المصارف الإسلامية
المصارف الإسلامية
وماذا يجب أن يُعْرَف عنها
الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري
www.alzatari.org
O
m
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن من أهم ما تميزت به الحياة الاقتصادية المعاصرة وجود المصارف؛ عصب المعاملات المالية، ومسهلة التجارات الداخلية والخارجية.
لذا؛ كان إقبال الناس عليها، غير أنه لَمَّا كانت أهم أعمالها تقديم القروض مقابل فوائد ثابتة، ودفع الفوائد الثابتة على الإيداعات، كان الإشكال الكبير المرتبط بمفهوم إسلامي منهي عنه بالتحريم، ألا وهو الربا الذي آذن القرآن مستحله بحرب من الله ورسوله.
وفي تلمس حكمة تحريم الربا، نلاحظ أن الشريعة الإسلامية أرادت المحافظة على وسيط التبادل ومقياس القيم (النقود) بعيداً عن عبث اللاعبين، وتلاعب المفسدين؛ فمنعت الشريعة بيع النقود لغرض ذاتي بها، على أنها مرادة لذاتها، وإنَّما شُرِع حكم الصرف؛ (مبادلة النقود بالنقود؛ بشرط التقابض في مجلس العقد دون أدنى تأجيل، وإضافة شرط التماثل عند كون النقود من عملة واحدة).
كما شُرِع عقد القرض للتسهيل على الناس في سد احتياجاتهم الاستهلاكية (إعطاء النقود لنفع المحتاج إليها دون أي زيادة عند الوفاء).
في مقابل ذلك شرع الإسلام عقد المشاركات الدائمة أو المحددة الأجل، أو غرض العمل، لسد حاجة الراغب في الحصول على النقود من أجل الاستثمار وتوسيع الأعمال.
ومِن ثَمَّ لا تخضع النقود (الأثمان) لعمليات البيع العادي، ولا لعملية إيجار؛ وذلك لتبقى ميزاناً ومقياساً؛ كالمتر للأطوال، والكيلو متر للمسافات، والكيلو غرام للأوزان، ثابتاً ثبوت قبول الناس له عبر الأزمان.
وتستمر حاجة الناس إلى وجود المصارف، تبعاً للقاعدة الاقتصادية: [لا تنمية بلا اقتصاد، ولا اقتصاد بلا بنوك]، وأضاف الاقتصاديون إلى القاعدة قولهم: ولا بنوك بلا فوائد، وتنجح عقول المفكرين المسلمين بإبداع صيغ تفيد أنه تقوم البنوك بلا حاجة إلى الفوائد، فكانت صيغ العمل في المصارف الإسلامية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في تقديم الخدمات المصرفية، وكذا بتطبيق الصيغ الاستثمارية الشرعية على العقود المعاصرة، ومقاربة الصيغ الخدمية التي أبدعها الفكر الاقتصادي غبر العصور مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وبدأت المسيرة المباركة للمصارف الإسلامية منذ حوالي ثلاثة عقود من الزمن (ثلاثون سنة)، وأثبتت جدارتها النسبية أمام حجم البنوك العامة المنتشرة في أنحاء العالم بلا استثناء، (إن في العدد أو حجم الأصول).
وبدأ عصر تقنيين أعمال المصارف الإسلامية بإصدار القوانين المتخصصة والصادرة عن الجهات الرسمية في الدول العربية والإسلامية، للمحافظة على استقرار أعمال المصارف الإسلامية وتنظم أعمالها.
وكان دور الجمهورية العربية السورية حاضراً في هذا المجال من خلال إصدار قانون إحداث المصارف الإسلامية في عام 2005م، وتُعَدُّ سورية الدولة الثانية عشرة في ترتيب الدول التي أصدرت قوانين تخص المصارف الإسلامية.
ولَمَّا كانت قضية المصارف الإسلامية حديثة العهد في الميدان العملي، وجديدة في الأذهان، فقد طلب عدد من الأخوة أن أبين ـ وبأسلوب سهل وميسر ـ ماهية المصارف الإسلامية، وطبيعة عملها، والأسس الفكرية التي تعتمدها، وطرق الاستثمار وأدوات التمويل، فاستجبت لذلك؛ راجياً من الله العلي القدير أن يلهمنا الصواب في القول والعمل، وأن يتحقق نشر الفكر الاقتصادي المرتبط بوحي السماء؛ بقيم أخلاقية، وضوابط شرعية، تمتيناً للروابط الاقتصادية والاجتماعية بين أبناء المعمورة، بعيداً عن الأنانية المفرطة، وحب الذات.
دمشق في يوم: الجمعة 18 شوال، 1427هـ.
10 تشرين الثاني، 2006م.
د. علاء الدين زعتري
ماذا يجب أن تعرف
عن المصارف الإسلامية؟
ماذا يجب أن تعرف عن المصارف الإسلامية؟
لقد أصبحت المصارف ضرورة من ضرورات العصر الحديث لا يستغني عن خدماتها مجتمع من المجتمعات، أو قطاع من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
تعدُّ المصارف عصب الاقتصاد ومحركه الرئيسي، لأنها تحفظ الأموال، وتحركها، وتنميها، وتسهّل تداولها، وتخطط في استثمارها.
ولا ينكر الدور الإيجابي الذي يلعبه النشاط المصرفي في الخدمات والتمويل والاستثمار.
ولقد نشأت المصارف بأهداف مشروعة ومحمودة، ولكنها تَستَخدم وسائل متعددة يتعارض بعضها مع أحكام الشريعة الإسلامية وأهدافها ومقاصدها.
إن المهمة الأساسية للمصارف هي العمل على تحريك مدخرات ملايين الناس من ذوي الدخول على صورة ودائع وتهيئة هذه الموارد للآلاف من رجال الأعمال لاستثمارها.
ومن هنا أدرك العلماء والفقهاء والمفكرون في هذا العصر ضرورة الاستفادة من النشاط المصرفي ولكن بوسائل مشروعة.
وتسعى المصارف الإسلامية لحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع في جميع الدول العربية والإسلامية، وحتى العالمية.
ويمكن تعريف المصارف الإسلامية بأنها مؤسسات مصرفية لتجميع الأموال وتوظيفها في نطاق الشريعة الإسلامية بما يخدم بناء مجتمع التكافل الإسلامي، وتحقيق عدالة التوزيع، ووضع المال في المسار الإسلامي.
وعرَّفه قانون إحداث المصارف الإسلامية في سورية، بما يأتي([1]):
هو المصرف الذي يتضمن عقد تأسيسه ونظامه الأساسي التزاماً بممارسة الأعمال المصرفية المسموح بها على غير أساس الفائدة أخذاً وعطاءً ووفقاً لصيغ المعاملات المصرفية التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية سواء في مجال قبول الودائع وتقديم الخدمات المصرفية الأخرى أو في مجال التمويل والاستثمار.
هدف المصرف الإسلامي([2]):
أ/ تقديم الخدمات المصرفية وممارسة أعمال التمويل والاستثمار القائمة على غير أساس الفائدة في جميع صورها وأشكالها.
ب/ تطوير وسائل اجتذاب الأموال والمدخرات وتوجيهها نحو المشاركة في الاستثمار المنتج بأساليب ووسائل مصرفية لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
أهداف المصارف الإسلامية:
في سبيل تحقيق رسالة المصرف الإسلامي فإن هناك العديد من الأهداف التي تؤدي إلى تحقيق تلك الرسالة وهي([3]):
الأهداف الاقتصادية:
انطلاقاً من أن المصرف الإسلامي في المقام الأول مؤسسة مصرفية إسلامية تقوم بأداء دور الوساطة المالية بمبدأ المشاركة, فإن لها العديد من الأهداف المالية التي تعكس مدي نجاحها في أداء هذا الدور في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية, وهذه الأهداف هي:
- (جذب الودائع وتنميتها).
يُعَدُّ هذا الهدف من أهم أهداف المصارف الإسلامية حيث يمثل الشق الأول في عملية الوساطة المالية.
وترجع أهمية هذا الهدف إلي أنه يعد تطبيقاً للقاعدة الشرعية والأمر الإلهي بعدم تعطيل الأموال واستثمارها بما يعود بالأرباح على المجتمع الإسلامي وأفراده.
وتُعَدُّ الودائع المصدر الرئيسي لمصادر الأموال في المصرف الإسلامي سواء كانت في صورة ودائع استثمار بنوعيها؛ المطلقة - والمقيدة (أو ودائع تحت الطلب؛ الحسابات الجارية، أو ودائع ادخار؛ وهي مزيج من الحسابات الجارية وودائع الاستثمار.
- (استثمار الأموال) بإيجاد فرص وصيغ عديدة للاستثمار تتناسب مع الأفراد والشركات.
يمثل استثمار الأموال الشق الثاني من عملية الوساطة المالية, وهو الهدف الأساسي للمصارف الإسلامية حيث تعد الاستثمارات ركيزة العمل في المصارف الإسلامية، والمصدر الرئيسي لتحقيق الأرباح سواء للمودعين أو المساهمين.
وتوجد العديد من صيغ الاستثمار الشرعية التي يمكن استخدامها في المصارف الإسلامية لاستثمار أموال المساهمين والمودعين, على أن يأخذ المصرف في اعتباره عند استثماره للأموال المتاحة تحقيق التنمية الاجتماعية.
- شمولية العمل المصرفي.
لقطاعات وأنشطة الاقتصاد؛ زراعة وصناعة وتجارة وخدمات.
- تحقيق الأرباح.
الأرباح هي المحصلة الناتجة من نشاط المصرف الإسلامي, وهي ناتج عملية الاستثمارات والعمليات المصرفية التي تنعكس في صورة أرباح موزعة على المودعين وعلى المساهمين, يضاف إلى هذا أن زيادة أرباح المصرف تؤدي إلى زيادة القيمة السوقية لأسهم المساهمين.
ويُعَدُّ هدف تحقيق الأرباح من أهدافه الرئيسية للمصرف الإسلامي كونه مؤسسة مالية إسلامية, وذلك حتى يستطيع المنافسة والاستمرار في السوق المصرفي, وليكون دليلاً على نجاح العمل المصرفي الإسلامي.
أهداف خاصة بالمتعاملين:
للمتعاملين مع المصرفي الإسلامي أهداف متعددة يجب أن يحرص المصرف الإسلامي على تحقيقها، وهي على النحو التالي:
- تقديم الخدمات المصرفية.
يُعَدُّ نجاح المصرف الإسلامي متميزاً من خلال تقديم الخدمات المصرفية بجودة عالية للمتعاملين, وقدرته على جذب العديد منهم, وتقديم الخدمات المصرفية المتميزة لهم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك النجاح يُكتب للمصارف الإسلامية، ويُعَدُّ هدفاً رئيسياً لإدارتها.
- توفير التمويل للمستثمرين.
يقوم المصرف الإسلامي باستثمار أمواله المودعة لديه من خلال أفضل قنوات الاستثمار المتاحة له عن طريق توفير التمويل اللازم للمستثمرين, أو عن طريق استثمار هذه الأموال من خلال شركات تابعة متخصصة, أو القيام باستثمار هذه الأموال مباشرة سواء في الأسواق (المحلية, الإقليمية, الدولية).
- توفير الأمان للمودعين.
من أهم عوامل نجاح المصارف مدى ثقة المودعين في المصرف.
ومن أهم عوامل الثقة في المصارف توافر سيولة نقدية دائمة لمواجهة احتمالات السحب من ودائع العملاء خصوصاً الودائع تحت الطلب دون الحاجة إلى اللجوء لبيع بعض الأصول الثابتة طلباً للتسييل.
وتستخدم السيولة النقدية في المصارف في الوفاء باحتياجات سحب الودائع الجارية من ناحية، واحتياجات المصرف من المصروفات التشغيلية بالإضافة إلى توفير التمويل اللازم للمستثمرين.
الأهداف الداخلية:
للمصارف الإسلامية العديد من الأهداف الداخلية التي تسعي إلى تحقيقها، منها:
- تنمية الموارد البشرية.
تُعَدُّ الموارد البشرية العنصر الرئيسي لعملية تحقيق الأرباح في المصارف بصفة عامة, حيث أن الأموال لا تدر عائداً بنفسها دون استثمار, وحتى يحقق المصرف الإسلامي، ذلك لا بد من توافر العنصر البشري القادر عل استثمار هذه الأموال, ولا بد أن تتوافر لديه الخبرة المصرفية، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال العمل على تنمية مهارات أداء العنصر البشري بالمصارف الإسلامية عن طريق التدريب للوصول إلى أفضل مستوي أداء في العمل.
- تحقيق معدلات نمو مرتفعة ومتزايدة.
تنشأ المؤسسات بصفة عامة بهدف الاستمرار، وخصوصاً المصارف حيث تمثل عماد الاقتصاد لأي دولة, وحتى تستمر المصارف الإسلامية في السوق المصرفية لا بد أن تضع في اعتبارها تحقيق معدل نمو, وذلك حتى يمكنها الاستمرار والمنافسة في الأسواق المصرفية.
- الانتشار؛ جغرافيا واجتماعياً.
وحتى تستطيع المصارف الإسلامية تحقيق أهدافها السابقة بالإضافة إلى توفير الخدمات المصرفية والاستثمارية للمتعاملين لا بد لها من الانتشار؛ بحيث تغطي أكبر قدر من المجتمع, وتوفر لجمهور المتعاملين الخدمات المصرفية في أقرب الأماكن لهم, ولا يتم تحقيق ذلك إلا من خلال الانتشار الجغرافي في المجتمعات.
أهداف ابتكارية:
تشتد المنافسة بين المصارف في السوق المصرفية على اجتذاب العملاء سواء أصحاب الودائع؛ الاستثمارية, الجارية، أو المستثمرين.
وهي في سبيل تحقيق ذلك تقدم لهم العديد من التسهيلات بالإضافة إلى تحسين مستوى أداء الخدمة المصرفية والاستثمارية المقدمة لهم.
وحتى تستطيع المصارف الإسلامية أن تحافظ على وجودها بكفاءة وفعالية في السوق المصرفية لا بد لها من مواكبة التطور المصرفي وذلك عن طريق ما يلي:
- ابتكار وتطوير صيغ الاستثمار.
حتى يستطيع المصرف الإسلامي مواجهة المنافسة من جانب المصارف التقليدية في اجتذاب المستثمرين لا بد أن يوفر لهم التمويل اللازم لمشاريعهم المختلفة.
ولذلك يجب على المصرف أن يسعى لإيجاد الصيغ الاستثمارية الإسلامية التي يتمكن من خلالها من تمويل المشروعات الاستثمارية المختلفة, بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
- ابتكار وتطوير خدمات مصرفية.
يُعَدُّ نشاط الخدمات المصرفية من المجالات الهامة للتطوير في القطاع المصرفي.
وعلى المصرف الإسلامي أن يعمل على ابتكار خدمات مصرفية لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
ويجب على المصرف الإسلامي ألا يَقتصر نشاطُه على ذلك, بل يجب عليه أن يقوم بتطوير المنتجات المصرفية الحالية التي تقدمها المصارف التقليدية بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
وتهدف المصارف الإسلامية إلى:
- الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في أوجه النشاط والعمليات المختلفة التي تقوم بها واتباع قاعدة الحلال والحرام في ذلك.
- تشجيع الاستثمار وعدم الاكتناز من خلال إيجاد فرص وصيغ عديدة للاستثمار تتناسب مع الأفراد والشركات.
- تقديم البديل الإسلامي لكافة المعاملات المصرفية لرفع الحرج عن المسلمين.
- توفير الأموال اللازمة لأصحاب الأعمال بالطرق المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بغرض دعم المشروعات الاقتصادية النافعة.
- تحقيق تضامن فعلي بين أصحاب الفوائض المالية وأصحاب المشروعات المستخدمين لتلك الفوائض عن طريق المصرف، وذلك بربط عائد المودعين بنتائج توظيف الأموال لدى هؤلاء المستخدمين ربحاً وخسارة.
استراتيجية المصرف الإسلامي([4]):
- يخدم المصلحة العامة.
- وحاجات الاقتصاد الوطني.
- ويراعي استيعاب السوق المصرفية.
الالتزام الأخلاقي في الأنشطة الاستثمارية
يسود الاعتقاد لدى البعض أن المصرف الإسلامي ما هو إلا مجرد مصرف عادي لا يتعامل بالفائدة (الربا) أخذاً أو إعطاءً على أساس أن سعر الفائدة فقط هو الذي يميز مصرف إسلامي عن مصرف غير إسلامي.
والحقيقة أن المصارف الإسلامية تتميز بالتزامها بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية في جميع أعمالها وعملياتها خلافاً للمصارف التقليدية، فهي تمتنع عن التمويل والاستثمار في المشروعات التي يكون غرضها غير مشروع، وهي تجتنب أي تعامل فيه جهالة أو غرر أو غبن أو أكل لأموال الناس بالباطل.
كما أنها تلتزم بالمساهمة في المشروعات والعمليات التي تنتج سلعاً ضرورية للمجتمع من خلال أدوات استثمار مميزة تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع.
وتختلف المصارف الإسلامية في هذا الخصوص عن المصارف العامة (التقليدية)؛ لأنه لا يمكنها أن تقوم بدون الالتزام الأخلاقي في أنشطتها الاستثمارية؛ إذ إن النظام الأخلاقي والنظام الاقتصادي مترابطان تماماً في المفهوم الإسلامي، فهما معاً يؤلفان نشاط الإنسان.
ولا غرابة في ذلك إذا أخذنا في الاعتبار الاختلاف الجذري بين المعيار المستخدم في الشريعة، وهو الحلال والحرام، أو الطيبات والخبائث، أو المصالح والمفاسد بالمنظور الشرعي، وبين المعيار المادي البحت المتبع في الفكر الاقتصادي التقليدي، وهو المنفعة، أو القيمة المادية، أو العائد المضمون لرأس المال نفسه دون أي اعتبار آخر.
ونتيجة ذلك نجد أن الأنشطة الاستثمارية للمصرف الإسلامي تتميز بالتعدد والتنوع خلافاً للمصرف التجاري العام (التقليدي) الذي يكاد ينحصر نشاطه في الاستثمار المصرفي التقليدي المتمثل في الإقراض.
فالمصارف الإسلامية تساهم في توجيه جزءٍ من مواردها في تأسيس منشآت تابعة للقيام بأوجه نشاط مختلفة، أو في الإسهام في منشآت قائمة، أو الاستثمار المباشر في أصول ثابتة أو منقولة،
وتستخدم صيغاً متعددة مثل المرابحة والإجارة والسَّلَم والاستصناع والمشاركات والمضاربة الشرعية وغيرها من الصيغ.
وتتميز هذه المصارف الإسلامية بأن علاقاتها مع العملاء تتخذ أشكالاً متنوعة، فتارة تقوم بدور البائع للسلع، وتارة دور المؤجر أو المستأجر للأصول، وتارة دور البائع أو المشتري في عقود سَلَم وعقود استصناع، وتارة شريكاً مع العميل أو رب المال بما تقدمه من تمويلات لمشروعات محددة.
وبهذا التنوع فإنها تتميز عن المصارف التقليدية التي تنحصر علاقاتها مع العملاء في مجرد علاقة دائن بمدين.
الأخذ بمبدأ المشاركة في الربح والخسارة:
العلاقة لدى المصارف الإسلامية تستبعد عنصر الفائدة (الربا) على الاقتراض والإقراض.
والآلية البديلة التي تستخدمها المصارف الإسلامية هي الاستثمار بالمشاركة ربحاً وخسارة، كسباً أو غُرْمَاً، بدلاً من فائدة ثابتة (ربا) على رأس المال.
فالمصارف الإسلامية تستقبل أموال المستثمرين على أساس المشاركة بالمضاربة من خلال حسابات الاستثمار المشتركة أو المخصصة، ثم تقوم بتوظيف تلك الأموال المتاحة باستخدام صيغ استثمارية متنوعة من أجل تحقيق الربح الذي يتم اقتسامه حينئذ بينها وبين أصحاب حسابات الاستثمار حسب الاتفاق، وتحميل أصحاب الحسابات الاستثمارية الخسارة إن حصلت إلا في حالات تعدي المصرف (الشريك المضارب) أو تقصيره أو مخالفته للشروط؛ فإنه يتحمل ما نشأ بسببها.
وبهذا الأسلوب يلعب المستثمر في المصرف الإسلامي دوراً إيجابياً، فيهتم بمجالات الاستثمار، وبمستوى مخاطر الاستثمار، وبمستوى العوائد المتوقعة، وهو في ذلك كله يختلف عن المستثمر في المصرف التقليدي الذي يلعب دوراً سلبياً ويعتبر مستثمراً نائماً؛ لا يهمه ما يجري من أعمال ونشاط في المصرف سوى الفائدة المحددة سلفاً (الربا) التي سيحصل عليها في نهاية مدة الاستثمار.
فالفرق الجوهري بين المصارف الربوية واللاربوية (الإسلامي) هو في المنطلق الفلسفي، والأساس العقائدي، ولمزيد من الإيضاح أذكر الأغراض الأساسية للمصرف الإسلامي خاصة، وهي:
- أنْ تتوافق معاملاته المصرفية مع أحكام الشريعة، وأنْ يجد البديل الإسلامي للمعاملات من أجل رفع الحرج عن المسلمين، والله عزَّ وجلَّ يقول:} أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً{ [الأنعام: 6/114].
- الحرص على رعاية حقوق الله عزَّ وجلَّ ـ المالك الحقيقي للمال ـ ورعاية مصالح العباد، وتأمين احتياجاتهم، وإشباع رغباتهم، وتقديم الخدمات لهم.
- السعي إلى تنمية القيم العقائدية وتثبيت المبادئ السلوكية الإسلامية، لدى العاملين والمتعاملين مع المصرف الإسلامي، وذلك لتطهير هذا النشاط الاقتصادي الحيوي من الفساد، قال الله تعالى: } أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{ [التوبة: 9/109].
- العمل على تنمية الوعي الادخاري، وتشجيع الاستثمار وعدم الاكتناز، وذلك بإيجاد فرصٍ وصيغٍ للاستثمار تتناسب مع الأفراد والمؤسسات المختلفة، ودليل مشروعية استثمار الأموال قول الله U: } وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ { [البقرة: 2/275]، وقال I:} يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا { [النساء: 4/29].
- توفير رؤوس الأموال اللازمة لأصحاب الأعمال من أفراد ومؤسسات لأغراض المشروعات الاقتصادية كل ذلك وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
- إيجاد التنسيق والتعاون والتكامل بين الوحدات الاقتصادية داخل المجتمع الإسلامي، عملاً بقول الله I: }وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا{ [آل عمران: 3/103]، وقوله U: }وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ{ [المائدة: 5/2].
- المساعدة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب الأمة الإسلامية، بكل السبل المشروعة، ودعم التعاون الإسلامي، وتحقيق التضامن الاقتصادي، والتكافل الاجتماعي.
المميزات والخصائص
للمصارف الإسلامية
المميزات والخصائص للمصارف الإسلامية
إن المصارف الإسلامية تعمل على تلبية متطلبات العصر، ومتطلبات التنمية في المجتمعات الإسلامية، وتلتزم بالأسس الاقتصادية السليمة التي تتفق مع المبادئ الإسلامية.
وتتميز المصارف الإسلامية بالعديد من الخصائص عن المصارف التقليدية من أهمها([5]):
1 - تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في كافة المعاملات المصرفية والاستثمارية.
2 - تطبيق أسلوب المشاركة في الربح أو الخسارة في المعاملات.
3 - الالتزام بالصفات (التنموية, الاستثمارية) في معاملاتها الاستثمارية والمصرفية.
4 - تطبيق أسلوب الوساطة المالية القائم على المشاركة.
5 - تطبيق القيم والأخلاق الإسلامية في العمل المصرفي.
6 - كما تتميز المصارف الإسلامية بتقديم مجموعة من الأنشطة لا تقدمها المصارف التقليدية وهي:
- أ- نشاط القرض الحسن.
- ب- نشاط صندوق الزكاة.
- ت- الأنشطة الثقافية المصرفية.
كما تمتاز بميزات وخصائص، أهمها:
1- الالتزام بالأحكام الشرعية الإسلامية في جميع الأعمال، وذلك يحقق الانسجام بين العقيدة والشريعة، والدين والدنيا، والإيمان والمعاملات والسلوك، فيشعر المؤمن بالراحة النفسية، والطمأنينة الذاتية.
وتَعُدُّ المصارف الإسلامية أعمالَها رسالةً تؤديها في هذه الحياة، كما تَعُدُّها عبادة تتقرب بها إلى الله I في إقامة شرعه في الأرض، وتطبيق دينه، وتجنب المعاصي والمحرمات والكبائر، فأنقذت الأمة الإسلامية من عذابي الدنيا والآخرة.
ولقد جاء نجاح المصارف الإسلامية ردَّاً عملياً على المشككين بالإسلام أولاً، وبالاقتصاد الإسلامي ثانياً، وبالمصارف الإسلامية ثالثاً، التي كانت حتى منتصف القرن العشرين وهماً عند أناس، وحلماً عند آخرين.
2- الاعتماد على نظام المشاركة في الأرباح وتجنب الربا والفائدة.
يقول الدكتور سامي حمود: [ليست قضية الربا هي المسالة المحدودة بالحلال والحرام فحسب، ولكنها قضية الإنسان في تعامله مع رأس المال، أيكون سيداً أم عبداً أمام الدرهم والدينار؟، فإن كان سيداً فهو الشريك مع رأس المال على أساس الغُرم والغُنْم، وإن كان هناك ربح فهو مُقَسَّم بالنسبة التي جرى عليها الاتفاق، وإن كان خسارة فإن العامل يخسر جهده، ومالك المال يخسر ماله، وبذلك يكون البناء العادل السليم]([6]).
وتقوم العلاقة بين الطرفين في الربا على مجرد علاقة "استئجار نقود"، وتجعل الغني يزداد غنىً، والفقير يزداد فقراً، بينما تسعى المصارف الإسلامية إلى تقريب المسافة بين الطرفين، وتسعى لإزالة الضغائن، ومحاربة الأحقاد التي تتولد عن التفاوت الكبير بين الطبقات، وصراع الطبقات، وعدم تراكم الثورة تراكماً مُخْلاًّ.
وتقوم المصارف الإسلامية على أساس المشاركة التي تحقق الربح العادل الذي يتكافأ مع الدور الفعال الذي أداره المال في التنمية الاقتصادية، وتُحَرِّر المسلم من نزعة السلبية التي يَتَّسِم بها المودع لماله انتظاراً للفائدة.
3- تتميز المصارف الإسلامية بالنشاط الاجتماعي والثقافي ومراعاة القيم والأخلاق.
وتحرص المصارف الإسلامية على التعامل مع أصحاب المهن الصغيرة، والحرف الفردية، وصغار التجار بنفس الحرص على التعامل مع كبار التجار، لأن المصارف الإسلامية تؤدي رسالة، وتفتح المجال للمواطن في تنمية موارده المحلية، وزيادة دخل الفرد.
4- وجود الرقابة الشرعية لضمان التقيد بالشريعة والأحكام الفقهية كما سبق.
5- توزع المصارف الإسلامية أرباحها على شكل مكافآت لأعضاء مجلس الإدارة، وأرباح على المساهمين والمودعين، مع الاحتفاظ باحتياطي، ضمن نسب محددة وقواعد مطردة.
القواعد التي يجب أنْ تحكم
عمل المصارف (الإسلامية)
الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي([7])
ضابط العقيدة
إن الإيمان لا يكون مجرد نطق باللسان, وإنما هو عقيدة تملأ القلب وتعمره, فتصدر عنها آثارها كما تصدر عن الشمس أشعتها.
ومن آثار الإيمان وثماره: أن يكون الله ورسوله أحب إلى المرء من كل شيئ, وأن يظهر ذلك في أقواله, وتصرفاته, وأخلاقه.
إن ثمرة العقيدة السليمة والإيمان الكامل يُكَوِّن قوة دافعة لكل سلوك خير للإنسان, بدءاً من جهاد النفس ومغالبة الهوى والانتصار عليهما, ثم الجهاد بكل وسائله لإعلاء كلمة الله ومنع الظلم والفساد في الأرض, وانتهاءاً بإماطة الأذى عن الطريق، وما بينهما من كل أمر بمعروف وكل نهى عن منكر.
ولعل من ثمار الإيمان والآثار ما يلي:
- - الإيمان يحرر النفس من سيطرة الغير؛ أشخاصاً أو ماديات.
2 - الإيمان يقتضي الاعتقاد بأن الله هو الرازق، وأن الرزق لا يعجل به حرص حريص, ولا يرده كراهية كاره.
3 - والإيمان يرفع من قوى الإنسان المعنوية، ويربطه بمثل أعلى من عند الله, وبهذا يسمو الإنسان عن الماديات, ويرتفع عن الشهوات, ويستكبر عن لذائذ الدنيا, ويرى أن الخير والسعادة في النـزاهة والشرف, وتحقيق القيم الصالحة, ومِن ثَمَّ يتجه الإنسان تلقائياً لخير نفسه, ولخير أمته, وخير الناس جميعاً.
4 - والحياة الطيبة يعجل الله بها للمؤمنين في الدنيا قبل الآخرة، قال تعالى: ]وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ[ [النحل: آية 30]، وقال تعالى: ]مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ[ [النحل: 97]، وقال سبحانه: ]وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ[ [الأعراف: 96].
5 - إن الخالق سبحانه وتعالى والموجد لكل النعم والطيبات، وهو المالك الأول والأصيل لها ولكل شيء في ملكوت السماوات والأرض، قال تعالى: ]وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[ [المائدة: 17]، وقال تعالى: ]تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ[ [الملك: 1ـ 2].
والله سبحانه مالك هذا الكون قد سخره لخدمة الإنسان, ووهبه من الوسائل والأدوات ما يعينه على الانتفاع بما فيه من نعم وطيبات, واكتشاف ما فيه من قوى وطاقات, واستغلال ذلك كله لنفع المخلوقات.
6- لقد خلق الله البشر واستعمرهم في الأرض، وأن الأرض بما فيها مسخرة لهم مذللة بإذن ربهم, بعد الأخذ بالأسباب المخلوقة لهم, ومن ثَمَّ فإن حقوق البشر وواجباتهم حددها الله سبحانه عندما طلب منهم إعمارها, قال تعالى: ]هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا[[هود: 61].
ضوابط القواعد الكلية
القاعدة الفقهية: هي الأمر الكلي المنطبق علي جميع جزئياته, بمعنى أن يندرج تحت هذا الأمر الكلي مجموعة من الأحكام المتشابهة, التي يمكن إرجاعها إلى أصل واحد.
وقد رصد الفقهاء عدداً كبيراً من القواعد الكلية وفيما يلي بيان أهم تلك القواعد:
- القاعدة الأولى: الأمور بمقاصدها.
- القاعدة الثانية: لا ثواب إلا بالنية.
- القاعدة الثالثة: المشقة تجلب التيسير.
- القاعدة الرابعة: الضرر يزال.
- القاعدة الخامسة: الغنم بالغرم.
- القاعدة السادسة: العادة محكمة.
- القاعدة السابعة: اليقين لا يزول بالشك.
- القاعدة الثامنة: الخراج بالضمان.
ويلاحظ أن القاعدة الثانية ذات شبه بالقاعدة الأولى, وكلاهما دليلهما قول رسول الله r: "إنما الأعمال بالنيات, وإنما لكل إمرئ ما نوي ...". الحديث.
1 - قاعدة الأمور بمقاصدها:
وتعني أن كل قول أو عمل إنما هو بالمقصد والهدف الذي يريد صاحبه أن يحققه, أو بالغاية التي يريد الوصول إليها من وراء قوله أو عمله, فإذا تكلم أو تحرك, فالعبرة من كلامه أو حركته بما يقصد أو يريد, وبعبارة أخرى تقاس الأعمال والأقوال بمقياس النوايا الحسنة أو السيئة للفاعل أو القائل.
إن أهمية المقاصد واضحة في حياة الناس, فهي التي تميز أعمالهم وأقوالهم عن غيرهم, ولا شك أن عمل الإنسان إنْ صَاحَبَتْه النية الحسنة والمقصد الحميد كان صاحبه مثاباً عليه.
أما إنْ صَاحَبَتْه النية السيئة والمقصد الخبيث كان معاقباً عليه, مع أن العمل في الحالين واحد.
فالعقود إذا قصد من إبرامها قصداً مشروعاً كان العقد صحيحاً.
أما إذا كان القصد من إبرامها غير مشروع كان العقد باطلاً.
2 - قاعدة التيسير ورفع الحرج :
والمراد من التيسير التسهيل بحيث تكون الأحكام الشرعية في مقدور المكلف, بمعنى أن يقوم بها من غير عسر أو حرج أي بدون مشقة.
والمراد من الحرج الضيق, فإذا صار العبد في حالة لا يستطيع معها القيام بالعبادة على النحو المعتاد فإن الله سبحانه وتعالي يرخص له في أدائها حسب إستطاعته, وفي هذا رفع للحرج عن العباد.
وقد عبر العلماء عن هذه القاعدة بقولهم: (المشقة تجب التيسير).
وكلمة المشقة المقصودة هي تلك التي لا تكون معتادة للفرد, وتخرج عن حدود الاستطاعة, ذلك أنه من المعلوم أن كل تكيف لا يخلو من مشقة عند القيام بتنفيذه, ولكن الفرق كبير بين المشقة التي في وسع الإنسان القيام بها وتلك التي يعجز عن تحملها, والأخيرة هي التي تكون سببا في جلب التيسير من الشارع الحكيم؛ إذ يقول الله عزَّ وجلَّ: ]لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا[ [البقرة: 286]، ويقول سبحانه: ]وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[ [الحج: 78]، وقال رسول الله r: "إن الدين يسر ولن يُشَادَّ الدين أحدٌ إلا غَلَبَه".
ففي مجال المعاملات نجد القاعدة مطردة حيث جعل الله سبحانه باب التعاقد مفتوحاً أمام العباد وجعل الأصل فيها الإباحة, ولم يضع من القيود إلا تلك التي تمنع الظلم أو تحر م أكل أموال الناس بالباطل .
3 - قاعدة الضرر يزال :
ومعناها أن الله عز وجل قد شرع لعباده الأحكام التي تصلح أحوالهم في الدنيا والآخرة, وتزيل عنهم كل ما يضر به أو يؤذيهم, فإذا وقع الإنسان في حالة من الضرر الشديد, جاز له على سبيل التخلص من الضرر أن يلجأ إلى الوسيلة التي يتفادى بها ما جلبه من ضرر .
فمثلاً:حرم الله التعدي على حقوق الغير, سواء بالاستعمال أو الإتلاف, ولكن إذا توقفت حياة إنسان على أخذ شيء من مال غيره, فإنه يعتبر في حالة ضرورة تبيح له أن يتناول من مال الغير بالقدر اللازم لدفع الهلاك وإزالة الضرر, مع إلتزامه بتعويض صاحب المال عند الميسرة.
وأصل القاعدة ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله r قال: "لا ضرر ولا ضرار".
ومعنى (لا ضرر) أي: لا يضر الإنسان أخاه فينقص شيئاً من حقه.
ومعنى (لا ضرار) أي: لا يجاريه على إضراره بإدخال الضرر عليه.
ويمكن القول: الضرر هو الابتداء بالفعل, والضرار هو الجزاء عليه.
وقد تفرعت عن هذه القاعدة قواعد كلية أخرى، منها:
(1) الضرورات تبيح المحظورات: وتطبيقاً لها جاز للمضطر أن يأكل الميتة, وجاز رفع العقاب عن المكره, وجاز للمعتدي عليه أن يدافع عن نفسه.
(2) الضرورة تُقَدَّر بقَدْرِها: فلا يجوز للمضطر أن يتناول من المحرمات إلا بالقدر اللازم لإنقاذ نفسه من الهلاك, كما لا يجوز للمعتدي عليه أن يتجاوز القدر اللازم لرد العدوان.
(3) الضرر لا يزال بالضرر: لأن إزالة الضرر بمثله يعتبر إيقاعاً بالضرر على الغير، وهو في الأصل غير جائز.
4 - قاعدة اليقين لا يزول بالشك :
ومعناها: إبقاء الحكم على ما كان عليه حتى يقوم الدليل علي تقييده أو انتفائه, فالحال القائم يقين مبني على دليل، والحال المطلوب الانتقال إليه يحتاج إلى دليل أقوى.
وأساس القاعدة ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله r: "إذا شَكَّ أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلي, ثلاثاً أم أربعاً؟, فليطرح الشك, وليبن علي ما استيقن".
ويتفرع عن هذه القاعدة قواعد فرعية منها:
(1) الأصل بقاء ما كان على ما كان: فمَن تَيَقَّن الحلال وشَكَّ في الحرام فهو في الحلال, ومَن تَيَقَّن الحرام وشكَّ في الحلال فهو في الحرام.
(2) الأصل براءة الذمة: فمَن ادعي أنه دائن لشخص بمبلغ معين, فلا عبرة من الادعاء المجرد، وإنما لا بد من الإثبات, فإذا لم يُقَدِّم الأدلة المثبِتَة للدين, فالأصل براءة ذمة المدعى عليه.
(3) الأصل في الأشياء الإباحة حتى يقوم الدليل على التحريم.
5 - قاعدة العادة مُحْكَمَة :
والعادة: هي ما اعتاده الناس وجرى عليه العرف بينهم في مكان معين وزمان معين لفعل معين.
وتحكيم العادة لا يكون إلا إذا انعدم وجود مصدر أقوى منه من ناحية التشريع حيث لا يوجد نص من قرآن أو من سنة ولا يوجد إجماع.
وقد أخذ الفقهاء دليل تحكيم العرف ما رواه أحمد من قول ابن مسعود: "ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن"، وقد اشترط الفقهاء له شروطاً، منها:
- أ- أن يكون العرف شائعاً معتاداً وغالباً أي ليس نادراً.
- ب- ألا يكون مخالفاً لما اشترطه أحد المتعاقدين عند التعاقد.
- ت- أن يكون العرف سابقاً أو مقارناً لزمن التعاقد.
- ث- ألا يخالف نصاً من الكتاب والسنة، أو حكماً فيه إجماع, فالعرف من المعروف وما جرى على خلاف ما سبق فهو من المنكرات التي يتحتم تغييرها.
ومن أمثلة المنكرات التي شاعت وقد يتصور البعض أنها أصبحت عرفاً مُحَكَّماً (المعاملات الربوية), وخروج النساء بثياب غير محتشمة, وتعاطي المسكرات في محلات خاصة, وانتشار محلات للهو المخالف لحدود الشرع, وغير ذلك من الأفعال والأموال التي حرمها الله وأفرط البعض فيها.
وعلى ذلك فإن العرف قسمان:
القسم الأول: عرف فاسد لا يؤخذ به.
والقسم الثاني: عرف صحيح يؤخذ به، ويعتبر الأخذ به أخذا بأصل من أصول الشرع, وقال العلماء في هذا العرف الصحيح: أن الثابت بالعرف ثابت بدليل شرعي.
6 - قاعدة الغُنْم بالغُرْم:
ويقصد بها: أن الحق في الحصول على النفع أو الكسب (العائد أو الربح) يكون بقدر تَحَمُّل المشقة أو التكاليف (المصروفات أو الخسائر أو المخاطر).
وبعبارة أخرى فإن الحق في الربح يكون بقدر الاستعداد لتحمل الخسارة.
وهذه القاعدة تمثل أساساً فكرياً قوياً لكل المعاملات التي تقوم على المشاركات والمعاوضات, حيث يكون لكل طرف فيها حقوقاً تقابل أو تعادل ما عليه من التزامات.
على أن الالتزامات تكون على ثلاثة أنواع هي:
- التزام بمال.
- أو التزام بعمل.
- أو التزام بضمان.
وهذه هي الأسباب الثلاثة التي تسبب لصاحبها الحق في الحصول على الربح أو الغنم علي ما اتفق عليه العلماء.
ومن ثَمَّ فإن لهذه القاعدة أهمية كبيرة في المعاملات المصرفية الإسلامية, حيث تؤثر في أمرين أحدهما:
أن يحصل المصرف على ربح أو عائد أو عوض من حيث الأصل.
وثانيهما: تحديد النسبة أو المقدار أو القيمة التي يحصل عليها.
7 - قاعدة الخراج بالضمان :
ويقصد بها: أن مَن ضَمِن أصلَ شيء جاز له أن يحصل على ما تولد عنه من عائد.
فبضمان أصل المال, يكون الخراج (أي ما خرج منه) المتولد عنه جائز الانتفاع لِمَن ضمن؛ لأنه يكون ملزماً باستكمال النقصان المحتمل الحدوث - إن حدث - وجبر الخسارة إن وقعت.
ولهذه القاعدة علاقة بالقاعدة السابقة, لأنها قد تدخل تحتها من حيث أن الخراج (غُنْم) والضمان (غُرْم).
ولا يخفي أن لهذه القاعدة أثر كبير في الأعمال المالية والمصرفية حيث تؤثر في عملية توزيع النتائج المالية في المصارف الإسلامية.
ضوابط الأحكام الشرعية
يقصد بالأحكام الشرعية: خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بأداء فعل ما أو الانتهاء عنه، أو التخيير بين هذا وذاك.
ومن ثَمَّ كانت الأحكام الشرعية التكليفية خمسة أحكام هي: الواجب, والمندوب, والمباح, والمكروه, والحرام.
وفيما يلي تعريف موجز بكل منها:
(1) الواجب:
هو: الأمر الذي طلبه الشارع على وجه اللزوم فعله, بحيث يأثم تاركه.
والواجب والفرض مترادفان عند جمهور الفقهاء.
والأحكام الواجبة نوعان:
أحدهما: واجب عيني يوجه فيه الطلب بالفعل إلي كل إنسان مكلف.
وواجب كفائي: يوجه خطاب التكليف إلى الجماعة كلها, فإذا قام البعض بالفعل سقط عن الباقين مثل: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وغيرها.
(2) المندوب:
هو: ما طلب الشارع فعله طلباً غير لازم.
أو هو ما يثاب فاعله, ولا يعاقب تاركه.
أو هو الراجح فعله مع جواز تركه.
ويسمى (النافلة), أو (السنة), أو (التطوع), أو (المستحب).
وينقسم المندوب إلى ثلاثة مستويات، هي:
سنة مؤكدة.
وسنة غير مؤكدة.
وسنة دون المرتبتين (وهي ما ترتبط بالعادات ولا علاقة لها بالتبليغ عن الله وبيان شرعه) .
قال الشاطبي: (المندوب خادم للواجب؛ لأنه مقدمة له أو تذكار به.
والمندوبات بمنـزلة الحمي والحارس للواجبات).
والمندوب غير لازم بالجزء أي على مستوى الإنسان المكلف, ولكنه لازم بالكل (على مستوى الجماعة المسلمة) مثل: الأذان, وصلاة الجماعة, والنكاح (الزواج) فإنها مندوبات على مستوى الفرد الواحد, لكن الجماعة المسلمة تأثم إن تركتها؛ إذ إنها واجبة بالكل.
(3) المباح:
هو: تلك الأمور التي تركها الشارع الحكيم دون أمر أو نهي, فالإنسان فيها مُخَيَّر بين الفعل أو الترك.
وتثبت الإباحة بأحد أمور ثلاثة:
- أ- إما بنفي الإثم.
- ب- أو بعدم النص على التحريم.
- ت- أو بالنص على الحل.
وقد جعل الله عزَّ وجلَّ نطاق الأفعال المباحة متسعاً؛ تيسيراً على البشر.
والأمور المباحة لا ثواب فيها على الفعل, ولا إثم فيها على الترك, ويكون لإعمال النية شأن في تحصيل الثواب في الأعمال المباحة.
(4) المكروه:
هو: تلك الأمور التي طلب الشارع الحكيم الكف عنها طلباً غير لازم؛ بأن كان منهياً عنها, واقترن النهي بما يدل على أنها لم يقصد به التحريم.
ومِن ثَمَّ يكون ترك هذا الأمر مستحباً مثاباً عليه, وإن تم الفعل فلا إثم عليه.
(5) الحرام:
هو: ما طلب الشارع الكف عن فعله على وجه الحتم واللزوم, سواء كان الدليل الذي أوجب اللزوم قطعياً أو ظنياً.
وإن كان فقهاء الحنفية يفرقون بين نوعين, فيعتبرون أن (الحرام) هو ما ثبت بدليل قطعي, أما ما ثبت بدليل ظني فيطلقون عليه (مكروه تحريماً).
والحرام هو أمر يكون ضاراً ضرراً لا شك فيه, وينقسم إلى نوعين:
المحرم لذاته: وهو ما يكون ضرره ذاتياً، مثل: أكل الميتة، وشرب الخمر، وفعل الزنا وارتكاب السرقة وأكل الربا وغيرها مما يمس الضروريات الخمس.
فالمحرم في ذاته يمس الضروري في واحد من الأمور الخمسة: (الدين, العقل, النفس, النسل, المال).
المحرم لغيره: وهو الذي لا يكون النهي عنه لا لذاته، ولكن لأنه يفضي إلى محرم ذاتي؛ كالنظر إلى عورة المرأة, فهو محرم لأنه يفضي إلى الزنا, والاستقراض بفائدة لأنه يؤدي إلي الربا الذي هو محرم لذاته.
الضوابط للمؤسسات كما هي للأفراد:
إن آثار الضوابط المذكورة على أعمال المؤسسات المصرفية كبيرة, حيث تكون كل معاملاتها في نطاق هذه الضوابط, أي في إطار المشروعية الإسلامية ويخضع لها جميع الأنشطة والأعمال كما تخضع لها المقاصد والأهداف والغايات, والسياسات والنظم والإجراءات.
لذلك يمكن أن نحدد أهم تلك الآثار فيما يلي:
(1) تأثير في صياغة الأهداف والمقاصد والأولويات :
حيث تصاغ بالشكل الذي لا يتعارض مع الضوابط الشرعية, ويحقق الفهم الكامل للأولويات الإسلامية للأمة دون التضحية بمصالح الأفراد, وهي موازنة تقوم على فهم مراتب المصلحة المعتبرة شرعاً (من ضروريات وحاجيات وتحسينات).
(2) تأثير في الإدارة الكلية لموارد المؤسسة المصرفية:
بحيث تحقق أفضل النتائج من حيث حسن استغلال للموارد البشرية والمادية (مالية أو غير مالية), فتستخدم من أساليب الإدارة والقيادة ما لا يتعارض مع الضوابط الإسلامية سواء تعلق ذلك بقواعد إجارة الأفراد, وتوظيفهم والتعامل معهم، وتحفزهم وإثابتهم وعقوبتهم وغير ذلك من سياسات الموارد البشرية, فتظهر المشاركة الإدارية, والعدالة, وتكافؤ الفرص, والتنمية المعرفية والمهارية, والمبادرات الذاتية, والرقابة الذاتية, والإنتماء للمجتمع والاعتزاز بالوطن, مما يجعل روح التنظيم مشبعة بجو من التضامن والتكاتف والحرص المشترك علي النجاح وتلافي السلبيات.
(3) تأثير في نظم وإجراءات العمل والعقود والنماذج:
حيث تصاغ جميعها في ضوء الأساس الفقهي والفني المنضبط والخادم للأهداف، وفي إطار من العقود الشرعية التي تحكم المعاملات المصرفية.
وهنا يجدر القول أنه لا يجب أن توجد معاملة في المصرف الإسلامي بغير تكييف شرعي يحكمها, سواء كان ذلك في إطار عقد شرعي ورد في المراجع الفقهية (من العقود المسماة) أو عقد تم تخريجه في إطار القواعد العامة الشرعية للعقود.
(4) تأثير في مجالات التوظيف والخدمات:
إذ يجب ألا تكون أنشطة التوظيف والاستثمار والخدمات من بين المجالات المحرمة أو المكروهة, وإنما تكون في نطاق المجالات المباحة شرعاً أو المندوبة أو الواجبة.
ويكون التنويع بينها التزاماً ينبني على الاستطاعة.
ومن الأمثلة على المجالات والسلع والخدمات المحرمة والمكروهة:
1 - تجارة وصناعة الخمور والمسكرات والمخدرات وكل ما يأخذ حكمها, ويدخل في دائرة نشاطها من خدمات نقل وتوزيع وتقديم.
2 - تربية وتجارة الخنازير والصناعات والخدمات المرتبطة بلحومها أو مكوناتها.
3 - نوادي القمار والميسر وما يشبهها ويأخذ حكمها.
4 - النوادي الليلية والمراقص.
5 - المحلات والنوادي المخصصة للهو غير المباح المرتبط بمحرمات ومفاسد وكلاهما قرين الآخر لا ينفك عنه.
(5) تأثير في الأساليب والوسائل المتبعة في التوظيف والخدمات:
يجب ألا تكون من بين الأساليب والوسائل المحرمة أو المكروهة, والتي نذكر من أمثلتها :
1 - التعامل بالفوائد الثابتة في نشاط الإيداعات والقروض فهو من الربا المحرم.
2 - التعامل بالبيوع المنهي عنها شرعاً.
3 - المعاملات التي يصاحبها الغرر والجهالة.
4 - المعاملات التي تؤدي إلى احتكار السلع وحبسها عن التداول.
5 - المعاملات التي يكتنفها غش وخداع وكذب وتدليس ورشوة.
6 - بخس الأثمان أو التلاعب فيها.
7 - التلاعب في الموازين والمكاييل.
(6) تأثير في كيفية توزيع النتائج:
يتم توزيع نتائج النشاط في المؤسسة المصرفية الإسلامية في إطار العدالة بين الأطراف التي ساهمت في تحقيقها على أساس قاعدتي: (الغُنْم بالغُرم) و(الخراج بالضمان)، وفي إطار العلاقات الشرعية بين البنك والمودعين بغرض الاستثمار, وكذا بينه وبين الحاصلين علي تمويل بصيغ مختلفة.
(7) تأثير في التزام المؤسسة المصرفية الإسلامية بالمسئولية الاجتماعية والأخلاقية:
يلتزم المصرف الإسلامي بأداء الزكاة المفروضة على المال النامي في كل عام مرة، والمستحقة شرعاً على مُلاَّك هذا المال (مساهمين أو مودعين) والذين يُفَوِّضُون البنك أو يأذنون له بأداء ذلك نيابة عنهم.
وتصرف الزكاة في مصارفها الشرعية, وكذلك الصدقات والتبرعات, وما قد يقرره ولي الأمر من إنفاق إضافي لصالح المجتمع المسلم.
ضوابط المقاصد الشرعية
مقاصد الشرع من الخلق خمسة مقاصد, هي أن يحفظ عليهم دينهم، وأنفسهم, وعقلهم، ونسلهم، ومالهم.
فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول فهو مصلحة, وكل ما يفوت هذه الأصول الخمسة فهو مفسدة, ودفعها مصلحة.
وهذه هي المصلحة المعتبرة شرعاً التي تعمل في إطار المحافظة على هذه الأصول الخمسة وصيانتها.
وقد قرر العلماء أن الأحكام الشرعية هي وعاء المصالح الحقيقية, وأن المصلحة المقصودة ليست مرتبة واحدة لكنها على ثلاث مراتب.
المرتبة الأولى: الضروريات
وهي التي لا تتحقق وجوه المصلحة المذكورة إلا بها.
فالضروري بالنسبة للنفس هو المحافظة على الحياة, والمحافظة على الأطراف, وكل ما لا يمكن أن تقوم الحياة إلا به.
والضروري بالنسبة للمال هو ما لا يمكن المحافظة عليه إلا به.
وكذلك بالنسبة للنسل.
وفي الجملة فإن دفع كل ما يترتب عليه فوات أصل من الأصول الخمسة المذكورة يُعَدُّ ضرورياً, وقد شَدَّد الشارع الإسلامي في حمايته, وأعطاه زيادة من التأكيد, وأنه إذا ترتب حفظ الحياة على فوات أمر محظور أباح الشارع تناول المحظور, بل أوجبه إذا لم يكن فيه اعتداء على أحد, ولذا أوجب على المضطر أن يدفع الفائدة الربوية, تحت قاعدة: (الضرورات تبيح المحظورات).
المرتبة الثانية : الحاجيات
وهي التي لا يكون الحكم الشرعي فيها لحماية أصل من الأصول الخمسة, بل يقصد منه دفع المشقة أو الحرج أو الاحتياط لهذه الأمور الخمسة, كتحريم بيع الخمر, لكيلا يسهل تناولها, وتحريم رؤية عورة المرأة, وتحريم تلقي الركبان, وتحريم الاحتكار, والاحتيال, ومن ذلك إباحة كثير من العقود التي يحتاج إليها الناس, كالمزارعة والمساقاة, والسَّلَم, والمرابحة والتولية .
المرتبة الثالثة : التحسينيات
وهي الأمور التي لا تحقق أصل هذه المصالح, ولا الاحتياط لها, ولكنها ترفع المهابة, وتحفظ الكرامة, وتحمي الأصول الخمسة.
ومن ذلك بالنسبة للنفس حمايتها من الدعاوى الباطلة والسب, وغير ذلك مما لا يمس أصل الحياة, ولا حاجيات من حاجياتها, ولكن يمس كمالها ويشينها, وذلك يلي المرتبتين السابقتين.
ومن ذلك بالنسبة للأمور المالية تحريم التغرير والخداع والنَّصْب؛ فإنه لا يمس المال ذاته, ولكنه يمس إرادةَ التصرف في المال عن بَيِّنَةٍ ومعرفة, وإدراكٍ صحيح لوجوه الكسب والخسارة, فهو لا اعتداء فيه على أصل المال, ولكن الاعتداء على إرادة المتصرف.
وأركَّز على المحافظة على المال:
ويكون ذلك بمنع الاعتداء عليه بالسرقة والغصب ونحوهما.
وتنظيم التعامل بين الناس على أساس العدل والرضا.
وبالعمل على تنمية المال ووضعه في الأيدي التي تصونه وتحفظه، وتقوم على رعايته, فالمال في أيدي الآحاد قوة للأمة كلها.
ولذا وجبت المحافظة عليه بتوزيعه بالقسطاس المستقيم.
وبالمحافظة على إنتاج المنتجين، وتنمية الموارد العامة.
ومنع أن يؤكل المال بين الناس بالباطل وبغير الحق الذي أحله الله تعالى لعباده.
ويدخل في المحافظة على المال كل ما شرع للتعامل بين الناس من بيوع ومشاركات وإجارات وغيرها من العقود التي يكون موضوعها المال.
القواعد التي يجب أنْ تحكم عمل المصارف (الإسلامية)
إنَّ القواعد الشرعية الكلية هي: أوامر ونواهٍ ومباحات.
- فالأوامر: هي: الدافع والمثير للأعمال، ومهمتها جلب المصالح للفرد وللجماعة، ومن هذه الأوامر: العمل والإنتاج، الالتزام بالعقود، الزكاة، الإنفاق ….
- والنواهي: هي: الكابح والخط الأحمر الذي لا يجوز تجاوزه، ومهمتها: درء المفاسد عن الجماعة والفرد، ومن هذه النواهي: الغـش([8])، والغـرر([9])، والكذب([10])، والخيانة([11])، والاستغلال، والربا([12])، والاكتناز([13])، والإسراف([14])، والتبذير([15])، والنَّجْش([16])، والاحتكار([17])، ونحو ذلك.
- و المباحات، هي: المساحة الحرة التي تركها الشارع الحكيم دون أمر صريح ولا نهي صريح، من أجل أنْ يكون للإنسان سعة ويسراً بغية تحقيق المصالح الشرعية المعتبرة؛ طبقاً للقاعدة الفقهية: (الأصل في الأمور الإباحة).
بعد معرفة القواعد الرئيسة التي تحكم عمل المصارف، ماذا يفعل المسلمون في واقع مؤسسات مالية اسمها (المصارف)؟ هل ينبذونها ويَدْعُون لهدمها وبناء مؤسسات جديدة قائمة على القواعد الشرعية، أم يقومون بتعديل وتطويع وتطوير أعمال تلك المؤسسات لتصبح شرعية مقبولة؟.
إنَّ دعوات النبذ والهدم والترك والبعد عن المصارف الموجودة ـ الربوية ـ دعوات شفهية غير مكتوبة ضمن بحوث علمية قيمة، ولعل أصحابها متأثرون عاطفياً، ولا يرغبون بالتعديل التدريجي الذي قد يستغرق أجيالاً.
ولم يعد الأمر مقتصراً على الجانب النظري، بل بدأت الدول الإسلامية بتطويع أعمال مصارفها لتكون مصارف إسلامية، وما تجربة إيران وباكستان والسودان وماليزية عنا ببعيدة.
وأخيراً وليس آخراً فقد تم تحوُّل المصارف إلى إسلامية في إمارة الشارقة عام (2002م) وكذا مشروع التحول في الكويت بدءاً من شهر مارس (آذار 2003م)، وفي السعودية بدأ تنفيذ برنامج: (العمليات المصرفية القائمة على الربح والخسارة) الذي تقوم بعبئه مؤسسة النقد العربي السعودي، وكذا صدور قانون المصارف الإسلامية في لبنان عام 2004م، وفي سورية عام 2005م.
والأمل في أنْ تنتشر تجارب المصارف الإسلامية في كل الدول الإسلامية على مستوى الدول والحكومات، بعد أنْ ظهرت عملياً على مستوى الأفراد والجماعات.
وعن مسألة التطوير والتَّحَوُّل وإمكانية التطويع، يقول الدكتور سامي حمود: [إنَّ مسألة تطوير هذه الأعمال ـ المصرفية ـ وتطويعها لأحكام الشريعة الغراء لا تبدو أمراً عسير المنال، ذلك أنَّ الوسائل ـ كما هو معروف ـ تكون غالباً متعددة، كالمسافر من بلد لأخر، يجد عدة بدائل: سيراً على الأقدام، أو بالحافلة، أو بالقطار أو بالطائرة … مما يساعد على تَخَيُّـرِ الوسيلة الملائمة - للعصر واحتياجاته - لتحقيق ذات الغاية، المقبولة شرعاً التي يمكن بلوغها بوسيلة أخرى مقبولة في النظر الشرعي الحكيم]([18]).
ويتابع الدكتور سامي بقوله: [إنَّ الانتقال بالأعمال المصرفية من واقعها القائم حالياً … إنَّما يعتمد على البحث عن الوسائل البديلة لتحقيق الغايات المقصودة بما يتلاءم وشريعة العدل الإلهي العظيم، فالدنيا منذ أنْ عمرها الإنسان لازالت تتبدل في الوسائل وتتغير رغم بقاء الغايات والأهداف]([19]).
المصارف
النشأة والتاريخ
المَصَارِف: النَّشأةُ وَالتَّارِيخ
مما لا شَكَّ فيه أنَّ المصارف كمؤسسات اقتصادية، لم تظهر إلا في العصر الحديث، إلا أنَّ المدقق في التاريخ الإنساني يتلمس بعض الأعمال المصرفية في العصور التاريخية القديمة، مما يدل على أنَّ الحاجة الإنسانية لهذه الأعمال قد برزت وتطورت تبعاً لاستعمال النقود كوسيط في المبادلات.
وفيما يأتي جولة تاريخية سريعة للأعمال المصرفية عند السومريين والبابليين والإغريق والرومان:
فعند السومريين: كان ((المعبد الأحمر)) من أشهر المعابد التي باشرت النشاط المصرفي([20]).
وعند البابليين: اكتشفت كتابات أثرية ساعدت على إمكانية التعـرف على بعض جوانب النشاط المصرفي لدى البابليين.
وعند الإغريق: قامت المعابد والهيئات والشركات الخاصة بأعمال قبول الودائع، وإعطاء القروض، وفحص العملة واستبدالها، وإجراء الحوالات بين المدن لتجنب نقل النقود([21]).
وعند الرومان: أخذ الرومان فن العمل المصرفي عن الإغريق، ثم انتشر هذا الفن بواسطة الرومان في معظم أرجاء العالم القديم، تبعاً لاتساع دائرة نفوذهم([22]).
خصائص الأعمال المصرفية في العصور القديمة
1 - يُلاحَظ أنَّها كانت متشابهة، في ظروف نشأتها وانتشارها وانتعاش العمل بها، وقد ازدهرت في المجتمع الآمن، وكان لها حماية.
2 - يغلب عليها صفة الأعمال الخدمية وليس الأعمال الاستثمارية.
3 - وقد انتهت تلك الأعمال وانطوت صفحتها، ولم يظهر لها تأثير على الحضارات المتعاقبة.
أعمال مصرفية عند المسلمين في حضارتهم:
يلمح الباحث في طيات تاريخ المسلمين نماذج من الأعمال المصرفية، وإنْ كانت لم ترق إلى درجة التنظيم المصرفي القائم حالياً.
ففي الحوالة:
كان ابن عباس يأخذ الوَرِق ـ الفضة ـ بمكة على أنْ يكتب بها إلى الكوفة([23])، كما كان عبد الله بن الزبير، يأخذ بمكة دراهم ـ وهي من الفضة ـ ثم يكتب لهم بها إلى مصعب بن الزبير بالعراق فيأخذونها منه ([24]).
وفي الائتمان:
زار سيف الدولة الحمداني بغداد، فسار متنكراً إلى دور بني خاقان، فخدموه، ولما همَّ بالانصراف طلب الدواة وكتب رقعة (شيكاً) لهم وتركها فيها، فلما فتحوا الرقعة وجدوا أنَّها موجهة لبعض الصيارفة في بغداد بألف دينار، وعندما عرضوا الرقعة على الصيرفي أعطاهم الدنانير في الحال والوقت، فسألوا عن الرجل، فقال ذلك سيف الدولة بن حمدان([25]).
ومثل هذه الحالات لا يتم إلا في المراحل المتقدمة من الاطمئنان والثقة بين الناس، واستقرار التعامل والأوضاع الاقتصادية.
كما شاع استعمال الصكوك ـ الشيكات ـ للأغراض التجارية في مدينة البصرة، وصار لها قواعد وأصول معروفة من حيث طريقة الْخَتْم والشهود([26])، وأصبح وجود الصراف ليس عنه غنىً في سوق البصرة في حوالي عام 400هـ/1010م([27]).
وفي الجانب الآخر من العالم:
تتلمذ الرومان في الفن المصرفي على الإغريق، وبقي التنظيم المصـرفي قائماً في الإمبراطورية الرومانية حتى قضى اضطراب الأمن وانقطاع طريق المواصلات في العصور المظلمة على ما خلفته المدنيات القديمة من نظم الائتمان([28]).
التاريخ الحديث للمصارف الربوية:
لقد حصل انقطاع بين العصرين القديم والعصر الحديث في التنظيم المصـرفي، ولم يظهر إلا بعد ازدهار التجارة والصناعة في إيطالية، وقد أُنشِـئ أول مصرف في مدينة البندقية بإيطالية عام 1157 م، ثم مصرف برشلونة بأسبانية عام 1401 م([29]).
يتميز النظام المصرفي التقليدي بأنه:
- نظام عريق حوالي 10 قرون.
- نظام متغلغل ومسيطر على مختلف جوانب الحياة.
- نظام منتشر في مختلف أرجاء العالم محلياً وعالمياً.
وتَدَرَّج النشاط المصرفي عدة قرون حتى وصل إلى ما نراه في أيامنا، ومن الملاحَظ أنَّ مواكب الزمن قد مضت، وسُلِّمَت قيادة المدنية البشرية إلى اليهود والنصارى الذين لم يميزوا بين الحلال والحرام في معاملاتهم، فأنشؤوا مصارف على أسس ربوية، مُغَلِّبين جانب المصلحة الفردية على الأمور الدينية مع لفت النظر إلى أنَّ الربا مُحَرَّمٌ في الديانات السماوية كافة([30]).
وتراجعت الأمة الإسلامية وقبعت في ذيل القافلة، وتبع ذلك موجات من الغزو الثقافي الفكري للأمة الإسلامية لِتُبْعِد صلتها عن دينها، وتُضعِف انتماءها لعقيدتها، وتُشَكِّك في صلاحية منهاجها الإسلامي في مواكبة الحياة المتطورة والمتغيرة الجديدة، وعربدت المصارف الربوية في ديار المسلمين؛ نتيجة تأثرُّ بعض المسلمين بالثقافة الغربية، وانبهار البعض الآخر بالحضارة المادية الغربية.
ولكن مهما طال ليل الظلام فلا بُدَّ من انبلاج نورِ الفجر، وضوءِ الشمس الذي لا يستطيع أحد إخفاءه، فالتجربة القاسية التي مر بها العالم الإسلامي، حين تخلى القائمون على الأمر داخل الدول الإسلامية عن التشريع الإسلامي، وأقاموا مكانه قوانين وضعية سمحت للمصارف الربوية بالتغلغل في حياة المسلمين الاقتصادية، كل ذلك لم يَفُتَّ من عزيمة المخلصين من رجال الأعمال والاقتصاد.
فنما شعور جديد بضرورة العمل لإنشاء مؤسسات اقتصادية ومالية قادرة على مواكبة تطورات الحياة ومستجداتها المتغيرة، فكانت الدعوة لإنشاء مصارف إسلامية.
تاريخ المصارف الإسلامية:
يتميز النظام المصرفي الإسلامي بأنه:
- فكرة جديدة مبتكرة ومتطورة
- نموذج مصرفي مغاير للنموذج التقليدي في أهدافه ووسائله
- يستند في أصوله إلى الاقتصاد الإسلامي وأحكام الشريعة الإسلامية
قبل المحاولات القانونية أو النظامية لإنشاء المصارف الإسلامية قامت عدة تجارب استهدفت إحياء الصيغ الإسلامية في بعض مجالات التمويل، ولعل [أقدمها اختيار السيد عبد الرحمن المهدي في السودان لصيغة المشاركة المتناقصة للحصول ـ في العشرينات والثلاثينات ـ على التمويل]([31])بدل التمويل المصرفي الربوي.
وبعد هذه التجربة الرائدة رُصِدَت محاولات مماثلة في ماليزية وباكستان في أواسط الأربعينات وأوائل الخمسينات، ولم تُعَمِّر طويلاً([32])، وفي عام 1963م بدأت تجربة بنوك الادخار المصرية في ميت غمر، وهي التي كانت نواة لقيام بنك ناصر الاجتماعي([33]).
أما على صعيد المصارف الإسلامية - غير الربوية -:
فقد برزت الدعوة لإنشائها في باكستان في أواخر الأربعينيات حين نادى بها محمد نسيم، وأنور قرشي، ونعيم صدقي، وأبو الأعلى المودودي([34]).
وتبلورت الفكرة في الستينيات على أيدي اقتصاديين إسلاميين، منهم: محمد نجاة الله صديقي، ومحمد باقر الصدر، ومحمد عبد الله العربي، وعيسى عبده([35]).
وأول مصرف إسلامي أُسس كان في مصر سنة 1963، إلا أنَّ هذه التجربة تعرضت لعقبات وعراقيل، فتوقفت الفكرة في ميدان التطبيق العملي([36]).
وفي عام 1967 م، قامت مجموعة من الاقتصاديين وأعدت مشروعاً أسمته: النظام الأساسي لبيت التمويل الكويتي، وكان أساس مهمتها: الإعداد والدراسة والدعوة لإقامة البنوك الإسلامية([37]).
وفي أوائل السبعينيات، صدر نظام مصرف ناصر الاجتماعي في مصر سنة 1971م([38])، بموجب القانون رقم (96)([39]).
وفي الأردن تم إنشاء مؤسسة لإدارة وتنمية أموال الأيتام، وذلك في عام 1972، بوسائل لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية([40]).
وعقدت مؤتمرات علمية على المستوى الشعبي والحكومي على نطاق العالم الإسلامي، نجم عنها إنشاء البنك ـ المصرف ـ الإسلامي للتنمية، وذلك في شهر أغسطس / آب عام 1974، وهو أول مصرف إسلامي حكومي([41])وانطلاقاً من هذه البداية، وتكملة لها، قام الأمير محمد الفيصل آل سعود بالدعوة لإنشاء عدد من المصارف الإسلامية([42])حملت اسمه في عدد من الدول الإسلامية، بإضافة اسم الدولة لاسم المصرف، (بنك فيصل الإسلامي – المصري 1977، السوداني 1978، البحريني …).
ثم أُعلِنَ عن نجاح تجربة بيت التمويل الكويتي، ومَارسَ عمله في الشهر الثالث من سنة 1977م([43]).
وفي عام 1990 انضم بنك قطر الدولي الإسلامي إلى قافلة البنوك الإسلامية.
وتوالى قيام المصارف الإسلامية في عدد من الدول العربية والإسلامية([44])، وكذلك في بعض الدول غير الإسلامية، مثل: إنكلترا ولكسمبورغ([45]) وجزر البهاما.
وقد أصبحت هذه المؤسسات الإسلامية والمصارف اللاربوية [من معالم النشاط الاقتصادي العالمي والمحلي على المستوى الجزئي والكلي في الاقتصاد]([46]).
وقد أصبحت المصارف الإسلامية أمراً واقعاً في الحياة المصرفية والدولية بعد أن شقت طريقها في بيئات مصرفية بعيدة في أسسها وقواعدها وآليات العمل فيها عن الروح والقواعد الإسلامية.
وقد بلغ عدد المصارف الإسلامية والمؤسسات المالية الإسلامية حتى مايو (أيار) 1997م حوالي 150 مؤسسة مصرفية ومالية، تدير استثمارات تُقَدَّر بحوالي 75,5 مليار دولار غطت قارات آسية وإفريقية وأوربة وأمريكة، وانتشرت في أكثر من 27 دولة.
وبلغ عدد المصارف الإسلامية والمؤسسات المالية الإسلامية حتى 1998م حوالي 176 مؤسسة مصرفية ومالية، تدير استثمارات تُقَدَّر بحوالي 101,2 مليار دولار.
وكانت البنوك الإسلامية في قفص الاتهام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وكان عددها قد بلغ 190 مؤسسة إسلامية بموجودات تتجاوز 150 مليار دولار.
والرسم الآتي يبين متوسط نسبة النمو السنوي للمصارف الإسلامية
ومع منتصف عام 2005م، ذكر تقرير مالي متخصص أن هناك أكثر من 267 مؤسسة مصرفية ومالية إسلامية موزعة على نحو 45 دولة تشمل معظم دول العالم الإسلامي وأوروبا وأميركا الشمالية وبعض المناطق الأخرى فيما يقدم 300 بنك تقليدي منتجات مصرفية إسلامية، وذكر التقرير أن هذه المصارف تدير أصولاً يبلغ حجمها 262 مليار دولار بنسبة نمو سنوية بين 10 و15 في المئة، وتوقع التقرير أن تكون المصارف الإسلامية مسؤولة عن إدارة ما بين 40 إلى 50 في المئة من إجمالي مدخرات العالم الإسلامي خلال السنوات العشر المقبلة خاصة بعد اتجاه العديد من المصارف التقليدية العريقة لفتح فروع أو نوافذ إسلامية حتى لا تخسر بعض العملاء مع تزايد الطلب على خدمات المصارف الإسلامية([47]).
وتتوزع خريطة المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في دول العالم على أربع مناطق:
أولها منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي: حيث تشمل 43 مؤسسة مالية إسلامية تشكل 70% من الحجم المالي لكافة المصارف الإسلامية وتصل قيمة ودائعها إلى نحو 70 مليار دولار وقيمة أصولها إلى 85 مليار دولار، وإجمالي رؤوس أموالها 3.5 مليارات دولار، وأرباحها السنوية تصل لأكثر من مليار دولار.
ثم المنطقة الأسيوية: تضم 80 مؤسسة مالية إسلامية قيمة أصولها تصل إلى 8.3 مليارات دولار وودائعها 5.1 مليار دولار وأرباحها حوالي 531 مليار دولار.
ثم إفريقيا التي تقع بها 35 مؤسسة مالية إسلامية، وقيمة أصولها 9.1 مليار دولار وتحقق أرباح تصل إلى 39مليون دولار.
وأخيرا أوروبا وأمريكا التي تضم 8 مؤسسات مالية إسلامية، بقيمة أصول 952 مليون دولار، وباحتياطي 93 مليون دولار وتصل أرباحها نحو 53 مليون دولار.
وفي إحصائية أخرى أنه يوجد حالياً أكثر من 170 مؤسسة مالية إسلامية تعمل في 62 بلدا في العالم، وتصل أصولها إلى 7500 بليون دولار([48]).
وتتوزع استثماراتها على النحو الآتي: الشرق الأوسط -65%-، دول الخليج -81%- جنوب آسيا -41%- أوروبا وأمريكا -7%- إفريقيا -3%- جنوب شرق آسيا -2%-.
وتعتبر المصارف الإسلامية تجربة جديدة أثبتت إلى حد كبير نجاحها في نظام رأسمالي سائد قامت فيه البنوك التقليدية على أساس واحد وهو أسعار الفائدة، بينما اتخذت هذه البنوك الإسلام أساساً لممارسة أعمالها المصرفية، واتخذت صيغ الاستثمار الإسلامي دليل عمل لها، وتقيدت بالأصول والأحكام الشرعية في مواجهة ما استجد من معاملات مصرفية.
ويشرف على العمل المصرفي الإسلامي العديد من الهيئات الدولية، منها([49]):
1 - هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ( AAOIFI ) والتي أنشئت عام 1991 ومقرها البحرين، وهي تهتم بإصدار معايير المحاسبة والمراجعة الخاصة بالمصارف الإسلامية، وقد أصدرت حتى نهاية عام 2004م حوالي 18 معياراً محاسبياً.
2 - المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية والإسلامية (GCIBFI) الذي أنشئ عام 2001م، ومقره البحرين والذي يهتم بتوفير المعلومات عن الصناعة المصرفية الإسلامية ونشر الوعي العام حول العمل المصرفي الإسلامي.
3 - مجلس الخدمات المالية الإسلامية (IFSB) والذي أنشئ عام 2002م ومقره ماليزيا، وقد قام بتأسيسه العديد من البنوك المركزية ومؤسسات النقد بالعالم، ومنها مؤسسة النقد العربي السعودي، ومؤسسة نقد البحرين، وبنك نيجارا المركزي بماليزيا، بالإضافة إلى البنك الإسلامي للتنمية، وصندوق النقد الدولي، ويهتم المجلس بإصدار معايير الرقابة والإشراف، وتطوير آليات لإدارة المخاطر بالمصارف الإسلامية.
ورغم هذا التطور في العمل المصرفي الإسلامي فما زال أمام المصارف الإسلامية الكثير من التحديات والجهد لتطوير أنظمة العمل واستخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة، وتطوير وابتكار أدوات مالية محلية ودولية من أجل تلبية الاحتياجات المتزايدة للعملاء ومواجهة المنافسة المصرفية بالأسواق المحلية والدولية وخاصة بعد تطبيق قرارات منظمة التجارة العالمية وتطبيق مقررات لجنة بازل (2) عام 2007م.
أهمية وجود المصارف الإسلامية([50]):
1 - تلبية رغبة المجتمعات الإسلامية في إيجاد قنوات للتعامل المصرفي بعيد عن استخدام أسعار الفائدة.
2 - إيجاد مجال لتطبيق فقه المعاملات في الأنشطة المصرفية.
3 - تعد المصارف الإسلامية التطبيق العملي لأسس الاقتصاد الإسلامي.
المصارف الإسلامية تفرض واقعاً جديداً على السوق العالمي([51])
فرضت البنوك الإسلامية واقعاً جديداً على السوق المصرفية العالمية واقتحمت مصطلحات "المشاركة" و"الصكوك" و"التكافل" قواميس البنوك الغربية، واستطاعت البنوك الإسلامية أن تطرح مفهوماً جديداً في التعاملات المصرفية، وليس أدل على ذلك من سعي العديد من البنوك العالمية لإنشاء أقسام إسلامية لتلبية الطلب المتزايد لعملائها المسلمين على الخدمات البنكية التي تتوافق وتعاليم الشريعة الإسلامية.
الصكوك الإسلامية تحقق نمواً سريعاً:
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن سوق الصكوك الإسلامية في دول الخليج يحقق نمواً سريعا، حيث كشف بنك نوريبا في البحرين عن نجاح عملية الاكتتاب في الصكوك الإسلامية التي أطلقها في بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول 2004م في استقطاب أكثر من 3 أضعاف قيمة الاكتتاب المطلوبة والتي تبلغ 350 مليون دولار.
وبلغت نسبة الاكتتاب من الشرق الأوسط ودول الخليج حوالي 20% من إجمالي الاكتتاب، كما لاقى الاكتتاب المذكور إقبالا كبيرا من المصارف والمؤسسات المالية غير الإسلامية والتي بلغت مشاركتها نصف إجمالي الاكتتاب تقريبا، ما يؤشر على أن الطلب على المنتجات الاستثمارية الإسلامية لا يقتصر على الجهات الإسلامية.
ووفق التقرير الأسبوعي لبنك دبي حول قطاع المال الإسلامي والصادر في الاسبوع الأخير من شهر ديسمبر 2004 فإن بيت التمويل الكويتي بيتك، الذي يحتل في السوق الكويتي حصة تبلغ حاليا 35%، وقع اتفاقيتي تمويل بنظام المرابحة تصل قيمتهما إلى 70 مليون دولار لصالح شركتين تركيتين.
وأعلن بنك المشرق عن عزمه تأسيس شركة للتمويل الإسلامي برأسمال يصل إلى 200 مليون درهم (الدولار يعادل 3.68 درهم)، حيث يتوقع أن تبدأ الشركة عملها في مايو/ أيار 2005م، في استجابة لمتطلبات عملاء البنك الذين يطالبون بتوفير خدمات مصرفية إسلامية, من جهة أخرى ارتفع عدد البنوك الإسلامية التي تسعى لدخول السوق السوري إلى ثلاثة مصارف.
وأصدرت البحرين العام الماضي على سبيل المثال صكوك إيجار إسلامية بقيمة 1.3 مليار دولار، بينما أصدرت قطر صكوكاً إسلامية بقيمة 700 مليون دولار. ووصلت قيمة السندات الإسلامية الصادرة في دول الخليج 4 مليارات دولار، وفقاً لتقارير شركة "تاورز اند هاملينز" "Towers and Hamlins" الدولية.
كما نجحت البنوك الإسلامية في اليمن في إثبات وجودها في السوق المصرفية خلال فترة قصيرة إذ وصلت قيمة موجوداتها إلى ما يقرب من 800 مليون دولار، وبلغت أرباحها ما نسبته 16% من أرباح القطاع المصرفي اليمني.
ويعزو محللون هذا النمو المتسارع للقطاع المصرفي الإسلامي وتزايد الإقبال العالمي عليه إلى عوامل مرتبطة بأسلوب عمل البنوك الإسلامية ذاتها، ومن هذه العوامل اتجاه معظم المصارف الإسلامية إلى تأسيس محافظ استثمارية محلية وصناديق استثمار في الأسهم العالمية مما أدى إلى توسع قاعدة السوق أمام هذه المصارف وازدياد الخدمات المالية والاستثمارية التي تقدمها، حتى بلغ عدد برامج التمويل الإسلامي التي تقدمها مثل هذه البنوك 26 برنامجاً.
ويعد بيت التمويل الكويتي (بيتك) مثالاً في هذا المجال حيث ابتكر العديد من المنتجات البنكية الإسلامية مثل: البطاقات الائتمانية المطابقة للشريعة الإسلامية، وصندوق إعمار، وهو صندوق قصير الأجل يسمح للمستثمرين بشراء أسهم الاكتتاب المدعومة بسلسلة من الأصول بالدولار الأمريكي، ويتيح الحصول على أرباح لفترات قصيرة.
وتعتبر الإجارة من أبرز الصيغ الشرعية التي كثف (بيتك) نشاطه فيها ضمن سعيه لتنويع أشكال المنتجات الإسلامية، مما مكنه من ولوج أسواق جديدة.
كما أن تمكن البنوك الإسلامية من إثبات قدرتها على تحقيق أرباح مرتفعة مثل البنوك التقليدية، يُعد من الدوافع الرئيسية وراء الإقبال الذي شهدته هذه البنوك، حيث وصل حجم قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية إلى نحو 250 مليار دولار بمعدل نمو سنوي تبلغ نسبته 20%، ما يجعله من أسرع القطاعات المالية نمواً في العالم.
البنوك العالمية تخطب ود عملائها المسلمين
ودفع نجاح الخدمات المصرفية للبنوك الإسلامية عدداً من البنوك العالمية إلى الاستثمار في هذا المجال، حيث تتعدد المصارف العالمية التي تقدم خدمات مصرفية إسلامية مثل مجموعة "هونغ كونغ شانغهاي المصرفية" و"تشيس مانهاتن سيتي بنك"، إلى جانب مصارف إقليمية ومحلية مرموقة مثل "البنك الأهلي التجاري" السعودي و"البنك السعودي الهولندي" و"مي بنك الماليزي". كما شهدت بريطانيا في عام 2004م إنشاء "بنك بريطانيا الإسلامي"، في محاولة لجذب أموال 1.8 مليون مسلم يعيشون في بريطانيا.
وفي إطار فتح سوق التمويل الإسلامي سريعة النمو أمام مؤسسات الإقراض الأجنبي, وافقت ماليزيا على منح ترخيصين مصرفيين إسلاميين لبنوك من الشرق الأوسط للعمل في البلاد في إطار سعي البنك المركزي لتحويل ماليزيا، التي يشكل المسلمون نسبة 60% من عدد سكانها، إلى مركز عالمي للتمويل الإسلامي.
كما افتتحت بنوك مثل "اتش اس بي سي" "HSBC" وسيتي بنك ""Citibank فروعاً إسلامية في الشرق الأوسط خلال عام 2004م، فيما حصل "بنك قطر الإسلامي" على رخصة لفتح فرع له في ماليزيا في أكتوبر/ تشرين الاول 2004، وذلك بعد إنشائه "بيت التمويل العربي" في لبنان في يناير/ كانون الثاني من العام نفسه، كما ينتظر البنك الموافقة على افتتاح "بيت تمويل أوروبي" في بريطانيا و"بيت تمويل" آخر في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي خطوة لافتة للنظر كشفت مؤسسة "ساكسوني انهالت" Saxony-Anhalt عن رغبتها في طرح منتجات إسلامية خارج العالم الإسلامي بإعلانها عن سندات إسلامية بقيمة 155 مليون يورو في أغسطس الماضي. فيما أطلق "داو جونز اسلاميك ماركت" "The Dow Jones Islamic market" أول سوق إسلامية في تركيا في سبتمبر/ ايلول الماضي لينضم إلى 5 مؤسسات مالية إسلامية سبقته في البلاد.
ويحكم السلوك الاستثماري في البنوك الإسلامية أربع قواعد رئيسية هي: غياب المعاملات المبنيّة على الفائدة وتجنب الأنشطة الاقتصادية التي تتضمن المضاربة في البورصة, وتقديم الزكاة, وعدم تشجيع إنتاج المواد والخدمات التي تتعارض مع القيم الإسلامية مثل تجارة الخمور وغيرها.
يشار إلى أن عدد المصارف الإسلامية 265 بنكاً تعمل في 45 دولة تشمل معظم دول العالم الإسلامي وأوروبا وأميركا الشمالية وبعض المناطق الأخرى، فيما يقدم 300 بنك تقليدي منتجات مصرفية إسلامية.
مصارف إسلامية !! لماذا؟:
إنَّ المسلم المُعْتَزَّ بدينه، يعمل لدنياه وآخرته، فمفهوم العبادة لديه عمل نافع للدنيا، وعمل مرضي للآخرة، وإنَّ عمل الدنيا بعد بروز ظاهرة التخصص وتقسيم العمل، لا يكتمل في ظروف التقدم العلمي، والتبادل التجاري العالمي إلا بوجود مؤسسات قادرة على تلبية احتياجات المتعاملين داخلياً وخارجياً.
ولما كانت هذه المؤسسات قد ظهرت وتوضَّح عملها في الغرب، وصُدِّرت للدول الإسلامية كما هي عليه لديهم، ربويةً؛ ممحوقة البركة، كان لا بُدَّ للغيورين على دينهم أنْ ينهضوا بأعباء العمل وتحمُّل مسؤولياته ففي التشريع الإسلامي حلولٌ ومقترحات تواكب الحياة مهما تطورت، وتدفع بمسيرة العمل نحو التقدم، بعيداً عن الآثار الضارة التي يُوجدها النظام الربوي؛ اقتصادياً، واجتماعياً ومدنياً، ونفسياً، وأخلاقياً وروحياً([52]).
هذا، وقد أقبل المسلمون على المصارف الإسلامية وتعاملوا معها بثقة وأمان، وحققت المصارف الإسلامية نجاحاً في حقيقتين:
أولاهما: مقدرةُ المصرف الإسلامي على إثبات صلاحية الصيغة الشرعية الإسلامية للتعامل المالي.
ثانيهما: إثباتُ مقدرة الصيغة المصرفية الإسلامية على المنافسة في تقديم مختلف الخدمات المصرفية وبكفاءة عالية.
والأمل معقود على أبناء الأمة الإسلامية أنْ يواصلوا الجهد الأقصى، والعمل المستمر، والسعي الدؤوب؛ لترسيخ فكرة المصارف الإسلامية التي تزيل العوائق الربوية في تقديم القروض، وتشجيع أصحاب الكفاءات والقدرات والطاقات الإنتاجية، ليعم الرخاء وتزدهر حياة المسلمين.
تجارب تحويل المصارف الربوية إلى إسلامية:
يُعَدُّ السودان أولَ دولةٍ مسلمة تعمل على أسلمة قطاعها المصرفي بأكمله، وقد جاء ذلك بالتدرج، إذ بدأت الدعوة لإقامة مصارف إسلامية منذ عام 1973م، ثم أنشئ في عام 1975م مصرف الادخار السوداني([53])، وفي عام 1977م أجيز قانون مصرف فيصل الإسلامي السوداني وباشر أعماله في عام 1978م، تبعه عدة مصارف إسلامية هي: مصرف التضامن الإسلامي([54])، والمصرف الإسلامي السوداني، ومصرف التنمية التعاوني الإسلامي، ومصرف الغرب الإسلامي، ومصرف البركة، وفي شهر ديسمبر 1984م أعلن مصرف السودان المركزي أسلمة جميع المصارف القائمة في السودان، سودانية كانت أم أجنبية، وتم هذا بالفعل في عام 1985م، وشمل خمسة مصارف متخصصة، وستة مصارف أجنبية، وأحد عشر مصرفاً مشتركاً([55]).
[وقد تمكَّن المصرف المركزي السوداني في عام 2000م، من إصدار شهادات مشاركة المصرف المركزي ((شمم))، وشهادات المشاركة الحكومة ((شهامة))، كأدوات مالية إسلامية، تُمَكِّن المصرف المركزي من السيطرة على السيولة وإدارتها؛ لتحقيق السياسة النقدية المستهدفة في البلاد، وتقوم فكرة الإصدار على المبدأ الإسلامي: "الغُنْم بالغرم"، بدلاً من الفوائد الربوية.
فشهادة مشاركة المصرف المركزي تهتم بإدارة السيولة داخل الجهاز المصرفي، ويتم بيع الشهادات عندما يرغب مصرف السودان في تخفيض السيولة، ويتم شراؤها عندما يراد زيادة السيولة، وحصيلة البيع لا يستغلها المصرف، ولكنها تُسحَب من النظام، ويتم تجميدها.
وتتحقق أرباح حاملي شهادات مشاركة المصرف المركزي ((شمم)) فقط عند بيعها، فهذه الأرباح ذات طبيعة رأسمالية Capital Gains وليست أرباحاً نقدية Dividends تُدفَع بنهاية السنة المالية.
والتداول في شهادات ((شمم)) بيعاً وشراءً: يتم عن طريق العطاءات (المناقصات)، غير أن لحامل شهادات ((شمم)) أن يبيعها خارج المزاد لمصرف السودان، أو لغيره لحاجته للسيولة.
أما حصيلة بيع شهادات مشاركة الحكومة ((شهامة))، والتي تُعنَى بإدارة السيولة على مستوى الاقتصاد الكلي؛ فيعاد تدويرها وضخها في الاقتصاد القومي؛ بواسطة وزارة المالية، عندما تقوم بالإنفاق على مشاريع جديدة، أو لمشروعات قائمة]([56]).
وفي إيران بدأت أسلمة المصارف في شهر فبراير (شباط) 1981م، بوضع نظام رسوم خدمة على الأصول لا تتعدى 4%، وفئات أرباح تتراوح بين 4% و8%، كما وضعت حداً أدنى كهامش أرباح للودائع المختلفة، وفي شهر أغسطس 1983م صدر قانون المصارف اللاربوية([57]) الذي يحدد فترة سنة وثلاثة أشهر من 1/1/1984م إلى 31/3/1985م، لإنهاء جميع المعاملات الربوية([58]).
وفي باكستان، بدأت إجراءات أسلمة المصارف في أول عام 1981م، بالسماح للمصارف العاملة بقبول ودائع الناس على أساس المشاركة في الربح والخسارة مع استثناءات محدودة، وتمت الأسلمة الكاملة للمصارف في عام 1985م، بتعميمٍ شاملٍ لنظام المشاركة (المضاربة)([59]).
وعمدت [باكستان إلى تطبيق قانون إسلامي يمنع الفوائد الربوية في جميع المؤسسات المالية والمصرفية العاملة في البلاد بحلول يوليو 2001م.
وقد أعلنت الحكومة الباكستانية مؤخرًا عن قرار يقضي بتعميم التحول الكامل نحو النظام المصرفي الإسلامي، وإلزام جميع مؤسسات التمويل المحلية والشركات المالية بالامتناع عن المعاملات الربوية، وحددت المحكمة الدستورية العليا في باكستان مهلة أربعة أشهر لترتب ولتكيف جميع المصارف والمؤسسات المالية أوضاعها للتعامل بالصيغ الإسلامية؛ حيث تم تطبيق القرار ابتداء من أول يوليو (2001).
وهناك اتجاه من عدد من المصارف التقليدية إلى التحول إلى مصارف إسلامية؛ حيث بدأ مصرف الجزيرة السعودي إجراءات التحول إلى مصرف إسلامي، بعد نجاح عملياته الاستثمارية الإسلامية، وتلبيةً لرغبة عملائه في إتمام المعاملات بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية، وحديثًا أعلن بنك الشارقة الوطني رغبته الأكيدة في التحول إلى مصرف إسلامي.
أما على صعيد الدول، فهناك دول مثل السعودية والبحرين والإمارات ومصر والكويت، وأخيراً لبنان وسورية([60])؛ تسمح بوجود النظامين المصرفيين، جنبًا إلى جنب، الإسلامي والربوي، دون أن تلزم قانونًا بإجراء المعاملات المالية على أساسٍ تحكمه الشريعة الإسلامية.
وهناك مصارف عالمية عريقة تقدم خدمات مصرفية إسلامية، مثل: مجموعة "هونغ كونغ شنغهاي" المصرفية (إتش. إس. بي. سي) و"شيس مانهاتن سيتي بنك"، وكذلك مصارف إقليمية ومحلية مرموقة، مثل: البنك الأهلي التجاري السعودي، والبنك السعودي الهولندي، و"ميي بنك" الماليزي ـ أبرز المؤسسات المالية التقليدية التي ارتادت مجال الصيرفة الإسلامية ـ وهناك مصارف تقليدية تستعد للتحول، مثال ذلك: بنك الجزيرة السعودي، وبنك الشارقة الوطني بالإمارات] ([61]).
والمسلمون يتطلعون إلى يوم يتحقق فيه تعميم فكرة المصارف الإسلامية لتأكيد دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية، وما ذلك على الله بعزيز.
وفيما يلي الخط البياني للاعتراف الرسمي بالمصارف الإسلامية:
بعض المصطلحات المصرفية
الفوائد: جمع فائدة، وتقابل كلمة Interest.
والفائدة: هي الثمن المدفوع نظير استعمال النقود، وهي ربا مضاعف؛ لارتباطها بعنصر الزمن في الحساب.
من خلال القانون الرياضي: م1= م ( 1 + ف )ن
حيث م1 = هو المبلغ الكلي.
م = المبلغ الأصلي.
ف= نسبة الفائدة الشهرية.
ن= الزمن.
العمولات: جمع عمولة، وتقابل كلمة Commission.
وتُؤْخَذُ في مقابل ما يقدمه المصرف من خدمةٍ أو عمل يبذل فيه جهداً.
والعمولة التي يقتطعها المصرف، يجب أن تكون محدَّدة بمبلغ مقطوع، وليس على أساس نسبي، وذلك لأن الجهد الذي يبذله المصرف في إعداد عقد القرض الذي تكون قيمته ألف وحدة نقدية، لا يختلف عن الجهد المبذول في إعداد عقد قيمته عشرة آلاف وحدة نقدية أو أكثر.
فالمعيار الذي يَفْصِل بين العمولة كأجر، وأنها ليست ربا هو:
ـ وجود خدمة فعلية.
ـ تحديد مبلغ العمولة بشكل قطعي وليس نسبي.
ـ عدم تكرارها.
الأصل الفقهي لأعمال المصارف الإسلامية
الأصل الفقهي في المعاملات: الحِلُّ.
الشريعة لم تحصر التعاقد في موضوعات يُمنَع تجاوزها.
كل ما قيَّدته الشريعة يندرج تحت منع الضرر والإضرار، وكفِّ الظلم، وقطع الاستغلال.
شرطا الاستثمار
1 – أن يكون استثمار الأموال بطريق مشروع.
2 – أن يكون غير مضر بالمصلحة العامة.
قواعد العمل في المصرف الإسلامي([62])
يجب على المصارف الإسلامية أن تكون جميع عملياتها وخدماتها المصرفية والاستثمارية قائمة على غير أساس الفائدة تحت أي شكل من الأشكال وعلى الأخص:
أ/ فائدة الديون التي تقبض أو تدفع في جميع حالات الإقراض والاقتراض والإيداع بما في ذلك أي أجر يدفعه المقترض دون أن تقابله خدمة تنطوي على مجهود ذي منفعة معتمدة حسب رأى هيئة الرقابة الشرعية.
ب/ فائدة البيوع في إطار العمل المصرفي في حالات عمليات الصرف المرتبط تنفيذها بأجل وكذلك الفائدة التي تنطوي عليها العمليات المشابهة.
خصائص العمل المصرفي الإسلامي
عناصر العمل المصرفي الإسلامي ثلاثة:
العنصر الأول، ويشتمل على:
1 - التزام المصارف الإسلامية بأحكام الشريعة الإسلامية في جميع أعمالها.
2 - إغلاق الشريعة الإسلامية لباب الكسب الذي لا يستند إلى مبدأ الضمان وتحمل التبعة ( وهو الربا بشتى أنواعه وأساليبه المباشرة ).. الخ.
3 - قدمت الشريعة البدائل الصحيحة وهي المشاركات بأنواعها (من بيوع وإجارات) لأن التعامل فيها يرتبط بأصول ومنافع ويحقق مبدأ التوازن في بين الربح والمخاطرة، (الخراج بالضمان) (الغنم بالغرم)، وقد حرم الله الربا، وأحل البيع والسَّلَم والمضاربة... الخ، ولا يتصور أن يحرم الله شيئاً يحتاج الناس إليه، ولا يجدون بديلاً عنه.
العنصر الثاني، ويشتمل على:
1- اختلاف وظائف المصارف الإسلامية في جوهر معاملاتها اختلافاً جذرياً عن المصارف التقليدية.
2- الأساس الذي قامت عليه المصارف الإسلامية يتمثل في عدم الفصل بين أمور الدين وأمور الدنيا.
3 - اعتبار النقود وسيلة للتبادل ومخزناً للقيم وأداة للوفاء، وأنها ليست سلعة وليس لها قيمة زمنية إلا من خلال ارتباطها بالتعامل بالسلع بشروطها الشرعية.
4 - ملكية الإنسان مقيدة بنظرية الاستخلاف.
العنصر الثالث، ويشتمل على:
1- اختلاف العلاقة بين المتعاملين مع المصارف الإسلامية والمصارف التقليدية في: استبعاد عنصر الفائدة الربوية، وإقراض الأموال بفائدة.
2 - المصارف الإسلامية تستقبل أموال الغير على أساس المضاربة (المشاركة في الربح بتقديم المال من المستثمر والجهد من المصرف) من خلال حسابات الاستثمار.
3- مراعاة تحقيق الربح الحلال والنفع العام للمجتمع من خلال تمويل المشاريع الفردية والجماعية.
4 - يقوم المصرف ـ بصفته مضارباً ـ بإدارة استثمار أموال الغير لقاء نسبة من ناتج الاستثمار على أساس المضاربة ويستحق تلك النسبة في حال تحقق الربح فقط.
5 - البنوك الإسلامية تتقيد بوظيفة النقود التي هي تسهيل انتقال السلع والخدمات وتتجنب الربا أخذاً وإعطاء.
6 - الربح من منظور الشرع لا يستحق إلا بمال (كالمبادلات وشركات الأموال) أو عمل (كالإجارة و شركة الصنائع والمضاربة) أو ضمان (كشركة الوجوه) والمشاركة بين مال ومال (شركات الأموال).
مستويات العمل المصرفي الإسلامي
(1) المستوى الأول:
هو الرسالة والأهداف، ويتمثل في الأحكام الشرعية المعتمدة من النصوص الشرعية وفي الاجتهاد المقصود بحيث لا يقع أي مخالفة لصريح صحيح من كتاب أو سنة....
( 2 ) المستوى الثاني:
الصياغة القانونية للأحكام الشرعية من جهة المنهاج التنظيمي والقانوني لمسيرة البنوك الإسلامية:
يستند إلى عقود فقه المعاملات والأدوات المصرفية المستمدة منها.
يتقيد باستعمال الصيغ والعقود القانونية الشائعة في المجال المصرفي التقليدي بأن لا تتعارض مع الأحكام والمبادئ الشرعية.
( 3 ) المستوى الثالث:
الممارسة اليومية العملية وما تتطلبه من ممارسات وتطبيقات هي انعكاس للمنهاج المختار حسب خبرة الممارسين وهذا المستوى يتناول الجوانب الإجرائية والتنظيمية المحققة للمصلحة المشروعة.
سبل المحافظة على أسس العمل المصرفي الإسلامي
1 - بإيجاد الهئيات الشرعية والمستشارين للمؤسسات المالية الإسلامية؛ لرصد المعطيات العصرية ودراستها والحكم عليها.
2 - دور هيئات الرقابة الشرعية في إصدار الفتاوى والإجابة عن الاستفسارات وتقديم المبادرات المستمدة من الشريعة الإسلامية.
3 - دور المؤسسات الداعمة؛ مثل هيئة المحاسبة، المجلس العام، ومجمع الفقه، ندوات الاقتصاد الإسلامي.
خصائص أساليب التمويل الإسلامي
التعدد: حيث لا يقتصر الأمر على آلية واحدة مثل القائم الآن وهي القروض، ولكنها تتمثل في عدة آليات مما يتيح فرصة أكبر للاستخدام.
التنوع: بما يناسب الحالات والجهات المختلفة سواء لتمويل المنتجين أو لتمويل طالبي السكن.
مراعاة التوازن والعدالة في توزيع المنافع والمخاطر بين طرفي التمويل، بخلاف ما عليه أسلوب القرض الذي يحمل المقترض وحده جميع المخاطر ويجعل حصوله على المنافع احتمالياً.
العمل على تقليل درجة المخاطر بإقرار الضمانات المناسبة.
ابتعادها عن الفوائد الربوية المحرمة شرعاً.
هيئة الرقابة الشرعية
هيئة الرقابة الشرعية
تعريغها([63]): هي هيئة مكونة من عدد محدود من علماء الفقه والشريعة والقانون تعينها الجمعية العمومية لمساهمي المصرف الإسلامي مهمتها إجراء الرقابة الشرعية على أعمال المصرف وعقوده لضمان توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية.
مسؤوليتها([64]):
أ/ يعيِّن المصرف بقرار من الجمعية العمومية للمساهمين بناء على اقتراح مجلس الإدارة ولمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد هيئة مكونة من ثلاثة أعضاء على الأقل من علماء الفقه والشريعة والقانون تسمى هيئة الرقابة الشرعية ويكون رأيها ملزماً للمصرف الإسلامي وتتولى هذه الهيئة:
- مراقبة أعمال المصرف الإسلامي وأنشطته من حيث توافقها وعدم مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية.
- إبداء الرأي في صيغ العقود اللازمة لأنشطته وأعماله.
- النظر في أية أمور تكلف بها من قبل مجلس الإدارة أو وفقا لتعليمات مصرف سورية المركزي.
مصادر
المصارف الإسلامية
مصادر الأموال في المصارف الإسلامية([65])
تنقسم مصادر الأموال في المصارف الإسلامية إلى مصدرين وهما:
المصادر الداخلية: تشتمل المصادر الداخلية للأموال في المصارف الإسلامية على حقوق المساهمين(رأس المال والاحتياطات والأرباح المرحلة), والمخصصات, وبعض المصادر الأخرى منها على سبيل المثال التمويل من المساهمين على ذمة زيادة رأس المال, والقروض الحسنة من المساهمين.
المصادر الخارجية: تشتمل المصادر الخارجية للأموال في المصارف الإسلامية على:
1 - الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية).
2 - الودائع الادخارية (حسابات التوفير).
3- ودائع الاستثمار (حسابات الاستثمار).
6 - ودائع المؤسسات المالية الإسلامية.
7 - صكوك المقارضة (المشتركة أو المخصصة).
وتمثل المصادر الداخلية للأموال في غالبية المصارف الإسلامية نسبة ضئيلة من إجمالي مصادر الأموال, وتختلف نسبة مصادر التمويل الداخلي إلى إجمالي مصادر التمويل من مصرف إلى آخر.
أولاً: المصادر الداخلية للأموال في المصارف الإسلامية:
سوف يتم دراسة كل مصدر من المصادر الداخلية للأموال في المصارف الإسلامية بشيء من التفصيل وذلك على النحو التالي:
(1) - حقوق المساهمين: تتكون حقوق المساهمين من رأس المال المدفوع والاحتياطات والأرباح المرحلة (في حالة تحققها).
وفيما يلي مناقشة لبنود حقوق المساهمين:
- رأس المال: يتمثل رأس مال المصارف الإسلامية في الأموال المدفوعة من المؤسسين والمساهمين عند إنشائه مقابل القيمة الاسمية للأسهم الْمُصْدَرة, أو مقابل زيادة رأس المال والتي تلجأ إليها المصارف من أجل توفير مصادر تمويل داخلية ذات آجال طويلة.
وعادة ما يُسْتَغرق جزء كبير من رأس المال في الأصول الثابتة مما لا يمكن من الاستفادة منه بصورة كبيرة في التمويل.
- الاحتياطيات: وهى تمثل أرباحاً محتجزة من أعوام سابقه وتقتطع من نصيب المساهمين، ولا تتكون إلا من الأرباح أو فائض الأموال من أجل تدعيم وتقوية المركز المالي للمصرف.
وتوجد عدة أنواع من الاحتياطيات، منها:
الاحتياطي القانوني.
والاحتياطي النظامي.
وتعد الاحتياطيات مصدراً من مصادر التمويل الذاتي أو الداخلي للمصرف وهى تأخذ نفس الطبيعة الرأسمالية من حيث أهميتها في ضمان حقوق المودعين لدى المصرف, ونظراً لحداثة نشأة بعض المصارف الإسلامية فمازالت الاحتياطيات تمثل نسبة محدودة بالمقارنة بحجم الودائع في بعض المصارف الإسلامية.
- الأرباح المرحلة: وتمثل أرباحاً محتجزة يتم ترحيلها للسنوات المالية التالية بناء على قرار من مجلس الإدارة وموافقة الجمعية العمومية على ذلك, وذلك لأغراض مالية واقتصادية.
(2) - المخصصات: يُعَرَّف المخصص بأنه: أي مبلغ يخصم أو يحتجز من أجل استهلاك، أو تجديد، أو مقابلة النقص في قيمة الأصول، أو من أجل مقابلة التزامات معلومة لا يمكن تحديد قيمتها بدقة تامة.
والمخصص عبء يجب تحميله على الإيراد سواء تحققت أرباح أم لم تتحقق.
ونفرق هنا بين نوعين من المخصصات، وهما:
مخصصات استهلاك الأصول.
ومخصص مقابلة النقص في قيمة الأصول، مثل: مخصص الديون المشكوك فيها، ومخصص هبوط الأوراق المالية.
وتمثل المخصصات مصدرًا من مصادر التمويل الذاتي للمصارف الإسلامية، وذلك خلال الفترة من تكوين المخصص حتى الفترة التي يستخدم فيها في الغرض الذي أنشئ من أجله وخاصة المخصصات ذات الصفة التمويلية مثل مخصص استهلاك الأصول الثابتة.
ويجب أن يؤخذ في الاعتبار استثمار تلك المخصصات في الاستثمارات متوسطة وطويلة الأجل.
(3) - الموارد الأخرى: هناك موارد أخرى تتاح لدى المصارف الإسلامية مثل: القروض الحسنة من المساهمين, والتأمين المودَع من قبل العملاء؛ كغطاء اعتماد مستندي، أو غطاء خطابات الضمان, وقيمة تأمين الخزائن الحديدية المؤجرة.
وتُعَدُّ المصادر الداخلية للأموال في المصارف الإسلامية مصادر طويلة الأجل، وذلك في حالة ما إذا كانت نسبتها بالمقارنة للمصادر الخارجية كبير, حيث يمكن استثمارها في المشروعات طويلة الأجل, أما في حالة ما إذا ما كانت تمثل نسبة ضئيلة فلا يمكن استثمارها.
ثانياً: المصادر الخارجية للأموال في المصارف الإسلامية:
تشتمل المصادر الخارجية للأموال في المصارف الإسلامية على الودائع المختلفة بالمصارف الإسلامية وتتضمن:
الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية), والودائع الادخارية (حسابات التوفير), وودائع الاستثمار (حسابات الاستثمار), ودفاتر الادخار الإسلامية, وصكوك الاستثمار, والقروض الحسنة من المؤسسات المالية الإسلامية.
وسوف يتم تناول كل نوع من أنواع هذه الودائع بشيء من التفصيل كما يلي:
1)- الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية):
تُعَرَّف الوديعة تحت الطلب بأنها: النقود التي يَعْهَد بها الأفراد أو الهيئات إلى المصرف على أن يتعهد الأخير بِرَدِّها أو بِرَدِّ مبلغ مساوٍ لها إليهم عند الطلب.
والحسابات الجارية بهذه السمة لا يمكن الاعتماد عليها في توظيفات طويلة الأجل.
وأما استخدامها في الأجل القصير فيتم في حرص شديد وحذر بالغ، ويتم ذلك بعد أن تقوم إدارة المصرف بتقدير معدلات السحب اليومية, ودراسة العوامل المؤثرة فيها بدقة, مع الأخذ في الحسبان نسبة السيولة لدى البنوك المركزية ومؤسسات النقد.
وتُعَدُّ الأرباح المتحققة عن طريق تشغيل هذه الأموال من حق (المساهمين)، وليس من حق أصحاب الودائع نظراً لأن المصرف ضامن لِرَدِّ هذه الودائع، ولا يتحمل المتعامل أي مخاطر نتيجة لتشغيل واستثمار تلك الأموال، وذلك تطبيقاً للقاعدة الشرعية: (الخراج بالضمان).
وقد ورد في توصيات مؤتمر المصرف الإسلامي المنعقد بدبي في مايو 1979م ما يلي: (عدم استحقاق الحساب الجاري أي نصيب في أرباح الاستثمار).
وتمثل الحسابات الجارية مصدراً من مصادر تحقيق الأرباح في المصارف الإسلامية في حالة ما إذا كانت تمثل نسبة كبيرة من إجمالي الودائع نظراً لأنها ودائع غير مكلفة.
وتتفاوت نسبة الحسابات الجارية من مصرف لآخر.
وكلما زادت قدرة المصرف على جذب الودائع غير المكلفة أدى ذلك إلى زيادة الموارد المالية للمصرف الغير مكلفة, مما يؤدى إلى زيادة العائد الناتج من تشغيل هذه الموارد.
2)- الودائع الادخارية (حسابات التوفير):
تُعَدُّ الودائع الادخارية أحد أنواع الودائع لدى المصارف الإسلامية, وهي تنقسم إلى قسمين وهما:
أ - حساب الادخار مع التفويض بالاستثمار: ويستحق هذا الحساب نصيباً من الربح، ويُحْسَب العائدُ من الربح أو الخسارة على أقل رصيد شهري, ويحق للمتعامل الإيداع أو السحب في أي وقت شاء.
ب - حساب الادخار دون التفويض بالاستثمار: وهذا النوع لا يستحق ربحاً، ويكون حكمه حكم الحساب الجاري.
3)- ودائع الاستثمار (حسابات الاستثمار):
وهي الأموال التي يودعها أصحابها لدى المصارف الإسلامية بغرض الحصول على عائد, نتيجة قيام المصرف الإسلامي باستثمار تلك الأموال.
وتخضع هذه الأموال للقاعدة الشرعية: (الغُنْم بالغُرْم).
وتُعَدُّ ودائع الاستثمار أهم مصدر من مصادر الأموال في المصارف الإسلامية، وتبلغ نسبتها في بعض المصارف الإسلامية 8ر29% من إجمالي مصادر الأموال.
وتأخذ ودائع الاستثمار صورة عقد مضاربة بين المودعين وبين المصارف الإسلامية, وتقوم المصارف بموجب عقد المضاربة باستثمار هذه الأموال مقابل نسبة من الربح تحصل عليها.
ويجب أن تُحَدَّد هذه النسبة مُقَدَّماً في العقد؛ وهي حصة شائعة في ا لربح غير محددة بمبلغ معين.
وتُعَدُّ هذه النسبة عائد العمل للمصرف كمضارب في أمواله.
وتنقسم ودائع الاستثمار إلى نوعين:
النوع الأول: الإيداع مع التفويض: بمعنى أن يكون للمصرف الحق في استثمار المبلغ المودَع في أي مشروع من مشروعات المصرف, محلياً أو خارجياً.
وهذا النوع يكون لآجال مختلفة 3, 6, 9, 12, 24 شهراً، وهذه المدة قابلة للتجديد.
وهذا النوع من الإيداع مطبق في بعض المصارف الإسلامية، ويقوم على أساس عقد المضاربة المطلقة.
وقد ألزمت بعض المصارف الإسلامية المودَع (المضارب) ألا يسحب الوديعة أو جزءاً منها إلا بعد انقضاء المدة المحددة للوديعة, وإلا فقد العائد عن الجزء المسحوب من الوديعة.
النوع الثاني: الإيداع بدون تفويض: بمعنى أن يختار المودَع مشروعاً من مشروعات المصرف الإسلامي وتستثمر فيه أمواله, وله أن يحدد مدة الوديعة أو لا يحددها.
وهذا النوع من الإيداع مطبق في بعض المصارف الإسلامية حيث يقوم على أساس عقد المضاربة المقيدة.
ويجب في كلا النوعين من الودائع أن تحدد نسبة الربح مقدما في عقد المضاربة (مطلقة/مقيدة)؛ لأن ذلك هو ما تقتضيه أحكام المضاربة وإلا فسد العقد لجهالة الربح.
4)- صكوك الاستثمار:
تُعَدُّ صكوك الاستثمار أحد مصادر الأموال بالمصارف الإسلامية, وهي البديل الشرعي لشهادات الاستثمار والسندات.
وصكوك الاستثمار تُعَدُّ تطبيقاً لصيغة عقد المضاربة, حيث أن المال من طرف (أصحاب الصكوك) والعمل من طرف آخر (المصرف).
وقد تكون الصكوك مطلقة أو مقيدة ويرجع ذلك إلى نوعية الصك, وتحكم قاعدةُ (الغُنْم بالغُرْم) توزيع أرباح صكوك الاستثمار.
وتأخذ صكوك الاستثمار الأشكال التالية:
أ - صكوك الاستثمار المخصصة لمشروع محدد:
ويَحكم هذه الصكوكَ عقدُ المضاربة المقيدة؛ حيث يقوم المصرف باختيار أحد المشروعات التي يرغب في تمويلها, ثم يقوم بإصدار صكوك استثمار لهذا المشروع ويطرحها للاكتتاب العام.
ويتم تحديد مدة الصك طبقاً للمدة التقديرية للمشروع.
ويتم توزيع جزءٍ من العائد تحت الحساب كل ثلاثة شهور أو ستة شهور, على أن تتم التسوية النهائية حين انتهاء العمل بالمشروع.
ويحصل المصرف على جزء من الربح مقابل الإدارة تحدد نسبته مُقَدَّماً في الصك.
ب - صكوك الاستثمار المخصصة لنشاط معين:
ويَحكم هذه الصكوكَ أيضاً عقد المضاربة المقيدة, حيث يقوم المصرف باختيار أحد الأنشطة سواء كانت أنشطة تجارية أو عقارية أو صناعية أو زراعية, ثم يقوم بإصدار صكوك استثمار لهذه الأنشطة ويطرحها للاكتتاب العام.
ويتم تحديد مدة الصك بين سنة إلى ثلاث سنوات وذلك طبقاً لنوع النشاط.
ويتم توزيع جزء من العائد تحت الحساب كل ثلاثة شهور أو ستة شهور, وتتم التسوية سنوياً طبقاً لما يظهره المركز المالي السنوي لهذا النشاط.
ويحصل المصرف على جزء من الأرباح مقابل الإدارة تحدد نسبته مُقَدَّماً في الصك.
ت - صك الاستثمار العام:
ويَحكم هذا الصكَ عقدُ المضاربة المطلقة.
ويُعَدُّ هذا الصك أحد أدوات الادخار الإسلامية, حيث يقوم المصرف الإسلامي, بإصدار هذه الصكوك المحددة المدة غير المحددة لنوع النشاط, وتطرح هذه الصكوك للاكتتاب العام يستحق الصك عائد كل ثلاثة شهور كجزء من الأرباح تحت حساب التسوية النهائية في نهاية العام وطبقاً لما يظهره المركز المالي للمصرف.
ويحصل المصرف على جزء من الأرباح مقابل الإدارة تحدد نسبته مُقَدَّماً في الصك.
5) - دفاتر الادخار الإسلامية:
تُعَدُّ دفاتر الادخار الإسلامية أحد أنواع الودائع الادخارية بالمصارف الإسلامية, ويمكن السحب والإيداع بهذه الدفاتر في أي وقت.
ويتم صرف العائد لهذه الدفاتر سنوياً وفقاً لنتائج النشاط الفعلي للمصرف.
ويمكن أن يتم صرف عائد ربع سنوي تحت حساب العائد, وعلى أن تتم التسوية في نهاية العام.
6) - ودائع المؤسسات المالية الإسلامية:
انطلاقاً من مبدأ التعاون بين المصارف الإسلامية, تقوم بعض المصارف الإسلامية التي لديها فائض في الأموال, بإيداع تلك الأموال في المصارف الإسلامية التي تعانى من عجز في السيولة النقدية, إما في صورة ودائع استثمار تأخذ عنها عائد, أو في صورة ودائع جارية لا يستحق عنها عائد.
7) - صكوك المقارضة المشتركة أو المخصصة:
تُعَدُّ صكوك المقارضة المشتركة أو المخصصة من مصادر الأموال الخارجية للمصارف الإسلامية.
وهى ناتج البحث الذي قام به رجال المال والاقتصاد وتوصلوا إلى أن يقوم البنك الإسلامي بإصدار صكوك مقارضة على نوعين وهما:
أ - صكوك المقارضة المشتركة: وهى صكوك يُصْدِرُها المصرف بفئات معينة ويطرحها في الأسواق للاكتتاب.
ومن حصيلة هذه الصكوك يقوم المصرف بتمويل الاستثمارات التي يراها, كما يباشر عملياته المصرفية على اختلاف أنواعها, ومن صافى الأرباح مجتمعة يخصص المصرف جزءاً منها لتوزيعه على أصحاب الصكوك ويوزعه عليهم بنسبة قيمة ما يملكه كل منهم من صكوك.
وبذلك تختلف قيمة ما يوزع عليهم من سنة لأخرى تبعاً لما يحققه المصرف من عملياته مجتمعة من أرباح، وبالتالي تنفى شبهه التحريم.
وتُعَدُّ هذه الصكوكُ أحدَ المصادر الخارجية لجذب مدخرات جديدة، وخاصة صغار المدخرين مما يُوَفِّر قدراً من السيولة لدى المصارف الإسلامية.
ب - صكوك المقارضة المخصصة: ويختلف هذا النوع عن النوع الأول في أن المصرف يقوم بدراسة عدة مشروعات ويقوم بتمويل ما يقع عليه اختياره عن طريق طرح صكوك لكل مشروع على حدة, ويقوم أصحاب المدخرات بالاكتتاب في هذه المشروعات كل حسب اختياره, حيث يُعَدُّ صاحبُ الصك في مشروع معينٍ شريكاً فيه بقدر ما يملكه.
ويُعَدُّ المصرف في هذه الحالة وكيلاً عن أصحاب الصكوك في كل ما يتصل بإدارة المشروع، ومراقبة أعماله، وتوزيع أرباحه.
وهذا النوع من الصكوك يحقق فرصة للمدخرين في اختيار المشروع الذي يرغبون في الاكتتاب فيه.
8 ) - شهادات الإيداع:
تُعَدُّ شهادات الإيداع أحد مصادر الأموال متوسطة الأجل بالمصارف الإسلامية.
ويتم إصدار تلك الشهادات بفئات مختلفة لتناسب كافة مستويات دخول المودعين وتتراوح مدة الشهادة من سنة إلى ثلاثة سنوات.
أعمال
المصرف الإسلامي
أعمال المصارف الإسلامية
يمكن تقسيم الأعمال والنشاطات الاقتصادية للمصارف الإسلامية إلى ثلاثة أقسام:
أعمال خدمية.
أعمال تمويلية.
أعمال استثمارية.
الخدمات المصرفية في المصارف الإسلامية([66])
تعد الخدمات المصرفية في المصارف بصفة عامة الواجهة الرئيسية للمتعاملين مع المصرف ووسيلة هامة لجذب المتعاملين الجدد والمحافظة علي المتعاملين الحاليين, فهي بوابة العبور للتعامل في أنشطة المصرف المختلفة.
كما ترجع أهمية الخدمات المصرفية إلى أن الإيرادات الناشئة عنها {إيرادات منخفضة مخاطر}.
ويقدم المصرفي الإسلامي كافة الخدمات المصرفية التي يقدمها البنك التقليدي فيما عدا الخدمات المصرفية التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية والتي تستخدم أسعار الفائدة في تنفيذ تلك الخدمات.
تقسم الخدمات المصرفية المقدمة بالمصارف الإسلامية إلى نوعين هما:
1 - خدمات مصرفية تتضمن عمليات ائتمانية.
2 - خدمات مصرفية لا تتضمن عمليات ائتمانية.
فالخدمات المصرفية التي تتضمن عمليات ائتمانية تخضع لعمليات الدراسات الائتمانية.
فيتم تنفيذها بالمصارف الإسلامية كعمليات استثمارية.
أما الخدمات المصرفية التي لا تتضمن عمليات ائتمانية فيتم تنفيذها كخدمة مصرفية يتم أخذ عمولة أجر مقابل تقديم الخدمة.
أعمال المصرف الإسلامي([67])
أ/ قبول الودائع بأنواعها:
في حسابات ائتمان.
أو في حسابات استثمار مشترك.
أو حسابات استثمار مخصص ولآجال محددة أو غير محددة.
ب/ تقديم الخدمات المالية والمصرفية ومباشرة العمليات المصرفية المختلفة التي أجازها القانون رقم 28 لعام 2001م، والتي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية سواء تمت هذه العمليات لحساب المصرف الإسلامي أو لحساب الغير أو بالاشتراك معه.
ج/ القيام بعمليات التمويل القائمة على غير أساس الفائدة لآجال مختلفة وفى المجالات الاقتصادية التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وذلك باستخدام صيغ العقود الشرعية؛ كعقود المضاربة، وعقود المشاركة، والمشاركة المتناقصة، وبيع المرابحة للآمر بالشراء، وعقود الاستصناع، وعقود بيع السَّلم، وعقود الإجارة التشغيلية، وعقود الإجارة التمليكية، وغيرها من صيغ العقود التمويلية التي توافق عليها هيئة الرقابة الشرعية.
د/ توظيف أموال العملاء الراغبين في حسابات استثمار مشترك مع موارد المصرف الإسلامي وفق نظام المضاربة المشتركة أو توظيفها في حساب استثمار مخصص حسب اتفاق خاص مع العميل.
هـ / القيام بعمليات الاستثمار المباشر أو المالي لحسابها أو لحساب الغير أو بالاشتراك معه بما في ذلك تملك القيم المنقولة وعقود المشاركة وتأسيس الشركات أو المساهمة في الشركات القائمة أو قيد التأسيس التي تزاول أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة.
و/ أية أعمال مصرفية أخرى تقوم على غير أساس الفائدة توافق عليها هيئة الرقابة الشرعية وتسمح بها تعليمات مجلس النقد والتسليف.
الأعمال الخدمية في المصارف الإسلامية والموجودة في المصارف الخاصة
التي أجازها القانون رقم 28 لعام 2001م
يمارس المصرف الخدمات المالية والأعمال المصرفية على أنواعها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، ومن هذه الأعمال:
- منح القروض والسلف مقابل ضمانات عينية أو شخصية، وغيرها من الضمانات التي يحددها مصرف سورية المركزي، باعتبار القروض الممنوحة خدمة غير مأجورة.
- توفير التسهيلات اللازمة لعمليات الحفظ الأمين للنقود والأوراق المالية والمقتنيات الثمينة والوثائق.
- فتح الحسابات الجارية، وحسابات التوفير.
- خدمات الدفع عن الغير، وخدمات التحصيل للأوراق التجارية.
- تحويل الأموال في الداخل والخارج.
- فتح الاعتمادات المستندية وتبليغها.
- إصدار أدوات الدفع بما في ذلك بطاقات الائتمان والشيكات السياحية وإدارتها وفق التعليمات الصادرة عن لجنة إدارة مكتب القطع.
- إصدار وقبول الكفالات بأنواعها، وكذا خطابات الضمان، وكتب الاعتماد الشخصي.
- شراء وبيع أسهم الشركات المساهمة المطروحة أسهمها للاكتتاب العام، وكذلك الأوراق المالية الأخرى المسموح بتداولها في الجمهورية العربية السورية وفق الضوابط والنسب التي يحددها مصرف سورية المركزي.
- القيام بإدارة المشروعات.
- القيام بدور الوصي المختار في تنفيذ الوصايا والتركات وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
- القيام بخدمات اجتماعية؛ مثل: القرض الحسن للغايات الإنسانية؛ كالزواج والتعليم والاستشفاء، وكخدمة جمع الزكاة وتوزيعها على المستحقين.
طريقة تقديم القروض والسُّلف في المصارف
إما عن طريق خصم الكمبيالات التجارية قصيرة الأجل؛ حتى شهر، تسهيلاً وجذباً للمتعاملين، مع ضمان المتعامل قيمة الورقة التجارية عند عدم الوفاء وقت الاستحقاق.
أو بطريقة الإقراض المقسَّط؛ لغايات إنسانية نبيلة؛ كالعلاج والزواج والكوارث والدراسة.
مع ملاحظة الامتناع في جميع الأحوال أن تُقدَّم هذه الخدمة بطريق التسليف على أساس الحساب الجاري مدين.
الحسابات الجارية
عبارة عن حساب دائن يُعطي للمتعامل مع المصرف الحق في الإيداع به أو السحب منه في أي وقت يشاء؛ نقداً أو بشيكات، أو بإيصالات سحب نقدية على شباك الصرف، أو من الصراف الآلي.
والحساب الجاري قرض تحت الطلب لا يتحمل المتعامل فيه أية خسائر، وبالمقابل لا يستحق أية أرباح أو عوائد.
ويلتزم المصرف بدفع جميع المبالغ التي بالحساب لصاحبها وقت طلبه.
وتحقق الحسابات الجارية سيولة دون أي تكلفة، مع حق المصرف في توظيفها لصالحه، وعلى ضمانه.
وهذا يتطلب ضبط تكييف المبالغ المودعة في تلك الحسابات وإعداد طلبات فيها شروط وبيانات تنسجم مع طبيعة هذه الحسابات.
وللبنك أن يُضمن تلك الشروط حقه في المقاصة بين مستحقاته على أصحاب تلك الحسابات والرصيد المتكون فيها.
ويتطلب تنظيم دفاتر حسابات، وشيكات، وإشعارات، مع ربط الحسابات ببطاقة صرف آلية، مع بيان ما يحق للبنك تقاضيه من العمولات المختلفة وفق الضوابط الشرعية.
حساب الادخار الاستثماري، أو حساب التوفير
فتح حساب في المصرف مع تفويضه بالاستثمار، وتُقيَّد عمليات السحب والإيداع بدفتر لدى المتعامل، ويحق له الإيداع في أي وقت، وتُقبل الإيداعات نقداً، أو بشيكات تحت التحصيل، أو بتحويلات.
ويتم استثمار الأموال المودَعة في هذا الحساب على أساس عقد المضاربة المطلقة، ويبذل المصرف قصارى جهده لتحقيق المصلحة المشتركة بينه وبين المتعاملين معه.
وتُحسب الأرباح على أقل رصيد خلال الشهر.
ويحق للمتعامل السحب مرة واحدة فقط خلال الشهر، ولا يُشارك المبلغ المسحوب في الاستثمار خلال شهر السحب.
ويمكن لأصحاب هذه الحسابات السحب من حساباتهم والإيداع بها والتحويل إلى غيرها من الحسابات عن طريق الصراف الآلي وبأي فرع من فروع المصرف وعلى مدار الساعة.
وتبدأ مشاركة المبالغ المودَعة في الاستثمار اعتباراً من أول يوم في الشهر التالي لشهر الإيداع.
أما المبالغ المودَعة في اليوم الأول من الشهر فإنها تُشارك في الاستثمار في الشهر نفسه.
ويُوزع الربح بين المصرف (المضارب) والمستثمر (صاحب المال) حسب النسبة المتفق عليها في العقد بين الطرفين وقت طلب فتح الحساب ضمن الخيارات المطروحة، ويُخطر صاحب الحساب بأية تغييرات (اضطرارية) لهذه النسبة.
وتُعتبر حسابات الاستثمار من أهم طرق حشد الأموال، حيث إنها هي البديل الشرعي لإيداع الأموال بالفائدة الربوية.
وحسابات الاستثمار أساسها غالباً المضاربة المُطلقة، وقد تقوم على أساس المضاربة المقيدة، ولاسيما بالنسبة للودائع المخصصة التي تستثمر على حدة خارج الوعاء العام للاستثمار.
ويتطلب الأمر إعداد نماذج لحسابات الاستثمار التي ينبغي أن تشتمل على أهم أحكام عقد المضاربة من حيث:
1- تحديد نسب الأرباح بين المصرف بصفته مضارباً والمستثمرين بصفتهم أرباب المال.
2 - ويستتبع ذلك بعض المبادئ الشرعية التي يُحتاج إليها في تطبيق المضاربة المشتركة مثل:
أ - طريقة النمر في احتساب الأرباح.
ب ـ والمبارأة لتغطية التخارج.
في ضوء القرار الذي صدر عن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الثالثة عشرة بالكويت عن حسابات الاستثمار المشتركة.
بسم اللـه الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين([68]).
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي (المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي) المنعقد في دورته الثالثة عشرة بدولة الكويت في الفترة من 7 إلى 12 شوال 1422هـ، الموافق في 22 – 27 ديسمبر 2001م.
بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع (القراض أو المضاربة المشتركة في المؤسسات المالية ((حساب الاستثمار)) وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة أعضاء المجمع وخبرائه.
قرر ما يأتي:
أولاً:
أ- المضاربة المشتركة: هي المضاربة التي يعهد فيها مستثمرون عديدون ـ معاً أو بالتعاقب ـ إلى شخص طبيعي أو معنوي، باستثمار أموالهم، ويطلق له غالباً الاستثمار بما يراه محققًا للمصلحة، وقد يقيد بنوع خاص من الاستثمار، مع الإذن له صراحة أو ضمنًا بخلط أموالهم بعضها ببعض، أو بماله، أو موافقته أحيانًا على سحب أموالهم كليًا أو جزئيًا عند الحاجة بشروط معينة.
ب- المستثمرون بمجموعهم هم أرباب المال، والعلاقة بينهم ـ بما فيهم المضارب إذا خلط ماله بمالهم ـ هي المشاركة، والمتعهد باستثمار أموالهم هو المضارب، سواء أكان شخصًا طبيعيًا أم معنويًا، مثل المصارف والمؤسسات المالية، والعلاقة بينه وبينهم هي المضاربة (القراض)؛ لأنه هو المنوط به اتخاذ قرارات الاستثمار والإدارة والتنظيم، وإذا عهد المضارب إلى طرف ثالث بالاستثمار فإنها مضاربة ثانية بين المضارب الأول وبين من عهد إليه بالاستثمار، وليست وساطة بينه وبين أرباب الأموال (أصحاب الحسابات الاستثمارية).
جـ- هذه المضاربة المشتركة مبنية على ما قرره الفقهاء من جواز تعدد أرباب الأموال، وجواز اشتراك المضارب معهم في رأس المال، وإنها لا تخرج عن صور المضاربة المشروعة في حال الالتزام فيها بالضوابط الشرعية المقررة للمضاربة، مع مراعاة ما تتطلبه طبيعة الاشتراك فيها بما لا يخرجها عن المقتضى الشرعي.
ثانيًا: ومما تختص به المضاربة المشتركة من قضايا غالبًا ما يأتي:
أ – خلط الأموال في المضاربة المشتركة:
لا مانع من خلط أموال أرباب المال بعضها ببعض أو بمال المضارب، لأن ذلك يتم برضاهم صراحة أو ضمنًا، كما أنه في حالة قيام الشخص المعنوي بالمضاربة وتنظيم الاستثمار لا يخشى الإضرار ببعضهم لتعين نسبة كل واحد في رأس المال، وهذا الخلط يزيد الطاقة المالية للتوسع في النشاط وزيادة الأرباح.
ب – لزوم المضاربة إلى مدة معينة، وتوقيت المضاربة:
الأصل أن المضاربة عقد غير لازم، ويحق لأي من الطرفين فسخه، وهنالك حالتان لا يثبت فيهما حق الفسخ، وهما:
(1) إذا شرع المضارب في العمل حيث تصبح المضاربة لازمة إلى حين التنضيض [التحويل إلى سيولة نقدية] الحقيقي أو الحكمي.
(2) إذا تعهد رب المال أو المضارب بعدم الفسخ خلال مدة معينة فينبغي الوفاء، لما في الإخلال من عرقلة مسيرة الاستثمار خلال تلك المدة.
ولا مانع شرعًا من توقيت المضاربة باتفاق الطرفين، بحيث تنتهي بانتهاء مدتها دون اللجوء إلى طلب الفسخ من أحدهما، ويقتصر أثر التوقيت على المنع من الدخول في عمليات جديدة بعد القوت المحدد، لا يحول ذلك دون تصفية العمليات القائمة.
جـ – توزيع الربح بطريقة (النمر) في المضاربة المشتركة:
لا مانع شرعًا حين توزيع الأرباح من استخدام طريقة النمر القائمة على مراعاة مبلغ كل مستثمر ومدة بقائه في الاستثمار؛ لأن أموال المستثمرين ساهمت كلها في تحقيق العائد حسب مقدارها ومدة بقائها، فاستحقاقها حصة متناسبة مع المبلغ والزمن هو أعدل الطرق لإيصال مستحقاتهم إليهم، لأن دخول حصة المستثمرين في المضاربة المشتركة بحسب طبيعتها موافقة ضمنًا على المبارأة عما يتعذر الوصول إليه، كما أن من طبيعة المشاركة استفادة الشريك من ربح مال شريكة، وليس في هذه الطريقة ما يقطع المشاركة في الربح، وهي مشمولة بالرضا بالنسب الشائعة الناتجة عنها.
د – تأليف لجنة متطوعة لحماية حقوق أرباب المال (لجنة المشاركين):
حيث إن للمستثمرين (أرباب الأموال) حقوقًا على المضارب تتمثل في شروط الاستثمار المعلنة منه والموافق عليها منهم بالدخول في المضاربة المشتركة، فإنه لا مانع شرعًا من تأليف لجنة متطوعة تختار منهم لحماية تلك الحقوق، ومراقبة تنفيذ شروط المضاربة المتفق عليها دون أن تتدخل في قراراته الاستثمارية إلا عن طريق المشورة غير الملزمة للمضارب.
هـ – أمين الاستثمار:
المراد بأمين الاستثمار أي مصرف أو مؤسسة مالية ذات درجة عالية في التصنيف وخبرة وملاءة مالية يعهد إليه تسلم الأموال والمستندات الممثلة للموجودات ليكون مؤتمنًا عليها، ولمنع المضارب من التصرف فيها بما يخالف شروط المضاربة، ولا مانع من ذلك شرعًا بشرط أن يكون ذلك مصرحًا به في النظام (المؤسسة أو المضاربة) ليكون المساهمون على بينة، وبشرط ألا يتدخل أمين الاستثمار في القرارات، ولكن يقتصر عمله على الحفظ والتثبت من مراعاة قيود الاستثمار الشرعية والفنية.
و – وضع معدل لربح المضاربة وحوافز للمضارب:
لا مانع شرعًا من وضع معدل متوقع للربح، والنص على أنه إذا زاد الربح المتحقق عن تلك النسبة يستحق المضارب جزءًا من تلك الزيادة، وهذا بعد أن يتم تحديد نسبة ربح كل من الطرفين، مهما كان مقدار الربح.
ز – تحديد المضارب في حال إدارة المضاربة من قبل الشخص المعنوي (المصرف أو المؤسسة المالية):
في حال إدارة المضاربة من قبل شخص معنوي، كالمصارف والمؤسسات المالية، فإن المضارب هو الشخص المعنوي، بصرف النظر عن أي تغيرات في الجمعية العمومية أو مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية، ولا أثر على علاقة أرباب المال بالمضارب إذا حصل تغير في أي منها، ما دام متفقًا مع النظام المعلن والمقبول بالدخول في المضاربة المشتركة، كما لا تتأثر المضاربة بالاندماج بين الشخص المعنوي المدير لها مع شخص معنوي آخر، وإذا استقل أحد فروع الشخص المعنوي وصارت له شخصية معنويةمغايرة فإنه يحق لأرباب المال الخروج من المضاربة ولو لم تنته مدتها.
وبما أن الشخص المعنوي يدير المضاربة من خلال موظفيه وعماله فإنه يتحمل نفقاتهم، كما يتحمل جميع النفقات غير المباشرة، لأنها تُغطى بجزء من حصته من الربح.
ولا تتحمل المضاربة إلا النفقات المباشرة التي تخصها، وكذلك نفقات ما لا يجب على المضارب عمله، مثل من يستعين بهم من خارج جهازه الوظيفي.
ح – الضمان في المضاربة، وحكم ضمان المضاربة:
المضارب أمين، ولا يضمن ما يقع من خسارة أو تلف إلا بالتعدي أو التقصير، بما يشمل مخالفة الشروط الشرعية أو قيود الاستثمار المحددة التي تم الدخول على أساسها، ويستوي في هذا الحكم المضاربة الفردية والمشتركة، ولا يتغير بدعوى قياسها على الإجارة المشتركة، أو بالاشتراط والالتزام، ولا مانع من ضمان الطرف الثالث طبقًا لما ورد في قرار المجمع رقم 30 ( 5/4 ) فقرة ( 9 ).
وفيما يأتي شرح وعرض لبعض أساليب الخدمة المصرفية:
تقوم المصارف الإسلامية بجميع أعمال المصارف الخدمية في المصارف الربوية، ولكن بشروط وحالات تجنبها الربا، أو الوقوع في عقود محرمة شرعاً، فمن ذلك:
الأوراق التجارية([69]):
تستخدم الأوراق التجارية (الكمبيالة, السند الإذني, الشيك) بصفة عامة في الأعمال التجارية كسند يثبت فيه المدين تعهداً للدائن بدفع مبلغ معين إما بنفسه أو عن طريق شخص آخر في تاريخ معين.
وتستخدم الأوراق التجارية أداة للوفاء بالديون مقابل الغير بحيث يمكن تحويل المديونية من شخص لآخر. وجرى العرف علي أن أكثر هذه الأوراق تداولا هي الكمبيالة.
وتقوم المصارف التقليدية عادة بتقديم مجموعة من الخدمات المصرفية متعلقة بالأوراق التجارية وهي:
- تحصيل الأوراق التجارية: وهذه الخدمة من الناحية الشرعية جائزة ويتقاضى المصرف عنها عمولة أو أجر وتكييفا الشرعي وكالة.
- قبول الأوراق التجارية كضمان: لا يوجد مانع شرعا من قبول الأوراق التجارية كضمان في بعض العمليات الاستثمارية إذا تم التأكد من صحة الأوراق التجارية المقدمة كضمان.
- حفظ الأوراق التجارية: وهذه الخدمة من الناحية الشرعية جائزة ويؤخذ عليه أجر مقابل الخدمة.
- خصم الأوراق التجارية: ومفهومها أن يتقدم المتعامل للمصرف بطلب تحصيل القيمة الحالية لكمبيالة تستحق بعد فترة بعد خصم مبلغ معين يتم احتسابه باستخدام سعر الفائدة وهو يمثل الفترة بين تاريخ الخصم وتاريخ الاستحقاق, وهذه العملية لا يجوز تنفيذها في المصارف الإسلامية لأنها تعتمد علي استخدام سعر الفائدة في تحديد القيمة الحالية للكمبيالة.
البطاقات الائتمانية (فيزا كارد) ([70]):
تعريفها: وهي بطاقة ممغنطة مسجل عليها اسم الشخص والرقم وتاريخ المنح والصلاحية، يتم إدخالها في جهاز الحاسب الآلي ـ الكمبيوتر ـ ليتأكد البائع من توفر رصيد للمشتري يسمح بعقد هذه الصفقة بالبطاقة.
تعريفها القانوني([71]): مستند يعطيه مصدره لشخص طبيعي أو اعتباري (بناء على عقد بينهما) يمكنه من شراء السلع أو الخدمات ممن يعتمد المستند دون دفع الثمن حالاً لِتَضَمُّنِه التزام المصدر بالدفع.
ويتقاضى المصرف رسوماً تتمثل في:
- تكاليف إصدار البطاقة.
- رسوم تدفع للشركة الدولية.
وفي حال السحب النقدي:
يتقاضى البنك التقليدي فائدة.
بينما يشترط المصرف الإسلامي عدم استخدامها في السحب النقدي؛ إلا في أضيق الحدود، ويعتبرها المسحوب خلال شهر من باب (القرض الحسن).
ولا يخفى الأهمية القصوى لهذه الخدمة، وضرورة توفير البنك لها لإغناء عملائه عن البطاقات التقليدية سواء كانت البطاقات مغطاة (بطاقة الحسم الفوري من الرصيد) أو الحسم غير مغطاة، وسواء استخدمت للحصول على السلع أو الخدمات أو السحب النقدي.
وهناك آلية مشروعة لتطبيق منح الأجل في البطاقة بدون فوائد، وبدون تفويت المنفعة على المصرف.
وفي الحالتين لابد من مراعاة قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، والمعيار الشرعي لهيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية، وتنظيم اتفاقيات وعقود للأطراف المختلفة (المنظمة الراعية، البنك التاجر، البنك المُصدر، حامل البطاقة)، كل ذلك وفق الضوابط الشرعية اللازمة.
لبطاقات الائتمان صور:
- منها: ما يكون السحب أو الدفع بموجبها من حساب حاملها في المصرف، وليس من حساب المصدر؛ فتكون بذلك مغطاة.
ومنها: ما يكون الدفع من حساب المصدر، ثم يعود على حاملها في مواعيد دورية.
ومنها: ما يفرض فوائد ربوية على مجموع الرصيد غير المدفوع خلال فترة محددة من تاريخ المطالبة.
ومن أنواع هذا المستند ما لا يفرض فوائد.
ومنها ما يمكِّن مِن سحب نقود من المصارف.
وأكثرها يفرض رسماً سنوياً على حاملها.
منها: ما لا يفرض فيه المصدر رسماً.
وقد انتشر في الآونة الأخيرة استخدام البطاقات الائتمانية (فيزا) بديلاً عصرياً عن حمل النقود, لما لها من مزايا أمنية للتعامل, إضافة إلي سهولة استخدامها وقبولها دولياً من كافة المؤسسات التجارية والخدمية.
ويتقاضى المصرف مقابل تقديم هذه الخدمة رسوم تتمثل في تكاليف إصدار البطاقة ورسوم تدفع للشركة الدولية.
وتستخدم هذه البطاقة في سداد قيمة مشتريات العملاء أو استخدامهم لخدمات الفنادق أو السفر بالطائرات أو ما شابه ذلك.
وتختلف المصارف الإسلامية عن المصارف التقليدية في نقطة هامة في استخدام بطاقات (الفيزا) وهي عملية استخدام البطاقة في السحب النقدي, فالمصرف التقليدي يتقاضى مقابل ذلك فائدة عن السحب النقدي, أما المصرف الإسلامي فإنه يشترط على المتعامل عدم استخدامها في عمليات السحب النقدي إلا في أضيق الحدود, وفي حالة السحب النقدي لا يتقاضى المصرف أي فائدة بل يعتبر ذلك من قبيل القرض الحسن.
وهي على نوعين: بطاقة غير مغطاة، وبطاقة مغطاة.
البطاقة غير المغطاة:
وهي التي لا يكون لها رصيد أصلاً، وإنما تقدمها بعض المصارف لبعض العملاء لكونه من الزبائن الممتازين، وله حسابات متعددة وأعمال متنوعة مع المصرف، وأما عن حكمها الشرعي، فقد صدر قرار عن مجمع الفقه الإسلامي بما يأتي([72]):
أولاً: لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة، ولا التعامل بها، إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازماً على السداد ضمن فترة السماح المجاني.
ثانياً: يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شرط زيادة ربوية على
أصل الدَّين.
ويتفرع على ذلك:
أ – جواز أخذ مُصْدِرِها من العميل رسوماً مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجراً فعلياً على قدر الخدمات المُقَدَّمة منه.
ب – جواز أخذ البنك المُصْدِر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد.
ثالثاً: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراض من مُصْدِرِها، ولا حرج فيه شرعاً إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يُعَدُّ من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض او مدته مقابل هذه الخدمة.
وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرَّمة؛ لأنها من الربا المحرَّم شرعاً([73]).
رابعاً: لا يجوز شراء الذهب والفضة وكذا العملات النقدية بالبطاقة غير المغطاة.
البطاقة المغطاة:
وهي التي يكون لها رصيد نقدي في حساب العميل، بأن يدفع مالاً ويأخذ بطاقة بقيمته، أو يكون له حساب والبطاقة تخوله أن يسحب بمقدار ما لديه من رصيد، أو بأن كان راتبه الشهري يحول إليه عبر حساب لدى المصرف، فيستخدم البطاقة للسحب عند الحاجة، وأما عن حكم هذا النوع من البطاقات فقد قرر مجمع الفقه الإسلامي ما يأتي([74]):
يجوز إصدار بطاقات الائتمان المغطاة، والتعامل بها، إذا لم تتضمن شروطه دفع الفائدة عند التأخر في السداد.
ينطبق على البطاقة المغطاة ما جاء في القرار 108(2/12) ([75]) بشأن الرسوم، والحسم على التجار ومقدمي الخدمات، والسحب النقدي بالضوابط المذكورة في القرار.
يجوز شراء الذهب أو الفضة أو العملات بالبطاقة المغطاة.
لا يجوز منح المؤسسات حامل البطاقة امتيازات محرمة؛ كالتأمين التجاري أو دخول الأماكن المحظورة شرعاً، أما منحه امتيازات غير محرمة مثل أولوية الحصول على الخدمات أو التخفيض في الأسعار، فلا مانع من ذلك شرعاً.
على المؤسسات المالية الإسلامية التي تقدم بدائل للبطاقة غير المغطاة أن تلتزم في إصدارها وشروطها بالضوابط الشرعية، وأن تتجنب شبهات الربا أو الذرائع التي تؤدي إليه، كفسخ الدَّين بالدَّين.
خطاب الضمان([76]):
تعد خطابات الضمان من الأنشطة المصرفية الهامة, حيث أصبحت أداة للتعامل الاقتصادي الداخلي والخارجي علي حد سواء وخاصة في مجال التعاقدات والمقاولات.
ويُعتبر خطاب الضمان (أو الضمان البنكي) بأنواعه من أهم الخدمات المصرفية التي يقدمها البنك لعملائه لتسهيل تعاملاتهم مع الجهات الحكومية والشركات.
تعريفه: هو تعهد كتابي يصدر من المصرف ـ بناء على طلب العميل ـ بدفع مبلغ نقدي معين، أو قابل للتعيين، بمجرد أن يطلب المستفيد ذلك من المصرف؛ خلال مدة معينة.
وتوجد أنواع متعددة لخطابات الضمان منها:
خطاب ضمان ابتدائي.
خطاب ضمان نهائي.
خطاب ضمان دفعة مقدمة.
ويتم عادة قيام العميل بتغطية جزء من قيمة خطاب الضمان ( نسبة %).
والتكييف الشرعي لدى الفقهاء أن خطابات الضمان تتضمن أمرين (الوكالة, الكفالة).
وقد اتفق المستشارون الشرعيون للمصارف علي عدم أخذ أجرة علي إصدار خطاب الضمان, وتري الهيئات الشرعية أن يتم إصدار خطاب الضمان في إحدى صور قنوات الاستثمار.
وترجع عمولة الضمان البنكي بأنواعه إلى أساس شرعي واحد هو الأجر على الضمان المجرد.
وللتوضيح فإن هذه العمولة تكون كذلك إذا كان الضمان بلا غطاء لمبلغه، وبالتالي يجب ألا تزيد عمولته على التكاليف الفعلية المصاحبة لإصداره، أما إذا كان مبلغ الضمان مغطى من قبل العميل المستصدر له فإنه يكون ضماناً بنكياً في مواجهة المستفيد منه، ووكالة بالدفع نيابة على العميل في حقيقته الشرعية.
ومن ثم يجوز للبنك أن يأخذ منه أجر وكالة يمكن أن تُربط بمبلغ الضمان وزمنه. وبين هاتين الصورتين توجد صورة ثالثة وهي صورة الضمان المغطى جزئياً، فهذا الضمان يكون ضماناً مجرداً في جزء، ووكالة في جزء هو الجزء المغطى، وتكون عملة كل جزء وفق تكييفه.
وفي هذا الصدد يلزم صياغة طلب إصدار خطاب ضمان، ورسالة خطاب ضمان، وإعداد جدول شرائح للعمولات الخاصة بالضمان المكشوف بالكامل بحيث يُراعى أن تكون العمولات مغطية للتكلفة الفعلية وموزعة بحسب شرائح المبالغ المفترضة للضمانات. ويُضمن هذا الجدول ضابطاً يُعتمد عليه في حساب عمولة الخطاب ذات الغطاء الجزئي باعتبارها عمولة فعلية في جزء وعمولة وكالة في جزء.
كما يُضمن ما يجوز في تقدير عمولة الخطابات المغطاة بشكل كامل باعتبارها عمولة وكالة يجوز فيها ما يجوز في عمولة الوكالة عموماً.
كما يلزم أيضاً بيان كيفية تحديد عمولة تعديل أو تمديد الضمان بحسب حالة الغطاء، وهذا وفق الضوابط الشرعية المتعلقة بذلك.
ويسمى في فقه المعاملات الكفالة، وهي كالقرض؛ من أعمال الإرفاق والإحسان الذي يدعو إليه الإسلام، ويحث على توفيره بين المسلمين في التعاون والتكامل والتضامن، كأن يقدم المُقْرِض ماله بدون فائدة أو أجر، أو أن يكفل غيره كذلك بدون أجر، وهذا جائز، ويدخل تحت باب الكفالة التي توسع بها جميع الفقهاء في كتبهم.
وخطابات الضمان أنواع، منها الابتدائية أو المؤقتة المقدمة للجهات الحكومية في العطاءات والمناقصات، ومنها خطابات الضمان النهائية لحسن تنفيذ العقود المبرمة، ومنها خطاب الضمان للتمويل.
ويجوز للكفيل الضامن ـ المصرف ـ أن يأخذ المصاريف أو أجور التنقل التي دفعها لأجل الضمان دون زيادة.
وخطابات الضمان من المعاملات المصرفية المعاصرة التي عرضت عدة مرات على مجمع الفقه الإسلامي بجدة، والمؤتمرات الفقهية، وندوات الاقتصاد الإسلامي، وصدر فيها عدة قرارات توضح الجوانب الجائزة، وتحذر من الوقوع في الربا، ومنعت أجر الضمان، وأجازت للمصارف استرداد المصاريف الإدارية.
وإن أصرَّ المصرف الإسلامي على أخذ أجرة، فيتم في حال التمويل، وتحويل القرض إلى قِراض أو مشاركة في الربح، ويحصل المصرف على حصته من الربح الجائز والمشروع بالنص والإجماع.
كما يمكن أن تشمل خطابات الضمان الوكالة المقررة شرعاً، ويجوز أن تكون بأجر، وتكون العمولة مقابل الوكالة([77]).
وقد درس مجمع الفقه الإسلامي خطاب الضمان وأصدر فيه القرار الآتي([78]):
أولاً: إن خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلو:
إما أن يكون بغطاء أو بدونه.
فإن كان بدون غطاء، فهو: ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيما يلزم حالاً أو مآلاً، وهذه هي حقيقة ما يعنى في الفقه الإسلامي باسم: الضمان أو الكفالة.
وإن كان خطاب الضمان بغطاء فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي: الوكالة، والوكالة تصح بأجر أو بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد (المكفول له).
ثانياً: إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد به الإرفاق والإحسان.
وقد قرر الفقهاء: عدم جواز أخذ العوض على الكفالة؛ لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جَرَّ نفعاً على المقروض، وذلك ممنوع شرعاً، لذا قرر المجمع ما يلي:
أولاً: إن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان (والتي يراعي فيها عادة مبلغ الضمان ومدته) سواء أكان بغطاء أم بدونه.
ثانياً: إن المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعية جائزة شرعاً، مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي، يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء.
إذاً، فخطاب الضمان المغطَّى غطاءً جزئياً، يكون وكالة في الجزء المُغَطَّى، وقرضاً في الجزء غير المغطَّى، فيجوز أخذ أجر على الوكالة، ولا تجوز الزيادة في القرض.
وفي حال كون غطاء خطاب الضمان كلياً، يكون المصرف وكيلاً يستحق أجراً على الوكالة.
وفي حال كون غطاء خطاب الضمان جزئياً أو كان الخطاب غير مغطى لعدم توفر السيولة لدى العميل، يكون المصرف شريكاً لعميله في الصفقة التي هي محل خطاب الضمان.
بوالص التحصيل الصادرة والواردة:
تتم هذه العمليات دون وجود اعتماد مستندي وتتنوع حالاتها تبعاً لمقدرة العميل على الدفع وتحصيل البوالص عن طريق البنك بعمولة، أو عدم مقدرته ومعالجة ذلك عن طريق توكيل العميل بالشراء نيابةً عن البنك ثم البيع إليه بالمرابحة، أو شراء المصرف البضاعة مباشرة بدون اعتماد مستندي.
وتحتاج عمليات التحصيل إلى دقة في صياغة عقودها ومستنداتها بسبب تداخل العلاقات التعاقدية وتنوعها وحاجة التجار إلى السرعة في التنفيذ.
فتح الاعتمادات المستندية وتبليغها([79]):
تعد الاعتمادات المستندية من أهم الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف بصفة عامة, حيث تعد أساس الحركة التجارية (الاستيراد - التصدير) في كافة أنحاء العالم والتي تنفذ من خلال شبكة المراسلين للمصارف حول العالم.
ويُعَرَّف الاعتماد المستندي بأنه: طلب يتقدم به المتعامل من أجل سداد ثمن مشتريات بضائع من الخارج, يقوم البنك بموجبه عن طريق المراسلين بسداد القيمة بالعملة المطلوب السداد بها.وتنفذ الاعتمادات المستندية بالمصارف من خلال أسلوبين هما:
أ- الأسلوب الأول: وهو تنفيذ الاعتماد المستندي كخدمة مصرفية حيث يتم تغطيته بالكامل من قبل المتعامل, ويقتصر دور المصرف علي الإجراءات المصرفية لفتح الاعتماد لدي المراسل وسداد قيمة الاعتماد بالعملة المطلوبة.
ب- الأسلوب الثاني: وهو تنفيذ الاعتماد المستندي كائتمان مصرفي حيث يقوم المتعامل بسداد جزء فقط من قيمة الاعتماد ويقوم المصرف باستكمال سداد قيمة الاعتماد كعملية ائتمانية.وتنفذ هذه العملية بالمصرف الإسلامي عن طريق إحدى قنوات الاستثمار (مرابحة - أو مشاركة الاعتمادات).
وفي حالة تنفيذ المصرف للاعتماد المستندي كخدمة مصرفية فهي خدمة جائزة شرعاً تندرج تحت قواعد الوكالة والإجارة يتقاضى المصرف عن تأديتها أجراً.
وفي حالة تنفيذها كعملية استثمارية فهي تندرج تحت قواعد عقود البيوع والمشاركات.
- تتم الاعتمادات المستندية في المصارف التقليدية بأحد أسلوبين:
أ ـ خدمة مصرفية (حالة التغطية الكاملة)، ودور المصرف: فتح الاعتماد لدى البنك المراسل، وسداد قيمة الاعتماد.
ب ـ ائتمان مصرفي (تغطية جزئية)، حيث يقوم المصرف باستكمال سداد قيمة الاعتماد، ثم يطالب به العميل على أقساط بفوائد ربوية.
- وتتم الاعتمادات المستندية في المصارف الإسلامية بالأساليب الآتية:
في حال كون (التغطية الكاملة لقيمة الاعتماد): تعد المسألة خدمة مصرفية، ويكون دور المصرف: فتح الاعتماد، وسداد قيمته، وفي الاعتمادات المستندية المُمَوَّلَة تمويلاً ذاتياً من العميل يكون المصرف وكيلاً، ويستحق أجراً على وكالته.
وفي (حالة التغطية الجزئية): يكون الاختيار بين المرابحة والمشاركة بين المصرف والعميل.
فهي اعتمادات يقدمها المصرف الإسلامي لعملائه في صور عديدة لتقديم الوساطة مع أجر، كوكيل بأجر، أو تقوم بها الشركة في الصفقة، ويوزع الربح بينهما، أو يقوم المصرف بشراء البضاعة مع الوعد من العميل بشرائها عند استلامها في ميناء الشحن، أو الوصول، على أساس بيع المرابحة بشروطه المقررة شرعاً([80]).
وفي الاعتمادات المستندية التي يُمَوِّلها المصرف بالكلية تَتَحَوَّل المعاملة إلى شركة مضاربة، بحيث يكون الربح بين المصرف والعميل بحسب الاتفاق، كما يمكن أنْ تكون العملية على أساس المرابحة.
وفي الاعتمادات المستندية التي يدفع العميل جزءًا من المال فيها، والمصرف هو الذي يدفع الباقي، لا بُدَّ أنْ تكون العملية قائمة على أساس المرابحة.
الاعتمادات المستندية الصادرة والواردة:
الاعتمادات تشمل عمليات التصدير والاستيراد، وتُغطي حالتي الاعتمادات بالوكالة، والاعتماد بالمرابحة وذلك بعمولة في الوكالة، وربح في المرابحة. كما أن هناك حلولاً للحالة التي يتردد فيها العميل بين الإقبال على اعتماد الوكالة أو الدخول في اعتماد المرابحة.
وتوجد آليات شرعية لمعالجة حالة عجز العميل عن تغطية الاعتماد وذلك بالدخول معه في مشاركة بالضوابط الشرعية للشركة.
وفي حالة اختلاف عملة الاعتماد لصالح المصرف عن عملة المرابحة مع العميل واحتمال مواجهة مشكلة تغير سعر الصرف، هناك حلول شرعية معتمدة من بعض الندوات ومن المعايير الشرعية للمجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
مع ضرورة صياغة العقود بصورة يؤمن معها من نشؤ علاقة تعاقدية بين العميل والمورد لجوئه إلى المصرف ومعالجة ذلك آلياً في حال وجودها.
والاعتمادات تتنوع إلى محلية وخارجية حسب مصدر البضاعة.
الحوالة (الكمبيالة) أو السُفتجة([81]):
يحتاج كثير من العملاء بالمصارف إلى إجراء عملية تحويل أموال داخل البلد الواحد، أو إلى بلاد أخرى خارجية.
ويتم تغطية هذه الخدمة إما عن طريق التحويلات البرقية أو التلكس أو عن طريق شيكات تحصل في بلد المستفيد.
وتندرج هذه الخدمات في العقد الشرعي (الوكالة) ويتقاضى المصرف مقابل ذلك أجرا.
وهي قرض يسدد في بلد آخر، وأجازها بعض العلماء القدامى، عندما يكون فيها مؤنة وتكلفة على المقترض([82]).
وتجوز الحوالة ولو حصلت للمقترض منفعة في توفير أجر التحويل والضمان من المخاطر.
الحساب الجاري:
وهو وديعة تحت الطلب، ومن حق المودع أن يأخذ ماله كلاً أو جزءاً متى شاء، والمصرف ملتزم بالسداد الفوري متى طلب المودع، وهذا يتفق مع عقد الوديعة في الفقه الإسلامي، أو مع عقد القرض، والمصرف لا يؤدي فائدة على هذا القرض، بينما تدفع البنوك الربوية فائدة على القرض، ومثل ذلك على صناديق التوفير، وهذا حرام، لأنه ربا محرم.
ويمكن القول أن الحسابات الجارية تعد أهم الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف للعملاء.
ويتيح الحساب الجاري للعميل حفظ أمواله في المصرف مع إمكانية سحبها أو سداد أي التزام مالي عليه في أي وقت, سواء عن طريق إصدار شيكات للدائنين, أو السحب من رصيده مباشرة من خلال فروع المصرف أو من خلال ماكينات الصرف الآلي (ATM) والتي تعمل طوال اليوم, أو سداد قيمة مشتريات من خلال ماكينات نقاط البيع (P.O.S).
وقد اختلف الفقهاء في التكييف الشرعي للحساب الجاري، هل هو عقد وديعة أو عقد قرض.
وقد اتفق الفقهاء على أن الحساب الجاري هو عقد قرض.
كما اتفقوا على أن عوائد استثمار الحساب الجاري تضاف إلى عوائد المساهمين وليس للمودعين حصة فيها حيث أن المصرف ضامن لهذه الأموال وتقع مخاطر استثمار هذه الأموال على المصرف وليس على المودع، طبقاً لقاعدة "الخراج بالضمان".
الصرف:
تمارس المصارف الإسلامية الصرف في التجارة بالنقد الأجنبي، والذهب والفضة، وخاصة إذا تمت نقداً، ويجوز أن يكون سعر الصرف متفاوتاً بين سعر الشراء وسعر البيع، ويجوز المواعدة على الصرف، سواء كان سعر الصرف بالسعر العاجل أو الآجل، بشرط أن تكون المواعدة غير ملزمة.
أما إذا كان العمليات الصرفية تتم على الهامش، بحيث يدفع الشخص جزءاً من المبلغ، ويبقى الجزء الآخر مؤجلاً فهو غير جائز، ويقرب من ذلك إذا تمت العملية بطريق الشراء الموازي، وذلك بتأجيل البدلين بسعر صرف معجَّل، ثم يتم تقابض البدلين في وقت واحد، ولكنه في وقت مؤجل، وإن كانت بعض المصارف الإسلامية تقوم به.
عمليات الصرف الأجنبي:
هناك ضوابط شرعية متفق عليها لأحكام الصرف سواء تم مع العملاء أو مع البنوك الإسلامية أو التقليدية، وبمراعاتها تؤمن من الوقوع في ربا الفضل , أو ربا النسيئة مع ضرورة معالجة قضية الوعد على الصرف والبدائل الشرعية لتجنب تغير سعر الصرف، مع إمكانية تطبيق مبدأ الوكالة مع العميل للبنك بشراء ما يحتاج إليه من عملة نظير عمولة الوكالة، أو استصدار وعد ثم إجراء مرابحة حالة، وهذا يُغني البنك عن الاحتفاظ بمبالغ كبيرة مجمدة.
وهذا يحتاج إلى إعداد العقود والصيغ المختلفة بما يتفق مع الضوابط الشرعية سيما ما يعلق منها بأحكام الصرف، والتي وجدت في بعضها اجتهادات جماعية معاصرة.
تعد عمليات الصرف الأجنبي أو ما يطلق عليه بيع وشراء العملات من الخدمات المصرفية الهامة وخاصة في مجال الاعتمادات المستندية وتسديد الالتزامات المالية بالعملات المختلفة للمصارف الخارجية.
وعمليات الصرف الأجنبي والعملة الأجنبية هي: كل {عملة لدولة يتم تداولها خارج نطاق تلك الدولة}.
وعمليات الصرف الأجنبي من المعاملات الجائزة شرعاً حيث يتم بيع وشراء العملة فوراً، وتسديدها للمراسل في حالة الاعتمادات المستندية أو تسليمها للمتعامل في حالة البيع النقدي.
وتحصل البنوك مقابل ذلك على أجر مقابل تحويل العملات للخارج, وتندرج تحت التكييف الشرعي عقد الوكالة, كما تستفيد المصارف أيضا من فرق العملة بين سعر الشراء وسعر البيع, ومن شروط صحة عمليات الصرف الأجنبي القابض في مجلس الصرف.
الإقراض:
يعدُّ الإقراض من أهم الخدمات والنشاطات الرئيسة في المصارف التقليدية، لأن المصرف في الأصل تاجر قروض ليحصل على فرق الفوائد التي يتقاضاها عن الفوائد التي يؤديها.
أما المصرف الإسلامي فإن نشاط الإقراض فيه ثانوي، ويتمثل في ثلاث حالات:
الأولى: إقراض عملاء المصرف قرضاً قصير الأجل غالباً لمواجهة حالات الحاجة للسيولة المؤقتة أو الموسمية أو الطارئة.
الثانية: الإقراض العرضي لتأدية بعض الخدمات المصرفية، كخدمات الضمان، والاعتماد المستندي، وخصم الأوراق التجارية أو قبولها في الحالات الجائزة شرعاً.
الثالثة: بعض القروض الاستهلاكية الضرورية.
والقرض في المصرف الإسلامي مجاني بدون فائدة، ولكن يتقاضى المصرف الإسلامي أجراً مقطوعاً رمزياً، ولا يأخذ شكل نسبة مئوية من حجم القرض أو زمنه، وهو يشكل عبئاً على المصرف الإسلامي، لأنه يستخدم الأموال بدون عائد مناسب، أو يُعَرِّض البنك لمخاطر تأخير أو عدم سداد بعض القروض.
لذلك كان نشاط الإقراض في المصرف الإسلامي ثانوياً ومحدوداً، ولكن يعوِّض ذلك ما يقدمه المصرف الإسلامي من أداء القرض الحسن، وصندوق الزكاة.
خدمات مصرفية أخرى:
تأجير الصناديق:
تعمل المصارف على تأجير الصناديق الحديدية لوضع الأمانات والودائع وهي جائزة شرعاً.
وتتم هذه العملية على أساس عقد الإجارة، أو عقد إيداع بأجر، وتتطلب تنظيم عقود وشروط للعلاقة بين البنك والعميل.
وتُعَدُّ هذه الخدمة من الخدمات المصرفية التي تقدم بالمصارف للعملاء لحفظ ممتلكاتهم من المجوهرات أو المستندات الهامة أو العقود ويحتفظ المتعامل بمفتاح خاص لهذه الخزينة لا يفتح إلا بمعرفته ومندوب المصرف.
ويتقاضى المصرف أجراً مقابل ذلك وتكييفها الشرعي أنها عقد إجارة.
وتقوم المصارف عادة بتسلم الأوراق التجارية كالأسهم والسندات الجائزة شرعاً لحفظها، ويقوم أصحاب الفعاليات الاقتصادية بإيداعها لغايات كثيرة.
وتقوم خدمات نافعة كالقيام بدور الوكالة لقاء أجر، والقيام بأعمال الوساطة لقاء عمولة، والانتفاع من ممتلكاتها بالإيجار.
وتقوم المصارف بتقديم المشورة الفنية، والخبرة الإسلامية بمقابل أحياناً، وهو جائز شرعاً، وبدون مقابل أحياناً أخرى كتقديم الخبرة في أعمال جمع الزكاة وتوزيعها، وهذا عمل مأجور في الآخرة، وله الأثر الطيب في الدنيا.
كما تقوم المصارف الإسلامية بتلقي الاكتتابات بأسهم الشركات، ودفع قسائم أرباحها، باعتبار ذلك إجارة جائزة.
وتقوم المصارف الإسلامية بإدارة الأعمال نيابة عن العملاء، والبيع لحسابهم، وغير ذلك من الأعمال الجائزة.
وتقوم المصارف الإسلامية بأعمال تحويل النقود الداخلي والخارجي عن طريق الحوالة والصرف.
أساليب التمويل
في المصارف الإسلامية
أساليب التمويل في المصارف الإسلامية:
وتنقسم إلى قسمين: تمويلات اجتماعية، وتمويلات اقتصادية.
القرض الحسن:
وذلك لمساعدة المحتاجين في تدبير أمور حياتهم بدون فوائد ربوية ؛ لغايات إنسانية، كالزواج، والعلاج، والكوارث، وحوادث الوفيات، والديون، والإعسار، وغيرها([83]).
وللعلم فإن أموال صندوق القرض الحسن ليست من أموال المودعين بالبنك فحسب، بل هي من أموال أهل الخير من جهة، ومن أصحاب الودائع الراغبين حصراً في إقراضها عن طريق البنك كقروض حسنة.
والقرض الحسن يستحيل تصوره في بنك ربوي، أو في فكر رأسمالي، بينما ورد صريحاً أو قطعياً في القرآن الكريم، والسنة النبوية، ودعا إليه الإسلام.
ملاحظة:
كما تقوم المصارف التقليدية بالسماح لعملائها بالسحب النقدي من حساباتهم الشخصية مقابل فائدة معينة, ويسمى العمل (السحب على المكشوف).
وهذه الخدمة لا تجوز بالمصارف الإسلامية حيث لا يتم التعامل بالفائدة أخذاً أو إعطاء.
ولكن في حالة كشف حساب المتعامل بمبلغ من المال مقابل مديونية فيعد هذا من قبيل القرض الحسن, وذلك يكون لمدة معينة.
أما إذا كان هذا القرض قد تعدي لمدة أكبر فيتم دراسته وتنفيذه من خلال أحد قنوات الاستثمار الإسلامية وخاصة المشاركة والتي يمكن استخدامها لتمويل رأس المال العامل.
صندوق الزكاة:
أنشأت المصارف الإسلامية في داخلها صندوقاً للزكاة، وجعلته منفصلاً في إدارته وحساباته عن البنك، ووضعت للصندوق لائحة تُشْرِف على تنفيذها هيئة الفتوى والرقابة الشرعية داخل المصرف.
ويوجد مجموعة من الباحثين يقومون بدراسة الأموال التي تجب فيها الزكاة، وتقديم الحساب الشرعي لها، بالنسبة للأفراد والتجار، والشركات، ويقومون بالزيارات الميدانية لذلك، مع الدراسات الاجتماعية للعائلات والأسر لتخفيف المعاناة عن المستحقين من الفقراء والمساكين، وبذلك تم إحياء فريضة جمع الزكاة، وللمساهمة في حل مشكلة العجزة والمتسولين والعالة على المجتمع.
والزكاة تساهم في الحياة الاجتماعية، وتعمل على محو الفقر، والتقليل من مخاطره، وفتح فرص العمل، والنشاط الاقتصادي.
ويتسابق المسلمون إلى تسليم الزكاة إلى المصارف الإسلامية، التي تقوم بتأدية زكاة أموالهم المودَعة أيضاً في المصرف ؛ لثقتهم في حسن توزيعها واستثمارها لصالح المسلمين، مما يساعد في حل أهم مشاكل التنمية الاجتماعية الحقيقية، ويساعد في تنفيذ المشروعات التي توفر فرص العمالة، وتَخَطِّي مشاكل البطالة والاحتكار.
التمويلات الاقتصادية:
المساهمة في حل مشكلة الإسكان:
وهي من المشكلات التي تواجه معظم المجتمعات المعاصرة، وخاصة في البلاد الإسلامية، بالنسبة للفقراء، والمحتاجين، والمساكين، وموظفي الدولة، ومتوسطي الدخل، وكذلك محدودي الدخل([84]).
ويتم البناء عن طريق العقود الشرعية، كالاستصناع، أو المرابحة، أو المشاركة المتناقصة التي يتنازل البنك عن جزء من حصته في المبنى سنوياً، إلى أن تؤول الملكية الكاملة إلى المتعامل مع البنك.
صندوق التنمية الاجتماعي:
وتتكون حصيلته من التبرعات التي يقدمها الأفراد طواعية للبنك، وتستحق حصيلة هذا الصندوق للتأمين ضد الكوارث التي تصيب المودعين([85]).
صيغ التمويل في المصارف الإسلامية
من أهم استخدامات الأموال في البنوك التجارية القروض والسلفيات التي يقدمها البنك لعملائه مقابل فائدة محددة مقدماً.
أما المصارف الإسلامية فيتم استخدام الأموال عن طريق صيغ التمويل المتعددة والمشروعة والتي تناسب كافة الأنشطة سواء أكانت تجارية، صناعية، زراعية، عقارية، مهنية ، حرفية.
ويعد نشاط التمويل من أهم الأنشطة بالمصارف الإسلامية حيث تمثل عوائده أهم مصدر للأرباح.
إن أساليب التمويل في المصارف الإسلامية متعددة وكثيرة، منها:
المشاركة بأنواعها:
1 - المشاركة الثابتة المستمرة.
وتمتاز بكونها:
- استثمارات طويلة الأجل.
- العلاقة دائمة بين الشريكين ما دام المشروع قائماً.
- لا تنتهي إلا بالتصفية أو بيع الأسهم.
- يكون المصرف الممول ممثَّلاً في مجلس إدارة الشركات التي يساهم فيها.
2 - المشاركة الثابتة المنتهية.
وتمتاز بكونها:
- استثماراً قصير أو متوسط الأجل.
- تتضمن توقيتاً معيناً للتمويل (دورة نشاط تجاري، عملية مقاولة، عملية توريد صفقة...).
3 - المشاركة المتناقصة، وتسمى المشاركة المنتهية بالتمليك([86]):
مشاركة يكون من حق الشريك أن يحل محل شريكه على دفعات.
يكون استرداد التمويل على أقساط (ربع، أو نصف سنوية، أو سنوية).
تعريفها: هي أن يتفق المصرف الإسلامي مع أحد العملاء على الاشتراك في ملكية عقار، مع الاتفاق بينهما على أن يسدد العميل إلى المصرف عدداً محدداً من الأقساط الدورية، ويتنازل المصرف مقابلها عن حصته من ملكيته للعميل الذي يصبح في النهاية مالكاً للعقار كله.
وتتميز عملية المشاركة المتناقصة باشتمالها على وعد من البنك إلى شريكه لتمليكه حصة البنك هو الذي يميزها عن المشاركة الثابتة أو الدائمة
وهذا يشبه البيع الإيجاري، لأن القسط في ظاهره أجرة وفي حقيقته جزء من ثمن المبيع، ولكن المصارف الإسلامية تلجأ للمشاركة المتناقصة لأنها تستطيع أيضاً الاحتفاظ بملكية حصتها في العقار حتى تمام الانتهاء من سداد الأقساط.
ولو تمت المشاركة المتناقصة بين شخصين اشتركا في ملكية عقار لصح ذلك شرعاً، فكذلك المصارف الإسلامية مع العملاء.
صور المشاركة المتناقصة
الصورة الأولى:
هي التي يتفق فيها البنك مع (متعامله) على تحديد حصة كل منهما في رأس مال المشاركة وشروطها، وهي جائزة شرعاً إذا تم بيع حصص البنك إلى المتعامل بعد إتمام المشاركة بعقد مستقل، بحيث يكون للبنك حرية بيع حصصه للمتعامل شريكه أو لغيره، كما يكون للمتعامل الحق في بيع حصته للبنك أو لغيره· وهذه أوضح الصور حيث ينفصل عقد البيع عن عقد الشركة بنحو واضح تماماً.
الصورة الثانية:
وهي التي يتفق فيها البنك مع متعامله على المشاركة في التمويل الكلي أو الجزئي لمشروع ذي دخل متوقع، وذلك على أساس اتفاق البنك مع الشريك الآخر، لتحصيل البنك حصة نسبية من صافي الدخل المحقق فعلاً، مع حقه بالاحتفاظ بالجزء المتبقي من الإيراد أو أي قدر منه يتفق عليه، ليكون ذلك الجزء مخصصاً لتسديد أصل ما قدمه البنك من تمويل، أي أن هذه الصورة يتم فيها سداد بعض قيمة الحصة من الغلة الناتجة.
الصورة الثالثة:
وهي التي يحدد فيها نصيب كل من البنك وشريكه في الشركة في صورة أسهم تمثل مجموع قيمة الشيء موضوع المشاركة (عقار مثلاً) ويحصل كل من الشريكين (البنك والشريك المتعامل) على نصيبه من الإيراد المتحقق من العقار.
وللشريك إذا شاء أن يقتني من هذه الأسهم المملوكة للبنك عدداً معيناً كل سنة، بحيث تكون الأسهم الموجودة في حيازة البنك متناقصة، إلى أن يتم تمليك شريك البنك الأسهم بكاملها، فتصبح له الملكية المنفردة للعقار دون شريك آخر.
شركة المضاربة:
تقوم المضاربة في جوهرها على تلاقي أصحاب المال وأصحاب الخبرات بحيث يقدم الطرف الأول ماله ويقدم الطرف الثاني خبرته بغرض تحقيق الربح الحلال الذي يقسم بينهما بنسب متفق عليها.
ويحقق هذا الأسلوب مصلحة كلا الطرفين رب المال والعامل:
فقد لا يجد رب المال من الوقت أو من الخبرة ما يمكنه من تقليب المال والاتجار فيه.
وقد لا يجد العامل من المال ما يكفيه لممارسة قدراته وخبراته في مجالات الحياة المختلفة.
ونورد فيما يلي الخطوات التوضيحية لعقد المضاربة:
وتتمثل في شركة عقد، حيث يقدِّم كل شريك مالاً وعملاً، وتكون الأرباح والخسائر على الطرفين، وقد تتمثل في المضاربة، وهي أن يقدم أحد الأطراف مالاً بدون عمل (ويسمى رب المال) ويقدم الآخر عملاً بدون مال (ويسمى العامل) وتسمى الشركة "مضاربة" أو "قِراضاً".
وقد يجتمع النوعان السابقان معاً (شركة العقد، وشركة المضاربة) بأن يقدم البعض مالاً وعملاً، ويقدم البعض الآخر مالاً بلا عمل، أو عملاً بلا مال.
وتُوَزَّع الأرباح بحسب الاتفاق على المال والعمل، وتقع الخسائر المادية على أرباح العمل التي توزع عليها بنسبة حصة كل منهم، ويخسر العامل عمله.
وإن كانت العلاقة شركة عقد وشركة مضاربة معاً فتطبق الأرباح والخسائر حسب ما سبق، وفي هذه الحالة يزداد حجم الاستثمار.
ونظراً للصعوبات التي تعترض التمويل عن طريق الشركة، أو المضاربة، فقد عزفت المصارف الإسلامية عنها في علاقتها بالمستثمرين، ولجأت إلى أساليب المداينات مثل المرابحة، والبيع الإيجاري، والتمويل الإيجاري، وانخفضت نسبة التمويل بالمشاركة والمضاربة عن 10% من الاستثمار([87]).
إجراءات عمليات المشاركة
- تقدم العميل بطلب إجراء عملية مضاربة؛ مرفق به المستندات اللازمة للدراسة.
- طلب الاستعلام.
- قيام الإدارة الهندسية بإعداد تقرير عن:
- كفاءة العميل فنياً وقدرته على التنفيذ.
- مدى دقة العميل في تقدير تكلفة العملية.
- تقييم الضمانات العقارية المقدمة من العميل.
- تقييم المدة اللازمة لإنشاء المشروع محل التمويل.
- مدى تناسب الجدول الزمني للتنفيذ مع كشف التدفقات النقدية.
- مدى تناسب التمويل المطلوب مع حجم وطبيعة العملية.
- الربحية المتوقع تحقيقها من العملية.
- إعداد دراسة عن جدوى مشاركة المصرف في المشروع المقدَّم له، ونسبة المشاركة المقترحة.
- إعداد الدراسة الائتمانية؛ عن العميل، ونتائج دراسة الجدوى.
- العرض على سلطة القرار.
- بعد الموافقة على التمويل يخطر العميل للبدء في استيفاء المطلوب.
- استيفاء شروط وضمانات وضوابط الموافقة الائتمانية.
- متابعة عملية الإنشاء للمشروع محل التمويل.
- في حال وجود أي تقصير: يتم إعداد تقرير للوقوف على الأسباب وتحليلها ورفع الأمر بالتوصية المناسبة.
- مراجعة دورية لنشاط العميل ومركزه المالي وتقديم تقرير دوري للإدارة بالموقف.
الضوابط العامة في المشاركة
- التأكد من أمانة العميل وصدقه، وخبرته وكفاءته.
- وجود مكتب تدقيق إعداد ومراجعة حسابات عملية المشاركة.
- موافاة العميل للمصرف بميزانية داخلية كل ثلاثة شهور للوقوف على نتائج النشاط؛ لتلافي أي قصور ومعالجته.
- التعمق في دراسة موضوع المضاربة للتعرف على فرص النجاح، والقدرة على تحقيق ربحية جيدة.
- تحديد سقوف للتمويل للحد من المخاطر (سقف للمشتريات المحلية، سقف عند الاستيراد).
- فتح حساب مستقل لكل عملية مضاربة.
- على العميل تقديم كشف تفصيلي بالمبالغ المطلوب صرفها، واعتماد الكشف من الإدارة الهندسية.
- تنبيه العميل إلى التزامه بسداد كل مستحقات المصرف فور طلبها عند حصول تقصير أو إخلال.
- الغرامات والزيادات في التكلفة:
الخارجة عن إرادة العميل تدخل ضمن تكلفة المشروع.
الناتجة عن تقصير العميل أو مخالفته للشروط تحتسب من أمواله، ويتعهد بدفعها.
- يلتزم المضارب بالتأمين على المشروع ككل ضد كافة الأخطار.
- يتعهد المضارب بعدم استخدام التمويل المخصص للمشروع في أي من مشروعاته الأخرى أو شؤونه الشخصية.
- يلتزم المضارب بإمساك دفاتر منتظمة تتعلق بعملية تنفيذ المشروع، ويتعهد بوضع الدفاتر تحت تصرف المصرف كلما طلب ذلك.
- يتم توزيع ربح المضاربة وفقاً لمبدأ الاستحقاق (حصول كل فترة توزيع ربح على نصيبها من ربحية العملية).
- يراعى ـ عند احتساب الربح ـ تقييم الأعمال اعتماداً على قيمة أوامر الدفع التي وردت للبنك؛ كأساس لاحتساب نسبة الإنجاز.
خصائص أساليب المشاركة:
إن من أهم خصائص هذه العمليات هي:
1 - الاشتراك في تقديم رأس المال سواء كان مالاً عينياً (الشركة بالمال) أو عملاً (الشركة بالأعمال) أو التزاماً في الذمة (الشركة بالوجوه).
2 - الاشتراك في العمل والإدارة والتصرف، بحيث يبقى حق الملك والتصرف في رأس المال لكل مشارك.
3 - الاشتراك في نتائج العمليات سواء أكانت ربحاً أم خسارة.
4 - الاستمرار في المشاركة لأجل طويل عادة.
مخاطر ومشكلات صيغة التمويل بالمضاربة
- صعوبة التأكد من التكلفة الحقيقة لعملية المضاربة مستندياً.
- صعوبة التمييز بين بضاعة المضاربة والبضاعة التي تخص المضارب.
- صعوبة التأكد من قيمة المبيعات الحقيقية مستندياً.
- التقديرات المتفائلة دون اعتماد الخبرة الفنية.
- طول المدة لتسييل المال.
ويلحق بالمشاركة التجارية والمضاربة:
المزارعة:
تعريفها: عقد على الزرع والعائد (بعض الخارج منه؛ ثلث أو ربع).
أو: إعطاء الأرض لِمَن يزرعها (أو يعمل عليها) والزرع بينهما.
أو: عقد شركة بمال من أحد الشريكين وعمل من الآخر.
وتوجد صورتان للمزارعة بحسب الجهة التي توفر البذر والآلات، فقد يتفق الطرفان على أن يكون ذلك:
من جانب صاحب الأرض: الذي يصير مستأجراً للعامل ليعمل له في أرضة ببعض الخارج الذي هو نماء ملكة وهو البذر، ويكون المعقود عليه في هذه المعاملة عمل المزارع
من جانب العامل: الذي يصير مستأجراً الأرض ببعض الخارج الذي هو نماء ملكة وهو البذر، ويكون المعقود علية في هذه المعاملة منفعة الأرض.
المساقاة:
وهي المعاملة (المشاركة) على سقي الشجر.
وقد جوزت المساقاة بالسنة الشريفة وللاحتياج إليها وقد ساقى النبي الكريم r أهل خيبر عند احتياج الصحابة إلى ذلك.
والناس محتاجون الى المساقاة.
وذلك لأن لبعض الناس أشجاراً ولا يكون مقتدراً على العمل.
ويكون بعضهم مقتدراً على العمل ولا يكون له أشجار.
ولأجل تنظيم مصالح هذين الصنفين وتأمين منفعتهم قدمت الحاجة للمساقاة.
(هي شركة على أن تكون الأشجار من طرف والتربية من طرف آخر وأن يقسم الثمر الحاصل بينهما).
على أن تكون الأشجار من طرف، ويخرج بهذا التعبير البيع، لأن البيع عبارة عن تمليك العين.
والتربية من طرف آخر، ويخرج بهذا التعبير الإجارة، لأن المأجور في الإجارة هو انتفاع المستأجر ولا يسلم المأجور للمستأجر ليعمل فيه.
إن الزرع إذا أنبت ولم يدرك تجوز المساقاة عنه.
ولا تجوز المساقاة في الأثمار المدركة أي التي في حالة لا تزيد بالعمل ولا يكون للعامل حصة فيها.
- وتقسم الأعمال في المساقاة إلى ثلاثة:
القسم الأول: الأعمال التي يقام بها حتى إدراك الأثمار فهذه الأعمال تجب على العامل.
القسم الثاني: الأعمال التي تكون بعد الإدراك وقبل قسمة الجذاذ والحفظ وهذه الأعمال تلزم الاثنين معا بالاشتراك,
القسم الثالث: الأعمال التي تكون بعد الإدراك وبعد القسمة فيدفع كل واحد منهما نفقة حصته لأنه تميز ملك كل واحد منهما عن ملك الآخر.
البيع بالتقسيط:
وهو البيع الذي يُسَلَّم فيه المبيع فور العقد، ويُؤَجَّل الثمن إلى أقساط معلومة لآجال معلومة، وهو جائز عند جمهور الفقهاء([88]).
ويجوز زيادة الثمن لأجل التقسيط بشرط أن يتم الاتفاق عليها عند العقد، ولا تجوز الزيادة على الثمن عند تأخير التسديد، أو عجز المدين عن السداد، لأن القسط صار قرضاً وديناً، والزيادة عليه ربا محرم، لكن إن تأخر المدين الغني القادر عن السداد، وماطل في الدفع، فيجوز في الاجتهاد المعاصر تحميله العطل والضرر عقوبة له، دون أن يأخذ المصرف هذه الزيادة([89]).
الأوراق التجارية ([90]):
وهي: (صكوك ثابتة قابلة للتداول بطريق التظهير، تمثل حقاً نقدياً، وتستحق الدفع بمجرد الاطلاع عليها، أو بعد أجل قصير، ويجري العرف على قبولها كأداة للوفاء بدل النقود)([91]).
وأهم أنواع الأوراق التجارية:
- الكمبيالة
[هي مُحَرَّرٌ مكتوب وفق أوضاع شكلية معينة في القانون، تتضمن أمراً غير مُعَلَّق على شرطٍ يحرره ـ يكتبه ـ الساحب لإذن المستفيد، أو لحامله، إلى المسحوب عليه، يكلِّفه بموجبه ـ أي بموجب الأمر المكتوب ـ بدفع مبلغ معيَّن من النقود في تاريخ معين، أو قابل للتعيين، أو بمجرد الإطلاع]([92]).
والمتأمل في الكمبيالة يُلاحِظُ أن أطراف التعامل بها ثلاثة، هم:
- الساحب: الذي يقابل المحيل في مصطلح الفقه الإسلامي في عقد الحوالة.
- المسحوب عليه: الذي يقابل المحال عليه في مصطلح الفقه الإسلامي في عقد الحوالة.
- المستفيد: الذي يقابل المحال في مصطلح الفقه الإسلامي في عقد الحوالة.
وتمتاز الأوراق التجارية ـ بشكل خاص ـ ببيانات إلزامية حدَّدَها القانون لجعل المكتوب يأخذ صفة الكمبيالة، فهي:
- تاريخ إنشاء الكمبيالة.
- تاريخ استحقاق الكمبيالة.
- مكان الوفاء.
- مبلغ الكمبيالة.
- وصول القيمة.
- شرط الإذن، أو شرط الحامل.
- توقيع الساحب.
- اسم المسحوب عليه.
- اسم المستفيد.
- عدد النسخ.
- نوع الصفقة، هل هي دَينٌ عاديٌ (قرض)، أم دَين تجاري.
- السند:
السند في الاصطلاح([93]) له استعمالان، أحدها([94]) يخص هذا البحث، وهو: الحجة المكتوبة التي تُوَثَّقُ بها الحقوق.
وهذه الحجة المكتوبة لتوثيق الديون تسمى في مصطلح الاقتصاد الحديث السند الإذني ـ إذا ذكر اسم المستفيد ـ، والسند لحامله ـ إذا لم يذكر اسم المستفيد ـ.
فالسند الإذني، هو: [التزامٌ بالدفع ثابتٌ في مُحَرَّرٍ ذي شكل خاص، غيرِ معلَّق على شرط، يتعهد محرره بموجبه بدفع مبلغ معيَّن من النقود في ميعاد معين، أو قابل للتعيين، لمصلحة المستفيد، ولإذنه، أو لحامل السند]([95]).
وسميت الورقة المكتوبة على الشكل المُبَيَّن بالسند الإذني: لقابلية السند للتحويل بين المتعاملين، دون التوقف على رضا محرره.
ويُسْتَخْدَمُ في الديون بين التجار، ولكنه أخذ وصفاً خاصاً في التعامل المصرفي الربوي، أو لدى الشركات الكبرى التي تطرح سندات دَيْنها لاكتتاب العام، وتَقْسِم المبلغ التي تحتاج لاستقراضه إلى أجزاء متساوية، يَمثِّل كل منها سَنَدَاً.
ولقد ارتبطت الفائدة الثابتة ـ الربوية ـ بالسندات في عُرف الاقتصاد الحديث، لذا تجد تعريفاً للسند بأنه [صك قابل للتداول، يُعْطِي صاحبَه الحقَ في الفائدة المتفق عليها، بالإضافة إلى قيمته الاسمية عند انتهاء مدة القرض]([96]).
وللسند بيانات لا بُدَّ من وجودها في المحرر المكتوب، هي:
- تاريخ إنشاء السند.
- ميعاد استحقاق الأداء والدفع.
- مبلغ السند.
- شرط الإذن ( أو لحامله ).
- وصول القيمة.
- اسم المستفيد.
- توقيع المحرِّر.
والفرق بين الكمبيالة والسند:
أنَّ الكمبيالة يتوقف اعتبارها على قبول طرف ثالث، ـ هو المحال عليه ـ فهي ثلاثية الأطراف: الساحب، والمسحوب عليه، والمسحوب له.
بينما السند الإذني ما هو إلا ورقة ثنائية ذات طرفين: المحرِّر الذي يتعهد بالوفاء في تاريخ معين، وهو المدين، والمستفيد الذي يُعَدُّ الدائن.
-الشيك:
تُصْدِرُ البنوك الشيكات بأنواعها، وينظم هذا الإصدارَ بعضُ الضوابط الشرعية والفتاوى الصادرة عن الهيئات الشرعية لتجنب إصدار الشيكات بعملة مختلفة مع تأجيل الاستيفاء ونحو ذلك من التطبيقات، بالإضافة إلى العمولات المختلفة، ما يجوز منها وما لا يجوز.
يشبه الشيكُ الكمبيالةَ من حيث الشكل، فهو: [محرر مكتوب وفق أوضاع شكلية استقر عليها العرف؛ يتضمن أمراً من الساحب إلى المسحوب عليه، ويكون غالباً أحد البنوك، بأن يدفع للمستفيد، أو لأمره، أو لحامل الصك مبلغاً معيناً من النقود بمجرد الإطلاع]([97]).
ومن التعريف تتضح أوجه الشبه والاختلاف بين الشيك والكمبيالة:
- فهما متشابهان في ثلاثية أطرافها، في حال كون المستفيد من الشيك شخصاً ثالثاً، فهم: الساحب: الشخص الذي يُصْدِر ـ يُحَرِّر ـ الشيك ويوقِّعه، والمسحوب عليه: الذي صدر الأمر إليه بالدفع، ويكون مصرفاً في الغالب، والمستفيد: الذي يُدفع له مبلغ الشيك، كما أن الشيك يشبه الكمبيالة في وجود علاقتين ومعاملتين
المعاملة الأولى: بين الساحب والمستفيد، وهي وصول قيمة الكمبيالة أو الشيك.
المعاملة الثانية: بين الساحب والمسحوب عليه، وتقوم على وجود رصيد للساحب لدى المسحوب عليه تسمى بوصول القيمة، وهي سبب التزام الساحب قِبَلَ المستفيد، ولكن العرف قد جرى على عدم ذكر وصول القيمة في الشيك.
ويختلف الشيك عن الكمبيالة في أن المسحوب عليه في الشيك يكون مصرفاً ـ في العادة ـ؛ يحتفظ فيه الساحب ـ يودِع ـ رصيداً تُدفع منه مبالغ الشيكات.
كذلك فإنَّ الشيك أمرٌ بالدفع في الحال، كما عبّر القانون التجاري عنه بقوله: [أوراق الحوالات الواجبة الدفع بمجرد الإطلاع عليها]([98])، بخلاف الكمبيالة والسند، إذ ليس من الضروري دفع الكمبيالة أو السند عند الطلب، أو عند الإطلاع، ولكن تُدْفَع في تاريخ لاحق، ربما يكون شهراً أو ثلاثة أشهر، وغالباً لا تزيد المدة عن ستة أشهر.
مع أنه في بعض الأحيان تكون الكمبيالة واجبة الدفع عند الإطلاع، إذا كانت مكتوبة بصيغة أمر الدفع عند الطلب، وهذا نادر الحدوث.
كما امتازت الأوراق التجارية السابقة ـ الكمبيالة والسند ـ ببيانات إلزامية، كذلك حال الشيك فالبيانات الإلزامية الواجبة توافرها في الشيك:
- أمر بالدفع عند الإطلاع.
- تاريخ السحب.
- مكان السحب.
- مبلغ الشيك.
- اسم المسحوب عليه.
- اسم المستفيد.
- توقيع الساحب.
إذاً: أهم أنواع الأوراق التجارية: الكمبيالة، والسند الإذني، والشيك، ويتم التعامل في المصارف بالأوراق التجارية بأساليب عدة:
- بعضها جائز شرعاً كتحصيل الأوراق التجارية التي تعتبر وكالة بأجر.
- ومنها رهن الأوراق التجارية، وهي جائزة عند المالكية والشافعية في وجه لأنها رهن الدين، ومنعها الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة لعدم جواز رهن الدين عندهم، لأنه غير مقدور على تسليمه.
- ومنها خصم الأوراق التجارية، وهي السفاتج([99]) أو الكمبيالات، التي يسحبها الباعة على المشتري بالتقسيط والسندات الإذنية (لأمر)، فيقوم المصرف بإعطاء قيمة الورقة الحالية للمستفيد (وهي أدنى) ويحصل على القيمة الاسمية (وهي الأعلى) في تاريخ الاستحقاق، ليحصل على الفارق، وهذا لا يجوز، لأنه ربا النسيئة المحرم، وهو قرض ربوي([100]).
وخصم الأوراق التجارية قرض ربوي كما قرر مجمع الفقه الإسلامي بجدة في مؤتمره السابع 1412هـ/1992م فقد جاء في قراره ما يلي:
(1- الأوراق التجارية "الشيكات، السندات لأمر، سندات السحب"، من أنواع التوثيق المشروع للدين بالكتابة.
2- إن حسم "خصم" الأوراق التجارية غير جائز شرعاً، لأنه مسؤول عن دين النسيئة المحرم).
هذا إذا كان بين الدائن والمدين طرف ثالث، وهو المصرف هنا، أما إذا كان أمر خصم الأوراق التجارية بين الدائن والمدين، فجائز، عملاً بحيث رسول الله e: ((ضَعُوا وَتَعَجَّلُوا))([101]).
المرابحة:
بيع المرابحة هو أحد أنواع البيع المطلق (بيع العين بالثمن) الذي ينقسم من حيث الثمن إلى:
بيع المساومة: وهو بيع السلعة بثمن متفق عليه دون النظر إلى ثمنها الأول الذي اشتراها البائع به.
بيع التولية: وهو بيع السلعة بمثل ثمنها الأول الذي اشتراها به من غير نقص ولا زيادة.
بيع الحطيطة: وهو بيع السلعة بمثل ثمنها الأول الذي اشتراها البائع به مع وضع ((حط)) مبلغ معلوم من الثمن.
بيع المرابحة: وهو بيع السلعة بمثل ثمنها الأول الذي اشتراها البائع به مع زيادة ربح معلوم متفق عليه.
وهذه الأنواع الثلاثة الأخيرة تسمى بيوع الأمانة
المرابحة للآمر بالشراء ([102]):
وهي أن يطلب شخص من المصرف الإسلامي أن يشتري له سلعة موصوفة، مع الوعد من المصرف بشراء السلعة، والوعد من الآمر بالشراء إذا اشتراها المصرف.
وهنا يدفع المصرف الثمن نقداً، ثم يبيعها بعقد جديد، وثمن جديد مقسط، وأعلى، للآمر، مع إثبات الخيار لكل من الطرفين، أي أن الوعد غير ملزم.
وغالباً ما يتم تسليم البضاعة في مخازن البائع الأصلي، وقد يتم أحياناً في مخازن المصرف.
تطبيق بيع المرابحة في المصارف الإسلامية([103]):
تبين من الواقع العملي أن هذا النوع من البيوع يطبق في المصارف الإسلامية تحت اسم (بيع المرابحة للأمر بالشراء)، والفرق بينه وبين بيع المرابحة أن بضاعة المرابحة مملوكة للبائع حال البيع.
وصور هذه المعاملة أن يتقدم العميل إلى المصرف طالباً منه شراء سلعة معينة بالمواصفات التي يحددها على أساس الوعد بشراء تلك السلعة اللازمة له فعلاً مرابحة بالنسبة التي يتفق عليها ويدفع الثمن مقسطاً حسب إمكاناته، على أن يدعم هذا الطلب بالمستندات اللازمة، ومنها على سبيل المثال عرض أسعار للسلعة موضوع المرابحة، ويقوم المصرف بعد ذلك بالإجراءات اللازمة للحصول على السلعة المتفق عليها ودفع قيمتها، وبعد وصول البضاعة، يُبَلَّغ (يُخْطَر) العميل لإتمام إجراءات البيع.
وقد اعترض بعض العلماء على هذه المعاملة من باب أنها تدخل في بيع ما لا يملك، أو بيع ما ليس عند البائع وهو ما يسمى أيضاً (بيع المعدوم) وهو بيع منهي عنه، والمصرف الإسلامي هنا يبيع للعميل ما لا يملكه من السلع الذي يطلب منه شراؤها من الداخل أو استيرادها من الخارج.
وبعضهم عبر عنه بقوله (البيع قبل الشراء) أي بيع السلعة قبل شرائها، ويرى أن هذا البيع أسوأ أنواع الربا.
ولقد أقر مجمع الفقه الإسلامي بجدة هذه الصيغ من التمويل عام 1409هـ، وأقرها المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي بالكويت 1403هـ/1983م، ويتم العمل بها في المصارف الإسلامية.
فقد أجاز الفقهاء المعاصرون للمصرف الإسلامي، البيع للآمر بالشراء إذا تملك السلعة بالفعل، وما يجرى بين المصرف وطالب الشراء قبل ذلك إنما هو مواعدة بينهما وليس بيعاً وشراء وجاء في نص فتوى مؤتمر الكويت ما يلي:
(يقرر المؤتمر أن المواعدة على بيع المرابحة للآمر بالشراء بعد تملك السلعة المشتراة وحيازتها ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الموعد السابق، هو أمر جائز شرعياً طالما كانت تقع على المصرف مسئولية الهلاك قبل التسليم وتبعه الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي).
فبيع المرابحة للأمر بالشراء يتضمن :
1- وعد بالشراء.
2- بيع بالمرابحة .
وحول الوفاء بالوعد والالتزام به ثار خلاف حول مدى التزام الآمر بالشراء وهل هو ملزم أم لا؟.
وحول ضرورة وفاء الواعد بالشراء بالتزامه وردت النصوص الآتية:-
قوله تعالى: " يأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون...." الصف ( آية 2.3).
وفي الحديث الصحيح رواية أبي هريرة " آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان " رواه البخاري.
والظاهر من هذه الأدلة أن الوعد سواء كان بصلة وبر، أم بغير ذلك واجب الوفاء به إذا لم تفرق النصوص بين وعد ووعد.
ولقد تبين من الواقع العملي أن بعض المصارف الإسلامية تأخذ بالرأي الذي يقوم بالتزام الطرفين بالوعد الذي قطعه كل منهما للآخر، فالآمر بالشراء ملزم بشراء السلعة طالما هي مطابقة للمواصفات المحددة والمصرف ملزم ببيع السلعة للآمر بالشراء، والبعض لا يأخذ بهذا الرأي .
ونظراً لأهمية هذا الأسلوب من التمويل، ونجاحه عملياً، وقلة صعوباته ومشاكله، فقد توسعت المصارف الإسلامية في استخدامه، وبلغت نسبة التمويل بالمرابحة حوالي 93% بالنسبة إلى مجموع التوظيفات([104]).
قيود المرابحة الصحيحة
أ ـ ضرورة أن يسبق للمصرف تملكُ السلعة لنفسه وحيازتُهُ لها، ثم بيعُها نفسُها للواعد.
ب – تحمُّل المصرف تَبِعَة الهلاك قبل التسليم.
ج – تحمُّل المصرف تَبِعَةَ الرَّدِ بالعيب الخفي.
د – جواز الأخذ بإلزام الوعد وعدمه.
هـ- تخيير المصارف في الأخذ بالإلزام أو عدمه، من خلال قرار هيئة رقابة المصرف
ضوابط المرابحة المصرفية
- دخول السلعة المطلوبة في ملك المصرف قبل كتابة عقد بيع المرابحة، حتى لا يدخل تحت النهي عن بيع الإنسان ما ليس عنده.
- أن يثبت الخيار للمشتري فيما لو كانت السلعة غير مطابقة للمواصفات المطلوبة، كلها أو بعضها.
- أن يتحمل المصرف جميع التكاليف الطارئة التي لا علاقة للمشتري بها حتى يتم إيصالها إلى المشتري.
- ألا يكون الثمن في بيع المرابحة قابلا للزيادة في حال عجز المشتري عن السداد.
خطوات البيع بالمرابحة المصرفية:
- طلب الشراء من العميل إلى المصرف.
- دراسة طلب الشراء من قبل المصرف.
- كتابة الوعد بالشراء.
- الاتصال بالمورد وإتمام عملية الشراء.
- إتمام عقد البيع مع العميل.
الوكالة بالشراء بأجر([105]):
وهو أن يطلب شخص من المصرف الإسلامي شراء سلعة معينة، يحدد له جميع أوصافها، كما يحدد ثمنها، ثم يدفع له ثمنها، مضافاً عليه أجراً معيناً مقابل قيام المصرف بهذا العمل.
البيع الإيجاري، أو الإيجار المنتهي بالتمليك([106]):
وهو إيجار في أوله (تمليك المنفعة)، ينتهي بالبيع (تمليك العين)، وذلك بأن يقوم المصرف بإيجار شيء استعمالي (وهو ما ينتفع به مع بقاء عينه، وتسمى أيضاً السلع المعمِّرة، أو الأصول الثابتة)، إلى العميل ـ الشخص الذي يتعامل مع المصرف ـ بأقساط معينة، ومحددة الآجال، فإذا أدى المستأجر ـ النشيط ـ الأجرة، انتقلت السلعة إلى ملك المستأجر في بيع بالْمَجَّان، أو بثمن رمزي.
ويمتاز هذا الأسلوب عن بيع التقسيط أن المصرف يضمن أمواله، وتبقى ملكية العين المستأجرة باسمه حتى نهاية سداد الأقساط، فإن تخلف المشتري عن السداد، طبقت عليه أحكام عقد الإجارة بفسخ العقد لعدم دفع الأجرة.
وتطور هذا الأسلوب إلى التمويل الإيجاري المشابه له، مع الفارق أن السلعة المراد تأجيرها لا تكون موجودة لدى المؤجر (المصرف)، بل يشتريها، ثم يؤجرها ثم يبيعها، وهذا ينطوي على وعد بالشراء، وآخر بالتأجير، وثالث بالبيع، ومادام الوعد غير ملزم فلا مانع شرعاً من هذا العمل.
أما إن كان الوعد ملزماً فيدخل في معاملات محرمة شرعاً، وهي: بيع ما لا يملك، والبيع قبل القبض، بل قبل الشراء.
ولقد عرض البنك الإسلامي للتنمية بجدة هذا الموضوع على مجمع الفقه الإسلامي بجدة 1407هـ/1986م، وأقر المجمع هذا العقد مع بيان القيود والشروط اللازمة.
قرار رقم: 13 (1/3)
بشأن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية([107]):
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 – 16 تشرين الأول (أكتوبر ) 1986م .
بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لجميع الاستفسارات التي تقدم بها البنك إلى المجمع، قرر ما يلي:
(ب) بخصوص عمليات الإيجار:
أولاً: إن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعاً.
ثانياً: إن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد حيازة الوكيل لها، هو توكيل مقبول شرعاً، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
ثالثاً: إن عقد الإيجار يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد.
رابعاً: إن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة جائز بعقد منفصل.
خامساً: إن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفته مالكاً للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير من المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليه.
سادساً: إن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلامية، كلما أمكن ذلك، يتحملها البنك.
التمويل العقاري:
وذلك لحل مشكلة السكن التي يئن منها الناس في معظم البلاد والمدن، ويتم ذلك في صورتين:
الأولى: عقد الاستصناع: وهو أن توفر المصارف الإسلامية للناس المساكن بعقد الاستصناع، بأن تبيع المسكن قبل بنائه (على الخريطة) بصفات محددة، تمنع الجهالة المفضية للنـزاع، وبأقساط تُدفَع حسب تقدم البناء والحاجة إلى المال.
والفرق بين السَلَم والاستصناع هو في الثمن والأَجَل.
فالعقد إذا عُجِّل فيه الثمن وحدد الأجل فهو سَلَم بالاتفاق.
وإذا عُجِّل الثمن ولم يُحَدَّد الأجل فهو استصناع عند فقهاء الحنفية، ولا يعتبر عقداً عند الجمهور.
وإذا لم يعجّل الثمن، وكان الأجل محددا، فهو سَلَم عند أبي حنيفة، واستصناع عند صاحبي أبي حنيفة، وهو عقد باطل عند الجمهور.
وإذا لم يعجل الثمن ولم يحدد الأجل فهو استصناع عند الحنفية.
الصورة الثانية: أن تبني المصارف الإسلامية المساكن بمواردها الخاصة، ثم تبيعها بالأقساط للأفراد، ولا مانع شرعاً أن يزيد الثمن المؤجَّل عن المعجل، كبيع التقسيط عامة.
التأجير التمويلي
اتفاق طرفين على بيع أحدهما للآخر سلعة ما، مع تحديد قيمتها نهائياً، إلا أن هذه العلاقة لا تُحدث آثارها:
فتظل العلاقة بين البائعين محكومة بقواعد الإجارة.
لحين إتمام المشتري سداد أقساط إيجارية تعادل قيمة ثمن البيع المتفق عليه.
أساليب التأجير التمويلي
- التأجير المنتهي بالتمليك (بسداد القسط الأخير)
وهو عقد إجارة للعين، ينتهي بتملكها؛ مقابل ثمن (مجموع المبالغ المدفوعة كأقساط إيجار خلال فترة محددة).
بحيث يصبح المستأجر مالكاً للعين المؤجرة تلقائياً بمجرد سداد القسط الأخير؛ دون حاجة إلى إبرام عقد جديد.
- التأجير المنتهي بالتمليك (عن طريق الأجرة المتناقصة)
وهو عقد إجارة للعين مع وعد قائم من المؤجر إلى المستأجر بالبيع (عبر التمليك التدريجي)، مقابل ثمن (مجموع الأقساط الإيجارية) خلال الفترة المتفق عليها.
وتكون الأجرة متناقصة بنسبة تساوي مقدار ما دفعه من قيمة العين.
فالمستأجر يدفع جزءاً (إيجاراً)، وجزءاً (من قيمة العين)، وبقدر ما يدفع: يتملك.
بحيث إذا فسخ العقد في أي وقت يكون للمستأجر ملك بمقدار الجزء الذي دفعه.
- التأجير المنتهي بالتمليك بخيارات ثلاث:
وهو عقد إجارة ينتفع فيه المستأجر بالعين؛ مقابل أجرة محددة خلال فترة معينة على أن يكون للمستأجر ـ في نهاية المدة ـ الخيار بين ثلاثة أمور:
- عن طريق وعد بالبيع (مقابل ثمن، يمكن تحديده عند بداية العقد، أو بأسعار السوق عند نهاية العقد).
- أو مد مدة الإجارة.
- أو إعادة العين المؤجرة.
مجالات التأجير التمويلي:
- تأجير المعدات الرأسمالية لشركات المقاولات.
- الطائرات والناقلات البحرية العملاقة.
- تأجير سيارات النقل والمبردات (ذات القيمة المرتفعة).
- تأجير المباني والمنشآت.
بعض الشروط في الإجارة
- يجب أن تكون مدة الإجارة أقل من العمر الاقتصادي للأموال المؤجرة.
- تُستحق الأجرة بالتمكين من محل الإجارة وليس بالعقد.
- الأصل أن يتحمل المؤجر (المالك) نفقات الصيانة الأساسية؛ (ما يتوقف عليه بقاء وصلاح العين المؤجرة لاستيفاء المنفعة)، ما لم يُنص على غير ذلك.
- الأصل أن نفقات التأمين على المؤجر، ما لم يُنص على غير ذلك.
- إذا أتلف المستأجر العين فعليه ضمانها.
- العين المؤجرة أمانة في يد المستأجر.
إجراءات عمليات الإجارة
- تتم مقابلة العميل لتحديد نوع الخدمات التي تناسب احتياجاته، وحجم التمويل اللازم.
- تقديم طلب للحصول على التمويل.
- يتم استيفاء كافة المستندات والمعلومات اللازمة من العميل.
- يتم عمل استعلام.
- قيام الإدارة الهندسية بإعداد تقرير عن:
- قيمة العقار في حال شراءه جاهزاً.
- تكلفة إنشاء العقار والمدة المتوقعة.
- قيمة الضمانات المقدمة مقابل التسهيلات.
- إعداد الدراسة الائتمانية؛ عن العميل، ونتائج دراسة الجدوى.
- بعد الموافقة على التمويل يخطر العميل.
- يقوم القسم الهندسي (في حال بناء للعقار) بطرح المشروع للمناقصة على المقاولين المعتمدين.
- فتح المظاريف بمعرفة لجنة المناقصات واختيار أفضل عرض.
- يقوم القسم الهندسي بترسية العطاء وإيضاح قيمته وشروطه.
- يتم استيفاء شروط الموافقة وضماناتها واتخاذ إجراءات التنفيذ.
- (في حال مشروع قيد التنفيذ) يتعين عمل تقرير دوري بالموقف التنفيذي.
- في حال وجود أي تقصير: يتم إعداد تقرير للوقوف على الأسباب وتحليلها ورفع الأمر بالتوصية المناسبة.
- تستمر المتابعة لحين الانتهاء والبدء بتنفيذ عقد الإيجار.
التورق:
تعريغه: تملُك أصول بثمن موجل، ثم بيعها بثمن حالٍّ لغير من اشتُريت منه.
وهو إحدى الوسائل للحصول على السيولة.
وتطبيق التورق يُحقق مصلحة مزدوجة:
فهو يوفر السيولة للعملاء.
كما يُستخدم لاستقطاب السيولة للمصارف.
فضلاً عن استخدامه في استثمار أموال العملاء بالمرابحات بعوائد ثابتة معلومة مقدماً.
وهو مطلب تُلح عليه بعض الشركات والمؤسسات الحكومية التي تضع ميزانيات تقديرية لأنشطتها.
ولا يخفى ما في التورق من خطورة لقربه في الإجراءات من بيع العينة المحرم، مع اختلافه جوهرياً عنه، وهذا يطلب دقة متناهية في تنفيذه ووضع الآلية والإجراءات في ضوء الضوابط الشرعية، فضلاً عن الاحتياط بالوسائل الشرعية لتجنب تفاوت الأسعار ما بين الشراء بالأجل والبيع النهائي بثمن حال مما يُضر بالعميل أو البنك.
والتورق تدعو إليه الحاجة حيث لا يمكن تطبيق الصيغ الأخرى لتمويل العملاء، وهذا يجعل التمويل الإسلامي متاحاً لتغطية جميع احتياجات العملاء أياً كانت صورتها.
ويحتاج التورق إلى عقود نمطية تحقق الدقة المطلوبة، واتفاقيات بين أطرافه المختلفة.
أساليب الاستثمار
في المصارف الإسلامية
أهمية الاستثمار في المصارف الإسلامية:
إن الصيغ الاستثمارية الإسلامية كثيرة في المصارف الإسلامية.
وقد يكون الاستثمار مباشراً كإنشاء الشركات والمشاريع وتملكها بالكامل، أو تملك غالبية أسهمها، ويقوم المصرف غالباً بإدارتها، وتوجيه نشاطها.
كما تشارك المصارف الإسلامية في رؤوس أموال بعض الشركات والمؤسسات التي تمارس عملها وفقاً للقواعد الإسلامية.
كما تمارس المصارف الإسلامية الاستثمار غير المباشر بأسلوب الوساطة في الاستثمار أو أسلوب المشاركة في الأرباح عن طريق عقد القراض الإسلامي ـ المضاربة ـ وغيره.
تتخذ المصارف الإسلامية نظام الاستثمار بالمشاركة في توظيف مواردها بدلاً من نظام الإقراض والاقتراض بفائدة الذي تقوم عليه المصارف التجارية.
أهداف الاستثمار
الأهداف التي يتميز بها المستثمر المسلم ويسعى إليها ليكون عمله الدنيوي عبادة وسبباً من أسباب الأجر:
- ربط الاستثمار بالقيم الشرعية والأخلاقيات السلوكية.
- حصر الاستثمار في السلع الحلال واجتناب الأنشطة المحرمة.
- مراعاة الأولويات في إدارة النشاط الاقتصادي.
- تحقيق فرص العمل، ومنع البطالة بما يباعد بينه وبين العوز.
- أداء حق الله في المال المستثمر؛ بالزكاة والصدقات؛ انطلاقاً من أن المال لله والبشر مستخلفون فيه.
ومن الأساليب التي تتبعها المصارف الإسلامية في استثمار الأموال المتجمعة لديها ما يلي:
- المضاربة أو القراض.
- المشاركة (شركة العنان).
- بيع المرابحة.
- البيع بالآجل.
المضاربة أو القراض:
هي شركة بمال يدفع من أحد الشريكين، وعمل من الآخر على أن يكون الربح بينهما. وتسميتها لغة بالمضاربة عند أهل العراق مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر فيها للتجارة ويحتمل أن يكون من ضرب كل واحد منهما بسهم في الربح.
وهناك نوعان من المضاربة ملائم لمعاملات المصرف الإسلامي: مطلقة ومقيدة.
غير أن المضاربة المطلقة هي الأصل في التعامل في المصرف الإسلامي، فالمصرف عندما يكون هو المضارب تلائمه المضاربة المطلقة، وعند مضاربته للغير بأن يدفع أموال المودعين أو أمواله إلى المستثمرين مضاربة تلائمه المضاربة المقيدة.
ومن صور المضاربة المقيدة التي تستخدمها بعض المصارف الإسلامية:
المضاربة بالصفقة المعينة، وصورتها أن يتفق المصرف مع أحد التجار على استيراد صفقة معينة من السلع التجارية، ويقوم المصرف بتمويل الصفقة بجميع نفقاتها، وبعد تصريفها من قبل التاجر يوزع الربح المتحقق منها بين المصرف بصفته رب المال والتاجر بصفته مضارباً، بالنسبة المتفقة عليها، ولو حدثت خسارة ـ بدون تفريط من التاجر المضارب ـ تكون على المصرف باعتباره رب المال.
وقد يتم الاتفاق على أن يقدم المصرف جزءاً من قيمة هذه الصفقة ويقدم التاجر الجزء الباقي وفي هذه الحالة تكون المعاملة شركة ومضاربة.
(الاتجار) شراء وبيع السلع:
وتضم السلع: كل ماعدا النقود والذهب والفضة، ويجوز البيع والشراء في هذه الحالة ـ حالة بيع السلع ـ مع التفاضل والزيادة، والحلول والأجل، كالسَّلَم والاستصناع والتقسيط، لكن بشرط أنه لا يجوز بيع شيء قبل قبضه، وبالأولى قبل شرائه، لنهي الرسول e عن بيع ما لم يقبض، لأنه يؤول إلى نقل السلعة إلى ضمان المشتري قبل أن تدخل في ضمان البائع، فيكون للبائع ربح ما لم يضمن.
يقصد بالاتجار عمليات الشراء بقصد البيع عن طريق تقليب المال للحصول على ربح حلال من الفرق بين تكلفة الشراء ثمن البيع.
أهم خصائص عمليات الاتجار هي أنها:
- توفر احتياجات الأفراد من السلع والبضائع المختلفة.
- تنقل ملكية السلعة من البائع إلى المشتري بمجرد التعاقد.
- يندمج الربح فيها مع الثمن ويعتبر جزءاً لا يتجزأ من القيمة التمليكية.
- تنعقد حالة أو قصيرة الأجل.
أقسام أساليب الاتجار
يندرج ضمن عمليات الاتجار مختلف أنواع البيوع في الإسلام، وقد قسمها الفقهاء إلى أربعة أقسام بحسب صفة البدلين وهما المبيع والثمن اللذان يمكن أن يكونا عيناً أو نقداً ( وهو الثمن المطلق )، وهذه الأقسام هي:
الأول: بيع العين بالعين، وهو مبادلة سلعة بسلعة ويسمي بيع المقايضة.
الثاني: بيع الثمن بالثمن، وهو مبادلة نقد بنقد ويسمي بيع الصرف.
الثالث: بيع العين بالثمن، وهو مبادلة سلعة بنقد ويسمي البيع المطلق، وقد يكون هذا البيع:
- بنقد عاجل، ويسمي البيع الحال.
- بنقد آجل، ويسمي البيع المؤجل أو البيع الأجل.
الرابع: بيع الثمن بالعين، وهو مبادلة يعجل فيها الثمن (رأس المال) ويتأخر تسليم العين (المبيع) لأجل معلوم وقد يتم دفع الثمن في هذا البيع:
_ كاملاً عند التعاقد، ويسمى (بيع السَّلَم).
_ مجزءاً على فترات أو مؤجلاً، ويسمى (بيع الاستصناع).
شراء وبيع الأوراق المالية([108]):
يقصد بالأوراق المالية الأسهم والسندات, والسهم يحصل صاحبه على عائد سنوي, أما السند فيحصل صاحبه علي فائدة ثابتة, ولذلك فإن المصارف الإسلامية لا تتعامل بالسندات.
وتتضمن الخدمات المصرفية المتعلقة بالأسهم ما يلي:
حفظ الأسهم: ويجوز للمصرف القيام بحفظ الأسهم للمتعامل ويتقاضى أجرا فهي كالوديعة.
بيع الأسهم: يجوز للمصرف القيام ببيع وشراء الأسهم لصالح عملائه كوكيل عن العميل ويستحق مقابل ذلك أجرا.
الاكتتاب: يجوز للمصرف أن يقوم بأداء عملية الاكتتاب للشركات الجديدة, وتكييفها الشرعي وكالة ويستحق المصرف عنها أجرا.
صرف أرباح الأسهم: يجوز للمصرف صرف أرباح الأسهم نيابة عن الشركات وتكييفها الشرعي وكالة ويجوز للمصرف أخذ أجر عنها.
ولا يجوز للمصرف بصفة عامة التعامل في أسهم الشركات التي تبيع منتجات تخالف الشريعة (السجائر - الخمور -..).
وأما شراء السندات التي يتم إصدارها وتداولها بفائدة فلا يجوز إصدارها شرعاً ولا تداولها.
أما الأسهم فيجوز الاكتتاب فيها إذا كانت في الأعمال المشروعة في نظر الإسلام، لأنه كسب حلال طيب، ولكن بقيود وشروط وضوابط، حسب حالة أموال الشركة باعتبارها نقوداً، أو ديوناً، أو عُروضاً ومنافع، أو مختلطة من نوعين فأكثر.
وهناك بدائل شرعية أيضاً للسندات، منها القرض الحسن من الأفراد، وتعجيل الزكاة، والحض على بذل التبرعات والإنفاق في سبيل الله، وفرض ضرائب استثنائية لسد العجز في الميزانية، وقال بعض العلماء بإيجاد سندات تقوم على أساس السَّلَم والاستصناع، كما هو الحال في سندات المقارضة كبديل للسندات وشهادات الاستثمار.
التسنيد، أو التصكيك:
التسنيد، أو التصكيك المقبول شرعاً هو تحويل الموجودات العينية أو المنافع إلى صكوك قابلة للتداول.
ويحتاج بعض القيود والإجراءات لتحقيق الضوابط الشرعية التي تقوم على أساس ملكية المستثمر أصولاً دارة للدخل الذي يمثل عائد السند.
وتتنوع الصكوك المشروعة إلى صكوك الإجارة والسلم والمضاربة، وقد صدر بشأن صكوك المضاربة قرار من مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي.
وتحكم الصكوك جميعاً جملة من الضوابط الشرعية.
كما أن لعملية التصكيك أطرافاً مختلفة لحماية حملة الصكوك وتيسير تداولها، مع الإشارة إلى أن صكوك الإجارة تتوافر لها قابلية التطبيق الملائم للمدد الطويلة عن طريق الأجرة المتغيرة التي تتفق مع الضوابط الشرعية وتوفر عائداً متغيراً لحامل الصك.
والصكوك تحقق للشركات السيولة على وجه مشروع، كما أنها تتيح للبنك توظيف السيولة.
هذا، وقد أصدرت مؤسسة النقد بالبحرين نوعين من الصكوك؛ أحدهما للتأجير، وهي قابلة للتداول، والآخر للسلم، وهي غير متداولة.
ولا بد من تنظيم المستندات المعتمدة لسلامة التطبيق.
الصكوك الاستثمارية الإسلامية
الصك: مشاركة في ملكية الموجودات التي تمثلها للصكوك تقتضي من حاملها أن يشارك في الربح والخسارة على السواء.
ويمثل الصك سهماً مالياً في الأصول والمنافع والحقوق.
ويُعَدُّ الصك دليلاً وبرهاناً على نقل الملكية بالحصة في عمليتي البيع أو الشراء.
مدة الصكوك هي مدة استمرارية المشروع المعني أو النشاط وترتبط بالمشروع المعني وتنتهي بانتهائه.
وتتضمن نشرة الإصدار القواعد الشرعية وعلى مستخدم حصيلة الإصدار مراعاة الضوابط الشرعية وإذا خالفها يتحمل المسئولية.
صناديق الاستثمار (محافِظ الاستثمار):
هذا المنتج قد اشتهر حتى إن أكثر من بنك تقليدي أشرف على تنظيم وإيجاد صناديق للاستثمار في الأسهم بالضوابط الشرعية التي وضعتها هيئات الرقابة الشرعية، فضلاً عن الندوات مثل ندوة البركة، وتبلورت فيما بعد بمعيار شرعي للأوراق المالية صدر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
ويتطلب إنشاء الصندوق إجراءات مشابهة لإجراءات التصكيك، ويمكن تنويعها بحيث تكون صناديق أسهم، أو صناديق تأجير، وقد أثبتت صناديق التأجير نجاحاً في توظيف أموال المستثمرين في المناطق التي لا توجد فيها بنوك إسلامية.
وتمثل هذه الصناديق أوعية استثمارية جذابة نظراً لما تقدمه من مزايا للمستثمرين وأهمها:
- المساهمة برأس مال صغير في مشروعات ضخمة.
- تنويع مجالات الاستثمار بما يؤدي لتقليل المخاطر.
- إمكانية التسييل.
وتقوم الفكرة الأساسية للصناديق الاستثمارية على الأساس الأدنى:
- قيام جهة معينة (بنوك وشركات الاستثمار) بإعداد دراسة اقتصادية لنشاط معين أو مشروع أو مشاريع معينة، بحيث تبين جدوى الاستثمار في ذلك المجال.
- قيام تلك الجهة بتكوين صندوق استثماري، وتحديد أغراضه، وإعداد نشرة الاكتتاب في الصندوق، أو لائحة العمل للصندوق، بحيث تتضمن كامل التفاصيل عن نشاط الصندوق وشروط الاكتتاب فيه، وحقوق والتزامات مختلفة الأطراف.
- تقسيم رأس مال الصندوق الاستثماري إلى وحدات أو حصص أو أسهم مشاركة أو صكوك متساوية القيمة الاسمية، بحيث كون اقتناؤها عبارة عن المشاركة في ملكية حصة من رأس مال الصندوق.
- بعد تلقي الجهة المصدرة للصندوق أموال المكتتبين، تقوم باستثمار الأموال المجمعة لديها في المجالات المحددة في نشرة الاكتتاب، وتوزيع الأرباح في الفترات وبالكيفية المتفق عليها، كما تتولى تصفية الصندوق في الموعد المحدد لذلك.
و تتم إدارة الصناديق بإحدى الصيغ الشرعية التالية:
- المضاربة.
- المشاركة.
- الوكالة.
وتختلف المشاركة عن المضاربة بوجوب مساهمة المدير في رأس مال المشاركة، وحق الشركاء في الإدارة، ويكون مقابل الإدارة فيهما حصة من الربح.
أما في الوكالة فيكون مقابل الإدارة مبلغ أو نسبة من الوعاء.
السَّلَم:
أن يبيع المرء سلعة محددة الوزن والكمية والنوع والصفة والجنس مع تحديد زمن ومكان التسليم على أن يدفع المشترى الثمن نقداً في مجلس التعاقد
والسَّلَم في تعريف الفقهاء هو بيع آجل بعاجل، بمعنى أنه معاملة مالية يتم بموجبها تعجيل دفع الثمن وتقديمه نقداً إلى البائع الذي يلتزم بتسليم بضاعة معينة مضبوطة بصفات محددة في أجل معلوم، فالآجل هو السلعة المبيعة الموصوفة في الذمة، والعاجل هو الثمن.
ويحقق بيع السلم مصلحة كلا الطرفين:
البائع، وهو الْمُسَلم إليه (قابض ثمن البضاعة المؤجلة): فهو يَحصل عاجلاً على ما يريده من المال مقابل التزامه بالوفاء بالمسلم فيه آجلاً، فيستفيد من ذلك بتغطية احتياجاته المالية سواء كانت تخص نفقته الشخصية هو وعياله أم كانت لغرض نشاطه الإنتاجي.
والمشتري، وهو هنا البنك الممول: يحصل على السلعة التي يريد المتاجرة بها في الوقت الذي يريده، فتنشغل بها ذمة البائع الذي يجب عليه الوفاء بما التزم به، كما أن البنك يستفيد من رخص السعر إذ أن بيع السَّلَم أرخص من بيع الحاضر غالباً، فيأمن تقلب الأسعار، ويستطيع أن يبيع البضاعة سَلَماً موازياً على بضاعة من النوع نفسه الذي اشتراها بالسَّلَم الأول دون ربط مباشر بين العقدين، كما يستطيع أن ينتظر حتى يتسلم المبيع فيبيعه حينئذ بثمن حَالٍّ أو مؤجل.
صور من السلم
الصورة الأولى:
أن يشتري المصرف الإسلامي سلعاً بطريق السَّلَم وتكون أرخص عليه، فإذا أخذها في الوقت المتفق عليه، وَكَّلَ شركةً تجاريةً أن تسوق له السلعة مقابل نسبة من الربح، ويمكن للتجار أن يتولوا العملية من أولها، فيدفعون الأثمان المقدمة، ويقبضون السلعة في وقتها، ويسوقونها، مقابل النسبة.
وهذا جائز لأنه توكيل مقابل أجر.
الصورة الثانية (السلم الموازي):
يقوم المصرف ببيع طرف ثالث، غير الذي عقد معه عقد السَّلَم الأول، يبيع مع هذا الجديد الْمُسَلم فيه نفسه في العقد الأول وبمواصفاته، (ليس عين البضاعة الأولى)، ويتسلم الثمن مقدماً.
إذن هو سَلَّم الأول مبلغاً، واستلم من الثاني مبلغاً أعلى، فإذا جاء الأجل استلم البضاعة من الأول، وأعطاها للثاني.
ومن الناحية الشرعية: لا حرج في ذلك؛ لأنهما عقدان شرعيان لا يوجد فيهما محظور شرعي.
الصورة الثالثة:
يتلقى المصرف وعوداً من تجار بالشراء فور تملك المصرف للسلعة.
ويقوم المصرف بالبحث عن السلع المطلوبة (من خلال التجار أنفسهم، أو بمعرفته).
ثم يبيعها لمن وعده بشرائها.
الصورة الرابعة:
يتلقى المصرف عروضاً من مصانع يعرضون بيع منتجاتهم، ويحددون آجلاً لتسليمها بهدف الحصول على السيولة.
فيبحث المصرف عن عملاء يحتاجون تلك السلع ولديهم الاستعداد لشرائها ولا يملكون أثمانها.
ثم يحصل المصرف من الراغبين بالسلعة على وعد بالشراء فور تملكها.
ثم يقوم المصرف بالمقابلة بين رغبة البائعين والمنتجين.
بعض مخاطر السَّلَم
مخاطر متعلقة بالبائع (المسلَم إليه):
- عدم القدرة على تسليم البضاعة.
- تسليم البضاعة غير مطابقة للمواصفات.
- التأخير في التسليم.
مخاطر متعلقة بالمصرف:
- عدم تسليم البضاعة من البائع (المسلم إليه).
- التأخير في التسليم
- عدم وفاء الواعد بالشراء.
- عدم القدرة على تصريف البضاعة.
الاستصناع:
تعريفه: عقد بيع يتم بمقتضاه تسليم البضاعة في المستقبل مع دفع ثمنها مقدماً، كما أنه عقد عمالة واستخدام أشخاص لإنتاج سلعة معينة.
حكمه: جمهور الفقهاء يرون أن الاستصناع قسم من أقسام السَّلَم ولذلك يندرج في تعريفه.
أما فقهاء الحنفية فقد جعلوه عقداً مستقلا مميزاً من عقد السَّلَم.
وقد عرفوه بتعريفات متعددة منها:
أنه (عقد مقاولة مع أهل الصنعة على أن يعملوا شيئاً)، وأنه (عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل)، ويقال للمشتري مستصنع وللبائع صانع، وللشيء مصنوع.
وعقد الاستصناع يجمع بين خاصيتين:
- خاصية بيع السلم من حيث جواز وروده على مبيع غير موجود وقت العقد.
- وخاصية البيع المطلق العادي من حيث جواز كون الثمن فيه ائتمانياً لا يجب تعجيله كما في السلم؛ وذلك لأن فيه عملاً إلى جانب بيع المواد فصار يشبه الإجارة، والإجارة يجوز تأجل الأجرة فيها.
شروطه: وتتمثل شروطه في:
- تحديد طبيعة السلع المطلوب صنعها ونوعيتها وكميتها وأوصافها.
- تحديد وقت صنع السلع.
- النص على تأجيل الدفع أو التقسيط خلال فترة محددة .
- جواز تحديد شرط جزائي إذا ما اتفق الطرفان على ذلك باستثناء حالات القوة القاهرة.
خطوات الاستصناع (بناء عقار):
ـ طلب البناء (الصنع).
ـ دراسة الجدوى: الائتمان، السلعة.
ـ بعد الموافقة يتم تقديم الضمانات.
ـ توقيع العقد.
ـ توقيع عقد استصناع موازي.
ـ خطاب ضمان من المقاول.
الإجراءات العلمية لاستصناع (بناء) عقار:
- تقديم الطلب؛ مع بيان كامل مدعم بالرسوم والخرائط، وصورة الملكية، ومخطط الأرض، وتكلفة البناء وإيراداته المتوقعة، والعربون الذي سيدفعه، والضمانات التي يعرضها، وطريقة السداد.
- دراسة الجدوى الفنية للبناء، وقدرة العميل على السداد.
- بعد الموافقة يطلب من العميل تقديم الضمانات اللازمة.
- توقيع عقد الاستصناع مع العميل؛ يحدد فيه جميع حقوق والتزامات كل طرف: ثمن المبنى، وميعاد التسليم طبقاً للمواصفات، ومدة السداد، وقيمة العربون المدفوع.
- توقيع عقد استصناع موازي مع المقاول الذي رسا عليه العطاء.
- يقدم المقاول خطاب ضمان بنكي بنسبة معينة من قيمة المشروع، (ويحجز المصرف من قيمة كل دفعة للمقاول نسبة معينة كضمان لحسن التنفيذ).
- إذا لم يلتزم المتعامل بسداد ما عليه من دين في المواعيد المحددة، ولم يف الإيراد بقيمة الأقساط: يعطيه المصرف مهلة ويساعده على إيجاد الحل، ثم يكون من حق المصرف اتخاذ إجراءاته بتنفيذ الرهن وعرض العقار للبيع.
ضوابط يجب مراعاتها في الاستصناع
- إجراء مناقصة لاختيار أفضل العروض (الأسعار، والقدرة على التنفيذ).
- توقيع (المستصنع) على تعهد بتحمل التكاليف التي دفعها المصرف في حالة عدم تنفيذ العملية.
- تعين استشاري للعميل للإشراف على التنفيذ.
- تحديد مدة الاستصناع بزيادة شهرين عن المدة المحددة بعقد المقاولة.
الإجارة
يقصد بالإيجار عمليات تشغيل الأموال في غير الشراء والبيع، أي أن محل هذه العمليات يكون بيع المنفعة لا العين.
وتهدف إلى الحصول على الأجر والغلة من خلال استيفاء المنفعة عبر الزمن.
خصائص عمليات الإيجار
وأهم خصائص عمليات الإيجار:
- أنها تمكن أساساً من حيازة واستخدام الأصول التي يحتاج إليها الأفراد دون الحاجة إلى ضخ سيولة كبيرة.
- أنها لا تنقل ملكية العين وإنما تنقل ملك المنفعة.
- إن الربح فيها مستقل عن القيمة المقابلة للعين، وهو عبارة عن أجر يحصل مع تجدد المنفعة.
- أنها مرتبطة بالزمن (غير حالة) وهي عادة متوسطة الأجل.
أقسام عمليات الإيجار
يقسم الفقهاء عمليات الإيجار إلى نوعين:
1- الإجارة على المنافع: وهي التي تعقد على الأعيان بأن يتم دفع عين مملوكة لمن يستخدمها لقاء عوض معلوم. ويمكن أن تتم هذه الإجارة على نوعين من الأعيان:
- إجارة الأعيان المنقولة: كالثياب والحلي و الأواني وغيرها.
- إجارة الأعيان الثابتة: الدور والمنازل والأراضي.
2 - الإجارة على الأعمال: وهي التي تعقد على أداء عمل معلوم لقاء اجر معلوم. ويتخذ هذا الأسلوب صورتين بحسب نوعية الأجير:
- الأجير الخاص: وهو الذي يعمل لشخص واحد مدة معلومة ولا يجوز له العمل لغير مستأجره.
- الأجير المشترك: وهو الذي يعمل لعامة الناس ولا يجوز لمن استأجره أن يمنعه عن العمل لغيره.
وتستخدم البنوك الإسلامية الإجارة على المنافع كأسلوب من أساليب استثماراتها، فهي تقتني الممتلكات والأصول النامية من أجل إجارة عينها حيث تضع تحت تصرف عملائها تلك الأعيان لاستيفاء منافعها بمقابل.
وتستخدم البنوك نوعين من هذا الأسلوبين هما:
- الإجارة التشغيلية:
وهي عقد يبرم ما بين دار الاستثمار (المصرف) والعميل لاستئجار (سيارة) ما متفق عليها بين الطرفين بحيث تلتزم دار الاستثمار بتوفير كافة خدمات الصيانة اللازمة للسيارة المؤجرة بغيه الحصول على أفضل أداء لها طيلة فتره سريان العقد
وهي برنامج يحظى فيه العميل بحق الانتفاع بالأصل طوال مدة التعاقد، ثم يعيده إلى الشركة دون أي إلزام للعميل بتملك العين أو إلزام للشركة ببيعه.
وتصدر شركة الاستثمار (سندات إجارة) تجمع بموجبها مبالغ من المدخرين، ثم تنشئ بهذا المبلغ عدة مبان تقوم بتأجيرها، على أن يشارك حملة السندات في الحصول على قيمة الإيجار الدوري بحسب ما يحمله كل شخص من سندات بعد خصم مقابل إدارة العقار، ويمكن أن يتم تداول هذه السندات في السوق الثانوية
- الإجارة التمليكية (الإجارة المنتهية بالتملك):
ملحق
الفوائد المحصَّلة من البنوك يشملها الربا المحرَّم
في 1989م، أصدر مفتي مصر الدكتور محمد سيد طنطاوي بياناً قال فيه: [إن دار الإفتاء المصرية تعتقد: أن الكلام عن المعاملات في البنوك والمصارف لا يؤخذ جملة واحدة، بأن يقال: إن المعاملات التي تجريها البنوك كلها حرام أو كلها حلال، وإنما يؤخذ الكلام عنها في صورة كل مسألة على حدة أو على الأقل يؤتى بالمسائل المتشابهة، ثم يصدر بشأنها الحكم الشرعي المناسب لها.
وذلك لأن المعاملات التي تجريها البنوك والمصارف، متعددة الجوانب، متنوعة الأغراض، مختلفة الوسائل والمقاصد].
وكذلك أكد الدكتور عبد الفتاح الشيخ الرئيس السابق لجامعة الأزهر على [عدم جواز إطلاق الحكم بإباحة فوائد البنوك؛ وذلك بسبب تعدد معاملات البنوك، مشيراً إلى أنه ينبغي النظر إلى كل معاملة في البنوك على حدة بموضوعية، لنرى ما يخالف منها تعاليم الدين الإسلامي فيُحرّم وما يتفق والشريعة الإسلامية فيباح]([109]).
وأقول: بأن من الواجب على المستفتي أن يوضح سؤاله للمفتي وأن يبينه بياناً شافياً لا لبس فيه ولا غموض؛ ليكون المستفتي عوناً للمفتي على إصدار الفتوى بوجهها الصحيح.
عرض رأي مفتي مصر الحالي، ومناقشته:
أما مفتي مصر الدكتور أحمد الطيب فقد أصدر بياناً أفتى فيه بأن: [ليس كل التعامل مع البنوك حلالاً، وليس كله حراماً] ([110]).
والحقيقة أن التعامل مع البنوك لا بد من بيان طبيعته وهدفه:
فإذا كان المسلم يقصد بتعامله مع البنك القرض ـ أي إعطاء النقود إلى الغير بدون تحديد أجل الرد ـ أو الدَّين ـ أي إعطاء النقود إلى الغير مع تحديد أجل الرد ـ؛ فإنه لا يجوز له أن يأخذ أكثر من المبلغ الذي أعطاه للبنك؛ لأن الزيادة على النقود في حالتي القرض أو الدَّين ربا محرم شرعاً.
وإذا كان المسلم يقصد بتعامله مع البنك الوديعة ـ أي إعطاء النقود إلى الغير بقصد الحفظ ـ؛ فالأصل الشرعي أن يدفع أجرة الحراسة والحماية، لا أن يأخذ من الأمين مالاً.
وإذا كان المسلم يقصد بتعامله مع البنك المضاربة ـ أي إعطاء النقود إلى الغير بهدف المشاركة بين عنصري الإنتاج: رأس المال والعمل ـ، فلا بد من الاتفاق على نسبة ثابتة توزَّع بين صاحب رأس المال ـ العميل ـ والشريك المضارب ـ البنك ـ، نعم نسبة ثابتة من الربح المجهول؛ فيتفق على قسمة الربح الذي سيُعرف في نهاية السنة المالية مناصفة، أو الربع لأحدهما وثلاثة أرباع للآخر، أو الثلث لحدهما والثلثان للآخر، أو العشر لأحدهما وتسعة أعشار للآخر.
ويجيب مفتي مصر الدكتور أحمد الطيب على حالة ما إذا كان المسلم يقصد بتعامله توكيل البنك أو غيره في استثمار مبلغ معين مع رضاه لما حدده له البنك أو غيره مقدماً من أرباح، فيقول:
[يرى بعض الفقهاء أن تحديد البنك للربح مقدماً زمناً ومقداراً على الأموال المستثمرة وشهادات الاستثمار وما يشبهها مثل صناديق التوفير حرام وغير جائر شرعاً ويرونه من باب القرض الذي يجر نفعاً وهو من الربا.
ويرى آخرون أن هذا التحديد حلال وجائز وأن التعامل في الأموال المستثمرة هو من قبيل المعاملات المستحدثة التي لا تخضع لأي نوع من العقود المسماة، وهي معاملة نافعة للأفراد وللمجتمع وليس فها استغلال أو غش أو خداع أو ظلم من أحد طرفي التعامل للآخر.
وهذا ما أقره مجمع البحوث الإسلامية بجلسته الثالثة في دورته التاسعة والثلاثين.
ودار الإفتاء تفوض الأمر للسائل في أن يختار أيا من الرأيين السابقين حسب ما يراه مناسبا له، فإن اطمأن قلبه وأخذ بما ذهب إليه القول الثاني من أن تحديد المصرف للربح جائز شرعاً فله ذلك.
أما إذا لم يطمئن قلبه فعليه أن يتبع ما ذهب إليه القول الأول، وليذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم]([111]): "الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ"([112]).
وأقول: إذا كانت المسألة مسألة توكيل في الاستثمار، فصاحب المال موكل قوي بماله، وصاحب العمل ـ البنك ـ قوي بخبرته وعمله ـ والتكييف الفقهي أن صاحب العمل الموكَّل يعد من الناحية الشرعية أجيراً، فالبنك أجير عند صاحب رأس المال([113])، وهذه عبارة الدكتور محمد سيد طنطاوي، والمعلوم أن الأجير يستحق تعويضاً على عمله، ويجب أن يكون الأجر معلوماً، وهو ـ أي الأجير ـ مؤتمن على أن يعطي كل نتائج التصرف بالمال لصاحبه الذي وكّله بالاستثمار، ثم يدفع صاحب المال للوكيل أجره المتفق عليه.
عرض رأي شيخ الأزهر، ومناقشته:
أما نص فتوى شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي فهي متعلقة ـ حسب مَن أورد الخبر([114]) ـ بأولئك الذين يتعاملون مع البنوك ويقومون بتقديم أموالهم ومدخراتهم إلى البنك ليكون وكيلاً عنهم في استثمارها في معاملاته المشروعة، مقابل ربح يصرف لهم ويحدد مقدماً في مدد يتفق مع المتعاملين معه عليها، فإن هذه المعاملة بتلك الصورة حلال ولا شبهة فيها.
ويستدل شيخ الأزهر على إباحة الفائدة المأخوذة من البنك؛ بأنه لم يرد نص في كتاب الله أو من السنة النبوية يمنع هذه المعاملة التي يتم فيها تحديد الربح أو العائد مقدماً، ما دام الطرفان يرتضيان هذا النوع من المعاملة([115])،
وأقول: متى كان الربح يُعرف مقدماً، أم إنه التوقع والحسبان، فإما أن يصيب أو يخيب؟، وإذا كانت الحجة أن البنوك تعرف قدر الأرباح نتيجة الخبرة الطويلة في الاستثمارات، فماذا لو وقع حادث عارض أو آفة سماوية أخذت كل ممتلكات البنك، فهل سيعطي البنك ما اتفق به مع عملائه؟، وهل يجوز للعملاء أن يأخذوا هذا المال بحجة أنه الاتفاق والرضا؟.
فادعاء الربح الدائم ليس صحيحاً، وادعاء التراضي بين الأطراف ليس صحيحاً، إذ إن التراضي هو ما كان بعد الالتزام بحدود الشريعة، فالشريعة أولاً ثم التراضي، وإلا فتح الباب أمام كل المحرمات والمعاصي بحجة التراضي.
ثم إن البنوك في الغالب لا تقوم بالمشاركة أو المساهمة في المشروعات المتنوعة، ولا يسمح لها قانوناً أن تمارس أي نشاط اقتصادي؛ زراعي أو صناعي بشكل مباشر.
فادعاء أن تحديد العائد مقدماً راجع إلى الاستثمار ادعاء يدل على عدم المعرفة بطبيعة التعامل في البنوك الربوية، فعلماء القانون والاقتصاد يؤكدون بأن الوظيفية الرئيسية للبنوك التقليدية هي الاقتراض والإقراض بفائدة، وخلق الائتمان، فالبنك: مؤسسة تقوم على التجارة في القروض والديون، كما يؤكدون على أنها ممنوعة بحكم القوانين من الاستثمار والتجارة بأموال المودعين.
وبنظرة سريعة إلى ميزانية أي بنك تقليدي توضح أن البنك يقوم على الإقراض والاقتراض وخلق الائتمان بصورة أساسية إضافة إلى بعض خدمات لا يذكر حجمها أمام حجم القروض والديون، فأين هي تلك الاستثمارات التي يتحدث عنها القرار الجديد.
كما أن عقود هذه البنوك تنص على أن العلاقة هي القرض، الذي ينص فيه على أنه (يحتسب على قيمة القرض فائدة مركبة سعرها كذا سنويا تقيد على حسابنا شهرياً).
ومن جهة أخرى فإن العلاقة بين العميل والبنك تتم عن طريق تقديم قروض بفوائد محددة، حيث تسترجع أموال العميل مع فوائدها سواء خسر المشروع أو ربح، فلا دخل لها بالربح والخسارة، والمشاركة، وتحمُّل الغرم في مقابل الغنم كما أجمع الفقهاء المسلمون على القاعدة الفقهية أن (الغنم بالغرم) استناداً إلى عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ "الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ"([116]).
مبررات قرار مجلس مجمع البحوث الإسلامية الجديد:
قال الدكتور عبد المعطي بيومي عضو المجمع: [إن ما أجازه مجمع البحوث الإسلامية وتم إقراره حتى الآن هو استثمار الأموال في البنوك مع تحديد العائد مقدماً حلال، … وإن استثمار البنوك لأموال الأفراد استثماراً حلالاً نظير تحديد عائد مقدماً يدخل في باب الوكالة، كما أنه يحمي المال من فساد الذمم التي قد تؤدي إلى ضياع أرباح المال المستثمر]([117]).
والسؤال: هل يتم عقد وكالة بين العميل وبين البنك؟، على استثمار معين أو مطلق، حسب أنواع الوكالة المعروفة شرعاً.
ثم إن في الوكالة لابد من تحديد أجر الوكيل، وهو غير محدد في التعامل مع البنوك، إذ لا يُعرف ما يبقى للبنك بعد الاستثمار.
ومن جهة أخرى فإن التكييف القانوني في مصر وفرنسا وغيرهم لعقد الوديعة في البنوك التقليدية هو عقد القرض، والعقد الذي يوقع بين الطرفين إلى يومنا هذا هو عقد قرض بفائدة محددة، فالعميل حينما يودع مبلغاً لدى البنك، فإنه يقرضه قرضاً مضموناً بفائدة محددة مضمونة، فأين الوكالة في هذا العقد، حيث يأخذ العميل المقرض نسبة مئوية من المال المودع لدى البنك؟.
وهذا نص القانون المدني المصري في بيانه لطبيعة الودائع في البنوك الربوية، فقد نصت المادة 726 على أنه: (إذا كانت الوديعة مبلغاً من النقود أو أي شيء آخر مما يهلك بالاستعمال وكان المودع عنده مأذوناً له في استعماله اعتبر العقد قرضا).
وأشار الدكتور محمد إبراهيم الفيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية إلى أن [جواز تحديد الأرباح مقدماً للأموال داخل البنوك له وجهة وهي أنه لا ربا بين الدولة ورعاياها، وعليه فإن التعامل مع البنوك المحددة للفائدة جائز على اعتبار أن البنوك الضامن الأول لها هو الدولة، هذا بالإضافة إلى أن المال الذي يوضع في البنوك يدخل في التنمية والصناعات الوطنية، مما يجعل استثمار الأموال في البنوك محققاً لتنمية شاملة للوطن،... وإن معاملات البنك بالأرباح مع الأفراد أصحاب الأموال يجعل البنك وكيلاً في هذه الأموال لاستثمارها، والوكالة مشروعة إسلامياً]([118]).
وإذا كانت القضية بين دولة ورعاياها، والمنفعة متبادلة فلتكن نتائج الأعمال وأرباح الاستثمارات مشاركة بنسب ثابتة على الربح الذي سيتحقق في نهاية العمل الاستثماري، وبعض العرف يقضي أن مَن يقدم مالاً دون عمل ـ وهو العميل في حالة التعامل مع البنوك ـ، يحصل على ثلثا الأرباح، وأن صاحب العمل ـ وهو البنك على فرض أنه يقوم بالاستثمار المباشر ـ يأخذ الثلث، فإذا ما شارك صاحب العمل بجزء من رأس المال حصل على نسبة النصف، وترك لصاحب المال الذي لا يعمل النصف.
ولكن هل أصبح من العرف أن يعطى صاحب رأس المال بلا عمل مبلغاً ضئيلاً دون النظر إلى نتيجة الاستثمار، والباقي يذهب للشريك العامل ـ وهو البنك ـ.
ثم إن واجب الدولة في الإسلام أن تكون القدوة في الالتزام بأوامر الله تعالى، وشرعه قبل الأفراد، وإلا فكيف ترتكب المحرمات وتفعل ما أذن الله فيه بالحرب، ثم تقول للناس: اتركوا الربا، فمن أولى واجبات الدولة أن تمنع الربا.
وقد قال ابن عباس: (من كان مقيماً على الربا لا ينـزع عنه؛ فحق على إمام المسلمين أن يستثيبه وفي رواية:أن يستتيبه ـ أي يجعله يرجع إلى صوابه ـ؛ فإن نزع وإلا ضرب عنقه]([119]).
مخالفة فتوى شيخ الأزهر لقرارات المجالس والمجامع الفقهية:
فتوى شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي بإباحة فوائد البنوك الربوية، صدرت مخالفةً لعدد من المجالس العلمية المختصة والمجامع الفقهية:
فالفتوى مخالفة لقرارات المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة في شهر محرم 1385هـ الموافق مايو 1965م، الذي حضره ممثلو خمس وثلاثين دولة إسلامية.
وفيما يأتي أورد ما يخص المعاملات المصرفية في بيان المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة في شهر محرم 1385هـ الموافق مايو 1965م([120]):
- الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي، وما يسمى بالقرض الإنتاجي لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين.
- كثير الربا وقليله حرام، كما يشير إلى ذلك الفهم الصحيح في قوله تعالى: )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ([آل عمران:130].
- الإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة والاقتراض بالربا محرم كذلك، ولا يرفع إثمه إلا إذا دعت الضرورة، وكل امرئ متروك لدينه في تقدير ضرورته.
- أعمال البنوك من الحسابات الجارية وصرف الشيكات وخطابات الاعتماد والكمبيالات الداخلية التي يقوم عليها العمل بين التجار والبنوك في الداخل.. كل هذا من المعاملات المصرفية الجائزة، وما يؤخذ في نظير هذه الأعمال ليس من الربا.
- الحسابات ذات الأجل، وفتح الاعتماد بفائدة، وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية وهي محرمة.
كما إن فتوى الدكتور محمد سيد طنطاوي مخالفة لفتوى جبهة علماء الأزهر، فقد سبق أن أعدت جبهة علماء الأزهر بيانات وقع عليه عشرات بل مئات على رفض الفتوى السابقة بحل الفوائد البنكية، حتى في هذه المرة صرح هؤلاء العلماء لمجلة المجتمع في عددها 1527 الحادي عشر من رمضان 1423هـ الموافق 16 نوفمبر 2002 بما يأتي([121]):
- يؤكد الدكتور رأفت عثمان([122]) أن صدور فتوى على هذا النحو يثير مشكلات كثيرة مع المجامع الفقهية في العالم الإسلامي، حسمت أمر المعاملات الربوية بحرمة الفوائد البنكية باعتبارها الربا المذكور في القرآن.
- كما أكد الدكتور محمد رأفت عثمان في تصريح لشبكة إسلام أون لاين([123]): أنه رفض الموافقة على فتوى تحليل فوائد البنوك، موضحا أنها حرام مطلقا، لأنها وعلى فرض أنها ليست ربا فإنها من المضاربة الفاسدة وأوضح: أن المضاربة الإسلامية معناها أن يكون هناك اتفاق بين رب المال وفرد أو جهة معينة تستثمر هذا المال على أن يكون لهذه الجهة نسبة من الربح، أما تحديد مبلغ معين من المال كما هو متبع في البنوك لأي من الطرفين فهو يؤدي إلى فساد المضاربة كأحد طرق استثمار المال، وأضاف أنه لو فرض أن وضع المال في البنوك هدفه الاستثمار فإن تحديد الربح مسبقا يؤدي إلى الغرر المنهي عنه شرعا، لأن فيه ضياعا لنصيب أحد الطرفين، مبينا أن اعتراضه على الفتوى يتأسس على قاعدة مردها أن فوائد البنوك المحدد سلفا لا تجوز شرعا ولا تتفق مع تعاليم الدين الإسلامي، كما لا يمكن اعتبارها نوعا من المضاربة الإسلامية.
- ويوضح الدكتور حامد الجامع أن([124]): الفتوى السابقة الصادرة عن المجمع هي المرجع في هذه القضية، ولا داعي لإثارة الأمر مرة أخرى.
- ويرى الدكتور أحمد طه ريان([125])، أن: معاملات البنوك التقليدية هي الربا المحرم شرعا، والثابت حرمته بإجماع علماء الفقه والشريعة في العالم الإسلامي منذ ظهور هذه البنوك حتى الآن، مستغربا القول بإجازة تحديد الفائدة مسبقا تحت أي تسمية، وقال الدكتور ريان إن قرار يصدر عن المجمع لا بد أن يأخذ في الاعتبار ما سبقه من اجتهادات وفتاوى حتى لا يصطدم معها وتحدث البلبلة، كما أنه من الضروري أن يراعي القرارات الصادرة من المجامع([126]).
- بينما يقول الدكتور عبد الحميد الغزالي([127]): من المعلوم أنه ثابت شرعاً أي قرض جر نفعاً فهو الربا المحرم شرعاً.. والفوائد المصرفية دائنة أو مدينة تعد من ربا الدين أي الزيادة مقابل الأجل وهو ما يسمى بالربا القرآني أو الجلي أو الجاهلي، وهو المحرم بنص الكتاب والسنة والإجماع. بل كان يعد في الجاهلية من الكسب الخبيث([128]).
- وشرح الدكتور الغزالي هذه الإشكالية في ندوة في نقابة الصحافيين المصرية بقوله: إن لدينا نصوصا قطعية تؤكد أن النقود لا تلد نقوداً، مشيراً إلى أن العلاقة بين البنك وعملائه يحكمها عقد القرض مع المودع نظير فائدة منخفضة([129]).
- ويؤكد الدكتور حسين شحاتة([130]) أن: جامعات أمريكا وأوروبا تدرس تجربة المصارف الإسلامية، ونظام عملها، ودليلنا على نجاح البنوك الإسلامية التنامي الكبير لها، كما أن عدد المؤسسات النقدية الإسلامية يزيد على الألف، كما أن حجم تعامل العمل المصرفي الإسلامي يصل إلى مئات المليارات من الدولارات يستفيد منه ملايين المتعاملين في كل الأنشطة الاقتصادية زراعية وصناعية وتجارية ومختلف الأنشطة الخدمية([131]).
واقع مصرفي إسلامي([132])
استبدال الأدوات المصرفية التقليدية بأدوات تتوافق مع أحكام الشريعة يعتبر من التحديات الهامة التي تواجه المصارف الإسلامية، فالسوق المصرفي التقليدي يعتبر سوقاً متقدماً على السوق المصرفي الإسلامي من حيث مدة التأسيس.
وبالتالي فإن تَعَوُّد الأفراد على نظام مالي تقليدي يصعب استبداله بنظام آخر إلا إذا عملت المصارف الإسلامية جاهدة على توضيح أثرها الإيجابي الذي يفوق المصارف التقليدية؛ من حيث الأثر الاجتماعي، والعائد المادي للاستثمار، وقبل كل ذلك البعد الديني.
ومما لا شك فيه أن المتخصصين في السوق المصرفي الإسلامي ونقصد بهم أصحاب الخبرة في المعاملات المالية بالإضافة إلى المعاملات المصرفية المعاصرة هم قلة من حيث العدد.
وبذلك تضطر المصارف الإسلامية للاستعانة بذوي الخبرات المصرفية من المصارف التقليدية، وذلك يُوْقِعها ببعض من الإرباك، ويوقع جماهير المتعاملين معها بكثير من اللبس وعدم وضوح الرؤية تجاه المعاملات التي تقوم بها مما يؤدي إلى تساؤل حول الفرق الحقيقي بين عمل كل منهما، وبعض الأشخاص وهم الصوت الأكثر علواً يصر على عدم وجود فرق بين المعاملات المصرفية الإسلامية والتقليدية.
إن فن إقناع الجمهور بحسنات العمل المصرفي الإسلامي يحتاج إلى جهد كبير؛ نظراً لعدم وجود خلفية توعوية تجاه المعاملات الإسلامية، وكذلك لطغيان الفكر المصرفي التقليدي.
مما يؤثر سلباً على حجم إقبال الجمهور على التعامل مع المصارف الإسلامية، وذلك أمر غير مستهجن.
فالدعاية التي تقوم بها المصارف التقليدية أكبر بكثير من تلك التي تقوم بها المصارف الإسلامية بالإضافة إلى جهل الناس بحقيقة المعاملات المالية الإسلامية، والبدائل الشرعية التي تؤدي إلى الإيفاء بحاجات الناس بما يؤهل المصارف الإسلامية لأن تكون بديلاً قوياً للتعامل المالي التقليدي، خاصة وأن التعامل مع العاطفة الدينية بات تأثيره منحسراً في هذا الاتجاه بالذات.
وإن أردنا للمصارف الإسلامية أن تتثبت في عالم المصارف وتُؤْتِي أُكُلَها فلا بد من جهد متميز لإبراز إيجابيات العمل المصرفي الإسلامي؛ وذلك عبر جهود مخلصة تضع في اعتباراتها أن ذلك يصب في صالح خدمة الدين بشكل واقعي، وفي أهم بند من بنود التنمية.
ومن أهم الأمور التي من الممكن أن تكون عامل جذب للجمهور تلك المتعلقة بالإعلان عن الخدمات بطريقة لافتة، وفي ذات الوقت تلبي حاجات الجمهور الأساسية من إسكان وتمويل سلع وغيرها.
ولا شك أن كثيراً من عامة الناس، وحتى من الفئة المثقفة منهم قد رسخ في أذهانهم انعدام الفرق بين التعامل عن طريق الفائدة والمعاملة عن طريق المرابحة، بل وإن بعض الأشخاص يفضل الاقتراض عن طريق الفائدة في البنوك التقليدية لأسباب عديدة.
وحتى نتمكن من توضيح هذه الصورة لا بد من حملات توعوية إعلامية ذات صورة لافتة، وربما كان الأمر يحتاج إلى عقول مبتكرة ومبدعة في مجال الدعاية، والجميع يعلم ما لصناعة الإعلام من مردود وتأثير.
يلي ذلك عمل حثيث على تطوير الموارد البشرية العاملة في المصارف الإسلامية.
فالفئة التي لم تتعمق بالعمل المصرفي الإسلامي وفقه المعاملات الإسلامية وأثره على المجتمعات والأفراد من الواجب تقديم حوافز وامتيازات وخطط تدريبية لها توضح الهدف، وتضع آلية لتنفيذه بدءاً من شعار: (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، وانتهاء بالمهنية والديناميكية العالية التي من الواجب أن يتمثلوا بها في التعامل مع الجمهور.
فخدمة الجمهور باتت علماً مستقلاً تتنافس المؤسسات لتحقيقه لعملائها الذين هم العنصر الرئيسي في استمرارية وجودها الحقيقي.
قانون إحداث
المصارف الإسلامية
في سورية
قانون إحداث المصارف الإسلامية في سورية
أصدر السيد الرئيس /بشار الأسد/ المرسوم التشريعي رقم /35/ للعام 2005 الخاص بإحداث المصارف الإسلامية ويتضمن المرسوم التشريعي تعاريف المصرف الإسلامي وهيئة الرقابة الشرعية0
ونص المرسوم على أن إحداث المصارف الإسلامية في الجمهورية العربية السورية يخضع للأسس والصيغ القانونية والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم /28/ للعام 2001 المتعلق بإحداث المصارف الخاصة والمشتركة كما يخضع إلى أحكام الباب الرابع من القانون رقم /23/ للعام 2002 المتضمن أحكام تنظيم ومراقبة المصارف في الجمهورية العربية السورية وكذلك لقانون مكافحة غسل الأموال0
كما يتضمن المرسوم التشريعي أهداف المصرف والعمليات المصرفية التي يجوز القيام بها.
وفيما يلي نص المرسوم:
الجمهورية العربية السورية
المرسوم التشريعي رقم /35/
إحداث المصارف الإسلامية
رئيس الجمهورية
بناء على أحكام الدستور يرسم ما يلي:
المادة /1/
تعاريف:
أ/ المصرف الإسلامي 00 هو المصرف الذي يتضمن عقد تأسيسه ونظامه الأساسي التزاماً بممارسة الأعمال المصرفية المسموح بها على غير أساس الفائدة أخذاً وعطاءً ووفقاً لصيغ المعاملات المصرفية التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية سواء في مجال قبول الودائع وتقديم الخدمات المصرفية الأخرى أو في مجال التمويل والاستثمار0
ب/ هيئة الرقابة الشرعية: هي هيئة مكونة من عدد محدود من علماء الفقه والشريعة والقانون تعينها الجمعية العمومية لمساهمي المصرف الإسلامي مهمتها إجراء الرقابة الشرعية على أعمال المصرف وعقوده لضمان توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية0
المادة /2/
يخضع إحداث المصارف الإسلامية في الجمهورية العربية السورية للأسس والصيغ القانونية والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 28 لعام 2001 المتعلق بإحداث المصارف الخاصة والمشتركة ويصدر قرار الترخيص بتأسيس المصرف عن مجلس الوزراء بناء على اقتراح مصرف سورية المركزي وتوصية مجلس النقد والتسليف المبنية على القناعة بأن الترخيص يخدم المصلحة العامة وحاجات الاقتصاد الوطني ويراعى استيعاب السوق المصرفية0
المادة /3/
يجوز للمصارف العاملة المسجلة في سجل المصارف وبعد موافقة مجلس النقد والتسليف المساهمة في تأسيس مصارف إسلامية وفق أحكام هذا المرسوم التشريعي بشرط التقيد بما يلي:
1/ مراعاة الحدود القصوى لمساهمة الشخصيات الاعتبارية في رأسمال المصرف المحدث المحددة بالقانون 28 لعام 2001.
2/ ألا تتجاوز مساهمة المصرف في تأسيس مصرف إسلامي نسبة عشرين بالمئة من صافي الأموال الخاصة للمصرف المساهم يحددها مجلس النقد والتسليف في كل حالة بعد دراسة وضع المصرف الراغب في المساهمة0
المادة /4/
أ/ يحدد في صك ترخيص المصرف الإسلامي رأس ماله المصرح على أن لا يقل عن خمسة مليارات ليرة سورية موزع على أسهم اسمية لا تقل القيمة الاسمية للسهم الواحد منها عن خمسمائة ليرة سورية كما يحدد في صك الترخيص رأس المال المدفوع عند التأسيس على أن لا يقل عن /50/ بالمئة خمسين بالمئة من رأس المال المصرح0
ب/ يجب استكمال دفع رأس المال خلال ثلاث سنوات من بداية مزاولة المصرف لنشاطه ويجوز للمصرف عدم توزيع أية أرباح للمساهمين خلال هذه المدة0
المادة /5/
لا يجوز للمصرف المرخص وفق أحكام هذا المرسوم التشريعي أن يبيع أو أن يتنازل عن رخصة المصرف لأي طرف آخر إلا بموافقة مسبقة من مجلس النقد والتسليف، كما لا يجوز لأي مصرف مساهم في تأسيس مصرف إسلامي أن يتنازل عن نصيبه في المصرف لأي طرف آخر إلا بموافقة مسبقة من مجلس النقد والتسليف0
المادة /6/
يهدف المصرف الإسلامي إلى ما يلي:
أ/ تقديم الخدمات المصرفية وممارسة أعمال التمويل والاستثمار القائمة على غير أساس الفائدة في جميع صورها وأشكالها0
ب/ تطوير وسائل اجتذاب الأموال والمدخرات وتوجيهها نحو المشاركة في الاستثمار المنتج بأساليب ووسائل مصرفية لا تتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية0
المادة /7/
يجوز للمصرف الإسلامي القيام بالعمليات المصرفية التالية وذلك وفقاً للضوابط والحدود والشروط التي يضعها مجلس النقد والتسليف.
أ/ قبول الودائع بأنواعها في حسابات ائتمان أو في حسابات استثمار مشترك أو حسابات استثمار مخصص ولآجال محددة أو غير محددة0
ب/ تقديم الخدمات المالية والمصرفية ومباشرة العمليات المصرفية المختلفة التي أجازها القانون رقم 28 لعام 2001 التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية سواء تمت هذه العمليات لحساب المصرف الإسلامي أو لحساب الغير أو بالاشتراك معه0
ج/ القيام بعمليات التمويل القائمة على غير أساس الفائدة لآجال مختلفة وفى المجالات الاقتصادية التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وذلك باستخدام صيغ العقود الشرعية؛ كعقود المضاربة، وعقود المشاركة، والمشاركة المتناقصة، وبيع المرابحة للآمر بالشراء، وعقود الاستصناع، وعقود بيع السَّلَم، وعقود الإجارة التشغيلية، وعقود الإجارة التمليكية، وغيرها من صيغ العقود التمويلية التي توافق عليها هيئة الرقابة الشرعية0
د/ توظيف أموال العملاء الراغبين في حسابات استثمار مشترك مع موارد المصرف الإسلامي وفق نظام المضاربة المشتركة أو توظيفها في حساب استثمار مخصص حسب اتفاق خاص مع العميل0
هـ / القيام بعمليات الاستثمار المباشر أو المالي لحسابها أو لحساب الغير أو بالاشتراك معه بما في ذلك تملك القيم المنقولة وعقود المشاركة وتأسيس الشركات أو المساهمة في الشركات القائمة أو قيد التأسيس التي تزاول أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة0
و/ أية أعمال مصرفية أخرى تقوم على غير أساس الفائدة توافق عليها هيئة الرقابة الشرعية وتسمح بها تعليمات مجلس النقد والتسليف0
المادة /8/
يجب على المصارف الإسلامية أن تكون جميع عملياتها وخدماتها المصرفية والاستثمارية قائمة على غير أساس الفائدة تحت أي شكل من الأشكال وعلى الأخص:
أ/ فائدة الديون التي تقبض أو تُدْفَع في جميع حالات الإقراض والاقتراض والإيداع بما في ذلك أي أجر يدفعه المقترض دون أن تقابله خدمة تنطوي على مجهود ذي منفعة معتمدة حسب رأي هيئة الرقابة الشرعية0
ب/ فائدة البيوع في إطار العمل المصرفي في حالات عمليات الصرف المرتبط تنفيذها بأجل وكذلك الفائدة التي تنطوي عليها العمليات المشابهة0
المادة /9/
استثناء من أحكام الفقرتين 1 و 2 من المادة/ 20/ من القانون رقم 28 لعام 2001 والفقرتين 1 و 2 من المادة /100 من القانون رقم 23 لعام 2002 يحق للمصارف الإسلامية تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة وبيعها واستثمارها وتأجيرها واستئجارها بما في ذلك استصلاح الأراضي المملوكة والمستأجرة وإعدادها للزراعة والصناعة والسياحة والإسكان وكذلك تأسيس الشركات والإسهام في مشاريع تحت التأسيس في مجالات تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية وذلك في معرض القيام بالعمليات المصرفية الإسلامية لصالح العملاء أو بالاشتراك معهم، ولمجلس النقد والتسليف أن يُخْضِع عمليات التملك والاستثمار والمساهمة هذه للضوابط والحدود التي يراها مناسبة0
المادة /10/
أ/ يُعَيِّن المصرفُ بقرار من الجمعية العمومية للمساهمين بناء على اقتراح مجلس الإدارة ولمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد هيئةً مكونة من ثلاثة أعضاء على الأقل من علماء الفقه والشريعة والقانون تسمى هيئة الرقابة الشرعية ويكون رأيها ملزماً للمصرف الإسلامي وتتولى هذه الهيئة:
1ـ مراقبة أعمال المصرف الإسلامي وأنشطته من حيث توافقها وعدم مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية0
2ـ إبداء الرأي في صيغ العقود اللازمة لأنشطته وأعماله0
3ـ النظر في أية أمور تُكَلَّف بها من قبل مجلس الإدارة أو وفقاً لتعليمات مصرف سورية المركزي.
ب/ يُعِدُّ مصرف سورية المركزي نظام القبول وسحب القبول لأعضاء هيئات الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية ونظام عمل هذه الهيئات ويرفعها إلى مجلس النقد والتسليف لاعتمادها وإقرارها0
ج/ تُقَدِّم هيئة الرقابة الشرعية في المصرف تقريراً سنوياً إلى الجمعية العمومية للمساهمين تبين فيه مدى التزام المصرف بأحكام الشريعة الإسلامية للفترة موضوع التقرير وكذلك ملاحظاتها وتوصيانها ويُضَمَّنُ تقريرُ الهيئة في التقرير السنوي للمصرف0
د/ لا يجوز عزل أو إقالة هيئة الرقابة الشرعية أو أي عضو فيها خلال مدة التعيين إلا بقرار من قبل الجمعية العمومية للمساهمين.
هـ / على إدارة المصرف إعلام مصرف سورية المركزي بقرار تعيين هيئة الرقابة الشرعية أو عزلها أو عند أجراء أي تعديل في تكوينها0
المادة /11/
أ/ تخضع المصارف الإسلامية إلى أحكام الباب الرابع من القانون رقم 23 لعام 2002 المتضمن أحكام تنظيم ومراقبة مهنة المصارف في الجمهورية العربية السورية، وذلك في كل مالا يتعارض مع الأحكام الخاصة بالمصارف الإسلامية الواردة في هذا المرسوم التشريعي.
ب/ يضع مجلس النقد والتسليف الضوابط الناظمة لعمل المصارف الإسلامية بما في ذلك القواعد والأحكام الخاصة بالسيولة وكفاية رأس المال ونسب تركز الاستثمارات وقواعد حساب المخصصات الواجب اقتطاعها لمواجهة مخاطر الأصول، كما يضع ضوابط الاستثناءات الممنوحة لهذه المصارف في هذا القانون من أحكام القانون 28 لعام 2001 والقانون 23 لعام 2001 وتؤخذ في الاعتبار في المراقبة على عمل المصارف الإسلامية معايير الرقابة على المصارف الإسلامية الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية0
ج/ يجوز لمجلس النقد والتسليف أن يضع كل أو بعض ما يلي:
1/ الحد الأقصى لقيمة العمليات المتعلقة بنشاط معين0
2/ الحد الأقصى لمساهمة المصرف في الشركات التي يقوم بتأسيسها أو يتملك أسهماً فيها وكذلك الحد الأقصى لمساهمة المصرف في مشروع واحد0
3/ الحد الأقصى لمقدار التزام عميل واحد قبل المصرف0
4/ الحد الأقصى للأموال التي يمكن استثمارها خارج البلاد كنسبة من مجموع الاستثمارات0
5/ القواعد والشروط التي يجب اتباعها في علاقة المصرف بعملائه وبمساهميه0
د/ تخضع المصارف الإسلامية إلى الالتزامات المحددة في المواد 105 و 106 و107 من القانون رقم 23 لعام 2002 المتعلقة بتقديم البيانات المالية إلى مصرف سورية المركزي والتي يمكن تعديلها بموافقة المصرف المركزي لتتوافق مع معايير المحاسبة الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية0
المادة /12/
أ/ لمجلس النقد والتسليف أن يستعين بهيئة استشارية شرعية تضم مستشارين مختصين في أحكام الشريعة الإسلامية والفقه والقانون تتولى إبداء الرأي فيما يُحَال إليها من مسائل متعلقة بالنشاط المصرفي الإسلامي من قبل مجلس النقد والتسليف0
ب/ يُسَمِّي مجلس النقد والتسليف أعضاءَ الهيئة، ويضع نظام عملهم وتحدد تعويضات أعضائها بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح مجلس النقد والتسليف0
المادة /13/
أ/ يجب على إدارة المصرف الإسلامي إعلام المساهمين والمودعين خطياً ودورياً بالمخاطر المرتبطة باستثمارات المصرف ونتائجها ونسب استثمارات المصرف في هذه الاستثمارات، كما يجب عليها التمييز بين ودائع الائتمان وودائع الاستثمار المشترك، وودائع الاستثمار المخصص0
ب/ يجب على المراقبين المصرفيين الداخليين وعلى مراقبي مفوضية الحكومة لدى المصارف التأكد من تقيد المصارف بالواجبات المشار إليها في هذه المادة0
المادة /14/
يجب على المصرف الإسلامي الاحتفاظ بحساب احتياطي /صندوق/ لمواجهة مخاطر حسابات الاستثمار المشترك لتغطية أية خسائر ناتجة عن الاستثمار المشترك في نهاية الدورة المالية وتتم تغذية هذا الصندوق كما يلي:
أ/ اقتطاع ما لا يقل عن 10 بالمئة من صافي أرباح حسابات الاستثمار المشترك المحققة على العمليات الجارية خلال السنة.
ب/ يمكن زيادة النسبة المحدَّدَة في الفقرة السابقة بناء على تعليمات مجلس النقد والتسليف.
ويسري مفعول النسبة المعدَّلة بعد زيادتها في السنة المالية اللاحقة للسنة التي تقرر فيها هذا التعديل.
ج/ يوقف الاقتطاع عندما يصبح مقدار المبلغ المتجمع في هذا الصندوق مثلي رأس المال المدفوع للمصرف الإسلامي، أو أي مقدار آخر يحدده مجلس النقد والتسليف.
د/ تعفى الاقتطاعات المشار إليها أعلاه من ضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة.
المادة /15/
1/ تشارك المصارف الإسلامية في نظام المقاصة والتسويات الذي يديره المصرف المركزي، وذلك وفقاً لقواعد لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
2/ يقوم المصرف المركزي ببعض أو كل ما يلي:
أ/ أن يفتح حسابات له لدى المصارف الإسلامية بالليرات السورية وبالعملات الأجنبية0
ب/ أن يفتح حسابات لديه للمصارف الإسلامية بالليرات السورية وبالعملات الأجنبية0
ج/ أن يَمنح المصارف الإسلامية تمويلاً قصير ومتوسط الأجل باستخدام أدوات وأساليب لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
د/ أن يبيع ويشتري من المصارف الإسلامية الأوراق المالية وغيرها من الأدوات التي تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
هـ / أن يُصْدِر أدوات تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية طبقاً للحدود والشروط التي يقررها مجلس النقد والتسليف، ويتم التعامل بها بيعاً وشراء مع الجهات الخاضعة لإشراف ورقابة المصرف المركزي.
المادة /16/
أ/ في حال تصفية مصرف إسلامي تتم تصفيته وفق المعايير التي يحددها مجلس النقد والتسليف بالاستناد إلى أحكام القوانين النافذة، وذلك بالقدر الذي لا تتعارض فيه تلك الأحكام مع الأحكام الخاصة بالمصارف الإسلامية الواردة في هذا المرسوم التشريعي.
ب/ يتم وفاء الالتزامات والديون المستحَقَّة على المصرف الإسلامي تحت التصفية وفق الأسس والترتيب التالي:
1/ أتعاب المصفي والمصاريف والنفقات التي تَكَبَّدَها في أعمال التصفية.
2/ حقوق موظفي المصرف ومستخدميه من رواتب وتعويضات عمالية مستحَقَّة بموجب تشريعات العمل النافذة0
3/ حقوق المودِعين في حسابات الائتمان.
4/ الضرائب والرسوم المستحَقَّة للخزينة العامة0
5/ حقوق الدائنين وأية أموال أخرى مودَعة لدى المصرف لغير غايات الاستثمار والمشاركة في الأرباح الناجمة عنه0
6/ حقوق المودِعين في حسابات الاستثمار المشترك والمخصَّص وذلك وفقاً للأسس التالية:
/تُؤَدَّى حقوق المودعين في حسابات الاستثمار المشترك وفقاً للشروط الخاصة بها، وعلى أن يسبق ذلك تحميل هذه الحقوق ما يخصها من مصاريف ونفقات للمُصَفِّي، ومِن ثَمَّ تحميلها ما يخصها من التزامات مرتبطة بها ويحدد مجلس النقد والتسليف كيفية التصرف برصيد صندوق مخاطر الاستثمار، وذلك بعد تغطية جميع المصروفات والخسائر المترتبة على الاستثمارات التي تَكَوَّن هذا الصندوق لمواجهتها.
/ ترتبط حقوق المودعين في حسابات الاستثمار المخصَّص بنتائج هذا الاستثمار، ويتحمل المودعون هذه النتائج على أساس (الغُرْم بالغُنْم)، وذلك بعد أن يقتطع منها ما يخصها من مصاريف ومن نفقات المصفي.
7/ تتم تصفية حقوق المساهمين في المصرف الإسلامي قيد التصفية على أساس اقتسام ما يتبقى من أموال بنسبة الأسهم المملوكة لكل واحد منهم0
المادة /17/
أ/ تعتبر جميع حصص أرباح الاستثمار الخاصة بالمصرف الإسلامي دخلاً خاضعاً للضريبة المقررة على المصارف0
ب/ تخضع حصص أرباح الاستثمار الموزَّعَة على أصحاب الودائع الاستثمارية لضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة بحسب القانون 24 لعام 2003 وتعديلاته0
المادة /18/
تُعْفَى العقود التي يبرمها المصرف الإسلامي في معرض العمليات وتقديم الخدمات المصرفية الإسلامية من ضريبة الأرباح على هذه العقود، وتعفى هذه العقود من ضريبة رسم الطابع0
المادة /19/
تخضع المصارف الإسلامية المؤسَّسَة وفق أحكام هذا المرسوم التشريعي لأحكام القوانين والأنظمة المعمول بها في الجمهورية العربية السورية، وخاصة أحكام القوانين 28 لعام 2001 و 29 لعام 2001 و 23 لعام 2002، وقانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 59 لعام 2003، وقانون التجارة رقم 149 لعام 1949 وتعديلاته ولقواعد الأعراف المصرفية السائدة وذلك في كل ما لم يرد في شأنه نص خاص في هذا المرسوم التشريعي.
المادة /20/
يُصْدِر مجلس النقد والتسليف التعليمات والتفسيرات المتعلقة بأحكام هذا المرسوم التشريعي.
المادة /21/
يُنْشَر هذا المرسوم التشريعي في الجريدة الرسمية.
صدر في دمشق في 26/3/1426 هـ، الموافق لـ 4/5/2005 م
رئيس الجمهورية
بشار الأسد
المؤلف في سطور
علاء الدين بن محمود زعتري، من مواليد: حلب 1384هـ/1965م.
دكتوراه في الدراسات الإسلامية.
الدرجة العلمية: أستاذ مساعد (مشارك).
العمل الوظيفي: أمين الفتوى في إدارة الإفتاء العام والتدريس الديني، وزارة الأوقاف السورية.
أستاذ الفقه المقارن والاقتصاد الإسلامي بكليات جامعية في سورية ولبنان.
يناقش ويشرف على الرسائل العلمية (الماجستير والدكتوراه).
من مؤلفاته:
- إتمام فتح الخلاق بمكارم الأخلاق، دار العصماء، ودار إقبال، ودار العلوم الإنسانية. عدة طبعات منذ عام 1415هـ/1995م.
- تاريخ التشريع الإسلامي، دار العصماء، عدة طبعات منذ عام 1417هـ/1997م.
- الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، دار الكلم الطيب، 1422هـ، 2002م.
- رحم الله مَن اغتنم (حجة في العمر)، مركز الهدى للنشر والإنتاج والتوزيع الفني، الطبعة الأولى 1425هـ، 2005م.
- فتاوى فقهية معاصرة (الزكاة)، دار بيت الحكمة، 1421هـ/2001م.
- فقه المعاملات المالية المقارن؛ صياغة جديدة وأمثلة معاصرة، دار العصماء، 1425هـ، 2004م.
- في رحاب ليلة القدر، دار العصماء، الطبعة الأولى، 1425 هـ، 2004م.
- معالم اقتصادية في حياة المسلم، معهد طرابلس الجامعي للدراسات الإسلامية، (1417هـ/1418هـ، 1997م ـ 1998م)، الطبعة الثانية، دار بيت الحكمة 1422هـ/2001م.
- المعاملات المالية، (فتاوى فقهية معاصرة)، دار بيت الحكمة، 1424هـ، 2003م.
- النقود، وظائفها الأساسية وأحكامها الشرعية، دار قتيبة، دمشق، الطبعة الأولى 1416هـ/1996م.
للتواصل:
جوال: 543232 94 00963
E.Mail:alzatari@scs-net.org
www.alzatari.org
([2]) المادة (6) من قانون إحداث المصارف الإسلامية في سورية.
([3]) يُنْظَر: موقع المصارف الإسلامية، د. محمد البلتاجي،http://www.bltagi.com/manaheg_elmasaref.htm.
([4]) من المادة (2) من قانون إحداث المصارف الإسلامية في سورية.
([5]) يُنْظَر: موقع المصارف الإسلامية، د. محمد البلتاجي،http://www.bltagi.com/manaheg_elmasaref.htm.
([6]) تطوير الأعمال المصرفية ص/ب.
([7]) يُنْظَر: موقع المصارف الإسلامية، د. محمد البلتاجي،http://www.bltagi.com/dawabet_eltamweel.htm.
([8]) الغش: التغرير، وهو إظهار غير الحقيقة، وخلط الشيء بما يردئه أو يُنقِص قيمته.
([9]) بيع الغرر: العقد الذي فيه جهالة، سواء أكانت في الثمن أم في المبيع، أم في الأَجَل، أم في القدرة على التسليم.
([10]) الكذب: عدم مطابقة الأمر ـ الخبر ـ للواقع.
([11]) الخيانة: نقض العهد في السر.
([12]) الربا: كل زيادة مشروطة في العقد خالية عن عوض مشروع.
([13]) الاكتناز: الاحتفاظ بالثروة بغير استثمار.
([14]) الإسراف: تجاوز الحد في صرف المال.
([15]) التبذير: إتلاف المال في غير موضعه.
([16]) النَّجْش: هو أنَّ يمدح الرجل السلعة ليزيد من ثمنها، وهو لا ينوي شراءها، وإنما ليُرَغِّب غيره في زيادة ثمنها بالزيادة على شراء الغير لها، خداعاً له كي يقع فيها.
([17]) الاحتكار: حبس ما يضر بالناس حبسَه بقصد إغلاء السعر.
([18]) تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق مع الشريعة الإسلامية، د. سامي حمود، ص 83.
([19]) تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق مع الشريعة الإسلامية، د. سامي حمود، ص 84.
([20]) يُنْظَر: بحوث قانونية في البنوك، حسين النوري، ص 8 - 9.
([21]) يُنْظَر: تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية، د. سامي حمود، ص 38، ومقدمة في النقود والبنوك، د. محمد زكي شافعي، ص 180.
([22]) يُنْظَر: مقدمة في النقود والبنوك، محمد زكي شافعي، ص 180 - 181.
([23]) يُنْظَر: المبسوط، شمس الدين السرخسي، 14/37، والمغني، ابن قدامة المقدسي، 4/354.
([24]) يُنْظَر: المبسوط، السرخسي،، 14/37، والمغني، ابن قدامة، 4/354.
([25]) يُنْظَر: تكملة تاريخ الطبري، محمد بن عبد الملك بن إبراهيم الهمداني، تحقيق ألبرت يوسف كنعان، ص 198، وظهر الإسلام، أحمد أمين، 1/107 - 108.
([26]) تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية، د. سامي حمود، ص 48.
([27]) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، آدم متز، ترجمة محمد عبد الهادي أبو ريدة، 2/321.
([28]) مقدمة في النقود والبنوك، د. محمد زكي شافعي، ص 180 - 181.
([29]) يُنْظَر: موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية والعملية، د. محي الدين إسماعيل علم الدين، 1/21، واقتصاديات البنوك مع نظام نقدي واقتصادي عالمي جديد، د. أحمد علي دغيم، ص 6.
([30]) اتفقت اليهودية والنصرانية على تحريم الربا، ففي شريعة موسى عليه السلام كان الربا محرماً، يدل على ذلك قول الله تعالى: }فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا{.سورة النساء (4)، الآيتان رقم (160 - 161). وفي تحريم الربا عند اليهود، يُقرأ سفر الخروج، الفصل الثاني والعشرون، الآية 25، وسفر الحبار، الفصل الخامس والعشرون، الآيتان 35 - 36، وسفر تثنية الإشتراع، الفصل الثالث والعشرون، الآية 19، ونبوءة حزقيال، الفصل الثامن عشر الآيات 5-9 والآيات 10 -13، وسفر المزامير، المزمور الرابع عشر، الآيات 1-5، ولم يتغير موقف النصرانية من موقف اليهودية حول الربا، بل أكدت على تحريمه، يُقرأ ذلك من: إنجيل لوقا، الفصل السادس، الآيتان 34 - 35، وفي أول مجمع مسكوني عقدوه في نيقية عام (325م) قرروا أنه: [إذا وجد واحد من الآن يأخذ الربا، أو يجعل آخر يفعل هذا له، أو سلف على حنطة بربا، أو يحتال فيه بحيلة لأجل ربح نجس، فُيقطع وُيجعل غريباً]، وتقول دائرة المعارف الدولية للعلوم الاجتماعية: [إن تحريم الفائدة - أو الربا كما كان يسمى في القرون الوسطى - كان سمة جوهرية للقانون الكنسي في القرون الوسطى].
([31]) توصيف تفصيلي لمقرر تطبيقات اقتصادية إسلامية معاصرة، أ. د. محمد هاشم عوض، ص 7.
([32]) يُنْظَر: تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية، د. سامي حمود، ص 15.
([33]) يُنْظَر: توصيف تفصيلي لمقرر تطبيقات اقتصادية إسلامية معاصرة، أ.د. محمد هاشم عوض، ص 87، والبنوك الإسلامية، الحاضر والمستقبل، عبد اللطيف الجناحي، مدير عام بنك البحرين الإسلامي، مجلة الاقتصاد الإسلامي، العدد 76، ربيع الأول 1408 هـ، نوفمبر 1987 م، ص 100.
([34]) توصيف تفصيلي لمقرر تطبيقات اقتصادية إسلامية معاصرة، أ.د. محمد هاشم عوض، ص 7.
([36]) يُنْظَر: توصيف تفصيلي لمقرر تطبيقات اقتصادية إسلامية معاصرة، أ.د. محمد هاشم عوض، ص 87، والبنوك الإسلامية، الحاضر والمستقبل، عبد اللطيف الجناحي، مجلة الاقتصاد الإسلامي، العدد 76، ربيع الأول 1408 هـ، نوفمبر 1987 م، ص 100.
([37]) يُنْظَر: تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية، د. سامي حمود، ص 14 - 15.
([38]) يُنْظَر: أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، د. عبد الحميد محمود البعلي، ص 3.
([39]) يُنْظَر: تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية، د. سامي حمود، ص 15 - 16.
([40]) يُنْظَر: المرجع السابق، ص 16.
([41]) يُنْظَر: أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، د. عبد الحميد محمود البعلي، ص 3، وتطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية، د. سامي حمود، ص 167، وتوصيف تفصيلي لمقرر تطبيقات اقتصادية إسلامية معاصرة، أ.د. محمد هاشم عوض، ص7.
([42]) يُنْظَر: فتاوى هيئة الرقابة الشرعية في بنك فيصل الإسلامي السوداني، 1/7.
([43]) يُنْظَر: أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، د. عبد الحميد محمود البعلي، ص 3.
([44]) يُنْظَر: توصيف تفصيلي لمقرر تطبيقات اقتصادية إسلامية معاصرة، أ. د. محمد هاشم عوض، ص7.
([45]) وهو المصرف الإسلامي الدولي، وقد أنشئ بتاريخ 12/10/1978 م. إدارة المصارف التقليدية والمصارف الإسلامية، مدخل مقارن، د. محمد سويلم، ص427.
([46]) أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، د. عبد الحميد محمود البعلي، ص 3.
([47]) نشرت بتاريخ 8/3/2005م، على شبكة الأنترنت، موقع /www.alwatan-news.com، وبتاريخ 9/4/2005م، على موقع /www.alriyadh.com وبتاريخ 4/8/2005م، على موقع www.shohood.net.
([48]) الفايننشال تايمز، 16 مارس/آذار، 1999م.
([49]) يُنْظَر: موقع المصارف الإسلامية، د. محمد البلتاجي، http://www.bltagi.com/makalat.htm.
([50]) يُنْظَر: موقع مركز أبحاث فقه المعاملات، http://www.kantakji.org/fiqh/Files/Banks/4305.doc.
([51]) يُنْظَر: موقع قناة العربية، من الدوحة، إيمان كامل.
([52]) من أراد الاستزادة فليراجع: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، مرقونة، ص 41.
([53]) وقد قام ديوانُ الزكاة بشرائه في عام 1998م، لغرض الاستفادة منه في تمويل مشروعات الأسرة المنتجة. الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، ص 42، هامش (2).
([54]) الذي أنشئ في عام 1983م، ويُلاحظ أنَّ هذا المصرف يختلف عن سائر المصارف الأخرى في قضية هيئة الرقابة الشرعية، فبينما تكون هيئة الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية مكونة من عدد من كبار العلماء أصحاب التخصص الشرعي، ولكنهم غير متفرغين، حيث تُعرض عليهم القضايا المستجدة أو المستعصية لإيجاد حلٍّ لها، فإنَّ بنك التضامن الإسلامي أنشأ إدارةً فيه متفرغة باسم: إدارة الفتوى والبحوث، وهي مؤلَفة من أقسام رئيسية ثلاثة، هي: قسم الشريعة الإسلامية، وقسم الشؤون القانونية، وقسم البحوث الاقتصادية، وتقع على عاتق قسم الشريعة الإسلامية مهمة مراقبة أعمال المصرف ميدانياً، ولجميع الفروع، والإجابة على الأسئلة الواردة إلى المصرف، وصياغة بحوث فقهية معاصرة؛ نظرياً وعملياً، وعقد مؤتمرات متخصصة في مجالات العمل المصرفي، وإصدار مجلة متخصصة فصلية، باسم: مجلة بنك التضامن الإسلامي. الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، ص 42، هامش (3).
([55]) يُنْظَر: توصيف تفصيلي لمقرر تطبيقات اقتصادية إسلامية معاصرة، أ. د. محمد هاشم عوض، ص8.
([56]) المصارف الإسلامية: الحلم يتحقق، د. محمد شريف بشير، جامعة بترا، ماليزية، شبكة الانترنيت، بتاريخ 18/3/2001م.
([57]) البنك اللاربوي والتجربة الإيرانية، أ. صباح زنكنة، مجلة التوحيد، السنة الخامسة، العدد (29)، شهر 11 ـ 12/1407هـ، الموافق 28 حزيران ـ 25 آب 1987م، ص 51.
([58]) يُنْظَر: توصيف تفصيلي لمقرر تطبيقات اقتصادية إسلامية معاصرة، أ. د. محمد هاشم عوض، ص 11.
([59]) يُنْظَر: المرجع السابق، ص 11.
([60]) طالع قانون إحداث المصارف الإسلامية في سورية في آخر هذا الكتاب.
([61]) المصارف الإسلامية: الحلم يتحقق، د. محمد شريف بشير، جامعة بترا، ماليزية، شبكة الانترنيت، بتاريخ 18/3/2001م.
([62]) المادة (8) من قانون إحداث المصارف الإسلامية في سورية.
([63]) المادة (1) الفقرة (ب) من قانون إحداث المصارف الإسلامية في سورية.
([64]) المادة (10) الفقرة (أ) من قانون إحداث المصارف الإسلامية في سورية.
([65]) يُنْظَر: موقع المصارف الإسلامية، د. محمد البلتاجي، http://www.bltagi.com/kdmat.htm.
([66]) يُنْظَر: موقع المصارف الإسلامية، د. محمد البلتاجي، http://www.bltagi.com/kdmat.htm.
([67]) المادة (7) من قانون إحداث المصارف الإسلامية في سورية.
([68]) يُنْظَر قرار رقم: 122 (5/13) بشأن القراض أو المضاربة المشتركة في المؤسسات المالية (حساب الاستثمار).
([69]) يُنْظَر تفصيل حكم هذه المسألة في: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، ص 399 وما بعدها.
([70]) يُنْظَر تفصيل حكم هذه المسألة في: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، ص 553 وما بعدها.
([71]) دورة مجمع الفقه الإسلامي السابعة. القرار رقم 63 (1/7).
([72]) دورة مجمع الفقه الإسلامي الثانية عشرة القرار رقم 108(2/12).
([73]) كما نص على ذلك مجمع الفقه الإسلامي في قراره رقم 13 (10/2) و13 (1/3).
([74]) دورة مجمع الفقه الإسلامي الخامسة عشرة بمسقط (سلطنة عُمان) من 14 إلى 19 المحرم 1425هـ، الموافق 6-11 آذار (مارس) 2004م. قرار رقم 139 (5/15).
([76]) يُنْظَر تفصيل حكم هذه المسألة في: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، ص 296 وما بعدها.
([77]) ينظر: المصارف الإسلامية، المصري ص51، والمعاملات المالية المعاصرة، السالوس ص 142، 143، 149، وتطوير الأعمال المصرفية، حمود ص294.
([78]) يُنْظَر: دورة انعقاد مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ
/22 –28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م. مجلة المجمع، العدد 2، 2/1035.
([79]) يُنْظَر تفصيل حكم هذه المسألة في: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، ص 341 وما بعدها.
([80]) المعاملات المالية المعاصرة، السالوس ص150.
([81]) يُنْظَر تفصيل حكم هذه المسألة في: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، ص 391 وما بعدها.
([82]) ينظر: حاشية ابن عابدين، دار الفكر، الطبعة الثانية، بيروت، لبنان، 1386هـ، 5/350، والكافي في فقه الحنابلة، عبد الله بن قدامة المقدسي، تحقيق زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، الطبعة الخامسة، بيروت، لبنان، 1408هـ، 1988، 2/158.
([83]) فقد أفرد النظام الأساسي لبنك دبي الإسلامي الباب السادس للخدمات الاجتماعية، المادتين: 71، و72، وفي عام 1982م طبق ذلك عملياً، ووضع لصندوق القرض الحسن لوائحها الخاصة بها، ونصت المادة 71 على "منح القروض الحسنة للمتعاملين مع البنك الذين يواجهون صعوبات طارئة أثناء معاملاتهم، حتى لا يضطروا للتعامل بالفائدة، أو إعلان الإفلاس، ومنح القروض الحسنة لأصحاب الضرورات ؛ كالعلاج والزواج وغيرها، حتى لا يقعوا فريسة للمرابين، كما حرص البنك الإسلامي الأردني على تغطية الحاجات الاجتماعية الهادفة إلى توثيق أواصر التراحم والترابط في المجتمع، ومنح البنك قروضاً حسنة.
([84]) وقد قام بنك دبي الإسلامي ببناء مساكن خاصة لأبناء الإمارات العربية وبناء مساكن استثمارية، وبنى البنك الإسلامي الأردني "ضاحية بدر السكنية" في مدينة عمان، ليتم تمليك الشقق فيها للأفراد تدريجياً، وتخفيف المعاناة عن محدودي الدخل.
([85]) ينظر: بنوك بلا فوائد كاستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الإسلامية، مجموعة محاضرات للدكتور أحمد النجار، ص51.
([86]) يُنْظَر تفصيل حكم هذه المسألة في: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، ص 97 وما بعدها.
([87]) ينظر: المصارف الإسلامية، أ.د. محمد الزحيلي، ص66-67.
([88]) ينظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، 4/53، والمهذب، الشيرازي، 2/214، والمبدع، ابن مفلح الحنبلي، 1400هـ، 4/40.
([89]) إن أراد المدين أن يعجل دفع القسط على أن يُوْضَع عنه، أو يخصم جزء من المبلغ، فأجازه بعض الفقهاء، ومنعه الجمهور (ينظر: الجامع في أصول الربا، للدكتور المصري ص318.
([90]) يُنْظَر تفصيل حكم هذه الأوراق في: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، ص 378.
([91]) المعاملات المالية المعاصرة في ميزان الفقه الإسلامي، د. محمد عثمان شبير، ص199.
([92]) شرح القانون التجاري: الكمبيالات والسندات الإذنية، د. محمد صالح بك، 1/5.
([93]) يُنْظَر: الموسوعة الفقهية، الكويت، 25/262.
([94]) المعنى الآخر للسند، هو: رواة الحديث النبوي الشريف الذين وَصَلَنَا متن الحديث النبوي عن طريقهم.
([95]) شرح القانون التجاري المصري، د. محمد صالح بك، ص 6، ويُنْظَر: أعمال البنوك والشريعة الإسلامية، د. محمد مصلح الدين، ترجمة أحمد حسين محمود صالح، مراجعة الدكتور محمد عبد المنعم عبد الحميد، ص 59.
([96]) يُنْظَر: الشركات، د. سميحة القليوبي، ص 376.
([97]) قبض الشيكات في استبدال النقود والعملات، دراسة مقارنة، د. عبد الوهاب حواس، ص 8.
([98]) قبض الشيكات في استبدال النقود والعملات، د. عبد الوهاب حواس، ص 9-10، نقلاً عن المواد القانونية في القانون التجاري المصري من [191-193].
([99]) انظر دراسة قيمة عن حكم السُفتجة وأنواعها في كتاب "ربا القروض وأدلة تحريمه" للدكتور رفيق يونس المصري، ص52 وما بعدها.
([100]) ينظر: المعاملات المالية المعاصرة، شبير ص205 وما بعدها، والمعاملات المالية المعاصرة في ميزان الفقه الإسلامي، د. علي أحمد السالوس، ص82،124، والمصارف الإسلامية، دراسة شرعية لعدد منها، د. رفيق يونس المصري، ص29، وتطوير الأعمال المصرفية، حمود ص281.
([101]) رواه الحاكم في المستدرك، 2/54، والطبراني في المعجم الأوسط، حديث رقم (821)، 1/338.
([102]) يُنْظَر تفصيل حكم هذه المسألة في: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، ص 78.
([103]) يُنْظَر موقع المصارف الإسلامية، د. محمد البلتاجي، http://www.bltagi.com/sayag_tmweel.htm.
([104]) ينظر: فقه المرابحة في التطبيق الاقتصادي المعاصر، الدكتور عبد الحميد محمود البعلي، ص139.
([105]) يُنْظَر تفصيل حكم هذه المسألة في: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، ص 125.
([106]) يُنْظَر تفصيل حكم هذه المسألة في: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، ص 97 وما بعدها.
([107]) يُنْظَر مجلة المجمع – ع 2، ج 2/ص 527 والعدد الثالث ج 1 ص 77.
([108]) يُنْظَر تفصيل حكم هذه المسألة في: الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها، د. علاء الدين زعتري، ص 516 وما بعدها.
([109]) شبكة إسلام أون لاين، 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2002م.
([110]) مجلة الاقتصاد الإسلامي، بنك دبي الإسلامي، العدد (257)، شعبان، 1423هـ/ أكتوبر (تشرين الأول 2002م، ص 11، وصحيفة الوطن السعودية، العدد (819)، تاريخ 27/12/2002م، حازم عبده.
([111]) صحيفة الوطن السعودية، العدد (819)، تاريخ 27/12/2002م، حازم عبده.
([112]) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، رقم الحديث (4632، والإمام أحمد، رقم الحديث (16973، والدارمي، رقم الحديث (2421).
([113]) يُنْظَر: معاملات البنوك وأحكامها الشرعية، محمد سيد طنطاوي، الطبعة الثامنة، 1413هـ، 1993م، ص 140.
([114]) الوطن السعودية، العدد (819)، تاريخ 27/12/2002م، حازم عبده.
([115]) يُنْظَر: معاملات البنوك وأحكامها الشرعية، محمد سيد طنطاوي، ص 134.
([116]) رواه الترمذي، في كتاب البيوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث (1306)، وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
([117]) شبكة إسلام أون لاين، 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2002م.
([118]) شبكة إسلام أون لاين، 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2002م.
([119]) تفسير الطبري، 3/108، وتفسير القرطبي، 3/363، وتفسير ابن كثير، 1/331.
([120]) مجلة المجتمع، العدد (1532)، تاريخ 28/12/2002م.
([121]) مجلة المجتمع، العدد (1532)، تاريخ 28/12/2002م.
([122]) عضو مجمع البحوث الإسلامية.
([123]) شبكة إسلام أون لاين، 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2002م.
([124]) مجلة المجتمع، العدد (1532)، تاريخ 28/12/2002م.
([125]) وكيل كلية الشريعة بالأزهر.
([126]) مجلة المجتمع، العدد (1532)، تاريخ 28/12/2002م.
([127]) أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة القاهرة.
([128]) مجلة المجتمع، العدد (1532)، تاريخ 28/12/2002م، و صحيفة الشرق الأوسط 27 / 11 / 2002.
([129])www.alwihda.org/forum/showthread.php3?threadid=623.
([130]) الأستاذ بجامعة الأزهر.
([131]) مجلة المجتمع، العدد (1532)، تاريخ 28/12/2002م.
([132]) يُنْظَر: خولة فريز النوباني، باحثة في الاقتصاد الإسلامي ومديرة دار الجواد للدراسات.
عدد القراء : 4103