{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238].
{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238].
- وفيها خمسة أقاويل: أحدها: إنها صلاة العصر، وهو قول عليّ، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وأبي أيوب، وعائشة، وأم سلمة، وحفصة، وأم حبيبة. روى عمرو بن رافع، عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت لكاتب مصحفها: إذا بلغتَ مواقيت الصلاة فأخبرني، حتى أخبرك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أخبرها، قالت: اكتب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَهِيَ صَلاَةُ الْعَصْرِ». وروى محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، عن عليّ رضي الله عنه، قال: لم يُصَلِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر يوم الخندق إلا بعدما غربت الشمس، فقال: «مَا لَهُم، مَلأَ اللهُ قُلُوبَهُم وَقُبُورَهُم نَاراً شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ». وروى التيمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصَّلاَةُ الوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ».
- والقول الثاني: إنها صلاة الظهر، وهو قول زيد بن ثابت، وابن عمر. قال ابن عمر: هي التي توجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة. وروى ابن الزبير عن زيد بن ثابت قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحابه منها، قال: فنزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى} وقال: إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين.
- والقول الثالث: إنها صلاة الصبح، وهو قول ابن عباس، وأبي موسى الأشعري، وجابر بن عبد الله، قال ابن عباس يصليها بين سواد الليل وبياض النهار، تعلقاً بقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ولا صلاة مفروضة يقنت فيها إلا الصبح، ولأنها بين صلاتي ليل وصلاتي نهار.
- والقول الرابع: إنها صلاة المغرب، وهو قول قبيصة بن ذؤيب؛ لأنها ليست بأقل عدد ركعات الصلاة، ولا بأكثرها، ولا تقصر في السفر، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها عن وقتها، ولم يعجلها.
- والوجه الْخَامِسُ: إَنَّهَا الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا. قَالَ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ: كُنْتُ عِنْدَ نَافِعٍ مَولَى ابْنِ عُمَرَ، وَمَعَنَا رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، فَقَالَ لَنَا رَجَاءٌ: سَلُوا نَافِعًا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى، فَسَأَلْنَاهُ. فَقَالَ: قَدْ سَأَلَ عَنْهَا عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: هِيَ كُلُّهُنَّ. حَافِظُوا عَلَيْهِنَّ كلهن.
- إنها أفضل الصلوات، ووسط الشيء ووسطاه أفضله، فتكون (الوُسْطَى) بمعنى (الفُضْلَى).
- وفيها قول سادس: أن الصلاة الوسطى صلاة الجمعة خاصة.
- والقول الخامس: أنها إحدى الصلوات الخمس ولا تعرف بعينها، ليكون أبعث لهم على المحافظة على جميعها، وهذا قول نافع، وابن المسيب، والربيع ابن خثيم.
- وفيها قول سابع: أن الصلاة الوسطى صلاة الجماعة من جميع الصلوات.
- وفي تسميتها بالوسطى ثلاثة أوجه: أحدها: لأنها أوسط الصلوات الخمس محلاً، لأنها بين صلاتي ليل وصلاتي نهار. والثاني: لأنها أوسط الصلاة عدداً، لأن أكثرهن أربع وأقلهن ركعتان. والثالث: لأنها أفضل الصلوات ووسط الشيء ووسطاه أفضله، وتكون الوُسْطَى بمعنى الفُضْلَى.
- قوله: والصلاة الوسطى
- [الوجه الأول] اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا، فَأَحَدُهَا: أَنَّهَا الظُّهْرُ. 2373 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا دَاوُدُ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزِّبْرِقَانِ، يَعْنِي: ابْنَ عَمْرٍو الضَّمْرِيِّ، عَنْ زُهْرَةَ، يَعْنِي: ابْنَ مَعْبَدٍ. قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَأَرْسَلُوهُ إِلَى أُسَامَةَ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى، قَالَ: هِيَ الظُّهْرُ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيَهَا بِالْهَجِيرِ.
- والوجه الثَّانِي: أَنَّهَا الْعَصْرُ. 2374 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبِيدَةَ: سَلْ عَلِيًّا عَنْ صَلاةِ الْوُسْطَى فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: كُنَّا نَرَاهَا الْفَجْرَ أَوِ الصُّبْحَ، حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَ الأَحْزَابِ: شَغَلُونَا عَنْ صَلاةِ الْوُسْطَى صَلاةِ الْعَصْرِ. مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَأَجْوَافَهُمْ، أَوْ بُيُوتَهُمْ نارا «1» .
- والوجه الثَّالِثُ: أَنَّهَا الْمَغْرِبُ. 2375 - حَدَّثَنَا أَبِي ثنا أَبُو الْجُمَاهِرِ، أبنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَمِّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صلاة الوسطى المغرب.
- والوجه الرَّابِعُ: أَنَّهَا الصُّبْحُ. 2376 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلانِيُّ الْمِصْرِيُّ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ ابن صَالِحٍ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَعْنِي: مُوسَى بْنَ مَوْهَبٍ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أُمَامَةَ، عَنْ صَلاةِ الْوُسْطَى، فَقَالَ: هِيَ: الصُّبْحُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، نحو ذلك.
- حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ الخمس فِي مواقيتها وَالصَّلاةِ الْوُسْطى يعني صلاة العصر.
- عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ»
- عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ: ((مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَقُلُوبَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَهِيَ صَلَاةُ العصر)) .
- عَنْ مُجَاهِدٍ، {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]: «الصُّبْحِ»
- {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} صلاة العصر. لأنها بين صلاتين في النهار، وصلاتين في الليل.
- عن أم حبيبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال، يوم الخندق: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس.
- قال أبو الحسن وقوله تعالى {والصلاة الوسطى} البقرة 238 هي صلاة الجمعة لأنها أفضل الصلوات.
- ثم قال: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} ومعنى الوسطى: الشريفة.
- الْوُسْطَى تَأْنِيثُ الْأَوْسَطِ، وَوَسَطُ الشَّيْءِ: خَيْرُهُ وَأَعْدَلُهُ.
- دوموا على أفضل الْقرب لتنالوا أفضل العطايا.
عدد القراء : 568