{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272].
{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272].
- يقول الله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272].
- يقول الله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 273].
- يقول الله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60].
- يقول الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39].
- في صحيح مسلم، (8/ 21)، 6757 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ».
- قَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: يَعْنِي إِذَا أَعْطَيْتَ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَلَا عَلَيْكَ مَا كَانَ عملُه وَهَذَا مَعْنًى حَسَنٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَصَدِّقَ إِذَا تَصَدَّقَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ فَقَدْ وَقَعَ أجرُه عَلَى اللَّهِ، وَلَا عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِمَنْ أَصَابَ: ألِبَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ أَوْ مُسْتَحَقٍّ أَوْ غَيْرِهِ، هُوَ مُثَابٌ عَلَى قَصْدِهِ، ومستَنَدُ هَذَا تَمَامُ الْآيَةِ: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} وَالْحَدِيثُ الْمُخَرَّجُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "قال رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدقَ عَلَى زَانِيَةٍ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ، لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدق اللَّيْلَةَ عَلَى غَني! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى غَنِيٍّ، لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصدق اللَّيْلَةَ عَلَى سَارِقٍ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ، وَعَلَى غَنِيٍّ، وَعَلَى سَارِقٍ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ؛ وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ بِهَا عَنْ زِنَاهَا، وَلَعَلَّ الْغَنِيَّ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ، وَلَعَلَّ السَّارِقَ أَنْ يَسْتَعِفَّ بِهَا عَنْ سَرِقَتِهِ".
- في هذه الآية الكريمة يبين سبحانه جزاء الصدقات، من حيث إنها تعود على المنفق مغباتها وثمراتها؛ والمعنى: أن ما تنفقون من خير في هذه الدنيا يوفَ إليكم جزاؤه في هذه الدنيا، وفي الآخرة؛ أما في الآخرة فبالنعيم المقيم الخالد، وهو أضعاف مضاعفة للصدقة، وجزاؤها في الدنيا من حيث إنها تقوية للعناصر الضعيفة في الأمة، فتنقلب إلى عناصر قوة تمدها بالخير والمعونة الصادقة، فتكون قوة عاملة منتجة تعود ثمرات أعمالها إلى الجميع ومنهم المنفقون، وإن الفقراء إن لم يُعْطَوا كانوا أداة تخريب وهدم، والصدقة تجعلهم عنصر عمل وبناء، وخير ذلك للجميع.
- أي: يعود إليكم ذات الخير، فالجزاء لأنه ثمرة لازمة كأنه هو نفس الإنفاق، والنتيجة لأنها متولدة عن الإنفاق كانت كأنها هو. ثم ختم سبحانه الآية بقوله: (وَأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ) أي: لَا تنقصون أي جزاء لعمل قدمتموه لَا تبغون به إلا وجه الله تعالى، وهو العليم الحكيم القادر على كل شيء، وإلى الله المصير.
- «وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ» أي هو لكم ثوابه، وإليكم عائدة ثمرته، وذلك إذا كان هذا الإنفاق ابتغاء وجه الله، خالصا له، بعيدا عن الرياء والمنّ والأذى «وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ» فهو الوجه المقبول عند الله، وهو الوجه الذي يجب أن يتوجه إليه الإنفاق «وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ» أي أن ما أنفقتموه على هذا الوجه فهو مقبول عند الله، يجزيكم به أضعافا مضاعفة.
- أي: يوف إليكم في الآخرة لا تنقصون منه شيئا، فأنتم على استفادتكم من الإنفاق في رقىّ أنفسكم، وتثبيتها في مقامات الإيمان والإحسان، وإرادة وجه الله وابتغاء مرضاته- لا يضيع عليكم ما تنفقون، بل توفونه ولا تظلمون منه شيئا. وفي هذا إرشاد من الله لعباده أن يكملوا أنفسهم، ويبتغوا أن يراهم الله كملة يعملون الحسن لأنه حسن تتحقق به حكمته، وتقوم به سنته في صلاح البشر.
- أن ما تنفقونه من خير- أيها المؤمنون ستعود عليكم ثماره ومنافعه في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فإنكم بسبب هذا الانفاق تزكو أموالكم، وتحسن سيرتكم بين الناس، وأما في الآخرة فإنكم تنالون من خالقكم ورازقكم أجزل الثواب، وأفضل الدرجات. وقوله: وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ أي: لا تنقصون شيئا مما وعدكم الله به على نفقتكم في سبيله.
- أنتم لا تظلمون من الخلق، ولا تظلمون من الخالق، أما من الخلق فقد استبرأتم دينكم وعرضكم حين أديتم بعض حقوق الله في أموالكم، فلن يعتدي أحد عليكم ليقول ما يقول، وأما عند الله فهو سبحانه يوفي الخير أضعافَ أضعافِ ما أنفقتم فيه.
- (وما تنفقوا من خير يوفّ) أي يرد (إليكم) أجره وثوابه على الوجه الذي تقدم ذكره من التضعيف، قال عطاء الخراساني: إذا أعطيت لوجه الله فلا عليك ما كان عمله (وأنتم لا تظلمون) أي لا تنقصون شيئاً من ثواب أعمالكم.
- {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} ثوابه أضعافاً مضاعفة فلا عذر لكم في أن ترغبوا عن إنفاقه وأن يكون على أحسن الوجوه وأجملها {وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} ولا تنقصون كقوله ولم تظلم منه شيأ أي لم تنقص.
- المراد بالتوفية في المقدار وعدم الظلم في الصفة لأن من لك عليه طعام موصوف تارة يعطيك مثل الصفة وأقل في المقدار، وتارة يعطيك مثل القدر (وأدوَن) في الصفة.
- وما تنفقوا من مال يوفكم الله ثوابه أضعافا مضاعفة، دون أن تنقصوا منه شيئا فلا عذر لكم أن ترغبوا عن الإنفاق، ولا عذر لكم ألا يكون على أحسن الوجوه، وأجملها.
- وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ} أي: يؤدَّ. {إِلَيْكُمْ} ثوابُه. {وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} تُنقَصون من ثواب أعمالكم شيئًا.
- فلا ينقص ثواب صدقاتكم.
عدد القراء : 833