A PHP Error was encountered

Severity: Warning

Message: fopen(/home/alzatari/public_html/system/cache/ci_session73936f56df4c6f069cfe7f6aa7052eee): failed to open stream: Disk quota exceeded

Filename: drivers/Session_files_driver.php

Line Number: 156

Backtrace:

File: /home/alzatari/public_html/application/controllers/Publications.php
Line: 5
Function: __construct

File: /home/alzatari/public_html/index.php
Line: 315
Function: require_once

A PHP Error was encountered

Severity: Warning

Message: session_start(): Failed to read session data: user (path: /home/alzatari/public_html/system/cache)

Filename: Session/Session.php

Line Number: 140

Backtrace:

File: /home/alzatari/public_html/application/controllers/Publications.php
Line: 5
Function: __construct

File: /home/alzatari/public_html/index.php
Line: 315
Function: require_once

موقع الدكتور الشيخ علاء الدين الزعتري | فقه العبادات علمياً على مذهب الإمام الشافعي
shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

فقه العبادات علمياً على مذهب الإمام الشافعي

فقه العبادات علمياً

على مذهب الإمام الشافعي

 

 

 

 

 

الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري

www.alzatari.net

لأالأ

www.facebook.com/alzatari.net

 

 

 

 

المقدمات

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على رسول الرحمة ومعلم الأمة محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

يقول الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9]، ويقول: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الإسراء: 105].

وفي الصحيح من قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"([1]).

هذا، وإن الفقه الإسلامي هو المادة العملية التطبيقية لدين الإسلام، حيث يصوغ حياة المسلمون في ضوء النصوص الشرعية، فيعرف كل حقه، ويؤدي واجبه، تجاه الله تعالى من جهة، وتجاه مخلوقات الله من جهة أخرى.

ولقد كان الفقه الإسلامي وما يزال موضع اعتزاز وتقدير بين الأمم، وهو خير صورة عملية للمسلمين، حيث يلبَّى مطالب الناس في حكم أقوالهم وأفعالهم وتصرفاتهم، وفي تنظيم شؤون حياتهم.

ولما كان الآراء الفقهية متعددة، تبعاً لاجتهادات الفقهاء، فقد جمعت في هذا الكتاب ما تيسر من فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي، وأن أسجل الأقرب إلى التطبيق العملي في حياة الناس دون حرج أو مشقة، وأسميته (فقه العبادات علمياً على مذهب الإمام الشافعي).

منهج الكتاب:

يبرز بعض مزايا هذا الكتاب في الفقه على النحو الجديد في التأليف تحقيقاً واستنباطاً وأسلوباً وتبويباً وتنظيماً وفهرسة واستدلالاً بالاعتماد على الدليل الصحيح من القرآن والسنة والمعقول، وفيه الحرص على إيراد الحديث الصحيح، دليلاً على الحكم الفقهي.

والله أسأل الله وهو رب العرش الكريم أن يتقبل مني هذا العمل، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وفي ميزان حسناتي يوم الدين؛ لأن قصدي وضع المسائل الفقهية بمتناول شريحة كبرى من المسلمين؛ تيسيراً عليهم، ورفعاً للحرج عنهم.

راجياً من الله تعالى أن يحقق به النفع، وأن يكون سبيلاً للأجر وادخار الثواب عند الله تعالى، وهو سبحانه ولي التوفيق، والله أسأل أن يتقبل مني هذا العمل، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وفي ميزان حسنات والديَّ يوم الدين.

وأتقدم بالشكر الجزيل لإدارة كلية الدعوة الإسلامية متمثلة بأخي الدكتور بسام عجك، وفَّقه الله، التي عشت فيها متعلماً ومعلماً.

وأشكر الإخوة في دار ، مع رجاء المثوبة وحسن الجزاء على طبع الكتاب ونشره وإخراجه في أجمل مظهر، فجزاهم الله خير الجزاء.

اللهم تقبل منا ما كان صالحاً واصلح منا ما كان فاسداً،  وأصلحنا ظاهراً وباطناً يا رب العالمين.

 

دمشق في 28 شوال 1435 هـ/ 23 آب 2014 م

 

 

الأستاذ الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري

مدير إدارة الإفتاء العام والتدريس الديني

وزارة الأوقاف، الجمهورية العربية السورية

 

الفصل التمهيدي مقدمات لا بد منها في التعرف على الفقه

معنى الفقه:

الفقه لغة: الفهم مطلقاً، سواءٌ ما ظهر أو خفي، بدلالة قوله تعالى حكاية عن قوم شعيب: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُول} [هود: 91]، وقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44]، وقوله سبحانه: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء: 4/78].

تعريف الفقه عند الفقهاء:

(العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية)([2]).

والمقصود بالعلم هنا: الإدراك مطلقاً الذي يتناول اليقين والظن؛ لأن الأحكام العملية قد تثبت بدليل قطعي يقيني، كما تثبت غالباً بدليل ظني.

والأحكام: جمع حكم، وهو مطلوب الشارع الحكيم، أو هو: (خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاء أو تخييراً أو وضعاً).

والمراد بالخطاب عند الفقهاء: هو الأثر المترتب عليه، كإيجاب الصلاة، وتحريم القتل، وإباحة الأكل، واشتراط الوضوء للصلاة.

واحترز بعبارة (العلم بالأحكام) عن العلم بالذوات والصفات والأفعال.

و(الشرعية): المأخوذة من الشرع، فيحترز بها عن الأحكام الحسية مثل: الشمس المشرقة، والأحكام العقلية مثل: الواحد نصف الاثنين، والأحكام اللغوية أو الوضعية، مثل: الفاعل مرفوع، أو نسبة أمر إلى آخر إيجاباً أو سلباً مثل زيد قائم، أو غير قائم.

و(العملية): المتعلقة بالعمل القلبي كالنية، أو غير القلبي مما يمارسه الإنسان مثل القراءة والصلاة ونحوها من عمل الجوارح الباطنة والظاهرة.

والمراد أن أكثرها عملي؛ إذ منها ما هو نظري، مثل اختلاف الدين مانع من الإرث. واحترز بها عن الأحكام العلمية والاعتقادية، كأصول الفقه، وأصول الدين كالعلم بكون الإله واحداً سميعاً بصيراً. وتسمى العملية أحياناً: (الفرعية) والاعتقادية: (الأصلية).

و(المكتسب) صفة للعلم: ومعناه المستنبط بالنظر والاجتهاد، وهو احتراز عن علم الله تعالى، وعلم ملائكته بالأحكام الشرعية، وعلم الرسول صلّى الله عليه وسلم الحاصل بالوحي، لا بالاجتهاد، وعلمنا بالبدهيات أو الضروريات التي لا تحتاج إلى دليل ونظر، كوجوب الصلوات الخمس، فلا تسمى هذه المعلومات فقهاً، لأنها غير مكتسبة.

والمراد بالأدلة التفصيلية: ما جاء في القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس.

والأحكام التكليفية عند فقهاء الشافعية هي:

1 - الفرض: وهو مرادف للركن والواجب، لم يفرق الشافعية بين الواجب والفرض إلا في الحج متابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما يُطْلَب فعله طلباً جازماً، ويُثاب عليه، ويَحرم تركه، ويُعاقَب على تركه، مثل: الصلوات الخمس.

2 - المندوب أو السنة أو المستحب: وهو (ما يُطلَب فعله طلباً غير جازم، ويثاب عليه، ولا يَحرم تركه، ولا يعاقب على تركه؛ كالاستياك ـ تنظيف الأسنان ـ والتسبيحات في الصلاة.

3 - الحرام: وهو ما يُطلَب تركه طلباً جازماً، ويُثاب عليه، ويَحرم فعله، ويُعاقب على فعله، من ذلك مثلاً: الزنى، وشرب الخمر.

4 - المكروه: وهو ما يُطلب تركه طلباً غير جازم، ويثاب عليه، ولا يحرم فعله، ولا يعاقب على فعله؛ كأكل الثوم والبصل قبل المجيء إلى المسجد، أو حضور الجماعات.

وقد قسم بعض الشافعية المكروه إلى قسمين بحسب الدليل في النهي:

فإن كان النهي غير الجازم مخصوصاُ بأمر معين فهو مكروه، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ"([3]).

وإن كان النهي غير الجازم غير مخصوص بأمر معين، فيكون فعله خلاف الأولى؛ كالنهي عن ترك المندوبات، وإفطار المسافر في رمضان.

5 - المباح: وهو التخيير بين الفعل والترك، ولا يُثاب على فعله ـ إلا إذا اقترن بنية اتباع السنة ـ ولا يُثاب على تركه.

فضل الفقه:

وردت آيات وأحاديث في فضل الفقه والحثّ على تحصيله، ومن ذلك قول اللّه تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 22]، فقد جعل الله ولاية الدّعوة إلى الله للفقهاء، وهي وظيفة الأنبياء عليهم السلام.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"([4]).

يقولون: من تَعَلَّم القرآن عظمت قيمته، ومن نظر في الفقه نَبُل قدره، ومن كَتَب الحديث قويت حجته، ومن نَظَر في اللغة رَقَّ طَبْعُه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.

موضوع الفقه:

موضوع علم الفقه هو أفعال المكلّفين من العباد، فيبحث فيه عمّا يعرض لأفعالهم من حلّ وحرمة، ووجوب وندب وكراهة.

الغرض من الفقه:

 معرفة علاقة الإنسان بربه - فقه العبادات - ثم علاقته بالمخلوقات - فقه المعاملات - على وجه صحيح.

فمَن تَرَك هذا العلم عَرَّض نفسَه للوقوع في الخطأ في أعماله؛ فإن سَلِمَت له ناحية، لن تسلم له بقية النواحي.

أسباب اختلاف الفقهاء:

أهم أسباب اختلاف الفقهاء في استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة الظنية هو ما يأتي([5]):

أولاً ـ اختلاف معاني الألفاظ العربية: إما بسبب كون اللفظ مجملاً، أو مشتركاً، أو متردداً بين العموم والخصوص، أو بين الحقيقة والمجاز، أو بين الحقيقة والعرف، أو بسبب إطلاق اللفظ تارة وتقييده تارة. أو بسبب اختلاف الإعراب، أو الاشتراك في الألفاظ إما في اللفظ المفرد: كلفظ القُرْء الذي يطلق على الأطهار وعلى الحيضات، ولفظ الأمر: هل يحمل على الوجوب أو على الندب، ولفظ النهي: هل يحمل على التحريم أو الكراهية؟، وإما في اللفظ المركب: مثل قوله تعالى بعد آية حد القذف: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، اختلف في الفاعل، هل هو الكلم، أو العمل، وإما في الأحوال العارضة، نحو: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: 282]، فإنه يحتمل لفظ (يضار) وقوع الضرر منهما أو عليهما، ومثال التردد بين العموم والخصوص: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]، هل هو خبر بمعنى النهي، أو هو خبر حقيقي؟. والمجاز له أنواع: إما الحذف، وإما الزيادة، وإما التقديم وإما التأخير، والتردد بين الإطلاق والتقييد: نحو إطلاق كلمة الرقبة في العتق في كفارة اليمين، وتقييدها بالإيمان في كفارة القتل الخطأ.

ثانياً - اختلاف الرواية: وله أسباب ثمانية، كأن يصل الحديث إلى أحدهم ولا يصل إلى غيره، أو يصل من طريق ضعيف لا يحتج به، ويصل إلى آخر من طريق صحيح، أو يصل من طريق واحد، ويرى أحدهم أن في بعض رواته ضعفاً لا يعتقده غيره، أو لا يراه مانعاً من قبول الرواية، وهذا مبني على الاختلاف في طريق التعديل والترجيح، أو يصل إليهما من طريق متفق عليه، غير أن أحدهما يشترط في العمل به شروطاً لا يشترطها الآخر، كالحديث المرسل (هو الذي يرويه المحدث بأسانيد متصلة إلى التابعين فيقول التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)([6]).

ثالثاً ـ اختلاف المصادر: وهناك أدلة اختلفوا في مدى الاعتماد عليها، كالاستحسان والمصالح المرسلة وقول الصحابي والاستصحاب، والذرائع ونحوها من دعوى البراءة أو الإباحة وعدمها.

رابعاً ـ اختلاف القواعد الأصولية أحياناً: كقاعدة العام المخصوص ليس بحجة، والمفهوم ليس بحجة، والزيادة على النص القرآني نسخ أم لا، ونحو ذلك.

خامساً ـ الاجتهاد بالقياس: هو أوسع الأسباب اختلافاً، فإن له أصلاً وشروطاً وعلة، وللعلة شروطاً ومسالك، وفي كل ذلك مجال للاختلاف، والاتفاق بالذات على أصل القياس وما يجري فيه الاجتهاد وما لا يجري أمر يكاد يكون غير متحقق. كما أن تحقيق المناط (وهو التحقق من وجود العلة في الفرع) من أهم أسباب اختلاف الفقهاء.

سادساً ـ التعارض والترجيح بين الأدلة: وهو باب واسع اختلفت فيه الأنظار وكثر فيه الجدل. وهو يتناول دعوى التأويل والتعليل والجمع والتوفيق والنسخ وعدمه. والتعارض إما بين النصوص أو بين الأقيسة مع بعضها، والتعارض في السنة قد يكون في الأقوال أو في الأفعال، أو في الإقرارات، وقد يكون الاختلاف بسبب وصف تصرف الرسول سياسة أو إفتاء، ويزال التعارض بأسباب من أهمها الاحتكام إلى مقاصد الشريعة، وإن اختلفت النظرة إلى ترتيب المقاصد.

مقاصد الشريعة

مقاصد الشريعة هي: حفظ الدين (من عقائد وعبادات)، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، وينبغي التدرج في الحفاظ عليها بحسب مراتبها وهي الضروريات أولاً، ثم الحاجيات، ثم التحسينيات.

أما الضروريات: فهي التي يتوقف عليها حياة الناس الدينية والدنيوية بحيث إذا فقدت اختلت الحياة في الدنيا، وضاع النعيم وحل العقاب في الآخرة. أي أنها كل مالا بد منه لحفظ المقاصد الخمسة الأصلية.

وأما الحاجيات: فهي التي يحتاج الناس إليها لرفع الحرج عنهم فقط، بحيث إذا فقدت وقع الناس في الضيق والحرج دون أن تختل الحياة. فقد تتحقق بدونها المقاصد الخمسة، ولكن مع المشقة والضيق.

وأما التحسينيات: فهي المصالح التي يقصد بها الأخذ بمحاسن العبادات ومكارم الأخلاق، كالطهارات وستر العورات. فهي بمثابة السور للحفاظ على المقاصد الخمسة الضرورية.

ترجمة الإمام الشافعي

لمحة عن حياته

نسبه:

هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب ابن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف جَدُّ جَدِّ النبي صلى الله عليه وسلم.

و(شافع) الجد الخامس للإمام الشافعي صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبوه هو (السائب) الذي أسلم يوم بدر.

وأم الإمام الشافعي؛ يمانية من الأزد وكانت من أذكى الخلق فطرة.

مولده ونشأته:

ولد الإمام الشافعي في غزة من أرض فلسطين سنة خمسين ومائة للهجرة (150) وهي سنة وفاة الإمام الأعظم أبي حنيفة، و(غزة) ليست موطن آبائه، وإنما خرج أبوه (إدريس) إليها في حاجة؛ فولد له محمد ابنه، ومات الوالد هناك.

توفي والد الإمام الشافعي، وهو صغير لا يتجاوز العامين، فذهبت به أمه إلى مكة، وقد آثرت أن تهجر أهلها (الأزد) في اليمن، وتحمل طفلها إلى مكة؛ مخافة أن يضيع نسبه وحقه في بيت مال المسلمين من سهم ذوي القربى، وكانت هذه أول رحلة في حياة هذا الطفل التي كانت كلها رحلات.

 نشأ الشافعي في مكة وعاش فيها مع علو وشرف نسبه، عيشة اليتامى والفقراء، والنشأة الفقيرة مع النسب الرفيع تجعل الناشئ يشب على خلق قويم ومسلك كريم، فعلو النسب يجعله يتجه إلى معالي الأمور، والفقر يجعله يشعر بأحاسيس الناس ودخائل مجتمعهم، وهذا الإحساس أمر ضروري لكل من يتصدى لعمل يتعلق بالمجتمع.

وقد بدت عليه علائم النبوغ والذكاء الشديدين منذ الصغر، حتى إن مُعَلِّمَه في الكُتَّاب قَبِل دخولَه فيه دون أجر، مقابل حلوله محله في تعليم الصبيان أثناء غيابه.

وكان الإمام الشافعي قوي الذاكرة فقد قيل: إنه ما نسي شيئاً حفظه أبداً.

طلبه للعلم ومنزلته العلمية:

حفظ الشافعي القرآنَ، وهو ابن سبع سنين وجوده على مقرئ مكة الكبير إسماعيل بن قسطنطين.

وأخذ تفسيره من علماء مكة الذين ورثوه عن ترجمان القرآن ومفسره عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

ثم اتجه بعد حفظه القرآن لاستحفاظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 وقد أولع منذ حداثة سنه بالعربية فرحل إلى البادية يطلب النحو الأدب والشعر واللغة، ولازم قبيلة (هذيل) عشر سنوات يتعلم كلامها وفنون أدبها وكانت أفصح العرب فبرز ونبغ في اللغة العربية وهو غلام.

وفي مكة كان يتردد على المسجد يسمع من العلماء بشغف شديد.

ولم يكن قد تجاوز الخامسة عشرة من العمر حين صار أستاذه مسلم بن خالد الزنجي - إمام أهل مكة ومفتيها - يقول له: (أفت يا أبا عبد الله، فقد والله آن لك أن تفتي)([7]).

وهكذا اجتمع له في مكة النبوغ في اللغة والفقه والتفسير.

ولكن همته في طلب العلم لم تقف به عند هذا الحد فقد جاهد الجهاد الكبير في سبيل الحصول على العلم الشريف، فكان كثير الترحال.

وكان العلماء والفقهاء في ذلك العصر يشدون الرحال إلى المدينة ليروا عالمها المشهور مالك بن أنس، وكان صاحب مجلس في الحرم النبوي.

وطرقت أخبارُ الإمام مالك أسماعَ الشافعي؛ فاشتاق لرؤيته، وتلهف لسماع علمه؛ فحفظ كتابه الموطأ، ورحل إلى (المدينة المنورة).

وهناك لم يستطع أن يظفر بالوصول إلى باب الإمام مالك إلا بعد لأي وجهد ونظر إليه مالك وكانت له فراسة فقال له: (يا محمد اتق الله واجتنب المعاصي فسيكون لك شأن). ثم قال له: (إن الله عزَّ وجلَّ ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بالمعاصي)، ثم قال له: (إذا ما جاء الغد تجيء ويجيء من يقرأ لك)، قال الشافعي: (فقلت أنا قارئ، فقرأت عليه الموطأ؛ حفظاً، والكتاب في يدي؛ فكلما تهيبت مالكاً، وأردت أن أقطع أعجبه حسن قراءتي وإعرابي ـ بياني ـ فيقول: يا فتى زد. حتى قرأته عليه في أيام يسيرة. وقال: إن يك أحد يفلح فهذا الغلام)([8]).

وبعد أن قرأ على الإمام مالك موطأه لَزِمَه؛ يتفقه عليه، ويدارسه المسائل التي يفتي بها الإمام الجليل وتوطدت الصلة بينه وبين شيخه فكان مالك يقول: (ما يأتيني قرشي أفهم من هذا الفتى)([9]).

وكان الشافعي يقول: (إذا ذكر العلماء؛ فمالك النجم، وما أحد أَمَنَّ عليَّ من مالك)([10]).

ولكن يبدو أن ملازمته لمالك رضي الله عنه لم تكن بمانعة له من السفر والاختبارت الشخصية؛ فكان يقوم بين وقت وآخر برحلات في البلاد الإسلامية كما كان يذهب إلى مكة يزور أمه ويستنصح بنصائحها.

وبعد مضي عشر سنوات على إقامته في المدينة توفي الإمام مالك رحمه الله تعالى.

وأحس الشافعي أنه نال من العلم أشطرا فاتجهت نفسه إلى عمل من أعمال الدولة يتكسب به بعد أن رهن داره وعجزت أمه عن معونته؛ فتولى عملاً بـ (نجران) من اليمن، وهناك طفق يتردد على حلقات العلم ويأخذ عن كبار العلماء فيها، إلى أن وقع بينه وبين والي اليمن أثناء عمله شيء (بسبب ما أخذه عليه من الظلم)، فوشى به الوالي إلى الخليفة هارون الرشيد الذي أمر بإحضاره إلى بغداد، ولعل هذه المحنة التي نزلت به قد ساقها الله تعالى إليه ليصرف اهتمامه عن الولاية ونحوها، ويعود للاتجاه بكليته نحو العلم.

وبرأ الإمام الشافعي من التهمة التي نسبت إليه؛ ليطبق علمه وشهرته الآفاق.

فقد أصبح الإمام محمد بن الحسن تلميذ الإمام أبي حنيفة الذي آلت إليه رياسة الفقه في العراق أستاذاً للإمام الشافعي؛ تلقى عنه فقه أهل الرأي.

ولما كان قد أخذ فقه أهل الحديث عن الإمام مالك الذي آلت إليه رياسة الفقه في المدينة.

فقد خرج من هذين المذهبين بمذهب يجمع بينهما وهو مذهبه القديم المسمى بكتاب الحجة (رواه عنه عدد من العلماء، وكان الزعفراني أتقنهم له رواية، وأحسنهم له ضبطاً).

ثم قفل عائداً إلى مكة وفي جعبته علوم أهل الأرض في ذلك العصر بعد أن مضى عامان على إقامته في بغداد، وأخذ يلقي دروسه في الحرم المكي، والتقى به أكبر العلماء في موسم الحج؛ فكانوا يرون فيه عالماً، هو نسيج وحده.

مكث الإمام الشافعي في مكة تسع سنوات كاملة - وهو الذي عهدناه صاحب سفر وترحال - ليصفوا له الجو لاستخراج قواعد الاستنباط بعيداً عن ضوضاء العراق، وتناحر الآراء فيها، وألف كتاب (الرسالة) في علم أصول الفقه.

ثم ارتحل ثانية إلى بغداد وقد سبقته شهرته إليها، وتَحَدَّث بذكره المُحَدِّثُون والفقهاء، ولقب فيها بـ (ناصر الحديث).

وأخذ ينشر آراءه الفقهية الأصولية ويجادل على أساسها.

وعقد في الجامع الغربي في بغداد حلقات العلم والفقه، وأَمَّهُ المتعلمون والعلماء، منهم الممتحن، ومنهم المستمع، ومنهم المعتد بمذهبه الساخر بهذا المتفقه الجديد على زعمه.

فما يكادون يجلسون إليه ويستمعون له حتى يرجعوا عن قولهم ويتركوا ما كانوا فيه ويتبعوه.

وما زال الشافعي يصول ويجول ويأتي كل يوم بجديد من فهم كلام الله، وفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حمل العلماء على الإقرار بعلمه وظهر أمره بين الناس.

وتكررت رحلات الشافعي بين مكة وبغداد وكانت خاتمة رحلاته إلى مصر التي كان الدافع إليها ميله للابتعاد عن مركز الخلافة والسياسة، وذلك بناء على دعوة والي مصر له وانتهى به المطاف هناك.

وأملى مذهبه الجديد في كتابه (المبسوط) الذي اشتهر فيما بعد باسم كتاب (الأم)؛ وأعاد النظر في آرائه وكتبه ومؤلفاته فجدد بعضها ونسخ بكتابه الذي جمعه في مصر كتابه الذي جمعه في بغداد.

(المذهب الجديد هو المعتمد وعليه العمل، إلا أن هناك مسائل معينة قد اختارها فقهاء المذهب من القديم ورجحوا الإفتاء بها وتركوا الجديد فيها ولقد أحصاها بعضهم بأربع عشرة مسألة، وبعضهم باثنتين وعشرين مسألة وهي منثورة في كتب المذهب).

وكان الناس في مصر على مذهب الإمام مالك فقدموا الإمام الشافعي واستمعوا إليه وافتتنوا به.

وقصده كثيرون من الشام واليمن والعراق وسائر الأقطار للتفقه عليه.

وهكذا توالت الشهادات بمكانة الشافعي من العلم في عصره وأجمع شيوخه وقرناؤه وتلاميذه على أنه كان عَلَمَاً بين العلماء لا يجارى.

الكتب التي تركها الشافعي قسمان:

1) قسم يذكره المؤرخون منسوباً للشافعي مثل كتاب (الأم) والمرجح أنه دَوَّنَه بنفسه، وكتاب (الرسالة).

2) قسم يذكرونه منسوباً إلى أصحابه على أنه تلخيص لكتبه؛ مثل: مختصر البويطي، ومختصر المزني.

وللإمام الشافعي في القسم الأول المعنى والصياغة، وله في القسم الثاني المعنى فقط.

وكان مجلسه للعلم جامعا للنظر في عدد من العلوم قال الربيع بن سليمان: (كان الشافعي يجلس في حلقته إذا صلى الصبح فيجيئه أهل القرآن، فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيره ومعانيه، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار)([11]).

لقد حَصَّل الشافعي بركة نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "اللَّهُمَّ اهْدِ قُرَيْشًا؛ فَإِنَّ عِلْمَ عَالِمِهَا يَمْلأُ طِبَاقَ الأَرْضِ"([12]).

العوامل التي هيأته للنبوغ العلمي:

1 - مواهبه وصفاته:

لقد آتى اللهُ الإمامَ الشافعي قَدْرَاً من المواهب؛ يجعله في الذروة الأولى من قادة الفكر والفقه:

فقد كان متمتعاً بكامل قواه وحواسه، حاضر البديهة عميق الفكرة بعيد المدى في الفهم فكانت دراسته طلبا للكليات والنظريات العامة.

وقد كان قوي البيان، واضح التعبير؛ أوتي مع فصاحة لسانه، وبلاغة بيانه، صوتاً عميق التأثير؛ يعبر بنبراته.

وكان نافذ البصيرة في نفوس الناس، قوي الفراسة، مثل شيخه الإمام مالك في معرفة أحوال الرجال، وكان هذا سبباً في التفاف أكبر عدد من التلاميذ حوله، ينهلون من علمه.

وكان صافي النفس من أدران الدنيا وشوائبها، مخلصاً في طلب الحق والمعرفة، يطلب العلم لله، ويتجه في طلبه إلى الطريق المستقيم.

وقد بلغ من زهده في جاه العلم، وإخلاصه لطلب الحق، أنه كان يقول: (وددتُ أنَّ النَّاسَ تعلَّموا هذا العلمَ، ولم يُنْسَبْ إليَّ منه شيء)([13]).

وما كان يغضب في جدال، ولا يستطيل بحدة لسان في حوار؛ لأنه يبغي الحق في جدله وحواره، يقول: (ما ناظرت أحداً قط على الغلبة، ووددت إذا ناظرت أحداً أن يُظْهِر اللهُ الحقَ على يديه)([14]).

ولقد أكسبه الإخلاص ذكاء قلب، ونبل غرض، وتباعداً عن الدنايا، وسمواً نحو المكرمات.

2 - شيوخه:

تلقى الإمام الشافعي الفقه والحديث على شيوخ، تباعدت أماكنهم، وتخالفت مناهجهم؛ فجمع فقه أكثر المذاهب التي كانت في عصره (وقد روى عن كثير من المشايخ، أشهرهم تسعة عشر: خمسة مكية، وستة مدنية، وأربعة يمانية، وأربعة عراقية).

وتلقى فقه الإمام مالك عليه، وتلقى فقه الإمام الأوزاعي ـ فقيه الشام ـ عن صاحبه عمر بن أبي سلمة من أهل اليمن، وتلقى فقه الإمام الليث بن سعد ـ فقيه مصر ـ عن صاحبه يحيى بن حسان، ثم تلقى فقه الإمام أبي حنيفة عن محمد بن الحسن ـ فقيه العراق ـ، وبذلك يكون قد برع في مدرسة الحديث في المدينة المنورة، ومدرسة الرأي في العراق.

وكان ثمة مدرسة ثالثة تعنى بتفسير القرآن وهي مدرسة مكة التي اتخذها ابن عباس رضي الله عنهما مقاماً له، وقد جعل الشافعي ابن عباس مثله الكامل، وترسم خطاه، وسار في مثل سبيله.

وانساغ كل ذلك العلم الكثير في عقل الإمام الشافعي فكان منه ذلك المزيج الفقهي المحكم الذي تلاقت فيه كل النزعات منسجمة متعادلة متآلفة النغم، وتولدت منه تلك المعاني الكلية فقدمها للناس في بيان رائع، وقول محكم.

3 - دراساته الخاصة وتجاربه:

كان الإمام الشافعي محبا للرحلة، ولا شك أن الأسفار تفتق الذهن، وترهف الحس فوق ما تعطيه للفقيه من مادة وخبرة.

وكان يتصل خلال رحلاته بالشيوخ، ويدارس العلماء، ويأخذ منهم ويعطيهم، فكان يطلب العلم أنى وجده؛ لا يهمه الوعاء الذي حمله إليه، بل يهمه ما في الوعاء.

لمحة عن عبادته وأخلاقه:

كان الإمام الشافعي كثير العبادة؛ فكان يقسم الليل إلى ثلاثة أقسام: ثلث للعلم وثلث للنوم وثلث للعبادة.

وكان يقف بين يدي ربه فيصلي ويقرأ وعيناه تفيضان بدمع غزير خشية التقصير.

وقد كان رحمه الله يرى نفسه - لشدة تواضعه - من أهل المعاصي وفي ذلك يقول:

 أحب الصالحين ولست منهم...    لعلي أن أنال بهم شفاعة

 وأكره من بضاعته المعاصي...    وإن كنا جميعا في البضاعة

وقد اختصه الله بالعناية؛ فكان له صوت عميق التأثير، يخرج من قلب زادته العبادة نوراً، وكان مولعا بالقرآن، وكان إذا قرأ القرآن بكى وأبكى سامعيه.

وكان رحمه الله مستقيما على الشرع إلى أقصى الحدود.

وكان كريماً، ذا مروءة، وخلق رفيع، سخياً يُقْبِل على الفقراء. ومن أقواله: (للمروءة أربعة أركان: حسن الخلق والسخاء والتواضع والنسك)([15]).

مرضه ووفاته:

كان رحمه الله كثير الأوجاع والأسقام، وكان يشكو البواسير خاصة، ولقد بلغت منه في أواخر أيامه مبلغاً عظيماً.

ولما كان في مرضه الأخير دخل عليه تلميذه المزني فقال له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت من الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقاً، ولكأس المنية شارباً، وعلى الله عزَّ وجلَّ وارداً، ولا والله ما أدري؛ روحي تصير إلى الجنة فأهنئها، أم إلى النار فأعزيها، ثم بكى وأنشأ يقول:

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي...   جعلت رجائي نحو عفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته...        بعفوك ربي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل... تجود وتعفو منة وتكرما

وفي آخر ليلة من رجب سنة أربع ومائتين للهجرة انتقلت روحه الطاهرة إلى ربها عن أربع وخمسين سنة.

رحم الله الإمام الشافعي، ورضي عنه، وأكرم مثواه.

فقد كان كما قال عنه أحمد بن حنبل رضي الله عنه: كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن.

أشهر تلاميذه:

خَلَّف الإمام الشافعي من تلاميذه أركاناً في العلم، يرعون علمه، وينشرونه وينافحون عنه. من هؤلاء:

في مكة: أبو بكر الحميدي، وكان فقيهاً، مُحَدِّثَاً، ثقة، حافظاً.

وفي العراق: أبو علي الحسن الصباح الزعفراني، ولم يكن بين تلاميذ الشافعي أفصح منه لساناً، ولا أبصر منه باللغة العربية، وكان الزعفراني راوي كتب الشافعي في العراق.

وأبو علي الحسين بن علي الكرابيسي، وكان عالماً، مُصَنِّفَاً، متقناً.

وأبو ثور الكلبي.

وأبو عبد الرحمن أحمد بن محمد بن يحيى الأشعري البصري، وكان يوصف بالشافعي وهو أول من خلفه في العراق.

وممن أخذ عن الشافعي وإن لم يعرف بالتبعية له في مذهبه:

الإمام أحمد بن حنبل أحد الأئمة الأربعة، وقد قال فيه الشافعي: (خرجت من بغداد وما خلفت فيها أفقه ولا أورع ولا أزهد ولا أعلم من أحمد بن حنبل)([16]).

وأيضاً إسحق بن راهويه.

في مصر - حرملة بن يحيى؛ وكان جليلاً، نبيل القدر، وروى عن الشافعي من الكتب ما لم يروه الربيع.

 أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي: وقد استخلفه الشافعي في حلقته وآثره على محمد ابن عبد الله بن الحكم مع عظيم محبته لابن الحكم، ولكنه قدم الحق على الأخوة والمحبة كشأنه دائماً. قال: (ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف بن يحيى وليس أحد من أصحابي أعلم منه)([17])، كان البويطي عالماً فقيهاً زاهداً. توفي في سجنه في محنة القول بخلق القرآن.

 أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني: كان فقيها عالما عابدا عارفا بوجوه الجدل حسن البيان. قال عنه الشافعي وهو في سن الحداثة: (لو ناظر المزني الشيطان لقطعه)([18])، كما قال فيه: (المزني ناصر مذهبي)([19]) له في مذهب الشافعي كتب كثير منه: المختصر والمختصر الصغير.

الربيع بن سليمان المرادي المؤذن - راوية كتب الشافعي وخادمه -: صحب الشافعي طويلاً وأخذ عنه كثيراً وخدمه واشتهر بصحبته وهو آخر من روى بمصر عنه وكان يروي بصدق وإتقان فكانت الرجال تشد إليه لطلب كتب الشافعي.

 

 

كتاب الطهارة

الطهارة

التعريف بالطهارة

الطَّهارة؛ بفتح الطاء في اللغة: مصدر بمعنى النظافة.

وأما في اصطلاح الفقهاء فهي: رفع حدث، أو إزالة نجس، أو ما في معناهما على صورتهما.

والمقصود من القول (ما في معناهما على صورتهما): التيمم، والأغسال المسنونة؛ كالجمعة، وتجديد الوضوء، والغسلة الثانية والثالثة في الحدث والنجس، فهذه طهارات، لكنها لا ترفع حدثاً، ولا تزيل نجساً.

والطهارة شرط لصحة الصلاة، وشرط لجواز استعمال الآنية والأطعمة وغير ذلك؛ فالشارع الحكيم اشترط لصحة صلاة الشخص أن يكون بدنُه موصوفاً بالطهارة، وأن يكون المكان موصوفا بالطهارة، أن يكون الثوب موصوفا بالطهارة، واشترط لحل أكل الطعام أن يكون موصوفا بالطهارة.

دليل مشروعية الطهارة:

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].

وحديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ"([20]).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: "أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِى كَبِيرٍ؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ([21]) مِنْ بَوْلِهِ". قَالَ فَدَعَا بِعَسِيبٍ([22]) رَطْبٍ، فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ، ثُمَّ غَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا، ثُمَّ قَالَ: "لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا"([23]).

أقسام الطهارة:

الطهارة بحسب التعريف قسمان:

طهارة حسية: وهي الطهارة من الخبث (النجس).

واعتبارية: وهي الطهارة من الحدث.

فأما الخبث (النجس) فهو: العين المستقذرة شرعاً؛ كالدم، والبول ونحوهما.

والطهارة من الخبث تقسم إلى قسمين: أصلية، وفرعية عارضة.

فأما الأصلية فهي القائمة بالأشياء بأصل خلقتها كالماء والتراب والحديد والمعدن وغيرها لأن الأصل في الأشياء طهارتها ما لم تثبت نجاستها بدليل.

وأما الطهارة العارضة فهي النظافة من النجاسة التي أصابت هذه الأعيان، وسميت عارضة؛ لأنها تعرض بسبب المطهرات المزيلات لحكم الخبث من ماء وتراب وغيرهما.

وأما الحدث فهو وصف شرعي يحل ببعض الأعضاء، أو بالبدن كله فيزيل الطهارة، ويقال له: نجاسة حكيمة؛ بمعنى أن الشارع حكم بكون الحدث نجاسة تمنع من الصلاة، كما تمنع منها النجاسة المحسة.

المياه

المياه التي ترفع الحدث وتزيل النجس سبعة وهي بعبارة موجزة: كل ما نزل من السماء أو نبع من الأرض.

وتفصيلها كما يلي:

1 - المطر: لقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48]، وقوله عز من قائل: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11].

2 - ماء البحر: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو الطَّهُورُ مَاؤُه، الحِلُّ مَيْتَتُه"([24]).

3 - ماء النهر.

4 - ماء البئر.

5 - ماء العين.

6 - ماء الثلج.

7 - ماء البرد.

ودليلها جميعاً: الإجماع على كون ما نزل من السماء أو نبع من الأرض طهوراً

أقسام المياه

أولاً - ماء طاهر مطهر:

وهو وحده الذي يرفع الحدث ويزيل النجس.

ودليل هذا الحصر في الحدث: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6]؛ فأوجب التيمم على من لم يجد الماء فدل على أنه لا يجوز الوضوء بغيره.

ودليل هذا الحصر في النجس: ما صح من أمره صلى الله عليه وسلم بغسله.

ويقسم إلى:

1 - ماء طاهر مطهر غير مكروه الاستعمال: وهو الماء المطلق (وسمي المطلق مطلقاً؛ لأنه إذا أطلق الماء انصرف إليه) أي العاري عن كل قيد بغير اسمه.

ولا يُسلَب الماءُ طهوريتَه فيصبح طاهراً غير مطهر؛ إلا إذا خالطه من الطاهرات ما يُغيره في:

أ – طعمه.

ب - أو لونه.

ج - أو ريحه؛ تغيراً فاحشاً.

2 - ماء طاهر مطهر مكروه الاستعمال:

1) الماء الشديد السخونة وتزول كراهته بالتبريد.

2) الماء الشديد البرودة وتزول كراهته بالتسخين.

وعلة الكراهة في كل منهما: عدم القدرة على إسباغ الطهارة بواسطتهما.

3) الماء المشمس في بلد حار في إناء منطبع (أي مصنوع من معدن قابل ـ للصفح والطَرْق ـ غير النقدين الذهب والفضة كالحديد والرصاص والنحاس).

وعلة الكراهة فيه علة طبية صحية.

وضابط المشمس أن تخرج على الماء زهومة وهي ناتجة عن تفاعل الماء مع معدن الإناء تحت أشعة الشمس؛ لذا فإن كراهته مقتصرة على استعماله للبدن.

أما إذا استعمل لتطهير الثياب فليس فيه كراهة، وتزول الكراهة بالتبريد لتفكك الزهومة.

أما في البلاد المعتدلة فالماء المشمس غير مكروه.

وكذا التسخين بالنار أو الكهرباء؛ فليس بمكروه.

ثانياً - ماء طاهر غير مطهر

وهو الطاهر بنفسه غير المطهر لغيره؛ أي الذي لا يرفع حدثاً، ولا يزيل نجساً.

وهو ضربان: 1 - الماء القليل المستعمل، 2 - الماء المتغير بما خالطه من الطاهرات غير المجاورة له.

1 - الماء القليل المستعمل:

والماء القليل، هو ما نقص عن قلتين. والقلتان: سعة عشرة تنكات وثلث تنكة، وعلى وجه الدقة حجم مكعب طول حرفه 58 سم. أي: 195.112 ليتر، (تقريباً برميل).

والماء المستعمل: وهو المستعمل في طهارة حدث (الوضوء والغسل) أو المستعمل في طهارة نجس.

1) أما المستعمل في طهارة الحدث.

أما دليل كونه طاهراً؛ فحديث جابر رضي الله عنه قال: مرضت مرضاً، فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر، وهما ماشيان فوجداني أغمي عليَّ، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ثم صَبَّ وَضُوءه عليَّ؛ فأفقت([25]).

ولأنه ماء طاهر لاقى محلاً طاهراً.

وأما أنه غير مطهر؛ فلأنه أزال مانعاً.

ومن الماء المستعمل ما غَمَس فيه يده أثناء فرض الوضوء أو الغسل بعد نيتهما، قبل نية الاغتراف([26]).

2) وأما الماء القليل المستعمل في إزالة النجس ويسمى غسالة النجاسة فقد وقع الإجماع على أن حكمه حكم المحل بعد الغسل، إن كان نجساً بعد فنجس؛ وإلا فطاهر بشروط:

أولها - أن ينفصل بعد غسل الشيء المتنجس ولم يتغير أحد أوصافه بالخبث.

وثانيهما - ألا تزيد زنة الماء المنفصل عن المحل المتنجس بعد إسقاط ما يتشربه المغسول من الماء وإسقاط ما يتحلل من الأوساخ في الماء عادة.

وثالثهما - أن يكون الماء وارداً على الشيء المتنجس، فإن كان موروداً بأن غُمِس الثوب المتنجس فيه؛ فينجس.

وهذا الفرق بين الوارد والمورود قاعدة أخذها الشافعية من قوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثًا؛ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ"([27]).

وإذا جمع الماء المستعمل حتى صار قلتين زال حكم الاستعمال.

2 - الماء المتغير بما خالطه من الطاهرات غير المجاورة له:

إذا خالط الماء إحدى الطاهرات فتغير بها طعمه، أو لونه، أو ريحه؛ تغيراً فاحشاً، حتى لا يعرف إلا بهذا المخالط؛ كماء الصابون، وماء الورد، وماء العصير؛ سلبت طهوريته لا طهارته، وأصبح طاهراً غير مطهر.

وإذا كوثر الماء المتغير؛ فزال تغيره فهو طهور.

وهناك طاهرات لا تَسلب طهوريةَ الماءَ إذا اختلطت به؛ سواء كان الماء أو كثيرا، ولو غيرته تغيراً فاحشاً؛ بلونه، أو ريحه، أو طعمه؛ لأنه لا يمكن عزل أو حفظ الماء عنها ومنها، أو لأنها تنعقد منه، أو توافقه في الطهورية. وهي:

1) التراب وإن تم طرحه في الماء، لأنه يوافق الماء في التطهير؛ لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه حذيفة رضي الله عنه: "وَجُعِلَتْ لَنَا الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ"([28]).

2) الطحلب.

3) ما في قعر الماء من أملاح ومعادن.

4) المجاور كعود أو دهن أو زبد ولو غير ريحه أو طعمه أو لونه؛ لأن الدهن أو الزبد ولو وجد في الماء إلا أنه لا يختلط به، بل يبقى طافيا لذا سمي مجاوراً. ومثل العود: شجرة في الماء خشبها له طعم؛ فيبقى الماء طاهراً مطهراً، ولو تغير ريحه، أو لونه، أو طعمه. أما إذا تغير الماء بمجاور يتحلل؛ كالعرقسوس، أو الشاي بحيث يُسْلَب عنه اسم الماء بقيد لازم؛ فإنه يفقد قدرته على التطهير.

5) الملح المائي مهما كثر، وكذا لو طُرِح عمداً؛ لأنه ينعقد من الماء. أما الملح الصخري فيسلب طهورية الماءَ.

6) ورق الشجر.ولو تغير الماء بالمكث.

واستدل الفقهاء لكل ما تقدم بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث عن البحر: "هو الطَّهُورُ مَاؤُه، الحِلُّ مَيْتَتُه"([29]).

ثالثاً - الماء المتنجس:

- وهو نوعان

1 - ماء قليل حلت به نجاسة مطلقاً، سواء كانت النجاسة مجاورة أو مخالطة؛ فإنه ينجس بمجرد ملاقاتها تغير بها الماء أم لا. وسواء أكانت غير معفو عنها أو معفواً عنها في الصلاة فقط.

والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن عمر رضي الله عنهما: "إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ؛ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ"([30]). فما كان أقل ينجس.

أما غير الماء من المائعات وغيرها من الرطبات؛ فينجس بمجرد ملاقاة النجاسة، سواء بلغ قلتين أم لا، وسواء تغير أم لا.

ويستثنى من النجاسات التي تصيب الماء القليل وتنجسه ما يلي:

1) ما لا يدركه الطرف كالرذاذ البسيط

2) ميتة من لا دم لها سائل؛ كالذباب، والنحل، والنمل، والبق، والخنفساء، والبعوض، والصراصير؛ إن سقطت في الماء (من نفسها، أو بسبب الريح، أو كانت ناشئة فيه؛ كالدود الناشئ في الماء. ويقاس على ذلك دود الفاكهة والخل والجبن فيعفى عنه) ولم تغير لونه، أو طعمه، أو ريحه.

فإذا طُرِحَت؛ ولو بفعل صبي، أو بهيمة، أو كَثُرَت حتى غَيَّرت الماء؛ فإنه ينجس سواء كان الماء قليلاً أو كثيراً؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ؛ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً، وَالْأُخْرَى شِفَاءً"([31]).

أما الحيوان نفسه فنجس؛ لأنه من جملة الميتات.

وإنما لا ينجس الماء أو ما نشأت فيه الميتة؛ لتعذر الاحتراز منه.

وهذا الحكم - حكم طهارة ما سقطت فيه ميتة لا دم لها سائل، إلا إذا غيرته - ينسحب على جميع المائعات والأطعمة؛ للحديث المذكور، ولعموم البلوى وعسر الاحتراز.

3) فم هرة تنجس ثم غابت، واحتمل ولوغها في ماء كثير أو قليل جارٍ.

أما الهرة نفسها فليست بنجسة؛ لحديث كبشة بنت كعب قالت: إن أبا قتادة دخل عليها ثم ذكرت كلمة معناه: فسكبت له وضوءاً، فجاءت هرة، فشربت منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقالت: نعم. قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ"([32]).

7) بخار النجاسة وهو لا ينجس إلا إذا ترك أثرا كلون أو طعم أو ريح.

2 - ماء كثير (الماء الكثير هو ما بلغ قلتين فأكثر) حلت به نجاسة مخالِطة؛ فغيرت أحد أوصافه الثلاثة (اللون، الطعم، الرائحة)؛ ودليله الإجماع.

فإذا لم يتغير منه شيء فهو باق على طهوريته، وقوله صلى الله عليه وسلم - عندما سئل عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع -: "إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ؛ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ"([33]). محمول على هذا الشك([34]) في نجاسة الماء والتحري([35]) فيه.

إذا تيقن طهارة الماء وشك في نجاسته: توضأ به؛ لأن الأصل بقاؤه على الطهارة.

وإن تيقن نجاسته وشك في طهارته: لم يتوضأ به؛ لأن الأصل بقاؤه على النجاسة.

وإن لم يتيقن طهارته ولا نجاسته: توضأ به؛ لأن الأصل طهارته.

والأصل في هذا الباب (باب العمل على الأصل وعدم تأثير الشك) ما روى عباد بن تميم عن عمه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: "لَا يَنْفَتِلْ، أَوْ لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا"([36]).

ولو اشتبه عليه ماءان طاهر ونجس، ومثل لو اشتبه عليه طعامان طاهر ونجس: فإنه يتحرى فيهما؛ لأن أصلهما على الإباحة فهما كالماءين: يجتهد ويتطهر بما ظن طهارته بعلامة؛ كتغير لون، أو ريح، أو أثر كلب، أقرب إلى أحدهما.

وفي هذه الحال تستحب إراقة الآخر قبل استعمال الطاهر حتى لا يتغير اجتهاده بعد ذلك، ولئلا يغلط فيستعمل النجس، أو يشتبه عليه ثانياً.

ولو توضأ من أحد الماءين من غير اجتهاد: فبان أن الذي توضأ به طاهر لم يصح وضوؤه؛ لأنه لم يجتهد.

فإن كان من اشتبه عليهما الماءان اثنين فأدى اجتهاد أحدهما إلى طهارة أحدهما واجتهاد الآخر إلى طهارة الآخر: توضأ كل واحد منهما بما أداه إليه اجتهاده، ولم يأتم أحدهما بالآخر؛ لأنه يعتقد أن صلاة إمامه باطلة.

وإذا أخبره ثقة بنجاسة ماء، أو ثوب، أو طعام، أو غيره: فإن بَيَّن سبب النجاسة، وكان ذلك السبب يقتضي النجاسة: حكم بنجاسته؛ لأن خبره مقبول.

وإن لم يبين السبب، وكان فقيهاً موافقاً في المذهب؛ وجب قبول خبره.

السواك:

التعريف به:

لغة: السِّواك بكسر السين يطلق على الفعل، وهو الاستياك، وعلى العود الذي يستاك به، وهو المسواك أيضاً يقال: سَاك فاه أي دَلَكَه. فإن قيل استاك لم يُذْكَر الفم.

وشرعاً: استعمال أي شيء في دلك الأسنان وما حواليها.

حكم السواك:

السواك

  • سنة مؤكدة:

للوضوء والصلاة؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم قال: "لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ"([37]).

وعند القيام من النوم ليلاً، أو نهاراً؛ لحديث حذيفة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يَشُوصُ([38]) فاه بالسواك([39]).

وعند تغير رائحة الفم من السكوت، أو من ترك الأكل، أو من أكل ذي ريح مثل الثوم والبصل.

2) مستحب:

لقراءة القرآن والذكر.

وعند اصفرار الأسنان؛ لحديث تمام بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا لِى أَرَاكُمْ تَأْتُونِى قُلْحاً([40]) اسْتَاكُوا "([41]).

وعند إرادة النوم، وعند دخول البيت؛ لما روت عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك([42]).

وعند دخول المسجد.

3) مكروه:

للصائم بعد الزوال؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ"([43]).

فوائد السواك

عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ"([44]).

أي إن السواك ينظف الفم وينقيه فيُقْبِل العبدُ على مناجاة ربه برائحة زكية، فيرضى عنه، ويقبل منه عبادته، ويكثر له الأجر والمثوبة.

وروى أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ بِالسِّوَاكِ حَتَّى ظَنَنْتُ - أَوْ حَسِبْتُ - أَنْ سَيَنْزِلُ فِيهِ قُرْآنٌ"([45]).

مستحبات أخرى:

قص الشارب حتى تبدو حمرة الشفة.

تقليم الأظافر؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، ويَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَبْلَ أَنْ يَرُوحَ إِلَى الصَّلاةِ([46]). ويستحب أن يبدأ باليدين قبل الرجلين فيبدأ بمسبحة يده اليمنى، ثم الوسطى، ثم البنصر، ثم الخنصر، ثم الإبهام، ثم يعود إلى اليسرى فيبدأ بخنصرها، ثم بنصرها، إلى آخره. ثم يعود إلى الرجل اليمنى فيبدأ بخنصرها، ويختم بخنصر اليسرى.

إزالة شعر الإبط. والأفضل فيه النتف، ويحصل أيضا بالحلق، ويستحب أن يبدأ بالإبط الأيمن؛ لحديث التيامن.

حلق العانة؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: وُقِّت لنا في قص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة: ألا نترك أكثر من أربعين ليلة([47]). ويستحب دفن ما يزال من شعر وظفر ودم.

تسريح اللحية؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ"([48]).

ويجمع أكثر المستحبات السابقة ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَالاسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ([49])، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ([50])، يَعْنِي الاسْتِنْجَاءَ، قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ([51]).

الباب الثاني: قضاء الحاجة

آداب قضاء الحاجة

تتضح هذه الآداب من خلال الأحكام المتعلقة بقضاء الحاجة والتي نبينها فيما يلي:

1 - يستحب أن ينحي عنه ما عليه ذكر الله ولو في حجاب ما لم يكن موضوعاً في مادة تمنع نفوذ الرائحة إليه لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه([52]).

وفي الصحيحين أن نقش خاتمه صلى الله عليه وسلم كان: محمد رسول الله([53]).

2 - يندب لبس النعلين.

3 - يندب ستر الرأس للرجال والنساء.

ودليل الأدبين السابقين ما روى حبيب بن صالح قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء لبس حذاءه وغطى رأسه([54]).

4 - يندب أن يهيئ ما يستنجي به قبل جلوسه (يتيقن من وجود الماء)؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ"([55]).

5 - يندب أن يستتر إن لم يكن ثم من يحرم عليه النظر إلى عورته؛ وإلا وجب؛ جاعلاً الساتر وراء ظهره؛ لحديث أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ"([56]).

وإن كان في الصحراء أبعد قدر الإمكان عن أعين الناس؛ لما روى يعلى بن مرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذهب إلى الغائط أبعد([57]).

6 - يندب تقديم الرجل اليسرى على اليمنى عند الدخول وتقديم اليمنى على اليسرى عند الخروج، وكذا يفعل في الصحراء إذا بلغ موضع جلوسه.

7 - يندب أن يقول عند الدخول: (بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث([58]) والخبائث([59]))؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضعوا ثيابهم أن يقولوا: بسم الله"([60]).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ"([61]).

 وأن يقول عند الخروج: غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني؛ لحديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الغائط قال: "غُفْرَانَكَ"([62]).

ولما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَذْهَبَ عَنِّى الأَذَى وَعَافَانِي"([63]).

وله أن يزيد: (اللهم طهر قلبي من النفاق وحصن فرجي من الفواحش).

8 - يندب ألا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض([64]).

كما يندب أن يسبل ثوبه إذا فرغ قبل انتصابه، مع الانتباه والاحتراس من النجاسة.

9 - يندب أن يبعد بين رجليه اتقاء البول، وأن يعتمد على قدمه اليسرى في القرفصاء، وينصب اليمنى؛ لحديث سراقة بن جعشم رضي الله عنه قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل أحدنا الخلاء أن يعتمد اليسرى وينصب اليمنى([65]).

10 - يجب على الذكر أن يستبرئ من البول؛ وذلك بالتنحنح، أو بالصبر لحظات، أو يمشي خطوات على ألا يصل إلى حد الوسوسة، ودليله ما ورد في حدث المعذبين في القبر برواية: "كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ"([66]).

11 - يكره استقبال الريح بالبول؛ لئلا يعود الرذاذ عليه فيتنجس.

12 - يكره البول أو الغائط في جحر ـ أماكن الهوام والسباع ـ لحديث عبد الله بن سرجس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الجحر([67]). ولأنه ربما خرج عليه ما يلسعه أو يرد عليه البول.

13 - يكره قضاء الحاجة في الطريق لحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "اتَّقُوا المَلاَعِنَ([68]) الثلاثَ: البَرَازَ في المَوارِد([69])، وقَارِعَةِ الطريق، والظِّل"([70]).

14 - يكره البول في مكان تحدث الناس؛ لما فيه من أذى لهم.

15 - يكره قضاء الحاجة تحت شجرة مثمرة يؤكل ثمرها؛ صيانة للثمر الساقط من التلويث، سواء كان ذلك في وقت الثمر أو في غيره.

16 - يكره البول في مكان صلب؛ لما ورد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فأراد أن يبول، فأتى دمثاً([71]) في أصل جدار، فبال ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَبُولَ فَلْيَرْتَدْ ـ يختار ـ لِبَوْلِهِ"([72]).

17 - يكره التكلم إلا لضرورة؛ فلو عطس مثلاً حمد الله في نفسه، ولو سَلَّم أحدٌ عليه كُرِه له رد السلام؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً سَلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه([73]).

وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لاَ يَخْرُجُ الرَّجُلاَنِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ"([74]).

18 - يكره البول قائماً إلا لعذر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائماً فلا تصدقوه؛ ما كان يبول إلا قاعداً"([75]).

19- يكره طول القعود.

20 - يكره النظر إلى السماء أو إلى فرجه أو إلى ما يخرج منه إلا لضرورة كما يكره أن يعبث بيده

21 - يكره الاستنجاء بالماء في موضع قضاء الحاجة لئلا يعود إليه الماء النجس؛ لحديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فِيهِ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ"([76]).

أما في الأماكن المتخذة لذلك؛ كالمراحيض: فلا بأس فيه؛ لأنه لا يترشش عليه في الغالب، وليحذر.

لاستقبال القبلة واستدبارها في قضاء الحاجة ثلاثة أحكام:

- يحرم استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء وفي الفلاة بدون ساتر أو بساتر لم يستوف الشروط؛ لحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ"([77]).

وعن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ؛ فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلاَ يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلاَ يَسْتَدْبِرْهَا، وَلاَ يَسْتَطِبْ([78]) بِيَمِينِهِ"([79]).

- خلاف الأولى: أن يستقبل القبلة أو يستدبرها إذا وجد الساتر.

- لا حرمة ولا كراهة ولا خلاف الأولى في استقبال القبلة واستدبارها في الأماكن المعدة لذلك؛ لكن الأدب أن يتوقاها، ويهيئ مجلسه مائلاً عنها إذا أمكن بلا مشقة.

الاستنجاء والاستجمار

التعريف به:

هو لغة: طلب قطع الأذى، مأخوذة من نجوت الشجرة وأنجبتها إذا قطعتها، كأنه يقطع الأذى، ويسمى الاستطابة؛ لأنه يطيب النفس بإزالة الخبث، ويسمى الاستجمار مأخوذ من الجمار وهي الحصى الصغار.

وبين الثلاثة فروق؛ فالاستنجاء والاستطابة يكونان بالماء والحجر، والاستجمار لا يكون إلا بالحجر.

 وشرعا: إزالة الخارج من السبيلين عن مخرجه.

حكمه:

- واجب من خروج الغائط والبول؛ لحديث أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ"([80]). ولأنها نجاسة لا تلحق المشقة في إزالتها غالباً؛ فلا تصح الصلاة معها كسائر النجاسات.

 وهو واجب كذلك من كل نجس خارج من أحد السبيلين، ولو نادراً كدم، وودي، ومذي؛ فلو خرجت منه حصاة، أو دودة لا رطوبة معهما؛ فالأصح أنه لا يجب الاستنجاء.

ويكون الاستنجاء بالماء أو بالحجر أو بجامد طاهر قالع عين النجاسة غير مبتل وغير محترم.

فيخرج بذلك غير الماء من المائعات، والفحم الهش، والتراب غير المتحجر، والقصب الأملس، ومطعوم الآدميين.

ومن المحترم: كتب العلم، وما ينتفع به، وما كتب عليه اسم معظم، وجزء المسجد.

ويسن الجمع بين الحجر وماء فتستعمل الأحجار أولا ثم الماء.

أما إذا اقتصر على أحدهما: فيفضل الماء على غيره؛ لأنه يزيل عين النجاسة وأثرها، أما الحجر فلا يزيل إلا عينها.

وإذا قدم الماء أولاً: فلا تستعمل الأحجار بعده لعدم الفائدة.

 

 

الوضوء

التعريف به

الوُضوء لغة: من الوضاءة، وهي النظافة والنضارة.

 وشرعاً: استعمال الماء في أعضاء مخصوصة، مفتتحاً بنية.

أما الوَضوء فالماء الذي يتوضأ به.

دليل مشروعيته:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].

وحديث ابن عمر رضي الله عنهما: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ"([81])، بضم الطاء، ويصح بفتحها.

حكم الوضوء

1 - الوضوء فرض:

1) من أجل صحة صلاة سواك كانت فرضاً أو نفلاً، ولسجودي التلاوة والشكر.

2) ومن أجل مس المصحف لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79].

3) من أجل الطواف؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاَةِ، إِلاَّ أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ؛ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلاَ يَتَكَلَّمَنَّ إِلاَّ بِخَيْرٍ"([82]).

2 - الوضوء مستحب([83]):

1) بعد الرعاف؛ لحديث سلمان رضي الله عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم وقد سال من أنفي دم فقال: "أَحْدِثْ وُضُوءًا"([84])، وللخروج من خلاف العلماء.

2) بعد القيء؛ لحديث أبي الدرداء رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَاء؛ فَأَفْطَر؛ فَتَوَضَّأ([85]).

3) عند إرادة النوم؛ لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ؛ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ"([86]).

4) بعد النوم قاعداً ممكِّناً مقعدته من الأرض([87]).

5) بعد القهقهة في الصلاة([88])؛ للخروج من خلاف العلماء.

6) بعد أكل ما مسته النار([89])؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تَوَضَّأُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ"([90]).

7) بعد أكل لحم الجزور؛ لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلاَ تَوَضَّأْ" قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نَعَمْ، فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ"([91]).

8) عند الشك بالحدث.

9) عقب الذنوب والخطايا؛ كالشتم، والكلام القبيح، والغيبة، والكذب، والغرض منه: تكفير الخطايا؛ فعن أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ - أَوِ الْمُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ - حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ"([92]).

10) عقب الغضب؛ لحديث عطية السعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ"([93]).

11) عند قراءة القرآن من الذاكرة؛ لأن قراءته مناجاة لله عزَّ وجلَّ، على أن قراءة المحدث ليست مكروهة؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن على كل حال إلا الجنابة([94]).

12) عند دراسة الحديث الشريف؛ لأن الحديث مناجاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

13) عند مطالعة كتب العلم؛ تعظيماً واحتراماً.

14) عند الذكر؛ لما روي عن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: "إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ عَلَى طُهْرٍ"([95]).

15) للجلوس في المسجد، والمرور فيه؛ لأنه يكره لداخل المسجد أن يجلس فيه حتى يصلي ركعتين.

16) بعد حمل الميت؛ لحديث أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مِنْ غُسْلِهِ الْغُسْلُ، وَمِنْ حَمْلِهِ الْوُضُوءُ"([96]).

17) يندب تجديد الوضوء عند كل صلاة وهو أن يكون على وضوء، ثم يتوضأ من غير أن يحدث، هذا إن صلى بالوضوء الأول فرضاً؛ وإلا فلا؛ لما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة طاهراً أو غير طاهر([97]).

18) يندب الوضوء لجنب يريد أكلاً أو شرباً أو نوماً أو جماعاً آخر؛ لحديث عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً؛ فأراد أن يأكل أو ينام: توضأ وضوءه للصلاة([98]).

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُعَاوِدَ؛ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا"([99]).

فرائض الوضوء

أولا النية

وهي لغة: القصد وعزم القلب.

وشرعا: قصد الشيء مقترناً بفعله.

وحكمها: الوجوب.

ومحلها: القلب، فلو جرى على اللسان خلاف ما نوى في قلبه لم يعتبر.

والمقصود بها تمييز العبادة عن العادة

الأدلة على فرضية النية:

1 - قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5]، ولما كان الوضوء عبادة فقد وجب فيه الإخلاص لله تعالى الذي هو عمل القلب وهو النية.

وقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا...} يقتضي أن الوضوء مأمور به للصلاة وهذا معنى النية.

وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى"([100]).

أي أن الأعمال لا تكون شرعية يتعلق بها ثواب وعقاب إلا بالنية والوضوء عمر من الأعمال المشروعة فتجب فيه النية فإذا لم ينو الوضوء لم يتحصل له.

2 - أن الوضوء عبادة مشتملة على أركان؛ فتجب فيه النية، كما تجب في الصلاة.

زمنها: عند غسل أول جزء من الوجه.

فإذا نسي المتوضئ النية أو أتى بها بعد غسل الوجه؛ لم تصح.

ومثله لو نوى عند التسمية، أو غسل الكفين، ثم غابت نيته قبل غسل شيء من الوجه؛ لم يصح وضوءه.

صيغتها: ينوي رفع الحدث (أي رفع حكم الحدث) أو الطهارة للصلاة، أو الطهارة من الحدث، أو فرض الوضوء، أو أداء فرض الوضوء.

ولا يجزئه أن ينوي الطهارة المطلقة؛ لأن الطهارة قد تكون عن حدث، وقد تكون عن نجس؛ فلم تصح بنية مطلقة.

ثانياً - غسل الوجه

ودليل الفرضية قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} والسنن الصحيحة والإجماع.

وحَدُّ الوجه: من مبتدأ تسطيح الجبهة من الأعلى، إلى منتهى ما يُقْبِل من الذقن ومنتهى اللحيين طولاً، وما بين شحمتي الأذنين عرضاً.

وهذا يشمل ما يظهر من حمرة الشفة، والحاجبين، والشارب، والغمم([101])، والهدب، والعذار([102])، والبياض بين الأذن والعذار، والعنفقة([103]).

فإن خف الشعر بحيث تُرى البشرةُ من خلاله: غُسِل ظاهره وباطنه؛ شَعْرَاً وبَشَرَاً.

وإن كَثُفَ: غُسِل ظاهره فقط؛ لحديث عطاء بن يسار، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ؛ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا أَضَافَهَا إِلَى يَدِهِ الْأُخْرَى فَغَسَلَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى حَتَّى غَسَلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً أُخْرَى فَغَسَلَ بِهَا رِجْلَهُ يَعْنِي الْيُسْرَى، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ([104]).

قال النووي: (وبغرفة واحدة لا يصل الماء إلى ما تحت الشعر مع كثافة اللحية)([105]).

والمعروف الصحيح أن لحيته الكريمة صلى الله عليه وسلم كانت كثيفة؛ فقد روى جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ... كثير شعر اللحية([106]).

ويستحب تخليل اللحية بالأصابع من الأسفل؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفاً من ماء، فأدخله تحت حَنَكِه؛ فخَلَّل به لحيته، وقال: "هكذا أمرني ربي عزَّ وجلَّ"([107]).

ويجب على المتوضئ غسل جزء من الرأس والرقبة وما تحت الذقن مع الوجه؛ لأنه لا يمكن استيعاب الوجه إلا بذلك.

ثالثاً: غسل اليدين مع المرفقين

المرفقان: مثنى مرفق: وهو مجتمع العظمتين المتداخلتين؛ عظم العضد، وعظم الذراع.

ودليل وجوب غسل المرافق مع الأيدي قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}.

(إلى) بمعنى (مع)، ولحديث نعيم بن عبد الله المجمر قال: رأيت أبو هريرة رضي الله عنه يتوضأ، فغسل وجهه، فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ([108]). وفعله صلى الله عليه وسلم بيان للوضوء المأمور به، ولم ينقل تركه ذلك.

رابعاً - مسح بعض الرأس

دليل ذلك قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6].

والمسح: إمرار اليد المبتلة على العضو.

والرأس: ما اشتمل على منابت الشعر المعتاد، وهذا يشمل الناصية([109])، والنزعتين([110])، والقذال([111])، والفودين([112]).

والواجب من المسح: تحقيق ما يقع عليه اسم مسح؛ فأيما فِعْلٍ حَقَّق اسم المسح؛ فقد وفى بالفريضة؛ لأن الباء في {بِرُءُوسِكُمْ} للتبعيض.

والتبعيض يتحقق بشعرات من الرأس، بل ببعض شعرة، أو بغسل الرأس، أو إلقاء قطرات من الماء عليه، أو وضع اليد المبتلة على الرأس، أجزأه ذلك؛ لأن الجميع يسمى رأساً، وسواء مسح الشعر من منابته، أو ما استرسل منه عن منابته؛ أجزأه ذلك.

خامساً - غسل الرجلين مع الكعوب والشقوق

الكعبان: هما العظمتان الناتئتان على جانبي الساق بين الساق والقدم؛ لحديث محمد بن زياد قال: سمعته وكان يمر بنا، والناس يتوضؤون من المطهرة قال: أسبغوا الوضوء؛ فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ"([113]).

والدليل على دخول الكعبين في غسل الرجلين حديث أبو هريرة رضي الله عنه المتقدم: ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق([114]).

والواجب فيما فرض غسله أو مسحه فإن اقتصر عليها وأسبغ أجزأه لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة([115]).

سادساً - الترتيب

الترتيب هو: البداء بالوجه مقروناً بالنية، ثم اليدين، ثم الرأس، ثم الرجلين.

والدليل على فرضية الترتيب حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجه صلى الله عليه وسلم وفيه: "نبدأ بما بدأ الله به"([116]).

كما أن الأحاديث الصحيحة في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم تدل على أنه قد التزم الترتيب الوارد في آية الوضوء.

ودليله من العقل أن الله تعالى فَرَضَ ممسوحاً بين مغسولات، ولا يُفَرَّق عند العرب بين المتجانسات إلا لعلة، والعلة هنا: لزوم الترتيب، ثم إن الوضوء عبادة مشتملة على أركان مختلفة كالصلاة لذا وجب الترتيب فيه.

وبناء عليه: لو نسي المتوضئ في أثناء الوضوء غَسْل عضو من أعضاءه؛ لزمه غَسْل ما بعده، لكي يصل الترتيب.

وكذلك يفعل الشاك يبني على اليقين؛ فيغسل ما شَكَّ فيه، وما بعده؛ أما لو شك بعد فراغه من الوضوء: فلا شيء عليه؛ لأن الشك بعد الفراغ من العبادة لا يؤثر، إلا الشك في النية؛ فإنه يؤثر إذ، لا تنعقد العبادة وعليه الإعادة.

فإن ترك الترتيب عامداً، أو ناسياً: لم يصح وضوؤه.

سابعا - الموالاة واستصحاب النية لدائم الحدث.

الموالاة هي: إنجاز أفعال الوضوء متتابعة، ليس بينها ما يُعَدُّ فاصلاً في العرف.

واستصحاب النية هو: استحضار نية الوضوء في قلب المتوضئ، خلال وضوءه كله.

كما تجب على دائم الحدث الموالاة بين الوضوء والصلاة؛ فإذا فَصَل بين الوضوء والصلاة، لمصلحة الصلاة؛ كستر العورة، ولو سنة؛ كانتظار صلاة الجماعة، أو التعطر: لم يضر ذلك؛ وإلا لم يجز الفصل.

ما يجزئ عن الوضوء

1 - إذا غَطَس المكلف في ماء؛ بنية الوضوء، أو الغسل: صح ذلك، ولو استغرق مكثه فيه دقيقة واحدة فقط. إذا يُقَدَّر حصول الترتيب في لحظات بسيطة.

2 - غسل الفرض - أي الغسل من جنابة، أو حيض، أو نفاس، أو ولادة - يجزئ عن الوضوء، ولو لم يسبق الغسل بوضوءٍ؛ بشرط ألا يكون أثناء غسله مس الفرج، أو حَلَقة الدبر، أو خرج شيء من أحد السبيلين.

والسبيل إلى ذلك: أن يرفع الحدث الأكبر عن السوأتين قبل الغسل بنيته.

وإن أتى بسنة الوضوء قبل الغسل، فيرفع الحدث الأكبر عن السوأتين قبل الوضوء.

أما غسل السنة مثل غسل الجمعة والعيدين فلا يجزئ عن الوضوء إذا لا تجزئ سنة عن فرض، أما الفرض فيجزئ عن السنة.

سنن الوضوء

1 – السواك؛ لحديث أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ"([117]).

2 - استقبال القبلة؛ لأن الوضوء وإن كان وسيلة إلا أنه عبادة.

ويسن له تخير مكان لا يرجع رشاش الماء إليه فيه.

3 - التلفظ بالنية واستصحابها؛ بمعنى استحضارها في القلب، خلال الوضوء كله.

4 – التسمية؛ لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ"([118]).

زمنها: تقرن التسمية بنية سنن الوضوء مع أول غسل الكفين، فإن ترك التسمية في أوله ولو عمداً: أتى بها قبل فراغه، فيقول: باسم الله على أوله وآخره ـ وذلك كما في الأكل والشرب ـ حتى لا يخلو الوضوء من اسم الله عزَّ وجلَّ.

فإذا لم يسم حتى فرغ من الوضوء لم يسم لفوات محلها.

5 - غسل الكفين في ابتداء الوضوء؛ لأنهما آلة التطهير، فيبدأ بتطهيرهما أولاً، ولحديث ابن أوس بن أبي أوس عن جده قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استوكف ثلاثاً([119]).

وتتأكد هذه السنة عند الاستيقاظ من النوم؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثًا؛ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ"([120]).

6 - المضمضة والاستنشاق؛ لحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: قيل له توضأ لنا وضوءَ رسول الله رضي الله عنه، فدعا بإناء، فأكفأ منها على يديه، فغسلهما ثلاثاً، ثم أدخل يده فاستخرجها، فمضمض، واستنشق من كف واحدة، ففعل ذلك ثلاثاً([121]).

وتتم السنة بأن تكون المضمضة أولاً، ثم الاستنشاق، وبإدخال الماء إلى الفم، سواء أداره فيه ومَجَّه، أم لا. فإن أراد الأكمل مَجَّه.

ويكون الاستنشاق بإدخال الماء إلا الأنف، سواء جذبه بنفسه إلى خياشيمه ونثره أم لا. فإن أراده الأكمل نثره.

لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ"([122]).

والأفضل الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة، وذلك ثلاث مرات بثلاث غَرَفَات؛ لحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه المتقدم([123]).

وتسن المبالغة فيهما لحديث لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ رضي الله عنه أنه قال: فقلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء فقال: "أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ؛ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا"([124]).

ويسن أن يغترف الماء للمضمضة والاستنشاق باليمنى، وأن يستنثر باليسرى؛ لحديث علي رضي الله عنه في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم، فأدخل يده اليمنى في الإناء، فملأ فمه فتمضمض واستنشق، واستنثر بيده اليسرى، ففعل ذلك ثلاثاً([125]).

7 - البداءة بأعلى الوجه، والبداءه بالأصابع من اليد والرجل، فإن صَبَّ له غيره بدأ بالمرفق والكعب.

8 - إطالة الغرة([126])، والتحجيل([127]).

وتكون إطالة الغرة: بأن يغسل فوق الوجه جزءاً من الرأس، وجزءاً من العنق.

أما إطالة التحجيل: فيغسل ما فوق المرفقين في اليدين، وما فوق الكعبين في الرجلين.

ودليل السنية حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارٍ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ"([128]).

وعن أبي حازم قال: كنت خلف أبو هريرة رضي الله عنه وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمد يده حتى تبلغ إبطه. فقلت له يا أبا هريرة ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني فروخ، أنتم ههنا لو علمت أنكم ههنا، ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ"([129]).

9 - تخليل أصابع اليدين بالتشبيك، مبتدئاً برؤوسها؛ لحديث لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ رضي الله عنه المتقدم([130]).

10 - تحريك الخاتم: فعن رافع رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ حَرَّك خاتمه([131]).

11 – التيامن؛ لما روت عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله، وترجله([132])، وَطُهُورِهِ، وفي شأنه كله([133]).

12 - دلك العضو؛ لحديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فجعل يقول: "هَكَذَا يَدْلُكُ"([134]). وخروجاً من خلاف العلماء.

13 - مسح جميع الرأس: وذلك بأن يضع يديه على مقدم رأسه، ويُلْصِق إحدى سبابتيه بالأخرى، وإبهامه على صدغيه، ثم يذهب بهما إلى قفاه، ثم يردهما إلى حيث بدأ، وإن كان له شعر ينقلب، ويعتبر الذهاب والرد مسحة واحدة، وإن لم يكن له شعر ينقلب أو كان له شعر ينفش فلا يردهما؛ وذلك لحديث يحيى المازني: أن رجلاً قال لعبد الله بن زيد: أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم فدعا بماء.؟... ثم مسح رأسه بيده فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه([135]).

فإذا لم يرد نزع ما على رأسه مسح جزءاً من الرأس، ثم تمم المسح بالكيفية السابقة على الساتر ثلاثاً؛ لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم ومسح على الخفين والعمامة([136]).

14 - مسح الأذنين بعد مسح الرأس ظاهرهما([137]) وباطنهما([138])، بماء جديد غير ماء الرأس.

أما لو بَلَّ أصابعه، ومَسَح ببعضها رأسه، وببعضها أذنيه: ففعله صحيح؛ لحديث عمرو بن شعيب في صفة الوضوء وفيه: ثم مسح برأسه، وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، وبالسباحتين باطن أذنيه([139]).

ويكون مسح الأذنين بعد مسح الرأس، ولو قَدّمه عليه: لم يحصل له مسح الأذنين؛ لأنه فَعَلَه قبل وقته.

15 - تخليل أصابع الرجلين من الأسفل إلى الأعلى، وذلك بخنصر اليد اليسرى؛ مبتدئاً بخنصر الرجل اليمنى، منتهياً بخنصر الرجل اليسرى؛ لحديث المستورد بن شداد رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فخَلَّل أصابع رجليه بخنصره([140]).

والتخليل سنة إن كانت أصابع الرجلين منفرجة، فإن كانت ملتفة لا يصل إليها الماء إلا بالتخليل: وجب التخليل.

ويستحب عند غسل الرجل البدء بالأصابع، والاجتهاد في دلك العقب؛ لا سيما في فصل الشتاء؛ فإن الماء يتجافى عنها.

16 - تثليث كل من الغَسْل، والمسح، والتخليل؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف الطهور؟ فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثاً، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعه ثلاثاً، ثم مسح برأسه فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه، وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: "هَكَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ أَوْ ظَلَمَ وَأَسَاءَ"([141]).

وعن شفيق بن سلمة قال: رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه؛ ثلاثاً ثلاثاً، ومسح رأسه ثلاثاً، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا([142]).

17 – التتابع، وهو عدم ترك فاصل زمني ين غسل الأعضاء.

فقد صح عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي، وفي ظهر قدمه لمعةٌ قدْرَ الدرهم؛ لم يصبها الماء: فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة([143]).

وخروجاً من خلاف العلماء الذين أبطلوا الوضوء بالتفريق الزمني الكبير بين الأعضاء.

وضابط الكثير والقليل أنه إذا مضى بين الوضوءين زمن يجف فيه العضو المغسول، على اعتدال الزمان، وحال الأشخاص فهو تفريق كثير، وإلا فقليل.

18 - أن يقول عقيب الوضوء غير متأخر عن الفراغ وهو مستقبل القبلة: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله).

ودليله حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه وفيه قول عمر رضي الله عنه قال - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ – الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ؛ إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ"([144]).

وزاد الترمذي:"اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ"([145]).

وله أن يزيد: "سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك"([146]).

ولا بأس بالدعاء أثناء غسل الأعضاء.

ما يسن تركه في الوضوء (خلاف الأولى):

1 - الاستعانة بمن يصب عليه الماء ليتوضأ بغير عذر؛ لأنه ترفه، لا يليق بالمتعبد.

فإن فَعَلَه: جاز؛ لأنه صح أن أسامة رضي الله عنه وغيره صبوا على النبي صلى الله عليه وسلم الماء فتوضأ([147]).

وأما الاستعانة بغيره في إحضار الماء فلا بأس بها.

2 - النفض: أي نفض اليدين من الماء بعد الوضوء؛ لأنه كالتبرؤ من العبادة.

3 - التنشيف بمنديل إلا لعذر؛ كحر، أو برد، لما روت ميمونة رضي الله عنها في باب صفة غسل الجنابة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بمنديل فلم يمسه([148]). ولأنه أثر عبادة فكان تركه أولى.

4 - الكلام إلا لمصلحة؛ لأنه يشغل عن الدعاء، إلا رد السلام؛ لأنه واجب، وترك الكلام سنة؛ فالواجب أقوى من السنة.

على أنه ينبغي للداخل على المتوضئ ألا يسلم عليه حتى ينتهي من وضوئه لئلا يضطره إلى الكلام.

5 - لطم الوجه بالماء.

مكروهات الوضوء

1 - الإسراف في الصب؛ ولو كان يتوضأ من بحر؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141]، ولحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد، وهو يتوضأ فقال: "مَا هَذَا السَّرَفُ؟"، فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: "نَعَمْ وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ"([149]).

2 - الزيادة في الغسل والمسح على ثلاث. لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن شعيب المتقدم: "فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا - التثليث - أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ أَوْ ظَلَمَ وَأَسَاءَ"([150]).

3 - الاستعانة بمن يغسل أعضاءه إلا لعذر.

4 - ترك التيامن.

5 - مبالغة الصائم في المضمضة والاستنشاق لقوله صلى الله عليه وسلم "وَبَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ؛ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا"([151]).

6 - الوضوء في موضع متنجس خوف أن يصيبه شيء من النجس أو يصيبه الوسواس.

 

 

نواقض الوضوء

1 - خروج شيء من أحد السبيلين.

والشيء الذي يخرج من أحد السبيلين قد يكون عيناً، أو ريحاً طاهراً أو نجساً، جافاً أو رطباً، معتاداً أو غير معتاد، سواء كان قليلاً أو كثيراً، مثل أن يكون بولاً أو غائطاً، أو دم باسور، أو مذياً([152])، أو ودياً([153])، وأدلة الانتقاض بكل خارج من السبيلين صحيحة ظاهرة:

 فأما الغائط والبول فبنص الكتاب والسنة والإجماع قال تعالى: { أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ([154]) أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43].

وأما الريح فلحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ"، قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط"([155]).

وأما المذي فلما روى علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مَذَّاءً، فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: "فِيهِ الْوُضُوءُ"([156]).

وأما الودي فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: الودي الذي يكون بعد البول فيه الوضوء([157]).

وأما ما يندر خروجه (كالدودة والحصاة) فلأنه خارج من السبيل فينقض كالريح والغائط، ولأنه إذا وجب الوضوء بالمعتاد والذي تعم به البلوى فغيره أولى.

وإن انسد المخرج المعتاد، وانفتح دون المعدة مخرج انتقض الوضوء بالخارج منه، وإن انفتح فوق المعدة لم ينتقض.

أما الداخل من أحد السبيلين - كالتحميلة والقطنة والمسبار الفاحص (القثطرة) وغير ذلك - فلا ينقض الوضوء حين يخرج.

2 – النوم، لغير الممكن من مقعدته من الأرض ونحوها يقيناً على أي هيئة كان؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وِكَاءُ([158]) السَّهِ([159]) الْعَيْنَانِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ"([160]).

وليس النومُ بحد ذاته حدثاً ناقضاً، لكن من نام استرخت عضلاته.

فإن كان غير ممكِّن مقعدته خرج الريح منه غالباً.

ولا يُنْقَض الوضوء بالنوم الخفيف([161]) الذي هو أقرب إلى مجرد النعاس.

ولا يُنْقَض الوضوء بالنوم قاعداً ممكِّناً مقعدته من الأرض([162])؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون([163]). فقوله تخفق رؤوسهم دليل على نومهم قعوداً.

3 - زوال العقل؛ بجنون، أو غيره، كسُكْرٍ، أو إغماء؛ لما روت عائشة أنه صلى الله عليه وسلم لما أغمي عليه عند مرض الموت اغتسل([164]).

وقد حمل القاضي عياض الغسل هنا على الوضوء من حيث أن الإغماء ينقض الوضوء([165]).

ولأنه إذا انتقض وضوؤه بالنوم؛ فلأن ينتقض بهذه الأسباب أولى.

4 - التقاء بشرتي الرجل والمرأة بلا حائل بينهما، وهو ناقض لوضوء اللامس والملموس؛ لقوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43، والمائدة: 6].

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: قبلة الرجل امرأته، وجَسُّهَا بيده: من الملامسة؛ فمن قبل امرأته أو جَسَّها بيده: فعليه الوضوء([166]).

والمرأة هنا تعني الزوجة، أو أية امرأة من غير محارمه، إذا بلغت حداً يشتهى.

وينقض الوضوء بالالتقاء، ولو كان أحدهما مكرَهاً، وعمداً وقع الالتقاء أم سهواً، وبشهوة أو بدونها.

ولا يَنقضُ الوضوءَ لمسُ صغيرة أو صغير لا يشتهى.

كما لا يَنقضُ الوضوءَ لمسُ الشعر، أو السن، أو الظفر، من كل أحد.

ولا يَنقضُ الوضوءَ لمسُ المحارم؛ بالنسب، والرضاع، والمصاهرة.

5 - مس قبل الآدمي أو حلقة دبره ببطن الكف وبطن الأصابع لحديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلَا يُصَلِّي حَتَّى يَتَوَضَّأَ"([167]).

وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ"([168]). والفرج يعم القبل والدبر.

وينتقض وضوء الماسِّ؛ ذكراً أو أنثى - كما مر في الحديث - من نفسه أو غيره، كبيراً كان أو صغيراً ولو ابن يوم، عمداً أو سهواً، وسواء كان الممسوس حياً أو ميتاً.

ونقض الوضوء إنما يحصل إذا كان المس ببطن الكف، أو ببطون الأصابع.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى فَرْجَهِ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ؛ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ وُضُوءُ الصَّلاَةِ"([169]).

قال الشافعي: (وَالْإِفْضَاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِبَاطِنِ الْكَفِّ)([170]).

فصل:

ويُلحق بنواقض الوضوء (الشك) على التفصيل الآتي:

والشاك في الطهارة أو الحدث يبني على اليقين سواء حصل ذلك في الصلاة أو في غيرها؛ لأن اليقين لا يزال بالشك.

وفي الحديث أنه شُكِي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجلُ يخيل إليه أن يجد الشيء في الصلاة قال: "لاَ يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا"([171]).

ومن قواعد الفقه أنا إذا تيقنا وجود شيء أو عدمه، ثم شككنا في تغيره، وزواله عما كان عليه، استصحبنا حكم اليقين، وطرحنا حكم الشك.

فلو تيقن أنه متوضئ، ثم شك هل انتقض وضوؤه: فلا يتوضأ؛ لأن الأصل أنه متوضئ.

أما لو تيقن الحدث، ثم شك هل توضأ بعده أم لا: فليتوضأ؛ لأن الأصل الحدث.

ولو توضأ احتياطاً - عند الشك بالحديث - ثم بان أنه كان محدثاً: لم يجزئه ذلك الوضوء؛ لأنه توضأ متردداً في النية؛ إذ ليس هو جازماً بالحدث، والتردد مانع من الصحة في غير الضرورة.

ما يحرم بالحدث الأصغر:

1 – الصلاة، وكل ما جانسها من سجود شكر، أو تلاوة، أو سهو؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنه: أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ"([172]).

فإن صلى محدثاً: لم يصح ذلك منه، وكان مرتكباً معصية عظيمة؛ إلا أن يفعله جاهلاً، أو ناسياً، أو مُكْرَهاً.

2 – الطواف؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الطواف حول البيت مثل الصلاة؛ إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير"([173]).

3 - حمل المصحف، ومس ورقه، وحواشيه، وجلده؛ ولو بخرقة، أو أي حائل كان، كمسكه في ثوبه، أو علاقته، أو صندوقه، وكذا اللوح الذي كتب عليه شيء منه، وما كتب لدرس القرآن لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]، سواء حمله في كمه أو على رأسه.

ولا يحرم بالحدث الأصغر حمل المصحف في أمتعة، بقصد حمل الأمتعة، لا بقصد حمله.

ولا يحرم بالحدث الأصغر حمل المصحف في حال الخوف عليه من الغرق، أو النجاسة، بل يجب ذلك.

كما لا يحرم تقليب ورقه بعود، أو كتابته ما لم يمس المكتوب.

كما لا يحرم حمل تفسير المصحف إذا كان أكثر منه، ولا حمل كتاب فقه، أو حديث فيهما آيات من القرآن، أو (عملة ورقية) نقشت عليها آيات كريمة.

أما الصبي المميز فلا يحرم عليه حمل المصحف، ومسه؛ للدراسة إن كان محدثاً.

أما حمل الأشرطة والأقراص المدمجة التي سجل عليها القرآن (الكاسيت، الفلاشة، CD) فلا يحرم؛ لأنها لا تعتبر مصحفاً.

 

 

الغسل

التعريف بالغسل

لغة: سيلان الماء على الشيء مطلقاً.

وشرعاً: سيلان الماء على البدن جميعه بنية مخصوصة.

موجبات الغسل:

هي الأسباب التي توجب الغسل.

وتُسمى حدثاً أكبر.

وهي ستة: ثلاثة يشترك فيها الرجال والنساء، وثلاثة يختص بها النساء.

أولاً: موجبات الغسل التي يشترك فيها الرجال والنساء:

1 – الجماع([174])؛ ولو في حال الإكراه، أو النوم، أو النسيان، ولو بدون إنزال، سواء كان في القبل أو الدبر، وسواء وُجِد حائل كثيف أم لا.

روي عن أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ([175])، ثُمَّ جَهَدَهَا([176]) فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ"([177]).

وفي رواية: "وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ"([178]).

وفي رواية لعائشة رضي الله عنها: "وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ"([179]).

2 - إنزال المنيّ، مهما يكن سببه؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ"([180]).

والماء الأولى يقصد بها الماء المعروف، والثانية المني.

ولا فَرْق في وجوب الغسل بخروج المني بين خروجه بجماع، أو احتلام، أو استمناء، أو نظر، أو بغير سبب.

وسواء خرج بشهوة، أو بدونها.

وسواء تَلَذَّذ بخروجه أم لا.

وسواء خرج كثيراً أو قليلاً، ولو بعض قطرات.

وسواء خرج في النوم أو اليقظة.

من الرجل أو المرأة.

لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ"([181]).

يفهم من الحديث أن الاحتلام بلا إنزال لا يوجب الغسل.

فقالت أم سلمة: يا رسول الله وتحتلم المرأة؟ فقال: "تَرِبَتْ يداكِ، فبمَ يُشبِهها ولدُها"([182]).

وسواء خرج من العاقل أو المجنون.

وسواء خرج من طريقه المعتاد أو من غيره؛ كما في بعض الحالات المرضية (حالات النواسير الإحليلية المستقيمية).

ولو استفاق فرأى المني في ثوبه، أو فراش لا ينام فيه غيره، أو ينام معه فيه من لم يبلغ سن الإنزال، ولم يتذكر أنه محتلم: وجب عليه الغسل.

أما لو رأى منيا في فراش ينام فيه هو وغيره، ممن يمكن أن يُمْنِي: فلا غسل على أحد منهما؛ لأنه لم يُعْرَف صاحبه، لكن لا يجوز أن يصلي أحدهما خلف الآخر حتى يغتسلا، والمستحب لكل واحد منهما أن يغتسل.

ولو أمنى، فاغتسل، ثم خرج منه مَنِيٌّ على القرب بعد غُسْله: لزمه الغسل ثانياً.

ولو شك في كون الخارج منيّا أو لا: فله اختيار أيهما شاء، ويعمل بمقتضاه، وله الرجوع عما اختاره إلى الآخر، والاحتياط مراعاتهما معاً.

3 - الموت: وهو مفارقة الروح الجسد.

ووجوب الغسل بحق الميت المسلم فقط.

وغَسْلُه فرض كفاية على كافة المسلمين؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فَوَقَصَتْهُ([183]) ناقته وهو مُحْرِم، فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ([184])"([185]).

أما الشهيد: فلا يُغَسَّل؛ لحديث قتلى أحد، أنه صلى الله عليه وسلم أمر بدفنهم بدمائهم، ولم يُصَل عليهم، ولم يغسلهم([186]).

ثانياً: موجبات الغسل الخاصة بالنساء:

1 - الحيض: لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].

 ولحديث عائشة أنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني لا أطهر، فقال صلى الله عليه وسلم: "فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي"([187]).

2 - النفاس: وهو الدم الخارج عقب الولادة.

قال الشافعي: (وتغتسل الحائض إذا طهرت والنفساء إذا انقطع دمها)([188]).

3 - الولادة: ولو علقة([189])، أو مضغة([190])، أو (ولادة قيصرية) إن لم تنفس؛ أما إن نفست فغسل النفاس يجزئها.

الأغسال المسنونة:

1 - غسل الجمعة لكل من حضرها، سواء الرجل أو المرأة، ومن تجب عليه ومن لا تجب، ولا يستحب لغيره؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ"([191]).

2 - غسل العيدين، هو سنة لكل أحد؛ لأنه للزينة، بخلاف غسل الجمعة؛ فإنه لقطع الرائحة: فلا يسن إلا لحاضرها، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى([192]).

3 - غسل الاستسقاء.

4 - غسل الخسوف والكسوف.

5 - الغسل من غسل الميت؛ لحديث أبي هريرة رضي اله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ"([193]). ويسن هذا الغسل سواء كان الغاسل طاهراً، أو حائضاً.

6 - الكافر إذا أسلم؛ لما روي عن قيس بن عاصم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام، فأمرني أن أغتسل بماء وسدر([194]).

قال صاحب المهذب: (ولا يجب ذلك لأنه أسلم خلق كثير ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل) ([195]).

7 - المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا؛ اقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم ـ في مرض الموت ـ أغمي عليه، ثم أفاق فاغتسل ليصلي، ثم أغمي عليه، ثم أفاق فاغتسل([196]).

8 - لمن أراد حضور مجمع الناس.

9 - المستحاضة إذا انقطع دمها وشفيت.

10 - وفي الحج يسن الغسل فيما يلي:

1) عند الإحرام، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل([197]).

2) لدخول مكة، فقد روي عن نافع أن عمر رضي الله عنهما كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى، حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهاراً، ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله([198]).

3) للوقوف بعرفة فقد روي عن الفاكه بن سعد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم الفطر ويوم النحر([199]).

4) للمبيت بمزدلفة.

5) لرمي الجمار الثلاث.

6) للطواف.

7) لدخول المدينة.

 وآكد هذه الأغسال جميعاً: غسل الجمعة، ثم الغسل من غسل الميت.

فرائض الغسل:

أمران فقط: النية وإيصال الماء إلى البشرة والشعر

1 - النية: هي نية رفع الجنابة، أو فَرْض الغُسْل، أو لرفع الحدث الأكبر، وهذه الأخيرة أفضلها.

ومحلها القلب.

ووقتها: عند أول إفاضة الماء على جزء من بدنه.

2 - إيصال الماء إلى جميع الشعر والبشرة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةٌ؛ فَاغْسِلُوا الشَّعَرَ، وَأَنْقُوا الْبَشَرَ"([200]).

ولا فرق بين شعر الرأس وغيره، ولا فرق بين الخفيف والكثيف.

ويجب نقض الشعر المَضْفُور، والمُلَبَّد (ما عليه من المواد المثبتة) إن لم يصل الماء إلى باطنه، إلا بالنقض.

فلو ترك شعرة من رأسه، أو غيره؛ لم يصبها الماء: لم يصح غسله.

عن أم سلمة رضي اله عنها قالت: قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: " لاَ، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاَثَ حَثَيَاتٍ([201])، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ"([202]).

قال النووي في المجموع: (وحملوا حديث أم سملة على أنه ـ أي شعرها ـ كان يصل ـ أي الماء إليه ـ بغير نقض) ([203]).

أما البشرة فيجب إيصال الماء إلى جميع أجزائها؛ فيتعهد الْغُضُونِ([204])، وداخل السرة، وتجاعيد الأذن وما ظهر من صماخها، والإبطين، والْعُكَنِ([205])، وما بين الأليين، وما بين أصابع الرجلين، وحمرة الشفة وغير ذلك مما له حكم الظاهر.

ولو انشق جلده بجراحة، وانفتح وانقطع الدم، وأمكن إيصال الماء إلى باطنها الذي يشاهد، بلا ضرر: وجب إيصاله في الغسل والوضوء؛ لأنه صار لها حكم الظاهر.

سنن الغسل:

1 - استقبال القبلة.

2 - التسمية مقرونة بالنية من غير أن يقصد بها القرآن بل الذكر فإذا نسيها يقول حين يذكرها: باسم الله أوله وآخره.

 ودليل سنيتها أن الغسل يشتمل على الوضوء، ويجزئ عنه، إن كان فرضاً والتسمية في الوضوء سنة، فكذلك هي في الغسل سنة.

3 - استصحاب النية.

4 - غسل الكفين، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه([206]).

5 - رفع الأذى عن الجسم؛ كالمني، والمخاط.

6 - الوضوء كاملاً قبل الغسل؛ لما تقدم في صفة غُسْله صلى الله عليه وسلم.

7 - تعهد مواضع الانعطاف.

8 - تخليل أصول الشعر ثلاثاً بيده المبللة؛ لما تقدم في صفة غُسْله صلى الله عليه وسلم.

9 – الترتيب، فيستحب البداءة في إفاضة الماء بالرأس، ثم بأعالي البدن، وبالشق الأيمن، ثم الأيسر من الجسم.

10 - التكرار ثلاثاً؛ لأن ذلك إذا استحب في الوضوء، ومبناه على التخفيف، فهو في الغسل أولى، فإن كان ينغمس في نهر؛ انغمس ثلاث مرات.

11 - يستحب الدلك في كل مرة؛ لحديث عائشة: أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض فقال: "ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا؛ فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا، حَتَّى تَبْلُغَ شُئُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ"([207]).

12 - أن يغتسل مستور العورة، ولو كان خالياً؛ لحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله عوراتنا، ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو مما ملكت يمينك..."، قلت: والرجل يكون خالياً؟ قال: "فالله أحق أن يستحيا منه"([208]).

13 - يسن بعد الفراغ من الغسل أن يقول: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله).

وهذا الغسل المفروض يجزئ عن الوضوء بشرط ألا يحدث ما ينقض الوضوء أثناءه؛ لما روت عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتوضأ بعد الْغُسْلِ([209]).

مكروهات الغسل:

1 - الإسراف في الماء؛ لقوله تعالى: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141، والأعراف: 31]. ولما روي عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ"([210]).

2 - الغسل في الماء الراكد الذي لا يجري؛ سواء في ذلك قليل الماء وكثيره؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِى الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ"، فقيل: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: "يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلاً"([211]).

3 - الزيادة على الثلاث.

4 - ترك المضمضة والاستنشاق؛ خروجاً من خلاف من جعلهما فرضاً.

ما يحرم بالجنابة

1 - يحرم بالجنابة ما يحرم بالحدث الأصغر وهو: الصلاة، والسجود للتلاوة، أو سجود الشكر، والطواف - فرضاً أو نفلاً -، ومس، أو حمل المصحف، أو مس علاقته إن كان فيهما؛ لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79].

2 - المكث في المسجد؛ ولو لحظة، إلا لضرورة؛ كمن احتمى بالمسجد، وتعذر خروجه منه؛ لخوفه على نفسه، أو ماله.

أما عبور المسجد مارَّاً به من غير مكث: فلا يحرم، بل ولا يكره، إنما هو خلاف الأولى، إذا لم تكن حاجة لذلك.

قال الله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43]، قال الشافعي: (قال بعض العلماء بالقرآن: معناها لا تقربوا مواضع الصلاة، وما أشبه ما قال بما قال؛ لأنه ليس في الصلاة عبور سبيل) ([212]).

3 - قراءة القرآن([213])؛ قليلها وكثيرها، حتى بعض آية ما كانت بنية التلاوة؛ لما روي عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على كل حال ليس الجنابة([214]).

أما قراءة آيات الذكر في القرآن؛ بنية الذكر: فجائزة.

كقوله عند المصيبة {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156].

وعند ركوب الدابة {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13].

وإن قصد بها الذكر في حديثه، ومواعظه: فلا يحرم.

ولا يحرم إذا أراد بشيء من القرآن كلاماً آخر؛ كقوله لم يستأذنه في الدخول {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46]؛ إلا أن يفعله على سبيل الميوعة فيحرم.

 

 

المسح على الخفين

التعريف بالمسح:

لغة: إمرار اليد على الشيء.

وشرعاً: أن يصيب البللُ خفاً مخصوصاً، في زمن معين.

والخف المخصوص ما تحققت فيه شروط آت بيانها.

حكمه:

الأصل فيه الجواز في الوضوء فقط، وهو رخصة في السفر والحضر.

وهو وإن كان جائزا فغسل الرجل أفضل منه.

ودليل تفضيل غسل الرجل أنه الذي واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم في معظم الأوقات، ولأن غسل الرجل هو الأصل فكان أفضل.

أدلة جواز المسح على الخفين:

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال: "دَعْهُمَا فَإِنِّى أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ"، فمسح عليهما"([215]).

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم"([216]).

وعن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سَفْرًا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم([217]).

ثم إن الحاجة تدعو إلى لبسه, وتلحق المشقة في نزعه؛ فجاز المسح عليه كالجبائر.

 وقد دل حديث صفوان رضي الله عنه على أن المسح جائز في الحدث الأصغر، ولا يصح في الجنابة ولا في سائر الأغسال؛ لأن غسل الجنابة يندر فلا تدعو الحاجة فيه إلى المسح على الخف.

شروط المسح على الخفين:

1 - لبسهما على طهارة كاملة من الحدثين؛ لحديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة؛ إذا تطهر، ولبس خفيه: أن يمسح عليهما([218]).

فلو لبسهما قبل غسل رجليه وغسلهما فيهما: لم يجز المسح، إلا أن ينزعهما عن القدم ثم يدخلهما.

ولو أدخل إحدى رجليه بعد غسلها وقبل غسل الأخرى ثم أدخل الأخرى بعد غسلها: لم يجز المسح حتى ينزع الأولى ثم يدخلها.

ولو ابتدأ اللبس بعد غسلهما ثم أحدث قبل وصولهما القدم: لم يجز المسح.

ولو تيمم المحدث ولبس الخف، ثم وجد الماء: لم يجز له المسح على الخف؛ لأن التيمم طهارة ضرورة، فإذا زالت الضرورة بطلت من أصلها، فيصير كما لو لبس الخف على حدث.

وإذا تيمم المسافر لجنابة ثم أحدث حدثاً أصغر ووجد ماء كافياً لأعضاء الوضوء يلزمه خلع الخفين وغسل الرجلين.

ولو دميت رجله في الخف فوجب غسلها: لا يجزيه المسح على الخف بدلاً من غسلها.

2 - أن يكونا طاهرين؛ لأن الخف يقوم مقام الرجل، والرجل لا تطهر من الحدث ما لم تُزَل نجاستها؛ فكيف يمسح على بدلها وهو نجس العين.

3 - أن يكونا قويين؛ تُمْكِن متابعة المشي فيهما، والتردد للحاجة، سواء كانا من الجلود، أو الخرق المطبقة، أو الخشب أو غير ذلك.

وسواء كان لهما نعل من جلد أم لا.

وقد ذكروا ضابط التردد فقالوا: هو بمقدار تردد المسافر في حاجاته عند الحط والترحال من تردده للحصول على احتياجاته.

فإن كان مقيماً فبمقدار تردده لحاجاته في يوم وليلة.

وإن كان مسافراً فبمقدار تردده لحاجاته ثلاثة أيام.

والمقصود بالسفر هنا السفر الطويل؛ الذي تُقْصَر فيه الصلاة، وهو ما كان لمسافة مرحلتين([219]) فأكثر.

وليست العبرة بوسيلة السفر؛ إنما العبرة بالمسافة بين البلدين([220]).

أما ما كان أقل من ذلك فيعتبر سفراً قصيراً.

والسفر القصير حكمه حكم الإقامة.

4 - أن يكونا ساترين للمحل المفروض غسله في الوضوء من الجوانب لا من الأعلى.

فلو كان يرى القدم من الفوهة فلا ضير؛ لأنه لا يشترط تماسك الفوهة في الخف.

5 - أن يكونا مانعين لنفوذ الماء من غير مواضع الخرز (مكان الخياطة) والشق (السحاب).

فإذا نفذ الماء منهما فلا ضرر.

أما المُخَرَّق؛ فإن كان الخرق فوق الكعب لم يضر، وإن كان في محل الفرض: لم يجز المسح سواء أمكنت متابعة المشي فيه أم لا.

6 - أن ينزعه بعد يوم وليلة إن كان مقيماً، وبعد ثلاثة أيام بلياليها إن كان مسافراً؛ لحديث علي رضي الله عنه المتقدم([221])، ولأن الحاجة لا تدعو إلى أكثر من ذلك فلم تجز الزيادة عليه.

فإذا توفرت هذه الشروط جاز له أن يصلي في مدة المسح ما شاء من الصلوات: فرائض الوقت، والقضاء، والنذر، والتطوع.

متى تبدأ المدة:

تبدأ المدة من انتهاء أول حدث بعد لبسهما على طهارة، لا من وقت لبسهما؛ لأنها عبادة مؤقتة، فكان ابتداء وقتها من حين جواز فعلها كالصلاة.

فلو لبسهما ولم يحدث بعد لبسهما لم تحسب المدة مهما طالت.

أما لو أحدث ولم يمسح حتى انقضت المدة فيجب استئناف لبسهما على طهارة، أي: إن العبرة في حساب الزمن بوقت انتهاء أول حدث يحدثه بعد لبسهما على طهارة.

وإذا توضأ قبل انقضاء مدة المسح على الخفين ومسح عليهما ثم انتهت مدة المسح عليهما مع سلامة الوضوء الذي تم بوجودهما؛ فإنه ينزعهما، ويغسل القدمين دون إعادة كامل الوضوء، ولن يضر غسل القدمين وحدهما بالترتيب في الوضوء؛ لأن القدمين آخر ما يغسل فيه.

وإذا مسح وهو في الحضر ثم سافر: فالمدة أن يتم مسح مقيم؛ إذ العبرة هنا للمسح لا للحدث.

فلو كان حضراً وأحدث ولم يمسح ثم سافر فيمسح مسح مسافر.

أما لو مسح قبل أن يسافر فيتم مسح مقيم.

وإذا مسح المسافر ثم أقام([222])؛ فيتم مسح مقيم فإذا كان مسح مدة يومين فيجزئ ذلك عن مسح المقيم ويجب عليه نزع الخف عند الإقامة، أما إذا لم يكن أتم الأربع والعشرين ساعة فله إتمامها.

وإذا شك هل مسح في الحضر أو السفر بنى الأمر على أنه مسح في الحضر؛ لأن الأصل غَسْل الرجل، والمسح رخصة بشرط.

فإذا لم يتيقن شرط الرخصة رجع إلى أصل الفرض وهو الغسل.

وإنْ شَكَّ هل أحدث في وقت الظهر أو في وقت العصر بنى الأمر على أنه أحدث في وقت الظهر؛ لأن الأصل غسل الرجل: فلا يجوز المسح إلا فيما تَيَقَّنَه.

ما يُبْطِل المسح على الخفين:

1 – خلعهما: فإذا خلع أحدهما، أو تَخَرَّق: بطل المسح؛ لانتفاء شرط الساتر، وشرط عدم نفوذ الماء.

2 – انقضاء المدة.

3 – طروء ما يوجب الغسل كجنابة ونحوها.

محل المسح:

1 - الفرض: يكفي ما يسمى مسحاً من أعلى الخف.

2 - والسنة: مسح أعلاه وأسفله، روي عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: وَضَّأْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فمسح على أعلى الخف وأسفله([223]).

المقدار الممسوح:

1 - المفروض: أقل شيء من ظاهره - أعلاه - فيكفي مسمى مسح كمسح فرض الرأس في الوضوء.

2 - أما المسنون: فمسح أعلاه وأسفله وعقبه، خطوطاً مرة واحدة؛ يضع كفه اليسرى تحت عقب الخف، واليمنى على أطراف أصابعه، ثم يمر الكفين معاً مفرِّجاً أصابعهما: اليمنى إلى جهة الساق، واليسرى إلى رؤوس الأصابع.

المسح على الجوارب:

أكثر العلماء على أنه لا يجوز وهو عند الشافعية جائز بشرطين:

1 - أن يكون الجوربان صفيقين يمنعان نفوذ الماء إلى القدم لو صب عليهما.

2 - أن يكونا منعلين، وذهب بعض الشافعية إلى أنه لا يشترط أن يكونا صفيقين إذا كان بالإمكان متابعة المشي عليهما.

 

 

التيمم

التعريف

التيمم لغة: القصد، تقول العرب تيممت فلاناً يممته، وتأممته، وأممته، أي: قصدته، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267].

وشرعاً: إيصال تراب طهور إلى الوجه واليدين، بدلاً عن وضوء، أو غُسْل، أو غَسلْ عضو بشرائط مخصوصة.

دليله من الكتاب والسنة والإجماع

ودليل جوازه عن الحدث الأصغر قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا([224])} [النساء: 43، والمائدة 6].

ودليل جوازه عن الحدث الأكبر حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: فصلى بالناس، فلما انفتل من صلاته، إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم. قال: "مَا مَنَعَكَ يَا فُلاَنُ أَنْ تُصَلِّىَ مَعَ الْقَوْمِ؟"، قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: "عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ"([225]).

الحالات التي يباح فيها التيمم:

هي ثلاث: فقد الماء حقيقة أو حكماً، والمرض، والبرد الشديد.

أولاً - فقد الماء:

1 - إن تيقن فقد الماء: تيمم بلا طلب.

2 - إن توهم وجود الماء أو ظنه أو شك فيه، فتش في منزله، وعند رفقته، في حد الغوث([226])؛ فإن لم يجد: تيمم.

3 - إن تيقن وجود الماء: وجب طلبه في حد القرب([227])، فإن كان الماء فوق هذا الحد: تيمم وصلى.

والأفضل تأخير الصلاة إن تيقن وصول الماء آخر الوقت.

فعلى فاقد الماء إذن أن يطلبه قبل التيمم ما لم يتيقن عدم وجوده؛ لقوله تعالى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43، والمائدة: 6]، ولا يقال (لم يجد) إلا بعد الطلب.

شروط طلب الماء:

1) أن يأمن على نفسه.

2) أن يأمن ضياع المال.

3) أن يأمن الانقطاع عن الرفقة.

4) أن يأمن خروج الوقت.

5) ألا يطلب الماء إلا بعد دخول الوقت؛ لأنه إنما يطلب ليثبت شرط التيمم، وهو عدم الماء: فلم يجز في وقت لا يجوز فيه التيمم.

ويجب على فاقد الماء طلب هبة الماء، يقول: هبني ماء للوضوء، ولكن لا يجوز له طلب هبة ثمن الماء؛ حفاظاً على كرامته.

ويجب طلب إعارة دلو الماء، دون طلب هبة الثمن.

 كما يجب شراء الماء بثمن مثله إن لم يحتج إلى هذا الثمن؛ لسداد دَين مستغرق([228])، أما الدين الذي يغطي جزءاً من المال فقط؛ فلا يحول دون شراء الماء، أو لمؤونة سفره.

ويجب أن يكون الماء - في حال وجوده - زائداً عن حاجته، وحاجة حيوان محترم للشرب، ولو في المستقبل.

تعقيبات:

لو وَجَدَ - بعد البحث - ماءً لا يكفيه لكل أعضاء الوضوء أو الغسل: وجب استعماله، ثم يتيمم للباقي؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قول: "وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"([229]). و(الميسور لا يسقط بالمعسور)([230])؛ فإن كانت الطهارة عن الحدث الأصغر طهر أولا وجهه ثم يديه ... جريا على الترتيب الواجب في الوضوء، أو كانت عن حدث أكبر نُدِب له الترتيب ندباً؛ فيبدأ بغسل أعالي بدنه ثم الأدنى فالأدنى.

لو كان محدثاً أو جنباً، وعلى بدنه نجاسة، ومعه ماء لا يكفي إلا لأحدهما؛ تعين عليه غسل النجاسة، ثم يتيمم للحدث؛ لأنه لا بدل للتطهر من النجاسة، بخلاف الحدث.

إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب وحائض ومن على بدنه نجاسة، وهناك ماء يكفي أحدهم فقط؛ فإن كان ملكاً لأحدهم فهو أجدر به، ولا يجوز له بذله لطهارة غيره([231])، وإذا كانوا فيه شركاء فهم فيه سواء، ولا يجوز لأحدهم كذلك أن يبذل نصيبه لطهارة غيره سواء كان يكفيه أم لا، فإن كان مباحاً فالذي صححه إمام الحرمين أنهم فيه شركاء قطعاً بينهم بالسوية.

ولو كان مع الميت ماء فخافت رفقته العطش أبقوه لشربهم، ويمموا الميت؛ وأدوا ثمنه في ميراثه.

ثانياً - في المرض:

يجوز للمكلف التيمم إذا خاف أن يؤدي استعمال الماء إلى ذهاب نفس([232])، أو ذهاب منفعة عضو([233])، أو بطء شفاء، أو زيادة مرض([234])، أو حدوث شين فاحش قبيح في عضو ظاهر([235])؛ لقوله تعال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، ولما روى جابر رضي الله عنه قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجرٌ، فشَجَّه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل، فمات. فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال: "قَتَلُوهُ، قَتَلَهُمُ اللَّهُ، أَلاَّ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِىِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ"([236]).

ويُعتمَد في كون المرض مرخصاً في التيمم، وأنه على الصفة المعتبرة: على معرفة نفسه إن كان عارفاً، وإلا فله الاعتماد على قول طبيب واحد حاذق مسلم بالغ عدل ولو كان امرأة.

ثالثاً - في البرد:

إذا لم تنفعه تدفئة أعضائه بعد الوضوء، ولم يجد ما يسخن به الماء، وخاف على منفعة عضو، أو حدوث شين من شدة البرد: جاز له التيمم.

روى عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَا عَمْرُو، صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟"، فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً([237]).

الحالات التي تعاد فيها الصلاة التي تيمم لها:

تعاد الصلاة التي تطهر لها بالتيمم في الحالات التالية:

1 - إذا كان التيمم للبرد، ثم وجد ما يسخن به الماء.

2 - إذا تيمم لفقد الماء في الحضر، ثم وجده؛ لحديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الصعيدَ الطيِّبَ طهور المسلم، وإن لم يجدِ الماءَ عشر سنين، فإذا وجدَ الماءَ فَلْيُمِسَّه بشرَته، فإن ذلك خير"([238]).

ولأن عدم الماء في الحضر عذر نادر غير متصل.

التيمم عن عضو من الأعضاء:

إذا كانت العلة المرخصة في التيمم مانعة من استعمال الماء في جميع أعضاء الطهارة تيمم عن الجميع فإن منعت بعضا دون بعض غسل الممكن وتيمم عن الباقي، ثم في هذه الصورة تفصيل:

1 - التيمم عن العضو الجريح الذي لا ساتر عليه:

يجب غسل الصحيح بقدر الإمكان ويتيمم للجرح.

أما إذا كان في بدنه حبات الجدري أو بثرات منتشرة فإن لم يلحقه ضرر من غسل ما بينها وجب غسله وإن لحقه ضرر لم يجب.

فإن كان الحدث أكبر تيمم إما قبل الغسل أو بعده لأن الجسم كله كالعضو الواحد في الغسل وليس هناك ترتيب.

أما إن كان محدثا حدثا أصغر فلا ينتقل من عضو إلى آخر حتى يكمله غسلاً وتيمماً عنه؛ لفرضية الترتيب، ولا فرق بين تقدم الغسل على التيمم أو العكس.

وإن كانت الجراحة في عضوين وجب تيممان.

وإن كانت في ثلاثة وجب ثلاثة.

أما اليدان أو الرجلان فإن كانت فيهما كليهما جراحة لم يجب إلا تيمم واحد عنهما، لكن يستحب أن يعتبرهما عضوين: فيتيمم عن كل واحدة بعد غسل الصحيح منها، أو قبله.

ولا يجب مسح الجرح بالماء أو التراب إن كان الجرح في غير أعضاء التيمم، ولو لم يضره.

أما إن كان في أعضاء التيمم فيجب مسح الجرح بالتراب إن لم يكن في ذلك ضرر.

أما إن تضرر بالمسح بالتراب؛ كمن جدر وجهه: فله حكم فاقد الطهورين بالنسبة لوجهه، ومثله من كان في وجهه أو يديه أو كل أولئك معاً (أكزيما) أو شبهها: فإن له فيما يتضرر بالتراب من أعضائه حكم فاقد الطهورين، ويسقط عنه الفرض).

ويأتي بالمقدور عليه من مسح اليدين، بناء على أن (الْمَشَقَّة تَجْلِب التَّيْسِير)([239])، ويعيد الصلاة عند التمكن من استعمال أحد الطهورين.

ولا تجب إعادة الصلاة في جميع أحوال التيمم عن العضو الجريح الذي لا ساتر عليه؛ لأنه مما تعم به البلوى، ويكثر.

2 - المسح على الجبيرة:

 التعريف: الجبيرة أخشاب أو قصب تسوى وتشد على موضع الكسر ليلتئم.

وينزل منزلة الجبيرة في الحكم: العصابة، واللصوقات، والمراهم (المقصود هنا: المراهم التي تُشَكِّل عند جفافها طبقة كتيمة عازلة) ونحوها.

 ولا يجوز وضع الجبيرة على شيء من الصحيح إلا القدر الذي لا يتمكن من ستر الكسر إلا به.

ويجب أن يضعها على طهر؛ إلا عند الضرورة.

شروط التيمم:

هي شروط صحة الطهارة بالوضوء والغسل ويضاف إليها:

1 - أن يوجد العذر المبيح للتيمم على التفصيل المتقدم.

2 - أن يكون بتراب طهور؛ لحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلاَثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلاَئِكَةِ، وَجُعِلَتِ الأَرْضُ لَنَا مَسْجِدًا وَجُعِلَ تُرَابُهَا طَهُورًا؛ إذا لم نجد الماء"([240]).

ولقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43، والمائدة: 6]؛ فسر الصعيد الطيب بالتراب المنبت مستندين في ذلك إلى قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [الأعراف: 58] والصعيد هو الذي له غبار.

فلا يصح التيمم بغير التراب.

ولا يصح التيمم بتراب فيه نداوة؛ لأن الندى يلصق بالعضو، ولا غبار له.

ولا يصح التيمم بتراب استحجر؛ إلا أن يدق ليصبح له غبار.

ولا يصح التيمم بتراب مستعمل؛ لأن استعماله يسلبه الطهورية، فيصبح طاهراً غير مطهر.

ولا يصح التيمم بالتراب الذي خالطته النجاسة، كثيراً كان أو قليلاً.

3 - ألا يخالط التراب دقيق أو جص يمنع مرور التراب على جميع العضو، وعليه فإنه: يجوز التيمم برمل خالطه تراب له غبار.

4 - أن يزيل النجاسة عن بدنه.

5 - أن يقع التيمم بعد دخول الوقت (سواء وقت المكتوبة أو النافلة المؤقتة أو المنذورة المؤقتة) يقينا أو ظنا سواء كان التيمم عن كامل الطهارة أو عن طهارة عضو لما عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسَاجِدَ وَطَهُورًا، أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ، تَمَسَّحْتُ، وَصَلَّيْتُ"([241]). والإدراك لا يكون إلا بعد دخول الوقت قطعاً.

فإن تيمم قبل دخول الوقت أو شك في دخوله لم يصح التيمم وإن صادف الوقت لأن التيمم طهارة ضرورة ولا ضرورة قبل دخول الوقت.

ويجوز للخطيب أن يتيمم للجمعة قبل الخطبة؛ لأن وقتها دخل بالزوال، وتَقَدُّم الخطبة إنما هو شرط لصحة فعلها.

والوقت شامل لوقت العذر عند جمع الصلاة تقديماً أو تأخيراً، فيتيمم للعصر عقب الظهر، إذا جمعها تقديماً، وكذلك العشاء مع المغرب؛ فإنه يتيمم للعشاء بعد صلاة المغرب.

ويدخل وقت صلاة الجنازة بانقضاء طهر الميت من غسل أو تيمم، لكن يكرر التيمم لها قبل التكفين.

ويدخل وقت صلاة الاستسقاء بإرادة فعلها، وبالاجتماع لها، إن صليت جماعة.

ووقت صلاة الكسوف والخسوف بتغير الكواكب.

ووقت صلاة النفل المطلق بإرادته في أي وقت، سوى أوقات الحرمة.

ووقت صلاة تحية المسجد بدخوله.

ووقت سجود الشكر بإرادته.

ووقت سجود التلاوة بالانتهاء من قراءة الآية أو سماعها.

6 - أن يتيمم لكل فرض عين، وبهذا التيمم نفسه تصح صلاة النافلة.

وهذا واضح من اشتراط دخول الوقت للتيمم.

وأحسن ما يحتج به في هذا المجال قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6].

فهذه الآية توجب الوضوء والتيمم لكل صلاة؛ لأنه لا قيام إلى الصلاة قبل دخول الوقت.

وقد خرج الوضوء بالإجماع والسنة لما روى بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد ومسح على خفيه. فقال له عمر، لقد صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه. قال: "عَمْدًا صَنَعْتُهُ، يَا عُمَرُ"([242]). فيبقى التيمم بمقتضى الآية.

أركان التيمم:

1 - النقل: وهو تحويل التراب إلى العضو الذي يريد مسحه، مع قَرْن نقل التراب بالنية، أي قصد نقل التراب مع قصد التيمم.

فلو تعرض لمهب الريح مكتفياً بما سفته على وجهه أو أحد أعضائه: لم يجزئه.

لكن إن نقله مثلاً من على وجهه بقصد النقل، ثم مسح به وجهه، مع النية: صح، أو نقله من إحدى يديه فكذلك.

2 - النية: لا تكفي نية رفع حدث أصغر، أو حدث أكبر، أو الطهارة عن أحدهما؛ لأن التيمم لا يرفعه.

وتكون نية التيمم على أحد الصور التالية:

1) نية التيمم لاستباحة فرض.

2) نية التيمم لاستباحة نفل.

3) نية التيمم لسجدة الشكر، أو التلاوة، أو مس المصحف.

4) التيمم بنية الغسل.

وعلى كل حال يجب اقتران النية بالنقل واستدامتها حتى مسح شيء من الوجه على الأقل.

3 - مسح الوجه واليدين مع المرفقين: لقوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6].

4 - استيفاء الضربتين، ضربة للوجه، وضربة لليدين؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ, وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ"([243]).

5 - الترتيب بين المسحتين: فيقدم وجهه على يديه، كالوضوء.

ودليل الترتيب الآية {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6]، والواو للترتيب.

فلو ترك الترتيب: لم يصح التيمم لليدين. أما بالنسبة للوجه فهو صحيح، لذلك يعيد مسح اليدين فقط.

سنن التيمم:

1 - التسمية: لأن التيمم طهارة عن حدث، فاستحب ذكر اسم الله تعالى عليه كالوضوء.

2 - تفريق الأصابع عند الضرب ليثير الغبار أكثر، فيكون أسهل وأمكن في تعميم الوجه بضربة واحدة.

3 - تخفيف التراب، بأن ينفخه إذا كان كثيراً، بحيث يبقى قدر الحاجة؛ لحديث عبد الرحمن بن أبزى وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه([244]).

4 - نزع الخاتم في المرة الأولى، أما في الثانية فيجب نزعه؛ لأنه يشترط إيصال الغبار إلى جميع بشرة اليد، فإن بقي شيء من هذا لم يمسه غبار: لم يصح تيممه.

5 - البداءة بمسح أعلى الوجه كالوضوء.

6 - تقديم اليمنى من اليدين على اليسرى؛ لحديث التيامن.

7 - مسح العضد تطويلاً للتحجيل، وخروجاً من خلاف من أوجبه، فعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما أنه كان يحدث أنهم تمسحوا وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصعيد لصلاة الفجر، فضربوا بأكفهم الصعيد، ثم مسحوا وجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى، فمسحوا بأيديهم كلها، إلى المناكب والآباط من بطون أيديهم([245]).

8 - عدم الزيادة على الضربتين.

9 - الموالاة لغير دائم الحدث، أما دائم الحدث فالموالاة واجبة عليه.

10 - استقبال القبلة، والشهادتان بعد الفراغ، كما سبق في الوضوء.

مبطلات التيمم:

1 - كل ما يبطل الوضوء يبطل التيمم عن الحدث الأصغر.

وإن كان متيمماً عن حدث أكبر، ثم أحدث حدثا أصغر: فيبطل التيمم عن الوضوء فقط، أما التيمم عن الغسل فلا يبطل إلا بحدث أكبر.

2 - رؤية الماء الكافي مع القدرة على استعماله: تبطل تيممه، سواء كان عن حدث أصغر، أو عن حدث أكبر. وعليه أن يتوضأ أو يغتسل؛ لحديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير"([246]).

 ثم إن لرؤية الماء حالات:

1) إن رأى الماء قبل الصلاة: بطل تيممه، ولا بد من الوضوء، ولو لم يبق وقت للصلاة أداء.

2) إن رأى الماء أثناء الصلاة: لم يبطل تيممه، إلا إن كان ممن تلزمه الإعادة لقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33].

3) إن رأى الماء بعد الصلاة: فصلاته صحيحة، وفي إعادته، أو عدمها تفصيل تقدم بيانه.

حالة فاقد الطهورين:

إذا لم يجد المكلف ماء ولا تراباً؛ كأن كان في أرض ذات وحل ولم يجد ما يجففه به، أو حُبِس في موضع نجس، أو كان أسيراً مشدود الوثاق، أو ما أشبه ذلك: وجب عليه أن يصلي على حسب حاله؛ لأن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، فالعجز عنها لا يبيح ترك الصلاة؛ كستر العورة، وإزالة النجاسة، واستقبلا القبلة، لكن يصلي الفرض وحده بغير نفل (سواء كان راتباً أو موقوتاً أو مطلقاً)، وليس أن يحمل مصحفاً، ولا أن يمسه، ولا أن يمكث في المسجد، أو غير ذلك مما يحرم على الجنب؛ وذلك لعدم الضرورة.

وإذا كان فاقد الطهورين جنباً اقتصر على قراءة الواجب في صلاته. (أي الفاتحة، أو بدلها، ولا يقرأ السورة).

والخلاصة أن فاقد الطهورين يقتصر في أداء العبادات على الضروري فقط.

وحكم الجنب فاقد الطهورين، ينسحب على الحائض والنفساء إن نقيتا من الحيض والنفاس وعدمتا الطهورين.

وتجب إعادة الصلاة المؤداة زمن فقد الطهورين.

وفي زمن هذه الإعادة تفصيل:

1 - تجب الإعادة عندا يجد الماء مطلقاً.

2 - إذا وجد التراب فهناك حالات ثلاث:

1) إذا وجد التراب قبل انتهاء أعاد الصلاة بالتيمم، وإن لم تسقط؛ وذلك ليؤديها في وقتها بأحد الطهورين.

2) إذا وجد التراب بعد انتهاء الوقت بمكان تسقط الصلاة فيه بالتيمم: أعاد الصلاة متيمماً، وليس عليه الإعادة ثانية حيث يجد الماء.

3) إذا وجد التراب بعد انتهاء الوقت في محل لا تسقط الصلاة فيه بالتيمم - لأنه يغلب فيه وجود الماء - لا يعيدها؛ لأن عليه إعادتها ثانية حين يجد الماء.

 

 

النجاسات

التعريف:

النجاسة لغة: ما يستقذر ولو كان طاهرا مثل البصاق والمخاط والمني.

وشرعا: كل مستقذر يمنع الصلاة.

أنواع النجاسات:

1 - النجاسات المغلظة: وهي الكلب، والخنزير، وما تولد منهما، أو من أحدهما، أي مع حيوان طاهر؛ لأن كل الحيوانات طاهرة ما عداهما، حتى لو كان كلب صيد؛ فإنه نجس لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ([247]) فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ"([248]).

ولقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145]، والرجس في اللغة: النجس.

 وكذا مني الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما.

أما مني الآدمي وسائر الحيوانات فطاهر([249])؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المني يصيب الثوب قال: "إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة([250])"([251]).

وعن علقمة والأسود: أن رجلاً نزل بعائشة رضي الله عنها فأصبح يغسل ثوبه فقالت عائشة: إنما كان يجزئك إن رأيته أن تغسل مكانه، فإن لم تر نضحت حوله، ولقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركاً فيصلي فيه([252]).

2 - النجاسة المخففة: هي بول الصبي دون السنتين الذي لم يأكل الطعام.

3 - النجاسات المتوسطة: وهي بقية النجاسات ونبينها فيما يلي:

1) كل مسكر مائع. ودليل نجاستها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة].

وما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ"([253]).

ويخرج بقولنا (المائع): المسكر غير المائع فهو ليس بنجس، مثل البنج، والحشيش، وما أشبههما؛ فليس بنجس. وإن كان محرماً؛ لتغييبه العقل.

2) الميتة كلها. ودليل نجاستها قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 6].

ويستثنى منها:

1 – الآدمي؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70]، والمكرَّم لا يكون إلا طاهراً، أما قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]؛ فالمراد منه نجس العقيدة، أما ميتتهم فطاهرة.

2 - السمك والجراد؛ لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أحلت لكم ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال"([254]).

3 - الصيد إذا قتله الكلب، أو السهم؛ بشرطه. فهذه ميتات طاهر لحمها وجلدها.

4 - ميتات الحيوان البحري؛ له حكم السمك من حيث طهارة ميتته؛ بخلاف الحيوان البر مائي؛ كالضفدع فميتته نجسة.

أما جنين ما يؤكل لحمه؛ إذا ذُبِحَتْ أُمُّهُ، وخَرَج ميتاً بعدئذ: فهو طاهر؛ لأن ذكاةَ أمُه ذكاةٌ له([255]).

والعضو المنفصل من الحيوان الحي؛ كميتته.

فالعضو المنفصل من الشاة في حال حياتها نجس؛ لما ورد عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا قطع من الْبَهِيمَة، وَهِي حَيَّة فَهِيَ ميتَة"([256]). أما القطعة المنفصلة من السمك أو الجراد فطاهرة.

3) شعر الميتة سوى الآدمي، وشعر غير المأكول المنفصل عنه حال الحياة، أو بعد الممات.

وعليه ففرو غير مأكول اللحم لا تجوز الصلاة عليه، ولا به، سواء جزء منه حال الحياة، أو بعد الذبح، أو الممات، ولا يطهر بدباغ الجلد.

مثل شعر البغل، والهرة. ويعفى عن قليله.

أما المتصل بالحيوان الحي فيبقى تابعاً للحيوان.

والحيوانات سوى الكلب والخنزير كلها طاهرة ما كانت حية؛ فأوبارها، وشعورها، طاهرة ما دامت متصلة بها.

أما الذي يؤكل لحمه؛ فشعره، وريشه، وصوفه، ووبره: كل أولئك طاهر، سواء جز من الحيوان حال الحياة، أو بقي عليه بعد الذبح.

أما إن مات فهذه كلها نجسة.

ودليل طهارة ما يتبع الحيوانات المأكولة اللحم قوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80].

4) جلود الميتة كلها، باستثناء جلود الميتات الأربعة التي ذكرنا، وكذلك جلود ما لا يؤكل لحمه؛ ولو ذبح: فهي نجسة.

أما ما يؤكل لحمه كالخروف إذا ذبح: فجلده طاهر.

5) ما لا يؤكل لحمه إذا ذبح.

6) لبن ما لا يؤكل لحمه إلا الآدمي.

أما لبن ما يؤكل لحمه فطاهر؛ لقوله تعالى: {لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66]، إلا ما كان في ضرع الميتة؛ فإنه ينجس بملاقاة النجاسة، كاللبن في الإناء النجس.

7) العظم، والسن، والقرن، والظلف([257])، والظفر من غير المأكول، ومن ميتة المأكول، والعاج.

8) الدم المسفوح؛ بدليل قوله تعالى: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا ... فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145]؛ إلا اليسير عرفاً: فيعفى عنه.

والدم الخارج من بعض البثور يعتبر قليلاً، ولو بلغ قدر رأس الإصبع.

وما علق على اللحم والعظم من الدم فهو نجس معفو عنه، ما لم يخالطه أجنبي.

لذلك ينبغي عدم غسله، بل يكفي مسحه بخرقة غير مبتلة. فإن غسل وجب تكرار غسله حتى يزول أثر الدم من الغسالة.

9) القيح؛ لأنه دم مستحيل إلى فساد، وأما ماء القروح فإن كان له رائحة فهو نجس؛ وإلا فطاهر.

10) الأبوال([258])، والغائط، والأرواث، والمذي، والودي.

وكذلك كل مائع يخرج من أحد السبيلين؛ سوى (المني ورطوبة فرج المرأة الخارجة من أدنى الرحم والعلقة والمضغة فهذه كلها طاهرات).

 أما الأبوال فثلاثة: بول الآدمي الكبير، وبول الحيوانات المأكولة، وبول الحيوانات غير المأكولة، وكلها نجسة:

 أما الأول؛ فلحديث المعذبين في القبر، وأما الثاني والثالثة؛ فلقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، والعرب تستخبث هذا.

وأما ما صح عنه صلى الله عليه وسلم في حدث أنس رضي الله عنه أنه أمر الذين اجتووا([259]) في المدينة بشرب أبوال إبل الصدقة([260]). فذاك كان للتداوي، ومعروف أنه جائز بجميع النجاسات سوى الخمر.

وأما الغائط فنجس؛ بدليل الإجماع، ولا فرق بين غائط الصغير والكبير.

وكذلك الأرواث من كل حيوان، حتى السمك والجراد والذباب وذرق الطيور كلها نجسة؛ لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين، والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة، فأتيته بها؛ فأخذ الحجرين، وألقى الروثة وقال: "هَذَا رِكْسٌ"([261])، ولأنه خارج من الدبر أحالته الطبيعة فكان نجسا كالغائط

وأما المذي والودي: فنجسان؛ بالإجماع، ولقوله لعلي رضي الله عنه وقد سأله عن المذي: "إِذَا رَأَيْتَ الْمَذْىَ؛ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ"([262])، ولأنهما خارجان من سبيل الحدث.

11) القيء، ولو كان من رضيع ولو لم يتغير([263]).

12) الإنفحة([264])، إن أخذت من السخلة([265])، بعد موتها أو بعد ذبحها، وقد أكلت غير اللبن.

أما إن أخذت من سخلة ذبحت قبل أن تأكل غير اللبن فطاهرة.

13) دخان النجاسة إذا أحرقت.

تعقيب:

الأصل في الأشياء الطهارة، ولا يحكم بنجاسة شيء إلا بعد التحقيق.

مثال ذلك: أن يشاع عن دهن من دهون البدن مثلاً، أو مأكول يجتلب من بلاد أخرى؛ بأن فيه نجاسة؛ كشحوم الخنزير، وعظامه، أو الكحول: فلا يحكم بنجاسة الدهن والمأكول ونحوهما إلا بعد التحقيق.

ما يطهر من النجاسات بالاستحالة:

1 - الخمرة مع إنائها؛ إذا أصبحت خلاً بنفسها طهرت، وكذا لو تخللت بنقلها من الشمس إلى الظل، ومن الظل إلى الشم؛ بشرط ألا يطرح بها شيء.

2 - جلود الميتة تطهر بالدباغة - إلا جلد الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما -.

ثم يجوز بعد الدباغة: الانتفاع بها في شتى أنواع الانتفاع؛ لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ([266]) فَقَدْ طَهُرَ"([267]).

وعنه قال: تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هَلاَّ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟"، فقالوا: إنها ميتة فقال: "إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا"([268]).

ويحصل الدباغ، بكل ما يُنَشِّف فضول الجلد، وينظفها، ويستخرجها من باطن الجلد، وينظفه، ويحفظه، من أن يسرع إليه الفساد.

3 - دم الظبية يطهر باستحالته مسكاً.

التنجس بالنجاسة:

إذا اتصل النجس أو المتنجس بالطاهر؛ نُظِر:

فإن كانا جافين: فلا تؤثر النجاسة بالطاهر، بناء على أن الجاف طاهر بلا خلاف.

وإن كان أحدهما أو كلاهما رطباً: تنجس الطاهر بالآخر.

تطهير ما تنجس بشيء من النجاسات:

إن ما تصيبه النجاسة، إما أن يكون ماء، أو مائعاً سوى الماء، أو جامداً.

فالأول: وهو الماء، وهو إما أن يكون أقل من قلتين، أو قلتين فأكثر.

فإذا كان الماء المتنجس أقل من قلتين فتطهيره يكون: بتكثيره بماء حتى يبلغ القلتين بدون تغير، في أي من أوصافه الثلاثة: الطعم، واللون، والريح، وسواء كان الماء المضاف طاهراً، أو متنجساً، أو مستعملاً. فإذا فرقت القلتان بعد فهما على طهوريتهما.

أما لو كوثر بمائع آخر غير الماء متنجسٍ، أو طاهر؛ فبلغ القلتين، ولا تغير فيه: فالجميع متنجس.

وإذا كان الماء كثيراً، أي أكثر من قلتين، وتنجس بسبب تغير أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة: طَهُر إذا زال تغيره، ويزول التغير بأحد الأمور الثلاثة:

1 - بأن يزول بنفسه فيذهب اللون، أو الطعم، أو الريح؛ بطلوع الشمس، أو هبوب الريح، أو مرور الزمان.

2 - بأخذ بعضه بشرط أن يكون الباقي بعد الأخذ قلتين فأكثر؛ فإن بقي دونهما: لم يطهر بلا خلاف.

3 - إضافة ماء آخر إليه، سواء كان الماء المضاف طاهراً، أو متنجساً، أو قليلاً، أو كثيراً، وسواء صُبَّ عليه الماء، أو نبع عليه.

والثاني: وهو المائع سوى الماء؛ كالزيت، والخل: فلا يطهر أبداً، مهما كان كثيراً([269])، ولو زالت عين النجاسة([270]).

 فإذا كان الزيت أو السمن أو غيره من الدهون جامداً: فلا يطهر بالغسل، ولا بغيره بل تلقى النجاسة، وما اتصل بها، ويستعمل الباقي.

فإذا كانت النجاسة مخالطة للدهن: لم يطهر؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِى السَّمْنِ؛ فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلاَ تَقْرَبُوهُ"([271]).

والثالث: وهو الجامد فتطهيره يكون بحسب نوع النجاسة التي أصابته:

1 - تطهير ما تنجس بنجاسة مغلظة: إذا تنجس شيء بملاقاة كلب، أو خنزير، أو فروعهما، أو بملاقاة أسآرهما([272]): فلا يطهر إلا بغسله سبع مرات، مع مزج ماء إحداهن بالتراب، ولا يكفي الذر على المحل، ويندب أن يكون في الأولى، أو الثانية، ولا يقوم مقام الترابِ الصابونُ ولا ولا غيره من المنظفات؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه في سؤر الكلب: "طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ"([273]).

وأما الدليل على أن الخنزير كذلك، يجب فيه سبعٌ قطعاً، مع التراب، فقد قال فقهاء الشافعية: إن الخنزير أسوأ حالا من الكلب فهو باعتبار العدد أولى([274]).

2 - تطهير ما تنجس بنجاسة مخففة: ينضح([275]) بالماء فيطهر؛ لحديث أم قيس بنت محصن رضي الله عنها أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها، لم يأكل الطعام، فوضعته في حجره، فبال، قال عبيد الله: فلم يزد على أن نضح بالماء([276])، ولحديث أبي السمح خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلاَمِ"([277]).

3 - تطهير ما تنجس بنجاسة متوسطة: وهي تقسم إلى عينية وحكمية.

والنجاسة العينية: هي التي لها جرم، أو لون، أو ريح، أو طعم، ولا يطهر ما تنجس بنجاسة عينية إلا بزوال عين النجاسة، ولا يضر بقاء اللون، أو الريح، إذا عسر زوال أحدهما.

وضابط العسر أن يغسل ثلاث مرات مع الفرك، ثم يبقى أثر اللون، أو أثر الريح.

أما إذا بقيا معاً: فلا يطهر، لكن يعفى عنهما إن تعذر زوالهما.

وضابط التعذر ألا يزول إلا بالقطع.

أما النجاسة الحكمية: فهي التي لا لون لها، ولا طعم، ولا ريح، ولا حجم؛ كبولٍ جَفَّ، ولم تدرك له صفة: ويطهر المحل منها بسيلان الماء عليه، ولو من غير فعل فاعل؛ كالمطر مثلاً، فالمهم ورود الماء ولو قليلاً، أي: صبه على النجاسة.

والغسالة([278]) القليلة طاهرة غير مطهرة إذا لم تتغير.

والغسل من سائر النجاسات - سوى المغلظة – مرة.

ومعنى المرة أن تزول عين النجاسة ولو تعددت المرة.

والسنة الثلاث: يعني ثانية وثالثة بعد تتميم الأولى بإزالة عينها.

ولا يشترط العصر للطهارة.

 

 

الحيض والنفاس والاستحاضة

الحيض

التعريف

الحيض في اللغة: السيلان يقال: حاض الوادي، إذا سال ماؤه.

واصطلاحاً: دم جِبِلَّة (غير مَرَضِي) يخرج من أقصى رحم المرأة، بعد بلوغها، في أوقات معتادة، من غير سبب الولادة، لونه أسود محتدم (حار؛ كأنه محترق ضارب إلى سواد) لذاع (مؤلم موجع).

والأصل فيه قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، وما روت عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيض: "إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ"([279]).

سن الحيض:

يختلف زمن بدء الحيض تبعاً لحالة الطقس في البلاد، ما بين حارة ومعتدلة وباردة.

أقل زمن تحيض فيه المرأة تسع سنوات (وهذا يناسب البلدان الحارة) قمرية (السنة القمرية 354 يوماً).

فلو رأته قبل تمام التسع بزمن يضيق عن حيض وطهر فهو حيض؛ وإلا فهو دم فساد ينقض الوضوء ولا تتعلق به أحكام الحيض.

ويختلف زمن انتهاء الحيض تبعاً لاختلاف النساء في حملهن للبويضات دخل الجسم، وقد نص الشافعية على أنه لا حَدَّ لأكثر الحيض؛ إذ يمكن أن تمكث المرأة فيه إلى حلول الموت.

على أن الغالب انقطاع الحيض بعد اثنتين وستين سنة.

مدة الحيض:

أقل الحيض يوم وليلة على الاتصال المعتاد في الحيض.

وبناء عليه فما تراه الآيسة([280]) من دم متفرق، خلال الخمسة عشر يوماً، إن لم يبلغ مجموعه سيلان دم يوم وليلة يعتبر استحاضة.

وأكثره خمسة عشر يوماً مع لياليها.

فإن زاد على ذلك فهي مستحاضة.

أما غالب الحيض فهو ستة، أو سبعة أيام بلياليها.

أرقام بحث الحيض والنفاس تعتمد الاستقراء؛ فما لم يوجد له ضابط في الشرع ولا في اللغة: يُرْجَع فيه إلى العرف العام.

مدة الطهر:

أقل الطهر بين حيضتين خمسة عشر يوماً بلياليها.

ولا حَدَّ لأكثره فقد تمكث المرأة دهراً بلا حيض.

أما مدة الطهر بين حيض ونفاس: فليس لها حد؛ فلو انقطع نفاسها يوماً ثم رأت الدم: فإنه قد يكون دم حيض.

أما غالب الطهر فيعتبر بغالب الحيض؛ فإن كان الحيض ستة أيام مثلاً: كان الطهر أربعة وعشرين يوماً.

أما الصفرة والكدرة فهما من الحيض ما كانتا أيام الحيض، قبل رؤية القصة البيضاء سواء كانت مبتدأة([281])، أو معتادة خالف عادتها، أو واقعها.

فإذا رأت الصفرة والكدرة بعد أيام الحيض لم تعتبر من الحيض؛ لما روت أم عطية رضي الله عنها قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً([282]).

النفاس

تعريفه:

لغة: الولادة.

واصطلاحاً: هو الدم الخارج عقب الولادة.

ومثل الولادة: إلقاء العلقة، أو المضغة؛ فالدم الخارج عقب ذلك نفاس.

وعليه فإن الإسقاط الحاصل قبل مرور أربعين يوماً على الإلقاح: لا يعتبر ولادة، والدم الذي تراه بعده تجري عليه أحكام الحيض.

مدة النفاس:

أقل النفاس لحظة.

وغالب النفاس أربعون يوماً.

وأكثره ستون.

ما يحرم بالحيض والنفاس:

1 - تحرم على الحائض والنفساء الصلاة؛ فرضاً، أو نفلاً، وصلاة الجنازة، وسجدة الشكر، والتلاوة. روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء: "أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ، وَلَمْ تَصُمْ"([283]).

3 - الصوم فرضاً أو نفلاً للحديث المتقدم.

4 - قراءة القرآن، أي: التلفظ به؛ بحيث تسمع نفسها إذا كانت معتدلة السمع؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلاَ الْجُنُبُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ"([284]).

ولا مانع إذا أجرت القرآن على قلبها، أو نظرت في المصحف، أو حركت لسانها وهمست همساً؛ بحيث لا تسمع نفسها: فكل ذلك لا يحرم؛ لأنه لا يسمى قراءة.

أما إن قصدت الذكر، أو أطلقت - أي لم تنو شيئاً - فلا حرمة؛ لأنه لا يسمى قرآناً لوجود الصارف (أي الحيض أو النفاس).

أما في حال عدم وجود الصارف: فمجرد القراءة يسمى قرآناً، ولو لم يقصد.

5 - مس المصحف([285]) بأي جزء من البدن؛ لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}، ولو كان المس بحائل، ومس ثوبه، وصندوقه، وكرسيه وهو عليه، وجلده المتصل به، أو المنفصل عنه؛ ما لم تنقطع نسبته إليه؛ كأن يجعل جلداً لكتاب آخر.

ويحرم حمل المصحف ولو ضمن أمتعة إن قصد حمله هو فقط.

أما إن قصد حمل المتاع أو قصد حمله والمتاع: فلا حرمة.

ولا حرمة في حمل تفسيره الذي مزجت فيه آياته بتفسيرها، وكان التفسير أكثر منه.

أما التفاسير التي فصلت فيها الآيات الكريمة عن التفسير فلا يجوز مسها وحملها إلا على طهارة.

أما إن خافت إحداهما (الحائض والنفساء) على المصحف من حريق، أو نجاسة، فلها أن تحمله، بل يجب.

6 - يحرم اللبث في المسجد، والتردد فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم فيما روته عنه عائشة رضي الله عنها: "فَإِنِّي لاَ أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلاَ جُنُبٍ"([286]).

أما العبور لأخذ شيء أو للوصول إلى جانب آخر من الطريق، أو غير ذلك: فجائز؛ لقوله تعالى: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43]، على أن تستوثق من نفسها، وتأمن التلويث وإلا حرم.

أما عبورها المسجد بلا حاجة: فمكروه؛ ولو أمنت التلويث.

7 – الطواف؛ لأنه بمنزلة الصلاة، إلا أن الله أحل فيه النطق بخير.

وسواء كان الطواف فرضاً؛ كطواف الإفاضة، أو واجباً؛ كطواف الوداع، أو نفلاً؛ كطواف القدوم؛ لما روت عائشة رضي الله عنها من قوله صلى الله عليه وسلم لها لما حاضت في الحج: " فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي"([287]).

8 – الوطء؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَتَى حَائِضًا، أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ"([288]).

ويحرم ذلك قبل انقطاع الدم، وكذا بعد انقطاع الدم وقبل الغسل.

أما بعد الغسل فله أن يطأها من غير كراهة إن لم تخف عودة الدم؛ وإلا استحب له تجنب الوطء احتياطاً.

قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].

9 - يحرم الاستمتاع - التمتع والتلذذ - فيما بين السرة والركبة بوطء، أو غيره؛ لقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، ولما روي عن حرام بن حكيم عن عمه، أنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: "لَكَ مَا فَوْقَ الإِزَارِ"([289])، ولأن الاستمتاع ولو بلا شهوة قد يدعو إلى الجماع، فمن يرعى حول الحمى يوشك أن يخالط الحمى؛ لذا حرم.

فما سوى ما بين السرة والركبة مباشرتها فيه حلال، بإجماع المسلمين، روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضاً، فأراد الرسول أن يباشرها([290])، أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها. قالت: وأيكم يملك إربه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه([291]).

وقيل: لا يحرم إلا الوطء، لما روى أنس رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اصْنَعُوا كُلَّ شَىْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ"([292]).

ويجب على الحائض والنفساء بعد النقاء: قضاء الصوم، دون الصلاة؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان يصيبنا ذلك - تعني الحيض - فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة([293]). والعلة في عدم قضاء الصلاة أنها تكثر فيشق قضاؤها.

الاستحاضة

تعريفها:

لغة: السيلان.

وشرعا: دمُ عِلَّةٍ خارجٌ؛ فيُغَيِّرُ وقتَ الحيض والنفاس.

أحكامها:

الاستحاضة لا تمنع من الصوم، والصلاة، والوطء، وغيرها مما يَمنع الحيضُ والنفاس؛ لأنها حدث دائم.

عن عكرمة قال: كانت أم حبيبة تستحاض فكان زوجها يغشاها([294]).

بل وتباح لها الصلاة التي هي أعظم؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أُسْتَحاض؛ فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟، فقال: "لَا، إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ؛ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، وَصَلِّي"([295]).

ودم الحيض يتميز عن دم الاستحاضة؛ بلونه، وريحه، ولُزُوجَتِه؛ لما روي عن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها أنها كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِى عَنِ الصَّلاَةِ فَإِذَا كَانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِى وَصَلِّى"([296]).

فإذا غلب على ظنها أنها طهرت: اغتسلت، وتوضأت بعد دخول الوقت من كل صلاة؛ تصلي بالوضوء الواحد فريضة واحدة، وما شاءت من النوافل.

ولو أخرت الصلاة لمصلحة الصلاة؛ كستر العورة، وانتظار جماعة، وعطر وزينة للصلاة: لم يضر ذلك؛ لأنها لا تعد بذلك مقصرة.

أما إن كان التأخير لغير مصلحة الصلاة: فلا يجوز، وعليها إعادة الوضوء.

فإن لم يتميز دم حيضها عن دم استحاضتها: رُدَّت إلى عادتها، إن ذكرت وقتها، وقدرها.

وإن نسيت كل شيء، فهي المتحيرة. وحالتها نادرة الوقوع، فلتبحث مع طبيبتها انتظام  دورتها الشهرية.

 

 

كتاب الصلاة

التعريف بالصلاة:

هي لغة: الدعاء بدليل قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] أي ادع لهم. وسميت الصلاة الشرعية صلاة لاشتمالها عليه.

وشرعاً: أقوال وأفعال؛ مفتتحة بالتكبير المقترن بالنية، مختتمة بالتسليم؛ بشرائط مخصوصة.

والصلوات المكتوبة خمس؛ لحديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للسائل عن الإسلام: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ"، فقال: هل علي غيرهن؟ قال: " لاَ إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ"([297]).

حكم الصلوات الخمس المكتوبة:

هن فرض، ودليل الفرضية قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، أي فرضاً موقتاً بوقت.

وقد أجمعت الأمة على أنهن فرض عين، وعلى أنه لا فرض عين من الصلوات سواهن.

شروط الصلاة:

شروط وجوب الصلاة:

1 - الإسلام: فلا تجب الصلاة على غير المسلم.

2 - البلوغ: فلا تجب الصلاة على الصبي والصبية؛ لما روي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ"([298]).

3 - العقل: فلا تجب على من زال عقله بجنون، أو إغماء، أو مرض، أو سُكْر؛ لحديث علي رضي الله عنه المتقدم: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ"([299]). فنص على المجنون، وقسنا عليه كل من زال عقله؛ بسبب مباح.

ولا قضاء على هؤلاء إذا أفاقوا، ولكن يستحب. هذا إذا لم يوجد منهم تعدٍ.

أما إذا وُجِد التعدي: فقد وجب القضاء؛ لأنه زال عقله بمُحَرَّم، فلم يسقط عنه الفرض.

4 - سلامة حاستين البصر والسمع: فلا تجب على من خُلِق أعمى أصم، ولو كان ناطقاً. وكذا من طرأ له ذلك قبل التمييز؛ بخلاف ما لو طرأ ذلك بعد التمييز؛ لأنه يعرف الواجبات حينئذ، فإذا رُدَّت إليه حواسه: لم يجب عليه القضاء.

5 - النقاء من الحيض والنفاس: فلا تجب على حائض أو نفساء، ولا قضاء عليهما، ولا يندب، لكن يصح وينعقد نفلاً.

حكم تارك الصلاة:

تارك الصلاة إما أن يتركها جاحداً بها، أو غير جاحد.

فمن جحد وجوبها كفر؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاَةِ"([300]).

وأما من ترك الصلاة غير جاحد بها فقسمان:

أحدهما: تركها لعذر كنوم ونسيان ونحوهما؛ فعليه القضاء فقط، ووقته موسع ولا إثم عليه.

والثاني: تركها تهاوناً وتكاسلاً؛ فهذا آثم، وإذا أصر على ترك صلاة واحدة فيستتاب في الحال استحباباً فإن لم يفعلها حتى خرج وقتها؛ فيقام عليه الحد، وهذا منوط بالحاكم.

شروط صحة الصلاة

1 - الإسلام:

2 - التمييز: ليعرف كيفية الصلاة، وليميز فرائضها عن سنتها، وكيفية الإتيان بالفرائض على وجهها الصحيح؛ لأن العلم بفرضية الصلاة ومعرفة أعمالها شرط لصحة الصلاة فاشترط التمييز لأجله.

3 - العلم بدخول الوقت: إما بنفسه، أو بإخبار ثقة عن علم، مثل: أذان المؤذن.

4 - الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر بالوضوء والغسل، أو بالتيمم عنهما؛ بدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6]، وحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَلا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ"([301]).

أما فاقد الطهورين - الماء والتراب - فتجب عليه الصلاة على حسب حاله؛ مع وجوب الإعادة.

وإذا كان يرجوا إيجاد أحدهما فيؤخر صلاته وينتظر، إلا إذا ضاق الوقت.

أما إن يئس من وجودهما فيصلي ولو من أول الوقت.

5 - طهارة الثوب والبدن والمكان من الخبث:

ودليل طهارة الثوب قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]، وما روي عن أبو هريرة رضي الله عنه: أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنه ليس لي إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه، فكيف أصنع؟ قال: "إِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِيهِ، ثُمَّ صَلِّى فِيهِ" فقالت: فإن لم يخرج الدم؟ قال: "يَكْفِيكِ غَسْلُ الدَّمِ، وَلاَ يَضُرُّكِ أَثَرُهُ"([302]).

ودليل طهارة البدن حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا، إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ؛ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، وَصَلِّي"([303]). ولحديث المعذبين في القبر.

 ودليل طهارة المكان حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "دَعُوهُ، وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا([304]) مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا([305]) مِنْ مَاءٍ؛ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ"([306]).

وإذا صلى المرء وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة دون أن يعلمها، أو علمها ثم نسيها: لم تصح صلاته، وعليه إعادة الصلاة إذا تذكر ذلك.

ويعيد كل صلاة تيقن فعلها مع النجاسة.

ولو سلم من صلاته ثم رأى عليه نجاسة يجوز أنها كانت في الصلاة، ويجوز أنها حدثت بعدها: فصلاته صحيحة، وتستحب إعادتها.

ومن رأى في ثوب المصلي أو بدنه أو المكان الذي يصلي فيه نجساً يجهله: وجب عليه إعلامه.

ومن تنجس بعض بدنه، أو ثوبه، وجهل موضع النجاسة: وجب عليه غسل جميعه دون أن يجتهد.

وإن كان على ثوبه نجاسة غير معفو عنها، ولم يجد ماء يغسلها به: صلى عرياناَ، ولا يعيد؛ لأن الصلاة مع العري يسقط بها الفرض، ومع النجاسة لا يسقط.

فإن اضطر إلى لبسه لِحَرٍّ، أو برد، أو غيرهما: صلى فيه، وأعاد، إذا قدر؛ لأنه صلى بنجس نادر، فلا يسقط معه الفرض.

إذا كان على بدنه نجاسة غير معفو عنها، ولم يجد ما يغسلها به: صلى، وأعاد؛ لحرمة الوقت، لحديث أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"([307]).

وتجب طهارة الموضع الذي يلامسه المصلي في قيامه، وقعوده، وسجوده؛ ولو ظناً، سواء ما تحته، وما فوقه من سقف، وما بجنبيه من حائط وغيره.

فإن فرش بساطا طاهرا على مكان نجس، وصلى عليه: صحت صلاته.

وإن لاقى بعض بدنه، أو ثوبه: النجاسة في صلاته، سواء على السقف، أو الحائط، أو غيره: لم تصح صلاته؛ إلا أن تكون النجاسة جافة، وفارقها بسرعة، فيعفى.

وإذا كان على البساط، أو الحصير، ونحوهما نجاسة، فصلى على الموضع النجس: لم تصح صلاته.

وإن صلى على موضع طاهر منه: صحت صلاته.

وإن كان عليه ثوب طاهر، وطرفه موضوع على نجاسة؛ كالعمامة على رأسه، وطرفها على أرض نجسة: لم تجز صلاته؛ لأنه حامل لما هو متصل بنجاسة.

ومن النجاسة: الوشم؛ فيجب عليه نزعه، إن أمن الضرر، وإلا فلا.

ويعفى عن ذرق الطير في الأماكن لمشقة الاحتراز منه ولكن بقيود ثلاثة:

1) أن يشق الاحتراز منه؛ بحيث لو كُلِّف العدول عن المكان إلى غيره لشق عليه.

2) ألا يتعمد الوقوف عليه.

3) جفاف الذرق وأعضاء المصلي.

ويعفى عن قليل وسخ البراغيث، والقمل، والبعوض، والبق، والذباب، وسلس البول، ودم الاستحاضة، وماء القروح، والنفطات([308]).

أما دم البثرات، والدماميل، والقيح، والصديد، وموضع الحجامة، والفصد؛ فحاصل المسائل فيها بالنظر إلى العفو وعدمه، أنها ثلاثة أقسام:

1) ما لا يعفى عنه مطلقاً (قليلاً كان أو كثيراً) وهو المغلظ (الكلب والخنزير) وما تعدى بتضمخه([309]).

2) ما يعفى عن قليله دون كثيره، كدم أو قيح أصابه من غيره، إذا لم يكن من مغلظ (الكلب والخنزير)، ولم يتعد بتضمخه.

3) الدم والقيح غير الأجنبيين؛ كدم الدمامل، والقروح، والبثرات، وموضع الفصد، والحجامة بعد سده بنحو قطنة؛ فيعفى عن كثيره، كما يعفى عن قليله.

6 - سترة العورة:

العورة لغة: مأخوذة من العور، وهو النقص والقبح والعيب، وسميت كذلك؛ لقبح منظرها، ولغض الأبصار عنها.

وشرعاً: ما يجب سترهن وتطلق على ما يحرم النظر إليه.

وستر العورة في الصلاة شرط لصحتها، بالإجماع؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ حَائِضٍ إِلا بِخِمَارٍ"([310]). والمراد من الحائض في الحديث البالغة.

وعن بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احْفَظْ عَوْرَتَكَ؛ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ"، قال: قلت يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض قال: "إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ فَلاَ يَرَاهَا"، قلت يا رسول الله إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: "اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَى مِنَ النَّاسِ"([311]).

وفيما يلي بيان حد العورة في الصلاة:

 أما عورة الرجل فما بين السرة والركبة، وهما ليستا منها؛ لحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا فَوْقَ الرُّكْبَتَيْنِ مِنَ الْعَوْرَةِ ، وَمَا أَسْفَلَ مِنَ السُّرَّةِ مِنَ الْعَوْرَةِ"([312]).

ولكن لا بد من ستر جزء منهما، ليتحقق ستر الجزء المجاور لهما من العورة؛ لأن ما لا يتحقق الواجب إلا به فهو واجب.

أما عورة المرأة في الصلاة: فجميع بدنها، عدا الوجه والكفين؛ ظهراً، وبطناً، إلى الكوعين([313])؛ لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].

ويكون الستر بطاهر؛ لا يصف لون البشرة، من ثوب صفيق، أو جلد، أو ورق.

أما ظهور شكلها: فلا يبطل الصلاة؛ وإن كره، فالسراويل الضيقة تحقق الستر إلا أنها مكروهة عند القدرة على استعمال العريضة.

ويسن للمصلي أن يلبس أحسن ثيابه لقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31].

ولا تصح صلاة من انكشفت عورته؛ سواء اتسع المنكشف، أم ضاق وكان أدنى جزء، وسواء في هذا الرجل والمرأة، وسواء المصلي في حضرة الناس، والمصلي في الخلوة، وسواء صلاة النفل والفرض والجنازة والطواف وسجودا التلاوة والشكر.

فلو كشفت الريح الثوب عن شيء من عورة المصلي، رجلاً كان أو امرأة؛ فإن رَدَّه في الحال: لم تبطل صلاته، وإن تأخر بطلت؛ مهما ضاق المكشوف.

7 - استقبال القبلة:

ودليله قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (البقرة: 144، 149، 150]، والمراد بالمسجد الحرام: الكعبة نفسها، وبالشطر الجهة.

ويقصد باستقبال القبلة: استقبال عين الكعبة لمن كان قريباً منها.

أما من كان بعيدا غير قادر على المشاهدة ولو كان بمكة، ففرضه أن يصيب باستقباله جهة الكعبة بالاجتهاد.

وعلى البعيد عنها أن يتجه إليها عن علم، حتى الأعمى إذا دخل المسجد: فعليه أن يتعرف جهة القبلة بملامسته للمحراب، وإلا اعتمد خبر ثقة عن علم.

وإذا جهل المصلي جهة القبلة اجتهد بالدلائل:

مثل نجم القطب والشمس والقمر.

فإن لم تتوفر في الشخص القدرة على الاجتهاد؛ قَلَّد مجتهداً.

وإن تَحَيَّر وصلى، بغير اجتهاد؛ لحرمة الوقت لزمته الإعادة.

ويجتهد لمعرفة القبلة في كل فرض.

وإذا تيقن المصلي خطأ اتجاهه وهو في الصلاة أو بعدها استأنفها (الاستئناف: الابتداء).

أما إذا تغير اجتهاده بعد الصلاة؛ فإنه يعمل باجتهاده الجديد في المستقبل، ولا يقضي الفرض الذي صلاه على اجتهاده الأول.

وإذا تغير اجتهاده وهو في الصلاة استدار وبنى (أكمل وأتم) على ما صلى.

ويجوز ترك استقبال القبلة في حالتين:

 آ - في صلاة شدة الخوف؛ سواء كانت الصلاة فرضاً، أم نفلاً، ولا إعادة عليه.

 ب - في النافلة في السفر المباح على راحلة سائرة، ويدخل في حكم الراحلة: السيارة، والسفينة، والطائرة، وأي مركوب من المركوبات الحديثة، إذا كانت ضيقة؛ بحيث لم يستطع الإنسان استقبال القبلة.

وأما إن كانت واسعة واستطاع استقبال القبلة؛ فلا يجوز تركه.

ودليل جواز ترك استقبال القبلة حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته نحو المشرق، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل القبلة([314]).

ولا يشترط لراكب الراحلة أن يضع جبهته على مستوٍ في السجود، وإنما يكفي أن يومئ بركوعه وسجوده، ويكون سجوده أخفض من ركوعه.

أما إذا كان المركوب واسعا بحيث يمكنه إتمام الركوع والسجود فيتمهما.

مواقيت الصلاة:

المواقيت جمع ميقات، والمراد به: الوقت الذي عَيَّنه الله لأداء هذه العبادة، وهو القدر المحدد للفعل من الزمان.

والأصل في مواقيت الصلاة قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)} [ق].

فأراد بالأول: الصبح، وبالثاني: الظهر والعصر، وبالثالث: المغرب والعشاء.

وقد جاء تحديد مواقيت الصلوات الخمس في أحاديث منها:

ما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَمَّنِي جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء([315]) مثل الشراك([316])، ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم، وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلي جبريل فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين الوقتين"([317]).

صلاة الظهر:

بدأ الله تعالى بصلاة الظهر، إذ قال عز من قائل: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]، أي زوالها.

وأول وقت الظهر: كما يتبين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، هو زوال الشمس، أي ميلها عن وسط السماء. ويعرف ذلك بتحول الظل إلى جهة المشرق بعد أن يتناهى قصره وقت استواء([318]) الشمس.

وآخر وقت الظهر: إذا صار ظل كل شيء مثله مضافا إليه ظل الاستواء.

تقسيم أوقات الظهر من حيث المثوبة:

1 - وقت فضيلة([319]): وهو أول الوقت، بحيث يسع الاشتغال بأسباب الصلاة، وما يطلب فيها ولأجلها؛ من وضوء، أو غسل، أو ستر عورة، وتَجَمُّل، وإزالة نجاسة، ويسع الصلاة؛ فرضها، ونفلها مؤكداً أو غير مؤكد.

والمراد بالفضيلة: الثواب الزائد على ما يحصل بفعلها بعد هذا الوقت.

ودليل فضيلة هذا الوقت ما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا"([320]).

2 - وقت اختيار: وهو يبدأ مع وقت الفضيلة إلى أن يبقى من الوقت ما يسع الصلاة.

3 - وقت جواز بلا كراهة: يبدأ أيضا مع وقت الفضيلة إلى أن يبقى من الوقت ما يسع الصلاة.

4 - وقت حرمة:

 وهو الوقت الذي يحرم تأخير الصلاة إليه، وهو آخر الوقت بحيث يبقى منه ما لا يسع الصلاة؛ فتأخيرها إلى هذا الوقت حرام، إلا أنها واجبة الأداء في وقتها، ويحرم ترك أدائها فيه.

5 - وقت ضرورة: وهو آخر الوقت إذا زالت الموانع، والباقي من الوقت، قدر التكبيرة فأكثر.

6 - وقت عذر: وهو وقت العصر لمن يجمع الظهر جمع تأخير.

7 - وقد زاد بعضهم وقت إدراك، وهو الوقت الذي طرأت الموانع بعده، بحيث مضى من الوقت مدة أقلها ما يسع الصلاة فقط للسليم، أو ما يسع الصلاة وطهرها إن كان دائم الحدث، ولم يُصَلِّ، أي: تحققت بذمته، وعليه قضاؤها بعد زوال المانع.

صلاة العصر:

وأول وقتها: عندما يصبح ظل الشيء مثله، مضافاً إليه ظل الاستواء.

 وآخره: غروب الشمس بجميع قرصها.

 تقسيم أوقات العصر من حيث المثوبة:

1 - وقت فضيلة.

2 - وقت اختيار: ويبدأ مع وقت الفضيلة ويستمر إلى أن يصبح ظل الشيء مثليه، بالإضافة إلى ظل الاستواء.

3 - وقت جواز بلا كراهة: يبدأ مع وقت الفضيلة، وينتهي باصفرار الشمس.

4 - وقت جواز مع الكراهة: يبدأ من اصفرار الشمس إلى أن يبقى من الوقت ما يسع الصلاة.

ودليل الكراهة حديث أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا"([321]).

5 - وقت حرمة: وهو آخر الوقت بحيث يبقى منه ما لا يسع الصلاة

6 - وقت عذر: وهو وقت الظهر لمن يجمعها جمع تقديم مع الظهر.

7 - وقت ضرورة: وهو وقت زوال المانع بحيث يبقى من الوقت ما يسع تكبيرة فأكثر، فتجب هي والظهر إن فاتته كذلك، لأن وقت العصر هو وقت للظهر، ووقت العشاء وقت للمغرب في حق أهل العذر.

فلو طهرت من الحيض أو النفاس قبل أن يخرج وقت العصر، ولو بقدر يتسع لتكبيرة فأكثر: لزمتها هي وما قبلها. فإن لم يتسع الوقت لأداء فرض الوقت صلته قضاء، ولا إثم في التأخير.

8 - وقت إدراك.

صلاة المغرب:

لها وقت واحد، وهو مقدار ما يسع التطهير، وستر العورة، والأذان، والإقامة، وصلاة خمس ركعات؛ لأن جبريل عليه السلام أَمَّ النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة المغرب في هذا الوقت.

لكن المعتمد وهو أن وقت المغرب يمتد إلى أن يغيب الشفق الأحمر؛ يؤيد ذلك أحاديث كثيرة منها: حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ"([322]).

وفي رواية: "وَوَقْتُ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مَا لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَقُ"([323]).

وفي رواية: "وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ"([324]). وثور الشفق: ثورانه وانتشاره.

تقسيم أوقات المغرب من حيث المثوبة:

1 - وقت فضيلة.

2 - وقت اختيار.

3 - وقت جواز بلا كراهة، وهذه كلها تدخل معاً من الغروب، وتنتهي معاً، عندما يمر من الوقت ما يسع الصلاة والاشتغال بأسبابها.

4 - وقت جواز مع الكراهة: يبدأ من انتهاء الأوقات الثلاثة السابقة ويمتد إلى أن يبقى من الوقت ما يسعها.

5 - وقت حرمة.

6 - وقت عذر: وهو وقت العشاء إذا جمعت معه.

7 - وقت ضرورة.

8 - وقت إدراك.

صلاة العشاء:

وأول وقتها: عقب غيبوبة الشفق الأحمر؛ لحديث ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما المتقدم وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: "وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ"([325]).

وآخره: طلوع الفجر الصادق.

تقسيم أوقات العشاء من حيث المثوبة:

1 - وقت فضيلة.

2 - وقت اختيار يمتد إلى ثلث الليل.

3 - وقت جواز بلا كراهة: يمتد إلى الفجر الكاذب.

4 - وقت جواز مع الكراهة: من الفجر الكاذب إلى أن يبقى من الوقت ما يسعها.

5 - وقت حرمة.

6 - وقت ضرورة.

7 - وقت عذر: وهو وقت المغرب إذا جمعت معه.

8 - وقت إدراك.

ويكره النوم قبلها، والسهر بعدها إلا في خير، أو حاجة؛ لما روى أبو برزة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها([326]).

ولئلا يتأخر عن نومه فتفوته صلاة الليل أو صلاة الفجر عن وقتها أو عن أوله.

صلاة الصبح أو الفجر:

الفجر فجران: الفجر الكاذب، وهو الفجر الممتد من الأفق الشرقي صاعداً إلى الأعلى، وسط السماء مستطيلا، بشكل خط، وسط السماء، وتعقبه ظلمة.

وحقيقته نجوم مجتمعة تظهر قبل الفجر الصادق، أو ما يسمى بالمجرة، ولا يتعلق بالفجر الكاذب حكم في صلاة أو صيام.

والفجر الثاني هو الفجر الصادق، سمي كذلك؛ لدلالته على وجود النهار، ويكون نوره مستطيراً منتشراً عرضاً في الأفق الشرقي، والأحكام الشرعية كلها متعلقة بهذا الفجر.

ومما يستدل به للفجرين من الحديث: ما روى سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق"([327]).

وأول وقت الصبح: عقب طلوع الفجر الثاني.

وآخره: طلوع الشمس، ولو حاجبها؛ لما روى عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ"([328]).

ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح"([329]).

وطلوعها كطلوع بعضها بخلاف الغروب.

تقسيم أوقات الصبح من حيث المثوبة:

1 - وقت فضيلة.

2 - وقت اختيار: يستمر إلى الإسفار (ظهور ضوء الصبح).

3 - وقت جواز بلا كراهة: يستمر إلى ظهور الحمرة قبل الشمس.

4 - وقت جواز مع الكراهة: يستمر إلى قرب طلوع الشمس بحيث يبقى من الوقت ما يسع الصلاة.

5 - وقت حرمة: عندما يبقى من الوقت ما لا يسعها.

فضلاً عن وقتي الضرورة والإدراك.

متى تجب الصلاة:

تجب الصلاة في أول الوقت وجوباً موسعاً مستقراً بإمكان فعلها؛ لقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]، فهذا الأمر بإقامة الصلاة تناوله أول الوقت فاقتضى الوجوب فيه ومثله قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: "صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا"([330]). أي لأول وقتها.

لكن هذا الوجوب موسع مستقر بإمكان فعلها.

ومعنى الوجوب الموسع أنه يجوز تأخيرها حتى يبقى من الوقت ما يسعها؛ لأنها تجوز في عموم الأوقات، فكان كل وقت لجوازها وقتا لوجوبها.

فإن دخل وقتها كان المكلف بين أمرين: الصلاة، أو العزم عليها وجوباً، فإن لم يصل، ولم يعزم: أثم، ولو عزم، ولم يفعل، ومات مع اتساع الوقت: لا يموت عاصياً؛ لأنه مأذون له بالتأخير، ولها وقت محدود.

على أن لأدائها في أول الوقت فضلاً عظيماً؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا"([331]).

وإذا كان أمام المصلي من الوقت ما يسع الواجبات والسنن حين البدء بالصلاة: جاز له تطويل القراءة، وإن خرج الوقت قبل أن يتم الصلاة. روى أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه صلى بالناس الصبح فقرأ بسورة البقرة. فقال له عمر: كادت الشمس أن تطلع فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين([332]).

ومع ذلك فالأولى ترك التطويل بحيث يخرج الوقت.

وفي الحالة السابقة إن أدرك ركعة (تنتهي الركعة بالجلوس بعد السجدة الثانية) في الوقت وقعت الصلاة أداء؛ وإلا فقضاء لا إثم فيه.

وإن شرع في الصلاة والباقي من الوقت ما يسع الواجبات فقط فالأفضل أن يأتي بالسنن أي يقصر القراءة، ويأتي بكل من الواجبات والسنن.

وإن شرع فيها والباقي من الوقت لا يسع الواجبات فيجب عليه عندئذ الاقتصار على الفرائض.

ومن أدرك ركعة في الوقت فالكل أداء مع الإثم، أو دونها فقضاء مع الإثم، للتأخير؛ لحديث أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ"([333]).

واختصت الركعة بذلك لاشتمالها على معظم أفعال الصلاة إذ معظم الباقي تكرار لها.

ولا عذر في تأخير الصلاة بحيث يخرج وقتها إلا لنائم، أو ناس، أو مؤخراً عمداً من أجل الجمع في السفر؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِيمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا"([334]).

ويستحب إيقاظ النائم للصلاة لا سيما إن ضاق وقتها؛ لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]، ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته من الليل كلها وأنا معترضة بينه وبين القبلة فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت([335]).

حالات يسن فيها تأخير الصلاة استثناء من وفضيلة أول الوقت:

1 - يسن التأخير عن أول الوقت للإبراد([336]) بالظهر (دون الجمعة) في شدة الحر بالبلد الحار، لمن يمضي إلى جماعة بعيدة، وليس في طريقه كن([337]) يظله؛ لما روى أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ"([338]).

2 - لمن تيقن الستر آخر الوقت.

3 - لمن تيقن الجماعة آخر الوقت أو ظنها ولم يفحش التأخير.

4 - في يوم غيم حتى يتيقن الوقت إلا أن يخاف الفوات.

5 - لمن يدافع الحدث.

6 - لمن حضره طعام وتاق إليه لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلاَ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ"([339]).

7 - للمتيمم الذي تيقن وجود الماء في آخر الوقت.

8 - للمريض الذي لا يقدر على القيام أول الوقت ويعلم قدرته عليه آخره بالعادة.

قضاء الفائتة ووقته:

من وجبت عليه الصلاة فلم يصلي حتى فات وقتها: لزمه قضاؤها؛ لحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي)"([340]).

ثم:

1 - إذا كانت الفائتة لعذر (نوم أو نسيان) كان قضاؤها على التراخي؛ لحديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، وإنا أسرينا حتى كنا في آخر الليل، ووقعنا وقعة، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها فما أيقظنا إلا حر الشمس ... حتى استيقظ بصوته النبي صلى الله عليه وسلم، فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، قال: "لَا ضَيْرَ ـ أَوْ لَا يَضِيرُ ـ ارْتَحِلُوا"، فارتحل فسار غير بعيد ثم نزل، فدعا بالوضوء، فتوضأ، ونودي بالصلاة فصلى بالناس([341]).

فلو كانت على الفور لما أخرها صلى الله عليه وسلم حتى خرج من الوادي.

ويستحب قضاؤها على الفور قبل الحاضرة، ولو فاتت الجماعة ما لم يخف فوات الحاضرة.

2 - إذا كانت الفائتة بغير عذر؛ كأن أخرها تكاسلاً وتشاغلاً، حتى فات وقتها: فيجب في هذه الحال القضاء الفوري، وقبل الحاضرة؛ لأنه مفرط في التأخير، وأن يستغرق كل وقته في القضاء في حال كثرة الفوائت، إلا وقت أكله، ونومه، وكسبه، ويصلي الحاضرة عندما يبقى من الوقت ما يسعها.

ويندب ترتيب الفوائت؛ بحيث يبدأ بالصبح وينتهي بالعشاء، إذا كان عليه فوائت متعددة.

والسبب في التشديد على قضاء الفائتة قبل الحاضرة وقبل النوافل أن الإثم يزداد بازدياد الزمن المار على الفائتة من وقت فواتها.

وإن نسي صلاة ولم يعرف عينها: لزمه أن يصلي خمس صلوات.

وتجوز صلاة الفائتة في الأوقات المحرمة التالي بيانها إلا إن تعمد ذلك فلا يجوز.

الأوقات التي يحرم فيها الصلاة النافلة:

خمسة أوقات تَحْرُم فيها صلاة النافلة، التي لا سبب لها، أو لها سبب متأخر، ولا تنعقد.

أما التي لها سبب متقدم أو مقارن فلا تكره.

وكذا الصلاة في الحرم([342]) تجوز في أي وقت، سواء كان لها سبب أم لا؛ لما رواه جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ، لاَ تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ، وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ، مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ"([343]).

وهذه الأوقات منها وقتان يتعلقان بالفعل، وثلاثة تتعلق بالزمن.

فالأوقات المحرمة حرمة متعلقة بالفعل هي:

1 - بعد صلاة الصبح، ويستمر إلى أن تطلع الشمس؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لاَ صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ"([344]).

2 - بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس؛ ولو صلاها مجموعة مع الظهر جمع تقديم؛ للحديث السابق.

 وأما الأوقات المحرمة حرمة متعلقة بالزمن فهي:

1 - عند طلوع الشمس: وتبدأ الحرمة من بدء طلوع الشمس إلى أن تتكامل وترتفع في السماء قدر رمح في عين الناظر إلى الأفق؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَغِيبَ"([345]).

2 - عند استواء الشمس، وتستمر الحرمة حتى تزول الشمس من وسط السماء إلى جهة المغرب.

ويستثنى من ذلك يوم الجمعة: فلا تحرم الصلاة فيه وقت الاستواء سواء كان حاضراً الجمعة أم لا؛ لما روي عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال: "إِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ إِلاَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ"([346]).

3 - عند الغروب: تبدأ الحرمة باصفرار الشمس، وإن لم يصل العصر بعد، حتى تكامل غروبها؛ بدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم: "وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَغِيبَ"([347]).

وعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب([348]).

كما تحرم الصلاة إذا صعد الخطيب المنبر، ولا تنعقد؛ ولو كانت فرضاً، وذلك على الرجال غير المعذورين عن حضور الجمعة، سواء أكانوا في المسجد، أم خارجه؛ بدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ"([349]). إلا سنة تحية المسجد، إذا لم يخش فوات تكبيرة صلاة الجمعة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال له: "يَا سُلَيْكُ، قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا"([350])، ثم قال: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ؛ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا"([351]).

وهناك وقت يكره فيه النفل، وهو بعد طلوع الفجر إلا ركعتين خفيفتين؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، فَلا صَلاةَ إِلا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ"([352]).

ولما ذكره عبد الله بن عمر عن أخته حفصة رضي الله عنهم أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين([353]).

والحكمة مما سبق: ترك الوقت الكافي لتطويل قراءة الفرض؛ لأنها مشهودة قال تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78].

 وتقسم صلاة النافلة من حيث السبب إلى:

1 - النافلة ذات السبب المتقدم وتضم:

 آ - قضاء النافلة الفائتة، وسبها الوقت الماضي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر ركعتين وقال: "إِنَّهُ أَتَانِى نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالإِسْلاَمِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِى عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَان"([354]).

ولما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ نَسِيَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذلِكَ، (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي)"([355]). ينبني عليه أنه لو ذكرها ولو في وقت محرم فعليه أن يصليها.

ب - سنة الوضوء.

ج - ركعتا القدوم من السفر.

د - سنة تحية المسجد.

ه - سجدة التلاوة.

و - سجدة الشكر.

2 - النافلة ذات السب المقارن: يقصد بذلك مقارنة السبب للصلاة، كما في صلاة الكسوف حيث يستمر الكسوف والمصلي يصلي، وقد يقارن السبب وقت الحرمة، كالكسوف الحاصل في وقت الحرمة.

3 - النافلة ذات السبب المتأخر: وهي ركعتا الإحرام، وركعتا الاستخارة، وركعتا سنة السفر؛ فإن أسبابها متأخرة، وهي الإحرام، والاستخارة، والسفر. وهذه تحرم في الأوقات المحرمة كالصلاة التي لا سبب لها.

 

 

الأذان والإقامة

معنى الأذان معنى الإقامة

تعريف الأذان

لغة: الإعلام. بدليل قوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] أي إعلام من الله ورسوله. وقوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] أي أعلمهم.

شرعاً: ذكر مخصوص يعلم به دخول وقت الصلاة المفروضة.

تعريف الإقامة:

لغة: مصدر أقام.

شرعاً: ذكر مخصوص لاستنهاض الحاضرين للصلاة.

دليلهما:

قوله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 58]، وحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: "إِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ"([356]).

سبب مشروعيتهما وصيغة كل منهما:

أما سبب المشروعية فقد روى عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه قال: لما أَمَر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى. قال: فقال تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال: وتقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلاَلٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ؛ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ"، فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به فسمع ذلك عمر رضي الله عنه وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "فَلِلَّهِ الْحَمْدُ"([357]).

حكم الأذان والإقامة:

هما سنتان مؤكدتان على الكفاية، لأداء الفرائض؛ بحيث يظهر الشعار.

ولا تحصل السنة بالأذان ما لم ينتشر في جميع البلد حتى إذا كانت كبيرة أذن في كل جانب.

وتسن لجماعة النساء، والمنفردة منهن، والخنثى.

والأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس المكتوبة دون ما سواهن.

أما الصلوات النافلة التي تطلب فيها الجماعة، مثل: صلاة العيدين، والتراويح، والوتر في رمضان، والاستسقاء؛ فينادي فيها: الصلاة جامعة.

وفي صلاة الجنازة إذا احتيج للمناداة يقال: الصلاة على من حضر من أموات المسلمين.

ويسن الأذان والإقامة للرجل ولو منفرداً؛ ولو سمع الأذان، وللحاضرة والفائتة.

فإذا جمعت الفوائت أو جمعت الحاضرة جمع تقديم أو تأخير: كفى أذان واحد للأولى، أما الإقامة فتُسَنَّ لكل فرض صلاة؛ ولو كانت الفرائض من نوع واحد.

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالاً فأذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء([358]).

شروط الأذان والإقامة:

1 - دخول الوقت: فلا يصح الأذان قبل دخوله؛ لأنه يراد للإعلام بالوقت، فلا يجوز قبله.

باستثناء أذان الصبح، فيجوز من نصف الليل؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ"([359]).

ولأن الصبح يدخل وقتها والناس نيام، وفيهم الجنب والمحدث؛ فاحتيج إلى تقديم الأذان ليتأهب للصلاة.

أما الإقامة فلا بد فيها من إرادة الدخول في الصلاة، إضافة لدخول الوقت.

2 - أن يكونا بلغة القرآن إن كان هناك من يحسنها.

واستثني أذان الأعجمي لنفسه بالعجمية إن جهل العربية حتى يتعلمها.

3 - الموالاة والترتيب: فلا يعتد بالأذن غير المتوالي؛ إلا إنْ قَصُر الفصل، ولا يعتد بالأذان غير المرتب؛ لأنه إذا نكسه لا يعلم السامع أن ذلك أذاناً.

4 - يجب أن يُسْمِع نفسه إن كان منفرداً، أو يُسْمِع بعض الجماعة إن كان في جماعة؛ فإن أَسَرَّ بالأذان: لم يُعْتَدَّ به.

شروط المؤذن:

1 - الإسلام والعقل: فلا يصح أذان غير المسلم، أو المرتد، أو المجنون؛ لأنهم ليسوا من أهل العبادات.

2 – التمييز.

3 - الذكورة إلا في جماعة نسوة، فإذا أذنت امرأة للرجال: لم يعتد بأذانها؛ لأنه لا تصح إمامتها للرجال؛ فلا يصح تأذينها لهم.

4 - أن يكون عارفاً بالمواقيت إن كان موكلاً به.

ما يسن في الأذان والإقامة:

1 - أن يكون المؤذن بالغاً؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المرفوع: "لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ"([360]).

2 - أن يكون المؤذن صيِّتَاً([361])؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر نحواً من عشرين رجلاً؛ فأذنوا، فأعجبه صوت أبي محذورة فعلَّمه الأذان([362]). ولأنه أبلغ في الإعلام، وأن يكون حسن الصوت؛ لأنه أبعث على الإجابة بدليل الحديث المتقدم: "فَقُمْ مَعَ بِلاَلٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ؛ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ"([363]).

ويستحب في الأذان إن كان يؤذن للجماعة أن يرفع صوته ما أمكنه؛ بحيث لا يلحقه ضرر؛ لما روى عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه أن أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فأذنت بالصلاة؛ فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن، ولا إنس، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم([364]).

3 - أن يكون عالماً بأوقات الصلاة، عدلاً، صالحاً؛ لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم قراؤكم"([365]). ولأنه أمين على المواقيت.

4 - أن يكون على طهارة؛ لأن الأذن ذكر، وهو متصل بالصلاة؛ فيستحب أن يكون على طهارة، ولحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لاَ يُؤَذِّنُ إِلاَّ مُتَوَضِّئٌ"([366]).

5 - أن يؤذن قائماً؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَا بِلاَلُ، قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاَةِ"([367]).

6 - أن يكون متوجهاً إلى القبلة، فإذا بلغ الحيعلتين التفت عن يمينه، فقال: (حي على الصلاة، حي على الصلاة)، ثم عن يساره فقال: (حي على الفلاح، حي على الفلاح) من غير أن يُحَوِّل صدره عن القبلة، ولا قدميه عن مكانهما؛ لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه: رأيت بلالاً يؤذن، ويدور، ويتبع فاه ها هنا وها هنا، وإصبعاه في أذنيه([368]).

7 - أن يترسل([369]) في الأذان، ويدرج([370]) الإقامة؛ لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال رضي الله عنه: "يَا بِلاَلُ، إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ، وَإِذَا أَقَمْتَ فاحدُر([371])، وَاجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ قَدْرَ مَا يَفْرُغُ الآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ، وَالشَّارِبُ مِنْ شُرْبِهِ، وَالْمُعْتَصِرُ([372]) إِذَا دَخَلَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَلاَ تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي"([373]).

12 - التثويب في أذاني الصبح؛ أداءً صلاَّها أم قضاء، أي: يقول بعد الحيعلتين: (الصلاة خير من النوم).

عن أبي محذورة رضي الله عنه قال: كنت أؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت أقول في أذان الفجر الأول: (حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم الصلاة، خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)([374]).

13 - ترك المشي أثناء الأذان، وترك الكلام؛ حتى رد السلام، وتشميت العاطس، إلى أن يفرغ. فلو عَطَس حَمَد الله بقلبه، ثم بنى على أذانه، أي: أكمل.

ما يسن قوله لسامع([375]) الأذان ولمستمعه([376]) وللمؤذن والمقيم:

1 - يسن للسامع أو المستمع أن يقول مثل ما يقول المؤذن، أو المقيم إلا في الحيعلتين فيقول عقب كل منهما: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)؛ لما روي عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ أَحَدُكُمُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، قَالَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ، قَالَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ"([377]).

وعقب التثويب يقول: (صدقت وبررت).

وعقب كلمة الإقامة: أقامها الله وأدامها.

لما روي عن أبي أمامة رضي الله عنه أو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن بلالاً أخذ في الإقامة، فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا"([378]).

2 - ويسن للسامع والمستمع وللمؤذن والمقيم أن يصلوا ويسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الأذان والإقامة.

وأن يسألوا الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم الوسيلة بعد الصلاة عليه.

ويكون هذا بعد الأذان دون الإقامة؛ لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإنَّه مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الوَسِيلَةَ؛ فَإنَّهَا مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأرْجُو أنْ أكونَ أنَا هُوَ، فَمَنْ سَألَ لِيَ الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ"([379]).

ما يسن للمؤذن:

وروى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَالَ حِيْنَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ، وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامَاً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ: حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتي يَوْمَ القِيَامَةِ"([380]).

3 - ويسن لهم جميعاً: الدعاء بين الأذان والإقامة؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإقَامَةِ"([381]).

ويسن لهم الدعاء عند أذان المغرب؛ لما روي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول عند أذان المغرب: "اللَّهُمَّ هذا إِقْبَالُ لَيْلِكَ، وإدْبَارُ نَهَارِكَ، وَأصْواتُ دعاتِكَ: فَاغْفِرْ لي"([382]).

ما يكره في الأذان:

1 - التمطيط والبغي([383]).

2 - الكلام اليسير.

3 - أو يؤذن قاعداً أو راكباً؛ إلا المسافر الراكب.

4 - أن يكون المؤذن صبياً([384])؛ لأن فيه تغريراً؛ فإنه يخاف غلطه.

5 - أن يكون المؤذن جنباً، أو مُحْدِثاً.

أما إن أحدث أثناء الأذان فيتمه. ولو قطعه، وتطهر، ثم عاد، بنى على أذانه؛ إن قَصُرَ الفصل، والأحَبُّ الاستئناف.

ويكره لمن سمع الأذان أن يخرج من المسجد بعد الأذان قبل أن يصلي؛ إلا لعذر.

 

 

صفة الصلاة

أركان الصلاة

فرائض الصلاة ثلاث عشرة؛ خمس منها قولية، وثمان فعلية.

فالخمس القولية هي: تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والتشهد الأخير، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعده، والتسليمة الأولى.

 وأما الثماني الفعلية فهي: النية، والقيام في الفرض للقادر عليه، والركوع، والاعتدال من الركوع، والسجود الأول والثاني، والجلوس بين السجدتين، والجلوس الأخير، والترتيب.

الأول - النية:

تعريفها:

هي قصد الشيء مقترناً بفعله.

فإن تراخى سمي عزماً.

ومحلها القلب، ويسن لفظها باللسان.

دليل فرضيتها:

ما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى"([385]).

ولأن الصلاة قربة محضة، طريقها الأفعال: فلم تصح بغير نية.

وأجمع العلماء على أن الصلاة لا تصح إلا بالنية؛ فمن تركها عمداً، أو سهواً: لم يكن داخلاً في الصلاة.

شروطها:

آ - في الصلاة المفروضة([386]).

1 - قصد فعل الصلاة.

2 - تعيينها لتتميز عن غيرها.

3 - نية الفرضية.

فإذا أطلق دون أن ينوي الفرضية، وقعت الصلاة نفلاً.

ب - في الصلاة النافلة([387]).

1 - قصد فعل الصلاة.

2 - تعيينها: راتبة، أو ذات وقت، أو ذات سبب.

وفي الراتبة يجب تعيين القبلية والبعدية.

وفي الصلاة ذات: السبب التي تتداخل مع الصلوات الأخرى، وهي سنة تحية المسجد.

وسنة الوضوء لا يشترط التعيين، وإنما يسن إذا تداخلت([388]).

أما إذا صليت مستقلة فلا بد من التعيين.

ج - في النفل المطلق: تكفي نية فعل الصلاة.

الثاني - تكبيرة الإحرام:

وسميت بتكبيرة الإحرام؛ لأنها تُحَرِّم ما كان مُحَلَّلاً قبلها؛ كالأكل والشرب.

دليل فرضيتها:

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه: "إِن هَذِه الصَّلَاة لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة الْقُرْآن"([389]). ففي الحديث قَرَن صلى الله عليه وسلم التكبير بالقراءة؛ فدل على أنه مثلها في الركنية.

ومن تركها عامداً، أو ناسياً: لم يكن داخلاً في الصلاة.

لفظها:

2 - وتكون بلفظ (الله أكبر) على التعيين؛ لحديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ"([390]).

ولما ورد في حديث المسيء صلاته([391]): "إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ"([392]).

شروط صحتها:

1 - أن تكون بالعربية للقادر عليها؛ وإلا قالها بأية لغة شاء.

2 - أن تكون بلفظ (الله أكبر)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل به في الصلاة، وهو القائل: "وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"([393]).

فلا تصح بغير لفظ الجلالة؛ كأن يقول: (الرحمن أكبر).

3 - تقديم لفظ الجلالة على (أكبر): فلا يصح أن يقول (أكبر الله).

4 - عدم مد همزة لفظ الجلالة.

5 - عدم مد باء الأكبر.

6 - عدم تشديد الباء.

7 - عدم زيادة واو بين الجلالة وأكبر.

8 - عدم الفصل بين الكلمتين بوقفة طويلة.

أما التخلل اليسير فلا يضر.

ولا يضر الفصل بينهما بأل التعريف، أو بوصف (الله تعالى) بشرط ألا نزيد على وصفين، والأفضل عدم وجود الفاصل أصلاً.

9 - أن يُسْمِع نفسه جميع حروفها؛ سواء كان إماماً أو منفرداً.

10 - إيقاعها حال استقبال القبلة، وتأخيرها عن تكبيرة الإمام، إذا كان المصلي في جماعة.

11 - أن يكبر للإحرام قائماً في الفرض؛ فإن وقع منه حرف في غير القيام لم ينعقد فرضاً، وإنما انعقد نفلاً.

وكذا المسبوق الذي يدرك الإمام راكعاً: يجب أن تكون تكبيرة الإحرام بجميع حروفها في حال قيامه.

أما إذا كان لا يستطيع القيام، وصلى الفرض قاعداً: فيكبر قاعداً.

12 - أن تقترن النية بابتداء التكبير، وتُسْتَحْضَر إلى انقضائه.

الثالث - القيام:

وهو مُتَعَيَّن في المفروضة؛ مكتوبة كانت، أو منذورة.

وسواء كانت المكتوبة أداءً، أو قضاءً، أو معادة، أو جنازة.

ويشترط فيه: الانتصاب، والمعتبر في انتصاب الصلاة نصب فقار الظهر.

فليس للقادر أن يقف مائلاً إلى أحد جانبيه، زائلا عن سنن القيام، ولا أن يقف منحنيا في حد الراكعين.

أما الرقبة فحنيها قليلاً؛ بمقدار ما ينظر إلى مكان سجوده مستحب.

والواجب من القيام قدر قراءة الفاتحة.

والدليل على ركنية القيام قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وما روى عمران بن الحصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ"([394]).

الحديث يدل على أن القيام واجب حين القدرة عليه.

فإن عجز عن القيام؛ لمرض مثلاً، أو خوف الغرق، أو السقوط من الدوار في السفينة، أو نحو ذلك: صلى قاعداً، ولا إعادة عليه.

وكذا لو اضطر إلى القعود لحالة مرضية؛ كالمصاب بسلس البول، بحيث لو قام سال بوله، وإذا قعد لم يَسِل: صلى من قعود، ولا إعادة عليه.

ويكون القعود كيف شاء؛ لأن حديث عمران رضي الله عنه المتقدم أطلق القعود عن كل صفة.

ولكن يكره أن يقعد ماداً رجليه، إلا لمرض.

فإن عجز عن القعود: اضطجع على جنبه الأيمن، ووجهه إلى القبلة؛ وإلا فعلى شقه الأيسر.

فإن عجز عن الاضطجاع صلى مستلقياً، رافعاً رأسه بوسادة أو نحوها؛ ليستقبل القبلة بوجهه، وبمقدم بدنه، ويومئ برأسه لركوعه، وسجوده، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه وجوباً.

فإن عجز عن ذلك: أتى بما عليه؛ ولو بإيماء الحاجبين.

فإن عجز أجرى أفعال الصلاة والقرآن على قلبه.

ولا تسقط الصلاة عنه ما دام يعقل؛ لأنه مخاطب بالصلاة، لوجود العقل والإدراك، فيؤدي ما في وسعه أداؤه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"([395]).

ولا يشترط الاستقلال في القيام؛ فلو قام مستنداً إلى جدار، أو إنسان، أو اعتمد على عصا بلا حاجة؛ بحيث لو رفع السناد سقط: صحت صلاته مع الكراهة؛ لأنه يسمى قائماً.

ولو عجز عن الركوع والسجود، دون القيام؛ لعلة بظهره مثلاً: لزمه القيام، ويأتي بالركوع والسجود بحسب الطاقة، فيحني صلبه قدر الإمكان، فإن لم يطق حنى رقبته ورأسه، فإذا احتاج فيه إلى شيء يعتمد عليه، أو ليميل إلى جنبه: لزمه ذلك. فإن لم يطق الانحناء أصلاً: أومأ إليهما، ولو أمكنه القيام والاضطجاع دون القعود يأتي ببدل القعود قائماً.

أما النافلة فيصح فعلها قاعداً، أو مضطجعا، مع القدرة على القيام؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة([396]).

ولأن مبنى النوافل على التيسير، لكن القاعد له نصف أجر القائم، والمضطجع له نصف أجر القاعد؛ لما روي عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال: "مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ"([397]).

قال سفيان الثوري: هذا للصحيح، ولمن ليس له عذر - يعني في النوافل -، فأما من كان له عذر من مرض أو غيره؛ فصلى جالساً: فله مثل أجر القائم([398]).

أما الاستلقاء في الصلاة النافلة مع القدرة على غيره فمبطل لها.

الرابع - قراءة الفاتحة:

قراءة الفاتحة: حفظاً، أو تلقيناً أو نظراً في المصحف؛ لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ صَلاَة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ"([399]).

وتجب في كل ركعة، سواء كان المصلي إماماً، أو مأموماً، أو منفرداً، وسواء كانت الصلاة سرية، أو جهرية، فريضة، أو نافلة؛ لما روى أبو قتادة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب، وسورة، ويسمعنا الآية أحياناً، ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب([400]).

وفي قراءة المأموم؛ لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف، قال: "إِنِّي أَرَاكُمْ تَقْرَؤُونَ وَرَاءَ إِمَامِكُمْ"، قال: قلنا يا رسول الله، إي والله، قال: "فَلاَ تَفْعَلُوا؛ إِلاَّ بِأُمِّ القُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا"([401]).

أما المسبوق بجميعها أو ببعضها، فيتحملها عنه إمامه كلاً أو بعضاً.

شروطها:

1 - أن يُسْمِع نفسه إن كان صحيح السمع، ولا شاغل للسمع. ولا يشترط في هذه الحال حقيقة الإسماع.

2 - أن يرتب القراءة بأن يقرأ آياتها على نظمها المعروف.

3 - الموالاة بأن يصل كلماتها بعضها ببعض من غير فاصل، إلا بقدر نفس.

4 - أن يراعي حروفها وتضعيفاتها الأربعة عشر.

5 - ألا يَلْحَن لَحْنَاً يُغَيِّر المعنى([402])؛ كأن يضم تاء أنعمت أو يكسر كاف إياك.

6 - ألا يبدل لفظاً بلفظ، أو حرفاً بحرف؛ كأن يبدل الضاد بالظاء في (الضالين)، أو الدال بالتاء في (الدين).

7 - أن يقرأ كل آياتها، ومنها البسملة؛ لما روت أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية([403]). ولأن الصحابة أثبتوها فيما جمعوا من القرآن فدل على أنها آية منها.

8 - أن يقرأها بالعربية، دون الترجمة؛ بخلاف الذكر، فتجوز الترجمة عنه.

9 - إيقاع الفاتحة كلها في القيام، أو بدله حسب القدرة.

ومن لم يحفظ الفاتحة: يقرأ بَدَلَها سبع آيات متواليات، أو متفرقات من القرآن؛ فرضاً كانت الصلاة أو نفلاً.

فإن عَجَزَ عن القرآن أتى بذكر بدلاً عنها، على ألا يَنْقُص البدل عن عدد حروفها؛ ذكراً كان أو قرآناً.

فإن لم يقدر على شيء من ذلك: وقف صامتاً قَدَر الفاتحة.

الخامس - الركوع:

تعريفه:

هو لغة: الانحناء، وقيل: معناه الخضوع.

وشرعاً: أن ينحني بغير انخناس([404])، قدر بلوغ راحتيه ركبتيه.

دليل فرضيته:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]، وحديث المسيء صلاته([405])، وقوله صلى الله عليه وسلم: "وصلوا كما رأيتموني أصلي"([406])، وإجماع الأمة.

أقله:

يكون الركوع للقائم القادر على الركوع معتدل الخلقة سليم اليدين والركبتين: بأن ينحني بغير انخناس، قَدْر وصول راحتيه إلى ركبتيه، لو أراد وضعهما عليهما؛ لأنه لا يسمى بما دونه راكعاً.

روى زيد بن وهب قال: رأى حذيفة رجلاً لا يتم الركوع والسجود، قال: ما صليت، ولو مِتَّ مِتَّ على غير الفطرة، التي فطر الله محمداً صلى الله عليه وسلم([407]).

فإن لم يقدر على هذا الركوع، انحنى مقدوره، وأومأ بطرفه.

وأما ركوع من صلى قاعدا فانحناء تحاذي فيه جبهته ما أمام ركبتيه، وأكمله أن تحاذي فيه جبهته موضع سجوده من غير مماسته، وإلا كان سجودا لا ركوعاً.

شروطه:

1 – الطمأنينة، بحيث تستقر أعضاؤه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: "ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا"([408]).

2 - أن يكون من قيام؛ فلو سقط من قيامه بعد فراغ القراءة، فارتفع من الأرض إلى حد الراكعين: لم يجزئه، بل عليه أن ينتصب قائماً ثم يركع.

السادس - الاعتدال بعد الركوع:

تعريفه:

لغة هو: المساواة والاستقامة.

وشرعاً: أن يعود المصلي إلى ما كان عليه قبل ركوعه؛ من قيام، أو قعود.

وخرج بذلك الاضطجاع؛ لأن مصلي النفل المضطجع مع القدرة يجلس للركوع، ثم يعتدل بعوده إلى الجلوس الذي ركع منه.

أما لو صلى مضطجعاً مع العجز، وركع بانحناء في حال الاضطجاع، فيعتدل بعوده له؛ لأنه لا يقدر على القعود.

دليل فرضيته:

قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: "ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا"([409]).

شروطه:

1 - ألا يقصد به غيره؛ فلو اعتدل خوفاً من شيء: لم يجزئه ذلك.

2 - الاطمئنان فيه؛ بأن تستقر أعضاؤه على ما كانت عليه قبل ركوعه، بحيث ينفصل ارتفاعه للاعتدال عن هويه للسجود. ولو سجد ثم شك هل تم اعتداله أم لا: اعتدلن واطمأن وجوباً، ثم سجد.

3 - ألا يطيل الاعتدال؛ فلو أطاله زيادة على الدعاء الوارد فيه، بقدر الفاتحة: بطلت صلاته؛ لأن الاعتدال ركن قصير، فلا يطول إلا في محل طُلِب فيه التطويل، كما في الاعتدال الأخير من الصلوات التي شرع فيه القنوت.

السابع - السجود مرتين:

تعريفه:

السجود لغة: الخضوع والتذلل.

وشرعاً: مباشرة بعض جبهة المصلي لما يصلي عليه.

دليل فرضيته:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]، وحديث المسيء صلاته([410]).

أقله:

مباشرة بعض جبهة المصلي موضع سجوده من الأرض.

شروطه:

1 - الطمأنينة فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: "ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا"([411]).

2 - أن ينال موضعَ سجوده ثِقَلُ رأسه، ولا يكفي في وضع الجبهة الإمساس، بل ينبغي أن يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه، وعنقه؛ حتى تستقر جبهته. وحتى لو كان تحتها قطن لانكبس بعضه في بعض؛ لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته([412]).

3 - ألا يقصد به غيره؛ فلو سقط على وجهه من الاعتدال، وجبت العودة إليه، ثم السجود؛ لانتفاء الهوي في السقوط؛ بخلاف ما لو هوى للسجود، وفي هويه للسجود سقط على جنبه: فعليه أن ينقلب إلى السجود بنيته.

4 - أن يرفع أسافله على أعاليه؛ فإن صلى في سفينة مثلاً، ولم يتمكن من ذلك لميلانها: صلى حسب حاله، ولزمته الإعادة؛ لأنه عذر نادر، بخلاف ما لو كانت به علة، لا يمكن معها السجود على الصورة التي ذكرنا: فلا يعيد.

5 - كشف الجبهة، وعدم السجود على شيء يتحرك بحركته؛ فلو سجد وعلى جبهته حائل يعمها: لم يصح سجوده.

أما إن سجد على متصل به؛ كذيل ثوبه، وكمه، وطرف عمامته؛ فإن كان يتحرك بحركته في قيام أو قعود: لم يصح، وإن كان طويلاً جداً بحيث لا يتحرك بحركته: جاز.

وإن سجد على عصابة جرح أو نحوه، وشقت عليه إزالتها، ولم يكن تحتها نجاسة غير معفو عنها، وكان متطهراً بالماء: لم تلزمه الإعادة.

ولا يضر سجوده على شعر نبت على جبهته؛ لأنه مثل بشرتها.

6 - وضع جزء من ركبتيه، وباطن كفيه، وباطن أصابع قدميه، مع الجبهة على الأرض.

ودليله ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ؛ عَلَى الْجَبْهَةِ - وأشار بيده على أنفه –وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا نَكْفِتَ([413]) الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ"([414]).

7 - ألا يرفع رأسه بعد السجود؛ فلو سجد على شيء خشن، يؤذي جبهته؛ فإن زحزحها من غير رفع: لم يضر، وكذا إن رفعها، ثم أعادها دون اطمئنان؛ فإن اطمأن: ضر ذلك لزيادة سجود، ولو رفع جبهته من غير عذر، وأعادها: ضَرَّ ذلك مطلقاً.

الثامن - الجلوس بين السجدتين:

وهو فرض في كل صلاة، وكل ركعة؛ سواء صلى قائماً، أو مضطجعاً؛ لأنه إذا صلى مضطجعاً في النفل، وهو قادر على القيام: فعليه أن يجلس ليسجد، ثم يجلس بين السجدتين، ثم يسجد.

دليل فرضيته:

قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: "ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئنَّ سَاجِدًا"([415]).

وما رواه حماد بن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: إنى لا آلو أن أصلى بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بنا. قال فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائما حتى يقول القائل قد نسى. وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل قد نسى([416]).

أقله: سكون أعضائه المتحركة في حال الجلوس.

شروطه:

1 - الاطمئنان فيه؛ لحديث المسيء صلاته([417]).

2 - ألا يقصد به غيره؛ فلو رفع رأسه فَزَعَاً من شيء: لم يكف؛ ويجب عليه أن يعود إلى السجود، ثم يجلس.

3 - ألا يطيله طولاً فاحشاً؛ فإن فعل: بطلت صلاته؛ لأنه ركن قصير.

التاسع - القعود بعد السجدتين الأخيرتين من كل صلاة.

العاشر - التشهد في القعود الأخير:

دليل فرضيته:

حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام على جبريل وميكائيل، السلام على فلان وفلان؛ فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ([418]) لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ([419]) وَالطَّيِّبَاتُ([420])، السَّلَامُ عَلَيْكَ([421]) أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ([422])، السَّلَامُ عَلَيْنَا([423])، وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ([424])؛ فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ([425])، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"([426]).

شروطه:

1 - أن يُسْمِع نفسه.

2 – الموالاة؛ فإن تخلله غيره: لم يعتد به، ولا تضر زيادة ياء النداء قبل أيها النبي.

3 - قراءته قاعدا إلا لعذر.

4 - أن يكون بالعربية عند القدرة عليها.

5 - مراعاة الحروف والكلمات والتضعيفات.

الحادي عشر - الصلاة على النبي بعد التشهد الأخير قاعداً:

دليل فرضيتها:

قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد، وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إِبْرَاهِيم، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد، وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إِبْرَاهِيم، فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّك حَمِيد مَجِيد، وَالسَّلَام كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ"([427]).

وفي رواية: " كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ"، و" كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ"([428]).

الثاني عشر - السلام:

ويجب إيقاعه في حال القعود الأخير.

دليل فرضيته:

خبر مسلم المتقدم: "مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ"([429])، فقَرَنَ التسليم بفرضية التكبير.

أقله:

(السلام عليكم) مرة واحدة، دون أن يلتفت يمنة أو يسرة، بل يجعلها تلقاء وجهه؛ محافظة على العدل بين الملكين.

شروطه:

1 - أن يقول مستقبلاً القبلة بصدره؛ فلو تحول به عن القبلة: ضَرَّ؛ بخلاف الالتفات بالوجه؛ فإنه مسنون.

2 - أن يسمع نفسه.

3 - أن يكون بالعربية إن قدر عليها، وإلا ترجم عنها.

4 - التعريف بالألف واللام في السلام، ولا بد من كاف الخطاب وميم الجمع في عليكم.

5 - موالاة الكلمتين؛ فلو فصل بينهما بكلام، أو سكت سكوتاً طويلاً، أو قصيراً؛ بنية القطع: ضر.

الثالث عشر - الترتيب:

ويقصد به:

تقديم القيام على الركوع، والركوع والرفع منه على السجود، والسجود على القعود الأخير، وتقديم التشهد على الصلاة على النبي، وتقديمها على السلام.

آ - فلو قَدَّم ركناً فعلياً على مثله، أو على قولي، عامداً عالماً؛ كأن سجد قبل الركوع، أو ركع قبل قراءة الفاتحة: بطلت صلاته.

ب - وإن قَدَّم ركناً فعلياً على مثله، أو على قولي، سهواً: لم تبطل صلاته، لكن عليه أن يأتي به فوراً إن تذكره قبل أن يبلغ مثله.

أما إن بلغ مثله، فهذا المِثْل يقوم مقام المنسي، ثم يتدارك الباقي من صلاته.

ج - أما لو قَدَّم ركناً - عدا السلام - على مثله، أو على فعلي، عامداً عالماً؛ كأن قَدَّم الصلاة على النبي على التشهد، أو قَدَّم التشهد على السجود: فلا تبطل صلاته، ولكن لا يُعْتَدُّ بالمقدم، بل يعيده في محله.

د - وإن قَدَّم ركناً قولياً، هو السلام على محله، عامداً: بطلت صلاته.

سنن الصلاة

تقسم السنن إلى قسمين:

آ - أبعاض: تُجْبَر بسجود السهو إنْ تُرِكَت، وسميت كذلك؛ لقربها من الفرض.

ب - هيئات: لا تحتاج إلى سجود السهو إنْ تُرِكَت.

آ - الأبعاض:

1 - التشهد الأول، والجلوس له.

2 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، والقعود لها.

3 - القنوت والقيام له بعد الاعتدال من الركوع الثاني من فرض الصبح؛ لما روى أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قَنَتَ شهراً، يدعو عليهم، ثم تركه، فأما في الصبح، فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا([430]).

وفي الوتر في النصف الثاني من شهر رمضان؛ لما رواه الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: "اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ"([431]).

وزاد البيهقي بعد قوله: (وَإِنَّهُ لا يذِلّ مَن والَيْت): (لا يعِزّ مَن عادَيت) ([432]).

وزاد النسائي: (وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ) ([433]).

قال النووي: ولو زاد عليهن: (فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك) بعد قوله: (تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ) فلا بأس به([434]).

وإن كان القانت إماماً: أتى بلفظ الجمع، ولم يخص نفسه بالدعاء.

وما ذكر هو قنوت النبي صلى الله عليه وسلم.

ويسن جمعه إلى قنوت عمر رضي الله عنه[، ولكن يبدأ بقنوت النبي صلى الله عليه وسلم.

وقنوت عمر رضي الله عنه هو:

اللهم إنا نستعينك، ونستهديك، ونستغفرك، ونتوب إليك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد([435])، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم([436]).

ولا تتعين هذه الكلمات للقنوت، وإنما يحصل بكل دعاء وثناء وآية فيها دعاء؛ كآخر سورة البقرة، ثم يصلي على النبي.

لكن الكلمات السابقة أفضل.

ما يندب في القنوت:

1) رفع اليدين؛ لما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة قتل القُرَّاء: ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة رفع يديه، يدعو عليهم؛ يعني على الذين قتلوهم([437]).

ولا يسن مسح الوجه أو الصدر عقب القنوت. قال البيهقي: (أما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء، فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة) ([438]).

2) أن يجهر به إن كان إماماً؛ لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه يقول: "سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ" يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم، فيقول: "اللّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيد بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ"([439]).

فلولا جهر لما سمعه الراوي، ولما قَدَر المؤتمون على التأمين.

ويُؤَمِّن المأموم على دعاء الإمام؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وصلاة الصبح؛ في دبر كل صلاة، إذا قال: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ". من الركعة الآخرة، يدعو على أحياء من بني سُلَيْمٍ، على رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ([440]).

ويشاركه في الثناء سراً مثلما يقول إمامه في قوله: (فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ)؛ لأنه ثناء وذكر، لا يليق فيه التأمين.

أما إن لم يسمعه؛ لبعد عنه، أو لصمم في أذنيه؛ فيقنت لنفسه.

أما المنفرد فيسر به في الصلاة السرية، ويجهر به في الجهرية.

3) الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في آخره.

ب - الهيئات وهن:

1 - التلفظ بالنية قبل التكبير.

2 - رفع اليدين([441]) - وكفاه مكشوفتان متوجهتان إلى القبلة مفرجتا الأصابع - حذو المنكبين (قبالتهما) بأن تحاذي أطراف الأصابع أعلى الأذنين، وإبهاماه شحمتيهما، وكفاه منكبيه.

ويكون الرفع في أربعة مواضع:

1) مع تكبيرة الإحرام؛ فيبتدئ بابتداء التكبير، وينتهي بانتهائه، فإن سبقت اليد أثبتها مرفوعة حتى يفرغ من التكبير؛ لأن الرفع للتكبير فكان معه.

2) عند الهوي للركوع، ويبتدئ بابتداء التكبير؛ إلا أنه يمد التكبير بعد الرفع، إلى أن يصل إلى الركوع؛ فالرفع والتكبير يبدأان معاً دون الانتهاء.

3) الرفع عند الانتهاء من الركوع مع قولنا: سمع الله لمن حمده.

4) الرفع عند القيام من التشهد الأول. وكذا لو كان يصلي قاعداً، فيرفع يديه عند ابتداء الركعة الثالثة.

ودليله: حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه، وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع، ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع، ويقول: سمع الله لمن حمده، ولا يفعل ذلك في السجود([442]).

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة: كَبَّر، ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكَبَّر([443]).

وقوله إذا قام من السجدتين: يعني يعني قام من الركعتين([444])، والمراد إذا قام من التشهد الأول.

3 - التفريق بين القدمين في القيام، وتوجيه أصابعهما إلى القبلة.

4 - وضع يده اليمنى على يده اليسرى؛ وذلك بأن يقبض بيمينه كوع يساره وبعض ساعده ورسغه، وأن تكون أصابع اليمنى حول المفصل، ويكونا تحت صدره فوق سرته؛ لحديث وائل ابن حجر رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر - حيال أذنيه - ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى([445]).

وفي رواية: ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد([446]).

ولأن وضع اليد على اليد أسلم له من العبث، وأحسن في التواضع والتضرع والتذلل؛ فإن أرسلهما ولم يعبث: لم يضر.

5 - أن ينظر إلى موضع سجوده في قيامه، وقعوده؛ طلباً للخشوع، وغضاً للبصر عما يلهي، ولو كان عند الكعبة.

أما في التشهد فينظر إلى مسبحته عند قوله: (إلا الله).

6 - قراءة دعاء التوجه: وهو مستحب في الفرض والنفل - كما يدل عليه حديث علي رضي الله عنه اللاحق – للمنفرد، وللإمام، وللمأموم، وإن شرع إمامه في الفاتحة، أو أَمَّن لتأمين إمامه قبل شروعه فيه.

شروطه:

1) أن يكون عقب تكبيرة الإحرام قبل أن يشرع في التعوذ أو القراءة قبله، فإذا شرع بهما، أو بأحدهما قبله؛ ولو سهواً: لم يَعُد إليه؛ لفوات محله.

2) أن يكون في غير صلاة الجنازة.

3) ألا يخاف فوات وقت الأداء؛ فلو كان ما بقي لا يسع ركعة: لم يسن الإتيان به، وأما لو بقي من الوقت ما يسعه ويسع ركعة: فتسن قراءته.

4) ألا يخاف المأموم فوت بعض الفاتحة؛ فإن خاف ذلك: لم يسن له.

5) أن يكون إدراكه للإمام في القيام لا في غيره، فلو أدركه في الاعتدال لم يقرأه، أما إن أدركه في التشهد وسَلَّم الإمام، أو قام قبل أن يجلس معه: فتسن له قراءته.

صيغته:

وردت في دعاء الافتتاح صيغ عدة.

أفضلها: ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: "وجهت وجهي([447]) للذي فطر([448]) السموات والأرض حنيفاً([449]) وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي([450]) ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك([451]) وسعديك([452])، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك([453])، أنا بك وإليك([454])، تباركت([455]) وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك"([456]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كَبَّر في الصلاة، سكت هنية قبل أن يقرأ. فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أرأيتَ سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟، قال: "أقول: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ"([457]).

وقد يرد غير ما ذكر من دعاء الافتتاح مثل: "اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً، وَسَبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً"([458]).

أو: "الْحَمْدُ للهِ حَمداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَاركَاً فِيهِ"([459]).

أو: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر"([460]).

والأدعية الأخيرة من كلام الصحابة، لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

ويستحب الجمع بين كل ما ذُكِر، للمنفرد، ولإمام قوم محصورين، راضين بالتطويل

7 – التعوذ([461])، ويسن سراً في كل ركعة قراءة.

ودليله: قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]، ويُسِرُّ به؛ ولو كانت الصلاة جهرية، ويَفُوت التعوذ بالقراءة؛ ولو سهواً.

شروط التعوذ: هي شروط دعاء التوجه نفسها لكن تخالفها في اثنين:

1) يسن التعوذ في كل صلاة حتى الجنازة.

2) يسن التعوذ للمأموم المسبوق بعد جلوسه مع إمامه، فلو قعد معه، ثم قام بعد سلامه أو قيامه: تعوذ للقراءة.

 ومحله: بعد الفراغ من دعاء التوجه في الأولى، وقبل القراءة في كل ركعة.

 ويحصل بكل لفظ يشتمل على التعوذ والأفضل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

8 - السكوت: تسن سكتة لطيفة بين التحريم والتوجه، وبين التوجه والتعوذ، وبين التعوذ والبسملة، وبين الفاتحة وآمين، وبين آمين والسورة، وبين السورة وتكبيرة الركوع، فهذه ست سكتات كلها تكون بقدر (سبحان الله) باستثناء السكتة التي بين آمين والسورة، بالنسبة للإمام في الصلاة الجهرية؛ فإنه يطيلها بِقَدْر قراءة المأموم للفاتحة، ويشتغل بالدعاء، أو الذكر سراً، أو بالقراءة وهي أفضل يبدؤها سراً ريثما ينتهي المأموم من فاتحته، ثم يجهر بها.

روى الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسكت سكتتين: إذا استفتح، وإذا فرغ من القراءة كلها([462]).

وفي رواية: وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسورة عند الركوع([463]).

وفي رواية: سكتة إذا كَبَّر، وسكتة إذا فرغ من قراءة غير المغضوب عليهم ولا الضالين([464]).

9 - الجهر([465]) في الصلاة الجهرية للمنفرد، والإمام.

أما المأموم فيستحب له الإسرار، ويكره له الجهر سواء سمع قراءة الإمام أم لا؛ لئلا يشوش على الإمام، وينازعه القراءة، ولأنه مأمور بالإنصات إلى الإمام.

ودليل كراهة الجهر للمأموم حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فجعل رجل يقرأ خلفه بـ(سبح اسم ربك الأعلى) فلما انصرف قال: "أيكم قرأ، أو أيكم القارئ؟"، فقال رجل: أنا فقال: "قد ظننت أن بعضكم خالجنيها([466])"([467]).

ويحرم الجهر في حضرة من يتأذى به، وقيل: يكره.

ويندب في نوافل الليل المطلقة: التوسط بين الجهر والإسرار؛ بشرط ألا يشوش على نائم، أو مصل آخر، أو مطالع في كتب العلم.

موضع الجهر:

في الفرائض:

صلاة الصبح، ودليله أن أم سلمة رضي الله عنها قالت: طفت وراء الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي، ويقرأ بالطور([468]).

وأوليا المغرب والعشاء، عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور([469]).

وعن البراء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون([470]).

وركعتي الجمعة.

 أما الفريضة المقضية؛ فالجهر والإسرار فيها منوطان بوقت القضاء، لا بوقت لزوم الأداء. فلو قضى السرية بالليل جهر، أو قضى الجهرية بالنهار أَسَرَّ.

ولو أدرك ركعة من الصبح في وقتها، والأخرى خارج وقتها: جَهَر في الأولى، وأَسَرَّ في الثانية؛ إلا الإمام فيجهر فيها بالقنوت.

وفي النوافل:

يجهر في صلاة العيدين وفي صلاة الاستسقاء ولو نهارا وصلاة خسوف القمر والتراويح ووتر رمضان وركعتي الطواف إن أتى بهما ليلا أو وقت الصبح

 موضع الإسرار:

 في سوى ما ذكر من الصلوات؛ كصلاة الظهر، والعصر، وأخيرة المغرب، وأخيرتي العشاء، عن أبي معمر قال: قلت لخباب بن الأرت رضي الله عنه: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم. قال: قلت: بأي شيء كنتم تعلمون قراءته؟ قال: باضطراب لحيته([471]).

ويسر في السنن الراتبة مطلقاً، حتى الليلية منها، وفي صلاة كسوف الشمس، ونوافل النهار مطلقاً.

ولو جهر في موضع الإسرار، أو أسر في موضع الجهر: لم تبطل صلاته، ولا سجود سهو فيه، لكنه مكروه إلا لعذر.

10 – التأمين، وهو قول (آمين)، بعد الفراغ من الفاتحة، ودليله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "([472]).

وموضع التأمين: بعد الفراغ من الفاتحة، أو أية آية فيها دعاءً، سواء في الصلاة أية صلاة، أو خارجها، لكنه في الصلاة أشد استحباباً.

من يسن له التأمين؟:

يسن التأمين بصورة عامة للقارئ، أو السامع، وفي الصلاة للمنفرد، وللإمام، والمأموم يقولها مع إمامه؛ لا يتقدم عليه فيها ولا يتأخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم "فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"([473]).

فينبغي أن يقع تأمين الإمام والمأموم والملائكة دفعة واحدة.

فإذا أَخَّر الإمام التأمين عن وقته المندوب فيه، أو تركه: أَمَّن المأموم جهراً؛ ليسمعه الإمام فيأتي به.

 وإذا انتهى الإمام والمأموم من الفاتحة معاً: كفى المأمومَ تأمينٌ واحد، مع تأمين الإمام، لا قبله ولا بعده؛ لما تقدم.

ولو انتهى المأموم قبل الإمام أَمَّن على قراءته، ثم يُؤَمِّن مع إمامه، أو وقع العكس قَطَعَ فاتحتَه وأَمَّن لقراءة إمامه، ثم يُؤَمِّن لقراءة نفسه إذا فرغ.

ويكون التأمين سراً في الصلاة السرية، وجهراً في الصلاة الجهرية.

وإذا ترك المصلي التأمينَ حتى اشتغل بغيره: فات، ولم يَعُد إليه.

11 - قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة، في الصبح، والأوليين من سائر الصلوات؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب، وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب، ويُسْمِعُنا الآية، وَيُطَوِّلُ في الركعة الأولى ما لا يُطَوِّلُ طول في الركعة الثانية وهكذا في العصر وهكذا في الصبح([474]).

أما صلاة التطوع فيقرأ فيها السورة في جميع الركعات، إن صلاها بتشهد واحد، وإلا لم يقرأها بعد التشهد الأول؛ قياساً على ما بعد الأوليين من الفرائض.

أما المأموم فلا يقرأ بعد الفاتحة شيئاً، إن كانت الصلاة جهرية.

أما إن كانت سرية، أو كان لا يَسْمَع الإمامَ في صلاة جهرية، أو كان يسمعه ولا يفهم: فالقراءة له سنة.

ومن فاتته السورة في الأوليين، تداركها في باقي صلاته.

فالمسبوق بالأوليين في صلاة رباعية، يقرأ في الثالثة والرابعة من صلاة الإمام؛ لأنهما أول صلاته.

فإن لم يتمكن قرأ في الأخيرتين سراً؛ لئلا تخلوا صلاته من السورة، بلا عذر.

ولو قرأ المصلي السورة، ثم قرأ الفاتحة: أجزأته الفاتحة، ولا تُحْسَب له السورة؛ لأنه أتى بها في غير موضعها.

ولو قرأ الفاتحة مرتين: لم تبطل صلاته، لكن لا تُحْسَب له المرة الثانية عن السورة؛ لأن الفاتحة مشروعة في الصلاة فرضاً، والشيء الواحد لا يؤدى به فرض ونفل في محل واحد.

12 - التكبير للانتقال، ومده إلى الركن الذي بعده؛ لئلا يخلو جزء من صلاته من ذكر الله، ويكون المد بلام الجلالة؛ بخلاف تكبيرة الإحرام، فندب الإسراع بها؛ لئلا تزول النية.

ويجهر بالتكبيرات إن كان إماماً أو مُبَلِّغَاً، لِيَسْمَعَه المأمومون؛ لما روي عن أبو هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا لك الحمد، ـ قال عبد الله ولك الحمد ـ ثم يكبر حين يهوي، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس([475]).

ولا بد أن يستحضر([476]) بقلبه ذكر الله؛ ولو مع التبليغ.

أما لو قصد التبليغ أو الإسماع فقط؛ فإن الصلاة تبطل.

أما المنفرد والمأمومون - غير المُبَلِّغ - فيُسِرُّون بالتكبيرات، ويكره لهم الجهر بها.

وأما المرأة فإن أَمَّت النساء جهرت.

13 - ويسن في الركوع مد الظهر والعنق، من غير أن يصوب رأسه، أو يُقَنِّعْه([477])؛ لحديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ تُجْزِئُ صَلاَةُ الرَّجُلِ حَتَّى يُقِيمَ ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ"([478]).

وحديث عائشة رضي الله عنها في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم قالت: وكان إذا ركع يُشْخِصْ رأسه ([479])، ولم يصوِّبه، ولكن بين ذلك([480]).

كما يسن نصب الساقين والفخذين، وأخذ الركبتين باليدين، وتفريق أصابعهما، وتوجيهها إلى القبلة؛ لما روي عن سالم البراد قال: أتينا عقبة بن عمر، وأبا مسعود، فقلنا: حدثنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين أيدينا في المسجد، فكَبَّر، فلما ركع كَبَّر ووضع راحتيه على ركبتيه، وجعل أصابعه أسفل من ذلك، ثم جافى([481]) مرفقيه، ثم قال: هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل([482]).

أما أقطع اليد فيفعل بالسليمة ما ذُكِر، ويرسل الثانية.

أما أقطع اليدين فيرسلهما.

ومثله قصيرهما.

ويجافي الرجل مرفقيه؛ للحديث المتقدم.

أما المرأة فتضمهما إلى جنبيها؛ لأنه أستر لها.

كما يجافي الرجل قدميه إحداهما عن الأخرى، وركبتيه كذلك بقدر شبر.

ويقول في الركوع: (سبحان ربي العظيم وبحمده).

وتتحقق السنة بواحدة، لكن الأفضل قولها ثلاثاً، وذلك أدنى الكمال؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه "سبحان ربي العظيم" ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك أدناه وإذا سجد فقال في سجوده "سبحان ربي الأعلى" ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه"([483]).

والزيادة على الثلاث أفضل للمنفرد، ولإمام جماعة محصورين، رضوا بالتطويل؛ على أن يختم عددها بوتر، ولا تزيد على إحدى عشرة مرة.

ويستحب أن يضيف على السبحة "وبحمده" فيقول: "سبحان ربي العظيم وبحمده".

والأفضل أن يقول بعد هذا التسبيح ـ قل أو كثر ـ : "اللَّهمَّ لَكَ رَكعتُ، وبكَ آمَنتُ، ولك أَسلمتُ، خَشَعَ لك سَمعي، وبَصَري ومُخِّي، وعَظْمي، وعَصَبي([484]).

وهذا أتم الكمال.

وإن أراد الاقتصار على التسبيح أو الدعاء فالتسبيح أفضل.

وتكره القراءة في الركوع - وغيره من بقية الأركان غير القيام -؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن وأنا راكع أو ساجد([485]).

14 - يسن إذا رفع رأسه للاعتدال أن يرفع يديه حال ارتفاعه قائلاً: "سمع الله لمن حمده"؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم([486])، يقولها الإمام، والمأموم، والمنفرد.

يجهر بها الإمام والمُبَلِّغ، ويُسِرَّان بـ"ربنا لك الحمد".

أما المأموم والمنفرد فيُسِرَّان بهما.

فإذا استوى قائماً قال ما رواه ابن عباس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ"([487]).

ويزيد المنفرد، وإمام محصورين؛ رضوا بالتطويل: ما ورد في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "أَهْلَ الثَّنَاءِ والمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ العَبدُ، وكُلُّنا لَك عَبدٌ، اللهمَّ لا مَانِعَ لمَا أعطيتَ، ولا مُعطِيَ لِمَا مَنَعتَ، ولا ينفعُ ذَا الجَدِّ([488]) منك الجَدُّ"([489]).

15 - ويسن في السجود: وضع ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته وأنفه، مكشوفة على الأرض؛ لما روى وائل بن حجر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه([490]).

قال الخطابي: (هو أثبت من حديث تقديم اليدين وهو - يعني وضع الركبتين قبل اليدين - أرفق بالمصلي وأحسن في الشكل ورأي العين) ([491]).

ويسن للرجل في السجود مجافاة مرفقيه عن جنبيه، ورفعهما عن الأرض، والاعتماد على الكفين؛ لحديث عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فَرَّج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه([492]).

ولحديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ"([493]).

والاعتماد على الكفين، ومجافاة بطنه عن فخذيه؛ لحديث أبي حميد رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: إذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه([494]).

ويجافي بين قدميه وبين ركبتيه بقدر شبر.

أما المرأة فتضم بعضها إلى بعض؛ لأن ذلك أستر لها، وترفع مفرقيها، وتعتمد على راحتيها كالرجل.

ويسن ضم أصابع اليدين ونشرها واستقبال القبلة بها؛ لحديث وائل بن حجر رضي الله عنه في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم وفيه: وإذا سجد ضم أصابعه([495]).

وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد فوضع يديه بالأرض استقبل بكفيه وأصابعه القبلة([496]).

ويجعل كفيه حذو منكبيه ورأسه بينهما؛ لحديث أبي حميد رضي الله عنه في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم وفيه: سجد ... ووضع كفيه حذو منكبيه([497]).

وينصب القدمين - ويسن للجل كشفهما وإبرازهما من ثوبه - ويوجه أصابعهما للقبلة، ويعتمد على بطونهما؛ لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه وفيه: فإذا سجد ... واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة([498]).

ويسن أن يقول في سجوده: "سبحان ربي الأعلى".

ويُفَضَّل أن يقول ذلك ثلاثاً.

ويزيد المنفرد وإمام محصورين رضوا بالتطويل: (اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِى لِلَّذِى خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) ([499]).

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: (سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ([500])، رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ([501]))([502]).

ويسن اجتهاد المنفرد بالدعاء في سجوده رجاء الإجابة؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ"([503]).

16 - يسن في الجلوس بين السجدتين:

1) الافتراش: وهو أن يجلس المصلي على عقب رجله اليسرى؛ بحيث يلي ظهرُها الأرضَ، وينصب رجله اليمنى ويضع أطراف أصابعه منها على الأرض، ويوجه أصابعها نحو القبلة، وكذا في سائر الجلوس([504])، كجلوس المصلي قاعداً للقراءة، وجلوسه للاستراحة، والجلوس للتشهد الأول، وجلوس المسبوق في حال تورك إمامه، وجلوس الساهي([505]).

والدليل على الافتراش حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في وصف صلاته صلى الله عليه وسلم: فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى([506]).

2) أن يضع المصلي يديه على فخذيه قريبا من ركبتيه وينشر أصابعهما مضمومة موجهة إلى القبلة ويقول ما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي، وارْحَمْنِي، وَاجْبُرنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي"([507]).

17 - تسن جلسة خفيفة للاستراحة([508]) عقب السجدتين في كل ركعة، يعقبها قيام، ولو لم يجلسها الإمام فيجلسها المأموم؛ لأنها بسيطة، ولا تعتبر مخالفة للإمام.

ويستثنى من ذلك سجدة التلاوة في الصلاة فلا يستحب لها جلسة استراحة والدليل عليها حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث المسيئ صلاته: " اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا"([509]).

ولا يُكَبِّر لها، بل يرفع رأسه من السجود الثاني مُكَبِّراً، ويمد لفظ التكبير إلى أن يستوي قائماً، ويخفف الجلسة.

18 - الاعتماد بيديه على الأرض عند القيام وبجعل راحتيه وبطون أصابعها على الأرض لحديث أيوب السختياني، عن أبي قلابة قال: جاءنا مالك بن الحويرث فصلى بنا في مسجدنا هذا، فقال: إني لأصلي بكم، وما أريد الصلاة، لكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قال أيوب: فقلت لأبي قلابة: وكيف كانت صلاته؟ قال: مثل صلاة شيخنا هذا - يعني عمرو بن سلمة - قال أيوب: وكان ذلك الشيخ يتم التكبير، وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرضن ثم قام([510]).

ولأن ذلك أبلغ في الخشوع والتواضع، وأعون للمصلي وأحرى ألا ينقلب.

19 - ويسن في التشهد الأخير:

1) التورك؛ وهو أن يخرج رجله اليسرى على حالتها في الافتراش من جهة يمينه، ويلصق وركه الأيسر بالأرض، ويبقي القدم اليمنى على بطون الأصابع؛ وذلك للإتباع، إلا من كان عليه سجود سهو فيفترش.

والحكمة من التورك: التمييز بين التشهدين ليعلم المسبوق حال الإمام في الجلسة الأخيرة.

ودليله ما ورد في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: "وإذا جلس في الركعة الآخرة قَدَّم رجله اليسرى، ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته"([511]).

2) أن يضع يديه على فخذيه - في الجلوس للتشهدين - منعاً للعبث، يبسط أصابع اليسرى منهما جهة القبلة، مضمومة، محاذياً برؤوسها طرف ركبتيه، ويضع اليمنى على طرف الركبة اليمنى، مقبوضة الأصابع؛ إلا المسبحة، فيرسلها جهة القبلة، ويضع الإبهام تحتها، ويرفعها إذا بلغ الهمزة الثانية من قوله: (لا إله إلا الله) بلا تحريك.

وأكمل التشهد، ما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول: "التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ([512]) الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ"([513]).

وأكمل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع ما في الأحاديث الصحيحة فيقول: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ النَّبيِّ الأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأزوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وعلى آلِ إبْراهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبيِّ الأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كما بَاركْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آل إبراهيم في العالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"([514]).

ولا بأس بزيادة كلمة سيدنا قبل ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم.

والدعاء بما شاء.

ومن الأدعية الواردة بين التشهد والتسليم:

ما روت أم سلمة رضي الله عنها: أنه كان أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ"([515]).

وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال: "قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"([516]).

وأفضل الأدعية:

ما روته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذَ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَالِ، وَأَعُوذ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمأْثَمِ([517]) وَالْمَغْرَمِ"([518]).

ومنه: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ"([519]).

20 - ويسن في السلام:

أن يقول: (ورحمة الله) بعد (السلام عليكم).

وأن يأتي بتسليمة ثانية، وفي كل منهما يبتدئ من جهة القبلة، وينتهي مع انتهاء الالتفات إلى اليمين في الأولى، وإلى اليسار في الثانية؛ بحيث تُرَى صفحة خده في كل مرة، ويَفْصِل بينهما بسكتة لطيفة.

وينوي السلام على من التفت هو إليه؛ من ملائكة، ومؤمني الإنس والجن، وينوي الرد على مَن سَلَّم عليه من إمام ومأموم.

 كما يستحب أن يدرج لفظة السلام، ولا يمدها؛ لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال: حَذْفُ([520]) السلام سُنَّة([521]).

21 - ومن سنن الصلاة:

الخشوع، وهو حضور القلب، وسكون الجوارح، وأن يتدبر القراءة والأذكار؛ لقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} [المؤمنون]، ولحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ، فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ؛ إِلاَّ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ"([522]).

ويندب الاستغفار والذكر عقب الصلاة، ودليله ما ورد عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً، وقال: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ"([523]). ويُسِرُّ به، أما الإمام الذي يريد تعليم الحاضرين؛ فيَجْهَر به، ويُقْبِل على المأمومين جاعلاً يساره إلى المحراب. ويُنْدَب رفع اليدين بالدعاء، ثم مسح الوجه بهما.

 ومن الأدعية المأثورة:

ما رواه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمَلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ"([524]).

ومنها: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ"([525]).

ومنها: "اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ"([526]).

وعن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ منهن - أي من الأشياء المذكورة في هذه الكلمات - دبر الصلاة: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ"([527]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " قلنا لأبي سعيد هل حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كان يقوله بعدما سلم؟ قال: نعم كان يقول: "سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"([528]).

ويندب حمد الله في أول الدعاء، والصلاة على النبي في أوله وآخره؛ لما روى الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفا قال: إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم([529]).

ويستحب للمصلي منفرداً أو مأموماً أن يطيل الذكر بعد الصلاة، ويكثر الدعاء بعد المكتوبة رجاء الإجابة.

أما الإمام فيندب له الانصراف عقب سلامه إذا لم يكن ثمة نساء لحديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان يسلم فينصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم([530]).

وذلك باستثناء ما بعد الصبح وبعد العصر؛ فإن الجلوس أفضل في هذين الوقتين إلى طلوع الشمس وغروبها؛ لما روي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة"، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تامة، تامة، تامة"([531]).

ويندب الفصل بين السنة والفرض بذكر أو انتقال وهو أفضل.

كما يسن للمرء أن يصلي إلى سترة يدنو منها؛ من جدار، أو سارية، أو شاخص ينصبه؛ لحديث سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا، لاَ يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلِيهِ صَلاَتَهُ"([532]).

ويستحب ألا يقل طول السترة عن ثلثي ذراع([533])، أما عرضها فلا ضابط فيه بل يكفي الغليظ والدقيق؛ لحديث أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يجزئ من السترة مثل مؤخرة الرحل([534]) ولو بدقة شعرة"([535]).

كما يستحب ألا تزيد المسافة بين المصلي والجدار أو الشاخص على ثلاثة أذرع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة، فصلى وبينه وبين الجدار نحو من ثلاثة أذرع([536]).

فإن لم يجد: بَسَطَ شيئاً طاهراً؛ يصلي عليه، أو خَطَّ خَطَّاً؛ وفقاً للمسافة المذكورة، روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؛ فَلْيَنْصِبْ([537]) عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا؛ فَلْيَخْطُطْ خَطًّا، ثُمَّ لاَ يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ"([538]).

ويحرم المرور بين المصلي والسترة، حتى يحرم المرور بين المصلي والخط.

ويستحب للمصلي دفع من أراد الاجتياز بين يديه والسترة؛ لحديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعُهُ، فَإِنْ أَبى فَلْيُقَاتِلْهُ([539])؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ"([540]).

وعن أبي جهيم الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ ـ أي ماذا عليه من الإثم ـ ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ". قال أبو النضر: لا أدري قال: "أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً" ([541]).

لكن لا تبطل صلاته بمرور من مر وما مر على الإطلاق([542]).

أما المرور بين يدي المصلي لسد فُرْجَةٍ في الصف المتقدم([543])، فلا شيء فيه.

ومثله المرور من بعد الشاخص؛ لما في حديث أبو هريرة رضي الله عنه المتقدم: "ثُمَّ لاَ يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ"([544]).

وكذلك المرور بين يدي المصلي إذا صلى في قارعة الطريق غير متخذ سترة.

مكروهات الصلاة

1 - ترك شيء من سنن الصلاة.

2 - الالتفات بالوجه من غير حاجة، ولا بأس بلمح العين دون الالتفات. عن عائشة رضي الله عنها: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال: "هُوَ اخْتِلاَسٌ([545]) يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ الْعَبْدِ"([546]).

فإن كان لحاجة: لم يكره؛ لحديث سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: ثُوِّبَ بالصلاة - يعني صلاة الصبح - فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب، قال أبو داود: وكان أرسل فارساً إلى الشِّعْبِ من الليل يحرس([547]).

3 - رفع البصر إلى السماء، ولو في دعاء القنوت؛ لحديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ؟"، فاشتد قوله في ذلك، حتى قال: "لَيَنْتَهِيَنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارَهُمْ"([548]).

4 – التثاؤب؛ وهو مكروه في الصلاة وفي غيرها، فليرده ما استطاع، ويستحب وضع يده فيه، سواء كان في الصلاة، أم لا؛ لحديث أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ"([549]).

5 - يكره القيام على إحدى رجليه بلا عذر، أو تقديمها على الأخرى، أو لصقها بها.

6 - تكره الصلاة حاقناً([550])، أو حاقباً([551])، أو حازقاً([552])، بل يحرم إن ضرته المدافعة لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلاَ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ"([553]).

وينبغي أن يزيل هذا العارض، ثم يشرع في الصلاة، ولو فاتته الجماعة، إلا إذا خاف فوت الوقت، فيصلي مع العارض؛ محافظة على حرمة الوقت.

7 - تكره الصلاة وهو تائق إلى الطعام، إن وسع الوقت، وكان الطعام حاضراً، أو قريب الحضور؛ حفاظاً على الخشوع في الصلاة، ودليله حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم([554]).

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتقديم الطعام على الصلاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ؛ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ"([555]).

8 - يكره أن يضع يده - اليمنى أو اليسرى - على خاصرته؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: نُهِيَ عن الخصر في الصلاة([556]). ولأن فيه كِبْرَاً، أو سوء أدب.

9 - أن يخفض رأسه في ركوعه.

10 - الاستناد إلى ما يسقط بسقوطه؛ إلا لعذر.

11 - الزيادة في جلسة الاستراحة على الجلوس بين السجدتين.

12 - إطالة القعود في التشهد الأول، وتطويل الدعاء فيه.

13 - مقارنة الإمام في أفعال الصلاة؛ لحديث البراء رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لا يحنو أحد منا ظهره حتى نراه قد سجد([557]).

14 - تكره الصلاة محاذياً للنجاسة، ولو لم يتصل بها؛ كالصلاة في المزبلة، والمجزرة، والمقبرة ولو غير منبوشة؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي في سبعة مواطن: فِي الْمَزْبَلَةِ، وَالْمَجْزَرَةِ، وَالْمَقْبَرَةِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَفِي الْحَمَّامِ، وَفِي مَعَاطِنِ الإِبِلِ، وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ"([558]).

أما المقبرة المنبوشة: فلا تصح الصلاة فيها؛ لأن ترابها نجس، إلا أن يَفْرِش ثوباً طاهراً يصلي عليه؛ فتصح مع الكراهة.

15 - تكره الصلاة في كل حال يُشَوِّش على المصلي؛ كالصلاة في طريق يمر الناس فيه، وفي مأوى الإبل، وفي بطن الوادي مع توقع السيل، وإلى جدار عليه نقوش، أو بثوب فيه صور أو أعلام تلهيه؛ لما روت عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة([559]) لها أعلام فقال: "شَغَلَتْنِي أَعْلاَمُ هذِهِ، اذهبوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةٍ([560])"([561]).

16 - يُكْرَه التلثم([562]) للرجل؛ لما ورد عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغطي الرجل فاه في الصلاة([563]).

ويُكْرَه التنقب([564]) للمرأة، إلا إذا خشيت رؤية الأجنبي لها، والفتنة، فترخي الخمار على وجهها أثناء القيام والركوع، وترفعه عند السجود؛ لتلامس جبهتُها.

17 - تكره الصلاة عند غلبة النوم؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ في الصَّلاَةِ، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ، فَيَسُبَّ نَفْسَهُ"([565]).

مبطلات الصلاة

1 - فقد شرط من شروط صحتها مع القدرة عليه، سواء دخل فيها بخلافه، أو دخل فيها وهو موجود ثم أخل به.

وينضوي تحت هذا:

(1) ملاقاة النجاسة التي لا يعفى عنها.

(2) الحدث قبل التسليمة الأولى.

(3) انكشاف العورة أو شيء منها.

(4) الانحراف عن القبلة.

(5) الردة والعياذ بالله.

2 - قطع ركن عمداً: كأن يعتدل قبل تمام الركوع، أو يسجد عامداً قبل تمام الاعتدال، أو يجلس للتشهد عامداً قبل تمام السجدة الثانية.

3 - ترك ركن من الأركان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: "ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"([566]).

4 - تقديم ركن فعلي على محله عمداً؛ بخلاف الركن القولي فتقديمه على محله لا يبطل، ولكن لا يُعْتَدَّ بالمُقَدَّم، بل يعيده في محله.

ويستثنى من الركن القولي: السلام؛ فتقديمه عمداً يُبْطِل الصلاة.

5 - العزم على قطع الصلاة؛ كأن يعزم في الركعة الأولى على قطعها في الثانية: فتبطل في الحال.

وكذا إذا شط في قطعها؛ كأن يتردد هل يخرج منها، أو يستمر: بطلت.

ومثله أن يُعَلِّق قطعها بشيء؛ لأن النية شرط في جميع الصلاة، وقد قَطَعَ ذلك بما فَعَلَ: فبطلت صلاته؛ كالطهارة إذا قَطَعَها بالحدث.

ولو دخل في الظهر مثلاً، ثم نوى صرف النية إلى العصر: بَطَل الظهر؛ لأنه قَطَعَ نيته، ولم تَصَحَّ العصر؛ لأنه لم ينوه عند الإحرام.

ويحرم على المصلي إذا دخل في الصلاة المكتوبة قطعها، إلا لضرورة؛ كإنقاذ حياة إنسان، أو تجنب حصول ضرر شديد كنشوب حريق.

ويجوز قطع النافلة إجابة لأحد الوالدين، إن لم يَعلم أن الابن في صلاة، وكان يشق عليه عدم الإجابة.

6 - تخلف المأموم عن إمامه أو تقدمه عليه بركنين فعليين عمداً، لغير عذر.

7 - الكلام الكثير ولو مكرهاً.

ودليله: قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث يسار بن معاوية ابن الحكم السلمي: "إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَىْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ"([567]).

وحد الكلام الذي يبطل الصلاة موضح فيما يلي:

(1) أن يتكلم عمداً بحرفين من حروف الهجاء فأكثر؛ ولو لمصلحة الصلاة، ولو لم يُفْهِما، أو حرف واحد مُفْهِم لمعنى؛ كما إذا قال: (عِ) أو (قِ) ([568]).

 أما إن تكلم عمداً بحرف غير مُفْهِم: فلا تبطل صلاته، إلا إن قصد بنطقه إبطال صلاته: فتبطل عندئذ؛ لأن فعله شروع في الإبطال.

(2) وتبطل الصلاة إذا بان منه حرف مُفْهِم، أو حرفان غير مفهومين أثناء تنحنحه([569])، أو ضَحِكِه، أو أنينه، أو بكائه؛ ولو خشية من الله تعالى. أو بنفخ من أنفه، أو فمه، أو بسعاله، أو عطاسه، أو تأوهه؛ إن كان قادرا على كتمه.

أما إن لم يُخْرِج شيئاً من الأحرف بكل ذلك: فلا تبطل الصلاة.

(3) إذا نطق بنظم القرآن بقصد التفهيم والإعلام، لا بقصد التلاوة؛ كأن يأذن لرجل بالدخول فيقول له: {ادخلوها بسلام آمنين}: بطلت صلاته.

أما إن قصد التفهيم مع التلاوة فلا تبطل.

ويعذر بالكلام في الصلاة في حالات:

(1) أن يسبق لسانه إلى الكلام بغير قصد، أو يغلبه الضحك، أو العطاس، أو السعال، ويظهر منه حرفان.

(2) أن يتكلم ناسياً، أو جاهلاً للتحريم بسبب قرب عهده بالإسلام، أو نشوئه في بادية بعيدة عن العلماء؛ على أن يكون الكلام يسيراً.

وضابط اليسير: ست كلمات عرفية فأقل.

أما إذا تجاوز الست كلمات فإنه يقطع الصلاة.

(3) يعذر في التنحنح، ولو كَثُر إن تعذر عليه النطق بركن قولي من أركان الصلاة؛ كقراءة الفاتحة.

كما لا تبطل الصلاة بالذكر والدعاء، إلا أن يكون خطاباً لمخلوق؛ كَرَدِّ السلام، وتشميت العاطس، وقوله: (غفر الله لك، أو عافاك الله)، أما إن قال ذلك جميعه بغير لفظ الخطاب، كما لو قال: (وعليه السلام) أو (عافاه الله): فلا تبطل؛ لأنه دعاء محض.

 كما لا تبطل الصلاة بالسكوت الطويل بلا عذر.

ويسن لمن نابه شيء في الصلاة؛ كأن كلمه إنسان وهو في الصلاة فأراد إعلامه أن يصلي، أو سها الإمام فأراد أن يعلمه السهو: أن يُسَبِّح الله تعالى بقصد الذكر مع الإعلام، أما إن قصد الإعلام وحده: فتبطل صلاته، إن كان رجلاً.

أما إن كانت امرأة فتصفق ببطن الكف على ظهر الكف الأيسر أو العكس.

أما إن ضربت بطنا ببطن على وجه اللعب ولو قليلاً: فتبطل صلاتها؛ لمنافاته الخشوع إلا إن جهلت التحريم.

ولو صفق هو وسَبَّحَت هي فقد خالفا السنة، ولا تبطل صلاتهما.

عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث نيابة أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم في إمامة الناس: "مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيُسَبِّحْ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ"([570]).

8 - الزيادة على أفعال الصلاة:

(1) إن كان الفعل من جنس أفعال الصلاة؛ بأن زاد ركوعاً، أو غيره من الأركان الفعلية([571]).

آ - فإن كان عامداً: بَطَلَت صلاته؛ قَلَّ العمل، أو كَثُر؛ لأنه بذلك يكون متلاعباً بالصلاة.

ب - وإن كان ناسياً: لم تَبْطُل؛ قَلَّ العمل، أو كَثُر؛ لحديث عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمساً، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: "وما ذاك؟" قال: صليتَ خمساً؛ فَسَجَدَ سجدتين بعدما سَلَّمَ([572]). ولأنه لا يمكن الاحتراز من النسيان.

 (2) أما إن لم يكن العمل من جنس الصلاة؛ كالمشي وإصلاح الرداء، والإشارة:

آ - فإن كان قليلاً لم تَبْطُل صلاته؛ عمداً فَعَلَه أو سهواً، إلا إذا قَصَدَ به اللعب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المصلي بدفع المارين بين يديه([573])، وأمر بقتل الأسودين الحية والعقرب في الصلاة، بقوله: "اقْتُلُوا الأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ"([574])، وحَمَل أمامة بنت أبي العاص فكان إذا سجد وضعها فإذا قام رفعها([575]).

أما لو ركب طفل على ظهر مصل مع تحقق نجاسة ثيابه: فإن صلاته تبطل؛ بخلافه مع يقين الطهارة: فإن ذلك لا يضر.

وسَلَّم عليه الأنصار، فَرَدَّ عليهم صلى الله عليه وسلم في الصلاة؛ باسطاً كَفَّه، جاعلاً بطنه أسفل وظهره إلى فوق([576]).

ولأن المصلي لا يخلو من عمل قليل فلم تبطل صلاته بذلك

ب - وإن كان كثيراً؛ بأن مشى خطوات متتابعات: بطلت صلاته عمدا فعله أو سهوا لأنه لا تدعو إليه الحاجة في الغالب.

وضابط الكثير يرجع فيه إلى العادة: فلا يَضُرُّ مَا يَعُدُّهُ الناس قليلاً؛ كالإشارة بِرَدِّ السلام، وخلع النعل، ورفع العمامة ووضعها، ولبس ثوب خفيف ومزعه، وحمل صغير ووضعه.

قالوا: وعليه فالفعلات الثلاث كثير بلا خلاف.

ولا يشترط أن تكون الأفعال الثلاثة من نوع واحد؛ فمثلاً إذا حَرَّك رأسَه، ويده، ومشى: اعتبر ذلك عملاً كثيراً؛ يُبْطِل الصلاة.

وشروط إبطال الصلاة في العمل الكثير:

(1) التتابع عرفا كأن لا يطمئن بين الفعلين.

(2) أن يكون الفعل بعضو ثقيل فإن كان بعضو خفيف فلا يبطل الصلاة كتحرك أصابعه كل أصبح بمفردها من غير تحريك الكف، أما تحريك الأصابع جميعها بحيث يتحرك معها الكف كما هو الغالب فإنه يضر مع التوالي، في سبحة، أو حكة، أو حَلَّ، أو عَقْدٍ، أو تحريك لسانه، أو شفتيه من غير تحريك الحنك، أو تحريك حاجبيه، أو أجفانه: فكل هذه الحركات لا تُبْطِل؛ ولو كثرت وتوالت، لكن يكره إن تعمده.

9 - الأكل والشرب:

(1) الأكل والشرب الكثيران يبطلان الصلاة؛ ولو كان الفاعل ناسياً، أو جاهلاً بإبطاله الصلاة.

(2) الأكل والشرب القليلان لا يبطلان الصلاة إن فَعَلَهُما ناسياً، أو جاهلاً، معذوراً.

أما العامد فتبطل صلاته؛ قَلَّ الطعام، أو كَثُر.

ولو نزلت من رأسه نخامة فابتلعها عمداً: بطلت صلاته؛ بخلاف ما لو لم يتمكن من إمساكها.

ولا بأس بجري الريق بين الأسنان إلا إذا انفصل شيء من الطعام مع الريق فابتلعه المصلي: فإنه يُبْطِل الصلاة.

 

 

سجود السهو والتلاوة والشكر

سجود السهو

شرع سجود السهو جبراً للخلل الواقع في الصلاة، فرضاً أو نفلاً، وإرغاماً للشيطان.

دليل المشروعية

حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلاَتِهِ فَلْيُلْقِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ، فَإِذَا اسْتَيْقَنَ التَّمَامَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ صَلاَتُهُ تَامَّةٌ كَانَتِ الرَّكْعَةُ نَافِلَةً وَالسَّجْدَتَانِ، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً كَانَتِ الرَّكْعَةُ تَمَامًا لِصَلاَتِهِ، وَكَانَتِ السَّجْدَتَانِ مُرْغِمَتَىِ الشَّيْطَانِ"([577]).

حكمه:

1 - هو سنة:

 آ – للمنفرد.

 ب – للإمام.

 ج - للمأموم لسهو إمامه إن لم يسجد إمامه.

 د - للمأموم المسبوق لسهو نفسه الواقع بعد انتهاء صلاة الإمام.

والدليل على أنه سنة قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم: فَإِنْ كَانَتْ صَلاَتُهُ تَامَّةٌ كَانَتِ الرَّكْعَةُ نَافِلَةً وَالسَّجْدَتَانِ"([578]).

2 - وهو واجب على المأموم إذا فعله إمامه قبل السلام، حتى ولو سلم بعد سلام إمامه ساهياً عن سجود السهو: لزمه أن يعود إليه إن قرب الفصل؛ وإلا أعاد صلاته، كما لو ترك منها ركناً؛ لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ"([579]).

كيفيته:

هو سجدتان.

وواجباته كواجبات سجود الصلاة، ومندوباته كمندوباته، وذِكْرُه كذِكْرِه.

واللائق بالحال أن يقول فيه: سبحان من لا ينام ولا يسهو.

أما إذا كان متعمداً سبب السهو فيسن له في سجود السهو الاستغفار.

وإن اجتمع سهوان أو أكثر من نوع واحد أو أنواع: كفاه للجميع سجدتان.

ولا يجوز أكثر من سجدتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين، وكلم ذا اليدين، واقتصر على سجدتين([580]).

فإن سها في سجود السهو فسجد ثلاثاً: لم يسجد لهذا السهو.

أما لو شك هل سجد للسهو سجدة أو سجدتين فيسجد أخرى، ولا يعيد السجود وإن تبين له أنهن صرن ثلاثاً؛ لأن سجود السهو لو لم يَجْبُر كل سهو لم يؤخر.

محله:

قبل السلام؛ للأحاديث الصحيحة الكثيرة فيه، ومنها:

حديث عبد الله بن بحينة رضي الله عنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات، ثم قام، فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته، ونَظَرْنا تسليمَه، كَبَّرَ، فسجد سجدتين، وهو جالس قبل التسليم، ثم سلم([581]).

ولأن فعله قبل السلام كان آخر الأمرين من فعله صلى الله عليه وسلم، والمتأخر ينسخ المتقدم، ولأنه يُفعَل لإصلاح الصلاة، فكان قبل السلام كما لو نسي سجدة من الصلاة.

ولا بد من كونه بعد التشهد، وإتمام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

فإن سجد قبل إتمامها: بطلت صلاته.

حتى لو كان مأموماً، ولم يكمل تشهده وصلاته على النبي صلى الله عليه وسلم: فإنه يجب عليه التخلف لهما، ثم يسجد وجوباً لتَوَجُّبِه عليه بفعل الإمام.

فواته:

يفوت بمجرد سلام المصلي عامداً، عالماً بالسهو. وإن قصر الفصل.

أما إن سلم المصلي ناسياً للسهو: فيعود إليه؛ إن لم يطل الفصل عرفاً، وإلا فات وقته؛ لأنه يؤتى به لتكميل الصلاة، فلم يُفْعَل بعد تطاول الفصل.

فإذا عاد إليه - في حال السهو وقِصَر الفصل - اعتُبر عائداً إلى حكم الصلاة، فلو تكلم عامداً، أو أحدث في السجود مثلاً: بطلت صلاته.

أسبابه:

تنحصر أسبابه في ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ترك مأمور به. والمأمور به أن يكون ركناً أو بَعْضَاً أو هيئة:

1 - فالركن: إن تُرك عمداً بطلت الصلاة وقد تقدم. وإن ترك سهوا أتي به وسجد للسهو لاحتمال الزيادة.

 - 2 - أما البعض: فيجبر بسجود السهو سواء تيقن الترك أو شك فيه.

 - 3 - أما الهيئة: فلا تحتاج إلى سجود السهو لجبرها سواء تركها عمداً أو سهواً، وسواء تيقن الترك، أو شك فيه، بل لو سجد لتركها بطلت صلاته.

 القسم الثاني: فعل منهي عنه؛ وذلك بأن يفعل سهواً شيئاً يبطل الصلاة عمده.

 القسم الثالث: فعل شيء في الصلاة مع احتمال زيادته، أو مع التردد فيه، وله تفصيل كبير يُقرأ في المطولات.

سجود التلاوة

دليله:

ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن، فيقرأ سورة فيها سجدة، فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد بعضنا موضعاً لمكان جبهته([582]).

حكمه:

1 - هو سنة للقارئ، سواء كان في صلاة أم لا، وسنة للقارئ وللمستمع ولو تركه القارئ، وللسامع، وهو للأولين آكد منه للثالث.

2 - وهو واجب على المأموم إن سجد إمامه، ويجب عليه الترك، إن ترك الإمام، وإلا بطلت صلاته في الحالتين؛ لأن سجود التلاوة سنة، ومتابعة الإمام فرض كما سيأتي في بحث صلاة الجماعة

 وإذا قرأ المصلي آية سجدة في الصلاة بقصد السجود فقط بطلت صلاته

ولا يسجد لتلاوة آية السجدة إن كان التالي نائماً، أو سكراناً، أو ساهياً؛ لأن هؤلاء جميعاً ليس لهم إرادة القراءة، أو كان جنباً؛ لأن قراءته غير مشروعة، أو سمعها السامع من مسجلة، أو مذياع أو تلفاز، أو جوال (الهاتف المحمول)؛ فإن ذلك صدى الصوت وليس حقيقة القراءة.

إلا إذا كان السامع يصغي أو يقصد الاستماع.

شروطه:

هي شروط صحة الصلاة نفسها.

وقته:

فور إنهاء آية السجدة.

فإذا أَخَّرَ بقدر ركعتين: فات وقته، ولا يُقْضَى.

ولو قرأها في الصلاة ولم يسجد، سَجَد بعد سلامه؛ إنْ قَصُر الفصل.

ولو كان القارئ أو المستمع مُحْدِثاً (غير متوضئ) حال القراءة أو السماع؛ فإن تَطَهَّر على قُرْبٍ سَجَد، وإلا فات ولا قضاء.

تكراره:

 يتكرر السجود بتكرر القراءة، ولو في مجلس واحد، أو ركعة واحدة.

أما إذا تكررت آية السجدة نفسها، واتَّحَدَ المجلس: فيكفي السجود مرة.

كيفيته:

سجود التلاوة إما أن يكون خارج الصلاة، وإما أن يكون أثناءها، وكيفيته تختلف بحسب ذلك:

1 - إن كان خارج الصلاة فأركانه أربعة هي:

 1) النية: لأنه عبادة.

2) تكبيرة إحرام قائماً أو قاعداً: لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن؛ فإذا مر بالسجدة: كَبَّر وسَجَد وسَجَدْنا معه([583]).

3) سجدة: يشترط فيها ما اشترط لسجود الصلاة.

4) التسليمة الأولى دون التشهد.

وسننه:

1) التلفظ بالنية.

2) رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام.

3) تكبيرة للهوي للسجود، ولا يسن رفع يديه فيها.

4) أن يقول في سجوده: (اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وَضَعْ عني بها وزراً، واقبلها مني كما قَبِلْتَها من عبدك داود عليه السلام)؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رأتني الليلة وأنا نائم، كأني أصلي خلف شجرة، فسجَدْتُ فسَجَدَت الشجرةُ لسجودي، فسمعتها وهي تقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، وَضَعْ بها عني وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وتَقَبْلها مني كما تَقَبلتَها من عبدك داود. قال ابن عباس، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدة، ثم سجد فسمعته وهو يقول، مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة([584]).

وإن قال فيه ما يقول في سجود الصلاة أجزأه.

5) تكبيرة للرفع من السجود.

6) التسليمة الثانية.

2 - وإما إن كان أثناء الصلاة فينوي المنفرد والإمام وجوباً - في القلب دون اللسان -، وينوي المأموم ندباً، وتجب عليه المتابعة.

ولا يُكَبِّر الساجد سجود التلاوة للافتتاح؛ لأنه مُحْرِم بالصلاة، لكن يستحب التكبير عند الهوي إلى السجود، وعند الرفع منه؛ دون رفع اليدين.

وإذا رفع رأسه من السجود قام ولا يجلس للاستراحة، ولا يسلم.

ويتوجب انتصابه قائماً؛ لأن الهوي إلى الركوع من القيام واجب، ويسْتَحب له بعد انتصابه أن يقرأ شيئاً، ثم يركع.

ما يقوم مقام السجدة:

يقوم مقامها أن يقول إذا سمعها: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) يكرر ذلك أربع مرات؛ قَدَرَ على السجود أم لم يقدر؛ كأن لم يكن طاهراً من الحدثين مثلاً.

سجود الشكر

دليله:

ما روى أبو بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا جاءه أمر سرور، أو بُشِّر به خَرَّ ساجداً شاكراً لله"([585]).

وما روى كعب بن مالك رضي الله عنه في حديث توبته قال: فخررت ساجداً، وعرفت أن قد جاء فَرَجٌ([586]).

حكمه:

يسن سجود الشكر عند هجوم نعمة، أو اندفاع نقمة؛ سواء خصته النعمة والنقمة، أو عمت المؤمنين.

وإنْ أَخَّرَ السجود: فات، ولا قضاء.

ويستحب سجود الشكر عند تلاوة سورة (ص) في غير الصلاة؛ لأنها سورة شكر، أما في الصلاة: فلا يفعل.

كيفيته:

هو كسجود التلاوة خارج الصلاة؛ من حيث الشروط، والأركان، والسنن.

 

 

الصلوات المسنونة

السنن الراتبة التابعة للفرائض:

هي قسمان؛ مؤكدة، وغير مؤكدة:

أولاً - المؤكد:

1 - صلاة الوتر:

عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوِترُ حق على كُلِّ مسلم، فَمَن أَحَبَّ أَن يُوتِرَ بخمس فَلْيَفْعَلْ، وَمَن أحبَ أَن يُوتِرَ بِثَلاث فَليفعل، وَمَن أَحبَ أَن يُوتِرَ بِوَاحِدة فَليفعل"([587]).

وأقله واحدة؛ للحديث.

وأكثره إحدى عشرة ركعة.

ولا تصح الزيادة عليها؛ لما روت عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة([588]).

فإن أوتر بواحدة جاز؛ لكن الاقتصار على ركعة واحدة خلاف الأولى، والمداومة عليها مكروهة.

وأدنى الكمال: ثلاث ركعات يقرأ في الأولى بعد الفاتحة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، وفي الثانية {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، وفي الثالثة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، والمعوذتين.

النية فيها: ينوي سنة الوتر إذا صلاها متصلة.

أما إذا صلى كل ركعتين على حدة ثم ركعة مفردة؛ فينوي قبل كل ركعتين أن يصلي من وتر الليلة، وعندما يصل إلى الأخيرة يقول: نويت الوتر.

وقتها: يدخل وقتها بفراغه من فريضة العشاء؛ ولو جمعت جمع تقديم مع المغرب.

ولو قدمها على فريضة العشاء لم يجز.

وينتهي بطلوع الفجر الصادق، ودليل ذلك ما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهى وتره إلى السحر([589]).

وأفضل الوقت آخر الليل؛ لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا"([590]).

فإن كان له تهجد، أوتر بعده.

أما إن أوتر قبل التهجد فلا يعيده بعده.

وإن أعاده بعده: فلا يصح؛ لما رواه طلق بن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ"([591]).

وإن كان لا يتهجد: استحب له أن يوتر بعد فريضة العشاء وسنتها، في أول الليل؛ لما روي عن جابر رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَافَ أَنْ لاَ يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ"([592]).

كيفيتها: يجوز لمن أوتر بما زاد على ركعة أن يؤدي الصلاة على إحدى صور ثلاث.

أفضلها: الفصل بأن يفرد الركعة الأخيرة بعد ركعتين أو أكثر؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين الوتر والشفع بتسليمة وَيُسْمِعُنَاهَا([593]). وللنهي عن تشبيه الوتر بالمغرب.

ويليها في الفضل: الوصل بتشهد واحد في الأخيرة.

وأدناها في الفضيلة: الوصل بتشهدين فتكون كالمغرب.

2 - ركعتا سنة الفجر:

روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"([594]).

ما يندب قراءته فيهما: يندب أن يقرا من سورة البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136] ومن آل عمران: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما من فعله صلى الله عليه وسلم([595]).

ويندب أن تكونا خفيفتين؛ لما روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول هل قرأ بأم الكتاب([596]).

3 - ركعتان قبل الظهر أو الجمعة:

لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين([597]).

4 - ركعتان بعد الظهر أو الجمعة:

لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم([598]).

5 - ركعتان بعد المغرب:

لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم، ويسن فيهما قراءة الكافرون والإخلاص.

6 - ركعتان بعد العشاء:

لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم.

ثانياً - غير المؤكدة:

1 - ركعتان قبل الظهر وركعتان بعده زيادة على المؤكد:

روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعاً قبل الظهر([599]).

وروي عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَافَظَ عَلَى أرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأرْبَعٍ بَعْدَهَا، حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ"([600]).

ويمكن قياس سنة الجمعة على سنة الظهر فتصلي أربعاً قبلية، وأربعاً بعدية، وروي عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا"([601]).

وله أن يجمع الأربع القبلية بإحرام واحد، وسلام واحد، لكن الفصل أفضل.

وله ذلك في البعدية، والفصل أولى كذلك.

وله أن يجمع القبلية والبعدية بإحرام واحد بعد الفرض.

2 - أربع ركعات قبل العصر:

لحديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا"([602]).

وله جمعها بإحرام وسلام أو فصلها بإحرامين وسلامين.

3 - ركعتان قبل المغرب.

4 - ركعتان قبل العشاء.

الصلوات المسنونة غير التابعة للفرائض

هي قسمان: ما تسن فيه الجماعة، وما لا تسن فيه الجماعة:

أولاً - ما تسن فيه الجماعة:

1 - صلاة العيدين:

تعريف العيد: العيد مشتق من العود، وهو الرجوع والمعاودة. وسمي بذلك لتكرره في كل عام.

حكم صلاة العيد: هي سنة مؤكدة؛ لمواظبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها، ويكره تركها.

ويسن حضور جماعتها للمقيم والمسافر، والمرأة بشرط: ترك الطيب وعدم لبس ثياب الزينة والشهرة؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ؛ وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ([603])"([604]).

وقتها: ما بين طلوع الشمس وزوالها.

ويكفي طلوع جزء من الشمس، لكن يندب تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح؛ فهي بذلك مستثناة من أفضلية فعل العبادة في أول وقتها.

كيفيتها: شرعت جماعة. وتصح فرادى.

ولا يسن لها أذان ولا إقامة؛ لحديث جابر رضي الله عنه: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة، ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة([605]). بل ينادي لها: الصلاة جامعة؛ قياساً على صلاة الكسوف.

وهي ركعتان لقول عمر رضي الله عنه: صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان([606]).

وصفتها المجزئة كصفة سائر الصلوات، وسننها كغيرها من الصلوات.

وينوي بها صلاة العيد وهذا أقلها.

وأكملها أن يحرم بالركعتين مع النية - ولا بد فيها من التعيين - ثم يأتي بدعاء الافتتاح، ثم يُكَبِّر([607]) قبل التعوذ سبع تكبيرات؛ سوى تكبيرتي الإحرام، والركوع، ويجهر بالتكبير؛ ولو كان مأموماً، أو قاضياً لها، ويرفع يديه حذو منكبيه في الجميع، ويضع يمناه على يسراه تحت صدره بعد كل تكبيرة، ويسن جعل كل تكبيرة في نَفَسن ويَفْصِل بين كل تكبيرتين بمقدار آية معتدلة؛ بأن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر([608]). ويقولها سراً، ثم يتعوذ بعد التكبيرات، ثم يقرأ الفاتحة، ثم يقرأ سورة (ق) أو (الأعلى) أو (الكافرون) جهراً، وفي الثانية يُكَبِّر خمساً عدا تكبيرتي القيام والهوي إلى الركوع، ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة (القمر) إنْ قرأ في الأولى سورة (ق)؛ لحديث رواه أبو واقد الليثي([609])، أو (الغاشية) إن قرأ في الأولى (الأعلى)؛ لحديث رواه النعمان بن بشير([610])، أو (الإخلاص) إن قرأ في الأولى (الكافرون).

لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما"([611]).

ولو شك المصلي في عدد التكبيرات بنى على الأقل.

أما المأموم فيتبع إمامه زاد أو نقص، ولا يُكَبِّر المسبوق إلا ما أدرك.

على أن التكبيرات كلها ليست فرضاً، ولا بعضاً (من الأبعاض).

ولو نسيها، وشرع في القراءة: فاتت، حتى لو ذكرها وهو راكع؛ فعاد إلى القيام ليكبرها عالماً بالتحريم: بطلت صلاته.

ثم يخطب الإمام بعدهما خطبتين؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يصلون العيدين قبل الخطبة([612]).

ولما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى؛ فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم([613]).

ولا بد أن تكون الخطبتان بعد الصلاة؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم([614]).

فإن خطب قبل الصلاة بطلت الخطبة.

 وهما كخطبتي الجمعة في الأركان لا في الشروط.

ويفتتح الأولى منها بتسع تكبيرات؛ يسن جعلها متوالية، ويُكَبِّر قبل الثانية سبعاً.

ويندب للخطيب أن يجلس قبل الخطبة للاستراحة جلسة قصيرة، قدر أذان.

ومن دخل والإمام يخطب صلى ركعتي العيد مع التحية.

ويستحب للناس استماع الخطبة.

وليست الخطبة ولا استماعها شرطاً لصحة صلاة العيد؛ وإن كان تركها، أو التكلم فيها، أو الانصراف منها مكروهاً.

ولا تجزئ صلاة العيد عن صلاة الضحى، بل تسن صلاة الضحى سواء قبل صلاة العيد أو بعدها، لكن الأفضل أن تصلي قبل صلاة العيد؛ تجنباً لخلاف العلماء.

سنن ليلتي العيدين ويوميهما:

1) إحياء ليلتي العيدين بالعبادة؛ لما روي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلتي العيدين محتسباً لله؛ لم يمت قلبه يوم تموت القلوب"([615]).

2) الغسل، ويمتد وقته من منتصف ليلة العيد إلى آخر نهار يوم العيد، وأفضل وقت لفعله بعد طلوع الفجر؛ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى([616]).

ويعضده ما روي عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى([617]).

كما يعضده القياس على الجمعة.

3) التنظيف، والتطيب، والتزين، ولبس أحسن الثياب منها بخاصة؛ يستوي في ذلك القاعد والخارج، والكبير والصغير، والمصلي وغيره.

4) الإفطار قبل الذهاب إلى صلاة عيد الفطر؛ لتمييز عيد الفطر عما قبله.

ويسن أن يكون الفطور تمرات، وأن يكون عددها وتراً. روي عن أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر، حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً([618]).

ويسن الإمساك عن الفطور قبل صلاة عيد الأضحى، إلى أن يرجع ليأكل من أضحيته إذا ضحى، وهو الغالب، لذلك سُنَّ تأخير الفطور مطلقاً في الأضحى.

5) البكور بالخروج إلى صلاة العيد لغير الإمام.

أما الإمام فيحضر مع دخول الوقت؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة([619]).

التكبير في العيدين:

هو سنة، ودليل مشروعيته في عيد الفطر قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185]، ودليل مشروعيته في عيد الأضحى قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] قال ابن عباس: الأيام المعدودات أيام التشريق([620]).

والتكبير نوعان: مرسل ومقيد.

1) التكبير المرسل: هو التكبير غير المقيد بالصلاة.

ووقته من غروب شمس ليلتي العيدين إلى دخول الإمام المسجد لصلاة العيد، فإن لم يصل مع الجماعة استمر تكبيره إلى إحرامه بصلاة العيد، فإن لم يصل استمر التكبير في حقه حتى الزوال.

 ويندب هذا التكبير للذكر والأنثى، والحاضر والمسافر، إلا الحاج؛ فإنه يلبي، إلى أن يتحلل؛ لأن التلبية شعاره ما دام مُحْرِماً، ثم يُكَبِّر بعد تحلله؛ لما أخرجه البخاري في باب التكبير أيام منى، وإذا غدا إلى عرفة، قال: وكان عمر رضي الله عنه يُكَبِّر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد، فيُكَبِّرون، ويُكَبِّر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه، وممشاه؛ تلك الأيام جميعاً. وكانت ميمونة تُكَبِّر يوم النحر، وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد([621]).

ويصح التكبير في كل الأحوال، والأمكنة؛ في المنازل، والأسواق، والشوارع؛ كما دل عليه حديث البخاري المتقدم.

ويتأكد التكبير عند تغير الأحوال؛ كالاجتماع، والذهاب، والإياب، والركوب.

ويندب رفع الصوت بالتكبير؛ إلا المرأة: فتخفض صوتها في حال وجود أجانب؛ بحيث تُسْمِع نفسها فقط.

2) التكبير المقيد: هو التكبير خلف الصلوات في عيد الأضحى فقط؛ فرضاً كانت الصلاة أو نفلاً، أداء أو قضاء، ولا يشترط أن يكون التكبير عقب الصلاة مباشرة، ولا يفوت بطول الفصل عن الصلاة.

وقته: ويبدأ وقته من صبح يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق وهذا لغير الحاج.

أما الحاج فيكبر من ظهر يوم النحر بعد أن يتحلل، إلى صبح آخر أيام التشريق.

والتكبير الواقع بين غروب شمس ليلة عيد الأضحى إلى صلاة العيد هو تكبير مرسل مقيد معاً.

صيغة التكبير: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر) ثلاثاً نَسَقَاً([622]).

وما زاد من ذكر الله: فحسن.

من ذلك: (لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد).

قال الشافعي في الأم: أحب أن تكون زيادته: (الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله وحده، صَدَق وَعْدَه، ونَصَرَ عبده، وهَزَم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله) ([623]).

ويندب التكبير في غير العيدين في الأيام المعلومات.

2 - صلاة الكسوف وصلاة الخسوف:

 المعنى اللغوي لكل منهما:

الكسوف: هو الاستتار، أو التغير إلى سواد؛ وتوصف به الشمس حين يستتر نورها، وتَسْوَدَّ بحيلولة القمر بينها والأرض.

والخسوف: هو المحو، أو النقصان، أو الذل؛ ويوصف به القمر حين يُظْلِم، وهذا الوصف أليق بالقمر؛ لأنه جرم عاتم يضيء بمقابلته للشمس، فإذا حال جرم الأرض بين القمر والشمس منع وصول نور الشمس إلى القمر فيُظْلِم.

حكم الصلاتين ودليلهما:

هما سنة مؤكدة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ([624])؛ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا"([625]).

ولقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37].

وتصح فرادى، لكن يسن أن تصلى جماعة.

وأن ينادى لها: (الصلاة جامعة). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي: إن الصلاة جامعة([626]).

ويجوز لمن صلاها وحده، ثم أدركها مع الإمام: أن يصليها معه ثانية؛ كما يفعل في المكتوبة.

ويسن الاغتسال لها؛ لأنها صلاة شرع لها الاجتماع والخطبة، فسُنَّ لها الاغتسال؛ كصلاة الجمعة.

كيفيتها: صلاتا الخسوف والكسوف سواء في الكيفية.

وأقل إحداهما ركعتان عاديتان، كسنة الظهر؛ لما ورد في حديث قَبِيصَةَ الهلالي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ؛ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَصَلُّوا كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ صَلَّيْتُمُوهَا"([627]).

ويجهر بهما في الخسوف.

ويُسِرُّ في الكسوف؛

لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام قياماً طويلاً، نحواً من قراءة سورة البقرة([628]).

وهو يدل على أنه لم يجهر؛ لأنه لو جهر لسمعه، ولما قدره بغيره، عن سمرة رضي الله عنه قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم في كسوف لا نسمع له صوتاً([629]).

ووردت أحاديث في الجهر، منها حديث عائشة رضي الله عنها: جهر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقراءته([630]).

فيُجْمَع بين الأدلة: بأن الإسرار في كسوف الشمس؛ لأنها صلاة نهار، والجهر في خسوف القمر؛ لأنها صلاة ليل.

وأقل الكمال: ركعتان في كل ركعة: ركوعان، وقيامان، وسجدتان، ويطيل القراءة والركوع والسجود.

ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام، وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم سجد فأطال السجود، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى، ثم انصرف، وقد انجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ؛ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا"، ثم قال: "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ؛ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا"([631]).

ويسن أن يخطب الإمام بعد صلاة الخسوف أو الكسوف؛ لما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم([632]).

ويستحب أن يخطب خطبتين هما كخطبتي الجمعة في الأركان، لكن لا يشترط فيهما من شروط خطبتي الجمعة إلا أن يُسْمِع الناس، وكونهما بالعربية، وكون الخطيب ذَكَرَاً.

وفي الخطبتين يحث الناس على التوبة، وفعل الخير من صوم وصلاة وصدقة؛ لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم.

فواتها: تفوت صلاة الكسوف بأحد أمرين:

1) بانجلاء قرض الشمس جميعه يقيناً؛ لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؛ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِىَ"([633]).

فلو انجلى بعضه وبقي لم تفت، وكذا لو شك بالانجلاء (كما في حال وجود سحاب كثيف) فتُصَلَّى.

ولو حصل الانجلاء أثناء الصلاة: أتمها.

2) بغروب الشمس كاسفة فليس له أن يشرع في الصلاة إذا حان الغروب.

أما إذا كان في الصلاة وغربت الشمس، وهي كاسفة: فيتمها.

وتفوت صلاة خسوف القمر بانجلائه جميعه يقيناً، أو بطلوع الشمس.

أما طلوع الفجر أو غروب القمر مخسوفاً فلا يُفَوِّتُها.

تتمة:

وتسن صلاة ركعتين عند الفزع من الزلازل، والصواعق، ونحو ذلك من الآيات.

لكن لا تسن بها الجماعة؛ لأن هذه الآيات كانت أيام النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينقل عنه أنه صلى منها جماعة غير الكسوف.

3 - صلاة الاستسقاء:

الاستسقاء لغة: طلب السقيا.

وشرعاً: سؤال الله تعالى أن يَسْقِي عباده عند حاجتهم.

والأصل في مشروعيته، حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً، فقال: يا رسول الله هلكت المواشي، وانقطعت السبل؛ فادع الله يغيثنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: " اللَّهُمَّ اسْقِنَا اللَّهُمَّ اسْقِنَا اللَّهُمَّ اسْقِنَا"، قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب، ولا قزعة([634])، ولا شيئاً، وما بيننا وبين سَلْعِ([635]) من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة، مثل الترس([636])، فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت، قال: والله ما رأينا الشمس ستاً، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبله قائماً، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل؛ فادع الله يمسكها. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ([637])، وَالْجِبَالِ، وَالْآجَامِ([638])، وَالظِّرَابِ([639])، وَالْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ". قال: فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس. قال شريك: فسألت أنساً: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري([640]).

أنواع الاستسقاء: والاستسقاء أنواع:

أدناها: الدعاء بلا صلاة، ولا خلف صلاة؛ فرادى ومجتمعين في مسجد وغيره، وأحسنه ما كان من أهل الخير.

وأوسطها: الدعاء خلف صلاة الجمعة، أو غيرها من الصلوات، وفي خطبة الجمعة، ونحو ذلك.

وأفضلها: الاستسقاء بصلاة ركعتين، وخطبتين، واستعداد وتَأَهُّبٍ لها قبل ذلك.

حكم صلاة الاستسقاء:

إنها سنة مؤكدة؛ لتكرر الأحاديث الصحيحة فيها، من ذلك: ما روى عباد بن تميم عن عمه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس ليستسقي، فصلى بهم ركعتين؛ جهر بالقراءة فيهما، وحَوَّل رداءه، ورفع يديه، فدعا، واستسقى واستقبل القبلة([641]).

وتجوز إعادتها أكثر من مرة حتى يُسْقَوا.

ويكون التأهب لها؛ بأن يخطب الإمام الناس، قبل عدة أيام من الخروج للصلاة؛ فيَعِظُهُم، ويُذَكِّرُهم، ويأمرهم بالخروج من المظالم، وينصحهم بالتوبة من المعاصي؛ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وَمَا طَفَّفَ([642]) قَوْمٌ الْمِيزَانَ إِلاَّ أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِينَ([643]) ([644]).

ويُذَكِّرُهم بمصالحة المتشاحنين، ويأمرهم بالصدقة، والإقبال على الطاعات؛ لأنه أرجى للإجابة، ويأمرهم بصيام ثلاثة أيام([645])، قبل موعد الخروج.

ثم يخرج بهم في اليوم الرابع صائمين؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ"([646]).

ويستحب لمن يخرج للاستسقاء: التنظف بغُسْل، وسواك؛ لأنها صلاة، يُسَنُّ لها الاجتماع، والخطبة؛ فشرع لها الغُسْل، والتنظف، لكن يستحب ألا يتطيب، وألا يخرج في زينة، بل يخرج في ثياب بذلة، وهي ثياب المهنة، وأن يخرج متواضعاً، خاشعاً، متذللاً، متضرعاً، ماشياً ولا يركب في شيء من طريق ذهابه، إلا لعذر؛ كمرض ونحوه.

روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متبذلاً متواضعاً متضرعاً([647]).

والسنة أن تُصَلَّى في الصحراء بلا خلاف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في الصحراء، ولأنه يحضرها غالب الناس، والصبيان، والحِيَّض، وغيرهم؛ فالصحراء أوسع لهم، وأرفق بهم.

ولا يُؤَذَّن للصلاة، ولا يُقَام، بل يستحب أن يقال: (الصلاة جامعة)؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي، فصلى ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خَطَبَنا، فدعا الله، وحَوَّل وجهه نحو القبلة، رافعاً يديه([648]).

كيفية الصلاة:

هي ركعتان كصلاة العيد؛ من حيث الافتتاح، والتعوذ، والتكبير سبعاً زائدة في الأولى، وخمساً زائدة في الثانية؛ لما ورد عن طلحة قال: أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء فقال: سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَلَبَ رداءه؛ فجعل يمينه على يساره، ويساره على يمينه، وصلى ركعتين، وكَبَّر في الأولى سبع تكبيرات، وقرأ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وقرأ في الثانية (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)، وكَبَّر فيها خمس تكبيرات([649]). ويرفع يديه في كل مرة، ويجهر بالقراءة، والأفضل أن يقرأ في الركعتين ما يقرأ في العيد.

والسنة أن يخطب الإمام بعد الصلاة خطبتين؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي، فصلى ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبنا([650]).

وخطبتا الاستسقاء كالخطبتين في العيدين في الأركان والسنن، لكن يستغفر الله في الخطبتين، بدلاً عن التكبير.

فيفتتح الأولى بالاستغفار تسع مرات، والثانية بالاستغفار سبعاً، يقول: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، ويختم كلامه بالاستغفار، ويكثر منه في الخطبة حتى يكون أكثر كلامه، كما يكثر من قوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح].

والمستحب أن يدعو في الخطبة الأولى بما شاء من الأدعية، والأفضل أن يقول([651]):اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، هنيئاً، مَرِيئًا([652])، مَرِيعًا([653])، غَدَقَاً، مُجَلِّلا([654])، سَحَّاً([655])، طَبَقًا([656])، دائماً.

اللهم اسْقِنا الغيثَ، ولا تجعلنا من القانتين([657]).

اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء([658]) والجهد والضنك([659]) ما لا نشكو إلا إليك.

اللهم أنبت لنا الزرع، وأَدِرَّ لنا الضرع، واسقنا من بركات الأرض.

اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعرى، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك.

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً فأرسل السماء علينا مدراراً.

ويستحب في الخطبة الثانية أن يستقبل القبلة ويحول رداءه فيجعل يمينه يساره وينكسه فيجعل أسفله أعلاه ويفعل الناس فعله لما روى عبد الله بن زيد الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يصلي وأنه لما دعا أو أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه([660]).

ويفعل ذلك - تحويل الرداء - تفاؤلا بتغير الحال إلى الخصب والسعة.

وفي رواية: وحول رداءه فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر، وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن([661]).

كما يستحب فيها أن يدعو سراً، ليجمع في الدعاء بين الجهر والإسرار؛ ليكون أبلغ.

وإذا أَسَرَّ دعا الناس سراً، وإذا جَهَر أَمَّنُوا.

ويستحب أن يبالغوا جميعاً في الدعاء، ويرفعوا أيديهم فيه، قال الشافعي: وليكن من دعائهم في هذه الحال: (اللّهمّ أنت أمرتنا بدعائك، ووعدتنا إجابتك، وقد دعوناك كما أمرتنا، فأجبنا كما وعدتنا، اللّهمّ امنن علينا بمغفرة ما قارفنا، وإجابتك في سقيانا، وسعة رزقنا)([662]).

 ويسن لكل من حضر أن يستشفع سراً؛ بخالص عمله، وبأهل الصلاح، ولا سيما أقاربه عليه الصلاة والسلام.

ويسن أن يدعو عند نزول المطر بقوله:

"اللهم اجعله صَيِّبًا([663]) هَنِيئًا([664])".

"اللَّهُمَّ سَيْبًا([665]) نَافِعًا([666])".

مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ([667]).

وله أن يدعو بما شاء.

ويقول عند التضرر بكثرة المطر: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا"؛ لما ورد في حديث أنس رضي الله عنه المتقدم([668]).

4 - صلاة التراويح:

وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات، في كل ليلة من رمضان، وينوي بكل ركعتين التراويح أو قيام رمضان.

كما يدعو بدعاء التوجه في ركعتين.

وإذا صلى أربعاً بتسليمة واحدة: لم تصح.

ووقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الصادق مثل الوتر.

ويندب تقديمها على الوتر.

وتسن قراءة جزء من القرآن فيها كل يوم.

كما تسن الجماعة فيها، وفي الوتر بعدها.

والدليل عليها، وعلى سنية صلاتها جماعة: ما روي عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل - في رمضان - فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى، فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر، أقبل على الناس، فتشهد، ثم قال: " أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا"، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك([669]).

وبقي الأمر على ما هو عليه في خلافة أبي بكر، وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنهما([670])، ثم جمع عمر رضي الله عنه الرجال لصلاتها، عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم، فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه([671]).

وعن هشام بن عروة أن عمر بن الخطاب أمر سليمان بن أبي حثمة أن يؤم النساء في مؤخر المسجد في شهر رمضان([672]).

والدليل على أنها عشرون: ما روي عن السائب بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة، قال: وكانوا يقرؤون بالمئين([673])، وكانوا يتوكؤون على عصيهم، في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه من شدة القيام([674]).

ثانياً: ما لا تسن فيه الجماعة:

وهو كثير منه:

1 - صلاة الضحى:

حكمها سنة مؤكدة، ودليها ما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث، لن أَدَعَهُن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر([675]).

ووقتها: من ارتفاع الشمس في السماء قَدْرَ رمحٍ إلى الزوال.

ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار؛ لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صَلاَةَ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ([676]) الْفِصَالُ([677])"([678]).

وأقلها ركعتان.

وأدنى الكمال أربع.

وأفضلها ثمان.

لثلاث روايات:

إحداها عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى([679]) مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى"([680]).

والثانية عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله([681]).

والثالثة عن أم هانئ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فصلى ثماني ركعات([682]).

ويسلم من كل ركعتين لما روت أم هانئ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح صلى سبحة الضحى ثماني ركعات، يسلم من كل ركعتين([683]).

ويستبح فيها قراءة سورتي الكافرون والإخلاص، ثم سورتي الشمس والضحى.

2 - صلاة الأوابين:

الأوابون هم الراجعون إلى الله تعالى.

عن أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة"([684]).

وتسمى كذلك صلاة الغفلة؛ وذلك لغفلة الناس عنها بعشاء أو نحوه، وأقلها ركعتان، وغالبها ست ركعات، وأكثرها عشرون.

3 - ركعتا تحية المسجد:

ودليلهما ما روي عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلاَ يَجْلِسْ؛ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ"([685]).

ويجوز أن يصليها أكثر من ركعتين؛ لكن بتسليمة واحدة، ويكره أن يجلس من غير تحية.

وأما تحية المسجد الحرام فهي الطواف.

وشرط التحية ألا تشغله عن صلاة الجماعة، بل ويكره له فعلها إذا وجد المكتوبة تقام؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةُ"([686]).

ويحصل ثواب التحية في هذه الحال؛ لأنها تحصل بجمعها مع غيرها، نافلة كانت أو فريضة([687])، ولو لم ينو التحية.

ولا تسن التحية للخطيب إذا دخل للخطبة في غير المسجد الحرام، أما في المسجد الحرام فعليه التحية بالطواف.

ويكره دخول المسجد في وقت الحرمة بنية تحية المسجد.

فواتها: تفوت بالجلوس؛ عامداً، أو ناسياً؛ إن طال الفصل ولا تقضى.

أما إن جلس ناسياً، أو جاهلاً وقَصُرَ الفصل: فلا تفوت؛ لما روي عن جابر رضي الله عنه قال: جاء سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِىُّ يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر، فقعد سليك قبل أن يصلي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْن؟"، قال: لا، قال: "قُمْ؛ فَارْكَعْهُمَا"([688]).

4 - ركعتا سنة الوضوء:

ولو كان مجدداً للوضوء.

وتسن ركعتان بعد الغُسْل، وبعد التيمم؛ حتى في أوقات النهي؛ لأن هذه الصلاة ذات سبب متقدم وهو الوضوء.

عن أبو هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال رضي الله عنه عند صلاة الفجر: " يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ([689]) نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ"، قال: ما عملت عملاً أرجى عندي: أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار؛ إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي([690]).

5 - صلاة التسابيح:

وهي أربع ركعات؛ يُسَبِّح فيها ثلاثمائة مرة. ومن أجل هذا سميت كذلك.

 أما كيفيتها فمبسوطة فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس ابن عبد المطلب رضي الله عنه: "يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّاهُ، أَلاَ أُعْطِيكَ، أَلاَ أَمْنَحُكَ، أَلاَ أَحْبُوكَ، أَلاَ أَفْعَلُ بِكَ عَشْرَ خِصَالٍ إِذَا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ؛ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ، خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ، صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ، سِرَّهُ وَعَلاَنِيَتَهُ، عَشْرَ خِصَالٍ أَنْ تُصَلِّىَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، تَقْرَأُ فِى كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَأَنْتَ قَائِمٌ قُلْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ؛ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، ثُمَّ تَرْكَعُ فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَهْوِى سَاجِدًا فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَسْجُدُ فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ فَتَقُولُهَا عَشْرًا؛ فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً"([691]).

6 - ركعتا الإحرام:

بحج أو عمرة، ويفعلهما قبله، ودليهما ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين([692]).

7 - ركعتا الطواف:

ووقتهما بعد الطواف، ودليلهما ما روي عن جابر رضي الله عنه قوله في حديث طويل في صفة حَجَّه صلى الله عليه وسلم: ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}([693]).

فهذا إشارة إلى أن صلاته بعد الطواف امتثال لهذا الأمر. وقد كان صلى الله عليه وسلم يواظب عليهما.

8 - صلاة الاستخارة:

وهي سنة لمن أراد أمراً من الأمور؛ فيصلي ركعتين بنية الاستخارة، ثم يدعو بما ورد في حديث جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: "إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي، وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أو قال: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ؛ فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي، وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أو قال فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ؛ فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي، قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ"([694]).

ويستحب له أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة (الكافرون) وفي الثانية بسورة (الإخلاص) ثم ينهض بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره، فإن لم ينشرح صدره لشيء أعادها حتى ينشرح، وقيل يعيدها إلى سبع مرات فإن لم يتبين له شيء سلك سبيل ذلك الأمر فتيسيره علامة للخير فيه.

9 - صلاة الحاجة:

 عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له إلى الله حاجة، أو إلى أحد من بني آدم؛ فليتوضأ، فليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم لِيُثْنِ على الله، ولِيُصَلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بِرٍّ، والسلامة من كل إثم، لا تَدَع لي ذنباً إلا غفرتَه، ولا هَمَّاً إلا فَرَّجْتَه، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها، يا أرحم الراحمين"([695]).

10 - ركعتان عند السفر في بيته؛ لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أريد أن أخرج إلى البحرين في تجارة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صل ركعتين"([696]).

11 - ركعتان عند القدوم من السفر:

لما روي عن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يَقْدُم من سفر إلا نهاراً، في الضحى؛ فإذا قَدِم بدأ بالمسجد، فصلى فيه ركعتين، ثم جلس فيه([697]).

12 - صلاة التطوع:

وهو النفل المطلق، غير المقيد بوقت ولا سبب.

ولا حصر له، ولا لعدد ركعات الواحدة منه.

وله أن ينوي عدداً، وله ألا ينويه، بل يقتصر على نية الصلاة.

فإذا شرع في تطوع، ولم ينو عدداً: فله أن يُسَلِّم من ركعة، وله أن يزيد؛ فيجعلها ركعتين، أو ثلاثاً، أو عشراً، أو ألفاً، أو غير ذلك.

وله أن يُنْقِص عما أَحْرَم به؛ بشرط تغير النية قبل الزيادة والنقص.

ولو صلى عدداً لا يعلمه: ثم سَلَّم: صح.

ثم إن تَطَوَّع بركعة، فلا بد من التشهد عقبها.

وإن زاد عليها ولو ألفاً بإحرام واحد، وسلام: فله أن يقتصر على تشهد واحد في آخر الصلاة.

وهذا لا بد منه على كل حال، أو أن يتشهد في الأخيرة، وما قبلها فقط، أو يتشهد في كل ركعتين، أو في كل أربع، أو ثلاث، أو ست، أو غير ذلك.

عن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها([698]).

وفي رواية عنها: ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم([699]).

والأفضل أن يسلم في كل ركعتين، في نوافل الليل والنهار؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صَلاَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى"([700]).

والتطوع بالليل أفضل منه بالنهار.

وأفضله التهجد([701])؛ لقوله تعالى في وصف المؤمنين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]، ولأنها تُفْعَل في وقت غفلة الناس وتركهم الطاعات ولأن الصلاة بعد النوم أشق

 وقد وردت أحاديث كثيرة في الحث عليها منها حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ"([702]).

ومنها ما روى جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً؛ لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؛ إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ"([703]).

وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الإِثْمِ"([704]).

وصلاة الليل سنة مؤكدة.

وأفضلها ما كان وسط الليل لمن قَسَّم الليل أثلاثاً([705])؛ لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا"([706]).

وتكون صلاة الليل إما نفلاً مطلقاً، أو وتراً، أو قضاء، أو نَذْرَاً.

 ما يسن للمتهجد:

1 - القيلولة: وهي النوم أو الراحة قبل الزوال لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "استعينوا بطعام السحر على صيام النهار، وبالقيلولة على قيام الليل"([707]).

2 - ينبغي له أن ينوي عند نومه قيام الليل نية جازمة ليحوز ما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، حَتَّى أَصْبَحَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ"([708]).

3 - أن يمسح النوم عن وجهه عند اليقظة وأن يتسوك وينظر في السماء وأن يقرأ الآيات التي في آخر آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه بات - وهو صغير - عند ميمونة خالته وفيه: فنام - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - حتى انتصف الليل أو قريباً منه، فاستيقظ يمسح النوم عن وجهه ثم قرأ عشر آيات من آل عمران([709]).

4 - يستحب أن يوقظ أهله وامرأته إذا استيقظ لقيام الليل والمرأة كذلك لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِى وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِى وَجْهِهِ الْمَاءَ"([710]). كما يستحب ذلك لغيرهما أيضاً.

5 - أن يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل ليصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين([711]).

6 - أما القراءة فله أن يجهر بها وله أن يخفض وله أن يتوسط للأحاديث الواردة في ذلك كله ومنها: حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال: كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل؛ يرفع طوراً ويخفض طوراً([712]).

وحديث أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه: "يَا أَبَا بَكْرٍ مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّى تَخْفِضُ صَوْتَكَ"، قال: قد أسمعت من ناجيت يا رسول الله قال: وقال لعمر رضي الله عنه: "مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّى رَافِعًا صَوْتَكَ"، قال فقال: يا رسول الله أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا بَكْرٍ ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا"، وقال لعمر: "اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا"([713]).

7 - أن يكثر من الدعاء والاستغفار لقوله تعالى {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18].

8 - أن يترك الصلاة إذا نعس فيها ويرقد حتى يذهب عنه النوم لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي؛ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لاَ يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُب نَفْسَهُ"([714]).

ما يكره للمتهجد:

1 - ترك تهجد اعتاده أو نقصه لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا عَبْدَ اللهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ"([715]).

لذا يستحب ألا يعتاد من قيام الليل إلا قَدْرَاً يغلب على ظنه بقرائن حاله أنه يمكن الدوام عليه مدة حياته؛ لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان عمله ديمة([716]). (ديمة: أي دائماً).

2 - أن يقوم كل الليل دائماً؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي"([717]).

ولأنه يضر بالعين وسائر البدن، ولو استوفى في النهار ما فاته في الليل لضيع كثيراً من مصالح دينه ودنياه.

 أما بعض الليالي فلا يكره إحياؤها كلها لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شَدَّ مِئْزَرَهُ([718])، وأحيا ليله، وأيقظ أهله([719]).

 

 

صلاة الجماعة

معنى الجماعة فضل صلاة الجماعة حكمها:

معنى الجماعة

لغة: الطائفة.

شرعاً: ربط صلاة المأموم بصلاة الإمام.

فضل صلاة الجماعة:

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذِّ([720]) بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً"([721])، وفي رواية: "بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً"([722]).

حكمها:

1 - هي فرض كفاية على الرجال، المقيمين، ساتري العورة، غير المعذورين في أداء المكتوبة.

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ، لَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ، إِلَّا قَدْ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ؛ فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ([723])"([724]).

وقوله: (لا تقام فيهم الصلاة) دليل على أنها فرض كفاية، ولو كانت فرض عين؛ لقال: لا يقيمون.

2 - وهى سنة مؤكدة في التراويح، وفي وتر رمضان، والعيدين، والكسوفين، والاستسقاء.

3 - وهي سنة في الصلاة المقضية التي يتفق الإمام والمأموم فيها؛ بأن يفوتهما فرض من جنس واحد؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر سار ليلة، حتى إذا أدركه الكَرَى عَرَّس([725])، وفيه: فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بلال، ولا أحد من أصحابه، حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولَهم استيقاظاً، ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أَىْ بِلاَلُ". فقال بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ - بأبي أنت وأمي يا رسول الله – بنفسك، قال: "اقْتَادُوا". فاقتادوا رواحلهم شيئاً، ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بلالاً، فأقام الصلاة، فصلى بهم الصبح، فلما قضى الصلاة، قال: "مَنْ نَسِىَ الصَّلاَةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا؛ فإن الله قال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}"([726]).

تحققها:

تتحقق باثنين فأكثر؛ لما روي عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي فلما أردنا الإقفال من عنده قال لنا: "إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا"([727]).

وتحصل الفضيلة بصلاة الرجل في بيته مع زوجته ونحوها.

وسواء قَلَّ الجمعُ أو كثر، لكن يُفَضَّل الجمع الكثير؛ لما روى أبى بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّ صَلاَةَ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلاَتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلاَتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاَتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ"([728]).

وتفضل الصلاة المكتوبة في المسجد عليها في البيت، أو في غير المسجد؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَطَهَّرَ فِى بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ؛ لِيَقْضِىَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ: كَانَتْ خَطْوَتَاهُ، إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً"([729]).

ولأن المسجد أكثر جمعاً. والصلاة في المساجد التي يكثر فيها الناس أفضل؛ لحديث أبي بن كعب رضي الله عنه المتقدم([730]).

إدراك فضيلة الجماعة:

يُدْرِك المأموم الجماعة ما لم يسلم الإمام التسليمة الأولى([731])، أما إن أدركه وقد شرع في التسليمة الأولى: فتنعقد صلاة المأموم منفرداً.

ومعنى الإدراك أن يحصل له فضلها.

وتُدْرَك فضيلة التحريم بالاشتغال بتكبيرة الإحرام عَقِبَ تَحَرُّم الإمام بها مع حضور تكبيرة الإمام؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّمَا الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا"([732]). فالفاء تدل على وجوب التعقيب فإذا أبطأ ولو لمصلحة الصلاة كالتطهر ولم يحضر تكبيرة إحرام الإمام فاتته فضيلتها.

متى يدرك المأموم المسبوق الركعة مع الإمام:

من أدرك الإمام راكعاً، واطمأن معه([733]) قبل ارتفاعه: أدرك الركعة؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاَةِ؛ فَقَدْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الإِمَامُ صُلْبَهُ"([734]).

وما يدركه المسبوق هو أول صلاته؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ؛ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا"([735]).

مسألة الاستخلاف:

إذا خرج الإمام على الصلاة لسبب، أو بلا سبب: جاز له أن يستخلف؛ لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: لما ثَقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ"، فقلت لحفصة قولي له: إن أبا بكر رجل أسيف([736])، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر. قال: "إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاس". فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة، فقام يهادى([737]) بين رجلين، ورجلاه تخطان في الأرض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب أبو بكر يتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يصلى قائماً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى قاعداً يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس مقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه([738]).

ويشترط أن يكون الخليفة صالحاً لإمامة هؤلاء المصلين.

ولو أحدث الإمام وانصرف، ولم يستخلف: قَدَّم القومُ واحداً بالإشارة.

ولو تَقَدَّم واحد بنفسه: جاز.

أحق الناس بالإمامة:

الوالي بمحل ولايته مُقَدَّم على الجميع.

ثم الإمام الراتب.

فالساكن بمِلْك، أو إعارة، أو إجارة، أو وقف، أو وصية، أو هبة، أو نحوها يتقدم؛ ولو كان عنده عالم؛ لحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ؛ فَإِنْ كَانُوا فِى الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ؛ فَإِنْ كَانُوا فِى السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً؛ فَإِنْ كَانُوا فِى الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا؛ وَلاَ يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِى سُلْطَانِهِ، وَلاَ يَقْعُدْ فِى بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ([739]) إِلاَّ بِإِذْنِهِ"([740]).

وإذا اجتمع المعير والساكن فيقدم المعير على الساكن.

ويجوز للأحق بالإمامة ممن سبق ذكرهم أن يتقدم أو يقدم غيره لها.

أما أحق الناس بالإمامة من حيث الصفات:

فالأفقه، ثم الأقرأ([741])، فالأزهد، فالأورع، ثم الأسبق إسلاماً، ثم الأسن، ثم الأحسن سيرة، فالأحسن صوتاً، فإن استووا تقارعوا؛ لعموم حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجْعَلُوا أَئِمَّتَكُمْ خِيَارَكُمْ؛ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ"([742]).

وإذا بلغ الصبي حَدَّاً يعقل، وهو من أهل الصلاة: صحت إمامته في الجمعة وغيرها؛ لما روي عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه أنه أَمَّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ست أو سبع سنين([743]).

على أن البالغ أولى من الصبي المميز؛ وإن كان الصبي أفقه، وأقرأ.

والمقيم أولى من المسافر؛ لأنه إذا تَقَدَّم المقيم أتموا صلاتهم كلهم؛ فلا يختلفون، وإن تقدم المسافر اختلفوا.

ما يندب في الجماعة:

1 - ألا يقوم المصلون إلا بعد فراغ الإقامة.

2 - تسوية الصفوف، والأمر بذلك، ومن الإمام آكد؛ يُقْبِل عليهم بوجهه، ويأمرهم بإقامة الصفوف؛ لما روى أبو مسعود البدري رضي الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: "اسْتَووا، وَلا تَخْتَلِفُوا؛ فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ"([744]).

وأفضل الصفوف الأول فالأول للرجال، وكذلك للنساء، إن لم يكن معهن رجال؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ؛ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا"([745]).

أما إن كانت الجماعة رجالاً ونساء؛ فالأفضل أن تقف النساء خلف الرجال.

وإذا وقفت المرأة بحذاء الرجل أو أمامه: صحت صلاتهما؛ لكن الأفضل أن تتأخر عنه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا"([746]).

3 – التخفيف([747])؛ إلا أن يرضى بتطويله جماعة محصورون، لا يصلى وراءه غيرهم؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ مِنْهُمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ"([748]).

4 - أن يجهر الإمام بالتكبير، ويقول: (سمع الله لمن حمده)، وبالسلام؛ ولو كانت الصلاة سرية.

ويجب أن ينوي بجهره الذكر مع الإعلام، أما إذا قصد الإعلام فقط، أو أطلق: فتبطل صلاته.

5 - انتظار الداخل في الركوع، والتشهد الأخير؛ على ألا يطول الانتظار، وألا يميز الإمام بين الداخلين.

ولا شك في أن هذا الانتظار يُقَيَّد جوازه بعدم الضرر بالمؤتمين؛ موافقة لأمره صلى الله عليه وسلم بالتخفيف في صلاة الجماعة.

ما يكره في الجماعة:

1 - يكره انتظار الداخل في غير الركوع والتشهد الأخير.

2 - يكره التطويل ليلحق به آخرون تكثر بهم الجماعة، أو ليلحقه رجل مشهور عادته الحضور، أو نحو ذلك؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ"([749]).

تعقيبات:

1 - يكره أن يصلي الرجل بقوم أكثرهم له كارهون؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً" وذكر فيه: "رجل أَمَّ قوماً وهم له كارهون"([750]).

2 - تصح إمامة القاعد المعذور للقائم؛ لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يصلى قائماً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى قاعداً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله، والناس مقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه([751]).

3 - إذا أُرْتِج([752]) على الإمام ووقفت عليه القراءة: استحب للمأموم تلقينه؛ لحديث المسور رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة، فترك شيئاً لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله، تركت آية كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هَلاَّ أَذْكَرْتَنِيهَا"([753]).

وكذا إذا قرأ في موضع فسها، وانتقل إلى غيره: استحب تلقينه، أو سها عن ذكر فأهمله، أو قال غيره: استحب للمأموم أن يقوله جهراً؛ ليسمعه الإمام فيقوله.

4 - إذا ترك الإمام فرضاً، ولم يرجع إليه: لم تجز للمأموم متابعته في تركه، فيفارقه، ويتم منفرداً.

لكن يُسْتَحَبُّ للمأموم أن يُسَبِّح ليتذكر الإمام، وعلى الإمام أن يعمل بيقين نفسه، لا بقول المأمومين.

ولو قام الإمام إلى ركعة خامسة في صلاة رباعية: فلا يتابعه المأموم إن علم ذلك؛ لأنه أتم صلاته يقيناً.

 

 

صلاة الجمعة

هي ركعتان وتقام في وقت الظهر بدلا عنه يوم الجمعة

حكمها:

هي فرض عين لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9]. فالأمر بالسعي يعني الوجوب، وما نُهِيَ عن البيع الذي هو مباح إلا لواجب. والمراد بذكر الله الصلاة وقيل الخطبة.

وروت حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ "([754]).

وعن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ"([755]).

3). وعن أبي الجعد الضمري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تَهَاوُنًا بِهَا؛ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ"([756]).

شروط وجوب الجمعة:

1 - الإسلام والبلوغ والعقل([757]).

أما الصبي غير البالغ فتستحب له.

2 – الذكورة؛ فلا تجب على المرأة، لكن إن صَلَّتها: أجزأت عن الظهر.

3 – الصحة؛ فلا تجب على المريض المُرَخَّص له بترك الجماعة.

لحديث طارق ابن شهاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ؛ إِلاَّ أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِىٌّ، أَوْ مَرِيضٌ"([758]).

والمرض المسقط للجمعة: هو الذي يَلْحَق صاحبَه بذهابه إليها مشقةٌ ظاهرةٌ غير محتملة.

4 – الإقامة؛ ويخرج بذلك المسافر سفراً مباحاً، ولو قصيراً؛ لاشتغاله بأسباب السفر.

فإن نوى إقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج: لزمته بلا خلاف.

ويحرم على من تلزمه الجمعة السفرُ بعد فجر يومها؛ إلا إذا أَمْكَنَه فعلُها في مقصده، أو طريقه، أو كان يلحقه ضرر بتخلفه عن رفقته.

شروط صحة الجمعة:

أولاً - أن تقع الصلاة كلها مع الخطبة في وقت الظهر؛ لحديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى الجمعة حين تميل الشمس([759]).

وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتبع الفيء([760]).

فلو خطب قبل دخول الوقت: لم تصح؛ لأن الجمعة رُدَّت إلى ركعتين بالخطبة، فإذا لم تجز الصلاة قبل الوقت: لم تجز الخطبة.

ثانياً - أن تقام في أبنية مجتمعة؛ يستوطنها من تنعقد بهم الجمعة، من خطة بلد، أو قرية مبنية، ولو بالخشب أو القصب، ولو لم تكن في المسجد؛ كأن تكون في فناء معدود من خطة البلد.

وشرط البلد أو القرية أن يسكنها الأربعون الذين تجب عليهم الجمعة؛ بحيث لا يظعنون ـ يسافرون ويغادرون ـ عنها صيفاً ولا شتاء؛ إلا لحاجة.

ثالثاً - ألا يسبقها أو يقارنها جمعة أخرى في محلها؛ أي في نفس البلد، أو القرية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين لم يقيموا سوى جمعة واحدة.

والاقتصار على صلاة جمعة واحدة في البلد الواحد أظهر لشعار الاجتماع، واتفاق الكلمة، إلا إذا عسر اجتماعهم؛ بأن أصبحت البلدة التي تقام فيها الجمعة كبيرة، وليس فيها مكان واحد يستوعب جماعتها بلا مشقة؛ مسجداً كان المكان أو غيره: فحينئذ يجوز تعددها.

رابعاً - الجماعة: فلا تصح فرادى.

يشترط أن يكون العدد في جماعة الجمعة أربعين عند تكبيرة الإحرام بما فيهم الإمام كلهم لا ممن تنعقد بهم الجمعة([761]).

ويشترط بقاء العدد كاملاً؛ من أول الخطبة، إلى انقضاء الصلاة؛ فإن انفضوا في أثناء الخطبة: لم يعتد بالركن المفعول في غيبتهم بلا خلاف.

فإن عادوا قريباً عُرْفَاً: وجبت إعادة الركن الذي لم يحضروه دون الاستئناف.

وإن عادوا بعد فصل طويل عُرْفَاً([762]): وجب الاستئناف؛ لانتفاء الموالاة.

خامساً - خطبتان قبل الصلاة، يجلس بينهما؛ لما روى جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائماً([763]).

شروطهما:

1 - اكتمال العدد الذي تنعقد به الجمعة.

2 - كونهما في وقت الظهر قبل الصلاة.

فلو خطب الخطبتين أو بعضهما قبل الزوال، ثم صلى بعدهما: لم يصح.

ولو صلى قبل الخطبتين: لم يصح؛ لأنهما شرط لصحة الصلاة، ومن شأن الشرط أن يُقَدَّم.

3 - طهارة الخطيب من الحدثين.

فلو خَطَبَ جنباً: لم يصح؛ لأن قراءة القرآن في الخطبة واجبة، ولا تحسب قراءة الجنب.

وإن أحدث أثناء الخطبة: وجب الاستئناف، ولو تطهر عن قرب؛ لأنها عبادة واحدة: فلا تصح أن تؤدى بطهارتين.

فإن أناب حين أحدث: فللنائب أن يَبني على ما فعله الأول.

أما لو أحدث بين الخطبتين والصلاة، وتَطَهَّر عن قُرْب: صح ذلك، ولا يضر.

4 - الطهارة من الخبث؛ في الثوب، والبدن، والمكان.

5 - كون الخطيب مستور العورة؛ لأن الخطبتين بمنزلة ركعتين.

6 - القيام مع القدرة؛ لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه المتقدم([764]).

فإن عجز استحب له أن يستخلف.

فإن خطب قاعداً للعجز، أو مضطجعاً إن عجز عن الجلوس، أو مستلقياً إن عجز عن الاضطجاع: جاز بلا خلاف؛ كالصلاة.

7 - الجلوس بين الخطبتين؛ جلوساً خفيفاً بقدر الطمأنينة؛ لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه المتقدم.

فروضهما:

1 - حمد الله تعالى، ولو ضمن آية؛ كأن يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1]، إذا قصد الذكر.

أما إن قصد قراءة الآية أو الآية والذكر أو أطلق أجزأت عن الآية ولم تجزئ عن حمد الله تعالى قال جابر بن عبد الله رضى الله عنهما: كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة؛ يحمد الله، ويثنى عليه، ثم يقول على إثر ذلك، وقد علا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول صبحكم ومساكم ويقول: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ"، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول: "أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ"، ثم يقول: "أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ؛ مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ"([765]).

2 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتندب الصلاة على الآل والصحب. ويجب الترتيب بأن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد حمد الله.

3 - الوصية بالتقوى؛ لحديث جابر رضي الله عنه([766])، ولأنها المقصود الأعظم من الخطبة، ولا يتعين لفظ الوصية، بل يجزئ قول الإمام: (أطيعوا الله) أو (اتقوا الله).

4 - قراءة آية مفهمة([767]) في إحداهما، والأفضل أن تكون في الأولى، لِتَقَابِل الدعاء في الثانية، فيكون في كل خطبة أربع فرائض.

ويسن أن يقرأ سورة (ق)؛ لما روي عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنها قالت: وما أخذت (ق * والقران المجيد) إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس([768]).

5 - الدعاء للمؤمنين والمؤمنات في الثانية. فلو أتى به في الأولى لم يُعْتَدَّ.

سنن الخطبتين:

أن تكونا على منبر؛ للأحاديث الصحيحة الكثيرة فيه، من ذلك:

ما قال أنس رضي الله عنه: خطب النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر([769]).

والسنة أن يكون المنبر ذا ثلاث درجات، فإن لم يكن فعلى مرتفع.

وأن يُسِلِّم عند دخوله المسجد، وأن يقبل على المصلين إذا صعد المنبر وانتهى إلى الدرجة التي تسمى بالمستراح، ثم يسلم عليهم ثانية؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دنا من منبره يوم الجمعة سَلَّم على مَن عنده من الجلوس، فإذا صعد المنبر؛ استقبل الناس بوجهه، ثم سَلَّم([770]).

ثم يجلس يستريح، فيؤذن واحد منهم؛ لحديث السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما([771]).

ويسن أن تكون الخطبة فصيحة، جَزْلَة، قريبة من الفهم، متوسطة؛ لا طويلة مملة، ولا قصيرة مخلة؛ لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنت أصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات؛ فكانت صلاته قصداً([772])، وخطبته قصداً([773]).

ويسن أن يقرأ في الصلاة سورة (الجمعة) في الركعة الأولى، وسورة (المنافقون) في الركعة الثانية، أو سورة (الأعلى) في الأولى، وسورة (الغاشية) في الثانية، وتكون القراءة جهراً.

ما يسن عمله ليلة الجمعة ويومها:

1 - قراءة سورة الكهف؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ؛ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ"([774]).

2 - الإكثار من الدعاء؛ لأن في يومها ساعة إجابة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: "فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا؛ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ"، وأشار بيده يقللها([775]).

3 - الإكثار من الصدقة، وفعلِ الخير، ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما روى أوس بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ؛ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ"، قالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟، أي يقولون قد بليت، قال: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَام"([776]).

4 - الغسل لمن أراد المجيء إلى الجمعة، ذكراً كان أو أنثى، مقيماً أو مسافراً؛ بخلاف من لم يُرِد حضورها، فلا يسن له الغسل؛ لقول ابن عمر رض الله عنهما: إنما الغسل على من تجب عليه الجمعة([777]).

وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لعثمان رضي الله عنه: ألم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ"([778]).

وبهذا يبدو الفرق بين غسل الجمعة وغسل العيدين، فالقصد من غسل الجمعة التنظف ودفع الأذى عن الناس، أما القصد من غسل العيد فالزينة وإظهار السرور لذا لم يختص بمن يريد حضور صلاة العيد.

ووقت الغسل ما بين طلوع الفجر إلى أن يدخل في الصلاة فإن اغتسل قبل طلوعه لم يجزئه لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ"([779]). فعَلَّقَه على اليوم.

ويسن تأخيره إلى الرواح للمسجد؛ لأنه إنما يراد لقطع الروائح، فإذا فعله عند الرواح كان أبلغ في المقصود.

ويفوت وقته إذا أُخِّر إلى بعد الصلاة؛ لما ذكرنا من مقصوده، أما غُسْل العيد فتَحْصُل به السنة، ولو بعد الصلاة؛ لأن القصد التزين ليوم العيد.

5 - أخذ الظفر إن طال، ونتف الإبط، وقَصُّ الشارب، وحلق العانة، ودليلها الندب العام إليها.

6 – الاستياك.

7 - تنظيف الثياب، ولبس أحسن ما عنده منها، والأكمل البيض؛ فإن لم تكن كلها فأعلاها؛ لحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ؛ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ، وَأَطْيَبُ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ"([780]).

أما الإمام: فيُسَنُّ له أن يزيد في الزينة، وتحسين الهيئة؛ للاتباع، ولأنه منظور إليه.

8 - التطيب بأحسن ما وجد من الطيب([781]).

ويسن لحاضر الجمعة:

1 - التبكير: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً([782])، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً؛ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ"([783]).

2 - ويستحب إن حَضَر قبل الخطبة: أن يشتغل بذكر الله تعالى، والتنفل.

فإذا جلس الإمام حَرُم التنفل.

ولا تنعقد الصلاة حال جلوس الخطيب بين الخطبتين؛ لما روي عن ثعلبة بن أبي مالك رضي الله عنه أن قعود الإمام يقطع السُّبْحَة([784])، وأن كلامه يقطع الكلام([785]).

ويستثنى من ذلك: تحية المسجد للداخل بعد جلوس الخطيب على المنبر؛ فله فعلها، بل يسن، ويجب تخفيفها، والاقتصار على ركعتين؛ لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ؛ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا"([786]).

3 - الدنو من الإمام؛ لحديث أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ([787])، وَدَنَا، وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ، صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا"([788]).

4 - الإنصات في الخطبة؛ بترك الكلامِ والذكر للسامع مع الإصغاء، وبترك الكلام دون الذكر لغير السامع؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]، نزلت هذه الآية في الخطبة، وإنما سميت الخطبة قرآنا لاشتمالها عليه.

ومعنى الآية محمول على الندب، لا على تحريم الكلام؛ بدليل ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال: يا رسول الله، هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس. فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو ورفع الناس أيديهم معه يدعون([789]).

وعليه يجب رد السلام، وإن كُرِه ابتداؤه.

ويسن تشميت العاطس، ورفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند قراءة الخطيب: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

وكذا عند ذكر اسمه، ولو من غير الخطيب.

أما في سوى ذلك فالصمت مستحب؛ لما ذكرنا من قوله تعالى، ولحديث أيي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ؛ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ: غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا"([790]).

ما يكره لحاضر الجمعة:

1 - تخطي الرقاب: لما روى عبد الله بن بُسْرٍ رضي الله عنه قال: كنت جالسا إلى جانبه يوم الجمعة. فقال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَيْ، اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ"([791]).

2 - تشبيك الأصابع أثناء الخطبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلاَةِ؛ فَهُوَ فِى صَلاَةٍ"([792])، ولحديث عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ: فَلاَ يُشَبِّكَنَّ يَدَيْهِ؛ فَإِنَّهُ فِى صَلاَةٍ"([793]).

3 - الاحتباء([794]) أثناء الخطبة؛ لما روى سهل بن معاذ عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الْحُبْوَةِ([795]) يوم الجمعة والإمام يخطب([796]).

إدراك الجمعة:

من دخل والإمام في الصلاة: أحرم بها، مهما أدرك منها.

فإن أدرك معه الركوع في الثانية؛ بحيث اطمأن قبل رفع الإمام عن أقل الركوع: فقد أدرك الجمعة.

وإن لم يدرك معه ركعة كاملة: لم يدرك الجمعة فيتمها ظهراً.

أعذار الجمعة والجماعة:

1 – المطرُ؛ إن بَلَّ ثوبه، ولم يجد كَنَّاً، وشدةُ الريح بالليلِ، والبردُ، والوحل، والحر في الظهر؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلةٌ ذات برد ومطر يقول: ألا صلوا في الرحال([797]).

وعن عبد الله بن حارث قال: خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ([798])، فأمر المؤذن لما بلغ حي على الصلاة قال: قل الصلاة في الرحال. فنظر بعضهم إلى بعض فكأنهم أنكروا فقال: كأنكم أنكرتم هذا إن هذا فعله من هو خير مني - يعني النبي صلى الله عليه وسلم -، إنها عزمة([799])، وإني كرهت أن أحرجكم([800]).

2 - المرض الذي يشق معه الحضور. وتمريض من لا مُتَعَهِّد بتمريضه غيره، وإشراف قريب له، أو شخص يأنس به على الموت؛ لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن سعيد بن زيد، وكان بدرياً مرض في يوم جمعة، فركب إليه بعد أن تعالى النهار، واقتربت الجمعة وترك الجمعة([801]).

3 - الخوف على نفسه من عدو، وعلى عِرْضِهن أو ماله، والخوف من انقطاع عن رفقة يريد السفر المشروع معهم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِىَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ". قالوا: وما العذر؟ قال: "خَوْفٌ، أَوْ مَرَضٌ؛ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلاَةُ الَّتِى صَلَّى"([802]).

4 - مدافعة الحدث.

5 - فقد ما يليق به لبسه.

6 - غلبة النوم.

7 - شدة الجوع والعطش؛ لحديث ابن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَلَا يَعْجَلْ، حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ؛ وَإِنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ"([803]).

8 - فقد الأعمى لمن يقوده؛ لحديث عتبان بن مالك رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إنها تكون الظلمة والسيل، وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله في بيتي مكاناً أتخذه مصلى، فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ؟"، فأشار إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم([804]).

فإن وجد متبرعاً لزمته، وكذلك لو وجده بأجرة المثل وهو واجدها.

وفائدة الأعذار سقوط الإثم في حال وجودها.

فإن كانت أمنيته أن يحضرها لولا العذر: كُتِب له فضلها؛ لحديث أبي بردة قال: سمعت أبا موسى مراراً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا"([805]).

 

 

صلاة المسافر (القصر والجمع)

قصر الصلاة

القصر هو صلاة الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين

دليله:

قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ([806]) فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} [النساء:101]. سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ}، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ؛ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ"([807])، أي: إن قصر الصلاة ليس من شرطه وجود الخوف.

وروى يحيى بن أبي إسحاق قال: سمعت أنساً رضي الله عنه يقول: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة([808]).

الحكمة من القصر:

التخفيف على المسافر لما يلحقه من المشقة. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ؛ فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ([809])، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ"([810]).

حكم القصر:

1 - مباح: إذا كان السفر مرحلتين إلى دون الثلاث؛ لما روي عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان يقصر الصلاة في مثل ما بين مكة والطائف وفي مثل ما بين مكة وعسفان وفي مثل ما بين مكة وجدة. قال مالك([811]): وذلك أربعة برد([812]).

2 - سنة مؤكدة:

إذا كان السفر ثلاث مراحل فأكثر من 121 كم فأكثر؛ لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، حتى إذا قدمت مكة، قالت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، قصرت وأتممت، وأفطرت وصمت. قال: "أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ"، وما عاب علي([813]).

3 - واجب مع الجمع: في حالة تأخير الظهر لوقت العصر، بنية الجمع وتأخير الصلاة، إلى أن يبقى من الوقت وقت العصر ما يسع أربع ركعات فقط.

شروط جواز القصر:

أولاً - التلبس بالسفر بمفارقة موضع الإقامة فلا يكفي جرد العزم عليه لقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} [النساء: 101]، فعَلَّقَ القصر على الضرب.

ولا فرق في ذلك بين أن يكون وقت الصلاة قد دخل بدء سفره أو بعده، ولا بين أن يكون قد مضى بعد دخول الوقت زمن يتمكن فيه من فعلها قبل سفره.

ويكون الجواز من ابتداء السفر، ويبدأ السفر منذ الخروج من السور في بلد أو قرية مسورة، أو ما يقوم مقام السور من لوحات؛ توضع على حدود المدينة، أو البلدة.

وإذا كان سفره بحرا يبدأ السفر من بدء ركوب السفينة.

وينتهي السفر:

1 - ببلوغه مبدأ سفره من سور وغيره.

2 - ببلوغ سور موضع، أو ما يقوم مقام السور إن نوى قبله الإقامة في هذا الموضع مطلقاً، أو نوى إقامة أربعة أيام صحيحة سوى يومي الدخول والخروج؛ لحديث العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلاَثًا"([814]).

فقد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمهاجر في إقامة الثلاثة بين أظهر الكفار، وكانت الإقامة عندهم محرمة؛ فالترخيص يدل على أنه بالثلاث لا يصير مقيماً.

أما إذا لم ينو قبل ذلك فينتهي سفره بإقامته، أو بنزوله وترك سيره.

3 - وإذا وصل إلى موضع يقصد فيه حاجة، يرجو فيه حاجة يرجو قضاءها في كل يوم، فلا يتيسر له، فيتأخر إلى ما بعده رجاء قضاءها، وهو لا يعلم أن قضاءها يتأخر أربعة أيام: فله القصر والجمع أيضاً([815]) - ثمانية عشر يوماً صحاحاً، ثم بعد ذلك يمتنع القصر على كل حال.

4 - وينتهي السفر بنية الرجوع إلى الوطن؛ إن نوى ذلك قبل أن يقطع مرحلتين في طريق سفره، فعندها يمتنع عليه القصر من حين نيته.

فلو أراد السفر من دمشق إلى حمص مثلاً: يحق له أن يقصر من أول الطريق فإذا خطر بباله أثناء الطريق، وقبل أن يقطع مرحلتين أن يعود إلى دمشق، فيعتبر سفره منتهياً، بدأ من هذه اللحظة.

وعليه ألا يقصر في طريق العودة؛ لأن المسافة ليست مسافة قصر.

أما إن سار أكثر من مرحلتين، ثم نوى الرجوع قبل الوصول: فله أن يقصر بالرجوع أيضاً، ولا ينتهي سفره بنية الرجوع.

ثانياً - أن يعزم في الابتداء على قطع مسافة القصر.

فلا يقصر طالب غريم - صاحب دَيْن - ذَهَبَ يفتش عن مدينه، ولا يعلم أين هو؟.

ولا الهائم الذي لا يدري أين يتوجه؟، وليس له قصد في موضع.

وكذا كل من سافر دون أن يعلم مقصده؛ فإذا قطع كل من هؤلاء مرحلتين في طريق سفره: جاز له القصر منذئذ.

ثالثاً - أن يكون السفر طويلاً - مرحلتين فأكثر - ولا تحسب منها مسافة طريق الرجوع.

فلو قصد محلاً على بعد مرحلة واحدة، ناوياً ألا يقيم فيه، بل يرجع: لم يَقْصُر ذهاباً ولا إياباً؛ وإن حصلت له مشقة.

رابعاً - ألا يكون السفر لمعصية.

فمن كان سفره واجباً؛ كالمسافر لقاء تعلم دِين، أو مندوباً؛ كالمسافر لصلة رحم، أو مباحاً؛ كالمسافر لتجارة: جاز له القصر.

وكذلك يجوز القصر للعاصي في سفره؛ كمن سافر لسبب مما تقدم، لكنه في سفره عصى الله أن شرب خمراً أو زنى.

أما العاصي بالسفر، وهو الذي أنشأ سفره لمعصية: فليس له أن يقصر في السفر. فإن تاب العاصي في السفر اعتبر أول سفره من حين توبته.

خامساً - أن يكون مؤدياً للصلاة الرباعية، أو قاضياً لفائتة سفر رباعية؛ لا فائته الحضر.

ويقصر فائته السفر إن قضاها في السفر، ولو كان غير السفر الذي فاتته فيه؛ لكن بشرط أن يكو السفر الثاني طويلاً.

أما إن قضاها في الحضر، أو في سفر قصير: فيتمها.

وأما فائتة الحضر: فعليه أن يتمها، ولو قضاها في السفر.

شروط صحة القصر:

1 - أن ينوي القصر مع الإحرام؛ بأن يقول مثلاً: نويت أن أصلي فرض الظهر مقصوراً.

فلو نواه بعد الإحرام: لم ينفعه.

فلو نوى الإتمام، أو أطلق: أتم.

2 - ألا يقتدي بمتم.

فلو اقتدى به ولو بجزء من صلاته؛ كأن أدركه في التشهد الأخير: لزمه الإتمام.

3 - العلم بجواز القصر.

4 - أن يدوم سفره من أول الصلاة إلى آخرها.

فلو وصل قبل أن يفرغ من الصلاة: لزمه الإتمام؛ ولو كان ناوياً القصر، ويتم دون تجديد النية.

صورة ذلك أن يكون أحرم على سفينة في السفر ثم اتصلت السفينة بموضع الإقامة، أو نوى الإقامة: لزمه الإتمام.

جمع الصلاة

حكمه ودليله:

يجوز للمسافر سفراً طويلاً، مباحاً، مبيحاً للقصر: الجمع بين العصرين، أو العشائين؛ تقديماً أو تأخيراً.

والدليل على ما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء([816]).

والجمع هو: ضم إحدى الصلاتين إلى الأخرى، في وقت إحداهما؛ سواء كانتا تامتين، أو مقصورتين، أو كانت إحداهما تامة، والأخرى مقصورة.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر آخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما([817]).

ثم لهذا الحكم تفصيل:

1 - حالات الجواز وشروطه:

1) أن يكون مسافراً سفراً طويلاً مباحاً.

2) أن يكون الجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء فقط.

فلا يجوز جمع الصبح إلى غيرها، ولا المغرب إلى العصر.

ومثل الظهر الجمعة في جمع التقديم فقط.

وأما التأخير في الجمعة: فلا يصح؛ لأن شرطها أن تكون في وقت الظهر.

2 - حالة يفضل فيها القصر والجمع:

حالة الحاج المسافر في مزدلفة وعرفة؛ لما روى عبد الرحمن بن يزيد قال: خرجنا مع عبد الله رضي الله عنه إلى مكة ثم قدمنا جمعاً([818])، فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة، والعشاء بينهما([819])، ثم صلى الفجر حين طلع الفجر، قائل يقول طلع الفجر، وقائل يقول لم يطلع الفجر. ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا فِي هَذَا الْمَكَانِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، فَلَا يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعًا حَتَّى يُعْتِمُوا وَصَلَاةَ الْفَجْرِ هَذِهِ السَّاعَةَ ([820])"([821]).

3 - حالة وجوبهما معاً:

وذلك إذا أَخَّر صلاة الظهر ليجمعها مع العصر، وقد ضاق وقت العصر على الإتيان بهما تامين؛ فيجب عليه حينئذ القصر والجمع.

شروط جمع التقديم:

1 - نية الجمع في الصلاة الأولى بأن يقول مثلاً: نويت أن أصلي فرض الظهر مجموعاً مع العصر جمع تقديم.

ويفضل أن تقرن نية الجمع بالتحريم في الأولى، ولا يجزئ تقديمها على التحريم.

ويجوز أن يأتي بها أثناء الصلاة حتى عند السلام، أما بعده: فلا يصح.

2 - البداءة بالأولى: لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع هكذا وقد قال: "وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"([822])، ولأن الأولى هي المتبوعة، والثانية تابعة لها؛ فقُدِّمت الأولى على الثانية لتحقق التبعية.

فإذا بدأ بالثانية قبل الأولى: لم يصح الجمع؛ إن كان عالماً عامداً، وعليه أن يعيد الثانية بعد الأولى فوراً إن أراد الجمع.

فإنْ لم يُرِد: أَخَّر الثانية إلى وقتها، ولا جمع.

أما إن وصل الثانية قبل الأولى ناسياً، أو جاهلاً: فتقع قضاء، إن كان عليه فائتة من نوعها، وإن لم يكن وقعت نفلاً مطلقاً.

3 - الموالاة بين الأولى والثانية: لأنهما كالصلاة الواحدة؛ فلا يجوز أن يُفَرَّق بينهما، كما لا يجوز أن يُفَرَّق بين الركعات في صلاة واحدة.

فلو تذكر بعدهما ترك ركن من الأولى: أعادهما وجوباً؛ لبطلان الأولى بترك ركن منها، مع تعذر تداركه بطول الفصل، وبطلان الثانية لفقدان الترتيب.

ولا تصح صلاة النفل؛ ولو راتبة بينهما، بل تصلى بعدهما. ولو فعل بطل الجمع.

وكذا لا تصح الجنازة بينهما.

وإن طال الفصل بينهما ولو بعذر؛ كالنوم مثلاً: وجب تأخير الثانية إلى وقتها.

4 - دوام السفر إلى عقد الثانية؛ أي إلى الإحرام بها.

شروط جمع التأخير:

1 - نيته قبل خروج وقت الأولى؛ ولو لم يبق من الوقت إلا بقدر ما يسع ركعة، وذلك ليتميز عن التأخير تعدياً.

فلو أَخَّر النية إلى وقت لا تسع فيه ركعة: فقد عصى، وصارت الأولى قضاء.

2 - دوام السفر إلى تمام الأولى لا عقدها فقط. فلو أقام قبل ذلك صارت الأولى قضاء.

ويسن في جمع التأخير: الترتيب، والموالاة؛ أي البداءة بالأولى، فالثانية بعدها بلا فاصل، ولا تجب الموالاة لحديث عبد الرحمن بن يزيد المتقدم([823]).

جمع التقديم في المطر:

يجوز جمع التقديم في المطر للجماعة تأتي من مكان بعيد، ويتأذى أفرادها كلهم.

وكذا في حالة البرد والثلج إن ذابا حال نزولهما، وبَلَّا الثوب.

والدليل على جواز جمع التقديم في المطر ما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً؛ في غير خوف ولا سفر([824]).

قال مالك: (أرى ذلك في المطر)، وبمثله قال الشافعي.

وأجاز بعض الشافعية جمع التقديم والتأخير بالمرض؛ كأن كان يُحَمُّ في الأولى، فيؤخرها إلى وقت الثانية، أو كان يُحَمُّ في وقت الثانية فيُقَدِّمها مع الأولى.

ودليلهم حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، بالمدينة؛ في غير خوف ولا مطر([825]).

قال النووي في المجموع: (وجه الدلالة منه أن هذا الجمع إما أن يكون بالمرض، وإما بغيره مما في معناه أو دونه، ولأن حاجة المريض والخائف آكد من الممطور.

 

 

الجنائز

معناها:

الجنائز بفتح الجيم جمع جنازة، وهي بالفتح والكسر: اسم للميت في النعش.

ذكر الموت وعيادة المريض وخدمته:

لئن كان الموت أعظم المصائب فإن الغفلة عنه أعظم؛ من أجل هذا سُنَّتْ كثرة ذكره.

روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ([826]) اللَّذَّاتِ"([827])، يعني الموت.

كما يجب الاستعداد له بالتوبة؛ لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس على شفير([828]) القبر فبكى حتى بل الثرى ثم قال: "يا إخواني لمثل هذا فأعدوا"([829]).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: "كُنْ فِى الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ"([830]).

والمريض بالاستعداد أولى.

ومن السنة عيادة المريض السليم حتى الأرمد لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني([831]).

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِن وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ"([832]).

كما تسن عيادة الجار المريض؛ ولو كان كافراً.

ويسن تخفيف الزيارة، ويدعو له بالعافية إن طمع في حياته.

ومن الأدعية المأثورة ما روت عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ بعضهم يمسحه بيمينه: "أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي؛ لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغادِرُ سَقَمًا"([833]).

فإن رأى حياته غير مرجوة: رَغَّبَهُ بتوبة، ووصية.

ويستحب لأهل المريض، ومن يخدمه الرفقَ به، واحتماله، والصبر على ما يَشُقُّ من أمره.

وكذلك من قَرُبَ موته بسبب حد أو قصاص؛ لحديث عمران بن حصين رضي الله عنه: أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إنها زنت وهي حبلى فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم ولياً لها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَجِئْ بِهَا"([834]).

ويستحب طلب الدعاء من المريض لحديث عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخلت على مريض فمره يدعو لك؛ فإن دعاءه كدعاء الملائكة"([835]).

ويستحب وعظ المريض بعد عافيته وتذكيره الوفاء بما عاهد الله تعالى من التوبة وغيرها من ضروب الخير. وينبغي له هو المحافظة على ذلك قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34].

ما يسن للمريض:

أن يُحْسَن ظَنَّه بالله تعالى بالمغفرة، وبقبول التوبة؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث: "لاَ يَمُوتُ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ"([836]).

وتكره له الشكوى إلا لطبيب، أو قريب، أو صديق؛ إن سألوه عن حاله أخبرهم بالشدة التي هو فيها، لا على حالة الجزع.

كما يكره له تمني الموت بلا خوف فتنة في الدين، عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي"([837]).

ويسن له التداوي؛ لما روي أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً"([838]).

كما ينبغي له أن يحرص على تحسين خُلُقه، وأن يجتنب المخاصمة والمنازعة في أمور الدنيا.

وأن يستحضر في ذهنه أن هذا آخر أوقاته في دار الأعمال؛ فيختمها بخير.

وأن يَسْتَحِلُّ زوجته، وأولاده، وسائر أهله، وجيرانه، وأصدقائه، وكل من كانت بينه وبينه معاملة، أو مصالحة، أو تعلق، ويرضيهم.

وأن يتعاهد نفسه بقراءة القرآن، وكثرة الذكر، وحكايات الصالحين، وأحوالهم عند الموت.

وأن يحافظ على الصلوات وغيرها من وظائف الدين.

وأن يوصي أهله بالصبر عليه، وبترك النوح عليه، وبترك كثرةِ البكاء، وبتعاهدهم بالدعاء له؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن حفصة بكت على عمر رضي الله عنه، فقال: مهلا يا بنية، ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"([839]).

ما يسن عند الاحتضار:

يسن إذا حضره الموت أن يضطجع على شقه الأيمن، ووجه إلى القبلة.

فإن تعذر فعلى شقه الأيسر ووجهه للقبلة.

وإلا فعلى قفاه ووجهه وأخمصاه إلى القبلة، ويُرْفَع رأسه بشيء حتى يتوجه إلى القبلة.

لما روي عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور رضي الله عنه فقالوا: توفي وأوصى بثلثه لك يا رسول الله وأوصى أو يوجه إلى القبلة لما احتضر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَصَابَ الْفِطْرَةَ، وَقَدْ رَدَدْتُ ثُلُثَهُ عَلَى وَلَدِهِ"، ثم ذهب فصلى عليه، وقال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَأَدْخِلْهُ جَنَّتَكَ، وَقَدْ فَعَلْتَ"([840]).

ويسن أن يجلس أمامه أرفق محارمه به؛ ليلقنه كلمات التوحيد.

والأفضل أن يكون غير وارث، كيلا يتهمه بالطمع في الإرث، فيُحْرَج من تلقينه.

فإن لم يحضره إلا الورثة لَقَّنَه أشفقهم عليه؛ يلقنه (لا إله إلا الله).

وذلك بأن يقولها أمامه، لِيُذَكِّره بها؛ لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ([841]) لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ"([842]).

فإن نطقها المحتضر فلا يعيدها الجالس أمامه، إلا إن نطق بها، ثم تكلم، فيعيدها له، ليعود إلى قولها، فتكون آخر كلامه من الدنيا؛ لما روى معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ"([843]).

ولا يلح عليه، ولا يقال له: قل لا إله إلا الله؛ لئلا يضجر، فيقول كلاماً قبيحاً؛ فيأثم.

ما يسن بعد الوفاة:

فإذا مات تولى أرفقُهم به إغماضَ عينيه، لئلا يَقْبُح منظره، ولأن البصر يتبع الروح فينظر أين تذهب؛ لما روت أم سلمة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة، وقد شُقَّ بصره، فأغمضه، ثم قال: "إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ"([844]).

ويَشُدَّ لحييه بعصابة عريضة، ثم يشد العصابة على رأسه حتى لا ينفتح فمه؛ فيقبح منظره.

ويُلَيِّن مفاصلَه بالتحريك، وبِدُهن إن احتيج إليه؛ لأن ذلك يُسَهِّل غسلَه، ولئلا تبقى أعضاؤه جافة، فلا يمكن تكفينه.

ويَنْزِع عنه ثيابه، ويستره بثوب خفيف، ويجعله على سرير أو لوح، حتى لا تصيبه نداوة الأرض؛ فتغيره.

ويضع على بطنه شيئاً ثقيلاً، حتى لا ينتفخ؛ لما روى أنه مات مولى لأنس بن مالك عند مغيب الشمس، فقال أنس رضي الله عنه: ضعوا على بطنه حديدة([845]).

ثم يُسْتَقْبَل به القبلة، ويُدْعَى له، ويُبَادَر إلى تبرئة ذمته؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ، حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ"([846]).

ويستحب إعلام أهله وأصدقائه بموته؛ للصلاة عليه.

كما يستحب لأقربائه وجيرانه أن يصلحوا طعاماً لأهله؛ لما روى عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: لما جاء نعي جعفر قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اصْنَعُوا لِأَهْلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا؛ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ"([847]).

ثم يُبَادَر إلى تجهيزه، ثم إلى إنفاذ وصيته؛ لما روى علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "يَا عَلِىُّ ثَلاَثَةٌ لاَ تُؤَخِّرْهَا: الصَّلاَةُ إِذَا أَتَتْ، وَالْجَنَازَةُ إِذَا حَضَرَتْ، وَالأَيِّمُ([848]) إِذَا وَجَدْتَ كُفُؤًا"([849]).

فإن مات فجأة وجب تركه حتى يتعين موته بظهور أمارات الموت فيه؛ من ميل أنف، وانخفاض صدغ، واسترخاء قدم.

حق الميت على المكلفين:

يجب على الناس في موتاهم وجوباً كفائياً تجهيز الموتى بحسب أقسام الموتى السبعة الآتية:

1 - مسلم غير شهيد: يجب غسله، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه، وإن كان سِقْطَاً([850])؛ إذا علمت حياته بالاستهلال([851])، أو الاختلاج، أو التنفس أو التحرك.

فإن مات محرما كان تكفينه غير كامل فلا يغطى رأس المحرم ولا يستر وجه المحرمة لأن الإحرام لا يبطل بالموت فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا لما روى ابن عباس رضي الله عنهما من قوله صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي سقط عن راحلته فَوَقَصَتْهُ: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلَا تَمَسُّوهُ طِيبًا وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا تُحَنِّطُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا"([852]).

2 - مسلم شهيد([853]):

يجب تكفينه ودفنه.

والأولى تكفينه بثيابه الملطخة بالدم فإن لم تكفه: وجب إتمامها بما يستر جميع بدنه.

ويجوز التكفين بغيرها.

أما الثياب التي لا تلبس عادة إلا للحرب مثل الدرع والخف فيندب نزعها عنه كسائر الموتى؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا في ثيابهم بدمائهم([854]).

ويحرم غسله؛ لإبقاء أثر الشهادة وهو الدم.

لما ورد أن رائحته يوم القيامة تكون كرائحة المسك، روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم لونه لون الدم وريحه مسك"([855]).

كما تحرم الصلاة عليه، ولا تصح.

أما خبر أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج وصلى على قتلى أحد صلاته على الميت؛ ففي تفسيره قولان:

أحدهما: أنه من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم.

والثاني: أن المراد بصلاته صلى الله عليه وسلم أنه دعا لهم؛ كدعائه للميت.

يعضد هذا التفسير ما ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في قتلى أحد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بدفنهم في دمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا([856]).

3 - سِقْطٌ مسلم بعد التخلق، دون أن تظهر فيه بَعْدَ وضعه علائم الحياة:

يجب غسله، وتكفينه، ودفنه بلا صلاة عليه.

 4 - سِقْطٌ مسلم قبل التخلق:

لا يجب فيه شيء، بل تحرم الصلاة عليه، ويسن ستره بخرقة، ودفنه.

5 - ذمي: يجب تكفينه، ودفنه، وتحرم الصلاة عليه.

6 - الكافر: يجوز غسله، ودفنه، وإتباع جنازته على الإطلاق.

ولكن لا تجوز الصلاة عليه، ولا الدعاء له بالمغفرة.

ولو اختلط مسلم وكافر: صلى عليهما، ويقول في دعائه: اللهم اغفر للمسلم منهما، أو يقول على كل واحد منهما: اللهم اغفر له إن كان مسلماً.

7 - الحربي والمرتد: يجوز لكل منهما الغسل فقط.

وتكون أجرة التجهيز؛ كثمن الماء، وأجرة الغسل، وثمن الكفن، وما إلى ذلك: من تركة الميت؛ تَخْرُج منها قبل وفاء الدين، وإخراج الوصايا، والإرث، ولكن بعد الرهن، والزكاة المتعلقة بعين النصاب.

فإن لم تكن للميت تركة: فمؤنة تجهيزه على من تلزمه نفقته، ثم من مال موقوف على تجهيز الموتى، ثم من بيت المال، ثم على أغنياء المسلمين.

تغسيل الميت:

أقل الغسل تعميم بدن الميت بالماء مرة واحدة.

وأكمله: أن يغسل في خلوة؛ لا يدخلها إلا الغاسل، ومن يعينه؛ إن احتاج.

ولولي الميت - وهو أقرب الورثة - أن يدخل؛ وإن لم يغسل، وإن لم يُعِن.

وأن يُلْبَس الميتُ قميصاً رقيقاً لا يمنع وصول الماء؛ لما روت عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غَسَّلُوه، وعليه قميصه، يَصُبُّون الماء فوق القميص، ويدلكونه بالقميص دون أيديهم([857]).

ولما روى البيهقي أن علياً رضي الله عنه غَسَّل النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم قميص، وبيد علي رضي الله عنه خرقة يتبع بها تحت القميص([858]).

ولأن ذلك أستر له.

ويجعل على مرتفع؛ كلوح.

ويُغْسَل بماء فاتر؛ لا حار ولا بارد.

وأن يُجْلِسَه على المرتفع برفق؛ مائلاً قليلاً إلى ورائه، ويسنده من قفاه، لئلا يميل رأسه، ويمر يده اليسرى على بطنه بتحامل يسير، مع التكرار؛ ليخرج ما في بطنه من فضلات.

ثم يضجعه على قفاه ويغسل سوأتيه، بخرقة ملفوفة على يساره، ثم يلقيها.

ويلف خرقة أخرى على يده بعد غسلها بماء وصابون، وينظف بها أسنانه، ومنخريه.

ثم يوضئه كالحي مع النية.

ثم يغسل رأسه فلحييه مع صابون.

ويسرح شعرهما بمشط واسع الأسنان برفق.

ثم يبدأ بميامنه؛ لحديث أم عطية رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في غسل ابنته: "ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا"([859]).

فيغسل شقه الأيمن، ثم الأيسر.

ثم يحرفه إلى شقه الأيسر فيغسل شقه الأيمن مما يلي قفاه.

ثم يحرفه إلى شقه الأيمن فيغسل الأيسر كذلك.

مستعيناً بالصابون.

ثم يزيل الصابون بماء من فَرْق رأسه إلى قدمه.

ثم يعمم الجسد بماء صافٍ، فيه قليل من العطر.

ويكون الغسل وتراً؛ لحديث أم عطية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: "اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ؛ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا"([860]).

وإذا كان الميت مُحْرِماً بحج أو عمرة: فلا يَقْرُب منه الطيب؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم: "وَلَا تَمَسُّوهُ طِيبًا"([861]).

ويستحب أن يعطر (يُبَخَّر) المكان عند الميت من حين يموت، حتى نهاية غسله؛ لأنه ربما ظهر منه شيء، فيغلبه رائحة البخور.

ومن تعذر غسله لفقد الماء أو غيره؛ كما لو احترق: بحيث لو غُسِّل لهرئ: يُمِّمَ.

أحكام تتعلق بالغاسل:

الأولى أن يُغَسِّل الرجالَ الرجلُ، وأن يُغَسِّل النساءَ امرأةٌ.

ويجوز للرجل غسل زوجته غير الرجعية؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع، فوجدني وأنا أجد صداعاً في رأسي، وأنا أقول: وارأساه فقال: " بَلْ أَنَا يَا عَائِشَةَ وَارَأْسَاهُ". ثم قال: "مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي، فَقُمْتُ عَلَيْكِ؛ فَغَسَّلْتُكِ، وَكَفَّنْتُكِ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ، وَدَفَنْتُكِ"([862]).

ويجوز للزوجة غسل زوجها.

وأولى الناس بغسل الرجل: أولاهم بالصلاة عليه، وهم رجال العَصَبَة من النسب([863]).

ثم الإمام، أو نائبه.

ثم ذوو الأرحام.

وإن اتحدوا بالدرجة: قُدِّم للغسل الأفقه، وقُدِّم للصلاة الأسن.

وأولى الناس بغسل المرأة قريباتها، وأولاهن: ذات المحرمية، فالأجنبية، فالزوج، فالرجال المحارم؛ وإلا يُمِّمَت من قِبَل الأجنبي.

والصغير الذي لم يبلغ حد الشهوة يغسله الرجال والنساء.

ويسن أن يكون الغاسل أميناً؛ لأنه إن رأى خيراً، كاستنارة وجه، وطيب رائحة: سُنَّ ذِكْرُه، أو إن رأى ضده، كتغير رائحة، وانقلاب صورة: حَرُمَ ذِكْرُه إلا لمصلحة.

لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ"([864]).

وروى أبو رافع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَكَتَمَ عَلَيْهِ؛ غُفِرَ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً"([865]).

وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْداً في الدُّنْيَا؛ إلاَّ سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ"([866]).

تكفين الميت:

أقل الكفن ثوب يستر بدن الميت ويعمه وهذا هو حق الميت المشوب بحق الله. أما حق الله فقط فثوب يستر العورة

ويسن أن يكون كفن الرجل ثلاثة أثواب؛ إزار، ولفافتين.

ولا يكره أن يضاف عليها قميص وعمامة.

لما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه قميصه، وأمره أن يكفنه فيه، ثم قام يصلي عليه([867]).

ولكن الأفضل والأكمل الاقتصار على الثلاثة فقط؛ لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب، بيض، سَحُولِيَّةٍ([868])، ليس فيها قميص، ولا عمامة([869]).

أما المرأة فيسن لكفنها خمسة: إزار، ثم قميص، ثم خمار، ثم لفافتان.

لما روت ليلى بنت قانف الثقفية رضي الله عنها قالت: كنت فيمن غَسَّل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الْحِقَاءَ([870])، ثم الدِّرْعَ([871])، ثم الْخِمَارَ، ثم الْمِلْحَفَةَ([872])،ثم أُدْرِجَتْ بعد في الثوب الآخر. قالت: ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عند الباب، معه كفنها يناولناها ثوباً ثوباً([873]).

ويسن أن تُبْسَط أحسن اللفائف، وأوسعها أولاً، ويذر عليها حنوط (عطر ترابي) ثم الثانية، ثم الثالثة التي تلي الميت.

ثم يحمل الميت إلى الأكفان مستوراً، ويُتْرَك على الكفن مستلقياً على ظهره، ويؤخذ قطن مع الحنوط والكافور، ويجعل بعضه بين ألييه، ويشد عليه بخرقة، كما يُشَدُّ التبان([874]).

ويجعل بعضه على منافذ البدن؛ كالفم، والمنخرين، والعينين، والأذنين، وعلى خُرَاج([875]) نافذ إن كان؛ ليخفي ما يظهر من رائحته.

ويجعل بعضه على مواضع السجود؛ لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: الكافور يوضع على مواضع السجود([876])، ولأن هذه المواضع شُرِّفَت بالسجود فخصت بالطيب.

ثم يلف عليه الثوب الذي يليه، فيُضَمُّ منه شقه الأيسر على شقه الأيمن، ثم الأيمن على الأيسر.

ثم يلف الثاني كذلك.

ثم الثالث كذلك.

ثم تُرْبَط الأكفان؛ ما لم يكن مُحْرِماً.

ثم تُحَلُّ في القبر.

الصلاة على الميت:

حكمها:

تجب الصلاة على الميت وجوباً كفائياً.

ولو لم يوجد إلا بعض الميت؛ من رأس، أو رِجْل: صُلِّي عليه.

شروط صحتها:

تقديم غسل الميت أو تيممه - عند العجز عن الغسل - على الصلاة، ويصح تأخير تكفينه عنها مع الكراهة.

ويشترط فيها إضافة لما ذكر ما يشترط في كل صلاة؛ من طهارة، وستر عورة، واستقبال القبلة.

أركانها:

1 – النية: ويجب فيها ما يجب في نية سائر الفرائض القصد، والتعيين، ونية الفرض.

بأن يقصد معنى قوله: أصلي فرض كفاية صلاة الجنازة على هذا الميت أو على من صلى عليه الإمام، ولا يجب تعيين الميت الحاضر.

2 - القيام للقادر.

3 - أربع تكبيرات، بما فيها تكبيرة الإحرام؛ لما روي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ فكَبَّر أربعاً([877]).

وروى حميد قال: صلى بنا أنس رضي الله عنه؛ فكَبَّر ثلاثاً، ثم سَلِّم، فقيل له فاستقبل القبلة، ثم كَبَّر الرابعة، ثم سَلَّم([878]).

4 - قراءة الفاتحة أو بَدَلَها عند العجز عنها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "لاَ صَلاَة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ"([879]).

5 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية، لأنها صلاة؛ فوجب فيها الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كسائر الصلوات، ولا تجزئ بعد غير الثانية للإتباع.

6 - تخصيص الميت بالدعاء، ولا يكفي الدعاء للمؤمنين والمؤمنات؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ"([880]).

ويتعين كون الدعاء بعد التكبيرة الثالثة.

وأقله ما يقع عليه اسم الدعاء.

7 - التسليمة الأولى بحسب كيفيتها في سائر الصلوات.

لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ثلاث خلال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن تركهن الناس: إحداهن التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة([881]).

سننها:

1 - أن تكون الصلاة في المسجد؛ لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سُهَيْلِ بْنِ الْبَيْضَاءِ إلا في المسجد([882]).

2 - أن تصلى جماعة، وبثلاثة صفوف فأكثر؛ لما روي مالك بن هبيرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيُصَلِّى عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ إِلاَّ أَوْجَبَ([883])"([884]).

وكلما كثر الجمع كان أفضل؛ لحديث ابن هبيرة رضي الله عنه المتقدم([885])، ولحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّى عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يَبْلُغُونَ مِئَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ؛ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ"([886]).

3 - أن يقف الإمام عند رأس الميت؛ إن كان رجلاً، وعند عجيزته إن كان امرأة، وأن تكون معظم الجنازة عن يمين الإمام؛ لما روي عن غالب قال: صليت مع أنس بن مالك على جنازة رجل، فقام حيال رأسه، ثم جاؤوا بجنازة امرأة من قريش فقالوا يا أبا حمزة([887])، صَلِّ عليها، فقام حيال وسط السرير، فقال له العلاء بن زياد: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام على الجنازة مقامك منها، ومن الرجل مقامك منه؟ قال: نعم. فلما فرغ قال: احفظوا([888]).

4 - رفع اليدين عند كل تكبيرة؛ حذو المنكبين، ثم يجمعهما عقب ذلك، ويجعلهما تحت صدره؛ واضعاً اليمنى على اليسرى، كما في سائر الصلوات.

5 - إيقاع قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى.

6 - أن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة الإبراهيمية.

7 - أن يدعو قبل دعائه للميت بما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فقال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا، وَمَيِّتِنَا، وَصَغِيرِنَا، وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا، وَأُنْثَانَا، وَشَاهِدِنَا، وَغَائِبِنَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِيمَانِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلاَ تُضِلَّنَا بَعْدَهُ"([889]).

ويسن أن يكون الدعاء بما جاء في الأحاديث الشريفة، ومنها:

حديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم - وصلى على جنازة - يقول: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلاً خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، أَوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ"([890]).

وأكمله ما التقطه الشافعي رضي الله عنه من مجموع الأحاديث الواردة ورتبه واستحبه وهو:

اللهم هذا عبدك، وابن عبدك، خرج من رَوْحِ الدنيا، وَسَعَتِهَا ومحبوبها، وأحبائه فيها، إلي ظلمة القبر، وما هو لاقيه، كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم نَزَل بك، وأنت خير منزول به، وأصبح فقيراً إلى رحتمك، وأنت غني عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك، شفعاء له، اللهم إن كان محسناً فَزِد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه، وَلَقِّه برحتمك رضاك، وَقِهِ فتنه القبر وعذابه، وافسح له في قبره، وجافِ الأرض عن جنبيه، وَلَقِّه برحمتك الأمن من عذابك، حتى تبعثه إلى جنتك، يا ارحم الراحمين([891]).

8 - الدعاء بعد التكبيرة الرابعة بقوله: "اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أجْرَهُ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعدَهُ"([892])، واغفر اللهم لنا وله.

9 - التسليمة الثانية.

أولى الناس بالصلاة على الميت:

أولى الناس بالصلاة على الميت ورثته من العَصَبَة، ثم الإمام، أو نائبه، ثم ذوو الأرحام؛ لأن القصد من الصلاة الدعاء للميت، ودعاء هؤلاء على الترتيب الذي ذكرنا أرجى للإجابة.

تعقيبات:

1 - تصح الصلاة على الغائب؛ لما صح أنه صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي بالمدينة يوم موته بالحبشة، عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَخًا لَكُمْ قَدْ مَاتَ؛ فَقُومُوا، فَصَلُّوا عَلَيْهِ"([893]). يعني النجاشي.

2 - تصح الصلاة على المدفون؛ ممن كان من أهل فرض الصلاة عليه، يوم الموت، وحال بينه وبين الصلاة عليه حائل؛ لما روي عن ابن نمير قال: "انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبر رَطْب،ٍ فصلى عليه، وصفوا خلفه، وكَبَّر أربعاً"([894]).

حمل الجنازة:

هو فرض كفاية، وليس فيه دناءة، ولا سقوط مروءة؛ بل هو بِرٌّ، وطاعة، وإكرام للميت، فَعَلَه الصحابة والصالحون.

ويحمل الجنازة الرجال دون النساء؛ لما روي عن أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ، وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ؛ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا؛ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ، إِلَّا الْإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ"([895]).

والأفضل أن يحمل الجنازة خمسة.

ويحرم حملها على هيئة مزرية كحمله في قفة.

كما يحرم حملها على هيئة يخاف منها سقوطه.

ويسن الإسراع بها؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ؛ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ"([896]).

اتباع الجنازة:

يستحب اتباع الجنازة، وعدم الانصراف حتى يُدْفَن؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا؛ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ؛ فَلَهُ قِيرَاطَانِ" قيل وما القيراطان؟ قال: "مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ"([897]).

ويسن المشي أمامها، قريباً منها، على أنه يجوز له المشي حيث شاء قريباً منها؛ لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه المتقدم بعضه وفيه: "الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ، وَالْمَاشِى يَمْشِى خَلْفَهَا، وَأَمَامَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ يَسَارِهَا؛ قَرِيبًا مِنْهَا"([898]).

وروى سالم عن أبيه رضي الله عنهما قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة([899]).

ولأنه شفيع الميت، والشفيع يتقدم المشفوع.

ويكره اللغط فيها، ويكره اتباعها بنائحة، أو حمل نار؛ لما روي عن عمرو بن العاص رضى الله عنه أنه قال وهو في سياقة الموت([900]): فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار([901]).

كما يكره اتباع النساء للجنازة؛ لما روت أم عطية رضي الله عنها قالت([902]): نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يُعْزَم علينا([903]).

ويكره الركوب في الذهاب معها، إلا لعذر. فإن ركب في الانصراف لم يكن به بأس؛ لما روى جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتبع جنازة أبي الدحداح رضي الله عنه ماشياً ورجع على فرس([904]).

ولا يكره للمسلم اتباع جنازة قريبه الكافر؛ لما روى عن علي رضي الله عنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن عمك الشيخ الضال قد مات. قال: "اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ"([905]).

ويستحب لمن مرت به جنازة أن يقول: سبحان الله الذي لا يموت أو سبحان الملك القدوس وأن يدعو لها ويثني عليها إن كانت أهلا لذلك.

دفن الميت:

هو فرض على الكفاية؛ لأن في تركه على وجه الأرض هتكاً لحرمته، وأذى للناس برائحته.

الواجب في الدفن:

الواجب فيه أن يوضع الميت في القبر مستقبلاً القبلة، ولا يجزئ وضعه على وجه الأرض، والبناء عليه؛ إلا إذا تعذر الحفر.

أما إذا توفي في السفينة؛ بعيداً عن الساحل: فيُشَدُّ بين لوحين؛ لئلا ينتفخ، ويلقى في البحر بعد غسله، وتكفينه، والصلاة عليه.

شروط القبر:

أقل القبر: حفرة تكتم رائحة الميت، وتحرسه من السباع.

وأكمله: حفرة بعمق قامة وبسطة؛ لما روي أن عمر رضي الله عنه أوصى أن([906]): يجعل عمق قبره قامة وبسطة([907]).

ولحديث هشام بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم يوم أحد: "احْفِرُوا، وَأَعْمِقُوا، وَأَحْسِنُوا"([908])، وفي رواية "وأوسعوا"([909]).

ما يسن في الدفن:

1 - أن يكون الدفن في المقبرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن الموتى بالبقيع، ولأنه يكثر الدعاء له ممن يزوره.

ويجوز الدفن في البيت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دفن في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها.

2 - يستحب أن يجمع الأقارب في موضع واحد؛ لما روى المطلب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك عند رأس عثمان بن مظعون صخرة وقال: "أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِى"([910]).

3 - أن يكون في غير الليل، وفي غير وقت حرمة الصلاة.

إلا أنه يجوز الدفن في هذين الوقتين من غير كراهة.

ودليل عدم كراهته في الليل حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بقبر قد دُفِنَ ليلاً، فقال: "مَتَى دُفِنَ هَذَا؟" قالوا: البارحة. قال: "أَفَلَا آذَنْتُمُونِي؟"([911])، قالوا: دَفَنَّاه في ظلمة الليل، فكرهنا أن نوقظك. فقام فَصَفَفْنَا خلفه قال ابن عباس: وأنا فيهم فصلى عليه([912]).

4 - أن يكون الدافنون رجالاً؛ لأن المرأة أضعف، ولئلا ينكشف بدنها حين الدفن، وأن يكونوا وتراً فإن حصلت الكفاية بواحد، وإلا ثلاثة، وإلا فخمسة؛ إن أمكن، واحتيج إليه.

5 - يسن الدفن باللحد؛ إذا كانت الأرض صلبة.

وفي الشق إذا كانت رخوة؛ لئلا ينهار عليه اللحد.

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال في مرضه: الْحَدُوا لِى لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَىَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كما صُنِعَ برسول الله صلى الله عليه وسلم([913]).

والشق هو: ما يحفر في قعر القبر؛ كالنهر، وتوضع بلاطة فوقه.

واللحد هو: حفرة في الجدار القبلي للقبر من الأسفل، بقدر حجم الميت. فبعد أن يُحْفَر القبر، ويعمق بقدر قامة وبسطة، يُحْفَر في جانبه اللحد، ثم يُسَدُّ اللحد بعد وضع الميت بلبنة، ثم ينهال عليه التراب، إلى أن يملأ القامة والبسطة.

6 - أن يُسْتَر القبرُ عند الدفن بثوب؛ سواء كان المدفون رجلاً أو امرأة؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: جَلَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر سعد بثوبه([914]).

7 - أن يوضع رأس الميت عند رِجْلِ القبر، ثم يسل فيه سلاً؛ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سُلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن قِبَل رأسه([915]). ولأن ذلك أسهل.

8 - أن يُفْضِيَ بخده إلى الأرض، ويكره أن يجعل له وسادة، أو صندوق، ولو أوصى بذلك؛ إلا إذا احتيج إليه لنداوة الأرض. روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إذا أنزلتموني في اللحد؛ فَأَفْضُوا بخدي إلى الأرض([916]). وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: لا تجعلوا بيني وبين الأرض شيئاً([917]).

9 - يسن أن يُسْنَد وجهُ الميت ورجلاه عند الدفن إلى جدار القبر، وظهره بنحو لَبِنَة، أو حجر؛ لئلا ينكب على وجهه.

وأن يوضع على شقه الأيمن؛ قياساً على النائم، وعلى المصلي مضطجعاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للبراء بن عازب رضي الله عنه: "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ؛ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ"([918]).

10 - ويسن أن يقول عند إضجاع الميت: (بسم الله، وعلى ملة رسول الله)([919]).

قال الشافعي ثم يقول: (اللهم أسلمه إليك الأشحاء من ولده، وأهله، وقرابته، وإخوانه، وفارق من كان يحب قربه، وخرج من سعة الدنيا والحياة إلى ظلمة القبر وضيقه، ونزل بك وأنت خير منزول به؛ إن عاقبته فبذنبه، وإن عفوت فأنت أهل العفو، اللهم أنت غني عن عذابه، وهو فقير إلى رحمتك، اللهم اشكر حسنته، وتجاوز عن سيئته، وشَفِّع جماعتَنا فيه، واغفر ذنبه، وافسح له في قبره، وأَعِذْه من عذاب القبر، وأدخل عليه الأمان والروح في قبره) ([920]).

وله أن يدعو بغيره إن شاء.

11 - ويسن لكل مَن على القبر أن يحثو عليه ثلاث حثيات تراب بيديه جميعاً، روى عامر ابن ربيعة عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين دَفَن عثمان بن مظعون رضي الله عنه، فصَلَّى عليه، وكَبَّر عليه أربعاً، وحثا بيديه ثلاث حثيات من التراب، وهو قائم على القبر([921]).

12 - ويسن ألا يزاد على التراب الذي أخرج من القبر.

فإن زادوا قليلاً فلا بأس به.

وَيُشَخَّصُ([922]) الْقَبْرُ مِنْ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ؛ لما روى القاسم بن محمد قال: دخلت على عائشة فقلت: يَا أُمَّهْ، اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما فكشفت لي عن ثلاثة قبور؛ لاَ مُشْرِفَةٍ، وَلاَ لاَطِئَةٍ، مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ([923]).

13 - كما يسن أن يُسَطَّح القبرُ، ويُوْضَع عليه الحصى، ويُرَشُّ عليه بالماء؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رَشَّ على قبر إبراهيم ابنه، ووضع عليه حصباء([924]). ولأنه إذا لم يرش زال أثره فلا يعرف.

14 - يسن أن يقف جماعة بعد دفنه يدعون للميت ويستغفرون له ويقرؤون عنده شيئا من القرآن وختمه أفضل ويسألون الله له التثبيت؛ لما روى عثمان رضي الله عنه قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت ووقف عليه قال: "اسْتَغْفِرُوا لِمَيِّتِكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ"([925]).

كما يسن تلقينه؛ لما روى سعيد بن عبد الله الأودي قال: شهدت أبا أمامة رضي الله عنه وهو في النزع فقال: إذا أنا مت فاصنعوا في كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِكُمْ، فَسَوَّيْتُمِ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ، فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلانَ بن فُلانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلا يُجِيبُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلانَ بن فُلانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلانَ بن فُلانَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا رَحِمَكَ اللَّهُ، وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ، فَلْيَقُلْ: اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ وَاحِدٌ مِنْهُمْا بِيَدِ صَاحِبِهِ، وَيَقُولُ: انْطَلِقْ بنا مَا نَقْعُدُ عِنْدَ مَنْ قَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، فَيَكُونُ اللَّهُ حَجِيجَهُ دُونَهُمَا"، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أُمَّهُ؟ قَالَ:"فَيَنْسُبُهُ إِلَى حَوَّاءَ، يَا فُلانَ بن حَوَّاءَ"([926]).

15 - يسن وضع الجريد الأخضر والريحان على القبر؛ لأنه يستغفر للميت ما دام رطباً.

ودليله حديث المعذبين في القبر، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع الجريد على القبرين وقال: "لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا"([927]).

ولا يجوز أخذه قبل أن ييبس من غير واضعه.

ما يكره في الدفن:

يكره أن يُجَصَّص القبر، وأن يبنى عليه، وأن يُكْتَب عليه؛ لما روى جابر رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُجَصَّص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يُبْنَى عليها، وأن توطأ([928])، ولأن ذلك من الزينة.

ما يحرم في الدفن:

لا يجوز أن يدفن ميت في موضع ميت؛ إلا أن يعلم أنه قد بَلِيَ، ولم يبق منه شيء.

ويُرْجَع فيه إلى أهل الخبرة بتلك الأرض.

كما لا يجوز أن يدفن اثنان في قبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في كل قبر إلا واحداً.

فإن دعت الضرورة إلى ذلك جاز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع الاثنين من شهداء أحد في ثوب واحد، روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد([929]).

وإن دعت الضرورة أن يدفن مع امرأة رجل: جُعِل بينهما حائل من التراب.

كما لا يجوز نبش القبر قبل البلى.

زيارة القبور:

تسن زيارة القبور للرجال؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: "فَزُورُوا الْقُبُورَ؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ"([930]).

وتكره للنساء تنزيهاً؛ لقلة صبرهن.

والدليل على عدم حرمتها عليهن؛ ما روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بامرأة تبكي عند قبر فقال: "اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي"([931])، فلم ينهها عن الزيارة.

لكن إن كان في خروجهن إلى القبور فتنة؛ فتحرم عليهن الزيارة، وعليه حُمِل حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج([932]).

ويستثنى من ذلك قبر الرسول صلى الله عليه وسلم: فتندب لهن زيارته، وكذا قبور سائر الأنبياء، والأولياء.

ويندب أن يقول الزائر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم قوله إذا خرجوا إلى المقابر؛ فيما رواه بريدة رضي الله عنه: "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلاَحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ"([933]).

وله أن يزيد: (اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم).

كما يندب له أن يقرأ ما تيسر من القرآن كـ (سورة يس)، ويدعو له، ولجميع أهل المقبرة.

ويُنْدَب أن يتصدق على روحه.

ويسن أن يَقْتَرب من قبر المزور بقدر ما كان يدنو من صاحبه؛ لو كان حياً، وزاره.

وأن يسلم عليه من قِبَل رأسه.

ويكره تقبيل القبر، واستلامه، وتقبيل التابوت، واستلامه؛ لأن في ذلك تعظيماً للقبر، وقد صح النهي عن تعظيم القبور.

ويكره الجلوس على القبر، ووطؤه؛ إلا لضرورة.

ويكره الاتكاء عليه؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ، فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ؛ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ"([934]).

التعزية:

التعزية لغة: التصبير لمن أصيب بمَن يَعُزُّ عليه.

حكمها: هي سنة؛ لما روى أسامة بن زيد رضي الله عنه كما قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن ابناً لي قبض فائتنا، فأرسل يُقْرِئُ السلام ويقول: "إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّى. فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ"([935]).

ويستحب أن يعزي جميعُ أقاربِ الميت أهلَه؛ الكبار، والصغار، الرجال، والنساء.

وتعزية الصلحاء والضعفاء عن احتمال المصيبة والصبيان آكد.

صيغتها: يستحب أن يعزي بتعزية الخضرِ عليه السلام أهلَ بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أن يقول: (كل نفس ذائقة الموت، إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخَلَفَاً من كل هالك، ودَرَكَاً من كل فائت، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإن المصاب من حُرِم الثواب)([936]).

ويستحب أن يجمع بين الدعاء للميت والمعزى به.

والمشهور([937]):

تقديم الدعاء للمعزى فيقول: (أعظم الله أجرك، وأحسن عزاك، وغفر لميتك).

فإن عزى مسلماً بكافر قال: (أعظم الله أجرك، وأحسن عزاك).

وإن عزى كافراً بمسلم قال: (أحسن الله عزاك، وغفر لميتك).

وإن عزى كافراً بكافر قال: (أخلف الله عليك، ولا نقص عددك).

وقتها: من حين الموت إلى حين الدفن، وبعد الدفن بثلاثة أيام.

وتُكْرَه بعدها إلا إذا كان المعزي أو المعزى غائباً؛ فلم يحضر إلا بعد ثلاثة أيام: فإنه يعزيه.

وعلة كراهتها بعد ثلاثة أيام أن المقصود منها تسكين قلب المصاب، والغالب سكونه بعد الثلاثة؛ فلا يجدد له الحزن.

وهى بعد الدفن أفضل منها قبله؛ لانشغال الأهل قبل الدفن بتجهيز ميتهم، ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر.

البكاء على الميت:

هو جائز، ما دام من غير نياحة، ولا ندب([938])، روي عن عبد الله بن عمر رصي الله عنهما قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، فلما دخل عليه، فوجده في غاشية أهله فقال: "قد قضى؟". قالوا: لا، يا رسول الله، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا فقال: "أَلَا تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا؛ وأشار إلى لسانه، أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ([939])"([940]).

وهو جائز قبل الموت وبعده.

ولا يجوز لطم الخدود، ولا شق الجيوب، ولا رفع الصوت؛ بإفراط، وما إلى ذلك؛ من خمش الوجه، ونشر الشعر، والدعاء بالويل؛ لما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ"([941]).

هذا إذا كان مختاراً.

فإن كان مغلوباً: لم يؤاخذ به؛ لأنه غير مكلف.

 

 

 

كتاب الصوم

التعريف به:

الصوم لغة: الإمساك مطلقا بدليل قوله تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26].

وشرعاً: الإمساك عن المفطر بنية مخصوصة طيلة نهار([942])، قابل للصوم([943]).

أقسام الصوم:

أولاً - الصوم المفروض وهو نوعان:

1 - فَرْضٌ أصالةً: وهو صوم شهر رمضان، وصوم القضاء عنه.

2 - فَرْضٌ عَرَضَاً: وهو الصوم المنذور، وصوم الكفارات، والصوم الذي يقوم مقام دماء الحج.

ثانياً - الصوم المسنون: بعضه ثبت بدليل خاص؛ كالتسعة الأولى من ذي الحجة، وبعضه طُلِب بأدلة الترغيب بالصوم دون تعيين.

ثالثاً - الصوم المكروه.

رابعاً - الصوم المُحَرَّم.

القسم الأول: الصوم المفروض (صوم رمضان) ([944]).

دليل صوم رمضان:

من الكتاب قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].

ومن السنة: ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما كما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ"([945]).

وإجماع الأمة.

ثبوت شهر رمضان:

يجب صوم رمضان بأحد أمور أربعة:

1 - يجب - بصورة عامة - لاستكمال شعبان ثلاثين يوماً.

2 - يجب في حق مَن رأى هلال رمضان؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا رَأَيْتُمُوهُ([946]) فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ([947]) عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ"([948])، وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه: "فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ"([949]).

3 - يجب بحق مَن أُخْبِر برؤية الهلال مِن قِبَل مَن يثق به، أو مِن قِبَل من يعتقد صدقه، وإن لم يقبل الحاكم شهادته؛ فإن صام، ثم بان أنه من رمضان: أجزأه؛ لأنه نوى الصوم بظن، وصادفه فأشبه البينة.

4 - يجب بحق مَن لم يره؛ بإخبار عدل عند الحاكم.

وتثبت رؤيته عند الحاكم بشهادة عدل واحد مكلف؛ لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته؛ فصامه، وأمر الناس بصومه([950])، ولأنه إيجابُ عبادةٍ؛ فقُبِل مِن واحد؛ احتياطاً للفرض.

وأما هلال بقية الأشهر؛ فلا بد لإثباته من عدلين: فلا يقبل في هلال الفطر - هلال شوال - إلا شاهدان؛ لأنه إسقاط فرض، فاعتُبِر فيه العدد؛ احتياطاً للفرض.

فمن رأى هلال شوال وحده: لزمه الفطر، ويُفْطِر سراً؛ لئلا يتعرض للتهمة في دِيْنِه.

وإذا رُئِيَ الهلال ببلد لَزِم مَن وافق مطلعُهم مطلعَه([951])، والدليل على عدم وجوب الصوم إن اختلفت المطالع ما روى كُرَيب، أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أَوَ لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم([952]).

ولو سافر من بلد إلى آخر ووجدهم مفطرين أو صائمين: لزمته موافقتهم، سواء في أول الشهر أو في آخره.

شروط وجوب صوم رمضان:

1 – الإسلام.

2 - العقل: فلا يجب الصوم على المجنون، ولا المغمى عليه، ولا السكران؛ سواء كان متعدياً بجنونه، أو إغمائه، أو سُكْرِه، أم لا؟؛ لما روى على بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رُفِعَ الْقَلَمُ([953]) عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ"([954]).

3 - البلوغ: فلا يجب الصوم على الصبي المميز، لكن صومه صحيح، ويؤمر به لسبع سنين؛ إن أطاقه، قياساً على الصلاة.

4 - الإطاقة: ويقصد بذلك القدرة على الصوم بلا مشقة.

شروط صحة الصوم([955]):

أولاً: النية: لما روى عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى"([956])، ولأنه عبادة محضة فلم يصح من غير نية كالصلاة.

وتجب النية لكل يوم؛ لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة.

محل النية:

محل النية القلب، وتكون بأن يستحضر حقيقة الصوم التي هي الإمساك عن المفطر جميع النهار بقلبه.

ويشترط في نية صوم الفرض أمران:

1 - التبييت: فلا بد من إيقاع النية ليلاً؛ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روته حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلاَ صِيَامَ لَهُ"([957]).

ويصح التبييت في أي جزء من الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.

2 - التعيين: فلا يصح الصيام دون تعيين نوع الفرض؛ هل هو كفارة([958])، أو نذر([959])؟، أو أداء أو قضاء عن رمضان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى"([960])، فهذا ظاهر في اشتراط التعيين. وينبغي أن تكون النية جازمة.

أما نية صوم النفل: فلا يشترط فيها التبييت([961])، بل تجزئه النية قبل الزوال بشرط انتفاء المفطرات قبلها؛ لما ورد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟"، فقلنا: لا. قال: "فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ". ثم أتانا يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله، أُهْدِي لنا حَيْسٌ([962]). فقال: "أَرِينِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا"، فأكل([963]).

وكذا لا يجب التعيين في صوم النفل، إلا أن يكون صوماً مرتباً؛ كصوم عرفة، وعاشوراء، وأيام البيض([964])، وستة من شوال، وغيرها: فيشترط في صومها التعيين؛ لتحصيل ثوابها المعين.

أما الصوم فصحيح، وإن لم يعين.

ثانياً - الإمساك عن الجماع عمداً([965])؛ وإن لم يُنْزِل، والإمساك عن الاستمناء:

ويُفْطِر بخروج المني من مُبَاشَرَة؛ ولو لم يجامع؛ لذلك حَرُمَت المباشرة إن حَرَّكَت شهوة؛ لخوف الإنزال.

أما الإنزال بلا مباشرة فلا يُفْطِر.

ثالثاً - الإمساك عن وصول عين إلى ما يسمى جوفاً من منفذ مفتوح:

فأما العين: فيدخل فيها دخان السجائر، فيفطر الصائم، وكذلك ابتلاع ما لا يؤكل في العادة؛ كقطع النقد المعدني، والتراب، والحصاة، والحشيش، والحديد، والخيط.

ويستثنى من العين المفطِّرة: الريح، والطعم؛ ولو وجد ذاك الطعم في الفم.

وكذا لو بقي طعام بين أسنانه فجرى به ريقه، حتى دخل جوفه، من غير قصد: لم يضر إن عجز عن تمييزه ومجه.

وكذا لا يضر وصول الريق الخالص الطاهر من معدنه([966]) إلى جوفه؛ بخلاف غير الخالص، وغير الطاهر؛ كالمختلط بدم: فإنه يفطر؛ إلا أنه يعفى عنه بحق من ابتلي بنزف اللثة، وبخلاف الخارج من غير معدنه، كما لو جمعه على شفتيه ثم بلعه: فهذا يضر، أما إذا خرج على لسانه ثم ابتلعه: فلا يفطر.

وكذا لو سبق ماء المضمضة، أو الاستنشاق؛ شريطة عدم المبالغة فيهما، أو سبق ماء غسل مطلوب - ولو مندوباً كغسل الجمعة - إلى الجوف: فلا يضر لتولده من مأمور به.

أما إذا سبق الماء إلى الجوف نتيجة المبالغة: فإنه يفطر؛ لأن المبالغة منهي عنها في الصوم؛ لما روى لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال: "أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِح إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا"([967]).

وأما الماء الذي يضعه الصائم على فمه؛ للتبرد، أو لدفع عطش: فلا يضر سبقه؛ لشدة الحاجة إليه.

وكذا الأكل والشرب ناسياً للصوم: لا يفطر؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَسِىَ وَهُوَ صَائِمٌ؛ فَأَكَلَ، أَوْ شَرِبَ: فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ"([968]).

وإن تبين للصائم يقيناً طلوع الفجر وهو لم يزل يأكل: وجب عليه إعادة صوم ذاك اليوم.

ولو طلع الفجر وفي فمه طعام: فليلفظه؛ فإن فعل صح صومه، وإن ابتلعه: أفطر.

رابعاً - النقاء من الحيض والنفاس:

فلا يصح الصوم من الحائض والنفساء، بل يحرم عليهما بالإجماع.

وإذا نقيت من الحيض أو النفاس قبل الفجر: صح صومها؛ ولو لم تغتسل طيلة النهار حتى أذان المغرب.

وكذا من احتلم أثناء النهار، أو أصبح جنباً: يصح صومه؛ ولو لم يغتسل. روت عائشة رضي الله عنها أن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل، ويصوم ([969]).

أما إذا نقيت من الحيض أو النفاس بعد الفجر ولو بقليل: لم يصح صوم ذاك النهار؛ إلا أنه يسن لها الإمساك عن المفطرات تتمة اليوم، وعليها القضاء.

وأما لو حاضت بعد أذان المغرب ولو بقليل: فيصح صوم يومها، وليس عليها إعادته.

خامساً - العقل جميع النهار:

فلو طرأ الجنون، ولو لحظة أثناء النهار: ما صح صوم ذاك اليوم؛ بخلاف الإغماء والسُّكْر: فإن صومه صحيح؛ ما لم يستغرقا النهار جميعه، فإن أفاق ولو لحظة من النهار صح صومه.

أما النوم فلا يضر؛ ولو استغرق جميع النهار.

سادساً - صلاحية الوقت للصوم:

فلا يصح صوم الأيام التي حرم الصوم فيها.

حالات الإفطار في رمضان

حكم الفطر في كل من حالتي المرض والسفر:

1 - في المرض: يجوز الفطر بشكل عام.

ويختلف حكم الإفطار في المرض باختلاف شدة المرض:

1) إن تحقق أن الصوم يؤدي إلى ضرر يبيح التيمم([970])، أو إلى هلاك: فيحرم عليه الصوم، ويجب الإفطار. فإذا استمر صائماً حتى مات، مات عاصياً؛ لمخالفة قول الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، وقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29].

2) إن خاف أو توهم من الصوم ضرراً يبيح التيمم: كره له الصوم، وجاز له الفطر.

3) وإن كان مريضاً مرضاً خفيفاً؛ بحيث لا تحصل له بالصوم مشقة تبيح التيمم؛ كمصاب بصداع، أو ألم سن، أو أذن ...: لم يجز له الفطر، ويجب الصوم ما لم يخف الزيادة.

ولمن غلب عليه الجوع والعطش بحكم مهنته؛ كالحصادين، والعمال في الطريق ... حكمُ المريضِ؛ صوماً وفطراً.

2 - في السفر: يجوز الفطر للمسافر سفرَ قَصْرٍ، مباحٍ، قبل الفجر؛ سواء خاف مشقة شديدة، أم لم يخف.

و(سفر القصر): هو السفر المبيح لقصر الصلاة، وهو ما كان لمسافة واحد وثمانين كيلو متراً فما فوق، ولا عبرة لوسيلة النقل.

و(المباح): ما لم يكن لمعصية، أو بمعصية.

و(قبل الفجر): يخرج به ما لو طرأ السفر على الصوم: فلا يجوز الفطر؛ بخلاف المريض.

والأدلة على جواز الفطر في الحالة المذكورة: قوله تعالى: { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184].

وما روت عائشة رضي الله عنها أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم أأصوم في السفر؟ فقال: "إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ"([971]).

وعن أنس رضي الله عنه قال: كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يَعِبْ الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم([972]).

والجواز بالإفطار طيلة مدة غيابه، إن كانت مدة مكوثه في البلدة التي سافر إليها ثلاثة أيام، أو أقل.

أما إن كانت مدة إقامته أربعة أيام أو أكثر، عدا يومي الدخول والخروج؛ فيعتبر مقيماً.

وعليه أن يصوم من أول يوم وصل فيه إلى بلد المقصد.

أما إن كان يديم السفر؛ كالسائق: فلا يباح له الفطر؛ لأنه يؤدي إلى إسقاط الوجوب كليةً.

وبصورة عامة: الصوم في السفر أفضل من الفطر، إن لم يتضرر به؛ لأن فيه تعجيلاً لبراءة الذمة، وعدم إخلاء الوقت من العبادة.

أما إذا تضرر به: فالفطر أفضل؛ بدليل ما رواه جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً، ورجلاً قد ظُلِّل عليه. فقال: "مَا هَذَا؟"، قالوا: صائم. فقال: "لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ"([973]).

وإن غلب على ظنه تلف نفس أو عضو أو منفعة بسبب الصوم: حَرُم عليه.

وإذا زال سبب جواز الفطر بالشفاء أو الإقامة أثناء النهار ولم يكن الشخص مُبَيِّتَاً نية الصوم: فيسن له الإمساك، أما إذا كان مُبَيِّتَاً النية: فيجب عليه الاستمرار بالصوم.

تفصيل حالات الفطر في رمضان:

فيمل يلي تفصيل الحالات مع حكم كل منها، وما يجب على المفطر من قضاء وفدية:

أولاً - حالة وجوب الفطر مع وجوب القضاء:

وهي حالة الحائض والنفساء، والدليل على ذلك ما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يصيبنا ذلك؛ فَنُؤْمَرُ بقضاء الصوم، ولا نُؤْمَرُ بقضاء الصلاة([974]).

فوجب القضاء على الحائض بالخبر، وقِيْسَ علها النفساء؛ لأنها في معناها.

فإن طهرتا في أثناء النهار: استُحب لهما أن تمسكا بقية النهار، ولا يجب.

ثانياً - الإفطار الجائز والموجب للقضاء والفدية:

1 - الحامل والمرضع؛ إن خافتا على الولد فقط فأفطرتا.

2 - من أفطر لإنقاذ حيوان أو إنسان مشرف على الهلاك خوفاً عليه فقط.

3 - من أَخَّر القضاء إلى رمضان آخر من غير عذر([975]).

وتتكرر الفدية بتكرر السنين.

وإذا مات الشخص بعد أن أتى عليه رمضان آخر، ولم يقض ما عليه من رمضان السابق بدون عذر: فيجب على الوارث أن يخرج فديتين؛ فدية عن قضاء اليوم، وفدية عن تأخير قضائه.

فإذا صام الوارث عنه تسقط فدية القضاء، وتبقى فدية التأخير.

ثالثاً - الإفطار الموجب للفدية دون القضاء:

1 - الشيخ الهرم([976])، والمريض مرضاً لا يرجى برؤه: إن عجز كل منهما عن الصوم؛ بحيث لو صام لحقته مشقة لا تُحْتَمل عادة، أو مرض يبيح التيمم.

لقول ابن عباس رضي الله عنهما في شرح قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً([977]).

وروى البيهقي: أن أنساً رضي الله عنه ضَعُفَ عاماً قبل موته فأفطر، وأمر أهله أن يطعموا مكان كل يوم مسكيناً([978]).

فهؤلاء يُفْطِرون، ويُخْرِجون فديةً عن كل يوم أفطروا فيه.

ولا يجوز إخراجها قبل رمضان، وإنما تُخْرَج بعد دخول ليلة ذلك اليوم.

أما إن أصبح الهرم أو المريض قادراً على الصوم: فلا يجب عليه قضاء ما أفطره. لكن يجب عليه الصوم منذ أن أصبح قادراً عليه.

2 - من مات وعليه صوم فائت من رمضان أو غيره؛ ففي حكمه تفصيل:

1) إن فاته الصيام لعذر، ولم يتمكن من القضاء لاستمرار العذر؛ كأن مرض، واستمر المرض إلى أن مات: فلا إثم عليه فيما فات، وليس على الوارث الفدية.

2) إن فاته الصيام لعذر، إلا أنه تمكن من القضاء؛ ولكن مات قبل أن يقضِ ما عليه.

أو فاته الصيام بلا عذر، ولم يتمكن من القضاء.

أو فاته الصيام بلا عذر، وتمكن من القضاء.

ففي هذه الحالات الثلاث: يجب على الوارث إخراج فدية عن كل يوم صيام فائت عن الميت؛ من تركته، وتنتقل الفدية من ذمة الميت إلى ذمة الوارث.

فإن لم تكن للميت تركة جاز للولي، بل وللأجنبي أيضاً؛ ولو من غير إذن: إخراج الفدية عن الميت من ماله الخاص؛ لأنه من قبيل وفاء الدين عن غيره، وهو صحيح.

فإن لم يف أحد عنه فتبقى الفدية مُعَلَّقَة بذمة الميت: فإن شاء الله غفرها، وعفا عنه برحمته، وإلا حوسب عليها.

أما مسألة الصوم عن الميت؛ لقضاء دَيْنِه: ففي الأقوى من المذهب أنه يسن أن يصوم عن الميت قريبُه، أو مَن أَذِن له الوارث، أو الميت؛ بأجرة، أو بدون أجرة؛ لحديث عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ قال: "أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دِينٌ فَقَضَيْتِهِ، أَكَانَ يُؤَدِّى ذَلِكَ عَنْهَا؟"، قالت: نعم. قال: "فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ"([979]).

ولأنه عبادة تجب بإفسادها الكفارة: فجاز أن يُقْضَى عنه بعد الموت؛ كالحج.

رابعاً - الإفطار الموجب للقضاء دون الفدية:

1 - قضاء على التراخي:

1) المريض مرضاً يرجى برؤه.

2) المسافر سفراً طويلاً.

3) الحامل والمرضع إن خافتا على أنفسهما فقط، أو على أنفسهما والولد.

4) مَن أفطر خوفاً على نفسه لإنقاذ حيوان مشرف على الهلاك، أو أفطر خوفاً على نفسه وعلى الحيوان أو الإنسان الذي أنقذه.

5) مَن أَخَّر القضاء إلى رمضان آخر؛ بسبب استمرار العذر.

ويستحب أن يَقْضِي ما عليه: متتابعاً؛ لما روى أبو هريرة رض الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ رَمَضَانَ؛ فَلْيَسْرُدْهُ، وَلاَ يَقْطَعْهُ"([980]).

2 - قضاء على الفور:

1) المتعدي بفطره.

2) المجنون والسكران والمغمى عليه المُتَعَدُّون بذلك.

3) مَن تَرَكَ تبييتَ النية عمداً أو سهواً ولم يقلد مذهباً آخر.

خامسا - الإفطار غير الموجب للقضاء ولا الفدية:

الصبي إذا بلغ والمجنون غير المُتَعَدِّي بجنونه إذا أفاق.

والكافر الأصلي إذا أسلم.

لأن هؤلاء ليسوا مكلفين أصلاً؛ لأن كلاً منهم فاقدٌ لشرط من شرائط الوجوب, فالأول البلوغ، والثاني العقل، والثالث الإسلام.

على أنه يسن لهم جميعاً الإمساك حال زوال المانع، ولا يجب.

فإن لم يمسكوا استُحِبَّ لهم ألا يأكلوا بحضور من لا يَعْرِف أحوالهم؛ لكيلا يُعَرِّضُوا أنفسهم للتهمة في دينهم.

ومثلهم في هذا الحائض والنفساء إذا طهرتا في النهار.

سادساً - الإفطار المحرم الموجب للقضاء والكفارة([981]) الكبرى:

وهو إفطار من وطئ في الفرج في نهار رمضان عامداً مختاراً، وهو مكلف بالصوم، عالم بالتحريم، وكان قد نوى من الليل.

وهو آثم بهذا الوطء لأجل الصوم.

ماهية الكفارة الكبرى:

نظراً لانعدام وجود عتق الرقاب في زماننا؛ فإن الكفارة الكبرى:

صيام شهرين متتابعين؛ فضلاً عن قضاء اليوم الذي وَجَبَت الكفارة لفطره.

فلو أفطر يوماً، ولو بعذر؛ كسفر، أو مرض: انقطع التتابع، ووجب الاستئناف؛ ولو كان الإفطار في اليوم الأخير من الشهرين.

أما إذا لم يستطع الصيام أو التتابع: فإطعام ستين مسكيناً؛ ممن لا تلزمه نفقتهم.

ولا يجزئ عن ذلك أن يطبخ، ويدعو ستين مسكيناً على غداء أو عشاء، وإنما يجب التمليك، أي تمليك كل واحد منهم مداً([982]) من غالب قوت البلد.

ولا يصح أن يعطي مسكيناً واحداً: ستين مداً في يوم واحد؛ لكن يصح إعطاء المسكين نفسه ستين مداً ستين يوماً في كل يوم مد.

فإن عجز عن الكفارة استقرت في ذمته؛ لأنها بسبب منه.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هلكت، فقال: " وَمَا ذَاكَ؟:، قال: وقعت بأهلي في رمضان، قال: " تَجِدُ رَقَبَةً؟:، قال: لا، قال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟"، قال: لا، قال: "فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟"، قال: لا، قال فجاء رجل من الأنصار بِعَرَقٍ، والعَرَق المِكْتَل فيه تمر، فقال: "اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ"، قال: على أَحْوَج منا يا رسول الله، والذي بعثك بالحق ما بين لَابَتَيْهَا([983]) أهل بيت أحوجُ منا، قال: "اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ"([984]).

وإن توفي وجب على وارثه أن يخرجها من تركته.

وإن لم يكن له تركة: جاز للولي أن يتحملها عنه بالصيام، أو بماله الخاص؛ وإلا بقيت في ذمته، فإن شاء الله غفرها وعفا عنه، وإلا حوسب عليها.

وإن صام عنه ستون رجلاً في يوم واحد: صح ذلك.

تكرار الكفارة الكبرى:

الكفارة واجبة على الإفطار بالجماع عن كل يوم من أيام رمضان؛ ولو تعددت الوطأات، أو تعددت الموطوءات في اليوم الواحد: فالكفارة متعلقة بعدد الأيام؛ لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة.

سقوطها: تسقط الكفارة الكبرى بطروء الموت، أو الجنون في نفس النهار الذي أبطل صومه؛ لانقطاع التكليف عنه، ذلك إن لم يكن متعدياً بهما.

ولا تسقط بطروء المرض، أو السفر، أو الإعسار.

الفدية (الكفارة الصغرى):

وهى إطعام مد من غالب قوت البلد إلى مسكين عن كل يوم.

ولا يجوز إخراج القيمة([985]).

ولا يجوز إخراجها قبل رمضان، وإنما تُخْرَج بعد دخول ليلة الصيام.

القسم الثاني: الصوم المسنون

دليله: ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ إِلاَّ بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا"([986]).

أقسامه:

1 - ما يتكرر بتكرر السنين:

1) صوم يوم عرفة لغير الحاج والمسافر؛ لحديث عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ"([987]).

2) صوم عشر ذي الحجة؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ"، يعني أيا العشر، فقالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَىْءٍ"([988]).

3) صوم عاشوراء وتاسوعاء: وهما التاسع والعاشر من شهر محرم؛ لحديث رواه أبو قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ"([989]).

وروى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ؛ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ"([990]).

والأحوط صوم عاشوراء وصوم يوم قبله ويوم بعده.

4) صوم ست من شوال؛ لحديث عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ"([991]).

5) صوم الأشهر الحرم وهي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب.

وكذلك صوم شعبان.

وأفضلها صوم محرم، ثم باقي الأشهر الحرم، ثم شعبان.

لحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ"([992]).

إلا أنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه ما صام شهراً كاملاً، عدا رمضان؛ إلا شهر شعبان.

فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه لما قال: قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: "ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ"([993]).

2 - ما يتكرر بتكرر الشهور، وهي الأيام البيض، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا ذَرٍّ، إِذَا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ؛ فَصُمْ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ"([994]).

والأيام السود([995]).

3 - ما يتكرر بتكرر الأسابيع:

1) صوم يومي الاثنين والخميس؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم الاثنين والخميس([996]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَومَ الإثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ؛ فَأُحِبُّ أنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأنَا صَائِمٌ"([997]).

2 - صوم يوم لا يجد فيه ما يأكله؛ لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم: "فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ"([998]).

3 - أفضل الصيام صوم يوم وإفطار يوم لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: "صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ"([999]).

ويجوز لمن صام متنفلاً: أن يُفْطِر، ويسن له القضاء؛ على أنه يستحب له الإتمام، لقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33].

القسم الثالث: الصوم المكروه

1 - يكره إفراد يوم الجمعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ"([1000]).

2 - وكذا إفراد يوم السبت، أو الأحد؛ لحديث عبد الله بن بسر عن أخته رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ؛ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ "([1001]).

3 - ويكره التطوع بصيام يوم؛ وعليه قضاء فرض.

4 - ويكره صوم المريض والمسافر والحامل والمرضع والشيخ الكبير في رمضان وغيره إذا خافوا مشقة شديدة.

5 - ويكره صوم يوم الشك([1002])؛ لقول عمار بن ياسر رضي الله عنهما: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم([1003]).

أما إذا وافق ذلك عادة له في تطوعه، أو مَن كان عليه صوم نذر، أو قضاء، أو كفارة: فلا يُكْرَه بحقه.

6 - وكذا يكره صوم النصف الأخير من شعبان؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ؛ فَلاَ تَصُومُوا "([1004]).

إلا لِوِرْدٍ، أو نَذْرٍ، أو قضاء، أو كفارة: فلا كراهة.

وكذا مَن وصل ما بعد النصف بما قبله، ولو بيوم؛ كأن يصوم يوم النصف، ويستمر صائماً إلى ما بعده: فهذا تجوز له المتابعة.

وأما إذا وصل بما قبله، ثم أفطر: فيكره له الصوم ثانية بلا سبب.

القسم الرابع: الصوم المحرم

وهو صوم يومي عيد الفطر وعيد الأضحى؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر والنحر([1005]).

وصوم أيام التشريق([1006])؛ وهي اليوم الثاني، والثالث، والرابع من أيام عيد الأضحى؛ لحديث نبيشة الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ"([1007])؛ فإن صام: لم يصح صومه.

ما يستحب في الصيام:

1 - تعجيل الفطر، إنْ تَحَقَّق غروب الشمس؛ لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ"([1008]).

2 - أن يكون الفطر على رُطَبَات، وإلا فتمرات، وإلا فماء.

وتحصل السنة برُطَبَة واحدة، وبالاثنتين، والأكمل بثلاث؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفْطِر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لن تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات؛ حَسَا حَسَوَات من ماء([1009]).

3 - أن يقول عقب الفطر: "اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ"([1010])، وبك آمنت، ولك أسلمت، "وعليك توكلت"([1011])، "ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"([1012])، "يا واسع المغفرة اغفر لي"([1013])، "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَانَنِي فَصُمْتُ، وَرَزَقَنِي فَأَفْطَرْتُ"([1014])، اللهم وفقنا للصيام وبلغنا فيه القيام وأعنا عليه والناس نيام وأدخلنا الجنة بسلام([1015]).

ذلك لأن الصائم دعاؤه مستجاب لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد"([1016]).

4 - السحور: لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تَسَحَّرُوا؛ فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً"([1017]).

ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَبِالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ"([1018]).

ويحصل السحور بقليل الأكل والشرب، ويخل وقته من نصف الليل، فالأكل قبله ليس بسحور فلا تحصل به السنة.

ويسن تأخيره وتقريبه من الفجر ما يسع قراءة خمسين آية؛ لما روى زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة. قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية([1019]).

هذا ما لم يقع في الشك؛ لقول حسان بن أبي سنان: ما رأيت شيئاً أهون من الورع([1020])، "دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ"([1021]).

ومَن تَسَحَّر، ثم شَكَّ في بقاء الليل: فصومه صحيح؛ لأن الأصل بقاؤه.

5 - يسن الغُسْل من الحدث الأكبر ليلاً؛ ليكون على طهارة من أول صومه.

6 - يسن الإكثار من تلاوة القرآن ومدارسته([1022]).

7 - التوسعة على العيال والإحسان إلى الأرحام والجيران.

8 - الإكثار من الصدقة؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان([1023]).

وبصورة عامة يسن فيه: الإكثار من أعمال الخير لأن أجر العمل فيه مضاعف.

9 - دعوة الصائمين وتفطيرهم؛ ولو لم يكونوا فقراء، وأن يأكل معهم؛ ولو لم يكن صائماً؛ لأن الصائم مغفور له، فلعل الله عزَّ وجلَّ يُغْفَر لمجالسيه، روى زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ؛ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا"([1024]).

فإن لم يقدر على عشائه: فَطَّرَه، ولو على تمرة، أو شربة ماء، أو لبن.

10 - يسن الاعتكاف في رمضان؛ لا سيما في العشر الأخير منه؛ لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره([1025]).

وفي هذا العشر ليلة القدر، وهي من خصوصيات هذه الأمة، باقية إلى يوم القيامة، [فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4].

ويستحب أن يطلبها؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "([1026]).

وليالي الوتر من العشر الأخيرة أرجاها؛ وبخاصة الوتر الحادي والعشرون، والوتر الثالث والعشرون.

ويقول إن وافقها ما روت عائشة رضي الله عنها قالت: "قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي"([1027]).

ما يكره للصائم:

1 - فاحش القول؛ فينبغي للصائم أن يصون لسانه عن الكذب، والغيبة، والنميمة، ونحو ذلك؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"([1028]). ولما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ: فَلَا يَرْفُثْ([1029])، وَلَا يَصْخَبْ([1030])؛ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ؛ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ"([1031]).

2 - النظر إلى ما يحل التمتع به؛ كالأزهار من ورد، ونرجس، وريحان، ونحو ذلك، وكذا الشم لأنواع الطيب؛ لتنكسر في نفسه شرة الهوى، ويقوى على التقوى، ولأن في ذلك من الترفه ما لا يناسب حكمة الصوم.

3 – الحجامة؛ لأنها تضعفه، وربما أحوجته إلى الإفطار([1032]).

4 - ذوق الطعام إلا لحاجة([1033])؛ وذلك خشية وصوله إلى حلقه.

5 - مضغ العلك الذي ليس له طعم([1034]). أما إذا كان مما يتفتت ويبتلع شيء من أجزائه فهذا يَحْرُم، ويُفْطِر فاعله.

6 - ترك القُبْلَة أولى، إن لم تحرك شهوة؛ وإلا حَرُمَت.

وضابط تحريك الشهوة: إنزال المني.

والأصل فيه ما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُقَبِّل، ويباشر؛ وهو صائم، وكان أَمْلَكُكم لِإِرْبِه([1035]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه؛ فإذا الذي رُخِّص له شيخ، والذي نهاه شاب([1036]).

7 - السواك بعد الزوال؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ"([1037]).

وكذلك المضمضة في غير وضوء بعد الزوال؛ لشبهها بالسواك.

8 - تأخير الفطر لمن قصده؛ لما روي عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ؛ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ"([1038]).

9 - الاستحمام لغير حاجة([1039])؛ إن قَدَّر أنه يحصل منه تأذ؛ وإلا فلا كراهة.

10 - يحرم الوصال في الصوم([1040])، وهو من خواص النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ" مرتين. قيل: إنك تواصل. قال: "إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ؛ فَاكْلَفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ"([1041]).

فإن صام: فصومه صحيح، وهو آثم.

الاعتكاف

التعريف به:

هو لغة: اللَّبْثُ والحبس والملازمة والإقامة على الشيء؛ بِراً كان أو إثماً، قال تعالى: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52].

وشرعاً: إقامة شخص مخصوص، في مسجد، على صفة مخصوصة.

دليله:

قوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].

وما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان([1042]).

وإجماع المسلمين.

حكمه:

 1 - سنة مؤكدة؛ لكل أحد ذكراً كان أو أنثى، في أي وقت من ليل أو نهار، في رمضان أو في غيره، وهو في العشر الأواخر من رمضان أفضل منه في غيره؛ لأجل طلب ليلة القدر.

2 - واجب في النذر.

أركانه:

1 - النية: لقوله صلى الله عليه وسلم: "الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ"([1043]). ولأنه عبادة محضة: فلم يصح من غير نية؛ كالصوم والصلاة.

ومحلها: القلب ولا يشترط لفظها باللسان.

وتجب نية الفرضية في الاعتكاف المنذور؛ بأن يقول المعتكف: نويت الاعتكاف المفروض، أو فرض الاعتكاف، ويجزئ عن ذلك قوله: نويت الاعتكاف المنذور.

أما في الاعتكاف المندوب فيكفي أن يقول: نويت الاعتكاف أو سنة الاعتكاف.

2 - اللَّبْثُ في المسجد؛ حقيقة أو حكماً([1044])، بمقدار فوق طمأنينة الصلاة: فيصح الاعتكاف دقائق معدودات.

3 - أن يكون في المسجد؛ ذَكَرَاً كان المعتكف أو أنثى: فلا يصح الاعتكاف في غيره.

واجتهد بعض الفقهاء، وقالوا: بصحة اعتكاف المرأة في بيتها، إذا أَعَدَّت فيه مكاناً لصلاتها، وقالت: هذا مسجدي، ونويت الاعتكاف فيه.

والاعتكاف في الجامع([1045]) أفضل منه في المسجد.

إلا أنه يُوْجَب فيه على مَن نَذَر الاعتكاف مدة متتابعة؛ فيها يوم الجمعة، وهو مِمَن تلزمه الجمعة.

ولم يشترط حين نذر أن يخرج من الاعتكاف لها؛ فعندئذ يجب عليه الاعتكاف في الجامع، دون المسجد؛ لكي يتمكن من أداء فريضة الجمعة.

ولو خرج لأجل صلاة الجمعة: بطل التتابع، وعليه إعادة الاعتكاف.

ومَن عَيِّن في نَذْرِه مسجداً؛ فإنه لا يتعين، ويكفيه أن يعتكف في أي مسجد غيره؛ إلا المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، والمسجد الأقصى؛ إذا عَيَّن أحدها: تعين، ويقوم بعضها مقام بعض على حسب الترتيب في الفضل.

أما شروط المعتكف فثلاثة:

1 – الإسلام.

2 - العقل - التمييز - ولا يشترط البلوغ: فيصح اعتكاف الصبي دون المجنون؛ لأنه ليس من أهل العبادة.

3 - الطهارة من الحدث الأكبر؛ حيضاً، أو نفاساً، أو جنابة؛ لأن مكث الحائض والنفساء والجنب في المسجد معصية.

ولو طرأ الحيض أو النفاس أو الجنابة أثناء الاعتكاف: وجب على المعتكف الخروج من المسجد فوراً.

ما يبطل الاعتكاف:

1 – الجماع؛ مختاراً، ذاكراً للاعتكاف، عاملاً بالتحريم؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].

2 - مباشرة المعتكف بشهوة. أما غير المصحوبة بها: فلا تُبْطل.

3 - الردة والسكر والجنون والإغماء إن وجد التعدي بها، والجنابة إن لم يبادر إلى التطهر، أما إن بادر: فلا يبطل اعتكافه.

4 - تعمد الخروج من المسجد لغير عذر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: "وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً"([1046])، ولأن الاعتكاف هو اللَّبْث في المسجد؛ فإذا خرج فقد فعل ما ينافيه بلا عذر: فبَطَل؛ كالأكل في الصوم.

5 - عدم العودة إلى المسجد مع التمكن منها؛ إذا خرج لعذر، ثم زال ذلك العذر.

ومعنى البطلان أن زمن ذلك لا يحسب من الاعتكاف.

فإذا زال العذر جَدَّد النية، وبنى على ما مضى؛ إن كان مقيَّداً بمدة، من غير تتابع.

أما إن كان مقيَّداً بمدة وتتابع: أَبْطَلَهن وخرج منه، ووجب الاستئناف.

وإن كان مطلقاً، فمعنى البطلان أنه: انقطع استمراره ودوامه، ولا بناء ولا تجديد نية، وما مضى داخل في الحساب وحصل به الاعتكاف.

ولا يضر بالاعتكاف: التطيب، ولا الاغتسال، ولا قص الشارب، ولا التَّرَجُل، ولا لبس ما يلبسه في غير الاعتكاف، ولا الزواج، والتزويج.

وللمعتكف أن يأكلن ويشرب، ويكتب.

ولا يكره الإكثار من كتابة العلم، وتعليمه، وقراءة القرآن؛ لأن كل ذلك طاعة.

وله كذلك البيع والشراء، والحديث المباح؛ فإنْ أَكْثَر كُرِه؛ لأن المسجد مُنَزَّهٌ عن أن يتخذ موضعاً للبيع والشراء.

 

 

الزكاة

معنى الزكاة، حكمها، دليلها

لغة: النماء، والبركة، والزيادة، وكثرة الخير والصلاح. يقال. زكا الزرع، إذا نما، وزكت النفقة، إذا بوركت فيها، وفلان زاك وزكي، إذا كان كثير الخير.

وتطلق على الطهارة؛ لقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]، بمعنى طَهَّرها من الأدناس.

وتطلق على المدح؛ لقوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32]، بمعنى تمدحوها.

وشرعاً: اسم لمال مخصوص([1047])، يؤخذ من مال مخصوص([1048])، على وجه مخصوص([1049])، يصرف لطائفة مخصوصة.

وسميت بذلك؛ لأن المال ينمو ببركة إخراجها، ولأنها تُطَهِّر مُخْرِجَها من الإثم، وتُبَيِّن زيادته في الخير.

حكمها ودليلها:

الزكاة من أركان الإسلام، وفرض من فروضه.

ودليلها من الكتاب قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]، وقوله عز من قائل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 110].

ومن السنة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلى خَمْسٍ: شَهادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ"([1050]).

وقد أجمعت الأمة على أنها ركن من أركان الإسلام.

محل الزكاة:

تجب الزكاة في أربعة أشياء:

1 - النَّعم: من إبل وبقر وغنم.

2 - الزروع والثمار: كالقمح والشعير والأرز وما أشبهها، والزبيب والتمر، ويلحق بها كل ما كان غذاء كاملاً، ويصلح للادخار.

3 - النقد من ذهب وفضة؛ وما يشبهها في الثمنية؛ كالنقود الورقية والأسهم.

4 - عروض التجارة.

شروط وجوب الزكاة:

1 - الإسلام: لقول الصديق رضي الله عنه في كتاب له إلى أنس رضي الله عنه لما وجهه إلى البحرين: هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله([1051]).

2 - النصاب: وهو اسم لقدر معلوم مما تجب فيه الزكاة؛ فلا زكاة دونه، ويختلف باختلاف الأموال التي تجب فيها الزكاة.

3 - تعيين المالك: فلا تجب الزكاة في مال وُقِف لجنين؛ سواء انفصل حياً أو ميتاً، وإنما يبدأ الحول([1052]) منذ الولادة؛ لعدم تيقن ملكية المال قبلها.

ومثله غلة القرية، وثمار البساتين الموقوفة على المساجد، والمدارس، أو الأموال الموقوفة على الفقراء، والمساكين، وصناديق الجمعيات، إذ ليس لها مالك معين.

4 - الملك التام: فلا تجب الزكاة في مال المحجور عليه؛ كالصبي، والمجنون، واليتيم.

والمخاطب بالإخراج من أموال هؤلاء هو وليهم؛ لما روي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال: كانت عائشة تليني وأخاً لي؛ يتيمين في حجرها، فكانت تخرج من أموالنا الزكاة([1053]).

فإن لم يفعل الولي: وجب عليهم بعد البلوغ، أو الإفاقة: إخراج زكاة ما مضى؛ لأن الحق متوجه إلى أموالهم.

وللولي ـ احتياطاً ـ أن يحسب الزكاة وما أدى، حتى يكمل المحجور عليه؛ فيخبره بذلك، ولا يكرر إخراجها بنفسه.

ولا يمنع دَيْنٌ وجوبَ الزكاة؛ ولو كان المكلف محجوراً بالدين.

وإذا اجتمعت الزكاةُ والدَّين على حي، وكانت الزكاة بالعين([1054]) قُدِّمت على الدَّين مطلقاً، سواء كان محجوراً عليه بالدَّين أم لا([1055]).

أما إذا لم تكن متعلقة بالعين([1056])، وكان محجوراً عليه بالدَّين؛ فيُقَدَّم الدَّين عليها.

وأما إن كان محجوراً عليه بسبب غير الدَّين؛ كسفه، أو جنون: فالزكاة مُقَدَّمة.

زكاة النقد

يشمل النقدُ: الذهب والفضة؛ سواء كانا مضروبين عملة، أو غير مضروبين، سبائك كان أم نقوداً.

دليلها:

الأصل في زكاة النقد قبل الإجماع قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34]. فالكنز هو الذي لم تؤد زكاته، أما الذي أديت زكاته: فلا يسمى كنزاً.

وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَزُكِّىَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ"([1057]).

نصاب الذهب وزكاته:

نصاب الذهب عشرون مثقالاً([1058]) خالصة، صافية من الشوائب.

ودليه: عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فَإِذَا كَانَتْ لَكَ مِئَتَا دِرْهَمٍ، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ: فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَىْءٌ - يَعْنِى فِى الذَّهَبِ - حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا؛ فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ: فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ؛ فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ"([1059]).

والواجب أداؤه في زكاة الذهب: ربع العشر، وما زاد على النصاب فبحسبانه، وذلك في كل حول([1060])، سواء كان الذهب نقداً أم سبيكة.

نصاب الفضة وزكاتها:

نصاب الفضة مائتا درهم([1061])، وما زاد فبحسبانه.

وفيها ربع العشر.

ودليلها حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ([1062]) مِنَ الْوَرِقِ([1063]) صَدَقَةٌ"([1064]).

وحديث علي رضي الله عنه المتقدم([1065]).

زكاة الحلي:

لا يجب في الحلي المباحة زكاة.

لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لا زكاة في الحلي"([1066]).

ولأنها معدة للزينة، وهي استعمال مباح.

والحلي المباحة هي: ما أحل للمرأة لبسه، فقد أحل لبس جميع أنواع الذهب والفضة؛ كالسوار، والخلخال، والخاتم([1067]).

وكذا لبس ما ينسج بهما من الثياب ما لم تسرف.

وكذا ما أُحِلَّ للرجل لبسه، وهو خاتم فضة بحسب عادة أمثاله.

أما الحلي المحرمة؛ كسوار وخلخال للرجل: فتجب الزكاة فيها.

وكذلك الأواني الذهبية والفضية، وما يعلق للنساء والصغار من النقدين في القلائد، والبراقع: فتجب الزكاة فيه.

شروط وجوب زكاة النقد:

يشترط في زكاة النقد بالإضافة إلى الشروط العامة لوجوب الزكاة:

الحول:

فلو زال مِلْكُه أثناء الحول عن النصاب، أو زال بعض مِلْكِه؛ ببيع، أو غيره: انقطع الحول.

ولو عاد بشراء أو غيره: استؤنف الحول.

تعقيبات:

1 - إذا بلغ النقد نصاباً، ثم ازداد أثناء الحول: تبعت الزيادة النصاب في الحول وأُلْحِقت به، ودُفِعَت الزكاة عن الجميع في نهايته.

2 - تجب الزكاة في الأقساط المدفوعة للجمعيات السكنية متى بلغت نصاباً، وحال عليها الحول؛ إلى أن يوجد العقار، ويتم التخصص به، وتعرف قيمته النهائية؛ حيث تعتبر الأقساط بعد التخاصص سداد دَين الشقة، وهي قبل التخاصص أموال مدخرة.

زكاة التجارة:

تعريف:

التجارة لغة: التقليب في المال.

وشرعاً: التقليب في المال المملوك بمعاوضة؛ لغرض الربح، مع نية التجارة عند كل تصرف.

زكاة التجارة:

تجب الزكاة في عروض([1068]) التجارة.

والدليل على ذلك ما روي عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نُخْرِجَ الصدقة من الذي نُعِدُّ للبيع([1069]).

وذلك بأن تُقَوَّم([1070]) عروض التجارة آخر الحول؛ بما اشتريت به من النقد([1071]) فإذا بلغت القيمة نصاباً: أُخْرِجت الزكاة؛ وإلا فلا.

وتخرج الزكاة من القيمة لا من العين([1072]).

فإذا كان تاجر بناء مثلا ًيُقَوِّم ما عنده من بيوت في آخر الحول، ويخرج الزكاة عن قيمتها.

أما مقدار زكاة التجارة فهو ربع العشر.

ودليله ما ذكر زريق بن حيان أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه أن انظر مَن مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون من التجارات من كل أربعين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرين دينارا فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون من التجارات من كل عشرين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرة دنانير فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا واكتب لهم بما تأخذ منهم كتابا إلى مثله من الحول ([1073]).

شروط وجوب زكاة التجارة:

1 - أن تبلغ قيمة العروض في نهاية الحول نصاباً بالنقد الذي اشْتُرِيت به.

2 - نية التجارة.

تعقيبات:

زكاة تجارة العقارات: إذا اشترى المرء عقاراً؛ بقصد التجارة، ودفع ثمنه على أقساط، ثم عرضه للبيع، ولم يتم بيعه: فتخرج الزكاة عن كامل قيمة العقار في نهاية الحول.

زكاة الزروع والثمار

ثبتت فرضيتها على ما تقدم من الدليل العام، بدليل خاص من الكتاب، قال تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141].

وتختص زكاة النباتات بالأقوات.

وهي من الثمار: الرطب والعنب.

ومن الزروع: الحنطة والشعير والأرز والعدس وسائر ما يقتات به مما هو صالح للادخار مثل الذرة والحمص والفول واللوبياء والجلبان.

أما ما ورد عن أبي موسى الأشعري ومعاذ رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثهما إلى اليمن، فأمرهما أن يعلما الناس أمر دينهم وقال: "لا تأخذ الصدقة إلا من هذه الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر"([1074]). فذلك بالنسبة لما كان موجوداً عندهم، والحصر فيه لا يقاوم العموم ولا القياس.

شروط وجوب زكاة الزروع والثمار:

بالإضافة إلى الشروط العامة لوجوب الزكاة يشترط ما يلي:

1 - أن تكون الزروع والثمار مما يستنبته الآدميون. أما ما نبت بنفسه: فلا زكاة فيه.

2 - أن تكون قوتاً([1075])، مدَّخَراً([1076])، وخرج بذلك ما لا يصلح للاقتيات والادخار؛ مثل: الخوخ، والرمان، والتين، واللوز، والجوز، والتفاح، والمشمش، والكمون، والحبة السوداء، والشمر، والفلفل، ونحو ذلك، وعندها تكون الزكاة في أمثال هذه الأصناف زكاة عروض تجارة؛ بشروطها.

3 - أن تكون نصاباً من جنس واحد؛ فلا يضم جنس إلى آخر، كأن نضم القمح إلى الشعير.

نصاب الزروع والثمار:

نصابها خمسة أوسق([1077])، ودليله ما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ التَّمْرِ صَدَقَةٌ"([1078]).

مقدار زكاة الزروع والثمار:

أولاً - ما سقي بماء السماء، أو بواسطة السيح([1079])، أو بالقنوات المحفورة من الأنهار، وكذلك ما شَرِب بعروقه لقربه من الماء: فزكاته العشر؛ وذلك لخفة مؤنته.

ثانياً - ما سقي بدولاب يديره حيوان، أو آدمي، أو الماء نفسه؛ كالناعورة، أو بنضح؛ وهو نقل الماء من محله إلى الزرع، بواسطة حيوان، أو من قبل الآدمي، أو بواسطة آلة، أو بماء اشتراه: فزكاته نصف العشر؛ وذلك لارتفاع مؤنته.

ودليل ذلك ما ورد عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ، وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا([1080]): الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ"([1081]).

ثالثاً - فيما سقي بماء السماء والدولاب مثلاً على حد سواء، ففيه ثلاثة أرباع العشر؛ لأن النصف الأول فيه نصف العشر، والثاني فيه نصفُ نصفِ العشر: فالزكاة هي مجموعهما.

تعقيب: إذا ضَمَّن مالكُ الأرض ثمارَها بعد بدو الصلاح والخَرْص (التقدير): وقعت الزكاة على المالك، لا الضامن؛ لأن الأول هو الذي زرع الأرض.

زكاة النَّعم والمواشي

النَّعم هي: الإبل، والبقر؛ ويشمل الجاموس، والغنم بنوعيه؛ المعز والضأن.

أولاً - الإبل:

نصاب الإبل: أول نصاب الإبل ذكورها وإناثها خمس فليس فيما دونها زكاة.

زكاة الإبل:

إذا كان ما يملكه من الإبل خمساً إلى العشرين فزكاته عن كل خمس: شاة([1082]) جذعة([1083]):

إما جذعة ضأن لها سنة ودخلت في الثانية، أو أجذعت؛ وإن لم تبلغ سنة، أو جذع ضأن كذلك.

وإما ثنية معز لها سنتان ودخلت في الثالثة، أو ثني كذلك.

فإذا بلغ المِلك خمساً وعشرين من الإبل: فزكاته ناقةٌ؛ بنت مخاض([1084]) لها سنة، فإن لم يجد بنت مخاض فابن لبون([1085]) له سنتان، أو حِقٌّ([1086]).

وإذا بلغ المِلك ستاً وثلاثين من الإبل: فزكاته بنت لبون لها سنتان.

وإذا بلغ ستاً وأربعين: فزكاته حِقَّة، ويجزئ عنها بنتا لبون.

فإذا بلغ المِلك إحدى وستين من الإبل: فزكاته جذعة؛ لها أربع سنوات، وطعنت في الخامسة، ويجزئ عنها بنتا لبون، أو حِقَّتان؛ لأنهما تجزئان عما زاد، فإجزاؤهما عما دونه أولى.

فإذا بلغ ستاً وسبعين: فزكاته بنتا لبون.

وإذا بلغ إحدى وتسعين: ففيه حِقَّتان.

فإذا بلغت مئة وإحدى وعشرين: تغير الواجب؛ فيكون في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حِقَّة.

ففي مئة وإحدى وعشرين: ثلاث بنات لبون.

وفي مئة وثلاثين: بنتا لبون وحِقَّة.

وفي مئة وأربعين حِقَّتان وبنت لبون.

وهكذا...

والأصل في ذلك كله كتاب سيدنا أبي بكر إلى أنس رضي الله عنهما لما أرسله إلى البحرين لأخذ الزكاة ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم. هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين ...

في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كل خمس شاة.

فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى.

فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى.

فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حِقَّة طروقة الجمل.

فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة.

فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون.

فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ... ([1087]).

ثانياً - البقر:

نصاب البقر: أول نصاب البقر ثلاثون، ذكوره وإناثه سواء: فلا يجب فيما دونها شيء.

زكاة البقر: إذا بلغ المِلك ثلاثين من البقر: فزكاته تبيع([1088])؛ له سنة، ودخل في الثانية، وتجزئ الأنثى وهي أولى.

فإذا بلغ الأربعين: فزكاته مسنة([1089])؛ لها سنتان، ودخلت في الثالثة، ويجزئ عنها تبيعان.

ودليل ذلك ما روي عن معاذ رضي الله عنه قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً، أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة([1090]).

ويستمر النصاب حتى تبلغ ستين فما فوق: ففي كل ثلاثين عندئذ تبيع، وفي كل أربعين مسنة.

ثالثاً - الغنم:

نصاب الغنم: أول نصاب الغنم أربعون؛ الضأن والمعز في ذلك سواء.

زكاة الغنم:

إذا بلغ المِلك أربعين من الغنم: فزكاته شاة جذعة؛ لها سنة من الضأن، أو ثنية([1091]) من المعز.

وإذا كانت الغنم ضأناً ومعزاً: أجزأت واحدة من أحد النوعين، تُقَدَّر قيمتها بنسبة ما عنده من النوعين.

فإذا كانت غنمه عشرين من الضأن، وعشرين من المعز: دفع من أي النوعين واحدة تساوي قيمتها نصفاً من هذا، ونصفاً من هذا.

فإذا بلغ المِلك مئة وإحدى وعشرين: ففيه شاتان.

ويستمر النصاب حتى تبلغ الغنم مئتين وواحدة: ففيها ثلاث شياه.

فإذا بلغ المِلك أربعمئة من الغنم فما فوق: أُخِذ عن كل مئةٍ شاةٌ.

ودليل ذلك ما ورد في كتاب سيدنا أبي بكر إلى أنس بن مالك رضي الله عنهما لما وجهه إلى البحرين: وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومئة: شاة.

فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين: شاتان.

فإذا زادت على مئتين إلى ثلاثمئة ففيها: ثلاث شياه.

فإذا زادت على ثلاثمئة ففي: كل مئةٍ شاةٌ.

فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة، إلا أن يشاء ربها([1092]).

شروط وجوب زكاة النَّعم:

بالإضافة إلى الشروط العامة لوجوب الزكاة يشترط ما يلي:

1 - تمام الحول: فإذا نقص الحول ولو لحظة؛ فلا زكاة فيها.

أما النتاج([1093]) فيتبع الأمهات في الحول؛ فمثلا إذا كانت النعم في أثناء الحول نصاباً، ثم أنتجت وكان النتاج من حيث عدده يقتضي الزكاة؛ كأن أصبح عدد الشياه مئة وإحدى وعشرين شاة، ولو قبل تمام الحول بلحظة: وجبت الزكاة على العدد بكامله.

2 - أن تكون النَّعم سائمة: وهي المرعية في كلأ مباح، أو كلأ مملوك، والقيمة يسيرة؛ لا يُعَدُّ مثلُها كلفة.

واختُصت السائمةُ بالزكاة دون المعلوفة؛ لتوفر مؤنتها بالرعي في كلأ مباح.

أما إذا عُلِفت الماشية معظم الحول، أو كلَّه: فلا تجب فيها الزكاة؛ لكلفة العلف.

ولو عُلِفت نصف الحول: فلا تجب الزكاة.

3 - ألا تكون عاملة في حرث أو نضح ونحوه؛ لأن هذه ليست معدة للنماء، وإنما للعمل كجِمَال السفر، وبقر الحرث.

أداء الزكاة

دافع الزكاة:

تدفع الزكاة من قبل مالك المال عن نفسه، أو يدفعها عنه وكيله([1094]).

وتجب النية في أدائها.

وتكون النية بأن يقصد معنى قوله: هذه زكاتي أو فرض صدقة مالي.

وإن كان للمالك دَين على شخص فقال له: جعلت ما لي عليك من الدَّين؛ من زكاتي، أو قال في نفسه: جعلت هذا الدَّين: زكاة مالي: فإن ذلك لا يجزئه.

وإن طلب المدين من الدائن أن يعطيَه زكاةَ ماله على أن يدفعها له عن الدَّين؛ ففعل: أجزأه ذلك([1095]).

ويسن للشخص دفعها عن طيب نفس.

وقت تأدية الزكاة:

يجوز تعجيل الزكاة في أثناء الحول قبل تمامه.

لمن تعطى الزكاة:

يجب صرف الزكاة إلى الموجودين من الأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا، وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَفِي الرِّقَابِ، وَالْغَارِمِينَ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ؛ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].

و(إنما) للحصر؛ فلا تصرف إلى غير ما ذُكِر.

وهذا مجمع عليه.

ولكن اختلف في استيعابهم:

فعند السادة الشافعية يجب دفعها للأصناف الثمانية.

لكن في هذا عسر؛ لذا اختار بعض الشافعية: جواز صرفها لواحد من الأصناف المذكورة، ولا بأس بالتقليد([1096]) بهذه المسألة في زماننا.

وتُعطى للصنف الأحوج.

شرح الأصناف الثمانية:

1 - الفقير: هو من لا مال له أصلاً، ولا كسب من حلال.

2 - المسكين: هو من له مال، أو كسب، دون أن يكفيه.

ويعطى الفقير والمسكين من الزكاة مقدار ما يخرجه من الحاجة إلى الكفاية على الدوام.

كأن يعطى ثمن آلة ليشتغل عليها؛ إن كان قادراً على الكسب.

إما إن كان عاجزاً عن الكسب؛ فيعطى بمقدار ما يسد حاجته خلال سنة على أرجح الأقوال.

3 - العامل: ويشمل كل من استعمله الإمام؛ لجباية الزكاة من جامع الزكاة والكاتب([1097])، والقاسم([1098])، والحاشر([1099]).

ويجب أن يكون فقيهاً في الزكاة عالماً بأحكامها.

وتعطى الزكاة للعامل؛ ولو كان غنياً على سبيل الأجرة.

4 - المؤلفة قلوبهم: وهم أربعة أقسام كلهم مسلمون:

1 - ضعيف الإيمان، الذي أسلم حديثاً؛ فيعطى منها، ليقوى إيمانه.

2 - من أسلم وله شرف في قومه، ويُتَوَقَّع بإعطائه من الزكاة إسلام غيره؛ فيعطى ولو كان قوي الإيمان.

3 - مسلم قوي الإيمان، يُتَوَقَّع بإعطائه أن يكفينا شر من وراءه من الكفار.

4 - مسلم يكفينا شر مانعي الزكاة.

5 - الرقاب: هم المكاتبون.

والمكاتب: عبد اشترى نفسه من سيده بأقساط.

6 - الغارم([1100]): وأقسامه ثلاثة:

1 - مدين لتسكين فتنة بين طائفتين في قتيل، لم يظهر قاتله؛ فيُقْضَى دَيْنُه من سهم الغارمين، سواء كان غنياً أو فقيراً([1101]).

2 - مَن استدان في مصلحة نفسه، أو عياله، وصرف ذلك في مباح.

3 - مَن عليه دَين؛ بسبب ضمان لغيره، وكان معسراً هو والمضمون.

ويعطى الغارم من الزكاة: ما يَسُدُّ دَيْنَه.

7 - في سبيل الله: هم المتطوعون بالجهاد القتالي.

8 - ابن السبيل: هو من أنشئ سفراً وانقطعت به سُبُل العودة إلى بلده.

من لا يجوز دفع الزكاة إليهم:

1 - الغني بمال أو كسب.

2 - من تلزم المزكي نفقتُه.

فلا يَدفع زكاته إليه باسم الفقراء والمساكين.

ويجوز إعطاء زكاة الأب إلى الابن البالغ إذا كان فقيراً أو مسكيناً؛ لأنه غير ملزم بالنفقة عليه.

أما إذا كان عاجزاً عن الكسب: فلا يجوز أن يعطى زكاة أبيه؛ لأن الأب عندئذ ملزم بالنفقة عليه، وعلى أولاده فيكون غنياً بأبيه.

أما الابنة؛ فإن أباها ملزم بالنفقة عليها، ما دامت في حجره وليس لها عمل يكفيها.

فإن تزوجت، أو صار لها عمل يليق بها، لم يَعُدْ مُلْزَمَاً بنفقتها؛ وعلى هذا يمكنه أن يعطي زكاته لزوجها إن كان فقيراً أو مسكيناً.

ويجوز للزوجة أن تعطي زوجها زكاة مالها إن كان فقيراً أو مسكيناً.

ودليل صحة إعطائها الزكاة له: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن زينب امرأة مسعود جاءت تستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسول الله، هذه زينب. فقال: أَيُّ الزَّيَانِبِ؟"، فقيل: امرأة ابن مسعود. قال: "نَعَمْ، ائْذَنُوا لَهَا". فأذن لها. قالت: يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَ ابْنُ مَسْعُود،ٍ زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ"([1102]).

ويصح إعطاء الأخت زكاتها لأخيها الشاب الذي له مورد يكفيه؛ إذا كان لا يستطيع الزواج لعدم توفر المهر له.

زكاة الفطر

الغرض منها:

جبر الخلل الواقع في الصوم؛ كما يجبر سجود السهو الخلل الواقع في الصلاة.

ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر؛ طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين([1103]).

حكمها:

هي فرض؛ بدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فَرَضَ زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير؛ على كل عبد، ذكرٍ أو أنثى من المسلمين([1104]).

وفي حديث آخر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فَرَض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر؛ على الصغير والكبير، والحر والمملوك([1105]).

شروط وجوبها:

1 – الإسلام.

2 - إدراك جزء من رمضان وجزء من شوال([1106]):

فمَن مات بعد غروب شمس ليلة العيد: وجب إخراج زكاة الفطر عنه؛ بخلاف مَن مات قبل الغروب.

ومَن وُلِد له ولد قبل غروب شمس ليلة العيد: وجبت عليه فطرته؛ بخلاف مَن وُلِد بعد الغروب.

3 - وجود الفَضْل (الزيادة) عن مؤنته ومؤنة عياله في يوم العيد وليلته.

على من تجب زكاة الفطر:

تجب الزكاة على الشخص عن نفسه، وعمن تلزمه نفقته من المسلمين.

إذ المعروف في قواعد الفقه أن: كل من تلزمه نفقته من المسلمين تلزمه فطرته.

وقتها:

يجوز إخراجها في أول رمضان.

ويسن إخراجها قبل صلاة العيد؛ للاتباع، ولكف المحتاجين عن السؤال يوم العيد.

ويكره تأخيرها إلى آخر يوم العيد.

ويحرم تأخيرها عن يوم العيد بلا عذر([1107]).

ولا تسقط.

كتاب الحج

معنى الحج

لغة: القصد إلى مُعَظَّم.

شرعاً: قصد البيت الحرام لأعمال النسك.

حكمه:

هو ركن من أركان الإسلام، وفرض عين على كل مستطيع.

وهو عباده بدنية ومالية.

دليل فرضيته:

القرآن والسنة والإجماع:

فمن القرآن قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97].

ومن السنة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلى خَمْسٍ: شَهادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ"([1108]).

ولا يجب الحج بأصل الشرع إلا مرة واحدة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا"، فقال رجل أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ"، ثم قال: "ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ؛ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ: فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهٌ"([1109]). ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد أن فُرِض الحج إلا مرة واحدة، وهي حجة الوداع.

وقد انعقد الإجماع منذ عهد الصحابة إلى يومنا هذا على أن الحج فريضة محكمة على كل مستطيعٍ، في العمر مرة واحدة.

معنى العمرة

لغة: الزيارة.

شرعاً: زيارة البيت الحرام للنُّسُك.

حكمها:

هي فرض عين على كل مستطيع.

دليل فرضيتها:

قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196].

وما روته عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله على النساء جهاد؟ قال: "نَعَمْ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ"([1110]).

وهي فرض لمرة واحدة؛ لحديث جابر أن سراقة بن جعشم رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن العمرة، فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟، فَشَبَّك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: "دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ - مرتين- لاَ بَلْ لأَبَدٍ أَبَدٍ"([1111]).

ووجوب الحج والعمرة على التراخي ما لم يخش المرض؛ بدليل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97].

وهذا القول مطلق عن تعيين الوقت، ولا يجوز تقييد النص إلا بدليل، ولا دليل على ذلك. إلا أنه إن أَخَّر بعد التمكن ومات قبل أداء فريضة الحج: مات عاصياً، ووجب قضاؤها من تركته.

شروط الحج والعمرة:

أولاً - شروط للصحة مطلقاً:

وهي الإسلام فقط.

ثانياً - شروط صحة المباشر بالنفس:

الإسلام، والتمييز.

فيصح من الصبي ويثاب عليه لكن لا يجزئه عن حجة الإسلام.

ثالثاً - شروط وقوعه عن حجة الإسلام:

الإسلام، والعقل، والبلوغ.

رابعاً - شروط الوجوب:

1 - الإسلام:

2 - العقل: فلا يجب الحج على المجنون، ودليله ما روي عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رُفِعَ القَلمُ عَنْ ثَلاثَةٍ عَنِ النَّائِمِ حتى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حتى يَشِبَّ وَعَنِ المَعْتُوهِ حتى يَعْقِل"([1112]).

3 - البلوغ: فلا يجب على الصبي لكنه يثاب على حجه بثواب نفل.

فإن بلغ الصبي أثناء القيام بأعمال الحج أو العمرة، وقبل الوقوف بعرفة أو في أثنائه: أجزأه النسك، ويعيد السعي إن كان قد سعى بعد طواف القدوم.

4 - الاستطاعة: لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]. والمراد منها استطاعة التكليف بهذه الفريضة.

والاستطاعة نوعان: استطاعة بنفسه، واستطاعه بغيره:

أولاً - استطاعة المباشرة بالنفس:

وشروطها خمسة للرجل والمرأة سواء، وشرطان خاصان بالمرأة دون الرجل.

أما الخمسة العامة فهي:

1 - وجود الزاد، وقَدْر النفقة ذهاباً وإياباً؛ فإذا لم يجد الزاد، وحج معولاً على السؤال: كُرِه له ذلك.

2 - وجود آلة الركوب التي تليق في حق المرأة مطلقاً.

أما في حق الرجل فيشترط ذلك إن طال سفره، أي: إن كان بينه وبين مكة مرحلتان فأكثر، ولو كان قادراً على المشي.

أما إن كان سفره أقل من مرحلتين وهو قادر على المشي فلا تشترط آلة الركوب من راحلة وغيرها.

ودليل ما سبق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر السبيل في الآية {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]: باستطاعة الزاد والراحلة، روي عن أنس رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله ما السبيل؟ قال: "السَّبِيلُ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ"([1113]).

ويشترط في كل ما سبق؛ من زاد، وأوعية، وراحلة: أن يكون فاضلاً عن دَيْنِه؛ سواء كان الدَّين لآدمي، أو لحق الله تعالى؛ كالزكاة والكفارات.

كما يشترط أن يكون فاضلاً عن مؤنة مَن عليه مؤنتهم؛ كزوجة، وفَرْعِه، وأصله؛ مدة ذهابه ورجوعه، وإقامته في الحجاز؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ"([1114]).

وأن يكون فاضلاً عن مسكنه اللائق به.

3 - توفر الأمن في الطريق وقت خروج الناس للحج.

فإن لم يأمن على نفسه، أو ماله: لم يجب عليه الحج.

4 - صحة البدن:

فلا حج على المريض، والزَّمِن، والمقعَد، والشيخ الكبير الذي لا يثبت على الراحلة بنفسه؛ ولو وجدت فيهم سائر شروط الحج الأخرى.

وإن كان أعمى لم يجب عليه، إلا أن يكون معه قائد؛ لأن الأعمى من غير قائد كالزَّمِن، ومع القائد كالبصير.

5 - إمكان السير وتوفر الوقت اللازم بحيث يدرك الحج فإن لم يبق من الوقت ما يتمكن فيه من السير لأداء الحج لم يلزمه.

أما الشرطان الخاصان بالمرأة فهما:

1 - أن يخرج معها زوجها، أو محرم لها، أو نسوة ثقات؛ اثنتان فأكثر، تأمن معهما على نفسها.

2 - ألا تكون معتدة عن طلاق أو وفاة مدة إمكان السير للحج؛ لقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1].

ثانياً - الاستطاعة بغيره:

وتكون بأحد أمرين: بماله، أو بمن يطيعه.

1 - فمن لا يقدر على الحج بنفسه؛ لزَمَانة، أو كِبَر، أو مرض لا يرجى زوالهـ؛ بأن أقعده ذلك؛ وله مال يدفعه إلى من يحج عنه: فيجب عليه فرض الحج؛ لأنه يقدر على أداء الحج بغيره.

2 - ومن لا يقدر على الحج بنفسه، وليس له مال، ولكن له ولد يطيعه إذا أمره.

فإذا كان الولد مستطيعاً وجب على الأب الحج.

وإن لم يكن للولد مال فلا يلزمه.

لما روي عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن. قال: "حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ"([1115]).

الاستنابة بالحج:

حكمها: تجب على الورثة عن الميت من تركته قبل توزيعها؛ ولو بدون وصية: إذا كان المتوفى في حال حياته قد توفرت فيه شروط وجوب الحج، إلا أنه لم يحج.

وهذه الحجة تُسْقِط الفريضة عن الميت.

فإن لم يفعلوا وَرِثوا مالاً حراماً، وبقيت فريضة الحج عنه معلقة بذمتهم؛ ولو لم يوص بها المتوفى.

وإن لم يكن له تركة سُنَّ لوليه، أو لوارثه: أن يحج عنه من ماله الخاص.

كما يجوز للأجنبي أن يحج عنه([1116])؛ قياساً على قضاء الدَّين؛ لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي نَذَرَت أن تحج، فماتت قبل أن تحج؛ أَفَأَحُجَّ عنها، قال: "نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا؛ أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟"، قالت: نعم، فقال: "اقْضُوا اللَّهَ الَّذِي لَهُ فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ"([1117]).

وتجب الاستنابة على من عجز عن الحج بنفسه؛ لِكِبَر سِنٍ، أو مرض مزمن لا يرجى برؤه؛ إن قدر عليه بماله، أو بمن يطيعه من أبنائه.

شروط المستناب:

أن يكون أهلاً للحج؛ مسلماً، بالغاً، عاقلاً، ثقةً، حَجَّ حَجَّة الإسلام عن نفسه.

ودليل ذلك ما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول لبيك عن شبرمة. قال: "مَنْ شُبْرُمَةَ؟"، قال: أخ لي أو قريب لي. قال: "حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟"، قال: لا. قال: "حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ"([1118]).

ويسن ذكر اسم المستناب عنه عند القيام بأركان النسك.

أما عند القيام بالنافلة - كطواف النافلة - فيجب ذكر اسم المستناب عنه.

أركان الحج:

الركن الأول - الإحرام:

هو قصد الدخول في الحج أو العمرة أو كليهما.

ولا بد من التعيين: فإن أطلق؛ بأن نوى الإحرام، ولم يعين:

فإن كان في أشهر الحج([1119]): صَرَفَه لما شاء من النسكين (حج أو عمرة)، أو كليهما إن لم يفت وقت الحج. فإن فات وقت الحج صرفه للعمرة.

وإن كان في غير أشهر الحج: انعقد عمرة.

ويكون الصرف بالنية والعزم القلبي، لا باللفظ.

ولا يجزئه العمل قبل النية:

فلو طافن أو سعى قبلها لم يُعْتَدَّ به.

ويستحب التلفظ بالنية بقوله: نويت الحج أو العمرة وأحرمت به لله تعالى.

وإن كان نائباً عن غيره قال: نويت الحج أو العمرة عن فلان وأحرمت به لله تعالى.

ويصح الإحرام بإحرام غيره؛ وذلك بأن يقصد المُحْرِم الاقتداءَ بشخصٍ من أهل العلم والفضل: فيحرم بما أحرم به؛ لحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء فقال لي: "أَحَجَجْتَ؟"، فقلت: نعم. فقال: "بِمَ أَهْلَلْتَ؟"([1120])، قال: قلت لبيك بإهلالٍ كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم. قال: "فَقَدْ أَحْسَنْتَ؛ طُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَحِلَّ"([1121]).

الركن الثاني - الوقوف بعرفة:

دليل فرضيته:

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [الحج: 97]، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الْحَجُّ عَرَفَةُ؛ فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ([1122]): فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، أَيَّامُ مِنًى ثَلاَثَةٌ؛ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ؛ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ"([1123])؛ تفسيراً للأمر القرآني بالحج، والمجمَل إذا فُسِّر يلتحق به التفسير، ويصير للتفسير حكم الأصل.

مكان الوقوف:

عرفة كلها موقف.

فيصح أداء الركن في أي موضع منها إلا بطن وادي عُرْنة.

لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وَوَقَفْتُ هَا هُنَا([1124])، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ"([1125]).

وحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ، وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ"([1126]).

زمن الوقوف:

يبدأ وقت الوقوف من زوال الشمس يوم عرفة - وهو التاسع من ذي الحجة - ويستمر إلى طلوع الفجر الثاني يوم النحر.

بدليل حديث جابر رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء([1127]) فرحلت له([1128]).

وهو القائل صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ؛ لَعَلِّى لاَ أَرَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا"([1129]).

وحديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي رضي الله عنه المتقدم: " فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ([1130]): فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ"([1131]).

ويتحقق الفرض ببقائه لحظة في أرض عرفة خلال الوقت المذكور

ولا يشترط للوقوف الطهارة من الحدثين.

فيصح من المُحْدِث والجنب، والحائض والنفساء؛ لما روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها لما حاضت: "افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ؛ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي"([1132]).

الركن الثالث - الطواف:

بعد أن يفيض الحاج من عرفة، ويبيت بمزدلفة، يأتي منى يوم العيد؛ فيرمي، وينحر، ويحلق: ثم بعد ذلك يفيض إلى مكة؛ فيطوف بالبيت.

وهذا الطواف يسمى طواف الزيارة؛ لأنه يأتي من منى، فيزور البيت، ولا يقيم بمكة، وإنما يبيت في منى.

ويسمى طواف الإفاضة؛ لأنه يفعله عند إفاضته من منى إلى مكة.

وهو فرض في الحج؛ لذلك يسمى طواف الفرض، أو طواف الركن.

دليل فرضيته:

قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].

وحديث عن عائشة رضي الله عنها أن صفية بنت حيي رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟"، قالوا: إنها قد أفاضت. قال: "فَلَا إِذًا"([1133]).

وقته:

يدخل وقته من نصف ليلة النحر؛ بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر؛ فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت، فأفاضت([1134]).

ولا آخر لوقته، ولكن الأفضل فعله يوم النحر.

ويكره تأخيره عنه، وتأخيره عن أيام التشريق أشد كراهة.

واجباته:

1 - ستر العورة: وهي العورة الواردة في بحث الصلاة.

والدليل ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعثه في الحجة التي أَمَّره عليها رسول الله، قبل حجة الوداع يوم النحر، في رهط يُؤَذِّن في الناس: "أَلِا لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ"([1135]).

2 - الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، والطهارة من النجاسة في الثوب والبدن والمكان الذي يطؤه.

لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاَةِ إِلاَّ أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلاَ يَتَكَلَّمَنَّ إِلاَّ بِخَيْرٍ"([1136]).

وإذا زال الستر، أو انتقض الوضوء أثناء الطواف: جَدَّد ستره، أو وضوءه، وبنى على ما طافه سابقاً.

لكن يسن للمرء استئناف الطواف في هذه الحال.

3 - جعل البيت عن يساره، ماراً تلقاء وجهه.

فلو استقبله، أو استدبره، أو جعله عن يمينه: لم يَصِحَّ طوافه.

4 - الابتداء من الحجر الأسود في كل شوط.

فلو بدأ من غيره لم يحتسب له ما طافه قبله.

5 - كون الطواف سبع طوفات (أشواط) من الحجر الأسود، للحجر الأسود.

فإن ترك شيئاً من السَّبْع؛ وإنْ قَلَّ: لا يجزئ.

والدليل ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطاف بالبيت سبعاً، ثم صلى خلف المقام ركعتين([1137]).

ولا ينجبر شيء منه بالدم، ولا بغيره.

ولو شك في العدد لزمه الأخذ بالأقل أثناء الطواف.

أما إذا شك بعد الانتهاء فلا شيء عليه.

6 - كون الطواف داخل المسجد، ويجوز في هواء المسجد، وعلى سطحه؛ ولو مرتفعاً عن البيت، ولا بأس بالحائل بين الطائف والبيت.

7 - أن يكون الطائف خارجاً بجميع بدنه عن جميع البيت.

ويعتبر الشاذروان([1138]) من البيت.

وكذا حجر سيدنا إسماعيل وهو الحطيم.

لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجدر - هو الحجر أو الحطيم - أَمِنَ البيت هو؟ قال: "نَعَمْ"([1139]).

والدليل على وجوب كون الطائف خارجاً بجميع بدنه عن جميع البيت؛ قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].

فيكون المرء طائفاً به، إذا لم يكن جزءٌ منه فيه؛ وإلا فهو طائف فيه.

ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف خارجه، وقد قال: "خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ"([1140]).

لذا:

من دخل جزء من بدنه في هواء الشاذروان، أو الحِجْر، أو مس جدار الحِجْرـ أو جدار البيت، أثناء سيره: لم يصح طوافه؛ فيعيد الشوط الذي حصل فيه شيء من ذلك.

8 - عدم صرف الطواف لغيره كطلب غريم.

أما اقتران نية الطواف بنية أخرى كالتفتيش عن شخص تائه عنه فلا مانع منه

الركن الرابع - السعي بين الصفا والمروة:

تعريفه:

أصل السعي: الإسراع، والمراد به هنا: مطلق المشي.

وأصل الصفا: الحجارة الْمُلْسُ، ومفردها صفاة، كحصى وحصاة، والمراد بالصفا هنا: طرف من جبل أبي قبيس، وسمي كذلك؛ لأن سيدنا آدم اقتبس منه النار.

والمروة حجر أبيض بَرَّاق، والمراد به هنا: طرف من جبل قينقاع.

وهذان الجبلان الصغيران يوجدان على مقربة من البيت العتيق، وقد أصبحا داخل المسجد الحرام.

والسعي بين الصفا والمروة مأخوذ من طواف هاجر أم إسماعيل عليه السلام في طلب الماء؛ كما في حديث طويل عن ابن عباس رضي الله عنهما([1141]).

دليله:

قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158]. وماروت حبيبة بنت أبي تجزئة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يسعى: "اسْعَوْا؛ فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ"([1142]).

واجبات السعي بين الصفا والمروة:

1 - وقوع السعي بعد طواف صحيح؛ سواء كان بعد طواف الإفاضة، أو بعد طواف القدوم؛ لحاج لم يقف بعرفة.

أما إذا تخلل الوقوف بعرفة بين طواف القدوم والسعي؛ فقد امتنع السعي إلا بعد طواف الإفاضة.

ولو سعى الحاج عقيب طواف القدوم: لم تستحب إعادته بعد طواف الإفاضة.

2 - أن يبدأ الساعي بالصفا؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: لما دنا النبي صلى الله عليه وسلم من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}، وقال: "أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ"؛ فبدأ بالصفا([1143]).

فلو عكس لم تحسب المرة الأولى.

ويشترط في المرة الثانية أن يبدأ بالمروة.

وفي الثالثة بالصفا.

وهكذا.

3 - أن يكون عدد مرات السعي سبعاً.

فلو ترك من السبع شيئاً: لم يصح، ويحسب ذهابه من الصفا إلى المروة مرة وعودة مرة أخرى.

ويشترط أن يقطع جميع المسافة بين الصفا والمروة.

فلو بقي منها بعض خطوة: لم يصح سعيه.

ويجب على الماشي أن يلصق رجله بالجبل في الابتداء والانتهاءح بحيث لا يبقى بينهما فرجة. هذا إذا لم يصعد على الصفا والمروة.

فإن صعد فهو الأكمل؛ لأن الصعود سنة مؤكدة.

4 - كونه في المسعى؛ فلا يجزئ مع الخروج عنه.

5 - عدم الصارف: فلو سعى بقصد طلب غريم له: لم يصح.

وما يفعله العوام من المسابقة في السعي: يضر، إذا لم يقصد معها السعي.

ولا يشترط للسعي الطهارة من الحدثين.

الركن الخامس - الحلق أو التقصير:

تعريفه:

الحلق، هو: استئصال الشعر بالموسى.

والتقصير هو: قطع الشعر من غير استئصال.

دليله:

قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27]. والحلق للرجل أفضل.

فإن نذره أصبح واجباً.

شروطه:

1 - أن لا يقل الحلق أو التقصير عن إزالة ثلاث شعرات، أو بعضها؛ بأية طريقة كانت، ولو لم يكن في رأسه غيرهن وسواء كانت هذه الشعرات مسترسلة أو متفرقة.

فإن لم يكن في رأسه إلا شعرة واحدة لزمه حلقها.

ولا يقوم شعر الوجه - الشارب واللحية - مقام شعر الرأس.

2 - أن يكون بعد رمي جمرة العقبة، أو بعد طواف الإفاضة.

وقته:

يدخل وقت الحلق أو التقصير: بنصف ليلة النحر.

أركان العمرة:

1 - الإحرام مع النية.

2 – الطواف.

3 – السعي.

4 - الحلق أو التقصير.

واجبات الحج([1144]):

أولاً - الإحرام من الميقات:

والميقات لغة: الحد.

وشرعاً: زمن العبادة ومكانها.

وميقات الحج الزماني:

شهر شوال، وشهر ذو القعدة، وعشر ليال من ذي الحجة؛ آخرها طلوع فجر ليلة النحر.

والدليل عليه قوله عزَّ وجلَّ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197].

وإن أحرم بالحج في غير هذه الأشهر انعقد إحرامه عمرة؛ لأنها عبادة غير مؤقتة، وجميع السنة وقت للإحرام بها.

وأما الميقات المكاني للحج فيختلف باختلاف الجهة التي يأتي منها الحاج:

1 - فالمقيم بمكة؛ مكياً كان أو غيره: ينوي الحج من بيته.

2 - ومن كان في غير مكة: يُحْرِم بالحج من أحد المواقيت التالي بيانها:

1) ذو الحليفة (آبار علي): وهو ميقات المتوجه من المدينة ويبعد 450 كم عن مكة ويقع شمالها. وذو الحليفة ميقات أهل المدينة من زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى هذا الزمن فلم يتغير ميقاتها.

2) الجحفة: وهو ميقات الوارد بحراً؛ من الشام ومصر والمغرب، وتقع بين مكة والمدينة وتبعد عن مكة 187 كم، وأبدلت الآن برابغ؛ لأن الجحفة أصبحت خراباً، وتبعد رابغ عن مكة 204 كم.

3) يلملم: وهو ميقات الوارد من تهامة اليمن، وهو جبل يقع جنوب مكة ويبعد عنها 54 كم.

4) قَرْن (المنازل): وهو ميقات الوارد من نجد، ويسمى الآن (السيل الكبير)، وهو جبل شرقي مكة يطل على عرفات، ويبعد عن مكة 94 كم.

5) ذات عِرْق: وهي ميقات الوارد من العراق، ومن الشرق؛ بصورة عامة، وتبعد عن مكة 94 كم وهي في الشمال الشرقي من مكة.

3 - ومن سلك طريقاً لا ينتهي إلى ميقات أحرم من محاذاته؛ براً، أو بحراً.

فإن حاذى ميقاتين: أحرم من محاذاة أبعدهما عن مكة.

وإن لم يحاذ ميقاتاً: أحرم على بعد مرحلتين من مكة.

ومن كان مسكنة أقرب إلى مكة من مرحلتين أو بين مكة والميقات: أحرم من مسكنه.

ودليل تحديد المواقيت حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم؛ هن لأهلهن، ولكل آت أتى عليهن من غيرهم، ممن أراد الحج والعمرة؛ فمن كان دون ذلك: فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة([1145]).

وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأهل العراق ذات عِرق([1146]).

ومن جاوز ميقاتاً، وهو غير مريد للنسك؛ ثم أراده: فميقاته موضعه.

ومَن جاوز الميقات، وهو مريد النسك؛ ولكنه لم يُحْرِم: لزمه العود إلى الميقات، قبل تلبسه بنُسُك؛ ولو بعد إحرامه.

فإن لم يَعُدْ، أو عاد بعد تلبسه بنُسُك: لزمه دم؛ ولو فعل ذلك ناسياً أو جاهلاً.

ويجوز للحاج أن يُحْرِم من بلده؛ لكن الإحرام من الميقات أفضل.

ثانياً - المبيت بمزدلفة ليلة النحر:

ويتحقق ذلك بوجوده فيها؛ ولو لحظة من النصف الثاني من ليلة النحر.

ولا يجزئ وجوده في النصف الأول من الليل.

ومن تركها قبل دخول النصف الثاني: وجب عليه دم؛ ولو كان الترك كُرْهاً، أو جهلاً([1147]).

وفي أي موضع من المزدلفة بات أجزأه؛ بدليل ما روي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " نَحَرْتُ هَا هُنَا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ فَانْحَرُوا فِى رِحَالِكُمْ وَوَقَفْتُ هَا هُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَوَقَفْتُ هَا هُنَا وَجَمْعٌ ـ المزدلفة ـ كُلُّهَا مَوْقِفٌ "([1148]).

ثالثاً - رمي جمرة العقبة يوم النحر بسبع حصيات:

لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى وقد قال: "خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ"([1149]).

ويدخل وقته بنصف ليلة النحر، ويستمر إلى آخر أيام التشريق الثلاث.

وله وقت أفضلية هو: ما بين ارتفاع الشمس وزوالها.

ووقت اختيار هو: إلى آخر يوم النحر.

ووقت جواز هو: إلى آخر أيام التشريق الثلاثة.

فلو تركه حتى فات وقته: صَحَّ حَجُّه؛ ولَزِمَه دم.

ودليل دخول الوقت بنصف ليلة النحر، حديث عائشة رضي الله عنها قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت، فأفاضت([1150]).

والدليل على جواز الرمي مساء يوم النحر ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً قال للرسول صلى الله عليه وسلم: رميت بعد ما أمسيت. قال: "لاَ حَرَجَ"([1151]).

رابعاً - رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق الثلاثة:

ويكون الرمي بسبع حصيات؛ لكل واحدة، في كل يوم: إن لم يتعجل في يومين ويسافر([1152])؛ وإلا سقط عنه رمي اليوم الثالث؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203].

وروى سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات؛ يُكَبِّر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم، حتى يُسْهِلَ([1153])، فيقوم مستقبل القبلة، فيقوم طويلاً ويدعو، ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال، فَيَسْتَهِلُ، ويقوم مستقبل القبلة، فيقوم طويلاً ويدعو، ويرفع يديه، ويقوم طويلاً، ثم يرمي جمرة ذات العقبة، من بطن الوادي، ولا يقف عندها، ثم ينصرف، فيقول: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله([1154]).

وقته:

لا يصح الرمي إلا بعد الزوال لكل يوم.

فإذا رمى قبل الزوال: لم يصح؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضُحَىً، وأما بعد فإذا زالت الشمس([1155]).

ومَن ترك رمياً من يوم النحر، أو أيام التشريق: تداركه في أيام التشريق أداء.

ويجوز رمي ما فاته ليلاً أو نهاراً.

ولا يصح الرمي بعد أيام التشريق، بل يلزمه دم بترك ثلاث رميات - أي حصيات - فأكثر.

ومَن عَجَز عن الرمي بنفسه؛ لعذر: يسقط القيام في فرض الصلاة أو أيس - ولو ظناً - من القدرة عليه: أناب مَن يرمي عنه وجوباً.

ويشترط في النائب أن يكون مُكَلَّفاً، أو مميزاً وأَذِن له وليه.

ولا يصح رميه عنه إلا بعد رميه عن نفسه الجمرات الثلاث([1156]).

فإن شفي المنيب بعد رمي النائب عنه: لم تجب عليه إعادة الرمي بنفسه؛ لكن تستحب.

شروط صحة الرمي:

1 - أن يرمي كل جمرة بسبع حصيات؛ يقيناً، واحدة بعد أخرى.

فلو رمى حصاتين دفعة واحدة: لم تعتبر إلا رمية واحدة.

2 - أن يكون المرمي به حجراً، ولا يكفي غير الحجر؛ كالخزف مثلاً.

3 - قصد المرمى وإصابته بالحجر؛ يقيناً.

فلو رمى في الهواء، أو شك في إصابته: لم تحسب الرمية.

4 - ترتيب الجمار الثلاث أثناء الرمي في أيام التشريق؛ فيبدأ بالصغرى التي تلي مسجد الخيفن ثم الوسطى، ثم العقبة.

والدليل حديث سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم([1157]).

ولا تشترط المولاة عند رمي الجمرات؛ لكن تسن.

5 - أن يكون الرمي باليد لأنه هو الوارد.

ولا يشترط في الرمي النية.

خامساً - المبيت في منى([1158]) معظم أيام التشريق الثلاثة:

إن لم ينفر النفر الأول، وإلا سقط عنه مبيت الليلة الثالثة، كما يسقط عنه رمي يومها.

ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.

وقد رخص صلى الله عليه وسلم في ترك المبيت لأجل السقاية؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال استأذن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له([1159])؛ فدل ذلك على أنه لا يجوز لغيره تركه.

ويحسب الليل من المغرب إلى الفجر.

ويتحقق المبيت بأكثر من نصف ساعاته؛ سواء أكان ذلك في أول الليل، أو في آخره.

وذهب بعض الفقهاء إلى أن المبيت بمنى: يتحقق بوجوده فيها، في النصف الثاني من الليل.

وإذا لم يَبِت الليالي الثلاث: فعليه ذبيحة واحدة عنها كلها.

وإذا أراد التعجيل؛ بأن نَفَرَ قبل غروب شمس اليوم الثاني من منى: فعليه بترك مبيت الليلتين؛ إن تركهما: دم؛ لأنه قد ترك المبيت جملة.

سادساً - طواف الوداع:

يجب طواف الوداع على كل من أراد مفارقة مكة، والعودة إلى وطنه؛ وإن كان وطنه على مسافة من مكة أقل من مسافة القصر؛ ولو لم يكن حاجَّاً أو معتمراً.

كما يجب على الحاج إن أراد الخروج إلى منى ومنها إلى وطنه.

ودليله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ"([1160]).

ويُجْبَر تَرْكُه بدم.

فإن عاد بعد فراقه وقبل أن يقطع مسافة القصر أو قبل وصوله إلى بلده؛ إن كان قريباً، وطاف مودعاً: سَقَطَ عنه الدم؛ ولم يلزمه الإحرام لهذا الدخول والطواف.

وإن مكث بعد الطواف أعاده؛ إلا إذا مكث لصلاة أقيمت، أو شُغْلِ سفر؛ كشراء زاد، ولم يَطُل زمن ذلك، أو شَدِّ حمولة، أو شرب ماء زمزم، أو انتظار رفقة، أو إغماء، أو إكراه؛ وإن طال زمنه.

ولا وداع على مَن خرج لغير منزله؛ بقصد الرجوع، وكان سفره قصيراً، ولا على مُحْرِم خَرَج إلى منى؛ إلا أنه يسن.

أما الحائض والنفساء والمريض فلا طواف وداع عليهم؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: أَمَر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت؛ إلا أنه خَفَفَ عن الحائض([1161]).

لكن إن شفي المريض، أو طهرت الحائض والنفساء، قبل مفارقة بنيان مكة: لزمهم الطواف.

سابعاً - اجتناب محرمات الإحرام:

ومحرمات الإحرام بعضها من اللباس.

وبعضها يتعلق ببدن المحرم.

وبعضها محرمات من الصيد.

وفيما يلي بيان جميع هذه المحرمات بالتفصيل:

1ً - المحرمات من اللباس: يختلف تحريم الملبس في حق الرجال عن تحريمه في حق النساء.

1 - ما يحرم على الرجال:

 آ - لبس المحيط ببدنه، أو بأي عضو منه؛ مثل: القفازين؛ سواء كان مخيطاً كقميص، وقباء([1162])، أو منسوجاً؛ كدرع، أو كيس، أو معقوداً كالطربوش: يَحْرُم ذلك كله؛ إذا لَبِسَه لُبْساً معتاداً؛ كأن يضع عباءة على منكبيه، دون أن يدخل يديه في كميها: فهذا حرام؛ لأنها تستمسك، ولو لم يدخل كميه فيها، وتلزمه الفدية عندئذ سواء طال الزمن أو قصر.

أما إذا لم يكن اللُبْس على الهيئة المعتادة؛ كأن ألقى على نفسه عباءة، أو ثوباً، وهو مضطجع، وكان ذلك؛ بحيث لو قعد: لم تستمسك عليه؛ فلا حرمة فيه، ولا فدية عليه.

وخرج بذلك الإزار([1163])، والرداء([1164])، فلا يحرم لبسها، وإن كان بهما خياطة؛ لأن مدار الحرمة على الإحاطة، لا على الخياطة.

فإذا جعل للإزار مثل الحجرة، وأدخل فيها التكة، وشَدَّه بها، أو شَدَّ إزاره بعقد، أو خيط، أو شَبَكَه بدبوس، أو زر: فلا حرمة فيه، وليس عليه فدية.

أما الرداء وهو الذي يوضع على الأكتاف: فيحرم عقده، أو تخليله بخلال، أو بمسلة، أو ربط طرفه بطرفه الآخر، وتجب الفدية إن فعل.

ب - يَحْرُم عليه لبس الخف، ويجوز لبس نعل، ويشترط فيه ظهور جميع العقب، ومعظم أصابع القدم؛ كالشاروخ والقبقاب.

والأصل فيما ذكر كله الأخبار الصحيحة كالذي روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ([1165])، وَلَا الْخِفَافَ؛ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ: فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، أَوْ وَرْسٌ([1166])"([1167]).

وفي رواية أخرى عن ابن عمر رضي الله عنهما: "وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ"([1168]).

ج - يحرم ستر الرأس أو بعضه، بما يسمى ساتراً؛ سواء كان مخيطاً، أو غيره؛ كالقلنسوة، أو الخرقة، أو الشال؛ بخلاف ما لا يُعَدُّ ساتراً؛ كاستظلاله بمظلة، ولو لامست رأسه، أو وضع يده على رأسه، أو حمل قفة عليه؛ إن لم يقصد بها الستر؛ وإلا حرمت، ووجبت الفدية.

والأصل في ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في المحرم الذي خَرَّ من وَقْصِ بعيره ميتاً: "وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا"([1169]).

وخرج بالرأس: الوجه فلا تحرم تغطيته.

وإن ستر رأسه لعذر؛ مِن حَرٍّ، أو بَرْدٍ، أو مداواة: جاز؛ لكن تلزمه الفدية؛ لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقياساً على جواز الحَلْق بسبب الأذى.

2 - ما يحرم على النساء:

يحرم على المرأة ستر وجهها بما يُعَدُّ ساتراً.

أما ما لا يُعَدُّ ساتراً؛ مثل وضع يدها على وجهها: فلا يَحْرُم.

وكذلك لا يجوز في النوم وضع الغطاء على وجهها وكفيها.

ويجب عليها أن تستر من وجهها ما لا يتأتى ستر جميع الرأس إلا به.

وإذا خَشِيَت الفتنة: وجب عليها ستر وجهها مع الفدية([1170]).

وتستطيع أن تُسْبِل على وجهها ثوباً متجافياً عنه؛ فإن وقع على الوجه بغير اختيارها ورفعته حالاً: فلا فدية عليها؛ وإلا وجبت عليها الفدية.

عن عائشة قالت: كان الركبان يمرون بنا، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحْرِمات؛ فإذا حاذوا بنا سَدَلَت إحدانا جلبابها من رأسها إلى وجهها، فإذا جَاوَزُونا كشفناه"([1171]).

ويحرم عليها القناع، أي: تغطية جزء من وجهها؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك في الحديث المتقدم: "وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ"([1172]).

ولا مانع من وضع النظارات الطبية؛ لأن القصد بها النظر، وليس الستر.

أما النظارة الشمسية فليس لها أن تضعها.

2ً - المحرمات المتعلقة بالبدن:

1 - يحرم التطيب بنحو مسك أو كافور في البدن أو الثوب.

فإن استعمله وجبت عليه الفدية.

وتتعين الحرمة بقصد الشخص استعمال الطيب.

أما لو أَلْقَت الريح عليها طيباً، أو أُكْرِه على استعماله، أو جَهِل تحريمه، أو نسي أنه محرم: فلا حرمة، ولا فدية عليه.

لما رواه يعلى بن أمية رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة، قد أَهَلَّ بالعمرة، وهو مُصَفِّرٌ لحيته ورأسه وعليه جبة فقال: يا رسول الله إني أحرمت بعمرة وأنا كما ترى. فقال صلى الله عليه وسلم: "انْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ، وَمَا كُنْتَ صَانِعًا فِى حَجِّكَ: فَاصْنَعْهُ فِى عُمْرَتِكَ"([1173]).

أما إن علم تحريمه وجهل الفدية: فتجب عليه.

2 - دَهْن شعر الرأس واللحية بأنواع الكريمات والعطور؛ ولو كان الدهن قليلاً، أو غير مطيب؛ لما فيه من التزيين والتحسين للشعر، وذلك ينافي الشأن الذي يجب أن يكون عليه المحرم من الشَّعَثُ([1174]) والغبار؛ افتقاراً وتذلاً لله تعالى؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، مالحاج؟، فقال رسول الله: "الشَّعِثُ التَّفِلُ([1175])"([1176]).

3 - إزالة الشعر والظفر لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: 196] أي شعور رؤوسكم.

وتحرم إزالة الشعر عن سائر البدن؛ ولو شعرة واحدة، أو جزءاً منها، وسواء كانت الإزالة بالحَلْق، أو القَصَّ، أو النَّتْف، أو الحَرْق، أو وسيلة أخرى.

ولو فعل ذلك ناسياً، أو جاهلاً: وجبت الفدية، وزالت الحرمة.

أما إذا سقطت شعرة أو أكثر من نفسها: فلا إثم عليهن ولا فدية.

وكذا تحرم إزالة الأظافر؛ ولو ظفراً واحداً، أو جزءاً منه؛ بتقليم، أو غيره؛ من يدن أو رِجْل، إلا إذا انكسر بعض ظفر المحرم: فله إزالة الجزء المنكسر، دون إزالة باقي الظفر، ولا فدية عليه في ذلك.

وحرمة إزالة الظفر، كتحريم إزالة الشعر؛ لأن الجامع بينهما الترفه.

ويكره الترجل (تسريح الشعر)، وحك الشعر بالظفر، وحك أي ناحية من البدن.

فإن تَرَجَّل؛ وانتتفت ثلاث شعرات فأكثر: لزمته الفدية.

ولو كثر القمل في الرأس، أو كان به جراحة أحوجه أذاهما إلى الحلق: جاز له إزالته، وعليه فدية.

ولا يكره غسل البدن والرأس؛ لأن ذلك ليس للتزيين، بل للنظافة؛ لكن الأولى تركه.

3 - المحرمات من الصيد:

1 - يحرم على المحرم الصيد البري الوحشي، المأكول فقط؛ داخل الحرم، أو خارجه؛ بدليل قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95].

وكذا تحرم الإعانة على صيده؛ كدفع آلة الصيد، أو آلة الصيد، أو الدلالة على موضعه.

أما الصيد البحري فلا يحرم؛ لا في الحرم، ولا في غيره؛ سواء كان الشخص مُحْرِماً أم حلالاً؛ بدليل قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96].

والمراد بالبحري: ما لا يعيش إلا في البحر.

أما ما يعيش في البر والبحر فصيده حرام كالبري.

وكذا لا يحرم على المحرم: ذبح الحيوان البري الأنسي؛ كالنَّعَم، والدجاج.

وتُقْتَل الفواسق الخمس، وكل ما يؤذي؛ لما روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ([1177])؛ يَقْتُلُهُنَّ فِي الْحَرَمِ - أي وفي الحل –: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ([1178])"([1179]).

وفي رواية: خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الأَبْقَعُ([1180])، وَالْفَارَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا"([1181]).

وفي رواية: "يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ: السَّبُعَ الْعَادِيَ([1182])، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْفَارَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ "([1183]).

والحديث ليس على سبيل الحصر، وإنما ينطبق على كل حيوان مؤذ؛ كالناموس، والصرصار، ونحوهما.

2 - يحرم على المحرم والحلال التعرض لشجر الحرم، وعشبه؛ بقلع، أو إتلاف؛ إلا الإذخر، والشوك، وعلف البهائم، والزرع، وثمار الشجر.

والمراد بالعشب: كل نبات رَطِب؛ شَأْنُه أن يَنْبُت من نفسه.

وخرج بالرطب: اليابس؛ فيجوز قَطْعُه.

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ؛ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ: لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا([1184])، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا([1185])، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا([1186])، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا؛ إِلَّا لِمُعَرِّفٍ". وقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر؛ لصناعتنا([1187]) وقبورنا. فقال: "إِلَّا الْإِذْخِرَ"([1188]).

كما يحرم صيد المدينة وشجرها؛ لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ([1189]) إِلَى ثَوْرٍ([1190])؛ فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ؛ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ"([1191]).

وعن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا([1192])؛ لاَ يُقْطَعُ عِضَاهُهَا([1193])، وَلاَ يُصَادُ صَيْدُهَا"([1194]).

4 - النكاح ودواعيه:

1 - يحرم عقد النكاح؛ إيجاباً لنفسه، أو قبولاً لغيره.

بدليل حديث عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلاَ يُنْكَحُ، وَلاَ يَخْطُبُ"([1195]).

ولا فدية فيه؛ لأنه لا ينعقد أصلاً.

وسواء كان بوكالة، أو ولاية: فلا يصح؛ ولو كان الزوج حلالاً.

وتجوز له الخطبة، ولكن تكره؛ للحديث المذكور أعلاه([1196]).

ويجوز أن يراجع المحرم المحرمة والمحلة سواء طلقها قبل الإحرام أو أثناءه لأن المراجعة استدامة نكاح لكن يكره.

2 - يحرم الجماع لقوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ([1197]) وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].

وتجب فيه الكفارة على الواطئ؛ لأنه إعانة له على المعصية .

3 - تحرم المباشرة بشهوة؛ وإن لم يُنْزِل؛ كالمعانقة، والقُبْلَة، واللمس، والنظر.

وتجب فيها: الفدية

وأما المباشرة بغير شهوة: فلا تَحْرُم.

4 - يحرم الاستنماء؛ سواء كان بحائل، أم لا؛ لأنه حرام في غير الإحرام، ففي الإحرام أولى.

ولا تجب فيه الفدية؛ إلا إنْ أَنْزَل.

5 - يحرم الكلام الفاضح في المسائل الجنسية.

5 - الفسوق([1198]) والجدال([1199]):

لقوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].

والحاج أحوج ما يكون إلى حُسْن الخُلُق، والتذرع بالصبر؛ فإنه يتعرض لكثير من المتاعب في السفر، وفي زحامات الجموع الغفيرة في المناسك.

وكم من الحجاج من يضيع حجه لركوبه متن الحماقة في الغضب، من السباب والشتائم وما إلى ذلك.

فليشهد الحاج أنه في حضرة مولاه وليلاحظ ذلك دائماً.

وليلتزم الأدب.

وقلةُ الكلام فيما لا ينفع مستحبة في كل حال؛ صيانة لنفسه عن اللغو، والوقوع في الكذب وفيما لا يحل؛ فإن مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ.

عن أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"([1200]).

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ"([1201]).

فهذا في حال الإحرام أشد طلبا وآكد لأنه حال عبادة واستشعار لطاعة الله. فليشتغل المحرم بالتلبية وذكر الله تعالى وقراءة القرآن وتعليم الجاهل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

شروط التحريم:

إن محرمات الإحرام جميعها تحرم بالشروط التالية:

1 – العمد.

2 - العلم بالتحريم.

3 – الاختيار.

4 – التكليف.

فإن انتفى شرط من هذه الشروط فلا لا يأثم إذا فعله.

أما بالنسبة للفدية فينظر:

إذا فَعَل المُحْرِم محظوراً من محظورات الإحرام؛ ناسياً، أو جاهلاً معذوراً:

1 - فإن كان من باب الإتلاف المحض؛ كقتل الصيد، أو قطع الشجر، أو أن شائبة الإتلاف أكثر من شائبة الاستمتاع؛ كالحلق، والتقليم: فالمذهب وجوب الفدية.

2 - وإن كان من باب الاستماع المحض؛ كالتطييب، واللُّبس، ودَهْن الرأس واللحية، والقُبْلَة، واللمس، وسائر المباشرات بشهوة: فالمذهب عدم وجوب الفدية.

وفي الجماع خلاف، والأصح أنه: لا تجب الفدية.

واجبات العمرة

أولاً - الإحرام من الميقات:

وميقات العمرة المكاني لمن كان في غير مكة هو ميقات الحج نفسه.

أما من كان مقيماً بمكة؛ مكياً أو غيره: فيُحْرِم بالعمرة من أدنى الحل؛ أي خارج أرض الحرم؛ ولو بخطوة ليجمع بين الحل والحرم.

ودليل ذلك ما روي عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يُرْدِف عائشة، ويُعْمِرها من التنعيم([1202]).

وأفضل بقاع الحل للإحرام بالعمرة لمن هو في مكة سواء أكان من أهلها أو من الغرباء: الجعرانة؛ للاتباع عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة([1203]).

ثم التنعيم، وهو أدنى الحل، أي: أقربه إلى المسجد الحرم والكعبة.

ثم الحديبية، وهو بئر بين جدة ومكة على بعد 48 كيلو متر من مكة.

أما ميقاتها الزماني فالسنة جميعها.

ولكن قد يمتنع الإحرام بها لعارض ككونه محرما بالحج قبل تحلله فلا تدخل عمرة على حج ولا على عمرة.

ولا تصح العمرة في أيام التشريق إلا لمن تعجل في يومين، ونفر إلى مكة النفر الأول: فهذا يجوز له أن يأتي بالعمرة؛ سواء أكانت فَرْض الإسلام، أم تطوعاً؛ اعتباراً من غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق، لكن الأولى أن ينتظر إلى غروب شمس آخر أيام التشريق؛ خروجا من الخلاف.

أما إذا ترك منى قبل الرمي والنفر الأول ليأتي بعمرة: فهذا لا تصح عمرته قطعاً.

ثانياً - اجتناب محرمات الإحرام.

وقد سبق ذكرها.

سنن الحج والعمرة

أولاً - سنن الإحرام:

يسن لمن يريد الإحرام ما يلي:

1 - الغسل: لما روى خارجه بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تَجَرَّد لإهلاله واغتسل([1204]).

والحكمة من هذا الغسل النظافة؛ لأن المحرم يستعد لعبادة يجتمع لها الناس: فيسن له الغسل كما يسن لصلاة الجمعة.

ويستحب قبل الغسل أن يتنظف؛ بقص الشارب، وأخذ شعر الإبط والعانة، والظفر؛ إلا في عشر ذي الحجة لمريد الأضحية.

2 - تطيب البدن: ودليله حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت([1205]).

3 - أن يصلي في غير وقت الحرمة ركعتين للإحرام ثم يحرم بعدهما مستقبلاً القبلة عند ابتداء سيره؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين([1206]).

وتجزئ المكتوبة عنها باتفاق أئمة المذاهب الأربعة كتحية المسجد.

ويسن أن يقرأ في الأولى سورة الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص.

6 - تسن التلبية: والأفضل عقب صلاة الإحرام بالحج أو العمرة.

وإن لبى بعد الركوب جاز؛ لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أَهَلَّ النبي صلى الله عليه وسلم حين استوت به راحلته قائمة([1207]).

وورد أنه لبى عقب الصلاة، ولبى بعد الركوب، وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الحج أفضل؟ قال: "الْعَجُّ([1208]) وَالثَّجُّ([1209])"([1210]).

وروي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من محرم يضحي لله يومه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت بذنوبه فعاد كما ولدته أمه"([1211]).

ويرفع الرجل صوته بها، إلا الأولى فيُسِرُّها ندباً؛ لما روى خَلاَّدِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ خَلاَّدٍ عن أبيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَتَانِى جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِى أَنْ آمُرَ أَصْحَابِى أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالإِهْلاَلِ([1212]) وَالتَّلْبِيَةِ"([1213]).

أما المرأة فتُسْمِع نفسها فقط ويكره لها الجهر.

ويستحب أن يكثر في التلبية في كل صعود وهبوط، وفي أدبار الصلوات، وإقبال الليل والنهار، ويستمر بها إلى رمي جمرة العقبة؛ لما روي عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جَمْعٍ إلى منى، فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة([1214]).

وتستحب التلبية في مسجد الخيف بمنى، ومسجد إبراهيم بعرفات، والذي يسمى الآن (مسجد نَمِرَة)؛ لأنها مواضع نُسُك، وفي سائر المساجد.

وصيغة التلبية: ما ورد في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ، وَالنِّعْمَةَ، لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ"([1215]).

ولا بأس بزيادة قوله: "لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ"([1216]).

ويكرر التلبية ثلاثاً.

ثم يصلي عل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل الله تعالى الرضا والجنة؛ بأن يقول: اللهم إني أسألك رضاك والجنة، ويستعيذ من النار بقوله: اللهم إني أعوذ بك من سخطك ومن النار.

ثم يدعو بما أحب للدنيا والآخرة.

وإذا رأى المحرم شيئاً يعجبه أو يكرهه؛ قال: "لَبَّيْكَ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشَ الآخِرَةِ"([1217]).

ويستحب للمحرم دخول مكة قبل الوقوف بعرفة؛ نهاراً.

وإذا دخلها ورأى الكعبة؛ قال ندباً: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ؛ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلاَمِ، اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيَما وَمَهَابَةً، وَزِدْ مَنْ حَجَّهُ أَوِ اعْتَمَرَهُ تَكْرِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا"([1218]).

ثم يبدأ طواف القدوم؛ إلا لعذر.

ثانياً - سنن الوقوف بعرفة:

1 - الطهارة من الحدثين.

2 - الاغتسال: لأنه أكمل؛ ولأنها قربة يجتمع لها الناس في موضع واحد؛ فشرع لها الغسل؛ كصلاة الجمعة، والعيدين.

3 - الجمع بين الليل والنهار: يسن للحاج أن يبقى في عرفة من بعد الزوال إلى الغروب؛ لما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال: "هَذِهِ عَرَفَةُ، وَهَذَا هُوَ الْمَوْقِفُ، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ"، ثم أفاض حين غربت الشمس([1219]).

فلو فارقها قبل الغروب ولم يعد لها: سُنَّ له دم؛ لفوات الجمع.

ولا تتحقق سنة الجمع بين الليل والنهار بالوقوف إلا في يوم عرفة بالذات.

أما لو أتى الحاج إليها ليلة التاسع من ذي الحجة وبات فيها، ثم غادرها بعد زوال الشمس وقبل غروبها في اليوم التاسع لم يحقق الجمع.

4 - الإكثار من الدعاء؛ لحديث طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَفْضَلُ الدُّعَاءِ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ"([1220]).

ولحديث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَكْثَرُ دُعَائِى وَدُعَاءِ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِى بِعَرَفَةَ: لاَ إِلَه إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ، لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِى قَلْبِى نُورًا، وَفِى سَمْعِى نُورًا، وَفِى بَصَرِى نُورًا، اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِى صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِى أَمْرِي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ وَسْوَاسِ الصَّدْرِ، وَشَتَاتِ الأَمْرِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا يَلِجُ فِى اللَّيْلِ، وَشَرِّ مَا يَلِجُ فِى النَّهَارِ، وَشَرِّ مَا تَهُبُّ بِهِ الرِّيَاحُ، وَمِنْ شَرِّ بَوَائِقِ([1221]) الدَّهْرِ"([1222]).

ويستحب أن ترفع الأيدي.

ويستحب الإكثار من التهليل، والتكبير، والتلبية، والتسبيح، والتلاوة بقلب حاضر، خاشع كل الخشوع لله تعالى، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإكثار البكاء، واستقبال القبلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة([1223]).

ولما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَيِّدًا، وَإِنَّ سَيِّدَ الْمَجَالِسِ قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ"([1224]).

5 - الوقوف عند الصخرات الكبار المفروشة في أسفل جبل الرحمة لما ورد في رواية جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عند الصخرات، وجعل بطن ناقته إلى الصخرات([1225]).

6 - يسن لإمام الحج أن يخطب خطبتين في عرفات؛ يُعَلِّم فيهما الناس المناسك.

7 - يسن للحاج المسافر جمع صلاة الظهر والعصر؛ جمع تقديم بعرفة.

ويسن الإسرار بهما لا الجهر وجمع المغرب والعشاء جمع تأخير بمزدلفة.

وسبب الجمع هنا هو السفر لا النُسُك([1226])؛ لذا تَسْقُط هذه السنة عمن أقام في مكة أربعة أيام فأكثر، عدا يومي الدخول والخروج.

وإذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة لم يصلوا الجمعة؛ لأن من شروطها دار الإقامة، ولم يصلي النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة بعرفات، مع أن يوم عرفة الذي وقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم جمعة.

ثالثاً - سنن الطواف:

1 - تسن النية في طواف النسك، ويقول: اللهم إني أريد طواف بيتك الحرام؛ فيسره لي، وتقبله مني، نويت سبعة أشواط طواف الحج، أو طواف العمرة.

2 - أن يستقبل البيت أول طوافه: فيقف مستقبل الحجر الأسود؛ بأن يجعل منكبه الأيمن عند طرف الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني، وينوي الطواف، ثم يمر مستقبلاً محاذياً ببدنه الحجر الأسود، إلى أن يصير طرف الحجر الذي إلى جهة باب الكعبة محاذياً منكبه الأيسر، ثم ينفتل جاعلاً البيت عن يساره، متوجهاً إلى جهة الباب.

وهذه السنة لا يمكن تطبيقها إلا حال فراغ المطاف أما في الازدحام فلا يمكن.

3 - أن يستلم الحجر الأسود بيده في ابتداء الطواف؛ وذلك بأن يَضَع كفيه عليه، ثم يسجد عليه؛ واضعاً جبهته عليه، وفمه بين كفيه، ويُقَبِّله.

ويستحب أن يكرر السجود ثلاثاً.

فإن عجز عن الثلاث فعلى ما أمكن.

ويسن استلامه في بداية كل شوط، وبعد صلاة ركعتي الطواف إذا تمكن.

وإن لم يتمكن من الاستلام اقتصر على الإشارة بيده عن بعد.

ثم يقبل ما أشار به إليه.

كما يسن استلام الركن اليماني دون تقبيله.

ولا يسن استلام الركنين الشامي والعراقي، ولا تقبيلهما.

ودليله ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَبَّل عمر بن الخطاب الحجر، ثم قال والله لقد علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك([1227]).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة، قال وكان عبد الله بن عمر يفعله([1228]).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا قال: ما تركت استلام هذين الركنين اليماني والحجر؛ مذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما فى شدة ولا رخاء([1229]).

ويسن أن يقول عند استلام الحجر الأسود في كل طوفة وخاصة في الأولى: (بسم الله، والله أكبر، "اللَّهُمَّ إِيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم"([1230]).

ولا يسن للنساء استلام ولا تقبيل؛ إلا عند خلو المطاف.

4 - أن يطوف ماشياً، إلا لعذر؛ من مرض، ونحوه؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي. فقال: "طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ"([1231]).

وقالوا بجواز الطواف راكباً بلا عذر؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت في حجة الوداع على راحلته؛ يستلم الحجر بمحجنه([1232])؛ لأن يراه الناس، وليشرف، وليسألوه؛ فإن الناس غشوه([1233]).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن([1234]).

5 - يسن الرَّمَل([1235]) للرجل في الطوفات الثلاث إذا أعقب الطواف سعيٌ مطلوبٌ.

ويسن المشي الهينة في الأربع الأخيرة؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حمى يثرب. قال المشركون: إنه يَقْدَمُ عليكم غداً قومٌ؛ قد وَهَنَتْهُمُ الحمى، ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحجر، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين؛ ليرى المشركون جَلَدَهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم؟، هؤلاء أَجْلَد من كذا وكذا([1236]).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: حتى إذا أتينا البيت معه ـ صلى الله عليه وسلم: استلم الركن، فَرَمَلَ ثلاثاً، ومشى أربعاً([1237]).

ويسن أن يقول أثناء الرَّمَل: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا - أو عمرة مبرورة -، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا"([1238]).

ويقول في الأربعة الباقية: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ، وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ، اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"([1239]).

6 - يسن الاضطباع للرجل والصبي في طواف؛ يُسَنُّ فيه الرَّمَل فقط.

وذلك بأن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن، وطرفيه تحت عاتقه الأيسر.

لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة، فرَمَلُوا البيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم، قد قذفوها على عواتقهم اليسرى([1240]).

والاضطباع يعم جميع الطوفات.

بينما يقتصر في الرمل على الثلاث الأول منها.

ولا يسن الاضطجاع في ركعتي الطواف.

أما المرأة: فلا تَرْمُل، ولا تضطبع.

7 - الاقتراب من البيت للرجل؛ لأنه أيسر في الاستلام والتقبيل.

أما إن أدى الاقتراب إلى تأذيه، أو تأذي غيره: فالبعد أولى.

8 - يسن عدم الكلام، إلا في خير؛ كتعليم جاهل ونحوه؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من طاف بالبيت سبعاً، ولا يتكلم إلا بسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ محيت عنه عشر سيئات، وكتبت له عشر حسنات، ورفع له بها عشرة درجات. ومن طاف فتكلم وهو في تلك الحال خاض في الرحمة برجليه كخائض الماء برجليه"([1241]).

ويكره في الطواف الأكل والشرب، وأن يشبك بين أصابعه، أو يفرقعها.

وليكن طوافه بحضور قلب، ولزوم أدب.

9 - أن يقول([1242]) قبالة باب الكعبة: (اللهم البيت بيتك، والحرم حرمك، والأمن أمنك، وهذا مقام العائذ بك من النار)، مشيراً بهذا إلى مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام.

وعند الركن العراقي: (اللهم إني أعوز بك من الشك، والشرك، والشقاق، والنفاق، وسوء الأخلاق، وسوء المنقلب في الأهل والمال والولد".

وتحت الميزاب: (اللهم أظلني في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك، واسقني بكأس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة مريئة، لا أظمأ بعدها أبداً، يا ذا الجلال والإكرام).

وبين الركنين الشامي واليماني: (اللهم اجعله حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً، وعملاً مقبولاً، وتجارة لن تبور، يا عزيز يا غفور).

وبين الركنين اليمانيين: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار).

ويسن الإكثار من الدعاء، ورفع الأيدي في كل طوافة، وخاصة عند رؤية الكعبة.

ومأثور الدعاء أفضل، فالقراءة، فغير المأثور.

ويسن الإسرار بذلك.

10 - الموالاة بين الطوفات، وإن عرضت له حاجة لا بد منها: قطع الطواف؛ فإذا فرغ بنى على ما مضى.

لما روي عن شيخ من أهل مكة قال: رأيت بن عمر يطوف، وقد أقيمت الصلاة؛ فدخل في الصلاة؛ فلما قضى الصلاة: بنى على طوافه([1243]).

وإن أحدث في الطواف: توضأ، وبنى.

وإذا حضرت جنازة وهو في الطواف: فالأولى إتمام الطواف.

11 - أن يصلي بعد كل طواف؛ فرضاً كان، أو واجباً، أو نفلاً: ركعتين؛ يقرأ في الأولى: سورة (الكافرون) وفي الثانية سورة (الإخلاص)، ويجهر بهما إن فعلهما ليلاً، أو بعد الفجر، وقبل طلوع الشمس، ويُسِرُّ فيما عدا ذلك.

والأفضل أن يصليهما خلف مقام سيدنا إبراهيم؛ وإلا ففي حجر سيدنا إسماعيل؛ وإلا في أي مكان من المسجد؛ وإلا في حرم مكة؛ وإلا حيث شاء، ومتى شاء، ولا تفوتان إلا بموته.

وتجزئ عنها الفريضة، أو نافلة أخرى.

ويسن أن يدعو بعدهما بدعاء آدم عليه السلام: "اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي؛ فاقبل معذرتي، وتعلم حاجتي؛ فأعطني سؤلي، وتعلم ما عندي؛ فاغفر لي ذنوبي، أسألك إيماناً يباشر قلبي، ويقيناً صادقاً، حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كُتِب لي، ورضني بقضائك"([1244]).

وإذا فرغ من الصلاة يستحب أن يعود إلى الحجر الأسود فيستلمه ثم يخرج من باب الصفا للسعي.

رابعاً - سنن السعي:

1 - الطهارة من الحدث، والنجس.

2 - ستر العورة.

لكن لو سعى محدثاً، أو جنباً، أو حائضاً، أو نفساء، أو عليه نجاسة، أو مكشوف العورة: صح سعيه، بلا خلاف.

لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها وقد حاضت: "افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ؛ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي"([1245]).

3 - الاضطباع فيه للرجل.

4 - أن يرقى الساعي على كل من الصفا والمروة؛ قدر قامة، ثم يقف بعد الرقي مستقبلاً القبلة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رقى على كل منها حتى رأى البيت.

فقد روى جابر رضي الله عنه في حديث صفة حجه صلى الله عليه وسلم قال: ثم خرج من الباب إلى الصفا، وقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}، وقال: "أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ"؛ فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كَلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ". ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة([1246]).

4 - أن يسعى ماشياً، ويجوز راكباً.

لما روي عن جابر رضي الله عنه قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت، وبالصفا والمروة؛ ليراه الناس، وليشرف، وليسألوه؛ فإن الناس غشوه([1247]).

5 - المشي أول السعي وأخره، ويعدو الحاج بينهما.

فهو يبدأ بالمشي من الصفا على هينة حتى يصل إلى الميل الأخضر فيعدو حتى يصل إلى الميل الأخضر الآخر، فيمشي حتى ينتهي إلى المروة([1248]).

لما روى جابر رضي الله عنه قال: "ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي: سعى، حتى إذا صعدتا: مشى، حتى أتى المروة كما فعل على الصفا([1249]).

6 - الذكر أثناءه: ومنه قوله عند الهرولة بين الميلين الأخضرين (رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم).

(اللهم اجعله حجاً مبروراً - أو عمرة مبرورة -، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً، وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور).

والدعاء ثلاثاً بعد كل مرة، فيقول: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا، لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير.

لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، ونصر الأحزاب وحده.

لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون).

ثم يدعو بما أحب.

7 - الموالاة بين مرات السعي - وبينه وبين الطواف - فإن أقيمت الصلاة: قطعه، وصلى، ثم عاد وبنى على ما سعى.

ويكره للساعي أن يقف أثناء سعيه لحديث وكلام ونحوه.

خامساً - سنن الحلق:

1 - تأخيره لما بعد الذبح - أضحية هدي.

فيرمي جمرة العقبة، ثم يذبح، ثم يحلق.

لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى بمنزله، ونحر، ثم قال للحلاق: "خُذْ"، وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس([1250]).

2 - أن يفعله الحاج بمنى؛ لحديث أنس رضي الله عنه المتقدم، ولأنها موضعُ تَحَلُّلِه، وأن يفعله المعتمر بالمروة؛ لأنها مكان تَحَلُّلِه.

3 - استقبال القبلة أثناءه.

4 - الابتداء باليمين؛ لحديث أنس رضي الله عنه المتقدم([1251]).

5 - استيعاب الرأس بالحلق للرجل؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ"، قالوا: والمقصرين، يا رسول الله؟ قال: "اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ". قالوا: والمقصرين، يا رسول الله؟ قال: "وَالْمُقَصِّرِينَ"([1252]).

وأما المرأة فلها التقصير؛ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ الْحَلْقُ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ"([1253]).

ويكره لها الحلق.

6 - يسن لمن لا شعر له برأسه إمرار الموسى عليه.

7 - أن يأخذ شيئاً من شعر اللحية والشارب؛ بدليل أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا حَلَق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه([1254]).

8 - أن يكبر عند فراغه من الحلق.

9 - دفن الشعر المزال.

سادساً - سنن المبيت بمزدلفة ليلة النحر:

1 - يستحب أن يغتسل في المزدلفة.

2 - يسن للمسافر فقط أن يجمع بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير بمزدلفة.

3 - يستحب أن يأخذ من المزدلفة حصى رمي جمرة العقبة.

لما ورد عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة يوم النحر: "هَاتِ؛ فَالْقُطْ لِي حَصًى"، فلقطت له حصيات مثل حصى الحذف([1255])، فوضعتهن في يده فقال: "بِأَمْثَالِ هَؤُلاَءِ، بِأَمْثَالِ هَؤُلاَءِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُ فِي الدِّينِ"([1256]).

4 - يسن لغير النساء والضعفاء أن يمكثوا حتى يُصَلُّوا الصبح، أول دخول الوقت، ثم يسيروا، وشعارهم التلبية مع التكبير.

فإذا وصلوا المشعر الحرام([1257]) وقفوا عليه، أو بجانبه؛ مشتغلين بالدعاء، والاستغفار؛ إلى الإسفار، ثم يذهبون إلى منى.

لما روى جابر رضي الله عنه في حديث صفة حجه صلى الله عليه وسلم: أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحدة وإقامتين، ولم يُسَبِّح بينهما شيئاً، ثم اضطجع رسول الله صلى الله علبيه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة([1258]).

وفي الحديث نفسه: أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام؛ فاستقبل القبلة، فدعاه، وكَبَّرَه، وهَلَّلَه، ووَحَّدَه، فلم يزل واقفاً، حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس([1259]).

5 - يستحب إذا دفع من المزدلفة أن يمشي بسكينة وهدوء؛ لما ورد في حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول حين دفع من عرفة: "أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ"([1260]).

وما روى أسامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم([1261]): كان يسير العَنَق([1262])، فإذا وجد فجوة نَصَّ([1263]).

ويسن الخروج من المزدلفة إلى منى، من وادي محسر، والإسراع فيه؛ لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بطن محسر، فَحَرَّك قليلاً، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى([1264]).

سابعاً - ما يسن عند الرمي:

1 - الاغتسال كل يوم للرمي.

2 - أن يكون الحجر المرمي به قَدْرَ حصى الخذف([1265])، ويكره بالحصى الكبار؛ ولو أنه يجزئه.

3 - غسل الحصى إن شك طهارتها.

4 - الدنو من المرمى.

5 - استقبال القبلة أثناء الرمي؛ إلا في جمرة العقبة يوم النحر: فيستقبل الجمرة، ويجعل مكة عن يساره، ومنى عن يمينه.

6 - قطع التلبية، والاشتغال بالتكبير، والإكثار منه.

7 - أن يقول مع كل حصاة عند الرمي رافعاً يديه: (بسم الله، والله أكبر، صَدَق الله وعده، ونَصَر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون).

فقد قالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْىُ الْجِمَارِ؛ لإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ"([1266]).

8 - أن يرمي جمرة العقبة من أسفلها من بطن الوادي لما روى سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب يكبر مع كل حصاة([1267]).

ثامناً - سنن الحج والعمرة غير المتعلقة بالأركان أو الواجبات:

1 - طواف القدوم لمن دخل مكة قارناً، أو مفرداً؛ إن لم يكن معذوراً.

أما المتمتع: فلا طواف قدوم له؛ وإنما عليه المبادرة بطواف العمرة.

2 - شرب ماء زمزم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى زمزم وهم يسقون، ويعملون فيها، فقال: "اعْمَلُوا؛ فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ"([1268]).

وسُنَّ أن يستقبل القبلة أثناء شربه، وأن يقول: (اللهم إنه بلغني عن نبيك محمد صلى الله عليه وسلم أن "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ"([1269])، وأنا أشربه لكذا، اللهم فافعل).

3 - أربع خطب يلقيها إمام الحج أو نائبه كأمير الحج:

إحداهما يوم السابع من ذي الحجة وهي خطبة مفردة بعد صلاة الظهر بالمسجد الحرام فيفتتحها بالتكبير إن كان غير محرم، وبالتلبية إن كان محرماً. والأفضل أن يكون الخطيب مُحْرِماً، ويأمر الناس أن يغدوا من الغد إلى منى، وذلك أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قبل التروية([1270]) خطب الناس فأخبرهم بمناسكهم([1271]).

والخطبة الثانية يوم عرفة بنَمِرَة([1272]) قبل صلاة الظهر؛ وهي خطبتان: الأولى قبل الأذان، والثانية مع شروع المؤذن به؛ لما حدث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم عرفة([1273]).

والخطبة الثالثة يوم النحر بمنى، وهي واحدة بعد الظهر، فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر([1274]).

والخطبة الرابعة يوم النفر الأول بمنى، وهي الواحدة بعد الظهر؛ لحديث ابن أبي نجيح عن أبيه عن رجلين من بني بكر قالا: رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بين أوسط أيام التشريق ونحن عند راحلته([1275]).

وينبغي للخطيب أن يعلم الناس في كل الخطب المذكورة، ما يكون بعد كل خطبة من أعمال الحج.

4 - المبيت بمنى ليلة عرفة، وإنما كان سنة؛ لأن المقصود منه الاستراحة؛ بخلاف المبيت ليال التشريق: فإنه واجب.

5 - التلبية عند التحول من حال إلى آخر؛ كركوب، أو صعود، أو هبوط، أو إقبال ليل أو نهار.

وأولاها عند الإحرام.

ويرفع الرجل صوته بها، أما المرأة فلا ترفع الصوت بها بحضور الأجانب.

ولا تسن التلبية في الطواف، ولا في السعي.

ويسن قطعها عند ابتداء الرمي لجمرة العقبة، ويسن التكبير بدلاً عنها مع كل حصاة يرميها.

6 - يسن ترتيب أفعال الحج في ليلة العيد ويومه على الشكل التالي: رمي جمرة العقبة، ثم الذبح إن كان يريده أو كان عليه، ثم الحلق، ثم طواف الإفاضة.

فإن قَدَّم الطواف على الجميع، أو الذبح على الجميع، أو الحلق على الذبح: جاز بلا خلاف؛ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح، والحلق، والرمي، والتقديم، والتأخير، فقال: "لَا حَرَج"([1276]).

7 - أن يكثر من الصلاة، والطواف، والاعتكاف في المسجد الحرام؛ كلما دخل.

8 - أن يصلي إذا فرغ من طواف الوداع ركعتي الطواف خلف المقام، ثم يقف عند الملتزم([1277]).

فيدعو ويقول: (اللهم إن البيت بيتك، والعبد عبدك، وابن عبدك، وابن أَمَتِك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، حتى سيرتني في بلادك، وبلغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك، فإن كنت رضيت عني؛ فازدد عني رضا، وإلا فمِن الآن، قبل أن تنأى عن بيتك داري، ويبعد عنه مزاري، هذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدِل بك، ولا ببيتك، ولا راغب عنك، ولا عن بيتك، اللهم اصحبني العافية في بدني، والعصمة في ديني، وأحسن من قلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني). ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.

ويخرج من مكة مغادراً إلى بلده، حتى يكون آخر عهده بالبيت.

10 - زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله عليه وسلم: "مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي"([1278]).

وتسن الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صَلاَةٌ فِى مَسْجِدِى هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِى غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ"([1279]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ؛ مَسْجِدِى هَذَا، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى"([1280]).

آداب الزيارة:

فإذا توجه الزائر إلى المدينة: فليكثر من الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم في طريقه.

ويستحب أن يغتسل قبل دخوله، ويلبس أنظف ثيابه، ويستحضر في قلبه شرف المدينة، وأنها أفضل الأرض بعد مكة.

فإذا وصل باب مسجده: فليقل الذكر المستحب في دخول كل مسجد؛ لما روي عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يقول: "بسم الله، والسلام على رسول الله، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ"، وإذا خرج قال: "بسم الله، والسلام على رسول الله، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ"([1281]).

وليُقَدِّم رجله اليمنى في الدخول، واليسرى في الخروج؛ فإذا دخل: فليقصد الروضة؛ وهي ما بين القبر والمنبر، فيصلي تحية المسجد بجنب المنبر؛ لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي"([1282]).

ثم يأتي القبر الكريم، فيستقبل جدار القبر الشريف، ويقف قبالة الشباك المتوسط للمقام، وبعيداً عنه قليلاً، غاضَّ الطرف في مقام الهيبة والإجلال، فارغ القلب من علائق الدنيا، مستحضراً في قلبه منزلة من هو بحضرته، ثم يُسَلَّم، ولا يرفع صوته، ويقول:

(السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا حبيب الله، أشهد أنك رسول الله حقاً؛ بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمة، وجلوت الظلمة، ونطقت بالحكمة، وجاهدت في سبيل الله حق جهاده، جزاك الله عنا أفضل الجزاء).

ثم يتأخر جهة يمينه؛ فيسلم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه قائلاً: (السلام عليك يا أبا بكر، يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، جزاك الله عن أمة محمد خيراً).

ثم يتأخر جهة يمينه؛ فيسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلاً مثل ما سبق لأبي بكر رضي الله عنه.

ويستحب له مدة إقامته بالمدينة أن يصلي الصلوات كلها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويستحب أن يخرج إلى البقيع وبخاصة في يوم الجمعة ويقول:

(السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لنا ولهم).

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - كلما كانت ليلتها منه - يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَدًا مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ([1283]) الْغَرْقَدِ"([1284]).

ويستحب أن يزور قبور الشهداء بأحد، وأفضله يوم الخميس، ويبدأ بحمزة رضي الله عنه.

ويستحب استحباباً مؤكداً أن يأتي مسجد قباء، وفي يوم السبت آكد؛ لما روى عبد الله ابن دينار أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يأتى قباء كل سبت، وكان يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه كل سبت([1285]).

ناوياً التقرب إلى الله بزيارته المسجد والصلاة فيه؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين([1286]).

فإذا أراد الزائر السفر وَدَّعَ المسجد بركعتين، وأتى القبر الشريف، وألقى السلام كما تقدم.

التحلل من الحج:

للحج تحللان؛ يحصل الأول بفعل اثنين من أفعال ثلاثة، وهي: رمي جمرة العقبة، والحلق، وطواف الإفاضة([1287]). والثاني يحصل بفعل الثالث منها.

ويحل بالتحلل الأول كل محرمات الإحرام؛ إلا النكاح، وعقده، والمباشرة بشهوة والوطء.

ويحل بالتحلل الثاني ما تبقى منها، وهي كل ما يتعلق بالعلاقة بالنساء.

والدليل ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ: فَقَدْ حَلَلْتُمْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْكُمْ حَرَامًا؛ إِلاَّ النِّسَاءَ حَتَّى تَطُوفُوا بِالْبَيْتِ"([1288]).

ويدخل وقت الأفعال الثلاثة بمنتصف ليلة النحر.

وينتهي وقت رمي جمرة العقبة بانتهاء أيام التشريق كباقي الرمي.

أما وقت الحلق وطواف الإفاضة فلا ينتهي بانتهائها.

ولو لم يرم جمرة العقبة حتى خرجت أيام التشريق: فقد فات الرمي، ولزمه بفواته الدم، ويتوقف تحلله على الإتيان ببدل الرمي؛ لأنه قائم مقامه.

التحلل من العمرة:

ليس للعمرة إلا تحلل واحد، ويكون بعد انتهاء أفعالها كلها.

ما يفسد الحج والعمرة وما يبطلهما

ما يفسد الحج والعمرة:

لا يفسد الحج والعمرة إلا الوطءُ في الفرج؛ ولو بغير إنزال، من مميز، عالم، عامد، مختار([1289])، إذا وقعت في العمرة قبل فراغ أعمالها؛ إن كانت مفردة، أو في الحج قبل التحلل الأول.

ويفسد الحج والعمرة معاً في حال القران: إذا وقع الوطء قبل التحلل الأول؛ ذلك لأن العمرة هنا تابعة للحج، فإذا فسد الحج فسدت؛ وإذا صلح صلحت.

ما يترتب على من أفسد حجه أو عمرته:

1 - أن يتم النسك الفاسد ولا يخرج من الإحرام حتى يتمه لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196].

2 - عليه الإعادة فوراً، ولو كان النسك نفلاً؛ لأن النفل صار فرضاً بالشروع فيه، أي صار إتمامه واجباً؛ كالفرض.

ويلزمه في الإعادة أن يُحْرِم من الميقات المكاني الذي أحرم منه في النسك الأول، أو من مكان أبعد منه.

3 - على الواطئ دون الموطوء ذَبْحُ بَدَنَةٍ.

ودليله أن رجلاً من جذام جامع امرأته، وهما محرمان، فسأل الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما: " اقْضِيَا نُسُكَكُمَا وَأَهْدِيَا هَدْيًا ثُمَّ ارْجِعَا حَتَّى إِذَا جِئْتُمَا الْمَكَانَ الَّذِى أَصَبْتُمَا فِيهِ مَا أَصَبْتُمَا فَتَفَرَّقَا وَلاَ يَرَى وَاحِدٌ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ وَعَلَيْكُمَا حَجَّةٌ أُخْرَى فَتُقْبِلاَنِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمَا بِالْمَكَانِ الَّذِى أَصَبْتُمَا فِيهِ مَا أَصَبْتُمَا فَأَحْرِمَا وَأَتَّمَا نُسُكَكُمَا وَأَهْدِيَا"([1290]).

أوجه تأدية الحج والعمرة

أوجه تأدية الحج والعمرة ثلاثة:

1 - الإفراد: وهو أن يُقَدِّم الحج على العمرة؛ وسمي بذلك لإفراد كل منهما بإحرام وعمل.

2 - التمتع: وهو أن يُقَدِّم العمرة على الحج؛ وسمي بذلك لتمتعه بمحظورات الإحرام بين النسكين.

3 - القران: وهو أن يُحْرِم بهما معاً، أو بالعمرة ثم يُدْخِل عيها الإحرام بالحج قبل شروعه في أعمالها؛ وسمي بذلك لقرنه بينهما.

وهنا تكون أفعال الحج هي نفسها أفعال العمرة، وطواف الإفاضة هو طوافها، وسعي الحج سعيها.

والدليل على جواز هذه الأوجه الثلاثة حديث عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أَهَلَّ بعمرة، ومنا من أَهَلَّ بحج وعمرة، ومنا من أَهَلَّ بالحج، وأَهَلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج([1291]).

ويكون الإفراد بأن يُحْرِم بالحج، ويأتي بكل أعماله، ثم يتحلل منه، ثم يُحْرِم ثانية بالعمرة؛ وذلك بأن يخرج من مكة إلى أدنى الحل؛ ولو بخطوة، ويُحْرِم من هناك.

أما لو عكس بحيث أحرم أولاً بالعمرة وبعد تمام فعلها وتحلله منها: أحرم بالحج من مكة فهذا لا يسمى إفراداً بل تمتعاً.

وفي التمتع يفوت الإحرام بالحج من ميقات بلده؛ لذا يجب عليه دم.

كما يتمتع المتمتع بمحظورات الإحرام فيما بين التحلل من العمرة ووقت الحج.

أما في القران فيفوت الإحرام بالعمرة من ميقاتها؛ لأن القارن يُحْرِم بالحج والعمرة معاً من ميقات واحد، كما تفوت أعمال العمرة كلها؛ لذلك يجب عليه دم.

موانع إتمام الحج بعد الشروع فيه وتحلل المحصر

موانع إتمام الحج:

1 - الإحصار العام: وذلك بأن يُمْنَع المُحْرِم بالعمرة أو الحج من المضي في نُسُكِه من جميع الطرق؛ إلا بقتال، أو بذل مال: فله حينئذ أن يتحلل.

والدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منعه المشركون من عمرة الحديبية من دخول الحرم فتحلل الحديبية بعد الصلح([1292]).

2 - الإحصار الخاص: كأن يُحْبَس ظلماً.

تحلل المحصر:

يتحلل المحْصَر من الحج أو العمرة: بذبح شاة؛ تجزئ في الأضحية، أو ما يقوم مقامها؛ كسُبُعِ بَدَنَةٍ، أو سُبُعِ بقرة، ثم بالحلق مع اقتران نية التحلل بكل منهما.

بدليل ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: خرجنا مع النبي صلى الله عيه وسلم معتمرين، فحال كفار قريش دون البيت، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بُدْنَه، وحَلَق رأسه([1293]).

ويشترط تأخير الحلق إلى ما بعد الذبح؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196].

أما من عجز عن الذبح؛ فيُطعم بقيمة الشاة.

ويكون محل الإحصار هو محل الذبح ولا يتعين للصوم محل.

ويتوقف التحلل على الذبح أو الإطعام، لا على الصوم لطول مدته.

فوات الحج، وحكم ترك أحد الأركان؛ غير الوقوف، أو أحد الواجبات، أو السنن:

يفوت الحج بفوات الوقوف بعرفة سواء كان من فاته معذوراً أم لا، وإنما لا يأثم الأول ويأثم الثاني.

ويكون الفوات بطلوع فجر النحر قبل حضوره عرفة.

ويترتب على من فاته الوقوف بعرفة:

1 - أن يتحلل وجوباً؛ بأعمال عمرة، بنية التحلل، لا بنية العمرة عند كل عمل منها؛ سواء في الطواف، أو السعي، أو الحلق.

فإذا كان قد سعى بعد طواف القدوم أجزأه ذلك، وأما طواف القدوم فلا يجزئ عن طواف عمرة التحلل.

لما روى الأسود قال: سألت عمر رضي الله عنه عن رجل فاته الحج، قال: يُهِلُّ بعمرة، وعليه الحج من قابل([1294])، وفي رواية إدريس الأودي عنه، فقال: وَيُهْرِيقُ دَمًا([1295]).

2 - يجب عليه القضاء الفوري في العام المقبل؛ سواء كان النُسُك الذي فاته فرضاً أم نفلاً.

أما إذا كان الفوات بسبب الإحصار؛ فليس عليه قضاء كما تقدم.

وإذا لم يتيسر له القضاء بقي في ذمته إلى أن يقضيه.

3 - يجب عليه دم في حجة القضاء؛ كدم التمتع.

أما من فاته ركن من أركان الحج غير الوقوف فلا يُحِلُّ إحرامَه حتى يأتي بالركن المتروك.

وأما من ترك واجباً من واجبات الحج، أو العمرة؛ سواء وقع الترك عمداً، أم سهواً، أم جهلاً، أو فَعَل مُحَرَّماً من محرمات الإحرام: فيلزمه دم؛ أي يجبر بالدم.

الدماء الواجبة في الحج والعمرة (الفدية)

إن الدماء الواجبة في المناسك سواء تعلقت بترك واجب أو ارتكاب منهي عنه إذا أطلقناها أردنا شاة.

فإن كان الواجب غيرها كالبَدَنَة في الجماع نصصنا عليها.

ولا يجزئ فيها جميعها إلا ما يجزئ في الأضحية؛ إلا في جزاء الصيد: فيجب المثل؛ صغير في الصغير، وكبير في الكبير.

الأضحية

تعريفها:

الأضحية هي: ما يُذْبَح من النَّعَم؛ تقرباً إلى الله تعالى.

وقتها:

من أول أيام عيد النحر بعد صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق.

لما روي عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة فقال: "مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَنَسَكَ نُسْكَنَا؛ فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ"([1296]).

حكمها:

1 - هي سنة مؤكدة في كل سنة، في حق الحج وغيره.

وطلبها مُقَيَّد بكون الفاعل قادراً عليها: فلا تُطْلَب من الفقير العاجز عنها.

ودليل سنيتها ما روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين وأنا أضحي بكبشين([1297]).

وحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ؛ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا"([1298]).

وقوله: (أراد) دليل على أنها سنة لا واجب.

2 - واجبة: إذا نَذَرَها أو عَيَّنَها؛ فقال: هذه أضحية، أو جعلتها أضحية؛ إذ تصبح التضحية بها واجبة يوم النحر.

فإذا ماتت التي عينها قبل وقت الذبح: سقطت عنه، ولا يُكَلَّف بذبح غيرها.

دليلها:

الأصل فيها الإجماع قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، أي: صَلِّ صلاة العيد، وانحر النُسُك.

وما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلاً أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلاَفِهَا وَأَشْعَارِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا"([1299]).

ما يجزئ في الأضحية:

يجزئ فيها الإبل والبقر والغنم بنوعيه المعز والضأن؛ لقوله تعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34].

شروطها:

1 - يشترط إن كانت من الإبل أن يكون عمرها خمس سنين كاملة، وإن كانت من البقر أو المعز أن يكون عمرها سنتين تامتين، أو من الضأن فسنة ودخلت بالثانية.

لما رواه جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً؛ إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ: فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ"([1300]).

2 - أن تكون سالمة من العيوب.

أما قرونها فلا يضر كونها مكسورة ولو ذهبت كلها.

ودليل ذلك ما روى البراء بن عازب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا يَجُوزُ مِنْ الضَّحَايَا؛ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي"([1301]).

3 - أن ينوي التضحية بها عند الذبح أو قبله.

4 - أن يلتزم الوقت المحدد للذبح.

5 - يجب التصدق بشيء من لحمها نيئاً: فيحرم عليه أكلها جميعها؛ لقوله تعالى في هدي التطوع ومثله أضحية التطوع: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ([1302]) وَالْمُعْتَرَّ([1303])} [الحج: 36].

ويفضل للمضحي أن يقتصر على أكل لقم من الكبد ويتصدق بالباقي.

ويجوز له أن يأكل الثلث، ويتصدق بالثلث الآخر، ويهدي الثلث الباقي إلى الأغنياء.

ولا يكره الادخار من لحمها.

6 - ألا يبيع شيئاً منها: فلا يجوز إعطاء الجزار جلدها، أو شيئاً منها على سبيل الأجرة.

ويكره لمن يريد التضحية أن يزيل شيئاً من شعر الرأس وغيرهن أو أن يزيل ظفراً، أو يقص شارباً أو غير ذلك في عشر ذي الحجة حتى يضحي، ولا يكره له الاغتسال.

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذِى الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ"([1304]).

والأفضل أن يذبح المضحي بنفسه إن أحسن الذبح؛ وإلا كره له ذلك.

فيوكل من يحسنه وجوباً، بقوله: وكلتك بذبح أضحيتي.

ولْيَحضر ذبحها ندباً؛ لما روي عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا فَاطِمَةُ، قَوْمِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَتَكِ؛ فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ عَمِلْتِيهِ، وَقُولِي إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ، وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ"([1305]).

ويستحب أن يوجه الذبيحة إلى القبلة ويبسمل ويكبر.

 

 

 

([1]) صحيح البخاري، باب مَن يرد الله به خيراً يفقهه في  الدين، (71)، 1/25، وصحيح مسلم، باب النهي عن المسألة، (2436)، 3/94، حديث معاوية: أخرجه أحمد (4/96، رقم 16924)، وابن حبان (1/291، رقم 89). والدارمي (1/85، رقم 224). وحديث ابن عباس: أخرجه أحمد (1/306، رقم 2791)، والدارمي (1/85، رقم 225)، والترمذي (5/28، رقم 2645) وقال: حسن صحيح. وحديث ابن عمر: أخرجه الطبراني في الأوسط (3/322، رقم 3288). وحديث أبى هريرة: أخرجه ابن ماجه (1/80، رقم 220)، والطبراني في الأوسط (5/319، رقم 5424).

([2]) شرح جمع الجوامع للمحلي، 1/32، وشرح الإسنوي، 1/24، وشرح العضد لمختصر ابن الحاجب، 1/18، ومرآة الأصول، 1/50، والمدخل إلى مذهب أحمد، ص 58.

([3]) الجامع الصحيح المسمى صحيح مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، دار الجيل بيروت، دار الأفاق الجديدة ـ بيروت، (1688)، 2/155.

([4]) صحيح البخاري، باب مَن يرد الله به خيراً يفقهه في  الدين، (71)، 1/25، وصحيح مسلم، باب النهي عن المسألة، (2436)، 3/94، حديث معاوية: أخرجه أحمد (4/96، رقم 16924)، وابن حبان (1/291، رقم 89). والدارمي (1/85، رقم 224). وحديث ابن عباس: أخرجه أحمد (1/306، رقم 2791)، والدارمي (1/85، رقم 225)، والترمذي (5/28، رقم 2645) وقال: حسن صحيح. وحديث ابن عمر: أخرجه الطبراني في الأوسط (3/322، رقم 3288). وحديث أبى هريرة: أخرجه ابن ماجه (1/80، رقم 220)، والطبراني في الأوسط (5/319، رقم 5424).

([5]) يُنْظَر: بداية المجتهد لابن رشد الحفيد: 1/5 وما بعدها، وحجة الله البالغة للدهلوي: 1/115 وما بعدها، والموافقات للشاطبي: 4/211 – 214.

([6]) يُنْظَر: جامع التحصيل في أحكام المراسيل، أبو سعيد بن خليل بن كيكلدي أبو سعيد العلائي، المحقق: حمدي عبد المجيد السلفي، عالم الكتب – بيروت، الطبعة الثانية 1407 – 1986، ص 28، ومعرفة علوم الحديث، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، تحقيق: السيد معظم حسين، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الثانية، 1397هـ - 1977م، ص 67.

([7]) تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، دار الكتاب العربي، لبنان/ بيروت، 1407هـ - 1987م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري، 14/310.

 

([8]) مقدمة المجموع، للإمام النووي، ومعجم الأدباء، ياقوت الحموي.

([9]) مسألة الاحتجاج بالشافعي، أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي أبو بكر، المكتبة الأثرية – باكستان، تحقيق: د. خليل إبراهيم ملا خاطر، ص 53.

([10]) تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، 11/320.

 

([11]) معجم الأدباء، ياقوت الحموي، ومقدمة كتاب الأم.

([12]) تاريخ الجامع الصغير، للخطيب (2/61)، وابن عساكر في التاريخ، (51/326).

([13]) جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم، الإمام الحافظ الفقيه زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي ثم الدمشقي الشهير بابن رجب، المتوفى سنة (795) ه‍، حقق نصوصه وخرّج أحاديثه وعلّق عليه الدكتور ماهر ياسين الفحل، أخرجه: أبو نعيم في حلية الأولياء، 9/119، وانظر: سير أعلام النبلاء 10/55، وآداب الشافعي: 92، وتهذيب الأسماء واللغات 1/540، والمناقب للبيهقي 1/173، والانتقاء: 84، ومعرفة السنن والآثار 1/129.

([14]) مقدمة المجموع، الإمام النووي.

([15]) حاشية الجمل على المنهج لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، العلامة الشيخ سليمان الجمل، دار الفكر – بيروت، 10، 759.

([16]) معرفة علوم الحديث، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الثانية، 1397هـ - 1977م، تحقيق: السيد معظم حسين، ص 112، تاريخ بغداد، أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية – بيروت، /419، وتهذيب التهذيب، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، دار الفكر – بيروت، الطبعة الأولى، 1404 – 1984، 1/64، وتهذيب الكمال، يوسف بن الزكي عبد الرحمن أبو الحجاج المزي، مؤسسة الرسالة – بيروت، الطبعة الأولى، 1400 – 1980، تحقيق: د. بشار عواد معروف، 1/451.

([17]) تاريخ الإسلام، الذهبي، 17/423، وتاريخ بغداد، أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية – بيروت، 14/ 301، وتهذيب التهذيب، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، دار الفكر – بيروت، الطبعة الأولى، 1404 – 1984، 11/376، وطبقات الفقهاء، هذبه: محمد بن جلال الدين المكرم (ابن منظور)، أبو إسحاق الشيرازي، المحقق: إحسان عباس، الطبعة: 1، 1970، دار الرائد العربي، بيروت – لبنان، 1/98، ووفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان، المحقق: إحسان عباس، دار صادر – بيروت، 7/63.

([18]) المجموع، النووي، 1/108.

([19]) المجموع، النووي، 1/107، وسير أعلام النبلاء، 12/493، ووفيات الأعيان، 1/217، وطبقات الشافعية، السبكي، 2/94، وطبقات الفقهاء، 1/97.

([20]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، (556)، 1/140.

([21]) وفي رواية: كان لا يستنزه، والمعنى واحد وهو أنه لا يتوقى عن بوله.

([22]) العسيب: جريدة من النخل مستقيمة دقيقة يكشط خوصها والذي لم ينبت عليه الخوص من السعف.

([23]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، (703) 1/166.

([24]) سنن أبي داود، باب الوضوء بماء البحر، (83)، 1/31، وسنن الترمذي، باب ماء البحر أنه طهور، (69)، 1/100، وسنن النسائي، باب ذكر ماء البحر والوضوء منه، (58)، 1/75، وسنن ابن ماجه، باب الوضوء بماء البحر، (386)، 1/136.

([25]) أخرجه البخاري في: 75 كتاب المرضى: 5 باب عيادة المغميّ عليه.

([26]) محل نية الاغتراف في الوضوء: عند إرادة غسل فرض اليدين، وفي الغسل: عند إرادة غمس اليدين في الماء أول مرة بعد نية فرض الغسل؛ لأن غسل الجسم كله فرض بلا ترتيب، بخلاف الوضوء، أما إذا اغترف الماء ثم صبه على كفيه بنية رفع الحدث الأكبر عنهما فلا حاجة إلى نية الاغتراف بعد نية رفع الحدث الأكبر عن الجسم.

([27]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب كراهية غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثاً، (665)، 1/160.

([28]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، (1193)، 2/63.

([29]) سنن أبي داود، باب الوضوء بماء البحر، (83)، 1/31، وسنن الترمذي، باب ماء البحر أنه طهور، (69)، 1/100، وسنن النسائي، باب ذكر ماء البحر والوضوء منه، (58)، 1/75، وسنن ابن ماجه، باب الوضوء بماء البحر، (386)، 1/136.

([30]) سنن أبي داود، باب ما يُنجِس الماء، (63)، 1/23، وسنن الترمذي، باب الماء لا ينجسه شيء، (67)، 1/97.

([31]) صحيح البخاري، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء، (3320)، 4/130.

([32]) سنن النسائي، باب سؤر الهرة، (68)، 1/55.

([33]) سنن أبي داود، باب ما يُنجِس الماء، (63)، 1/23، وسنن الترمذي، باب الماء لا ينجسه شيء، (67)، 1/97.

([34]) الشك عند الفقهاء هو: التردد بين وجود الشيء وعدمه.

([35]) التحري عند الفقهاء هو: الاجتهاد وطلب الصواب والتفتيش عن المقصود.

([36]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، (137)، 1/39.

([37]) أخرجه مالك، وأحمد، والبخارى، ومسلم، والنسائى، والترمذى، وابن ماجه عن أبى هريرة. وأخرجه ابن أبى شيبة، وأحمد، وأبو داود، والترمذى، والنسائى عن زيد بن خالد الجهنى. وأخرجه أحمد عن على. وأخرجه أبو نعيم عن ابن عمرو. وأخرجه الطبرانى عن ابن عمر. وأخرجه أحمد، وأبو نعيم عن أم حبيبة. وأخرجه أبو نعيم عن سهل بن سعد. وأخرجه أبو نعيم عن جابر.

([38]) الشَّوْصُ: دلك الأسنان عرضاً بالسواك.

([39]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب السواك، (245)، 1/255.

([40]) القلح: صفرة ووسخ يركبان الأسنان.

([41]) مسند الإمام أحمد، (1863).

([42]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب السواك، (614).

([43]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم، (1890).

([44]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، تعليقاً في باب سواك الرطب واليابس  للصائم.

([45]) مسند الإمام أحمد، (2125)، 1/237.

([46]) رواه الطبراني في الكبير، (333)، والبيهقي في شعب الإيمان، (2645).

([47]) رواه البيهقي في السنن الصغرى، (77)، وفي شعب الإيمان، (2650).

([48]) سنن أبي داود، باب في إصلاح الشعر، (4165) 4/125، وسنن البيهقي في شعب الإيمان، فصل في إكرام الشعر وتدهينه، (6036)، 8/425.

([49]) البراجم: عُقَد الأصابع.

([50]) ورد في لسان العرب انتفاض وانتقاص وانتفاص، وكلها بمعنى الاستنجاء.

([51]) أخرجه أحمد (6/137، رقم 25104)، وابن أبى شيبة (1/178، رقم 2046)، ومسلم (1/223، رقم 261)، وأبو داود (1/14، رقم 53)، والترمذي (5/91، رقم 2757) وقال: حسن. والنسائي (8/126، رقم 5040)، وابن ماجه (1/107، رقم 293). وأخرجه: إسحاق بن راهويه (2/79، رقم 547)، وابن خزيمة (1/47، رقم 88)، وأبو يعلى (8/14، رقم 4517)، والبيهقي (1/36، رقم 152).

([52]) سنن الترمذي، باب لبس الخاتم في اليمين، (1746)، 4/229، وسنن النسائي، باب نزع الخاتم عند دخول الخلاء، (5213)، 8/178.

([53]) صحيح البخاري، كتاب اللباس، باب نقش الخاتم، (5872)، 14/583، وصحيح مسلم، باب لبس النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من وَرِق؛ نقشه (محمد رسول الله) ولبس الخلفاء له من بعده، (5598)، 6/150.

([54]) السنن الكبرى، البيهقي، (465)، 1/96.

([55]) أخرجه أحمد (6/133، رقم 25056)، وأبو داود (1/10، رقم 40)، والنسائي (1/41، رقم 44)، والطحاوى، (1/121)، والدارقطنى (1/54) وقال: إسناده صحيح. وأخرجه: الدارمى (1/180، رقم 670)، وأبو يعلى، (7/340، رقم 4376)، والبيهقي (1/103، رقم 503).

([56]) السنن الصغرى، البيهقي، (57)، 1/23.

([57]) ابن ماجه، كتاب الطهارة، باب التباعد للبراز، (333)، 1/120.

([58]) الخبث: مفرده خبيث وهو ذكر الشياطين.

([59]) الخبائث مفردها خبيثة وهي أنثى الشياطين.

([60]) رواه الطبراني في المعجم الأوسط، (2504)، 3/67.

([61]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب ما يقول عند الخلاء، (142)، 1/41، وصحيح مسلم، باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء، (857)، 1/195.

([62]) سنن أبي داود، باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء، (30)، 1/12، وسنن النسائي، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء، (9907)، 6/24، وسنن ابن ماجه، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء، (300)، 1/110.

([63]) سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء، (301)، 1/110.

([64]) سنن الترمذي، كتاب الطهارة، باب ما جاء في الاستتار عند الحاجة، (14)، 1/21.

([65]) السنن الكبرى، البيهقي، 1/96.

([66]) سنن النسائي، (2080)، 4/106.

([67]) سنن أبو داود، كتاب الطهارة، باب النهى عن البول في الجحر، (29)، 1/12.

([68]) الملاعن: جمع ملعنة وهي سبب وقوع اللعن.

([69]) الموارد: المجاري والطرق إلى الماء.

([70]) سنن أبو داود، كتاب الطهارة، باب المواضع التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول فيها، (26)، وسنن ابن ماجه، (352).

([71]) الدمث بفتح الدال والميم مفتوحة أو مكسورة: الأرض السهلة الرخوة والرمل غير المتلبد.

([72]) أخرجه أبو داود (1/1، رقم 3)، والبيهقي (1/93، رقم 450). وأخرجه: أحمد (4/396، رقم 19555)، والحاكم (3/528، رقم 5964) وقال: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.

([73]) أخرجه أبو داود (1/5 رقم 17)، والنسائي (1/37 رقم 38)، وابن حبان (3/86 رقم 806)، والحاكم (1/272، رقم 592).

([74]) سنن أبو داود، كتاب الطهارة، باب كراهية الكلام عند الحاجة، (15)، 1/7.

([75]) سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء فى النهى عن البول قائماً، (12)، 1/17.

([76]) أخرجه عبد الرزاق (1/255، رقم 978)، وأحمد (5/56، رقم 20582)، وأبو داود (1/7، رقم 27)، والترمذي (1/33، رقم 21) وقال: غريب. والنسائي (1/34، رقم 36). وابن ماجه (1/111، رقم 304)، والحاكم (1/273، رقم 595) وقال: صحيح على شرط الشيخين. والعقيلي (1/29، ترجمة 11 أشعث بن عبد الله الأعمى). وأخرجه: عبد بن حميد (ص 181، رقم 505)، وابن الجارود (ص 21، رقم 35).

([77]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب لا تستقبل القبلة بغائط أو بول إلا عند البناء جدار أو نحوه، (144)، 1/41.

([78]) الاستطابة: الاستنجاء.

([79]) أخرجه أحمد (2/247، رقم 7362)، وأبو داود (1/3، رقم 8)، والنسائي (1/38، رقم 40)، وابن ماجه (1/114، رقم 313)، وابن حبان (4/288، رقم 1440)، وأبو عوانة (1/171، رقم 511).

([80]) سنن الدار قطني، (474)، 1/128.

([81]) الحديث عن ابن عمر: أخرجه ابن أبي شيبة (1/13، رقم 26)، ومسلم (1/204، رقم 224)، والترمذي (1/5، رقم 1)، وابن ماجه (1/100، رقم 272)، وابن حبان (8/152، رقم 3366). وأخرجه: ابن خزيمة (1/8، رقم 8)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/3، رقم 2710). والحديث عن أنس: أخرجه ابن أبي شيبة (1/14، رقم 27)، والخطيب (4/320). وأخرجه: ابن ماجه (1/100، رقم 273)، وأبو يعلى (7/244، رقم 4251)، وأبو عوانة (1/199، رقم 639). وللحديث أطراف أخرى منها: "إن الله لا يقبل صلاة بغير طهور".

([82]) أخرجه الترمذي (3/293، رقم 960)، والحاكم (1/630، رقم 1686)، والبيهقي (5/87، رقم 9085). وأخرجه: ابن أبي شيبة (3/137، رقم 12808)، وأبو يعلى (4/467، رقم 2599)، وابن خزيمة (4/222، رقم 2739)، والطبراني (11/34، رقم 10955).

([83]) وأما الدليل على أن الوضوء لا ينتقض بخروج شيء من غير السبيلين كدم الرعاف، القيء والرعاف؛ قل ذلك أو كثر: فحديث جابر رضي الله عنه أن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حرسا المسلمين ليلة في غزوة ذات الرقاع، فقام أحدهما يصلي فجاء رجل من الكفار، فرماه بسهم فوضعه فيه، فنزعه، ثم رماه بآخر، ثم بثالث، ثم ركع، وسجد، ودماؤه تجري (أبو داود ج 1/كتاب الطهارة باب 79/224): فلو نقض خروج الدم؛ لما جاز الركوع والسجود وإتمام الصلاة وقد عَلِم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولم ينكره. فحمل الشافعية الأحاديث التي نصت على الوضوء من ذلك على الاستحباب.

([84]) سنن الدار قطني، (586)، 1/156، والطبراني في الكبير، (5974)، والبزار، (2522).

([85]) سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من القيء والرعاف، (87).

([86]) أخرجه أحمد (4/290، رقم 18584)، والبخاري (1/97، رقم 244)، ومسلم (4/2081، رقم 2710)، وأبو داود (4/311، رقم 5046)، والترمذي (5/468، رقم 3394)، وقال: حديث حسن. والنسائي في الكبرى (6/195، رقم 10618)، وابن خزيمة (1/108، رقم 216). وأخرجه: ابن ماجه (2/1275، رقم 3876).

([87]) ويكون ذلك بإلصاق الأليين بالأرض وعليه لا يكون التمكين إلا بالجلسة المعروفة بالتربع.

([88]) والدليل على عدم وجوبه ما روى البخاري عن جابر رضي الله عنه: إذا ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء. سنن الدار قطني، (661)، 2/227.

([89]) والدليل على أنه غير واجب حديث جابر رضي الله عنه قال: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار. سنن أبو داود، كتاب الطهارة، باب في ترك الوضوء مما مست النار، (192).

([90]) الحديث عن أنس: أخرجه ابن ماجه (1/164، رقم 487)، والطبراني في الأوسط (7/16، رقم 6720). والحديث عن عائشة: أخرجه أحمد (6/89، رقم 24624)، ومسلم (1/273، رقم 353)، ابن ماجه (1/164، رقم 486). والحديث عن أبي هريرة: أخرجه عبد الرزاق (1/173، رقم 668)، وابن أبي شيبة (1/53، رقم 549)، وأحمد (2/265، رقم 7594)، ومسلم (1/272، رقم 352)، والنسائي في الكبرى (1/104، رقم 179)، وابن ماجه (1/163، رقم 485)، وابن حبان (3/426، رقم 1147). والحديث عن زيد بن ثابت: أخرجه أحمد (5/184، رقم 21638)، والنسائي في الكبرى (1/105، رقم 185). والحديث عن أبى طلحة: أخرجه ابن أبي شيبة (1/53، رقم 552)، والطبراني (5/103، رقم 4728).

([91]) صحيح مسلم، باب الوضوء من لحوم الإبل، (828).

([92]) صحيح مسلم باب خروج الخطايا مع ماء الوضوء، (600).

([93]) أخرجه أحمد (4/226، رقم 18014)، وأبو داود (4/249، رقم 4784)، والطبراني (17/167، رقم 443)، وأخرجه: ابن عساكر (40/ 289).

([94]) أخرجه ابن أبي شيبة (1/97، رقم 1078)، وأبو يعلى (1/436، رقم 579).

([95]) أخرجه أبو داود (1/5 رقم 17)، والنسائي (1/37 رقم 38)، وابن حبان (3/86 رقم 806)، والحاكم (1/272، رقم 592).

([96]) أخرجه الترمذي (3/318، رقم 993)، وقال: حسن. والبيهقي (1/300، رقم 1334).

([97]) سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء لكل صلاة، (58).

([98]) صحيح مسلم، باب جواز نوم الجنب، (726).

([99]) سنن أبي داود، الوضوء لمن أراد أن يعود، (220)، وسنن الترمذي، باب ما جاء في الجنب إذا أراد أن يعود توضأ، (141).

([100]) مسلم ج 3/كتاب الإمارة باب 45/155.

([101]) الشعر النابت على الجبهة.

([102]) الشعر المحاذي للأذنين.

([103]) الشعر النابت تحت الشفة السفلى.

([104]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، (140)، 1/40.

([105]) المجموع، 1/374.

([106]) صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب شيبة رسول الله، (6230)، 15/354.

([107]) سنن أبو داود، كتاب الطهارة، باب تخليل اللحية، (145)، 1/202.

([108]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة، (602)، 2/224.

([109]) مقدم الرأس.

([110]) النزعتان: الموضعان المحيطان بالناصية من جانبي الجبين اللذان ينحسر شعر الرأس عنهما في بعض الناس والمفرد نزعة.

([111]) مؤخر الرأس.

([112]) الفودان: جانبا الرأس.

([113]) أخرجه البخاري، (163)، 1/73، ومسلم، (242)، 1/214.

([114]) صحيح مسلم، (602)، 2/224.

([115]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب الوضوء مرة مرة، (157)، 1/43.

([116]) أخرجه النسائي (5/236، رقم 2962)، والدارقطني (2/254). وأخرجه: ابن الجارود (ص 123، رقم 469).

([117]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب القبلة للصائم، (1933)، 3/31.

([118]) أخرجه أحمد (2/418، رقم 9408)، وأبو داود (1/25، رقم 101)، وابن ماجه (1/140، رقم 399)، والحاكم (1/245، رقم 518) وقال: صحيح الإسناد. وأخرجه: الدارقطني (1/79)، والبيهقي (1/41، رقم 183).

([119]) النسائي، (83)، 1/64، واستوكف: أي استقطر الماء، وصَبَّه على يديه ثلاث مرات، وبَالَغ حتى وَكَف منهما أي: قطر منهما.

([120]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثاً، (665)، 1/160.

([121]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، (578)، 1/145.

([122]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب الاستنثار في الوضوء، (161)، 1/43، وصحيح مسلم، باب الإيتار في الاستنثار، (585)، 1/146.

([123]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، (578)، 1/145.

([124]) أخرجه الشافعي (1/15)، وعبد الرزاق (1/26، رقم 79)، وابن أبي شيبة (1/18، رقم 84). وأحمد (4/211، رقم 17879)، وأبو داود (1/35، رقم 142)، والترمذي (3/155، رقم 788) وقال: حسن صحيح. والنسائي (1/79، رقم 114)، وابن ماجه (1/153، رقم 448)، وابن حبان (3/368، رقم 1087)، والحاكم (1/24، رقم 525)، والبيهقي (1/51، رقم 239). وأخرجه: ابن خزيمة (1/78، رقم 150)، وابن الجارود (ص 31، رقم 80)، والطبراني في الكبير (19/216، رقم 482)، وفي الأوسط (7/260، رقم 7446).

([125]) سنن البيهقي الكبرى، (222)، 1/48.

([126]) بياض في الجبهة.

([127]) بياض في قوائم الفرس كلها.

([128]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب فضل الوضوء والغر المحجلون من آثار الوضوء، (136)، 1/39، وصحيح مسلم، (246)، 1/216.

([129]) صحيح مسلم، كتاب الوضوء، باب تبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء، (609)، 1/232.

([130]) أخرجه الشافعي (1/15)، وعبد الرزاق (1/26، رقم 79)، وابن أبي شيبة (1/18، رقم 84). وأحمد (4/211، رقم 17879)، وأبو داود (1/35، رقم 142)، والترمذي (3/155، رقم 788) وقال: حسن صحيح. والنسائي (1/79، رقم 114)، وابن ماجه (1/153، رقم 448)، وابن حبان (3/368، رقم 1087)، والحاكم (1/24، رقم 525)، والبيهقي (1/51، رقم 239). وأخرجه: ابن خزيمة (1/78، رقم 150)، وابن الجارود (ص 31، رقم 80)، والطبراني في الكبير (19/216، رقم 482)، وفي الأوسط (7/260، رقم 7446).

([131]) سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة باب تخليل الأصابع، (449)، 1/153.

([132]) الترجل: الامتشاط.

([133]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل، (168)، 1/45.

([134]) مسند الإمام أحمد، (16488)، 4/39.

([135]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب مسح الرأس كله، (185)، 1/48.

([136]) سنن الترمذي، أبواب الطهارة باب ما جاء في المسح على العمامة، (100)، 1/176.

([137]) ظاهرهما مما يلي الرأس.

([138]) باطنهما مما يلي الوجه.

([139]) سنن أبو داود، كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، (135)، 1/51.

([140]) سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة، باب تخليل الأصابع، (446)، 1/152.

([141]) سنن أبو داود، كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، (135)، 1/51.

([142]) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، (110)، 1/41.

([143]) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب تفريق الوضوء، (175)، 1/67.

([144]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، (576)، 1/144.

([145]) سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب فيما يقال يعد الوضوء، (55)، 1/78.

([146]) رواه الطبراني من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، مجمع الزوائد، 1/239.

([147]) أخرجه أحمد (5/199، رقم 21790)، والبخاري (2/600، رقم 1586)، ومسلم (2/931، رقم 1280).

([148]) أخرجه مسلم، كتاب الحيض، باب صفة غسل الجنابة، (38)، 1/254.

([149]) سنن ابن ماجه، أبواب الطهارة، باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه، (460)، 2/56.

([150]) سنن أبو داود، كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، (135)، 1/51.

([151]) أخرجه الشافعي (1/15)، وعبد الرزاق (1/26، رقم 79)، وابن أبي شيبة (1/18، رقم 84). وأحمد (4/211، رقم 17879)، وأبو داود (1/35، رقم 142)، والترمذي (3/155، رقم 788) وقال: حسن صحيح. والنسائي (1/79، رقم 114)، وابن ماجه (1/153، رقم 448)، وابن حبان (3/368، رقم 1087)، والحاكم (1/24، رقم 525)، والبيهقي (1/51، رقم 239). وأخرجه: ابن خزيمة (1/78، رقم 150)، وابن الجارود (ص 31، رقم 80)، والطبراني في الكبير (19/216، رقم 482)، وفي الأوسط (7/260، رقم 7446).

([152]) المذي: ماء أبيض رقيق يخرج عند الشهوة، من غير دفق، ولا يعقبه فتور، وربما لا يشعر بخروجه.

([153]) الودي: ماء أبيض كدر ثخين، لا رائحة له، يعقب البول، وقد يسبقه، وقد يخرج عند حمل شيء ثقيل.

([154]) الغائط: المكان المنخفض حيث يقضي الإنسان حاجته، فأطلق الغائط وأراد ملزومه، وهو الأمر المحوِج إلى ذاك المكان، أي البول والغائط.

([155]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب لا تقبل صلاة بغير طهور، (135)، 1/39.

([156]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال، (132)، 1/38.

([157]) سنن البيهقي الكبرى، (576)، 1/115.

([158]) ما تُسْتَر به القُرْبَة ونحوها، بمعنى الرباط.

([159]) السه، من أسماء الدبر.

([160]) سنن أبو داود، كتاب الطهارة، باب الوضوء من النوم، (203)، 1/81.

([161]) ضابطه: سماع الكلام دون تمييز، أما إن سقط من يده ما يحمله - كالمسبحة - لم يكن نوماً خفيفاً؛ إذ استرخت به العضلات.

([162]) لا يكون التمكين المعتبر إلا بالجلسة المعروفة بالتربع، أما جلسات الصلاة بأنواعها المعروفة فليس فيها تمكين؛ لذا من نام في جلوس الافتراش، أو الإقعاء المسنون (وهو أن يفرش رجليه ويضع ألييه على قدميه) أو التورك: انتقض وضوؤه.

([163]) سنن البيهقي الكبرى، باب ترك الوضوء من النوم قاعداً، (585)، 1/119.

([164]) أخرجه البخاري، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، (687)، 1/139.

([165]) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة الثانية، 1392، 4/136.

([166]) سنن البيهقي الكبرى، باب الوضوء من الملامسة، (619)، 1/124، والموطأ، كتاب الطهارة، باب قبلة الرجل امراته، (95)، 1/43، وسنن الدار قطني، باب صفة ما ينقض الوضوء، (38)، 1/144.

([167]) سنن النسائي، (446)، 1/236.

([168]) سنن البيهقي الكبرى، باب الوضوء من مس المرأة، (652)، 1/132، وسنن الدار قطني، باب ما روي ي لمس القبل والدبر، (8)، 1/147.

([169]) سنن البيهقي الكبرى، باب ترك الوضوء من مس الفرج، (657)، 1/133.

([170]) المجموع، النووي، 2/34، والحاوى الكبير، أبو الحسن الماوردي، دار الفكر ـ بيروت، 349.

([171]) صحيح البخاري، كتاب الطهارة، باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، (137)، 1/39، وصحيح مسلم، كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك فى الحدث فله أن يصلى بطهارته تلك، (830)، 1/189، ومعنى يجد ريحا أن يعلم ويتحقق خروجه وليس المراد شمه.

([172]) الحديث عن ابن عمر: أخرجه ابن أبي شيبة (1/13، رقم 26)، ومسلم (1/204، رقم 224)، والترمذي (1/5، رقم 1)، وابن ماجه (1/100، رقم 272)، وابن حبان (8/152، رقم 3366). وأخرجه أيضًا: ابن خزيمة (1/8، رقم 8)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/3، رقم 2710). والحديث عن أنس: أخرجه ابن أبي شيبة (1/14، رقم 27)، والخطيب (4/320). وأخرجه: ابن ماجه (1/100، رقم 273)، وأبو يعلى (7/244، رقم 4251)، وأبو عوانة (1/199، رقم 639). وللحديث أطراف أخرى منها: "إن الله لا يقبل صلاة بغير طهور".

([173]) سنن الترمذي، كتاب الحج، باب الكلام في الطواف، (960)، 3/293.

([174]) أما الحقنة أو التحميلة في القُبُل أو في الشرج، أو دخول إصبع الطبيب، وآلة الفحص الطبي النسائي: كل ذلك لا يستوجب الغسل ما لم ينزل المني بسببه. وكذلك فإن الاستمناء (العادة السرية) والسحاق لا يستوجبان الغسل؛ إلا أن ينزل بسببهما. بخلاف اللواط فيستوجب الغسل عليهما ولو من غير إنزال. على أن الثلاثة المذكورة الاستمناء والسحاق واللواط: حرام، وفيهما من الضرر الجسمي والعقلي الذي قرره الأطباء ما يجعل تركها فرضاً شرعياً، ويجعل فعلها حراماً قطعياً.

([175]) قيل هي يداها ورجلاها، وقيل رجلاها وفخذاها، وهو كناية عن الجماع.

([176]) كناية عن معالجة الإيلاج.

([177]) صحيح البخاري، باب إذا التقى الختانان، (291)، 1/66، وصحيح مسلم، كتاب الحيض، باب نسخ الماء من الماء، (809)، 1/186.

([178]) أخرجه ابن أبي شيبة (1/84، رقم 931)، وأحمد (2/234، رقم 7197)، والبخاري (1/110، رقم 287)، ومسلم (1/271، رقم 348)، والنسائي (1/110، رقم 191)، وابن ماجه (1/200، رقم 610). وأخرجه: الدارمي (1/214، رقم 761)، وأبو عوانة (1/242، رقم 824)، وابن حبان (3/453، رقم 1178)، والبيهقي (1/163، رقم 741).

([179]) صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب نسخ الماء من الماء، (812)، 1/186، وأخرجه ابن أبي شيبة (1/84، رقم 929)، وأبو يعلى (8/321، رقم 4926)، وابن خزيمة (1/114، رقم 227). والبيهقي (1/163، رقم 744).

([180]) حديث أبى سعيد الخدري: أخرجه مسلم (1/269، رقم 343)، وأبو داود (1/56، رقم 217). وحديث أبى أيوب: أخرجه أحمد (5/416، رقم 23578)، والنسائي (1/115، رقم 199)، وابن ماجه (1/199 رقم 607)، والطبراني (4/131، رقم 3894). وحديث رافع بن خديج: أخرجه أحمد (4/143، رقم 17327)، والطبراني (4/267، رقم 4374). وحديث عتبان بن مالك: أحمد (4/342، رقم 19035).

([181]) صحيح البخاري، باب إذا احتلمت المرأة، (282)، 1/65، وصحيح مسلم، كتاب الحيض باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، (738)، 1/172.

([182]) صحيح مسلم، كتاب الحيض باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، (738)، 1/172.

([183]) الوَقْصُ: كسر العنق.

([184]) السدر: شجر النبق الواحدة سدرة.

([185]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب الحنوط للميت، (1266)، 2/76، وصحيح مسلم، باب ما يفعل المحرم إذا مات، (2948)، 4/23.

([186]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب من لم ير غسل الشهداء، (1346)، 2/92.

([187]) صحيح البخاري، كتاب الحيض، باب الاستحاضة، (306)، 1/68 و69.

([188]) المجموع، النووي، 2/149.

([189]) العلقة هي ما تصير إليه البيضة الملقحة بعد مرور أربعين يوما على الإلقاح.

([190]) هي ما تصير إليه العلقة بعد أربعين يوما من تشكلها أي بعد الإلقاح بثمانين يوماً.

([191]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، (1988)، 3/2.

([192]) سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الاغتسال في العيدين، (1315)، 1/417.

([193]) حديث المغيرة: أخرجه أحمد (4/246، رقم 18171). وحديث حذيفة: أخرجه الطبراني في الأوسط (3/149، رقم2760).

([194]) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل، (355)، 1/139.

([195]) المجموع، النووي، 2/152.

([196]) أخرجه البخاري، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، (687)، 1/139.

([197]) سنن الترمذي، كتاب الحج، باب الاغتسال عند الإحرام، (830).

([198]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب استحباب المبيت بذي طوى، (3104) 4/62، وذو طوى: موضع أصبح داخل مكة.

([199]) مسند الإمام أحمد، (16766)، 4/ 78.

([200]) سنن أبي داود، باب الغُسل من الجنابة، (248)، 1/102، وسنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب أن تحت كل شعرة جنابة، (106)، 1/178، والإنقاء: التطهير.

([201]) يقال حثيت وحثوت والحثية: الحفنة.

([202]) صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة، (770)، 1/178.

([203]) المجموع، النووي، 2/178.

([204]) مكاسر الجلد، الثَّنَيَاتِ.

([205]) الْعُكَنِ والأعكان: جمع عُكْنَة، وهي الطي الذي في البطن من السمن.

([206]) صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب صفة غُسل الجنابة، (744)، 1/174.

([207]) صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم، (776)، 1/179، وأخرجه أحمد (6/147، رقم 25188)، وأبو داود (1/85، رقم 314)، وابن ماجه (1/210، رقم 642). والطيالسي (ص 219، رقم 1563)، وأبو عوانة (1/264، رقم 921).

([208]) سنن الترمذي، كتاب الأدب، باب حفظ العورة، (2769)، 5/97.

([209]) سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب الوضوء بعد الغسل، (107)، 1/179، وسنن النسائي، باب ترك الوضوء بعد الغسل، (252)، 1/137، وسنن ابن ماجه، باب في الوضوء بعد الغسل، (579)، 1/191، وسنن البيهقي الكبرى، باب ترك الوضوء بعد الغسل، (886)، 1/179.

([210]) أخرجه ابن أبي شيبة (6/53، رقم 29411)، وأبو داود (1/24، رقم 96)، وابن ماجه (2/1271، رقم 3864)، وأحمد (4/86، رقم 16842)، وابن حبان (15/166، رقم 6763)، والحاكم (1/267، رقم 579)، والبيهقي (1/196، رقم 900) .

([211]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب النهى عن الاغتسال فى الماء الراكد، (684)، 1/163.

([212]) المجموع، النووي، 2/160.

([213]) أي التلفظ به؛ بحيث يُسْمِع نفسه، إن كان صحيح السمع، ولا شاغل للسمع.

([214]) سنن النسائي، باب حجب الجنب من قراءة القرآن، (266)، 1/144.

([215]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان، (206)، 1/52، وصحيح مسلم، باب المسح على الخفين، (654)، 1/158.

([216]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، (661)، 1/159.

([217]) سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب المسح على الخفين للمسافر، (96)، 1/159.

([218]) سنن الدار قطني، باب الرخصة في المسح على الخفين، 1/194.

([219]) المرحلة تساوي بالكيلو مترات ما يقارب واحداً وأربعين كيلواً متراً.

([220]) ولعل المناسب في زماننا: اعتماد زمن السفر، فما كان طريق السفر فيه أقل من ثلاثة أيام، فهو قصير؛ ولو قطع مسافات كثيرة بوسيلة متطورة، وما زاد في الطريق على الأيام الثلاثة يعد سفراً طويلاً.

([221]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، (661)، 1/159.

([222]) ويسمى مقيماً إذا أقام في البلدة التي سافر إليها أربعة أيام كاملة مع نية مسبقة في هذه الإقامة. أما إن لم يعرف مسبقا كم سيبقى في هذه البلدة التي سافر إليها فيعتبر مسافرا مدة 18 يوماً.

([223]) سنن البيهقي الكبرى، باب كيفية المسح على الخفين، (1430)، 1/290.

([224]) الطيب: الطاهر.

([225]) صحيح البخاري، كتاب التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم، (344)، 1/76.

([226]) وهو يعادل 2000 خطوة، أو مسيرة 1/4 الساعة، 15 دقيقة.

([227]) وهو يعادل 6000 خطوة، أو نصف فرسخ أو مسيرة 3/4 الساعة، 45 دقيقة.

([228]) وهو الذي يستغرق ماله كله.

([229]) صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، (7288).

([230]) المنثور في القواعد، محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي أبو عبد الله، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الطبعة الثانية ، 1405، تحقيق : د. تيسير فائق أحمد محمود، 1/230، وهي القاعدة الثامنة والثلاثون، الأشباه والنظائر.

([231]) لأن الإيثار إنما شرع في حظوظ النفوس لا فيما يتعلق بالقرب والعبادات.

([232]) كأن يكون مصاباً بجرح بالغ فإذا توضأ زاد قيحه فقتله.

([233]) كأن يحدث الماء شللاً في العضو.

([234]) وهي كثرة الألم، وإن لم تطل مدته.

([235]) ما يبدو عند المهنة وهو الوجه واليدان.

([236]) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم، (336)، 1/132.

([237]) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب إذا خاف الجنب البرد، (334)، 1/132.

([238]) سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد ماء، (124)، 1/211.

([239]) المنثور في القواعد، الزركشي، 1/123، وهي القاعدة الثالثة في الأشباه والنظائر.

([240]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، (1193)، وأخرجه الطيالسي (ص 56، رقم 418)، والنسائي في الكبرى (5/15، رقم 8022)، وابن خزيمة (1/132، رقم 263)، وابن حبان (4/595، رقم 1697)، وأبو عوانة (1/253، رقم 874)، والدارقطني (1/175). وأخرجه: البزار (7/264، رقم 2845).

([241]) مسند الإمام أحمد، (7068)، 2/222.

([242]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد، (664)، 1/160.

([243]) سنن الدار قطني، (16)، 1/180، وحديث جابر: أخرجه الحاكم (1/288، رقم 638). وحديث ابن عمر: أخرجه الطبراني (12/367، رقم 13366)، والحاكم (1/287، رقم 634). وأخرجه: الدارقطني  (1/180)، والبيهقي (1/207، رقم 941).

([244]) صحيح البخاري، باب المتيمم هل ينفخ فيهما، (338)، 1/348.

([245]) سنن أبو داود، كتاب الطهارة، باب التيمم، (318)، 1/125.

([246]) سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد ماء، (124)، 1/211.

([247]) وَلَغ أدخل لسانه في المائع وحركه.

([248]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، (677)، 1/162، وأبو داود (1/19، رقم 71)، وعبد الرزاق (1/96، رقم 329)، وابن أبى شيبة (1/159، رقم 1830) وأخرجه: أحمد (2/427، رقم 9507).

([249]) أما عند الحنفية فالمني عامة نجس، ويستحب غسله؛ جمعاً بين النصوص، وخروجاً من الخلاف.

([250]) الإذخرة: واحدة الإذخر، وهي الحشيش طيب الريح.

([251]) سنن الدارقطني، ما ورد في طهارة المني، 1/124.

([252]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب حكم المني، (694)، 1/164.

([253]) صحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر، (5339)، 6/101.

([254]) سنن ابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب الكبد والطحال، (3314)، 2/1102.

([255]) حديث جابر: أخرجه الدارمي (2/115، رقم 1979)، وأبو داود (3/103، رقم 2828)، والبغوي في الجعديات (1/388، رقم 2653)، والحاكم (4/127، رقم 7109) وقال: صحيح على شرط مسلم، والبيهقي (9/334، رقم 19272). وحديث أبى أيوب: أخرجه الطبرانى (4/162، رقم 4010)، والحاكم (4/128، رقم 7112). وحديث أبى سعيد: أخرجه أحمد (3/39، رقم 11361)، وأبو داود (3/103، رقم 2827)، والترمذي (4/72، رقم 1476) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (2/1067، رقم 3199)، وأبو يعلى (2/415، رقم 1206)، وابن الجارود (ص 227، رقم 900)، وابن حبان (13/206، رقم 5889)، والدارقطني (4/274)، والحاكم (4/128، رقم 7112)، والبيهقي (9/335، رقم 19276). وحديث أبي أمامة وأبي الدرداء: أخرجه الطبراني (8/102، رقم 7498). وحديث أبي هريرة: أخرجه الحاكم (4/128، رقم 7110). وأخرجه: الدارقطني (4/274). وحديث كعب بن مالك: أخرجه الطبراني في الكبير (19/78، رقم 157). وأخرجه: الطبراني في الأوسط (4/102، رقم 3711).

([256]) سنن أبو داود، كتاب الصيد، باب في صيد قطع من قطعة، (2860)، 3/70، وسنن الترمذي، كتاب الأطعمة، باب ما قطع من الحي فهو ميت، (1480)، 4/74.

([257]) الظلف: للبقر والشاة والظبي وشبهها بمنزلة القدم للبشر.

([258]) باستثناء بول الصبي دون السنتين، والذي لم يأكل الطعام، فقد تقدم أنه نجاسة مخففة.

([259]) اجتووا: أي أصابهم الجوى، وهو المرض وداء الجوف، إذا تطاول.

([260]) يُنْظَر: صحيح البخاري، باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها، (233)، 1/56.

([261]) صحيح البخاري، باب الاستنجاء بالحجارة، (155)، 1/42.

([262]) أخرجه ابن أبى شيبة (1/89، رقم 985)، وأبو داود (1/53، رقم 206)، والنسائي (1/111، رقم 193)، وابن حبان (3/391، رقم 1107). وأخرجه: أحمد (1/125، رقم 1028)، والطيالسي (ص 21، رقم 145)، وابن خزيمة (1/15، رقم 20)، والطحاوي (1/46)، والبيهقي (1/167، رقم 760).

([263]) أما عند الحنفية فإذا لم يكن ملء الفم فليس بنجس، وعند المالكية إذا لم يتغير الحليب الخارج من فم الرضيع فليس بنجس؛ لذا في حال الضرورة نلجأ إلى اتباعهما بالنسبة لثياب أمه وثديها خاصة.

([264]) الإنفحة: شيء يستخرج من بطن الجدي الرضيع، أصفر، فيعصر في صوفة، فيغلظ كالجبن.

([265]) السخلة: ولد الغنم من الضأن والمعز ساعة وضعه ذكراً كان أو أنثى.

([266]) الإهاب: الجلد قبل أن يدبغ.

([267]) صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة، (838)، 1/191.

([268]) صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة، (832)، 1/190، حديث ابن عباس: أحمد (1/261، رقم 2369)، وأبو داود (4/65، رقم 4120)، والنسائي (7/172، رقم 4238). وحديث ابن عباس عن سودة بنت زمعة: أخرجه الطبراني (24/37، رقم 100). وحديث ابن عباس عن ميمونة: أخرجه ابن حبان (4/106، رقم 1291). وأخرجه: ابن ماجه (2/1193، رقم 3610)، والطبراني (24/14، رقم 24).

([269]) أما عند الحنفية: فيمكن تطهير المائع المتنجس بصب الماء عليه، ورفعه عنه ثلاثاً، أو يوضع في إناء مثقوب، ثم يصب عليه الماء؛ فيطفو - إن كان زيتاً أو سائلاً له خواص الزيت – يحرك، ثم يفتح الثقب، إلى أن يذهب الماء. وهو قول عند الشافعية.

([270]) لكن يجوز استعمال مثل هذه المائعات المتجسة في الصناعة، كما في صناعة الصابون، مع وجوب الاحتياط من نجاستها.

([271]) حديث أبى هريرة : أخرجه أبو داود (3/364، رقم 3842)، والبيهقي (9/353، رقم 19405). وحديث ميمونة: أخرجه أبو داود (3/364، رقم 3841).

([272]) جمع سؤر، وهو: ما بقي من الإناء بعد الأكل أو الشرب، ومراد الفقهاء بقولهم: (سؤر الحيوان طاهر أو نجس): لعابه، ورطوبة فمه.

([273]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، (677)، 1/162، وأبو داود (1/19، رقم 71)، وعبد الرزاق (1/96، رقم 329)، وابن أبى شيبة (1/159، رقم 1830) وأخرجه: أحمد (2/427، رقم 9507).

([274]) يُنْظَر: الحاوي، الماوردي، دار الفكر، بيروت، 616 وما بعدها، والمجموع، النووي، 2/586، وحاشية الجمل على المنهج لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، العلامة الشيخ سليمان الجمل، دار الفكر – بيروت، 1/543.

([275]) النَّضْح هو: الرش بالماء، حتى يعمه، من غير سيلان.

([276]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب حكم بول الطفل الرضيع، (691)، 1/164.

([277]) حديث أبى السمح: أخرجه أبو داود (1/102 رقم 376)، والنسائي (1/158، رقم 304)، وابن ماجه (1/175، رقم 526)، والطبراني (22/384، رقم 958)، والحاكم (1/271، رقم 589). وحديث على: أخرجه أبو داود (1/103، رقم 377)، وابن ماجه (1/174، رقم 525). وأخرجه: أحمد (1/97، رقم 757)، والبزار (2/294، رقم 717). وللحديث أطراف أخرى منها: "ينضح بول الغلام".

([278]) هي الماء المتبقي بعد غسل النجاسة الحكمية عن الثوب ونحوه.

([279]) صحيح البخاري، كتاب الحيض، باب بدء الحيض، (294)، 1/67.

([280]) والآيسة: هي المرأة المسنة التي انقطع حيضها ويئست منه. أي: لا يتخلله نقاء.

([281]) المبتدأة: هي التي حاضت للمرة الأولى.

([282]) سنن أبو داود، كتاب الطهارة، باب في المرأة ترى الكدرة، (307)، 1/122.

([283]) صحيح البخاري، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم، (304)، 1/68، وصحيح مسلم، (80)، 1/87.

([284]) سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، (131)، 1/236.

([285]) المصحف: اسم المكتوب من كلام الله، والمراد به: كل ما كتبه عليه كلام الله، ولو عموداً، ولو لوحاً، أو نحو ذلك، وبهذا تخرج التميمة ما لم تسم مصحفاً، وتعتبر مصحفاً إذا كان عليها آيات من القرآن فلا يجوز عندئذ حملها في الحيض والنفاس.

([286]) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب الجنب يمر في المسجد، (232)، 1/92.

([287]) صحيح البخاري، كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك كلها، (305)، 1/315.

([288]) سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب كراهية إتيان الحائض، (135)، 1/242.

([289]) سنن أبي داود، باب في مباشرة الحائض، (212)، 1/85.

([290]) المباشرة هنا: التقاء البشرتين على أي وجه كان.

([291]) صحيح البخاري، كتاب الحيض، باب مباشرة الحائض، (302)، 1/68، وصحيح مسلم، كتاب الحيض، باب مباشرة الحائض فوق الإزار، (706)، 1/166.

([292]) صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها، وترجيله، وطهارة سؤرها، والاتكاء في حجرها، وقراءة القرآن فيه، (720)، 1/169.

([293]) صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة، (789)، 1/182.

([294]) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب المستحاضة يغشاها زوجها، (309)، 1/122.

([295]) صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها، (779)، 1/180.

([296]) سنن أبي داود، باب من قال توضأ لكل صلاة، (304)، 1/121، وسنن النسائي، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، (220)، 1/113.

([297]) صحيح البخاري، باب الزكاة من الإسلام وقوله: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}، (46)، 1/18، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، (109)، 1/31.

([298]) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً، (4405)، 4/245.

([299]) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً، (4405)، 4/245.

([300]) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، (256)، 1/61.

([301]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، (557)، 1/140.

([302]) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب المرأة تغسل ثوبها، (365)، 1/141.

([303]) صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها، (779)، 1/180.

([304]) السجل الدلو العظيمة فيها ماء قل أو كثر.

([305]) الذنوب: الدلو.

([306]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب صب الماء على البول في المسجد، (220)، 1/54.

([307]) صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، (7288)، 9/262.

([308]) النفطة: البثرة أو بثرة الحرق.

([309]) أي بتلطخه، كما يفعل بعض العوام من تلطيخ أنفسهم بدماء الذبائح.

([310]) حديث عائشة: أخرجه أبو داود (1/173، رقم 641)، والحاكم (1/380، رقم 917)، وقال: صحيح على شرط مسلم. والبيهقي (3/83، رقم 4869). وأخرجه: إسحاق بن راهويه (3/687، رقم 1284)، وأحمد (6/218، رقم 25876)، والترمذي (2/215، رقم 377) وقال: حسن. وابن ماجه (1/215، رقم 655)، وابن الجارود (ص 53، رقم 173)، وابن حبان (4/612، رقم 1711). وحديث الحسن: أخرجه الحاكم (1/380، رقم 918).

([311]) أخرجه عبد الرزاق (1/287، رقم 1106)، وأحمد (5/3، رقم 20046)، وأبو داود (4/40، رقم 4017)، والترمذي (5/97، رقم 2769) وقال: حديث حسن. وابن ماجه (1/618، رقم 1920)، والحاكم (4/199، رقم 7358) وقال: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي. والبيهقي (1/199، رقم 910). وأخرجه: الطبرانى (19/413 ، رقم 92).

([312]) سنن الدار قطني، باب الأمر بتعليم الصلاة، 1/231، وسنن البيهقي الكبرى، باب عورة الرجل، (3362)، 2/229.

([313]) الكوع: طرف الزند الذي يلي الإبهام.

([314]) صحيح البخاري، كتاب تقصير الصلاة، باب ينزل للمكتوبة، (1099)، 2/45.

([315]) الفيء لا يكون إلا بعد الزوال، ولا يقال لما قبل الزوال، أما الظل فيكون من أول النهار إلى آخره.

([316]) أحد سيور النعل التي تكون على وجهها وليس الشراك هنا للتحديد بل لأن الزوال لا يبين بأقل منه.

([317]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب مواقيت الصلاة عن النبي صلى الله عليه سلم، (149)، 2/278.

([318]) الاستواء هو حال وجود الشمس وسط السماء عمودية على الأرض.

([319]) وقت الفضيلة هذا يكون في الصلوات الخمس كلها.

([320]) صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، (527)، 1/112، وصحيح مسلم، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، (264)، 1/63.

([321]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالعصر، (1443)، 2/110.

([322]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، (1419)، 2/105.

([323]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، (1420)، 2/105.

([324]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، (1417)، 2/104.

([325]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، (1417)، 2/104.

([326]) صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب ما يكره من النوم قبل العشاء، (568)، 1/118.

([327]) أخرجه الطيالسي (ص 122، رقم 898)، وأحمد (5/13، رقم 20170)، والترمذي (3/86، رقم 706) وقال: حسن. والحاكم (1/588، رقم 1550)، والدارقطني (2/166).

([328]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، (1419)، 2/105.

([329]) صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الفجر ركعة، (579)، 1/120.

([330]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة، (1497)، 2/120.

([331]) صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، (527)، 1/112، وصحيح مسلم، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، (264)، 1/63.

([332]) سنن البيهقي الكبرى، (1852)، 1/379، وأخرجه البيهقي من طريق الشافعي (2/389، رقم 3826)، وابن أبى شيبة (1/310، رقم 3545).

([333]) صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، (580)، 1/120، وصحيح مسلم، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، (1401)، 2/102.

([334]) سنن النسائي، باب فيمن نام عن صلاة، (616)، 1/294.

([335]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب الاعتراض بين يدي المصلى، (1169)، 2/60.

([336]) الإبراد: انكسار الوهج والحر.

([337]) الكن: وقاء كل شيء وستره.

([338]) صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الإبراد بالظهر في السفر، (539)، 1/113.

([339]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، (1274)، 2/78، وأخرجه أبو داود (1/22، رقم 89). وأخرجه: أحمد (6/43، رقم 24212)، وأبو يعلى (8/233، رقم 4804).

([340]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، (1601)، 2/142.

([341]) صحيح البخاري، كتاب التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم، (344)، 1/76.

([342]) جميع أرض الحرم الذي حَدَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، من جميع الجهات إلى مكة المكرمة، ويدخل في ذلك منى، ومزدلفة، إلى قبيل عرفة وهو معلوم بعلائم موجودة على جانبي الطريق، وبعلائم في الطريق يراها السائر.

([343]) سنن النسائي، باب إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة، (585)، 1/284، وأخرجه ابن أبى شيبة (3/180، رقم 13243)، وأحمد (4/80، رقم 16782)، وأبو داود (2/180، رقم 1894) والترمذي (3/220، رقم 868) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (1/398، رقم 1254) والدارمي (2/96، رقم 1926)، وابن خزيمة (2/263، رقم 1280) والطحاوي (2/186) وأبو يعلى (13/412 رقم 7415)، وابن حبان (4/421، رقم 1553)، والدارقطني (1/424)، والطبراني (2/142، رقم 1601)، والحاكم (1/617، رقم 1643) وقال: صحيح على شرط مسلم. والبيهقي (5/92، رقم 9112).

([344]) صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس ، (586)، 1/597.

([345]) صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، (583)، 1/120.

([346]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال ، (1085)، 1/421.

([347]) صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، (583)، 1/120.

([348]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التى نهى عن الصلاة فيها، (1966)، 2/208.

([349]) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة، (934)، 2/13.

([350]) أي: خففهما.

([351]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب التحية الإمام يخطب، (2061)، 3/14.

([352]) رواه الطبراني، في المعجم الكبير، (328)، 19/138، والمعجم الأوسط، (828)، 2/327.

([353]) صحيح مسلم، باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما والمحافظة عليهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما، (1711)، 2/159، وسنن النسائي، باب الصلاة بعد الفجر، (583)، 1/283.

([354]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر، (1970)، 2/210.

([355]) صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة وقال إبراهيم من ترك صلاة واحدة عشرين سنة لم يعد إلا تلك الصلاة الواحدة، (597)، 1/123.

([356]) سنن النسائي، باب اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر، (635)، 2/9.

([357]) سنن أبي داود،  كتاب الصلاة، باب كيف الأذان، (499)، 1/187، وأخرجه أحمد (4/43، رقم 16525). وأخرجه: الترمذي (1/359، رقم 189).

([358]) سنن النسائي، الاجتزاء لذلك كله بأذان واحد والإقامة لكل واحدة منهما، (662)، 2/17.

([359]) صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره، (617)، 1/127.

([360]) أخرجه أبو داود (1/161، رقم 590)، وابن ماجه (1/240، رقم 726). والطبراني (11/237، رقم 11603)، والبيهقي (1/426، رقم 1848). وأبو يعلى (4/231، رقم 2343).

([361]) الصيت: شديد الصوت ورفيعه.

([362]) صحيح ابن خزيمة، باب الترجيع في الأذان مع تثنية الإقامة، (377)، 1/195، وأخرجه: الدارمي (1/291، رقم 1196).

([363]) سنن أبي داود،  كتاب الصلاة، باب كيف الأذان، (499)، 1/187، وأخرجه أحمد (4/43، رقم 16525). وأخرجه: الترمذي (1/359، رقم 189).

([364]) صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، (609)، 1/125، وأخرجه مالك (1/69، رقم 151)، والشافعي (1/33)، وأحمد (3/43، رقم 11411)، وعبد بن حميد (ص 306 رقم 993)، والنسائي (2/12، رقم 644)، وابن ماجه (1/239، رقم 723)، وابن حبان (4/546، رقم 1661).

([365]) أخرجه أبو داود (1/161، رقم 590)، وابن ماجه (1/240، رقم 726). والطبراني (11/237، رقم 11603)، والبيهقي (1/426، رقم 1848). وأبو يعلى (4/231، رقم 2343).

([366]) سنن الترمذي، باب كراهية الأذان بغير وضوء، (200)، 1/389، وسنن البيهقي الكبرى، كتاب الصلاة، باب لا يؤذن إلا طاهر، (1932)، 1/397.

([367]) صحيح البخاري، باب بدء الأذان، (604)، 1/125، وصحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب بدء الأذان، (863)، 2/2، وأخرجه الترمذي (1/362، رقم 190) وقال: حسن صحيح غريب.

([368]) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في إدخال الإصبع فى الأذن عند الأذان، (197)، 1/343.

([369]) الترسل هو: الترتيل، والتمهل في القراءة، بسكتة لطيفة بين كل جملتين منه؛ إلا في التكبير الأول؛ فإن السكتة تكون بعد التكبيرتين.

([370]) إدراج الإقامة معناه، أن: يصل بعضها ببعض؛ بلا ترسل.

([371]) حَدَرَ: أسرع.

([372]) كناية عن قاضي الحاجة.

([373]) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب الترسل في الأذان، (195)، 1/373.

([374]) سنن النسائي، باب التثويب في أذان الفجر، (647)، 2/13.

([375]) السامع: من سمع عرضا من غير قصد.

([376]) المستمع: مَن تَقَصَّد السماع.

([377]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأل الله له الوسيلة، (876)، 2/4، وأخرجه أبو داود (1/145، رقم 527)، والنسائي في الكبرى (6/15، رقم 9868)، وابن خزيمة (1/218، رقم 417)، وأبو عوانة (1/283، رقم 993)، والطحاوي (1/144)، وابن حبان (4/582، رقم 1685).

([378]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما يقول إذا سمع الإقامة، (2016)، 1/411، وسنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا سمع الإقامة، (528)، 1/208.

([379]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأل الله له الوسيلة، (875)، 2/4.

([380]) صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء عند النداء، (614)، 1/126.

([381]) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة، (212)، 1/415، وأخرجه عبد الرزاق (1/495، رقم 1909)، وابن أبى شيبة (2/232، رقم 8465)، وأحمد (3/119، رقم 12221)، وأبو داود (1/144، رقم 521)، والنسائي في الكبرى (6/22، رقم 9895)، وابن خزيمة (1/222، رقم 426)، والبيهقي (1/410، رقم 1794)، والضياء (4/393، رقم 1563).

([382]) أخرجه أبو داود (1/146، رقم 530). وابن أبى شيبة (6/31، رقم 29250)، والحاكم (1/314، رقم 714) وقال: صحيح. والبيهقي (1/410، رقم 1792).

([383]) البغي: رفع الصوت، ومجاوزة الحد؛ محاكاة لكلام الجبابرة، والمتكبرين، والمتفيقهين، وقيل: هو التطريب.

([384]) الصبي من كان بين التمييز والبلوغ.

([385]) صحيح البخاري، باب النية في الأيمان، (6689)، وصحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية، (5036)، 6/48.

([386]) سواء كانت إحدى الخمس المكتوبة، أو كانت فرض كفاية؛ كصلاة الجنازة، أو الصلاة الفائتة، أو المعادة، أو المنذورة.

([387]) بكل أنواعها سواء كانت ذات سبب، أو ذات وقت؛ كالعيدين، أو الضحى، أو الأوابين، أو راتبة؛ أي: تابعة للفرائض، ويستثنى من ذلك: النفل المطلق.

([388]) فيقول مثلاً: نويت أن أصلي ركعتين سنة العصر مع سنة تحية المسجد.

([389]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، (1227)، 2/70، وأخرجه أحمد (5/447، رقم 23813)، ومسلم (1/381، رقم 237)، وأبو داود (1/244، رقم 930)، والنسائي (3/14، رقم 1218).

([390]) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، (61)، 1/22، وأخرجه الشافعي (1/34)، وابن أبى شيبة (1/208، رقم 2378)، وأحمد (1/123، رقم 1006)، وأبو داود (1/167 رقم 618) والترمذي (1/8، رقم 3) وقال: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب. وابن ماجه (1/101 رقم 275). وأخرجه: أبو يعلى (1/456، رقم 616)، والدارقطني (1/360)، والضياء (2/341، رقم 718) وقال: إسناده حسن.

([391]) حديث المسيء صلاته حديث هام؛ لما اشتمل عليه من أحكام كثيرة، في شأن الصلاة، ونذكره بتمامه؛ لأنه سيتكرر الاستشهاد به في كثير من أركان الصلاة. وهو بلفظ البخاري كما يلي: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد النبي عليه السلام فقال: " ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ، فَصَلَّى"، فصلى ثم جاء فسلم على النبي فقال: " ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ، فَصَلَّى"، ثلاثا فقال: والذي بعثك بالحق فما أحسن غيره فعلمني. قال:" إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا".

([392]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (911)، 2/10، وأخرجه أحمد (2/437، رقم 9633)، وأبو داود (1/226، رقم 856)، والترمذي (2/103، رقم 303) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/124، رقم 884)، وابن حبان (5/212، رقم 1890). وأخرجه: أبو يعلى (11/449، رقم 6577)، وابن خزيمة (1/234، رقم 461)، وأبو عوانة (1/433، رقم 1609).

([393]) صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمصلي، (605)، وأخرجه أحمد (3/436، رقم 15636)، ومسلم (1/465، رقم 674)، والنسائي (2/9، رقم 635). وابن حبان (4/541، رقم 1658).

([394]) صحيح البخاري، كتاب تقصير الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب وقال عطاء إن لم يقدر أن يتحول إلى القبلة صلى حيث كان وجهه، (1117)، 2/48، وأخرجه أحمد (4/426، رقم 19832)، وأبو داود (1/250، رقم 952)، والترمذي (2/208، رقم 372)، وابن ماجه (1/386، رقم 1223).

([395]) صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، (7288)، 9/262.

([396]) صحيح البخاري، كتاب القبلة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، (400)، 1/89.

([397]) صحيح البخاري، باب صلاة القاعد بالإيماء، (1116)، 2/47، وأخرجه الترمذي (2/207، رقم 371) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي (3/223، رقم 1660)، وابن ماجه (1/388، رقم 1231). وأخرجه أحمد (4/442، رقم 19988)، وابن الجارود (1/67، رقم 230)، والبيهقي (2/308، رقم 3495).

([398]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، 2/208.

([399]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (900)، 2/8، وأخرجه الشافعي (1/36)، وأحمد (5/314، رقم 22729)، وابن أبى شيبة (1/316، رقم 3618)، والدارمي (1/312، رقم 1242)، والترمذي (2/25، رقم 247) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/137، رقم 910)، وابن ماجه (1/273، رقم 837)، وابن خزيمة (3/36، رقم 1581)، وابن حبان (5/86، رقم 1785)، والدارقطني (1/321).

([400]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، (1041)، 2/37.

([401]) أخرجه الترمذي (2/116، رقم 311)، وابن الجارود (ص 88، رقم 321)، وابن خزيمة (3/36، رقم 1581)، والطحاوي (1/215)، وابن حبان (5/86، رقم 1785)، والدارقطني (1/318)، والحاكم (1/364، رقم 871).

([402]) أما اللحن الذي لا يخل بالمعنى؛ كفتح دال نعبد، وصاد صراط مثلاً: فلا يبطل الصلاة عامداً فَعَلَه أم غير عامد، لكنه مكروه إن لم يتعمده، حرام إن تعمده.

([403]) سنن البيهقي الكبرى، باب الدليل على أن (بسم الله الرحمن الرحيم) آية تامة من الفاتحة، (2481)، 2/44، والحاكم في المستدرك، باب التأمين، (848)، 1/316، وابن خزيمة في صحيحه،  باب ذكر الدليل على أن بسم الله الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب، (493)، 1/248.

([404]) الانخناس هو: أن يَخفِض عَجُزَه، ويَرْفَع رأسه، ويُقَدِّم صدرَه.

([405]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (911)، 2/10، وأخرجه أحمد (2/437، رقم 9633)، وأبو داود (1/226، رقم 856)، والترمذي (2/103، رقم 303) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/124، رقم 884)، وابن حبان (5/212، رقم 1890). وأخرجه: أبو يعلى (11/449، رقم 6577)، وابن خزيمة (1/234، رقم 461)، وأبو عوانة (1/433، رقم 1609).

([406]) صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمصلي، (605)، وأخرجه أحمد (3/436، رقم 15636)، ومسلم (1/465، رقم 674)، والنسائي (2/9، رقم 635). وابن حبان (4/541، رقم 1658).

([407]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب إذا لم يتم الركوع، (791)، 1/158.

([408]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (911)، 2/10، وأخرجه أحمد (2/437، رقم 9633)، وأبو داود (1/226، رقم 856)، والترمذي (2/103، رقم 303) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/124، رقم 884)، وابن حبان (5/212، رقم 1890). وأخرجه: أبو يعلى (11/449، رقم 6577)، وابن خزيمة (1/234، رقم 461)، وأبو عوانة (1/433، رقم 1609).

([409]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (911)، 2/10، وأخرجه أحمد (2/437، رقم 9633)، وأبو داود (1/226، رقم 856)، والترمذي (2/103، رقم 303) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/124، رقم 884)، وابن حبان (5/212، رقم 1890). وأخرجه: أبو يعلى (11/449، رقم 6577)، وابن خزيمة (1/234، رقم 461)، وأبو عوانة (1/433، رقم 1609).

([410]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (911)، 2/10، وأخرجه أحمد (2/437، رقم 9633)، وأبو داود (1/226، رقم 856)، والترمذي (2/103، رقم 303) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/124، رقم 884)، وابن حبان (5/212، رقم 1890). وأخرجه: أبو يعلى (11/449، رقم 6577)، وابن خزيمة (1/234، رقم 461)، وأبو عوانة (1/433، رقم 1609).

([411]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (911)، 2/10، وأخرجه أحمد (2/437، رقم 9633)، وأبو داود (1/226، رقم 856)، والترمذي (2/103، رقم 303) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/124، رقم 884)، وابن حبان (5/212، رقم 1890). وأخرجه: أبو يعلى (11/449، رقم 6577)، وابن خزيمة (1/234، رقم 461)، وأبو عوانة (1/433، رقم 1609).

([412]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب افتتاح الصلاة، (734)، 1/267، وسنن البيهقي الكبرى، باب أين يضع يديه فى السجود، (2801)، 2/112، وصحيح ابن خزيمة، باب وضع اليدين حذو المنكبين في السجود، (640)، 1/323.

([413]) لا نكفت: لا نضم، ولا نجمع، والمعنى نهينا عن جمع الثوب باليدين عند الركوع والسجود، وعن جمع الشعر؛ منعاً من الاسترسال، وتفصيل ذلك في بحث مكروهات الصلاة.

([414]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب السجود على الأنف، (812)، 2/223، وأخرجه عبد الرزاق (2/180، رقم 2972)، والطيالسي (ص340، رقم 2603)، وابن أبى شيبة (1/234، رقم 2682)، ومسلم (1/354، رقم 490)، وأبو داود (1/235، رقم 889)، والنسائي (2/209، رقم 1097)، وابن ماجه (1/286، رقم 883). وأخرجه: أبو يعلى (4/349، رقم 2464)، والديلمي (1/397، رقم 1601).

([415]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (911)، 2/10، وأخرجه أحمد (2/437، رقم 9633)، وأبو داود (1/226، رقم 856)، والترمذي (2/103، رقم 303) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/124، رقم 884)، وابن حبان (5/212، رقم 1890). وأخرجه: أبو يعلى (11/449، رقم 6577)، وابن خزيمة (1/234، رقم 461)، وأبو عوانة (1/433، رقم 1609).

([416]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها فى تمام، (1088)، 2/45.

([417]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (911)، 2/10، وأخرجه أحمد (2/437، رقم 9633)، وأبو داود (1/226، رقم 856)، والترمذي (2/103، رقم 303) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/124، رقم 884)، وابن حبان (5/212، رقم 1890). وأخرجه: أبو يعلى (11/449، رقم 6577)، وابن خزيمة (1/234، رقم 461)، وأبو عوانة (1/433، رقم 1609).

([418]) والتحيات: جمع تحية وهي ما يحيا به من قول أو فعل والقصد الثناء على الله لأنه مستحق لجميع التحيات.

([419]) والصلوات: قبل الخمس وقيل مطلق الصلاة.

([420]) والطيبات: الأعمال الصالحة.

([421]) السلام عليك: أي السلامة من النقائص والآفات.

([422]) وبركاته: أي خيراته والبركة هي الخير الإلهي.

([423]) السلام علينا: هي للحاضرين من إمام ومأمومين، وملائكة، وإنس، وجن، أو لجميع الأمة.

([424]) عباد الله الصالحين: القائمون بحقوق الله وحقوق عباده.

([425]) أشهد أن لا إله إلا الله: أُقِرُّ بأنه لا معبود بحق ممكن إلا الله.

([426]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب التشهد في الآخرة، (831)، 1/166.

([427]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، (934)، 2/16.

([428]) صحيح ابن حبان، باب صفة الصلاة، (1992)، 8/404.

([429]) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، (61)، 1/22، وأخرجه الشافعي (1/34)، وابن أبى شيبة (1/208، رقم 2378)، وأحمد (1/123، رقم 1006)، وأبو داود (1/167 رقم 618) والترمذي (1/8، رقم 3) وقال: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب. وابن ماجه (1/101 رقم 275). وأخرجه: أبو يعلى (1/456، رقم 616)، والدارقطني (1/360)، والضياء (2/341، رقم 718) وقال: إسناده حسن.

([430]) سنن البيهقي الكبرى، باب الدليل على أنه لم يترك أصل القنوت في صلاة الصبح إنما ترك الدعاء لقوم أو على آخرين بأسمائهم أو قبائلهم، (3229)، 2/201.

([431]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في القنوت في الوتر، (466)، 2/309، وصحيح ابن خزيمة، (1095)، 2/151.

([432]) حديث الحسن بن علي سنن البيهقي الكبرى، باب دعاء القنوت، (3263)، 2/209، وأخرجه الطيالسي (ص 163، رقم 1179)، وابن أبى شيبة (2/95، رقم 6889)، وأحمد (1/200، رقم 1727)، وأبو داود (2/63، رقم 1425)، والترمذي (2/328، رقم 464) وقال: حسن. والنسائي (3/248، رقم 1745)، وابن ماجه (1/372، رقم 1178)، والدارمي (1/452، رقم 1593)، وابن الجارود (ص 78 رقم 272)، وابن خزيمة (2/151، رقم 1095)، وأبو يعلى (12/132، رقم 6762)، وابن حبان (3/225، رقم 945) والطبراني (3/73، رقم 2701)، والحاكم (3/188، رقم 4800) وقال: صحيح على شرط الشيخين. والبيهقي (2/209، رقم 2957). وأخرجه: البزار (4/175، رقم 1336). وحديث الحسين بن علي: أخرجه أحمد (1/201، رقم 1735). وحديث ابن عمر: أخرجه الخطيب (10/285). وحديث بريدة: أخرجه الطبراني في الأوسط (7/232، رقم 7360). قال الهيثمي (2/138): رواه الطبراني في الأوسط.

([433]) سنن النسائي، باب الدعاء في الوتر، (1746)، 3/248.

([434]) المجموع، 3/496.

([435]) (نحفد): نسرع.

([436]) أخرجه عبد الرزاق (3/118، رقم 4986)، وابن أبى شيبة (2/106، رقم 7027)، و(6/90، رقم 29715)، والطحاوي (1/249)، والبيهقي (2/210، وما بعدها رقم 2962، وما بعده).

([437]) سنن البيهقي الكبرى، باب رفع اليدين في القنوت، (3270)، 2/211.

([438]) سنن البيهقي الكبرى، باب رفع اليدين في القنوت، (3275)، 2/212.

([439]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب يهوي بالتكبير حين يسجد، (804)، 1/160، وصحيح مسلم، باب استحباب القنوت فى جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة، (1572)، 2/134.

([440]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب القنوت في الصوات، (1445)، 1/541.

([441]) تعددت أقوال العلماء في الحكمة من رفع اليدين: فالشافعي رضي الله عنه يراه إعظاماً لجلال الله تعالى، واتباعاً لسنة رسوله، ورجاء لثواب الله. وقال التميمي الشافعي: (من الناس من قال: رفع اليدين تعبد لا يعقل معناه. ومنهم من قال: هو إشارة إلى طرح ما سواه تعالى والإقبال بكليته على صلاته. ومنهم من قال: هو استسلام وانقياد كالأسير إذا استسلم. ومنهم من قال: يرفع ليراه من لا يسمع التكبير فيعلم أنه دخل في الصلاة فيقتدي به).

([442]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع، (736)، 1/138.

([443]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، (744)، 1/271.

([444]) كذا فسره الترمذي في سننه، عند الحديث (304)، 2/105.

([445]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام تحت صدره فوق سرته ووضعهما في السجود على الأرض حذو منكبيه، (923)، 2/13.

([446]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الصلاة، (727)، 1/265.

([447]) أقبلت بذاتي وقصدت بعبادتي.

([448]) ابتدأ خلقها على غير مثال سابق.

([449]) مائلاً عن الأديان الباطلة إلى الحق.

([450]) عبادتي.

([451]) هو مثنى ومعناه أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة.

([452]) مثنى كذلك ومعناه: مساعدة بعد مساعدة ومتابعة لدينك الذي ارتضيته بعد متابعة.

([453]) لا يتقرب به إليك أو لا يصعد إليك وإنما يصعد إليك العمل الصالح.

([454]) توفيقي بك والتجائي إليك أو أعتصم بك وألجأ إليك.

([455]) استحققت الثناء.

([456]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل، (1848)، 2/185.

([457]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، (1382)، 2/98.

([458]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، (1386)، 2/99.

([459]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، (1385)، 2/99.

([460]) أخرجه ابن أبى شيبة (6/109، رقم 29868)، وأحمد (5/10، رقم 20119)، ومسلم (3/1685، رقم 2137)، وابن حبان (3/116، رقم 835)، (13/150، رقم 5838)، والطبراني (7/187، رقم 6791)، (7/188، رقم 6793). وأخرجه: النسائي في السنن الكبرى (6/211، رقم 10681)، والبيهقي في شعب الإيمان (1/423، رقم 601).

([461]) التعوذ والاستعاذة بمعنى الاستجارة.

([462]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب السكتة عند الافتتاح، (778)، 1/283.

([463]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب السكتة عند الافتتاح، (777)، 1/282، وسنن البيهقي الكبرى، باب في سكتتي الإمام، (3202)، 2/196.

([464]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب السكتة عند الافتتاح، (779)، 1/283، وسنن البيهقي الكبرى، باب في سكتتي الإمام، (3201)، 2/195.

([465]) وحَدُّ الجهر أن يُسْمِع مَن يليه.

([466]) خالجنيها: جاذبنيها ونازعنيها.

([467]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب باب نهى المأموم عن جهره بالقراءة خلف إمامه، (914)، 2/11.

([468]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، معلقاً في باب الجهر بقراءة الفجر، 1/154.

([469]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب الجهر في المغرب، (765)، 1/153.

([470]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب الجهر في العشاء، (767)، 1/153.

([471]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، (746)، 1/150، وأخرجه عبد الرزاق (2/105، رقم 2676)، وابن أبي شيبة (1/318، رقم 3635).

([472]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب جهر الإمام بالتأمين، (780)، 1/156، وأخرجه مالك (1/87 رقم 194) وأحمد (2/233 رقم 7187)، ومسلم (1/307، رقم 410)، وأبو داود (1/246، رقم 936)، والترمذي (2/30، رقم 250) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/144، رقم 928)، وابن ماجه (1/277، رقم 852). وأخرجه: الشافعي (1/37)، وابن خزيمة (3/37، رقم 1583)، والبيهقي (2/55، رقم 2261).

([473]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب جهر الإمام بالتأمين، (780)، 1/156، وأخرجه مالك (1/87 رقم 194) وأحمد (2/233 رقم 7187)، ومسلم (1/307، رقم 410)، وأبو داود (1/246، رقم 936)، والترمذي (2/30، رقم 250) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/144، رقم 928)، وابن ماجه (1/277، رقم 852). وأخرجه: الشافعي (1/37)، وابن خزيمة (3/37، رقم 1583)، والبيهقي (2/55، رقم 2261).

([474]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب، (776)، 1/155.

([475]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب التكبير إذا قام من السجود، (789)، 1/157، وأخرجه مسلم (1/293، رقم 392)، والنسائي (2/233، رقم 1150).

([476]) ومعنى يستحضر: أن يقصد ذكر الله، أو أن يشرك في نيته بين قصد الذكر والتبليغ.

([477]) لم يصوب رأسه: لم يبالغ في خفضه وتنكيسه، ولم يقنعه: لم يرفعه.

([478]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه، (855)، 1/318، وأخرجه الترمذي (2/51، رقم 265) وقال: حسن صحيح.

([479]) يشخص رأسه: يرفعه.

([480]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يجمع صفة الصلاة، (855)، 2/54.

([481]) جافى في سجوده : باعد عضديه عن جنبيه.

([482]) المستدرك على الصحيحين، 1/ 224.

([483]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود، (261)، 2/46.

([484]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل، (1848)، 2/185.

([485]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب النهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، (1105)، 2/48.

([486]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب يهوي بالتكبير حين يسجد، (804)، 1/160، وصحيح مسلم، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة، (1572)، 2/134.

([487]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، (1100)، 2/47.

([488]) والجد بالفتح: الحظ والغنى، والمعنى: لا ينفع ذا المال والحظ والغنى غناه من عقابك، وإنما ينفعه ويمنعه من عقابك العمل الصالح.

([489]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، (1099)، 2/47.

([490]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود، (268) 2/56.

([491]) المجموع، النووي، 3/421.

([492]) صحيح البخاري، كتاب الصلاة، بَاب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِي فِي السُّجُودِ، (390)، 1/87، وصحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب مَا يَجْمَعُ صِفَةَ الصَّلاَةِ وَمَا يُفْتَتَحُ بِهِ وَيُخْتَمُ بِهِ وَصِفَةَ الرُّكُوعِ وَالاِعْتِدَالِ مِنْهُ وَالسُّجُودِ وَالاِعْتِدَالِ مِنْهُ وَالتَّشَهُّدِ بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ وَصِفَةَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِى التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ، (1133)، 2/53.

([493]) صحيح البخاري، كتاب الصلاة، بَاب لَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ، (822)، 1/164، وصحيح مسلم، كتاب الصلاة، الاعتدال في السجود، (1130)، 2/53، وأخرجه أحمد (3/115، رقم 12170)، وأبو داود (1/236، رقم 897)، والترمذي (2/66، رقم 276) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/213، رقم 1110)، وابن ماجه (1/288، رقم 892)، وأخرجه: ابن حبان (5/253 رقم 1926)، والبيهقي (2/113 رقم 2531).

([494]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب افتتاح الصلاة، (735)، 1/267.

([495]) سنن البيهقي الكبرى، باب يضم أصابع يديه في السجود ويستقبل بها القبلة، (2802)، 2/112.

([496]) سنن البيهقي الكبرى، باب يضم أصابع يديه في السجود ويستقبل بها القبلة، (2803)، 2/113.

([497]) سنن البيهقي الكبرى، باب يضم أصابع يديه في السجود ويستقبل بها القبلة، (2801)، 2/112.

([498]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب سنة الجلوس في التشهد، (828)، 1/165.

([499]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل، (1848)، 2/185، وأخرجه الطيالسي (1/22، رقم 152)، وعبد الرزاق (2/79، رقم 2567)، وابن أبي شيبة (1/210، رقم 2399)، وأحمد (1/94، رقم 729)، وأبو داود (1/201، رقم 760)، والترمذي (5/485، رقم 3421)، والنسائي (2/129، رقم 897)، وابن خزيمة (1/235، رقم 462)، والطحاوي (1/199)، وابن الجارود (1/54، رقم 179)، وابن حبان (5/74، رقم 1774)، والدارقطني (1/296، رقم 1)، والبيهقي (2/32، رقم 2172).

([500]) سبوح قدوس: صفتان لله تعالى، أي مُسِبَّح ومُقَدَّس، ومعناه: مُبَرَّأ من كل نقص، ومن الشريك، ومن كل ما لا يليق بالإلهية.

([501]) الروح جبريل عليه السلام.

([502]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع، (1119)، 2/51.

([503]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع، (1111)، 2/49، وأخرجه أبو داود (1/231، رقم 875)، والنسائي (2/226، رقم 1137). وأحمد (2/421، رقم 9442)، وابن حبان (5/254، رقم 1928)، والبيهقي (2/110، رقم 2517).

([504]) عدا الجلوس للتشهد الأخير؛ فإنه يطلب فيه التورك.

([505]) الساهي: مَن طُلِب منه سجود السهو، وأراد فعله؛ فإنه يفترش في التشهد الأخير، ثم يسجد للسهو، ثم يتورك ليسلم.

([506]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب سنة الجلوس في التشهد، (828)، 1/165.

([507]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما يقول بين السجدتين، (284)، 2/76.

([508]) وهي السجدة الثانية في الركعة التي لا يعقبها تشهد.

([509]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (911)، 2/10، وأخرجه أحمد (2/437، رقم 9633)، وأبو داود (1/226، رقم 856)، والترمذي (2/103، رقم 303) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/124، رقم 884)، وابن حبان (5/212، رقم 1890). وأخرجه: أبو يعلى (11/449، رقم 6577)، وابن خزيمة (1/234، رقم 461)، وأبو عوانة (1/433، رقم 1609).

([510]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (911)، 2/10، وأخرجه أحمد (2/437، رقم 9633)، وأبو داود (1/226، رقم 856)، والترمذي (2/103، رقم 303) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/124، رقم 884)، وابن حبان (5/212، رقم 1890). وأخرجه: أبو يعلى (11/449، رقم 6577)، وابن خزيمة (1/234، رقم 461)، وأبو عوانة (1/433، رقم 1609).

([511]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب سنة الجلوس في التشهد، (828)، 1/165.

([512]) المباركات: الناميات.

([513]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، (929)، 2/14، وأخرجه أبو داود (1/256، رقم 974)، والترمذي (2/83، رقم 290) وقال: حسن غريب صحيح. وأخرجه: الشافعي (1/42)، والنسائي (2/242، رقم 1174)، وابن ماجه (1/291، رقم 900)، وابن خزيمة (1/349، رقم 705)، وأبو عوانة (1/540، رقم 2022)، وابن حبان (5/282، رقم 1952)، والدارقطني (1/350)، والبيهقي (2/140، رقم 2650).

([514]) مقدمة كتاب رياض الصالحين، النووي.

([515]) سنن الترمذي، كتاب الدعوات، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، (2140)، 4/448.

([516]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب الدعاء قبل السلام، (834)، 1/166، وأخرجه ابن أبي شيبة (6/46، رقم 29354)، وأحمد (1/3، رقم 8)، ومسلم (4/2078، رقم 2705)، والترمذي (5/543، رقم3531)، والنسائي (3/53، رقم 1302)، وابن ماجه (2/1261، رقم 3835)، وابن خزيمة (2/29، رقم 846)، وابن حبان (5/313، رقم 1976)، والبيهقي (2 /154، رقم 2704). وأخرجه: عبد بن حميد (1/30، رقم 5)، والبزار (1/85، رقم 29)، وأبو يعلى (1/38، رقم 32).

([517]) المغرم: الدَّين.

([518]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب الدعاء قبل السلام، (832)، 1/166.

([519]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل، (1848)، 2/185، وأخرجه الطيالسي (1/22، رقم 152)، وعبد الرزاق (2/79، رقم 2567)، وابن أبي شيبة (1/210، رقم 2399)، وأحمد (1/94، رقم 729)، وأبو داود (1/201، رقم 760)، والترمذي (5/485، رقم 3421)، والنسائي (2/129، رقم 897)، وابن خزيمة (1/235، رقم 462)، والطحاوي (1/199)، وابن الجارود (1/54، رقم 179)، وابن حبان (5/74، رقم 1774)، والدارقطني (1/296، رقم 1)، والبيهقي (2/32، رقم 2172).

([520]) ومن غريب الحديث: (حذف السلام): أي الإسراع به، وعدم إطالته. قال ابن المبارك: معناه: لا يمده مداً. المجموع، النووي، 3/483.

([521]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب حذف التسليم، (1006)، 1/383، وأخرجه أحمد (2/532، رقم 10898)، والحاكم (1/355، رقم 842) وقال: صحيح على شرط مسلم. والبيهقي (2/180، رقم 2815). وأخرجه: الترمذي (2/94، رقم 297)، وابن خزيمة (1/362، رقم 734).

([522]) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، (576)، 1/144.

([523]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، (1362)، 2/94.

([524]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، (844)، 1/169، وصحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، (1366)، 2/95.

([525]) سنن ابن ماجه، كتاب الصلاة، باب ما جاء في صلاة الحاجة، (1384)، 1/441، وأخرجه الطبراني في الأوسط (3/358، رقم 3398)، وفي الصغير (1/213، رقم 341).

([526]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، (1522)، 1/561، وأخرجه أحمد (5/244، رقم 22172)، والنسائي في الكبرى (6/32، رقم 9937)، والحاكم (1/407 رقم 1010) وقال: صحيح الإسناد على شرط الشيخين. والطبراني (20/60، رقم 110) وابن حبان (5/365، رقم 2021). وأخرجه: عبد بن حميد (ص 71، رقم 120).

([527]) صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب ما يُتعوَّذ من الجُبن، (2822)، 4/23.

([528]) أخرجه ابن أبى شيبة (1/269، رقم 3097).

([529]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم، (486)، 2/356.

([530]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب من صلى بالناس فذكر حاجة، (850)، 1/169.

([531]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، (586)، 2/481.

([532]) سنن أبي داود، باب الدنو من السترة، (695)، 1/257، وسنن النسائي، الأمر بالدنو من السترة، (748)، 2/62.

([533]) الذراع المقصود، هو الذراع الهاشمي، وهو من المرفق إلى رؤوس الأصابع مبسوطة.

([534]) مؤخرة الرَّحْل: الخشبة التي يستند إليها الراكب من رحل البعير، والرحل للبعير، كالسرج للفرس. ومؤخرة الرحل: قَدْر عِظَم الذراع، أي: أكثره، ، وهو نحو ثلثي ذراع.

([535]) المستدرك، الحاكم النيسابوري، (924)، 1/252، وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه ابن عساكر (65/135). وابن خزيمة (2/12، رقم 808).

([536]) أصل الحديث: عن نافع، أن عبد الله كان إذا دخل الكعبة مشى قِبَل وجهه حين يدخل، وجعل الباب قِبَل ظهره، فمشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قِبَل وجهه قريباً من ثلاثة أذرع؛ صَلَّى يتوخى المكان الذي أخبره به بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه. صحيح البخاري، باب الصلاة بين السواري في غير جماعة، (506)، 1/107.

([537]) فلينصب: يرفع أو يقيم.

([538]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الخط إذا لم يجد عصا، (689)، 1/255، وأخرجه عبد الرزاق (2/12، رقم 2286)، وأحمد (2/249، رقم 7386)، وأبو داود (1/183، رقم 689)، وابن ماجه (1/303، رقم 943)، والبيهقي (2/270، رقم 3278)، وابن حبان (6/125، رقم 2361).

([539]) فليقاتله: فليدافعه.

([540]) صحيح البخاري، كتاب سترة المصلي، باب يرد المصلي من مر بين يديه ورد ابن عمر في التشهد وفي الكعبة وقال إن أبى إلا أن تقاتله فقاتله، (509)، 1/108، وأخرجه أحمد (3/63، رقم 11625)، ومسلم (1/362، رقم 505)، وأبو داود (1/186، رقم 700)، والنسائي (8/61، رقم 4862).

([541]) صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، (510)، 1/108، وصحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، (1160)، 2/58، وأخرجه مالك (1/154، رقم 362)، وأحمد (4/169، رقم 17575)، وأبو داود (1/186، رقم 701)، والترمذي (2/158، رقم 336)، وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/66، رقم 756)، وابن ماجه (1/304، رقم 945).

([542]) الأحاديث الواردة في قطع المرأة والدابة والكلب للصلاة بعضها ضعيف، وصحيحها محمول على قطع الخشوع، لا الصلاة نفسها؛ لصحة الأحاديث المعارضة.

([543]) كل صف من صفوف المصلين ستر لما بعده؛ فلا يجوز أن يمر بين الصفين إلا في الحالة المذكورة (سَدُّ فُرْجَةٍ).

([544]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الخط إذا لم يجد عصا، (689)، 1/255، وأخرجه عبد الرزاق (2/12، رقم 2286)، وأحمد (2/249، رقم 7386)، وأبو داود (1/183، رقم 689)، وابن ماجه (1/303، رقم 943)، والبيهقي (2/270، رقم 3278)، وابن حبان (6/125، رقم 2361).

([545]) الاختلاس: الأخذ بسرعة على غفلة.

([546]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب الالتفات في الصلاة، (751)، 1/150.

([547]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الرخصة في (الالتفات)، (917)، 1/344، وسنن البيهقي الكبرى، باب من التفت في صلاته لم يسجد سجدتي السهو، (4034)، 2/348.

([548]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب رفع البصر إلى السماء، (750)، 1/150، وأخرجه الطيالسي (ص 270، رقم 2019)، وابن أبى شيبة (2/48، رقم 6317)، وأحمد (3/109، رقم 12084)، وعبد بن حميد (ص 360، رقم 1196)، وأبو داود (1/240، رقم 913)، والنسائي (3/7، رقم 1193)، وابن ماجه (1/332، رقم 1044)، والدارمي (1/339، رقم 1302)، وابن حبان (6/61، رقم 2284)، وابن خزيمة (1/242، رقم 475).

([549]) صحيح البخاري، (3289)، 4/125، وصحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب، (7682)، 8/225، وأخرجه: أحمد (2/516، رقم 10706)، وابن حبان (6/121، رقم 2357)، والبيهقي (2/289، رقم 3391).

([550]) الحاقن: محتبس البول.

([551]) الحاقب: محتبس الغائط.

([552]) الحازق محتبس الريح.

([553]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ترك الجماعة بحضرة الطعام، (5239)، 3/73، وأخرجه أبو داود (1/22، رقم 89). وأحمد (6/43، رقم 24212)، وأبو يعلى (8/233، رقم 4804).

([554]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ترك الجماعة بحضرة الطعام، (5239)، 3/73، وأخرجه أبو داود (1/22، رقم 89). وأحمد (6/43، رقم 24212)، وأبو يعلى (8/233، رقم 4804).

([555]) صحيح مسلم، باب كراهة الصلاة بحضور الطعام، (1269)، 2/78، حديث ابن عباس: أخرجه الطبراني (11/403، رقم 12142) قال الهيثمى (2/46): رجاله ثقات. وحديث أبى هريرة: أخرجه الطبراني في الأوسط (7/262، رقم 7451)، وفى الصغير (2/129، رقم 905) قال الهيثمي (2/46): فيه إسماعيل بن عمرو البجلي، ضعفه أبو حاتم. وحديث أنس: أخرجه أحمد (3/110، رقم 12097)، والدارمي (1/331، رقم 1281)، ومسلم (1/392).

([556]) صحيح البخاري، كتاب العمل في الصلاة، باب الخصر في الصلاة، (1219)، 2/66.

([557]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب متابعة الإمام والعمل بعده، (1093)، 2/46.

([558]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء فى كراهية ما يصلى إليه وفيه، (347)، 2/107.

([559]) الخميصة: كساء ذو أعلام (ألوان).

([560]) الأنبجانية: كساء غليظ لا عَلَم له، بلون واحد،دون ألوان.

([561]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب الالتفات في الصلاة، (752)، 1/150.

([562])التلثم: تغطية الفم والأنف.

([563]) سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يكره في الصلاة، (966)، 1/310.

([564]) التنقب: تغطية الفم والأنف بما زاد عن خمار المرأة وهو غطاء رأسها.

([565]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب أمر مَن نَعِس في صلاته، (1871)، 2/190.

([566]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (911)، 2/10، وأخرجه أحمد (2/437، رقم 9633)، وأبو داود (1/226، رقم 856)، والترمذي (2/103، رقم 303) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/124، رقم 884)، وابن حبان (5/212، رقم 1890). وأخرجه: أبو يعلى (11/449، رقم 6577)، وابن خزيمة (1/234، رقم 461)، وأبو عوانة (1/433، رقم 1609).

([567]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام  في الصلاة، (1227)، 2/70، وأخرجه أحمد (5/447، رقم 23813)، وأبو داود (1/244، رقم 930)، والنسائي (3/14، رقم 1218).

([568]) أمران من وعى، ووقى.

([569]) التنحنح: تردد الصوت في الصدر.

([570]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلى بهم إذا تأخر الإمام ولم يخافوا مفسدة بالتقديم، (976)، 2/25، وأخرجه مالك (1/163، رقم 390)، والشافعي (1/54)، وأحمد (5/338، رقم 22914)، والبخارى (1/242، رقم 652)، وأبو داود (1/247، رقم 940)، والنسائي (1/280، رقم 859)

([571]) لا تقاس زيادة الركن القولي على زيادة الركن الفعلي؛ فتكرار قراءة الفاتحة لا يُبْطِل الصلاة؛ لأنه لا يُغَيِّر نظمها؛ لأنه تكرار ذكر، فهو كما لو قرأ السورة بعد الفاتحة مرتين. ويستثنى من ذلك السلام فزيادته عمداً تُبْطِل الصلاة.

([572]) صحيح البخاري، كتاب أبواب السهو، باب ما جاء في القبلة ومن لا يرى الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة وقد سلم النبي صلى الله عليه وسلم في ركعتي الظهر وأقبل على الناس بوجهه ثم أتم ما بقي، (404)، 1/89، وصحيح مسلم، باب السهو في الصلاة، (1309)، 2/85.

([573]) صحيح البخاري، كتاب سترة المصلي، باب يرد المصلي من مر بين يديه ورد ابن عمر في التشهد وفي الكعبة وقال إن أبى إلا أن تقاتله فقاتله، (509)، 1/108، وأخرجه أحمد (3/63، رقم 11625)، ومسلم (1/362، رقم 505)، وأبو داود (1/186، رقم 700)، والنسائي (8/61، رقم 4862).

([574]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب العمل في الصلاة، (922)، 1/346، وأخرجه ابن أبي شيبة (1/431، رقم 4968)، وأبو داود (1/242 رقم 921)، والترمذي (2/233، رقم 390) وقال: حسن صحيح. وابن حبان (6/116، رقم 2352)، والحاكم (1/386، رقم 939) وقال: صحيح. والبيهقي (2/266، رقم 3251).

([575]) سنن النسائي، باب حمل النساء في  الصلاة وحملهن، (1204)، 3/10.

([576]) في سنن أبي داود، باب السلام في الصلاة، (928)، 1/348، عن نَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى قُبَاءَ يُصَلِّى فِيهِ، قَالَ: فَجَاءَتْهُ الأَنْصَارُ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّى. قَالَ: فَقُلْتُ لِبِلاَلٍ كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّى، قَالَ: يَقُولُ هَكَذَا، وَبَسَطَ كَفَّهُ. وَبَسَطَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ كَفَّهُ، وَجَعَلَ بَطْنَهُ أَسْفَلَ، وَجَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَى فَوْقٍ.

([577]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب إذا شك فى الثنتين والثلاث من قال يلقى الشك، (1026)، 1/392، وسنن البيهقي الكبرى، باب الدليل على أن سجدتى السهو نافلة، (4049)، 2/351.

([578]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب إذا شك فى الثنتين والثلاث من قال يلقى الشك، (1026)، 1/392، وسنن البيهقي الكبرى، باب الدليل على أن سجدتى السهو نافلة، (4049)، 2/351.

([579]) صحيح البخاري، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، (378)، 1/85، وصحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، (948)، 2/18.

([580]) أخرجه أحمد (4/77، رقم 16753)، والطبرانى (4/233، رقم 4224).

([581]) صحيح البخاري، باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة، (1224)، وصحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، (1297)، 2/83.

([582]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة، (1323)،2/88.

([583]) مسند الإمام أحمد، (6461)، 10/487.

([584]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما يقول في سجود القرآن، (4342)، 5/489.

([585]) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في سجود الشكر، (2776)، 3/44.

([586]) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك، وقول الله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}، (4418)، 10/511.

([587]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب كم الوتر، (1422)، 1/451.

([588]) صحيح البخاري، باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره، (1147)، 2/53، وصحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة، (1757)، 2/166.

([589]) صحيح البخاري، كتاب الوتر، باب ساعات الوتر، (996)، 2/25.

([590]) صحيح البخاري، كتاب الوتر، باب ليجعل آخر صلاته وترا 998)، 2/25، وصحيح مسلم، باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل، (1791)، 2/173.

([591]) أخرجه الطيالسي (ص 147، رقم 1095)، وأحمد (4/23، رقم 16339)، وأبو داود (2/67، رقم 1439)، والترمذي (2/333، رقم 470) وقال: حسن غريب. والنسائي (3/229، رقم 1679)، وابن خزيمة (2/156، رقم 1101)، والطبراني (8/333، رقم 8247)، والبيهقي (3/36، رقم 4622)، والضياء (8/156، رقم 166) وقال: إسناده صحيح. وأخرجه: ابن حبان (6/201، رقم 2449)، والطحاوي (1/342).

([592]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، (1802)، 2/174، وأخرجه عبد الرزاق (3/16، رقم 4623)، وابن أبى شيبة (2/80، رقم 6707)، ومسلم (1/520، رقم 755)، وعبد بن حميد (ص 312، رقم 1017)، والترمذي (2/317، رقم 455) وقال: حسن غريب. وابن ماجه (1/375، رقم 1187)، وابن الجارود (ص 77، رقم 269)، وابن خزيمة (2/146، رقم 1086). وأخرجه: أحمد (3/315 ، رقم 14421)، وأبو يعلى (4/81، رقم 2106)، وأبو عوانة (2/291)، وابن حبان (6/304، رقم 2565)، والبيهقي (3/35، رقم 4615).

([593]) مسند الإمام أحمد، (5461)، 9/333.

([594]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما والمحافظة عليهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما، (1721)، 2/160، وأخرجه الترمذي (2/275، رقم 416) وقال: حسن صحيح، والنسائي (3/252، رقم 1759). وأبو يعلى (8/205، رقم 4766).

([595]) أخرجه مسلم في صحيحه، باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما والمحافظة عليهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما، (1724)، 2/161، وصحيح ابن خزيمة، باب جماع أبواب الركعتين في الفجر.

([596]) صحيح البخاري، كتاب التطوع، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، (1171)، 2/57.

([597]) صحيح البخاري، كتاب التطوع، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، (937)، 2/13، والحديث هنا في صلاة ركعتين قبل الظهر ولم يذكر فيه صلاة ركعتين قبل الجمعة، مع أن البخاري ترجم له بباب الصلاة بعد الجمعة وقبلها، فكأنه أراد إثباتها؛ قياساً على الظهر، لأن الجمعة بدل الظهر. قال ابن المنير: وكأنه - أراد البخاري - يقول: الأصل استواء الظهر والجمعة حتى يدل دليل على خلافه. فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، 2/426.

([598]) صحيح البخاري، كتاب التطوع، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، (937)، 2/13، وفتح الباري، ابن حجر العسقلاني، 2/426.

([599]) صحيح البخاري، كتاب التطوع، باب الركعتين قبل الظهر، (1182)، 2/59.

([600]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الركعتين بعد الظهر، (428)، 2/292، وأخرجه أبو داود (2/23 رقم 1269) والحاكم (1/456 رقم 1175)، والطبراني (23/232، رقم 441)، والبيهقي (2/472، رقم 4264). والنسائي (3/265، رقم 1816)، والطبراني في الأوسط (3/259، رقم 3083)، والطبراني في الشاميين (2/240، رقم 1263).

([601]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، (2073)، 3/16، وأخرجه أحمد (2/499، رقم 10491)، والنسائي (3/113، رقم 1426)، وابن حبان (6/228، رقم 2477).

([602]) سنن أبي داود، باب الصلاة قبل العصر، (273)، 1/490، وسنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب الأربع قبل العصر، (430)، 2/295، وأخرجه الطيالسي (ص 262، رقم 1936)، وابن حبان (6/206، رقم 2453)، والبيهقي (2/473، رقم 4267). وأحمد (2/117، رقم 5980).

([603]) تفلات، أي: تاركات للطيب، غير عطرات.

([604]) سنن أبي داود، كتاب صلاة العيد، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، (565)، 1/222، حديث أبى هريرة: أخرجه أحمد (2/438، رقم 9643)، والبيهقي (3/134، رقم 5160)، وابن خزيمة (3/90، رقم 1679). والشافعي (1/171)، والدارمي (1/330، رقم 1279)، وابن الجارود (1/91، رقم 332). وحديث زيد بن خالد: أخرجه أحمد (5/192، رقم 21718)، وابن حبان (5/589، رقم 2211)، والطبراني (5/248، رقم 5239).

([605]) صحيح مسلم، كتاب صلاة العيدين، (2088)، 3/19.

([606]) سنن النسائي، باب عدد صلاة العيدين، (1566)، 3/183.

([607]) ولا يفوت التكبير بالتعوذ لكن يفوت بالبدء بالقراءة.

([608]) وهي الباقيات الصالحات، وعلى صيغتها اتفق أكثر أصحاب الشافعي.

([609]) صحيح مسلم، كتاب صلاة العيدين، باب ما يقرأ به في صلاة العيدين، (2096)، 3/21.

([610]) صحيح مسلم، كتاب صلاة العيدين، باب ما يقرأ به في صلاة العيدين، (2065)، 3/15.

([611]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب التكبير في العيدين، (1153)، 1/446.

([612]) صحيح البخاري، كتاب العيدين، باب الخطبة يعد الصلاة، (964)، 2/19، وصحيح مسلم، (2089)، 3/20.

([613]) صحيح البخاري، كتاب العيدين، باب الخروج إلى المصلى بغير منبر، (956)، 2/17 وما بعدها.

([614]) صحيح البخاري، كتاب العيدين، باب الخروج إلى المصلى بغير منبر، (956)، 2/17 وما بعدها.

([615]) سنن  ابن ماجه، كتاب الصيام، باب في مَن قام في ليلتي العيدين، (1782)، 1/567، وهو ضعيف لكن يعمل به في فضائل الأعمال.

([616]) سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الاغتسال، (1315)، 1/417، وإسناده ضعيف، وسنن البيهقي الكبرى، باب غسل العيدين، (6345)، 3/278.

([617]) الموطأ برواية يحيى الليثي، كتاب العيدين، باب العمل في غسل العيدين، (426)، 1/177.

([618]) صحيح البخاري، كتاب العيدين، باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج، (953)، 2/17.

([619]) صحيح البخاري، كتاب العيدين، باب الخروج إلى المصلى بغير منبر، (956)، 2/17 وما بعدها.

([620]) الموطأ برواية يحيى الليثي، كتاب العيدين، باب تكبير أيام التشريق، (906)، 1/404.

([621]) صحيح البخاري، تعليقاً، 2/20.

([622]) نسقاً، أي: على نظام واحد.

([623]) المجموع، النووي، 5/31.

([624]) بعد أن قال الناس: (إن الشمس كسفت لموت إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم).

([625]) صحيح البخاري، كتاب الكسوف، باب الصدقة في الكسوف، (1044)، 2/34، وصحيح مسلم، باب صلاة الكسوف، (2129)، 3/28، وأخرجه مالك (1/186، رقم 444)، وأحمد (6/164، رقم 25351)، وأبو داود (1/307، رقم 1180)، والنسائي (3/132، رقم 1474)، وابن ماجه (1/401، رقم 1263)، وابن الجارود (ص 73، رقم 249)، وابن خزيمة (2/319، رقم 1387).

([626]) صحيح البخاري، كتاب الكسوف، باب باب النداء بالصلاة جامعة في الكسوف، (1045)، 2/35.

([627]) سنن النسائي، (1486)، 3/144.

([628]) صحيح البخاري، كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف جماعة، (1052)، 2/37.

([629]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب صفة القراءة في الكسوف، (562)، 2/451.

([630]) صحيح البخاري، كتاب الكسوف، باب الجهر بالقراءة في الكسوف، (1065)، 2/40، وصحيح مسلم، باب صلاة الكسوف، (2131)، 3/29.

([631]) صحيح البخاري، كتاب الكسوف، باب الصدقة في الكسوف، (1044)، 2/34، وصحيح مسلم، باب صلاة الكسوف، (2129)، 3/28، وأخرجه مالك (1/186، رقم 444)، وأحمد (6/164، رقم 25351)، وأبو داود (1/307، رقم 1180)، والنسائي (3/132، رقم 1474)، وابن ماجه (1/401، رقم 1263)، وابن الجارود (ص 73، رقم 249)، وابن خزيمة (2/319، رقم 1387).

([632]) صحيح البخاري، كتاب الكسوف، باب الصدقة في الكسوف، (1044)، 2/34، وصحيح مسلم، باب صلاة الكسوف، (2129)، 3/28، وأخرجه مالك (1/186، رقم 444)، وأحمد (6/164، رقم 25351)، وأبو داود (1/307، رقم 1180)، والنسائي (3/132، رقم 1474)، وابن ماجه (1/401، رقم 1263)، وابن الجارود (ص 73، رقم 249)، وابن خزيمة (2/319، رقم 1387).

([633]) صحيح مسلم، كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار، (2140)، 3/31.

([634]) القزعة: قطعة من السحاب رقيقة والجمع قزع.

([635]) سلع: جبل معروف بالمدينة.

([636]) مثل الترس: أي مستديرة، وليس المراد أنها مثله في القَدْر.

([637]) الآكام: الهضاب.

([638]) الآجام: الأجمة: الشجر الكثير الملتف، والأَجَم: الحصن.

([639]) الظراب: جمع ظرب، وهو ما نتأ من الحجارة، وحد طرفه، أو الجبل المنبسط، أو الصغير.

([640]) صحيح البخاري، كتاب الاستسقاء، باب الاستسقاء في المسجد الجامع، (1013)، 2/28.

([641]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الاستسقاء، (1163)، 1/452.

([642]) التطفيف: البخس في الميزان والمكيال.

([643]) السنين: مفردها سَنَة، وهي القحط والجدب.

([644]) سنن البيهقي الكبرى، باب الخروج من المظالم والتقرب إلى الله تعالى بالصدقة ونوافل الخير رجاء الإجابة، (6626)، 3/346.

([645]) وهذا الصيام يكون واجباً، إذا أمر به الإمام.

([646]) سنن ابن ماجه، كتاب الصيام، باب في الصائم لا ترد دعوته، (1752)، 1/557، وسنن البيهقي الكبرى، باب استحباب الصيام للاستسقاء، (6620)، 3/345.

([647]) سنن أبي داود، باب الاستسقاء، (1167)، 1/453، وسنن الترمذي، باب صلاة الاستسقاء، (558)، 2/445، وسنن النسائي، باب جلوس الإمام على المنبر، (1811)، 1/557.

([648]) سنن البيهقي الكبرى، باب الدليل على أن السنة في صلاة الاستسقاء السنة في صلاة العيدين وأنه يصليها ركعتين كما يصلى في العيدين بلا أذان ولا إقامة في وقت صلاة العيد، (6629)، 3/347.

([649]) سنن الدار قطني، كتاب الاستسقاء، (4)، 2/ 66.

([650]) سنن البيهقي الكبرى، باب الدليل على أن السنة في صلاة الاستسقاء السنة في صلاة العيدين وأنه يصليها ركعتين كما يصلى في العيدين بلا أذان ولا إقامة في وقت صلاة العيد، (6629)، 3/347.

([651]) يُنْظَر: تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، (721)، 2/98 وما بعدها، وقال: (هذا الحديث ذكره الشافعي في الأم تعليقا فقال وروي عن سالم عن أبيه فذكره وزاد بعد قولا مجللا عاما وزاد بعد قوله والبلاد والبهائم والخلق والباقي مثله سواء ولم نقف له على إسناد ولا وصله البيهقي في مصنفاته بل رواه في المعرفة من طريق الشافعي قال ويروى عن سالم به ثم قال وقد روينا بعضه هذه الألفاظ وبعض معانيها في حديث أنس بن مالك وفي حديث جابر وفي حديث عبد الله بن جراد وفي حديث كعب بن مرة وفي حديث غيرهم ثم ساقها بأسانيده).

([652]) مريئاً: حميد العاقبة.

([653]) مريعاً: ذا رَيْع وخَصْب.

([654]) أي: يغطي الأرض.

([655]) سحاً: صباً.

([656]) طبقاً: شاملاً عاماً.

([657]) أي: الذين يصابون باليأس من رحمتك وعطائك.

([658]) اللأواء: الشدة.

([659]) الضنك: الضيق.

([660]) صحيح البخاري، كتاب الاستسقاء، باب استقبال القبلة في الاستسقاء، (1028)، 2/31.

([661]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الاستسقاء، (1165)، 1/452، وسنن البيهقي الكبرى، باب كيفية تحويل الرداء، (6644)، 3/350.

([662]) المجموع، النووي، 5/85.

([663]) الصيب هو ما سال من المطر.

([664]) سنن أبي داود، باب ما يقول إذا هاجت الريح، (5101) 4/487، وسنن ابن ماجه، كتاب الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا رأى السحاب والمطر، (3890)، 2/1280، وسنن البيهقي الكبرى، باب ما كان يقول إذا رأى المطر، (6698)، 3/361.

([665]) سيباً، أي: مطراً جارياً على وجه الأرض من كثرته.

([666]) سنن ابن ماجه، كتاب الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا رأى السحاب والمطر، (3889)، 2/1280، وسنن النسائي، باب القول عند المطر، (1828)، 1/561.

([667]) صحيح البخاري، كتاب الاستسقاء، باب مَن تمطر، (1038)، 2/33، وأخرجه أحمد (4/117، رقم 17102)، ومسلم (1/83، رقم 71)، والنسائي (1/562، رقم 1833). والشافعي (1/80)، وأبو داود (4/16، رقم 3906)، وابن حبان (1/417، رقم 188)، وأبو عوانة (1/26)، والبيهقي (3/357، رقم 6243).

([668]) صحيح البخاري، كتاب الاستسقاء، باب الاستسقاء في المسجد الجامع، (1013)، 2/28.

([669]) صحيح البخاري، كتاب صلاة التراويح، (2012)، 3/45.

([670]) صحيح البخاري، كتاب صلاة التراويح، (2009)، 3/45.

([671]) صحيح البخاري، كتاب صلاة التراويح، (2010)، 3/45.

([672]) مصنف عبد الرزاق، باب شهود النساء الجماعة، (5124)، 3/151.

([673]) المئون: سور القرآن التي تزيد آياتها على مائة أو تقاربها.

([674]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما روى في عدد ركعات القيام في شهر رمضان، (4801)، 2/496.

([675]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، (1708)، 2/159.

([676]) الرمضاء: الرمل الذي اشتدت حرارته من الشمس، أي حين تبرك الفصلان من شدة الحر في أخفافها.

([677]) الفصال: هي الصغار من أولاد الإبل.

([678]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، (1780)، 2/171، حديث زيد بن أرقم: أخرجه ابن أبى شيبة (2/173، رقم 7785)، وأحمد (4/367، رقم 19289)، والطيالسي (ص 94، رقم 687)، وعبد بن حميد (ص 112، رقم 258)، والدارمي (1/403، رقم 1457)، وابن خزيمة (2/229، رقم 1227)، وابن حبان (6/280، رقم 2539). وحديث ابن أبى أوفى: أخرجه عبد بن حميد (ص 187، رقم 527).

([679]) السلامى: أصله عظام الأصابع، وسائر الكف، ثم استعمل في جميع عظام البدن.

([680]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، (1704)، 2/158، وأخرجه النسائي في الكبرى (5/326 رقم 9028)، وابن خزيمة (2/228، رقم 1225) وأحمد (5/167، رقم 21513).

([681]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، (1698)، 2/157.

([682]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، (1700)، 2/157.

([683]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الضحى، (1292)، 1/497.

([684]) سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الست ركعات بعد المغرب، (1167)، 1/369.

([685]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد، (1688)، 2/155، وأخرجه مالك (1/162، رقم 386)، وعبد الرزاق (1/428، رقم 1673)، وأحمد (5/311، رقم 22705)، وابن أبي شيبة (1/299، رقم 3419)، والدارمي (1/376، رقم 1393)، والبخاري (1/170، رقم 433)، وأبو داود (1/127، رقم 467)، والترمذي (2/129، رقم 316) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/53، رقم 730)، وابن ماجه (1/323، رقم 1012)، وابن خزيمة (3/163، رقم 1827)، وابن حبان (6/242، رقم 2495). والطبراني في الكبير (3/241، رقم 3280)، وفى الأوسط (9/7، رقم 8958)، وفي الصغير (1/235، رقم 383)، وأبو عوانة (1/346، رقم 1238)، والبيهقي (3/53، رقم 4702).

([686]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، (1678)، 2/153، وأخرجه عبد الرزاق (2/436، رقم 3987)، وأبو داود (2/22، رقم 1266)، والترمذي (2/282، رقم 421)، والنسائي (2/116، رقم 865)، وابن ماجه (1/364، رقم 1151).

([687]) لكنها لا تحصل بصلاة الجنازة، ولا بسجدتي التلاوة والشكر.

([688]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، (2060)، 3/14.

([689]) الدَّف: الحركة الخفيفة والسير اللين.

([690]) صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب فضل الطهور بالليل والنهار وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار، (1149)، 2/53.

([691]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب صلاة التسابيح، (1299)، 1/499، وأخرجه ابن ماجه (1/443، رقم 1387)، وابن خزيمة (2/223، رقم 1216)، والطبراني (11/243، رقم 11622)، والحاكم (1/463، رقم 1192)، والبيهقي (3/51، رقم 4695).

([692]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، (2871)، 4/8.

([693]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39.

([694]) صحيح البخاري، أبواب التطوع، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، (1162)، 2/56، وأخرجه ابن أبي شيبة (6/52، رقم 29403)، وأحمد (3/344، رقم 14748)، وعبد بن حميد (ص 328، رقم 1089)، وأبو داود (2/89، رقم 1538)، والترمذي (2/345، رقم 480) وقال: حسن صحيح غريب. والنسائي (6/80، رقم 3253)، وابن ماجه (1/440، رقم 1383)، وابن حبان (3/169، رقم 887).

([695]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب صلاة الحاجة، (479)، 2/344.

([696]) رواه الطبراني في المعجم الكبير، (10469)، 10/203.

([697]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه، (1692)، 2/156.

([698]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل، وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وأن الوتر ركعة، وأن الركعة صلاة صحيحة، (1754)، 2/166.

([699]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مَرِض، (1773)، 2/168.

([700]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، (1297)، 1/498، وسنن البيهقي الكبرى، باب صلاة الليل والنهار، (4755)، 2/487، وأخرجه أحمد (2/26، رقم 4791)، وابن ماجه (1/419، رقم 1322). والنسائي في الكبرى (1/179، رقم 472)، وابن خزيمة (2/214، رقم 1210).

([701]) وأصل التهجد الصلاة في الليل بعد النوم.

([702]) صحيح مسلم، باب فضل صوم المحرم، (2812)، 3/169، وسنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب فضل صلاة الليل، (438)، 2/301.

([703]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب في الليل ساعة مستجاب فيها الدعاء، (1806)، 2/175.

([704]) سنن الترمذي، كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، (3549)، 5/552، وسنن البيهقي الكبرى، باب الترغيب في قيام الليل، (4832)، 2/502.

([705]) كل ما كان بعد العشاء فهو من الليل، ولو كان العشاء مجموعاً جمع تقديم.

([706]) صحيح البخاري، باب مَن نام عند السَّحَر، (1131)، 2/50، وصحيح مسلم، باب النهي عن صوم الدهر، (2796)، 3/165، وسنن أبي داود، باب في صوم يوم وفطر يوم، (2450)، 2/303، وسنن ابن ماجه، كتاب الصيام، باب ما جاء في صيام داود، (1712)، 1/546، وأخرجه أحمد (2/160، رقم 6491)، والنسائي (3/214، رقم 1630). والحميدي (2/269، رقم 589)، والدارمي (2/33، رقم 1752)، والبزار (6/356، رقم 2364)، وابن خزيمة (2/181، رقم 1145)، وابن حبان (6/325، رقم 2590)، والبيهقي (3/3، رقم 4432)، والديلمي (1/366، رقم 1477).

([707]) سنن ابن ماجه، كتاب الصيام، باب ما جاء في السحور، (1693)، 1/540.

([708]) سنن النسائي، باب من أتى فراشه وهو ينوي القيام فنام، (1786)، 3/258.

([709]) صحيح البخاري، كتاب الوتر، باب ما جاء في الوتر، (992)، 2/24.

([710]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب قيام الليل، (1310)، 1/504، وسنن البيهقي الكبرى، باب الترغيب في قيام الليل، (4828)، 2/501.

([711]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل، (1842)، 2/184.

([712]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، (1330)، 1/509.

([713]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، (1331)، 1/509.

([714]) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب الوضوء من النوم ومن لم ير من النعسة والنعستين أو الخفقة وضوءاً (212)، 1/53.

([715]) صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه، (1152)، 2/54.

([716]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب هل يخص شيئا من الأيام، (1987)، 3/42، وصحيح مسلم، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره، (1865)، 2/189.

([717]) صحيح البخاري، كتاب النكاح باب الترغيب في النكاح، (5063)، 6/534، وأخرجه ابن حبان (2/20، رقم 317)، والبيهقي (7/77، رقم 13226).

([718]) (شد مئزره): قد يراد بهذا الجِدَّ في العبادة، كما يقال: شددت لهذا الأمر مئزري، أي تشمرت له، وقد يراد به: اعتزال النساء.

([719]) صحيح البخاري، كتاب صلاة التراويح، باب العمل في العشر الأواخر من رمضان، (2024)، 3/47.

([720]) أي: المنفرد.

([721]) صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب فضل صلاة الجماعة، (645)، 1/131.

([722]) صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب فضل صلاة الجماعة، (645)، 1/131، وأخرجه أحمد (3/55، رقم 11538)، وابن ماجه (1/259، رقم 788). وأبو يعلى (2/513، رقم 1361).

([723]) القاصية: الشاة البعيدة عن الغنم المنفردة عنها.

([724]) سنن النسائي، باب التشديد في ترك الجماعة، (846)، 2/106.

([725]) أي: نزل آخر الليل للنوم والاستراحة.

([726]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، (1592)، 2/138، وأخرجه أبو داود (1/118، رقم 435)، والنسائي (1/296، رقم 619)، والبيهقي (2/217، رقم 2995).

([727]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، (1570)، 2/134.

([728]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب في فضل صلاة الجماعة، (554)، 1/217، وأخرجه الطيالسي (ص 75، رقم 554)، وأحمد (5/140، رقم 21302)، وعبد بن حميد (ص 90، رقم 173)، والدارمي (1/326، رقم 1269)، والنسائي (2/104، رقم 843)، وابن ماجه (1/259، رقم 790)، وابن خزيمة (2/366، رقم1 1476)، وابن حبان (5/405، رقم 2056)، والحاكم (1/375، رقم 904)، والبيهقي (3/67، رقم 4780)، والضياء (3/399، رقم 1197).

([729]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا، وترفع به الدرجات، (1553)، 2/131.

([730]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب في فضل صلاة الجماعة، (554)، 1/217، وأخرجه الطيالسي (ص 75، رقم 554)، وأحمد (5/140، رقم 21302)، وعبد بن حميد (ص 90، رقم 173)، والدارمي (1/326، رقم 1269)، والنسائي (2/104، رقم 843)، وابن ماجه (1/259، رقم 790)، وابن خزيمة (2/366، رقم1 1476)، وابن حبان (5/405، رقم 2056)، والحاكم (1/375، رقم 904)، والبيهقي (3/67، رقم 4780)، والضياء (3/399، رقم 1197).

([731]) هذا في غير الجمعة، أما الجمعة فلا تدرك جماعتها، ولا تثبت جمعة إلا بركعة كاملة؛ لأن الجماعة شرط لصحة صلاتها.

([732]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، (957)، 2/19.

([733]) الاطمئنان: سكون الأعضاء بقدر قوله سبحان الله.

([734]) سنن الدارقطني، باب من أدرك الإمام قبل إقامة صلبه فقد أدرك الصلاة، 1/347.

([735]) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب قول الرجل فاتتنا الصلاة، (635)، 1/129، وأخرجه مسلم، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهى عن إتيانها سعياً، (1389)، 2/100، وأحمد (5/306، رقم 22661)، والدارمي (1/332، رقم 1283).

([736]) أسيف: رقيق القلب من الأسف وهو شدة الحزن.

([737]) يهادى: أي يعتمد على الرجلين في مشيه من شدة الضعف.

([738]) صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم، (713)، 1/144.

([739]) التكرمة: الفراش ونحوه، مما يبسط لصاحب المنزل، ويُخَصُّ به.

([740]) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب مَن أحق بالإمامة، (1564)، 2/133.

([741]) الأقرأ: الأحفظ لكتاب الله.

([742]) أخرجه الدارقطني (2/87)، والبيهقي،  (3/90، رقم4912)، وقال: إسناد هذا الحديث ضعيف.

([743]) أخرجه البخاري، كتاب المغازي، (4302)، 10/366.

([744]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، (1000)، 2/30، وأخرجه ابن أبي شيبة (1/308، رقم 3527)، وأحمد (4/122، رقم 17143)، وابن حبان (5/545، رقم 2172).

([745]) صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان، (615)، 1/126، وصحيح مسلم، باب تسوية الصفوف وإقامتها، (1009)، 2/31، وأخرجه مالك (1/68، رقم 149)، وعبد الرزاق (1/524، رقم 2007)، وأحمد (2/236، رقم 7225)، والنسائي (1/269، رقم 540)، وابن حبان (5/527، رقم 2153).

([746]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، (1013)، 2/32، حديث أبى هريرة: أخرجه مسلم، وأبو داود (1/181، رقم 678)، والنسائي (2/93، رقم 820)، وابن ماجه (1/319، رقم 1000). والطيالسي (ص 316، رقم 2408)، والحميدي (2/439، رقم 1000)، والدارمي (1/325، رقم 1268)، وابن خزيمة (3/96، رقم 1693). وحديث أبي أمامة: أخرجه الطبراني (8/165، رقم 7692). قال الهيثمي (2/93): فيه عفير بن معدان وهو ضعيف. وحديث فاطمة بنت قيس: أخرجه ابن عدى (3/61، ترجمة 611 الخليل بن زكريا). والحارث كما في بغية الباحث (1/269، رقم 150).

([747]) بشرط فعل الهيئات والأبعاض.

([748]) صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء، (703)، 1/142.

([749]) صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء، (703)، 1/142.

([750]) سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب مَن أمَّ قوماً وهم له كارهون، (971)، 1/311.

([751]) صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم، (713)، 1/144.

([752]) أرتج على القارئ: إذا لم يقدر على القراءة؛ كأنه أُطْبِق عليه، كما يرتج الباب.

([753]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الفتح على الإمام في الصلاة، (907)، 1/341.

([754]) سنن النسائي، باب التشديد في التخلف عن الجمعة، (1371)، 3/89، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى، (3/187، رقم 5443).

([755]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، (2039)، 3/10، حديث ابن عباس وابن عمر معاً: أخرجه الطيالسي (1/263، رقم 1952)، وابن أبي شيبة (1/480، رقم 5534)، وأحمد (1/239، رقم 2132)، والنسائي (3/88، رقم 1370) وابن ماجه (1/260، رقم 794)، وابن حبان (7/25، رقم 2785). وحديث أبى هريرة وأبى سعيد معاً: أخرجه ابن خزيمة (3/175، رقم 1855)، وابن عساكر (15/63). وحديث ابن عمر وأبى هريرة معاً: أخرجه ابن عساكر (15/64). وأخرجه مسلم (2/591، رقم 865).

([756]) سنن البيهقي الكبرى، باب التشديد على من تخلف عن الجمعة، (5785)، 3/172، وسنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في ترك الجمعة، (502)، 2/363.

([757]) زوال العقل مسقط للجمعة إن كان بسب غير مُحَرم؛ أما إن كان هناك سبب مُحَرَّم؛ كالسكر ونحوه: فليس بمسقط لها.

([758]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الجمعة للمملوك، (1069)، 1/412، وأخرجه البيهقي (3/172، رقم 5368)، والطبراني (8/321، رقم 8206)، والدارقطني (2/3)، والضياء (8/109، رقم 121).

([759]) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس، (904)، 2/7.

([760]) أخرجه ابن أبى شيبة (1/445، رقم 5138).

([761]) أي أن يكونوا كلهم رجالاً؛ بالغين، عقلاء، مستوطنين في بلد إقامة الجمعة.

([762]) ضابطه: مضي وقت يسع ركعتين خفيفتين.

([763]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من الجلسة، (2033)، 3/9.

([764]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من الجلسة، (2033)، 3/9.

([765]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، (2042)، 3/11.

([766]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، (2042)، 3/11.

([767]) ذات معنى مقصود؛ كالوعد، والوعيد، والوعظ. ولا يكفي بعض آية؛ وإن طال.

([768]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، (2052)، 3/13.

([769]) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب الخطبة على المنبر، تعليقاً، 2/9.

([770]) سنن البيهقي الكبرى، باب الإمام يُسَلِّم على الناس، (5952)، 3/205، أخرجه ابن عدى فى الكامل (5/253 ، ترجمة 1397) ، وابن عساكر (47/323) ..

([771]) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب الأذان يوم الجمعة، (912)، 2/8.

([772]) القصد من الأمر هو الوسط بين الطرفين.

([773]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، (2040)، 3/11.

([774]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما يؤمر به في ليلة الجمعة، (6209)، 3/429، وأخرجه الحاكم (2/399، رقم 3392) وقال: صحيح الإسناد.

([775]) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة، (935)، 2/13.

([776]) سنن النسائي، باب إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، (1374)، 3/91.

([777]) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم، (894)، 2/5.

([778]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، (1993)، 3/3، حديث ابن عمر: أخرجه مالك (1/102، رقم 231)، والبخاري (1/299، رقم 837)، والنسائي (3/93، رقم 1376). والبيهقي (1/293، رقم 1301)، وعزاه في المعرفة (2/127، رقم 2086) للشافعي في القديم. وحديث عمر: أخرجه مسلم (2/580، رقم 845). والدارمي (1/434، رقم 1539).

([779]) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب فضل الغُسل يوم الجمعة، (879)، 2/3، وأخرجه مالك (1/102، رقم 230)، والشافعي (1/172)، وأحمد (3/60، رقم 11595)، والدارمي (1/434، رقم 1537)، وأبو داود (1/94، رقم 341)، والنسائي (3/93، رقم 1377)، وابن ماجه (1/346، رقم 1089)، وابن الجارود (ص 80، رقم 284)، والطحاوي (1/116)، وابن حبان (4/28، رقم 1228). ومسلم (2/580، رقم 846).

([780]) سنن النسائي، باب أي الكفن خير، (1896)، 4/34.

([781]) قال النووي: (واعلم أن هذا المذكور من استحباب الغسل، والطيب، والتنظف، بإزالة الشعور المذكورة، والظفر، والروائح الكريهة، ولبس أحسن ثيابه: ليس مختصاً بالجمعة، بل هو مستحب لكل من أراد حضور مجمع من مجامع الناس، نَصَّ عليه الشافعي، واتفق عليه الأصحاب وغيرهم، قال الشافعي: أُحِبُّ ذلك كله للجمعة والعيدين، وكلِ مَجْمَع تجتمع فيه الناس، قال: وأنا لذلك في الجمع ونحوها أَشَدُّ استحباباً، قال الشافعي والأصحاب: وتُسْتَحب هذه الأمور لكل مَن أراد حضور الجمعة ونحوها. المجموع، 4/538.

([782]) قَرَّب بَدَنَة، أي: تَصَدَّق بها. والبَدَنَة: الواحد من الإبل؛ ذكراً كان أو أنثى.

([783]) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، (881)، 2/3، وصحيح مسلم، باب الطيب والسواك يوم الجمعة، (2001)، 3/4، وأخرجه مالك (1/101، رقم 227)، وأبو داود (1/96، رقم 351)، والترمذي (2/372، رقم 499) وقال: حسن صحيح. والنسائي (3/99، رقم 1388)، وابن حبان (7/13، رقم 2775).

([784]) السُّبَحَة: النافلة.

([785]) سنن البيهقي الكبرى، باب الصلاة يوم الجمعة نصف النهار وقبله وبعده حتى يخرج الإمام ، (5895)، 3/193.

([786]) صحيح مسلم، باب التحية والإمام يخطب، (2061)، 3/14.

([787]) بَكَّر: أتى الصلاة في أول وقتها. وابتكر: أدرك أول الخطبة. وقيل معنى اللفظين واحد وإنما كرر للمبالغة والتوكيد.

([788]) سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب فضل الغسل يوم الجمعة، (496)، 2/376.

([789]) صحيح البخاري، كتاب الاستسقاء، باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء، (1029)، 2/31.

([790]) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، (2025)، 3/8.

([791]) سنن النسائي، باب النهي عن تخطي رقاب الناس والإمام على المنبر يوم الجمعة، (1398)، 3/114، وأخرجه أحمد (4/188، رقم 17710)، وأبو داود (1/292، رقم 1118)، وابن خزيمة (3/156، رقم 1811)، وابن حبان (7/29، رقم 2790)، والحاكم (1/424، رقم 1061) وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. والبيهقي (3/231، رقم 5678)، والضياء من طريق الطبراني (9/47، رقم 22). والبزار (8/432، رقم 3506)، وابن الجارود (ص 82، رقم 294).

([792]) صحيح مسلم، كتاب المساجد، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهى عن إتيانها سعياً، (1390)، 2/100، وأخرجه: الشافعي في السنن (1/155 رقم 67)، وابن خزيمة (2/135، رقم 1065).

([793]) سنن أبي داود، باب ما جاء في الهدى في المشي إلى الصلاة، (562)، 1/220، وسنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الهدى في المشي إلى الصلاة، (386)، 2/228، وأخرجه أحمد (4/241، رقم 18128)، والطبراني (19/152، رقم 334)، والبيهقي (3/230، رقم 5673). وابن حبان (5/382، رقم 2036).

([794]) احتبى بالثوب: اشتمل به؛ جَمَع بين ظهره وساقيه بثوبه أو بيديه، أو نحو ذلك.

([795]) الحبوة: أن يضم رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليها.

([796]) سنن أبي داود، باب الاحتباء والإمام يخطب، (1112)، 1/432، وسنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية الاحتباء والإمام يخطب، (514)، 2/390.

([797]) صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة وكذلك بعرفة وجمع وقول المؤذن الصلاة في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة، (632)، 1/129، وصحيح مسلم، باب الصلاة في الرحال في المطر، (1632)، 2/147.

([798]) الرذغ والردغة: الماء والطين، والوحل الشديد.

([799]) العزمة: الجمعة.

([800]) صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب هل يصلي الإمام بمن حضر وهل يخطب يوم الجمعة في المطر، (668)، 1/134 وما بعدها، وصحيح مسلم، باب الصلاة في الرحال في المطر، (1637)، 2/147.

([801]) صحيح البخاري، كتاب المغازي، (3990)، 10/17.

([802]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، (551)، 1/216، وأخرجه الدارقطني (1/420)، والحاكم (1/373، رقم 896)، والبيهقي (3/75 رقم 4826). وابن عدي (7/213، ترجمة 2112 يحيى بن أبى حية أبو جناب).

([803]) صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، (674)، 1/135.

([804]) صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب إذا دخل بيتاً يصلي حيث شاء، أو حيث أُمِر، ولا يتجسس، (424)، 1/92، وصحيح مسلم، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، (1528)، 2/126.

([805]) صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، (2996)، 4/57.

([806]) ضريتم في الأرض: أي سافرتم براً أو بحراً.

([807]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، (1605)، 2/143.

([808]) صحيح البخاري، أبواب تقصير الصلاة،  باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر، (1081)، /42.

([809]) نهمته: حاجته.

([810]) صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب السفر قطعة من العذاب، (1804)، 3/8، وصحيح مسلم، (باب السفر قطعة من العذاب واستحباب تعجيل المسافر إلى أهله بعد قضاء شغله، (5070)، 6/55، حديث أبى هريرة: أخرجه مالك (2/980، رقم 1768)، وأحمد (2/236، رقم 7224)، وابن ماجه (2/962، رقم 2882). والنسائي في الكبرى (5/242، رقم 8783)، والدارمي (2/372، رقم 2670)، وأبو عوانة (4/510، رقم 7518)، وابن حبان (6/425، رقم 2708)، والطبراني في الأوسط (1/233، رقم 763)، والبيهقي (5/259، رقم 10141)، والخطيب (7/284)، والديلمي (2/346، رقم 3569). وحديث عائشة: أخرجه الخطيب (10/93). والطبراني في الأوسط (4/366، رقم 4451)، وفي الصغير (1/366، رقم 613).

([811]) الموطأ، كتاب قصر الصلاة في السفر، باب ما يجب فيه قصر الصلاة، (495)، 2/201.

([812]) البُرُد: جمع بريد، والبريد: أربعة فراسخ، وقدر العلماء المسافة بالكيلو مترات بعد التدقيق؛ فبلغت ثمانين كيلو متراً، ونصف الكليو متر ومائة وأربعين متراً.

([813]) سنن النسائي، باب المقام الذي يقصر بمثله الصلاة، (1456)، 3/122.

([814]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب جواز الإقامة بمكة، (3364)، 4/108.

([815]) كما يستبيح كل رخص السفر الأخرى خلال هذه المدة.

([816]) صحيح البخاري، أبواب تقصر الصلاة، باب الجمع في السفر، (1107)، 2/46.

([817]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر، (1660)، 2/151.

([818]) جَمْع، أي: مزدلفة.

([819]) قوله: والعشاء بينهما دليل على عدم اشتراط الموالاة في جمع التأخير.

([820]) قوله: صلاة الفجر هذه الساعة: يعني بغلس بعد طلوع الفجر بقليل.

([821]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب مَن يصلي الفجر بجمع، (1683)، 2/166.

([822]) صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمصلي، (605)، وأخرجه أحمد (3/436، رقم 15636)، ومسلم (1/465، رقم 674)، والنسائي (2/9، رقم 635). وابن حبان (4/541، رقم 1658).

([823]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب مَن يصلي الفجر بجمع، (1683)، 2/166.

([824]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، (1662)، 2/151.

([825]) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، (1667)، 2/152.

([826]) هاذم: قاطع سمي كذلك؛ لأنه يقطع لذات الدنيا قطعاً.

([827]) سنن الترمذي، باب ذكر الموت، (2307)، 4/553، وسنن النسائي، باب كثرة ذكر الموت، (1950)، /600، وسنن ابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له، (4258)، 2/1422، وأخرجه أحمد (2/292، رقم 7912)، وابن حبان (7/259، رقم 2992)، والبيهقي في شعب الإيمان (7/354، رقم 10559).

([828]) شفير القبر حرفه.

([829]) سنن ابن ماجه، كتاب الزهد، باب الحزن والبكاء، (4195)، 2/1403.

([830]) صحيح البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، (6416)، 8/216، وأخرجه ابن حبان (2/471، رقم 698)، والبيهقي (3/369، رقم 6304).

([831]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في العيادة من الرَّمَد، (3014)، 3/153.

([832]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز، (1240)، 2/71.

([833]) صحيح البخاري، كتاب الطب، باب وضع اليد على المريض، (6829)، 3/381، وصحيح مسلم، باب استحباب رقية المريض، (5836)، 7/15.

([834]) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة، (4442)، 4/259.

([835]) سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عيادة المريض، (1441)، 1/463.

([836]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب ما يُستحَب من حسن الظن، (3115)، 3/158.

([837]) صحيح البخاري، كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت، (5671)، 8/285.

([838]) صحيح البخاري، كتاب الطب، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، (5678)، 8/297.

([839]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه، (2181)، 3/41.

([840]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما يستحب من توجيهه نحو القبلة، (6843)، 3/384.

([841]) موتاكم أي: مَن قَرُب موتهم، وهو من باب تسمية الشيء بما يصير إليه، ومنه قوله تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36].

([842]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله، (2162)، 3/37.

([843]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في التلقين، (3118)، 3/159، وأخرجه أحمد (5/247، رقم 22180)، والطبراني (20/305، رقم 727)، والحاكم (1/503، رقم 1299) وقال: صحيح الإسناد. والبيهقي (6/355، رقم 12797). وابن خزيمة (4/70، رقم 2370)، والديلمي (3/516، رقم 5609).

([844]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حضر، (2169)، 3/38، وأخرجه أحمد (6/297، رقم 26585)، وابن ماجه (1/467، رقم 1454). وابن حبان (15/515، رقم 7041)، والبيهقي (3/384، رقم 6398)، وأبو يعلى (12/458، رقم 7030)، والطبراني (23/314، رقم 712).

([845]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما يستحب من وضع شيء على بطنه ثم وضعه على سرير أو غيره لئلا يسرع انتفاخه، (6849)، 3/385.

([846]) سنن الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، (1078)، 3/389، وأخرجه الشافعي (1/361)، وأحمد (2/508، رقم 10607)، وابن ماجه (2/806، رقم 2413)، والحاكم (2/32، رقم 2219) وقال: صحيح على شرط الشيخين. والبيهقي (6/49، رقم 11048). والطيالسي (ص 315، رقم 2390)، وأبو يعلى (10/416، رقم 6026)، وابن عدي (5/41، ترجمة 1208 عمر بن حبيب العدوى).

([847]) سنن الترمذي، كتاب الجنائز، باب الطعام يُصْنَع لأهل الميت، (998)، 3/323.

([848])  الأيم: من لا زوج لها؛ بكراً أو ثيباً.

([849]) سنن الترمذي، كتاب الجنائز، باب تعجيل الجنازة، (1075)، 3/387، وقال: غريب وما أرى إسناده بمتصل. وأخرجه أحمد (1/105، رقم 828) والحاكم (2/176، رقم 2686) وقال: غريب صحيح. والبيهقي (7/132، رقم 13535).

([850]) السقط: هو الجنين النازل قبل تمام أشهره.

([851]) الاستهلال: رفع الصوت.

([852]) صحيح البخاري، كتاب الإحصار وجزاء الصيد، باب المحرم يموت بعرفة ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤدى عنه بقية الحج، (1850)، 3/17، وأخرجه أحمد (1/333، رقم 3076)، ومسلم (2/865، رقم 1206)، وأبو داود (3/219، رقم 3241)، والترمذي (3/286، رقم 951) وقال: حسن صحيح. والطيالسي (1/342، رقم 2623)، وابن ماجه (2/1030، رقم 3084)، والنسائي (5/145، رقم 2714). والدارمي (2/71 رقم 1852)، وابن حبان (9/272، رقم 3959)، والبيهقي (5/53، رقم 8863).

([853]) الشهيد هو من مات في المعركة مع الكفار والمشركين، لإعلاء كلمة الله. أما لو مات في قتال البغاة أو مات في المعركة لا بسببها بل بمرض فليس بشهيد.

([854]) سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم، (1515)، 1/485.

([855])مسلم ج 3/كتاب الإمارة باب 28/103.

([856])ابن ماجه ج 1/كتاب الجنائز باب 28/1514.

([857])أبو داود ج 3/كتاب الجنائز باب 32/3141.

([858])البيهقي ج 3/ص 388.

([859]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب التيمن في الوضوء والغسل، (167)، 1/45، وصحيح مسلم، باب في غسل الميت، (2218)، 3/48، وأخرجه أحمد (6/408، رقم 27343)، وأبو داود (3/197، رقم 3145)، والترمذي (3/315، رقم 990) وقال: حسن صحيح، والنسائي (4/30، رقم 1884). وابن أبي شيبة (2/449، رقم 10891)، وابن حبان (7/302، رقم 3032).

([860]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب غسل الميت، (1253)، 2/73، وصحيح مسلم، باب  في غسل الميت، (2211)، 3/47.

([861]) صحيح البخاري، كتاب الإحصار وجزاء الصيد، باب المحرم يموت بعرفة ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤدى عنه بقية الحج، (1850)، 3/17، وأخرجه أحمد (1/333، رقم 3076)، ومسلم (2/865، رقم 1206)، وأبو داود (3/219، رقم 3241)، والترمذي (3/286، رقم 951) وقال: حسن صحيح. والطيالسي (1/342، رقم 2623)، وابن ماجه (2/1030، رقم 3084)، والنسائي (5/145، رقم 2714). والدارمي (2/71 رقم 1852)، وابن حبان (9/272، رقم 3959)، والبيهقي (5/53، رقم 8863).

([862]) سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في غسل الرجل امرأته وغسل المرأة زوجها، (1465)، 1/470.

([863]) العصبات، هم: الأب، ثم الجد، ثم الابن، ثم ابن الابن، ثم الأخ، ثم ابن الأخ، ثم العم، ثم ابن العم.

([864]) سنن أبي داود، باب في النهي عن سب الموتى، (3902)، 4/426، وسنن الترمذي، كتاب الجنائز، (1018)، 3/339.

([865]) سنن البيهقي الكبرى، 3/395.

([866]) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب بشارة من ستر الله تعالى عيبه في الدنيا بأن يستر عليه في الآخرة، (6760)، 8/21، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (7/105، رقم 9652). وأحمد (2/388، رقم 9033)، والحاكم (4/425، رقم 8160) وقال: صحيح على شرط الشيخين. والقضاعي (2/72، رقم 905).

([867]) صحيح البخاري، كتاب التفسير/التوبة، (4672)، 11/335.

([868]) سحولية: نسبة إلى مدينة في ناحية اليمن.

([869]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب الكفن ولا عمامة، (1273)، 2/77.

([870]) الحقا: الإزار.

([871]) الدرع: القميص.

([872]) الملحفة: الملاءة التي تتغطى بها المرأة.

([873]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في كفن المرأة، (3159)، 3/171.

([874]) التبان: سراويل قصيرة صغيرة بلا تكة.

([875]) الخُرَاج: يضم الخاء، وتخفيف الراء، وهو: القرحة في الجسد.

([876]) سنن البيهقي الكبرى، باب الكافور والمسك للحنوط، (6952)، 3/405.

([877]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب التكبير على الجنازة أربعاً، (1334)، 2/89.

([878]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب التكبير على الجنازة أربعاً، (1333)، 2/89.

([879]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام، (757)، 1/152، وصحيح مسلم، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، (900)، 2/8، وأخرجه الشافعي (1/36)، وأحمد (5/314، رقم 22729)، وابن أبى شيبة (1/316، رقم 3618)، والدارمي (1/312، رقم 1242)، والترمذي (2/25، رقم 247) وقال: حسن صحيح. والنسائي (2/137، رقم 910)، وابن ماجه (1/273، رقم 837)، وابن خزيمة (3/36، رقم 1581)، وابن حبان (5/86، رقم 1785)، والدارقطني (1/321).

([880]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب الدعاء للميت، (3201)، 3/188، وسنن ابن ماجه، باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة، (1497)، 1/480.

([881]) سنن البيهقي الكبرى، باب من قال يسلم عن يمينه وعن شماله، (7239)، 4/43.

([882]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في المسجد، (2296)، 3/62.

([883]) أوجب، أي: وجبت له الجنة.

([884]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في الصفوف على الجنازة، (3168)، 3/174، وأخرجه أحمد (4/79، رقم 16770)، والطبراني (19/299، رقم 665).

([885]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في الصفوف على الجنازة، (3168)، 3/174، وأخرجه أحمد (4/79، رقم 16770)، والطبراني (19/299، رقم 665).

([886]) هذه كنية أنس رضي الله عنه.

([887]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب مَن صلى عليه مئة، (2241)، 3/52.

([888]) سنن الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء أن يقول الإمام من الرجل والمرأة، (1034)، 3/352.

([889]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب الدعاء للميت، (3203)، 3/188.

([890]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب الدعاء للميت في الصلاة، (2276)، 3/59، وأخرجه ابن أبي شيبة (2/487، رقم 11353)، والنسائي (4/73، رقم 1984)، وابن ماجه (1/481، رقم 1500). وأحمد (6/23، رقم 24021)، وابن الجارود (ص 140، رقم 538) والبزار (7/172، رقم 2739)، والبيهقي (4/40، رقم 6756).

([891]) المجموع، النووي، 5/238.

([892]) سنن النسائي، باب الدعاء في الصلاة على الجنازة، (10919)، 6/266.

([893]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب في التكبير على الجنازة، (2253)، 3/55.

([894]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر، (2255)، 3/55.

([895]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب حمل الرجالِ الجنازةَ دون النساء، (1314)، 3/269.

([896]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب السرعة بالجنازة، (1315)، 3/271.

([897]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها، (2232)، 3/51.

([898]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب المشي أمام الجنازة، (3182)، 3/178، وأخرجه أحمد (4/249، رقم 18206)، والترمذي (3/349، رقم 1031)، وقال: حسن صحيح. والحاكم (1/517، رقم 1344)، والطبراني (20/430، رقم 1042)، والبيهقي (4/8، رقم 6570). والطيالسي (ص 96، رقم 701).

([899]) سنن أبي داود، باب المشي أمام الجنازة، (3181)، 3/178، وسنن الترمذي، كتاب الجنائز، باب المشي أمام  الجنازة، (1007)، 3/329، وسنن النسائي، باب مكان الماشي من الجنازة، (2071)، 1/632، وسنن ابن ماجه، باب ما جاء في المشي أمام الجنازة، (1482)، 1/475.

([900]) أي حال حضور الموت.

([901]) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج، (336)، 1/78.

([902]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب اتباع النساء الجنائر، (1278)، 2/87، وصحيح مسلم، باب نهى النساء عن اتباع الجنائز، (2210)، 3/47.

([903]) ولم يعزم علينا، أي: ولم يُؤَكَّد علينا في المنع، كما أُكِّد علينا في غيره من المنهيات.

([904]) سنن الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الرخصة في (الركوب)، في الجنازة، (1014)، 3/334.

([905]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب الرجل يموت له قرابة مشرك، (3216)، 3/206.

([906]) المصنف في الأحاديث والآثار، ابن أبي شيبة، (11663)، 3/16.

([907]) معنى قامة وبسطة: أن يعمق قدرهما من رجل معتدلهما؛ بأن يقوم فيه باسطاً يديه مرفوعتين.

([908]) سنن النسائي، باب ما يُسْتَحب من أعماق القبر، (2010)، 4/81.

([909]) سنن النسائي، باب ما يُسْتَحب من أعماق القبر، (2011)، 4/81، وأخرجه أحمد (4/19، رقم 16299)، وأبو داود (3/214، رقم 3215)، والترمذي (4/213، رقم 1713)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (1/497، رقم 1560)، والبيهقي (3/413، رقم 6544). وعبد الرزاق (3/508، رقم 6501)، وابن أبي شيبة (7/372، رقم 36788)، وسعيد بن منصور في كتاب السنن (2/265، رقم 2582)، وابن أبى عاصم في الآحاد والمثاني (4/161، رقم 2144)، وأبو يعلى (3/127، رقم 1558)، وابن قانع (3/193)، والطبراني (22/172، رقم 444).

([910]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في جمع الموتى في قبر، والقبر يُعَلَّم، (3208)، 3/203.

([911]) آذنتموني: أعلمتموني.

([912]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز، (1321)، 2/87.

([913]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب في اللحد ونصب اللبن على الميت، (2284)، 3/61.

([914]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما روى في ستر القبر بثوب، (7300)، 4/54.

([915]) سنن البيهقي الكبرى، باب مَن قال يُسَلُّ الميت من قِبَل رِجْلِ القبر، (7304)، 4/54.

([916]) المجموع، النووي، 5/291.

([917]) المجموع، النووي، 5/291.

([918]) صحيح البخاري، باب فضل من بات على الوضوء، (247)، 1/58، وأخرجه أحمد (4/290، رقم 18584)، ومسلم (4/2081، رقم 2710)، وأبو داود (4/311، رقم 5046)، والترمذي (5/468، رقم 3394)، وقال: حديث حسن. والنسائي في الكبرى (6/195، رقم 10618)، وابن خزيمة (1/108، رقم 216). وابن ماجه (2/1275، رقم 3876).

([919]) أخرجه أحمد (2/27، رقم 4812)، وابن حبان (7/376، رقم 3110)، والحاكم (1/520، رقم 1353)، وقال: صحيح على شرط الشيخين. والبيهقي (4/55، رقم 6851). وابن أبي شيبة (3/18، رقم 11694)، والنسائي في الكبرى (6/268، رقم 10927)، وابن الجارود (ص 142، رقم 548)، والطبراني في الأوسط (7/228، رقم 7347)، وأبو يعلى (10/129، رقم 5755)، والديلمي (1/267، رقم 1040).

([920]) كتاب الأم، الشافعي، باب القول عند دفن الميت، 1/465.

([921]) سنن البيهقي الكبرى، باب إهالة التراب في التراب، (6977)، 3/410، وقال: إسناده ضعيف، إلا أن له شاهداً.

([922]) شَخَصَ يَشْخَصُ؛ بفتحتين شُخُوصًا: خرج من موضع إلى غيره، ويتعدى بالهمزة فيقال: أَشْخَصْتُهُ، وشَخَصَ شُخُوصًا: ارتفع، شَخَص الشيءُ يَشْخَص شُخُوصاً ظهر ومثَلَ، يقال: أشخصتُ هذا على هذا، إذا أعليتُه عليه.

([923]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في تسوية القبر، (3222)، 3/208.

([924]) سنن البيهقي الكبرى، باب رش الماء على القبر ووضع الحصباء عليه، (6987)، 3/411.

([925]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما يقال بعد الدفن، (7315)، 4/56.

([926]) رواه الطبراني في الكبير، (7979)، 8/249.

([927]) صحيح البخاري، باب الجريد على القبر، (1361)، 2/96، وصحيح مسلم، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، (703)، 1/166.

([928]) سنن الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في كراهية تجصيص القبور والكتابة عليها، (1052)، 3/368.

([929]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر، (1345)، 2/91.

([930]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، (2304)، 3/65.

([931]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول الرجل للمرأة عند القبر اصبري، (1252)، 2/73، وصحيح مسلم، باب في الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى، (2179)، 3/40.

([932]) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في زيارة النساء القبور، (3238)، 3/212، وأخرجه الطيالسي (ص 357، رقم 2733)، وأحمد (1/337، رقم 3118)، والترمذي (2/136، رقم 320)، وقال: حسن. والنسائي (4/94، رقم 2043)، والحاكم (1/530، رقم 1384)، والبيهقي (4/78، رقم 6998).

([933]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، (2302)، 3/64.

([934]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، (2292)، 3/62، وأخرجه أحمد (2/311، رقم 8093)، وأبو داود (3/217، رقم 3228)، والنسائي (4/95، رقم 2044)، وابن ماجه (1/499، رقم 1566).

([935]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه، (1284)، 2/79، .

([936]) مجمع الزوائد، الهيثمي، (14261)، 8/328، ومسند الشافعي، دار الكتب العلمية، 1/361، وتفسير ابن كثير، 2/178، والمجموع، النووي، 5/305.

([937]) المجموع، النووي، 5/305.

([938]) الندب: تعديد محاسن الميت مع البكاء؛ كقولهم: واجبلاه واسنداه واكريماه. والنياحة: رفع الصوت بالندب.

([939]) يقصد بذلك البكاء مع النوح، ورفع الصوت، وتعداد أوصافه؛ هذا إذا أوصى بذلك، أو كان يرضى به.

([940]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، (1304)، 2/84، وصحيح مسلم، باب البكاء على الميت، (2176)، 3/40.

([941]) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ليس منا مَن شَقَّ الجيوب، (1294)، 2/81، حديث ابن مسعود: أخرجه أحمد (1/456، رقم 4361)، والنسائي (4/20، رقم 1862)، وابن ماجه (1/504، رقم 1584). وحديث أبى هريرة: أخرجه الطبراني في الأوسط (4/199، رقم 3967). قال الهيثمي (3/15): فيه عبد الله بن عبد القدوس، وفيه كلام، وقد وثق.

([942]) من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ويجب على الأحوط: إمساك جزء من الليل بعد الغروب؛ ليتحقق استكمال النهار. وقال الفقهاء بضرورة الاحتياط بالإمساك عن الطعام وغيره من المفطرات قبل طلوع الفجر؛ لقاعدة: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).

([943]) لأن ثمة أياماً؛ يَحْرُم فيها الصوم.

([944]) سُمِّي رمضان؛ لأنه يرمض الذنوب، أي: يُحْرِقها، ويُذْهِبها، أو لمصادفة مشروعيته وقت الرمضاء، أي: شدة الحر.

([945]) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم، (8)، 1/11، حديث جرير: أخرجه أحمد (4/363، رقم 19240)، وأبو يعلى (13/489، رقم 7502)، والطبراني (2/326، رقم 2363). والطبراني في الصغير (2/60، رقم 782). وحديث ابن عمر: أخرجه أحمد (2/120، رقم 6015)، والبخاري (1/11، رقم 8)، ومسلم (1/45، رقم 16)، والترمذي (5/5، رقم 2609) وقال: حسن صحيح. والنسائي (8/107، رقم 5001)، وابن حبان (1/374، رقم 158). وأبو يعلى (10/164، رقم 5788)، وابن خزيمة (1/159، رقم 309)، والطبراني (12/309، رقم 13203)، والبيهقي (4/81، رقم 7013).

([946]) المراد: رؤية بعضكم.

([947]) غُمَّ عليكم: أي حَالَ بينكم وبينه غَيْمٌ.

([948]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان، (1900)، 3/25 وما بعدها، وصحيح مسلم، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوماً، (2555)، 3/122، وأخرجه النسائي (4/134، رقم 2120)، وابن ماجه (1/529، رقم 1654)، وابن حبان (8/226، رقم 3441).

([949]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب قول النبي إِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، (1909)، 3/27.

([950]) سنن أبي داود، كتاب الصوم، باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان، (2344)، 2/274.

([951]) يقصد بذلك كون البلدين على خط طول واحد؛ فإذا رئي بأحدهما: لزم الصومَ أهلُ البلد الآخر، ولو لم يروه.

([952]) صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم، (2580)، 3/126.

([953]) معنى رفع القلم، أي: امتناع التكليف، لا أنه رُفِع بعد وضعه.

([954]) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً، (4405)، 4/245، وسنن البيهقي الكبرى، باب مَن تجب عليه الصلاة، (5292)، 3/83.

([955]) مطلقاً؛ سواء كان الصوم مفروضاً، أو مسنوناً.

([956]) صحيح البخاري، باب النية في الأيمان، (6689)، 16/571، وصحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب قول النبي: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، (5036)، 6/48.

([957]) سنن النسائي، (2331)، 4/196، وسنن البيهقي الكبرى، باب ما عليه في كل ليلة من نية الصيام للغد، (8245)، 4/213.

([958]) دون تعيين الكفارة عن يمين أو ظهار.

([959]) دون تعيين نوع النذر: تبرر أو لجاج.

([960]) صحيح البخاري، باب النية في الأيمان، (6689)، 16/571، وصحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب قول النبي: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، (5036)، 6/48.

([961]) أما في صوم الصبي رمضان فيجب تبيت النية، رغم أن صومه يقع نفلاً.

([962]) الحيس: هو طعام؛ يُتَّخَذ من تمر وسمن وغيرهما.

([963]) صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال وجواز فطر الصائم نفلا من غير عذر، (2771)، 3/158.

([964]) الثالث عشر والرابع عشر الخامس عشر من كل شهر قمري.

([965]) العمد: هو فعل الشيء مختاراً مع علمه بالتحريم.

([966]) الغدة التي تفرزه.

([967]) سنن أبي داود، باب في الاستنثار، 0142)، 1/54، وسنن الترمذي، كتاب الصوم، باب كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، (788)، 3/155، وأخرجه الشافعي (1/15)، وعبد الرزاق (1/26، رقم 79)، وابن أبي شيبة (1/18، رقم 84). وأحمد (4/211، رقم 17879)، والنسائي (1/79، رقم 114)، وابن ماجه (1/153، رقم 448)، وابن حبان (3/368، رقم 1087)، والحاكم (1/24، رقم 525)، والبيهقي (1/51، رقم 239). وابن خزيمة (1/78، رقم 150)، وابن الجارود (ص 31، رقم 80)، والطبراني في الكبير (19/216، رقم 482)، وفى الأوسط (7/260، رقم 7446).

([968]) صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه، (2772)، 3/160، وأخرجه أحمد (2/395، رقم 9125)، والبخاري (6/2455، رقم 6292)، وابن ماجه (1/535، رقم 1673). والدارمي (2/23، رقم 1726)، وأبو يعلى (10/459، رقم 6071).

([969]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب الصائم يصبح جنباً، (1925)، 3/29.

([970]) يقصد بذلك: خوفه أن يؤدي الصوم إلى مرض، أو ازدياد مرض، أو بقائه، أو ذهاب منفعة عضو.

([971]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب الصوم في السفر والإفطار، (1943)، 3/34، وصحيح مسلم، باب التخيير في الصوم، (2681)، 3/144.

([972]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب لم يعب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم بعضا في الصوم والإفطار، (1947)، 3/34، وصحيح مسلم، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفره مرحلتين فأكثر وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضرر أن يصوم ولمن يشق عليه أن يفطر، (2671)، 3/142.

([973]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظُلِّلَ عليه واشتد الحر ليس من البر الصوم في السفر، (1946)، 3/34.

([974]) صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة، (789)، 1/182.

([975]) خرج بذلك ما لو استمر مريضاً أو مسافراً، حتى أتى رمضان آخر، أو من أَخَّر القضاء؛ لنسيان، أو جهل حرمة التأخير، ولو لم يكن معذوراً بجهله.

([976]) من بلغ الثمانين أو السبعين أو أقل فالهرم يختلف باختلاف الأشخاص.

([977]) صحيح البخاري، كتاب التفسير/البقرة، باب قوله: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، (4505)، 11/32.

([978]) سنن البيهقي الكبرى، باب الشيخ الكبير لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يفطر ويفتدى، (8580)، 4/271.

([979]) صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، (2752)، 3/156.

([980]) سنن البيهقي الكبرى، باب قضاء شهر رمضان إن شاء متفرقا وإن شاء متتابعاً، (8504)، 4/259.

([981]) سميت كفارة؛ من الكفر: وهو الستر، سميت كذلك؛ لأنها تَسْتُر الذنب، وتُذْهِبه، هذا في الأصل، ثم استعملت فيما وُجِد فيه صورة مخالفة، أو انتهاك؛ وإن لم يكن فيه إثم كالقاتل خطأ.

([982]) المد: إناء مكعب طول حرفه 29 سم، ويعادل وزن مئه حبة حنطة، ثلاث أوقيات تقريباً، أي ستمئة غرام.

([983]) لابتى المدينة: حرتيها والحرة هي الأرض ذات الحجارة السود.

([984]) صحيح البخاري، باب إذا وَهَبَ هبة فقبضها الآخر ولم يقل قبلت، (2600)، 3/160، وصحيح مسلم، كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع فى نهار رمضان على الصائم ووجوب الكفارة الكبرى فيه وبيانها وأنها تجب على الموسر والمعسر وتثبت فى ذمة المعسر حتى يستطيع، (2651)، 3/138.

([985]) أما عند فقهاء الحنفية فمقدارها نصف صاع بُرّ، أو صاع تمر أو زبيب، ويجوز إخراج القيمة.

([986]) صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب فضل الصيام في سبيل الله لمن يطيقه بلا ضرر ولا تفويت حق، (2767)، 3/158.

([987]) صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس، (2803)، 3/167.

([988]) سنن أبي داود، باب في صوم العشر، (2440)، 2/301، وسنن الترمذي، كتاب الصوم، باب العمل في أيام العشر، (757)، 3/130، وسنن ابن ماجه، باب صيام العشر، (1727)، 1/550.

([989]) صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس، (2803)، 3/167.

([990]) صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب أيُّ يوم يُصام في عاشوراء، (2723)،3/151، وأخرجه ابن ماجه (1/552، رقم 1736).

([991]) صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب استحباب صوم سنة أيام من شوال اتِّباعاً لرمضان، (2815)، 3/169.

([992]) صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب فضل صوم المُحَرَّم، (2812)، 3/169.

([993]) سنن النسائي، باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم، (2357)، 4/201.

([994]) سنن الترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر، (761)، 3/134، وسنن البيهقي الكبرى، باب من أي الشهر يصوم هذه الأيام الثلاثة، (8707)، 4/294.

([995]) وهى الثامن والعشرون، والتاسع والعشرون، والثلاثون من كل شهر قمري.

([996]) سنن الترمذي، كتاب الصوم، باب صوم يوم الاثنين والخميس، (745)، 3/121.

([997]) سنن الترمذي، كتاب الصوم، باب صوم يوم الاثنين والخميس، (747)، 3/122.

([998]) صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال وجواز فطر الصائم نفلا من غير عذر، (2771)، 3/158.

([999]) صحيح مسلم، باب النهي عن صوم الدهر، (2786)، 3/162.

([1000]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب صوم يوم الجمعة، (1985)، 3/42.

([1001]) سنن الترمذي، كتاب الصوم، باب صوم يوم السبت، (744)، 3/120، وسنن ابن ماجه، باب ما جاء في صيام يوم السبت، (1726)، 1/550.

([1002]) قال الأسنوي: (وهو المعروف المنصوص الذي عليه الأكثرون، والمعتمد في المذهب تحريمه، كما في الروضة والمنهاج والمجموع). وكذلك الحال بالنسبة لصوم النصف الأخير من شعبان.

([1003]) صحيح البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا"، تعليقاً، 3/27، وصحيح مسلم، باب النهى عن الخروج من المسجد إذا أذن المؤذن، (1521)، 2/124.

([1004]) أخرجه الترمذي (738)، وقال: حسن صحيح، 3/115.

([1005]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب صوم يوم الفطر، (1991)، 3/42 وما بعدها.

([1006]) سميت كذلك؛ لأن الحجاج يُشَرِّقُون فيها لحوم الأضاحي، والهدايا؛ أي: ينشرونها، ويُقَدِّدُونها، وهي الأيام المعدودات التي ذكرها الله سبحانه.

([1007]) سنن أبي داود، باب في حبس لحوم الأضاحى، (2815)، 3/58، وسنن البيهقي الكبرى، باب من قال يكبر في الأضحى خلف صلاة الظهر من يوم النحر إلى أن يكبر خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطع استدلالا بأن أهل الأمصار تبع لأهل منى والحاج ذكره التلبية حتى يرمى جمرة العقبة يوم النحر ثم يكون ذكره التكبير، (6488)، 3/312، وأخرجه أحمد (5/75، رقم 20741)، ومسلم (2/800، رقم 1141). والنسائي في الكبرى (2/463، رقم 4182)، والديلمي (1/415، رقم 1677).

([1008]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب تعجيل الإفطار، (1957)، 3/36، وصحيح مسلم، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر، (2608)، 3/131، وأخرجه مالك (1/288، رقم 634)، وأحمد (5/331، رقم 22856)، والدارمي (2/12، رقم 1699)، والترمذي (3/82، رقم 699) وقال: حسن صحيح. وابن حبان (8/273، رقم 3502). والشافعي (1/104)، وأبو يعلى (13/501، رقم 7511)، وعبد الرزاق (4/226، رقم 7592)، والطبراني (6/139، رقم 5768).

([1009]) سنن الترمذي، كتاب الصوم، ما يستحب عليه الإفطار، (696)، 3/79، وسنن البيهقي الكبرى، باب ما يقطر عليه، (8389)، 4/239.

([1010]) سنن أبي داود، كتاب الصوم، باب القول عند الإفطار، (2360)، 2/278، وسنن البيهقي الكبرى، باب ما يقول إذا أفطر، (8392)، 4/239.

([1011]) أخرجه الدارقطني في الأفراد (699)، 2/36.

([1012]) سنن أبي داود، كتاب الصوم، باب القول عند الإفطار، (2359)، 2/278، وسنن النسائي، باب ما يقرأ إذا أفطر، (3329)، 2/255، وسنن البيهقي الكبرى، باب ما يقول إذا أفطر، (8391)، 4/239.

([1013]) عن ابن عمر في شعب الإيمان للبيهقي، باب ما يفطر الصائم عليه، (3620)، 5/407.

([1014]) شعب الإيمان، البيهقي، باب ما يفطر الصائم عليه، (3619)، 5/406.

([1015]) يُنْظَر مجموع الأدعية في: حاشية الجمل على شرح المنهج فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب، سليمان بن عمر بن منصور العجيلي الأزهري، المعروف بالجمل، (المتوفى 1204 هـ)، دار الفكر، 1/945، وحاشية البيجوري، 1/436.

([1016]) سنن ابن ماجه، كتاب الصيام، باب في الصائم لا ترد دعوته، (1825)، 5/375.

([1017]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب بركة السحور من غير إيجاب، (1923)، 3/29، وصحيح مسلم، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر، (2603)، 3/130، حديث أنس: أخرجه الطيالسي (ص 268، رقم 2006)، وأحمد (3/215، رقم 13268)، والترمذي (3/88، رقم 708) وقال: حسن صحيح، والنسائي في الكبرى (2/75، رقم 2456)، وابن ماجه (1/540، رقم 1692)، والدارمي (2/11، رقم 1696)، وابن خزيمة (3/213، رقم 1937). وحديث عبد الله بن مسعود: أخرجه النسائي في الكبرى (2/75، رقم 2454)، وأبو نعيم في الحلية (9/34). وحديث أبى هريرة: أخرجه النسائي في الكبرى (2/76، رقم 2457). وحديث أبى سعيد الخدرى: أخرجه أحمد (3/32، رقم 11299). وحديث جابر: أخرجه الخطيب (13/465).

([1018]) سنن ابن ماجه، كتاب الصيام، باب ما جاء في السحور، (1693)، 1/540.

([1019]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب قَدْر كم بين السحور وصلاة الفجر، (1921)، 3/29.

([1020]) صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب تفسر المُشبَّهات، تعليقاً، 3/53.

([1021]) سنن الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، وسنن البيهقي الكبرى، باب كراهية مبايعة من أكثر ماله من الربا أو ثمن المحرم، (11134)، 5/335، حديث أنس: أخرجه أحمد (3/153، رقم 12572) قال الهيثمى (10/152): فيه أبو عبد الله الأسدى لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح. وأخرجه: ابن عدي (1/202، ترجمة 48 أحمد بن هارون بن موسى بن هارون)، والضياء (7/293، رقم 2748). وحديث الحسن: أخرجه النسائي (8/327، رقم 5711). وحديث ابن عمر: أخرجه الخطيب (6/385). وحديث وابصة بن معبد: أخرجه الطبراني (22/147، رقم 399). حديث واثلة: أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (10/294) قال الهيثمى: فيه إسماعيل بن عبد الله الكندى وهو ضعيف. وأخرجه: الديلمي (2/218، رقم 3061).

([1022]) المدارسة: أن يقرأ أحد شخصين على الآخر ما قرأه الأول، هكذا كانت مدارسة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جبريل عليه السلام.

([1023]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب أجود ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون في رمضان، (1902)، 3/26.

([1024]) أخرجه أحمد (4/114، رقم 17074)، والدارمي (2/14، رقم 1702)، والترمذي (3/171، رقم 807) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (1/555، رقم 17416)، وابن حبان (8/216، رقم 3429)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/480، رقم 4121).

([1025]) صحيح مسلم، باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان، (2845)، 3/176.

([1026]) صحيح البخاري، كتاب صلاة التراويح، باب مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً، (1901)، 3/26، وأخرجه أحمد (2/347، رقم 8559)، وأبو داود (2/49، رقم 1372)، والترمذي (3/67، رقم 683) وقال: غريب. والنسائي (8/118، رقم 5027)، وابن حبان (8/437، رقم 3682). ومسلم (1/523، رقم 760)، والبيهقي (4/306، رقم 8306). وحديث عائشة: أخرجه النسائي (4/155، رقم 2193).

([1027]) سنن النسائي، باب العفو، (7712)، 4/407، وسنن ابن ماجه، باب الدعاء بالعفو، (3850)، 2/1265، وأخرجه الترمذي (5/534، رقم 3513)، وقال: حسن صحيح. والحاكم (1/712، رقم 1942). وأحمد (6/171، رقم 25423)، والقضاعي (2/336، رقم 1476).

([1028]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم، (1903)، 3/26.

([1029]) الرفث: الفحش من القول.

([1030]) والصخب: الخصام والصياح. والمراد بالنهي عن ذلك تأكيد حال الصوم، وإلا فغير الصائم منهي عن ذلك أيضاً.

([1031]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم، (1904)، 3/26، وصحيح مسلم، باب فضل الصيام، (2762)، 3/157.

([1032]) ويقاس عليها أخذ حقنة دم من الجسم؛ للفحص الطبي إن لم تكن الحاجة ماسة.

([1033]) كالزوجة تخاف غضب زوجها؛ إن هي أساءت الطبخ.

([1034]) أما ذو الطعم فمبطل للصوم.

([1035]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب المباشرة للصائم، (1927)، 3/30، والإرب العضو والحاجة.

([1036]) سنن أبي داود، كتاب الصوم، باب كراهيته للشاب، (2389)، 2/285، وسنن البيهقي الكبرى، باب كراهية القبلة لمن حركت القُبلةُ شهوتَه، (8339)، 4/231.

([1037]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب فضل الصوم، (1894)، 3/24، وأخرجه مالك (1/10، رقم 682)، وأحمد (2/257، رقم 7484).

([1038]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب تعجيل الإفطار، (1957)، 3/36، وصحيح مسلم، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر، (2608)، 3/131، وأخرجه مالك (1/288، رقم 634)، وأحمد (5/331، رقم 22856)، والدارمي (2/12، رقم 1699)، والترمذي (3/82، رقم 699) وقال: حسن صحيح. وابن حبان (8/273، رقم 3502). والشافعي (1/104)، وأبو يعلى (13/501، رقم 7511)، وعبد الرزاق (4/226، رقم 7592)، والطبراني (6/139، رقم 5768).

([1039]) يراد بالحاجة: غسل فرض أو سنة.

([1040]) وهو أن يستديم المرء جميع أوصاف الصائمين يومين أو أكثر.

([1041]) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب التنكيل لمن أكثر الوصال، (1966)، 3/38، وصحيح مسلم، باب النهي عن الوصال في الصوم، (2622)، 3/133.

([1042]) صحيح البخاري، باب باب الاعتكاف في العشر الأواخر والاعتكاف في المساجد كلها، (2025)، 3/47، وصحيح مسلم، كتاب الاعتكاف، باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، (2838)، 3/174، وأخرجه الطيالسي (ص 75، رقم 553)، وأحمد (5/141، رقم 21314)، وأبو داود (2/331، رقم 2463)، والنسائي في الكبرى (2/270، رقم 3389)، وابن ماجه (1/562، رقم 1770)، وابن خزيمة (3/346، رقم 2225)، وابن حبان (8/422، رقم 3663)، والحاكم (1/605، رقم 1602)، والضياء (4/45، رقم 1271).

([1043]) صحيح البخاري، باب النية في الأيمان، (6689)، 16/571، وصحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب قول النبي: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، (5036)، 6/48.

([1044]) ويشمل ذلك: التردد في جهات المسجد، أما المرور فيه؛ بأن يدخل من باب ويخرج من باب: فلا يحصل به اعتكاف.

([1045])  الجامع: هو المسجد الذي تقام فيه صلاة الجمعة.

([1046]) صحيح البخاري، باب لا يدخل البيت إلا لحاجة، (2029)، 3/48، وصحيح مسلم، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وطهارة سؤرها والاتكاء فى حجرها وقراءة القرآن فيه، (711)، 1/167.

([1047]) نسبة ومقدار معين.

([1048]) النصاب.

([1049]) ضمن شروط.

([1050]) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم، (8)، 1/11.

([1051]) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب زكاة الغنم، (1454)، 2/118.

([1052]) الحول المعتبر في الزكاة عامة هو الحول القمري، والسنة القمرية ثلاثمائة وخمسون يوماً.

([1053]) الموطأ، كتاب الزكاة، باب زكاة أموال اليتامى، (589)، 1/251.

([1054]) كزكاة النَّعم والمواشي.

([1055]) فإذا كان محجوراً عليه بالدين: تحسب الزكاة أولاً، ثم يُحْجَر على المال لحساب الدائنين.

([1056]) كزكاة النقد.

([1057]) سنن أبي داود، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، (1566)، 2/4.

([1058]) المثقال: صنجة صغيرة استعملت في وزن النقد وهي تعادل 4.25 غرام من الذهب الخالص، وهو يساوي وزن الدينار الذهبي.

([1059]) سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، (1575)، 2/10.

([1060]) وهذا خلاف زكاة الزروع والثمار: فلا تؤخذ إلا مرة واحدة.

([1061]) الدرهم: قطعة نقد فضية ثابتة المقدار في الشريعة ويزن 2.97 غرام من الفضة.

([1062]) الأوقية تساوي أربعين درهماً.

([1063]) هو الفضة.

([1064]) صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، (2318)، 3/67.

([1065]) سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، (1575)، 2/10.

([1066]) سنن الدارقطني، 2/109.

([1067]) ليس على هذه الحلي زكاة إلا إذا تجاوز مقدارها العرف.

([1068]) هي المال المتجر به؛ غير النقد، وسواء كان منقولاً، أم عقاراً أم حيواناً.

([1069]) سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب العروض إذا كانت للتجارة هل فيها من زكاة، (1564)، 2/3.

([1070]) أي تقدر قيمتها.

([1071]) والمعتبر عند التقويم، هو: سعر المبيع في السوق، وقت الإخراج؛ لا سعر الشراء.

([1072]) كل أنواع الزكاة بصورة عامة عند الشافعية عينية؛ إلا زكاة التجارة فهي من القيمة.

([1073]) الموطأ، مالك، برواية يحيى الليثي، كتاب الزكاة، باب زكاة العروض، (596)، 1/255، وسنن البيهقي الكبرى، باب لا يؤخذ منهم ذلك في السنة إلا مرة واحدة إلا أن يقع الصلح على أكثر منها، (19246)، 9/211.

([1074]) رواه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد، (4399)، 3/75.

([1075]) وهو ما يُتَقَوَّت به، وتقوم البنية بتعاطيه.

([1076]) وهو الصالح للادخار بحيث لا يفسد إذا ادخر.

([1077]) الوسق يساوي ستين صاعاً، والصاع مكيال مكعب طول حرفه 14.6 سم، وتقدر وزناً بما يعادل 715 كيلو غراماً.

([1078]) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، (1459)، 2/119، وصحيح مسلم، باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، (2310)، 3/66، حديث أبى سعيد: أخرجه مالك (1/244، رقم 577)، والشافعي (1/94)، والطيالسي (ص 292، رقم 2197)، وأحمد (3/30، رقم 11271)، وأبو داود (2/94، رقم 1558)، والترمذي (3/22، رقم 626)، والنسائي (5/37، رقم 2476)، وابن ماجه (1/574، رقم 1799)، وابن خزيمة (4/33، رقم 2294)، وابن حبان (8/62، رقم 3268)، والدارقطني (2/93). حديث جابر: أخرجه الطيالسي (ص 236، رقم 1702)، وأحمد (3/296، رقم 14195)، وعبد بن حميد (ص 332، رقم 1103)، ومسلم (2/675، رقم 980)، وابن ماجه (1/572، رقم 1794).

([1079]) هو الماء الجاري على الأرض بسبب سيل، أو ما انْصَبَّ من نهر، أو عَيْن.

([1080]) ما سقي بماء السيل.

([1081]) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري، 1483)، 2/126.

([1082]) الحكمة من وجوب الشاة على كل خمس من الإبل، مع أن الظاهر أن يكون الإيجاب من البعير: كون البعير زكاة خمس وعشرين من الإبل؛ فإذا كان لدى المالك خمس فقط من الإبل: فعليه خُمُس بعير، وهذا يضر بالمالك، وبآخذ الزكاة؛ لاضطرارهما إلى المشاركة: فجُعِلت الزكاة بالشاة تخفيفاً على الفريقين (مَن وجبت عليه، ومَن يستحقها).

([1083]) سميت جذعة؛ لأنها أجذعت مقدم أسنانها أي: أسقطتها.

([1084]) سميت بنتَ مخاض؛ لأن لها من العمر سنة؛ وقد آن لأمها أن تكون مخاضاً، أي: حاملاً.

([1085]) سمي ابن لبون؛ لأن أمه أصبحت تحمل اللبن ثانية بعد ولادته.

([1086]) الحِقُّ من الإبل: الطاعن في الرابعة للذكر وللأنثى سمي بذلك لاستحقاقه أن يحمل عليه وينتفع به ولأنه استحق أن يطرق الأنثى وكذلك الأنثى استحقت أن يطرقها الجمل.

([1087]) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب زكاة الغنم، (1454)، 2/118.

([1088]) صغير الذكر من البقر، أي: العجل، وسمي تبيعاً؛ لأنه في السنة الأولى يتبع أمه في المرعى.

([1089]) الأنثى من البقر، وسميت بذلك؛ لتكامل أسنانها.

([1090]) سنن أبي داود، باب في زكاة السائمة، (1578)، 2/13، وسنن الترمذي، كتاب الزكاة، باب زكاة البقر، (623)، 3/20، وسنن النسائي، باب زكاة البقر، (2449)، 5/26.

([1091]) عمرها سنتان.

([1092]) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب زكاة الغنم، (1454)، 2/118.

([1093]) اسم لما تضع البهائم.

([1094]) وإعطاؤها من قِبَل المالك نفسه؛ أفضل من توزيعها عن طريق الوكيل.

([1095]) الزكاة صحيحة؛ إلا أن الشرط باطل. فالمدين حر بالزكاة التي أخذها؛ إما أن يدفعها عن الدَّين، أو يتصرف فيها بما يشاء.

([1096]) عند السادة الحنفية يجوز دفعها لصنف واحد ولفرد واحد، وعند المالكية والحنابلة: يجوز دفعها إلى ثلاثة فقراء، أو ثلاثة مساكين.

([1097]) الذي يكتب مقدار ما أعطاه أرباب (أصحاب) الأموال.

([1098]) الذي يقسم أموال الزكاة على المستحقين.

([1099]) الذي يجمع ويحصي المستحقين.

([1100]) تطلق كلمة الغارم على المدين والغريم على الدائن والمدين.

([1101]) لكن لا يعطى الغارم إلا عند بقاء الدين عليه.

([1102]) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب الزكاة على الأقارب، (1462)، 2/120.

([1103]) سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر، (1611)، 2/25، وأخرجه أبو داود (2/111، رقم 1609)، وابن ماجه (1/585، رقم 1827). والحاكم (1/568، رقم 1488) وقال: صحيح على شرط البخاري.

([1104])  صحيح البخاري، كتاب صدقة الفطر، باب فرض صدقة الفطر، (1053)، 2/130، وصحيح مسلم، باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، (2326)، 3/68.

([1105])  صحيح البخاري، كتاب صدقة الفطر على الكبير والصغير، (1512)، 2/132.

([1106]) أي إدراك غروب شمس ليلة العيد.

([1107]) والعذر هو غياب ماله، أو غياب المستحقين في ذلك الوقت.

([1108]) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم، (8)، 1/11.

([1109]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، (3321)، 4/102.

([1110]) سنن ابن ماجه، كتاب المناسك، باب الحج جهاد النساء، (2901)، 2/968.

([1111]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39.

([1112]) سنن الترمذي، كتاب الحدود، باب فيمن لا يجب عليه الحد، (1423)، 4/32، وأخرجه أبو داود (4/141، رقم 4403)، والنسائي في الكبرى (4/324، رقم 7346)، وابن ماجه (1/659، رقم 2042)، والحاكم (4/430، رقم 8170)، والبيهقي (3/83، رقم 4868). وأحمد (1/118، رقم 956).

([1113]) سنن البيهقي الكبرى، باب بيان السبيل الذي بوجوده يجب الحج إذا تمكن من فعله، (8885)، 4/327، والحاكم في المستدرك، 1/442.

([1114]) سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب في صلة الرحم، (1694)، 2/59، حديث ابن عمرو: أخرجه أحمد (2/160، رقم 6495)، والحاكم (1/575، رقم 1515)، والبيهقي (7/467، رقم 15472). والطيالسي (ص 301، رقم 2281)، والبزار (6/392، رقم 2415)، وابن حبان (10/51، رقم 4240)، والنسائي في الكبرى (5/374، رقم 9177). وحديث ابن عمر: أخرجه الطبراني (12/382، رقم 13414).

([1115]) سنن الترمذي، (930)، 3/269، وسنن ابن ماجه، كتاب المناسك، باب الحج عن الحي إذا لم يستطع، (2906)، 2/970، حديث أبى رزين: أخرجه الطيالسي (ص 147، رقم 1091)، وأحمد (4/10، رقم 16229)، والنسائي (5/117، رقم 2637)، وابن حبان (9/304، رقم 3991)، وابن ماجه (2/970، رقم 2906)، والحاكم (1/654، رقم 1768) وقال: صحيح على شرط الشيخين. والبيهقي (4/329، رقم 8416). وابن خزيمة (4/345، رقم 3040). وحديث الفضل بن عباس: أخرجه الطبراني (18/296، رقم 759).

([1116]) ولو بدون إذن المتوفى أو إذن وليه.

([1117]) صحيح البخاري، كتاب الإحصار وجزاء الصيد، باب باب من شبه أصلا معلوما بأصل مبين قد بين الله حكمهما ليفهم السائل، (7315)، 18/301.

([1118]) سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، (1813)، 2/97، حديث ابن عباس: أخرجه ابن ماجه (2/969 ، رقم 2903). وابن خزيمة (4/345، رقم 3039)، والدارقطني (2/268)، والضياء (10/247، رقم 261). وحديث جابر: أخرجه الدارقطني (2/269). وابن عدي (2/108، ترجمة 322 ثمامة بن عبيدة).

([1119]) أشهر الحج هي شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة.

([1120]) بم أهللت، أي: بم أحرمت.

([1121]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام، (3016)، 4/44.

([1122]) ليلة جمع: هي ليلة مزدلفة؛ لأنه يجمع فيها بين المغرب والعشاءن أو لاجتماع الحجاج فيها.

([1123]) سنن ابن ماجه، كتاب المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، (3105)، 2/1003.

([1124]) يقصد بقوله ههنا، أي: عند الصخرات؛ حيث الجبل المسمى بجبل الرحمة.

([1125]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف، (3011)، 4/43، وأخرجه أبو داود (2/193، رقم 1936)، وابن خزيمة (4/283، رقم 2890). وابن الجارود (ص 122، رقم 465).

([1126]) سنن ابن ماجه، كتاب المناسك، باب الموقف بعرفات، (3012)، 2/1002.

([1127]) القصواء: هو لقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

([1128]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39.

([1129]) سنن البيهقي الكبرى، باب الإيضاع في وادي محسر، 5/125، حديث جابر: أخرجه النسائي (5/270، رقم 3062). وحديث ابن عمرو: أخرجه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (3/269). وفي الأوسط (2/262، رقم 1929). قال الهيثمي (3/269): فيه سليمان بن داود الصنعاني، ولم أجد مَن ذكره.

([1130]) ليلة جمع: هي ليلة مزدلفة؛ لأنه يجمع فيها بين المغرب والعشاءن أو لاجتماع الحجاج فيها.

([1131]) سنن ابن ماجه، كتاب المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، (3105)، 2/1003.

([1132]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت وإذا سعى على غير وضوء بين الصفا والمروة، (1650)، 2/159.

([1133]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت، (1757)، 2/180، وصحيح مسلم، باب وجوب طواف الوداع، (3286)، 4/93.

([1134]) سنن البيهقي الكبرى، باب من أجاز رميها بعد نصف الليل، 5/133.

([1135]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب ما يستر من العورة، (369)، 1/82 وما بعدها، وصحيح مسلم، باب لا يحج البيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان وبيان يوم الحج الأكبر، (3353)، 4/106.

([1136]) سنن الترمذي، كتاب الحج، باب الكلام في الطواف، (960)، 3/293.

([1137]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب صَلَّى النبي صلى الله عليه وسلم لِسُبُوعِهِ ركعتين، (1623)، 2/154.

([1138]) الشاذروان: بناء مسنم؛ قدر ثلثي ذراع، خارجٌ عن عرض جدران الكعبة من أسفلها.

([1139]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب فضل الكعبة وبنيانها، (1584)، 2/146، وصحيح مسلم، باب جدر الكعبة وبابها، (3313)، 4/100.

([1140]) سنن البيهقي الكبرى، باب الإيضاع في وادي محسر، 5/125، حديث جابر: أخرجه النسائي (5/270، رقم 3062). وحديث ابن عمرو: أخرجه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (3/269). وفي الأوسط (2/262، رقم 1929). قال الهيثمي (3/269): فيه سليمان بن داود الصنعاني، ولم أجد مَن ذكره.

([1141]) صحيح البخاري، كتاب الحج، (3365)، 4/144.

([1142]) سنن البيهقي الكبرى، باب وجوب الطواف بين الصفا والمروة، (9635)، 5/98، ومسند الإمام أحمد، (27408)، 6/422.

([1143]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39، وأخرجه عبد بن حميد (ص 341، رقم 1135)، وابن أبى شيبة (3/334، رقم 14705)، وابن حبان (9/253، رقم 3944).

([1144]) لم يفرق الشافعي بين الركن والواجب في سائر العبادات؛ باستثناء الحج: فقد فَرَّق بينهما فيه، استناداً لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم؛ حيث فرق بينهما في الحج.

([1145]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب مُهِلِّ أهل اليمن، (1530)، 2/135.

([1146]) سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب في المواقيت، (1741)، 2/77.

([1147]) لكن له أن يُقَلِّد المذهب المالكي؛ إذ يجزئ فيه البقاء في المزدلفة: قَدْرَ الحط والترحال؛ سواء بالنصف الأول، أو الثاني من ليلة النحر.

([1148]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب ما جاء أن عفة كلها موقف، (3011)، 4/43.

([1149]) سنن البيهقي الكبرى، باب الإيضاع في وادي محسر، 5/125، حديث جابر: أخرجه النسائي (5/270، رقم 3062). وحديث ابن عمرو: أخرجه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (3/269). وفي الأوسط (2/262، رقم 1929). قال الهيثمي (3/269): فيه سليمان بن داود الصنعاني، ولم أجد مَن ذكره.

([1150]) سنن البيهقي الكبرى، باب من أجاز رميها بعد نصف الليل، 5/133.

([1151]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب الذبح قبل الحلق، (1722)، 2/173.

([1152]) ويسمى هذا بالنفر الأول ولصحته شروط: 1 - أن يسير بعد زوال وقبل غروب شمس أيام التشريق. 2 - أن يكون قد بات ليلتين قبله أو فاته مبيتهما لعذر وإلا لم يسقط عنه مبيت الليلة الثالثة ولا رمي يومها حيث لم يمكن معذورا. 3 - أن يكون بعد تمام رمي اليومين الأولين. 4 - أن تكون النية مقارنة له بأن توجد قبل انفصاله من منى أي يعود بعد رمي جمرة العقبة إلى منى ثم ينوي السفر.

([1153]) يُسْهِل: يقصد السهل من الأرض، وأراد أنه صار إلى بطن الوادي.

([1154]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف، (1751)، 2/178.

([1155]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب بيان وقت استحباب الرمي، (3201)، 4/80.

([1156]) أما عند السادة المالكية، فيصح أن يرمي كل جمرة مرتين؛ أولاً عن نفسه، ثم عن المستنيب. ويمكن  للحاج التقليد.

([1157]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف، (1751)، 2/178.

([1158]) سميت منى لما يُمْنَى - أي يراق - فيها من الدماء. وحدودها ما بين جمرة العقبة ووادي مُحَسِّر، والجمرة والوادي ليسا من منى.

([1159]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب سقاية الحاج، (1634)، 4/176.

([1160]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع، (3283)، 4/93.

([1161]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب طواف الوداع، (1755)، 2/179.

([1162]) القباء: ثوب يلبس فوق القميص أو الثياب ويشد وسطه بنطاق.

([1163]) الإزار: ثوب يحيط بالثوب الأسفل من البدن.

([1164]) الرداء: الثوب يستر الجزء الأول من الجسم فوق الإزار.

([1165]) البرنس: هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به، وقال الجوهري: هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام، وهو من البِرسُ - بالكسر - : القُطْنُ.

([1166]) الورس: نبت أصفر يصبغ به.

([1167]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب ما لا  يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ من الثياب، (1453)، 2/137.

([1168]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة، (1838)، 3/15، وأخرجه مالك (1/324، رقم 707)، والترمذي (3/194، رقم 833) وقال: حسن صحيح. والنسائي (5/133، رقم 2673). وأحمد (2/119، رقم 6003)، وابن خزيمة (4/163، رقم 2599).

([1169]) صحيح البخاري، باب الكفن في ثوبين، (1265)، 2/75 وما بعدها، وصحيح مسلم، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات، (2948)، 4/23، وأخرجه النسائي (4/39، رقم 1904). وأخرجه أبو نعيم في الحلية (4/299).

([1170]) وتجب عليها الفدية عن كل مرة تستر فيها وجهها ثم ترفع؛ هذا عند الشافعية. أما عند السادة الحنفية فلا تجب الفدية، وهي الذبح؛ إلا إذا سترت يوماً كاملاً، أما إذا لم يتم اليوم وهي ساترة؛ فإنه يكفيها صدقة. لذلك الأولى تقليد مذهب الإمام أبي حنيفة.

([1171]) سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب في المُحْرِمة تغطي وجهها، (1835)، 2/104.

([1172]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة، (1838)، 3/15، وأخرجه مالك (1/324، رقم 707)، والترمذي (3/194، رقم 833) وقال: حسن صحيح. والنسائي (5/133، رقم 2673). وأحمد (2/119، رقم 6003)، وابن خزيمة (4/163، رقم 2599).

([1173]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح وبيان تحريم الطيب عليه، (2858)، 4/4.

([1174]) الشَعَثُ بالتحريك: انتشار الأمر. يقال: لَمَّ الله شَعَثَكَ، أي جمعَ أمرَكَ المنتشرَ. والشَعَثُ: مصدر الأشْعَثِ وهو المُغْبَرُّ الرأس.

([1175]) التَّفِلُ: الذي ترك استعمال الطيب.

([1176]) سنن الترمذي، باب ومن سورة آل عمران، (2998)، 5/225، وسنن ابن ماجه، باب ما يوجب الحج، (2896)، وسنن البيهقي الكبرى، باب الرجل يطيق المشي ولا يجد زاداً ولا راحلة فلا يبين أن يوجب عليه الحج، (8899)، 4/330، وأخرجه الشافعي (1/109)، وابن أبى شيبة (3/432، رقم 15703)، والدارقطني (2/217).

([1177]) أصل الفسوق: الخروج عن الاستقامة، وإنما سميت هذه الحيوانات فواسق على الاستعارة؛ لخبثهن.

([1178]) الكلب العقور هو: كل سُبُعٍ يَعْقِر، أي: يَجْرَح، ويقتل، ويفترس؛ كالنَّمِر، والذئب، وسماها كلباً؛ لاشتراكها في السَّبُعِيَّة.

([1179]) صحيح البخاري، كتاب الإحصار وجزاء الصيد، باب ما يقتل المُحْرِم من الدواب، (1829)، 3/13، وأخرجه أحمد (6/87 رقم 24613) والترمذي (3/197 رقم 837) قال: حسن صحيح. والنسائي (5/209، رقم 2887). والطبراني في الأوسط (5/337 رقم 5480)، والبيهقي (2/387، رقم 3870)، والديلمي (2/196، رقم 2972).

([1180]) الأبقع": الذي في ظهره أو بطنه بياض".

([1181]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب ما يُنْدَب للمُحْرِم وغيره، (2919)، 4/17، وأخرجه النسائي (5/208، رقم 2882)، وابن ماجه (2/1031، رقم 3087). وأحمد (6/97، رقم 24705)، وابن خزيمة (4/191، رقم 2669)، وأبو يعلى (7/478، رقم 4503).

([1182]) الذي يفترس الناس.

([1183]) سنن الترمذي، باب ما يقتل المُحْرِم من الدواب، (838)، 3/198.

([1184]) الخَلَى: النبات الرطب الرقيق ما دام رطبا واختلاؤه قطعه..

([1185]) يُعْضَد: يقطع.

([1186]) عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا (لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا) هُوَ: أَنْ يُنَحِّيَهُ مِنْ الظِّلِّ؛ يَنْزِلُ مَكَانَهُ.

([1187]) لصناعتنا: كانوا يستعملون الإذخر في صناعتهم؛ كوقود.

([1188]) صحيح البخاري، كتاب الحج والإحصارـ باب لا يُنَفَّر صيد الحرم، (1833)، 3/14.

([1189]) عير: جبل خارج المدينة على طريق جدة.

([1190]) ثور: جبل صغير إلى جانب جبل أحد وهو غير ثور الذي فيه غار ثور خارج مكة المكرمة.

([1191]) صحيح البخاري، باب إثم من تبرأ من مواليه، (6755)، 17/80، وصحيح مسلم، كتاب الحج، باب فضل المدينة ودعاء النبي، 4/115، حديث علي: أخرجه أحمد (1/81، رقم 615)، والترمذي (4/438، رقم 2127). وأبو يعلى (1/228، رقم 263)، وأبو عوانة (3/240، رقم 4816)، والبيهقي (5/196، رقم 9731). وحديث أبى هريرة: أخرجه مسلم (2/999، رقم 1371). وأحمد (2/526، رقم 10816)، وأبو عوانة (3/240، رقم 4817)، والبيهقي (5/196، رقم 9733).

([1192]) لابتا المدينة: حرتاها والحرة هي الأرض ذات الحجارة السود.

([1193]) العضاه: كل شجر فيه شوك واحدها عضاهة.

([1194]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب فضل المدينة، (3383)، 4/113.

([1195]) صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب تحريم نكاح المحرم، (3512)، 4/136، وأخرجه مالك (1/348، رقم 772)، والطيالسي (ص 13، رقم 74)، والدارمي (2/189، رقم 2198)، وأبو داود (2/169، رقم 1841)، والنسائي (6/88، رقم 3275)، وابن ماجه (1/632، رقم 1966)، وابن خزيمة (4/183، رقم 2649)، وابن الجارود (ص 116، رقم 444)، وابن حبان (9/434، رقم 4125). والشافعي (1/180)، والحميدي (1/20، رقم 33)، وأحمد (1/57، رقم 401)، والدارقطني (2/267).

([1196]) ويؤخذ الحديث على أن قوله صلى الله عليه وسلم لا ينكح ولا ينكح للتحريم ولا يخطب للكراهة. ولا مانع من هذا التفسير قياسا على ما ورد في الآية الكريمة: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام،: 141] فالأكل مباح والإيتاء واجب.

([1197]) وفسر الرفث بأنه محركة للجماع وغيره مما يكون بين الرجل وامرأته من التقبيل والمغازلة ونحوهما مما يكون في حال الجماع.

([1198]) الفسوق: هو الخروج عن الطاعة.

([1199]) الجدال: هو أن يجادل رفيقه حتى يُغْضِبه، وهي: المنازعة والسباب.

([1200]) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه، (6135)، 15/371، وصحيح مسلم، باب الحث على إكرام الجار، (182)، 1/49.

([1201]) سنن الترمذي، (2318)، 4/558، حديث أبى هريرة: أخرجه ابن ماجه (2/1315، رقم 3976)، والبيهقي في شعب الإيمان (4/255، رقم 4987). وابن حبان (1/466، رقم 229)، وابن عساكر (41/426). وحديث الحسين: أخرجه أحمد (1/201، رقم 1737)، والطبراني (3/128، رقم 2886) قال الهيثمى (8/18): رجالهما ثقات. وحديث على بن الحسين: أخرجه مالك (2/903، رقم 1604)، والترمذي (4/558، رقم 2318)، والبيهقي في شعب الإيمان (7/416، رقم 10806).

([1202]) صحيح البخاري، كتاب العمرة، باب عمرة التنعيم، (1784)، 3/4.

([1203]) سنن أبي داود، كتاب الحج، باب الاضطباع في الطواف، (1886)، 2/116.

([1204]) سنن الترمذي، كتاب الحج، باب الاغتسال عند الإحرام، (830)، 3/192.

([1205]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب الطيب للمُحْرِم عند الإحرام، (2883)، 4/10.

([1206]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، (2871)، 4/81.

([1207]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب باب من أهل حين استوت به راحلته، (1552)، 2/139.

([1208]) العج: رفع الصوت بالتلبية.

([1209]) الثج: نحر البدن - الإبل.

([1210])  سنن الترمذي، باب فضل التلبية والنحر، (827)، 3/189، وسنن ابن ماجه، باب ما يوجب الحج، (2896)، 2/967، وسنن البيهقي الكبرى، باب رفع الصوت بالتلبية، (9283)، 5/42، الترمذي ج 3/كتاب الحج باب 14/827.

([1211]) سنن ابن ماجه، كتاب المناسك، باب الظلال للمُحْرِم، (2925)ـ 2/976ـ وأخرجه البيهقي (5/43، رقم 8802).

([1212]) الإهلال: رفع الصوت بالتلبية.

([1213]) سنن الترمذي، كتاب الحج، باب رفع الصوت بالتلبية، (829)، 3/191.

([1214]) سنن الترمذي، كتاب الحج، باب متى تُقطع التلبية في الحج، (918)، 3/260، ومسند أحمد، (1798)، 1/211.

([1215]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب التلبية، (1549)، 2/138، وصحيح مسلم، باب التلبية وصفتها ووقتها، (2868)، 4/7، حديث ابن عمر: أخرجه مالك (1/331، رقم 730)، والطيالسي (ص 252، رقم 1838)، وأحمد (2/3، رقم 4457)، وأبو داود (2/162، رقم 1812)، والترمذي (3/187، رقم 825)، وقال: حسن صحيح. والنسائي (5/160، رقم 2748)، وابن ماجه (2/974، رقم 2918). وحديث عائشة: أخرجه أحمد (6/229، رقم 25960)، والبخاري (2/561، رقم 1475). وحديث جابر: أخرجه الطيالسي (ص 232، رقم 1668)، وعبد بن حميد (ص 238، رقم 726)، ومسلم (2/886، رقم 1218)، وأبو داود (2/162، رقم 1813)، وابن ماجه (2/974، رقم 2919). وحديث ابن عباس: أخرجه أحمد (1/302، رقم 2754). قال الهيثمي (3/222): رجاله ثقات. وحديث ابن مسعود: أخرجه أحمد (1/410، رقم 3897)، والنسائي (5/161، رقم 2751)، وحديث أنس: أخرجه أبو يعلى (5/155، رقم 2768). وحديث عمرو بن معد يكرب: أخرجه الطبراني (17/46، رقم 100)، والخطيب (5/281).

([1216]) صحيح مسلم، باب التلبية وصفتها ووقتها، (2868)، 4/7.

([1217]) سنن البيهقي الكبرى، باب كيف التلبية، (9302)، 5/45.

([1218]) سنن البيهقي الكبرى، باب القول عند رؤية البيت، (9481)، 5/73.

([1219]) سنن الترمذي، كتاب الحج، باب أن عرفة كلها موقف، (885)، 3/232.

([1220]) سنن الصغرى للبيهقي، باب ما يقول المرء بعد الصفا، (1720)، 2/3، وأخرجه مالك (1/214، رقم 500).

([1221]) البائقة: البلية تنزل بالقوم.

([1222]) سنن البيهقي الكبرى، باب أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، (9745)، 5/117، وأخرجه: ابن أبى شيبة (3/382، رقم 15135).

([1223]) صحيح البخاري، باب الإهلال مستقبل القبلة، (1553)، 2/139.

([1224]) رواه الطبراني في المعجم الكبير، (513)، 19/206، وأخرجه في الأوسط (3/25، رقم 2354) قال المنذرى (4/29) والهيثمى (8/59): إسناده حسن.

([1225]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39.

([1226]) أما عند السادة الحنفية فالجمع من مناسك الحج المسنونة.

([1227]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب باب ما ذكر في الحجر الأسود، (1597)، 2/149، وصحيح مسلم، باب استحباب تقبيل الحجر الأسود فى الطواف، (3126)، 4/66، وأخرجه الطيالسي (ص 11، رقم 50)، وأحمد (1/34، رقم 229)، والحميدي (1/7، رقم 9)، والنسائي في الكبرى (2/400، رقم 3918)، وابن ماجه (2/981، رقم 2943).

([1228]) سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب استلام الأركان، (1878)، 2/115.

([1229]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب استحباب استلام الركنين اليمانيي، (3123)، 4/66.

([1230]) سنن البيهقي الصغرى، باب دخول مكة، (1656)، 1/482.

([1231]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب إدخال البعير في المسجد للعلة، (464)، 1/100 وصحيح مسلم، باب جواز الطواف على البعير، (3137)، 4/68، وأخرجه مالك (1/370، رقم 826)، وأبو داود (2/177، رقم1882)، وأحمد (6/290، رقم 26528)، والنسائي (5/223، رقم 2925)، وابن خزيمة (4/238، رقم 2776)، وابن حبان (9/139، رقم 3830).

([1232]) المحجن: عود معقوف الرأس يكون مع الراكب يحرك به راحلته.

([1233]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب جواز الطواف على بعير، (3133)، 4/67، وغشوه: أي ازدحموا عليه وكثروا.

([1234]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب استلام الركن بمحجن، (1607)، 2/151، وصحيح مسلم، باب جواز الطواف على بعير، (3132)، 4/67.

([1235]) الرَّمَل، هو: الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى، دون الوثوب والعَدُو.

([1236]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب استحباب الرَّمَل في الطواف والعمرة وفى الطواف الأول في الحج، (3118)، 4/65، والجلد: الصلابة.

([1237]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39.

([1238]) سنن البيهقي الكبرى، باب القول في الطواف، (9555)، 5/84.

([1239]) سنن البيهقي الكبرى، باب القول في الطواف، (9555)، 5/84.

([1240]) سنن أبي داود، باب الاضطباع في الطواف، (1886)، 2/116، وسنن البيهقي الكبرى، باب الاضطباع للطواف، (9524)، 5/79،.

([1241]) سنن ابن ماجه، باب فضل الطواف، (2957)، 2/985، وأخرجه الطبراني في الأوسط، (8400)، 8/201.

([1242]) أكثر أدعية الحج المأثورة: لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أحبها السلف الصالح، ورويت عن كثير من العلماء والصالحين فيستحب أن يدعو الطائف بها.

([1243]) المصنف في الأحاديث والآثار، في الرجل يبتدي الطواف تطوعاً، (15353)، 3/401، ويُنْظَر: المهذب، الشيرازي، 1/402.

([1244]) جامع الأحاديث القدسية، (230، 1/14)، و(432، 1/24).

([1245]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت وإذا سعى على غير وضوء بين الصفا والمروة، (1650)، 2/159.

([1246]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39.

([1247]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب جواز الطواف على بعير، (3133)، 4/67، وغشوه: أي ازدحموا عليه وكثروا.

([1248]) المسافة ما بين الميلين حوالي سبعون متراً.

([1249]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39.

([1250]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمى ثم ينحر ثم يحلق والابتداء في الحلق بالجانب الأيمن من رأس المحلوق، (3212)، 4/82.

([1251]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمى ثم ينحر ثم يحلق والابتداء في الحلق بالجانب الأيمن من رأس المحلوق، (3212)، 4/82.

([1252]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب الحلق والتقصير عند الإحلال، (1727)، 2/174، وصحيح مسلم، باب تفضيل الحق على التقصير وجواز التقصير، (3205)، 4/81، حديث ابن عمر: أخرجه مالك (1/395، رقم 886)، والطيالسي (ص 252، رقم 1835)، وأحمد (2/79، رقم 5507)، وأبو داود (2/202، رقم 1979)، والترمذي (3/256، رقم 913) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (2/1012، رقم 3044). والشافعي في السنن المأثورة (1/374، رقم 509)، وابن حبان (9/192، رقم 3880)، والبيهقي (5/102، رقم 9179). وحديث أم الحصين: أخرجه أحمد (6/402، رقم 27302)، وابن أبى شيبة (3/220، رقم 13620)، ومسلم (2/946 ، رقم 1303). وحديث أبي سعيد: أخرجه الطيالسي (ص 295، رقم 2224)، وأبو يعلى (2/453، رقم 1263). قال الهيثمى (3/262): رواه أحمد، وأبو يعلى، وفيه أبو إبراهيم الأنصارى جَهِلَه أبو حاتم، وبقية رجاله رجال الصحيح.

([1253]) سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب الحلق والتقصير، (1987)، 2/150.

([1254]) سنن البيهقي الكبرى، باب من أحب أن يأخذ من شعر لحيته وشاربه ليضع من شعره شيئا لله عز وجل، (9672)، 5/104، والموطأ، كتاب الحج، باب التقصير، (889)، 1/396.

([1255]) حصى الخذف: الحصى التي يخذف بها الإنسان أي يرمي.

([1256]) سنن البيهقي الكبرى، باب أخذ الحصى لرمى جمرة العقبة وكيفية ذلك، (9806)، 5/127.

([1257]) وهو جبل في آخر المزدلفة يقال له: قَزَح.

([1258]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39.

([1259]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39.

([1260]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39.

([1261]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب السير إذا دفع من عرفة، (1666)، 2/163، وصحيح مسلم، باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جمعا بالمزدلفة في هذه الليلة، (3166)، 4/74، وأخرجه الطيالسي (ص 87، رقم 624)، وأحمد (5/210، رقم 21882)، والحميدي (1/248، رقم 543)، والدارمي (2/80، رقم 1880)، وأبو داود (2/191، رقم 1923)، والنسائي (5/258، رقم 3023)، وابن ماجه (2/1004، رقم 3017)، وابن خزيمة (4/266، رقم 2845)، والطحاوي (2/223).

([1262]) العَنَق: السير الوسط بين الإبطاء والإسراع.

([1263]) نَصَّ: أسرع.

([1264]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي، (3009)، 4/39.

([1265]) قَدْر البندقة.

([1266]) سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب في الرَّمَل، (1890)، 2/118.

([1267]) سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب في رمي الجمار، (1968)، 2/146، وسنن البيهقي الكبرى، باب رمي جمرة العقبة راكباً، (9892)، 5/130،.

([1268]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب سقاية الحاج، (1635)، 2/156، وأخرجه أحمد (1/248)، وابن خزيمة (4/306، رقم 2946)، وابن حبان (12/214، رقم 5392)، والحاكم (1/648، رقم 1747) وقال: صحيح على شرط البخاري. والبيهقي (5/147، رقم 9435)، والطبراني (11/345، رقم 11963).

([1269]) سنن البيهقي الكبرى، باب سقاية الحاج والشرب، (9940)، 5/148، حديث جابر: أخرجه أحمد (3/357، رقم 14892)، وابن ماجه (2/1018 رقم 3062) قال البوصيري (3/209): هذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن المؤمل. والحكيم (2/222)، والبيهقي (5/148، رقم 9442). وحديث ابن عمرو: أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (3/481، رقم 4127).

([1270]) يوم التروية هو الثامن من ذي الحجة.

([1271]) سنن البيهقي الكبرى، باب الخطب التي يستحب للإمام أن يأتي بها في الحج أولها يوم السابع من ذي الحجة بمكة، (9706) 5/111.

([1272]) نَمِرَة: موضع معروف بقرب عرفات خارج الحرم بين طرف الحرم وطرف عرفات.

([1273]) سنن البيهقي الكبرى، باب الدفع من المزدلفة قبل طلوع الشمس، (9793) 5/125.

([1274]) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى، (1739)، 2/176.

([1275]) سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب أي يوم يخطب بمنى، (1954)، 2/142.

([1276]) صحيح البخاري، باب الذبح قبل الحلق، (1721)، 2/172.

([1277]) وسمي بذلك؛ لأن الطائفين يلزمونه للدعاء، وهو ما بين الركن والباب.

([1278]) سنن الدارقطني، (129)، 2/278، والبيهقي في شعب الإيمان، (باب فضل الحج والعمرة)، 4159)، 3/490، وذكره الحكيم (2/67)، وابن عدي (6/351، ترجمة 1834 موسى بن هلال) وقال: أرجو أنه لا بأس به.

([1279]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، (3441)، 4/124.

([1280]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، (3441)، 4/124.

([1281]) سنن الترمذي، باب ما يقول عند دخول المسجد، (314)، 2/127، وسنن ابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، باب الدعاء عند دخول المسجد، (771)، 1/253.

([1282]) صحيح البخاري، باب فضل ما بين القبر والمنبر، (1196)، 2/61، وصحيح مسلم، كتاب الحج، باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة، (3436)، 4/123، حديث أبى هريرة: أخرجه أحمد (2/236، رقم 7222)، والترمذي (5/719، رقم 3916) وقال: حسن صحيح. وابن حبان (9/65، رقم 3750). وحديث أبى سعيد: أخرجه أحمد (3/4، رقم 11016). قال الهيثمى (4/8): رجاله رجال الصحيح. وحديث ابن عمر: أخرجه الطبراني (12/294، رقم 13156)، وابن عساكر (49/118). والطبراني في الأوسط (1/223، رقم 733) قال الهيثمي (4/9): رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات.

([1283]) البقيع: مدفن أهل المدينة، وسمي بقيع الغرقد؛ لشجر غرقد كان فيه.

([1284]) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، (2299)، 3/63.

([1285]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب فضل مسجد قباء وفضل الصلاة فيه وزيارته، (3461)، 4/127.

([1286]) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب فضل مسجد قباء وفضل الصلاة فيه وزيارته، (3456)، 4/127.

([1287]) هذا إذا كان سَعَى عقب طواف القدوم، أما إذا لم يكن قد سعى: فيتوقف التحلل عندها على الطواف والسعي.

([1288]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما يحل بالتحلل الأول من محظورات الإحرام، (9874)، 5/136.

([1289]) ويفسد حج الواطئ والموطوء.

([1290]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما يفسد الحج، (10060)، 5/167.

([1291]) صحيح مسلم،  باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران وجواز إدخال الحج على العمرة ومتى يحل القارن من نسكه، (2975)، 4/29.

([1292]) يُنْظَر: صحيح البخاري، كتاب الإحصار وجزاء الصيد، باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان وفلان بن فلان وإن لم ينسبه إلى قبيلته أو نسبه، (2698)، 3/184، وصحيح مسلم، باب غزوة ذى قرد وغيرها، (4779)، 5/189.

([1293]) صحيح البخاري، كتاب الإحصار وجزاء الصيد، باب النحر قبل الحلق في الحصر، (1812)، 3/9.

([1294]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما يفعل من فاته الحج، (10107)، 5/175.

([1295]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما يفعل من فاته الحج، (10107)، 5/175.

([1296]) صحيح البخاري، كتاب العيدين، باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد وإذا سئل الإمام عن شيء وهو يخطب، (983)، 2/23.

([1297]) صحيح البخاري، كتاب الأضاحي، باب في أضحية النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين ويذكر سمينين، (5553)، 14/111.

([1298]) صحيح مسلم، كتاب الأضاحي،  باب نهى من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئاً، (5232)، 6/83.

([1299]) سنن ابن ماجه، كتاب الأضاحي، باب ثواب الأضحية، (3246)، 9/413.

([1300]) صحيح مسلم، باب سن الأضحية، (5194)، 6/77، وسنن أبي داود، باب ما يجوز من السن في الضحايا، (2799)، 3/52، وسنن ابن ماجه، كتاب الأضاحي، باب ما تجزئ من الأضاحي، (3141)، 2/1049.

([1301]) سنن النسائي، باب العجفاء، (4383)، 7/215، ولا تنقى: التي لا نقي لها أي لا مخ لها لضعفها وهزالها.

([1302]) القانع: السائل.

([1303]) المعتر: المتعرض للسؤال.

([1304]) صحيح مسلم، كتاب الأضاحي، باب نهى من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئاً، (5234)، 6/83.

([1305]) سنن البيهقي الكبرى، باب ما يستحب من ذبح صاحب النسيكة نسيكته بيده وجواز الاستنابة فيه ثم حضوره الذبح لما يرجى من المغفرة عند سفوح الدم، (10524)، 5/239.

عدد القراء : 12476