرفع صوته بقوله: {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمَنِينَ} لقصد الإذن في الدخول، أو يبتدئ ذلك بعد الفراغ من الفاتحة.

وذهب الحنابلة إلى صحة صلاة من خاطب بشيء من القرآن؛ لما روى الخلال عن عطاء بن السائب قال: استأذنا على عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو يصلي فقال {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمَنِينَ} فقلنا: كيف صنعت؟ قال: استأذنا على عبد الله بن مسعود وهو يصلي فقال: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمَنِينَ}، ولأنه قرآن فلم تفسد به الصلاة، كما لو لم يقصد التنبيه.

وصرح الحنفية بأن تشميت العاطس في الصلاة لغيره يفسد الصلاة؛ فلو عطس شخص فقال له المصلي: يرحمك الله فسدت صلاته، لأنه يجري في مخاطبات الناس فكان من كلامهم، بخلاف ما إذا قال العاطس أو السامع: الحمد لله فإنه لا تفسد صلاته، لأنه لم يتعارف جوابا إلا إذا أراد التعليم فإن صلاته تفسد، وأما إذا عطس فشمت نفسه فقال: يرحمك الله يا نفسي لا تفسد صلاته، لأنه لما لم يكن خطابا لغيره لم يعتبر من كلام الناس كما إذا قال: يرحمني الله.

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لا تبطل الصلاة بالذكر والدعاء إلا أن يخاطب كقوله لعاطس: يرحمك الله ويستثنى من ذلك الخطاب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم فلا تبطل به الصلاة. وأما إذا كان الذكر لا خطاب فيه فلا تبطل به الصلاة، كما لو عطس فقال: الحمد لله. أو سمع ما يغمه فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، أو رأى ما يعجبه فقال: سبحان الله، أو قيل له: ولد لك غلام فقال: الحمد لله. وصرح الحنابلة بكراهة ذلك؛ للاختلاف في إبطاله الصلاة.

وذهب المالكية إلى جواز الحمد للعاطس، والاسترجاع من مصيبة أخبر بها ونحوه إلا أنه يندب تركه، كما صرحوا بجواز التسبيح والتهليل والحوقلة بقصد التفهيم في أي محل من الصلاة؛ لأن الصلاة كلها محل لذلك.

ج - التأوه والأنين والتأفيف والبكاء والتنحنح([195]):

ذهب الحنفية والشافعية إلى أن الأنين (وهو قول: أه بالقصر) والتأوه (وهو قول: آه بالمد) والبكاء ونحوه إن ظهر به حرفان بطلت الصلاة. واستثنى الحنفية المريض الذي لا يملك نفسه فلا تبطل صلاته بالأنين والتأوه والتأفيف والبكاء، وإن حصل حروف للضرورة.

وذهب المالكية إلى جواز الأنين لأجل وجع غلبه، والبكاء لأجل الخشوع، سواء كان قليلاً أو كثيراً، فإن لم يكن الأنين والبكاء من غلبة فيفرق بين عمده وسهوه، قليله وكثيره، فالعمد مبطل مطلقا قل أو كثر، والسهو يبطل إن كان كثيرا ويسجد له إن قل.

وصرَّح الحنابلة بعدم بطلان الصلاة بالبكاء خشية من الله تعالى؛ لكونه غير داخل في وسعه.

وذهب الفقهاء إلى أن التنحنح (هو أن يقول أح بالفتح والضم) لغير عذر مبطل للصلاة إن ظهر حرفان، فإن كان لعذر نشأ من طبعه، أو غلبه فلا تفسد صلاته. وذهب الشافعية إلى أنه إنما يعذر من التنحنح وغيره: كالسعال والعطاس اليسير عرفا للغلبة، وإن ظهر به حرفان لعدم التقصير، وكذا التنحنح لتعذر القراءة الواجبة وغيرها من الأركان القولية للضرورة، أما إذا كثر التنحنح ونحوه للغلبة كأن ظهر منه حرفان من ذلك وكثر فإن صلاته تبطل.

د - الضحك([196]):

ذهب جمهور الفقهاء إلى بطلان الصلاة بالضحك إن كان قهقهة، ولو لم تبن حروف؛ لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "الْقَهْقَهَةُ تَنْقُضُ الصَّلاَةَ وَلاَ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ"([197]).

وذهب الشافعية إلى أنه إن ظهر بالضحك حرفان بطلت الصلاة وإلا فلا، وأما التبسم فلا تبطل الصلاة به لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تبسم فيها فلما سلم قال: "مَرَّ بِي مِيكَائِيل فَضَحِكَ لِي فَتَبَسَّمْتُ لَهُ"([198]).

هـ - الأكل والشرب([199]):

اتفق الفقهاء على بطلان الصلاة بالأكل والشرب من حيث الجملة.

قال الحنفية: ولو سمسمة ناسيا. واستثنوا من ذلك ما كان بين أسنانه وكان دون الحمصة فإنه لا تفسد به الصلاة إذا ابتلعه، وصرحوا بفساد الصلاة بالمضغ إن كثر، وتقديره بالثلاث المتواليات. وكذا تفسد بالسكر إذا كان في فيه يبتلع ذوبه.

وفرق المالكية بين عمد الأكل والشرب وسهوه، فإن أكل أو شرب المصلي عمدا بطلت صلاته اتفاقا، وأما إن أكل أو شرب سهواً لم تبطل صلاته، وانجبر بسجود السهو.

وذهب الشافعية إلى بطلان الصلاة بالأكل ولو كان قليلاً، وإن كان مكرها عليه؛ لشدة منافاته للصلاة مع ندرته، واستثنوا من ذلك: الناسي أنه في الصلاة، والجاهل بالتحريم لقرب عهده بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة عن العلماء فلا تبطل صلاته بالأكل إلا إذا كثر عرفا، ولا تبطل ما لو جرى ريقه بباقي طعام بين أسنانه وعجز عن تمييزه ومجه كما في الصوم.

وفرق الحنابلة في ذلك بين صلاة الفرض والنفل، فصلاة الفرض تبطل بالأكل والشرب عمداً، قل الأكل أو الشرب أو كثر، لأنه ينافي الصلاة. وأما صلاة النفل فلا تبطل بالأكل والشراب إلا إذا كثر عرفاً لقطع الموالاة بين الأركان.

و - العمل الكثير([200]):

اتفق الفقهاء على بطلان الصلاة بالعمل الكثير، واختلفوا في حده.

فذهب الحنفية والمالكية إلى أن العمل الكثير الذي تبطل الصلاة به هو ما لا يشك الناظر في فاعله أنه ليس في الصلاة.

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن المرجع في معرفة القلة والكثرة هو العرف، فما يعده الناس قليلا فقليل، وما يعدونه كثيرا فكثير.

أما العمل المتفرق فلا يبطل الصلاة لما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمَّ الناس في المسجد، فكان إذا قام حمل أمامة بنت زينب، وإذا سجد وضعها([201]).

ز - تخلف شرط من شروط صحة الصلاة:

لا تصح الصلاة إلا إذا كانت مستوفية شروطها. فإذا تخلف شرط من شروط صحتها: كالطهارة، وستر العورة بطلت، وكذلك لو طرأ ما ينافيها كما لو نزلت على ثوبه نجاسة وهو يصلي، أو تذكر وهو في الصلاة أنه على غير طهارة.

تخلف شرط ستر العورة([202]):

اتفق الفقهاء على بطلان صلاة من كشف عورته فيها قصداً.

واختلفوا فيما لو انكشفت بلا قصد متى تبطل صلاته؟.

فذهب الحنفية إلى أن الصلاة تبطل لو انكشف ربع عضو قدر أداء ركن بلا صنعه.

ولم يقيد المالكية والشافعية البطلان بقيود، وعندهم أن مطلق الانكشاف يبطل الصلاة.

وذهب الحنابلة إلى أنه لا يضر انكشاف يسير من العورة بلا قصد، ولو كان زمن الانكشاف طويلا لحديث عمرو بن سلمة الجرمي قال: انطلق أبي وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نفر من قومه فعلمهم الصلاة، فقال: "يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ"، وكنت أقرأهم لما كنت أحفظ، فقدموني، فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صغيرة صفراء، فكنت إذا سجدت انكشفت عني. فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم. فاشتروا لي قميصا عمانيا فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به([203])، ولم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنكر ذلك ولا أحد من الصحابة.

ح - ترك ركن من أركان الصلاة:

ترك الركن في الصلاة: إما أن يكون عمداً، أو سهواً، أو جهلاً، ويختلف حكم كل([204]).

أما تركه عمداً: فقد اتفق الفقهاء على أن من ترك ركناً من أركان الصلاة عمداً؛ فإن صلاته تبطل ولا تصح منه.

وأما تركه سهواً أو جهلاً فقد اتفقوا على أنه يجب عليه أن يأتي به إن أمكن تداركه، فإن لم يمكن تداركه فإن صلاته تفسد عند الحنفية، أما الجمهور فقالوا: تلغى الركعة التي ترك منها الركن فقط وذلك إذا كان الركن المتروك غير النية وتكبيرة الإحرام، فإن كانا هما استأنف الصلاة؛ لأنه غير مصل.

الفصل الثاني: صلاة المريض والمسافر:

المبحث الأول: صَلاَةُ المَرِيض

التّعريف

المريض لغةً: من المرض، والمرض - بفتح الرّاء وسكونها - فساد المزاج.

والمرض اصطلاحاً: ما يعرض للبدن، فيخرجه عن الاعتدال الخاصّ، والمريض من اتّصف بذلك.

الحكم التّكليفيّ

لا خلاف بين الفقهاء في جواز صلاة التّطوّع قاعداً مع القدرة على القيام؛ لأنّ النّوافل تكثر، فلو وجب فيها القيام مثلاً شقّ ذلك؛ وانقطعت النّوافل، ولا خلاف في أنّ القيام أفضل([205]).

أمّا صلاة الفرض فحكمها التّكليفيّ يختلف باختلاف نوع المرض، وتأثيره على الأفعال والأقوال فيها، وهي تشمل الفرض العينيّ والكفائيّ، كصلاة الجنازة، وصلاة العيد عند من أوجبها، وتشمل الواجب بالنّذر على من نذر القيام فيه.

وقد أجمع الفقهاء على أنّ من لا يطيق القيام له أن يصلّي جالساً([206]).

ضابط المرض الّذي يعتبر عذراً في الصّلاة:

إذا تعذّر على المريض كلّ القيام، أو تعسّر القيام كلّه، بوجود ألم شديد أو خوف زيادة المرض أو بطئه؛ يصلّي قاعداً بركوع وسجود.

والألم الشّديد كدوران رأس، أو وجع ضرس، أو شقيقة أو رمد.

ويخرج به ما لو لحق المصلّي نوع من المشقّة فإنّه لا يجوز له ترك القيام.

ومثل الألم الشّديد خوف لحوق الضّرر من عدوّ آدميّ أو غيره على نفسه أو ماله لو صلّى قائماً.

وكذلك لو غلب على ظنّه بتجربة سابقة، أو إخبار طبيب مسلم أنّه لو قام زاد سلس بوله، أو سال جرحه، أو أبطأ برؤه، فإنّه يترك القيام ويصلّي قاعداً.

وإذا تعذّر كلّ القيام فهذا القدر الحقيقيّ، وما سواه فهو حكميّ([207]).

صور العجز والمشقة:

  • عدم القدرة على القيام:

القيام ركن في الصلاة المفروضة([208])؛ لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، ولما ورد عن عمران بن حصين أنه قال: كانت بي بواسير، فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "صَل قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِكَ"([209]).

فإن عجز المكلف عن القيام للصلاة، صلى قاعدا؛ للحديث المذكور؛ ولأن الطاعة بحسب الطاقة.

فإن صلى مع الإمام قائما بعض الصلاة، وفتر في بعضها فصلى جالساً صحت صلاته([210]).

ومن صلى قاعداً يركع ويسجد، ثم برئ؛ بنى على صلاته قائماً عند الحنفية، والحنابلة([211]).

وجاز عند المالكية([212]) أن يقوم ببعض الصلاة ثم يصلي على قدر طاقته ثم يرجع فيقوم ببعضها الآخر، وكذلك الجلوس إن تقوس ظهره حتى صار كأنه راكع، رفع رأسه في موضع القيام على قدر طاقته([213]).

  • عدم القدرة على القيام لوجود علة بالعين:

إن كان بعين المريض وجع، بحيث لو قعد أو سجد زاد ألم عينه، فأمره الطبيب المسلم الثقة بالاستلقاء أياماً، ونهاه عن القعود والسجود، وهو قادر على القيام، فقيل له: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك؛ جاز له ترك القيام؛ لأنه يخاف الضرر من القيام فأشبه المريض فيجزئه أن يستلقي ويصلي بالإيماء؛ لأن حرمة الأعضاء كحرمة النفس([214]).

  • عدم القدرة على رفع اليدين في التكبير عند القيام أو غيره:

يستحب رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام حذو منكبيه؛ لما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ([215]).

فإن لم يمكنه رفعهما، أو أمكنه رفع إحداهما، أو رفعهما إلى ما دون المنكب رفع ما أمكنه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"([216]).

  • عدم القدرة على الركوع:

الركوع في الصلاة ركن؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج:77].

والفقهاء متفقون على أن من لم يمكنه الركوع أومأ إليه، وقَرَّب وجهه إلى الأرض على قدر طاقته، ويجعل الإيماء للسجود أخفض من إيماء الركوع.

لكن الخلاف في كيفية أداء ذلك مع عدم القدرة على الركوع دون القيام([217]).

اختلف الفقهاء في ذلك على رأيين:

الأول: وهو الذي عليه الجمهور([218]) أن القادر على القيام دون الركوع يومئ من القيام، لأن الراكع كالقائم في نصب رجليه؛ وذلك لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمران بن حصين: "صَل قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِكَ"([219])، ولأنه ركن قدر عليه، على أن يكون هناك فرق واضح بين الإيماءين إذا عجز عن السجود أيضاً.

الثاني: عند الحنفية أن القيام يسقط عن المريض حال الركوع، ولو قدر على القيام مع عدم القدرة على الركوع فيصلي قاعدا يومئ إيماء؛ لأن ركنية القيام للتوصل به إلى السجدة؛ لما فيها من نهاية التعظيم، فإذا كان لا يتعقبه السجود لا يكون ركناً فيتخير، والأفضل عندهم هو الإيماء قاعداً؛ لأنه أشبه بالسجود([220]).

  • عدم القدرة على السجود:

السجود ركن في الصلاة لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77].

واختلفوا في عدم القدرة على السجود والجلوس مع القدرة على القيام على اتجاهين:

الأول: يرى المالكية والشافعية أن القادر على القيام فقط دون السجود والجلوس يومئ لهما من القيام، ولا يجوز له أن يضطجع ويومئ لهما من اضطجاعه، فإن اضطجع تبطل الصلاة عندهم([221]).

الثاني: يرى الحنفية والحنابلة أن القادر على القيام فقط دون السجود والجلوس يومئ لهما وهو قائم؛ لأن الساجد عندهم كالجالس في جمع رجليه على أن يحصل فرق بين الإيماءين([222]).

  • عدم القدرة على وضع الجبهة والأنف:

السجود على الجبهة واجب([223])، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا سَجَدَ أَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ مِنَ الأَرْضِ([224]).

وإن سجد على مخدة أجزأه؛ لأن أم سلمة رضي الله عنها سجدت على مخدة لرمد بها([225]).

فإن رفع شيئاً؛ كالوسادة، أو الخشبة، أو الحجر إلى جبهته؛ فإن الحنفية يرون أنه لا يجزئه؛ لانعدام السجود لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الأَرْضِ، وَإِلاَّ فَأَوْمِئْ إِيمَاءً، وَاجْعَل سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ بِرَأْسِكَ"([226])، فإن فعل ذلك وهو يخفض رأسه أجزأه؛ لوجود الإيماء، وإن وضع ذلك على جبهته لا يجزئه([227]).

وإذا لم يستطع المصلّي تمكين جبهته من الأرض لعلّة بها؛ اقتصر على الأنف عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة، وزاد الشّافعيّة: إن كان بجبهته جراحة عصبها بعصابة وسجد عليها، ولا إعادة عليه على المذهب([228]).

  • عدم القدرة على استقبال المريض للقبلة

المريض العاجز عن استقبال القبلة ولا يجد من يحوّله إليها، لا متبرّعاً، ولا بأجرة مثله وهو واجدها؛ فإنّه يصلّي على حسب حالته.

  • صلاة المريض جماعةً

المريض إن قدر على الصلاة وحده قائماً، ولا يقدر على ذلك مع الإمام لتطويله صلى منفردا؛ لأن القيام آكد؛ لكونه ركناً في الصلاة لا تتم إلا به، والجماعة تصح الصلاة بدونها؛ ولأن العجز يتضاعف بالجماعة أكثر من تضاعفه بالقيام، بدليل أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، وصلاة الجماعة تفضل صلاة الرجل وحده سبعا وعشرين درجة([229]).

  • العجز عن القيام والجلوس:

إن تعذر على المريض القيام والجلوس في آن واحد صلى على جنبه دون تحديد للشق الأيمن أو الأيسر، وهذا هو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.

وذهب المالكية، والحنابلة إلى أنه من الأفضل أن يصلي على جنبه الأيمن ثم الأيسر.

فإن لم يستطع على جنبه يصلي مستلقياً على قفاه، ورجلاه إلى القبلة، وأومأ بطرفه.

والدليل على ما سبق قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمران بن حصين: "صَل قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِكَ"([230]).

وقال المالكية: إن لم يستطع أن يصلي مستلقيا على ظهره صلى على بطنه ورأسه إلى القبلة، فإن قدم هيئة الصلاة على بطنه على هيئة الصلاة مستلقياً على ظهره بطلت.

وذهب الحنفية إلى أنه إن تعسر القعود أومأ مستلقياً على قفاه، أو على أحد جنبيه والأيمن أفضل من الأيسر، والاستلقاء على قفاه أولى من الجنب إن تيسر، والمستلقي يجعل تحت رأسه شيئاً كالوسادة؛ ليصير وجهه إلى القبلة لا إلى السماء، وليتمكن من الإيماء([231]).

وصلاة المريض بالهيئة التي ذكرها الفقهاء فيما سبق لا ينقص من أجره شيئا؛ لحديث أبي موسى رضي الله عنه مرفوعاً: إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ؛ كُتِبَ لَهُ مِثْل مَا كَانَ يَعْمَل مُقِيمًا صَحِيحًا"([232]).

كيفية الإيماء:

إن لم يستطع المريض القيام والقعود أو الركوع أو الجلوس أو جميعها فاحتاج إلى الإيماء فهل يومئ برأسه لها أم بعينه أم بقلبه؟

فالجمهور أن المريض يومئ بما يستطيعه([233])؛ وذلك لحديث: "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"([234]).

والأصل أن المريض إذا لم يستطع إلا الإيماء فيومئ برأسه.

فإن عجز عن الإيماء برأسه أومأ بطرفه (عينه) ناوياً مستحضراً، تيسيراً له للفعل عند إيمائه، وناوياً القول إذا أومأ له.

فإن عجز عن القول؛ فبقلبه مستحضراً له؛ كالأسيرِ، والخائفِ من آخرين إن علموا بصلاته يؤذونه.

العجز المؤقت([235]):

قد يعجز المريض بعض الوقت عن قيام، أو قعود، أو ركوع، أو سجود، ثم يستطيعه بعد ذلك.

فيجوز أن يؤدي صلاته بقدر طاقته، ويرجع إلى ما يستطيعه بعد ذلك.

فلو افتتح الصلاة قائماً، ثم عجز فقعد، وأتم صلاته؛ جاز له ذلك.

وإن افتتحها قاعداً، ثم قدر على القيام؛ قام وأتم صلاته.

وإن افتتح الصلاة قاعداً، ثم عجز؛ اضطجع.

وإن افتتحها مضطجعاً، ثم قدر على القيام، أو القعود؛ قام، أو قعد.

المبحث الثاني: صلاة المسافر

التعريف:

السفر لغة: قطع المسافة، وخلاف الحضر (أي الإقامة)، والجمع: أسفار، ورجل سفر، وقوم سفر: ذوو سفر([236]).

والفقهاء يقصدون بالسفر: السفر الذي تتغير به الأحكام الشرعية وهو: أن يخرج الإنسان من وطنه، قاصداً مكاناً يستغرق المسير إليه مسافة مقدرة شرعاً([237]).

الخصائص الشرعية للسفر:

يختص السفر بأحكام تتعلق به، وتتغير بوجوده، ومن أهمها: قصر الصلاة الرباعية، وإباحة الفطر للصائم، وامتداد مدة المسح على الخفين إلى ثلاثة أيام، والجمع بين الظهر والعصر، والجمع بين المغرب والعشاء، وحرمة السفر على الحرة بغير محرم، وولاية الأبعد.

أنواع الوطن بالمفهوم الشرعي:

للوطن أنواع: وطن أصلي، ووطن إقامة، ووطن سكنى.

الوطن الأصلي:

هو المكان الذي يستقر فيه الإنسان بأهله، سواء أكان موطن ولادته أم بلدة أخرى، اتخذها داراً وتوطن بها مع أهله وولده، ولا يقصد الارتحال عنها، بل يقصد التعيش بها.

ويأخذ حكم الوطن الأصلي: المكان الّذي تأهّل (تزوّج) به، ولا يحتاج الوطن الأصليّ إلى نيّة الإقامة.

فالوطن الأصليّ يتحقّق بالإقامة الدّائمة على نيّة التّأبيد، سواء أكان في مكان ولادته أم في مكان آخر، ويلحق بذلك مكان الزّوجة([238]).

والوطن الأصليّ يجوز أن يكون واحداً أو أكثر، وذلك مثل أن يكون له أهل ودار في بلدتين أو أكثر، ولم يكن من نيّة أهله الخروج منها.

وإن كان ينتقل من أهل إلى أهل في السّنة، حتّى إنّه لو خرج مسافراً من بلدة فيها أهله، ودخل بلدةً أخرى فيها أهله؛ فإنّه يصير مقيمًا من غير نيّة الإقامة([239]).

ما ينتقض به الوطن الأصليّ

الوطن الأصليّ ينتقض بمثله لا غير، وهو أن يتوطّن الإنسان في بلدة أخرى، وينقل الأهل إليها من بلدته مضرباً عن الوطن الأوّل، ورافضاً سكناه، فإنّ الوطن الأوّل يخرج بذلك عن أن يكون وطناً أصليّاً له حتى لو دخل فيه مسافراً لا تكون صلاته أربعاً، بل تصبح مقصورة.

والأصل فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمهاجرين من أصحابه رضي الله عنهم كانوا من أهل مكة، وكان لهم بها أوطان أصلية، ثم لما هاجروا وتوطنوا بالمدينة، وجعلوها دارا لأنفسهم انتقض وطنهم الأصلي بمكة، حتى كانوا إذا أتوا مكة يصلون صلاة المسافرين.

ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين صلى بهم: "أَتِمُّوا يَا أَهْل مَكَّةَ صَلاَتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ"([240]).

ولا ينتقض الوطن الأصلي بوطن الإقامة، ولا بوطن السكنى؛ لأنهما دونه، والشيء لا ينسخ بما هو دونه، وكذا لا ينتقض بنية السفر والخروج من وطنه حتى يصير مقيما بالعودة من غير نية الإقامة.

وطن الإقامة([241]):

هو المكان الذي يقصد الإنسان أن يقيم به مدة قاطعة لحكم السفر فأكثر على نية أن يسافر بعد ذلك، مع اختلاف في مقدار هذه المدة.

ويصير الوطن وطن إقامة بشريطتين:

إحداهما: أن يتقدمه سفر.

والثانية: أن يكون بين وطنه الأصلي وبين هذا الموضع (الذي توطن فيه بنية إقامة هذه المدة) مسافة القصر.

والمالكية يشترطون مسافة القصر إن كانت نية الإقامة في ابتداء السير، فإن كانت في أثنائه فلا تشترط المسافة على المعتمد.

ما ينتقض به وطن الإقامة:

وطن الإقامة ينتقض بالوطن الأصلي؛ لأنه فوقه.

وينتقض بوطن الإقامة؛ لأنه مثله، والشيء يجوز أن ينسخ بمثله.

وينتقض بالسفر؛ لأن توطنه في هذا المقام ليس للقرار، ولكن لحاجة، فإذا سافر منه يستدل به على قضاء حاجته، فصار معرضا عن التوطن به، فصار ناقضاً له.

ولا ينتقض وطن الإقامة بوطن السكنى؛ لأنه دونه فلا ينسخه.

وطن السكنى:

هو المكان الذي يقصد الإنسان المقام به أقل من المدة القاطعة للسفر.

وشرطه: نية عدم الإقامة المدة القاطعة للسفر، ولذلك يعتبر مسافراً بهذه النية وإن طال مقامه؛ لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ لَيْلَةً يَقْصُرُ الصَّلاَةَ([242])، وروي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه أقام بقرية من قرى نيسابور شهرين، وكان يقصر الصلاة([243]).

ما ينتقض به وطن السكنى:

وطن السكنى ينتقض بالوطن الأصلي وبوطن الإقامة؛ لأنهما فوقه.

وينتقض بوطن السكنى؛ لأنه مثله.

وينتقض بالسفر؛ لأن توطنه في هذا المقام ليس للقرار، ولكن لحاجة، فإذا سافر منه يستدل به على انقضاء حاجته، فصار معرضاً عن التوطن به، فصار ناقضاً له.

صيرورة المقيم مسافرا وشرائطها:

يصير المقيم مسافراً إذا تحققت الشرائط الآتية:

الأولى: الخروج من المقام، أي موطن إقامته، وهو أن يجاوز عمران بلدته ويفارق بيوتها، ويدخل في ذلك ما يعد منه عرفاً؛ كالأبنية المتصلة، والبساتين المسكونة، والمزارع، والأسوار.

ولا تعتبر نية السفر إلا إذا كانت مقارنة للفعل، وهو الخروج؛ لأن مجرد قصد الشيء من غير اقتران بالفعل يسمى عزماً، ولا يسمى نية.

وفعل السفر لا يتحقق إلا بعد الخروج من المصر، فما لم يخرج لا يتحقق قران النية بالفعل، فلا يصير مسافراً.

الثانية: نية مسافة السفر، فلكي يصير المقيم مسافراً لا بد أن ينوي سير مسافة السفر الشرعي؛ لأن السير قد يكون سفراً وقد لا يكون، فالإنسان قد يخرج من موطن إقامته إلى موضع لإصلاح شأن، ثم تبدو له حاجة أخرى إلى المجاوزة عنه إلى موضع آخر، وليس بينهما مدة سفر، ثم يتجاوز ذلك إلى مكان آخر، وهكذا إلى أن يقطع مسافة بعيدة أكثر من مدة السفر، ولذلك لا بد من نية مدة السفر للتمييز([244]).

تحديد أقل مسافة السفر بالأيام:

ذهب المالكية والشافعية والحنابلة([245]): إلى أن أقل مدة السفر مسيرة يومين معتدلين بلا ليلة، أو مسيرة ليلتين معتدلتين بلا يوم، أو مسيرة يوم وليلة. وذلك؛ لأنهم قدروا السفر بالأميال، واعتبروا ذلك ثمانية وأربعين ميلا، وذلك أربعة برد، وتقدر بسير يومين معتدلين.

واستدلوا بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يَا أَهْل مَكَّةَ: لاَ تَقْصُرُوا الصَّلاَةَ فِي أَدْنَى مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، مِنْ مَكَّةَ إِلَى عُسْفَانَ"([246]).

ولأن ابن عمر وابن عباس كَانَا يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَمَا فَوْقَهَا، ولا يعرف لهما مخالف، وأسنده البيهقي بسند صحيح، مثل هذا لا يكون إلاّ عن توقيف، وعلّقه البخاريّ بصيغة الجزم.

وذهب الحنفيّة إلى أنّ أقلّ مسافة السّفر مسيرة ثلاثة أيّام ولياليها، لما روي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه سُئِل عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَال: جَعَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ([247])، فقد جعل النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لكلّ مسافر أن يمسح ثلاثة أيّام ولياليها، ولن يتصوّر أن يمسح المسافر ثلاثة أيّام ولياليها، ومدّة السّفر أقلّ من هذه المدّة.

وكذلك قال النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لاَ يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ ثَلاَثِ لَيَالٍ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ"([248])، فلو لم تكن المدّة مقدّرةً بالثّلاث لم يكن لتخصيص الثّلاث معنى.

وقد استحبّ ذلك الإمام الشّافعيّ للخروج من الخلاف([249]).

أحكام السفر بالوسائل الحديثة؛ كالقطار والطائرة، حيث الراحة وقصر المدة.

عند جمهور الفقهاء([250]): لو قطع المسافر مسافة السفر المحددة في زمن أقل؛ لاستعماله وسائل أسرع فإنه يقصر الصلاة؛ لأنه يصدق عليه أنه سافر مسافة القصر.

واختلف النقل عند الحنفية([251])، فنقل الكاساني ما روي عن أبي حنيفة: من أن المسافر لو سار إلى موضع في يوم أو يومين، وأنه بسير الإبل، والمشي المعتاد ثلاثة أيام فإنه يقصر، اعتبارا للسير المعتاد، وهذا القول يوافق المذاهب السابقة؛ لأن أبا حنيفة اعتبر أن العلة هي قطع المسافة.

لكن الكمال بن الهمام: اعتبر أن العلة لقصر الصلاة في السفر هي المشقة التي تلحق بالمسافر، ولذلك يذكر: أن المسافر لو قطع المسافة في ساعة فإنه لا يقصر الصلاة، وإن كان يصدق عليه أنه قطع مسافة ثلاثة أيام بسير الإبل؛ لانتفاء مظنة المشقة، وهي العلة.

أحكام القصر:

مشروعية القصر:

القصر معناه: أن تصير الصلاة الرباعية ركعتين في السفر، سواء في حالة الخوف، أو في حالة الأمن.

وقد شرع القصر في السنة الرابعة من الهجرة.

ومشروعية القصر ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101].

وأما السنة: فما ورد عن يعلى بن أمية قال: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ. قَال: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَال: "صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ"([252]).

وقال ابن عمر رضي الله عنهما: صحبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك([253]).

فالآية الكريمة دلّت على مشروعيّة القصر في حالة الخوف، ودلّت الأحاديث على مشروعيّته في حالتي الخوف والأمن، وقد أجمعت الأمّة على مشروعيّة القصر.

الحكم التّكليفيّ للقصر

ذهب الشّافعيّة والحنابلة: إلى أنّ القصر جائز، تخفيفاً على المسافر؛ لما يلحقه من مشقّة السّفر غالباً، واستدلّوا بالآية الكريمة: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101]، فقد علّق القصر على الخوف؛ لأنّ غالب أسفار النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم تخل منه، ونفي الجناح في الآية يدلّ على جواز القصر، لا على وجوبه، كما استدلّوا كذلك بحديث يعلى بن أميّة

وذهب الحنفيّة: إلى أنّ فرض المسافر من ذوات الأربع ركعتان لا غير، فليس للمسافر عندهم أن يتمّ الصّلاة أربعاً؛ لقول عائشة رضي الله عنها: "فُرِضَتِ الصَّلاَةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ
فِي صَلاَةِ الْحَضَرِ"([254])، ولا يعلم ذلك إلاّ توقيفاً([255]).

وقول ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله عز وجل فرض الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم على المسافر ركعتين وعلى المقيم أربعا، وفي الخوف ركعة([256]).

والراجح المشهور عند المالكية: أن القصر سنة مؤكدة؛ فإنه لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أتم الصلاة، بل المنقول عنه القصر في كل أسفاره، وما كان هذا شأنه فهو سنة مؤكدة([257]).

شرائط القصر([258]):

يقصر المسافر الصلاة الرباعية إلى ركعتين إذا توفرت الشرائط الآتية:

الأولى: نية السفر، باتفاق الفقهاء.

الثانية: مسافة السفر: وهو أن يقصد الإنسان مسيرة مسافة السفر المقدرة عند الفقهاء.

الثالثة: الخروج من عمران بلدته.

الرابعة: اشتراط نية القصر عند كل صلاة: عند الشافعية والحنابلة، أما الحنفية فقالوا: إن نية السفر تجعل فرض المسافر ركعتين، وهذا يكفي، وأما عند المالكية: تكفي نية القصر في أول صلاة يقصرها في السفر، ولا يلزم تجديدها فيما بعدها من الصلوات.

المكان الذي يبدأ منه القصر([259]):

يبدأ المسافر القصر إذا فارق بيوت المصر، فحينئذ يصلي ركعتين.

وأصله ما روى أنس رضي الله عنه قال: صَلَّيْتُ الظُّهْرَ مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ([260]).

والمعتبر مفارقة البيوت من الجانب الذي يخرج منه، والقريتان المتدانيتان المتصل بناء إحداهما بالأخرى، أو التي يرتفق أهل إحداهما بالأخرى فهما كالقرية الواحدة.

وساكن الخيام يقصر إذا فارق خيام قومه ومرافقها، كملعب الصبيان.

الصلوات التي تقصر، ومقدار القصر([261]):

الصلوات التي تقصر هي: الصلاة الرباعية، وهي: الظهر، والعصر، والعشاء إجماعاً.

ولا قصر في الفجر والمغرب؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: فَرَضَ صَلاَةَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. فَلَمَّا أَقَامَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ زِيدَ فِي صَلاَةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، وَتُرِكَتْ صَلاَةُ الْفَجْرِ؛ لِطُول الْقِرَاءَةِ، وَصَلاَةُ الْمَغْرِبِ لأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ([262]).

ومقدار القصر: أن تصير الرباعية ركعتين لا غير.

ولا قصر في السنن عند الحنفية، ولا قصر في الصلاة المنذورة عند الشافعية.

اقتداء المسافر بالمقيم، وعكسه:

عند الحنفية([263]): يصح اقتداء المسافر بالمقيم في الوقت، وينقلب فرض المسافر أربعاً عند عامة الفقهاء من الحنفية؛ لأنه لما اقتدى به صار تبعاً له؛ لأن متابعته واجبة عليه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّمَا جُعِل الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ"([264]).

وأما اقتداء المقيم بالمسافر فيصح في الوقت وخارج الوقت، وإذا سلم الإمام على رأس الركعتين لا يسلم المقيم، ولكنه يقوم ويتمها أربعا؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أَتِمُّوا يَا أَهْل مَكَّةَ صَلاَتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ"([265])، ويقول الإمام المسافر ذلك للمقيمين اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وعند المالكية([266]): يجوز اقتداء المسافر بالمقيم مع الكراهة، ويلزمه الإتمام ولو نوى القصر؛ لمتابعة الإمام، ويجوز اقتداء المقيم بالمسافر مع الكراهة، ويسلم المسافر، ويتم المقيم.

وعند الشافعية والحنابلة([267]): يجوز اقتداء المسافر بالمقيم، ويلزمه الإتمام. كما يجوز اقتداء المقيم بالمسافر، مع الإتمام.

قضاء فائتة السفر في الحضر وعكسه:

قال الحنفية والمالكية والشافعية في القديم([268]): من فاتته صلاة في السفر قضاها في الحضر ركعتين، ومن فاتته صلاة في الحضر قضاها في السفر أربعا؛ لأن القضاء بحسب الأداء، والمعتبر في ذلك آخر الوقت؛ لأنه المعتبر في السببية عند عدم الأداء في الوقت.

وذهب الشافعية في الجديد؛ وهو الأصح إلى أنه([269]): لا يجوز له القصر؛ لأنه تخفيف تعلق بعذر فزال بزوال العذر. وإن فاتته في السفر فقضاها في السفر ففيه قولان: أحدهما: لا يقصر؛ لأنها صلاة ردت من أربع إلى ركعتين، فكان من شرطها الوقت. والثاني: له أن يقصر وهو الأصح لأنه تخفيف تعلق بعذر، والعذر باق، فكان التخفيف باقيا. وإن فاتته في الحضر صلاة، فأراد قضاءها في السفر لم يجز له القصر؛ لأنه ثبت في ذمته صلاة تامة فلم يجز له القصر.

وقال الحنابلة: إذا نسي صلاة حضر فذكرها في السفر، أو نسي صلاة سفر فذكرها في الحضر؛ صلى في الحالتين صلاة حضر؛ لأن القصر رخصة من رخص السفر فيبطل بزواله.

زوال حالة السفر:

المسافر إذا صح سفره يظل على حكم السفر، ولا يتغير هذا الحكم إلا أن ينوي الإقامة، أو يدخل وطنه، وحينئذ تزول حالة السفر، ويصبح مقيماً تنطبق عليه أحكام المقيم.

وللإقامة شرائط هي:

الأولى: نية الإقامة ومدتها المعتبرة:

عند الحنفية([270]): نية الإقامة أمر لا بد منه، حتى لو دخل مصراً ومكث فيه شهراً أو أكثر لانتظار قافلة، أو لحاجة أخرى يقول: أخرج اليوم أو غداً، ولم ينو الإقامة، فإنه لا يصير مقيماً، وذلك لإجماع الصحابة رضي الله عنهم؛ فإنه روي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه: أقام بقرية من قرى نيسابور شهرين وكان يقصر الصلاة، وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه أقام بأذربيجان شهراً وكان يقصر الصلاة.

أما مدة الإقامة المعتبرة: فأقلها خمسة عشرة يوماً؛ لما روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أنهما قالا: إذا دخلت بلدة وأنت مسافر وفي عزمك أن تقيم بها خمسة عشر يوما فأكمل الصلاة، وإن كنت لا تدري متى تظعن فاقصر. قال الكاساني: وهذا باب لا يوصل إليه بالاجتهاد؛ لأنه من جملة المقادير، ولا يظن بهما التكلم جزافا، فالظاهر أنهما قالاه سماعا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وعند المالكية([271]): لا بد من النية، وأقل مدة الإقامة أربعة أيام صحاح مع وجوب عشرين صلاة في مدة الإقامة، ولا يحتسب من الأيام يوم الدخول إن دخل بعد طلوع الفجر، ولا يوم الخروج إن خرج في أثنائه، ولا بد من اجتماع الأمرين: الأربعة الأيام والعشرين صلاة.

وعند الشافعية([272]): لو نوى المسافر إقامة أربعة أيام تامة بلياليها، أو نوى الإقامة بموضع وأطلق دون تحديد عدد الأيام؛ انقطع سفره بوصوله ذلك الموضع؛ سواء أكان مقصده أم في طريقه.

ولو أقام أربعة أيام بلا نية؛ انقطع سفره بتمامها؛ لأن الله تعالى أباح القصر بشرط الضرب في الأرض، والمقيم والعازم على الإقامة غير ضارب في الأرض. والسنة بينت أن ما دون الأربع لا يقطع السفر، ففي الصحيحين([273]): "يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلاَثًا"، فالترخص في الثلاث يدل على بقاء حكم السفر، بخلاف الأربعة، وألحق بإقامة الأربعة: نية إقامتها.

ولا يحسب من الأربعة يوما دخوله وخروجه إذا دخل نهاراً على الصحيح، فإن دخل ليلاً لم تحسب بقية الليلة ويحسب الغد.

ولو أقام ببلد بنية أن يرحل إذا حصلت حاجة يتوقعها كل وقت، أو حبسه الريح بموضع في البحر قصر ثمانية عشر يوما غير يومي الدخول والخروج؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقامها بمكة عام الفتح لحرب هوازن يقصر الصلاة([274]).

ولو علم المسافر بقاء حاجته مدة طويلة فلا قصر له على المذهب؛ لأنه ساكن مطمئن بعيد عن هيئة المسافرين.

وعند الحنابلة([275]): لو نوى إقامة أكثر من عشرين صلاة أتم؛ لحديث جابر وابن عباس رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قَدِمَ مَكَّةَ صَبِيحَةَ رَابِعَةِ ذِي الْحِجَّةِ فَأَقَامَ بِهَا الرَّابِعَ وَالْخَامِسَ وَالسَّادِسَ وَالسَّابِعَ، وَصَلَّى الصُّبْحَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي (الثامن)، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مِنًى، وَكَانَ يَقْصُرُ الصَّلاَةَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى إِقَامَتِهَا([276]).

ولو نوى المسافر إقامة مطلقة بأن لم يحدها بزمن معين في بلدة أتم؛ لزوال السفر المبيح للقصر بنية الإقامة، ولو شك في نيته، هل نوى إقامة ما يمنع القصر أو لا؟ أتم؛ لأنه الأصل.

وإن أقام المسافر لقضاء حاجة يرجو نجاحها بلا نية إقامة تقطع حكم السفر، ولا يعلم قضاء الحاجة قبل المدة ولو ظناً؛ قصر أبداً؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلاَةَ([277]).

فإن علم أو ظن أنها لا تنقضي في أربعة أيام لزمه الإتمام، كما لو نوى إقامة أكثر من أربعة أيام.

وإن نوى إقامة بشرط، كأن يقول: إن لقيت فلانا في هذا البلد أقمت فيه وإلا فلا، فإن لم يلقه في البلد فله حكم السفر؛ لعدم الشرط الذي علق الإقامة عليه؛ وإن لقيه به صار مقيماً؛ لاستصحابه حكم نية الإقامة إن لم يكن فسخ نيته الأولى للإقامة قبل لقائه أو حال لقائه، وإن فسخ النية بعد لقائه فهو كمسافر نوى الإقامة، فليس له أن يقصر في موضع إقامته؛ لأنه محل ثبت له فيه حكم الإقامة، فأشبه وطنه.

الشريطة الثانية- صلاحية المكان للإقامة([278]):

وهو موضع اللبث والقرار في العادة، نحو الأمصار والقرى، وأما المفازة والجزيرة والسفينة فليست موضع الإقامة.

عند الحنفية: لو نوى الإقامة في هذه المواضع خمسة عشر يوماً لا يصير مقيماً.

أما المالكية والشافعية فلا يشترطون أن يكون المكان صالحاً للإقامة، فلو نوى المسافر الإقامة في مكان، ولو كان غير صالح للإقامة صحت نيته، وامتنع القصر.

وعند الحنابلة قولان في اشتراط كون المكان صالحا للإقامة.

دخول الوطن([279]):

إذا دخل المسافر وطنه زال حكم السفر، وتغير فرضه بصيرورته مقيما، وسواء دخل وطنه للإقامة، أو للاجتياز، أو لقضاء حاجة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يخرج مسافراً إلى الغزوات، ثم يعود إلى المدينة ولا يجدد نية الإقامة؛ لأن وطنه متعين للإقامة فلا حاجة إلى التعيين بالنية.

وروي أن ابن عمر رضي الله عنهما قال لمسافر: صل ركعتين ما لم تدخل منزلك.

وإذا دخل وطنه في الوقت وجب الإتمام.

جمع الصلاة:

المراد بالجمع: هو أن يجمع المصلي بين فريضتين في وقت إحداهما، جمع تقديم أو جمع تأخير. والصلاة التي يجوز فيها الجمع هي: الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء.

والجمع بين فريضتين جائز بإجماع الفقهاء.

إلا أنهم اختلفوا في مسوغات الجمع:

فعند الحنفية يجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة، وبين المغرب والعشاء في وقت العشاء بمزدلفة، فمسوغ الجمع عندهم هو الحج فقط، ولا يجوز عندهم الجمع لأي عذر آخر، كالسفر والمطر.

وعند المالكية للجمع ستة أسباب:

السفر، والمطر، والوحل مع الظلمة، والمرض، وبعرفة، ومزدلفة.

وزاد الشافعية على ما ذكره المالكية: عدم إدراك العدو.

وزاد الحنابلة كذلك: الريح الشديدة.

الصلاة على الراحلة (أو الدابة، أو السفينة وفي كل وسيلة نقل)

التعريف:

والراحلة من الإبل: البعير القوي على الأسفار والأحمال، وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر، وإذا كانت في جماعة الإبل تبينت وعرفت([280]).

والدابة: كل ما يدب على الأرض. وقد غلب هذا الاسم على ما يركب من الحيوان من إبل وخيل وبغال وحمير([281]).

السفينة: الفلك، والعلاقة بينها وبين الراحلة أن كلا منهما يركب، وكما أن للصلاة على الراحلة أحكاما خاصة، فكذلك للصلاة في السفينة.

الأحكام التي تتعلق بالصلاة على الراحلة:

أ - صلاة النفل:

اتفق الفقهاء على أنه يجوز للمسافر صلاة النفل على الراحلة حيثما توجهت به.

والدليل على ذلك قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 115].

قال ابن عمر رضي الله عنهما: نزلت في التطوع خاصة.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه([282]).

وعن جابر رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت، فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة([283]).

والتطوع الجائز على الراحلة يشمل النوافل المطلقة والسنن الرواتب والمعينة والوتر وسجود التلاوة، وهذا عند جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية والحنابلة([284]).

واستدلوا بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يوتر على بعيره، وكان يُسَبِّح (أي: يصلي النوافل) على بعيره إلا الفرائض([285]).

وعند الحنفية ما يعتبر واجباً عندهم من غير الفرائض كالوتر لا يجوز على الراحلة بدون عذر، وكذلك سجدة التلاوة([286]).

وعن أبي حنيفة: أنه ينزل عن دابته لسنة الفجر؛ لأنها آكد من سائر السنن الرواتب([287]).

وتجوز الصلاة للمسافر على كل حيوان مُعَدٍّ للركوب.

غير أنه يشترط أن يكون ما يلاقي بدن المصلي على الراحلة وثيابه من السرج، والمتاع، واللجام طاهراً([288]).

ب - صلاة الفريضة:

الأصل أن صلاة الفريضة على الراحلة لا تجوز إلا لعذر، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي على راحلته نحو المشرق فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل القبلة([289]).

قال ابن بطال: أجمع العلماء على أنه لا يجوز لأحد أن يصلي الفريضة على الدابة من غير عذر.

ولأن شرط الفريضة المكتوبة أن يكون المصلي مستقبل القبلة مستقرا في جميعها، فلا تصح من الراكب المخل بقيام أو استقبال([290]).

وقد عدد الفقهاء الأعذار التي تبيح الصلاة على الراحلة، ومن ذلك:

الخوف على النفس أو المال من عدو أو سبع، أو خوف الانقطاع عن الرفقة، أو التأذي بالمطر والوحل؛ ففي مثل هذه الأحوال تجوز صلاة الفريضة على الراحلة بالإيماء من غير ركوع وسجود([291]).

عن يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى مَضِيقٍ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَالسَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَالْبِلَّةُ مِنْ أَسْفَل مِنْهُمْ فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ ثُمَّ تَقَدَّمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَصَلَّى بِهِمْ يُومِئُ إِيمَاءً يَجْعَل السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ([292]).

وإذا كانت صلاة الفرض على الراحلة لا تجوز إلا لعذر؛ لأن شرط الفريضة المكتوبة أن يكون المصلي مستقبل القبلة مستقرا في جميعها ومستوفيا شروطها وأركانها، فإن من أمكنه صلاة الفريضة على الراحلة (كالقطار والطائرة) مع الإتيان بكل شروطها وأركانها، ولو بلا عذر صحت صلاته، وذلك كما يقول الشافعية والحنابلة وهو الراجح المعتمد عند المالكية([293]).

قبلة المصلي على الراحلة([294]):

مصلي النافلة على الراحلة لا يلزمه استقبال القبلة، بل يصلي حيثما توجهت الدابة، أو صوب سفره كما يقول المالكية، وتكون هذه عوضاً عن القبلة.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به، أي جهة مقصده، فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة([295]).

غير أن المصلي إذا أمكنه افتتاح الصلاة إلى القبلة، وهذا إذا كانت الدابة سهلة غير مقطورة بأن كانت واقفة أو سائرة وزمامها بيده فإنه يجب عليه استقبال القبلة عند الإحرام، وهذا عند الشافعية، وهو رواية عند الحنابلة ورأي ابن حبيب من المالكية، ورواية ابن المبارك من الحنفية.

واستدلوا بما رواه أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث وجهه ركابه([296]).

ولأنه أمكنه استقبال القبلة في ابتداء الصلاة فلزمه ذلك كالصلاة كلها.

وإن كان المصلي على الراحلة في مكان واسع كمحمل واسع وهودج (كالقطار والطائرة) ويتمكن من الصلاة إلى القبلة والركوع والسجود؛ فعليه استقبال القبلة في صلاته ويسجد على ما هو عليه إن أمكنه ذلك؛ لأنه كراكب السفينة([297]).

كيفية الصلاة على الراحلة([298]):

من جازت له الصلاة على الراحلة فإنه يومئ في صلاته بالركوع والسجود، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه.

قال جابر: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حاجة فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق، والسجود أخفض من الركوع([299]).

وروى البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض([300]).

حكم الصلاة في الطائرة

يجوز للإنسان أن يصلي على متن الطائرة؛ لعموم أدلة وجوب أداء الصلاة إذا دخل وقتها، ولا فرق في ذلك بين من كان في البر والجو والبحر، ويستقبل القبلة ما أمكنه، وإذا حصل انحراف من الطائرة عن القبلة في أثناء الصلاة استمر في صلاته مستقبلاً القبلة ما أمكن، ولا حرج عليه في ذلك؛ لعموم أدلة يسر الشريعة، ومنها قوله تعالى‏:‏ ‏{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}‏ ‏[‏البقرة: 286‏]‏ أما صلاة النافلة فله أن يصلي إلى جهة سيرها‏.‏

إذا حان وقت الصلاة والطائرة مستمرة في طيرانها ويخشى فوات وقت الصلاة قبل هبوطها في أحد المطارات؛ فقد اتفق أهل العلم على وجوب أدائها بقدر الاستطاعة، ركوعاً وسجوداً واستقبالاً للقبلة؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏}‏ ‏[‏التغابن: 16‏]‏، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ "إذا أمرتُكُم بأمرٍ؛ فأتُوا منهُ ما اسْتَطَعْتُم"([301]).

أما إذا علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الصلاة بقدر يكفي لأدائها، أو أن الصلاة مما يجمع مع غيره كصلاة الظهر مع العصر، وصلاة المغرب مع العشاء، وعلم أنها ستهبط قبل خروج وقت الثانية بقدر يكفي لأدائهما؛ فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز أدائها في الطائرة؛ لوجوب الأمر بأدائها بدخول وقتها حسب الاستطاعة‏.‏

الصلاة في الطائرة جالساً

لا يجوز أن يصلي قاعداً في الطائرة ولا غيرها إذا كان يقـــدر على القيــام؛ لعمـوم قولــه تعــالى‏:‏ ‏{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة: 328‏]‏، وحديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له‏:‏ "صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ"([302])،‏ زاد النسائي‏:‏ "فإن لم تستطع فمستلقياً".

الفصل الثالث: صلاة الوتر

التعريف:

الوتر (بفتح الواو وكسرها) لغة: العدد الفردي، كالواحد والثلاثة والخمسة([303])، ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ"([304]).

والوتر في الاصطلاح: صلاة الوتر، وهي صلاة تفعل ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، تختم بها صلاة الليل، سميت بذلك؛ لأنها تصلى وتراً، ركعة واحدة، أو ثلاثا، أو أكثر، ولا يجوز جعلها شفعاً، ويقال: صليت الوتر، وأوترت، بمعنى واحد.

الحكم التكليفي:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوتر سنة مؤكدة، وليس واجباً، ودليل سنيته قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أَهْل الْقُرْآنِ"([305])، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعله وواظب عليه.

واستدلوا لعدم وجوبه بما ثبت: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سَأَلَهُ أَعْرَابِيٌّ: عَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ فَقَال: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ"، فَقَال: هَل عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَال: "لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ"([306]).

وذهب أبو حنيفة - خلافاً لصاحبيه - وأبو بكر من الحنابلة: إلى أن الوتر واجب، وليس بفرض، وإنما لم يجعله فرضاً؛ لأنه لا يَكْفُر جاحده، ولا يُؤَذَّن لصلاة الوتر كأذان الفرائض.

واستدل على وجوبه:

بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الْوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا" كَرَّرَ ثَلاَثًا([307]).

وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَدَّكُمْ بِصَلاَةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، وَهِيَ صَلاَةُ الْوِتْرِ، فَصَلُّوهَا مَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إِلَى صَلاَةِ الْفَجْرِ"([308])، وهو أمر، والأمر يقتضي الوجوب، ولأنه صلاة مؤقتة تقضى.

وقت الوتر:

وقت الوتر عند الحنابلة، وهو المعتمد عند الشافعية([309]): يبدأ من بعد صلاة العشاء وذلك لحديث خارجة، وفيه: "فَصَلُّوهَا مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ"([310]).

قالوا: ويصلى استحبابا بعد سنة العشاء؛ ليوالي بين العشاء وسنتها.

قالوا: ولو جمع المصلي بين المغرب والعشاء جمع تقديم، أي في وقت المغرب فيبدأ وقت الوتر من بعد تمام صلاة العشاء.

وفي قول عند الشافعية: وقت الوتر هو وقت العشاء، فلو صلى الوتر قبل أن يصلي العشاء صح وتره.

وآخر وقته عند الشافعية، والحنابلة طلوع الفجر الثاني لحديث خارجة([311]).

وذهب المالكية([312]): إلى أن أول وقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء الصحيحة ومغيب الشفق، فمن قدم العشاء في جمع التقديم فإنه لا يصلي الوتر إلا بعد مغيب الشفق. وأما آخر وقت الوتر عندهم فهو طلوع الفجر.

وذهب الحنفية([313]): إلى أن وقت الوتر هو وقت العشاء، أي من غروب الشفق إلى طلوع الفجر، ولذا اكتفي بأذان العشاء وإقامته، فلا يؤذن للوتر، ولا يقام لها، مع قولهم بوجوبها. قالوا: ولا يجوز تقديم صلاة الوتر على صلاة العشاء، لا لعدم دخول وقتها، بل لوجوب الترتيب بينها وبين العشاء.

واتفق الفقهاء([314]): على أنه يسن جعل الوتر آخر النوافل التي تصلى بالليل؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْل وِتْرًا"([315]).

فإن أراد من صلى العشاء أن يتنفل يجعل وتره بعد النفل.

وإن كان يريد أن يتهجد - أي يقوم للصلاة من آخر الليل - فإنه إذا وثق باستيقاظه أواخر الليل؛ يستحب له أن يؤخر وتره ليفعله آخر الليل، وإلا فيستحب تقديمه قبل النوم.

لحديث: "مَنْ خَافَ أَنْ لاَ يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْل فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْل، فَإِنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْل مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَل"([316]).

وحديث عائشة رضي الله عنها قالت: مِنْ كُل اللَّيْل قَدْ أَوْتَرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أَوَّل اللَّيْل وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ([317]).

عدد ركعات صلاة الوتر:

أقل صلاة الوتر عند الشافعية والحنابلة ركعة واحدة. قالوا: ويجوز ذلك بلا كراهة؛ لحديث: "صَلاَةُ اللَّيْل مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ"([318])، والاقتصار عليها خلاف الأولى، لكن في قول عند الشافعية: شرط الإيتار بركعة سَبْق نفل بعد العشاء من سنتها، أو غيرها ليوتر النفل.

وقال الحنفية: لا يجوز الإيتار بركعة، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنِ الْبُتَيْرَاءِ([319])، قالوا: روي أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا يوتر بواحدة، فقال: ما هذه البتيراء؟ لتشفعنها أو لأؤدبنك([320]).

وقال الشافعية والحنابلة: أكثر الوتر إحدى عشرة ركعة، وفي قول عند الشافعية أكثره ثلاث عشرة ركعة، ويجوز بما بين ذلك من الأوتار؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَل، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلاَثٍ فَلْيَفْعَل، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَل"([321])، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ، أَوْ سَبْعٍ، أَوْ تِسْعٍ، أَوْ إِحْدَى عَشْرَةَ"([322])، وقالت أم سلمة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُوتِرُ بِثَلاَثِ عَشْرَةَ رَكْعَةً([323]).

وأدنى الكمال عند الشافعية والحنابلة ثلاث ركعات، فلو اقتصر على ركعة كان خلاف الأولى. ونص الحنابلة: على أنه لا يكره الإيتار بركعة واحدة، ولو بلا عذر، وأكمل من الثلاث خمس، ثم سبع، ثم تسع ثم إحدى عشرة، وهي أكمله([324]).

أما الحنفية: فلم يذكروا في عدده إلا ثلاث ركعات، بتشهدين وسلام، كما يصلى المغرب. واحتجوا بقول عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُوتِرُ بِثَلاَثٍ لاَ يُسَلِّمُ إِلاَّ فِي آخِرِهِنَّ([325]). قال ابن الهمام: وهو مروي عن فقهاء المدينة السبعة([326]).

أما عند المالكية([327]): فإن الوتر ركعة واحدة، لكن لا تكون إلا بعد شفع يسبقها. قالوا: والأصل في ذلك حديث: "صَلاَةُ اللَّيْل مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى"([328]). وقالوا: لا يشترط في الشفع الذي قبل ركعة الوتر نية تخصه، بل يكتفي بأي ركعتين كانتا([329]).

صفة صلاة الوتر:

أولا: الفصل والوصل:

المصلي إما أن يوتر بركعة، أو بثلاث، أو بأكثر:

أ - فإن أوتر المصلي بركعة - عند القائلين بجوازه - فالأمر واضح.

ب - وإن أوتر بثلاث، فله ثلاث صور:

الصورة الأولى([330]): أن يفصل الشفع بالسلام، ثم يصلي الركعة الثالثة بتكبيرة إحرام مستقلة. وهذه الصورة عند غير الحنفية، وهي المعينة عند المالكية، فيكره ما عداها، إلا عند الاقتداء بمن يصل.

وأجازها الشافعية والحنابلة، وقالوا: إن الفصل أفضل من الوصل، لزيادته عليه السلام وغيره. وفي قول عند الشافعية: إن كان إماما فالوصل أفضل، لأنه يقتدي به المخالف، وإن كان منفردا فالفصل أفضل. قالوا: ودليل هذه الصورة ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يَفْصِل بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِتَسْلِيمَةٍ([331]).

الصورة الثانية: أن يصلي الثلاث متصلة سرداً، أي من غير أن يفصل بينهن بسلام ولا جلوس، وهي عند الشافعية والحنابلة أولى من الصورة التالية. واستدلوا لهذه الصورة بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "كَانَ يُوتِرُ بِخَمْسٍ، لاَ يَجْلِسُ إِلاَّ فِي آخِرِهَا"([332]).

وهذه الصورة مكروهة عند المالكية، لكن إن صلى خلف من فعل ذلك فيواصل معه([333]).

الصورة الثالثة([334]): الوصل بين الركعات الثلاث، بأن يجلس بعد الثانية فيتشهد ولا يسلم، بل يقوم للثالثة ويسلم بعدها، فتكون في الهيئة كصلاة المغرب، إلا أنه يقرأ في الثالثة سورة بعد الفاتحة خلافاً للمغرب.

وهذه الصورة هي المتعينة عند الحنفية. قالوا: فلو نسي فقام للثالثة دون تشهد فإنه لا يعود، وكذا لو كان عامداً عند أبي حنيفة، وهذا استحسان. والقياس أن يعود، واحتجوا لتعينها بقول أبي العالية: "علمنا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم: أن الوتر مثل صلاة المغرب، فهذا وتر الليل، وهذا وتر النهار"([335]).

وقال الشافعية: هي جائزة مع الكراهة؛ لأن تشبيه الوتر بالمغرب مكروه.

وقال الحنابلة: لا كراهة إلا أن القاضي أبا يعلى منع هذه الصورة.

ج - أن يصلي أكثر من ثلاث:

وهو جائز عند الشافعية والحنابلة.

قال الشافعية: فالفصل بسلام بعد كل ركعتين أفضل، لحديث: كان صلى الله عليه وآله وسلم يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ مِنْ كُل رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ([336]).

ويجوز أن يصلي أربع ركعات بتسليمة، وست ركعات بتسليمة، ثم يصلي ركعة، وله الوصل بتشهد، أو تشهدين في الثلاث الأخيرة.

وقال الحنابلة: إن أوتر بخمس أو سبع ركعات؛ فالأفضل أن يسردهن سرداً؛ فلا يجلس إلا في آخرهن، لحديث عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْل ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ لاَ يَجْلِسُ إِلاَّ فِي آخِرِهَا([337]).

ولحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُوتِرُ بِخَمْسٍ، وَسَبْعٍ، لاَ يَفْصِل بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ([338]).

وإن أوتر بتسع فالأفضل أن يسرد ثمانياً، ثم يجلس للتشهد ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة ويتشهد ويسلم.

ويجوز في الخمس والسبع والتسع أن يسلم من كل ركعتين.

وإن أوتر بإحدى عشرة فالأفضل أن يسلم من كل ركعتين، ويجوز أن يسرد عشراً، ثم يتشهد، ثم يقوم فيأتي بالركعة ويسلم، ويجوز أن يسرد الإحدى عشرة فلا يجلس ولا يتشهد إلا في آخرها([339]).

ثانياً: الجهر والإسرار:

عند الحنفية: يجهر في الوتر إن كان إماماً في رمضان لا في غيره([340]).

وعند المالكية: تأكد ندب الجهر بوتر، سواء صلاه ليلا أو بعد الفجر([341]).

وعند الشافعية: يسن لغير المأموم أن يجهر بالقراءة في وتر رمضان، ويسر في غيره([342]).

وقال الحنابلة: يخير المنفرد في صلاة الوتر في الجهر وعدمه، وظاهر كلام جماعة: أن الجهر يختص بالإمام فقط، قال في الخلاف: وهو أظهر([343]).

ثالثاً: ما يقرأ في صلاة الوتر([344]):

اتفق الفقهاء على أنه يقرأ في كل ركعة من الوتر الفاتحة وسورة.

والسورة عند الجمهور سنة، لا يعود لها إن ركع وتركها.

ثم ذهب الحنفية إلى أنه لم يوقت في القراءة في الوتر شيء غير الفاتحة، فما قرأ فيه فهو حسن، وما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنه قرأ به في الأولى بسورة { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، وفي الثانية بـ (الكافرون) وفي الثالثة (بالإخلاص)، فيقرأ به أحيانا، ويقرأ بغيره أحيانا للتحرز عن هجران باقي القرآن.

وذهب الحنابلة إلى أنه يندب القراءة بعد الفاتحة بالسور الثلاث المذكورة، لما ورد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ ذلك([345]).

وذهب المالكية والشافعية كذلك إلى أنه يندب في الشفع (سبح، والكافرون)، أما في الثالثة فيندب أن يقرأ (بسورة الإخلاص، والمعوذتين)؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في ذلك([346]).

رابعاً: القنوت في الصلاة:

القنوت منحصر في ثلاثة مواطن: صلاة الصبح، وصلاة الوتر، وفي النوازل، وبيان ذلك فيما يأتي:

أ - القنوت في الصبح:

اختلف الفقهاء في حكم القنوت في صلاة الصبح على أربعة أقوال:

(الأول): للحنفية والحنابلة: وهو أن القنوت في الصبح غير مشروع([347])، واستدلوا على ذلك: بما ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قَنَتَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ شَهْرًا يَدْعُو فِي قُنُوتِهِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَرَكَهُ([348])، قالوا: فكان منسوخاً؛ إذ الترك دليل النسخ.

(والثاني) للمالكية على المشهور: وهو أن القنوت في الصبح مستحب وفضيلة([349])، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ([350])، وقال أنس: ما زال رسول الله يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا([351])، ويجوز قبل الركوع وبعده في الركعة الثانية، غير أن المندوب الأفضل كونه قبل الركوع عقب القراءة بلا تكبيرة قبله([352])، ومن ترك القنوت عمدا أو سهوا فلا شيء عليه.

والإسرار به هو المستحب في حق الإمام والمأموم والمنفرد، لأنه دعاء، فينبغي الإسرار به حذراً من الرياء([353])، والمسبوق إذا أدرك الركعة الثانية لا يقنت في القضاء([354]).

(الثالث) للشافعية: وهو أن القنوت في صلاة الصبح سنة متأكدة([355])، وذلك لما روى أنس بن مالك: ما زال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا([356])، ومحله بعد الرفع من الركوع في الركعة الثانية من الصبح، فلو قنت قبل الركوع لم يحسب له على الأصح([357])، وعليه أن يعيده بعد الركوع ثم يسجد للسهو([358]).

ب - القنوت في الوتر:

اختلف الفقهاء في حكم القنوت في صلاة الوتر على أربعة أقوال:

(الأول) لأبي حنيفة: وهو أن القنوت واجب في الوتر قبل الركوع في جميع السنة، وقال الصاحبان أبو يوسف ومحمد: هو سنة في كل السنة قبل الركوع.

فعند الحنفية إذا فرغ مصلي الوتر من القراءة في الركعة الثالثة كبر رافعا يديه، ثم يقرأ دعاء القنوت([359])، واستدلوا على ذلك بما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قَنَتَ فِي آخِرِ الْوِتْرِ قَبْل الرُّكُوعِ([360]).

وإذا نسي القنوت حتى ركع ثم تذكر بعدما رفع رأسه من الركوع لا يعود، ويسقط عنه القنوت ويسجد للسهو، وعن أبي يوسف: أنه يعود إلى القنوت([361]).

(والثاني) للمالكية في المشهور: أنه لا يشرع القنوت في صلاة الوتر من السنة كلها، فعن ابن عمر: أنه لا يقنت في صلاة بحال، ومشهور مذهب مالك كراهة القنوت في الوتر، وفي رواية عن مالك أنه يقنت في الوتر في النصف الأخير من رمضان([362]).

(والثالث) للشافعية في الأصح: وهو أنه يستحب القنوت في الوتر في النصف الأخير من شهر رمضان خاصة، فإن أوتر بركعة قنت فيها، وإن أوتر بأكثر قنت في الأخيرة([363])، وفي وجه للشافعية: أنه يقنت في جميع رمضان، وحكى الروياني وجها أنه يجوز القنوت في جميع السنة بلا كراهة، ولا يسجد للسهو لتركه في غير النصف الأخير من رمضان([364]).

أما محل القنوت في الوتر، فهو بعد رفع الرأس من الركوع في الصحيح المشهور([365])، أما لفظ القنوت في الوتر فكالصبح([366]).

(والرابع) للحنابلة: وهو أنه يسن القنوت جميع السنة في الركعة الواحدة الأخيرة من الوتر بعد الركوع([367])؛ لما روى أبو هريرة وأنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ([368]).

ولو كبر ورفع يديه بعد القراءة، ثم قنت قبل الركوع جاز([369])، لما روى أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قَنَتَ فِي الْوِتْرِ قَبْل الرُّكُوعِ([370]).

ج - القنوت عند النازلة:

اختلف الفقهاء في حكم القنوت عند النوازل على أربعة أقوال:

(الأول) للحنفية: وهو أنه لا يقنت في غير الوتر إلا لنازلة: كفتنة وبلية، فيقنت الإمام في الصلاة الجهرية([371]).

(والثاني) للمالكية في المشهور والشافعية في غير الأصح: وهو أنه لا يقنت في غير الصبح مطلقا([372])، ودليلهم على ذلك ما في الصحيحين عن أنس وأبي هريرة رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم قَنَتَ شَهْرًا ثُمَّ تَرَكَهُ([373]).

(والثالث) للشافعية في الصحيح المشهور وبعض المالكية: وهو أنه إذا نزلت بالمسلمين نازلة؛ كوباء، وقحط، أو مطر يضر بالعمران أو الزرع، أو خوف عدو، قنتوا في جميع الصلوات المكتوبة([374]).

واستدلوا على ذلك بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قَنَتَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ، يَدْعُو عَلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ، فِي دُبُرِ كُل صَلاَةٍ، إِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ([375]).

(والرابع) للحنابلة على الراجح عندهم: وهو أنه يكره القنوت في غير وتر إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة؛ لأنه لم يثبت القنوت([376])؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَرَكَهُ([377]).

بعض صيغ دعاء القنوت:

(اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ، وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ، وَنَتَوَكَّل عَلَيْكَ، وَنَخْضَعُ لَكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنَخَافُ عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ الْجِدُّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ)([378]).

(اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِل مَنْ وَالَيْتَ، وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ، لاَ نُحْصَى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ)

(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، اللَّهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أَهْل الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ، اللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَزَلْزِل أَقْدَامَهُمْ، وَأَنْزِل بِهِمْ بَأْسَكَ الَّذِي لاَ تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ).

قضاء صلاة الوتر([379]):

ذهب الحنفية إلى أن من طلع عليه الفجر ولم يصل الوتر يجب عليه قضاؤه، سواء أتركه عمداً أم نسياناً؛ وإن طالت المدة، ومتى قضاه يقضيه بالقنوت.

ولا يقضي الوتر عند المالكية إذا تذكره بعد أن صلى الصبح؛ فإن تذكره فيها ندب له إن كان منفرداً أن يقطعها ليصلي الوتر ما لم يخف خروج الوقت، وإن تذكره في أثناء ركعتي الفجر فقيل: يقطعها كالصبح، وقيل: يتمها ثم يوتر.

وذهب الحنابلة إلى أنه([380]): يقضي الوتر إذا فات وقته، أي على سبيل الندب؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ نَامَ عَنِ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَرَهُ"([381])، قالوا: ويقضيه مع شفعه.

والصحيح عند الشافعية([382]): أنه يستحب قضاء الوتر وهو المنصوص في الجديد ويستحب القضاء أبدا لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا"([383]).

التسبيح بعد الوتر:

يستحب أن يقول بعد الوتر: "سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ" ثلاث مرات، ويمد صوته بها في الثالثة([384])، لحديث عبد الرحمن بن أبزى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، و{قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وإذا أراد أن ينصرف من الوتر قال: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ. ثلاث مرات، ثم يرفع صوته بها في الثالثة([385]).

الفصل الرابع: صلاة الجمعة

زمن مشروعيتها:

شرعت صلاة الجمعة في أول الهجرة عند قدوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، وفرضيتها ثبتت بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]، وهي مدنية.

ومن المتفق عليه: أن أول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه، كانت في قبيلة بني سالم بن عوف في بطن واد لهم قد اتخذ القوم لهم في ذلك الموضع مسجداً، وذلك عندما قدم إلى المدينة مهاجراً([386]).

غير أنه ثبت أن أسعد بن زرارة أول من جمع الناس لصلاة الجمعة في المدينة، وكان ذلك بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له قبل أن يهاجر من مكة، فقد ورد عن كعب بن مالك أنه كان إذا سمع النداء ترحم لأسعد بن زرارة، وكان يقول: إنه أول من جمع بنا في هَزْمِ النَّبِيتِ من حرة بني بياضة في نقيع يقال له: نقيع الْخَضِمَاتِ([387]).

دليل الفرضية:

صلاة الجمعة من الفرائض المعلوم فرضيتها بالضرورة، وبدلالة الكتاب والسنة.

والدليل على فرضيتها: الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

أما الكتاب فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9].

وأما السنة: فالحديث المشهور، وهو ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْجُمُعَةَ فِي مَقَامِي هَذَا، فِي يَوْمِي هَذَا، فِي شَهْرِي هَذَا، مِنْ عَامِي هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ تَرَكَهَا فِي حَيَاتِي، أَوْ بَعْدِي وَلَهُ إِمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ اسْتِخْفَافًا بِهَا أَوْ جُحُودًا لَهَا بِحَقِّهَا فَلاَ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ شَمْلَهُ وَلاَ بَارَكَ لَهُ فِي أَمْرِهِ، أَلاَ وَلاَ صَلاَةَ لَهُ، وَلاَ زَكَاةَ لَهُ، وَلاَ حَجَّ لَهُ، وَلاَ صَوْمَ لَهُ، وَلاَ بِرَّ لَهُ حَتَّى يَتُوبَ فَمَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ"([388]).

وحديث: " الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلاَّ أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ"([389]).

وحديث: "رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُل مُحْتَلِمٍ"([390]).

شروط صلاة الجمعة:

لصلاة الجمعة ثلاثة أنواع من الشروط.

النوع الأول: شروط للصحة والوجوب معا، والثاني: للوجوب فقط، والثالث: للصحة فقط.

والفرق بين هذه الأنواع الثلاثة من الشروط، أن ما يعتبر شرطاً لصحة صلاة الجمعة ووجوبها معاً، يلزم من فقده أمران اثنان: بطلانها، وعدم تعلق الطلب بها.

وما يعتبر شرطا للوجوب فقط يلزم من فقده عدم تعلق الطلب وحده، مع ثبوت صحة الفعل، وما يعتبر شرطا للصحة فقط يلزم من فقده البطلان مع استمرار المطالبة به.

النوع الأول شروط الصحة والوجوب معا وتنحصر في ثلاثة:

الشرط الأول: اشترطه الحنفية، وهو أن يكون المكان الذي تقام فيه (مصراً) والمقصود بالمصر كل بلدة نصب فيها قاض ترفع إليه الدعاوى والخصومات([391])، ويلحق بالمصر ضاحيته أو فناؤه، وضواحي المصر هي القرى المنتشرة من حوله والمتصلة به والمعدودة من مصالحه، بشرط أن يكون بينها وبينه من القرب ما يمكن أهلها من حضور الجمعة، ثم الرجوع إلى منازلهم في نفس اليوم بدون تكلف([392]).

وأما المالكية: فإنما شرطوا أن تقام في مكان صالح للاستيطان([393]).

وأما الشافعية: فاكتفوا باشتراط إقامتها في خطة أبنية سواء كانت من بلدة أو قرية([394]).

وأما الحنابلة: فصححوا إقامتها في الصحاري، وبين مضارب الخيام([395]).

الشرط الثاني: واشترطه الحنفية، إذن الحاكم (السلطان) بذلك، أو حضوره، أو حضور نائب رسمي عنه؛ إذ هكذا كان شأنها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عهود الخلفاء الراشدين([396])، ويتحقق هذا الشرط في زماننا بإذن الأوقاف والشؤون الإسلامية.

أما أصحاب المذاهب الأخرى فلم يشترطوا لصحة الجمعة أو وجوبها شيئاً مما يتعلق بالسلطان، إذناً أو حضوراً أو إنابة.

الشرط الثالث: دخول الوقت([397]).

ووقتها عند الجمهور هو وقت الظهر، فلا يثبت وجوبها، ولا يصح أداؤها إلا بدخول وقت الظهر، ويستمر وقتها إلى دخول وقت العصر.

ويشترط دخول وقت الظهر من ابتداء الخطبة، فلو ابتدأ الخطيب الخطبة قبله لم تصح الجمعة، وإن وقعت الصلاة داخل الوقت.

وذهب الحنابلة إلى أن أول وقت صلاة الجمعة هو أول وقت صلاة العيد؛ لحديث عبد الله بن سيدان: شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار([398])، ولحديث جابر: كان يصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس([399])، وفعلها بعد الزوال أفضل.

 

النوع الثاني من الشروط وهي:

شروط الوجوب فقط:

تتلخص جملة هذه الشروط في خمسة أمور، وذلك بعد اعتبار الشروط التي تتوقف عليها أهلية التكليف بصورة عامة، من عقل وبلوغ:

الأول: (الإقامة بمصر) ([400]): فلا تجب على مسافر. ثم لا فرق في الإقامة بين أن تكون على سبيل الاستيطان أو دون ذلك، فمن تجاوزت أيام إقامته في بلدة ما الفترة التي يشرع له فيها قصر الصلاة وجبت عليه صلاة الجمعة وإلا فلا.

ودليل ذلك ما رواه جابر رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إِلاَّ مَرِيضٌ، أَوْ مُسَافِرٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَمْلُوكٌ، فَمَنِ اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ اسْتَغْنَى اللَّهُ عَنْهُ وَاَللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ"([401]).

الشرط الثاني (الذكورة)([402]): فلا تجب صلاة الجمعة على النساء.

13 - الشرط الثالث (الصحة)([403]): ويقصد بها خلو البدن عما يتعسر معه - عرفاً - الخروج لشهود الجمعة في المسجد، كمرض وألم شديد؛ فلا تجب صلاة الجمعة على من اتصف بشيء من ذلك.

وألحق بالمريض ممرضه الذي يقوم بأمر تمريضه وخدمته، بشرط أن لا يوجد من يقوم مقامه في ذلك لو تركه.

الشرط الرابع (السلامة)([404]): والمقصود بها سلامة المصلي من العاهات المقعدة، أو المتعبة له في الخروج إلى صلاة الجمعة؛ كالشيخوخة المقعدة والعمى، فإن وجد الأعمى قائداً متبرعاً أو بأجرة معتدلة، وجبت عليه؛ لأن الأعمى بواسطة القائد يعتبر قادراً على السعي خلافاً لأبي حنيفة.

ولا تجب صلاة الجمعة في حالة خوف من عدو أو سبع أو لص، أو سلطان، ولا في حالة مطر شديد، أو وحل، أو ثلج، يتعسر معها الخروج إليها. إذ لا تعتبر السلامة متوفرة في مثل هذه الحالات([405]).

ثم إن من حضر صلاة الجمعة ممن لم تتوفر فيه هذه الشروط، وصلوها أجزأتهم عن فرض الظهر([406]).

النوع الثالث: شروط الصحة فقط:

وهي أربعة شروط:

الأول الخطبة: ويشترط تقدمها على الصلاة، وهي كل ذكر يسمى في عرف الناس خطبة، فمتى جاء الإمام بذلك بعد دخول الوقت، فقد تأدى الشرط وصحت الخطبة، سواء كان قائما، أو قاعدا أتى بخطبتين أو خطبة واحدة، تلا فيها قرآنا أم لا، عربية كانت أو عجمية، إلا أنها ينبغي أن تكون قبل الصلاة، إذ هي شرط، وشرط الشيء لا بد أن يكون سابقاً عليه وهذا عند الحنفية([407]).

واشترط لها الجمهور خطبتين([408])، مستدلين على ذلك بمواظبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم([409]).

واعتبر الشافعية للخطبة أركاناً خمسة لا بد من توافرها وهي: حمد الله، والصلاة على رسوله، والوصية بالتقوى. وهذه الثلاثة أركان في كل من الخطبتين، والرابع: قراءة آية من القرآن في إحداهما، والخامس: ما يقع عليه اسم الدعاء للمؤمنين في الخطبة الثانية([410]).

واشترط الحنابلة من هذه الأركان قراءة آية من القرآن. وما عدا ذلك مستحب([411]).

الثاني: الجماعة:

ودليل شرطيتها، أن هذه الصلاة تسمى جمعة، فلا بد من لزوم معنى الجمعة فيها؛ اعتباراً للمعنى الذي أخذ اللفظ منه([412]).

ويتعلق ببيان كيفية هذا الشرط:

حضور واحد سوى الإمام، على الصحيح من مذهب الحنفية، وقيل: ثلاثة سوى الإمام؛ لأنها أقل الجمع، وقد ورد الخطاب للجمع، وهو قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]؛ فإنه يقتضي ثلاثة سوى الخطيب([413]).

وقال المالكية: يشترط حضور اثني عشر من أهل الجمعة([414]).

واشترط الشافعية والحنابلة أن لا يقل المجمعون عن أربعين رجلاً تجب في حقهم الجمعة([415]).

الإنصات للخطبة:

إذا صعد الإمام المنبر للخطبة، يجب على الحاضرين أن لا يشتغلوا عندئذ بصلاة ولا كلام إلى أن يفرغ من الخطبة. فإذا بدأ الخطيب بالخطبة تأكد وجوب ذلك أكثر([416]).

المستحبات من كيفية أداء الجمعة:

1) الأذان بين يدي المنبر قبل البدء بالخطبة إذا جلس الخطيب على المنبر، وهذا الأذان هو الذي كان يؤذن لكل من الوقت والخطبة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ثم رأى عثمان رضي الله عنه أن يؤذن أذاناً أول للإعلام بدخول الوقت، وذلك بسبب كثرة الناس. وأبقى الأذان الثاني بين يدي المنبر التزاما للسنة([417]).

 

2) - أن يخطب الخطيب خطبتين قائماً، يفصل بينهما بجلسة خفيفة يفتتحها بحمد الله والثناء عليه، والتشهد، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويزيد على ذلك في الخطبة الثانية الدعاء للمؤمنين والمؤمنات([418]).

استحباب كون الخطيب والإمام واحدا:

يستحب أن لا يؤم القوم إلا من خطب فيهم؛ لأن الصلاة والخطبة كشيء واحد([419]).

وذهب المالكية إلى وجوب كون الخطيب والإمام واحدا إلا لعذر كمرض، وكأن لا يقدر الإمام على الخطبة، أو لا يحسنها([420]).

ما يقرأ في صلاة الجمعة([421]):

اتفق الفقهاء على أنه: يستحب للإمام أن يقرأ في الركعة الأولى (سورة الجمعة)، وفي الركعة الثانية (سورة المنافقين)؛ لما روى عبيد الله بن أبي رافع قال: صلى بنا أبو هريرة الجمعة فقرأ سورة الجمعة في الركعة الأولى، وفي الركعة الآخرة {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}، فلما قضى أبو هريرة الصلاة أدركته فقلت: يا أبا هريرة إنك قرأت بسورتين، كان علي بن أبي طالب يقرأ بهما بالكوفة فقال أبو هريرة: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ بهما يوم الجمعة([422]).

كما استحب جمهور الفقهاء أيضاً قراءة سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} في الركعة الأولى و{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} في الركعة الثانية؛ لما روى النعمان بن بشير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}([423]).

قال الكاساني: لكن لا يواظب على قراءتها بل يقرأ غيرها في بعض الأوقات حتى لا يؤدي إلى هجر بعض القرآن، ولئلا تظنه العامة حتماً.

مفسدات الجمعة:

تنقسم إلى نوعين:

مفسدات مشتركة، ومفسدات خاصة:

فأما المفسدات المشتركة: فهي كل ما يفسد سائر الصلوات.

وأما مفسداتها الخاصة بها فتنحصر في الأمور التالية:

أولها: خروج وقت الظهر قبل الفراغ منها فيصليها ظهراً، ويستوي في الفساد خروج الوقت قبل المباشرة بها، وخروجه بعد المباشرة بها وقبل الانتهاء منها([424]) هذا عند الحنفية، ونحوه للشافعية فإنها تنقلب ظهراً ولا تكون جمعة، وقال الحنابلة: إن أحرموا بها في الوقت فهي جمعة.

وقال المالكية([425]): شرط الجمعة وقوع كلها بالخطبة وقت الظهر للغروب.

ثانيها: انفضاض الجماعة أثناء أدائها، قبل أن تقيد الركعة الأولى بالسجدة فيصليها ظهرا. وذلك على ما ذهب إليه الأئمة القائلون: بأن الجماعة شرط أداء، وأما على ما رجحه الآخرون، فلا أثر لانفساخها بعد الانعقاد وإن لم تقيد الركعة الأولى جماعة، وللشافعية ثلاثة أقوال: الأظهر: يتمها ظهراً، والثاني: إن بقي معه اثنان يتمها جمعة، والثالث: إن بقي معه واحد يتمها جمعة([426]).

وسبب هذا الخلاف: أن الجماعة شرط أداء لصحة الجمعة عند بعض الأئمة، وهي عند بعضهم شرط انعقاد.

قضاء صلاة الجمعة:

صلاة الجمعة لا تقضى بالفوات، وإنما تعاد الظهر في مكانها، وهذا محل اتفاق([427]).

اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد([428]):

ذهب الحنفية والمالكية إلى أنه إذا وافق العيد يوم الجمعة فلا يباح لمن شهد العيد التخلف عن الجمعة.

وذهب الحنابلة إلى أنه إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد فصلوا العيد والظهر جاز وسقطت الجمعة عمن حضر العيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى العيد، وقال: "مَنْ شَاءَ أَنْ يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّعْ"([429])، والأفضل له حضورها خروجاً من الخلاف. ويستثنى من ذلك الإمام فلا يسقط عنه حضور الجمعة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ"([430]).

وأجاز الشافعية في اليوم الذي يوافق فيه العيد يوم الجمعة لأهل القرية الذين يبلغهم النداء لصلاة العيد: الرجوع وترك الجمعة، وذلك فيما لو حضروا لصلاة العيد ولو رجعوا إلى أهليهم فاتتهم الجمعة؛ فيرخص لهم في ترك الجمعة تخفيفا عليهم. ومن ثم لو تركوا المجيء للعيد وجب عليهم الحضور للجمعة، ويشترط لترك الجمعة أن ينصرفوا قبل دخول وقت الجمعة.

آداب صلاة الجمعة ويومها:

اختص يوم الجمعة واختصت صلاتها

بآداب تشمل مجموعة أفعال وتروك، مجملها فيما يلي:

أولا: ما يسن فعله:

يسن له أن يغتسل، وأن يمس طيبا ويتجمل، ويلبس أحسن ثيابه([431])، لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: "لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا"([432])، وفي رواية عن أحمد: "الْغُسْل لَهَا وَاجِبٌ".

كما يسن التبكير في الخروج إلى الجامع والاشتغال بالعبادة إلى أن يخرج الخطيب([433]).

وهذا مما اتفقت الأئمة على ندبه، وانفرد المالكية فاشترطوا في الغسل أن يكون متصلاً بوقت الذهاب إلى الجامع([434]).

ثانيا: ما يسن تركه:

أولاً: أكل كل ذي ريح كريهة: كثوم وبصل ونحوهما.

ثانياً: تخطي الرقاب في المسجد، وهو محرم إذا كان الخطيب قد أخذ في الخطبة، إلا أن لا يجد إلا فرجة أمامه ولا سبيل إليها إلا بتخطي الرقاب، فيرخص في ذلك للضرورة([435]).

ثالثاً: تجنب الاحتباء والإمام يخطب. وهذا ما ذهب إليه الشافعية، حيث صرحوا بكراهته؛ فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب([436]).

ولم ير جمهور الفقهاء به بأساً حيث صرحوا بجوازه([437]).

كما صرح الشافعية بكراهة تشبيك الأصابع. قال النووي: يكره أن يشبك بين أصابعه أو يعبث حال ذهابه إلى الجمعة وانتظاره لها([438]).

يحرم عند الجمهور إنشاء سفر بعد الزوال (وهو أول وقت الجمعة) من المصر الذي هو فيه، إذا كان ممن تجب عليه الجمعة، وعلم أنه لن يدرك أداءها في مصر آخر. فإن فعل ذلك فهو آثم على الراجح ما لم يتضرر بتخلفه عن رفقته.

كما صرح المالكية والحنابلة بكراهة السفر بعد طلوع فجر يوم الجمعة([439]).

وذهب الشافعي في الجديد: إلى أن حرمة السفر تبدأ من وقت الفجر وهو المفتى به في المذهب، ودليله: أن مشروعية الجمعة مضافة إلى اليوم كله لا إلى خصوص وقت الظهر، بدليل وجوب السعي إليها قبل الزوال على بعيد الدار([440]).

 

الفصل الخامس: صلاة العيدين

الحكمة من مشروعية العيدين: أن كل قوم لهم يوم يتجملون فيه ويخرجون من بيوتهم بزينتهم.

فقد ورد عن أنس رضي الله عنه أنه قال: كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة قال: كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى([441]).

حكم صلاة العيدين:

صلاة العيدين واجبة على القول الصحيح المفتى به عند الحنفية، ودليل ذلك: مواظبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليها من دون تركها ولو مرة([442]).

أما الشافعية والمالكية: فقد ذهبوا إلى القول بأنها سنة مؤكدة؛ ودليلهم على ذلك: قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح للأعرابي، وكان قد ذكر له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الصلوات الخمس فقال له: هل علي غيرهن؟ قال: "لا، إلا أن تطوع"([443])، قالوا: ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود لم يشرع لها أذان فلم تجب بالشرع، كصلاة الضحى([444]).

وذهب الحنابلة إلى القول بأنها فرض كفاية؛ لقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، ولمداومة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على فعلها([445]).

شروطها:

شروط الوجوب:

شروط وجوب صلاة العيدين

عند الحنفية([446]): يشترط لوجوبها:

1) الإمام.

2) المصر.

3) الجماعة.

4) الوقت.

5) الذكورة.

6) صحة البدن.

8) الإقامة.

إلا الخطبة، فإنها سنة بعد الصلاة.

وأما الحنابلة فإنما شرطوا لفرضيتها: الاستيطان، والعدد المشترط للجمعة([447]).

والمالكية شرطوا لتأكيد سنيتها: تكامل شروط وجوب الجمعة، وأن لا يكون المصلي متلبسا بحج، قال الصفتي: وهي سنة في حق من يؤمر بالجمعة وجوبا إلا الحاج فلا تسن له ولا تندب، وأما المرأة والصبي والمسافر فتستحب في حقهم([448]).

وذهب الشافعية إلى أنها سنة مؤكدة في حق كل مكلف ذكرا كان أو أنثى، مقيما أو مسافرا، حرا أو عبدا، ولم يشترطوا لسنيتها شرطا آخر غير التكليف، وقالوا باشتراط عدم التلبس بالحج لأدائها جماعة، أي فالحاج تسن له صلاة العيد منفردا لا جماعة([449]).

شروط الصحة:

كل ما يعتبر شرطا في صحة صلاة الجمعة، فهو شرط في صحة صلاة العيدين، ما عدا الخطبة فهي هنا ليست شرطا في صحة العيدين وإنما هي سنة، هذا عند الحنفية([450]).

أما الحنابلة فقد اشترطوا الوقت والجماعة.

ولم يشترط المالكية والشافعية لصحة صلاة العيدين شيئاً من هذه الشروط إلا الوقت([451]).

أما الشروط التي هي قدر مشترك في صحة الصّلوات المختلفة من طهارة واستقبال قبلة وغير ذلك فليس فيها من خلاف.

وقت أدائها:

ذهب جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية والحنابلة) إلى أن وقت صلاة العيدين يبتدئ عند ارتفاع الشمس قدر رمح بحسب رؤية العين المجردة - وهو الوقت الذي تحل فيه النافلة - ويمتد وقتها إلى ابتداء الزوال([452]).

وقال الشافعية: إن وقتها ما بين طلوع الشمس وزوالها، ودليلهم على أن وقتها يبدأ بطلوع الشمس أنها صلاة ذات سبب فلا تراعى فيها الأوقات التي لا تجوز فيها الصلاة([453]).

أما الوقت المفضل لها، فهو عند ارتفاع الشمس قدر رمح، إلا أنه يستحب عدم تأخيرها عن هذا الوقت بالنسبة لعيد الأضحى، وذلك كي يفرغ المسلمون بعدها لذبح أضاحيهم، ويستحب تأخيرها قليلا عن هذا الوقت بالنسبة لعيد الفطر، وذلك انتظارا لمن انشغل في صبحه بإخراج زكاة الفطر، وهذا محل اتفاق عند سائر الأئمة([454]).

حكمها بعد خروج وقتها:

لفوات صلاة العيد عن وقتها ثلاث صور:

7 - الصورة الأولى: أن تؤدى صلاة العيد جماعة في وقتها من اليوم الأول ولكنها فاتت بعض الأفراد، وحكمها في هذه الصورة أنها فاتت إلى غير قضاء، فلا تقضى مهما كان العذر؛ لأنها صلاة خاصة لم تشرع إلا في وقت معين وبقيود خاصة، فلا بد من تكاملها جميعا، ومنها الوقت. وهذا عند الحنفية والمالكية([455]).

وأما الشافعية: فقد أطلقوا القول بمشروعية قضائها - على القول الصحيح في المذهب - في أي وقت شاء وكيفما كان: منفرداً أو جماعة، وذلك بناء على أصلهم المعتمد، وهو أن نوافل الصلاة كلها يشرع قضاؤها([456]).

وأما الحنابلة: فقالوا: لا تقضى صلاة العيد، فإنْ أَحَبَّ قضاءها فهو مخير إن شاء صلاها أربعاً، إما بسلام واحد، وإما بسلامين([457]).

الصورة الثانية: أن لا تكون صلاة العيد قد أديت جماعة في وقتها من اليوم الأول، وذلك إما بسبب عذر: كأن غم عليهم الهلال وشهد شهود عند القاضي برؤية الهلال بعد الزوال، وإما بدون عذر.

ففي حالة العذر: يجوز تأخيرها إلى اليوم الثاني سواء كان العيد عيد فطر أو أضحى؛ لأنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أن قوما شهدوا برؤية الهلال في آخر يوم من أيام رمضان، فأمر عليه الصلاة والسلام بالخروج إلى المصلى من الغد([458])، وهذا عند الحنفية والشافعية والحنابلة فيشرع قضاء صلاة العيد في اليوم الثاني عند تأخر الشهادة برؤية الهلال، أما المالكية: فقد أطلقوا القول بعدم قضائها في مثل هذه الحال([459]).

إلا أن الشافعية لا يعتبرون صلاتها في اليوم الثاني قضاء إذا تأخرت الشهادة في اليوم الذي قبله إلى ما بعد غروب الشمس، بل لا تقبل الشهادة حينئذ ويعتبر اليوم الثاني أول أيام العيد، فتكون الصلاة قد أديت في وقتها([460]).

الصورة الثالثة: أن تؤخر صلاة العيد عن وقتها بدون العذر الذي ذكرنا في الصورة الثانية.

فينظر حينئذ: إن كان العيد عيد فطر سقطت أصلا ولم تقض.

وإن كان عيد أضحى جاز تأخيرها إلى ثالث أيام النحر، أي يصح قضاؤها في اليوم الثاني، وإلا ففي اليوم الثالث من ارتفاع الشمس في السماء إلى أول الزوال، سواء كان ذلك لعذر أو لغير عذر ولكن تلحقه الإساءة إن كان غير معذور بذلك([461]).

مكان أدائها:

كل مكان طاهر، يصلح أن تؤدى فيه صلاة العيد، سواء كان مسجداً، أو عرصة (ساحة) وسط البلد، أو مفازة خارجها.

إلا أنه يسن الخروج لها إلى الصحراء أو إلى مفازة واسعة خارج البلد؛ تأسياً بما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا بأس أن يستخلف الإمام غيره في البلدة ليصلي في المسجد بالضعفاء الذين لا طاقة لهم بالخروج لها إلى الصحراء([462])، ولم يخالف أحد من الأئمة في ذلك، إلا أن الشافعية قيدوا أفضلية الصلاة في الصحراء بما إذا كان مسجد البلد ضيقا، وإن كان المسجد واسعا لا يتزاحم فيه الناس، فالصلاة فيه أفضل؛ لأن الأئمة لم يزالوا يصلون صلاة العيد بمكة في المسجد؛ ولأن المسجد أشرف وأنظف([463]).

كيفية أدائها:

أولاً - الواجب من ذلك:

صلاة العيد، لها حكم سائر الصلوات المشروعة؛ فيجب ويفرض فيها كل ما يجب ويفرض في الصلوات الأخرى.

ويجب فيها - زيادة على ذلك - ما يلي:

أولاً: - أن تؤدى في جماعة وهو قول الحنفية والحنابلة.

ثانياً: - الجهر بالقراءة فيها، وذلك للنقل المستفيض عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ثالثاً: أن يكبر المصلي ثلاث تكبيرات زوائد بين تكبيرة الإحرام والركوع في الركعة الأولى، وأن يكبر مثلها بين تكبيرة القيام والركوع في الركعة الثانية.

وسيان (بالنسبة لأداء الواجب) أن تؤدى هذه التكبيرات قبل القراءة أو بعدها، مع رفع اليدين أو بدونهما، ومع السكوت بين التكبيرات أو الاشتغال بتسبيح ونحوه([464]).

وهذه التكبيرات الزائدة قد خالف في وجوبها المالكية والشافعية والحنابلة، ثم اختلفوا في عدد هذه التكبيرات ومكانها.

فالشافعية قالوا: هي سبع في الركعة الأولى بين تكبيرة الإحرام وبدء القراءة، وخمس في الركعة الثانية بين تكبيرة القيام وبدء القراءة.

وذهب المالكية والحنابلة إلى أنها ست تكبيرات في الركعة الأولى عقب تكبيرة الإحرام، وخمس في الثانية عقب القيام إلى الركعة الثانية أي قبل القراءة في الركعتين والجهر بالقراءة واجب عند الحنفية فقط.

واتفق الجميع على مشروعيته([465]).

ثانياً: المندوب من ذلك:

يندب في صلاة العيدين كل ما يندب في الصلوات الأخرى: فعلاً كان، أو قراءة، وتختص صلاة العيدين بمندوبات أخرى نجملها فيما يلي:

أولاً - يسن أن يسكت بين كل تكبيرتين من التكبيرات الزوائد قدر ثلاث تسبيحات، ولا يسن أن يشتغل بينهما بذكر أو تسبيح.

ثانياً - يسن أن يرفع يديه عند التكبيرات الزوائد إلى شحمة أذنيه، بخلاف تكبيرة الركوع فلا يرفع يديه عندها.

ثالثاً - يسن أن يوالي بين القراءة في الركعتين، وذلك بأن يكبر التكبيرات الزوائد في الركعة الأولى قبل القراءة، وفي الركعة الثانية بعدها، فتكون القراءتان متصلتين على ذلك.

رابعاً - يسن أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الأعلى، وفي الركعة الثانية سورة الغاشية، ولا يلتزمهما دائماً كي لا يترتب على ذلك هجر بقية سور القرآن.

خامساً - يسن أن يخطب بعدها خطبتين، لا يختلف في كل منهما في واجباتها وسننها عن خطبتي الجمعة. إلا أنه يستحب أن يفتتح الأولى منهما بتسع تكبيرات متتابعات والثانية بسبع مثلها([466]).

هذا ولا يشرع لصلاة العيد أذان ولا إقامة، بل ينادى لها: الصلاة جامعة.

ولها سنن تتصل بها وهي قبل الصلاة أو بعدها نجملها فيما يلي:

أولاً: أن يطعم شيئاً قبل غدوه إلى الصلاة إذا كان العيد عيد فطر، ويسن أن يكون المطعوم حلواً؛ كتمر ونحوه.

لما روى البخاري أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات([467]).

ثانياً: يسن أن يغتسل ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه.

ثالثاً: يسن الخروج إلى المصلى ماشياً، فإذا عاد ندب له أن يسير من طريق أخرى غير التي أتى منها. ولا بأس أن يعود راكبا.

ثم إن كان العيد فطرا سن الخروج إلى المصلى بدون جهر بالتكبير في الأصح عند الحنفية([468]).

رابعاً: إن كان أضحى فيسن الجهر بالتكبير في الطريق إليه، وفي المصلى([469]).

واتفقت بقية الأئمة مع الحنفية في استحباب الخروج إلى المصلى ماشياً، والعود من طريق آخر، وأن يطعم شيئاً يوم عيد الفطر قبل خروجه إلى الصلاة، وأن يغتسل ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه.

أما التكبير في الطريق إلى المصلى فقد خالف الحنفية في ذلك كل من المالكية والحنابلة، والشافعية، فذهبوا إلى أنه يندب التكبير عند الخروج إلى المصلى والجهر به في كل من عيدي الفطر والأضحى.

وأما التكبير في المصلى: فقد ذهبت الشافعية (في الأصح من أقوال ثلاثة) إلى أنه يسن للناس الاستمرار في التكبير إلى أن يحرم الإمام بصلاة العيد([470]).

وذهب المالكية إلى ذلك استحساناً، وهو رأي عند الحنابلة([471]).

وأما التكبيرات الزوائد في الصلاة:

فقد خالف الحنفية في استحباب موالاتها، وعدم فصل أي ذكر بينها كل من الحنابلة والشافعية حيث ذهب هؤلاء جميعاً، إلى أنه يستحب أن يفصل بينها بذكر، وأفضله أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. أو يقول: الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلاً.

كما خالف المالكية في استحباب رفع اليدين عند التكبيرات الزوائد، فذهبوا إلى أن الأفضل عدم رفع اليدين عند شيء منها.

كما خالف المالكية، في عدد التكبيرات التي يستحب افتتاح الخطبة بها.

ويستحب عندهم أن تفتتح الخطبة بالتكبير ولا تحديد للعدد عندهم([472]).

وذهب الحنفية إلى أنه لا سنة لها قبلية ولا بعدية، ولا تصلى أي نافلة قبلها وقبل الفراغ من خطبتها؛ لأن الوقت وقت كراهة، فلا يصلى فيه غير العيد. أما بعد الفراغ من الخطبة فلا بأس بالصلاة([473]).

وذهب الشافعية إلى أنه لا يكره التنفل قبلها ولا بعدها لما عدا الإمام، سواء صليت في المسجد أو المصلى([474]).

وفصل المالكية فقالوا: يكره التنفل قبلها وبعدها إلى الزوال، إن أديت في المصلى ولا يكره إن أديت في المسجد([475]).

وللحنابلة تفصيل آخر فقد قالوا: لا يتنفل قبل الصلاة ولا بعدها كل من الإمام والمأموم، في المكان الذي صليت فيه، فأما في غير موضعها فلا بأس([476]).

شعائر وآداب العيد:

أما شعائره فأبرزها: التكبير.

وصيغته: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد([477]).

وخالفت الشافعية والمالكية، فذهبوا إلى جعل التكبيرات الأولى في الصيغة ثلاثا بدل ثنتين.

ثم إن هذا التكبير يعتبر شعاراً لكل من عيدي الفطر والأضحى.

أما ما يتعلق بحكم التكبير: فسائر المذاهب على أن التكبير سنة أو سنة مؤكدة وليس بواجب.

وعند المالكية يشرع التكبير إثر خمس عشرة صلاة تبدأ من ظهر يوم النحر([478]).

وأما ما يتعلق بنوع الصلاة التي يشرع بعدها التكبير: فقد اختلفت في ذلك المذاهب:

والمالكية على أنه يشرع عقب الفرائض التي تصلى أداء، فلا يشرع عقب ما صلي من ذلك قضاء مطلقاً أي سواء كان متروكات العيد أم لا.

فالشافعية على أنه يشرع التكبير عقب كل الصلوات فرضاً كانت أم نافلة على اختلافها؛ لأن التكبير شعار الوقت فلا يختص بنوع من الصلاة دون آخر([479]).

والحنابلة على أنه يختص بالفروض المؤداة جماعة من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، فلا يشرع عقب ما أدي فرادى من الصلوات([480]).

وأما آدابه فمنها: الاغتسال ويدخل وقته بنصف الليل، والتطيب، والاستياك، ولبس أحسن الثياب. ويسن أن يكون ذلك قبل الصلاة، وأداء فطرته قبل الصلاة.

ومن آداب العيد: إظهار البشاشة والسرور فيه أمام الأهل والأقارب والأصدقاء، وإكثار الصدقات([481]).

الفصل السادس: سنن ونوافل خاصة

المبحث الأول: صلاة الضحى

التعريف:

الضحى في اللغة: فيستعمل مفرداً، وهو فويق الضحوة، وهو حين تشرق الشمس إلى أن يمتد النهار، أو إلى أن يصفو ضوءها وبعده الضحاء.

والضحاء - بالفتح والمد - هو إذا علت الشمس إلى ربع السماء فما بعده([482]).

وعند الفقهاء الضحى: ما بين ارتفاع الشمس إلى زوالها([483]).

وقد تسمى صلاةُ الضحى بصلاةِ الأوابين، وصلاةِ الإشراق.

الحكم التكليفي:

صلاة الضحى نافلة مستحبة عند جمهور الفقهاء وصرح المالكية والشافعية بأنها سنة مؤكدة([484]).

فقد روى أبو ذر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "يُصْبِحُ عَلَى كُل سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ: فَكُل تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُل تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى"([485]).

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أَوْصَانِي حَبِيبِي بِثَلاَثٍ لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ : بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُل شَهْرٍ ، وَصَلاَةِ الضُّحَى ، وَأَنْ لاَ أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ([486]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ: صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُل شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قَبْل أَنْ أَرْقُدَ"([487]).

وقت صلاة الضحى:

ذهب الجمهور إلى أن وقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إلى قبيل زوالها ما لم يدخل وقت النهي([488]).

لا خلاف بين الفقهاء في أن الأفضل فعل صلاة الضحى إذا علت الشمس واشتد حرها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "صَلاَةُ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَال"([489])، ومعناه أن تحمى الرمضاء، وهي الرمل فتبرك الفصال (صغار الحيوان) من شدة الحر.

ومما يدل له ما روي عَنْ أَبِي مُرَّةَ الطَّائِفِيِّ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُول: "قَال اللَّهُ: يَا ابْنَ آدَمَ لاَ تُعْجِزُنِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّل نَهَارِكَ أَكْفِكَ آخِرَهُ"([490]).

عدد ركعات صلاة الضحى:

لا خلاف بين الفقهاء القائلين باستحباب صلاة الضحى في أن أقلها ركعتان([491]).

فقد روى أبو ذر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "يُصْبِحُ عَلَى كُل سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ: فَكُل تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُل تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى"([492]).

وإنما اختلفوا في أقلها وأكثرها:

فذهب المالكية والحنابلة على المذهب إلى أن([493]): أكثر صلاة الضحى ثمان؛ لما روت أم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاة قط أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود([494]).

ويرى الحنفية والشافعية في الوجه المرجوح، وأحمد في رواية عنه([495]): أن أكثر صلاة الضحى اثنتا عشرة ركعة، لما رواه الترمذي والنسائي بسند فيه ضعف أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَنْ صَلَّى الضُّحَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا مِنْ ذَهَبٍ فِي الْجَنَّةِ"([496]).

واختلفت عبارة الشافعية في أكثر صلاة الضحى إذ ذكر النووي في المنهاج أن أكثرها اثنتا عشرة([497])، وخالف ذلك في شرح المهذب، فحكى عن الأكثرين: أن أكثرها ثمان ركعات([498])، وقال في روضة الطالبين: أفضلها ثمان وأكثرها اثنتا عشرة، ويسلم من كل ركعتين([499]).

المبحث الثاني: صلاة الأوابين

التعريف:

الأوابون جمع أواب، وفي اللغة: آب إلى الله رجع عن ذنبه وتاب، والأواب: الرجاع الذي يرجع إلى التوبة والطاعة([500]).

ولا يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن هذا المعنى([501]).

سميت بصلاة الأوابين لحديث زيد بن أرقم مرفوعاً: "صَلاَةُ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَال"([502]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وآله وسلم بثلاث لست بتاركهن: أن لا أنام إلا على وتر، وأن لا أدع ركعتي الضحى فإنها صلاة الأوابين، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر([503]).

وقت صلاة الأوابين وحكمها:

قال الجمهور([504]): هي صلاة الضحى، والأفضل فعلها بعد ربع النهار إذا اشتد الحر.

كما تطلق على التنفل بعد المغرب. فقالوا([505]): يستحب أداء ست ركعات بعد المغرب ليكتب من الأوابين، واستدلوا على أفضلية هذه الصلاة بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيمَا بَيْنَهُنَّ بِسُوءٍ عَدَلْنَ لَهُ عِبَادَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً"([506]).

ويؤخذ مما جاء عن صلاة الضحى والصلاة بين المغرب والعشاء أن صلاة الأوابين تطلق على صلاة الضحى، والصلاة بين المغرب والعشاء. فهي مشتركة بينهما كما يقول الشافعية([507]).

وانفرد الشافعية بتسمية التطوع بين المغرب والعشاء بصلاة الأوابين، وقالوا: تسن صلاة الأوابين، وتسمى صلاة الغفلة، لغفلة الناس عنها، واشتغالهم بغيرها من عشاء، ونوم، وغيرهما، وهي عشرون ركعة بين المغرب والعشاء، وفي رواية أخرى أنها ست ركعات([508]).

المبحث الثالث: صلاة التراويح

التعريف:

التراويح: جمع ترويحة، أي ترويحة للنفس، أي استراحة، من الراحة وهي زوال المشقة والتعب، والترويحة في الأصل اسم للجلسة مطلقة، وسميت الجلسة التي بعد أربع ركعات في ليالي رمضان بالترويحة للاستراحة، ثم سميت كل أربع ركعات ترويحة مجازاً، وسميت هذه الصلاة بالتراويح؛ لأنهم كانوا يطيلون القيام فيها ويجلسون بعد كل أربع ركعات للاستراحة([509]).

وصلاة التراويح: هي قيام شهر رمضان، مثنى مثنى([510]).

الحكم التكليفي:

اتفق الفقهاء على سنية صلاة التراويح، وهي عند الحنفية والحنابلة وبعض المالكية سنة مؤكدة، وهي سنة للرجال والنساء، وهي من أعلام الدين الظاهرة([511]).

وقد سن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة التراويح ورغب فيها، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ عَلَيْكُمْ، وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ ..."([512]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة([513])، فيقول: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"([514]).

وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه صلاة التراويح في بعض الليالي، ولم يواظب عليها، وبين العذر في ترك المواظبة وهو خشية أن تكتب فيعجزوا عنها([515]).

فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الثالثة فلم يخرج إليهم، فلما أصبح قال: "قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلاَّ أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ"، وذلك في رمضان، زاد البخاري فيه: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأمر على ذلك([516]).

وفي تعيين الليالي التي قامها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه روى أبو ذر رضي الله عنه قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة؟ قال: فقال: " إِنَّ الرَّجُل إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ"، قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر([517]).

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح وكانوا يسمونه السحور([518]).

وقد واظب الخلفاء الراشدون والمسلمون من زمن عمر رضي الله عنه على صلاة التراويح جماعة، وكان عمر رضي الله عنه هو الذي جمع الناس فيها على إمام واحد.

عن عبد الرحمن بن عبد القاري، قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله([519]).

وروى أسد بن عمرو عن أبي يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن التراويح وما فعله عمر، فقال: التراويح سنة مؤكدة، ولم يتخرص([520]) عمر من تلقاء نفسه، ولم يكن فيه مبتدعاً، ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولقد سنَّ عمر هذا وجمع الناس على أبيّ بن كعب فصلاها جماعة والصحابة متوافرون من المهاجرين والأنصار وما رد عليه واحد منهم، بل ساعدوه ووافقوه وأمروا بذلك([521]).

عدد ركعات التراويح:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن التراويح عشرون ركعة، لما رواه مالك عن يزيد بن رومان والبيهقي عن السائب بن يزيد من قيام الناس في زمان عمر رضي الله عنه بعشرين ركعة، وجمع عمر الناس على هذا العدد من الركعات جمعاً مستمراً([522]).

وروى مالك عن السائب بن يزيد قال: أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، قال: وقد كان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر([523]).

وروى مالك عن يزيد بن رومان أنه قال: كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة، قال البيهقي والباجي وغيرهما: أي بعشرين ركعة غير الوتر ثلاث ركعات([524])، ويؤيده ما رواه البيهقي عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة([525]).

قال الباجي: يحتمل أن يكون عمر أمرهم بإحدى عشرة ركعة، وأمرهم مع ذلك بطول القراءة، يقرأ القارئ بالمئين في الركعة؛ لأن التطويل في القراءة أفضل الصلاة، فلما ضعف الناس عن ذلك أمرهم بثلاث وعشرين ركعة على وجه التخفيف عنهم من طول القيام، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الركعات([526]).

وقال العدوي: الإحدى عشرة كانت مبدأ الأمر، ثم انتقل إلى العشرين. وقال ابن حبيب: رجع عمر إلى ثلاث وعشرين ركعة([527]).

وقال المالكية: القيام في رمضان بعشرين ركعة أو بست وثلاثين واسع أي جائز، فقد كان السلف من الصحابة رضوان الله عليهم يقومون في رمضان في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المساجد بعشرين ركعة، ثم يوترون بثلاث، ثم صلوا في زمن عمر بن عبد العزيز ستا وثلاثين ركعة غير الشفع والوتر. وهو اختيار مالك في المدونة، قال: هو الذي لم يزل عليه عمل الناس أي بالمدينة بعد عمر بن الخطاب، وقالوا: كره مالك نقصها عما جعلت بالمدينة([528]).

وقال الشافعية: ولأهل المدينة فعلها ستا وثلاثين؛ لأن العشرين خمس ترويحات، وكان أهل مكة يطوفون بين كل ترويحتين سبعة أشواط، فحمل أهل المدينة بدل كل أسبوع ترويحة ليساووهم([529]).

وقال الحنابلة: لا ينقص من العشرين ركعة، ولا بأس بالزيادة عليها نصاً، قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يصلي في رمضان ما لا أحصي، وكان عبد الرحمن بن الأسود يقوم بأربعين ركعة ويوتر بعدها بسبع([530]).

الاستراحة بين كل ترويحتين:

اتفق الفقهاء على مشروعية الاستراحة بعد كل أربع ركعات؛ لأنه المتوارث، فقد كانوا يطيلون القيام في التراويح ويجلس الإمام والمأمومون بعد كل أربع ركعات للاستراحة، ولا يسن دعاء معين إذا استراح لعدم وروده([531]).

التسليم في صلاة التراويح:

ذهب الفقهاء إلى أن من يصلي التراويح يسلم من كل ركعتين؛ لأن التراويح من صلاة الليل فتكون مثنى مثنى، لحديث: "صَلاَةُ اللَّيْل مَثْنَى مَثْنَى"([532])، ولأن التراويح تؤدى بجماعة فيراعى فيها التيسير بالقطع بالتسليم على رأس الركعتين([533]).

واختلفوا فيمن صلى التراويح ولم يسلم من كل ركعتين:

فقال الحنفية([534]): لو صلى التراويح كلها بتسليمة، وقعد في كل ركعتين فالصحيح أنه تصح صلاته عن الكل؛ لأنه قد أتى بجميع أركان الصلاة وشرائطها؛ لأن تجديد التحريمة لكل ركعتين ليس بشرط عندهم، لكنه يكره إن تعمد على الصحيح عندهم؛ لمخالفته المتوارث، وتصريحهم بكراهة الزيادة على ثمان في صلاة مطلق التطوع فهنا أولى.

وقال المالكية([535]): يندب لمن صلى التراويح التسليم من كل ركعتين، ويكره تأخير التسليم بعد كل أربع، حتى لو دخل على أربع ركعات بتسليمة واحدة فالأفضل له السلام بعد كل ركعتين.

وقال الشافعية([536]): لو صلى في التراويح أربعا بتسليمة واحدة لم يصح، فتبطل إن كان عامدا عالما، وإلا صارت نفلا مطلقاً، وذلك لأن التراويح أشبهت الفرائض في طلب الجماعة فلا تغير عما ورد.

القعود في صلاة التراويح([537]):

جاء في مذهب الحنفية أن من يصلي التراويح قاعدا فإنه يجوز مع الكراهة تنزيها لأنه خلاف السنة المتوارثة.

وقت صلاة التراويح([538]):

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن وقت صلاة التراويح من بعد صلاة العشاء، وقبل الوتر إلى طلوع الفجر؛ لأنها عرفت بفعل الصحابة فكان وقتها ما صلوا فيه، وهم صلوا بعد العشاء قبل الوتر؛ ولأنها سنة تبع للعشاء فكان وقتها قبل الوتر.

الجماعة في صلاة التراويح:

اتفق الفقهاء على مشروعية الجماعة في صلاة التراويح؛ لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما سبق، ولفعل الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم منذ زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ ولاستمرار العمل عليه حتى الآن.

قال الحنفية([539]): صلاة التراويح بالجماعة سنة على الكفاية في الأصح.

وقال المالكية([540]): تندب صلاة التراويح في البيوت إن لم تعطل المساجد، وذلك لخبر: "عَلَيْكُمْ بِالصَّلاَةِ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلاَةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ"([541]).

وقال الشافعية: تسن الجماعة في التراويح على الأصح([542]).

وقال الحنابلة: صلاة التراويح جماعة أفضل من صلاتها فرادى([543]).

القراءة وختم القرآن الكريم في التراويح:

ذهب الحنفية والحنابلة إلى أن السنة أن يختم القرآن الكريم في صلاة التراويح ليسمع الناس جميع القرآن في تلك الصلاة، ويقابل هذا القول: الأفضل أن يقرأ قدر قراءة المغرب لأن النوافل مبنية على التخفيف خصوصاً بالجماعة([544]).

وصرح المالكية والشافعية بأنه يندب للإمام الختم لجميع القرآن في التراويح في الشهر كله([545]).

المبحث الرابع: صلاة الاستخارة

التعريف:

الاستخارة لغة: طلب الْخِيَرَةِ في الشيء. يقال: اسْتَخِرِ اللَّهَ يَخِرْ لَكَ([546])، وفي الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها([547]).

واصطلاحاً([548]): طلب الاختيار.

أي طلب صرف الهمة لما هو المختار عند الله، والأولى، بالصلاة، أو الدعاء الوارد في الاستخارة.

صفتها (حكمها التكليفي):

أجمع العلماء على أن الاستخارة سنة، ودليل مشروعيتها ما روى عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كالسورة من القرآن: "إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَْمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَقُول: إلخ([549])، وقال صلى الله عليه وسلم: "مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَل"([550]).

حكمة مشروعيتها:

التسليم لأمر الله، والخروج من الحول والطول، والالتجاء إليه سبحانه. للجمع بين خيري الدنيا والآخرة. ويحتاج في هذا إلى قرع باب الملك، ولا شيء أنجع لذلك من الصلاة والدعاء؛ لما فيها من تعظيم الله، والثناء عليه، والافتقار إليه قالاً وحالاً([551]).

سببها (ما يجري فيه الاستخارة):

اتفقت المذاهب الأربعة على أن الاستخارة تكون في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها، أما ما هو معروف خيره أو شره كالعبادات وصنائع المعروف والمعاصي والمنكرات فلا حاجة إلى الاستخارة فيها، إلا إذا أراد بيان خصوص الوقت كالحج مثلا في هذه السنة؛ لاحتمال عدو أو فتنة، والرفقة فيه، أيرافق فلاناً أم لا؟([552]).

وعلى هذا فالاستخارة لا محل لها في الواجب والحرام والمكروه، وإنما تكون في المندوبات والمباحات. والاستخارة في المندوب لا تكون في أصله؛ لأنه مطلوب، وإنما تكون عند التعارض، أي إذا تعارض عنده أمران أيهما يبدأ به أو يقتصر عليه؟

أما المباح فيستخار في أصله.

متى يبدأ الاستخارة؟([553]).

 ينبغي أن يكون المستخير خالي الذهن، غير عازم على أمر معين، فقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث: "إِذَا هَمَّ" يشير إلى أن الاستخارة تكون عند أول ما يرد على القلب، فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير، بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده، وقويت فيه عزيمته وإرادته، فإنه يصير إليه ميل وحب، فيخشى أن يخفى عنه الرشاد؛ لغلبة ميله إلى ما عزم عليه.

ويحتمل أن يكون المراد بالهم العزيمة؛ لأن الخاطر لا يثبت فلا يستمر إلا على ما يقصد التصميم على فعله من غير ميل. وإلا لو استخار في كل خاطر لاستخار فيما لا يعبأ به، فتضيع عليه أوقاته.

الاستشارة قبل الاستخارة:

قال النووي: يستحب أن يستشير قبل الاستخارة من يعلم من حاله النصيحة والشفقة والخبرة، ويثق بدينه ومعرفته. قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159]، وإذا استشار وظهر أنه مصلحة، استخار الله تعالى في ذلك.

كيفية الاستخارة:

ورد في الاستخارة حالات ثلاث:

الأولى: وهي الأوفق، واتفقت عليها المذاهب الأربعة، تكون بركعتين من غير الفريضة بنية الاستخارة، ثم يكون الدعاء المأثور بعدها.

الثانية: قال بها مذاهب ثلاثة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، تجوز بالدعاء فقط من غير صلاة([554])، إذا تعذرت الاستخارة بالصلاة والدعاء معا.

الثالثة: ولم يصرح بها غير المالكية، والشافعية، فقالوا: تجوز بالدعاء عقب أي صلاة كانت مع نيتها، وهو أولى، أو بغير نيتها كما في تحية المسجد([555]).

وقت الاستخارة:

أجاز القائلون بحصول الاستخارة بالدعاء فقط وقوع ذلك في أي وقت من الأوقات؛ لأن الدعاء غير منهي عنه في جميع الأوقات([556]).

أما إذا كانت الاستخارة بالصلاة والدعاء فالمذاهب الأربعة تمنعها في أوقات الكراهة([557]).

كيفية صلاة الاستخارة:

اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن الأفضل في صلاة الاستخارة أن تكون ركعتين([558]).

القراءة في صلاة الاستخارة:

 فيما يقرأ في صلاة الاستخارة ثلاثة آراء:

أ - قال جمهور الفقهاء([559]): يستحب أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة {قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثانية {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.

ب - واستحسن بعض العلماء أن يزيد في صلاة الاستخارة على القراءة بعد الفاتحة بقوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ وَهُوَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُْولَى وَالآْخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص: 68 – 70] في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَل ضَلاَلاً مُبِينًا} [الأحزاب: 36].

ج - أما الحنابلة وبعض الفقهاء فلم يقولوا بقراءة معينة في صلاة الاستخارة([560]).

دعاء الاستخارة:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيُقَل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِك الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَال عَاجِل أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَال عَاجِل أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ. وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ. قَال: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ([561]).

قال جمهور الفقهاء: يستحب افتتاح الدعاء المذكور وختمه بالحمد لله والصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم([562]).

استقبال القبلة في الدعاء:

يستقبل القبلة في دعاء الاستخارة رافعا يديه مراعيا جميع آداب الدعاء([563]).

موطن دعاء الاستخارة:

قال الفقهاء: يكون الدعاء عقب الصلاة، وهو الموافق لما جاء في نص الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم([564]).

ما يطلب من المستخير بعد الاستخارة:

يطلب من المستخير ألا يتعجل الإجابة؛ لأن ذلك مكروه، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَل. يَقُول: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي([565]). كما يطلب منه الرضا بما يختاره الله له([566]).

تكرار الاستخارة([567]):

قال الفقهاء: ينبغي أن يكرر المستخير الاستخارة بالصلاة والدعاء سبع مرات؛ لما روى عن أنس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا أَنَسُ إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اُنْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِكَ فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ"([568]).

ويؤخذ من أقوال الفقهاء أن تكرار الاستخارة يكون عند عدم ظهور شيء للمستخير، فإذا ظهر له ما ينشرح به صدره لم يكن هناك ما يدعو إلى التكرار.

وصرح الشافعية بأنه إذا لم يظهر له شيء بعد السابعة استخار أكثر من ذلك.

النيابة في الاستخارة:

الاستخارة للغير قال بجوازها المالكية، والشافعية([569])؛ أخذاً من قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ"([570]).

أثر الاستخارة:

أ - علامات القبول:

اتفق الفقهاء على أن علامات القبول في الاستخارة انشراح الصدر، لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم "يَا أَنَسُ إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اُنْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِكَ فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ"([571])، أي فيمضي إلى ما انشرح به صدره.

وشرح الصدر: عبارة عن ميل الإنسان وحبه للشيء من غير هوى للنفس، أو ميل مصحوب بغرض([572]).

ب - علامات عدم القبول:

وأما علامات عدم القبول فهو: أن يصرف الإنسان عن الشيء، لنص الحديث، ولم يخالف في هذا أحد من العلماء، وعلامات الصرف: ألا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه معلقا به، وهذا هو الذي نص عليه الحديث: فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به.

المبحث الخامس: صلاة الحاجة

التعريف:

والحاجة في اللغة: المأربة، والتحوج: طلب الحاجة بعد الحاجة، والحوج: الطلب، والحوج: الفقر([573]).

ولا يخرج استعمال الفقهاء للفظ الحاجة عن المعنى اللغوي([574]).

الحكم التكليفي:

اتفق الفقهاء على أن صلاة الحاجة مستحبة([575]).

واستدلوا بما أخرجه الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ فَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ لْيُصَل رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لْيُثْنِ عَلَى اللَّهِ، وَلْيُصَل عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لْيَقُل: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُل بِرٍّ، وَالسَّلاَمَةَ مِنْ كُل إِثْمٍ، لاَ تَدَعْ لِي ذَنْبًا إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ، وَلاَ حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلاَّ قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ"([576]). ورواه ابن ماجه وزاد بعد قوله: يا أرحم الراحمين: "ثُمَّ يَسْأَل مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ مَا شَاءَ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ".

كيفية صلاة الحاجة (عدد الركعات وصيغ الدعاء):

اختلف في عدد ركعات صلاة الحاجة، فذهب المالكية والحنابلة، وهو المشهور عند الشافعية، وقول عند الحنفية إلى أنها ركعتان، والمذهب عند الحنفية أنها: أربع ركعات، وفي قول عندهم وهو قول الغزالي: إنها اثنتا عشرة ركعة وذلك لاختلاف الروايات الواردة في ذلك، كما تنوعت صيغ الدعاء لتعدد الروايات([577]).

وبيان ذلك فيما يأتي:

أولا: روايات الركعتين وفيها اختلاف الدعاء:

رواية عبد الله بن أبي أوفى، وفيها أن صلاة الحاجة ركعتان مع ذكر الدعاء الذي أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي الرواية التي سبق ذكرها في الحكم.

وحديث أنس رضي الله عنه ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا علي: ألا أعلمك دعاء إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك فيستجاب لك بإذن الله ويفرج عنك: توضأ وصل ركعتين، واحمد الله واثن عليه وصل على نبيك واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات ثم قل: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين، اللهم كاشف الغم، مفرج الهم مجيب دعوة المضطرين إذا دعوك، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، فارحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك([578]).

ثانيا: رواية الأربع:

وهي مروية عن فقهاء الحنفية، قال ابن عابدين: (إن صلاة الحاجة أربع ركعات بعد العشاء، وأن في الحديث المرفوع: يقرأ في الأولى الفاتحة مرة وآية الكرسي ثلاثا، وفي كل من الثلاث الباقية يقرأ الفاتحة والإخلاص والمعوذتين مرة مرة كن له مثلهن من ليلة القدر)، ثم قال: (قال مشايخنا: صلينا هذه الصلاة فقضيت حوائجنا) ([579]).

ثالثا: رواية الاثنتي عشرة ركعة والدعاء الوارد فيها:

روي عن وهيب بن الورد أنه قال: إن من الدعاء الذي لا يرد أن يصلي العبد ثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة بأم الكتاب وآية الكرسي و{قل هو الله أحد}، فإن فرغ خر ساجداً، ثم قال: سبحان الذي لبس العز، وقال به، سبحان الذي تعطف بالمجد وتكرم به، سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان ذي المن والفضل، سبحان ذي العز والكرم، سبحان ذي الطول، أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم وجدك الأعلى، وكلماتك التامات العامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر أن تصلي على محمد وعلى آل محمد: ثم يسأل حاجته التي لا معصية فيها، فيجاب إن شاء الله([580]).

المبحث السادس: صلاة الاستسقاء

التعريف:

الاستسقاء لغة([581]): طلب السقيا، أي طلب إنزال الغيث على البلاد والعباد.

والاسم: السقيا بالضم، واستسقيت فلانا: إذا طلبت منه أن يسقيك.

والمعنى الاصطلاحي للاستسقاء هو([582]): طلب إنزال المطر من الله بكيفية مخصوصة عند الحاجة إليه.

صفته (حكمه التكليفي):

قال الشافعية، والحنابلة، ومحمد بن الحسن من الحنفية: الاستسقاء سنة مؤكدة، سواء أكان بالدعاء والصلاة أم بالدعاء فقط، فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته والمسلمون من بعدهم. وأما أبو حنيفة فقال بسنية الدعاء فقط، وبجواز غيره([583]).

وعند المالكية تعتريه الأحكام الثلاثة التالية([584]):

الأول: سنة مؤكدة، إذا كان للمحل والجدب، أو للحاجة إلى الشرب لشفاههم، سواء أكانوا في حضر، أم سفر في صحراء، أو سفينة في بحر مالح.

الثاني: مندوب، وهو الاستسقاء ممن كان في خصب لمن كان في محل وجدب؛ لأنه من التعاون على البر والتقوى. ولما جاء في الحديث: "تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَل الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"([585]).

وصح: "دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَال الْمَلَكُ الْمُوَكَّل بِهِ: آمِينَ وَلَك بِمِثْلٍ"([586]).

الثالث: مباح، وهو استسقاء من لم يكونوا في محل، ولا حاجة إلى الشرب، وقد أتاهم الغيث، ولكن لو اقتصروا عليه لكان دون السعة، فلهم أن يسألوا الله من فضله.

دليل المشروعية:

ثبتت مشروعيته بالنص والإجماع.

أما النص فقوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 – 12].

كما استدل له بعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه والمسلمين من بعده، فقد وردت الأحاديث الصحيحة في استسقائه صلى الله عليه وسلم.

روى أنس رضي الله عنه: أن الناس قد قحطوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدخل رجل من باب المسجد ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب. فقال: يا رسول الله هلكت المواشي، وخشينا الهلاك على أنفسنا، فادع الله أن يسقينا. فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يديه فقال: "اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا غَدَقًا مُغْدِقًا عَاجِلاً غَيْرَ رَائِثٍ". قال الراوي: ما كان في السماء قزعة، فارتفعت السحاب من هنا ومن هنا حتى صارت ركاماً، ثم مطرت سبعاً من الجمعة إلى الجمعة. ثم دخل ذلك الرجل، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب، والسماء تسكب، فقال: يا رسول الله تهدم البنيان، وانقطعت السبل، فادع الله أن يمسكه، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لملالة بني آدم. قال الراوي: والله ما نرى في السماء خضراء. ثم رفع يديه، فقال: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآْكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ". فانجابت السماء عن المدينة حتى صارت حولها كالإكليل([587]).

واستدل أبو حنيفة بهذا الحديث وجعله أصلاً، وقال: إن السنة في الاستسقاء هي الدعاء فقط، من غير صلاة ولا خروج.

واستدل الجمهور بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر وحمد الله عز وجل ثم قال: "إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل أَنْ تَدْعُوَهُ، وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ". ثم قال: " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَفْعَل مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِل عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَل مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلاَغًا إِلَى حِينٍ". ثم رفع يديه، فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وَقَلَبَ أَوْ حَوَّل رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله تعالى، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الْكُنِّ([588]) ضحك حتى بدت نواجزه فقال: "أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٍ، وَأَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ"([589]).

وقد استسقى عمر رضي الله عنه بالعباس، وقال: اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبيك فتسقينا، وإنا نتوسل بعم نبيك فاسقنا؛ فيسقون([590]).

حكمة المشروعية:

إن الإنسان إذا نزلت به الكوارث، وأحدقت به المصائب فبعضها قد يستطيع إزالتها، وبعضها لا يستطيع بأي وسيلة من الوسائل، ومن أكبر المصائب والكوارث الجدب المسبب عن انقطاع الغيث، الذي هو حياة كل ذي روح وغذاؤه، ولا يستطيع الإنسان إنزاله أو الاستعاضة عنه، وإنما يقدر على ذلك ويستطيعه رب العالمين فشرع الشارع الحكيم سبحانه الاستسقاء، طلبا للرحمة والإغاثة بإنزال المطر الذي هو حياة كل شيء ممن يملك ذلك، ويقدر عليه، وهو الله جل جلاله.

أنواعه وأفضله:

قال الشافعية والحنابلة([591]): الاستسقاء ثلاثة أنواع:

النوع الأول: وهو أدناها، الدعاء بلا صلاة، ولا بعد صلاة، فرادى ومجتمعين لذلك، في المسجد أو غيره، وأحسنه ما كان من أهل الخير.

النوع الثاني: وهو أوسطها، الدعاء بعد صلاة الجمعة أو غيرها من الصلوات، وفي خطبة الجمعة ونحو ذلك.

النوع الثالث: وهو أفضلها، الاستسقاء بصلاة ركعتين وخطبتين، وتأهب لها قبل ذلك، يستوي في ذلك أهل القرى والأمصار والبوادي والمسافرون، ويسن لهم جميعاً الصلاة والخطبتان، ويستحب ذلك للمنفرد إلا الخطبة.

وقال المالكية([592]): الاستسقاء بالدعاء سنة، أي: سواء أكان بصلاة أم بغير صلاة، ولا يكون الخروج إلى المصلى إلا عند الحاجة الشديدة إلى الغيث، حيث فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وأما الحنفية: فأبو حنيفة يفضل الدعاء والاستغفار في الاستسقاء؛ لأنه السنة، وأما الصلاة فرادى فهي مباحة عنده، وليست بسنة، لفعل الرسول لها مرة وتركها أخرى([593]). وأما محمد فقد قال: الاستسقاء يكون بالدعاء، أو بالصلاة والدعاء، والكل عنده سنة، وفي مرتبة واحدة([594]). وأما أبو يوسف فالنقل عنه مختلف في المسألة، فقد روى أنه مع الإمام، وروى أنه مع محمد([595]).

وقت الاستسقاء

إذا كان الاستسقاء بالدعاء فلا خلاف في أنه يكون في أي وقت،

وإذا كان بالصلاة والدعاء، فالكل مجمع على منع أدائها في أوقات الكراهة، وذهب الجمهور إلى أنها تجوز في أي وقت عدا أوقات الكراهة.

والخلاف بينهم إنما هو في الوقت الأفضل، ما عدا المالكية فقالوا: وقتها من وقت الضحى إلى الزوال، فلا تصلى قبله ولا بعده، وللشافعية في الوقت الأفضل ثلاثة أوجه([596]):

الأول: ووافقهم عليه المالكية، وهو الأولى عند الحنابلة([597]): وقت صلاة الاستسقاء وقت صلاة العيد.

الثاني: أول وقتها وقت صلاة العيد، وتمتد إلى صلاة العصر.

الثالث: وعبر عنه الشافعية بالصحيح والصواب، وهو الرأي المرجوح عند الحنابلة([598]): أنها لا تختص بوقت معين، بل تجوز في كل وقت من ليل أو نهار، إلا أوقات الكراهة على أحد الوجهين، وهو الذي نص عليه الشافعي، وبه قطع الجمهور، وصححه المحققون.

مكان الاستسقاء:

اتفقت المذاهب الأربعة على أن الاستسقاء يجوز في المسجد، وخارج المسجد. إلا أن المالكية لا تقول بالخروج إلا في وقت الشدة إلى الغيث، والشافعية والحنابلة يفضلون الخروج مطلقاً؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للاستسقاء متبذلاً متواضعاً متضرعاً حتى أتى المصلى، فلم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيد([599]).

وقال الشافعية: يصلي الإمام في الصحراء، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاها في الصحراء؛ ولأنه يحضرها غالب الناس والصبيان والحيض والبهائم وغيرهم، فالصحراء أوسع لهم وأرفق([600]).

وقال الحنفية بالخروج، إلا أنهم قالوا: إن أهل مكة وبيت المقدس يجتمعون في المسجدين، وكذلك لأهل المدينة أن يجتمعوا في المسجد النبوي([601]).

الآداب السابقة على الاستسقاء:

أورد الفقهاء آدابا يستحب فعلها قبل الاستسقاء، فقالوا([602]): يعظ الإمام الناس، ويأمرهم بالخروج من المظالم، والتوبة من المعاصي، وأداء الحقوق؛ ليكونوا أقرب إلى الإجابة، فإن المعاصي سبب الجدب، والطاعة سبب البركة ... قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْل الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96].

الصيام قبل الاستسقاء:

اتفقت المذاهب على الصيام([603])، ولكنهم اختلفوا في مقداره، والخروج به إلى الاستسقاء. لأن الصيام مظنة إجابة الدعاء، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ ...([604])، ولما فيه من كسر الشهوة، وحضور القلب، والتذلل للرب.

قال الشافعية، والحنفية: يأمرهم الإمام بصوم ثلاثة أيام قبل الخروج، ويخرجون في اليوم الرابع وهم صيام.

وقال المالكية بالخروج بعد الصيام في اليوم الرابع مفطرين؛ للتقوي على الدعاء، كيوم عرفة.

وقال الحنابلة بالصيام ثلاثة أيام، ويخرجون في آخر أيام صيامهم.

الصدقة قبل الاستسقاء:

اتفقت المذاهب على استحباب الصدقة قبل الاستسقاء([605]).

الاستسقاء بالدعاء:

قال أبو حنيفة: إن الاستسقاء هو دعاء واستغفار، وليس فيه صلاة مسنونة في جماعة. فإن صلى الناس وحدانا جاز([606])؛ لقوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 10 – 11]، وقد استدل له كذلك بحديث عمر رضي الله عنه واستسقائه بالعباس رضي الله عنه من غير صلاة، مع حرصه على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وأما المالكية، والشافعية، والحنابلة، وأبو يوسف ومحمد من الحنفية: فقالوا بسنية الدعاء وحده، وبسنيته مع صلاة.

 

الاستسقاء بالدعاء والصلاة:

جمهور الفقهاء مع صاحبي أبي حنيفة قالوا: الاستسقاء يكون بالصلاة والدعاء والخطبة، للأحاديث الواردة في ذلك.

وقال أبو حنيفة: لا خطبة في الاستسقاء، وما تقدم من رواية أنس لا يثبت الخطبة؛ لأن طلب السقيا من رسول الله وقع له صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخطب، فالخطبة سابقة في هذه الحادثة على الإخبار بالجدب([607]).

تقديم الصلاة على الخطبة وتأخيرها:

في المسألة ثلاثة آراء:

الأول: تقديم الصلاة على الخطبة، وهو قول المالكية، ومحمد بن الحسن، والراجح عند الحنابلة، وهو الأولى عند الشافعية؛ لقول أبي هريرة: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركعتين ثم خطبنا، ولقول ابن عباس: صنع في الاستسقاء كما يصنع في العيد؛ ولأنها صلاة ذات تكبيرات، فأشبهت صلاة العيد([608]).

الثاني: تقديم الخطبة على الصلاة وهو رأي للحنابلة، وخلاف الأولى عند الشافعية([609]). ودليله ما روي عن أنس وعائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطب وصلى، وروي عن عبد الله بن زيد قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما خرج يستسقي حوَّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو، ثم حوَّل رداءه، ثم صلى لنا ركعتين جهر فيهما بالقراءة([610]).

الثالث: هو مخير في الخطبة قبل الصلاة أو بعدها، وهو رأي للحنابلة؛ لورود الأخبار بكلا الأمرين، ودلالتها على كلتا الصفتين.

كيفية صلاة الاستسقاء:

لا يعلم بين القائلين بصلاة الاستسقاء خلاف في أنها ركعتان، واختلف في صفتها على رأيين:

الرأي الأول، وهو للشافعية، والحنابلة، وقول لمحمد([611]): يصليها ركعتين يكبر في الأولى سبعاً، وخمساً في الثانية مثل صلاة العيد، لقول ابن عباس في حديثه المتقدم: وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيد، ولما روي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون صلاة الاستسقاء يكبرون فيها سبعاً وخمساً([612]).

الرأي الثاني: وهو للمالكية، والقول الثاني لمحمد([613]): تصلى ركعتين كصلاة النافلة والتطوع؛ لما روي عن عبد الله بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استسقى فصلى ركعتين وروى أبو هريرة نحوه، ولم يذكرا التكبير([614])، فتنصرف إلى الصلاة المطلقة.

واتفقت المذاهب على الجهر بالقراءة في الاستسقاء؛ لأنها صلاة ذات خطبة([615])، وكل صلاة لها خطبة فالقراءة فيها تكون جهراً؛ لاجتماع الناس للسماع، ويقرأ بما شاء، ولكن الأفضل أن يقرأ فيهما بما كان يقرأ في العيد، وقيل: يقرأ بسورتي ق ونوح([616])، أو يقرأ بسورتي الأعلى والغاشية([617])، أو بسورتي الأعلى والشمس.

كيفية الخطبة ومستحباتها:

قال الشافعية، والمالكية، ومحمد بن الحسن من الحنفية: يخطب الإمام خطبتين كخطبتي العيد بأركانهما وشروطهما وهيئاتهما، وفي الجلوس إذا صعد المنبر وجهان كما في العيد؛ لحديث ابن عباس المتقدم؛ ولأنها أشبهتها في التكبير وفي صفة الصلاة([618]).

وقال الحنابلة، وأبو يوسف من الحنفية: يخطب الإمام خطبة واحدة يفتتحها بالتكبير؛ لقول ابن عباس: لم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، وهذا يدل على أنه ما فصل بين ذلك بسكوت ولا جلوس؛ ولأن كل من نقل الخطبة لم ينقل خطبتين([619]).

ولا يخرج المنبر إلى الخلاء في الاستسقاء؛ لأنه خلاف السنة. وقد عاب الناس على مروان بن الحكم عند إخراجه المنبر في العيدين، ونسبوه إلى مخالفة السنة.

ويخطب الإمام على الأرض معتمداً على قوس أو سيف أو عصا، ويخطب مقبلاً بوجهه إلى الناس([620]). وقد صرح المالكية بأن الخطبة على الأرض مندوبة، وعلى المنبر مكروهة([621]).

وقال الحنفية([622])، والحنابلة، والشافعية في القول المرجوح: يكبر في الخطبة كما في صلاة العيد.

وقال المالكية، والشافعية في الراجح عندهم: يستبدل بالتكبير الاستغفار، فيستغفر الله في أول الخطبة الأولى تسعاً، وفي الثانية سبعاً، يقول: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، ويختم كلامه بالاستغفار، ويكثر منه في الخطبة، ومن قوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}، ويخوفهم من المعاصي التي هي سبب الجدب، ويأمرهم بالتوبة، والإنابة والصدقة والبر.

وقال الحنفية، والشافعية، والمالكية: يستقبل الإمام الناس في الخطبة مستدبراً القبلة، حتى إذا قضى خطبته توجه بوجهه إلى القبلة يدعو.

وقال الحنابلة: يستحب للخطيب استقبال القبلة في أثناء الخطبة؛ لما روى عبد الله بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج يستسقي، فتوجه إلى القبلة يدعو وفي لفظ: فحول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو([623]).

صيغ الدعاء المأثورة:

يستحب الدعاء بما أثر عن النبي، ومن ذلك ما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يدعو في الاستسقاء فيقول([624]): اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مُرِيعًا غَدَقًا مُجَلِّلاً سَحًّا عَامًّا طَبَقًا دَائِمًا. اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ. اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْبِلاَدِ وَالْعِبَادِ وَالْخَلْقِ مِنَ اللأّْوَاءِ وَالضَّنْكِ مَا لاَ نَشْكُو إِلاَّ إِلَيْكَ. اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، فَأَرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا، فإذا مطروا. قالوا: اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا. ويقولون: مطرنا بفضل الله وبرحمته([625]).

وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال وهو على المنبر، حين قال له الرجل: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا. فرفع يديه وقال: اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا"([626]).

وروي عن الشافعي قوله: ليكن من دعائهم في هذه الحالة: اللهم أنت أمرتنا بدعائك، ووعدتنا إجابتك، وقد دعوناك كما أمرتنا، فأجبنا كما وعدتنا، اللهم امنن علينا بمغفرة ما قارفنا، وإجابتك في سقيانا، وسعة رزقنا، فإذا فرغ من دعائه أقبل على الناس بوجهه، وحثهم على الطاعة، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعا للمؤمنين والمؤمنات، وقرأ آية من القرآن أو آيتين، ويكثر من الاستغفار، ومن قوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارًا}.

رفع اليدين في الدعاء في الاستسقاء:

استحب الأئمة رفع اليدين إلى السماء في الدعاء، لما ورد عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء([627]).

وأنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه. وفي حديث لأنس فرفع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ورفع الناس أيديهم.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قريب من ثلاثين حديثا في رفع اليدين في الاستسقاء.

وذكر الأئمة: أنه يدعو سراً وجهراً، فإذا دعا سراً دعا الناس سراً، فيكون أبلغ في البعد عن الرياء. وإذا دعا جهراً أمن الناس على دعاء الإمام([628]).

ولهذا يستحب أن يدعو بعض الدعاء سراً، وبعضه جهراً، ويستقبل القبلة في دعائه متضرعا خاشعا متذللاً تائباً.

الاستسقاء بالصالحين:

اتفق جمهور الفقهاء على استحباب الاستسقاء بأقارب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبالصالحين من المسلمين الذين عرفوا بالتقوى والاستقامة؛ لأن عمر رضي الله عنه استسقى بالعباس وقال: اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبيك فتسقينا، وإنا نتوسل بعم نبينا فاسقنا، فيسقون([629]).

التوسل بالعمل الصالح:

ويستحب أن يتوسل كل في نفسه بما قدم من عمل صالح.

واستدل على هذا بحديث ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قصة أصحاب الغار، وهم الثلاثة الذين آووا إلى الغار، فأطبقت عليهم صخرة، فتوسل كل واحد بصالح عمله، فكشف الله عنهم الصخرة، وقشع الغمة، وخرجوا يمشون([630]).

تحويل الرداء في الاستسقاء:

قال جمهور الفقهاء([631]): يستحب تحويل الرداء للإمام والمأموم، لفعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له، ولأن ما فعله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ثبت في حق غيره، ما لم يقم دليل على اختصاصه به. وقد عقل المعنى في ذلك، وهو التفاؤل بقلب الرداء، ليقلب الله ما بهم من الجدب إلى الخصب. وهو خاص بالرجال دون النساء عند الجميع.

وقال محمد بن الحسن من الحنفية: إن تحويل الرداء مختص بالإمام فقط دون المأموم؛ لأنه نقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دون أصحابه([632]).

وقال أبو حنيفة: لا يسن تقليب الرداء؛ لأنه دعاء فلا يستحب تحويل الرداء فيه، كسائر الأدعية([633]).

 

كيفية تقليب الرداء:

قال المالكية، والحنابلة، وهو رأي للشافعية([634]): يقلب المستسقون أرديتهم، فيجعلون ما على اليمين على اليسار، وما على اليسار على اليمين، ودليلهم في ذلك ما روى عن عبد الله بن زيد، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حوَّل رداءه، وجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر، وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن([635]).

وقال محمد بن الحسن من الحنفية، والشافعية في الرأي الراجح([636]): إن كان الرداء مدورا بأن كان جبة يجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن، وإن كان الرداء مربعا يجعل أعلاه أسفله، وأسفله أعلاه، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه استسقى وعليه رداء، فأراد أن يجعل أسفلها أعلاها، فلما ثقلت عليه جعل العطاف الذي في الأيسر على عاتقه الأيمن، والذي على الأيمن على عاتقه الأيسر، ويبدأ بتحويل الرداء عند البدء بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى([637]).

المستسقون([638]):

يستحب عند المذاهب الأربعة خروج الشيوخ والضعفاء والصبيان والعجزة وغير ذات الهيئة من النساء، وقال المالكية: بخروج من يعقل من الصبيان، أما من لا يعقل فيكره خروجهم مع الجماعة للصلاة. واستدلوا لخروج من ذكر بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "هَل تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ"([639]).

المبحث السابع: صلاة الكسوف

التعريف:

الكسوف هو: ذهاب ضوء أحد النيرين (الشمس، والقمر) أو بعضه، وتغيره إلى سواد، يقال: كسفت الشمس، وكذا خسفت، كما يقال: كسف القمر، وكذا خسف، فالكسوف، والخسوف، مترادفان، وقيل: الكسوف للشمس، والخسوف للقمر، وهو الأشهر في اللغة([640]).

وصلاة الكسوف: صلاة تؤدى بكيفية مخصوصة، عند ظلمة أحد النيرين أو بعضهما([641]).

الحكم التكليفي:

الصلاة لكسوف الشمس سنة مؤكدة عند جميع الفقهاء، وفي قول للحنفية: إنها واجبة.

أما الصلاة لخسوف القمر فهي سنة مؤكدة عند الشافعية والحنابلة، وهي حسنة عند الحنفية، ومندوبة عند المالكية.

والأصل في ذلك الأخبار الصحيحة:

أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ، وَلاَ لِحَيَاتِهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ، وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ"([642])، ولأنه صلى الله عليه وآله وسلم صلاها لكسوف الشمس([643])، ولكسوف القمر([644]).

وعن ابن عباس رضي الله عنه: أنه صلى بأهل البصرة في خسوف القمر ركعتين وقال: إنما صليت لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي([645]).

والصارف عن الوجوب: حديث الأعرابي المعروف: "هَل عَلَيَّ غَيْرُهَا"([646])، ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود، لا أذان لها ولا إقامة، كصلاة الاستسقاء([647]).

وقت صلاة الكسوف:

ووقتها من ظهور الكسوف إلى حين زواله؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ"([648])؛ فجعل الانجلاء غاية للصلاة؛ ولأنها شرعت رغبة إلى الله في رد نعمة الضوء، فإذا حصل ذلك حصل المقصود من الصلاة([649]).

صلاة الكسوف في الأوقات التي تكره فيها الصلاة:

اختلف الفقهاء في ذلك.

فذهب الحنفية، وهو ظاهر المذهب عند الحنابلة، وهو رواية عن مالك إلى أنها لا تصلى في الأوقات التي ورد النهي عن الصلاة فيها؛ كسائر الصلوات، فإن صادف الكسوف في هذه الأوقات لم تصل، جعل في مكانها تسبيحاً، وتهليلاً، واستغفاراً، وقالوا: لأنه إن كانت هذه الصلاة نافلة؛ فالتنفل في هذه الأوقات مكروه وإن كان لها سبب. وإن كانت واجبة فأداء الصلاة الواجبة فيها مكروه([650]).

قال الشافعية وهو رواية أخرى عن مالك وأحمد: تصلى في كل الأوقات، كسائر الصلوات التي لها سبب متقدم أو مقارن، كالمقضية وصلاة الاستسقاء، وركعتي الوضوء، وتحية المسجد([651]).

والرواية الثالثة عن مالك: أنها إذا طلعت مكسوفة يصلى حالاً، وإذا دخل العصر مكسوفة، أو كسفت عندهما لم يصل لها([652]).

فوات صلاة الكسوف:

تفوت صلاة كسوف الشمس بأحد أمرين:

الأول: انجلاء جميعها، فإن انجلى البعض فله الشروع في الصلاة للباقي، كما لو لم ينكسف إلا ذلك القدر.

الثاني: بغروبها كاسفة.

ويفوت خسوف القمر بأحد أمرين:

الأول: الانجلاء الكامل.

الثاني: طلوع الشمس، ولو حال سحاب، وشك في الانجلاء صلى؛ لأن الأصل بقاء الكسوف. ولو كانا تحت غمام، فظن الكسوف لم يصل حتى يستيقن([653]).

وقال المالكية: إن غاب القمر وهو خاسف لم يصل([654]).

وإن صل ولم تنجل لم تكرر الصلاة، لأنه لم ينقل عن أحد، وإن انجلت وهو في الصلاة أتمها؛ لأنها صلاة أصل، غير بدل عن غيرها؛ فلا يخرج منها بخروج وقتها كسائر الصلوات([655]).

سنن صلاة الكسوف:

1) أن يغتسل لها؛ لأنها صلاة شرع لها الاجتماع.

2) وأن تصلى حيث تصلى الجمعة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صلاها في المسجد.

3) وأن يدعى لها: (الصلاة جامعة)؛ لما روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: قال: لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نودي: إن الصلاة جامعة([656])، وليس لها أذان ولا إقامة اتفاقاً.

4) وأن يكثر ذكر الله، والاستغفار، والتكبير والصدقة، والتقرب إلى الله تعالى بما استطاع من القرب، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا"([657]).

5) وأن يصلوا جماعة لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاها في جماعة([658]).

وقال أبو حنيفة، ومالك: يصلى لخسوف القمر وحداناً: ركعتين، ركعتين، ولا يصلونها جماعة؛ لأن الصلاة جماعة لخسوف القمر لم تنقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أن خسوفه كان أكثر من كسوف الشمس؛ ولأن الأصل أن غير المكتوبة لا تؤدى بجماعة إلا إذا ثبت ذلك بدليل، ولا دليل فيها([659]).

الخطبة فيها:

قال أبو حنيفة ومالك وأحمد: لا خطبة لصلاة الكسوف، وذلك لحديث: "فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا"([660])، أمرهم عليه الصلاة والسلام بالصلاة، والدعاء، والتكبير، والصدقة، ولم يأمرهم بخطبة، ولو كانت الخطبة مشروعة فيها لأمرهم بها؛ ولأنها صلاة يفعلها المنفرد في بيته؛ فلم يشرع لها خطبة([661]).

وقال الشافعية: يسن أن يخطب لها بعد الصلاة خطبتان، كخطبتي العيد([662])؛ لما روت عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ قَامَ وَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل، لاَ يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا"([663]).

وتشرع صلاة الكسوف للمنفرد، والمسافر والنساء؛ لأن عائشة، وأسماء رضي الله عنهما صلتا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم([664]).

إذن الإمام بصلاة الكسوف:

لا يشترط لإقامتها إذن الإمام؛ لأنها نافلة وليس إذنه شرطا في نافلة، فإذا ترك الإمام صلاة الكسوف؛ فللناس أن يصلوها علانية إن لم يخافوا فتنة، وسراً إن خافوها، إلى هذا ذهب الشافعية، والحنابلة([665]).

وقال الحنفية في ظاهر الرواية: لا يقيمها جماعة إلا الإمام الذي يصلي بالناس الجمعة والعيدين، لأن أداء هذه الصلاة جماعة عرف بإقامة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يقيمها إلا من هو قائم مقامه. فإن لم يقمها الإمام صلى الناس حينئذ فرادى، وروي عن أبي حنيفة أنه قال: إن لكل إمام مسجد أن يصلي بالناس في مسجده بجماعة؛ لأن هذه الصلاة غير متعلقة بالمصر، فلا تكون متعلقة بالسلطان كغيرها من الصلوات([666]).

كيفية صلاة الكسوف:

لا خلاف بين الفقهاء في أن صلاة الكسوف ركعتان([667]).

واختلفوا في كيفية الصلاة بها.

وذهب الأئمة: مالك، والشافعي، وأحمد: إلى أنها ركعتان في كل ركعة قيامان، وقراءتان، وركوعان، وسجدتان([668]).

واستدلوا: بما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وِآلِهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّل، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّل([669])، وقالوا: وإن كانت هناك روايات أخرى، إلا أن هذه الرواية هي أشهر الروايات في الباب([670]).

والخلاف بين الأئمة في الكمال لا في الإجزاء والصحة فيجزئ في أصل السنة ركعتان كسائر النوافل عند الجميع([671]).

وأدنى الكمال عند الأئمة الثلاثة: أن يحرم بنية صلاة الكسوف، ويقرأ فاتحة الكتاب، ثم يركع، ثم يرفع رأسه ويطمئن، ثم يركع ثانيا، ثم يرفع ويطمئن، ثم يسجد سجدتين فهذه ركعة.

ثم يصلي ركعة أخرى كذلك. فهي ركعتان: في كل ركعة قيامان، وركوعان، وسجدتان. وباقي الصلاة من قراءة، وتشهد، وطمأنينة كغيرها من الصلوات.

وأعلى الكمال: أن يحرم، ويستفتح، ويستعيذ، ويقرأ الفاتحة، سورة البقرة، أو قدرها في الطول، ثم يركع ركوعا طويلا فيسبح قدر مائة آية، ثم يرفع من ركوعه، فيسبح، ويحمد في اعتداله. ثم يقرأ الفاتحة، وسورة دون القراءة الأولى: آل عمران، أو قدرها، ثم يركع فيطيل الركوع، وهو دون الركوع الأول، ثم يرفع من الركوع، فيسبح، ويحمد، ولا يطيل الاعتدال، ثم يسجد سجدتين طويلتين، ولا يطيل الجلوس بين السجدتين.

ثم يقوم إلى الركعة الثانية، فيفعل مثل ذلك المذكور في الركعة الأولى من الركوعين وغيرهما، لكن يكون دون الأول في الطول في كل ما يفعل ثم يتشهد ويسلم([672]).

وقال الحنفية: إنها ركعتان، في كل ركعة قيام واحد، وركوع واحد وسجدتان كسائر النوافل([673])، واستدلوا بحديث أبي بكرة، قال: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ وَثَابَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ... إلخ. ومطلق الصلاة تنصرف إلى الصلاة المعهودة. وفي رواية: فصلى ركعتين كما يصلون([674]).

الجهر بالقراءة والإسرار بها:

يجهر بالقراءة في خسوف القمر؛ لأنها صلاة ليلية ولخبر عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جهر في صلاة الخسوف([675]).

ولا يجهر في صلاة كسوف الشمس؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى صلاة الكسوف، فلم نسمع له صوتاً([676])، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة والمالكية والشافعية.

وقال أحمد، وأبو يوسف: يجهر بها، وهو رواية عن مالك، وقالوا: قد روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وفعله عبد الله بن زيد وبحضرته البراء بن عازب، وزيد بن أرقم.

وروت عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صلى صلاة الكسوف، وجهر فيها بالقراءة، ولأنها نافلة شرعت لها الجماعة، فكان من سننها الجهر كصلاة الاستسقاء، والعيدين([677]).

اجتماع الكسوف بغيرها من الصلوات:

إذا اجتمع مع الكسوف أو الخسوف غيره من الصلاة: كالجمعة، أو العيد، أو صلاة مكتوبة، أو الوتر، ولم يؤمن من الفوات، قدم الأخوف فوتاً ثم الآكد، فتقدم الفريضة، ثم الجنازة، ثم العيد، ثم الكسوف.

ولو اجتمع وتر وخسوف قدم الخسوف؛ لأن صلاته آكد حينئذ لخوف فوتها، وإن أمن من الفوات، تقدم الجنازة ثم الكسوف أو الخسوف، ثم الفريضة([678]).

الصلاة لغير الكسوف من الآيات:

قال الحنفية: تستحب الصلاة في كل فزع: كالريح الشديدة، والزلزلة، والظلمة، والمطر الدائم لكونها من الأفزاع، والأهوال.

وقد روي: أن ابن عباس رضي الله عنهما صلى لزلزلة بالبصرة([679]).

وقال المالكية: لا يصلى لهذه الآيات مطلقاً([680]).

وقال الشافعية: لا يصلى لغير الكسوفين صلاة جماعة، بل يستحب أن يصلى في بيته، وأن يتضرع إلى الله بالدعاء عند رؤية هذه الآيات، وقال الإمام الشافعي: لا آمر بصلاة جماعة في زلزلة، ولا ظلمة، ولا لصواعق، ولا ريح، ولا غير ذلك من الآيات، وآمر بالصلاة منفردين، كما يصلون منفردين سائر الصلوات([681]).

وعند الحنابلة: لا يصلى لشيء من ذلك إلا الزلزلة الدائمة، فيصلى لها كصلاة الكسوف؛ لفعل ابن عباس رضي الله عنهما، أما غيرها فلم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا عن أحد من أصحابه الصلاة له، وفي رواية عن أحمد: أنه يصلى لكل آية([682]).

المبحث الثامن: صلاة الخوف

التعريف:

الخوف هو: توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو متحققة، وهو مصدر بمعنى الخائف، أو بحذف مضاف: الصلاة في حالة الخوف([683])، ويطلق على القتال، وبه فسر اللحياني قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155]، كما فسر قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83].

وليس المراد من إضافة الصلاة إلى الخوف أن الخوف يقتضي صلاة مستقلة كقولنا: صلاة العيد، ولا أنه يؤثر في قدر الصلاة ووقتها كالسفر، فشروط الصلاة، وأركانها، وسننها، وعدد ركعاتها في الخوف كما في الأمن، وإنما المراد أن الخوف يؤثر في كيفية إقامة الفرائض إذا صليت جماعة، وأن الصلاة في حالة الخوف تحتمل أموراً لم تكن تحتملها في الأمن.

وصلاة الخوف هي: الصّلاة المكتوبة يحضر وقتها؛ والمسلمون في مقاتلة العدوّ أو في حراستهم .

الحكم التّكليفيّ([684]):

ذهب جمهور الفقهاء إلى مشروعيّة صلاة الخوف في حياة النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبعد وفاته، وإلى أنّها لا تزال مشروعةً إلى يوم القيامة.

وقد ثبت ذلك بالكتاب، قال تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [النساء: 102].

وخطاب القرآن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطاب لأمّته، ما لم يقم دليل على اختصاصه؛ لأنّ اللّه أمرنا باتّباعه، وتخصيصه بالخطاب لا يقتضي تخصيصه بالحكم.

كما ثبت بالسّنّة القوليّة، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "صلّوا كما رأيتموني أصلّي"([685])، وهو عامّ.

وثبت بالسّنّة الفعليّة؛ فقد صحّ أنّه صلى الله عليه وآله وسلم صلّاها.

وثبتت صلاة الخوف بإجماع الصّحابة، فقد ثبت بالآثار الصحيحة عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم صلوها في مواطن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مجامع بحضرة كبار من الصحابة.

وممن صلاها علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حروبه بصفين وغيرها، وحضرها من الصحابة خلائق كثيرون منهم: سعيد بن العاص، وسعد بن أبي وقاص، وأبو موسى الأشعري، وغيرهم من كبار الصحابة رضي الله عنهم([686]).

ولم يقل أحد من هؤلاء الصحابة الذين رأوا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الخوف بتخصيصها برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وقال أبو يوسف من الحنفية: كانت مختصة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واحتج بالآية السابقة([687]).

وذهب المزني من الشافعية إلى أن صلاة الخوف كانت مشروعة ثم نسخت، واحتج بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاتته صلوات يوم الخندق، ولو كانت صلاة الخوف جائزة لفعلها([688]).

مواطن جواز صلاة الخوف:

تجوز صلاة الخوف عند شدة الخوف في قتال الحربيين؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [النساء: 102].

وكذلك تجوز في كل قتال مباح، كقتال أهل البغي، وقطاع الطرق؛ قياساً على قتال الحربيين.

وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ قُتِل دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ قُتِل دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ قُتِل دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ قُتِل دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"([689]).

والرخصة في هذا النوع لا تختص بالقتال، بل متعلق بالخوف مطلقاً([690]).

فلو هرب من سيل، أو حريق ولم يجد مَعْدِلاً عنه، أو هرب من سَبُع فله أن يصلي صلاة شدة الخوف، إذا ضاق الوقت وخاف فوت الصلاة([691]).

ولا تجوز في القتال المحرّم؛ كقتال أهل العدل، وقتال أهل الأموال لأخذ أموالهم، وقتال القبائل عصبيّةً، ونحو ذلك؛ لأنّها رخصة وتخفيف، فلا يجوز أن يتمتّع بها العصاة؛ لأنّ في ذلك إعانةً على المعصية، وهو غير جائز.

ويجوز أداء صلاة الخوف في السّفر والحضر، والفرض، والنّفل غير المطلق، والأداء، والقضاء.

كيفيّة صلاة الخوف:

اختلف الفقهاء في كيفيّة صلاة الخوف؛ لتعدّد الرّوايات عن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في كيفيّتها، وأَخَذَ كلّ صفة من الصّفات الواردة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم طائفة من أهل العلم.

كما اختلفوا في عدد الأنواع الواردة عن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

قال ابن القصّار من المالكيّة: إنّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم صلّاها في عشرة مواطن.

قال الشّافعيّة: إنّ الأنواع الّتي جاءت في الأخبار ستّة عشر نوعاً، كما ذكر النّوويّ، وبعضها في صحيح مسلم، وبعضها في سنن أبي داود، وفي ابن حبّان منها تسعة.

وقال أحمد: أنّها وردت في ستّة أوجه أو سبعة.

ومنهم من أوصل أنواعها إلى أربعة وعشرين نوعاً، وكلّها جائز، فقال أحمد : كلّ حديث يروى في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز؛ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم صلّاها في مرّات، وأيّام مختلفة، وأشكال متباينة، يتحرّى في كلّها ما هو أحوط للصّلاة، وأبلغ في الحراسة، فهي على اختلاف صورها متّفقة في المعنى([692]).

عدد ركعات صلاة الخوف:

لا ينتقص عدد ركعات الصلاة بسبب الخوف.

فيصلي الإمام بهم ركعتين، إن كانوا مسافرين وأرادوا قصر الصلاة، أو كانت الصلاة من ذوات ركعتين، كصلاة الفجر، أو الجمعة.

ويصلي بهم ثلاثاً أو أربعاً إن كانت الصلاة من ذوات الثلاث، أو الأربع وكانوا مقيمين، أو مسافرين أرادوا الإتمام.

وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء، وهو قول عامة الصحابة.

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: "إن صلاة الخوف ركعة([693]).

بعض الأنواع المروية في صلاة الخوف:

الأول: صلاته صلى الله عليه وآله وسلم: بذات الرقاع، حيث يفرق الإمام الجيش إلى فرقتين: فرقة تحمل في وجه العدو، وفرقة ينحاز بها إلى حيث لا تبلغهم سهام العدو، فيفتتح بهم الصلاة، ويصلي بهم ركعة في الثنائية: الصبح والمقصورة، وركعتين في الثلاثية والرباعية، هذا القدر من هذه الكيفية اتفقت المذاهب الأربعة عليه.

واختلفوا فيما يفعل بعد ذلك، فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه إذا قام إلى الثانية في الثنائية، وإلى الثالثة في الثلاثية والرباعية خرج المقتدون عن متابعته، وأتموا الصلاة لأنفسهم، وذهبوا إلى وجه العدو، وتأتي الطائفة الحارسة.

ويطيل الإمام إلى لحوقهم، فإذا لحقوه صلى بهم الركعة الثانية في الثنائية، والثالثة في الثلاثية، والثالثة والرابعة في الرباعية من صلاته، فإذا جلس للتشهد قاموا وأتموا الصلاة، والإمام ينتظرهم، فإذا لحقوه سلم بهم.

إلا أن مالكاً قال: يسلم الإمام ولا ينتظرهم، فإذا سلم قضوا ما فاتهم من الصلاة من ركعة، أو ركعتين بفاتحة وسورة جهرا في الجهرية.

وقد اختار الشافعية هذه الصفة؛ لسلامتها من كثرة المخالفة، ولأنها أحوط لأمر القتال، وأقل مخالفة لقاعدة الصلاة([694]).

وقال أبو حنيفة: إذا قام إلى الثانية لم يتم المقتدون به الصلاةَ، بل يذهبون إلى مكان الفرقة الحارسة، وهم في الصلاة فيقفون سكوتا، وتأتي تلك الطائفة، وتصلي مع الإمام ركعته الثانية، فإذا سلم ذهبت إلى وجه العدو، وجاء الأولون إلى مكان الصلاة وأتموا أفذاذاً (أفراداً)، وجاءت الطائفة الأخرى، وصلوا ما بقي لهم من الصلاة وتشهدوا وسلموا([695])، وهو قول عند الشافعية.

الثاني: أن يجعل الإمام الجيش فرقتين: فرقة في وجه العدو، وفرقة يُحْرِم بها، يبدأ تكبيرة الإحرام بها، ويصلي بهم جميع الصلاة، ركعتين كانت، أم ثلاثا، أم أربعا، فإذا سلم بهم، ذهبوا إلى وجه العدو وجاءت الفرقة الأخرى فيصلي بهم تلك الصلاة مرة ثانية، وتكون له نافلة، ولهم فريضة، وهذه صلاته صلى الله عليه وآله وسلم ببطن نخل.

وتندب هذه الكيفية إذا كان العدو في غير جهة القبلة، وكان في المسلمين كثرة، والعدو قليل وخيف هجومهم على المسلمين([696])، ولا يقول بهذه الكيفية من الأئمة من لا يجيز اقتداء المفترض بالمنتفل.

الثّالث([697]): أن يرتّبهم الإمام صفّين، ويُحْرِم؛ يبدأ تكبيرة الإحرام بالجميع فيصلّون معاً، يقرأ ويركع، ويعتدل بهم جميعاً، ثمّ يسجد بأحدهما، وتَحْرُس الأخرى، حتّى يقوم الإمام من سجوده، ثمّ يسجد الآخرون، ويلحقونه في قيامه، ويفعل في الرّكعة الثّانية كذلك، ولكن يَحْرُس فيها مَن سجد معه أوّلاً، ويتشهّد، ويسلّم بهم جميعاً، وهذه صلاته صلى الله عليه وآله بعسفان.

ويشترط في استحباب هذه الكيفيّة: كثرة المسلمين، وكون العدوّ في جهة القبلة غير مستتر بشيء يمنع رؤيته.

وله أن يرتّبهم صفوفاً، ثمّ يحرس صفّان، فإن حرس بعض كلّ صفّ بالمناوبة جاز.

وكذا لو حرست طائفة في الرّكعتين؛ لحصول الغرض بكلّ ذلك.

والمناوبة أفضل؛ لأنّها الثّابتة في فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ولو تأخّر الصّفّ الثّاني الّذي حرس في الرّكعة الثّانية ليسجدوا، وتأخّر الصّفّ الأوّل الّذي سجد أوّلاً ليحرس ولم يمشوا أكثر من خطوتين كان أفضل؛ لأنّه الثّابت في الحديث الذي رواه الإمام مسلم.

هذه الصّفة رواها جابر، قال: شَهِدْتُ مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلاَةَ الْخَوْفِ، فَصَفَّنَا صَفَّيْنِ: صَفٌّ خَلْفَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ وَكَبَّرْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَرَفَعْنَا جَمِيعًا. ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ السُّجُودَ وَقَامَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ وَقَامُوا، ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُتَقَدِّمُ، ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَرَفَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ، وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي كَانَ مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ فَسَجَدُوا، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمْنَا جَمِيعًا([698]).

وهذه الأنواع الثّلاثة مستحبّة لا واجبة، فلو صلّوا فرادى أو انفردت طائفة من الإمام، أو صلّى الإمام ببعضهم كلّ الصّلاة، وبالباقين غيره جاز، ولكن تفوت فضيلة الجماعة على المنفرد([699]).

الرابع: صلاة شدة الخوف: إذا اشتد الخوف فمنعهم من صلاة الجماعة على الصفة المتقدمة ولم يُمْكن قَسْم الجماعة؛ لكثرة العدو، ورجوا انكشاف العدو قبل خروج الوقت المختار، بحيث يدركون الصلاة فيه، أخروا أداء الصلاة استحباباً.

فإذا بقي من الوقت ما يسع الصلاة صلوا إيماء، وإلا صلوا فرادى بقدر طاقتهم، فإن قدروا على الركوع والسجود فعلوا ذلك، أو صلوا مشاة أو ركباناً، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، ثم لا إعادة عليهم إذا أمنوا، لا في الوقت ولا بعده.

والأصل فيما ذكر قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [النساء: 102].

وقال ابن عمر رضي الله عنهما: فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالاً قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، أَوْ غَيْرِ مُسْتَقْبِلِيهَا، وزاد البخاري قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر قال ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم([700]).

وإن عجزوا عن الركوع والسجود أومئوا بهما، وأتوا بالسجود أخفض من الركوع. وهذا القدر متفق عليه بين الفقهاء([701]).

صلاة الجمعة في الخوف:

إذا حصل الخوف في بلد وحضرت صلاة الجمعة فلهم أن يصلوها على هيئة ذات الرقاع، وعسفان، ويشترط في الصلاة على هيئة صلاة ذات الرقاع:

1) أن يخطب بجميعهم، ثم يفرقهم فرقتين، أو يخطب بفرقة، ويجعل منها مع كل من الفرقتين أربعين فصاعدا، فلو خطب بفرقة وصلى بأخرى لم تصح.

2) أن تكون الفرقة الأولى أربعين فصاعدا، فلو نقصت عن أربعين لم تنعقد الجمعة، وإن نقصت الفرقة الثانية لم يضر للحاجة، والمسامحة في صلاة الخوف.

ولو خطب بهم وصلى بهم على هيئة صلاة الخوف بعسفان فهي أولى بالجواز، ولا تجوز على هيئة صلاة بطن نخل؛ إذ لا تقام جمعة بعد جمعة([702]).

الفصل السابع: أحكام الجنائز

التعريف:

الجنائز جمع جنازة بالفتح الميت، وبالكسر السرير الذي يوضع عليه الميت، وقيل عكسه، أو بالكسر: السرير مع الميت، فإن لم يكن عليه الميت فهو سرير ونعش وقيل: في كل منهما لغتان([703]).

أولا: أحكام المحتضر:

تعريف المحتضر وتوجيهه وتلقينه:

المحتضر([704]) هو من حضره الموت وملائكته، والمراد من قرب موته، وعلامة الاحتضار أن تسترخي قدماه فلا تنتصبان، ويعوج أنفه، وينخسف صدغاه، ويمتد جلد خصيتيه لانشمار الخصيتين بالموت، وتمتد جلدة وجهه فلا يرى فيها تعطف([705]).

ما ينبغي فعله بعد الموت:

اتفق الفقهاء على أنه إذا مات الميت شد لحياه، وغمضت عيناه، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على أبي سلمة، وقد شق بصره فأغمضه وقال: "إِذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ فَأَغْمِضُوا الْبَصَرَ"([706]).

ويتولى أرفق أهله به إغماضه بأسهل ما يقدر عليه، ويشد لحياه بعصابة عريضة يشدها في لحيه الأسفل ويربطها فوق رأسه([707]).

ويقول مغمضه: بسم الله، وعلى ملة رسول الله، اللهم يسر عليه أمره، وسهل عليه ما بعده، وأسعده بلقائك، واجعل ما خرج إليه خيرا مما خرج منه([708]).

ويلين مفاصله، ويرد ذراعيه إلى عضديه، ويرد أصابع كفيه، ثم يمدها، ويرد فخذيه إلى بطنه، وساقيه إلى فخذيه، ثم يمدها، وهو أيضا مما اتفق عليه([709]).

ويستحب أن ينزع عنه ثيابه التي مات فيها، ويسجى جميع بدنه بثوب، فعن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ([710]).

ويترك على شيء مرتفع من لوح أو سرير؛ لئلا تصيبه نداوة الأرض فيتغير ريحه، ويجعل على بطنه حديد، أو طين يابس، لئلا ينتفخ، وهذا متفق عليه في الجملة([711]).

الإعلام بالموت:

يستحب أن يعلم جيران الميت وأصدقاؤه حتى يؤدوا حقه بالصلاة عليه والدعاء له، وإليه ذهب الحنفية والشافعية([712])، ويشهد له أن أبا هريرة كان يؤذن بالجنازة فيمر بالمسجد فيقول: عبد الله دعي فأجاب، أو أمة الله دعيت فأجابت([713]).

وعند الحنابلة لا بأس بإعلام أقاربه وإخوانه من غير نداء([714]).

وقال ابن العربي من المالكية: يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات([715]):

الأولى: إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح فهذا سنة.

والثانية: الدعوة للمفاخرة بالكثرة فهذا مكروه.

والثالثة: الإعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك فهذا محرم.

قضاء الدين:

يستحب أن يسارع إلى قضاء دينه أو إبرائه منه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ"([716]).

تجهيز الميت:

اتفق الفقهاء على أنه إن تيقن الموت يبادر إلى التجهيز ولا يؤخر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "لاَ يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَيْ أَهْلِهِ"([717]).

غسل الميت: هو تعميم بدن الميت بالماء بطريقة مسنونة.

الحكم التكليفي:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن تغسيل الميت المسلم واجب كفاية، بحيث إذا قام به البعض سقط عن الباقين؛ لحصول المقصود بالبعض، كسائر الواجبات على سبيل الكفاية([718])؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ"، وعَدَّ منها: "أَنْ يُغَسِّلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ"([719]).

والأصل فيه: تَغْسِيل الْمَلاَئِكَةِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لآِدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. ثُمَّ قَالُوا: يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ([720]).

شروط الغاسل:

ينبغي أن يكون الغاسل ثقة أميناً، وعارفا بأحكام الغسل؛ لحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لِيُغَسِّل مَوْتَاكُمُ الْمَأْمُونُونَ"([721]).

عدد الغسلات وكيفيتها([722]):

قبل أن يبدأ الغاسل بتغسيل الميت يزيل عنه النجاسة، ويندب عصر البطن حالة الغسل، في أول الغسل.

ويلف الغاسل على يده خرقة خشنة يمسحه بها، لئلا يمس عورته.

ثم يوضئه وضوءه للصلاة، ولا يدخل الماء في فيه ولا أنفه، وإن كان فيهما أذى أزاله بخرقة يبلها ويجعلها على أصبعه، فيمسح أسنانه وأنفه حتى ينظفهما، وهذا عند الحنفية والحنابلة.

وأما عند المالكية والشافعية فلا يغني ذلك عن المضمضة والاستنشاق، ويميل رأس الميت حتى لا يبلغ الماء بطنه.

وبعد الوضوء يجعله على شقه الأيسر فيغسل الأيمن، ثم يديره على الأيمن فيغسل الأيسر، وذلك بعد تثليث غسل رأسه ولحيته.

والواجب في غسل الميت مرة واحدة، ويستحب أن يغسل ثلاثا كل غسلة بالماء والسدر، أو ما يقوم مقامه، ويجعل في الأخيرة كافوراً، أو غيره من الطيب إن أمكن.

وإن رأى الغاسل أن يزيد على ثلاث غسله خمسا أو سبعا، ويستحب أن لا يقطع إلا على وتر.

والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لغاسلات ابنته زينب رضي الله عنها: "ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا، وَاغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآْخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ"([723]).

ما يصنع بالميت قبل التغسيل وبعده:

يرى جمهور الفقهاء أن استعمال البخور عند تغسيل الميت مستحب، لئلا تشم منه رائحة كريهة، ويزداد في البخور عند عصر بطنه([724]).

وأما تسريح الشعر، وتقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف الإبط، فلا يفعل شيء من ذلك عند جمهور الفقهاء([725]).

وإذا فرغ الغاسل من تغسيل الميت نشفه بثوب، لئلا تبتل أكفانه([726]).

من يجوز لهم تغسيل الميت:

أ - الأحق بتغسيل الميت([727]):

الأصل أنه لا يغسل الرجال إلا الرجال، ولا النساء إلا النساء؛ لأن نظر النوع إلى النوع نفسه أهون، وحرمة المس ثابتة حالة الحياة، فكذا بعد الموت.

ويقدم الحي من الزوجين في غسل صاحبه على العصبة، ثم الأقرب فالأقرب من عصبته، ثم امرأة محرمة كأم وبنت.

وإن كان الميت امرأة، ولم يكن لها زوج، أو كان وأسقط حقه، يغسلها أقرب امرأة إليها فالأقرب، ثم أجنبية، ثم رجل محرم.

وذهب الحنابلة إلى أن الأولى بالتغسيل وصي الميت إذا كان عدلاً، وبعد وصيه أبوه وإن علا، ثم ابنه وإن نزل، ثم الأقرب فالأقرب كالميراث، ثم الأجانب، فيقدم صديق الميت، وبعد وصيها أمها وإن علت، فبنتها وإن نزلت، فبنت ابنها وإن نزل، ثم القربى فالقربى.

ب - تغسيل المرأة لزوجها([728]):

لا خلاف بين الفقهاء في أن للمرأة تغسيل زوجها، إذا لم يحدث قبل موته ما يوجب البينونة. فإن ثبتت البينونة بأن طلقها بائناً، أو ثلاثاً ثم مات، لا تغسله.

وأضاف الشافعية أنه إن طلقها رجعياً - ومات أحدهما في العدة - لم يكن للآخر غسله عندهم لتحريم النظر في الحياة.

والأصل في جواز تغسيل الزوجة لزوجها ما روي أن عائشة رضي الله عنها قالت: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه([729]).

ج - تغسيل الزوج لزوجته:

ذهب الحنفية في الأصح، وهو رواية عن أحمد إلى أنه ليس للزوج غسلها؛ لأن الموت فرقة تبيح أختها وأربعاً سواها، فحَرَّمت الفرقة النظر واللمس؛ كالطلاق([730]).

ويرى المالكية والشافعية، وهو المشهور عند الحنابلة أن للزوج غسل امرأته؛ لأن علياً رضي الله عنه غَسَّل فاطمة رضي الله عنها، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكروه، فكان إجماعاً.

من يغسل من الموتى ومن لا يغسل:

أ - تغسيل الشهيد([731]):

اتفق الفقهاء على أن الشهيد لا يغسل، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في شهداء أحد: "ادْفِنُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ"([732]).

ب - تغسيل الجنين إذا استهل:

إذا خرج المولود حياً، أو حصل منه ما يدل على حياته من بكاء أو تحريك عضو أو طرف أو غير ذلك، فإنه يغسل بالإجماع([733]).

ج - تغسيل جزء من بدن الميت:

إذا بان من الميت شيء غسل وحمل معه في أكفانه بلا خلاف([734]).

وأما تغسيل بعض الميت، فذهب الحنفية والمالكية إلى أنه إن وجد الأكثر غسل، وإلا فلا([735]).

وذهب الشافعية: وهو المذهب عند الحنابلة إلى أنه يغسل سواء في ذلك أكثر البدن وأقله([736]).

دفن الميت من غير غسل:

لو دفن الميت بغير غسل، ولم يهل عليه التراب، فلا خلاف أنه يخرج ويغسل([737]).

وأما بعده، فذهب الحنفية، وهو قول للشافعية إلى أنه لا ينبش لأجل تغسيله؛ لأن النبش مثلة، وقد نهي عنها، ولما فيه من الهتك([738]).

ويرى المالكية، وهو الصحيح لدى الشافعية والحنابلة أنه ينبش ويغسل ما لم يتغير، ويخاف عليه أن يتفسخ([739]).

تكفين الميت:

التكفين: مصدر كَفَّنَ، ومثله الكفن، ومعناهما في اللغة: التغطية والستر، ومنه: سمي كفن الميت؛ لأنه يستره([740])، ومنه: تكفين الميت أي لفه بالكفن([741]). ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن ذلك.

الحكم التكليفي:

اتفق الفقهاء على أن تكفين الميت بما يستره فرض على الكفاية([742])؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ؛ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ"([743]).

صفة الكفن([744]):

ذهب الفقهاء إلى أن الميت يكفن - بعد طهره - بشيء من جنس ما يجوز له لبسه في حال الحياة، فيكفن في الجائز من اللباس.

ولا يجوز تكفين الرجل بالحرير، وأما المرأة فيجوز تكفينها فيه عند جمهور الفقهاء، لأنه يجوز لها لبسه في الحياة، لكن مع الكراهة؛ لأن فيه سرفا ويشبه إضاعة المال، بخلاف لبسها إياه في الحياة، فإنه مباح شرعاً.

وعند الحنابلة يحرم التكفين فيه عند عدم الضرورة ذكراً كان الميت أو أنثى؛ لأنه إنما أبيح الحرير للمرأة حال الحياة، لأنها محل زينة وقد زال بموتها.

ويحرم التكفين بالجلود؛ لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بِنَزْعِ الْجُلُودِ عَنِ الشُّهَدَاءِ، وَأَنْ يُدْفَنُوا فِي ثِيَابِهِمْ([745]).

أنواع الكفن:

ذهب الحنفية إلى أن الكفن ثلاثة أنواع:

1 - كفن السنة.

2 - كفن الكفاية.

3 - كفن الضرورة.

أ - كفن السنة: هو أكمل الأكفان، وهو للرجل ثلاثة أثواب: إزار وقميص ولفافة؛ لحديث جابر بن سمرة، فإنه قال: كفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ثلاثة أثواب: قميص وإزار ولفافة([746]).

وللمرأة خمسة أثواب: قميص وإزار وخمار ولفافة وخرقة تربط فوق ثدييها، لحديث أم ليلى بنت قانف الثقفية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ناول اللواتي غسلن ابنته في كفنها ثوبا ثوبا حتى ناولهن خمسة أثواب([747]).

ب - كفن الكفاية: هو أدنى ما يلبس حال الحياة، وهو ثوبان للرجل في الأصح، لقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين حضره الموت: كفنوني في ثوبي هذين اللذين كنت أصلي فيهما، واغسلوهما، فإنهما للمهل والتراب، ويكره أن يكفن في ثوب واحد؛ لأن في حالة الحياة تجوز صلاته في ثوب واحد مع الكراهة، فكذا بعد الموت.

وأما المرأة فأقل ما تكفن فيه ثلاثة أثواب: إزار ورداء وخمار؛ لأن معنى الستر في حالة الحياة يحصل بثلاثة أثواب، حتى يجوز لها أن تصلي فيها وتخرج، فكذا بعد الموت، ويكره أن تكفن المرأة في ثوبين.

ج - الكفن الضروري للرجل والمرأة: هو مقدار ما يوجد حال الضرورة أو العجز بأن كان لا يوجد غيره، وأقله ما يعم البدن([748]).

وأقل الكفن عند المالكية([749]): ثوب واحد، وأكثره سبعة.

ويستحب الوتر في الكفن، والأفضل أن يكفن الرجل بخمسة أثواب، وهي: القميص والعمامة والإزار ولفافتان، ويكره أن يزاد للرجل عليها.

والأفضل أن تكفن المرأة في سبعة أثواب؛ درع وخمار وإزار وأربع لفائف، وندب خمار يلف على رأس المرأة ووجهها بدل العمامة للرجل، وندب عذبة قدر ذراع تجعل على وجه الرجل.

 وقال الشافعية: أقل الكفن ثوب واحد وهو ما يستر العورة. وفي قدر الثوب الواجب وجهان: أحدهما: ما يستر العورة، وهي ما بين السرة والركبة في الرجل، وما عدا الوجه والكفين في المرأة، والثاني: ما يستر جميع بدنه إلا رأس المحرم ووجه المحرمة([750]).

والمستحب أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب: إزار ولفافتين بيض، ليس فيها قميص ولا عمامة([751])، لما روت عائشة رضي الله عنها، قالت: كُفِّنَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ([752]) لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ([753]).

وأما المرأة فإنها تكفن عند الشافعية في خمسة أثواب: إزار ودرع (قميص) وخمار ولفافتين؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كفن فيها ابنته أم كلثوم. لما روت أم عطية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ناولها إزاراً ودرعاً وخماراً وثوبين([754]).

وقال الحنابلة([755]): الكفن الواجب ثوب يستر جميع بدن الميت رجلاً كان أو امرأة، والأفضل أن يكفن الرجل في ثلاث لفائف، وتكره الزيادة على ثلاثة أثواب في الكفن لما فيه من إضاعة المال، وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه.

ويجوز التكفين في ثوبين لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المحرم الذي وقصته دابته: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ"([756]).

كيفية تكفين الرجل([757]):

تؤخذ أحسن اللفائف وأوسعها فتبسط أولاً؛ ليكون الظاهر للناس حسنها، فإن هذا عادة الحي يجعل الظاهر أفخر ثيابه.

ثم تبسط الثانية التي تليها في الحسن والسعة عليها.

ثم تبسط فوقهما الثالثة.

ويؤخذ قطن ويجعل بين أليتيه ويشد عليه كما يشد التبان([758]).

ويستحب أن يؤخذ القطن ويترك على الفم والمنخرين والعينين والأذنين وعلى جراح نافذة إن وجدت عليه ليخفى ما يظهر من رائحته، كل ذلك مع الحنوط والكافور، كما يُعطَّر مواضع السجود مع جعل قطن عليها.

ويستحب أن يحنط رأسه ولحيته بالكافور كما يفعل الحي إذا تطيب، ثم يلف الكفن عليه بأن يثنى من الثوب الذي يلي الميت طرفه الذي يلي شقه الأيسر على شقه الأيمن، والذي يلي الأيمن على الأيسر، كما يفعل الحي بالقباء، ثم يلف الثاني والثالث كذلك، وإذا لف الكفن عليه جمع الفاضل عند رأسه جمع العمامة، ورد على وجهه وصدره إلى حيث بلغ، وما فضل عند رجليه يجعل على القدمين والساقين، ثم تشد الأكفان عليه خيفة انتشارها عند الحمل.

فإذا وضع في القبر حل الشداد، هذا عند الشافعية والحنابلة.

أما عند الحنفية فكذلك إلا أنه يلبس القميص أولا إن كان له قميص ثم يعطف الإزار عليه بمثل ما سبق ثم تعطف اللفافة وهي الرداء كذلك.

أما عند المالكية فيكون الإزار من فوق السرة إلى نصف الساق تحت القميص واللفائف فوق ذلك على ما تقدم ويزاد عليها الحفاظ وهي خرقة تشد على قطن بين فخذيه خيفة ما يخرج من المخرجين، واللثام وهو خرقة توضع على قطن يجعل على فمه وأنفه خيفة ما يخرج منهما.

كيفية تكفين المرأة:

عند الحنفية([759]): تبسط لها اللفافة والإزار على ما تقدم في الرجل، ثم توضع على الإزار وتُلْبَس الدرع، ويجعل شعرها ضفيرتين على صدرها فوق الدرع، ويسدل شعرها ما بين ثدييها من الجانبين جميعاً تحت الخمار، ولا يسدل شعرها خلف ظهرها، ثم يجعل الخمار فوق ذلك، ثم يعطف الإزار واللفافة كما قالوا في الرجل، ثم تربط الخرقة فوق الأكفان فوق الثديين والبطن.

وذهب المالكية([760]): إلى أنها تلبس الإزار من تحت إبطيها إلى كعبيها، ثم تلبس القميص، ثم تخمر بخمار يخمر به رأسها ورقبتها، ثم تلف بأربع لفائف، ويزاد عليها الحفاظ واللثام.

وعند الشافعية([761]): تؤزر بإزار، ثم تلبس الدرع، ثم تخمر بخمار، ثم تدرج في ثوبين، ويُشَدَّ على صدرها ثوبٌ ليَضُم ثيابها فلا تنتشر.

وعند الحنابلة([762]): تشد الخرقة على فخذيها أولاً، ثم تؤزر بالمئزر، ثم تلبس القميص، ثم تخمر بالمقنعة ثم تلف بلفافتين على الأصح.

تكفين الشهيد:

ذهب الحنفية([763]): إلى أن شهيد المعركة يكفن في ثيابه، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ"، وقد روي "فِي ثِيَابِهِمْ"([764]).

وعند المالكية([765]): يدفن شهيد المعركة بثيابه التي مات فيها وجوباً.

وعند الحنابلة([766]): يجب دفن شهيد المعركة في ثيابه التي قتل فيها.

وعند الشافعية([767]): يكفن شهيد المعركة ندباً في ثيابه؛ لقول جابر رضي الله عنه: رمي رجل بسهم في صدره أو في حلقه فمات فأدرج في ثيابه كما هو، قال: ونحن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم([768]).

وأما شهداء غير المعركة كالغريق والحريق والمبطون والغريب فيكفن كسائر الموتى وذلك باتفاق جميع الفقهاء([769]).

إعداد الكفن مقدماً([770]):

عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا... فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ، فَقَال: أَكْسِنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا. قَال الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ، قَال: إِنِّي وَاَللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لأِلْبَسَهَا، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي، قَال سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ([771]).

وهذا الحديث دليل على الجواز، لعدم إنكار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لذلك.

حمل الجنازة:

أجمع الفقهاء على أن حمل الجنازة فرض على الكفاية، ويجوز الاستئجار على حمل الجنازة([772]).

ويسرع بالميت([773]) وقت المشي، بحيث لا يضطرب الميت على الجنازة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ"([774]).

تشييع الجنازة([775]):

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن تشييع الرجال للجنازة سنة؛ لحديث البراء بن عازب: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتباع الجنائز([776]).

والأمر هنا للندب لا للوجوب للإجماع([777]).

الصلاة على الجنازة([778]):

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الصلاة على الجنازة فرض على الكفاية.

واختلف فيه قول المالكية فقال ابن عبد الحكم: فرض على الكفاية وهو قول سحنون، وعليه الأكثر وشهره الفاكهاني، وقال أصبغ: سنة على الكفاية.

ونص الحنفية والشافعية والحنابلة على أن الجماعة ليست شرطاً لصحة الصلاة على الجنازة وإنما هي سنة.

وقال المالكية: من شرط صحتها الجماعة كصلاة الجمعة، فإن صلي عليها بغير إمام أعيدت الصلاة ما لم يفت ذلك.

أركان صلاة الجنازة([779]):

عند الحنفية: التكبيرات والقيام، فلا تصح من القاعد أو الراكب من غير عذر، فلو تعذر النزول بسبب طين ومطر غزير ونحوه جاز أن يصلي عليها راكباً؛ استحساناً.

وعند المالكية: أركانها خمسة: أولها: النية: ثانيها: أربع تكبيرات، ثالثها: دعاء بينهن، وأما بعد الرابعة فإن أحب دعا وإن أحب لم يدع، رابعها: تسليمة واحدة يجهر بها الإمام بقدر التسميع، خامسها: قيام لها لقادر.

وعند الشافعية: أركانها النية، والتكبيرات، وقراءة الفاتحة، والصلاة على النبي، وأدنى الدعاء للميت، والتسليمة الأولى، وكذلك يجب القيام على المذهب إن قدر عليه، فلو صلوا جلوسا من غير عذر أو ركبانا أعادوا.

وعند الحنابلة: أركانها قيام لقادر في فرضها، وتكبيرات أربع، وقراءة الفاتحة على غير المأموم، والصلاة على النبي، وأدنى دعاء لميت (ويتجه) يخصه به بنحو اللهم ارحمه (فلا يكفي قوله: اللهم اغفر لحينا وميتنا) وسلام، وترتيب.

صفة صلاة الجنازة([780]):

مذهب الحنفية أن الإمام يقوم في الصلاة على الجنازة بحذاء الصدر من الرجل والمرأة، وهذا أحسن مواقف الإمام من الميت للصلاة عليه، وإن وقف في غيره جاز.

وعند المالكية يندب أن يقف الإمام وسط الرجل وحذو منكبي غيره.

ومذهب الشافعية أن الإمام يقوم ندبا عند رأس الرجل، وعجيزة المرأة؛ لما روي أن أنساً صلى على رجل فقام عند رأسه، وعلى امرأة فقام عند عجيزتها([781]).

وقال الحنابلة: يقوم عند صدر رجل، وقيل عند رأسه، ووسط امرأة، لحديث أنس وفيه: أنه صلى على امرأة فقام وسط السرير.

وينوي الإمام والمأمومون، ثم يكبر ومن خلفه أربع تكبيرات، وهو متفق عليه عند الفقهاء.

قال الحنفية: فإذا كبر الأولى مع رفع يديه أثنى على الله، وعند الشافعية والحنابلة إذا كبر الأولى تعوذ وسمى وقرأ الفاتحة، وقال الحنفية والمالكية: ليس في صلاة الجنازة قراءة.

وإذا كبر الثانية يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي الصلاة الإبراهيمية التي يأتي بها في القعدة الأخيرة من ذوات الركوع، وإذا كبر الثالثة يدعو للميت ويستغفر له كما تقدم، ثم يكبر الرابعة ولا دعاء بعد الرابعة، وهو ظاهر مذهب الحنفية ومذهب الحنابلة، وقيل عند الحنفية: يقول: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً...} [البقرة: 201]، وقيل: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا...} [آل عمران: 8]، وعند الشافعية والمالكية يدعو بعد الرابعة.

ثم يسلم تسليمة واحدة أو تسليمتين.

الصلاة على جنائز مجتمعة([782]):

اتفق الفقهاء على أنه إذا اجتمعت جنائز يجوز أن يصلى عليهم مجتمعين، أو فرادى.

ثم قال الحنفية: إن صلى عليهم دفعة فإن شاء جعلهم صفاً واحداً عرضاً، وإن شاء وضع واحداً بعد واحد مما يلي القبلة ليقوم بحذاء الكل، هذا جواب ظاهر الرواية.

وقال مالك: أرى ذلك واسعاً، إن جعل بعضهم خلف بعض، أو جُعلِوا صفاً واحداً، ويقوم الإمام وسط ذلك ويصلي عليهم.

وقال الشافعية - في الأصح عندهم - والحنابلة: إن الجنائز توضع أمام الإمام بعضها خلف بعض، والقول الثاني عند الشافعية: أنها توضع بين يدي الإمام صفاً واحداً عن يمينه فيقف هو في محاذاة الآخر منهم.

الصلاة على القبر([783]):

لو دفن الميت قبل الصلاة أو قبل الغسل فإنه يصلى عليه وهو في قبره ما لم يعلم أنه تمزق، وهذا مذهب الحنفية.

وقال مالك: لا يصلى على القبر كما في بداية المجتهد، وفي مقدمات ابن رشد: إن دفن قبل أن يصلى عليه أخرج وصلي عليه ما لم يفت، فإن فات صلي عليه في قبره.

وعند الشافعية يجوز الصلاة على المقبور لكل من فاتته الصلاة عليه قبل دفنه.

وعند أحمد يجوز لمن فاتته الصلاة على الميت أن يصلي على قبره إلى شهر من دفنه وزيادة يسيرة كيومين ويحرم بعدها.

الصلاة على الجنازة في المسجد([784]):

مذهب الحنفية أنه تجوز الصلاة على الجنازة في الجبانة والأمكنة والدور وهي فيها سواء، ويكره في الشارع وأراضي الناس، وكذا تكره في المسجد الذي تقام فيه الجماعة سواء كان الميت والقوم في المسجد، أو كان الميت خارج المسجد والقوم في المسجد، أو الميت في المسجد، والإمام والقوم خارج المسجد، وهو المختار.

وقال مالك: أكره أن توضع الجنازة في المسجد، فإن وضعت قرب المسجد للصلاة عليها فلا بأس أن يصلي من في المسجد عليها بصلاة الإمام الذي يصلي عليها إذا ضاق خارج المسجد بأهله.

وقال الشافعية: تندب الصلاة على الميت في المسجد إذا أمن تلويثه، أما إذا خيف تلويث المسجد فلا يجوز إدخاله، وحجة جواز الصلاة على الجنازة في المسجد؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى فيه على سهل وسهيل ابني بيضاء([785]).

وقال الحنابلة: تباح الصلاة على الجنازة في المسجد مع أمن تلويث، فإن لم يؤمن لم يجز.

التعزية، والرثاء، وزيارة القبور ونحو ذلك:

إذا فرغوا من دفن الميت يستحب الجلوس (المكث) عند قبره بقدر ما ينحر جزور ويقسم لحمه، فعن عمرو بن العاص أنه قال: إذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي([786])، يتلون القرآن ويدعون للميت.

وعن عثمان رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: "اسْتَغْفِرُوا لأَِخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الآْنَ يُسْأَل"([787]).

وكان ابن عمر يستحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها([788]).

والتلقين بعد الدفن لا يؤمر به وينهى عنه.

وظاهر الرواية عند الحنفية يقتضي النهي عنه، وبه قالت المالكية فقد ذهبوا إلى أن التلقين بعد الدفن وحاله مكروه، وإنما يندب حال الاحتضار فقط.

واستحبه الشافعية فقالوا: والتلقين هنا أن يقول الملقن مخاطبا للميت: يا فلان بن فلانة، إن كان يعرف اسم أمه وإلا نسبه إلى حواء عليها السلام، ثم يقول بعد ذلك: اذكر العهد الذي خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن الجنة حق، والنار حق، وأن البعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأنك رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبياً، وبالقرآن إماماً، وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخواناً([789]).

وقال الحنابلة: استحب الأكثر تلقينه، فيقوم عند رأسه بعد تسوية التراب([790]).

ويستحب التعزية للرجال والنساء([791])؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ عَزَّى أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ حُلَل الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"([792]).

صنع الطعام لأهل الميت:

ذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه([793]): يستحب لجيران الميت والأباعد من قرابته تهيئة طعام لأهل الميت يشبعهم يومهم وليلتهم؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "اصْنَعُوا لآِل جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ"([794])، ويلح عليهم في الأكل؛ لأن الحزن يمنعهم فيضعفهم.

ويسن ذلك عند الحنابلة ثلاثاً لأهل الميت، لا لمن يجتمع عندهم، فإنه يكره لهم، إلا أن يكونوا ضيوفاً.

وصول ثواب الأعمال للغير([795]):

ومن صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة.

واستثنى مالك والشافعي العبادات البدنية المحضة، كالصلاة والتلاوة، فلا يصل ثوابها إلى الميت عندهما، ومقتضى تحرير المتأخرين من الشافعية انتفاع الميت بالقراءة، لا حصول ثوابها له.

وقال ابن قدامة: وأي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إن شاء الله، أما الدعاء والاستغفار والصدقة وأداء الواجبات فلا أعلم فيه خلافا إذا كانت الواجبات مما يدخله النيابة، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 10]، وقال تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19]، وسأل رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت فينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم([796]).

وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: "أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ"؟ قالت: نعم، قال: "فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى"([797]).

فهذه أحاديث فيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب؛ لأن الصوم والحج والدعاء والاستغفار عبادات بدنية وقد أوصل الله نفعها إلى الميت فكذلك ما سواها.

وقال الشافعي: ما عدا الواجب والصدقة والدعاء والاستغفار لا يفعل عن الميت، ولا يصل ثوابه إليه؛ لقول الله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} [النجم: 39]، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ"([798])، ولأن نفعه لا يتعدى فاعله، فلا يتعدى ثوابه.

وقال بعضهم: إذا قرئ القرآن عند الميت أو أهدي إليه ثوابه كان الثواب لقارئه، ويكون الميت كأنه حاضرها وترجى له الرحمة([799]).

 

([1]) أخرجه مسلم (2/1054 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.

([2]) فتح القدير 1/191 دار إحياء التراث العربي، مواهب الجليل 1/377، دار الفكر 1978م مغني المحتاج 1/120، كشاف القناع 1/221.

([3]) أخرجه البخاري (الفتح 1/49 - ط السلفية) ومسلم (1/45 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر واللفظ المذكور للبخاري.

([4]) أخرجه مسلم (1/88 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.

([5]) أخرجه الترمذي (2831).

([6]) أخرجه الترمذي (5/12 - ط الحلبي) من حديث معاذ بن جبل وقال: حديث حسن صحيح.

([7]) أخرجه الترمذي (2/270 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة وحسنه.

([8]) أخرجه ابن ماجه (2/900 - 901 - ط الحلبي) من حديث أنس بن مالك وحسنه البوصيري في مصباح الزجاجة (2/95 - ط دار الجنان).

([9]) أخرجه أحمد (5/215 - ط الميمنية) من حديث أبي أمامة وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (7/218 - ط القدسي) قال: رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح.

([10]) أخرجه أحمد (5/262 - ط. الميمنية) والحاكم (1/9 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي أمامة، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، والسياق لأحمد.

([11]) حاشية ابن عابدين 1/234، بدائع الصناع 1/89 وما بعدها، دار الكتاب العربي 1982م، وحاشية العدوي على الرسالة 1/211 دار المعرفة، مغني المحتاج 1/121، كشاف القناع 1/222.

([12]) حاشية ابن عابدين 1/234، حاشية العدوي على الرسالة 1/211 دار المعرفة، مغني المحتاج 1/130، كشاف القناع 1/222، 223.

([13]) حاشية ابن عابدين 1/234، حاشية الدسوقي 1/201، شرح روض الطالب 1/121، كشاف القناع 1/222.

([14]) أخرجه أبو داود (4/558 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (2/59 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عائشة، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ولفظ "المعتوه" عند الحاكم.

([15]) حاشية ابن عابدين 1/234، 235، حاشية الدسوقي 1/186، مغني المحتاج 1/131، شرح روض الطالب 1/121، كشاف القناع 1/225.

([16]) أخرجه أبو داود (1/324 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وحسنه النووي في رياض الصالحين (ص 171 - ط. الرسالة).

([17]) أخرجه الدارقطني (1/127 - ط دار المحاسن) من حديث أنس ابن مالك، واختلف في وصله وإرساله وذكره ابن أبي حاتم في علل الحديث (1/26 - ط السلفية) بطريق رجح فيه وصله.

([18]) أخرجه البخاري (الفتح 1/409 - ط السلفية) ومسلم (1/262 - ط. الحلبي) من حديث عائشة بألفاظ متقاربة.

([19]) أخرجه الترمذي (2/178 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر، وقال الترمذي: إسناده ليس بذلك القوي.

([20]) حاشية ابن عابدين 1/270، بدائع الصنائع 1/114، 115، حاشية الدسوقي 1/200، مغني المحتاج 1/188، وكشاف القناع 1/288.

([21]) بدائع الصنائع 1/114 دار الكتاب العربي 1982م حاشية ابن عابدين 1/296 دار التراث العربي، وحاشية الدسوقي 1/201، دار الفكر، مغني المحتاج 1/187، كشاف القناع 1/248.

([22]) أخرجه مسلم (1/204 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر.

([23]) أخرجه الترمذي (1/9 - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب.

([24]) أخرجه الترمذي (1/178 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة وأشار الترمذي إلي تضعيفه.

([25]) بدائع الصنائع 1/116، حاشية ابن عابدين 1/270، حاشية الدسوقي 1/211، مغني المحتاج 1/184، كشاف القناع 1/263.

([26]) تفسير القرطبي 7/189، ط. دار الكتب المصرية 196م.

([27]) أخرجه أبو داود (1/421 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (2/215 ط. الحلبي) من حديث عائشة، واللفظ لأبي داود وقال الترمذي: حديث حسن.

([28]) بدائع الصنائع 1/117، حاشية ابن عابدين 1/286، حاشية الدسوقي 1/222، مغني المحتاج 1/184، كشاف القناع 1/302.

([29]) أخرجه البخاري (الفتح 1/506 - ط السلفية) ومسلم. 1/375 - ط. الحلبي).

([30]) أخرجه الترمذي (1/279 - 280 ط الحلبي) من حديث ابن عباس، وقال: حديث حسن صحيح.

([31]) حاشية ابن عابدين 1/247، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 117، حاشية الدسوقي 1/181، مغني المحتاج 1/184، كشاف القناع 1/257.

([32]) حاشية ابن عابدين 1/297، وما بعدها، كشاف القناع 1/385 وما بعدها، مطالب أولي النهى 1/493 وما بعدها.

([33]) حاشية الدسوقي 1/231 وما بعدها، كفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي 1/225 دار المعرفة، مغني المحتاج 1/148، شرح روض الطالب 1/140.

([34]) أخرجه البخاري (الفتح 1/9 - ط السلفية) من حديث عمر بن الخطاب.

([35]) حاشية الدسوقي 1/233 دار الفكر، مغني المحتاج 1/148، كشاف القناع 1/313.

([36]) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 40، والمغني لابن قدامة 1/111 ط - المنار، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1/86 مكتبة النصر الحديثة، الرياض، والمجموع 1/316، والجمل على شرح المنهج 1/103، ومواهب الجليل 1/231، والذخيرة ص 235، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 30، ونيل المآرب 1/130.

([37]) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 45 - 48، والذخيرة 1/240 ط دار الغرب، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 30، والمغني لابن قدامة 1/465، 2/638 ط الرياض، والمجموع للنووي 2/316 - 317.

([38]) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 45 - 48، والذخيرة 1/240 ط دار الغرب، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 30، والمغني لابن قدامة 1/465، 2/638 ط الرياض، والمجموع للنووي 2/316 - 317.

([39]) أخرجه مسلم (1/357 - ط الحلبي).

([40]) أخرجه البخاري (الفتح 2/277 ط السلفية 9 ومسلم (1/298 ط الحلبي).

([41]) حاشية الدسوقي 1/231، مغني المحتاج 1/150، كشاف القناع 1/330.

([42]) التعريفات الفقهية للبركتي المجددي ص 235، وتحفة الفقهاء 1/215 ط جامعة دمشق والبناية 2/121.

([43]) أخرجه البخاري (الفتح 2/587 - ط السلفية).

([44]) مراقي الفلاح ص 119، والمغني لابن قدامة 1/461، ونهاية المحتاج 1/441، والمجموع 3/295.

([45]) حاشية الدسوقي 1/231، مغني المحتاج 1/153، كشاف القناع 1/385.

([46]) أخرجه البخاري (الفتح 2/587 - ط السلفية).

([47]) الدر المختار ورد المحتار 1/414 ط. الأميرية، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1/231، ونهاية المحتاج 1/347، ومغني المحتاج 1/153، 154، وكشاف القناع 1/451، والمغني 1/463.

([48]) أخرجه البخاري (الفتح 2/586 - ط السلفية) من حديث عمران بن حصين.

([49]) أخرجه البخاري (الفتح 2/237 - ط السلفية) ومسلم (1/295 - ط. الحلبي). من حديث عبادة من الصامت.

([50]) أخرج هذه الرواية الدارقطني (1/322 - ط شركة الطباعة الفنية) ونقل ابن حجر في التلخيص (1/231 - ط شركة الطباعة الفنية) أنه صححها.

([51]) أخرجه البخاري (الفتح 2/111 - ط السلفية) من حديث مالك بن الحويرث.

([52]) أخرجه البخاري (الفتح 2/277 - ط السلفية) ومسلم. 1/298 - ط. الحلبي).

([53]) حاشية الدسوقي 1/239، مغني المحتاج 1/163، كشاف القناع 1/386.

([54]) حاشية الدسوقي 1/241، مغني المحتاج 1/165، شرح روض الطالب 1/157، كشاف القناع 1/387، مطالب أولي النهى 1/466، 495.

([55]) أخرجه البخاري (الفتح 2/30 5 - ط السلفية).

([56]) حاشية الدسوقي 1/239، شرح روض الطالب 1/160، مغني المحتاج 1/169، كشاف القناع 1/351، مطالب أولي النهى 1/449.

([57]) أخرجه البخاري (الفتح 2/297 - ط السلفية) ومسلم (1/354 - الحلبي) من حديث ابن عباس.

([58]) أخرجه مسلم (1/355 - ط الحلبي) من حديث العباس ابن عبد المطلب.

([59]) أخرجه أحمد (1/287 - ط الميمنية) من حديث ابن عباس. وإسناده حسن.

([60]) أخرجه أبو داود (1/553 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1/226 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

([61]) حاشية الدسوقي 1/240 وما بعدها، مغني المحتاج 1/171، كشاف القناع 1/353، 387، مطالب أولي النهى 1/497.

([62]) أخرجه مسلم (1/385 - ط الحلبي).

([63]) حاشية الدسوقي 1/240، مغني المحتاج 1/172، كشاف القناع 1/388، مطالب أولي النهى 1/499.

([64]) حاشية الدسوقي 1/243، مغني المحتاج 1/172، كشاف القناع 1/388، مطالب أولي النهى 1/499.

([65]) أخرجه البخاري (الفتح 11/131 ط. السلفية) من حديث ابن مسعود.

([66]) أخرجه النسائي (3/40 - ط دار المحاسن) وصححه الدارقطني إسناده.

([67]) مغني المحتاج 1/172، شرح روض الطالب 1/165، حاشية الجمل 1/381 وما بعدها، كشاف القناع 1/388، مطالب أولي النهى 1/499.

([68]) أخرجه البخاري (الفتح 11/152 - ط السلفية) ومسلم (1/305 - ط. الحلبي) من حديث كعب بن عجرة، واللفظ للبخاري.

([69]) حاشية الدسوقي 1/241، مغني المحتاج 1/172، كشاف القناع 1/361.

([70]) أخرجه الترمذي (1/9 - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب.

([71]) أخرجه مسلم (1/358 - ط الحلبي).

([72]) حاشية الدسوقي 1/241، مغني المحتاج 1/164، كشاف القناع 1/387، الإنصاف 2/113.

([73]) أخرجه البخاري (الفتح 2/274، 275 ط السلفية).

([74]) حاشية الدسوقي 1/241، مغني المحتاج 1/158، كشاف القناع 1/389.

([75]) حاشية ابن عابدين 1/298، 325، والزيلعي 1/125، بدائع الصنائع 1/105، وما بعدها، فتح القدير 1/238 وما بعدها، الفتاوى الهندية 1/69.

([76]) حاشية ابن عابدين 1/306 وما بعدها، تبيين الحقائق 1/105 وما بعدها دار المعرفة مصورة من الطبعة الأميرية 1313هـ، فتح القدير 1/241 دار إحياء التراث العربي.

([77]) أخرجه مسلم (1/298 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.

([78]) أخرجه البخاري (الفتح 2/237 - ط السلفية) ومسلم (1/295 - ط. الحلبي). من حديث عبادة من الصامت.

([79]) أخرجه أبو داود (1/537 - تحقيق عزت عبيد دعاس).

([80]) هو شطر من رواية أخري للحديث السابق أخرجه الترمذي (3/102 - ط الحلبي) وحسن إسنادها.

([81]) أخرجه أبو داود (1/593 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والبيهقي (2/172 - ط. دائرة المعارف العثمانية) وأورده الزيلعي في نصب الراية (1/424 - ط المجلس العلمي بالهند) وذكر الخلاف فيه على إثبات كونه موقوفا على ابن مسعود.

([82]) أخرجه الترمذي (2/261 - ط دار الحلبي) وقال: هذا حديث إسناده ليس بذلك القوي، وقد اضطربوا في إسناده.

([83]) أخرجه الترمذي (1/9 - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب.

([84]) كشاف القناع 1/347 وما بعدها، مطالب أولي النهى1/502.

([85]) أخرجه مسلم (1/303، 304 - ط. الحلبي).

([86]) أخرجه البخاري (الفتح 2/282 - ط السلفية) ومسلم (1/294 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.

([87]) أخرجه الدارقطني (1/339 - ط شركة الطباعة الفنية) وضعف إسناده السيوطي في (دفع التشنيع)" (ص 27 - ط دار العروبة).

([88]) أخرجه البخاري (الفتح 2/290 - ط السلفية) ومسلم (1/308 - ط. الحلبي).

([89]) أخرجه الترمذي (2/48 - ط الحلبي) وقال: حديث حسن صحيح.

([90]) أخرجه أبو داود (1/542 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1/225 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال الذهبي في أحد رواته: إياس ليس بالمعروف. وقال مرة أخرى: ليس بالقوي. كما في التهذيب لابن حجر (1/389 - ط دائرة المعارف العثمانية).

([91]) أخرجه أبو داود (1/544 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح.

([92]) حاشية ابن عابدين 1/318، حاشية الدسوقي 1/242، 247، حاشية العدوي على شرح الرسالة 1/225، مغني المحتاج 1/148، شرح روض الطالب 1/140، كشاف القناع 1/390، 385.

([93]) حاشية ابن عابدين 1/319، الفتاوى الهندية 1/73، حاشية الدسوقي 1/247، الفواكه الدواني 1/205، حاشية العدوي على شرح الرسالة 1/227، مغني المحتاج 1/152، كشاف القناع 1/333.

([94]) أخرجه البخاري (الفتح 2/218 - ط السلفية).

([95]) أخرجه البخاري (الفتح 2/218 - ط السلفية).

([96]) أخرجه بمعناه أبو داود (1/466 - تحقيق عزت عبيد دعاس).

([97]) أخرجه مسلم (1/292 - ط الحلبي).

([98]) حاشية ابن عابدين 1/320، 327، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1/250، بلغة السالك 1/246 ط. عيسي الحلبي مغني المحتاج 1/181، شرح روض الطالب 1/145، والمجموعة 3/310 المكتبة السلفية المدينة المنورة كشاف القناع 1/333، 391.

([99]) أخرجه مسلم (1/103 - ط الحلبي) من حديث وائل ابن حجر.

([100]) أخرجه أبو داود (1/456 - 466 - تحقيق عزت عبيد دعاس).

([101]) أخرجه أبو داود (1/480 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وقال الزيلعي: في نصب الراية (1/314 - ط المجلس العلمي بالهند): قال البيهقي في المعرفة: لا يثبت إسناده، تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو متروك.

([102]) أخرجه ابن خزيمة (1/243 - ط المكتب الإسلامي) وفي إسناده ضعف، ولكن له طرق أخر يتقوى بها.

([103]) حاشية ابن عابدين 1/328، حاشية الدسوقي 1/252، مغني المحتاج 1/155، كشاف القناع 1/344، المجموعة 3/315.

([104]) أخرجه أبو داود (1/491 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ثم أشار إلي إعلاله. ولكن له طرق أخري يتقوى بها ذكرها ابن حجر في التلخيص الحبير (1/229 - ط. شركة الطباعة الفنية).

([105]) أخرجه مسلم (1/534 - 535 - ط الحلبي).

([106]) أورده ابن عبد البر في كتابه الإنصاف (2/163 - ضمن مجموعة الرسائل المنيرية) وذكر تضعيف أحد رواته.

([107]) ابن عابدين 1/328، الدسوقي 1/251، مغني المحتاج 1/156، كشاف القناع 1/335.

([108]) حاشية ابن عابدين 1/320، 329، 330، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1/134، 135 ط المكتبة العثمانية.

([109]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/251، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 1/216، 217 ط دار الفكر، وجواهر الإكليل 1/53 ط دار المعرفة.

([110]) أخرجه البخاري (2/226 - 227 ط السلفية) ومسلم (1/299ـ ط عيسى البابي الحلبي) واللفظ له.

([111]) المهذب 1/79، ونهاية المحتاج1/457، وتفسير الجصاص 1/13 ط المكتبة البهية.

([112]) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/45 ط دار المعرفة). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/109 نشر مكتبة القدسي): رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.

([113]) أخرجه البخاري (الفتح 2/237 - ط السلفية) ومسلم (1/295 - ط. الحلبي). من حديث عبادة من الصامت.

([114]) أخرجه أبو داود (1/515) ط عزت عبيد دعاس. والترمذي (2/27 ط مصطفى البابي) وقال: حديث حسن صحيح.

([115]) نيل المآرب شرح دليل الطالب 1/141 ط الفلاح ـ الكويت، وشرح منتهى الإرادات 1/280 ط عالم الكتب، والمغني 1/477، 480، 491، 492، 2/7، وكشاف القناع1/334، 342 ط مكتبة النصر الحديثة بالرياض.

([116]) أخرجه مسلم (1/296 ط عيسى البابي الحلبي).

([117]) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/108نشر مكتبة القدسي): رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله موثقون.

([118]) حاشية ابن عابدين 1/362، تبيين الحقائق 1/129، حاشية الدسوقي 1/242، 247، مغني المحتاج 1/161، شرح روض الطالب 1/154، المجموعة 3/382، كشاف القناع 1/342، مطالب أولي النهى 1/435.

([119]) أخرجه مسلم (1/333 - ط الحلبي).

([120]) أخرجه مسلم (1/334 - ط الحلبي).

([121]) أخرجه النسائي (2/167 - ط المكتبة التجارية).

([122]) أخرجه مسلم (1/333 - ط الحلبي).

([123]) ابن عابدين 1/364، تبيين الحقائق 1/130، حاشية الدسوقي 1/247، مغني المحتاج 1/182.

([124]) حاشية ابن عابدين 1/320، 331، الخرشي على خليل 1/282، حاشية الدسوقي 1/248، مغني المحتاج 1/160، كشاف القناع 1/339.

([125]) أخرجه البخاري، (الفتح2/266 - ط السلفية).

([126]) حاشية ابن عابدين 1/334، تبيين الحقائق 1/115، حاشية الدسوقي 1/243، فواكه الدواني 1/209، مغني المحتاج 1/165، شرح روض الطالب 1/158، كشاف القناع 1/348، 390، مطالب أولي النهى 1/446.

([127]) أخرجه البخاري (الفتح 2/290 - ط السلفية) ومسلم (1/308 - ط الحلبي).

([128]) أخرجه مسلم (1/346 - ط الحلبي).

([129]) أخرجه مسلم (1/347 - ط الحلبي).

([130]) أخرجه مسلم (1/346 - 347 - ط. الحلبي).

([131]) مغني المحتاج 1/166، كشاف القناع 1/348.

([132]) أخرجه البخاري (الفتح 2/284 - ط السلفية).

([133]) تبيين الحقائق 1/120 وحاشية الدسوقي 1/247 ومغني المحتاج 1/164 والشرقاوي على التحرير 1/198، 209 كشاف القناع 1/346، 363.

([134]) أخرجه البخاري (الفتح 2/219 - ط السلفية).

([135]) أخرجه البخاري (الفتح 2/222 - ط السلفية).

([136]) أخرجه أبو داود (1/479 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ثم قال: هذا الحديث ليس بصحيح.

([137]) أخرجه مسلم (1/122 - ط الحلبي).

([138]) أخرجه الترمذي (2/40 - ط الحلبي) وضعفه غير واحد كما في (التلخيص الحبير) لابن حجر (1/222 - ط شركة الطباعة الفنية).

([139]) حاشية ابن عابدين 1/335، حاشية الدسوقي 1/250، تبيين الحقائق 1/116، مغني المحتاج 1/170، كشاف القناع 1/350.

([140]) أخرجه الترمذي (2/56 - ط. الحلبي) والدارقطني (1/345 - ط شركة الطباعة الفنية) وأشار الدارقطني إلي إعلاله.

([141]) أخرجه أبو داود (1/525 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وقال النووي في المجموعة (3/421 - ط. المنيرية): إسناده جيد.

([142]) حاشية ابن عابدين 1/339 وحاشية الدسوقي 1/249 ومغني المحتاج 1/170 وكشاف القناع 1/335.

([143]) حاشية ابن عابدين 1/312، حاشية الدسوقي 1/243، مغني المحتاج 1/172، كشاف القناع 1/347.

([144]) أخرجه البخاري (الفتح 3/92 - ط. السلفية) ومسلم (1/339 - ط. الحلبي).

([145]) الاختيار لتعليل المختار 1/53، والمغني 1/534، 535، 541 ط الرياض، وكشاف القناع 1/388 ط عالم الكتب.

([146]) أخرجه البخاري (الفتح 2/311 ط السلفية) . ومسلم (1/301 - 302 ط عيسى الحلبي).

([147]) القوانين الفقهية، ص 75، وحاشية الدسوقي 1/251 ط دار الفكر، وجواهر الإكليل 1/52 دار المعرفة.

([148]) الأذكار/61، 62، وروضة الطالبين 1/263.

([149]) أخرجه مسلم (1/302 - 303 ط عيسى الحلبي).

([150]) حاشية ابن عابدين 1/344، حاشية الدسوقي 1/251، مغني المحتاج 1/174، كشاف القناع 1/388، مطالب أولي النهى 1/459، 499.

([151]) ابن عابدين 1/350 وتبيين الحقائق 1/123 وحاشية الدسوقي 1/251، 252 ومغني المحتاج 1/176 وكشاف القناع 1/360.

([152]) أخرجه مسلم (1/301 - 302 - ط. الحلبي) حديث ابن مسعود، ورواية البخاري في صحيحه (2/320 - ط. السلفية).

([153]) أخرجه البخاري (الفتح 2/317 - ط السلفية) ومسلم (4/2078 - ط. الحلبي).

([154]) أخرجه مسلم (1/412 - ط. الحلبي).

([155]) حاشية ابن عابدين 1/312، 341، 344، الفتاوى الهندية 1/7، حاشية الدسوقي 1/249، العدوي على الرسالة 1/237، مغني المحتاج 1/172، كشاف القناع 1/356، 363.

([156]) أخرجه البخاري (الفتح 2/350 - ط. السلفية) والرواية الثانية أخرجها أبو داود (1 - 590 - تحقيق عزت عبيد دعاس).

([157]) أخرجه البخاري (الفتح 2/163 - ط. السلفية).

([158]) حاشية ابن عابدين 1/342، حاشية الدسوقي 1/251، شرح روض الطالب 1/165، مغني المحتاج 1/173، كشاف القناع 1/361.

([159]) حاشية ابن عابدين 1/341، 340، مغني المحتاج 1/171، كشاف القناع 1/354.

([160]) أخرجه مسلم (1/408 - ط الحلبي).

([161]) أخرجه أحمد (6/319 - ط الميمنية)، وأبو داود (1/587 - تحقيق عزت عبيد دعاس)، واللفظ لأحمد، وإسناده حسن.

([162]) كما في صحيح مسلم.

([163]) حاشية ابن عابدين 1/352 وما بعدها، حاشية العدوي على الرسالة 1/245، مغني المحتاج 1/177، كشاف القناع 1/361.

([164]) حاشية ابن عابدين 1/429، وما بعدها، حاشية الدسوقي 1/218، المجموع 3/17، 176، 179، مغني المحتاج 1/200، كشاف القناع 1/275.

([165]) حاشية ابن عابدين 1/367، حاشية الدسوقي 1/242، شرح روض الطالب 1/155، كشاف القناع 1/344.

([166]) أخرجه الترمذي (5/198 - ط الحلبي) من حديث زرارة بن أوفى، وقال: إسناده ليس بالقوي.

([167]) حاشية ابن عابدين 1/434، حاشية الدسوقي 1/254، مغني المحتاج 1/181، شرح روض الطالب 1/169، كشاف القناع 1/370.

([168]) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11/34 - ط وزارة الأوقاف العراقية) من حديث ابن عباس، وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد 2/83 - ط. اقدسي) وقال: فيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس وقد عنعنه.

([169]) الطحطاوي على مراقي الفلاح 194، 195، مجمع الأنهر 1/124، مغني المحتاج 1/201، كشاف القناع 1/370.

([170]) أخرجه البخاري (الفتح 2/233 - ط. السلفية)، ومسلم (1/321 - ط. الحلبي).

([171]) مغني المحتاج 1/201، كشاف القناع 1/370.

([172]) أخرجه البخاري (الفتح 1/482 - ط. السلفية)، ومسلم (1/391 - ط. الحلبي).

([173]) حاشية ابن عابدين 1/432، حاشية الدسوقي 1/254، مغني المحتاج 1/202، كشاف القناع 1/372.

([174]) أخرجه البخاري (الفتح 3/88 - ط السلفية)، ومسلم (1/387 - ط. الحلبي).

([175]) حاشية ابن عابدين 1/431، حاشية الدسوقي 1/254، مغني المحتاج 1/202، كشاف القناع 1/372.

([176]) أخرجه ابن ماجه (1/310 - ط. الحلبي)، من حديث علي بن أبي طالب. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/190 - ط. دار الجنان): هذا إسناد فيه الحارث بن عبد الله الأعور، وهو ضعيف. وقد اتهمه بعضهم.

([177]) عزاه السيوطي في الجامع (فيض القدير 5/319 - ط. المكتبة التجارية) إلى الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ونقل المناوي عن العراقي أن في إسناده راويا اتفق على تضعيفه.

([178]) أخرجه البخاري (الفتح 2/434 - ط. السلفية).

([179]) حاشية ابن عابدين 1/431، حاشية الدسوقي 1/288، الخرشي على خليل 1/329، مغني المحتاج 1/202، كشاف القناع 1/371.

([180]) أخرجه مسلم (1/393 - ط. الحلبي).

([181]) أخرجه أبو داود (1/70 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة، وقال الزيلعي: فيه رجل فيه جهالة كذا في نصب الراية (2/102 - ط. المجلس العلمي).

([182]) حاشية ابن عابدين 1/433، 435، 438، حاشية الدسوقي 1/246، المجموع 3/251، كشاف القناع 1/371، 382.

([183]) أخرجه البزار (كشف الأستار 1/281 - ط. الرسالة)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (2/62 - ط. القدسي) وقال: (فيه عبد الأعلى الثعلبي، وهو ضعيف).

([184]) أخرجه أبو داود (1/445 - تحقيق عزت عبيد دعاس)، وأعل إسناده الخطابي في معالم السنن (بهامش المختصر للمنذري 1/342 - نشر دار المعرفة).

([185]) أخرجه البخاري (الفتح 1/587 - ط. السلفية).

([186]) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 196، 197، حاشية الدسوقي 1/188، 189، ومغني المحتاج 1/203، وكشاف القناع 1/293.

([187]) أخرجه الترمذي (2/178 - ط. الحلبي). وقال: (إسناده ليس بذاك القوي).

([188]) أخرجه الترمذي (2/181 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال: (حديث حسن صحيح).

([189]) أخرجه أبو داود (1/331 - 332 - تحقيق عزت عبيد دعاس)، من حديث البراء بن عازب، وإسناده صحيح.

([190]) حاشية ابن عابدين 1/413، حاشية الدسوقي 1/289، مغني المحتاج 1/195، 196، مطالب أولي النهى 1/520، 538.

([191]) أخرجه مسلم (1/383 - ط. الحلبي).

([192]) أخرجه مسلم (1/381 - 382 ط. الحلبي).

([193]) أخرجه البخاري (الفتح 1/565، 3/96 ط. السلفية).

([194]) حاشية ابن عابدين 1/416، فتح القدير 1/347، حاشية الدسوقي 1/283، 285، مغني المحتاج 1/196، كشاف القناع 1/196، مطالب أولي النهى 1/537.

([195]) حاشية ابن عابدين 1/415، حاشية الدسوقي 1/281 وما بعدها، 284، 289، مغني المحتاج 1/196، مطالب أولي النهى 1/520، 521.

([196]) حاشية ابن عابدين 1/97، حاشية الدسوقي 1/286، مغني المحتاج 1/195، مطالب أولي النهى 1/520، 538.

([197]) أورده الدارقطني (1/172 - شركة الطباعة) بلفظ مقارب، وصوب وقفه على جابر بن عبد الله.

([198]) أخرجه الدارقطني (1/75 شركة الطباعة الفنية) من حديث جابر بن عبد الله بن دياب، وأخرجه كذلك الطبراني في المعجم الكبير مختصرا (2/205 ط. وزارة الأوقاف العراقية) وأورده الهيثمي في المجمع (2/82 ط. القدسي)، وقال: فيه الوازع وهو ضعيف.

([199]) حاشية ابن عابدين 1/418، حاشية الدسوقي 1/289، مواهب الجليل 2/36، الخرشي على خليل 1/330، نهاية المحتاج 2/52، ومغني المحتاج 1/200، شرح روض الطالب 1/185، كشاف القناع 1/398.

([200]) حاشية ابن عابدين 1/419، بلغة السالك 1/126 ط. مصطفى الحلبي 1952، مغني المحتاج 1/198، كشاف القناع 1/377، مطالب أولي النهى 1/539.

([201]) حاشية ابن عابدين 1/273، والكافي 1/238 - ط. مكتبة الرياض 1978 م، مواهب الجليل 1/398، المجموع 3/166، ومغني المحتاج 1/188، كشاف القناع 1/269.

([202]) أخرجه البخاري (الفتح 1/590 - ط. السلفية)، ومسلم (1/386 - ط. الحلبي) من حديث أبي قتادة واللفظ لمسلم.

([203]) أخرجه البخاري (الفتح 8/22 - 23 ط. السلفية)، وأبو داود (1/394 - تحقيق عزت عبيد دعاس) واللفظ لأبي داود.

([204]) حاشية ابن عابدين 1/297، 318، بدائع الصنائع 1/113، 167، 168، 170، حاشية الدسوقي 1/239، 279، شرح روض الطالب 1/187، 188، كشاف القناع 1/385، 402.

([205]) المهذب للشيرازي في فقه الشافعي 1/77 ط. دار المعرفة بيروت ط. 2، وشرح منتهى الإرادات 1/270.

([206]) الشرح الصغير 1/488 - 489، والمغني لابن قدامة 2/143 ط. الرياض، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح 234 ط. خالد بن الوليد - دمشق - والمهذب 1/77.

([207]) حاشية الطحطاوي 234، وبداية المجتهد 1/191، والشرح الصغير 1/488، 489، والمهذب 1/108، وشرح منتهى الإرادات 20.

([208]) الهداية 1/77، والشرح الصغير 1/488 – 489، والمهذب 1/277، وشرح منتهى الإرادات 1/270 - 271.

([209]) أخرجه البخاري (الفتح2/587 - ط - السلفية).

([210]) الهداية 1/69، 78، والشرح الصغير 1/489، والمهذب 1/108، وشرح منتهى الإرادات 1/272.

([211]) الهداية 1/78، وشرح منتهى الإرادات 1/272.

([212]) الشرح الصغير 1/489.

([213]) المهذب 1/108، المغني 2/144.

([214]) حاشية الطحطاوي 235، والشرح الصغير 1/490، والمهذب 1/108، وشرح المنتهى 1/272.

([215]) أخرجه البخاري (الفتح2/219 ط. السلفية).

([216]) أخرجه البخاري (الفتح 13/251 - ط. السلفية) ومسلم (2/975 ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([217]) الهداية 1/77، والشرح الصغير 1/493، والمهذب 1/81، والمنتهى 1/272.

([218]) الهداية 1/77، والشرح الصغير 1/493، والمهذب 1/81، والمنتهى 1/272.

([219]) أخرجه البخاري (الفتح2/587 - ط - السلفية).

([220]) الهداية 1/77 الطحطاوي 235.

([221]) الشرح الصغير 1/493، والمهذب 1/108.

([222]) الهداية 1/77، والطحطاوي 235، والمنتهى 1/272، والعدة شرح العمدة ص 100.

([223]) الهداية 1/77، والشرح الصغير 1/493، والمهذب 1/83، وشرح المنتهى 1/271.

([224]) أخرجه الترمذي (2/59 - ط. الحلبي) من حديث أبي حميد الساعدي وفي إسناده راو متكلم فيه، كما في الميزان للذهبي (3/365 - ط. الحلبي).

([225]) الهداية 1/77، والشرح الصغير 1/493، والمهذب 1/108، وشرح المنتهى 1/271.

([226]) أخرجه الطبراني في الكبير (12/270 - ط. وزارة الأوقاف العراقية) من حديث ابن عمر، وضعف إسناده ابن حجر في التلخيص (1/227 - ط. شركة الطباعة الفنية).

([227]) الهداية 1/77، ومراقي الفلاح 235.

([228]) مراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه ص 162 بولاق، والشرح الصغير 1/493، والمجموع 3/424، والفروع 1/434، 435، وكشاف القناع 1/352، والمغني 1/516.

([229]) الهداية 1/55، والشرح الصغير 1/578، والمهذب 1/108، وشرح المنتهى 1/272، والمغني 2/145.

([230]) أخرجه البخاري (الفتح2/587 - ط - السلفية).

([231]) الهداية 1/77، وبداية المجتهد لابن رشد 1/192، 199، والمهذب 1/108، والعدة ص 99، 100.

([232]) أخرجه البخاري (الفتح 6/136 - ط. السلفية).

([233]) الهداية 1/77، والشرح الصغير 492 - 493، والمهذب 1/108، وشرح منتهى الإرادات 1/271.

([234]) أخرجه البخاري (الفتح 13/251 - ط. السلفية) ومسلم (2/975 ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([235]) الهداية 1/77، والشرح الصغير 492 - 493، والمهذب 1/108، وشرح منتهى الإرادات 1/271.

([236]) لسان العرب ومختار الصحاح.

([237]) الهداية وشروحها فتح القدير والعناية 1/392 ط. المطبعة الكبرى بمصر سنة 1325 هـ، والشرح الكبير للدردير، وحاشية الدسوقي عليه (1/362. مصطفى محمد)، ومغني المحتاج 1/264، وكشاف القناع 1/326.

([238]) ابن عابدين 1/555، 556، والبدائع 1/102، 104، والشرح الكبير للدردير، وحاشية الدسوقي 1/362، 364، ومغني المحتاج 1/262، وكشاف القناع 1/327، 335.

([239]) ابن عابدين 1/555، 556، والبدائع 1/102، 104، والشرح الكبير للدردير، وحاشية الدسوقي 1/362، 364، ومغني المحتاج 1/262، وكشاف القناع 1/327، 335.

([240]) أخرجه الطحاوي (شرح معاني الآثار 1/417 نشر مطبعة الأنوار المحمدية) من حديث عمران بن حصين بلفظ: "يا أهل مكة؛ قوموا فصلوا ركعتين أخراوين؛ فإنا قوم سفر". وأخرجه أبو داود (2/23 - 24) بهذا المعنى، وصححه الترمذي (2/430 ط الحلبي).

([241]) البدائع 1/103، 104، والدسوقي على الشرح الكبير 1/362، 364.

([242]) أخرجه أبو داود (2/72 تحقيق عزت عبيد دعاس) والبيهقي (3/152 - ط. دائرة المعارف العثمانية) من حديث جابر بن عبد الله. وأعله أبو داود بكونه روي مرسلاً، وأما البيهقي فقال: (لا أراه محفوظاً).

([243]) الاختيار لتعليل المختار 1/11 طبعة دار الشعب بالقاهرة سنة 1386 هـ البدائع 1/103، 104.

([244]) البدائع 1/94، 95، وفتح القدير 1/393 والمراجع السابقة.

([245]) الدسوقي على الشرح الكبير 3/591، ومغني المحتاج 1/264، وكشاف القناع 1/325.

([246]) أخرجه الدارقطني (1/387 ط دار المحاسن) من حديث ابن عباس، وضعف إسناده ابن حجر في التلخيص (2/46 ط شركة الطباعة الفنية).

([247]) أخرجه مسلم (1/232 - ط . الحلبي).

([248]) أخرجه مسلم (2/975 - ط . الحلبي) من حديث ابن عمر.

([249]) البدائع 1/93، 94، والمهذب 1/102.

([250]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/358، ومغني المحتاج 1/264، وكشاف القناع 1/325.

([251]) بدائع الصنائع 1/392، وما بعدها، وفتح القدير 2/5 نشر دار إحياء التراث.

([252]) أخرجه مسلم (1/478 - ط. الحلبي).

([253]) أخرجه البخاري (الفتح2/577 - ط. السلفية) ومسلم (1/480 - ط. الحلبي) واللفظ للبخاري.

([254]) أخرجه البخاري (الفتح1/464 - ط . السلفية) ومسلم (1/478 - ط . الحلبي) واللفظ لمسلم.

([255]) الاختيار لتعليل المختار 1/198 طبع مطابع الشعب بالقاهرة سنة 1386 هـ وفتح القدير 1/395.

([256]) أخرجه مسلم (1/479 - ط. الحلبي).

([257]) بداية المجتهد 1/161، والشرح الكبير للدردير 1/358.

([258]) البدائع 1/93، 94، 103، وفتح القدير 1/302، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1/358، والمهذب 1/102، ومغني المحتاج 1/266، وكشاف القناع 1/324، 237.

([259]) الهداية وشروحها 1/396، 397، ومغني المحتاج 1/264.

([260]) أخرجه البخاري (الفتح 2/569 - ط. السلفية) ومسلم (1/480 - ط. الحلبي) واللفظ لمسلم.

([261]) البدائع 1/92، 93، والشرح الكبير 1/360، ومغني المحتاج 1/260، وكشاف القناع 1/325.

([262]) أخرجه ابن خزيمة (1/157 ط. المكتب الإسلامي) وأشار إلى انقطاع في سنده.

([263]) بدائع الصنائع 1/93، 101.

([264]) أخرجه مسلم (1/309، 310 ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.

([265]) أخرجه الطحاوي (شرح معاني الآثار 1/417 نشر مطبعة الأنوار المحمدية) من حديث عمران بن حصين بلفظ: "يا أهل مكة؛ قوموا فصلوا ركعتين أخراوين؛ فإنا قوم سفر". وأخرجه أبو داود (2/23 - 24) بهذا المعنى، وصححه الترمذي (2/430 ط الحلبي).

([266]) الشرح الكبير 1/365، 366.

([267]) مغني المحتاج 1/268، وكشاف القناع 1/328.

([268]) فتح القدير 1/405، والدسوقي على الشرح الكبير 1/360.

([269]) المهذب 1/103، 104.

([270]) البدائع 1/97، 98.

([271]) الدسوقي على الشرح الكبير 1/364.

([272]) مغني المحتاج 1/262.

([273]) أخرجه البخاري (الفتح 7/266 - 267 ط. السلفية)، ومسلم (2/985، ط. الحلبي) من حديث العلاء بن الحضرمي واللفظ لمسلم.

([274]) أخرجه الطحاوي (شرح معاني الآثار 1/417 نشر مطبعة الأنوار المحمدية) من حديث عمران بن الحصين، وصححه الترمذي (2/430 ط. الحلبي) وأشار المنذري إلى تضعيفه.

([275]) كشاف القناع 1/330.

([276]) حديث ابن عباس أخرجه البخاري (الفتح2/565 - ط. السلفية)، وحديث جابر أخرجه مسلم (2/883 - ط. الحلبي) وفيها قدوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رابعة ذي الحجة.

([277]) أخرجه أبو داود (2/27 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والبيهقي (3/152 - ط. دائرة المعارف العثمانية) من حديث جابر بن عبد الله، وأعله أبو داود بكونه روي مرسلاً، وأما البيهقي فقال: (لا أراه محفوظاً).

([278]) البدائع 1/98، والشرح الكبير 1/360، ومغني المحتاج 1/362، وهداية الطالب: 174، والإنصاف 2/330.

([279]) البدائع 1/103، حاشية الدسوقي 1/361، والمهذب 1/53.، وهداية الراغب: 106، ومغني المحتاج 1/262.

([280]) لسان العرب، مادة (رحل).

([281]) لسان العرب مادة: (دبب)، وابن عابدين 1/469، والشرح الصغير 1/109، والمغني لابن قدامة 1/434.

([282]) أخرجه البخاري (الفتح2/578 - ط السلفية).

([283]) أخرجه البخاري (الفتح 1/503 - ط السلفية).

([284]) الدسوقي 1/255، وأسنى المطالب 1/134، والمغني (1/437 ط الرياض).

([285]) المغني/437.

([286]) ابن عابدين 1/469.

([287]) الزيلعي 1/177.

([288]) البدائع 1/109، والشرح الصغير 1/109، والمجموع شرح المهذب 3/203 تحقيق المطيعي، وشرح منتهى الإرادات 1/160، 161.

([289]) أخرجه البخاري (الفتح 2/575 - ط السلفية).

([290]) فتح الباري 2/575، والبدائع 1/108، وابن عابدين 1/469 - 470، والدسوقي 1/339، والحطاب 1/509، والشرح الصغير 1/109، ومغني المحتاج 1/142.

([291]) البدائع 1/108، والدسوقي 1/229 - 230، ونهاية المحتاج 1/48 - 409، وشرح منتهى الإرادات 1/273.

([292]) أخرجه أحمد (4/173 - 174 ط الميمنية) والبيهقي (2/7 ط دائرة المعارف العثمانية) وقال البيهقي: في إسناده ضعف.

([293]) الشرح الصغير 1/109، والدسوقي 1/225، وشرح منتهى الإرادات 1/273، ومغني المحتاج 1/144.

([294]) ابن عابدين 1/469، والدسوقي 1/225، ومغني المحتاج 1/143، وأسنى المطالب 1/134، والمغني (1/436 ط. الرياض).

([295]) أخرجه البخاري (الفتح 1/503 - ط السلفية).

([296]) أخرجه أبو داود (2/21 تحقيق عزت عبيد دعاس) وحسن إسناده المنذري في مختصره لأبي داود (2/59 نشر دار المعرفة).

([297]) المغني (1/435 - 436 ومغني المحتاج 1/142، والدسوقي 1/22).

([298]) الزيلعي 1/176، والحطاب مع المواق 1/509، ومغني المحتاج 1/143، وكشاف القناع 1/304، والمغني (1/435 ط. الرياض).

([299]) أخرجه أبو داود (2/22 تحقيق عزت عبيد دعاس).

([300]) أخرجه البخاري (الفتح 2/489 - ط السلفية) من حديث ابن عمر.

([301]) متفق عليه. أخرجه البخاري (13/251) ومسلم (9/100) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([302]) أخرجه أحمد 4/426، والبخاري 2/41، وأبو داود 1/585 برقم ‏(‏952‏)‏، والترمذي 2/208 برقم ‏(‏372‏)‏، وابن ماجه 1/386 برقم ‏(‏1223‏)‏، والدار قطني 1/380، والبيهقي 2/304.

([303]) لسان العرب.

([304]) أخرجه البخاري (الفتح11/214 - ط السلفية) ومسلم (4/2062 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، واللفظ لمسلم.

([305]) أخرجه الترمذي (2/316 - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب، وقال الترمذي: حديث حسن.

([306]) أخرجه البخاري (الفتح 5/287 - ط السلفية) ومسلم (1/41 - ط. الحلبي) من حديث طلحة بن عبيد الله.

([307]) أخرجه أبو داود (2/129 - 130 تحقيق عزت عبيد دعاس) وأورده المنذري في (مختصر السنن 2/122 - نشر دار المعرفة) وذكر أن في إسناده راوياً متكلماً فيه.

([308]) أخرجه الترمذي (2/314 - ط. الحلبي) والحاكم (1/306 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث خارجة بن حذافة العدوي، واللفظ للحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

([309]) القليوبي على شرح المنهاج 1/213، والمغني 2/161، ومطالب أولي النهى 1/551، وكشاف القناع 1/415، 416.

([310]) أخرجه الترمذي (2/314 - ط. الحلبي) والحاكم (1/306 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث خارجة بن حذافة العدوي، واللفظ للحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

([311]) أخرجه الترمذي (2/314 - ط. الحلبي) والحاكم (1/306 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث خارجة بن حذافة العدوي، واللفظ للحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

([312]) حاشية العدوي على شرح الرسالة 1/260، والزرقاني 1/288.

([313]) فتح القدير 1/303، والفتاوى الهندية 1/51.

([314]) شرح المحلى على المنهاج 1/213، وحاشية العدوي على شرح الرسالة 1/259، وكشاف القناع 1/416.

([315]) أخرجه البخاري (الفتح 2/488 - ط السلفية) ومسلم (1/518 - ط. الحلبي) من حديث ابن عمر.

([316]) أخرجه مسلم (1/520 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.

([317]) أخرجه البخاري (الفتح2/486 - ط السلفية) ومسلم (1/512 - ط. الحلبي) واللفظ لمسلم.

([318]) أخرجه البخاري (الفتح2/476 - ط السلفية) ومسلم (1/517 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر، واللفظ لمسلم.

([319]) عزاه الزيلعي في نصب الراية (2/120 ط المجلس العلمي بالهند) إلى التمهيد لابن عبد البر.

([320]) الهداية وفتح القدير والعناية 1/304.

([321]) أخرجه أبو داود (2/132 تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي أيوب الأنصاري، وذكر ابن حجر في التلخيص (2/13 - ط شركة الطباعة الفنية) أن أبا حاتم الرازي والدارقطني وغير واحد صححوا وقفه وقالوا: وهو الصواب.

([322]) أخرجه الحاكم (1/304 ط. دائرة المعارف العثمانية) وقال ابن حجر في التلخيص (1/3014 ط. شركة الطباعة الفنية): رجاله ثقات.

([323]) أخرجه أحمد (6/322 ط الميمنية) والترمذي (2/320 - ط الحلبي) وحسنه الترمذي.

([324]) شرح المحلى على المنهاج، وحاشية القليوبي 1/212 2132، وكشاف القناع 1/416، والإنصاف 1/168، والمغني 2/150، 165.

([325]) أخرجه الحاكم (1/304 - ط دائرة المعارف العثمانية) وأخرجه النسائي (3/235 - ط المطبعة التجارية) بلفظ: "كان لا يسلم في ركعتي الوتر"، وصحح الحديثَ الذهبيُ في (التلخيص).

([326]) الهداية وفتح القدير والعناية 1/303، 304.

([327]) المنتقى للباجي (1/223 القاهرة، مطبعة السعادة، 1331 هـ وكفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي 1/257، 258، بيروت دار المعرفة عن طبعة القاهرة، والقوانين الفقهية (ص 61).

([328]) أخرجه البخاري (الفتح2/476 - ط السلفية) ومسلم (1/517 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر، واللفظ لمسلم.

([329]) كفاية الطالب وحاشية العدوي 1/257.

([330]) الدسوقي 1/316، المنهاج وشرح حاشية القليوبي 1/212، وكشاف القناع 1/416، 417.

([331]) أخرجه أحمد (2/76 - ط الميمنية) وقواه كما نقله عنه ابن حجر في التلخيص (2/16 - ط شركة الطباعة الفنية).

([332]) أخرجه مسلم (1/508 - ط. الحلبي) من حديث عائشة.

([333]) الدسوقي والشرح الكبير 1/316، وشرح المنهاج 1/212، 213، والإنصاف 2/170.

([334]) فتح القدير 1/303، حاشية ابن عابدين 1/445، والهندية 1/113، وشرح المنهاج 1/212، والإنصاف 2/170.

([335]) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/293 ط مطبعة الأنوار المحمدية).

([336]) أخرجه مسلم (1/508 ط الحلبي) من حديث عائشة.

([337]) أخرجه مسلم (1/508 ط الحلبي).

([338]) أخرجه النسائي (3/339 - ط المكتبة التجارية) ونقل ابن أبي حاتم الرازي عن أبيه أنه قال: هذا حديث منكر. كذا في علل الحديث (1/160).

([339]) نهاية المحتاج 2/108، 109، والإنصاف 2/168، 169، وكشاف القناع 1/417.

([340]) الفتاوى الهندية 1/72، ومجمع الأنهر 1/100.

([341]) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1/313، وكفاية الطالب 1/258، وجواهر الإكليل 1/73.

([342]) الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للشربيني الخطيب 1/132.

([343]) كشاف القناع 1/418.

([344]) الهندية 1/78، والزرقاني 1/284، والمجموع 4/17، 24، وكشاف القناع 1/417.

([345]) أخرجه الترمذي (2/326 - ط الحلبي) وأخرجه الحاكم (1/305) من حديث عائشة، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

([346]) أخرجه الترمذي (2/326 - ط الحلبي) ذكر ابن حجر في التلخيص (2/18 - ط شركة الطباعة الفنية) تليين أحد رواته، ولكنه ذكر للحديث طريقا آخر عن عائشة بما يقوي تلك الرواية.

([347]) بدائع الصنائع 1/273، وشرح معاني الآثار 1/241 - 254، ومجمع الأنهر 1/129، وعقود الجواهر المنيفة للزبيدي (ط. مؤسسة الرسالة) 1/147، وبداية المجتهد (مط. مع الهداية في تخريج أحاديث البداية) 3/89، ومنح الجليل 1/157، ومواهب الجليل 1/539، وروضة الطالبين 1/254، والمجموع للنووي 3/494، والمغني لابن قدامة (ط. هجر بالقاهرة 1986م) 2/585 وما بعدها، وكشاف القناع 1/493.

([348]) أخرجه البخاري (فتح الباري 7/385)، ومسلم (1/469)، من حديث أنس بن مالك واللفظ المذكور مركب من عدة روايات لهما.

([349]) مواهب الجليل 1/539، ومنح الجليل 1/157، وحاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني 1/239، والقوانين الفقهية ط. الدار العربية للكتاب ص66.

([350]) أخرجه البخاري (فتح الباري 7/385)، ومسلم (1/469).

([351]) أخرجه أحمد (3/162)، والبيهقي (2/201)، وضعفه ابن التركماني كما في هامش سنن البيهقي، وكذا ابن الجوزي كما في (نصب الراية 2/132).

([352]) كفاية الطالب الرباني 1/239، ومواهب الجليل 1/539.

([353]) العدوي على كفاية الطالب الرباني 1/239، ومواهب الجليل 1/539.

([354]) كفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي عليه 1/239، والقوانين الفقهية ط. الدار العربية للكتاب بتونس ص66، ومواهب الجليل والتاج والإكليل 1/539، والزرقاني على خليل وحاشية البناني عليه 1/212، ومنح الجليل 1/157.

([355]) الأذكار للنووي (ط. مكتبة دار البيان) ص86.

([356]) أخرجه أحمد (3/162)، والبيهقي (2/201)، وضعفه ابن التركماني كما في هامش سنن البيهقي، وكذا ابن الجوزي كما في (نصب الراية 2/132).

([357]) المجموع شرح المهذب 3/495، والأذكار للنووي ص86.

([358]) الفتوحات الربانية لابن علان 2/293.

([359]) البحر الرائق 2/43 - 45، والبدائع 1/273، ومجمع الأنهر 1/128.

([360]) أخرجه الدارقطني (2/32)، وذكر ابن حجر في الدراية (1/193) أن في إسناده عمرو بن شمر، وهو واه.

([361]) البحر الرائق 2/45، وبدائع الصنائع 1/274، والدر المنتقي شرح الملتقى 1/128، وحاشية ابن عابدين 1/450.

([362]) الكافي لابن عبد البر (ط. دار الكتب العلمية في بيروت) ص74، والقوانين الفقهية ص66، ومنح الجليل 1/157، والزرقاني على خليل 1/212، والمغني لابن قدامة 2/580، والمجموع للنووي 4/24.

([363]) الأذكار للنووي ص86، والفتوحات الربانية لبن علان 2/291، وروضة الطالبين 1/253، 330، والمجموع شرح المهذب 4/15.

([364]) المجموع 4/15، الروضة 1/330.

([365]) روضة الطالبين 1/330، والمجموع 4/15.

([366]) روضة الطالبين 1/253.

([367]) شرح منتهى الإرادات 1/226، وكشاف القناع 1/489، والمغني 2/580، وما بعدها (ط. هجر) والمبدع 2/7.

([368]) أخرجه البخاري (فتح الباري 2/284)، ومسلم (1/468)، وحديث أنس أخرجه البخاري (فتح الباري 2/489)، ومسلم (1/468).

([369]) شرح منتهى الإرادات 1/226.

([370]) أورده أبو داود (2/135) معلقاً، ثم ضعفه.

([371]) البحر الرائق وحاشيته منحة الخالق لابن عابدين 2/47، 48، الدر المنتقى شرح الملتقى 1/129، مرقاة المفاتيح 1/163.

([372]) منح الجليل 1/157، ومواهب الجليل 1/539، والأذكار للنووي ص86، وروضة الطالبين 1/254، والمجموع شرح المهذب 3/494.

([373]) أخرجه البخاري (فتح الباري 7/385)، ومسلم (1/469).

([374]) روضة الطالبين 1/254، وانظر المجموع شرح المهذب 3/494.

([375]) أخرجه أبو داود (2/143)، وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات لابن علان (2/288).

([376]) كشاف القناع 1/494، وشرح منتهى الإرادات 1/229.

([377]) أخرجه مسلم (1/469)، وبمعناه في البخاري (فتح الباري 7/490).

([378]) أخرجه البيهقي في سننه (2/210 - 211) وله ألفاظ أخرى في مصنف عبد الرزاق (3/110، 111) ومصنف ابن أبي شيبة (2/314)، وانظر الأذكار 87، والمجموع شرح المهذب 3/498.

([379]) فتح القدير على الهداية 1/312، والزرقاني 1/285، والباجي على الموطأ 1/224، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 1/213، والمجموع 4/16، 24، وكشاف القناع 1/427، ومطالب أولي النهى 1/564.

([380]) كشاف القناع 1/416، ومطالب أولي النهى 1/548.

([381]) رواه الخمسة إلا النسائي.

([382]) المجموع 4/41 - 42.

([383]) أخرجه أبو داود 2/137، تحقيق عزت عبيد دعاس، والحاكم (1/302 ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي سعيد الخدري، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

([384]) المغني 2/165، ومطالب أولي النهى 1/549.

([385]) أخرجه النسائي (3/245 - ط المكتبة التجارية) وحسن إسناده ابن حجر في التلخيص (2/19).

([386]) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 18/98، ومثله في مختلف كتب السيرة.

([387]) أخرجه أبو داود (1/645 - 646 تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1/281 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. والهزم، بفتح فسكون: المطمئن من الأرض، والنبيت: هو أبو حي من اليمن اسمه مالك بن عمرو. والحرة: الأرض ذات الحجارة السوداء. وحرة بني بياضة: قرية على ميل من المدينة.

([388]) أخرجه ابن ماجه (1/343 - ط. الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، وأورده البوصيري في مصباح الزجاجة (1/203 - ط. الجنان) وقال: إسناده ضعيف.

([389]) أخرجه أبو داود (1/644 تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1/288 - ط. دائرة المعارف العثمانية) من حديث طارق بن شهاب وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

([390]) أخرجه النسائي (3/89 - ط. المكتبة التجارية) من حديث حفصة زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وصححه النووي في المجموع (4/383 - ط. المنيرية).

([391]) المبسوط 2/23.

([392]) بدائع الصنائع 1/260، والمبسوط 2/24، مجمع الأنهر 1/162.

([393]) الجواهر الزكية ص 123.

([394]) المهذب مع المجموع 4/501.

([395]) المغني لابن قدامة 2/275.

([396]) بدائع الصنائع 1/261.

([397]) بدائع الصنائع 1/269، ومجمع الأنهر 1/161، والروض المربع شرح زاد المستقنع للبهوتي، وحاشية ابن قاسم 2/433، 425، ومغني المحتاج 1/279، وحاشية الدسوقي 1/372.

([398]) أخرجه الدارقطني (2/17 - ط. دار المحاسن) وأعله ابن حجر في الفتح (2/387 - ط. السلفية) بجهالة عبد الله ابن سيدان.

([399]) أخرجه مسلم (1/588 - ط. الحلبي).

([400]) المبسوط 2/22، وانظر الهداية 1/58، 59، الدر المختار، وحاشية ابن عابدين عليه 1/570.

([401]) أخرجه الدارقطني (2/3 - ط. دار المحاسن) وأورده ابن حجر في التلخيص (2/65 - شركة الطباعة الفنية) وذكر في إسناده راويين ضعيفين.

([402]) بدائع الصنائع 1/258، وشرح الروض المربع 2/426، والدسوقي 1/379، ومغني المحتاج 1/282.

([403]) شرح الدر المختار حاشية ابن عابدين 1/571، شرح الروض المربع 2/427، والدسوقي 1/384.

([404]) شرح ملتقى الأبحر 1/164، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 1/571، والدسوقي 1/381، ومغني المحتاج 1/282، والمغني 2/340، 344.

([405]) شرح ملتقى الأبحر 1/164، والدسوقي 1/381، ومغني المحتاج 1/282، والمغني 2/340.

([406]) تحفة الفقهاء 1/278، وشرح ملتقى الأبحر 1/164، والمبسوط 1/23، ونهاية المحتاج 2/276، والمغني لابن قدامة 2/283،/والدسوقي 1/383.

([407]) بدائع الصنائع 1/262 وحاشية ابن عابدين 1/567، ومجمع الأنهر 1/163.

([408]) الجواهر الزكية 122، والمغني لابن قدامة 2/251، والمحلى على المنهاج 1/277.

([409]) أخرجه البخاري (الفتح 2/406 - ط. السلفية) ومسلم (2/589 - ط. الحلبي).

([410]) المحلى على المنهاج 1/277، 278.

([411]) المغني لابن قدامة 1/252.

([412]) بدائع الصنائع 1/266.

([413]) مجمع الأنهر 1/164، وبدائع الصنائع 1/266.

([414]) الدسوقي 1/378، الشرح الصغير 1/499.

([415]) المغني لابن قدامة 2/272، والروض المربع 2/436، وحلية العلماء 2/238.

([416]) حاشية ابن عابدين 1/574، المغني 2/320، مغني المحتاج 1/288، حاشية الدسوقي 1/386، 387.

([417]) حاشية ابن عابدين 1/576.

([418]) البدائع 1/263، والدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 1/567.

([419]) منية المصلي ص 246، والدر المختار 1/576، البدائع 1/265، المغني 2/307، حاشية الجمل 2/58، كشاف القناع 2/34.

([420]) شرح الجواهر الزكية 123.

([421]) بدائع الصنائع 1/269، وحاشية الدسوقي 1/383، نهاية المحتاج 2/316، المحلى على المنهاج بهامش القليوبي وعميرة 1/283، كشاف القناع 2/38، الإنصاف 2/399، والمغني لابن قدامة 2/311.

([422]) أخرجه مسلم (2/597 - 598 - ط. الحلبي).

([423]) أخرجه مسلم (2/598، - ط. الحلبي).

([424]) انظر البدائع 1/269، والدر المختار 1/566، شرح الروض المربع للبهوتي 2/435.

([425]) تنوير الأبصار بهامش ابن عابدين 1/566، حاشية الدسوقي 1/372.

([426]) حلية العلماء 2/230 حاشية الدسوقي 1/376، 377.

([427]) البدائع 1/269.

([428]) تبيين الحقائق 2/224، حاشية الدسوقي 1/391، البجيرمي على الخطيب (2/167 ط. مصطفى الحلبي 1951 م)، كشاف القناع 2/40، والمغني 2/358 - 359.

([429]) أخرجه أحمد ( 4/372 - ط. الميمنية ) من حديث زيد بن أرقم ونقل ابن حجر في التلخيص ( 2/88 - ط. شركة الطباعة الفنية ) عن ابن المنذر أنه أعله بجهالة راويه عن زيد بن أرقم.

([430]) أخرجه أبو داود (1/647 تحقيق عزت عبيد دعاس) وصحح الدارقطني إرساله، كذا في التلخيص لابن حجر (2/88) ولكنه ذكر شواهد تقويه.

([431]) بدائع الصنائع 1/272، شرح الروض المربع 2/470.

([432]) أخرجه البخاري (الفتح 2/385 - ط. السلفية) ومسلم (2/581 - ط. الحلبي).

([433]) بدائع الصنائع 1/272، وحاشية ابن عابدين 1/578.

([434]) الجواهر الزكية ص 124.

([435]) راجع الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 1/578، وحاشية الدسوقي 1/390.

([436]) أخرجه الترمذي ( 2/390، - ط. الحلبي ) من حديث معاذ بن أنس، وقال: حديث حسن.

([437]) الفتاوى الهندية 1/148، حاشية الدسوقي 1/385، روضة الطالبين 2/33، كشاف القناع 2/37.

([438]) روضة الطالبين 2/47.

([439]) انظر الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 1/553، حاشية الدسوقي 1/387، كشاف القناع 2/25.

([440]) القليوبي وعميرة 1/270.

([441]) أخرجه النسائي (3/179 - 180 ط المكتبة التجارية).

([442]) ينظر بدائع الصنائع 1/274، 275، والهداية 1/60 وتحفة الفقهاء 1/283.

([443]) أخرجه البخاري (الفتح 5/287 - ط. السلفية) ومسلم (1/41 - ط. مسلم) من حديث طلحة بن عبيد الله.

([444]) ينظر المجموع للنووي 5/3، وجواهر الإكليل شرح مختصر خليل 1/101.

([445]) المغني لابن قدامة 2/304.

([446]) بدائع الصنائع 1/275، المبسوط 2/37، وتحفة الفقهاء 1/284.

([447]) كشاف القناع 1/455.

([448]) حاشية الصفتي على الجواهر الزكية: 104.

([449]) ينظر مغني المحتاج: 1/301.

([450]) حاشية ابن عابدين 1/555.

([451]) الدسوقي 1/396، وما بعدها، وأسنى المطالب 1/279، وما بعدها، وكشاف القناع 1/455، 2/50.

([452]) تحفة الفقهاء 1/284، والهداية 1/60، والدر المختار 1/583، والدسوقي 1/396، وكشاف القناع 2/50.

([453]) ينظر نهاية المحتاج للرملي 2/276.

([454]) راجع الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 1/583، والدسوقي 1/396، والمجموع للنووي 5/3، والمغني لابن قدامة 2/312.

([455]) البدائع 1/276، والدسوقي 1/396، 400.

([456]) المجموع: 5/27 و 28.

([457]) المغني لابن قدامة 2/324.

([458]) أخرجه أبو داود (1/586 - 587 - تحقيق عزت عبيد دعاس)، والدارقطني (2/170 ط. دار المحاسن) وحسنه الدارقطني.

([459]) ينظر بداية المجتهد 1/212.

([460]) ينظر المحلى على المنهاج 1/309.

([461]) درر الحكام في شرح غرر الأحكام 1/103، 104، ومجمع الأنهر 1/169، والبدائع 1/276.

([462]) ينظر الدر المختار 1/581، مع حاشية ابن عابدين عليه. وبدائع الصنائع 1/275.

([463]) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي مع شرحه المجموع للنووي 5/4.

([464]) راجع حاشية الصفتي على الجواهر الزكية: 104، والمغني لابن قدامة 2/314، 318.

([465]) ينظر الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 1/584، 585، والهداية 1/60، والبدائع 1/277.

([466]) ينظر البدائع 1/277، والدر المختار 1/285، ومجمع الأنهر 1/169، والمبسوط 2/39.

([467]) أخرجه البخاري (الفتح2/446 - ط. السلفية) من حديث أنس.

([468]) حاشية ابن عابدين 1/581.

([469]) الدر المختار 1/586.

([470]) ينظر المجموع للنووي 5/32.

([471]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/320، والمغني لابن قدامة 1/310.

([472]) ينظر جواهر الإكليل شرح مختصر الشيخ خليل 1/103.

([473]) تحفة الفقهاء 1/294، والمبسوط 2/41، والبدائع 1/280.

([474]) المجموع للنووي 5/13.

([475]) شرح الدردير على متن خليل 1/322.

([476]) المغني لابن قدامة 2/321، 323.

([477]) راجع الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 1/587.

([478]) ينظر شرح الدردير 1/322.

([479]) ينظر المحلى على المنهاج 1/309.

([480]) المغني لابن قدامة 2/328.

([481]) الدر المختار 1/581، والهداية 1/60، وتحفة الفقهاء 1/295، ومجمع الأنهر 1/167.

([482]) متن اللغة، والمصباح المنير وعمدة القاري شرح صحيح البخاري (7/236 ط. المنيرية).

([483]) حاشية ابن عابدين (2/23 ط. دار الفكر).

([484]) الفتاوى الهندية 1/112، والمغني 2/131، والمجموع 4/36، وروضة الطالبين 1/332، وحاشية الدسوقي 1/313، وتفسير القرطبي 15/160، وصحيح مسلم بشرح النووي 5/230 ط المطبعة المصرية.

([485]) أخرجه مسلم (1/499 - ط. الحلبي).

([486]) أخرجه مسلم (1/499 ط الحلبي).

([487]) أخرجه البخاري (الفتح4/226 ط السلفية) ومسلم (1/449، - ط. الحلبي).

([488]) كشاف القناع 1/442.

([489]) أخرجه مسلم (1/516 - ط الحلبي) من حديث زيد بن أرقم.

([490]) أخرجه أبو داود (2/63، تحقيق عزت عبيد دعاس) وصححه النووي في المجموع (4/39 ط المنيرية).

([491]) الفتاوى الهندية 1/112، وحاشية الدسوقي 1/313، وروضة الطالبين 1/332، والإنصاف (2/190 نشر دار إحياء التراث العربي).

([492]) أخرجه مسلم (1/499 - ط. الحلبي).

([493]) حاشية الدسوقي 1/313، والإنصاف 2/190، والمغني 2/131.

([494]) أخرجه البخاري (الفتح 2/578 - ط السلفية) ومسلم (1/497 - ط. الحلبي).

([495]) ابن عابدين 1/459، شرح المحلى على المنهاج 1/214، الإنصاف 2/190.

([496]) أخرجه الترمذي (2/337 ط الحلبي) وقال: حديث غريب.

([497]) شرح المحلى على منهاج الطالبين 1/214.

([498]) المجموع 4/36.

([499]) روضة الطالبين 1/332.

([500]) لسان العرب، والمعجم الوسيط وابن عابدين (1/453).

([501]) المجموع شرح المهذب (4/36)، وشرح الآبي على مسلم (2/382).

([502]) أخرجه مسلم (1/516 - ط. الحلبي).

([503]) أخرجه البخاري (الفتح 3/56 - ط. السلفية)، ومسلم (1/499 - ط. الحلبي) دون قوله: "صلاة الأوابين" وهي في صحيح ابن خزيمة (2/228 - ط. المكتب الإسلامي).

([504]) ابن عابدين (1/458 - 459)، والمواق بهامش الحطاب (2/67)، والمجموع شرح المهذب (4/36)، وأسنى المطالب (1/205)، وكشاف القناع (1/442)، والمغني (2/131/132).

([505]) ابن عابدين (1/453)، والبدائع (1/285)، حاشية أبي السعود على شرح الكنز (1/253)، والحطاب (2/67)، وأسنى المطالب (1/206)، ومغني المحتاج (1/225)، وكشاف القناع (1/424).

([506]) أخرجه الترمذي (2/299 - ط. الحلبي) وقال: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث زيد بن الحباب عن عمر بن خثعم، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: عمر بن عبد الله بن أبي خثعم منكر الحديث، وضعفه جداً.

([507]) أسنى المطالب (1/206)، ومغني المحتاج (1/225).

([508]) أسنى المطالب (1/206).

([509]) المصباح المنير، قواعد الفقه 225، فتح القدير 1/333، حاشية العدوي على الكفاية 2/321.

([510]) قواعد الفقه 352، الدسوقي 1/315، المجموع 4/30، المغني 2/165.

([511]) الاختيار 1/68، رد المحتار 1/472، العدوي على كفاية الطالب 1/352، 2/321، الإقناع للشربيني 1/107، المجموع 4/31، مطالب أولي النهى 1/563.

([512]) أخرجه النسائي (4/158 - ط. المكتبة التجارية) من حديث عبد الرحمن بن عوف، وأشار قبلها إلى إعلال هذه الرواية.

([513]) المعنى: لا يأمرهم به أمر تحتيم وإلزام وهو العزيمة، بل أمر ندب وترغيب فيه بذكر فضله. المجموع 4/31، الإقناع 1/107، الترغيب والترهيب 2/90.

([514]) أخرجه البخاري (الفتح 4/250 - ط السلفية)، ومسلم (1/523 - ط. الحلبي).

([515]) فتح القدير 1/333، الإقناع للشربيني 1/107، نهاية المحتاج 2/121، المغني 2/166، الترغيب والترهيب 2/105، نيل الأوطار 3/5.

([516]) أخرجه البخاري (الفتح 4/251 - ط. السلفية)، ومسلم (1/524 ط. الحلبي).

([517]) أخرجه أبو داود (2/105 - ط. عزت عبيد دعاس)، والترمذي (3/160 - ط. الحلبي)، وقال: حديث حسن صحيح.

([518]) أخرجه النسائي (3/203 - ط. المكتبة التجارية) والحاكم (1/440 - ط. دائرة المعارف العثمانية) وحسنه الذهبي.

([519]) أخرجه البخاري (الفتح 4/250 - ط. السلفية).

([520]) من معاني الخرص: الكذب، وكل قول بالظن، يقال: تخرص عليه إذا افترى، واخترص إذا اختلق. (القاموس المحيط).

([521]) فتح القدير 1/333، الاختيار 1/68 - 69، المغني 2/166، المنتقى 1/207.

([522]) بدائع الصنائع 1/288، حاشية الدسوقي 1/315، رد المحتار 1/474، شرح الزرقاني 1/284، كشاف القناع 1/425.

([523]) أخرجه مالك (1/115 - ط. الحلبي) وانظر المنتقى 1/208.

([524]) أخرجه مالك (1/115 - ط. الحلبي) وأورده النووي في المجموع (4/33) وقال: مرسل، يزيد بن رومان لم يدرك عمر، وانظر المنتقى 1/209، وشرح المنهاج للمحلي 1/217.

([525]) فتح القدير 1/334، والمغني 1/208، والمجموع 4/32 - 33.

([526]) المنتقى 2/208.

([527]) حاشية العدوي على كفاية الطالب 1/353.

([528]) كفاية الطالب 1/353 شرح الزرقاني 1/284.

([529]) أسنى المطالب 1/201، نهاية المحتاج 2/123.

([530]) مطالب أولي النهى 1/563، كشاف القناع 1/425.

([531]) الدر المختار ورد المحتار 1/474، العدوي على كفاية الطالب 2/321، أسنى المطالب 1/200، مطالب أولي النهى 1/564.

([532]) أخرجه البخاري (الفتح 2/477 - ط. السلفية)، ومسلم (1/516 - ط. الحلبي) من حديث ابن عمر.

([533]) فتح القدير 1/321، بدائع الصنائع 1/288، العدوي على كفاية الطالب 1/353، أسنى المطالب 1/200، كشاف القناع 1/426.

([534]) رد المحتار 1/474، بدائع الصنائع 1/289.

([535]) حاشية العدوي على كفاية الطالب 1/353.

([536]) نهاية المحتاج 2/123، أسنى المطالب 1/201، القليوبي 1/217.

([537]) الاختيار 1/69، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين 1/475، وبدائع الصنائع 1/290.

([538]) رد المحتار 1/473، ومواهب الجليل 3/70، شرح الزرقاني 1/283، أسنى المطالب 1/203، فتح القدير 1/334، المغني 3/170، كشاف القناع 1/426.

([539]) ابن عابدين 1/473 - 476.

([540]) شرح الزرقاني 1/283، حاشية الدسوقي 1/315.

([541]) أخرجه مسلم (1/540 - ط. الحلبي) من حديث أبي ذر.

([542]) شرح المحلى 1/217 - 218.

([543]) كشاف القناع 1/425، المغني 2/169.

([544]) فتح القدير 1/335، بدائع الصنائع 1/289، كشاف القناع 1/426 - 427، المغني 2/169، ومطالب أولي النهى 1/566.

([545]) حاشية الدسوقي 1/315، وأسنى المطالب 1/201.

([546]) لسان العرب 5/351.

([547]) أخرجه البخاري (فتح الباري 11/183 ط السلفية)، والنسائي 6/80، 81 ط المكتبة التجارية.

([548]) العدوي على الخرشي 1/36 ط الشرقية بمصر.

([549]) أخرجه البخاري (فتح الباري 11/183 - ط السلفية)، والنسائي (6/80 - 81 - ط المكتبة التجارية) وانظر ابن عابدين 1/643 ط الثالثة، والمجموع 4/54 ط المطبعة المنيرية.

([550]) أخرجه أحمد (1/168 - ط الميمنية) وإسناده ضعيف كما في المسند (3/28 ط دار المعارف).

([551]) العدوي على الخرشي 1/36، 37 ط الشرقية بمصر.

([552]) العدوي على الخرشي 1/36، 37 ط الشرقية بمصر.

([553]) العدوي على الخرشي 1/37، وكشاف القناع ص 408 ط أنصار السنة المحمدية، وفتح الباري 11/154، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 217.

([554]) ابن عابدين 1/643، وحاشية العدوي والخرشي 1/38، والفتوحات الربانية 3/348.

([555]) العدوي على الحرشي 1/37، والفتوحات 3/348.

([556]) الخرشي والعدوي على الخرشي 1/38.

([557]) حاشية العدوي على الخرشي 1/37، والفتوحات الربانية على الأذكار 3/348، والمغني 1/747، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 101.

([558]) الفتوحات الربانية 3/348.

([559]) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص/217، وابن عابدين 1/642، والفتوحات الربانية 3/354، والعدوي على الخرشي 1/38.

([560]) المغني 1/763.

([561]) أخرجه البخاري ( فتح الباري 11 / 183 - ط السلفية ) ، والنسائي ( 6 / 80 - 81 - ط المكتبة التجارية ) وانظر ابن عابدين 1 / 643 ط الثالثة، والمجموع 4 / 54 ط المطبعة المنيرية.

([562]) ابن عابدين 1/643، والفتوحات الربانية والأذكار 3/354، وحاشية العدوي على الخرشي 1/36.

([563]) الفتوحات الربانية والأذكار 3/354.

([564]) ابن عابدين 1/643، وروض الطالب 1/205 وكشاف القناع 1/408، والمغني 1/769، والخرشي 1/37.

([565]) أخرجه البخاري (فتح الباري 11/140 ط السلفية)، ومسلم 4/2095 ط عيسى الحلبي.

([566]) الآداب الشرعية 2/251 ط المنار.

([567]) المغني 1/763، وكشاف القناع 1/408، وابن عابدين 1/643، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 218، والخرشي 1/38، والفتوحات الربانية 3/356.

([568]) أخرجه ابن السني ص 161 ط دائرة المعارف العثمانية. وقال ابن حجر: (إسناده واهٍ جداً) 1/450 فيض القدير ط المكتبة التجارية.

([569]) العدوي على الخرشي 1/38، والجمل 1/492.

([570]) أخرجه مسلم 4/1727 ط عيسى الحلبي، وأحمد 3/302 ط الميمنية.

([571]) أخرجه ابن السني ص 161 ط دائرة المعارف العثمانية. وقال ابن حجر: (إسناده واهٍ جداً) 1/450 فيض القدير ط المكتبة التجارية.

([572]) حاشية العدوي على الخرشي 1/38، وابن عابدين 1/643، والفتوحات الربانية 3/357، والمغني 1/769.

([573]) لسان العرب والمعجم الوسيط.

([574]) ابن عابدين 2/6.

([575]) أسنى المطالب 1/205، وكشاف القناع 1/443، وابن عابدين 1/462، والترغيب والترهيب 1/476، والدسوقي 1/314.

([576]) أخرجه الترمذي (2/344 ط الحلبي) وابن ماجه (1/441 - ط الحلبي) وقال الترمذي: حديث غريب، وفي إسناده مقال، فائد بن عبد الرحمن يضعف في الحديث.

([577]) حاشية ابن عابدين 1/462، والترغيب والترهيب 1/473 - 478.

([578]) أورده المنذري في الترغيب والترهيب 1/477.

([579]) حاشية ابن عابدين 1/462.

([580]) إحياء علوم الدين 1/206 - 207.

([581]) لسان العرب مادة: (سقى).

([582]) ابن عابدين 1/790 ط الثالثة، وفتح العزيز بهامش المجموع 5/87، والشرح الصغير 1/537 ط المعارف.

([583]) نهاية المحتاج 2/402، والمغني 2/283 ط رشيد رضا، وابن عابدين 1/791 ط الثالثة.

([584]) الخرشي على مختصر خليل 2/13.

([585]) أخرجه البخاري (فتح الباري 10/438 - ط السلفية).

([586]) أخرجه مسلم (4/2094 - ط عيسى الحلبي).

([587]) أخرجه البخاري (فتح الباري 2/508، 509، 212 - ط السلفية).

([588]) أي موضع الستر.

([589]) أخرجه أبو داود عون المعبود (2/354 - 355 - ط المطبعة الأنصارية) وقال: (إسناده جيد).

([590]) أخرجه البخاري (فتح الباري 4/494 - ط السلفية).

([591]) المجموع للنووي 5/64 ط المنيرية، والمغني 2/297 ط المنار الأولى.

([592]) مواهب الجليل شرح مختصر خليل 2/205 ط ليبيا، والرهوني 2/190، والشرح الصغير 1/537.

([593]) الطحطاوي علي مراقي الفلاح ص 300، وابن عابدين 1/791.

([594]) فتح القدير 1/438.

([595]) شرح العناية على الهداية بهامش فتح القدير 1/440 ط بولاق.

([596]) المجموع للنووي 5/76 ط المنيرية.

([597]) الخرشي 2/14.

([598]) المغني 2/286.

([599]) المغني 2/283، ومواهب الجليل 2/205، والرهوني 2/190.

([600]) المجموع للنووي 5/72.

([601]) ابن عابدين 1/792 ط الثالثة، وحاشية الشرنبلالي على الدرر شرح الغرر 1/148، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 301.

([602]) المجموع للنووي 5/65، والمغني 2/84، وكشاف القناع 2/58، ومراقي الفلاح والحاشية 1/301، والطحطاوي ص 360.

([603]) المجموع للنووي 2/65، وشرح العناية على الهداية على هامش فتح القدير 1/441، وكشاف القناع 2/59، وحاشية الدسوقي 1/206 ط دار الفكر.

([604]) أخرجه الترمذي (تحفة الأحوذي 7/229، 10/56 - نشر السلفية) وفي إسناده ضعف وجهالة.

([605]) حاشية الشرنبلالي على الدرر 1/148.

([606]) ابن عابدين 1/791 ط الثالثة، وشرح العناية على الهداية بهامش القدير 1/440 ط بولاق.

([607]) الطحطاوي ص 360 ط المعرفة.

([608]) المجموع للنووي 5/77، والطحطاوي ص 360، والمغني 2/187، والشرح الصغير 1/539 ط المعارف.

([609]) المجموع النووي 5/93، والمغني 2/188.

([610]) أخرجه البخاري (فتح الباري 2/514 - ط السلفية "، ومسلم (2/611 - ط عيسى الحلبي).

([611]) المغني 2/284 ط المنار، والمجموع للنووي 5/74، وابن عابدين 1/791، وبدائع الصنائع 1/283.

([612]) أخرجه عبد الرزاق (3/85 - ط المجلس العلمي)، والشافعي في الأم 1/249 - ط شركة الطباعة الفنية. وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي وهو متروك كما في التقريب لابن حجر.

([613]) الشرح الصغير 1/537 ط دار المعارف، وابن عابدين 1/191، والمغني 2/285.

([614]) رواه أحمد وأبو عوانة والبيهقي ورواته ثقات (نيل الأوطار 4/6).

([615]) المجموع للنووي 5/63، وابن عابدين 1/791، والمغني 2/293، وحاشية الدسوقي 1/405.

([616]) المجموع للنووي 5/73، والمغني 2/293.

([617]) المغني 2/893.

([618]) المجموع للنووي 5/64، 83، والشرح الصغير 1/539، والطحطاوي ص 360.

([619]) المغني 2/291 ط المنار، وابن عابدين 1/791 ط الثالثة.

([620]) بدائع الصنائع 1/283 ط المطبوعات العلمية، والمجموع 5/84، والشرح الصغير 1/539، والمغني 2/291، وحاشية العدوي 2/16.

([621]) العدوي على الخرشي 2/16.

([622]) بدائع الصنائع 1/283.

([623]) المغني 2/289، والكافي 1/322 ط آل ثاني، وكشاف القناع 2/62.

([624]) رواه ابن ماجه ورجاله ثقات (نيل الأوطار 4/11).

([625]) فتح القدير 1/440، والكافي 1/322، 323.

([626]) أخرجه البخاري ومسلم (نيل الأوطار 4/15).

([627]) أخرجه البخاري (فتح الباري 2/517 - ط السلفية).

([628]) المجموع للنووي 5/79، والطحطاوي ص 359، والمغني 2/289، والشرح الصغير 1/540.

([629]) أخرجه البخاري (فتح الباري 4/494 - ط السلفية).

([630]) أخرجه البخاري (فتح الباري 6/505 - 506 ط السلفية)، ومسلم (4/2099 - 2100 ط عيسى الحلبي).

([631]) الشرح الصغير 1/539 – 540، والمجموع للنووي 5/85، والمغني 2/489.

([632]) شرح العناية على هامش فتح القدير 1/440، والمغني 2/289.

([633]) شرح العناية على هامش فتح القدير 1/440.

([634]) المغني 2/290، والشرح الصغير 1/539 - 540، والمجموع للنووي 5/85.

([635]) رواه أبو داود.

([636]) شرح العناية على هامش فتح القدير 1/440، والمجموع للنووي 5/85.

([637]) ابن عابدين 1/791، والشرح الصغير 1/539، والمغني 2/288، والمجموع للنووي 5/85.

([638]) الطحطاوي ص 360، والشرح الكبير على المغني 2/287 ط المنار، والتاج والإكليل على هامش الحطاب 2/206، وحاشية العدوي على الشرح الصغير 1/538، المجموع للنووي 5/70.

([639]) أخرجه البخاري (فتح الباري 6/88 - ط السلفية).

([640]) لسان العرب، وكشاف القناع 2/60، وأسنى المطالب 1/385.

([641]) الحطاب 2/199، ونهاية المحتاج 2/394، وكشاف القناع 2/60.

([642]) أخرجه البخاري (الفتح 2/546 - ط السلفية) ومسلم (2/630 - ط الحلبي) من حديث المغيرة بن شعبة واللفظ للبخاري.

([643]) أخرجه البخاري (الفتح 2/529 - ط السلفية) ومسلم (2/618 - ط. الحلبي) من حديث عائشة.

([644]) أورده ابن حبان في الثقات (1/261 - ط دائرة المعارف العثمانية) دون إسناد، أشار ابن حجر في الفتح (2/548 - ط. السلفية) إلى التشكيك بصحته.

([645]) أخرجه البيهقي في السنن (2/238 - ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده ضعف.

([646]) أخرجه البخاري (الفتح 5/287 ط السلفية) ومسلم (1/41 - ط. الحلبي) من حديث طلحة بن عبيد الله.

([647]) أسنى المطالب 1/285، الأم للشافعي 1/242، حاشية ابن عابدين 1/656 - 566، فتح القدير 2/51، والبدائع 1/280، وحاشية الطحطاوي على المراقي 358 ط: بولاق، المغني لابن قدامة 2/420، كشاف القناع 2/61، حاشية الدسوقي 1/401 - 402 مواهب الجليل 2/202.

([648]) أخرجه البخاري (الفتح 2/546 - ط السلفية) ومسلم (2/630 - ط الحلبي) من حديث المغيرة بن شعبة واللفظ للبخاري.

([649]) المغني 2/426، كشاف القناع 2/61، مواهب الجليل 2/203، بدائع الصنائع 1/282، المجموع 5/44.

([650]) البدائع 1/282، المغني 2/428.

([651]) شرح روض الطالب 1/124، المجموع 5/243.

([652]) حاشية الدسوقي 1/403.

([653]) المغني 2/427، روضة الطالبين 2/87، ونهاية المحتاج 2/398، 399 أسنى المطالب 1/287.

([654]) مواهب الجليل 2/203.

([655]) المغني 2/427، روضة الطالبين 2/87، ونهاية المحتاج 2/398، 399 أسنى المطالب 1/287.

([656]) أخرجه البخاري (الفتح 2/53 - ط. السلفية) ومسلم (2/627 - ط. الحلبي).

([657]) أخرجه البخاري (الفتح 2/529 - ط. السلفية) ومسلم (2/618 - ط. الحلبي) من حديث عائشة.

([658]) المصادر السابقة، والمجموع 5/44، وكشاف القناع 2/61، وحاشية الدسوقي 1/402 - 403.

([659]) حاشية الدسوقي 1/402، البدائع 1/282.

([660]) أخرجه البخاري (الفتح 2/529 - ط. السلفية) ومسلم (2/618 - ط. الحلبي) من حديث عائشة.

([661]) بدائع الصنائع 1/282، مواهب الجليل 2/202، حاشية الدسوقي 1/402، المغني 2/425، تبيين الحقائق 1/229.

([662]) المجموع 5/52، أسنى المطالب 1/286.

([663]) أخرجه البخاري (الفتح 2/529 - ط. السلفية) ومسلم (2/618 - ط. الحلبي).

([664]) أخرجه البخاري (الفتح 2/543 - ط السلفية) ومسلم (2/624 - ط. الحلبي) من حديث أسماء.

([665]) الأم للشافعي 1/246، كشاف القناع 2/61.

([666]) بدائع الصنائع 1/281.

([667]) بدائع الصنائع 1/280، وبلغة السالك 1/189، والمجموع 5/45، وكشاف القناع 2/62.

([668]) بلغة السالك 1/189، وأسنى المطالب 1/285، والمجموع 5/45، وكشاف القناع 2/62.

([669]) أخرجه البخاري (الفتح 2/540 - ط السلفية) ومسلم (2/626 - ط الحلبي).

([670]) المصادر السابقة، وروضة الطالبين 2/83، حاشية الجمل 2/109، المغني 2/422، مواهب الجليل 2/201.

([671]) كشاف القناع 2/62، أسنى المطالب 1/285، وحاشية الجمل 2/106.

([672]) أسنى المطالب 1/286، حاشية الجمل 2/108، كشاف القناع 2/62، المغني 2/422، بلغة السالك 1/190، مواهب الجليل 2/201، بدائع الصنائع 1/281.

([673]) بدائع الصنائع 1/281.

([674]) بدائع الصنائع 1/281، وتبيين الحقائق 1/228، وحديث أبي بكرة أخرجه البخاري (الفتح 2/547 - ط السلفية) والرواية الثانية أخرجها النسائي (3/153 - ط المكتبة التجارية).

([675]) أخرجه البخاري (الفتح 2/549 - ط السلفية) ومسلم (2/620 - ط الحلبي).

([676]) أخرجه أحمد (1/293 ط الميمنية) والبيهقي (3/335 - ط. دائرة المعارف العثمانية) واللفظ للبيهقي، وأشار ابن حجر إلى تضعيفه في التلخيص (2/92 - ط شركة الطباعة الفنية).

([677]) المصادر السابقة.

([678]) أسنى المطالب 1/287، المغني 2/427، مواهب الجليل 2/204.

([679]) البدائع 1/282.

([680]) مواهب الجليل 2/200.

([681]) الأم للشافعي 1/246، أسنى المطالب 1/288.

([682]) كشاف القناع 2/65 - 66، المغني 2/429.

([683]) البجيرمي على الخطيب 2/222، ولسان العرب.

([684]) بدائع الصنائع 1/242 - 243، بلغة السالك على الشرح الصغير 1/185، المجموع 4/404، 405، روضة الطالبين 2/49، كشاف القناع 2/10، المغني 2/400، الفروع 2/75.

([685]) أخرجه البخاري (الفتح 2/111 - ط السلفية) من حديث مالك بن الحويرث.

([686]) وقد روى أحاديثهم البيهقي وبعضها في سنن أبي داود.

([687]) بدائع الصنائع 1/242 - 243، وبلغة السالك على الشرح الصغير 1/185، والمجموع 4/404، 405، وروضة الطالبين 2/49، وكشاف القناع 2/10، والمغني 2/400، والفروع 2/75.

([688]) بدائع الصنائع 1/242 - 243، وبلغة السالك على الشرح الصغير 1/185، والمجموع 4/404، 405، وروضة الطالبين 2/49، وكشاف القناع 2/10، والمغني 2/400، والفروع 2/75.

([689]) أخرجه الترمذي (4/30 - ط الحلبي) من حديث سعيد بن زيد، وقال: حديث حسن صحيح.

([690]) بدائع الصنائع 1/242 - 243، وبلغة السالك على الشرح الصغير 1/185، والمجموع 4/404، 405، وروضة الطالبين 2/49، و2/62، وكشاف القناع 2/10، والمغني 2/400، والفروع 2/75.

([691]) روضة الطالبين 2/62، والمغني 2/417 ط الرياض، والشرح الصغير 1/223 مطبعة المدني، وروض الطالب 1/274.

([692]) بدائع الصنائع 1/242، ومغني المحتاج 1/301، والمغني 2/412، ونيل الأوطار جـ 4 في باب صلاة الخوف.

([693]) بدائع الصنائع 1/243، وروضة الطالبين 2/49، والمغني 2/401]، ونيل الأوطار 4/4.

([694]) الشرح الصغير 2/2 عيسى البابي الحلبي، وروضة الطالبين 2/52، والمغني 2/402.

([695]) البدائع 1/242، والهداية 1/85، وفتح القدير 2/64.

([696]) روضة الطالبين 2/49، والمجموع 4/407، والمحلى على المنهاج 1/297، وأسنى المطالب 1/270، والمغني 2/412.

([697]) البدائع 1/244، وروض الطالب، 1/270، وروضة الطالبين 2/50، والمغني 2/412.

([698]) أخرجه مسلم (1/574 – 575، ط الحلبي).

([699]) روض الطالب 1/272، وروضة الطالبين 2/50، وكشاف القناع 2/11 - 12 وحاشية الدسوقي 1/393.

([700]) أخرجه البخاري (الفتح 8/199 - ط السلفية) ومسلم (1/574 - ط الحلبي).

([701]) بدائع الصنائع 1/244، وبلغة السالك على الشرح الصغير 1/186، وروضة الطالبين 2/60، وروض الطالب 2/273، وكشاف القناع 2/18، والمغني 2/416.

([702]) المجموع 4/419، وأسنى المطالب 1/272، وروضة الطالبين 2/57، والمغني لابن قدامة 2/405.

([703]) القاموس، المصباح مادة: (جنز)، والدر المختار 1/599.

([704]) اسم مفعول من الاحتضار.

([705]) ابن عابدين 1/595، والهندية 1/154.

([706]) أخرجه مسلم (2/634 - ط عيسى الحلبي).

([707]) الفتاوى الهندية 1/154، ومختصر المزني 1/169، وغاية المنتهى باختصار 1/228، وبلغة السالك 1/266.

([708]) الفتاوى الهندية 1/154.

([709]) الفتاوى الهندية 1/154، ومختصر خليل 37، والمزني 1/69، والغاية 1/228.

([710]) أخرجه البخاري (فتح الباري 10/267 - ط السلفية)، ومسلم (2/651 ط عيسى الحلبي) من حديث عائشة.

([711]) الفتاوى الهندية 1/154، ومختصر خليل 37، والمزني 1/69، والغاية 1/228.

([712]) فتح الباري 3/75، وشرح البهجة 1/124.

([713]) رواه ابن أبي شيبة 4/99.

([714]) غاية المنتهى 1/228.

([715]) فتح الباري 3/75.

([716]) أخرجه أحمد (2/440 ط المكتب الإسلامي)، والترمذي (3/380 مصطفى الحلبي) والحاكم (2/27 ط دار الكتاب العربي) من حديث أبي هريرة وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وصحح الحديث الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

([717]) أخرجه أبو داود (3/510 - ط عزت عبيد الدعاس). والبيهقي (3/386 - ط دار المعرفة) من حديث حصين بن وحوح مرسلا (الإصابة 1/340 - ط مؤسسة الرسالة) والأرناؤوط (جامع الأصول 11/141 - ط دار البيان).

([718]) ابن عابدين 1/112، 113، وبدائع الصنائع 1/299، 300، والاختيار لتعليل المختار 1/91، ومواهب الجليل، 2/207، والشرح الصغير 1/523 ط دار المعارف بمصر، وروضة الطالبين 2/98، وحاشية الجمل 2/143، ونيل المآرب 1/220.

([719]) ورد في كتاب الاختيار شرح المختار (1/91) ولم نجده فيما بين أيدينا من كتب السنة، وأورده الزيلعي بلفظ "للمسلم على المسلم ثمانية حقوق"، وذكر منها "غسل الميت". وقال: هذا الحديث ما عرفته ولا وجدته. (نصب الراية 2/257).

([720]) أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/136 ط الميمنية) من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه موقوفاً عليه. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عتي بن ضمرة وهو ثقة.

([721]) أخرجه ابن ماجه (1/469 ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأعله البوصيري بالضعف الشديد في أحد رواته.

([722]) ابن عابدين 1/574، والاختيار 1/91. دار المعرفة، والفتاوى الهندية 1/158، وبدائع الصنائع 1/301، ومواهب الجليل 2/223، والشرح الصغير 1/548، وحاشية الجمل2/146، ومختصر المزني/35 ط دار المعرفة، وروضة الطالبين 2/100، والمقنع 1/269 ط المطبعة السلفية، والمغني 2/457.

([723]) أخرجه البخاري (الفتح 3/130 ط السلفية)، ومسلم (2/647، 648 ط الحلبي) من حديث أم عطية رضي الله عنها.

([724]) الاختيار لتعليل المختار 1/91، ومواهب الجليل 2/222، 238، وروضة الطالبين 2/100، والمغني 2/457.

([725]) بدائع الصنائع 1/301، والفتاوى الهندية 1/158، والمدونة 1/173، ومواهب الجليل 2/238، وروضة الطالبين 2/107، والمغني 2/542.

([726]) ابن عابدين 1/575، والاختيار 1/92، ومواهب الجليل 2/223، والشرح الصغير 1/549، وروضة الطالبين 2/102، والمغني 2/464.

([727]) الفتاوى الهندية 1/160، والشرح الصغير 1/544، وروضة الطالبين 2/103، وغاية المنتهى 1/230، 231 ط مطبعة دار السلام بدمشق.

([728]) ابن عابدين 1/576، والفتاوى الهندية 1/160، والبدائع 1/305 ط دار الكتاب العربي، وشرح الزرقاني 2/87 ط دار الفكر، وروضة الطالبين 2/104، وحاشية الجمل 2/150، والمغني 2/524.

([729]) أخرجه أبو داود (3/502 تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (3/60 ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه هو وابن حبان (ص 530 موارد الظمآن ط السلفية).

([730]) ابن عابدين 1/575، وبدائع الصنائع 1/305، والفتاوى 1/160، والمغني 2/524.

([731]) ابن عابدين 1/608، والاختيار 1/97، وبدائع الصنائع 1/324، والمدونة 1/1983، والحطاب 2/247، وروضة الطالبين 1/119، والمغني 2/528، 529.

([732]) أخرجه البخاري (الفتح 3/212 ط السلفية).

([733]) ابن عابدين 1/594، وبدائع الصنائع 1/302، ومواهب الجليل 2/240، 250، وروضة الطالبين 2/117، والمغني 2/522.

([734]) حاشية الجمل 1/146، والمغني 2/539.

([735]) ابن عابدين 1/576، وبدائع الصنائع 1/302، والمدونة 1/180، ومواهب الجليل 2/212.

([736]) شرح البهجة 2/102 ط المطبعة الميمنية، والمغني 2/539.

([737]) ابن عابدين 1/582، ومواهب الجليل 2/234، وروضة الطالبين 2/140، والمغني 2/553.

([738]) ابن عابدين 1/582، وروضة الطالبين 2/140.

([739]) مواهب الجليل 2/233، 234، وروضة الطالبين 2/140، وحاشية الجمل 2/143.

([740]) لسان العرب مادة: (كفن).

([741]) فتح القدير 1/452 ط الأميرية ببولاق، ومجمع الأنهر 1/181 ط دار السعادة.

([742]) شرح فتح القدير 1/452، وحاشية الرهوني 2/209 ط الأميرية ببولاق، والمجموع 5/140 ط المنيرية، وكشاف القناع 2/103 ط عالم الكتب، والبخاري 2/93 ط محمد علي صبيح.

([743]) أخرجه أبو داود (4/209 تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث ابن عباس. وصححه ابن القطان كما في التلخيص الحبير لابن حجر (2/69 ط شركة الطباعة الفنية).

([744]) بدائع الصنائع 1/307 ط دار الكتاب العربي، والمجموع 5/148 ط المنيرية، وروضة الطالبين 2/109 ط المكتب الإسلامي، وشرح منتهى الإرادات 1/336 ط دار الفكر، والدسوقي 1/413 ط عيسى الحلبي، وكشاف القناع 2/104 ط عالم الكتب، والإنصاف 2/507.

([745]) أخرجه أبو داود (3/498 تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث ابن عباس وضعفه ابن حجر في التلخيص (2/118 ط شركة الطباعة الفنية).

([746]) أخرجه ابن عدي في الكامل في الضعفاء (7/2511 ط دار الفكر) ونقل الزيلعي عنه تضعفه له. نصب الراية (2/261 ط المجلس العلمي بالهند).

([747]) أخرجه أبو داود (3/509 تحقيق عزت عبيد دعاس) وفي إسناده جهالة (نصب الراية للزيلعي 2/264 ط المجلس العلمي بالهند).

([748]) حاشية الطحطاوي 315، 316، والبدائع 1/306، وابن عابدين 1/579، والهداية وفتح القدير 1/454.

([749]) مواهب الجليل 2/25 ط مكتبة النجاح - ليبيا، والشرح الصغير 1/550 ط دار المعارف.

([750]) روضة الطالبين 1/283، 2/110 - 111 ط المكتب الإسلامي.

([751]) نهاية المحتاج 2/450 ط المكتبة الإسلامية، والمجموع 5/144 - 146.

([752]) سحولية نسبة إلى بلد باليمن كانت تجلب منها الثياب. (المصباح، سحل).

([753]) أخرجه البخاري (فتح الباري 3/140 ط السلفية)، ومسلم (2/650 ط عيسى الحلبي).

([754]) أخرجه أبو داود (3/509 تحقيق عزت عبيد دعاس) وفي إسناده جهالة (نصب الراية للزيلعي 2/264 ط المجلس العلمي بالهند).

([755]) المغني 2/464 - 471.

([756]) أخرجه البخاري (فتح الباري 3/137 ط السلفية) من حديث عبد الله بن عباس.

([757]) البدائع 1/308، والمجموع 5/149، وروضة الطالبين 2/113، وكفاية الطالب 1/320، وشرح منح الجليل 1/298، والمغني 2/464، 465 وما بعدها.

([758]) التبان: سروال صغير مقدار شبر يستر العورة المغلظة (مختار الصحاح).

([759]) الفتاوى الهندية 1/161، والبدائع 1/307، 308.

([760]) منح الجليل 1/298. 

([761]) المجموع 5/207، وروضة الطالبين 2/112.

([762]) المغني 2/470.

([763]) بدائع الصنائع 1/324.

([764]) أخرجه أحمد (5/431 ط الميمنية) من حديث جابر بن عبد الله. وإسناده صحيح. نصب الراية (2/307 ط المجلس العلمي بالهند).

([765]) شرح منح الجليل 1/312، وحاشية الدسوقي 1/425.

([766]) كشاف القناع 2/99 - 100، ومنتهى الإرادات 1/155.

([767]) مغني المحتاج 1/351 ط الحلبي، وشرح التحرير بحاشية الشرقاوي 1/337، وروضة الطالبين 2/120.

([768]) أخرجه أبو داود (3/497 - تحقيق عزت عبيد دعاس). وقال ابن حجر: (على شرط مسلم). التلخيص (2/118 - ط شركة الطباعة الفنية).

([769]) بدائع الصنائع 1/324، وشرح منح الجليل 1/312، وكشاف القناع 2/99 - 100، ومغني المحتاج 1/351.

([770]) أخرجه البخاري (فتح الباري 3/143 ط السلفية).

([771]) فتح الباري 3/143، وابن عابدين 1/606، ونهاية المحتاج 2/456، والجمل شرح المنهج 2/156، وشرح التحرير بحاشية الشرقاوي 1/337، والمجموع 5/211، والمغني لابن قدامة 2/467 ط الرياض.

([772]) أخرجه ابن ماجه (1/474 ط عيسى الحلبي) وضعفه البوصيري في الزوائد (2/28 ط الدار العربية) وابن حجر في التلخيص الحبير (2/110 - 111 ط شركة الطباعة الفنية) وهو عند الطيالسي كذلك، منحة رقم 784 ط المنيرية والبيهقي (4/19 - 20 ط دار المعرفة) جميعهم من حديث ابن مسعود.

([773]) ابن عابدين 1/623، والبحر 2/191، والمجموع 5/270، والطحطاوي على مراقي الفلاح 352، وغاية المنتهى 1/246.

([774]) أخرجه البخاري (فتح الباري 3/182 - 183 ط السلفية) ومسلم (2/651 - 652 ط عيسى الحلبي) من حديث أبي هريرة.

([775]) ابن عابدين 1/624، والهندية 1/159، والفتح 3/125، وشرح مسلم للنووي 1/188.

([776]) أخرجه البخاري (فتح الباري 3/112 ط السلفية) ومسلم (3/1635 ط عيسى الحلبي) من حديث البراء بن عازب.

([777]) ابن عابدين 1/624، والهندية 1/159، والفتح 3/125، وشرح مسلم للنووي 1/188.

([778]) الهندية 1/162، والتنبيه للشافعية ص 37، وغاية المنتهى للحنابلة 1/230، 239، 247، ومقدمات ابن رشد 1/120، 171، والشرح الصغير 1/229.

([779]) ابن عابدين 1/608، والهندية 1/161، ومقدمات ابن رشد 1/171، والشرح الصغير 1/223، والتنبيه/38، والأم 1/240، والمحلي على المنهاج 1/330، وغاية المنتهى 1/242، 243.

([780]) الهندية 1/161، وغاية المنتهى 1/343، والدسوقي 1/414، والمجموع 5/224، ومغني المحتاج 1/341، والقليوبي 1/331، وكشاف القناع 2/112.

([781]) أخرجه أبو داود (3/533 - 534 ط عزت عبيد الدعاس) والترمذي (3/343 ط مصطفى الحلبي) وابن ماجه (1/479 ط عيسى الحلبي) من حديث أنس، وقال الترمذي: (حديث حسن).

([782]) كشاف القناع 2/112، والمجموع للنووي 5/225، 226، والزرقاني على الموطأ 2/64، والأم 1/244، وشرح البهجة 1/108، وغاية المنتهى 1/241.

([783]) البدائع 1/31، والشرح الصغير 1/445، التنبيه ص 38، والأم 1/244، ومغني المحتاج 1/346، وغاية المنتهى 1/240.

([784]) الهندية 1/162، وابن عابدين 1/619، 620، والمدونة 1/161، والشرح الصغير 1/229، وغاية المنتهى 1/240، وتعليق المقنع 1/279، وشرح البهجة 2/117.

([785]) أخرجه مسلم (2/669 ط عيسى الحلبي) من حديث عائشة.

([786]) أخرجه مسلم (1/112 - ط عيسى الحلبي).

([787]) أخرجه أبو داود (3/550 - عزت عبيد الدعاس) والحاكم (1/370 - ط دار الكتاب العربي) من حديث عثمان بن عفان. وقال الحاكم: (إسناده صحيح) ووافقه الذهبي.

([788]) ذكره ابن عابدين وروى الطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر مرفوعا وليقرأ عند رأسه أول سورة البقرة، وعند رجليه بخاتمة سورة البقرة في قبره، كما في شرح الصدور للسيوطي ص 41.

([789]) شرح البهجة 2/122، والحديث في ذلك ضعيف الإسناد، لكن قال ابن الصلاح وغيره: اعتضد بعمل أهل الشام قديماً.

([790]) شرح غاية المنتهى 1/251.

([791]) شرح البهجة 2/124، 125، والطحطاوي ص 361، ونيل المآرب ص 68، وبلغة السالك 225.

([792]) أخرجه ابن ماجه (1/511 - ط عيسى الحلبي). والبيهقي (4/59 - ط دار المعرفة). قال البوصيري: هذا إسناد فيه مقال، قيس أبو عمارة ذكره ابن حبان من الثقات، وقال الذهبي في الكاشف: ثقة، وقال البخاري: فيه نظر وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم. والزوائد 2/50 - 51.

([793]) مراقي الفلاح 300، والشرح الصغير 1/236، وشرح البهجة 2/135.

([794]) أخرجه أبو داود (3/497 - ط عزت عبيد الدعاس) والترمذي (3/314 - ط مصطفى الحلبي) وابن ماجه (1/514 - ط عيسى الحلبي). واللفظ له من حديث عبد الله بن جعفر. وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح).

([795]) مراقي الفلاح 300، والشرح الصغير 1/236، وشرح البهجة 2/135.

([796]) أخرجه البخاري (فتح الباري 5/385 - ط السلفية) من حديث ابن عباس.

([797]) أخرجه البخاري (فتح الباري 4/193 - ط السلفية) ومسلم (2/804 - ط عيسى الحلبي) من حديث ابن عباس.

([798]) أخرجه مسلم (3/1255 - ط عيسى الحلبي). من حديث أبي هريرة.

([799]) المغني 2/567 - 568.

عدد القراء : 4842