{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: 263].
{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: 263].
- يقول الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 262]. Kind speech and forgiveness are better than charity followed by injury.263 Those who spend their wealth in the way of Allāh and then do not follow up what they have spent with reminders [of it] or [other] injury will have their reward with their Lord, and there will be no fear concerning them, nor will they grieve.262
- يقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: 264]. Kind speech and forgiveness are better than charity followed by injury. O you who have believed, do not invalidate your charities with reminders [of it] or injury as does one who spends his wealth [only] to be seen by the people and does not believe in Allāh and the Last Day.
- يقول الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: 271].
- في صحيح مسلم (1/ 102)، 171 - (106) عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارًا، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ».
- في سنن النسائي (5/ 80)، 2562 - عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ، وَالدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى".
- في صحيح البخاري (4/ 56)، 2989 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». وأخرجه مسلم في الزكاة باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف رقم 1009.
- في سنن النسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي (8/ 721)، 5688 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنَّانٌ وَلَا عَاقٌّ وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ".
- القول المعروف وهو الذي تعرفه القلوب ولا تنكره والمغفرة وهي العفو عمن أساء إليك خير من الصدقة بالأذى فالقول المعروف إحسان وصدقة بالقول والمغفرة إحسان بترك المؤاخذة والمقابلة فهما نوعان من أنواع الإحسان والصدقة المقرونة بالأذى حسنة مقرونة بما يبطلها ولا ريب أن حسنتين خير من حسنة باطلة ويدخل في المغفرة مغفرته للسائل إذا وجد منه بعض الجفوة والأذى له بسبب رده فيكون عفوه عنه خيرا من أن يتصدق عليه ويؤذيه هذا على المشهور من القولين في الآية والقول الثاني أن المغفرة من الله أي مغفرة لكم من الله بسبب القول المعروف والرد الجميل خير من صدقة يتبعها أذى وفيها قول ثالث أي مغفرة وعفو من السائل إذا رد وتعذر المسؤول خير من أن ينال بنفسه صدقة يتبعها أذى وأوضح الأقوال هو الأول ويليه الثاني والثالث ضعيف جدا لأن الخطاب إنما هو للمنفق المسؤول لا للسائل الآخذ والمعنى أن قول المعروف له والتجاوز والعفو خير لك من أن تتصدق عليه وتؤذيه.
- في هذه الآية الكريمة يبين سبحانه منزلة قول المعروف، وكيف يذهب الأذى بخير الصدقة الفردية، وأن الحرمان فيها مع قول الخير خير من الصدقة مع الأذى بالمن أو غيره، وأن ألم الحرمان أقل من أذى القول؛ لأنه أذى يصيب النفس بالجراح، وجراح النفس ليس لها التئام، أما ألم الحرمان فيذهبه الصبر، ووراء الصبر الفرج القريب، وإن الله مع الصابرين. وقول المعروف هو الرد الجميل لطالب العطاء، وذلك بتأنيسه، وترجية الخير له، وإن هذا في ذاته صدقة؛ ولقد قال صلى الله عليه وسلم: " الكلمة الطيبة صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق " ولقد قال بعضا الحكماء (الق صاحب الحاجة بالبشر، فإن عدمت شكره لم تعدم عذره).
- وقوله تعالى: {وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}. قال ابن عباس: الغني الذي كمل في غناه، والحليم الذي قد كمل في حلمه.
- {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [البقرة: 263] : قَوْلٌ جَمِيلً، وَدُعَاءُ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ. {وَمَغْفِرَةٌ} [البقرة: 263] يَعْنِي: وَسَتْرٌ مِنْهُ عَلَيْهِ لِمَا عَلِمَ مِنْ خُلَّتِهِ وَسُوءِ حَالَتِهِ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صَدَقَةٍ يَتَصَدَّقُهَا عَلَيْهِ يُتْبِعُهَا أَذًى، يَعْنِي يَشْتَكِيهِ عَلَيْهَا وَيُؤْذِيهِ بِسَبَبِهَا.
- عَنِ الضَّحَّاكِ: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: 263] يَقُولُ: «أَنْ يُمْسِكَ مَالَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُنْفِقَ مَالَهُ ثُمَّ يُتْبِعُهُ مَنًّا وَأَذًى».
- عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ نَاسًا، يَمُنُّونَ عَطِيَّتَهُمْ، فَكَرِهَ ذَلِكَ، وَقَدِمَ فِيهِ، فَقَالَ: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]
- الصدقة التي تحمل وراءها الأذى، فى كلمة جارحة للمتصدّق عليه، تخدش حياءه، أو تمس إنسانيته وكرامته- هذه الصدقة منعها خير من إعطائها.. فإن كرامة الإنسان فوق شبع البطن أو كسوة الجسد! بهذا الأدب الربانىّ يؤدب الله عباده، ويحفظ عليهم إنسانيتهم، ويصون كرامتهم، ويعليهم فوق حاجة الجسد ومطالبه.. فليستعفف الإنسان عن أن يمدّ يده ما استطاع، ثم ليتأدب المحسن، وليقدم إحسانه فى لطف ويسر وستر، حتى يتقبّل الله منه إحسانه، وحتى يكون محسنا حقّا!، وليمسك المحتاج، وليتجمل بالصبر، حتى لا يكون بالمكان الذي قد يتعرض فيه لكلمة جارحة من أحمق أو سفيه، يمدّ إليه يده بشىء من الإحسان، محمّلا بالمن والأذى! قوله تعالى: «وَمَغْفِرَةٌ» هى مغفرة مطلوبة من المتصدّق، فهو الجانب القوى الذي يملك العفو والمغفرة، وذلك كأن يساء إليه ممن أحسن هو إليه، فلا يلقى هذه الإساءة بالمنّ عليه وفضحه بين الناس، حين يمنّ عليه بما كان من سابق إحسانه إليه.. وليذكر أنه إنما وضع إحسانه فى سبيل الله، وقدمه خالصا لوجه الله..
- {قول معروف} أي: تعرفه القلوب ولا تنكره، ويدخل في ذلك كل قول كريم فيه إدخال السرور على قلب المسلم، ويدخل فيه رد السائل بالقول الجميل والدعاء له {ومغفرة} لمن أساء إليك بترك مؤاخذته والعفو عنه، ويدخل فيه العفو عما يصدر من السائل مما لا ينبغي، فالقول المعروف والمغفرة خير من الصدقة التي يتبعها أذى، لأن القول المعروف إحسان قولي، والمغفرة إحسان أيضا بترك المؤاخذة، وكلاهما إحسان ما فيه مفسد، فهما أفضل من الإحسان بالصدقة التي يتبعها أذى بمنّ أو غيره، ومفهوم الآية أن الصدقة التي لا يتبعها أذى أفضل من القول المعروف والمغفرة، وإنما كان المنّ بالصدقة مفسدا لها محرما، لأن المنّة لله تعالى وحده، والإحسان كله لله، فالعبد لا يمنّ بنعمة الله وإحسانه وفضله وهو ليس منه، وأيضا فإن المانّ مستعبِدٌ لمن يمنّ عليه، والذّل والاستعباد لا ينبغي إلا لله.
- أي كلام حسن وردّ جميل على السائل، وستر لما وقع منه من الإلحاف في السؤال وغيره أنفع لكم وأكثر فائدة من صدقة فيها الأذى، لأنه وإن خيّب رجاءه فقد أفرح قلبه وهوّن عليه ذل السؤال، وهذا القول تارة يتوجه إلى السائل إن كانت الصدقة عليه، وتارة أخرى يتوجه إلى المصلحة العامة، كما إذا احتيج لجمع المال لدفع عدوّ مهاجم أو بناء مستشفى أو مدرسة أو نحو ذلك من أعمال الخير والبر ولم يكن لدى المرء مال، فعليه أن يساعد بالقول المعروف الذي يحث العاملين على العمل، وينشطهم إليه، ويبعث عزيمة الباذلين على الزيادة في البذل، أما الصدقة التي يتبعها أذى فهى مشوبة بضرر ما يتبعها من الإيذاء، ومن آذى فقد بغّض نفسه إلى الناس بظهوره في مظهر البغض لهم، والسلم والولاء خير من العداوة والبغضاء.
- ذكر الله أربع مراتب للإحسان: المرتبة العليا: النفقة الصادرة عن نية صالحة، ولم يتبعها المنفق منا ولا أذى. ثم يليها قول المعروف، وهو: الإحسان القولي بجميع وجوهه، الذي فيه سرور المسلم، والاعتذار من السائل إذا لم يوافق عنده شيئا، وغير ذلك من أقوال المعروف. والثالثة: الإحسان بالعفو والمغفرة، عمن أساء إليك، بقول أو فعل. وهذان أفضل من الرابعة، وخير منها وهي التي يتبعها المتصدق الأذى للمعطى، لأنه كدر إحسانه وفعل خيرا وشرا. فالخير المحض- وإن كان مفضولا- خير من الخير الذي يخالطه شر، وإن كان فاضلا، وفي هذا التحذير العظيم لمن يؤذي من تصدق عليه، كما فعله أهل اللؤم والحمق والجهل.
- المن والأذى يحيل الإنفاق سماً وناراً، يمحق الإنفاق، ويمزق الشمل، ويثير السخائم والأحقاد، والمن عنصر كريه لئيم، فالنفس البشرية لا تمن بما أعطت إلا رغبة في الاستعلاء، أو رغبة في إذلال الآخذ، أو رغبة في لفت أنظار الناس، فالمن يحيل الصدقة أذى للواهب وللآخذ على حد سواء، أذى للواهب بما يثير في نفسه من كبر وخيلاء، ورغبة في رؤية أخيه ذليلاً له، كسيراً لديه، ربما يملأ قلبه بالنفاق والرياء والبعد من الله، وأذى للآخذ بما يثير في نفسه من انكسار وانهزام، ومن رد فعل بالحقد والانتقام، ومن هنا يبطل الثواب والأجر بالمن والأذى.
- كَلَامٍ جَمِيلٍ تَقْبَلُهُ الْقُلُوبُ وَلَا تُنْكِرُهُ يُرَدُّ بِهِ السَّائِلُ مِنْ غَيْرِ عَطَاءٍ، وَسَتْرٍ لِمَا وَقَعَ مِنْهُ مِنَ الْإِلْحَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَثْقُلُ عَلَى النُّفُوسِ، أَوْ سَتْرِ حَالِ الْفَقِيرِ بِعَدَمِ التَّشْهِيرِ بِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى. وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَغْفِرَةِ الْمَغْفِرَةُ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِمَنْ يَرُدُّ السَّائِلَ رَدًّا جَمِيلًا، وَذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى فَهُوَ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا الْعِقَابَ مِنْ حَيْثُ يَرْجُو الثَّوَابَ.
- قَوْلٌ مَعْرُوفٌ أي من كلمة طيبة ودعاء لمسلم وَمَغْفِرَةٌ أي غفر عن ظلم قوليّ أو فعليّ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً إذ لا يحصل للصدقة ثواب ويحصل إثم الأذى. وقد دخل في قوله (قول معروف) الرد الجميل للسائل و (مغفرة) العفو عن السائل إذا وجد منه ما يثقل على المسؤول. وَاللَّهُ غَنِيٌّ عن طلب صدقة لعبيده مع الأذى لهم أو المنّ عليهم حَلِيمٌ عن معاجلة من يمنّ ويؤذي بالعقوبة.
- يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ رَدًّا جَمِيلًا وَمَغْفِرَةً قِيلَ فيها ستر الخلة على السائر وَقِيلَ الْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَهُ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمَأْثَمَ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى وَرَدِّ السَّائِلِ بِقَوْلٍ جَمِيلٍ فِيهِ السَّلَامَةُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ تَرْكَ الصَّدَقَةِ بِرَدٍّ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَامْتِنَانٌ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً والله تعالى الموفق.
- الذي أتبع الصدقة بالمن، وأساء في إعطاء الزكاة، هل حفظها أم ضيعها؟ ضيعها وأبطلها بما أتبعها من المن على المسكين الذي دفعها إليه، ولماذا تمن عليه؟ هل ولدت ومعك هذا المال؟ هل هو حق لك من أجدادك وآبائك؟ المال مال الله، وجعله الله وديعة في يدك، وهو قادر أن يأخذه منك ويسوقه إلى غيرك، ويأخذ من غيرك ويسوقه إليك، وإنما هو ابتلاء وامتحان.
- يقرر أن الصدقة التي يتبعها الأذى لا ضرورة لها! وأولى منها كلمة طيبة وشعور سمح. كلمة طيبة تضمد جراح القلوب، وتفعمها بالرضى والبشاشة. ومغفرة تغسل أحقاد النفوس وتحل محلها الإخاء والصداقة. فالقول المعروف والمغفرة في هذه الحالة يؤديان الوظيفة الأولى للصدقة: من تهذيب النفوس وتأليف القلوب.
- حتى في حال المنع يجب على المسلم أن يلتزم الأدب، ولا يجرح مشاعر السائل، وأنْ يردّه بلين ورِفْق، وأنْ يُظهر له الحياء والخجل، وألاّ يتكبر أو يتعالى عليه، وأن يتذكر نعمة الله عليه بأنْ جعله مسئولاً لا سائلاً.
- «اشتراك القول المعروف والمغفرة مع الصدقة التي يتبعها أذى في مطلق الخيرية، وهي النفع، وإن اختلفت جهة النفع.. ويحتمل أن تكون الخيرية هنا من باب قولهم. شيء خير من لا شيء».
- هناك من الصدقات المعنوية ما تفوق المادة في عظمها وفي أجرها قال الله: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة:263]، فليس كل نفقة في المال قد تنفع صاحبها.
- الحق سبحانه وتعالى لا يقبل الصدقة التي يتبعها المن والأذى من جهة، ويريد من عباده الصالحين أن يقابلوا ضعفاء المسلمين بروح الحلم والتسامح، لا بالأذى والقول الجارح.
- القول المعروف إحسان؛ والمغفرة إحسان؛ ولكن الفرق بينهما أن «القول المعروف» إسداء المعروف القولي إلى الغير؛ و «المغفرة» تسامح الإنسان عن حقه في جانب غيره.
- {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} رد جميل {وَمَغْفِرَةٌ} وعفو عن السائل إذا وجد منه ما يثقل على المسئول أو ونيل مغفرة من الله بسبب الرد الجميل {خَيْرٌ مّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى}.
- فَاضَلَ بَيْنَ الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَالصَّدَقَةِ الْمُؤْذِيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة:263]، يُعْطِي وَلَا يَمُنُّ بِالْعَطَاءِ.
- هذه الآية مقررة لقاعدة شرعية: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) فالخير لا يكون طريقا إلى الشر. فالسلم والولاء وحسن الخلق خير من العداوة والبغضاء.
- من حسن الخلق قوله تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة:263]، فلا ينفعك أن تنفق مثل جبل أحد ذهباً مع المن والإيذاء.
- قَوْلٌ مَعْرُوفٌ أي دعاء الرجل لأخيه بظهر الغيب. وَمَغْفِرَةٌ أي يعفو ويتجاوز عمن ظلمه خير من صدقة يعطيها، ثم يمن على من تصدق عليه.
- أي إنك إن تلين لأخيك القول، وتغفر له زلاته، وتعفو عن سيئاته؛ خير عند الله من أن تتصدق عليه صدقة تتبعها بالمن والأذى.
- أي رد للفقير بقول جميلٍ نحو: فتح الله عليك، وسع الله عليك، أعفاك الله، خير من أن تعطي شيئًا فتمن به وتقرع وتوبخ.
- وَمَعْنَى هَذَا وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ الصَّدَقَةَ تُسِرُّ السَّائِلَ، وَتُوجِبُ لِلْمُعْطِي أَجْرًا، وَالْمَنِّ وَالْأَذَى يَسُوءُ السَّائِلَ وَيُوجِبُ عَلَى الْمُعْطِي إِثْمًا.
- أي ردُّ السائل بالتي هي أحسن والصفحُ عن إِلحاحه، خيرٌ عند الله وأفضل من إِعطائه ثم إيذائه أو تعييره بذلّ السؤال.
- كلام طيب وعفو عما بدر مِن السائل مِن إلحافٍ في السؤال، خير من صدقة يتبعها من المتصدق أذى وإساءة.
- الله غنى عن هذه الصدقة المتبوعة بالأذى، وحليم لا يعجل العقوبة، فربما ارتدع هذا المتصدق المؤذى.
- قَوْلٌ مَعْرُوفٌ أي رد جميل. وَمَغْفِرَةٌ أي عفو عن السائل إذا وجد منه ما يثقل على المسئول.
- يقرر أن الصدقة التي يتبعها الأذى لا ضرورة لها! وأولى منها كلمة طيبة وشعور سمح.
- الأذى يبطل الصدقة ويمحو حسنتها ويزيل أثرها كما يزيل المطر الرمل من الحجر.
- أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ تَرْكَ الصَّدَقَةِ بِرَدٍّ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَامْتِنَانٌ.
- فيه الإرشاد إلى العفو عن المستعطي إذا ألحَّ في المسألة وآذى المسؤول.
- القول المعروف طيب يقبله الله، والأذى يفسد ذاك المعروف.
- رب صدقة من بين فكيك خير من صدقة من بطن كفيك.
- أي : ردّ جميل من المسؤول، وعفو من السائل.
- أَى رَدّ جميل ودعاءٌ خير من صدقة هكذا.
- وعد المعطي خير من صدقة يتبعها أذى.
- وعد الكريم خير من نقد اللئيم.
عدد القراء : 1316