shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

بيان أنواع البيوع من حيث الحكم الشرعي

الفصل الثالث

تقسيم البيع من حيث الحكم الشرعي

 

للبيع تقسيمات عديدة باعتبارات مختلفة، ويهمنا التعرف على أنواع البيع من حيث الحكم الشرعي لها.

بيان أنواع البيوع من حيث الحكم الشرعي

1.             البيوع الجائزة.
2.             البيوع الموقوفة.
3.             البيوع المتفق على بطلانه.
4.             البيوع المختلف في حكمها.
5.             البيوع المحرَّمة بالنص.


المبحث الأول: البيوع الجائزة

وهو كل بيع مشروع (أي حقَّق الأركان والشروط) وقع  التراضي فيه بين البائع والمشتري.

وهو الأصل المشروع في العقود الصحيحة من البيوع، وهناك بعض البيوع المحتملَة يجب معرفة حكمها.

وفيما يأتي بيان بعض أنواع من البيوع التي قد يُظّنُّ منعها؛ لما فيها من الجهالة والغرر في مقدارها أو أوصافها، وهي في الحقيقة جائزة شرعاً، مراعاة لمصالح العباد.

البيع بثمن آجل معلوم القدر والأجل، متّفق على جوازه، ولا خلاف فيه لأحد من الفقهاء، وذلك لقول اللّه تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ[[البقرة: 282]، قال المفسّرون: المراد به كلّ معاملة كان أحد العوضين فيها نقداً والآخر  نسيئةً فما قدّم فيه الثّمن وأجّل فيه تسليم المثمّن، فهو السّلم، وقد ورد الشّرع بجوازه، وانعقد عليه الإجماع، فهذا مثله، لأنّه تأجيل لأحد العوضين.

وهذا بشرط أن لا يكون العوضان ممّا يجري بينهما ربا النّسيئة، كالذّهب بالذّهب أو بالفضّة، وكالقمح بالشّعير.

هذا، غير أنّ الإمام أحمد كره أن يختصّ الرّجل بالبيع بالنّسيئة، لا يبيع إلاّ بها، ولا يبيع بنقد، قال ابن عقيل: (وإنّما كره النّسيئة لمضارعتها الرّبا، فإنّ الغالب أنّ البائع بنسيئة يقصد الزّيادة بالأجل، لكنّ البيع بنسيئة ليس بمحرّم اتّفاقاً، ولا يكره إلاّ أن لا يكون له تجارة غيره)([1]).

بيع المزايدة:

استثنى الفقهاء بيع المزايدة بالمناداة، ويسمى بيع الدلالة أي بيع الدلال([2])، ويسمّى أيضاً: المزايدة، استثنوها من الشّراء على الشّراء، ومن السّوم على سوم أخيه.

وهي: أن ينادى على السّلعة، ويزيد النّاس فيها بعضهم على بعض، حتّى تقف على آخر زائد فيها فيأخذها([3]).

وهذا بيع جائز بإجماع المسلمين([4]).

ودليل جواز بيع المزايدة: حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ r يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: "أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟"، قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ، وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ، قَالَ: "ائْتِنِي بِهِمَا".

قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ r بِيَدِهِ، وَقَالَ: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟"، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: "مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ"؛ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: "اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَاماً فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُوماً فَأْتِنِي بِهِ".

فَأَتَاهُ بِهِ، فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ r عُوداً بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: "اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ، وَلاَ أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً".

فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ؛ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْباً، وَبِبَعْضِهَا طَعَاماً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لِثَلاَثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ"([5])، قال الكاسانيّ في تعليقه على هذا الحديث: وما كان رسول اللّه r ليبيع بيعاً مكروهاً([6]).

والدّليل الثّاني: أنّ المسلمين لم يزالوا يتبايعون في أسواقهم بالمزايدة([7])، وأنّه بيع الفقراء والحاجة ماسة إليه([8]).

وقد أخذ هذا البيع أساليب جديدة، وقد عُرِض على مجمع الفقه الإسلامي، واتخذ المجمع فيه قراراً، هذا نصه:

القرار([9]): بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: (عقد المزايدة) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله، وحيث إن عقد المزايدة من العقود الشائعة في الوقت الحاضر، وقد صاحب تنفيذه في بعض الحالات تجاوزات دعت لضبط طريقة التعامل به ضبطاً؛ يحفظ حقوق المتعاقدين، طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، كما اعتمدته المؤسسات والحكومات وضبطته؛ بتراتيب إدارية، ومن أجل بيان الأحكام الشرعية لهذا العقد تقرر ما يلي:

أولاً: عقد المزايدة: عقد معاوضة يعتمد دعوة الراغبين نداءً أو كتابةً للمشاركة في المزاد، ويتم عند رضا البائع.

ثانياً: يتنوع عقد المزايدة بحسب موضوعه إلى: بيع وإجارة وغير ذلك، وبحسب طبيعته إلى: اختياري؛ كالمزادات العادية بين الأفراد، وإلى إجباري؛ كالمزادات التي يوجبها القضاء، وتحتاج إليه المؤسسات العامة والخاصة والهيئات الحكومية والأفراد.

ثالثاً: إن الإجراءات المتبعة في عقود المزايدات من تحرير كتابي وتنظيم وضوابط وشروط إدارية أو قانونية يجب أن لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.

رابعاً: طلب الضمان ممن يريد الدخول في المزايدة جائز شرعاً، ويجب أن يُرَدَّ لكل مشارك لم يرس عليه العطاء، ويحتسب الضمان المالي من الثمن لِمَن فاز بالصفقة.

خامساً: لا مانع شرعاً من استيفاء رسم الدخول (قيمة دفتر الشروط بما لا يزيد عن القيمة الفعلية)؛ لكونه ثمناً له.

سادساً: يجوز أن يعرض المصرف الإسلامي أو غيره مشاريع استثمارية ليحقق لنفسه نسبة أعلى من الربح سواء أكان المستثمر عاملاً في عقد مضاربة مع المصرف أم لا.

سابعاً: النَّجْش حرام، ومن صوره:

أ - أن يزيد في ثمن السلعة من لا يريد شراءها ليغري المشتري بالزيادة.

ب - أن يتظاهر من لا يريد الشراء بإعجابه بالسلعة ويمدحها؛ ليغري المشتري فيرفع ثمنها.

ج - أن يَدَّعي صاحب السلعة أو الوكيل أو السمسار ادعاءً كاذباً أنه دفع فيها ثمناً معيناً؛ ليدلس على ما يسوم.

د – ومن الصور الحديثة للنَّجْش المحظورة شرعاً: اعتماد الوسائل السمعية والمرئية والمقروءة التي تذكر أوصافاً رفيعة؛ لا تمثل الحقيقة، أو ترفع الثمن؛ لتغري المشتري وتحمله على التعاقد.

بيع الحقوق المعنوية([10]):

قرار مجمع الفقه الإسلامي:

أولاً: الاسم التجاري والعنوان التجاري والعلامة التجارية والتأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً فلا يجوز الاعتداء عليها.

ثانياً: يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية ونقل أي منها بعوض مالي إذا انتفى الغرر والتدليس والغش باعتبار أن ذلك أصبح حقاً مالياً.

ثالثاً: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها ولا يجوز الاعتداء عليها.


المبحث الثاني: البيع الموقوف

التّعريف:

عرّف فقهاء الحنفية البيع الموقوف بأنّه: البيع المشروع بأصله ووصفه، ويفيد الملك على وجه التّوقّف، ولا يفيد تمامه لتعلّق حقّ الغير به([11])، وهو من البيع الصّحيح([12]).

ويقابله البيع النّافذ، وهو: البيع الصّحيح الّذي لا يتعلّق به حقّ الغير، ويفيد الحكم في الحال([13]).

مشروعيّة البيع الموقوف:

للفقهاء اتجاهين في حكم البيع الموقوف:

الاتجاه الأول([14]): يرى فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية، وفقهاء الحنابلة في إحدى الرّوايتين، وهو قول فقهاء الشافعية مشروعيّة البيع الموقوف، واعتباره قسماً من أقسام البيع الصّحيح([15])؛ لعمومات البيع نحو قوله تعالى ]وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ[[البقرة: 275]، وقوله عزّ شأنه: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[[النساء: 29].

وجه الدّلالة من هذه الآيات: أنّ اللّه سبحانه وتعالى شرع البيع والشّراء والتّجارة من غير فصل، بين ما إذا وجد من المالك بطريق الأصالة، وبين ما إذا وجد من الوكيل في الابتداء، أو بين ما إذا وجدت الإجازة من المالك في الانتهاء وبين وجود الرّضا في التّجارة عند العقد أو بعده، فيجب العمل بعمومها إلاّ ما خصّ بدليل([16]).

ولما ثبت عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r أَعْطَاهُ دِينَاراً يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً؛ فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ؛ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ"([17])، ومعلوم أنّه لم يكن مأموراً ببيع الشّاة، فلو لم ينعقد البيع الموقوف، لما باع ولما دعا له بالخير والبركة على ما فعل، ولأنكر عليه؛ لأنّ الباطل يُنْكَر([18]).

كما أنّ البيع الموقوف تصرّف صدر من أهله في محلّه فلا يلغو، كما لو حصل من المالك، والتّصرّف إذا صدر من أهله في محلّه تحقّق به وجوده، ثمّ قد يمتنع نفاذه شرعاً لمانع، فيتوقّف على زوال ذلك المانع، وبالإجازة يزول المانع، وهو عدم رضا المالك به([19]).

ولأنّ البيع الموقوف يفيد الملكيّة بدون قبض تماماً، كما هو الحكم في البيع الصّحيح، فالبيع الموقوف هو بيع صحيح لصدق تعريفه وحكمه عليه، وانعقاد هذا البيع موقوفاً على الإجازة لا ينافي كونه صحيحاً([20]).

الاتجاه الآخر([21]): ذهب فقهاء الشافعية على المشهور من المذهب، وفقهاء الحنابلة في إحدى الرّوايتين إلى بطلان العقد الموقوف. واستدلّوا بحديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r فَقُلْتُ: يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنْ الْبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي، أَبْتَاعُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ثُمَّ أَبِيعُهُ، قَالَ: "لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([22])، ولأنّ وجود السّبب بكماله بدون آثاره يدلّ على فساده.

أنواع البيع الموقوف:

عقد البيع يكون موقوفاً إذا تعلّق به حقّ الغير، وهو أن يكون ملك الغير أو يكون لغير المالك حقّ في المبيع.

وقد حصر صاحب الخلاصة أنواع البيع الموقوف في خمسة عشر نوعاً، وأوصلها صاحب النّهر إلى ثمانية وثلاثين نوعاً، وذكر ابن نجيم في البحر الرّائق تسعاً وعشرين صورةً للبيع الموقوف، وفي حاشية ابن عابدين ثمانية وثلاثون صورة([23])، أهمّها:

بيع الصّبيّ موقوف على إجازة الأب أو الوصيّ([24]).

بيع غير الرّشيد موقوف على إجازة القاضي([25]).

بيع المرهون موقوف على إجازة المرتهن([26]).

بيع العين المستأجرة موقوف على إجازة المستأجر([27]).

بيع ما في مزارعة الغير موقوف على إجازة المزارع([28]).

بيع البائع للشّيء المبيع بعد القبض من غير المشتري موقوف على إجازة المشتري الأوّل([29]).

بيع الشّيء برقمه موقوف على تبيّن الثّمن([30]).

البيع بما باع به فلان والمشتري لا يعلم، فهو موقوف على العلم في المجلس([31]).

البيع بمثل ما يبيع النّاس موقوف على تبيّن الثّمن([32]).

البيع بمثل ما أخذ به فلان موقوف على تبيّن الثّمن([33]).

بيع المالك العين المغصوبة موقوف على إقرار الغاصب، أو البرهان بعد إنكاره([34]).

بيع مال الغير موقوف على إجازته (وهو بيع الفضوليّ) ([35]).

بيع الشّريك نصيبه من مشترك بالخلط الاختياريّ، أو الاختلاط بغير فعل المالكين موقوف على إجازة شريكه([36]).

بيع المريض مرض الموت عيناً من أعيان ماله لبعض ورثته، موقوف على إجازة باقي الورثة ولو كان بمثل القيمة عند أبي حنيفة([37]).

 بيع الوارث التّركة المستغرقة بالدّين موقوف على إجازة الغرماء([38]).

أحد الوكيلين أو الوصيّين أو النّاظرين إذا باع بحضرة صاحبه يتوقّف على إجازته (إذا كان مشروطاً اجتماعهما على التّصرّف) ([39]).

بيع المعتوه موقوف([40]).


المبحث الثالث: البيوع المتفق على بطلانها

تعريف البيع الباطل:

والبيع الباطل: عند فقهاء الحنفية هو: ما لم يشرع لا بأصله ولا بوصفه([41]).

وعند جمهور الفقهاء هو: ما لم يترتّب أثره عليه، فلم يثمر ولم تحصل به فائدته من حصول الملك([42]).

تعريف البيع الفاسد:

جمهور الفقهاء لا يفرقون بين البيع الباطل والبيع الفاسد([43]).

أمّا فقهاء الحنفية فيجعلون البيع الفاسد مرتبةً بين البيع الصّحيح والبيع الباطل، ويعرّفونه بأنّه: ما شرع بأصله دون وصفه([44]).

والمراد بالأصل: الصّيغة، والعاقدان، والمعقود عليه. وبالوصف: ما عدا ذلك.

الحكم التّكليفيّ للبيع الباطل أو الفاسد:

الإقدام على البيع الباطل مع العلم بالبطلان حرام، ويأثم فاعله؛ لارتكابه المعصية بمخالفته المشروع، وعدم امتثاله لما نهى الشّارع عنه، لأنّ البيع الباطل لم يشرع لا بأصله ولا بوصفه.

هذا مع استثناء حالة الضّرورة، كالمضطرّ يشتري الطّعام بزيادة على ثمن المثل، وكالعقد الّذي يختبر به رشد الصّبيّ، وكبيع الميتة والدّم والملاقيح والمضامين.

كما يحرم الإقدام على البيع الفاسد إذا كان المتصرّف عالماً بفساده؛ لأنّ فيه مخالفةً شرعيّةً ولو في وصف العقد، والفاسد منهيّ عنه، والنّهي يدلّ على كونه غير مباح.

ومن البيوع المتفق على بطلانها

بيع الغرر

تعريف الغرر في اللغة([45]) اسم مصدر من التغرير، وهو الخطر، والخدعة، وتعريض المرء نفسه أو ماله للهلكة.

وبيع الغرر: أن يكون على غير عهدة ولا ثقة([46]).

الحكم التكليفي: الغرر الذي يتضمن خديعة أو تدليساً حرام ومنهي عنه.

ومنه النهي عن بيع الغرر فيما ورد عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ"([47]).

الغرر في عقد البيع: الغرر في عقد البيع إما أن يكون في صيغة العقد، أو يكون في محل العقد.

1 - الغرر في صيغة العقد:

قد ينعقد عقد البيع على صفة تجعل فيه غرراً، بمعنى أن الغرر يتعلق بنفس العقد - الإيجاب والقبول - لا بمحله - المعقود عليه - ويدخل في الغرر في صيغة العقد عدة بيوع نهى الشارع عنها صراحة، منها  البيعتان في بيعة، ومنها بيع الحصاة، ومنها بيع الملامسة والمنابذة، ومنها تعليق البيع وإضافته للزمن المستقبل.

2 - الغرر في محل العقد (المعقود عليه)، ويشمل المبيع والثمن، والغرر في محل العقد يرجع إلى الجهالة به.

والغرر في المبيع يرجع إلى أحد الأمور التالية: الجهل بذات البيع أو جنسه أو نوعه أو صفته أو مقداره أو أجله، أو عدم القدرة على تسليمه، أو التعاقد على المحل المعدوم، أو عدم رؤيته.

فمثال الجهل بذات المبيع: بيع شاة من قطيع، أو ثوب من ثياب مختلفة، فالمبيع هنا - وإن كان معلوم الجنس - إلا أنه مجهول الذات، مما يؤدي إلى  حصول نـزاع في تعيينه.

ومثال الجهل بجنس المحل: بيع الحصاة، وبيع المرء ما في كمه، وأن يقول بعتك سلعة من غير أن يسميها.

ومثال الجهل بنوع المحل: كمن باع سيارة دون أن يبين نوعها: شاحنة، أم سياحية، كبيرة أم صغيرة.

ومثال الجهل بصفة المحل: بيع الحمل، وبيع المضامين، وبيع الملاقيح، وبيع عسب الفحل.

ومثال الجهل بمقدار المبيع: بيع المزابنة، والمحاقلة، وبيع ضربة الغائص.

ومثال الجهل بالأجل: بيع حبل الحبلة.

ومثال عدم القدرة على تسليم المحل: بيع البعير الشارد، والطير في الهواء، وبيع الإنسان ما ليس عنده، وبيع الدين، وبيع المغصوب.

ومثال التعاقد على المحل المعدوم: بيع الثمرة التي لم تخلق، وبيع المعاومة والسنين، وبيع نتاج النتاج.

كما أن الغرر في الثمن يرجع إلى الجهل به.

والجهل بالثمن قد يكون جهلاً بالذات، كما لو باع سلعة بمئة شاة من هذا القطيع، فلا يجوز لجهالة الثمن.

وقد يكون جهلاً بالنوع، فإذا قال: بعتك بدينار في ذمتك، أو قال: بعشرة دراهم في ذمتك، أو أطلق الدراهم، فلا خلاف في أنه يشترط العلم بنوعها.

وقد يكون جهلاً بصفة الثمن، فلا يصح البيع بثمن مجهول الصفة؛ لأن الصفة إذا كانت مجهولة تحصل المنازعة، فالمشتري يريد دفع الأدون والبائع يطلب الأرفع، فلا يحصل مقصود شرعية البيع، وهو دفع الحاجة بلا منازعة.

وقد يكون جهلاً بمقدار الثمن، إذ يشترط الفقهاء العلم بمقدار الثمن إذا لم يكن مشاراً إليه، فلا يصح البيع بثمن مجهول القدر اتفاقاً.

وقد يكون جهلاً بأجل الثمن، فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز البيع بثمن إلى أجل مجهول.

بيع المنابذة

وقد ثبت النّهي عنها في صحاح الأحاديث، كما ثبت عن الملامسة، وفسّرت في بعضها.

وصوّرها الفقهاء فيما يأتي:

أ - أن ينبذ كلّ واحد من المتبايعين ثوبه إلى الآخر، ولا ينظر كلّ واحد منهما إلى ثوب صاحبه، أو ينبذه إليه بلا تأمّل كما عبّر فقهاء المالكية([48]) على جعل النّبذ بيعاً، وهذا التّفسير المأثور عن أبي سعيد الخدريّ في رواية مسلم: فيكون ذلك بيعهما، من غير نظر ولا تراض، وهو المنقول عن أبي حنيفة([49]).

ب - أن يجعلا النّبذ بيعاً، اكتفاءً به عن الصّيغة، فيقول أحدهما: أنبذ إليك ثوباً بعشرة، فيأخذه الآخر، وذا عند فقهاء الشافعية([50]).

ج - أن يقول: بعتك هذا بكذا، على أنّي إذا نبذته إليك، لزم البيع وانقطع الخيار، وهو عند فقهاء الشافعية([51]).

د - أن يقول: أيّ ثوب نبذته إليّ فقد اشتريته بكذا، وهذا ظاهر كلام أحمد([52])، هذا ولا بدّ أن يسبق تراوضهما على الثّمن مع ذلك، وإلاّ كان المنع لعدم ذكر الثّمن، ومعلوم من فقهاء الحنفية، أنّ السّكوت عن الثّمن مفسد للبيع([53])، ونفيه عنه مبطل له.

ويقاس على بيع المنابذة ما يجري في أماكن الألعاب واللهو من دفع مبلغ ثابت لمحاولات معينة برمي قرص على بضائع متنوعة ومختلفة في القيمة، بحيث يحصل الرامي على الشيء الذي وقع عليه رميه.

وقد علل الفقهاء فساد الصور السابقة:

بالنّهي في الحديث الصّحيح المتقدّم([54]).

والجهالة، وعلّل بها فقهاء الحنفية وفقهاء الحنابلة([55]).

وتعليق التّمليك بالخطر([56])، والتّمليكات لا تحتمل الخطر؛ لأدائه إلى معنى القمار.

وتعليق العقد على شرط، كما علل فقهاء الحنابلة([57]).

ولعدم الرّؤية، أو عدم الصّيغة، أو للشّرط الفاسد، كما علّل فقهاء الشافعية([58]).

بيع الملامسة([59]):

الملامسة من بيوع الجاهليّة، ويشبهه في هذا الزمان، قول بعض الباعة للزبائن: متى لمست الشيء فقد وجب عليك إتمام الصفقة، أو متى فتحت أو أنـزلت، أو أريتك البضاعة فقد تم البيع، وما أشبه ذلك.

وقد ثبت النّهي عنها في الحديث، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى عَنْ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ"([60]).

وفسّره أبو هريرة في رواية مسلم بقوله: أمّا الملامسة: فأن يلمس كلّ واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمّل([61]).

وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَلِبْسَتَيْنِ: نَهَى عَنْ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ"([62]).

وعلّل فقهاء الحنابلة([63]) الفساد بعلّتين: الأولى: الجهالة، والأخرى: كونه معلّقاً على شرط، وهو لمس الثّوب.

بيع الحصاة([64]):

وأشبه ما يكون هذا البيع الباطل: ما يجري في المسابقات العامة وفي مدن الألعاب والملاهي، بدفع قيمة استخدام أداة تُرمى على بضائع مختلفة الأنواع والأسعار، وحيثما وقعت الأداة تم الحصول على البضاعة التي أصابتها الأداة.

وقد ورد النّهي عنه، وذلك في حديث النّهي عن الغرر، فيما روي عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ"([65]).

البيعتان في بيعة([66])

ورد النّهي عنها في ثلاث روايات:

 الأولى: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ"([67]).

الثّانية: أنّ النّبيّ r قال: "مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا (أي أنقصهما([68])) أَوْ الرِّبَا"([69]).

الثّالثة: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ"([70]).

فالبيعتان في بيعة عقد محرّم، يأثم من يقدم عليه؛ لمخالفته النّهي، وهو عقد فاسد

والمراد بهذه المسألة: جمع بيعتين في عقد واحد، وتسمية ذلك العقد بيعتين باعتبار تعدّد الثّمن.

تعددت أقوال العلماء في بيان معنى البيعتين في بيعة، وإليك بعض صورها:

الأوّلى([71]): أن يبيع الرّجل السّلعة فيقول (عاقداً وليس عارضاً للأسعار، ومبيناً): هي نقداً بكذا، ونسيئةً بكذا، أي بثمن أكثر من الثّمن الأوّل، ويفترقان على الإبهام بين الثّمنين.

الثانية([72]): أن يقول: بعتك هذا بألف نقداً أو ألفين إلى سنة؛ فخذ بأيّهما شئت أنت وشئت أنا، ويفترقان على الإبهام.

الثالثة([73]): البيع بثمنين معجّل ومؤجّل أعلى منه، مع الإبهام: إذا باع سلعةً بألف حالّةً أو ألف ومئة إلى سنة، وقد وجب عليه أحدهما؛ فإن عيّنا أحد الثّمنين قبل الافتراق جاز البيع، وإن افترقا على الإبهام لم يجز، فهذا كأنّه وجب عليك بدينار نقداً، فأخّرته فجعلته بدينارين إلى أجل، أو فكأنّه وجب عليك بدينارين إلى أجل فجعلتهما بدينار نقداً.

الرابعة([74]): أن يقول: بعتك هذه السّلعة بمئة إلى سنة على أن أشتريها منك - أي بعد ذلك - بثمانين حالّةً، قال ابن القيم: وهذا معنى الحديث الوارد في البيعتين في بيعة، وهو مطابق لقول النّبيّ r: "فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا (أي أنقصهما([75])) أَوْ الرِّبَا"([76])، فإنّه إمّا أن يأخذ الثّمن الزّائد فيربي، أو الثّمن الأوّل فيكون هو أوكسهما.

الخامسة([77]): هو أن يشترطا بيعاً في بيع، بأن يقول: بعتك هذه السيارة بألف على أن تبيعني دارك بكذا، أي إذا وجب لك عندي فقد وجب لي عندك.

السادسة([78]): أن يبيع داراً بشرط أن يسكنها البائع شهراً، أو دابّةً على أن يستخدمها  المشتري ولو مدّةً معيّنةً، ونحو ذلك.

علة المنع في البيعتين في بيعة:

الأولى: أنّ في ذلك رباً، والتّعليل بهذه العلّة مستند إلى بعض الرّوايات، ففيها: "الصَّفْقَةُ فِي الصَّفْقَتَينِ رِبَاً"([79])، "فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا (أي أنقصهما([80])) أَوْ الرِّبَا"([81]).

الثّانية: الجهالة في الثّمن وعدم استقراره([82]).

وأعرض كلام ابن رشد في مسألة بيعتين في بيعة فقد أحسن عرضها، إذ يقول: [وذلك يتصور على وجوه ثلاثة:

أحدها إما في مثمونين بثمنين، أو مثمون واحد بثمنين، أو مثمونين بثمن واحد؛ على أن أحد البيعين قد لزم.

أما في مثمونين بثمنين؛ فإن ذلك يتصور على وجهين:

أحدهما: أن يقول له أبيعك هذه السلعة بثمن كذا على أن تبيعني هذه الدار بثمن كذا.

والثاني: أن يقول له أبيعك هذه السلعة بدينار أو هذه الأخرى بدينارين.

وأما بيع مثمون واحد بثمنين؛ فإن ذلك يتصور أيضاً على وجهين:

أحدهما: أن يكون أحد الثمنين نقداً، والآخر نسيئة، مثل أن يقول له: أبيعك هذا الثوب نقداً بثمن كذا على أن أشتريه منك إلى أجل كذا بثمن كذا.

وأما مثمونان بثمن واحد؛ فمثل أن يقول له أبيعك أحد هذين بثمن كذا.

أما الوجه الأول وهو أن يقول له أبيعك هذه الدار بكذا على أن تبيعني هذا الغلام بكذا فنص الشافعي على أنه لا يجوز؛ لأن الثمن في كليهما يكون مجهولاً؛ لأنه لو أفرد المبيعين لم يتفقا في كل واحد منهما على الثمن عليه في المبيعين في عقد واحد، وأصل الشافعي في رد بيعتين في بيعة إنما هو جهل الثمن أو المثمون.

وأما الوجه الثاني وهو أن يقول أبيعك هذه السلعة بدينار أو هذه الأخرى بدينارين على أن البيع قد لزم في أحدهما؛ فلا يجوز عند الجميع، وسواء أكان النقد واحداً أو مختلفاً... وعلة منعه عند الجميع الجهل، وعند مالك من باب سد الذرائع؛ لأنه ممكن أن يختار في نفسه أحد الثوبين فيكون قد باع ثوبا ودينارا بثوب ودينار وذلك لا يجوز على أصل مالك.

وأما الوجه الثالث وهو أن يقول له أبيعك هذا الثوب نقدا بكذا أو نسيئة بكذا فهذا إذا كان البيع فيه واجباً؛ فلا خلاف في أنه لا يجوز، وأما إذا لم يكن البيع لازماً في أحدهما فأجازه مالك، ومنعه أبو حنيفة والشافعي؛ لأنهما افترقا على معلوم، وجعله مالك من باب الخيار؛ لأنه إذا كان عنده على الخيار لم يتصور فيه ندم يوجب تحويل أحد الثمنين في الآخر وهذا عند مالك هو المانع؛ فعلة امتناع هذا الوجه الثالث عند الشافعي وأبي حنيفة من جهة جهل الثمن، فهو عندهما من بيوع الغرر التي نهي عنها، وعلة امتناعه عند مالك سد الذريعة الموجبة للربا؛ لإمكان أن يكون الذي له الخيار قد اختار أولاً إنفاذ العقد بأحد الثمنين المؤجل أو المعجل ثم بدا له ولم يظهر ذلك فيكون قد ترك أحد الثمنين للثمن الثاني فكأنه باع أحد الثمنين بالثاني فيدخله ثمن بثمن نسيئة أو نسيئة ومتفاضلاً] ([83]).

وينبغي بيان حكم:

تعدد الأسعار: السعر هو ما يعرضه البائع من أسعار بضاعة واحدة تبعاً لأسلوب الدفع؛ بأن يعرض البائع أن سعر البضاعة إذا تم الدفع الآن نقداًً 1000 مثلاً، وإذا تم الدفع بعد شهر فالسعر 1050، وإذا تم الدفع بعد سنة فالسعر 1150، وهكذا، فهذا التعدد للأسعار جائز، وهو من باب العرض والبيان وليس من باب العقود، وهو أشبه بالمساومة والمفاوضة.

فإذا قال: بعتك هذا بألف نقداً أو ألفين إلى سنة؛ فخذ بأيّهما شئت أنت وشئت أنا، وكان جواب المشتري: قبلت بألف نقداً، أو قال: قبلت بألفين نسيئةً، صحّ ذلك([84])، قال ابن قدامة: وإنّما يصحّ إذا قال المشتري بعد ذلك: أنا آخذه بالنّسيئة بكذا، فقال البائع: خذه، أو قد رضيت، أو نحو ذلك، فيكون عقداً كافياً([85]).

الجمع بين عقدين:  لو جمع بين بيع وإجارة، بعوض واحد، جاز عند فقهاء المالكية وهو أحد قولي فقهاء الشافعية والأصح عند فقهاء الحنابلة([86])؛ كما لو قال بعتك داري هذه وآجرتك داري الأخرى سنةً بألف دينار، فهذا جائز لأنّهما عينان يجوز أخذ العوض عن كلّ واحدة منهما منفردةً، فجاز أخذ العوض عنهما مجتمعتين، كما لو قال: بعتك هذّبن الثّوبين بألف، ويوزّع العوض عند التّرادّ في أحدهما حسب قيمتهما (أي قيمة المؤجّر مثلاً من حيث الأجرة للمدّة المضروبة، وقيمة رقبة المبيع).

وكذا يجوز الجمع بين بيع وصرف بعوض واحد، وهو أحد قولي فقهاء الشافعية والأصح عند فقهاء الحنابلة([87]).

أما عند فقهاء المالكية فعلى المشهور([88]) لا يجوز أن يجتمع مع البيع صرف ولا جعالة ولا مساقاة ولا شركة ولا قراض ولا نكاح ولا سلف.


المبحث الرابع: البيوع المختلف في حكمها

بيع الجزاف

الجزاف اسم من جازف مجازفةً، والجُزاف بالضّمّ، وهو في اللّغة من الجزف، أي الأخذ بكثرة، وجزف في الكيل جزفاً: أكثر منه([89]).

وبيع الجزاف اصطلاحاً: هو بيع ما يكال، أو يوزن، أو يُعَدّ، جملةً بلا كيل ولا وزن، ولا عدّ([90]).

الحكم التّكليفيّ: الأصل أنّ من شرط صحّة عقد البيع أن يكون المبيع معلوماً، ولكن لا يشترط العلم به من كلّ وجه، بل يكفي العلم بعين المبيع وقدره وصفته.

وفي بيع الجزاف يحصل العلم  بالقدر، كبيع صُبرة طعام (أي كمية منه) دون معرفة كيلها أو وزنها، وكذا بيع قطيع الماشية دون معرفة عددها، وكذا بيع الأرض دون معرفة مساحتها، وكذا بيع الثّوب دون معرفة طوله.

وبيع الجزاف استثني من الأصل لحاجة النّاس واضطرارهم إليه، بما يقتضي التّسهيل في التّعامل([91]).

وقد اتّفق الفقهاء([92]) على جوازه من حيث الجملة، والأظهر عند فقهاء الشافعية([93]) جوازه مع الكراهة.

ودليل مشروعيته([94]): حديث ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: "مَنْ اشْتَرَى طَعَاماً فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ"، قَالَ: وَكُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنْ الرُّكْبَانِ جِزَافاً فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ"، وفي رواية: أَنَّهُمْ كَانُوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r إِذَا اشْتَرَوْا طَعَاماً جِزَافاً أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِ حَتَّى يُحَوِّلُوهُ.

بيع العربون

التّعريف:

العَرَبون بفتحتين كحَلَزون، والعُربون وزان عُصفور، لغة فيه، والعُربان بالضّمّ لغة ثالثة، بوزن القُربان، وهو معرّب. وفسّروه لغةً: بما عقد به البيع([95]).

وفي الاصطلاح الفقهيّ: أن يشتري السّلعة، ويدفع إلى البائع درهماً أو أكثر، على أنّه إن أخذ السّلعة، احتسب به من الثّمن، وإن لم يأخذها فهو للبائع([96]).

الحكم الإجماليّ:

والفقهاء مختلفون في حكم هذا البيع:

أ - فجمهورهم، من فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية وفقهاء الشافعية، وأبو الخطّاب من فقهاء الحنابلة([97])، يرون أنّه لا يصحّ.

دليلهم:

النّهي عنه في حديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ([98]) أَنَّهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ"([99]).

ولأنّه من أكل أموال النّاس بالباطل([100])، وفيه غرر([101]).

ولأنّ فيه شرطين مفسدين: شرط الهبة للعربون، وشرط ردّ المبيع بتقدير أن لا يرضى([102]).

ولأنّه شرط للبائع شيئاً بغير عوض، فلم يصحّ([103]).

ب - ومذهب فقهاء الحنابلة([104]) جواز هذه الصّورة من البيوع، وصرّحوا بأنّ ما ذهب إليه الأئمّة من عدم الجواز، هو القياس، لكن قالوا: وإنّما صار أحمد فيه إلى ما روي عن نافع بن الحارث، أنّه اشترى لعمر دار السّجن من صفوان بن أميّة، فإن رضي عمر، وإلاّ فله كذا وكذا([105])، قال الأثرم: قلت لأحمد: تذهب إليه؟ قال: أيّ شيء أقول؟ هذا عمر، وضعّف الحديث المرويّ عن عمرو بن شعيب في النّهي عنه([106]).

ولكن حديث عمرو بن شعيب قد ورد من طرق يقوّي بعضها بعضاً، ولأنّه يتضمّن الحظر، وهو أرجح من الإباحة([107])، كما تقرّر في الأصول: إذا اجتمع الحاظر والمبيح قُدِّم الحاظر([108]).

من أهمّ الأحكام في بيع العربون:

أنّ المشتري إن أعطى العربون على أنّه: إن كره البيع، أخذه واستردّه، وإلاّ حاسب به، جاز كما يقول فقهاء المالكية، وأنّ هذا البيع يفسخ عندهم، فإن فات (أي تعذّر الفسخ) أمضى البيع بالقيمة([109]).

إن دفع المشتري إلى البائع درهماً، وقال: لا تبع هذه السّلعة لغيري، وإن لم أشترها منك فهذا الدّرهم لك([110]):

أ -فإن اشتراها بعد ذلك بعقد مبتدأ، واحتسب الدّرهم من الثّمن صحّ، لأنّ البيع خلا عن الشّرط المفسد، ويحتمل أنّ شراء دار السّجن من صفوان بن أميّة الّذي وقع لعمر، كان على هذا الوجه، فيحمل عليه، جمعاً بين فعله وبين الخبر وموافقة القياس والأئمّة القائلين بفساد بيع العربون.

ب - وإن لم يشتر السّلعة، لم يستحقّ البائع الدّرهم، لأنّه يأخذه بغير عوض، ولصاحبه الرّجوع فيه. ولا يصحّ جعله عوضاً عن انتظاره، وتأخّر بيعه من أجله، لأنّه لو كان عوضاً عن ذلك، لما جاز جعله من الثّمن في حال الشّراء، ولأنّ الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه، ولو جازت لوجب أن يكون معلوم المقدار، كما في الإجارة.

وفي الجمع بين القولين: يُعمل بقول جمهور الفقهاء عند عدم وجود الضرر على البائع أو المشتري، ويُعمل بقول فقهاء الحنابلة عند وجود ضرر لأحد العاقدين.

قرار مجمع الفقه في بيع العربون([111]):

أولاً: المراد ببيع العربون: (بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغاً من المال إلى البائع؛ على أنه إن أخذ السلعة احتُسِب المبلغ من الثمن، وإن تركها فالمبلغ للبائع)، ويجري مجرى بيع الإجارة؛ لأنها بيع المنافع، ويستثنى من البيوع: كل ما يشترط لصحته قبض أحد البدلين في مجلس العقد (السَّلَم) أو قبض البدلين (مبادلة الأموال الربوية والصرف)، ولا يجرى في المرابحة للآمر بالشراء في مرحلة المواعدة، ولكن في مرحلة البيع التالية للمواعدة.

ثانياً: يجوز بيع العربون إذا قيدت فترة الانتظار بزمن محدود، ويحتسب العربون جزءاً من الثمن إذا تم الشراء ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء([112]).

بيع العينة

ويستخدمه مَن يكون بحاجة إلى سيولة نقدية، وليس له رغبة في السلعة، فيحتال بشراء بضاعة بثمن مؤجَّل، ثم يبيعها لِمَن اشتراها منه، أو لوكيل البائع بثمن حالٍّ، ويلتزم بدفع الثمن المؤجل على أقساط أو دفعة واحدة حين الأجل المتَّفَق عليه.

التّعريف: العِينة بكسر العين، معناها في اللّغة: السّلف، يقال: اعتان الرّجل: إذا اشترى الشّيء بالشّيء نسيئةً أو اشترى بنسيئة([113])، وقيل لهذا البيع عِينة؛ لأنّ مشتري السّلعة إلى أجل يأخذ بدلها (أي من البائع) عيناً، أي نقداً حاضراً([114]).

وفي الاصطلاح الفقهيّ([115]): أن يبيع شيئاً من غيره بثمن مؤجّل، ويسلّمه إلى المشتري، ثمّ يشتريه بائعه قبل قبض الثّمن بثمن نقد أقلّ من ذلك القدر.

ووصفها ابن عبد البر بأنها: تحيل في بيع دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل بينهما سلعة محللة([116]).

وقال ابن جزي: بيع العينة أن يظهرا فعل ما يجوز ليتوصلا به إلى ما لا يجوز([117]).

ويمكن وصفها بأنّها: قرض في صورة بيع؛ لاستحلال الفضل.

صورتها:

للعينة المنهيّ عنها تفسيرات أشهرها:

أن يأتي الرجل المحتاج إلى آخر ويستقرضه عشرة دراهم ولا يرغب المقرض في الإقراض طمعا في فضل لا يناله بالقرض فيقول لا أقرضك ولكن أبيعك هذا الثوب إن شئت باثني عشر درهما وقيمته في السوق عشرة ليبيعه في السوق بعشرة فيرضى به المستقرض فيبيعه كذلك فيحصل لرب الثوب درهمان وللمشتري قرض عشرة([118]).

أو أن يدخلا بينهما ثالثا فيبيع المقرض ثوبه من المستقرض باثني عشر درهما ويسلمه إليه ثم يبيعه المستقرض من الثالث بعشرة ويسلمه إليه ثم يبيعه الثالث من صاحبه وهو المقرض بعشرة ويسلمه إليه ويأخذ منه العشرة ويدفعها للمستقرض فيحصل للمستقرض عشرة ولصاحب الثوب عليه اثنا عشر درهماً([119]).

أو أن يبيع سلعةً بثمن إلى أجل معلوم، ثمّ يشتريها نفسها نقداً بثمن أقلّ، وفي نهاية الأجل يدفع المشتري الثّمن الأوّل، أو بتم الدفع على أقساط شهرية، أو دورية؛ حسب الاتفاق، والفرق بين الثّمنين فضل هو رباً للبائع الأوّل، وتؤول العمليّة إلى قرض عشرة، لردّ خمسة عشر، والبيع وسيلة صوريّة إلى الرّبا([120]).

حكمها:

اختلف الفقهاء في حكمها بهذه الصّور: فعند جمهور الفقهاء([121]): لا يجوز هذا البيع، قال محمّد بن الحسن: هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال، ذميم اخترعه أكلة الرّبا([122]).

وهذا البيع وإن نقل عن أبي يوسف من فقهاء الحنفية([123]) وعن الإمام الشّافعيّ([124]) جواز الصّورة المذكورة (كأنّه نظر إلى ظاهر العقد، وتوافر الرّكنيّة، فلم يعتبر النّيّة)، إلا أن ابن قيم الجوزية([125]) حقَّق المسألة، ودافع عن الإمام الشافعي، وأوضح حرمة المسألة في الصور الحالية التي تجري في الأسواق في زمانه وتنطبق على ما يجري في زماننا؛ وبخاصة إذا وُجد التواطؤ والاتفاق المسبق أو الضمني أو المعروف أو المشروط بين البائع والمشتري.

ومن أدلة التّحريم:

أ - أنّه ذريعة إلى الرّبا([126])، وسد الذّريعة المؤدية إلى الحرام مطلب شرعي([127]).

ب - وما ورد عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ: سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ"([128]).

بيع الفضوليّ

التّعريف:

الفضوليّ لغةً: مَنْ يشتغل بما لا يعنيه([129]).

واصطلاحاً: هو من ليس بأصيل ولا وكيل ولا وليّ عن المالك([130]).

الحكم التكليفي:

مذهب فقهاء الحنفية وفقهاء المالكية، والشّافعيّ في القديم([131]): أنّ هذا العقد صحيح موقوف على إجارة المالك، فإن أجازه نفذ ولزم البيع، وإن لم يجزه وردّه بَطَل؛ وذلك لإطلاقات النّصوص في حلّ البيع، من غير تفصيل بين الأصيل والوكيل، ابتداءً أو بقاءً وانتهاءً.

ومذهب فقهاء الحنابلة([132])، والشّافعيّ في الجديد([133]): أنّه باطل، وإن أجازه المالك بعد ذلك.

الأدلّة:

استدلّ القائلون بجواز بيع الفضوليّ بالأدلة الآتية:

بحديث عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r أَعْطَاهُ دِينَاراً يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً؛ فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ؛ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ ([134]).

وبحديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r بَعَثَهُ يَشْتَرِي لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ، فَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً، فَأُرْبِحَ فِيهَا دِينَاراً، فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا؛ فَجَاءَ بِالأُضْحِيَّةِ وَالدِّينَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ: "ضَحِّ بِالشَّاةِ، وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَار"([135]).

واستدلّ القائلون بعدم الجواز بالأدلة الآتية:

بما روي عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r فَقُلْتُ: يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنْ الْبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي، أَبْتَاعُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ثُمَّ أَبِيعُهُ، قَالَ: "لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([136]).

وبحديث عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ حَتَّى ذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: "لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلاَ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلاَ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنُ، وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([137]).

وبما روي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: "لاَ طَلاَقَ إِلاَّ فِيمَا تَمْلِكُ، وَلاَ عِتْقَ إِلاَّ فِيمَا تَمْلِكُ، وَلاَ بَيْعَ إِلاَّ فِيمَا تَمْلِكُ"([138]).

فهذه الأحاديث تدلّ على أنّ بيع الفضوليّ باطل؛ لأنّه تصرّف بلا ملك ولا إذن ولا ولاية ولا وكالة، ولأنّه باع ما لا يقدر على تسليمه فلم يصحّ.

بيع العصير أو العنب لمن يتّخذه خمراً، وكذا كل ما هو حلال في أصله يمكن أن يتحول أو يستخدم في حرام

للفقهاء ثلاثة أقوال في المسألة: الحرمة، والكراهة، والجواز.

القول بالحرمة مع صحة العقد: ذهب فقهاء المالكية([139]) وفقهاء الحنابلة إلى حرمة هذا البيع([140])، وهو الأصحّ والمعتمد عند فقهاء الشافعية([141]) إن كان يعلم أو يظنّ أيلولته إلى الخمر، فإن شكّ كره، ونحوه قول للصّاحبين بأنّه مكروه([142])، والكراهة إن أطلقت عند فقهاء الحنفية للتّحريم([143]).

وقد استدلّوا بقوله تعالى: ]وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[[المائدة: 2]، قال ابن قدامة: وهذا نهي يقتضي التّحريم، ولأنّه يعقد البيع على عصير لمن يعلم أنّه يريده للمعصية([144]).

واستدلّوا كذلك بحديث: "لُعِنَتْ الْخَمْرُ عَلَى عَشْرَةِ أَوْجُهٍ: بِعَيْنِهَا، وَعَاصِرِهَا، وَمُعْتَصِرِهَا، وَبَائِعِهَا، وَمُبْتَاعِهَا، وَحَامِلِهَا، وَالْمَحْمُولَةِ إِلَيْهِ، وَآكِلِ ثَمَنِهَا، وَشَارِبِهَا، وَسَاقِيهَا"([145])، ووجه الاستدلال: أنّه يدلّ على تحريم التّسبّب إلى الحرام([146]).

ولما روي عن ابن سيرين، أنّ قيّماً كان لسعد بن أبي وقّاص في أرض له، فأخبره عن عنب أنّه لا يصلح زبيباً، ولا يصلح أن يباع إلاّ لمن يعصره، فأمره بقلعه، وقال: بئس الشّيخ أنا إن بعت الخمر ([147]).

القول بالكراهة مع صحة العقد([148]): هو القول الآخر لفقهاء الشّافعيّة.

القول بالجواز([149]): ذهب أبو حنيفة إلى أنّ هذا البيع جائز، واستدلّ بقوله تعالى: ]وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ[[البقرة: 275] وقد تمّ بأركانه وشروطه، ولأنّ المعصية لا تقوم بعينه، والفساد ليس في قصد البائع، وإنما في قصد المشتري([150]).

تنبيه: اشتراط علم البائع بقصد المشتري اتّخاذ العصير للخمر:

اشترط جمهور الفقهاء([151]) للمنع من هذا البيع: أن يعلم البائع بقصد المشتري اتّخاذ الخمر من العصير، فلو لم يعلم لم يكره بلا خلاف، قال ابن قدامة([152]): إنّما يحرم البيع إذا علم البائع قصد المشتري ذلك: إمّا بقوله، وإمّا بقرائن مختصّة به تدلّ على ذلك، واكتفى فقهاء الشافعية بظنّ البائع أنّ المشتري يعصر خمراً أو مسكراً([153]).

حكم بيع العصير لذمّيّ يتّخذه خمراً([154]):

إنّ مقتضى العموم والإطلاق في منع بيع العصير ممّن يتّخذه خمراً، لا فرق فيه بين المسلم والكافر، وذكر الفقهاء حرمة البيع للعاصر ولو كان كافراً؛ لحرمة ذلك عليه.

بيع ما يقصد به فعل محرّم:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ كلّ ما يقصد به الحرام، وكلّ تصرّف يفضي إلى معصية فهو محرّم، فيمتنع بيع كلّ شيء علم أنّ المشتري قصد به أمراً لا يجوز.

فمن أمثلته عند فقهاء المالكية([155]): بيع الأرض لتتّخذ كنيسةً أو خمّارةً، وبيع الخشب لمن يتّخذه صليباً، والنّحاس لمن يتّخذه ناقوساً، وكذا يمنع أن يباع للحربيّين آلة الحرب، من سلاح أو كراع أو سرج، وكلّ ما يتقوّون به في الحرب، من نحاس أو خباء أو ماعون.

ومن أمثلته عند فقهاء الشافعية([156]): بيع مخدّر لمن يظنّ أنّه يتعاطاه على وجه محرّم، وخشب لمن يتّخذه آلة لهو، وثوب حرير لرجل يلبسه بلا نحو ضرورة، وكذا بيع سلاح لنحو باغٍ وقاطع طريق، ودابّة لمن يحمّلها فوق طاقتها، والديك للمهارشة، والكبش للمناطحة، والحرير والذهب لرجل يلبسه، وكذا بيع مسلم طعاماً، علم أو ظنّ أنّه يأكله نهاراً في رمضان؛ لأنّ ذلك إعانة على المعصية.

ومن أمثلته عند فقهاء الحنابلة([157]): بيع السّلاح لأهل الحرب، أو لقطّاع الطّريق، أو في الفتنة، وإذا علم أنّ من يشتري منه، يدعو عليه من يشرب المسكر، لا يبيعه، ومن يخترط (يصنع) الأقداح لا يبيعها ممّن يشرب فيها (أي الخمر) ونهى عن بيع الدّيباج (أي الحرير) للرّجال.

ويُلحق بالمسألة في هذا الزمان: بيع مكبرات الصوت لِمَن يتخذها في الباطل أو المعاصي والمنكرات، والورق لِمَن يطبع عليه كفراً أو إلحاداً، وكذا بيع المواقع على الأنترنيت أو المساهمة في هذا البيع إذا كان المشتري يستخدم ذلك في الحرام، وكذا بيع الألبسة الفاضحة لامرأة تستخدمها في الحرام، واتخاذ الإعلانات المحرَّمة (باستخدام المرأة مكشوفة العورة) في ترويج البضائع، والمال المكتسب من بيع البضائع المروجة عن طريق الإعلانات المحرِّمة مال خبيث.

بيع وشرط

تفصيل مذاهب الفقهاء في البيع والشّرط، كلّ مذهب على حدة للاختلاف الشّديد بينها في ذلك.

أوّلاً: مذهب فقهاء الحنفية([158]):

الضّابط للشّرط المنهيّ عنه، والّذي يفسد العقد، هو:

كلّ شرط لا يقتضيه العقد، ولا يلائمه وفيه نفع لأحدهما، أو لأجنبيّ، ولم يجر العرف به، ولم يرد الشّرع بجوازه.

أمّا إذا كان الشّرط ممّا يقتضيه العقد، أي يجب بالعقد من غير شرط، فإنّه يقع صحيحاً، ولا يوجب فساد البيع([159])، كما إذا اشترى بشرط أن يتملّك المبيع، أو باع بشرط أن يتملّك الثّمن، أو باع بشرط أن يحبس المبيع لاستيفاء الثّمن، أو اشترى على أن يسلّم إليه المبيع، أو اشترى سيارة على أن يركبها، أو ثوباً على أن يلبسه، ونحو ذلك، فالبيع جائز لأنّ البيع يقتضي هذه المذكورات من غير شرط، فكان ذكرها في معرض الشّرط تقريراً لمقتضى العقد، فلا توجب فساد العقد([160]).

وكذلك إذا كان الشّرط ملائماً للعقد؛ بأن يؤكّد موجبه: فإنّه لا يفسد العقد، ولو كان لا يقتضيه العقد، لأنّه يقرّر حكمه من حيث المعنى ويؤكّده([161])، فيصح البيع ويكون الشرط معتبراً حتى أنه إذا لم يف المشتري بالشرط فللبائع فسخ العقد؛ كما إذا باع بشرط رهنٍ معلومٍ بالإشارة أو التّسمية، وشرطِ كفيل حاضر قبل الكفالة، أو غائب فحضر وقبلها قبل التّفرّق، أما اشتراط الحوالة كما لو باع على أن يحيل المشتري البائع على غيره بالثّمن، فقالوا: فسد قياساً، وجاز استحساناً([162]).

وكذلك إذا كان البيع بشرط متعارفٍ، يعني الشرط المرعى في عرف البلدة، كما إذا باع الفروة على أن يخيط بها الظهارة، أو القفل على أن يسمره في الباب، أو الثوب على أن يرقعه: يصح البيع ويلزم البائع الوفاء بهذه الشروط([163]).

ومن فقهاء الحنفية من جَعَل الشرط المتعارف عليه استثناء من شرط المنفعة المفسد، ومثّلوا له بشراء حذاء بشرط أن يضع له البائع نعلاً (أو كعباً) أو القبقاب بشرط أن يسمّر له البائع سيراً، أو صوفاً منسوجاً ليجعله له البائع قلنسوةً (أو معطفاً) أو اشترى قلنسوةً بشرط أن يجعل لها البائع بطانةً من عنده، أو خفّاً أو ثوباً خلقاً على أن يرقّعه أو يرفوه له البائع([164]).

ويشمل شرط المنفعة عندهم ما يأتي:

أ - أن يكون شرط المنفعة لأحد المتعاقدين([165]): كما إذا باع داراً على أن يسكنها البائع شهراً، ثمّ يسلّمها إليه، أو أرضاً على أن يزرعها سنةً، أو سيارة على أن يركبها شهراً، أو ثوباً على أن يلبسه أسبوعاً، أو حيواناً على أن لا يبيعه المشتري لآخر، أو باع على أن يقرضه المشتري قرضاً، أو على أن يهبه هبةً، أو يزوّجه ابنته، أو يبيع منه كذا، ونحو ذلك، أو اشترى ثوباً على أن يخيطه  البائع قميصاً، أو نعلا على أن يحذوه البائع أو يشركه، أو حنطةً على أن يطحنها، أو ثمرةً على أن يجذّها، أو شيئاً له حمل ومؤنة على أن يحمله البائع إلى منـزله، ونحو ذلك.

وفي الهداية: من باع عيناً على أن يسلمه إلى رأس الشهر فالبيع فاسد لأن الأجل في مبيع العين باطل؛ فيكون شرطاً فاسداً، وهذا لأن الأجل شرع ترفيهاً فيليق بالديون دون الأعيان([166]).

فالبيع في هذا كلّه فاسد، لأنّ زيادة منفعة مشروطة في البيع تكون رباً، لأنّها زيادة لا يقابلها عوض في عقد البيع، وهو تفسير الرّبا([167])، وإنما تجوز بعض المسائل على مبدأ الاستحسان([168]).

ب - ويشمل ما إذا كانت المنفعة لأجنبيّ([169])، كما إذا باع ساحةً على أن يبني فيها مسجداً، أو طعاماً على أن يتصدّق به، فهو فاسد.

أمّا ما فيه مضرّة لأحدهما، كما لو باع الثّوب بشرط أن يخرقه المشتري، أو الدّار على أن يخرّبها، فالبيع جائز، والشّرط باطل؛ لأنّ شرط المضرّة لا يؤثّر في البيع([170]).

وما لا مضرّة ولا منفعة فيه لأحد، فهو جائز، كما لو اشترى طعاماً بشرط أكله، أو ثوباً بشرط لبسه([171]).

وذكر ابن عابدين أن البيع لا يبطل بالشرط في اثنين وثلاثين موضعاً، أَذْكُر بعضها للفائدة([172]):

ثانياً: مذهب فقهاء المالكية([173]):

فصّل فقهاء المالكية في الشّرط الّذي يتصوّر حصوله عند البيع، فقالوا:

إنّه إمّا أن لا يقتضيه العقد وينافي المقصود منه، وإمّا أن يخلّ بالثّمن، وإمّا أن يقتضيه العقد، وإمّا أن لا يقتضيه ولا ينافيه.

فالّذي يضرّ بالعقد ويبطله هو الشّرط الّذي فيه مناقضة المقصود من البيع، أو إخلال بالثّمن، وهذا عندهم محمل حديث "نَهَى النَّبِيُّ r عَن بَيْعٍ وَشَرْطٍ"([174])، دون الأخيرين.

فمثال الأوّل وهو الّذي لا يقتضيه العقد وينافي المقصود منه([175]): كأن يشترط البائع على المشتري أن لا يبيع السّلعة لأحد أصلاً، أو إلاّ من نفر قليل، أو لا يهبها، أو لا يركبها، أو لا يلبسها، أو لا يسكنها، أو لا يؤاجرها، أو على أنّه إن باعها من أحد فهو أحقّ بالثّمن. أو يشترط الخيار إلى أمد بعيد.  ففي هذه الأحول كلّها يبطل الشّرط والبيع.

أمّا الشّرط الثّاني، وهو الإخلال بالثّمن([176])، فهو مصوّر بأمرين:

الأوّل: الجهل بالثّمن، وهذا يتمثّل بالبيع بشرط السّلف، أي القرض من أحدهما للآخر؛ فإن كان شَرْطُ السّلف صادراً من المشتري، كقوله: أشتري منك على أن تقرضي، أخلّ ذلك بالثّمن، لأنّه يؤدّي إلى جهل في الثّمن، بسبب الزّيادة، لأنّ انتفاعه بالسّلف من جملة الثّمن، وهو مجهول، وإن كان شرط السّلف صادراً من البائع، كقوله: أبيعك البضاعة على أن تقرضني، أخلّ ذلك بالثّمن، لأنّه يؤدّي إلى جهل في الثّمن، بسبب النّقص، لأنّ انتفاعه بالسّلف من جملة المثمّن، وهو مجهول.

الآخر: شبهة الرّبا، لأنّ البيع بشرط السّلف، يعتبر قرضاً جرّ نفعاً: فإن كان المشتري هو المقترض، صار المقرض له هو البائع، فينتفع البائع بزيادة الثّمن - وإن كان البائع هو المقترض، صار المقرض له هو المشتري، فينتفع المشتري بنقص الثّمن.

أمّا الشّرط الثّالث، وهو الّذي يقتضيه العقد([177])، فهو كشرط تسليم المبيع إلى المشتري، والقيام بالعيب، وردّ العوض عند انتقاض البيع، فهذه الأمور لازمة دون شرط، لاقتضاء العقد إيّاها، فشرطها تأكيد.

وأمّا الرّابع من الشّروط، وهو الذي لا يقتضيه العقد ولا ينافيه ([178])، فهو كشرط الأجل المعلوم، والرّهن، والخيار، والحميل (أي الكفيل) فهذه الشّروط لا تنافي العقد، ولا يقتضيها، بل هي ممّا تعود عليه بمصلحة، فإن شرطت عمل بها، وإلاّ فلا.

وصحّحوا اشتراط الرّهن([179])، ولو كان غائباً، وتوقّف السّلعة حتّى يقبض الرّهن الغائب.

أمّا اشتراط الكفيل الغائب فجائز إن قربت غيبته، لا إن بعدت، لأنّه قد يرضى وقد يأبى، فاشترط فيه القرب([180]).

وقد عرض ابن جزيّ لصور من الشّرط، تعتبر استثناء، أو ذات حكم خاصّ، منها: ما إذا شرط البائع منفعةً لنفسه، كركوب الدّابّة أو سكنى الدّار مدّةً معلومةً، فإنّ البيع جائز، والشّرط صحيح([181]).

ودليله حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ r فِي سَفَرٍ فَكُنْتُ عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ([182]) إِنَّمَا هُوَ فِي آخِرِ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ r فَقَالَ: "مَنْ هَذَا؟"، قُلْتُ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "مَا لَكَ؟"، قُلْتُ: إِنِّي عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ، قَالَ: "أَمَعَكَ قَضِيبٌ؟"، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "أَعْطِنِيهِ"، فَأَعْطَيْتُهُ، فَضَرَبَهُ فَزَجَرَهُ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ أَوَّلِ الْقَوْمِ، قَالَ: "بِعْنِيهِ"، فَقُلْتُ: بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "بَلْ بِعْنِيهِ، قَدْ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ" الحديث ([183]).

ثالثاً: مذهب فقهاء الشافعية([184]):

التزم فقهاء الشافعية نهي الشّارع عن بيع وشرط([185])، والتزموا حديث ابن عمر أنّ النّبيّ r قال: "لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلاَ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلاَ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنُ، وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([186])، ولم يستثنوا إلاّ ما ثبت استثناؤه بالشّرع، وقليلاً ممّا رأوا أنّه من مقتضيات العقد أو مصالحه، فكان مذهبهم بذلك أضيق المذاهب الثّلاثة.

ومع ذلك، فقد قسّم بعضهم الشّرط، فقال([187]):

الشّرط إمّا أن يقتضيه مطلق العقد، كالقبض والانتفاع والرّدّ بالعيب؛ فإن هذا لا يضرّ بالعقد.

وإما لا يقتضيه العقد؛ وهونوعان:

إمّا أن يتعلّق بمصلحة العقد، كشرط الرّهن، والإشهاد والأوصاف المقصودة - من الكتابة والخياطة ونحو ذلك - أوْ لا؟، وهذا لايفسد العقد، ويصحّ الشّرط نفسه.

وإما أن لا يتعلّق بمصلحة العقد: فيُنْظَر فيه:

إمّا أن لا يكون فيه غرض يُوْرِث تنازعاً، كشرط أن لا يأكل الحيوان المباع إلاّ كذا، فهو شرط لاغ، والعقد صحيح.

وإمّا أن يكون فيه غرض يورث تنازعاً، فهذا هو الفاسد المفسد، كالأمور الّتي تنافي مقتضاه، نحو عدم القبض، وعدم  التّصرّف وما أشبه ذلك.

ومن أهمّ ما نصّوا عليه تطبيقاً للحديثين ولهذا التّقسيم:

البيع بشرط بيع([188])، كأن يقول: بعتك هذه الأرض بألف، على أن تبيعني دارك بكذا، أو تشتري منّي داري بكذا، فهذا شرط فاسد مفسد، لا يقتضيه العقد.

البيع بشرط قرض([189])، كأن يبيعه أرضه بألف، بشرط أن يقرضه مئةً، ومثل القرض: الإجارة، والتّزويج، والإعارة.

شراء زرع بشرط أن يحصده البائع، أو ثوب بشرط أن يخيطه، ومنه كما يقول عميرة البرلّسيّ: شراء حطب بشرط أن يحمله إلى بيته، فالمذهب في هذا وأمثاله بطلان الشّراء، لاشتماله على شرط عمل فيما لم يملكه بعد، وذلك فاسد، ولأنّه شرط يخالف مقتضى العقد، فيبطل البيع والشّرط في الأصحّ([190]).

وإن يكن عندهم قولان آخران في هذه الجزئيّة([191]):

أحدهما: أنّه يصحّ البيع، ويلزم الشّرط، وهو في المعنى بيع وإجارة، ويوزّع المسمّى عليهما باعتبار القيمة.

وثانيهما: يبطل الشّرط، ويصحّ البيع بما يقابل المبيع من المسمّى.

واستثنى فقهاء الشافعية مسائل معدودةً من النّهي صحّحوها مع الشّرط وهي:

أ - البيع بشرط الأجل المعيّن([192])، لقوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ [[البقرة: 272].

ب - البيع بشرط الرّهن([193])، وقيّدوه بالمعلوميّة.

ج - البيع بشرط الكفيل المعلوم([194])، لعوض ما، من مبيع أو ثمن ثابت في الذّمّة، وذلك للحاجة إليهما في معاملة من لا يرضى إلاّ بهما.

د - الإشهاد على جريان البيع([195])، للأمر به في  الآية قال تعالى: ]وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ[[البقرة:272].

هـ – البيع بشرط الخيار([196])، لثبوته بحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ r أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ"([197])(أي لا خديعة).

و - اشتراط وصف مقصود في المبيع عرفاً؛ ككون الدّابّة حاملاً أو ذات لبن، فالشّرط صحيح، وللمشتري الخيار إن تخلّف الشّرط([198])، قالوا: ووجه الصّحّة: أنّ هذا الشّرط يتعلّق بمصلحة العقد، ولأنّه التزام موجود عند العقد ولا يتوقّف التزامه على إنشاء أمر مستقبل، ذاك الّذي هو حقيقة الشّرط، فلم يشمله النّهي عن بَيْعٍ وَشَرْطٍ([199]).

ح - اشتراط أن لا يسلّم المبيع حتّى يستوفي الثّمن([200]).

رابعاً: مذهب فقهاء الحنابلة:

قسم فقهاء الحنابلة الشّروط في البيع إلى قسمين([201]):

الأوّل: صحيح لازم، ليس لمن اشترط عليه فكّه، والآخر: فاسد يحرم اشتراطه.

فالأوّل: وهو الشّرط الصّحيح اللاَّزم، ثلاثة أنواع([202]):

أحدها: ما هو مقتضى العقد بحكم الشّرع، كالتّقابض، وحلول الثّمن، وتصرّف كلّ واحد منهما فيما يصير إليه، وخيار المجلس، والرّدّ بعيب قديم؛ فهذا الشّرط وجوده كعدمه، لا يفيد حكماً، ولا يؤثّر في العقد، لأنّه بيان وتأكيد لمقتضى العقد.

الثّاني: شرط من مصلحة العقد، أي تتعلّق به مصلحة تعود على المشتَرِط من المتعاقدين: كاشتراط الخيار لأحدهما، أو اشتراط الإشهاد على العقد.

أو اشتراط صفة في الثّمن، كتأجيله كلّه أو بعضه، أو رهن معيّن به، أو كفيل معيّن به.

أو اشتراط صفة مقصودة في المبيع، كاشتراط كون الدّابّة ذات لبن، أو غزيرة اللّبن، أو الفهد صيوداً، أو الطّير مصوّتاً، أو يبيض، أو كون خراج الأرض كذا.

فيصحّ الشّرط في كلّ ما ذكر، ويلزم الوفاء به([203])، وذلك لحديث: " الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ([204]) إِلاَّ شَرْطَاً أَحَلَّّ حَرَامَاً أَوْ حَرَّم حَلاَلاً"([205])، ولأنّ الرّغبات تختلف باختلاف ذلك، فلو لم يصحّ اشتراط ذلك لفاتت الحكمة الّتي لأجلها شرع البيع([206]).

الثّالث: شرط ليس من مقتضى العقد، ولا من مصلحته، ولا ينافي مقتضاه، لكنَّ فيه نفعاً معلوماً للبائع أو للمشتري([207]).

أ - كما لو شرط البائع سكنى الدّار المبيعة شهراً، أو أن تحمله السّيّارة إلى موضع معلوم، فإنّه يصحّ لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بِعْتُهُ؛ يَعْنِي بَعِيرَهُ مِنْ النَّبِيِّ r وَاشْتَرَطْتُ حُمْلاَنَهُ إِلَى أَهْلِي قَالَ فِي آخِرِهِ تُرَانِي إِنَّمَا مَاكَسْتُكَ لِأَذْهَبَ بِجَمَلِكَ خُذْ جَمَلَكَ وَثَمَنَهُ فَهُمَا لَكَ([208])

 فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي، ومثله: اشتراط البائع أن يحبس المبيع حتّى يستوفي ثمنه([209]).

ب - وكما لو شرط المشتري على البائع حمل الحطب، أو تكسيره، أو خياطة ثوب، أو تفصيله، أو حصاد زرع، أو جزّ رطبه، فيصحّ إن كان النّفع معلوماً، ويلزم البائع فعله([210]).

واستثنى فقهاء الحنابلة من جواز اشتراط النّفع المعلوم، ما لو جمع في الاستثناء بين شرطين، وكانا صحيحين([211]): كحمل الحطب وتكسيره، أو خياطة الثّوب وتفصيله، فإنّ البيع لا يصحّ، لحديث: عبد اللّه بن عمر أنّ النّبيّ r قال: "لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلاَ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلاَ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنُ، وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([212]).

أمّا إن كان الشّرطان المجموعان من مقتضى العقد، كاشتراط حلول الثّمن مع تصرّف كلّ منهما فيما يصير إليه؛ فإنّه يصحّ بلا خلاف([213]).

أو يكونا من مصلحة البيع، كاشتراط رهن وكفيل معيّنين بالثّمن، فإنّه يصحّ، كما لو كانا من مقتضاه([214]).

والآخر: وهو الشّرط الفاسد المحرّم، تحته أيضاً ثلاثة أنواع([215]):

النّوع الأوّل([216]): أن يشترط أحدهما على صاحبه عقداً آخر: كعقد سلم، أو قرض، أو بيع، أو إجارة، أو شركة، فهذا شرط فاسد، يفسد به البيع، سواء اشترطه البائع أم المشتري، ودليله:

أ - أنّه بيعتان في بيعة، وقد "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ"([217])، والنّهي يقتضي الفساد.

ب - وقول ابن مسعود: صفقتان في صفقة رباً([218]).

ج - ولأنّه شرط عقداً في آخر، فلم يصحّ، كنكاح الشّغار.

وكذلك كلّ ما كان في معنى ذلك، مثل أن يقول: بعتك داري بكذا على أن تزوّجني ابنتك، أو على أن تصرف على سيارتي، أو على حصّتي من ذلك، قرضاً أو مجّاناً([219]).

النّوع الثّاني([220]): أن يشترط في العقد ما ينافي مقتضاه؛ مثل: أن يشترط البائع على المشتري أن لا يبيع المبيع، ولا يهبه، ولا يعتقه، أو يشترط عليه أن يبيعه، أو يقفه، أو أنّه متى هلك المبيع فبها، وإلاّ ردّه، أو إن غصبه غاصب رجع  عليه بالثّمن، وإن أعتقه فالولاء له، فهذه وما أشبهها شروط فاسدة.

وفي فساد البيع بها روايتان في المذهب، والمنصوص عن أحمد أنّ البيع صحيح، ولا يبطله الشّرط، بل يبطل الشّرط فقط، لأنّ النّبيّ r أبطل الشّرط في حديث بريرة([221])، ولم يبطل العقد.

النّوع الثّالث([222]): أن يشترط البائع أو المشتري شرطاً يعلّق عليه البيع والشّراء، كقول البائع: بعتك إن جئتني بكذا، أو بعتك إن رضي فلان، وكقول  المشتري: اشتريت إن جاء زيد: فلا يصحّ البيع؛ وذلك لأنّ مقتضى البيع نقل الملك حال التّبايع، والشّرط هنا يمنعه.

ولأنّه علّق البيع على شرط مستقبل، فلم يصحّ، كما إذا قال: بعتك إذا جاء آخر الشّهر([223]).

واستثنوا من ذلك([224]): قول البائع: بعتك إن شاء اللّه، وقول المشتري: قبلت إن شاء اللّه، وبيع العربون، فإنّه يصحّ، لأنّ نافع بن الحارث اشترى لعمر دار السّجن من صفوان، فإن رضي عمر، وإلاّ له كذا وكذا.

تعريف الشَّرْط الجزائي: في القانون([225]):

هذا مصطلح قانوني حديث لم يكن معروفاً عند فقهائنا الأقدمين بهذا الاسم وإنْ كان مفهومه ومدلوله معروفاً عندهم ومبحوثاً في فصول الشروط العقدية من مدوناتهم الفقهية.

أما تعريف الشرط الجزائي بمفهومه الحديث: فهو اتفاق بين العاقدين على تقديرٍ مسبَقٍ للتعويض الذي يستحقه الدائن أو الملتَزَم له إذا لم ينفذ الملتزم أو المدين التزامه أو تأخر في تنفيذه.

والأصل في الشرط الجزائي أن يكون تقديراً عادلاً مقدماً للتعويض الذي يلحق الملتزم له أو الدائن نتيجة عدم التنفيذ أو التأخر فيه, لكن قد يستعمل لأغراض أخرى, مثل أن يتفقا على مبلغ كبير يزيد كثيراً على الضرر الذي يتوقعانه, فيكون في هذه الحالة بمثابة تهديد مالي.

حكم الشرط الجزائي في البيوع:

عند فقهاء الحنابلة: إن الأساس في العقود رضى المتعاقدين، ونتيجتها ما أوجباه على أنفسهما بالتعاقد، واستدلوا بأدلة قوية لها وجاهتها منها:

  1. ما ورد أن رسول الله r قال: "الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ"([226]).
  2. قول سيدنا عمر بن الخطاب: مقاطع الحقوق عند الشروط ولك ما شرطت([227]).
  3. حديث جابر أنه باع النبي r جملاً واشترط ظهره إلى المدينة([228]).
  4. لم يصح أن النبي r نهى عن بيع شرط، وإنما الصحيح: "لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلاَ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلاَ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنُ، وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([229])، وهذا دال بمفهومه على جواز الشرط الواحد.

قال الإمام أحمد: (إنما النهي عن شرطين في بيع، أما الشرط الواحد فلا بأس به)([230]).

قرار مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية حول الشرط الجزائي:

إن الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر، يجب الأخذ به، ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له يعتبر شرعاً، فيكون العذر مسقطاً لوجوبه حتى يزول، وإذا كان الشرط الجزائي كثيراً عرفاً بحيث يراد به التهديد المالي، ويكون بعيداً عن مقتضى القواعد الشرعية، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة، أو لَحِق من ضرر، ويرجع في تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر.

بيع وسلف

ورد فيه حديث عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ، وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([231]).

وحديث عمرو بن العاص قال: قال رسول اللّه r: "لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلاَ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلاَ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنُ، وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"([232]).

ويلحق بالبيوع المختلف في حكمها: بيوع ذكرها بعض الفقهاء دون بعض، ومنها
بيع التّلجئة

التّعريف: التّلجئة في اللّغة: الإكراه والاضطرار([233]).

وأمّا في الاصطلاح: أن يظهر كل من المتعاقدين بيعاً لم يريداه باطناً؛ بل خوفاً من ظالم (ونحوه) دفعاً له([234]).

وصورته عند فقهاء الشافعية([235]): أن يخاف غصب ماله، أو الإكراه على بيعه فيبيعه لإنسان بيعاً مطلقاً، وقد توافقا قبله على الشر لا على حقيقة البيع.

حكمه: بيع التلجئة باطل لا ينعقد عند جمهور الفقهاء([236])، وأما عند فقهاء الشافعية فهو صحيح([237]).

أثر الاختلاف بين البائع والمشتري([238]):

ولو ادعى أحدهما بيع التلجئة وأنكر الآخر، فالقول لِمَن عنده بينة، وإلا فالقول لمدعي الجِد بيمينه، ولو قدَّم كل منهما بينة قُدِّمت بينة مدعي التلجئة؛ لأنه يثبت خلاف الظاهر.

ولو تبايعا في العلانية: فإن اعترفا ببنائه على التلجئة: فالبيع في العلانية باطل؛ لاتفاقهما أنهما هزلا به، وإلا فالبيع لازم، ولو لم تحضرهما نية: فباطل على الظاهر.

بيع الهازل

الهزل في اللغة: اللعب، ونقيض الجد([239]).

وفي الاصطلاح: هو أن يراد بالشيء ما لم يوضع له، ولا ما صح له اللفظ استعارة([240]).

حكمه: بطلان العقد عند جمهور الفقهاء([241]).

وشرط تحقق الهزل واعتباره في التصرفات أن يكون صريحاً باللسان مثل أن يقول إني أبيع هازلاً([242])، ولا يكتفي بدلالة الحال إلا أنه لا يشترط ذكره في العقد، فيكفي أن تكون المواضعة ـ الاتفاق ـ سابقة على العقد.

فإن اتفقا على الهزل بأصل البيع، أي توافقا على أنهما يتكلمان بلفظ البيع عند الناس ولا يريدانه واتفقا على البناء: أي على أنهما لم يرفعا الهزل ولم يرجعا عنه فالبيع منعقد لصدوره من أهله في محله، لكن يفسد البيع لعدم الرضا بحكمه فصار كالبيع بشرط الخيار أبداً، لكنه لا يملك بالقبض لعدم الرضا بالحكم([243]).

وقال فقهاء الشافعية: في بيع الهازل وشرائه وجهان أصحهما: ينعقد، والثاني: لا([244]).

بيع المضطر

وهو: أن يضطر الرجل إلى طعام أو شراب أو لباس أو غيرها، ولا يبيعها البائع إلا بأكثر من ثمنها بكثير، وكذلك في الشراء منه([245]).

وقد يضطر الإنسان لبيع شيء مما يمتلكه؛ لسداد دَين حلَّ أجله، أو لأي ضرورة من ضرورات الحياة، فيعرض ما يريد بيع على مَن يعلم حاله، فهل يجوز لِمَن علم حاله أن يشتري منه، أم لا؟.

في الحديث: "نَهَى النَّبِيُّ r عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّ"([246]).

قال الخطابي فيه تأويلان([247]):

أحدهما: المراد به المكره؛ فلا يصح بيعه إن أُكْرِه بغير حق، وإن كان بحق صح.

والثاني: أن يكون عليه ديون مستغرقة فتحتاج إلى بيع ما معه بالوكس (أي بالنقصان) فيستحب أن لا يبتاع منه، أي لا يُشترَى منه، بل يُعان؛ إما بهبة، وإما بقرض، وإما باستمهال صاحب الدين؛ فإن اشتُرِيَ منه صح.

حكم بيع المضطر:

عند فقهاء الحنفية([248]) بيع المضطر وشراؤه فاسد، ويصبح صحيحاً لازماً إذا كان بثمن المثل، ويصبح صحيحاً موقوفاً على زوال الاضطرار إذا كان العقد بأقل من ثمن المثل.

وعند جمهور الفقهاء([249]) صحيح لازم، مع الكراهة عند الحنابلة؛ لاستكمال الشروط.

وإنما يجوز البيع والشراء إذا تم العقد بالثمن المتعارف عليه، أو بثمن لا يُشعِر بالغبن والظلم والإجحاف، بلا بخس انتهازاً أو استغلالاً للحاجة والظرف.

والرواية الأخرى عند فقهاء الحنابلة أنه لا يصح([250]).

تنبيه([251]): الواجب عون المسلم لأخيه المسلم في كل حال، ويتأكد الوجوب عند الاضطرار.


المبحث الخامس: البيوع الصحيحة من حيث الأركان والشروط، ولكنها محرَّمة بالنص

بيع الرّجل على بيع أخيه، وكذا شراؤه، وسومه

وصوره كثيرة، منها:

أن يتراضى المتبايعان على ثمن سلعة، فيجيء آخر، فيقول: أنا أبيعك مثل هذه السّلعة بأنقص من هذا الثّمن، أو يقول: أبيعك خيراً منها بثمنها أو بأقلّ منه، أو يعرض على المشتري سلعةً كان قد رغب فيها من عند آخر، فيفسخ البيع من الآخر، ويشتريها ممَن عرضها عليه.

ما إذا تساوم رجلان، فطلب البائع بسلعته ثمناً، ورضي المشتري بذلك الثّمن، فجاء مشتر آخر، ودخل على سوم الأوّل، فاشتراه بزيادة أو بذلك الثّمن نفسه، لكنّه رجل وجيه، فباعه منه البائع لوجاهته.

أن يأمر شخص البائع بفسخ العقد ليشتريه هو بأكثر، أو يجيء شخص إلى البائع قبل لزوم العقد، ليدفع في المبيع أكثر من الثّمن الّذي اشتري به، ليفسخ البيع ويعقد معه([252]).

وقد ثبت النّهي عن ذلك في الصّحيح عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: "لا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ يَخْطُبْ بَعْضُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ بَعْضٍ"([253]).

حكمه:

ذهب فقهاء الحنفية إلى أنّ هذا البيع ونحوه من البياعات مكروه تحريماً، وذلك للأحاديث المذكورة، ولما فيه من الإيحاش والإضرار([254]).

وذهب فقهاء المالكية وفقهاء الشافعية إلى([255]): أنّ هذا البيع محرّم، لكنّه لا يبطل البيع، بل هو صحيح لرجوع النّهي إلى معنًى خارج عن ذّات العقد، وهو الإيذاء والإضرار بالمسلم والإفساد عليه([256]).

والمذهب عند فقهاء الحنابلة([257]): أنّه غير جائز وحرام، ولا يصحّ هذا البيع، بل هو باطل لأنّه منهيّ عنه، والنّهي يقتضي الفساد.

البيع بالنّجْش

النَجْش هو بسكون الجيم مصدر، وبالفتح اسم مصدر، ومن معانيه اللّغويّة: الإثارة، يقال: نجش الطّائر: إذا أثاره من مكانه، قال الفيّوميّ: نجش الرّجل ينجش نجشاً: إذا زاد في سلعة أكثر من ثمنها، وليس قصده أن يشتريها، بل ليغرّ غيره، فيوقعه فيه، وأصل النّجش: الاستتار، لأنّ النّاجش يستر قصده، ومنه يقال للصّائد: ناجش لاستتاره([258]).

وقد عرّفه الفقهاء:

بأن يزيد الرّجل في الثّمن ولا يريد الشّراء، ليرغّب غيره([259]).

أو: أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها ليغري المشتري([260]).

أو أن يمدح المبيع بما ليس فيه ليروّجه.

وقد ورد النّهي عنه، في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: "لاَ تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الْغَنَمَ، وَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا؛ إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ"([261])، وفي حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ r عَنْ النَّجْشِ"([262]).

حكم النجش التكليفي (الحكم الأخروي):

أ - فمذهب جمهور الفقهاء([263]): أنّه حرام، وذلك لثبوت النّهي عنه، ولما فيه من خديعة المسلم، وهي حرام.

ب - ومذهب فقهاء الحنفية([264]): أنّه مكروه تحريماً إذا بلغت السّلعة قيمتها، أمّا إذا لم تبلغ فلا يكره، لانتفاء الخداع. ذلك حكمه التّكليفيّ.

حكم النجش الوضعيّ (الحكم الدنيوي):

أ - فمذهب جمهور الفقهاء([265]): أنّ البيع صحيح، لأنّ النّجش فعل النّاجش لا العاقد، فلم يؤثّر في البيع، والنّهي لحقّ الآدميّ فلم يفسد العقد، كتلقّي الرّكبان وبيع المعيب والمدلّس، بخلاف ما كان حقّاً للّه، لأنّ حقّ العبد ينجبر بالخيار أو زيادة الثّمن.

ب - ومذهب مالك، وهو رواية عن أحمد([266]): أنّه لا يصحّ بيع النّجش، لأنّه منهيّ عنه، والنّهي يقتضي الفساد.

تلقّي الجَلَب أو السّلع أو الرّكبان ويقاس عليه: الوكالة الحصرية([267])

بجامع العلة بينهما (الإضرار) بالمستهلكين بزيادة الأسعار، أو بالمنتجين ـ في بعض الحالات ـ ببخسهم حقهم.

وقد عبّر فقهاء الحنفية عن ذلك: بتلقّي الجَلَب([268])، وعبّر فقهاء المالكية بتلقّي السّلع([269])، وعبّر فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة بتلقّي الرّكبان([270]).

حكم التّلقّي التكليفي (الحكم الأخروي):

ذهب جمهور الفقهاء([271]) إلى أنّ بيع التّلقّي محرّم، لثبوت النّهي عنه في قوله r: "لاَ تَلَقَّوْا الْجَلَبَ؛ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ (أي صاحبه) السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ"([272]).

وعند فقهاء الحنفية ورواية عند فقهاء الحنابلة أن التلقي مكروه([273])؛ وذلك للضّرر أو الغرر.

حكم التلقي الوضعيّ (الحكم الدنيوي):

اتفق الفقهاء([274]) على أن بيع التلقي صحيح، ولا يفسد العقد به، وعللوا الصحة:

بإثبات الخيار في الحديث، والخيار لا يكون إلا في عقد صحيح([275]).

ولأن النهي لا لمعنى في البيع، بل يعود إلى ضرب من الخديعة، يمكن استدراكها بإثبات الخيار([276]).

وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد، أن التلقي فاسد، وذلك لظاهر النهي([277]).

بيع الحاضر للبادي

التّعريف:

الحاضر: ساكن الحاضرة؛ المدن والقرى والرّيف، والبادي: ساكن البادية.

والمراد ببيع الحاضر للبادي عند جمهور الفقهاء([278]): أن يتولّى الحضريّ بيع سلعة البدويّ؛ بأن يصير الحاضر سمساراً للبادي البائع، أي يأخذ الحضري سلعة البدوي بسعر منخفض، ويتولى بيعها لأهل الحضر بسعر مرتفع، مستغلاً جهل البدوي بالأسعار الحقيقية، وطامعاً بزيادة الثمن عند البيع.

وذهب بعض فقهاء الحنفية إلى أنّ المراد بالحديث([279]): أن يبيع الحضريّ سلعته للبدويّ، وذلك طمعاً في الثّمن الغالي، فهو منهيّ عنه، لما فيه من الإضرار بأهل البلد، أي يأخذ الحضري السلعة من البلد ليبيعها لأهل البادية بسعر مرتفع، مستغلاً جهل البدوي بالأسعار الحقيقية، وطامعاً بزيادة الثمن عند البيع.

وينطبق هذا: على استغلال المواد عند استيرادها لبيعها للناس في الداخل بسعر مرتفع، وكذلك استغلال المواد عند تصديرها لكسب الأرباح الإضافية ولو بإضرار بأهل البلد بسحبها من الأسواق.

النهي عن هذا البيع:

ورد النّهي عنه في أحاديث كثيرة منها:

"لاَ تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الْغَنَمَ، وَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا؛ إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ"([280]).

"لاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ؛ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقْ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ"([281]).

"نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ أَوْ أَبَاهُ"([282]).

قيود النّهي: قيّد جمهور الفقهاء النّهي عن بيع الحاضر للبادي، بقيود وشروط شتّى منها:

1 - أن يكون ما يقدم به البادي، ممّا تعمّ الحاجة إليه، وفي حالة قحط وعوز، سواء أكان مطعوماً أم غير مطعوم، فما لا يحتاج إليه إلاّ نادراً، لا يدخل تحت النّهي([283]).

2 - وأن يكون قصد البادي البيع حالاً، وهو ما عبّروا عنه بالبيع بسعر يومه، فلو كان قصده البيع على التّدريج، فسأله البلديّ تفويض ذلك إليه فلا بأس به، لأنّه لم يضرّ بالنّاس، ولا سبيل إلى منع المالك منه([284]).

3 - وأن يكون البيع على التّدريج بأغلى من بيعه حالاً، كما استظهره بعض فقهاء الشافعية، قالوا: لأنّه إذا سأل الحضريّ أن يفوّض له بيعه، بسعر يومه على التّدريج، لم يحمله ذلك على موافقته، فلا يكون سبباً للتّضييق، بخلاف ما إذا سأله أن يبيعه بأغلى، فالزّيادة ربّما حملته على الموافقة، فيؤدّي إلى التّضييق([285]).

4 - وأن يكون البادي جاهلاً بالسّعر، لأنّه إذا علمه لم يزده الحاضر على ما عنده، ولأنّ النّهي لأجل أن يبيعوا للنّاس برخص، وهذه العلّة إنّما توجد إذا كانوا جاهلين بالأسعار، فإذا علموا بالأسعار فلا يبيعون إلاّ بقيمتها كما يبيع الحاضر، فبيع الحاضر حينئذ بمنـزلة بيعهم، وهذا الشّرط لفقهاء المالكيّة وفقهاء الحنابلة([286]).

حكم بيع الحاضر للبادي:

أ - ذهب جمهور الفقهاء([287]) إلى أنّه محرّم مع صحّته، والنّهي عنه لا يستلزم الفساد والبطلان، لأنّه لا يرجع إلى ذات البيع ولا إلى لازمه، لأنّه لم يفقد ركناً ولا شرطاً، بل هو راجع لأمر خارج غير لازم، كالتّضييق والإيذاء.

ب - وفي رواية عن أحمد([288]) أنّ البيع صحيح ولا كراهة فيه، وأنّ النّهي اختصّ بأوّل الإسلام لما كان عليهم من الضّيق، قال أحمد: كان ذلك مرّةً.

ج - مذهب فقهاء المالكية، والمذهب عند فقهاء الحنابلة([289])، أنّ هذا البيع حرام وباطل وفاسد؛ لأنّه منهيّ عنه، والنّهي يقتضي فساد المنهيّ عنه.

وفصّل فقهاء المالكية في هذا، وقرّروا([290]):

أوّلاً: أنّه يفسخ البيع ما دامت السّلعة قائمةً لم تفت ببيع، أو عيب، أو موت، أو نحو ذلك.

ثانياً: فإن فاتت مضى البيع بالثّمن (الّذي وقع به البيع) وهذا هو المعتمد. وقيل: بالقيمة.

البيع عند أذان الجمعة([291])

أمر القرآن الكريم بترك البيع عند النّداء (الأذان) يوم الجمعة، فقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ[[الجمعة: 9]، والأمر بترك البيع نهي عنه.

الحكم التّكليفيّ فيه:

لم يختلف الفقهاء([292]) في أنّ هذا البيع محرّم لهذا النّصّ، وعبر عنه فقهاء الحنفية بالكراهة([293])، والنهي عن البيع عند جمهور الفقهاء([294]) هو وقت أذان خطبة الجمعة بين يدي المنبر، والإمام على المنبر؛ لأنّ البيع عند هذا الأذان يشغل عن الصّلاة، ويكون ذريعةً إلى فواتها، أو فوات بعضها.

والمختار عند فقهاء الحنفية، أنّ المنهيّ عنه هو البيع عند الأذان الأوّل الّذي على المنارة، وهو الّذي يجب السّعي عنده؛ وعلّلوه بحصول الإعلام به([295]).

من أهم قيود تحريم هذا البيع: أن يكون المشتغل بالبيع ممّن تلزمه الجمعة([296])؛ فلا يحرم البيع على المرأة والصّغير والمريض.

استمرار تحريم البيع حتّى انقضاء الصّلاة: اتفق الفقهاء على أنّ النّهي عن البيع عند الأذان لصلاة الجمعة، يستمرّ حتّى الفراغ من الصّلاة([297]).

الحكم الوضعيّ فيه:

جمهور الفقهاء([298])، يرون أنّ عقد البيع يقع صحيحاً، لأنّ المنع منه لمعنًى في غير البيع، خارج عنه، وهو ترك السّعي، فكان البيع في الأصل مشروعاً جائزاً، لكنّه يكره تحريماً، لأنّه اتّصل به أمر غير مشروع، وهو ترك السّعي.

لكنّ مشهور مذهب فقهاء المالكية([299]): أنّ هذا البيع كالبيع الفاسد يفسخ، ويردّ من يد المشتري ما لم يفت بيده، فإن فات - بتغيّر سوق - مضى العقد، ولزم المشتري القيمة حين القبض على المشهور، وقيل بالقيمة حين البيع.

قياس غير البيع من العقود عليه في التّحريم:

النّهي عند جمهور الفقهاء شامل البيع وسائر العقود([300]).

والمذهب عند فقهاء الحنابلة([301]): تخصيص عقد البيع والشّراء فقط بالتّحريم وعدم الصّحّة، بعد الشّروع في الأذان، فتصحّ عندهم سائر العقود؛ لأنّ النّهي ورد في البيع وحده، وغيره لا يساويه؛ لقلّة وقوعه، فلا تكون إباحته ذريعةً لفوات الجمعة، ولا يصحّ قياسه عليه.

بيع المصحف للكافر

اتّفق الفقهاء على أنّ هذا البيع ممنوع محرَّم، ومع ذلك اختلف الفقهاء في صحّة هذا البيع من حيث الحكم الوضعي:

أ - مذهب فقهاء الحنفية، ومشهور مذهب فقهاء المالكية، وهو قول عند فقهاء الشافعية([302]): أنّ بيع المصحف للكافر لا خلاف في التّحريم ومع ذلك فهو صحيح، ولكن يجبر على إخراجه من ملكه؛ لحفظ كتاب اللّه عن الإهانة، ولأنّ فيه امتهان حرمة الإسلام بملك المصحف.

ب - وعند فقهاء الشافعية في الأظهر، ومذهب فقهاء الحنابلة، وهو قول عند فقهاء المالكية([303]): عدم صحّة بيع المصحف لكافر؛ لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r أَنَّهُ "كَانَ يَنْهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ"([304])، فلا يجوز تمكينهم منه، ولأنّه يمنع الكافر من استدامة الملك عليه، فمنع من ابتدائه كسائر ما لا يجوز بيعه، ولما في ملك الكافر للمصحف ونحوه من الإهانة.

بيع المسلم المصحف وشرائه له

أ - نصّ فقهاء الشافعية ورواية عن الإمام أحمد([305])، أنّ بيع المسلم المصحف وشراءه له مكروه، صوناً للقرآن الكريم عن أن يكون في معنى السّلع المبتذلة بالبيع والشّراء.

ب - وفي قول آخر للشّافعيّة ورواية عن الإمام أحمد([306]): أنّه يكره البيع بلا حاجة دون الشّراء، وعلّلوه بأنّ في الشّراء تحصيلاً بخلاف البيع فإنّه تفويت وابتذال وانقطاع رغبة، وبأنّ الشّراء استنقاذ للمصحف فجاز.

ج - وفي رواية عن الإمام أحمد([307]): أنّ بيع المصحف لا يجوز ولا يصحّ؛ لأنّه يشتمل على كتاب اللّه، فتجب صيانته عن البيع والابتذال.

د - وفي رواية عن الإمام أحمد([308]): أنّ بيع المصحف جائز من غير كراهة، وإنما يُصار إلى التنازل عنه، أو يكون العقد على دفع ثمن الورق المطبوع وقيمة تجليده.

 

للمطالعة:

خاتمة في بعض أحكام البيع

لا يجوز بيع أجزاء الآدمي؛ حية ولا ميتة؛ لكرامة الإنسان.

حكم انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً كان أو ميتاً([309]):

إنَّ مجلس مجمع الفقه الإسلامي بعد اطلاعه على الأبحاث الفقهية والطبية الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاً، وفي ضوء المناقشات التي وجهت الأنظار إلى أنَّ هذا الموضوع أمر واقع فرضه التقدم العلمي والطبي، وظهرت نتائجه الإيجابية المفيدة والمشوبة في كثير من الأحيان بالأضرار النفسية والاجتماعية الناجمة عن ممارسته من دون الضوابط والقيود الشرعية التي تصان بها كرامة الإنسان، مع إعمال مقاصد الشريعة الإسلامية الكفيلة بتحقيق كل ما هو خير ومصلحة غالبة للفرد والجماعة، والداعية إلى التعاون والتراحم والإيثار، وبعد حصر هذا الموضوع في النقاط التي يتحرر فيها محل البحث وتنضبط تقسيماته وصوره وحالاته التي يختلف الحكم تبعاً لها، قرر ما يلي:

من حيث التعريف والتقسيم:

أولاً: يقصد هنا بالعضو أي جزء من الإنسان، من أنسجة وخلايا ودماء ونحوها كقرنية العين. سواء أكان متصلاً به، أم انفصل عنه.

ثانياً: الانتفاع الذي هو محل البحث، هو استفادة دعت إليها ضرورة المستفيد لاستبقاء أصل الحياة، أو المحافظة على وظيفة أساسية من وظائف الجسم كالبصر ونحوه. على أن يكون المستفيد يتمتع بحياة محترمة شرعاً.

ثالثاً: تنقسم صور الانتفاع هذه إلى الأقسام التالية: نقل العضو من حي، نقل العضو من ميت، النقل من الأجنة.

الصورة الأولى: وهي نقل العضو من حي، تشمل الحالات التالية:

نقل العضو من مكان من الجسد إلى مكان آخر من الجسد نفسه، كنقل الجلد والغضاريف والعظام والأوردة والدم ونحوها.

نقل العضو من جسم إنسان حي إلى جسم إنسان آخر، وينقسم العضو في هذه الحالة إلى ما تتوقف عليه الحياة وما لا تتوقف عليه.

أما ما تتوقف عليه الحياة، فقد يكون فردياً، وقد يكون غير فردي، فالأول كالقلب والكبد، والثاني كالكلية والرئتين.

وأما ما لا تتوقف عليه الحياة، فمنه ما يقوم بوظيفة أساسية في الجسم ومنه مالا يقوم بها.

ومنه ما يتجدد تلقائياً كالدم، ومنه ما لا يتجدد، ومنه ما له تأثير على الأنساب والموروثات، والشخصية العامة، كالخصية والمبيض وخلايا الجهاز العصبي، ومنه ما لا تأثير له على شيء من ذلك.

الصورة الثانية: وهي نقل العضو من ميت:

ويلاحظ أن الموت يشمل حالتين:

الحالة الأولى: موت الدماغ بتعطل جميع وظائفه تعطلاً نهائياً لا رجعة فيه طبياً.

الحالة الثانية: توقف القلب والتنفس توقفاً تاماً لا رجعة فيه طبياً، فقد روعي في كلتا الحالتين قرار المجمع في دورته الثالثة([310]).

الصورة الثالثة: وهي النقل من الأجنة، وتتم الاستفادة منها في ثلاث حالات:

حالة الأجنة التي تسقط تلقائياً.

حالة الأجنة التي تسقط لعامل طبي أو جنائي.

حالة اللقائح المستنبتة خارج الرحم.

من حيث الأحكام الشرعية:

أولاً: يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أنَّ النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، وبشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود أو لإعادة شكله أو وظيفته المعهود له، أو لإصلاح عيب أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً.

ثانياً: يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر، إن كان هذا العضو يتجدد تلقائياً، كالدم والجلد، ويراعى في ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأهلية، وتحقق الشروط الشرعية المعتبرة.

ثالثاً: تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضية لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلة مرضية.

رابعاً: يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان حي إلى إنسان آخر.

خامساً: يحرم نقل عضو من إنسان حي يعطل زواله وظيفة أساسية في حياته وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها كنقل قرنية العين كلتيهما، أما إن كان النقل يعطل جزءاً من وظيفة أساسية فهو محل بحث ونظر كما يأتي في الفقرة الثامنة.

سادساً: يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك. بشرط أن يأذن الميت قبل موته أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة ولي أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له.

سابعاً: وينبغي ملاحظة: أنَّ الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي تم بيانها، مشروط بأن لا يتم ذلك بواسطة بيع العضو، إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما.

أما بـذل المال من المستفيد، ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأة وتكريماً، فمحل اجتهاد ونظر].

 

 

 

([1]) يُنْظَر: المغني، 4/128.

([2])  يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/103، والفواكه الدواني، 2/72.

([3])  القوانين الفقهية، 1/175.

([4])  يُنْظَر: المبسوط، 15/76، والفواكه الدواني، 2/72، والمهذب، 1/291، والنكت والفوائد السنية على مشكل المحرر، 1/283.

([5]) رواه أبو داود، 1641، 2/120، وابن ماجه، 2198، 2740.

([6]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/232.

([7]) يُنْظَر: كشاف القناع، 3/183.

([8]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/54، والبحر الرائق، 6/108.

([9]) مجمع الفقه الإسلامي، جدة، الدورة الثامنة، القرار رقم (4).

([10]) مجمع الفقه الإسلامي، جدة، الدورة الخامسة، القرار رقم (5).

([11]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/30.

([12]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/50.

([13]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/30.

([14]) يُنْظَر: المبسوط، 19/122، وحاشية الدسوقي، 3/12، ومغني المحتاج، 2/15، والأشباه والنظائر، السيوطي، ص285، والنكت والفوائد السنية على مشكل المحرر، 1/259.

([15]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/50.

([16]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/148-149،

([17]) رواه البخاري، 3443، 3/1332.

([18]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/148-149.

([19]) يُنْظَر: المبسوط، 13/154.

([20]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/148-149.

([21]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/15، والأشباه والنظائر، السيوطي، ص285، والنكت والفوائد السنية على مشكل المحرر، 1/259.

([22]) رواه أبو داود، 3503، 3/283، والترمذي، 1232، 3/534، وقال الترمذي: حديث حسن.

([23]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/75، وحاشية ابن عابدين، 5/50، و113.

([24]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/113.

([25]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/113.

([26]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/75، وحاشية الدسوقي، 3/12.

([27]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/75.

([28]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/75.

([29]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/113.

([30]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/75.

([31]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/75.

([32]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/75.

([33]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/113.

([34]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/75، والأشباه والنظائر، السيوطي، ص285.

([35]) يُنْظَر: فتاوى السغدي، 1/441.

([36]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/113.

([37]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، 7/69.

([38]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/75.

([39]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/76.

([40]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، 7/69.

([41]) يُنْظَر: البحر الرائق، 4/76، و7/311، ومجلة الأحكام العدلية، 1/30.

([42]) يُنْظَر: منح الجليل، 2/550، والمجموع، 9/136، وروضة الناظر، 1/58.

([43]) يُنْظَر: فتح الوهاب، 2/434.

([44]) يُنْظَر: البحر الرائق، 4/76، وحاشية ابن عابدين، 4/508، ومجلة الأحكام العدلية، 1/30.

([45]) يُنْظَر: مختار الصحاح، مادة (غرر).

([46]) لسان العرب، مادة (غرر).

([47]) رواه مسلم، 1513، 3/1153.

([48]) يُنْظَر: الكافي، ابن عبد البر، 1/364، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 3/56.

([49]) يُنْظَر: فتاوى السغدي، 1/466.

([50]) يُنْظَر: فتح الوهاب، 1/282، ومغني المحتاج، 2/31.

([51]) يُنْظَر: المهذب، 1/266.

([52]) يُنْظَر: المبدع، 4/29.

([53]) يُنْظَر: البحر الرائق، 5/287، وحاشية ابن عابدين، 4/526.

([54]) يُنْظَر: شرح الزرقاني، 3/400، والمهذب، 1/266، والمبدع، 4/29.

([55]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/83، والمبدع، 4/29.

([56]) يُنْظَر: البحر الرائق، 5/287، وشرح فتح القدير، 6/55.

([57]) يُنْظَر: المغني، 4/146.

([58]) يُنْظَر: حاشية البجيرمي، 2/207.

([59]) يُنْظَر: فتاوى السغدي، 1/465 وما بعدها، والقوانين الفقهية، 1/170، والمهذب، 1/266، والمبدع، 4/29.

([60]) رواه البخاري، 5481، 5/2190، ومسلم، 1511، 3/1151.

([61]) صحيح مسلم، 1511، 3/1152.

([62]) صحيح مسلم، 1512، 3/1152.

([63]) يُنْظَر: المغني، 4/146، والمبدع، 4/29.

([64]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/56، والوسيط، 3/71، والمبدع، 4/29.

([65]) صحيح مسلم، 1513، 3/1153.

([66]) يُنْظَر: المبسوط، 13/16، والفواكه الدواني، 2/95، والأم، 3/75، وعمدة الفقه، 1/47.

([67]) رواه الترمذي، 1231، 3/533.

([68]) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، 5/219.

([69]) رواه أبو داود، 3461، 3/274.

([70]) قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه البزار وأحمد، 4/84.

([71]) يُنْظَر: نصب الراية، 4/20.

([72]) يُنْظَر: الوسيط، 3/72.

([73]) يُنْظَر: جواهر الإكليل، 2/22، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/177.

([74]) يُنْظَر: المغني، 4/127.

([75]) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، 5/219.

([76]) رواه أبو داود، 3461، 3/274.

([77]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، 6/447، والتمهيد، 24/391، والمهذب، 1/267، وعمدة الفقه، 1/47.

([78]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، 6/80.

([79]) قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الكبير، 4/84.

([80]) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، 5/219.

([81]) رواه أبو داود، 3461، 3/274.

([82]) يُنْظَر: المبدع، 4/35.

([83]) يُنْظَر: بداية المجتهد، 2/115.

([84]) يُنْظَر: الإنصاف، 4/311، وكشاف القناع، 3/174.

([85]) يُنْظَر: المغني، 4/161.

([86]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 5/396، والمهذب، 1/270، والمبدع، 4/40.

([87]) يُنْظَر: المهذب، 1/270، والمبدع، 4/40.

([88]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/32، ومواهب الجليل، 4/313.

([89]) يُنْظَر: لسان العرب، والمصباح المنير، مادة (جزف).

([90]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 4/285.

([91]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/20.

([92]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/77، وكفاية الطالب، 2/23، وكشاف القناع، 3/169.

([93]) يُنْظَر: حاشية البجيرمي، 2/193.

([94]) أخرجه مسلم، 1526، 3/1161.

([95]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (عرب)، والقاموس المحيط، باب النون فصل العين.

([96]) يُنْظَر: فتاوى السغدي، 1/472-473، ومواهب الجليل، 4/369، ومغني المحتاج، 2/39، والمبدع، 4/59.

([97]) يُنْظَر: فتاوى السغدي، 1/472-473، وحاشية الدسوقي، 3/63، وروضة الطالبين، 3/397، والمبدع، 4/59.

([98]) عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص.

([99]) رواه أبو داود، 3502، 3/283، وابن ماجه، 2192، 2/738، وفي تلخيص الحبير، لابن حجر، 3/17: (وفيه راو لم يسم، وسمي في رواية لابن ماجه: كمال عبد الله بن عامر الأسلمي، وقيل: هو ابن لهيعة، وهما ضعيفان، ورواه الدارقطني والخطيب في الرواة: عن مالك من طريق الهيثم بن اليمان عنه، عن عمرو بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، وعمرو بن الحارث ثقة، والهيثم ضعفه الأزدي، وقال أبو حاتم: صدوق، وذكر الدارقطني: أنه تفرد بقوله: عن عمرو بن الحارث، قال ابن عدي: يقال إن مالكاً سمع هذا الحديث من ابن لهيعة، ورواه البيهقي من طريق عاصم بن عبد العزيز، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن عمرو بن شعيب، وقال عبد الرزاق في مصنفه: أنا الأسلمي، عن زيد بن أسلم، سئل رسول الله r عن العربان في البيع فأحله، وهذا ضعيف، والأسلمي هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى).

([100]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/63.

([101]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 4/369.

([102]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/39، ونيل الأوطار، 5/251.

([103]) يُنْظَر: المغني، 4/160.

([104]) يُنْظَر: المغني، 4/160.

([105]) مصنف عبد الرزاق، 9213،  6/513-514، وسنن البيهقي الكبرى، 10962، 6/34، وقال ابن حجر: (عَلَّقَه البخاري). تلخيص الحبير، 4/196.

([106]) يُنْظَر: المغني، 4/160.

([107]) يُنْظَر: نيل الأوطار، 5/251.

([108]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 2/108، و2/211، والتاج والإكليل، 4/65، والمغني، 9/299.

([109]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/63.

([110]) يُنْظَر: كشاف القناع، 3/195.

([111]) مجمع الفقه الإسلامي، جدة، الدورة الثامنة، القرار رقم (3).

([112]) وفي هذا ترجيح لقول فقهاء الحنابلة.

([113]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (عين)، ومختار الصحاح، مادة (عين).

([114]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (عين)، وكشاف القناع، 3/186.

([115]) يُنْظَر: روضة الطالبين، 3/416-417، والكافي فقه ابن حنبل، 2/25.

([116]) يُنْظَر: الكافي، 1/325.

([117]) يُنْظَر: القوانين الفقهية، 1/171.

([118]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/273.

([119]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/273.

([120]) يُنْظَر: مواهب الجليل، 4/404.

([121]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/273، والقوانين الفقهية، 1/171، والكافي، 1/325.

([122]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/273.

([123])  يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/273.

([124])  يُنْظَر: روضة الطالبين، 3/417، والمجموع، 9/248.

([125])  قال في إعلام الموقعين، 3/281: [فصل: الأئمة منـزهون عن إحداث الحيل: والمتأخرون أحدثوا حيلاً لم يصح القول بها عن أحد من الأئمة ونسبوها الى الأئمة، وهم مخطئون في نسبتها إليهم، ولهم مع الأئمة موقف بين يدى الله، ومن عرف سيرة الشافعي وفضله ومكانه من الإسلام علم أنه لم يكن معروفاً بفعل الحيل، ولا بالدلالة عليها، ولا كان يشير على مسلم بها.

وأكثر الحيل التي ذكرها المتأخرون المنتسبون الى مذهبه من تصرفاتهم ... أدخلوها في مذهبه؛ وإن كان رحمه الله تعالى يجري العقود على ظاهرها، ولا ينظر الى قصد العاقد ونيته ... فحاشاه ثم حاشاه أن يأمر الناس بالكذب والخداع والمكر والاحتيال وما لا حقيقة له، بل ما يُتَيَقَّن أن باطنه خلاف ظاهره ...

فالفرق إذاً واضحٌ بين أن لا يُعْتَبَر القصدُ في العقد ويجريه على ظاهره، وبين أن يُسَوِّغ عقداً قد عُلِم بناؤه على المكر و الخداع وقد عُلِم أن باطنه خلاف ظاهره.

فو الله ما سوغ الشافعي ولا إمام من الأئمة هذا العقد قط.

ومَن نَسَبَ ذلك إليهم فهم خصماؤه ثم الله.

فالذى سوغه الأئمة بمنـزلة الحاكم (القاضي) يُجْرِي الأحكام على ظاهر عدالة الشهود؛ وإن كانوا في الباطن شهود زور.

والذي سوغه أصحاب الحيل بمنـزلة الحاكم يَعلم أنهم في الباطن شهود زور كَذَبَة، وأن ما شهدوا به لا حقيقة له، ثم يَحْكُم بظاهر عدالتهم.

وهكذا في مسألة العينة: إنما لصاحب الشافعي أن يبيع السلعة ممن اشتراها منه جرياً على ظاهر عقود المسلمين وسلامتها من المكر والخداع.

ولو قيل للشافعي: إن المتعاقدين قد تواطئا على ألف بألف ومائتين، وترواضا على ذلك، وجعلا السلعة مُحَلِّلاً للربا: لم يجوز ذلك، ولأَنْكَرَه غايةَ الإنكار].

([126]) يُنْظَر: المغني، 4/127.

([127]) يُنْظَر: الموافقات، 3/36، و3/300، وإرشاد الفحول، 1/411، والمدخل، ابن بدران، 1/296، وشرح الزرقاني، 2/437، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 32/225، و228، وفتح الباري، 5/61، و12/327.

([128]) رواه أبو داود، 3462، 3/274.

([129]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (فضل).

([130]) يُنْظَر: التعريفات، الجرجاني.

([131]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/68، والقوانين الفقهية، 1/163، وروضة الطالبين، 4/319.

([132]) يُنْظَر: دليل الطالب، 1/106.

([133]) يُنْظَر: إعانة الطالبين، 3/8.

([134]) رواه البخاري، 3443، 3/1332.

([135]) رواه الترمذي، 1257، 3/558.

([136]) رواه أبو داود، 3503، 3/283، والترمذي، 1232، 3/534.

([137]) رواه أبو داود، 3504، 3/283، والترمذي، 1234، 3/535.

([138]) رواه أبو داود، 2190، 2/258.

([139]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/7.

([140]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 4/327.

([141]) يُنْظَر: حاشية البجيرمي، 2/225.

([142]) يُنْظَر: بداية المبتدي، المرغيناني، 1/224، وشرحه: الهداية، 4/94.

([143]) يُنْظَر: البحر الرائق، 1/137، وحاشية ابن عابدين، 1/224.

([144]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/154.

([145]) رواه ابن ماجه، 3380، 2/1121.

([146]) يُنْظَر: حاشيتا قليوبي وعميرة، 2/184.

([147]) المغني، 4/154.

([148]) يُنْظَر: الأم، 4/74، وروضة الطالبين، 3/416.

([149]) يُنْظَر: بداية المبتدي، المرغيناني، 1/224، وشرحه: الهداية، 4/94.

([150]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 24/26.

([151]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 4/94، وإعانة الطالبين، 3/23، والإنصاف، المرداوي، 4/327.

([152]) يُنْظَر: المغني، ابن قدامة، 4/154.

([153]) يُنْظَر: إعانة الطالبين، 3/23.

([154]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 4/336، وإعانة الطالبين، 3/23، وكشاف القناع، 3/181.

([155]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/7.

([156]) يُنْظَر: المجموع، 6/25، وإعانة الطالبين، 3/23، وحاشية البجيرمي، 2/224، وفتح المعين، 3/23.

([157]) يُنْظَر: الإنصاف، المرداوي، 4/327.

([158]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/169، ومجلة الأحكام العدلية، 1/39.

([159]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/171.

([160]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/171، ومجلة الأحكام العدلية، 1/39.

([161]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/171-172، ومجلة الأحكام العدلية، 1/39.

([162]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/171-172.

([163]) يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية، 1/39.

([164]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/170.

([165]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/169 وما بعدها، والهداية شرح البداية، 3/48 وما بعدها.

([166]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/48.

([167]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي، 13/18، وبدائع الصنائع، 5/169 وما بعدها، والهداية شرح البداية، 3/48.

([168]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/48.

([169]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/85.

([170]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/170، وحاشية ابن عابدين، 5/85.

([171]) يُنْظَر: المراجع السابقة.

([172]) هي: 1- شرط رهن معلوم بإشارة أو تسمية، 2- وشرط كفيل حاضر أو غائب وحضر قبل الافتراق وكفل، 3- وشرط إحالة المشتري للبائع على غيره بالثمن، 4- وشرط إشهاد على البيع، 5- وشرط خيار الشرط إلى ثلاثة أيام، 6- وشرط نقد على أنه إن لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما، 7- وشرط تأجيل الثمن إلى أجل معلوم، 8- وشرط البراءة من العيوب، 9- وشرط قطع الثمار المبيعة أي على المشتري، 10- وشرط تركها على النخيل بعد إدراكها، 11- وشرط وصف مرغوب فيه، 12- وشرط تسليم المبيع حتى يسلم الثمن، 13- وشرط رده بعيب وجد فيه، 14- وشرط كون الطريق لغير المشتري، 15- وشرط عدم خروج المبيع عن ملكه، 16- وشرط كون البقرة حلوباً، 17- وشرط كون الفرس هِملاجا أي سهل السير بسرعة، 18- وشرط إيفاء الثمن في بلد آخر، 19- وشرط الحمل على المشتري فيما له حمل، 20- وشرط حذو النعل، 21- وشرط خرز الخف، 22- وشرط جعل رقعة على ثوب اشتراه من خلقاني، 23- وشرط كون الصابون متخذاً من كذا جرة من الزيت. حاشية ابن عابدين، 4/591.

([173]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/65.

([174]) أخرجه الطبراني في الأوسط. تحفة الأحوذي، 4/362، والدراية في تخريج أحاديث الهداية، 2/151، ونصب الراية، 4/17.

([175]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/66، والقوانين الفقهية، 1/171.

([176]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/65-66.

([177]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/65.

([178]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/67، والتاج والإكليل، 4/375.

([179]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/67.

([180]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/66، والقوانين الفقهية، 1/171.

([181]) يُنْظَر: القوانين الفقهية، 1/172.

([182]) بطيء السير.

([183]) أخرجه البخاري، 2275، 2/847، ومسلم، 715، 3/1221.

([184]) يُنْظَر: المهذب، 1/268 وما بعدها.

([185]) أخرجه الطبراني في الأوسط. تحفة الأحوذي، 4/362، والدراية في تخريج أحاديث الهداية، 2/151، ونصب الراية، 4/17.

([186]) رواه أبو داود، 3504، 3/283، والترمذي، 1234، 3/535.

([187]) يُنْظَر: روضة الطالبين، 3/403 وما بعدها.

([188]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/31.

([189]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/31، وحاشيتا قليوبي وعميرة، 2/177.

([190]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/31.

([191]) يُنْظَر: مغني المحتاج، 2/31.

([192]) يُنْظَر: روضة الطالبين، 3/399 وما بعدها.

([193]) يُنْظَر: روضة الطالبين، 3/399 وما بعدها.

([194]) يُنْظَر: روضة الطالبين، 3/399 وما بعدها.

([195]) يُنْظَر: حاشية البجيرمي، 2/212.

([196]) يُنْظَر: المهذب، 1/258.

([197]) رواه البخاري، 2011، 2/745، ومسلم، 1533، 3/1165.

([198]) يُنْظَر: حاشيتا قليوبي وعميرة، 2/180 وما بعدها.

([199]) أخرجه الطبراني في الأوسط. تحفة الأحوذي، 4/362، والدراية في تخريج أحاديث الهداية، 2/151، ونصب الراية، 4/17.

([200]) يُنْظَر: روضة الطالبين، 3/406.

([201]) يُنْظَر: دليل الطالب، 3/108، ومنار السبيل، 1/294، وكشاف القناع، 3/189.

([202]) يُنْظَر: الإنصاف، 4/340، والمبدع، 1/54، وكشاف القناع، 3/189، وما بعدها.

([203]) يُنْظَر: كشاف القناع، 3/189 وما بعدها.

([204]) رواه البخاري، 2153، 2/794.

([205]) سنن البيهقي الكبرى، 11212، 6/79، وسنن الدارقطني، 98، 3/27.

([206]) يُنْظَر: المبدع، 1/52، وكشاف القناع، 3/189.

([207]) يُنْظَر: زاد المستقنع، 1/106، والمبدع، 1/54.

([208]) أخرجه أبو داود، 3505، 3/283.

([209]) يُنْظَر: كشاف القناع، 3/191.

([210]) يُنْظَر: المبدع، 4/54، وكشاف القناع، 3/191.

([211]) يُنْظَر: كشاف القناع، 3/191، وما بعدها.

([212]) رواه أبو داود، 3504، 3/283، والترمذي، 1234، 3/535.

([213]) يُنْظَر: كشاف القناع، 3/191، وما بعدها.

([214]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 4/52 وما بعدها، وكشاف القناع، 3/191 وما بعدها.

([215]) يُنْظَر: كشاف القناع، 3/193، وما بعدها.

([216]) يُنْظَر: منار السبيل، 1/295، وكشاف القناع، 3/193، وما بعدها.

([217]) رواه الترمذي، 1231، 3/533.

([218]) صحيح ابن حبان، 1053، 3/331.

([219]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 4/53، وكشاف القناع، 3/193.

([220]) يُنْظَر: زاد المستقنع، 1/106، وكشاف القناع، 3/193.

([221]) عن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أن عائشة أخبرته أن بريرة جاءت عائشة تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئاً، فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك؛ فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك، ويكون ولاؤك لي فعلْتُ، فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل، ويكون لنا ولاؤك، قَالَتْ عَائِشَةُ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ r فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "اشْتَرِي وَأَعْتِقِي؛ فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ r مِنْ الْعَشِيِّ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطاً لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ". أخرجه البخاري، 444، 1/174، ومسلم، 1504، 2/1141.

([222]) يُنْظَر: المبدع، 4/59، والإنصاف، 4/356، وكشاف القناع، 3/194، وما بعدها.

([223]) يُنْظَر: المبدع، 4/59، والإنصاف، 4/356، وكشاف القناع، 3/195.

([224]) يُنْظَر: الشرح الكبير مع المغني، 4/58، وكشاف القناع، 3/195.

([225]) يُنْظَر: الوسيط للسنهوري, نظرية الالتزام ص158 , 258 ف 774 , المدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا 2/117.

([226]) رواه البخاري، 2153، 2/794.

([227]) رواه البخاري في صحيحه في باب الشروط.

([228]) أخرجه البخاري، 2275، 2/847، ومسلم، 715، 3/1221.

([229]) رواه أبو داود، 3504، 3/283، والترمذي، 1234، 3/535.

([230]) المغني، 4/80.

([231]) رواه الإمام أحمد، 6339.

([232]) رواه أبو داود، 3504، 3/283، والترمذي، 1234، 3/535.

([233]) يُنْظَر: لسان العرب، ومختار الصحاح، مادة (لجأ).

([234]) يُنْظَر: الإنصاف، 4/265.

([235]) يُنْظَر: روضة الطالبين، 3/355.

([236]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/99، والفروع، 4/36.

([237]) يُنْظَر: روضة الطالبين، 3/355.

([238]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/275.

([239]) يُنْظَر: لسان العرب، ومختار الصحاح، مادة (هزل).

([240]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/507.

([241]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/507 وما بعدها، و5/89، و5/275، والفروع، 4/36، وكشاف القناع، 3/150.

([242]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/507.

([243]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 4/507.

([244]) يُنْظَر: المجموع، النووي، 9/164، وخبايا الزوايا، 1/186.

([245]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/59، وفتاوى السغدي، 1/468.

([246]) رواه أبو داود، 3382، 3/255.

([247]) يُنْظَر: روضة الطالبين، 3/418.

([248]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/59.

([249]) يُنْظَر: مواهب الجليل، 4/249، والمجموع، 9/153، والفروع، 4/3.

([250]) يُنْظَر: المبدع، 4/7.

([251]) يُنْظَر: صحيح مسلم، 2699، 4/2074.

([252]) يُنْظَر: كشاف القناع، 3/183 وما بعدها.

([253]) أخرجه البخاري، 2032، 2/752، ومسلم، 1412، 2/1032.

([254]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 3/53، وبدائع الصنائع، 5/232.

([255]) يُنْظَر: الفواكه الدواني، 2/108، والمهذب، 1/291، والمبدع، 4/44.

([256]) يُنْظَر: إعانة الطالبين، 3/25، وفتح الوهاب، 1/286، ومغني المحتاج، 2/37، والمغني، 4/149.

([257]) يُنْظَر: المحرر في الفقه، 1/282، والمغني، 4/149، وكشاف القناع، 3/183.

([258]) يُنْظَر: المصباح المنير، مادة (نجش).

([259]) الهداية، 3/53.

([260]) المبدع، 4/78.

([261]) رواه البخاري، 2043، 2/755، ومسلم، 1412، 3/1155.

([262]) رواه البخاري، 6562، 6/2554، ومسلم، 1516، 2/1032.

([263]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/68، وإعانة الطالبين، 3/26، والمبدع، 4/78.

([264]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/233.

([265]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/233، والمهذب، 1/291، والإنصاف، 4/395.

([266]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/68، والإنصاف، 4/395.

([267]) للعلم: فإنه ضمن برنامج سياسة الانفتاح الاقتصادي التى يقوم بها الرئيس السوري بشار الأسد فقد ألغى احتكار الوكالة الحصرية الساري المفعول منذ 50 عاماً وسمح للتجار بالاستيراد، دون التقيد بشرط الوكيل. www.albayan.com 16/9/2002م، وفي السعودية أنهت وزارة التجارة الدراسات النهائية لمشروع نظام مكافحة المنافسة غير المشروعة الذي يتضمن إلغاء الوكالات التجارية الحصرية بالمملكة تمهيداً لرفعه لمجلس الوزراء وإقراره رسمياً، ومن أهم نقاط المشروع: منع الوكيل للشركة الأجنبية باحتكار الوكالة على مستوى المملكة (أي إلغاء الوكالة الحصرية الفردية)، وقد رأت وزارة التجارة مؤخراً أن قيام الوكالات التجارية باحتكار تسويق منتجات الشركة الأجنبية يعتبر هيمنة غير مشروعة، وتحد من قيام مجموعات تجارية تثري المجتمع بخدمات وفوائد كثيرة، وتهدف الوزارة من إلغاء الوكالة الحصرية إلى إيجاد منافسة شريفة بين المجموعات التجارية والوكلاء التجاريين للشركات الأجنبية مما يعود بالنفع للمستهلك من حيث التعامل مع أكثر من وكيل مما يتيح خدمته بشكل أفضل من حيث السعر المناسب وخدمة ما قبل وبعد البيع. صحيفة الجزيرة السعودية، الأحد: 24 رمضان 1422هـ، www.suhuf.net.sa/2001jaz/dec/9/ec1.htm، وفي لبنان قامت المحكمة اللبنانية في جلستها يوم 14/2/2002 بإقرار مشروع قانون الغاء الوكالات الحصرية وأرسلته إلى مجلس النواب بتاريخ 25/2/2002 مبررة أن إلغاء الوكالات الحصرية سيخفض الأسعار بنسب كبيرة. www.tamseel-ecs.gov.eg/view_news.asp?id=271.

([268]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/137، والبحر الرائق، 6/108.

([269]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/70، والكافي، 1/367.

([270]) يُنْظَر: روضة الطالبين، 3/413، وحواشي الشرواني، 4/291، والمبدع، 4/78، والإنصاف، 4/318.

([271]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/70، وروضة الطالبين، 3/413، والمبدع، 4/78.

([272]) رواه مسلم، 1519، 3/1157.

([273]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، 6/476، والمبدع 4/74.

([274]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/137، وحاشية الدسوقي، 3/70، والمهذب، 1/290، والمبدع، 4/74.

([275]) يُنْظَر: شرح فتح القدير، 6/478، والتمهيد، 13/321، وروضة الطالبين، 3/413، والمغني، 4/152.

([276]) يُنْظَر: التمهيد، 13/321، وكشاف القناع، 3/211، والمغني، 4/152.

([277]) يُنْظَر: المغني، 4/152.

([278]) يُنْظَر: التاج والإكليل، 4/378، وحاشية البجيرمي، 2/218، والمغني، 4/150.

([279]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/103.

([280]) رواه البخاري، 2043، 2/755.

([281]) رواه مسلم، 1522، 3/1157.

([282]) رواه مسلم، 1523، 3/1158.

([283]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين، 5/102، وحاشية البجيرمي، 2/220، وكشاف القناع، 3/184.

([284]) يُنْظَر: البحر الرائق، 6/108، وروضة الطالبين، 3/412، وكشاف القناع، 3/184.

([285]) يُنْظَر: حاشية البجيرمي، 2/218.

([286]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/69، وكشاف القناع، 3/184.

([287]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/137، ومواهب الجليل، 4/378، والمهذب، 1/291، والإنصاف، 4/333.

([288]) يُنْظَر: الإنصاف، 4/333.

([289]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/69، والمبدع، 4/80.

([290]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 3/69.

([291]) إن الخطاب الإسلامي في آية الجمعة يشير إلى أنه لا يوجد يوم عطلة في الإسلام، كما يريد أن يسميها الناس؛ فالإسلام يدفع أتباعه إلى العمل الدؤوب في جميع الأوقات، فقبل أداء أعظم فرائض الله ـ صلاة الجمعة ـ كان المسلمون في حال عمل وبيع، وبعد أداء الصلاة: أمرهم بالانتشار في الأرض وطلب الرزق.

([292]) يُنْظَر: التمهيد، 18/201، والأم، 1/195، والمبدع، 4/41.

([293]) يُنْظَر: بداية المبتدي، 1/137.

([294]) يُنْظَر: حاشية الدسوقي، 1/386، والأم، 1/195، ومختصر الخرقي، 1/34.

([295]) يُنْظَر: الهداية شرح البداية، 1/85.

([296]) يُنْظَر: حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح، 1/335، والتاج والإكليل، 5/102، وإعانة الطالبين، 2/95، والمبدع، 4/41.

([297]) يُنْظَر: مراقي الفلاح، 283، ومواهب الجليل، 2/182، وحاشية الجمل على شرح المنهج، 2/54، وكشاف القناع، 3/181.

([298]) يُنْظَر: بدائع الصنائع، 5/232، وحاشية البجيرمي، 4/447، ومنار السبيل، 1/291.

([299]) يُنْظَر: الثمر الداني شرح رسالة القيرواني، 1/505.

([300]) يُنْظَر: البحر الرائق، 2/169، ومواهب الجليل، 2/182، وإعانة الطالبين، 2/95.

([301]) يُنْظَر: المغني، 2/72.

([302]) يُنْظَر: المبسوط، 13/133، ومواهب الجليل، 4/355، والمجموع، 9/335.

([303]) يُنْظَر: شرح الزرقاني، 3/14، ومنهاج الطالبين، 1/45، وكشاف القناع، 3/155.

([304]) رواه البخاري، 2828، 3/1090، ومسلم، 1869، 3/1491.

([305]) يُنْظَر: حاشية البجيرمي، 2/176، وكشاف القناع، 3/155.

([306]) يُنْظَر: الإنصاف، 4/279.

([307]) يُنْظَر: الإنصاف، 4/279.

([308]) يُنْظَر: الإنصاف، 4/279.

([309]) يُنْظَر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، (العدد الرابع، 1/89).

([310]) قرار رقم: 17 (5/3) بشأن أجهزة الإنعاش مجلة المجمع – ع 3، ج 2/ص 523: إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 – 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م، بعد تداوله في سائر النواحي التي أثيرت حول موضوع أجهزة الإنعاش واستماعه إلى شرح مستفيض من الأطباء المختصين، قرر ما يلي: يعتبر شرعاً أن الشخص قد مات وتترتب جميع الأحكام المقررة شرعاً للوفاة عند ذلك إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين: إذا توقف قلبه وتنفسه توقفاً تاماً وحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه. إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه، وأخذ دماغه في التحلل. وفي هذه الحالة يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص وإن كان بعض الأعضاء، كالقلب مثلاً، لا يزال يعمل آلياً بفعل الأجهزة المركبة. والله أعلم.

عدد القراء : 3886