البركة الظاهرة في طفولة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
016 البركة الظاهرة في طفولة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني (ص: 157)
96 - قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَقَدِمَ مَكَّةَ عَشْرُ نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ يَطْلُبْنَ الرَّضَاعَ وَخَرَجَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ... [ص:158] وَاسْمُ أَبِيهِ الَّذِي أَرْضَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى وَإِخْوَتُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ وَأُنَيْسَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَجُذَامَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَهِيَ الشَّيْمَاءُ وَكَانَتِ الشَّيْمَاءُ تَحْضِنُهُ مَعَ أُمِّهَا وَخَرَجُوا فِي سَنَةٍ حَمْرَاءَ [العربُ إِذا ذكرت شيْئاً بالمشَقَّةِ والشدَّة وصَفَتْهُ بالحُمْرَةِ] وَخَرَجَتْ بِابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ تُرْضِعُهُ وَأَتَانٍ قَمْرَاءَ [بيضاء] تُدْعَى سِدْرَةَ، وَشَارِفٍ ذَلْفَاءَ [صغيرة الأنف] لَا لَبَنَ بِهَا يُقَالُ لَهَا السَّمْرَاءُ اللَّقُوحُ [ذات الدر] قَدْ مَاتَ سَقْبُهَا [ولد الناقة] بِالْأَمْسِ لَيْسَ فِي ضَرْعِهَا قَطَرَةُ لَبَنٍ وَقَدْ يَبِسَ مِنَ الْعَجَفِ [الجوع]
وَقَالَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ لِظِئْرِهِ حَلِيمَةَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُبَارَكًا
فَخَرَجَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْزِلِهَا
فَتَجِدُ حِمَارَتَهَا قَدْ قَطَعَتْ رَسْنَهَا وَهِيَ تَجُولُ فِي الدَّارِ
وَتَجِدُ شَارَفَهَا قَائِمَةً تَقْصَعُ بِجَرَّتِهَا
فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا: إِنَّ هَذَا الْمَوْلُودَ لَمُبَارَكٌ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْنَا بَعْضَ بَرَكَتِهِ
قَالَ: ثُمَّ عَمِدَ إِلَى شَارِفِهَا فَحَلَبَهَا قَعْبًا فَسَقَى حَلِيمَةَ
ثُمَّ حَلَبَهَا قَعْبًا فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ
وَلَمَسَ ضَرْعَهَا فَإِذَا هِيَ بَعْدُ حَافِلٌ
فَحَلَبَ قَعْبًا آخَرَ فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ
وَلَمَسَ ضَرْعَهَا فَإِذَا هِيَ بَعْدُ حَافِلٌ فَحَلَبَ قَعْبًا آخَرَ فَحَقَنَهُ فِي سِقَاءٍ لَهُ
ثُمَّ حَدَجُوا أَتَانَهَا [رموا بِأَبْصَارِهِمْ اليها] وَخَرَجُوا
فَرَكِبَتْهَا [ص:159] حَلِيمَةُ
وَرَكِبَ الْحَارِثُ شَارَفَهَا
وَحَمَلَتْ حَلِيمَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهَا عَلَى الْأَتَانِ
وَطَلَعَتْ عَلَى صَوَاحِبِهَا بِوَادِي السُّرَرِ مُرْتَعَاتٍ [قد شبعوا يلهون ويلعبون] فَقُلْنَ: هِيَ حَلِيمَةُ وَزَوْجُهَا ثُمَّ هَذَا حِمَارٌ أَنْجَى مِنْ حِمَارَتِهَا وَهَذَا بَعِيرٌ أَنْجَى مِنْ بَعِيرِهَا وَمَا يَقْدِرَانِ أَنْ يَضْبِطَا رُؤُوسَهُمَا حَتَّى نَزَلَتْ مَعَهُنَّ
فَقُلْنَ: يَا حَلِيمَةُ مَاذَا صَنَعْتِ؟
فَقَالَتْ: أَخَذْتُ وَاللَّهِ خَيْرَ مَوْلُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ وَأَعْظَمَهُ بَرَكَةً
فَقَالَتِ النِّسْوَةُ: أَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ حَلِيمَةُ: نَعَمْ
فَأَخْبَرَتْهُنَّ مِنْ إِقْبَالِ دَرِّهَا وَدَرِّ لَقُوحِهَا وَمَا رَأَوْا مِنْ نَجَاءِ الْأَتَانِ وَاللِّقْحَةِ
فَقَالَتْ حَلِيمَةُ: فَمَا رَحَلْنَا مِنْ مَنْزِلِنَا حَتَّى رَأَيْتُ الْحَسَدَ فِي بَعْضِ نِسَائِنَا
فَرُحْنَ إِلَى بِلَادِهِنَّ
قَالَتْ: فَقَدِمْنَا عَلَى عَشْرِ أَعَنُزٍ مَا يَرِمْنَ مِنَ الْبَيْتِ هُزَالًا
فَإِنَّ كُنَّا لَنُرِيحُ الْإِبِلَ وَإِنَّهَا لَحُفَّلٌ فَنَحْلِبُ وَنَشْرَبُ وَنَحْلِبُ شَارِفَنَا غَبُوقًا وَصَبُوحًا
وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى الشَّارِفِ قَدْ نُصِبَتْ فِي سِنَامِهَا
وَأَنْظُرُ إِلَى عَجُزِ الْأَتَانِ وَكَأَنَّ فِيهَا الْأَفْهَارَ [الأفهار: جمع فهر، وَهُوَ حجر على مِقْدَار ملْء الْكَفّ] وَإِنْ كَانَ عَجُزُهَا دَبْرَاءَ [هالكة] لَمَّا نَخَسَهَا [أي: مسها وطعنها بأصبعه رسول الله].
وَجَعَلَ أَهْلُ الْحَاضِرِ يَقُولُونَ لِرُعْيَانِهِمْ: ابْلُغُوا حَيْثُ تَبْلُغُ غَنَمُ حَلِيمَةَ فَيَبْلُغُونَ فَلَا تَأْتِي مَوَاشِيهِمْ إِلَّا كَمَا كَانَتْ تَأْتِي قَبْلَ ذَلِكَ
وَلَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُسُّ ضَرْعَ شَاةٍ لَهُمْ يُقَالُ لَهَا أطلَالُ فَمَا يُطْلَبُ مِنْهَا سَاعَةً مِنَ السَّاعَاتِ إِلَّا حَلَبَتْ غَبُوقًا وَصَبُوحًا وَمَا عَلَى الْأَرْضِ شَيْءٌ تَأْكُلُهُ دَابَّةٌ.
البركة في الطعام والشراب:
في صحيح مسلم، (8/ 232)، 7705 - قَالَ فَأَتَيْنَا الْعَسْكَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَا جَابِرُ نَادِ بِوَضُوءٍ». فَقُلْتُ أَلاَ وَضُوءَ أَلاَ وَضُوءَ أَلاَ وَضُوءَ، قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ فِى الرَّكْبِ مِنْ قَطْرَةٍ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُبَرِّدُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَاءَ فِى أَشْجَابٍ لَهُ [الشجب: السقاء البالي الخلق الذى صار شنا] عَلَى حِمَارَةٍ [الحمارة: ثلاثة أعواد يشد بعض أطرافها إلى بعض ويخالف بين أرجلها] مِنْ جَرِيدٍ قَالَ: فَقَالَ لِيَ: «انْطَلِقْ إِلَى فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ الأَنْصَارِيِّ فَانْظُرْ هَلْ فِي أَشْجَابِهِ مِنْ شَيْءٍ». قَالَ فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فَنَظَرْتُ فِيهَا فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلاَّ قَطْرَةً فِي عَزْلاَءِ شَجْبٍ مِنْهَا لَوْ أَنِّى أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلاَّ قَطْرَةً فِي عَزْلاَءِ شَجْبٍ مِنْهَا لَوْ أَنِّى أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ قَالَ: «اذْهَبْ فَأْتِنِى بِهِ». فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ لاَ أَدْرِي مَا هُوَ وَيَغْمِزُهُ بِيَدَيْهِ ثُمَّ أَعْطَانِيهِ فَقَالَ: «يَا جَابِرُ نَادِ بِجَفْنَةٍ».
فَقُلْتُ يَا جَفْنَةَ الرَّكْبِ. فَأُتِيتُ بِهَا تُحْمَلُ فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَةِ هَكَذَا فَبَسَطَهَا، وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ وَضَعَهَا فِي قَعْرِ الْجَفْنَةِ وَقَالَ: «خُذْ يَا جَابِرُ فَصُبَّ عَلَىَّ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ». فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ بِاسْمِ اللَّهِ.
فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَوَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ فَارَتِ الْجَفْنَةُ وَدَارَتْ حَتَّى امْتَلأَتْ
فَقَالَ: «يَا جَابِرُ نَادِ مَنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِمَاءٍ». قَالَ فَأَتَى النَّاسُ فَاسْتَقَوْا حَتَّى رَوَوْا.
قَالَ فَقُلْتُ هَلْ بَقِىَ أَحَدٌ لَهُ حَاجَةٌ.
فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ مِنَ الْجَفْنَةِ وَهِىَ مَلأَى.
وَشَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجُوعَ فَقَالَ «عَسَى اللَّهُ أَنْ يُطْعِمَكُمْ».
فَأَتَيْنَا سِيفَ الْبَحْرِ فَزَخَرَ الْبَحْرُ زَخْرَةً فَأَلْقَى دَابَّةً فَأَوْرَيْنَا عَلَى شِقِّهَا النَّارَ فَاطَّبَخْنَا وَاشْتَوَيْنَا وَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا.
قَالَ جَابِرٌ فَدَخَلْتُ أَنَا وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً فِى حِجَاجِ [الحجاج: العظم المستدير حول العين] عَيْنِهَا مَا يَرَانَا أَحَدٌ حَتَّى خَرَجْنَا فَأَخَذْنَا ضِلَعًا مِنْ أَضْلاَعِهِ فَقَوَّسْنَاهُ ثُمَّ دَعَوْنَا بِأَعْظَمِ رَجُلٍ فِي الرَّكْبِ وَأَعْظَمِ جَمَلٍ فِي الرَّكْبِ وَأَعْظَمِ كِفْلٍ فِي الرَّكْبِ فَدَخَلَ تَحْتَهُ مَا يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ.
عدد القراء : 446