shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

التأمين التكافلي

ماذا تعرف عن التأمين التكافلي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

لقد أصبح النشاط التأميني ضرورياً في حياتنا المعاصرة نظراً لتكاثر المخاطر المحدقة بإنسان العصر.

ولقد تزايد الاهتمام بالتأمين في الدول النامية والإسلامية في الآونة الأخيرة وتسعى الدول والحكومات وهو مطلب الأفراد والشركات إلى إشاعة نوع من التأمين يتفق وتعاليم الشريعة الإسلامية السمحة.

وشركات التأمين الإسلامية جاءت مكملة لدورة الاقتصاد الإسلامي التي ابتدأتها المصارف الإسلامية، وبخاصة في سورية.

ومما لا ريب فيه أن المجتمع الذي لا يتضامن أفرادُه وجماعاتُه في التعاون على ما فيه مكرمة وبرّ وطاعة ومصلحة وخير وعدل، وعلى تجنب كلِّ ما فيه ضررٌ وخطرٌ وإثمٌ وشرٌ وأذىً وفسادٌ، يؤول أمرُه إلى التفكك ويستشري فيه السوء.

وهنا تتجلّى حكمةُ الله سبحانه وتعالى في وجوب التعاون على البرّ والتقوى بين المسلمين.

فمما لا ريب فيه أن جميع الرسالات السماوية تدعو إلى الخير والتعاون، غير أن الإسلام قد عني عناية كبرى بالتعاون والتناصر على الحق والخير، حيث دعا القرآن الكريم إلى ذلك، كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ} [المائدة: 2].

كما حثت السنة النبوية المطهرة على ذلك في أحاديث كثيرة، منها:

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"([1]).

وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"([2]).

وقوله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"([3]).

والإسلام لم يكتف بمجرد الدعوة إلى التكافل والتعاون، وإنما شرع لذلك مجموعة من الأحكام؛ فجعل الزكاة ركناً من أركان الإسلام، وفرض النفقات، وأوجب كفارات على الأخطاء، وحث على وقف المال في سبيل الله، ونحو ذلك من الأحكام التي لو طبقت لتحقق التكافل الاجتماعي الحقيقي، هذا بالإضافة إلى واجبات الدولة تجاه كل من يعيش في ظلالها.

إذاً؛ فنظام الإسلام قد أمن أبناءه والمستظلين بظله بطرقه الخاصة، شأنه في كل تشريعاته وتوجيهاته.

إما عن طريق تكافل أبناء المجتمع بعضهم مع بعض.

وإما عن طريق الدولة (بيت المال)، فبيت المال في الحضارة الإسلامية هو شركة التأمين العامة لكل من يعيش في نور الإسلام.

كما تجد في الشريعة الإسلامية تأمين الأفراد عند الحوادث ومعاونتهم على التغلب على الكوارث التي تصيبهم.

فالمسلم إذا أصابته جائحة حلت له مسألة ولي الأمر حتى يعوض ما أصابته أو يخفف عنه بعضه.

كما نجد التأمين للورثة بعد الوفاة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك دَيناً أو ضياعاً فإليَّ وعليَّ"([4]).

ومن أعظم ما شرعه الإسلام لتأمين أبنائه: سهم (الغارمين) في مصارف الزكاة.

وقد جاء عن مجاهد ـ وهو من التابعين ـ في تفسير الغارمين، قال: [هو الذي يذهب السيل والحريق بماله، ويدان على عياله] ([5]).

وفي هذا البحث سنسلط الضوء على باب من أبواب الخير دعا إليه الإسلام بمبادئه وتشريعاته وصاغته اجتهادات الفقهاء في هذا العصر وهو التأمين التعاوني (التكافلي)، وذلك في تمهيد وفصلين:

الفصل الأول: مفهوم التأمين بشكل عام، وفيه:

المبحث الأول: تعريف التأمين لغة واصطلاحاً.

المبحث الثاني: أنواع التأمين.

الفصل الثاني: التأمين التعاوني (التكافلي)، و فيه:

  • مفهومه.
  • موقف الإسلام من التأمين.
  • الفرق بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري.
  • التأمين التعاوني الإسلامي هو البديل.
  • أركان عقد التأمين التعاوني.
  • مبادئ التأمين التعاوني الإسلامي.
  • هدف التأمين التكافلي
  • التأمين وإعادة التأمين من منظور إسلامي.

 

 

تمهيد

 

إن للإسلام منهجه في تقرير الأشياء على ضوء رؤيته لمسيرة الفرد والمجتمع بما يحقق المصالح الحقيقية لهما، ويدرأ عنهما الأذى والضرر، جاء هذا المنهاج واضحاً في القرآن والسنة النبوية.

غير أن بعض أدعياء الثقافة انبهر بالبهرجة المادية المزيفة، ونادى بأنَّ طريق التنمية الاقتصادية - ومثلها الاجتماعية والسياسية - لا بدَّ أنْ يمرّ عبر الأشكال والمؤسسات المستوحاة من الغرب.

ودعواهم هذه ليست أصيلة، بل هي ناتجة عن الترويض الذي مورس على المسلمين؛ ليتحركوا في دائرة الفكر الذي فرضه النفوذ التغريـبـي الخطير، فالغرب يطرح النظريات والفروض، والمسلمون - في إطار الأَسْر الفكري - يؤمنون بهذه النظريات على أنَّها حقائق ثابتة.

ومن واجب العلماء العاملين والدعاة المخلصين والاقتصاديين الإسلاميين أن تتوحد جهودهم لبيان النظام الاقتصادي الإسلامي الذي هو محور أمل، وأداة فعل، له أهمية كبرى، وأثر بالغ في دفع عملية التنمية الشاملة إلى الأمام.

ومن المفيد الإشارة إلى أن من إعجاز الشريعة الإسلامية أنها لم تحصر النشاط الاقتصادي للبشر في نظرية محدودة، وإنما جاءت بنظام مرن يتفق وطبيعة النشاط الاقتصادي، فحياة الناس الاقتصادية من الأمور المرنة سريعة التغير، فهي تتطور بصفة مستمرة بتغير المكان والزمان.

ويلحظ الباحثون أن الله لم ينـزل أحكاماً جزئية تفصيلية للنظام الاقتصادي الإسلامي، وإنما أنزل له مبادئ عامة من خلال النصوص الشرعية، ولكنها تمتاز بالمرونة والدقة، فهي رحيبة الجوانب، راقية في أهدافها وغاياتها، لتتوافق مع أحوال الناس ومعاملاتهم ليكون المجال مفتوحاً لعملية التطور بشرط ألا ينقلب التطور إلى التدهور.

وإن من واجب الفقيه - مع اختلاف الزمان - إعادة الربط بين المبادئ الشرعية - القرآن والسنة الصحيحة -، وبين الأعراف والمصالح والعادات والتقاليد الجديدة؛ ليضبط مسيرة المجتمع.

هذا، وإن أحدث تطور للفقه الإسلامي هو الفقه الاقتصادي والمالي والمصرفي، حيث إن الفقه الإسلامي غني في أصالته، عميق في جذوره، شمولي في نظرته، مرن في تطبيقاته.

ومن الواجب وضرورة الحكمة أنْ يتحرك الشعور الديني، ليدفع المختصين في الاقتصاد بالتعاون مع علماء الشريعة إلى إنشاء مؤسسات إسلامية تقوم على التقوى ومرضاة الله عزَّ وجلَّ، دستورها الشريعة، وعماد أمرها مصلحة الإنسان داخل المجتمع، بدل أنْ تكون تكراراً لآراء دخيلة متسللة من الآخرين.

فالقواعد الكلية للتشريع الإسلامي والمقاصد الشرعية الإسلامية ينبوع عطاءٍ معين، يمكنه إرواء فكر الإنسان، وجعل حياته خصيبة، وهذا ما يبرر القاعدة الأصولية: [لا يُنْكَرُ تَغَيُّرُ الأحكامِ بتَغَيُّرِ الأزمان].

فالفقيه الحق، والعالم المنصف هو الذي يقرر المسائل المناسِبَة لوقته وزمانه، ويكتب الأبحاث بلسـان قومه، وبصيغة عصره، من خلال إيجاد نوع من التوفيق بين الأصول الشرعية، وما يجري في الواقع.

 وبما أن الإنسان مهما أوتي من رجاحة في عقله، وقوة في بدنه، وسعة في رزقه، لا يقوى على دفع الآثار الضارة للمصائب التي أحاطت به بنفسه فحسب، بل يحتاج إلى مساعدة الآخرين، سواء بأموالهم أو بعقولهم أو بأبدانهم، وهذه هي سنة الحياة: التعاون والتكافل.

فكان أن تمخض العقل البشري عن نظام التأمين، الذي يعتبر من أهم الوسائل لمواجهة الأخطار، لا بمنع حدوثها، بل بالتخفيف من مضارها وآثارها.

من هنا فإننا لو نظرنا للتأمين على أنه فكرة لتحقيق التعاون ودفع الشرور وتفتيت المخاطر بين الجماعة؛ فإنها فكرة مقبولة شرعاً بل إن الإسلام يحث عليها، لكننا لو نظرنا إليه من حيث العقود وصوره العملية كما هو الحال في التأمين التجاري – والذي ينطلق من منظور رأسمالي صرف – لوجدنا أن الغاية منه هو الربح وتحقيق المكاسب ولو كان على حساب الآخرين، وهو لذلك مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء.

ومن هنا فإن فقهاء الزمان والعصر قد شرعوا منذ أكثر من أربعة عقود بالبحث عن طرح بديل إسلامي للتأمين التجاري وذلك من جانبين:

1 - استيعاب عقود التأمين، ثم تبيان ما لا يتفق مع المبادئ الإسلامية والخوض فيها بعمق، مع ملاحظة كل الظروف والملابسات التي تحيط بها؛ لأن الحكم على الشيء فرع من تصوره، ومحاولة الاستفادة من النافع منها والمتوافق مع الشريعة الإسلامية، وطرح المخالف.

2 ـ صياغة التأمين صياغة إسلامية تحقق الغرض المنشود على أكمل وجه، نظراً لأن مبدأ التعاون واجب إسلامي ومطلوب شرعي.

ومن الجدير بالذكر هنا أن الفكر الاقتصادي الإسلامي قد خطا خطوات عملية جادة نحو التطبيق الشامل للاقتصاد الإسلامي فقد طبقت فكرة البنوك الإسلامية بنجاح، وها نحن نشهد في عصرنا الحاضر تطبيق التأمين الإسلامي (التكافلي)، وإعادة التأمين في كثير من مجالاته بنجاح.


الفصل الأول: مفهوم التأمين بوجه عام

 

التأصيل الإسلامي للتأمين:

التأمين وسيلة للوصول إلى غاية وهي تحقيق الأمن، ويرتكز على ادخار جزء من المال لمواجهة الحوادث والحاجات المستقبلية، سواء تم ذلك على المستوى الشخصي الفردي أو تم على المستوى الجماعي.

و يمكن تأصيل التأمين إسلامياً على الوجه التالي:

أ – الأمن نعمة إلهية، وحاجة إنسانية:

1- أما كونه نعمة إلهية فيظهر في أن الله سبحانه وتعالى امتن بالأمن على عباده وبالاستقراء التام لآيات القرآن يُلاحَظ أنه سبحانه لا يمتن على عباده إلا بالنعم، ويستدل على ذلك بقوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَءَامَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 3 – 4].

كما كان الأمن أحد مطلبين في دعاء سيدنا إبراهيم لأهله ولمكة في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا ءَامِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [البقرة: 126]، والدعاء لله يكون بطلب الخير والنعم.

2- وأما كونه حاجة إنسانية، فإن علماء الاقتصاد يقولون أن الهدف من الاقتصاد هو إشباع الحاجات الإنسانية بالموارد المتاحة.

وقد قسموا الحاجات إلى نوعين هما:

النوع الأول: الحاجات الفسيولوجية (الجسمية) الطعام والشراب والمسكن والملبس.

والنوع الثاني: الحاجات السيكولوجية (النفسية) ويأتي على قمتها الحاجة إلى الأمن، ثم الحاجة إلى الانتماء والحاجة إلى التقدير.

وهذا ما ذكره القرآن الكريم في أكثر من موضوع، منها قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًاً قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112].

ب- التأمين مطلب إسلامي:

إذا كان الأمن بهذه الأهمية في الإسلام فإن طلبه مشروع، وهذا الطلب يكون عن طريق التأمين، وهو في المجال الاقتصادي والمالي يتم بادخار جزء من المال في حالة السعة لمواجهة حالات الحاجة والعوز التي يمكن أن تقع بانقطاع مصدر الدخل أو لمواجهة زيادة المتطلبات الاقتصادية أو لاستبدال مال هلك.

وهذا ما يؤكد عليه الإسلام في مصادره الأصلية فكل الآيات القرآنية العديدة التي تناولت إنفاق المال طالبت بإنفاق بعض المال وليس كله، مما يعنى ضرورة ادخار جزء منه، كما في قوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 2].

و(من) للتبعيض، أي: المطلوب إنفاق بعض الرزق أو الدخل، وادخار الباقي لمواجهة الحاجات المستقبلية.

وهذا ما تؤكده الأحاديث النبوية الشريفة صراحة مثل الحديث الجامع لأركان الاقتصاد الثلاثة (الكسب – الإنفاق – الادخار)، والذي  يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله امرءاً اكتسب طيباً، وأنفق قصدا،ً وقدم فضلاً ليوم فقره وحاجته"([6])، والفضل ما فاض من الدخل أو الكسب بعد الإنفاق.

وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ما في أيديهم"([7])، فهذا توجيه للاحتياط مالياً بالادخار للمستقبل وعدم إنفاق كل المال وهو بالضبط مغزى التأمين.

جـ- التعاون على التأمين قيمة إسلامية:

حيث يقول الله سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]، والبر هو كل ما فيه خير، وخير الناس أنفعهم للناس.

ومن أبواب النفع مدّ يد العون لمن أصابه ضرر في نفسه، أو ماله، وبخاصة أنه قد تطرأ على الإنسان حاجة في مستقبل الأيام لا تكفى مدخراته الشخصية عن مواجهتها.

وهنا يأتي التعاون بين الناس بتجميع مدخراتهم معاً وتعويض من يتعرض منهم لخطر يصيبه في ماله من هذه المدخرات.

وهكذا نجد أن فكرة التأمين لتحقيق الأمن وكونها تتم جماعياً تتفق مع أصول الإسلام وأحكامه وتوجيهاته وهذا ما لا يخالف فيه أحد، ولكن يبقي التساؤل حول أساليب التنفيذ للتأمين، فإذا كانت الغاية وهي الأمن مشروعة وأن تحقيقها بالادخار والتعاون مطلوب شرعاً، فهل الوصول إلى هذه الغاية بالممارسة العملية التى يتم بها التأمين من خلال الشركات القائمة تتفق مع أحكام وقيم الإسلام؟.

هذا ما سنتعرف عليه في المباحث الآتية:

 

المبحث الأول:

تعريف التأمين لغة واصطلاحاً

 

التعريف:

التأمين لغة:

بالبحث في معاني (أمن) نجد لها معنيين:

أحدهما: الأمانة التي هي ضد الخيانة، ومعناها سكون القلب.

والثاني: التصديق، ومن أبرز مشتقات هذا الأصل:

ـ الأمن والأمنة: ضد الخوف.

ـ الإيمان: ضد الكفر، وهذا هو التصديق.

ـ الأمان: إعطاء الأمنة؛ أي الأمن.

ومن الاشتقاق الأخير أخذ عقد التأمين بمعناه الاصطلاحي، فقد ورد كما في المعجم الوسيط: "وأمن على الشيء: دفع مالاً منجمًا لينال هو أو ورثته قدرًا من المال متفقًا عليه، أو تعويضًا عما فقده، يقال أمن على حياته أو على داره أو على سيارته"([8]).

وفي الحديث عن فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ"([9]).

فالتأمين من مادة (أَمِن يأمن أمناً)، إذا وثق وركن إليه، وأمّنه إذا جعله في الأمن فكان بذلك آمناً، يقال أمّن على ماله عند فلان تأميناً أي جعله في ضمانه، وهو ضد الخوف، قال الله تعالى: ] وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف[[قريش:4].

والتأمين مصدر للفعل الرباعي (أمَّن) بتشديد الميم المفتوحة، ومضارعها يؤمن.

وفي قواميس اللغة وردت كلمة (أمّن)، ومصدرها التأمين، بمعنى التأمين على الدعاء، وهو قول "آمين"، ومعناها: استجب، وليس لهذا المعنى صلة بالمعنى الذي نريد في هذا البحث، فقد صار يستخدم التأمين للدلالة على عقد خاص تقوم به شركات التأمين تدفع بموجبه مبلغاً في حال وقوع حادث معين لشخص يدفع لها قسطاً من المال.

المعنى الاصطلاحي:

يفرق الباحثون بين التأمين كنظام أو نظرية أو فكرة، وبينه كعقد، أو تطبيق، أو تصرف قانوني يحدد العلاقة بين الأطراف([10]).

فالتأمين كنظرية ونظام مقبول إذ انه تعاون بين مجموعة بين الناس لدفع أخطار تحدق بهم بحيث إذا أصابت بعضهم تعاونوا على تفتيتها مقابل مبلغ ضئيل يقدمونه.

ولا شك أن هذه الفكرة فكرة مقبولة تقوم عليها كثير من أحكام الشريعة مثل الزكاة والنفقة على الأقارب, وتحميل العاقلة للدية، ونحو ذلك من أمثلة كثيرة تدعو إلى التعاون على البر والإحسان والتقوى والتكافل والتضامن.

هذه فكرة التأمين الأولية، وهي فكرة تتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية وأحكامها وليس في هذا إشكال، وإنما الإشكال في صياغة هذه الفكرة في عقد معاوضة أي في كونه علاقة بين المؤمن من جهة والمستأمن من جهة أخرى.

فمن النوع الأول ـ التأمين تعاون ـ ما جاء في المعجم الوسيط بأنه: [تعاون منظم تنظيمًا دقيقًا بين عدد كبير من الناس معرضين جميعًا لخطر واحد، حتى إذا تحقق الخطر بالنسبة إلى بعضهم تعاون الجميع على مواجهته بتضحية قليلة، يبذلها كل منهم يتلافون بها أضرارًا جسيمة تحيق بمن نزل الخطر به منهم لولا هذا التعاون] ([11]).

وأما النوع الآخر ـ التأمين أو نظام قانوني ـ فيُعرَّف بأنه "عقد يلتزم المؤمَّن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمَّن له، أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغًا من المال أو إيرادًا مرتبًا، أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث، أو تحقق الخطر المبين في العقد، وذلك في نظير قسط أو أي دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن"([12]).

وبصيغة أخرى: "عقد يلتزم المؤمن أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد مبلغًا من المال أو إيرادًا مرتبًا، أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث المؤمن ضده، وذلك في مقابل أقساط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن"([13]).

"هو عقد بمقتضاه يلتزم شخص يقال له الضامن ببعض الموجبات عند نزول بعض الطوارئ بشخص المضمون له أو بأمواله مقابل دفع بدل يسمى القسط أو الفريضة"([14]).

ويعرفه الشيخ مصطفى الزرقا([15]) بأنه: [قواعد قانونية موضوعة يقصد بها في التشريع فسح المجال للتعاون على تفتيت آثار المخاطر وإزالتها عن عاتق المصاب، وذلك بطريق التعاقد بين جهتين: مؤمن يلتزم بتعويض المصاب عن الأضرار التي تلحقها الحوادث المؤمن منها، ومستأمن يلتزم بقسط من المال يدفعه للجهة المؤمنة لقاء التزامها بالتعويض عليه إذا وقع الحادث أو الخطر الاحتمالي]([16]).

وفي موضع آخر يقول: هو نظام تعاقدي يقوم على أساس المعاوضة؛ غايته: التعاون على ترميم أضرار المخاطر الطارئة بوساطة هيئات منظمة تزاول عقوده بصورة فنية قائمة على أسس وقواعد إحصائية([17]).

والذي يؤخذ من ذلك أن شخصًا يسمى المؤمن له أو المستأمن يتعاقد مع شخص آخر يسمى المؤمن، ويكون في الغالب شركة مساهمة، على أن يدفع الأول لهذه الشركة مبلغًا من المال، على شكل أقساط دورية، في مقابل التزام الشركة بأداء مبلغ مالي له أو لمن يعينه ويسمى المستفيد. إذا وقع حادث أو خطر مبيَّن في العقد([18]).

ولقد ظهرت الحاجة إلى التأمين وقويت في هذا العصر للأسباب التالية([19]):

1- غياب الدولة التي تتولى مساعدة الناس عند نزول الضرر بهم بغية تحقيق الاستقرار في المجتمع، لا من أجل تحقيق الربح.

2- فقدان المجتمع المتكافل الذي يَهُبُّ أعضاؤه لإغاثة الملهوف منهم، ومساعدة المصاب؛ حتى يخف عنه أثر المصيبة.

3- كثرة الحوادث والمفاجآت بسبب تعقد وسائل الحياة الحديثة، وانتشار الصناعات، فأصبح الحادث الواحد في طائرة أو مصنع أو حتى سيارة تترتب عليه من الأضرار ما يعجز عن تحملها الأفراد العاديون.

نتائج انتشار التأمين([20]):

1- تحويل مقادير كبيرة من الأموال من أيدي الفقراء والمتوسطين يقتطعونها من حاجاتهم الضرورية ويدفعونها للشركات؛ ليزداد الأغنياء المحتكرون بها غنى وترفاً واستغلالاً للناس، ويزدادوا بها تسلطاً على الحكم لتسييره في خدمتهم وتحقيق مصالحهم بدل أن يكون في خدمة الأمة كلها.

وهذه النتيجة مناقضة تماماً لروح الشريعة ومبادئها العامة وكثير من أحكامها التفصيلية التي تصب في غاية واحدة هي: تحويل بعض المال من الأغنياء إلى الفقراء فالزكاة "تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ"([21])، والصدقات والنفقات، وما يمكن أن يفرضه الإمام على الأغنياء من أجل سد حاجات الأمة والفقراء، فاتجاه الشريعة الإسلامية إلى تحويل المال من الأغنياء إلى الفقراء، بينما نظام التأمين يؤدي إلى تحويل المال من الفقراء إلى الأغنياء.

2- فقدان التوازن والعدالة بين مختلف فئات الأمة الواحدة؛ إذ من المعروف أن النشاط الاقتصادي الحر يؤدي إلى زيادة ثروات القلة من الناس، وبقاء الكثرة في حالة متوسطة أو فقيرة.

3- وينتج عن اختلال التوازن، وعدم تكافؤ الفرص، وفقدان العدالة تأصيل جذور الصراع الطبقي داخل الأمة الواحدة، وهذا من أخطر نتائج التأمين التجاري غير المباشرة.


التأمين التجاري

 

تنوعت تعريفات هذا العقد في القوانين المدنية ولدى الباحثين المهتمين، ويمكن منها أن يستخلص تعريف له بأنه: عقد معاوضة يلتزم أحد طرفيه وهو المؤمِّن أن يؤدي إلى الطرف الآخر وهو المؤمَّن له أو من يعينه عوضاً مالياً يتفق عليه يدفع عند وقوع الخطر أو تحقق الخسارة المبينة في العقد وذلك نظير رسم يسمى قسط التأمين يدفعه المؤمَّن له بالقدر والأجل والكيفيَّة التي ينص عليها العقد المبرم بينهما([22]).

ومن خلال هذا التعريف وما ذكره القانونيون نجد أن من أبرز خصائص [9] عقد التأمين([23]):

1- أنه عقد ملزم لطرفيه فيلتزم المؤمَّن له بدفع الأقساط حسب الاتفاق ويلتزم المؤمِّن بدفع التأمين عند حصول حادث محتمل.

2- كما أنه عقد معاوضة؛ لأن كلا المتعاقدين يأخذ مقابلاً لما أعطى فالمؤمِّن يعطي قسط التأمين والمؤمَّن له يعطي مبلغ التأمين عند تحقق ما يوجبه، وليست المعاوضة مقابل أمان محض يحصل عليه المؤمن.

3- كما أنه عقد احتمالي؛ لأن كل طرف لا يعرف كم سيدفع وكم سيعطى على وجه التحديد لأن ذلك يتوقف على وقوع الخطر أو عدم وقوعه.

4- أنه عقد تجاري يهدف المؤمِّن منه إلى الربح والفائدة من خلال الأقساط المتجمعة لديه.

ويسمى: (التأمين ذو القسط الثابت) وهو: عقد بين طرفين أحدهما يسمى المؤمِّن، والثاني المؤمَّن له أو المستأمِن؛ يلتزم فيه المؤمِّن بأن يؤدي إلى المؤمَّن لمصلحته مبلغاً من المال، أو إيراداً مرتباً، أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث، أو تحقق خطر مبيّن في العقد، وذلك في مقابل قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمَّن له إلى المؤمِّن.

وأول من تعرَّض من فقهاء المسلمين إلى أحكام عقد التأمين الفقيه ابن عابدين حيث ذكر في كتابه المسمَّى: حاشية ابن عابدين، قال: (والذي يظهر لي أنه لا يَحِلَّ للتاجر أخذ بدل الهالك من ماله، لأن هذا التزام ما لا يلزم) ([24]).

ويقصد بقوله التزام ما لا يلزم: بُطلان التزام التاجر (المُقْرِض) بخسارة ماله في حال هلاك السفينة، وبُطلان التزام صاحب السفينة (المُقْتَرِض) بردّ مبلغ الفائدة الربوية في حال نجاة السفينة، فالعقد من أساسه باطل لما فيه من ضياع الحقوق وأكل الأموال بالباطل.

لذا، يمكن القول بأن جميع أنواع التأمين التجاري تندرج تحت الربا الصريح دون شك، فهي بيع نقود بنقود أقل منها أو أكثر مع تأجيل أحد النقدين، ففيها ربا الفضل وفيها ربا النسيئة؛ لأن أصحاب التأمين يأخذون نقود الناس ويَعِدُونَهم بإعطائهم نقوداً؛ أقل أو أكثر؛ متى وقع الحادث المعيَّن المؤمَّن ضده، فهو معاوضة مال بمال دون تقابض ولا تماثل، وهذا هو الربا.

وفي التأمين جهالة وغرر، والغرر يفسد عقود المعاوضات.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر([25])، والنهي يقتضي الفساد.

والغرر هو ما تردد بين الحصول والفوات أو ما طُوِيت معرفته وجُهلت عينه([26]).

فكل عقد بني على أمر محتمل مشكوك فيه فهو غرر.

والغرر المؤثر هو ما كان في عقود المعاوضات المالية، وكان غالباً على العقد حتى يصح وصف العقد كله بأنه غرر.

ولا شك أنَّ عقد التأمين مشتمل على الغرر في أكثر من موضع منه:

فالجهالة حاصلة في صفة محل التعاقد فالعوض لا يُعْرف مقداره حتى يقع الخطر المؤمن عليه.

كما أنها حاصلة في أجل العوض الذي لا يعرف متى يحل.

كما أن حصول العوض نفسه مجهول مشكوك فيه فلا يعرف المتعاقدان ذلك لتوقفه على وقوع الخطر أو عدم وقوعه.

فالغرر في الحصول وصفته وأجله وهي أمور مقصودة عند التعاقد وهذا يفسد العقد.

والتأمين بأنواعه في حقيقته ميسر وقمار، ومن القواعد الفقهية أنه (إذا دار الأمر بين غنم وغرم فهو ميسر) ([27]) ومن المعروف في معاملات التأمين أن المشترك قد يدفع الأقساط لسنوات ثم هو لا يأخذ مقابل ذلك شيئا بسبب عدم تعرضه لحادث أو طارئ يأخذ لأجله العوض، وفي الوقت نفسه قد يدفع المشترك قسطاً أو قسطين ثم يصاب بحادث مثلاً، فيأخذ لأجل ذلك أضعاف ما قد دفعه، وهذا طبعاً على حساب من كان مشتركاً من سنوات.

وبشأن تحريم الميسر يقول تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[[المائدة: 90-91].

والميسر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (أخذ مال الإنسان وهو على مخاطرة، هل يحصل له عوض أو لا يحصل) ([28]).

وهذا الوصف متحقق في عقد التأمين؛ لأن الشخص الذي يأخذ على عاتقه ضمان الخطر يراهن على تحقق الخطر فإذا لم يتحقق كسب المبلغ الذي دُفع له، وإذا تحقق دَفع مبلغاً يزيد كثيراً عما قبضه وهذا هو الرهان([29]).

وعقد التأمين يفُضي إلى استهتار الناس المؤمن لهم بالأموال، وعدم مبالاتهم بها حيث يعلمون أن شركات التأمين ستدفع لهم عند حدوث حادث، وفي هذا إتلاف للأموال والأنفس، فتعم الفوضى واللامبالاة.

فالتأمين التجاري بجميع أنواعه وصوره عملية احتيالية لأكل أموال الناس بالباطل، وقد أثبتت إحدى الإحصائيات الدقيقة لأحد الخبراء الألمان أن نسبة ما يعاد إلى الناس إلى ما أخذ منهم لا يساوي إلا 2.9%.

ويقول خبير التأمين (ملتون آرثر): إن نسبة ما يعاد إلى المؤمن لهم في التأمين على الحياة 1.3% من قيمة الأقساط([30]).

وأسجل هذا الاستطلاع في الرأي العام الذي قام به أحد الباحثين في مصر، وألمانيا، وأوروبا، وأمريكا، وكانت نتيجته ما يلي([31]):

55 % تقريباً يقولون: إن شر التأمين يغلب خيره، و25% يقولون: إنه شر لا خير فيه، و15% يقولون: إن خيره يساوي شره، و5 % فقط هم الذين يُغَلِّبون خيره على شره.


شبهات وردود حول التأمين

وأما القول بأن التأمين التجاري من باب المصالح المرسلة، أو إنزاله منـزلة البراءة الأصلية، أو أنه من باب الضرورة الشرعية، فهو كلام منقوض لا يستقيم:

فالمصلحة المرسلة هي: ما لم يشهد الشرع صراحة باعتباره أو إهداره بدليل خاص لكن دلت عليه الأدلة الكلية، و في الوقت نفسه قامت الأسباب والدواعي على فعله والحاجة إليه من غير مناقضة لأصل شرعي، ولا يخفى - على ما سبق من معنى المصلحة المرسلة - أن التامين التجاري أبعد ما يكون عن الجواز لما علم من الفرق العظيم بينه وبين التأمين التجاري الذي جاءت الأدلة العامة والخاصة على نقض هذا النوع من المعاملات لكونها ميسر أو أقرب ما تكون إلى الميسر وهذا عداك عما فيها من الغرر ومن شبهة الربا في بعض صوره.

وأما أنها على البراءة الأصلية، فباطل؛ فليس الميسر على أصل البراءة الأصلية كما لا يخفى.

وأما أنها ضرورة شرعية فلا يصح أيضا، فإن ما أباحه الله من طرق كسب الطيبات أكثر أضعافا مضاعفه مما حرمه الله علينا، فليس هناك ضرورة تجيء إلى ما حرمته الشريعة، ففي الحلال كفاية عن الحرام.

قرار مجمع الفقه الإسلامي([32]) بتحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك للأدلة الآتية:

الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش، لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي، أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً، أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمِن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً، فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمِن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر.

الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل، أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين، ثم يقع الحادث، فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً، ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[[المائدة: 90-91].

الثالث: عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسأ؛ فإن الشركة إ ذا دفعت للمستأمن، أو لورثته، أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها، فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة، فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.

الرابع: عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم، لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام، وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي r رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله r: "لاَ سَبَقَ إِلاَّ فِي خُفٍّ، أَوْ فِي حَافِرٍ، أَوْ نَصْلٍ"([33])، وليس التأمين من ذلك، ولا شبيهاً به فكان محرماً.

الخامس: عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذ المال بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم، لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[[النساء: 29].

السادس: في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، والمؤمِّن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً.

وقرر المجمع الفقهي([34]) تحريم التأمين المتعارف عليه اليوم بأنواعه، وإليك نص القرار:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فإن مجمع الفقه الإسلامي قد نظر في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك وبعدما اطلع أيضا على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة المنعقدة بمدينة الرياض بتاريخ 4\4\1397 من التحريم للتأمين بأنواعه وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر المجلس بالأكثرية: تحريم التأمين بجميع أنواعه سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك من الأموال.

كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التأمين التعاوني بدلا من التأمين التجاري المحرم.


التأمين الاجتماعي([35])

 

يقوم على أساس أن يدفع كل من صاحب العمل (يمكن أن تكون الحكومة ـ الدولة ـ أو صاحب العمل الخاص) والعامل نسبة مئوية من الأجر، يورد إلى جهة حكومية يطلق عليها هيئة أو مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وتلتزم بسداد معاش منتظم للمستأمن عند بلوغه سنًا معينًا أو لورثته بعد موته بشروط معينة، وتقوم هذه الجهة باستثماره.

وفكرة التأمين الاجتماعي ليست وليدة عصرنا، وإنما هي فكرة ممتدة تجد أصلها وجذورها في فكر وعمل الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما كان يسير في شوارع المدينة ذات يوم ليتفقد أحوال الرعية ـ الناس ـ فوجد كهلاً يهوديًا يسأل الناس فتقدم إليه سيدنا عمر بن الخطاب قائلاً له: ما ألجأك إلى هذا؟ ـ أي: إلى التسول وسؤال الناس ـ فقال اليهودي: أسأل الحاجة والجزية([36])، فقال أمير المؤمنين عمر: ما أنصفناك؛ إن أكلنا شبابك، ثم تركناك تسأل الناس في شيبتك، ثم أخذه إلى بيت المال، وقال لخازنه: انظر هذا وضرباءه ـ أي من هم في مثل حالته ـ، فأسقط عنه الجزية، وافرض له من بيت المال ما يقيم به حياته([37]).

ويتميز التأمين الاجتماعي في عصرنا الحالي عن سائر أنواع التأمين بما يلي:

1- أن الاشتراك في البرنامج يكون إلزامياً لجميع الأفراد الذين ينطبق عليهم أوصاف يحددها القانون، فموظفو الحكومة يشتركون جميعهم بلا استثناء في معاشات التقاعد وهم ملزمون بذلك.

2- يستحق المشارك في التأمين الاجتماعي التعويض بمجرد دفع الاشتراكات المطلوبة دون الحاجة إلى إثبات عوزه أو حاجته المالية.

3- يحدد القانون طرق تحديد التعويضات، ولا تكون مستمدة من اتفاقيات فردية بين المؤمن والمستأمن كما هو الشأن في التأمين التجاري.

4- إن التعويضات في التأمين الاجتماعي غير معتمدة على مقدار الاشتراكات بالنسبة للفرد، ولكنها مقننة ضمن نظام عام للتأمين؛ بخلاف التأمين الخاص حيث يختار المستأمن التغطية  التأمينية المطلوبة ويدفع الرسوم الخاصة بها.

5- تديره الحكومة أو إحدى مؤسساتها العامة.

ومن أهم صور التأمين الاجتماعي:

1- تأمين الشيخوخة أو المعاش حين الوصول إلى سن محددة للإحالة إلى التقاعد.

2- تأمين العجز المستديم: (كلي أو جزئي) حين يفقد المؤمن عليه قدرته على العمل والكسب، ويكون بعقد([38]): يلتزم بموجبه المستأمن بدفع أقساط التأمين للمؤمِّن الذي يتعهد في حالة مرض المستأمن أن يدفع له مبلغ يتم الاتفاق عليه في وثيقة التأمين.

وأكثر أشكاله شيوعاً: التأمين الصحي.

يعتبر التأمين الصحي فرعاً من فروع التأمين الاجتماعي، والأخذ بالتأمين الاجتماعي (بما في ذلك التأمين الصحي) هو من قبيل العمل بالمصلحة.

ومن مصلحة الأمة الأخذ بيد الضعفاء من المسلمين والعجزة و الأرامل والأيتام فهو لازم شرعاً.

وإن متغيرات العصر بلورت شكل الحماية الاجتماعية والأخذ بيد الضعفاء في صورة تأمين اجتماعي بما في ذلك التأمين الصحي.

والتأمين الصحي بصفته فرعاً من فروع التأمين الاجتماعي يقدم الخدمة الطبية مقابل الاشتراكات الدورية للمؤمَّن عليهم، ويوفر الرعاية الطبية عند الحاجة إليها بصورة فورية، ويمول من الأطراف المعنية بصورة فورية ولا يهدف للربح.

والتأمين الاجتماعي بما في ذلك التأمين الصحي يدخل في إطار التأمين التعاوني؛ لأنه عقد من عقود التبرع، ولأنه من قبيل التعاون المطلوب شرعاً على البر والخير.

وقد اتجهت بعض الدول إلى جعله إلزامياً.

وحكمه الشرعي تبعاً لِمَن يقوم به، وطريقة التأمين؛ تجارية أم تكافلية؟.

فإذا مارسته شركات التأمين الخاصة فينطبق عليه حرمة التأمين التجاري.

أما إذا مارسته شركات التأمين التكافلي؛ فجائز، لأن كل مشترك يدفع اشتراكه بطيب نفس، ولأن المشترك يحصل على تخفيف آثار المخاطر وترميم الأضرار.

والاشتراك في التأمين الصحي يجعل رب الأسرة كافلاً لأفراد عائلته في مجال العلاج.

وهذا يدخله في حديث التكفف، فقد جاء([39]): أن سعداً بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي زمن حجة الوداع، فقلن: بلغ بي ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟، قال: :لا"، قلت: بالشطر؟، قال: "لا"، قلت: بالثلث؟، قال: "الثلث كثير؛ أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، ولن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في ـ أي: فم امرأتك ـ.

هذا الحديث يدل على أهمية الادخار لتفادي العوز والفقر للباقين على قيد الحياة من المعالين بعد وفاته.

وما المعاشات الدورية التي تنشأ بعد وفاته إلا تلك الموارد المستمرة ما بقيت إعالتهم، والتي تقي أولئك المعالين شر الفقر والعوز.

وعن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير الصدقة عن ظهر غني، واليد العليا خير من اليد السفلي، وأبدأ بمن تعول".

وإن الاشتراك في التأمين الصحي ادخار لساعة العوز، وهو نقيض الإسراف الذي حرمه الله سبحانه وتعالى، لئلا يكونوا من المبذرين.

3- تأمين الوفاة، ويتقرر لمصلحة ورثة المؤمن عليه بعد وفاته.

4- تأمين إصابة العمل؛ حين الإصابة بأمراض مهنية أو الإصابة بحادث أثناء تأدية العمل، ويكون بعقد يلتزم بمقتضاه المؤمِّن في مقابل أقساط التأمين أن يدفع للمستأمن أو المستفيد في حالة الإصابة البدنية: العلاج ومصاريف الدواء.

5- تأمين البطالة، ويتقرر هذا النوع بشروط محددة من أهمها:

* أن يكون العامل في عمل مستديم من غير العاملين بالدولة.

* ألا يكون من أفراد أسرة صاحب العمل أو من شركائه.

* أن يُطرد العامل من عمله دون استقالة أو وصوله للتقاعد مع قدرته على العمل ودون ارتكابه لخطأ جسيم ضار بالعمل.

* أن يكون العامل مؤمنًا عليه تأمين بطالة قبل تعطله.

وهذا النوع من التأمين ليس فيه حرج شرعي، ولا يصطدم مع مقاصد الشريعة الإسلامية وغاياتها، مع ملاحظة: ضرورة تجنب هذه النوعية من الصناديق التأمينية استثمار فائض مواردها ومدخراتها بطرق الربا المحرم شرعًا.


التأمين على الحياة([40])

 

إن عقد التأمين على الحياة هو: أن يدفع المستأمن للشركة قسطاً معيناً لمدة محددة، فإذا توفي خلال هذه المدة؛ فإن الشركة تدفع لورثته التعويض المتفق عليه، وإن توقف عن دفع بعض الأقساط خسر كل ما دفعه، وإن استمر على التأمين بعد انتهاء المدة نال ربحاً محدداً على ما دفع من أقساط.

وبعبارة أخرى: عقد يلتزم به المؤمن (شركة التأمين) أن يؤدي إلى المستأمن (المشترك) أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه – مبلغاً من المال عند حصول ضرر يؤثر على حياته أو بقائه حياً، سواء كان العقد على التأبيد أو لفترة محدودة، وذلك مقابل مبلغ مالي يدفعه المستأمن إلى المؤمِّن دفعة واحدة أو على أقساط.

من صور التأمين على الحياة:

أ- التأمين على الحياة (الشامل):

وهو تأمين في حالة وفاة المستأمن يصرف للورثة.

ب- التأمين المؤقت:

وهو عبارة عن تأمين ذي فترة محدودة (5 سنوات – 10 سنوات – 15 سنة )، فإذا حدثت وفاة خلال فترة هذا العقد ـ وبغض النظر عن المدة المنقضية منه ـ يصرف مبلغ البوليصة كاملاً.

أما إذا ظل العميل على قيد الحياة بعد انتهاء فترة التأمين فلا يحق له استرداد أي مبالغ يكون قد دفعها نظير هذه الحماية، وتكون جميع الأموال التي دفعها من حق الشركة، وذلك في نظير تحملها للمخاطرة في هذا العقد.

حكم التأمين على الحياة:

المفتون بتحريمه، نظروا إلى الطريقة التي تقوم بها الشركات، وهي ذاتها طريقة التأمين التجاري، كما ورد:

في المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عام 1965.

والمؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي بمكة عام 1976.

والمجمع الفقهي الإسلامي بمكة عام 1404هـ.

وقد أفتوا بتحريمه للاعتبارات التالية:

- أنه تسليم دراهم مُقَسَّطة في دراهم أكثر منها مؤجلة قد يتحصل عليها، وقد تفوت عليه.

- وأنه يشبه عقد المَيْسِر (القمار) حقيقة ومعنى.

- وأنه فوق ذلك لا تقتضيه الحاجة ولا توجبه المصلحة.

- يتجاهل حقائق إيجابية تتعلق بإيمان الفرد بأنه لا يعلم الغيب، ولا يعلم ماذا يكسب غدًا، ولا يعلم في أي أرض يموت.

- لا يضمن حياة كريمة للورثة أو للشخص المعني، والمسألة لا تعدو إلا ادخارًا لما بعد الموت.

- يعتبر في الواقع ضمانا للنفس، وهو ما لا يجوز الضمان فيه شرعًا.

وأما الادعاء بأن العقد يقع بالتراضي، يُرَدُّ بأن جميع العقود المحرمة تقع بالتراضي، ولا يحللها رضى المتعاقدين.

وأما الادعاء بأن الشركة تدفع العوض بالرضا؛ فلا تقع عداوة ولا بغضاء، ليس على إطلاقه، بل قد تقع العداوة والبغضاء في حالات كثيرة، فالتأمين على الحياة والقمار سواء في الحكم.

وأما الادعاء أن المستأمِن يُخَلِّف المال لأولاده الضعاف؛ فإن حُسْنَ المقاصد لا يبيح المحرمات، يقول الله تعالى: ]إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا[[النساء: 135].

وقد عرضت هذه مسألة "التأمين على الحياة" على الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل الكويتي عام 1993م وقدمت بدائل وأشكال أخرى للتأمين على الحياة.

وجاء في توصيات تلك الندوة هو أن التأمين على الحياة بصورته التقليدية القائمة على المعاوضة ممنوع.

بينما لا مانع شرعاً من التأمين على الحياة إذا أقيم على أساس التأمين التعاوني التكافل، وذلك من خلال التزام المتبرع بأقساط غير مرتجعة وتنظيم تغطية الأخطار التي تقع على المشتركين.

والحقيقة أن التأمين على الحياة ظُلم من خلال اسمه، الناس فهموا أن التأمين على الحياة متعارض مع مسألة التوكل على الله، والقدر ولكن ليس المقصود بالتأمين على الحياة هذا المعنى.

وجوه الاختلاف بين التأمين على الحياة وبين التأمين الصحي:

بما أن التأمين الصحي قد يتبادر للذهن أن له علاقة ما بالتأمين على الحياة نظراً لتعلقهما بالشخص المؤمن عليه، غير أن بينهما تبياناً من وجوه كثيرة منها:

1-التأمين على الحياة: عقد مبني على جهالة في أثناء العقد وبعده ـ أي حال الحياة وبعد الممات ـ وفيه غرر في قدر العوض وأجله.

أما التأمين الصحي: فهو عقد على منفعة قائمة موجودة خال من الجهالة والغرر المفسدين للعقد.

2-التأمين على الحياة يقوم على معاوضة مال (المستأمن) بمال المؤمِّن (شرك التأمين) وهذه المعاوضة المالية فيها التفاضل والتأجيل، وهما ربا الفضل والنسيئة المحرمان في الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

أما التأمين الصحي فهو معاوضة مال بمنفعة قائمة أو محتملة الوجود؛ وهذا من باب العقود على المنافع المباحة.

والجعالة والإجارة من عقود المعارضات غير المالية في الشريعة الإسلامية فلا يدخلها الربا.

3-عقد التأمين على الحياة يدفع فيه المؤمِّن(الشركة) للمؤمن له (المستأمن) مبلغاً من المال لورثته عند حصول الوفاة.

أما التأمين الصحي فإن المؤمِّن (المستشفى) لا يدفع نقوداً للمؤمن له عند حصول الضرر كالمرض أو الوفاة وإنما يقوم بمعالجته مقابل ما دفعه من نقود.

فالعقد منصب على العلاج أصالة، وعلى المال بالتبع.

بخلاف التأمين على الحياة فإن المال فيه مقصود أصالة وتبعاً من الطرفين على السواء.

4-إن شرك التأمين شركة تجارية بحتة فهي عندما تدفع التعويض للمستأمن أو لوليه عند الموت أو الحادث إنما تدفعه كوسيط فقط فالتزامها هذا التزام بما لا يلزم شرعاً؛ لأنها قد تدفع أكثر مما أخذت عند حصول الحادث أو الضرر وقد تأخذ أكثر مما دفعت لو لم يحصل الحادث أو الضرر، وكونها وسيطاً يخرجها أن تكون طرفاً شرعياً في العقد.

أما التأمين الصحي فالتجارة ليست هي الأصل فيه وإن كان الربح المادي مقصوداً لدى المؤمن (المستشفى) لكن طلب شفاء المريض والثقة في المستشفى لدى العملاء أكبر عنده من الربح المادي.

5- عقد التأمين على الحياة عقد إذعان وإلزام وهو من عقود المعاوضات المالية.

أما عقد التأمين الصحي فهو من عقود التبرع والنفع العام للناس فطلب الربح من أحد الطرفين فقط أو وجود الجهالة والضرر اليسيرين لا يبطلانه بخلاف عقد المعاوضات المالية.

 


التأمين من الأضرار

 

وهو تأمين يكون المؤمَّن منه أمراً متعلق بمال المستأمن لا بشخصه([41])، ويتفرع إلى فرعين رئيسيين هما:

التأمين على الأشياء، والتأمين على المسؤولية.

أ - التأمين على الأشياء:

وله صور عديدة، منها:

1- التأمين على السيارات بأنواعه.

2- التأمين ضد الحرائق.

3- التأمين على المنازل والمحلات والعمارات ونحوها.

4- التأمين على الطائرات والسفن وجميع وسائل النقل الأخرى.

5- التأمين البحري للبضائع بجميع أنواعه.

حكم التأمين على الأشياء: إن التأمين على الأشياء جائز إذا قامت به شركات التأمين التكافلي، على مبدأ التبرع ابتداءً، واستثمار الفائض وتوزيع نتائجه على حملة الوثائق انتهاءً.

ب - التأمين على المسؤولية:

وله صور، نذكر منها:

1- التأمين لحماية الرهن.

2- التأمين من أخطار السرقة.

3- التأمين من خيانة الأمانة.

4- التأمين لحماية الدَّين.

يشترط في التأمين على المسؤولية شيئان:

1- أن لا يقوم البنك الإسلامي نفسه مثلاً بهذا التأمين؛ فيكون من باب اشتراط عقد في عقد، وهو غير جائز، فلا يصح شراء السيارة مثلاً والتأمين عليها من البنك نفسه.

قال ابن قدامة([42]) في معرض ذكره للبيوع الفاسدة: [أن يشترط عقداً في عقد، نحو أن يبيعه شيئاً بشرط أن يبيعه شيئاً آخر، أو يشتري منه، أو يؤجره، أو يزوجه، أو يسلفه، أو يصرف له الثمن أو غيره، فهذا شرط فاسد يفسد به البيع، سواء اشترطه البائع أو المشتري] ([43]).

واحتج أحمد([44]) بحديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة([45])، وبحديث: "الصفقتان في صفقة ربا"([46]).

2-  أن يقوم بهذا التأمين شركة إسلامية مستقلة لا تتبع البنك حيث أن ذلك بمثابة اشتراط ضامن أو كفيل.


التأمين الإلزامي

 

إذا قررت الدولة إلزام الناس على التأمين في مجال من المجالات فما موقف المسلم؟

الجواب: إذا قررت الدولة إلزام الناس على التأمين في مجال من المجالات، فهي حالة ضرورة مشروعة، إلا إذا كان يستطيع التهرب من التعامل في ذلك المجال فليتهرب ما لم يلحقه عنت أو مشقة.

مسألة: في حالة دخول الإنسان في التأمين الإلزامي الذي فرضته الدولة، هل يحل له أخذ التعويض من شركة التأمين إذا لحقه ضرر يوجب دفع التعويض له من قبل شركة التأمين؟

الجواب: اختلف العلماء في جواز أخذ التعويض على قولين:

من العلماء من يقول: لا يجوز له أخذ التعويض إلا بقدر الأقساط التي دفعها لشركة التأمين فقط؛ لأن ما أخذ من الإنسان ظلماً يجوز له استرداده فهو حق له متى وجد إلى ذلك سبيلاً، ولا يزيد على ما هو حق له.

ومن العلماء من يقول: إن للإنسان أخذ التعويض كاملاً ولو زاد على ما أخذ منه، وعللوا ذلك بأن ما تأخذه شركات التأمين من مجموع الناس تأخذه ظلماً، ولا يعود إلى أصحابه، فإما أن يأخذ الشخص التعويض أو تستأثر به شركات التأمين ظلماً فيكون من باب: هو لك أو لأخيك أو للذئب.


الفصل الثاني: التأمين التعاوني (التكافلي)

 

مسميات هذا النوع من التأمين:

1) فيسمى التأمين تعاونياً لتعاون مجموع المشتركين في تعويض الأضرار الناجمة عن المخاطر المؤمن منها التي تلحق أحدهم.

2) ويسمى تكافلياً لنفس الهدف السابق ولمعنى في الكفالة أيضا في ذاتها ـ وإن كانت هنا من جماعة أو مجموع المشتركين ـ وهذا المعنى هو أنها تفعل أيضا على وجه التبرع عند أكثرية الفقهاء، وقد سمّاه البعض التكافل الجماعي.

3) ويسمى تأميناً تبادلياً لسببين هما:

ـ أن مجموع المشتركين يتبادلون فيما بينهم تحمل الأضرار التي تلحق بأحدهم نتيجة حصول الخطر المؤمن منه.

ـ لأن كل عضو من هيئة المشتركين في التأمين يجمع بين صفتي المؤمن والمؤمن له أو المستأمن.

4) كما يرغب بعض الباحثين بتسميته بالتأمين الإسلامي لتمييزه عن التأمين التعاوني الربوي الذي عرفه الغرب.

تعريف التأمين التعاوني (التكافلي):

التكافل لغة: التكافل في اللغة مشتق من مادة كَفَلَ([47])، وتعني العَجُز، أي مؤخرة الشيء الذي تحميه، والعرب تقول كِفَل لكساء يدار حول سنام البعير ليحفظ راكب الدابة من خلفه كي لا يقع.

والكافل: العائل، لأنه مصدر حماية لمن يعول.

قال تعالى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا}[آل عمران: 37].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين"، وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما([48])، أي العائل لليتيم والمربي له، أو الضامن نفقته، لأن الكافل تعني أيضاً الضامن، كما قال تعالى : {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44]، أي: يضمن معيشتها.

ويقال كَفَلَ الرجل : أي ضمنه في دَيّن أو غيره.

فكرة التأمين التعاوني (التكافلي): يقوم هذا النوع على فكرة التعاون بين مجموعة من الأفراد يكوّنون جمعية ما، حيث يتحملون جميعاً مخاطر الكوارث والتعويض عنها، عن طريق توزيع ذلك التعويض بينهم بما يخفف من آثاره وعبئه على الفرد، وبمعنى آخر هو اتحاد يقوم بموجبه المؤمن لهم أنفسهم بالتعهد بدفع اشتراكات دورية وفق جدول متفق عليه لتغطية الخسائر التي يتعرض لها بعضهم في حالات معينة محتمل حدوثها في المستقبل، ويكون هذا على سبيل التبرر ، من البر الإحسان ـ والتبرع.

وصورته: اشتراك مجموعة من الناس في إنشاء صندوق لهم يمولونه بقسط محدد يدفعه كل واحد منهم، ويأخذ كل منهم من هذا الصندوق نصيباً معيناً إذا أصابه حادث معين، والفارق بينه وبين التأمين التجاري أن الأموال المتجمعة من الأقساط تبقى ملكاً للجميع بدل أن تؤول إلى أصحاب الشركة كما هو الحال في التأمين التجاري، مع العلم أيضا أن التأمين التعاوني الهدف منه هو تحقيق التكافل وقضاء حوائج المحتاج من المسلمين فهو بهذا الشكل نوع من أنواع التكافل المحض الذي يحقق المصلحة للمسلمين.

وأبسط تصوير لهذا التأمين هو أن تكون أسرة أو جماعة صندوقاً ويدفعوا مبالغ يؤدى من مجموعها تعويض لأي فرد منهم يقع عليه الخطر فإن لم تفي المبالغ التي دفعوها سَدَّدوا الفرق المطلوب وإن زاد شيء بعد التعويضات أُعيد إليهم أو جُعل رصيداً للمستقبل ويمكن أن يوسَّع هذا التصور المبسط ليطور هذا الصندوق ليكون هيئة أو مؤسسة يتفرغ لها بعض العاملين لتحصيل المبالغ وحفظها وصرف التعويضات ويكون لها مجلس إدارة يقرر خطط العمل وكل ذلك بمقابل أجر معين أو تبرعاً منهم.

بشرط أن يكون مبناه التبرع ولا يقصد منه تحصيل الأرباح وغاية جميع أطرافه التعاون.

وقد يقوم أهل حرفة واحدة أو أهل نمط واحد من أنماط العيش كأصحاب السيارات الخاصة مثلاً، أو أصحاب السيارات الأجرة أو أهل النقابة حيث تضمن هذه الفئة أو هذه النقابة درء الخطر النازل على أحد المشتركين فيها.

ومعنى ذلك أن يكون المستأمن هو في الوقت نفسه مؤمِّن بالميم المشددة المكسورة, فهو يؤمن غيره ونفسه، وغيره يصنع صنيعه، ولذلك سمي بالتأمين التبادلي التعاوني، ويكون جميع المشتركين هم أصحاب الجمعية، أو الاتحاد، أو الشركة فيحافظ كل منهم عليها، ويعمل على تقويتها، وقد يتبرع الرجل بعمله في تنظيم الدفاتر وقيد الحسابات، وهذا المناخ يمنع التحايل للابتزاز وأخذ مال غير مستحق, كما يحصل في شركات التأمين التجاري.

ويمكن أن يقوم هذا التأمين في كل موقع عمل أو تجمع بين الزراع، أو بين مالكي المصانع، أو بين العمال، أو التجار، أو أصحاب العقارات وهكذا، بحيث يؤلف كل جماعة فيما بينهم اتحاداً يؤمنهم تأميناً شاملاً، حسب النظام الذي يرتضونه.

فالمراد من التأمين التعاوني (التكافلي): قيام جماعة يتفق أفرادها على تعويض الأضرار التي قد تنزل بأحدهم نتيجة خطر معين وذلك من مجموع الاشتراكات التي يتعهد كل فرد منهم بدفعها.

فهو عقد تبرع يقصد به التعاون، ولا يستهدف تجارة ولا ربحاً، كما أنه يخلو من الربا، ولا يضر جهل المساهمين فيه بما يعود إليهم من النفع ـ لأنهم متبرعون ـ فلا مخاطرة ولا غرر ولا مقامرة.

إذن فالتأمين التعاوني (التكافلي) هو:

عقد تبرع بين مجموعة من الأشخاص للتعاون على تفتيت الأخطار المبينة في العقد والاشتراك في تعويض الأضرار الفعلية التي تصيب أحد المشتركين والناجمة عن وقوع الخطر المؤمن منه، وذلك وفقاً للقواعد التي ينص عليها نظام الشركة والشروط التي تتضمنها وثائق التأمين، وبما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.


مبادئ التأمين الإسلامي (التكافلي) وعناصره الأساسية:

 

أولاً – عدم مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية:

أي عدم مخالفة الشركة في عقودها وتصرفاتها أحكام الشريعة الإسلامية بأن تتضمن شروطاً مخالفة لنص من الكتاب أو السنة الصحيحة، أو تودع أموالها في بنوك ربوية.

وجود هيئة الفتوى والرقابة الشرعية:

ويترتب على هذا الأساس وجود هيئة للفتوى والرقابة الشرعية تكون فتاواها ملزمة لإدارة الشركة وتكون لها سلطة الرقابة والتدقيق الشرعي على عمليات الشركة المنفذة، وحق الطلب والاطلاع على كافة الدفاتر والسجلات والبيانات التي تتطلبها الرقابة، والعقود الخاصة بالشركة.

لذلك تخصص شركات التأمين الإسلامي في نظامها الأساسي بنوداً للالتزام بأحكام الشريعة، وتعيين علماء أكفاء متخصصين في الاقتصاد الإسلامي وذلك ضمن هيئة للفتوى والرقابة الشرعية، حيث تؤدي واجبها في الرقابة والفتوى وترفع تقاريرها إلى مجلس الإدارة وتكون فتاواها ملزمة، وإذا رفض مجلس الإدارة فتاواها فإن لها الحق أن تدعو الجمعية العمومية للانعقاد لإلزام المجلس بما تقرره.

إن هيئة رقابة شرعية لدى شركة التأمين الإسلامية، تقوم بعملية الفحص والتدقيق الشرعي لمجموع أنشطة شركة التأمين ومن هذه الأنشطة، موضوع إعادة التأمين، فأي اتفاقية تبرمها شركة التأمين  يجب أن تُعرض على هيئة الرقابة الشرعية حيث تُنَقَّى من أية شوائب.

بالإضافة إلى عرض كل ما يستجد من أعمال تحتاج إلى رأي شرعي ناهيك عن قيامها بالتدقيق الشرعي على جميع نشاطات واستثمارات الشركة حيث يصدر عنها التقرير الشرعي السنوي لمواءمة أعمال ونشاطات الشركة لأحكام الشريعة الإسلامية.

 

ثانياً: التبرع والتعاون:

لا بد حتى تكون عقود التأمين مشروعة أن تكون قائمة على مبدأ التبرع بأن ينص في العقد على أن المشترك (حامل الوثيقة) يتبرع بالقسط وعوائده لحساب التأمين أو الصندوق، وذلك لأن عقود المعاوضة تؤثر فيها الجهالة الفاحشة والغرر بينما التبرعات لا يؤثر فيها ذلك.

إذ لكل عقد من العقود في الشريعة ميزانه الخاص:

فميزان عقود المعاوضة وضوح الرؤية والعلم بالمعقود عليه لأن هدف كلٍ من العاقدين الربح والاتجار.

بينما يقوم ميزان عقود التبرع على الإحسان والبر، وحينئذٍ لا تؤثر فيها الجهالة والغرر.

والأصل في ذلك أن العقود الإسلامية يجب أن لا تؤدي إلى نزاع بين الأفراد فإن وجد غرر يؤدي إلى نزاع - كما هو في عقود المعاوضة - فإن الشريعة الإسلامية تحكم ببطلانه، والقاعدة الفقهية تقول: (كل جهالة قد تفضي إلى نزاع تفسد العقد).

 

ثالثاً: كون الشركة وكيلة في إدارة أعمال التأمين التعاوني:

بما أن الشركة التي أنشأت لأجل التأمين التعاوني لا تستطيع أن تمتلك أقساط التأمين المدفوعة من المستأمنين حسب أحكام الشريعة الإسلامية، لذلك فقد تقرر من العلماء المعاصرين والمجاميع الفقهية أن تكون الشركة وكيلة عنهم في إدارة أعمال التأمين، سواء كان ذلك بأجر أو بدون أجر.

وتقدر الشركة أجرها من خلال الدراسات والإحصاءات التي تبين حجم المصاريف الخاصة بالرواتب والأجور.

وعلى أية حال يتعين على الشركة أن تنص في نظامها الأساسي على كيفية تحمل المصاريف وقواعد تقسيم المصروفات المشتركة, وهل الشركة تسير على نظام الوكالة بأجر أو بدون أجر.

 

رابعاً: توزيع الفائض والأرباح المحققة من الاستثمارات:

بما أن أموال المستأمنين تستثمر في أوجه الاستثمار الجائزة شرعاً, وتقوم العلاقة في ذلك على أساس المضاربة الشرعية التي تحدد فيها نسب كل من المضارب (الشركة ) ورب المال (المستأمنين). وقد تتحقق أرباح.

أما أرباح أموال المساهمين فهي لهم فقط.

فأما الفائض الذي بقي بعد المصاريف ودفع مبالغ التأمين ونحوها فهي تعود إلى المستأمنين.

لذا يتعين النص في النظام الأساسي للشركة على ما يلي:

أ- الأساس الذي يتبع في توزيع الاستثمار بين فريقي المساهمين والمؤمنين.

ب- كيفية التصرف في صرف الفائض الذي يخص المؤمنين، إما بتوزيع جزء عليهم وعمل احتياطي خاص بهم بالباقي, أو تحويله كله إلى ذلك الاحتياطي، وذلك على ما تقرره الجمعية العمومية وفق نسب أقساط التامين التي دفعوها.

ج- من الواجب أن ينص على أن الفائض المتبقي المتراكم على مر السنين يصرف في حال انتهاء الشركة أو تصفيتها في وجوه الخير؛ لأنه ليس ملكاً للشركة بل للمساهمين.

 

خامساً: ضرورة الفصل بين حسابات الشركة وحسابات المستأمنين:

بما أن الشركة لا تمتلك أقساط التأمين أو اشتراكات المستأمنين في التأمين الإسلامي, فإن عليها أن تفصل فصلاً كلياً بين أموال الشركة بوضعها في حساب خاص بها وبين أموال المستأمنين وذلك بوضعها في حساب آخر، حتى تعود إلى كل من الحسابين بما يخصه من حقوق وواجبات واستثمارات وعوائد.

 

سادساً: مشاركة المستأمنين في الإدارة:

 من الأفضل أن يشارك المستأمنون في الإدارة من خلال أحد الطروحات التالية:

  • تشكيل مجلس للمستأمنين يكون بمثابة جمعية عمومية لهم، حيث يختار من بينهم عدد محدود يكون بمثابة مجلس إدارة بحيث يختارون بالشورى والانتخاب.
  • اختيار خمسة إلى سبعة من المستأمنين (يكون اختيارهم على أساس من هو أكثر مشاركة في التأمين ثم الذي يليه وهكذا) يكونون أعضاء في مجلس الإدارة للشركة.
  • تعيين أعضاء للمجلس من الجمعية العمومية للمشتركين، حيث يتم تعيينهم من قبل المستأمنين الأكثر مشاركة ومساهمة، والمبرر لذلك أن أكثر أعمال الشركة تخص المستأمنين، وبالتالي فالمفروض أن يكون لهم من يمثلهم في الإدارة.

 

سابعاً: المشاركة الحقيقة في التحمل والأداء:

إن من أهم خصائص التأمين التعاوني([49]):

  • وجود تبادل في المنافع والتضحيات فيما بين أعضاء هيئة التأمين، حيث تدفع التعويضات لمن يصيبه ضرر من حصيلة الاشتراكات, فكل واحد منهم مؤمِّن ومؤمَّن له.
  • تضامن الأعضاء، في تغطية المخاطر التي تصيب أحدهم, لكن مدى هذا التضامن مرتبط بما إذا كان اختلاف قيمة الاشتراك مطلقة أو محددة بحد أقصى.
  • تغيير قيمة الاشتراك، لأن الأعضاء ما داموا مؤمِّنين ومؤمَّناً لهم في الوقت نفسه؛ فإن من الطبيعي أن يكون الاشتراك عرضة للزيادة والنقصان تبعاً لما يتحقق من المخاطر سنوياً، وما يترتب على مواجهتها من التعويضات.
  • فالتأمين التعاوني مختلف تماماً عن التأمين التجاري السائد من حيث:
    • الشكل: حيث يكون المؤمنون في الأول هم المستأمنون أيضاً، بينما المؤمن في الثاني هو الشركة التي تتصرف في الأموال المأخوذة حسب مصالحها.
    • الهدف: حيث أن الهدف من الأول التعاون، ومن الثاني الربح.
    • الأقساط: التي تكون على قدر التكاليف في الأول، وعلى حسب إدارة الشركة ومصالحها في التجارة في الثاني.

 


أركان عقد التأمين التعاوني (التكافلي) ([50]):

 

أولاً :العاقدان وهما طرفان:

(أ) هيئة المشتركين أو حساب التأمين أو صندوق التأمين ( ألفاظ ثلاثة تحمل معنى واحد) فشركة التأمين الإسلامية من أغراضها الأساسية إنشاء صندوق خاص بالتأمين الإسلامي أو هيئة المشتركين أو حساب خاص بهم ، وأنها بمجرد نشأتها القانونية تنشئ هذا الصندوق، وتكون الشركة ممثلة له ووكيلة عنه وتكون لهذا الصندوق اعتبار وشخصية اعتبارية ومعنوية؛ كما هو الحال في الوقف وبيت المال.

وقد اعترف الفقه الإسلامي بوجود الشخصية الاعتبارية أو المعنوية لهذه المؤسسات تيسيراً لها في تسيير أمورها، كذلك لا مانع من الاعتراف بهذا الصندوق أو الهيئة واعتبارها لتيسير الوصول إلى غايات تتفق مع الشريعة الإسلامية.

ولا مانع من صياغة هذا الصندوق أو الحساب أو الهيئة صياغة قانونية وتمثيلها للدفاع عن مصالح أفرادها أمام الآخرين بمن فيهم شركة التأمين نفسها وحينئذ يمكن لها أن تختار ممثلين غير الشركة.

والعلاقة بين الصندوق وبين الشركة هي علاقة وكالة أو ما يسمى (عقد إدارة).

ويترتب على ذلك أن تقوم الشركة بإبرام عقود واتفاقيات وجمع الأقساط ودفع التعويضات وكل أعمال التأمين نيابة عن الصندوق والشركة في وكالتها قد تكون بأجر وقد تكون بغير أجر.

وبجانب عقد الوكالة بين المشترك (المستأمن) والشركة (المؤمِّن) تقوم الشركة بعمل آخر على ضوء النظام الأساسي للشركة وللصندوق وهو قيامها باستثمار أموال الصندوق من خلال عقد المضاربة (القراض) حيث تحدد نسبة الشركة باعتبارها مضارباً، ونسبة الصندوق باعتباره رب المال، وبهذا الاعتبار وجدت علاقة أخرى بين الطرفين.

ولا مانع شرعاً من الجمع بين الوكالة والمضاربة لاختلاف العملين ولتحديد نطاق كل واحد منهما، فوكالة الشركة في مجال التوقيع على العقود وجمع الأقساط ودفع التعويضات، أما المضاربة فهي في عمل آخر، وهو استثمار المال المجمع استثماراً مشروعاً.

(ب) المشترك أو المستأمن الذي يرغب في الدخول في هذه الهيئة فبالتوقيع على العقد يصبح عضواً مشمولاً بما يتضمنه النظام الأساسي للشركة والوثيقة التي وقع عليها من حقوق والتزامات.

والعلاقة بين المشترك والصندوق أو الهيئة هي علاقة تبرع من حيث المبدأ، وسنأتي على تفصيل ذلك.

ويشترط في العاقدين أهلية التعاقد كما ذكرنا ذلك سابقاً في الباب الأول.

ثانياً: محل التأمين:

إن المعقود عليه في التأمين الإسلامي أمران:

1.المال المتبرع به من قبل المشترك (المستأمن) الذي يدفع مرة واحدة أو على أقساط محددة من قبل المشترك، ويسمى في التأمين التعاوني قيمة الاشتراك، وقد سميناه في التأمين التجاري (القسط).

والمشترك بإبرامه العقد مع الشركة التي تمثل الهيئة أو الصندوق يكون قد حقق هدفين هما:

(أ) قبوله عضواً في هيئة المشتركين

(ب) تبرعه بقيمة الاشتراك وعوائدها بما يكفي لتحقيق النظام الأساسي للشركة والذي قُبٍل الدخول فيه، ومنها جبر الكسر وتحقيق التعاون من خلال دفع التعويضات في التأمين من الأضرار والمبلغ المتفق عليه عند وقوع الحادث في التأمين على الأشخاص.

والشركة الممثلة للهيئة بتوقيعها على العقد تكون قد حققت هدفين:

(أ) قبول المشترك عضواً في الهيئة.

(ب) قبول تبرعه الذي يتضمنه النظام الذي وافق عليه.

ونستطيع القول بعد هذا أن محل التأمين الإسلامي في المال هو التعاون بين مجموعة من الناس يتعرضون لأخطار مشتركة، فيلجؤون إلى دفعها من خلال تقنينها وتوزيعها فيما بينهم على أساس النظام الأساسي للشركة.

  1. مبلغ التأمين: وهو المبلغ الذي تدفعه الشركة الإسلامية نيابة عن صندوق التأمين للمشترك (المستأمن) عند تحقق الخطر المؤمَّن منه.

ويطبق على قيمة الاشتراك ومبلغ التأمين جميع الأسس الفنية والأحكام والضوابط والقيود التي ذكرناها سابقاً باعتبار أن هذه الأسس الفنية قد قبلها العاقدان هنا أيضاً ، ودخل المشترك على أساسها ، فيلزم بها ومن هذه الأسس أن لا يزيد التعويض الذي يستحقه في التأمين عن حجم الضرر، أي: يكون في حدود الضرر مع ملاحظة أن لا يزيد المبلغ أيضاً عن مجموع الأقساط ، والتي حدد القسط على أساسها حتى لا يكون التأمين وسيلة إلى الإثراء، كما أنه قد يؤدي للقمار؛ كما سبق.

ويُذكر هنا أن التأمين التكافلي على الحياة – وهو من تأمينات الأشخاص – فبما أن أساسه التكافل بين المشتركين، والتعاون وليس التعويض عن الضرر الفعلي،  فإنه يدفع مبلغ التأمين على أساس وثيقة التأمين دون الحاجة إلى  الرجوع لإثبات الضرر ومقداره.

ثالثاً: الصيغة:

أي: الإيجاب والقبول ويكون على شكل وثيقة مكتوبة.

رابعاً: الخطر المؤمن منه:

يقصد بالخطر في عقد التأمين: الحادث الاحتمالي المستقبل، ومعنى كون الحادث احتماليًّا أنه قد يقع وقد لا يقع، دون أن يكون وقوعه متوقفًا على إرادة أحد العاقدين، بل إن ذلك موكول إلى القدر وحده؛ وذلك كموت المؤمن على حياته أو بقائه حيًّا إلى وقت معين، أو غرق البضاعة، أو حريق المنزل المؤمَّن عليه، فإن وقوع الحريق وعدم وقوعه، وبقاء إنسان حيًا في وقت معين وعدم بقائه أمر احتمالي قد يكون وقد لا يكون، وموت إنسان، وإن كان أمرًا محقق الوقوع.. إلا أن زمن وقوعه غير محقق.

وإذا كان شراح القانون يصرحون بأن الخطر أو الاحتمال هو "المحل الرئيسي" و"العنصر الجوهري" في عقد التأمين، وأنه "أصل للعنصرين الآخرين (قسط التأمين ومبلغ التأمين)" كان الغرر ملازمًا لعقد التأمين لا ينفك عنه، ولا يوجد بدونه.

بل إن ذلك يجعل عقد التأمين ذاته غررًا بحيث لا يتأتى وصفه بأنه عقد لحقه غرر، أو اشتمل على الغرر، كما يقال في بعض العقود التي يتصور وجودها بدون الغرر.

وفي هذا يقول أحد شراح القانون([51]): أما التزام المؤمن فهو التزام غير محقق؛ إذ هو التزام احتمالي وليس هو التزامًا معلقًا على شرط واقف، هو تحقق الخطر المؤمن فيه؛ لأن تحقق الخطر ركن قانوني في الالتزام وليس مجرد شرط عارض، ولو كان تحقق الخطر شرطًا واقفًا وليس مجرد شرط عارض؛ لأمكن تصور قيام التزام المؤمن بدونه التزامًا بسيطًا منجزًا، وهذا لا يمكن تصوره؛ لأن التزام المؤمن مقترن دائمًا بتحقق الخطر، ولا يمكن فصل الاثنين أحدهما عن الآخر.

والخطر في معناه الفني الدقيق عند رجال التأمين يختلف عن الخطر في عرف الاستعمال الذائع.

فالخطر في عرف الاستعمال يعني كارثة يكرهها الإنسان ويخشى وقوعها؛ لأن وقوعها يصيبه بضرر في نفسه أو ماله، كالحريق والغرق وتلف المال.

وقد يقصد رجال التأمين بالخطر هذا المعنى في الغالب من الحالات، كحالات التأمين من الحريق والسرقة، فإن الحريق والسرقة كوارث، بمعنى أنها أمور يكره الإنسان وقوعها، ويصيبه من هذا الوقوع ضرر.

أما الخطر في مجال التأمين فله معنى أوسع من ذلك؛ لأنه يعني كل حادث احتمالي سواء كرهه الإنسان أم أحبه، ترتب على وقوعه ضرر أم لا، فالتأمين على الحياة لحالة البقاء، وتأمين الأولاد، وتأمين الزواج.. كل ذلك تأمين من أخطار لا يكرهها الإنسان، ولا يترتب على وقوعها ضرر بالنفس أو بالمال، فالحياة أمر مرغوب فيه، وكذا إنجاب الأولاد والزواج.

ففي التأمين على الحياة لحالة البقاء يتقاضى المؤمن له مبلغ التأمين إذا بقي حيًّا إلى تاريخ معين، وبقاؤه حيًّا إلى هذا التاريخ أمر مرغوب فيه لا يكرهه المؤمن له؛ لأنه لا يترتب على بقائه حيًّا أي ضرر في ماله أو جسمه.

وفي تأمين الأولاد يتقاضى المؤمن له مبلغ التأمين كلما رزق بولد، وهو أمر لا يكرهه المؤمَّن له؛ لأنه لا يصيبه بضرر في نفسه أو ماله.

وقوانين التأمين تنص في هذه الأنواع من التأمين على استحقاق مبلغ التأمين عند وقوع الخطر، ولو لم يترتب على وقوعه أي ضرر، بل ولو كان وقوع الخطر مفيدًا للمؤمن له أو للمستفيد.

ولقد شاع بين شراح القانون أن التأمين على الأشخاص ليست له صفة تعويضية، بمعنى أن المؤمَّن له يستحق مبلغ التأمين عند وقوع الخطر دون حاجة إلى إثبات ضرر أصابه من جراء وقوعه، بل ولو ثبت يقينًا أنه لم يصبه من وقوعه أي ضرر([52]).

ومن أهم أنواع التأمين التعاوني (التكافلي):

1- التأمين التعاوني البسيط: ويكون على شكل صناديق خاصة، مثل: النقابات، والمهن، والحرف كالشرطة والجيش.

2- التأمين التعاوني الاستثماري: والذي تديره شركات إسلامية خاصة.

إن مبدأ التأمين التكافلي إذا كان يساهم في تقليل الخسائر الناتجة عن تحقق المخاطر التي يمكن أن تواجه الأفراد والشركات فإنه مبدأ مطلوب إسلامياً ولكن يجب أن يكون ذلك دون أن يتعارض ذلك مع أحكام الشريعة.

حيث أن هذا المبدأ متفق مع مبادئ التعاون والمشاركة في المجتمع لتحمل المسؤوليات.

حكم التأمين التعاوني (التكافلي): إن الجائز من التأمين هو التأمين التعاوني، ودليله أن النبي r قال: "إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا([53]) فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ: جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ؛ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ"([54]).

وقد أصدر المجمع الفقهي الإسلامي سنة 1391 هـ قرارًا بجواز هذا النوع من التأمين؛ لأنه:

1- يقوم على مبدأ التعاون على البر والتقوى وليس على المعاوض والربح، فلا يدخله ربا أو قمار أو غرر.

2- نظرًا لتعقد وتقطع صلة الأرحام؛ فلم يعد – غالبًا-  يُعين المرء أخاه، ولم تعد الدولة تأخذ الزكاة من الأغنياء وتعطيها للفقراء، فما المانع من إحداث نظام يلتزم فيه بمد يد العون للمحتاجين والشريعة الإسلامية لا تمانع في ذلك؟.

3- ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموا بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم"([55]).

ففعل الأشعريين هذا تعاون جماعي بين الأقرباء، ودليل على مشروعية التعاون التكافلي بين المسلمين.

والمسلم هنا يُقدِّم ما عنده ولا يدري إذا كان سيأخذ مثله أو أقل أو أكثر، وقد أباح ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله في مدح الأشعريين: "فهم مني، وأنا منهم".

وقام مجمع الفقه الإسلامي في مكة في عام 1985 باعتماد النظام التكافلي كنظام تعاوني متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.

قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم (51) وتاريخ 4/4/ 1397 هـ من جواز التأمين التعاوني بدلاً عن التأمين التجاري المحرم والمنوه عنه آنفاً للأدلة الآتية:

الأول: أن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار، والاشتراك في تحمل المسؤولية عند نزول الكوارث، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة، ولا ربحاً من أموال غيرهم، وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر.

الثاني: خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه: ربا الفضل، وربا النسأ، فليست عقود المساهمين ربوية، ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية.

الثالث: أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع، لأنهم متبرعون، فلا مخاطرة ولا غرر ولا مقامرة بخلاف التأمين التجاري، فإنه عقد معاوضة مالية تجارية.

الرابع: قيام جماعة من المساهمين، أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون، سواء كان القيام بذلك تبرعاً، أو مقابل أجر معين.

ورأى المجلس أن يكون التأمين التعاوني على شكل شركة تأمين تعاونية مختلطة للأمور الآتية:

أولاً: الالتزام بالفكر الاقتصادي الإسلامي الذي يترك للأفراد مسئولية القيام بمختلف المشروعات الاقتصادية، ولا يأتي دور الدولة إلا كعنصر مكمل لما عجز الأفراد عن القيام به، وكدور موجه ورقيب لضمان نجاح هذه المشروعات وسلامة عملياتها.

ثانياً: الالتزام بالفكر التعاوني التأميني الذي بمقتضاه يستقل المتعاونون بالمشروع كله من حيث تشغيله، ومن حيث الجهاز التنفيذي ومسئولية إدارة المشروع.

ثالثاً: تدريب الأهالي على مباشرة التأمين التعاوني وإيجاد المبادرات الفردية والاستفادة من البواعث الشخصية، فلا شك أن مشاركة الأهالي في الإدارة تجعلهم أكثر حرصاً ويقظة على تجنب وقوع المخاطر التي يدفعون مجتمعين تكلفة تعويضها مما يحقق بالتالي مصلحة لهم في إنجاح التأمين التعاوني، إذ أن تجنب المخاطر يعود عليهم بأقساط أقل في المستقبل، كما أن وقوعها قد يحملهم أقساطاً أكبر في المستقبل.

رابعاً: صورة الشركة المختلطة لا يجعل التأمين كما لو كان هبة، أو منحة من الدولة للمستفيدين منه، بل بمشاركة منها معهم فقط لحمايتهم ومساندتهم باعتبارهم هم أصحاب المصلحة الفعلية، وهذا موقف أكثر إيجابية ليشعر معه المتعاونون بدور الدولة، ولا يعفيهم في نفس الوقت من المسئولية.

ويرى المجلس أن يراعى في وضع المواد التفصيلية للعمل بالتأمين التعاوني الأسس الآتية:

الأول: أن يكون لمنظمة التأمين التعاوني مركز له فروع في كافة المدن، وأن يكون بالمنظمة أقسام تتوزع بحسب الأخطار المراد تغطيتها، وبحسب مختلف فئات، ومهن المتعاونين، كأن يكون هناك قسم للتأمين الصحي، وثان للتأمين ضد العجز والشيخوخة.. الخ.

أو يكون هناك قسم لتأمين الباعة المتجولين، وآخر للتجار، وثالث للطلبة، ورابع لأصحاب المهن الحرة كالمهندسين والأطباء المحامين..الخ. الثاني:

الثاني: أن تكون منظمة التأمين التعاوني على درجة كبيرة من المرونة، والبعد عن الأساليب المعقدة.

الثالث: أن يكون للمنظمة مجلس أعلى يقرر خطط العمل، ويقترح ما يلزمها من لوائح وقرارات تكون نافذة إذا اتفقت مع قواعد الشريعة.

الرابع: يمثل الحكومة في هذا المجلس من تختاره من الأعضاء، ويمثل المساهمين من يختارونه ليكونوا أعضاء في المجلس ليساعد ذلك على إشراف الحكومة عليها، أو اطمئنانها على سلامة سيرها، وحفظها من التلاعب والفشل.

الخامس: إذا تجاوزت المخاطر موارد الصندوق بما قد يستلزم زيادة الأقساط، تقوم الدولة والمشتركون بتحمل هذه الزيادة.


شروط التأمين التعاوني:

 

لكي يكون هناك تعاون سليم بين أي جماعة لتساعد أحد أفرادها إذا نزل به مكروه، يشترط فيما يُجمع من مال لتحقيق هذه الغاية أمور:

1ـ أن يدفع الفرد نصيبه المفروض عليه في ماله على وجه التبرع، قياماً بحق الأخوة، ومن هذا المال المجموع تؤخذ المساعدات المطلوبة للمحتاجين.

2ـ إذا أريد استغلال ـ استثمار ـ هذا المال المدخر فبالوسائل المشروعة وحدها.

3ـ لا يجوز لفرد أن يتبرع بشيء ما على أساس أن يعوض بمبلغ معين إذا حل به حادث، ولكن يعطى من مال الجماعة ـ مجموع المتبرعين، حملة الوثائق ـ بقدر ما يعوض خسارته أو بعضها، على حسب ما تسمح به حال الجماعة ـ شروط الشركة ـ.

4ـ التبرع هبة والرجوع فيها حرام، فإذا حدث فليراع حكم الشرع في ذلك.


عمل شركة التأمين التعاوني (صيغة التأمين التعاوني):

 

لم تظهر شركات التأمين الإسلامية إلا بعد صدور الفتاوى المجمعية التي قدمت صيغة التأمين التعاوني بديلاً عن التأمين التجاري المفتى بتحريمه.

وشركة التأمين التعاوني شركة وظيفتها إدارة الأموال وليس الضمان كما هو الحال في شركات التأمين التجاري.

فتقوم شركة التأمين التعاوني بتصميم محافظ تأمينية، مثل محفظة التأمين ضد حوادث السيارات مثلاً، فتحدد طبيعة الخطر، وتقوم بالحسابات المناسبة، وتصمم برنامج التعويض....الخ.

ثم تدعو من أراد إلى الاشتراك في هذه المحفظة بدفع قسط محدد متناسب مع الخطر.

ثم تجمع هذه الأموال في المحفظة المذكورة وتديرها باستثمارها لصالح أصحابها.

هذه الأموال تبقى ملكاً للمشاركين، ومهمة الشركة إدارتها لصالحهم.

فإذا وقع المكروه على أحدهم، قامت الشركة بالاقتطاع من تلك الأموال ثم تعويضه بالقدر المتفق عليه.

وتجري تصفية هذه المحفظة سنوياً بإصدار حسابات ختامية لها. فإذا وجد في نهاية العام أن الأموال في تلك المحفظة قد فاضت عن حاجة تعويض من وقع عليهم المكروه، ردت الشركة ما زاد إلى المشاركين في المحفظة.

وإذا نقصت تلك الأموال فلم تكن كافية لتعويض جميع من وقع عليهم المكروه في ذلك العام، كان على الشركة أن ترجع على مجموع المشاركين وتطالبهم بدفع قسط إضافي، ذلك لأن فكرة التأمين التعاوني قد قامت على "التكافل" بين المشتركين في المحفظة، وليس على ضمان الشركة للتعويض على المكروه الذي وقع للمشترك.

ولكن نظراً لصعوبة مطالبة الشركة للمشتركين بدفع قسط إضافي وبخاصة أولئك منهم الذين لم يعودوا أعضاء في المحفظة تعمد شركات التأمين التعاوني إلى تقديم قرض بلا فائدة من ملاك الشركة إلى المحفظة التي احتاجت إلى الزيادة ثم تسترده في الفترة التالية.

فكأنها قد جعلت عملية التكامل المذكورة تجري بين المشتركين في هذا العام والمشتركين في قابل.

وعلاقة الشركة بهذه المحفظة تقوم على أساس الوكالة فهي تدير المحفظة مقابل أجر مقطوع منصوص عليه في الاتفاقية والربح إذا تحقق يكون للمشتركين، وكذا الخسارة تكون عليهم؛ إذ أن الوكيل مؤتمن فلا يضمن، إلا في حالات التعدي أو التقصير.

وربما قامت العلاقة على أساس المضاربة، فتكون الشركة مضارباً يدير المحفظة بجزء من الربح المتحقق من الاستثمار.

وفي هذه الحالة لا تستحق الشركة إلا نصيباً من الربح إذا تحقق([56]).

وبناءً على ما سبق يمكن تأسيس شركة مساهمة، أو محدودة المسؤولية، ويفضل أن يكون البنك الإسلامي من مؤسسيها، يكون غرضها مزاولة أعمال التأمين التعاوني وإعادة التأمين، وللشركة أن تستثمر فائض رأسمالها وأموالها في المشروعات التجارية أو الصناعية أو الزراعية بأي طريق مشروع كالمضاربة مثلاً.

ويسير نشاط الشركة في خطين متوازيين، هما:

  1. القيام بأعمال التأمين، اعتماداً على أقساط التأمين المحصلة. ومنها تدفع التعويضات.
  2. استثمار فائض الأموال، في أوجه الاستثمار الجائزة شرعاً.

ولما كان فائض الأموال، قد ينسحب إلى زيادة الأقساط المحصلة عن التعويضات المدفوعة واحتياطي العمليات السارية؛ فإن الأرباح الناشئة عن الاستثمار يجب أن تعود إلى المساهمين وإلى المؤمنين، كل بقدر مساهمة أمواله في الاستثمار.


إشكالات ترد على التأمين التعاوني في صورته الحالية

 

الإشكال الأول: من المعلوم أن المساهم في التأمين التعاوني متبرع فكيف يعود عليه ما تبرع به إذا وقع الخطر؟

والجواب: أن المتبرع إذا تبرع لجماعة وصفت بصفة معينة فإنه يدخل في الاستحقاق مع هذه الجماعة إذا توافرت فيه هذه الصفة, كمن تبرع لطلاب العلم فإنه يستحق نصيباً في هذا التبرع إذا طلب العلم ومن تصدق أو وقف على فقراء مكة دخل فيهم واستحق معهم إذا صار فقيراً، وعلى ذلك فتبادل القسط أو الاشتراك في هذه الجمعيات لا يعارض مبدأ التبرع.

الإشكال الثاني: يوجد غرر في التأمين التعاوني حيث إن المساهمين لا يعلمون مقدار ما قد يعود عليهم من النفع عند وقوع الخطر؟

والجواب: لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بمقدار ما يعود عليهم من النفع, لأنهم متبرعون, فلا مخاطرة ولا غرر ولا مقامرة, لأن المتبرع أصلاً لا ينتظر عوضاً على تبرعه فتزول هذه الإشكالية.

الإشكال الثالث: كيف نقول إن المساهم في التأمين التعاوني متبرع مع:

أ) عدم تمكنه من العدول بما تبرع به.

ب) إلزامه بسداد ما عجز الصندوق عن الوفاء به.

والجواب: أنه لا إشكال فيهما لأن المتبرع التزم ابتداء بالتبرع, وسداد العجز الذي قد يحصل, فيلزمه الوفاء بذلك، وهذا أصل معمول به شرعاً أصله النذر والوفاء بالوعد في التبرعات، ومن مكارم الأخلاق ما هو لازم([57]).

كما أن نظير هذا التزام الإنسان بجبر الضرر الذي يقع على غيره من باب المواساة، فإن لحقه ضرر بعدم معرفة القدر الذي قد يلزمه فإن ما يلحقه من الضرر يلحق الجميع، والضرر في هذه الحالة متوقع أو قليل يحتمل في دفع الضرر عن الغير, وهذا ليس فيه محذور شرعي من أجل المصلحة العامة([58]).

كما أننا يمكننا الخروج من الالتزام بسداد العجز بما يلي:

أ) أن يعطى المتضرر المال الموجود في الصندوق، وفي حالة عجز الصندوق عن الوفاء لا يلتزم المشتركون بتكميل هذا العجز وإنما يتحمله المتضرر.

ب) في حالة الالتزام بسداد العجز تجعل الشركة سقفاً محدداً لجبر العجز الذي قد يلحق بالصندوق مقابل ضرر ما، حتى لا يكون الضرر كبيراً على المشتركين، فيكون المشتركون قد دخلوا ابتداء على علم بالقدر الذي قد يلزمهم حال عجز الصندوق عن تعويض الضرر، فكان القدر المحدد لسداد العجز معلوماً وكأنه جزء من الاشتراك ابتداء.

كما أن على الشركة تقدير هذه الأمور حسب ما عندها من الأموال وما تتوقعه من الأضرار التي قد تلحق بالمشتركين بحيث لا تحتاج إلى استدعاء أموال زائدة على الاشتراكات.


هدف التأمين التكافلي

 

يهدف التأمين التكافلي إلى: تقديم الخدمة التي يقدِّمها التأمين التقليدي للمستأمِن (حامل الوثيقة) بطريقة:

تعاونية مشروعة.

خالية من الغرر المفسد للعقد.

وخالية من الربا وسائر المحظورات.


العلاقة بين المستأمِنين والشركة في التأمين التقليدي:

 

علاقة مبادلة مالية احتمالية بين:

  • الالتزام (من المستأمِن) بدفع الأقساط.
  • الالتزام (من شركة التأمين) بدفع التعويضات.

وينحصر حق المستأمِن في: التعويضات عند وجود السبب.

كما يكون حق الشركة المطلق في الأقساط دون تدخل المستأمِن في استثمارها، أو الاستحقاق عند وجود الفائض.

 

العلاقة بين المستأمِنين والشركة في التأمين التكافلي:

 

علاقة المستأمِنين بالشركة هي علاقة إدارية دعت إليها ظروف إجرائية، بسبب: عدم الاعتراف الرسمي المباشر بالشخصية الاعتبارية لمحفظة التأمين؛ فجاء تأسيس الشركة لإيجاد الكيان القانوني المرخص له بالعمل في نشاط التأمين.

وتظل الاشتراكات وعائد استثمارها ملكاً مشتركاً بين المستأمِنين، وتتحدد حقوقهم فيها بحسب نظام التأمين وأسباب الاستحقاق في التعويض، أو في الفائض التأميني.

وتحدد ـ بوجه خاص ـ علاقة الشركة بالمؤمَّن له (حامل الوثيقة) بشأن استحقاقه لنصيبه من الفائض الذي يتحقق في حساب عمليات التأمين لدى الشركة؛ بموجب اللائحة التي يضعها مجلس الإدارة، مع مراعاة ما يلزم من الاحتياطات اللازمة للشركة، وتغطية النفقات الإدارية لها.

 


الإدارة والاستثمار

 

تتم إدارة عمليات التأمين بمقابل محدَّد نظير الخدمات الإدارية.

كما يتم استثمار موجودات التأمين نظير نصيب من الربح.

وهذان الأمران إما أن تقوم بهما الشركة.

أو حملة الوثائق، من خلال جهة إدارية وجهاز استثماري، تابعين لهم، أو يُمَثَّلون فيهما.

 

طرق الاستثمار وتنمية الموارد

 

تلتزم الشركة بأن يكون استثمار الاشتراكات التي يدفعها حملة الوئاثق بالطرق المشروعة.

وفي الحالات التي تستدعي اقتراض أموال إضافية لمقابلة الخسائر الزائدة عن الاشتراكات التي يدفعها حملة الوئاثق؛ يكون الاقتراض (من أموال الشركة) بدون فائدة.

كما تلتزم الشركة بأن يكون محل التأمين (المؤمَّن عليه) حلالاً مشروعاً.

 

 

 

 

الفرق بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري([59]):

 

هناك فروق جوهرية بين أسس التأمين التعاوني الإسلامي، وبين أسس التأمين التجاري التقليدي.

من هذه الفروق ما يلي:

 الفرق الأول: أن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار، فالأقساط المقدمة من حملة الوثائق في التأمين التعاوني تأخذ صفة الهبة (التبرع).

أما التأمين التجاري فهو من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية، فالعلاقة بين المؤمن والمستأمنين في التأمين التعاوني تقوم على أساس التبرع؛ بينما تقوم العلاقة بينهما في التأمين التجاري على المعاوضة.

الفرق الثاني: أن التعويض في التأمين التعاوني يصرف من مجموع الأقساط المتاحة.

فإذا لم تكن الأقساط كافية في الوفاء بالتعويضات طلب من الأعضاء زيادة اشتراكاتهم لتعويض الفرق.

وإذا لم يمكن زيادة الاشتراكات للوفاء بالتعويض لم يقع التعويض، إذ ليس هناك التزام تعاقدي بالتعويض.

أما التأمين التجاري فهناك التزام بالتعويض مقابل أقساط التأمين.

ويترتب على هذا الالتزام تحمل الشركة لمخاطرة الأصل المؤمن عليه دون سائر المستأمنين.

ولذا كان الهدف من العقد هو المعاوضة، ولكن هذه المعاوضة لا تسمح بربح الطرفين؛ بل إن ربحت الشركة خسر المستأمن، وإن ربح المستأمن خسرت الشركة.

فهي معاوضة تتضمن ربح أحد الطرفين مقابل خسارة الآخر، وهذا أكل المال بالباطل([60]).

الفرق الثالث: في التأمين التجاري لا تستطيع الشركة أن تعوض المستأمنين إذا تجاوزت نسبة المصابين النسبة التي قدرتها الشركة لنفسها.

أما في التأمين التعاوني؛ فإن مجموع المستأمنين متعاونون في الوفاء بالتعويضات التي تصرف للمصابين منهم، ويتم التعويض بحسب المتاح من اشتراكات الأعضاء.

 فالمستأمن في التأمين التعاوني لا ينتظر مقداراً محدداً سلفاً إذا وقع الخطر، وإنما ينتظر تضافر قرنائه بتعويضه بحسب ملاءة صندوق التأمين وقدرة الأعضاء على تعويضه.

فالطمأنينة التي يشعر بها المستأمن تعاونياً نابعة من شعوره بوقوف الآخرين معه، وليس من عوض محدد بمقتضى التزام تعاقدي غير صادق في حقيقته، كما هو الحال في التأمين التجاري([61]).

الفرق الرابع: أن التأمين التعاوني لا يقصد منه الربح من الفرق بين أقساط التأمين التي يدفعها المستأمنون وتعويضات الأضرار التي تقدمها الجهة المؤمِّن لديها بل إذا حصلت زيادة في الأقساط المجبية عن التعويضات المدفوعة لترميم الأضرار ترد الزيادة إلى المستأمنين([62]).

بينما الفائض التأميني في التأمين التجاري يكون من نصيب الشركة.

الفرق الخامس: المؤمِّنون هم المستأمنون في التأمين التعاوني، ولا تستغل أقساطهم المدفوعة لشركة التأمين التعاوني إلا بما يعود عليهم بالخير جميعاً.

أما في شركة التأمين التجاري فالمؤمِّن هو عنصر خارجي بالنسبة للشركة.

كما أن شركة التأمين التجاري تقوم باستغلال ـ استثمار ـ أموال المستأمنين فيما يعود عليها بالنفع وحدها([63]).

الفرق السادس: شركة التأمين التعاوني هدفها هو تحقيق التعاون بين أعضائها المستأمنين، وذلك بتوزيع الأخطار فيما بينهم، أي بمعنى ما يشتكي منه أحدهم يشتكون منه جميعاً، وبمعنى آخر أنها لا ترجو ربحاً من التبرعات؛ وإنما الذي ترجوه تغطية التعويضات والمصاريف الإدارية.

وعلى العكس من ذلك فإن شركة التأمين التجاري هدفها الأوحد هو التجارة بالتأمين والحصول على الأرباح الطائلة على حساب المستأمنين([64]).

الفرق السابع: العلاقة بين المستأمن والمؤمِّن، في التامين التجاري، أن ما يدفعه المستأمن من أموال تكون ملكاً للمؤمِّن ويخلط مع رأس ماله مقابل التأمين.

فليس هناك حسابان منفصلان كما في التأمين التعاوني.

الفرق الثامن: المستأمنون في شركات التأمين التعاوني، يعدون شركاء مما يحق لهم الحصول على الأرباح الناتجة من عمليات استثمار أموالهم.

 أما شركات التأمين التجاري فالصورة مختلفة تماماً؛ لأن المستأمنين ليسوا بالشركاء، فلا يحق لهم أي ربح من استثمار أموالهم، بل تنفرد الشركة بالحصول على كل الأرباح([65]).

الفرق التاسع: شركات التأمين التعاوني لا تستثمر أموالها في النواحي التي يحرمها الشرع.

وعلى النقيض من ذلك فشركة التأمين التجاري لا تأبه إن كان محل الاستثمار حلالا أوو حراماً([66]).

الفرق العاشر: في التأمين التعاوني لابد أن ينص في العقد على أن ما يدفعه المستأمن ما هو إلا تبرع وأنه يدفع القسط للشركة لإعانة من يحتاج إليه من المشتركين([67]).

أما في التأمين التجاري لا ترد نية التبرع أصلاً، وبالتالي لا يذكر في العقد.

الفرق الحادي عشر:  يتضمن عقد التأمين التجاري على غرر وجهالة، وهذا غير جائز شرعًا.

بينما يقوم عقد التأمين التعاوني الإسلامي على التعاون، وهذا جائز شرعًا.

الفرق الثاني عشر: تقوم شركات التأمين التعاوني الإسلامي باستثمار فائض الأموال وفقًا لصيغ الاستثمار الإسلامية، بينما تقوم شركات التأمين التجاري التقليدي باستثمار الأموال وفقًا لنظام الفائدة المحرمة شرعًا.

 

 


الفروق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني

التأمين التجاري

التأمين التعاوني

المقصود منه: الاسترباح والاستغلال وابتزاز الأموال، فالفكرة الاسترباحية هي الأساس؛ فالتأمين التجاري إذن من عقود المعاوضات المالية.

المقصود منه: التبرع، وتفتيت الخطر، وتخفيف الخسائر، فهو من عقود التبرعات المبنية على التعاون والتسامح، ولا يستهدف تحقيق الأرباح.

بما أن التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية فإن:

الغرر والجهالة عنصران لازمان لعقد التأمين التجاري يؤثران فيه تأثيرهما في عقود المعاوضات، وإنما يغتفر اليسير منهما إلا أنهما في هذا النوع من التأمين يصلان إلى إبطال العقد لكثرتهما وفحشهما

بما أن التأمين التعاوني من عقود التبرعات فلا يؤثر فيه الغرر والجهالة.

الفائض من التزامات صندوق التأمين التجاري يعتبر ربحاً لشركة التأمين التجارية، وكذلك في حال عدم حصول الخطر.

الفائض من التزامات صندوق التأمين التعاوني يعود إلى المشتركين كل بحسب نسبة اشتراكه.

في حال وجود عجز في الصندوق يعتبر خسارة على شركة التأمين التجارية وعليها الالتزام بتغطية هذا العجز من رأسمالها أو من احتياطاتها حيث تعتبر هذه الخسارة ديناً على الشركة.

في حال وجود عجز يتعين
على المشتركين سداده كلٌ بقدر نسبة اشتراكه.

المميزات نذكر ما يلي :-

التأمين التعاوني الإسلامي

التأمين التجاري

1)    التأمين التعاوني  الإسلامي قائم على التعاونِ ويخلو من الربا وغيرِه من المحظوراتِ الشرعيةِ.

1)    التأمين التجاري لا يخلو من الربا والغَررِ وغيره من المحظورات الشرعية.

حيث لا تتحرج شركات التأمين التجارية أو التقليدية أن تقوم بالتأمين على أمور محرمة وأن تستثمر أموالها بأسلوب ربوي.

2) وجود هيئة رقابة شرعية.

حيث أن هيئة الرقابة الشرعية تقوم بالتدقيق على سجلات الشركة وعقودها، وفي اتفاقيات إعادة التأمين، وفي مجالات استثماراتها، وتتأكد من أن جميع هذه الأعمال قد تمت إدارتها وفق الأصول الشرعية وخالية من أي محظور.

2) وجود لجنة فنية فقط.

3)    العلاقة القائمة بين المؤمَّن له ومجموعة المستأمِنين كشركاء متضامنين في الغُنْم والغُرم0

3)    العلاقة القائمة هي بين الشركة والمؤمن له على أساسٍ تجاري تحكمه ظروف العرض والطلب 0

4)    يعودُ أصلُ قيمةِ القسطِ المدفوعِ إلى صاحبه بعد   استقطاعِ حصتهِ من التعويضاتِ والمصاريف نظاماً.

4)    لا يعودُ أصلُ أو أيُّ جزء من قيمةِ القسطِ المدفوعِ بأيِّ حالٍ من الأحوالِ إلى صاحبه المؤمن له 0

5)    عوائدُ استثماراتِ أصولِ الأقساطِ تخصُّ أصحابَها المؤمَنّين بَعدَ استقطاع حصةِ الشركةِ "كمضارب".

5)    عوائدُ استثماراتِ أصولِ الأقساط تؤول لصالح الشركةِ التجاريةِ فقط دون غيرِها 0

7)    أرباحُ الشركةِ ناتجةٌ عن استثمارِ أموالِها الذاتية وعن حصتِها "كمضاربٍ"من عوائدِ استثمارِ فائض أقساط التأمين،وعن الأجر مقابل إدارتها لموجودات التأمين.

7)    أرباحُ الشركةِ ناتجةٌ عن استثمار أموالِها الذاتيةِ بالإضافة إلى الأرباح التجارية الناتجة عن عمليات التأمين كاملةً 0

ويمتاز هذا التأمين التعاوني بالملامح التالية :-

أولاً :  أن العلاقة التي تربط المسـتأمنين فيما بينَهم هي علاقة مُشاركة في الغُنْم والغُرْم والتي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار والإسـهام في تحمل المسؤولية عنـد نزول الكـوارث عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصـص لتعويض مَنْ يصيبـه الضرر. فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحاً من أموال غيرهم وإنما يقصدون توزيعَ الأخطار بينَهم والتعاونَ على تحمل الضرر.

ثانياً : خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه (ربا الفضل) و (ربا النَّسِيئَة) فعقود الشركة ليست ربوية كما لا تستغل الأقساط المجمّعة في معـاملاتٍ رِبــوية ولتأكيـــد الالتزام بذلك من قِبَل شركة التأمــين الإسـلامية، تقـوم هيئة الرقابة الشرعية بشكل دائم بدراسة وتدقيق سجلات جميع دوائر الشركة المختلفة،للتأكد من مدى التزام الشركة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء في معاملاتها ومن مدى التزام الشركة أيضاً بتنفيذ التوصيات المنبثقة عن اجتماعات هيئة الرقابة الشرعية فهي تنوب عمَّن لا نائب له. وبعد الانتهاء من هذه العمليات تقوم هيئة الرقابة الشرعية بإعداد التقارير الدورية بالإضافة إلى التقرير السنوي الخاص بها.

وتقوم شركة التأمين الإسلامية باستثمار أموال "حمَلة الوثائق" بطرق مشروعة بعيدة عن المعاملات الرِبوية، وتتم هذه الاستثمارات بواسطة شـراء أسهم شركــات هي أيضاً لا تتعامل بالربا، إضافة إلى أن هذه الأموال تودع لدى بنك إسلامي والذي يقوم بدوره باستثمار هذه الأموال بصفته مضارباً مقابل حصة معلومة.

 وتكون علاقة الشركة بمجموع المستأمنين علاقة النائب بالأصيل، نيابة اتفاقية مقابل أجر معلوم، وهذا النوع من "الوكالة بأجر"،  مشروع وذلك لأنه لما كانت الحكمة من شرعية الوكالة التعاضد والتعاون بين الناس وكانت عملاً من أعمال البرّ والتقوى، ومن ثمّ كان الأصل فيها عدم الأجر، لأن العمل الصالح أجرُه على الله، لكن يجوز شرعاً أن تكون بأجر، لأن الحياة الاجتماعية تطورت وتنوعت فيها المصالح وتعقدت المشاكل.

أما علاقة المستأمنين (حمَلة الوثائق) فيما بينهم فهي قائمة على أساس التعاون والتضامن فيما بينَهم، وذلك يظهر في كل عقد من عقود التأمين التعاوني الذي تطرحه الشركة للاكتتاب وبخطٍ بارز والذي ينص على :  "يُعتبر المؤمن له بقبوله التعامل مع الشركة على أساس هذه الوثيقة مشتركاً مع غيره من المؤمَّن لهم لديها على أساس تعاوني وتقوم الشركة باستثمار أقساط التأمين كلياً أو جزئياً على أساس عقد المضاربة نظيرَ حصةٍ شائعةٍ للشركة من الربح بصفتها مضارباً، تحدد في الإعلان العام في مركز الشركة وفروعها قبيل بداية كل عام ميلادي.

وتتحدد بوجه خاص علاقة الشركة بالمؤمن له بشأن استحقاقات هذا الأخير لنصيبه من الفائض الذي يتحقق في حساب عمليات التأمين لدى الشركة، بموجب اللائحة التي يضعها مجلس إدارة الشركة مع مراعاة تكوين ما يلزم من الاحتياطيات اللازمة للشركة وتغطية نفقاتها الإدارية".

يتبين مما سبق أن التأمين التعاوني الذي تمارسه شركات التأمين الإسلامية يتميز في هذا الإطار بتكريسٍ لفكرة التعاون والتكافل وتَحقيقٍ لمبدأ العدالة والإنصاف بين" المساهمين" و"حمَلة الوثائق" من جهة، وبين "حمَلة الوثائق" أنفسِهم من جهة ثانية.

       ويتضح ذلك مما يلي :-

       أ  -   أن الشركة تحتفظ بنوعين اثنين من الحسابات :

الأول  : حساب "المساهمين" والذي يتمثل برأس المال.

الثاني : حساب "حمَلة وثائق التأمين" وهو الذي يبدأ بأقساط هذه الوثائق.

       ب-   قيام الشركة بالاحتفاظ بجميع أقساط "حمَلة الوثائق" في حسابٍ واحد، تحقيقاً لفكرة التكافل فيما بينَهم، وسيتم جبر أضرار من يتعرضون للخسارة من هذا الحساب؛ وهذا هو معنى التكافل.

وبذلك تُصبح صورة الحقوق والالتزامات لكلا الطرفين كالآتي :-

حقوق المستأمنين (حملة الوثائق)

حقوق المساهمين

1-   الاشتراكات المكتسبة.

2-   حصتهم من عوائد استثمار الاشتراكات.

3-   الاحتياطيات الفنية.

      تُخصم منها  الالتزامات التالية؛

  أ  - المطالبات الفنية.

  ب- مصروفات العمليات التأمينية.

  جـ-أجرة "وكيل الخدمات" للمساهمين كنسبة معلومة من الاشتراكات.

  د  - حصة المساهمين من عوائد استثمار الاشتراكات بصفتهم "مُضارباً"

  و  -الضرائب التي تتعلق بالوعاء التأميني.

      الناتج يُمثل "الفائض التأميني" ويُوزع على المستأمنين (حملة الوثائق).

-     رأس المال.

-     الاحتياطي القانوني أو الاختياري الذي يخص المساهمين.

      ثم يضاف إليه العوائد التالية :-

1-   عائد استثمار رأس المال.

2-   عمولة "وكيل الخدمات".

3-   حصتهم "كمضارب" في استثمار الاشتراكات.

      تُخصم منها الالتزامات التالية :-

  أ  - الرواتب والإيجارات والمصاريف الإدارية             الأخرى.

  ب- قيمة إهلاك الأصول الثابتة.

  جـ -الضرائب التي تتعلق برأس المال. 

      الناتج يُمثل الفائض المستحق للمساهمين ويُوزع عليهم.

أما تحقق مبدأ العدالة والإنصاف فيتمثل في الميزة التالية وهي توزيع عوائد الشركة على "المساهمين" و"حمَلة الوثائق" بالكيفية التالية :-

يتم توزيع الأرباح المستحقة للمساهمين بنسبة ما يملك كل مساهم من إجمالي أسهم الشركة.

بينما يتم توزيع الفائض التأميني على المستأمنين (حملة الوثائق) بالكيفية التالية :-

"يتم توزيع "الفائض التأميني" على "حملة الوثائق" بنسبة إجمالي الأقساط التي شارك بها كل "مؤمَّن له" بغض النظر عن دوائر التأمين التي اشترك فيها بعد خصم مخصص الأخطار السارية حسب النسب المقررة نظاماً،  وذلك مرفق المعادلة التالية :-

قاعدة توزيع الفائض التأميني :-

يُحسب نصيب كل مشترك ( حامل وثيقة ) من الفائض المخصص للتوزيع وفق         المعادلة التالية :-

الفائض المخصص للتوزيع × أقساط التأمين لكل مشترك

 

=

 

نصيب المشترك من الفائض

إجمالي أقساط التأمين

هذا بالإضافة إلى :-

حرصِ الشركةِ الشديد على تنظيم عِلاقةٍ جديدةٍ بينها وبين معيدي التأمين، تضمن بُعْدَها عن الحرام في تعاملاتِها المالية مع السعي الدؤوب لإيجاد شركاتِ إعادة تأمينٍ إسلامية بديلةٍ للشركات الأجنبية.

 


التأمين وإعادة التأمين:

 

إن إعادة التأمين من أصعب الأمور التي تواجه التجربة الإسلامية في مجال التأمين.

وقد تصدر لبحث المسألة عدد من البنوك الإسلامية والمجامع الفقهية عبر الفقهاء المعاصرين.

ونذكر من البنوك بنك فيصل الإسلامي السوداني ـ صاحب أول تجربة تطبيقية في هذا المجال ـ حيث وجه سؤالاً في المسألة إلى هيئة الرقابة الشرعية المشرفة على أعماله([68]) فوافقت على ذلك بشروط وضوابط.

حيث جاء في جواب الهيئة: (إن عقد إعادة التأمين التجاري لا فرق بينه من حيث حقيقته وبين التأمين التجاري، فهو عقد تجاري يكون المؤمن له فيه شركات التأمين بدلا ًمن الأفراد، وحرمة هذا النوع من التأمين تقضي بمنع إعادة التأمين إلا إذا دعت الحاجة الملحة لذلك وبما أن إدارة البنك وخبراء التأمين يؤكدون وجود مثل هذه الحاجة فإن الهيئة ترى جواز إعادة التأمين لوجود الحاجة المتعينة مع إبداء التحفظات التالية:

1- ترى الهيئة أن يقلل ما يدفع لشركة إعادة التأمين إلى أدنى حد ممكن بالقدر الذي يزيل الحاجة عملاً بقاعدة (الحاجة تقدر بقدرها).

2- على شركة التأمين التعاوني أن لا تتقاضى أية عمولة أرباح أو عمولة أخرى من شركة إعادة التأمين.

3- على شركة التأمين التعاوني أن لا تحتفظ بأي احتياطات عن الأخطار السارية؛ لأن حفظها يترتب عليه دفع فائدة ربوية لشركة إعادة التأمين.

4- عدم تدخل شركة التأمين التعاوني في طريق استثمار شركة إعادة التأمين لأقساط إعادة التأمين الموضوعة لها، وعدم المطالبة بنصيب في عائد استثماراتها، وعدم المسؤولية عن الخسارة التي تتعرض لها.

5- أن يكون الاتفاق مع شركة إعادة التأمين لأقصر مدة ممكنة، وأن يرجع البنك إلى الهيئة إذا أراد تجديد الاتفاق.

6- تحث الهيئة البنك أن يعمل منذ الآن على إنشاء شركة إعادة التأمين التعاوني تغنيه عن التعامل مع شركة إعادة التأمين التجاري) ([69]).

 

قرار مجمع الفقه حول: التأمين وإعادة التأمين([70])

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي بعد أن تابع العروض المقدمة من العلماء المشاركين في الدورة حول موضوع التأمين وإعادة التأمين، وبعد أن ناقش الدراسات المقدمة، وبعد تعمق البحث في سائر صوره وأنواعه، والمبادئ التي يقوم عليها والغايات التي يهدف إليها، وبعد النظر فيما صدر عن المجامع الفقهية والهيئات العلمية بهذا الشأن، قرر ما يلي:

أولاً: أن عقد التأمين التجاري ذي القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد، ولذا فهو حرام شرعاً.

ثانياً: أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني.

ثالثاً: دعوة الدول الإسلامية للعمل على إقامة مؤسسات التأمين التعاوني وكذلك مؤسسات تعاونية لإعادة التأمين، حتى يتحرر الاقتصاد الإسلامي من الاستغلال ومن مخالفة النظام الذي يرضاه الله لهذه الأمة.

 

 

([1]) صحيح مسلم (2586)، ومسند أحمد (17913) و(17907).

([2]) صحيح مسلم، (2699)، وسنن أبي داود (4946)، وسنن الترمذي (1425) و(1930).

([3]) صحيح مسلم (2585)، وسنن الترمذي (1928)، وسنن النسائي  (2560)، ومسند أحمد (19127).

([4]) صحيح مسلم (867)، و سنن أبي داود (2900) و(2956) و(3343)، وسنن النسائي  (1962).

([5]) تفسير الطبري، الطبعة الأولى، دار الحديث، القاهرة 1987، 10/114.

([6]) رواه ابن النجار في تاريخ بغداد عن عائشة رضي الله عنها. فيض القدير، شرح الجامع الصغير، الإمامِ المناوي، وكنز العمال، المتقي الهندي.

([7]) سنن النسائي، (3628).

([8]) القاموس المحيط للفيروز آبادي مادة (أمن) لسان العرب لابن منظور مادة )أمن(، المعجم الوسيط مادة (أمن).

([9]) سنن ابن ماجه (3924)، ومسند أحمد (12103)، والمستدرك على الصحيحين (25)، 1/28، ومسند أبي يعلى الموصلي (4078)، 9/224، وصحيح ابن حبان (511)، 3/14.

([10]) ينظر: الوسيط في شرح القانون المدني، د. عبد الرزاق السنهوري، طبعة دار النهضة العربية 1964، ص 1083 – 1087، وحكم الشريعة الإسلامية في عقود التأمين، د. حسين حامد حسان، طبعة دار الاعتصام، ص 417- 420.

([11]) المعجم الوسيط، مادة (أمن)، ص 1087.

([12]) القانون المدني السوري (713)، والمدني الليبي (م747).

([13]) القانون المدني العراقي (م983).

([14]) قانون الموجبات والعقود اللبناني (م950) .

([15]) الشيخ مصطفى الزرقا (1321-19/3/ 1420هـ =1901-3/7/1999م) ابن العلامة الشيخ أحمد الزرقا والفقيه الأصولي المتفنن، فقيه عصره لا سيما في المعاملات والفقه المقارن، وهو إلى جانب ذلك ضليع باللغة العربية والأدب، تتلمذ على يديه ألوف من المشايخ والحقوقيين خلال تدريسه في جامعة دمشق 1944-1966، ولا يزال كتابه المدخل الفقهي العام مرجعا أساسا في فهم علم الفقه ودراسته، وكان أستاذ الحقوق المدنية والشريعة الإسلامية في كلية الحقوق بدمشق وعضو المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي (مقتبس من موقع د. عبد الفتاح أبوغدة على الانترنت).

([16]) الاقتصاد الإسلامي، مصطفى الزرقا، مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، 1400 هـ  ص 394 – 395.

([17]) نظام التأمين، الأستاذ مصطفى أحمد الزرقاء مؤسسة الرسالة، 1984م، ص21.

([18]) ينظر: التأمين الاجتماعي في ضوء الشريعة الإسلامية، د عبد اللطيف محمود آل محمود، الطبعة الأولى، 1414-1994 دار النقاش، 31-32 ، والتأمين التجاري والبديل الإسلامي، د. غريب الجمال، دار الاعتصام، ص 27-28، وبحوث في فقه المعاملات المالية المعاصرة د. على محي الدين القره داغي، الطبعة الأولى، 1422- 2001، دار البشائر الإسلامية، ص 264.

([19]) يُنْظَر: التأمين، فيصل المولوي، دار الرشاد الإسلامية، الطبعة الأولى (1408هـ-1988م).

([20]) يُنْظَر: التأمين، فيصل المولوي، دار الرشاد الإسلامية، الطبعة الأولى (1408هـ-1988م).

([21]) رواه البخاري، 1331، 2/505، ومسلم، 19، 1/50.

([22]) معجم المصطلحات الاقتصادية، نزيه حماد، ص 106، ويُنْظر القوانين العربيّة المعرفة للتأمين وهي: (713) القانون السوري، و(747) القانون المصري، و(950) القانون اللبناني، و(983) القانون العراقي، و(920) القانون الأردني، والوسيط، السنهوري، (7/ 1079).

([23]) يُنْظَر: الوسيط، السنهوري، (7/1136)، وبحث عقود التأمين، د. محمد عبد اللطيف الفرفوز، مجلة مجمع الفقه الإسلامي (2/577).

([24]) حاشية ابن عابدين، 4/170.

([25]) رواه مسلم، 1533، 3/1153.

([26]) زاد المعاد (5/822).

([27])  يُنْظَر: نيل الأوطار، 8/258.

([28]) مجموع الفتاوى (28/76).

([29]) التأمين وفقاً للقانون الكويتي، د. جلال إبراهيم، 30، ويُنْظَر: الوسيط للسنهوري (7/1086).

([30]) حقيقة شركات التأمين، د. سليمان بن إبراهيم بن ثنيان، عضو هيئة الـتـدريـس فـي فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم، وهو أستاذ متخصص في التأمين. http://www.saaid.net/arabic/ar63.htm.

([31]) حقيقة التأمين، د. سليمان بن إبراهيم بن ثنيان. مجلة البيان، العدد 148، 1420 هـ. http://www.alhttan.com/ms5.htm.

([32])  في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي.

([33]) رواه أبو داود، 2574، 3/29، والترمذي، 1700، 4/205، والنسائي، 3585، 6/226.

([34]) المنعقد بمكة المكرمة بتاريخ 25 ربيع الآخر لعام 1399 في قراره الخامس.

([35]) يُنظر: التأمين من منظور إسلامي، محمد فتحي، موقع الإسلام على الانترنت، /http://www.islamonline.net/Arabic.

([36]) أي يتسول لحاجته إلى مقومات معيشته وحياته، وتوفير مقدار الجزية التي يدفعها إلى الدولة.

([37]) رواه أبو عبيد وابن زنجويه، كنز العمال، حديث رقم: 11477، ونصب الراية.

([38]) الوسيط، السنهوري، (7/2/1377 – 1378).

([39]) رواه البخاري.

([40]) للتوسع يُنْظر: أحكام التأمين التجاري والتعاوني والإسلامي، د. علي القره داغي، الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل الكويتي.

([41]) الوسيط، د. السنهوري، (7/1523 ـ 1527).

([42]) موفق الدين بن قدامة المقدسي (541– 620 هجرية): أبومحمد، عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة الذي يعتبر من أبرز وأشهر فقهاء الحنابلة، ينتهي نسبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولد في (جماعيل) في بيت المقدس، إبان فترة الحروب الصليبية، ورحل عنها مع أسرته التي استوطنت دمشق، وتوفي بها، شهدت حياته علو مكانته في العلم، ودوره الكبير في الجهاد، من أشهر كتبه: المغني. سير أعلام النبلاء، الذهبي، 22/165.

([43]) المغني، ابن قدامة الحنبلي، الطبعة الأولى، دار الفكر، ص210.

([44]) الإمام أحمد(780 ـ 855 م): هو أحمد بن حنبل بن هلال الذهلي الشيباني المزوزي، إمام المذهب الحنبلي، ولد ببغداد، وتنقّل بين الحجاز واليمن ودمشق، وسمع من كبار المحدثين، ونال قسطاً وافراً من العلم والمعرفة، حتى قال فيه الإمام الشافعي: "خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقَهَ من ابن حنبل. سير أعلام النبلاء.

([45]) سنن الترمذي، (1231)، وسنن النسائي، في كتاب البيوع، باب بيعتين في بيعة، (4632)، ومسند أحمد، (6591).

([46]) مصنف عبد الرزاق، في كتاب البيوع، باب بيعتان في بيعة، (14636) موقوفاً على ابن مسعود رضي الله عنه.

([47]) القاموس المحيط، الفيروز آبادي، مادة (كفل).

([48]) صحيح البخاري، (4998)، و(5659)، وسنن أبي داود، (5150)، وسنن الترمذي، (1918).

([49]) يُنْظَ{:دروس في العقود المسماة؛ البيع والتأمين، د عبد الودود يحيى، ص 222، وعقود التأمين، د. محمد الزغبي، ص 484.

([50]) للتوسع يُنْظَر: أحكام التأمين التجاري والتعاوني والإسلامي؛ دراسة فقهية مقارنة، د. علي القره داغي.

([51]) الوسيط، السنهوري 7/2 /1139.

([52]) حكم الشريعة الإسلامية في عقود التأمين، د. حسين حامد حسان، 422 ـ 425، وينظر: الوسيط، السنهوري 7/2/ 1144، والتأمين الاجتماعي في ضوء الشريعة الإسلامية، د عبد اللطيف محمود آل محمود ، ص 51، والتأمين التجاري والبديل الإسلامي، د. غريب الجمال، ص 29 – 32، والمعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي، د. محمد شبير، ص 99- 100.

([53]) أي: فني زادهم.

([54]) رواه البخاري، (2354)، 2/880، ومسلم، (2500)، 4/1944.

([55]) رواه البخاري، (2354)، 2/880، ومسلم، (2500)، 4/1944.

([56]) يُنْظَر: مقدمة في أصول الاقتصاد الإسلامي، د. محمد علي القري.

([57]) يًنْظَر: الموافقات، الشاطبي، 5/246.

([58]) يُنْظَر: الموافقات، الشاطبي، 3/64-65.

([59]) ألف في الفروق بين هذين النوعين عدة كتب، منها: التأمين التجاري و البديل الإسلامي، د. غريب جمال، والمعاملات المالية المعاصرة، د. علي السالوس.

([60]) وقفات في قضية التأمين، د. سامي سويلم، ص 20.

([61]) وقفات في قضية التأمين، د. سامي سويلم، ص 21.

([62]) الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية، رقم الفتوى 42.

([63]) فتوى الهيئة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي ، نقلاً من فتاوي التأمين، ص 99.

([64]) فتوى الهيئة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي ، نقلاً من فتاوي التأمين، ص 99.

([65]) فتاوى الهيئة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي، نقلاً من فتاوى التأمين، ص 105.

([66]) فتاوى الهيئة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي، نقلاً من فتاوى التأمين، ص 105.

([67]) فتاوى الهيئة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي، نقلاً من فتاوى التأمين، ص 91.

([68]) تتكون من السادة أصحاب الفضيلة د. صديق الضرير – رئيس الهيئة -، والشيخ عوض الله صالح – مفتي الجمهورية السودانية -، ود. حسن عبد الله، ود. خليفة بابكر، ود. يوسف العالم (أعضاء).

([69]) التأمين التجاري والبديل الإسلامي، د. غريب جمال، ص 340 – 344.

([70]) قرار مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الثانية، جدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22 – 28 كانون الأول (ديسمبر ) 1985م، رقم القرار: 9(9/2).

عدد القراء : 2337