shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

أجرة الرضاع

أجرة الرضاع

في جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (20/ 414)

(مُسندُ شدَّاد بْن أوسٍ - رضي الله عنه -)

369/ 1 - حَدَّثَنِى شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ قَالَ: أَقْبَل رَجُلٌ مِنْ بَنِى عَامِرٍ شَيْخٌ كَبِيرٌ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصَاهُ حَتَّى مَثَلَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ تَفُوهُ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ: تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ الله أُرْسِلْتَ إِلَى النَّاسِ كَمَا أُرْسِلَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِهِمْ، وَإِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَمَا لَكَ وَالنُّبُوَّة؟ وَلَكِن (لِكُلِّ) قَوْلِ حَقِيقَةٌ، وَلِكُل بَدْءِ شَأنٌ، فَحَدِّثْنِى بِحَقِيقَةِ قَوْلِكَ وَبَدْءِ شَأنِكَ،

وَكَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَليمًا لاَ يَجْهَلُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَخَا بَنِى عَامِرٍ، إِنَّ للأَمْرِ الَّذِى سَأَلْتَنِى عَنْهُ قِصَصًا وَنَبأً، فَاجْلِسْ أُنْبِئْكَ بحَقيقَةِ قَوْلِى وَبَدْءِ شَأنِى،

فَجَلَسَ العَامِرِىُّ بَيْنَ يَدَىْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ وَالِدِى لَمَّا بَنَى بِأُمِّى حَمَلَتْ، فَرَأَتْ فَيمَا يَرَىْ النَّائِمُ أَنَّ نُورًا خَرَجَ مِنْ جَوْفِهَا، فَجَعَلَتْ تُتْبِعُهُ بَصَرَهَا حَتَّى مَلأَ مَا بَيْنَ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ نُورًا، فَقَصَّتْ ذَلِكَ عَلَى حَكِيمٍ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَالَ لَهَا: والله لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ بَطْنِكَ غُلاَمٌ يَعْلُو ذكْرُهُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ،

وَكَانَ هَذَا الْحَىُّ مِنْ بَنِى سَعْدِ بْنِ هَوَازِنَ يَنْتَابُونَ نِسَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَيَحْضُنُونَ أَوْلاَدَهُمْ وَينْتَفِعُونَ بخَيْرِهِمْ، وَإِنَّ أُمِّى وَلَدَتْنِى فِى العَامِ الَّذِى قَدمُوا فيهِ

وَهَلَكَ وَالِدِى، فَكُنْتُ يَتِيمًا فِى حِجْرِ عَمِّى أَبِى طَالِبِ، فَأَقْبَلَ النِّسْوَانُ يَتَدَافَعْنَنِى وَيَقُلْنَ: ضَرْعٌ صَغِير لاَ أَبَا لَهُ فَمَا عَسَيْنَا أَنْ نَنْتَفِعَ بِهِ مِنْ خَيْرٍ،

وَكَانْ فِيهنَ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ كبشة ابْنَةُ الْحَارِثِ، فَقَالَتْ: وَالله لاَ أَنْصَرِفُ عَامِى هَذَا خَائِبَةً أَبَدًا، فَأَخَذَتنِى وَأَلْقَتْنِى عَلَى صَدْرِهَا فَدِرَّ لَبَنُهَا فَحَضَنَتْنِى،

فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَمِّى أَبَا طَالِب أَقْطَعَهَا إِبِلًا وَمُقَطَّعَاتٍ مِنَ الثِّيَاب، وَلَمْ يَبْقَ عَمُّ مِنْ عُمُومَتِى إِلَّا أَقْطَعَهَا وَكسَاهَا،

فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ النِّسْوَانَ، أَقْبَلْنَ إِلَيْهَا، يَقُلْنَ. أَمَا وَالله يَا أُمَّ كبْشَةَ لَوْ عَلِمْنَا بَرَكَةَ هَذَا يَكُونُ هَكَذَا؟ مَا سَبقْتينَا إِلَيْه،

ثُمَّ تَرَعْرَعْتُ وَكَبِرْتُ، وَقَدْ بُغَّضَتْ إِلَىَّ أَصْنَامُ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ، فَلاَ أَقْرَبُهَا وَلاَ آتِيهَا حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ زَمَنٍ خَرَجْتُ بَيْنَ أَتْرَابٍ لِى مِنَ الْعَرَبِ نَتَقَاذَفُ بِالأَجِلَةِ يَعْنِى البَعْرَ فِإِذَا بثَلاثَةِ نَفَرٍ مُقْبِلِينَ مَعَهُمْ طَسْتٌ منْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٌ ثَلْجًا، فَقَبَضُوا عَلَىَّ مِنْ بَيْنَ الغِلْمَانِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلكَ الغلْمَانُ انْطَلقُوا هُرَّابًا، ثُمَّ رَجَعُوا فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ النَّفَرِ: إِنَّ هَذَا الغُلاَمَ لَيْسَ مِنَّا وَلاَ مِن الْعَرَبِ، وَإِنَّهُ لاَبْنُ سيِّدِ قُريْشٍ وَبَيْضَةِ المَجْدِ، وَما مِنْ حَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ إِلَّا لآبَائِهِ فِى رِقَابِهمْ نِعْمَةُ مُجلَّلَةٌ فَلاَ تَصْنَعُوا بِقَتْلِ هَذَا الغُلاَمِ شَيْئًا، فَإِنْ كُنْتُمْ لاَ بُدَّ قَاتِلِيهِ فَخُذُوا أَحَدَنَا فَاقْتُلُوُه مَكَانَهُ، فَأَبَوْا أنْ يَأخُذُوأ عَنِّى فِدْيَةً، فَانْطَلَقُوا وَأَسْلَمُونِى فِى أَيْدِيهِمْ، فَأَخَذَنِى أَحَدُهُمْ، فَأَضْجَعَنِى إِضْجَاعًا رفيقًا وَشَقَّ مَا بَيْنَ صَدْرِى إِلَى عَانَتِى، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ قَلْبِى فَصرَمَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مُضْغَةً سَوْدَاءَ مُنْتِنَةً فَقَذَفَهَا ثُمَّ غَسَلَهُ فِى تلْكَ الطّسْتِ بِذَلكَ الثَّلْجِ ثُمَّ رَدَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ الثَّانِى فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِى إِلَى عَانَتِى، فَالْتَأَم ذَلِكَ كُلُّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ الثَّالثُ وَفى يَدِهِ خَاتَمٌ لَهُ شُعَاعٌ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفِىَّ وَثَدْيَيَّ، فَلَقَدْ لَبثْتُ زَمَانًا منْ دَهْرِى وَأَنَا أَجِدُ بَرْدَ ذلكَ الخَاتَم، ثُمَّ انْطَلَقُوا وَأَقْبَلَ الحىُّ بِحَذافيرِهمْ، فَأَقْبَلتُ مَعَهُمْ إِلَى أُمِّى الَّتِى أَرْضَعَتْنِى، فَلَمَّا رَأَتْ مَا بِى أَلْزَمَتْنِى وَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ قُتِلْت: لوحدَتكَ وَلِيُتْمِكَ وَأَقْبَلَ الحَىُّ يُقَبِّلُونَ مَا بيْنَ عَيْنَى إِلَى مَفْرق رَأسى، وَيقُولُونَ، يَا مُحَمَّدُ: قُتِلتَ لوحَدتكَ وَليتمك احْمِلُوهُ إِلَى أَهْلِهِ، لاَ يَمُوتُ عِنْدَنَا، فَحُمِلْتُ إِلَى أَهْلِى، فَلَمَّا رآنى عَمِّى أَبُو طَالبٍ قَالَ: والَّذِى نَفْسى بيَده، لاَ يَمُوتُ ابْنُ أَخِى حَتَّى تَسُودَ بِه قُرَيْشٌ جَمِيعَ الْعَرَبِ، احْمِلُوهُ إِلَى الكَاهِنِ، فَحُمَلْتُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رآنِى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، حَدِّثْنِى مَا رَأَيْتَ، وَمَا صُنَعَ بِكَ، فَأَنْشَأتُ أَقُصُّ عَلَيْهِ القَصَصَ، فَلَمَّا سَمِعَهُ وَثَبَ عَلَىَّ وَالْتَزَمَنى، وقَالَ: يَا لَلْعَرَبِ، اقْتُلُوهُ، فَوَالَّذى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَئِنْ بَقِىَ حَتَّى بَلَغَ مَبَالِغَ الرِّجَالِ لَيَشْتُمَنَّ مَوْتَاكُمْ، وَلَيُسَفِّهَنَّ رَأيكُمْ، وَلَيَأتيَنَّكُمْ بِدِينٍ مَا سَمِعْتُمْ بمثْلهِ قَطُّ، فَوَثَبَتْ عَلَيْه أُمِّى الَّتى أَرْضَعَتْنِى، فَقالَتْ: إِنْ كَانَتْ نَفْسُكَ قَدْ غَمَّتْكَ، فَالْتَمِسَ لَها مَنْ يَقْتُلُهَا، فَإنَّا غَيْرُ قَاتِلِى هذَا الْغُلاِمِ، فَهَذَا بَدْءُ شَأنى وَحَقِيقَةُ قَوْلَى، فَقالَ العَامِرِىُّ: فَمَا تَأمُرُنِى يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: آمُرُكَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَتُصَلِّىَ الخَمْسَ لِوقْتِهِنَّ، وَتَصُومَ شَهْرَ رَمَضانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَتُؤَدِّىَ زَكَاةَ مَالِكَ. قَالَ: فَمَا لِى إِنْ فَعَلتُ ذلِكَ؟ قَالَ: جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى منْ تَحْتِها الأَنْهارُ، ذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى. قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَإِلَى المُسْمِعَاتِ أَسْمَعُ. قَالَ: جَوْف اللَّيْلِ الدَامِسِ إِذَا هَدَأَتِ العُيُونُ فَإِنَّ الله حَىٌّ قَيُومٌ يَقُولُ: هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتوُبُ عَلَيْهِ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرُ لَهُ ذَنْبَهُ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعطِيهُ سُؤْلَهُ؟ فَوَثَبَ العَامِرِىُّ فَقالَ. أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِله إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله".

 

وَالْتِمَاسُ الْأَجْرِ عَلَى الرّضَاعِ لَمْ يَكُنْ مَحْمُودًا عِنْدَ أَكْثَرِ نِسَاءِ الْعَرَبِ، حَتّى جَرَى الْمَثَلُ تَجُوعُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَأْكُلُ بِثَدْيَيْهَا،

وَكَانَ عِنْدَ بَعْضِهِنّ لَا بَأْسَ بِهِ

فَقَدْ كَانَتْ حَلِيمَةُ وَسِيطَةً فِي بَنِي سَعْدٍ، كَرِيمَةً مِنْ كَرَائِمِ قَوْمِهَا، بِدَلِيلِ اخْتِيَارِ اللهِ تَعَالَى إيّاهَا لِرَضَاعِ نَبِيّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا اخْتَارَ لَهُ أَشْرَفَ الْبُطُونِ وَالْأَصْلَابِ.

وَالرّضَاعُ كَالنّسَبِ لِأَنّهُ يُغَيّرُ الطّبَاعَ.

فِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا – تَرْفَعُهُ "لَا تَسْتَرْضِعُوا الْحَمْقَى؛ فَإِنّ اللّبَنَ يُورِثُ"

وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ حَلِيمَةُ وَنِسَاءُ قَوْمِهَا طَلَبْنَ الرّضَعَاءَ اضْطِرَارًا لِلْأَزْمَةِ الّتِي أَصَابَتْهُمْ وَالسّنَةِ الشّهْبَاءِ الّتِي اقْتَحَمَتْهُمْ.

وَأَمّا دَفْعُ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ أَوْلَادَهُمْ إلَى الْمَرَاضِعِ فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِوُجُوهِ. منها: لِيَنْشَأَ الطّفْلُ فِي الْأَعْرَابِ، فَيَكُونَ أَفْصَحَ لِلِسَانِهِ وَأَجْلَدَ لِجِسْمِهِ

حق الولد في الإرضاع:

يجب إرضاع الطفل ما دام في حاجة إليه، وما دام الطفل في سن الرضاع.

الرضاع واجب على الأم ديانة تُسأل عنه أمام الله تعالى؛ حفاظاً على حياة الولد، سواء أكانت متزوجة بأبي الرضيع، أم مطلَّقة منه وانتهت عدتها.

المكلف بأجرة الرضاع:

على الأب خمس نفقات للولد الصغير: أجرة الرضاع، وأجرة الحضانة، ونفقة المعيشة، وأجرة مسكن الحضانة، وأجرة خادم له إن احتاج إليه.

فالمكلف بأجرة الرضاع هو الأب؛ لأنه هو الملزم بالنفقة على الولد، وتكون أجرة الرضاع على من تجب عليه النفقة، لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: 233]، وقوله سبحانه: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6].

مع ملاحظة أن إلزام الأب بالنفقة بأنواعها إذا لم يكن للصغير مال، فإن كان له مال، فالأصل أن نفقة الإنسان في مال نفسه، صغيراً كان أو كبيراً.

 

 

واجب المرضع:

وأما المرضع فلا تكلف بشيء سوى الإرضاع، بالإضافة إلى ما يوجبه عليها العرف، من إصلاح طعام الولد، وحفظه، وغسله، وغسل ثيابه؛ لأن خدمة الصغير واجب عليها؛ لأن العرف معتبر فيما لا نص فيه.

فإن أرضعته بلبن شاة فلا أجر لها؛ لأنها لم تأت بالعمل الواجب عليها، وهو الإرضاع.

عدد القراء : 437