{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 273].
{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 273].
- يقول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215].
- يقول الله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272].
- يقول الله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92].
- يقول الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39].
- يقول الله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215]، ويقول: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 272]، ويقول: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} [البقرة: 272]، وليس على سبيل التكرار والتأكيد، بل كل منهما مقيد بغير قيد الآخر، فالأول: ذكر أن الخير الذي يعلمه مع غيره إنما هو لنفسه، وأنه عائد إليه جزاؤه، والثاني: ذكر أن ذلك الجزاء الناشئ عن الخير يوفاه كاملاً من غير نقص ولا بخس، والثالث: ذكر أنه تعالى عليم بما ينفقه الإنسان من الخير، ومقداره، وكيفية جهاته المؤثرة في ترتب الثواب، فأتى بالوصف المطلع على ذلك وهو: العلم.
- {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 273] وهو نظير ما ذكر قبل هذه الآية من قوله {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272] وليس هذا من باب التكرار وفيه وجهان أحدهما: أنه تعالى لما قال: {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} وكان من المعلوم أن توفية الأجر من غير بخس ولا نقصان، لا يمكن إلا عند العلم بمقدار العمل، وكيفية جهاته المؤثرة، في استحقاق الثواب، لا شك قرَّر في هذه الآية كونه تعالى عالماً بمقادير الأعمال، وكيفياتها.
- عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} قَالَ: مَحْفُوظٌ ذَلِكَ عَنِ اللَّهِ، عَالِمٌ بِهِ، شَاكِرٌ لَهُ، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ أَشْكَرَ مِنَ اللَّهِ، لا أَجْزَأَ بِخَيْرٍ مِنَ اللَّهِ.
- عَن قَتَادَة {وَمَا تنفقوا من خير فَإِن الله بِهِ عليم} قَالَ: مَحْفُوظ ذَلِك عِنْد الله عَالم بِهِ شَاكر لَهُ وَإنَّهُ لَا شَيْء أشكر من الله وَلَا أجزى لخير من الله.
- هذه الجملة السامية ختمت بها الآية الكريمة، لثلاثة أمور: أولها: تربية الشعور بمراقبة الله في نفس المؤمن، فإنه إذا أحس أن الله سبحانه وتعالى مطلع دائمًا على كل ما يعمل من خير ومن شر، أحس بمراقبته سبحانه، ودام ذكره له، وشعوره بعظمته، فيكون في مقام العبودية الرفيع، ويعبد الله كأنه يراه، كما قال صلى الله عليه وسلم: "اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". ثانيها: هو الإحساس برضا الله عنه عند فعل الخير، إذ إن الله يراه وهو يفعله، والإحساس بمرضاة الله مقام جليل، فرضوان الله أكبر من كل نعيم. ثالثها: العلم بالجزاء الأخروي؛ فإن الله إذا كان يعلم الخير من الأخيار، فإنه يثيبه عليه؛ لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
- قوله: {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ} هو نظير قوله: {وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272]، وليس بتكرارٍ؛ لأنه لمَّا قال في الآية الأولى: {وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} فهم منه التوفية من غير بخسٍ؛ ولا نقصان، وذلك لا يمكن إلاَّ بالعلم بمقدار العمل، وكيفية جهاته المؤثرة في استحقاق الثواب.
- يجب أن تعلم أنه قبل أن تعطي قد علم الله أنك ستعطي، فالأمر محسوب عنده بميزان، ويجيء تصرف خلقه على وفق قدره، وما قدره قديما يلزم حاليا، وهو سبحانه قد قدر؛ لأنه علم أن عبده سيفعل وقد فعل. وكل فعل من الأفعال له زمن يحدث فيه، وله هيئة يحدث عليها. والزمن ليل أو نهار.
- ينفق، يبذل بسخاء المؤمن الواثق بأن عطاياه لا تضيع، إذ هي محفوظة لدى عليم خبير: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}. وإنه ليؤمن أيضا، وهو يجود بماله، أن ما ينفقه سيعود عليه بالفائدة الجمة والخير العميم، وسيخلفه الله عليه أضعافا مضاعفة في الدنيا والآخرة.
- لَا يَخْفَى عَلَيْهِ حُسْنُ النِّيَّةِ فِيهِ وَتَحَرِّي النَّفْعِ بِهِ وَوَضْعِهِ فِي مَوْضِعِهِ وَإِيتَائِهِ أَحَقَّ النَّاسِ فَأَحَقَّهُمْ بِهِ، فَهُوَ يُجَازِي عَلَيْهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ، فَالْجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ مُرَغِّبٌ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي سِيقَتِ الْهِدَايَةُ إِلَيْهِ.
- أي: فإنّ الله يجازي عليه لأنّه إذا علمه جازى عليه، وتأويل (ما) تأويل الشرط والجزاء وموضعها نصب لينفقوا، المعنى: وأي شيء ينفقون فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ.
- أي: وما تنفقوا من خير سواء أكان المنفق قليلا أم كثيرا سرا أم علنا فإن الله يعلمه وسيجازيكم عليه بأجزل الثواب، وأعظم العطاء.
- فلا يخفى عليه حسن النية والإخلاص له في العمل، ولا تحرى النفع به وإيتاؤه أحق الناس به، فهو يجازى عليه بحسب هذا.
- إذا كان الله عليماً بأيّ خير ننفقه فسيجازينا عليه الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
- تحريض للمؤمن على البذل والسخاء، وترقية لنفسه على الشعور بمراقبة الله تعالى وعلى محبة فعل الخير.
- أَيْ: لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ، وَسَيَجْزِي عَلَيْهِ أَوْفَرَ الْجَزَاءِ وَأَتَمَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَحْوَجَ مَا يَكُونُونَ إِلَيْهِ.
- فيه أن ثواب هذا الإنفاق الذي هو أعظم المصارف لا يكتنه كنهه فلذلك وكل إلى علم الله تعالى.
- يعني أن الله تعالى يعلم مقادير الإنفاق ويجازي عليها ففيه حث على الصدقة والإنفاق في الطاعة.
- أي: يعلم مقادير الإنفاق يجازي عليه وفيه حث على الصدقة والإنفاق في الطاعة.
- فيجازيكم عليه؛ لأنه لا تخفى عليه خافية، وهو ترغيب في الإنفاق عمومًا.
- أي: ما أنفقتموه في وجوه الخير فإِن الله يجازيكم عليه أحسن الجزاء.
- أي: وما تنفقوا من مال، فإن الله يعلمه، ولا يضيع عنده.
- وعدٌ محضٌ، أي: يعلمه، ويحصيه ليجازي عليه، ويثيب.
- يعني عليم بما أنفقتم ويقال هذا على معنى التحريض.
- ولازمه أن يثيبكم عليه أحسن ثواب فابشروا واطمأنوا.
- فيجازي على القليل والكثير، وهذا ترغيب في الإنفاق.
- فيجازيكم بذلك أحسن جزاء فهو ترغيبٌ في التصدق.
- الله وحده الذي يعلم السر، ولا يضيع عنده الخير.
- فإذا علم ذلك فهو يخلف عليك ويؤجرك عليه.
- فأيّ خير يفعله العبد فإن الله به عليم.
- فيجازيكم به وهو ترغيب في الإنفاق.
- وعليه مجاز ترغيب في الانفاق.
- يعني: فيجزيكم بخير منه.
- أي: فيجازيكم بقدره.
- ترغيب في الإِنفاق.
- لا يضيع عنده.
- وعليه مُجازٍ.
- فمجاز عليه.
عدد القراء : 4432