{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267].
{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267].
- يقول تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [لقمان: 12]، ويقول تعالى: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [التغابن: 6].
- غالباً ما يقترن اسم الله الغني باسمه الحميد، كقوله: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الحج: 64]، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [لقمان: 26]، وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الحديد: 24، والممتحنة: 6]. واقترن اسم الله الغني باسمه الحليم في قوله: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]، واقترن اسم الله الغني باسمه الكريم في قوله: {فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].
- (الحميد) اسم من أسماء الله الحسنى العظيمة، وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في أكثر من خمسة عشر موضعاً، منها قوله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} [النساء: 131]، وقوله: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [لقمان: 26]، وقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15]، وقوله: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى: 28]، فهو تبارك وتعالى الحميد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو تبارك وتعالى المستحق لكل حمد ومحبة وثناء لما اتصف به من صفات الحمد التي هي صفة الجمال والجلال، ولما أنعم به على خلقه من النعم الجزال.
- أَيْ: غَنِيٌّ عَنْ صَدَقَاتِكُمُ الَّتِي لَا تَنْفَعُ الْفُقَرَاءَ، أَوِ الَّتِي فِيهَا اسْتِسَاغَةُ الْحَرَامِ. حَمِيدٌ، أَيْ شَاكِرٌ لِمَنْ تَصَدَّقَ صَدَقَةً طيّبة. وافتتحه بـ (اعلموا) لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ. وَلِلَّهِ الْغِنَى الْمُطْلَقُ، وَالْحَمِيدُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ، أَيْ شَدِيدُ الْحَمْدِ لِأَنَّهُ يُثْنِي عَلَى فَاعِلِي الْخَيْرَاتِ. أَيْ فَتَخَلَّقُوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَالَاتٌ، فَكُونُوا أَغْنِيَاءَ الْقُلُوبِ عَنِ الشُّحِّ، مَحْمُودِينَ عَلَى صَدَقَاتِكُمْ.
- إن الله تعالى وإن أمركم بالصدقات وبالطيب منها، فهو غني عنها، وما ذلك إلا ليساوي الغني الفقير، كقوله تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37]، وهو غني عن جميع خلقه، وجميع الخلق فقراء إليه، وهو واسع الفضل، لا ينفذ ما لديه، فمن تصدق بصدقة من كسب طيب، فليعلم أن الله غني واسع العطاء، كريم جواد، وسيجزيه بها، ويضاعفها له أضعافاً كثيرة، فالذي يقرضه غير عديم ولا ظلوم. وهو سبحانه الحميد أي المحمود في جميع أفعاله، وأقواله، وشرعه، وقدره، لا إله إلا هو، ولا رب سواه.
- (الحمد) صفة ثبوتية ذاتية ثبتت لله جل في علاه بالكتاب وبالسنة وبالإجماع، قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة:267]، وجه الدلالة من الآية: أن الله سمى نفسه الحميد، وهذا الاسم يتضمن صفة كمال، وهي صفة الحمد. وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر:15]. وفي السنة جاء في الحديث المتفق عليه الذي علم فيه النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود والصحابة كيف يصلون عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم في آخره: (إنك حميد مجيد)، وهذه أيضاً تسمية لله في علاه تتضمن هذه الصفة، ومعناها: هو المحمود على كل حال سبحانه وتعالى، وهذه الصفة صفة كمال وجلال وبهاء وعظمة، فإن الله يحمد على صفات الكمال والجلال والقوة والجبروت والعزة، ويحمد عباده جل في علاه على القليل من العمل بفضل منه ونعمة، فهو يحب العبد الشاكر، ويحمد العبد الشاكر، ويحمد عمل العبد القليل فيثيبه عليه.
- فهو لم يطلب منكم الإنفاق لفقره واحتياجه؛ {حميد}: يحتمل أن تكون بمعنى حامد؛ وبمعنى محمود؛ وكلاهما صحيح؛ وهنا {حميد} تصح أن تكون بمعنى حامد، وبمعنى محمود؛ أما كون الله محموداً فظاهر؛ وأما كونه حامداً فلأنه سبحانه وتعالى يَحمَد من يستحق الحمد من عباده؛ ولهذا أثنى على أنبيائه، ورسله، والصالحين من عباده؛ وهذا يدل على أنه عز وجل حامد لمن يستحق الحمد. ووجه المناسبة في ذكر «الحميد» بعد «الغني» أن غناه عز وجل غِنًى يحمد عليه؛ بخلاف غنى المخلوق؛ فقد يحمد عليه، وقد لا يحمد؛ فلا يحمد المخلوق على غناه إذا كان بخيلاً؛ وإنما يحمد إذا بذله؛ والله عز وجل غني حميد؛ فهو لم يسألكم هذا لحاجته إليه؛ ولكن لمصلحتكم أنتم.
- فهو سبحانه غنيٌّ عما ينفقون أن ينالَه منه شيء، حميد مستحقٌّ المحامد كلّها، فإنفاق العباد لا يسدُّ منه حاجة ولا يوجب له حمداً، بل هو الغنيُّ بنفسه، الحميد بنفسه وأسمائه وصفاته، وإنفاقُ العباد نفعه عائدٌ لهم وإحسانهم عائدٌ إليهم، كما قال سبحانه: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7]، وقال: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم: 44]، وقال: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [يونس: 108].
- لو أن العبد علم أن من أسماء الله تعالى (الغني)، وأن خزائنه ملأى لا تنقص ولا تنفذ، لجرد كل اعتماده عليه سبحانه، ولما طلب مدداً من غيره جل شأنه؛ لأن الله وحده هو الذي يملك أن يمد بكل أنواع الإمدادات، وقد أشار سبحانه إلى هذا في قوله: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10، 12].
- فهو لم يطلب منكم الإنفاق لفقره واحتياجه؛ {حميد}: يحتمل أن تكون بمعنى حامد؛ وبمعنى محمود؛ وكلاهما صحيح؛ أما كون الله محموداً فظاهر؛ وأما كونه حامداً فلأنه سبحانه وتعالى يَحمَد من يستحق الحمد من عباده؛ ولهذا أثنى على أنبيائه، ورسله، والصالحين من عباده؛ وهذا يدل على أنه عز وجل حامد لمن يستحق الحمد.
- وجه المناسبة في ذكر «الحميد» بعد «الغني» أن غناه عز وجل غِنًى يُحْمد عليه؛ بخلاف غنى المخلوق؛ فقد يحمد عليه، وقد لا يحمد؛ فلا يحمد المخلوق على غناه إذا كان بخيلاً؛ وإنما يحمد إذا بذله؛ والله عز وجل غني حميد؛ فهو لم يسألكم هذا لحاجته إليه؛ ولكن لمصلحتكم أنتم.
- يقول سبحانه إني غني عما تنفقون أن ينالني منه شيء حميد مستحق المحامد كلها، فإنفاقكم لا يسد منه حاجة ولا يوجب له حمداً، بل هو الغني بنفسه الحميد بنفسه وأسمائه وصفاته وإنفاقكم، إنما نفعه لكم وعائدته عليكم.
- واعلموا أن الله غني حميد فغناه وحمده يأبى قبول الرديء فإن قبل الرديء الخبيث إما أن يقبله لحاجته إليه وإما أن نفسه لا تأباه لعدم كمالها وشرفها وأما الغني عنه الشريف القدر الكامل الأوصاف فإنه لا يقبله ثم قال تعالى الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم هذه الآية تتضمن الحض على الإنفاق والحث عليه بأبلغ الألفاظ وأحسن المعاني فإنها اشتملت على بيان الداعي إلى البخل والداعي إلى البذل والإنفاق وبيان ما يدعوه إليه داعي البخل وما يدعو إليه داعي الإنفاق وبيان ما يدعو به داعي.
- غني بذاته عن جميع المخلوقين، وهو الغني عن نفقات المنفقين وطاعات الطائعين، وإنما أمرهم بها وحثهم عليها لمحض مصلحتهم ونفعهم، وبمحض فضله وكرمه عليهم، إذ تفضل عليهم بالأمر بهذه الأعمال، والتوفيق لفعلها، التي توصل أصحابها إلى أعلى المقامات، وأفضل الكرامات. ومع كمال غناه وسعة عطاياه فهو الحميد فيما يشرعه لعباده من الأحكام الموصلة لهم إلى دار السلام، وحميد في أفعاله التي لا تخرج عن الفضل والعدل والحكمة، وحميد الأوصاف؛ لأن أوصافه كلها محاسن وكمالات، لا يدرك العباد كنهها، ولا يقدرونها حق قدرها.
- هو سبحانه غنيٌّ عما ينفقون أن ينالَه منه شيء، حميد مستحقٌّ المحامد كلّها، فإنفاق العباد لا يسدُّ منه حاجة ولا يوجب له حمداً، بل هو الغنيُّ بنفسه، الحميد بنفسه وأسمائه وصفاته، وإنفاقُ العباد نفعه عائدٌ لهم وإحسانهم عائدٌ إليهم، كما قال سبحانه: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7]، وقال: {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم: 44]، وقال: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15].
- أي: وإن أمركم بالصدقات وبالطيب منها فهو غني عنها، وما ذاك إلا ليساوي الغني الفقير، كقوله: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37] وهو غني عن جميع خلقه، وجميع خلقه فقراء إليه، وهو واسع الفضل لا ينفد ما لديه، فمن تصدق بصدقة من كسب طيب، فليَعلمْ أن الله غني واسع العطاء، كريم جواد، سيجزيه بها ويضاعفها له أضعافًا كثيرة من يقرض غَيْرَ عديم ولا ظلوم، وهو الحميد، أي: المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره، لا إله إلا هو، ولا رب سواه.
- فهو غني عنكم ونفع صدقاتكم وأعمالكم عائد إليكم، ومع هذا فهو حميد على ما يأمركم به من الأوامر الحميدة والخصال السديدة، فعليكم أن تمتثلوا أوامره لأنها قوت القلوب وحياة النفوس ونعيم الأرواح، وإياكم أن تتبعوا عدوكم الشيطان الذي يأمركم بالإمساك، ويخوفكم بالفقر والحاجة إذا أنفقتم، وليس هذا نصحا لكم، بل هذا غاية الغش {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]، بل أطيعوا ربكم الذي يأمركم بالنفقة على وجه يسهل عليكم ولا يضركم.
- أَيْ وَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالصَّدَقَاتِ وَبِالطَّيِّبِ مِنْهَا فَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهَا، وما ذاك إلا أن يساوي الْغَنِيُّ الْفَقِيرَ، كَقَوْلِهِ: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التقوى مِنكُمْ} وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وجميعُ خَلْقِهِ فَقُرَاءُ إِلَيْهِ. وَهُوَ وَاسِعُ الْفَضْلِ لَا يَنْفَدُ مَا لَدَيْهِ، فَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ وَاسِعُ الْعَطَاءِ كريم؛ جواد، وسيجزيه بِهَا وَيُضَاعِفُهَا لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً، مَنْ يُقْرَضُ غَيْرُ عَدِيمٍ وَلَا ظَلُومٍ، وَهُوَ الْحَمِيدُ: أَيِ الْمَحْمُودُ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَشَرْعِهِ وَقَدَرِهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.
- فهو سبحانه غنيٌّ عما ينفقون أن ينالَه منه شيء، حميد مستحقٌّ المحامد كلّها، فإنفاق العباد لا يسدُّ منه حاجة ولا يوجب له حمداً، بل هو الغنيُّ بنفسه، الحميد بنفسه وأسمائه وصفاته، وإنفاقُ العباد نفعه عائدٌ لهم وإحسانهم عائدٌ إليهم، كما قال سبحانه: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7]، وقال: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم: 44]، وقال: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [يونس: 108].
- فهو غني عن جميع المخلوقين، وهو الغني عن نفقات المنفقين، وعن طاعات الطائعين، وإنما أمرهم بها، وحثهم عليها، لنفعهم، ومحض فضله وكرمه عليهم. ومع كمال غناه، وسعة عطاياه، فهو الحميد فيما يشرعه لعباده من الأحكام الموصلة لهم إلى دار السلام. وحميد في أفعاله، التي لا تخرج عن الفضل والعدل والحكمة، وحميد الأوصاف، لأن أوصافه كلها محاسن وكمالات، لا يبلغ العباد كنهها، ولا يدركون وصفها.
- {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} حتى لا تسول لك نفسك أن الله في حاجة إلى صدقة متصدق، فتمن ذلك عليه، أو أن الله فرض الصدقة لأجل أن يحمد من المتصدق عليهم، لا، لا، فإنه تعالى غنى حميد بإفضاله وإنعامه على خلقه حميد بصفات الجلال والكمال فيه، إذ له الحمد في السموات والأرض وله الحمد في الآخرة. وهو العزيز الحكيم.
- هذا ومن أراد مطالعة أصول النِّعم وما توجبه من حمد الله وذكرِه وشكره وحسن عبادتِه فَليُدِمْ سرح الذِّكر في رياض القرآن الكريم، وليتأمّل ما عدّد الله فيه من نعمه وتعرّف بها إلى عباده من أول القرآن إلى آخره، {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجاثية: 36، 37].
- غني بذاته عن جميع المخلوقين، وهو الغني عن نفقات المنفقين وطاعات الطائعين، وإنما أمرهم بها وحثهم عليها لمحض مصلحتهم ونفعهم، وبمحض فضله وكرمه عليهم، إذ تفضل عليهم بالأمر بهذه الأعمال، والتوفيق لفعلها، التي توصل أصحابها إلى أعلى المقامات، وأفضل الكرامات.
- والمعنى أنه غني عن صدقاتكم، ومعنى حميد، أي محمود على ما أنعم بالبيان وفيه وجه آخر، وهو أن قوله {غَنِىٌّ} كالتهديد على إعطاء الأشياء الرديئة في الصدقات و {حَمِيدٌ} بمعنى حامد أي أنا أحمدكم على ما تفعلونه من الخيرات وهو كقوله {فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا}.
- غني عن عطاء الناس إطلاقاً. فإذا بذلوه فإنما يبذلونه لأنفسهم فليبذلوه طيباً، وليبذلوه طيبة به نفوسهم كذلك. حميد.. يتقبل الطيبات ويحمدها ويجزي عليها بالحسنى.. ولكل صفة من الصفتين في هذا الموضع إيحاء يهز القلوب. كما هز قلوب ذلك الفريق من الأنصار فعلاً.
- أي واعلموا أن الله تعالى غني عن صدقاتكم وإنما أمركم بها لمنفعتكم، {حَمِيدٌ} يجازي المحسن أفضل الجزاء، وهو سبحانه المستحق للحمد الحقيقي دون سواه، فمن الواجب عليكم أن تبذلوا في سبيله الجيد من أموالكم شكراً له على نعمه حتى يزيدكم من عطائه وآلائه.
- ومع كمال غناه، وسعة عطاياه، فهو الحميد فيما يشرعه لعباده من الأحكام الموصلة لهم إلى دار السلام. وحميد في أفعاله، التي لا تخرج عن الفضل والعدل والحكمة، وحميد الأوصاف، لأن أوصافه كلها محاسن وكمالات، لا يبلغ العباد كنهها، ولا يدركون وصفها.
- وإن أمركم بالصدقات فهو (غني) عنها وما ذاك إلا أن يساوي الغني الفقير (حميد): محمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره. وقال تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]، قال ابن عباس وغيره حقه الزكاة المفروضة.
- واعلموا أيها الناس أن الله عز وجل غني عن صدقاتكم وعن غيرها، وإنما أمركم بها، وفرضها في أموالكم، رحمة منه لكم ليغني بها عائلكم، ويقوي بها ضعيفكم، ويجزل لكم عليها في الآخرة مثوبتكم، لا من حاجة به فيها إليكم.
- أي: غني عن صدقاتكم. وإنما هي أعمالكم ترد عليكم. حميد أي: محمود على كل حال. إذ هو مستحق للحمد. وقال الحسن: يستحمد إلى خلقه. أي: يعطيهم نعماً يستدعي بها حمدهم. وقيل: مستحق للحمد على ما تعبدكم به.
- فغناه وحمده يأبيان قبوله الرديء، فإن قابل الرديء الخبيث إما أن يقبله لحاجته إليه، وإما أن نفسه لا تأباه لعدم كمالها وشرفها، وأما الغني عنه الشريف القدر الكامل الأوصاف فإنه لا يقبله.
- أي إن الله غنى عن إنفاقكم، وإنما يأمركم به لمنفعتكم، فلا تتقربوا إليه بما لا يقبله لرداءته، وهو المستحق للحمد على جلائل نعمائه، ومن الحمد اللائق بجلاله تحرّى إنفاق الطيب مما أنعم به.
- فغناه وحمده يأبى قبول الرديء فإن قبل الرديء الخبيث إما أن يقبله لحاجته إليه وإما أن نفسه لا تأباه لعدم كمالها وشرفها وأما الغني عنه الشريف القدر الكامل الأوصاف فإنه لا يقبله.
- إني غني عما تنفقون أن ينالني منه شيء، [حميد] مستحق المحامد كلها، فإنفاكم لا يسد منه حاجة ولا يوجب له حمداً، بل هو الغنى بنفسه الحميد بنفسه وأسمائه.
- قَوْلَهُ غَنِيٌّ كَالتَّهْدِيدِ عَلَى إِعْطَاءِ الْأَشْيَاءِ الرَّدِيئَةِ في الصدقات وحَمِيدٌ بِمَعْنَى حَامِدٍ أَيْ أَنَا أَحْمَدُكُمْ عَلَى مَا تَفْعَلُونَهُ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً.
- أي إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ غنيّ عن صدقاتكم، لا حاجة به إليها، فمن تقرّب، وطلب مثوبة، فليفعل ذلك بما له قَدْرٌ، وبَالٌ، فإنما يُقدّم لنفسه. ومعنى "حميد": محمود في كلّ حال.
- فهو غني عن جميع المخلوقين، وهو الغني عن نفقات المنفقين، وعن طاعات الطائعين، وإنما أمرهم بها، وحثهم عليها، لنفعهم، ومحض فضله وكرمه عليهم.
- غني عن عطاء الناس إطلاقاً. فإذا بذلوه فإنما يبذلونه لأنفسهم فليبذلوه طيباً، وليبذلوه طيبة به نفوسهم كذلك. حميد يتقبل الطيبات ويحمدها ويجزي عليها بالحسنى.
- الله هو الحميد، إذ جميع المخلوقات ناطقة بحمده، لأنه المستحق للحمد كله لنعمه وإحسانه، وهو المحمود في أفعاله، وأقواله، وأسمائه، وصفاته، وشرعه، وقدره.
- أي غني عما عندكم من الصدقات، حميد في أفعاله. ويقال: حميد بمعنى محمود ويقال: حميد من أهل أن يحمد ويقال: حميد يقبل القليل، ويعطي الجزيل.
- أي غني عن صدقاتكم التي لا تنفع الفقراء، أو التي فيها استساغة الحرام. حميد، أي شاكر لمن تصدّق صدقة طيّبة. وافتتحه باعلموا للاهتمام بالخبر.
- أي (غني) عن الخبيث والمستكره الذي قد ينفق منه ضعفاء الإيمان، (حميد) لما ينفقه أقوياء الإيمان من طيبات ما رزقهم الله، ابتغاء مرضاة الله.
- قال الزجاج في قوله: " واعلموا أن الله غنى حميد ": أي لم يأمركم أن تصدقوا من عوز ولكنه بلا أخباركم فهو حميد على ذلك على جميع نعمه.
- غَنِيٌّ أي لا حاجة به الى صدقاتكم، فمن تقرب وطلب مثوبة فليفعل ذلك بما له قدر وبال، فانما يقدم لنفسه. حَمِيدٌ أي محمود فى كل حال.
- أَي: وَإِن أَمركُم بالصدقات وبالطيب مِنْهَا فَهُوَ غَنِي عَنْهَا، حميد فِي جَمِيع أَفعاله وأقواله وشرعه وَقدره لَا إلاه إلاص هُوَ وَلَا رب سواهُ.
- فهو غني عنكم ونفع صدقاتكم وأعمالكم عائد إليكم، ومع هذا فهو حميد على ما يأمركم به من الأوامر الحميدة والخصال السديدة.
- أي: غني عن صدقاتكم، حميد: بقبولها منكم، وإثباتكم على أعمالكم، وهو المحدود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره.
- وَقَالَ الْحَسَنُ: يَسْتَحْمِدُ إِلَى خَلْقِهِ، أَيْ: يُعْطِيهِمْ نِعَمًا يَسْتَدْعِي بِهَا حَمْدَهُمْ. وَقِيلَ: مُسْتَحِقٌّ لِلْحَمْدِ عَلَى مَا تَعَبَّدَكُمْ بِهِ.
- أَيْ: غَنِيٌّ عَنْ صَدَقَاتِكُمْ، وَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ تُرَدُّ عَلَيْكُمْ، حَمِيدٌ أَيْ: مَحْمُودٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، إِذْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْحَمْدِ.
- أَيْ لَمْ يَأْمُرْكُمْ أَنْ تَصَّدَّقُوا مِنْ عَوَزٍ وَلَكِنَّهُ بَلَا أَخْبَارَكُمْ فَهُوَ حَمِيدٌ عَلَى ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ نِعَمِهِ.
- واعلموا أن الله الذي رزقكم غني عن صدقاتكم، مستحق للثناء، محمود في كل حال.
- {حَمِيدٌ}: محمود على نعمه، أو حامد أي مكافيءٌ لمن أنفق في سبيله من الطيبات.
- أي: واعرفوا أن الله غني عن صدقاتكم، مستحق للحمد لكمالاته، ولإنعامه.
- وَالْمَعْنَى أَنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ صَدَقَاتِكُمْ، وَمَعْنَى حَمِيدٌ، أَيْ مَحْمُودٌ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِالْبَيَانِ.
- أي أنه سبحانه غني عن نفقاتكم حميد يجازي المحسن أفضل الجزاء.
- أي لم يأمركم أن تصدقوا من عوز ولكنه بلا أخباركم.
- فلا تجعلوا له ما تكرهون.
عدد القراء : 569