{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245]. Who is it that would loan Allah a goodly loan so He may multiply it for him many times over?
{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245].
Who is it that would loan Allah a goodly loan so He may multiply it for him many times over?
- قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِى يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد: 11].
- قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].
- في صحيح البخاري (2/108)، 1410 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ» (بعدل) بوزن أو بقيمة. (طيب) حلال. (يتقبلها بيمينه) هو كناية عن حسن القبول وسرعته. (يربيها) ينميها ويضاعف أجرها. (لصاحبها) الذي أنفقها. (فلوه) مهره. وهو الصغير من الخيل. (مثل الجبل) يصبح ثوابها كثواب مَن تصدق بمقدار الجبل من المال.
- في صحيح ابن حبان، (10/ 505)، 4648 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مِثْلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعَفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَبِّ زِدْ أُمَّتِي»، فَنَزَلَتْ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَبِّ زِدْ أُمَّتِي»، فَنَزَلَتْ: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].
- مَن هذا الذي ينفق في سبيل الله، فيعين مضعفاً، أو يقوي ذا فاقة، ويعطي مقترا؟ وذلك هو القرض الحسن الذي يقرض العبدُ ربَّه. وإنما سماه الله تعالى (قرضاً)؛ لأن معنى (القرض) إعطاء الإنسان غيره ماله مملكا له، ليقضيه مثله إذا اقتضاه. فلما كان إعطاء مَن أعطى أهل الحاجة والفاقة في سبيل الله، إنما يعطيهم ما يعطيهم من ذلك ابتغاء ما وعده الله عليه من جزيل الثواب عنده يوم القيامة، سماه (قرضاً). وإنما جعله تبارك وتعالى (حسناً)؛ لأن المعطي يعطي ذلك عن ندب الله إياه، وحثه له عليه، احتساباً منه؛ فهو لله طاعة، وللشياطين معصية.
- قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأنعام: 160]، فالله سبحانه وتعالى لا ينقص من عمل الخير شيئاً، بل يضاعفه في الآخرة، وإن الله سبحانه وتعالى فوق هذا الجزاء المضاعف أضعافاً كثيرة يزيد المحسن من عطائه، ولذا قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40]، أي: إن الله تعالى يعطي عطاءً كثيراً، غير ملاحظ فيه المثلية والمضاعفة، بل إنه سبحانه فوق مضاعفة الحسنة بأمثالها، يعطي عطاءً سمحاً غير مقيد بالمضاعفة، بل إنه يكون سماحاً، وكرماً منه تبارك وتعالى.
- القرض: اسم لكل ما يلتمس عليه الجزاء. وأقرض فلان فلانا أى أعطاه ما يتجازاه. واستقرضت من فلان أى طلبت منه القرض فأقرضنى. واقترضت منه أى أخذت القرض. وأصل الكلمة القطع ومنه المقراض. وأقرضته أى قطعت له من مالي قطعة يجازى عليها ... ثم قال: والتعبير بالقرض في هذه الآية إنما هو تأنيس وتقريب للناس بما يفهمونه، والله هو الغنى الحميد، لكنه- تعالى- شبه عطاء المؤمن في الدنيا بما يرجو به ثوابه في الآخرة بالقرض كما شبه إعطاء النفوس والأموال في أخذ الجنة بالبيع والشراء.
- من بذل لله شيئاً عوضه الله خيراً منه، فمن جاء بالحسنة أعطاه الله عشراً، ومن صلى صلاة واحدة كتبها الله عشراً، ومن أنفق درهماً أخلفه الله عليه، وكتب له به عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)} ... [البقرة: 245]. فلا يزال العبد رابحاً على ربه في كل طاعة بحياة لا تشبه ما الناس فيه من أنواع الحياة، سعادة في الدنيا، وجنة ورضوان في الآخرة.
- إن الحق سبحانه قد اعتبر النفقة في سبيل الله هي قرض من العبد للرب الخالق الوهاب لكل رزق. وحتى نفهم معنى النفقة أقول: قد قلنا من قبل: إن الكلمة مأخوذة من مادة «النون والفاء والقاف» ، ويقال: نفقت السوق أي انتهت بسرعة وتم تبادل البضائع فيها بالأثمان المقررة لها، ونحن نعرف أن التجارة تعني مقايضة بين سلع وأثمان. والسلعة هي ما يستفاد بها مباشرة. والثمن ما لا يستفاد به مباشرة.
- القرض لا يضيع؛ لأن القرض شيء تخرجه من مالك على أمل أن تستعيده، وهو سبحانه وتعالى يطمئنك على أنه هو الذي سيقترض منك، وأنه سيرد ما اقترضه، لكن ليس في صورة ما قدمت وإنما في صورة مستثمرة أضعافا مضاعفة، إن الأصل محفوظ ومستثمر، ولذلك يقول: {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} إنها أضعاف كثيرة بمقاييس الله عَزَّ وَجَلَّ لا بمقاييسنا كبشر.
- سمى الله هذا الإنفاق قرضًا حسنًا؛ حثًا للنفوس وبعثًا لها على البذل، وحيث جاء هذا القرض في القرآن قيده بكونه حسنًا، وذلك يجمع أمورًا ثلاثة: أحدها: أن يكون من طيب ماله، لا من رديئه وخبيثه. والثاني: أن يخرجه طيبة به نفسه، ثابتة عند بذله؛ ابتغاء مرضاة الله. الثالث: أن لا يمن به ولا يؤذي. فالأول: يتعلق بالمال، والثاني: يتعلق بالمنفق بينه وبين الله، والثالث: بينه وبين الآخذ.
- قال: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ). مع قوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)، فمعنى هذا كله أن جزاءَ اللَّه جلَّ ثناؤُه على الحسنات على التضعيف للمثل الواحد الذي هو النهاية في التقدير في النفوس، ويضاعف الله ذلك بما بين عشرة أضعاف إلى سبعمائة ضعف إِلى أضعاف كثيرة.
- قرض المرء: ما سلف من صالح عمله أو سيئه. وهذه الآية نظيرة الآية التي قال الله فيها تعالى ذكره: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة: 261] .
- عامل اللَّه تعالى بلطفه وكرمه الخلق معاملة من لا حق له في أموالهم، لا كمعاملة العباد بعضهم بعضًا، وإن كان العبيد وأموالهم كلهم له حيث طلب منهم الإقراض لبعضهم من بعض ثم وعد لهم الثواب على ذلك فقال: (فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً).
- أن الله سبحانه وتعالى شبه الأعمال الصالحة والإنفاق في سبيل الله بالمال المقرض، وشبَّه الجزاء المضاعف على ذلك ببذل القرض، وسمى أعمال البر قرضًا؛ لأن المحسن بذلها ليأخذ عوضها فأشبه من أقرض شيئًا ليأخذ عوضه.
- إنَّمَا هُوَ اسْتِدْعَاءٌ إلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ بِأَلْطَفِ الْكَلَامِ وَأَبْلَغِهِ; وَسَمَاهُ قَرْضًا تَأْكِيدًا لِاسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ بِهِ; إذْ لَا يَكُونُ قَرْضًا إلَّا وَالْعِوَضُ مُسْتَحَقٌّ بِهِ.
- سمَّى الخير الذي تقدمه قَرْضاً، مع أنه سبحانه واهب كل النِّعم، وذلك لِيُحنِّن قلوب العباد بعضهم على بعض؛ لأنه تعالى خالقهم، وهو سبحانه المتكفِّل برزقهم.
- سبحانك يا رب! كم أنت كريم! المال مالك، والعبيد عبيدك، ثم أنت سبحانك تستقرضنا من مالك! ماذا تعطينا إذا أقرضناك أموالنا؟ ضاعفت لنا أضعافاً كثيرة.
- أن الله سبحانه وتعالى شبه الأعمال الصالحة والإنفاق في سبيل الله بالمال المقرَض، وشبه الجزاء المضاعف على ذلك ببدل القرض شيئاً ليأخذ عوضه.
- من تصدق بصدقة واجبة أو مستحبة: فقد أقرض الله سبحانه بما أعطاه لعبده.
- إذا أقرضت الله وأعطيت لله فإن الله يضاعف لك الأجر عنده.
- قال أبو الدحداح: إن الله كريم استقرض منا ما أعطانا.
- جعل القرآن الكريم من يقرض أخاه كمن يقرض الله سبحانه - (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) [البقرة 245]، والقرض الحسن ثوابه ثواب الصدقة. أو ثوابه ضعف ثواب الصدقة بحسب حال من يأخذه والمدّة التي يبقى الدين عنده. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت ليلة أن أسرى بي مكتوبا على باب الجنة الحسنة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر." فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل لماذا يزيد أجر القرض عن الصدقة؟ قال: السائل يسأل وعنده الشيء - أما المقترض فيقترض ولا شيء عنده. [البيهقى في السنن] وإمهال المقترض عبادة ثوابها الجنّة "حوسب فيمكن قبلكم رجل فلم يُر في صحيفته خير، إلاّ انه كان يقرض الناس، وكان يقول لعمّاله: إذا رأيتم الرجل معسرا فأمهلوه. قال الله: نحن أحقّ بذلك منه.أدخلوه الجنة. [البخاري أنبياء 45،ومسلم مساقاة ونسائي وأحمد] وهذه الصورة تفسير لقوله تعالى "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدّقوا خير لكم" [البقرة280]، وفي الحديث ((من أقرض أخاه مرّتين كان كالمتصدّق عليه)). والقرض الحسن معناه أنّ المسلم في حاجة أخيه. وقد سمع حديث (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) سمعه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
عدد القراء : 1502