shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

نماذج من الفتاوى المعاصرة فيما يخص العبادات

 

فتاوى وتوصيات

من ندوات قضايا الزكاة المعاصرة

الزكاة فريضة اجتماعية ومالية وركن هام في بناء الاقتصاد الإسلامي وتحقيق العدل الاجتماعي، غرضها سعادة الفرد والمجتمع، وتحقيق التكافل والترابط بين أفراده، ونشر دعوة الإسلام في الأرض.

وقد بيّن القرآن الكريم مصارف الزكاة وأنها ثمانية أصناف، ولقد تكفلت أربعة مصارف بتحقيق غايات الزكاة الاجتماعية، وأربعة أخرى بتحقيق الغايات الدعوية. 

أما الاجتماعية فهي مصارف الفقراء، والمساكين، والعاملين، عليها والغارمين.

وأما الدعوية فهي مصارف المؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل.

والزكاة سند للفقراء والمعوزين في كثير من بلاد العالم الإسلامي، وهي العمود الفقري للدعوة الإسلامية في سائر بلاد العالم الإسلامية وغير الإسلامية.

لذا، فإن إحياء هذه الفريضة وتطوير أساليب تطبيقها، وحلّ إشكالاتها الفنية والميدانية وفق أحكام الشريعة قضية هامة جداً في بناء صرح المجتمع الإسلامي المنشود، والمجتمع الواحد، مجتمع التراحم والتكافل والقوة والعزة والدعوة.

ولقد جدت في عصرنا هذا أمور ما كانت موجودة في عصور سابقة، فتنوعت مصادر الدخل الفردي والجماعي، وازدادت الإشكاليات والمعضلات الناشئة عن النظم المالية والاجتماعية اليوم، وهي تحتاج إلى نظر الفقيه الحصيف، والاقتصادي الأمين، لتتلاقى أفكارهما، ويقع اجتهادهما موقعه الصحيح، فتُيَسِّر سبل التطبيق الإسلامي السليم.


أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة

 

مدلول الحاجات الأصلية

القرار([1]): من شرائط وجوب الزكاة أن يكون المال عند الشخص زائداً عن حاجاته الأصلية، والمعتبر في الحاجات الأصلية ما يلي:

1 - النفقات اليومية لنفسه ولعياله ولمن هم تحت رعايته من الأقارب.

2 - السكن والثياب والمركب والآلات الصناعية ووسائل الرزق الأخرى التي يكتسب بها الإنسان.

3 - الحاجات الأصلية تتعين حسب العصر والمنطقة وحسب مستوى حياة الأفراد.

4 - تدخل في الحاجات الأصلية ضرورات الحياة والنفقات اليومية والعبرة لنفقة سنة كاملة وما ادخر للسنة القادمة ليكون داخلا في الحاجات الأصلية وبالتالي لا يخصم من أموال الزكاة.

 

زكاة الحلي([2])

  • بعد دراسة هذا الموضوع من جوانبه المختلفة، تبين أن هناك اتجاهين في الفقه الإسلامي، أحدهما : يرى وجوب الزكاة في حلي النساء، والثاني : يرى عدم الوجوب فيها.

فيسع أهل العلم الأخذ والإفتاء بأحد الرأيين بما يترجح عندهم.

  • عند الأخذ بعدم وجوب الزكاة في حلي النساء تراعي الضوابط التالية :

آ - أن يكون الاستعمال مباحاً، فتجب الزكاة فيما يستعمل استعمالاً محرماً؛ كالتزين بحلي على صورة تمثال.

ب- أن يُقصَد بالحلي التزين، فإذا قصد به الادخار أو الاتجار فتجب فيه الزكاة.

ج- أن يكون الاستعمال في حاجة آنية غير مستقبلية بعيدة الأجل كمن يدخره لتحلية زوجته في المستقبل.

د - أن يبقى الحلي صالحاً للتزين به، ولذا تجب الزكاة في الحلي المتهشم الذي لا يستعمل إلا بعد صياغة وسبك، ويُستأنَفُ له حولاً من وقت تهشمه.

هـ- أن تكون الكمية المستعملة من الحلي في حدود القصد
- التوسط - والاعتدال عرفاً. أما إذا بلغت حد الإسراف والتبذير فتجب الزكاة فيما زاد عن حد الاعتدال.

  • نصاب الذهب عشرون ديناراً "85 جراماً تقريباً" من الذهب الخالص، ونصاب الفضة مائتا درهم "595 جراماً تقريباً" من الفضة الخالصة، ويراعى في تقدير نصاب الحلي الذي تجب فيه الزكاة الوزن لا القيمة الحاصلة من الوزن والصياغة.
  • الحلي من غير الذهب والفضة كالياقوت واللآلئ ليس فيها زكاة ما لم تكن معدة للتجارة([3]).

 

زكاة الزروع والثمار([4])

أولاً: وجوب الزكاة في كل ما تنتجه الأرض من الزروع والثمار والخضروات إذا بلغت نصاباً.

ثانياً: النصاب الشرعي في الزروع والثمار والخضروات هو خمسة أوسق([5]) (612 كيلو جرام)، وكل وسق ستون صاعاً، والصاع([6]) (2040 جراماً من حبوب القمح، أو 2.582 ليتراً)، خمسة أرطال([7]) وثلث رطل بغدادي، وما لا يكال يكون النصاب فيه مقدار النصاب في أوسط الحبوب المقتاتة في الغالب.

ثالثاً: وجوب الزكاة في العسل إذا بلغ نصاباً، وهو عشرة أفرق (61.200كيلو جراماً)، والفرق([8]) ستة عشر رطلاً بغدادياً.

رابعاً: الأصل في زكاة الزروع والثمار والخضروات إخراجها من أعيانها، ويجوز دفع قيمتها للمصلحة.

خامساً: (يتعلق بتقدير الزكاة من قبل المؤسسات الزكوية)

سادساً: لا تضم الأجناس المختلفة بعضها إلى بعض في اعتبار النصاب عند إخراج الزكاة، وتضم الأنواع في الجنس الواحد.

سابعاً: للخلطة في الثمار والزروع والخضروات تأثير في الزكاة، فيحسب الخليط بمثال مال واحد من حيث النصاب.

ثامناً: زكاة ما يخرج من الأرض المستأجرة أو المستعارة على المستأجر أو المستعير.

تاسعاً: المنشآت الزراعية التي تبيع ما تنتجه تؤدي زكاة الزروع والثمار، أما المنشآت التي تتاجر في المحاصيل الزراعية فتزكيها زكاة عروض التجارة.

عاشراً:

أ - مقدار الزكاة في المحاصيل الزراعية العشر (10%) إذا كانت تسقى بماء السماء ونحوه، ونصف العشر (5%) إذا كانت تسقى بطريقة الآبار ونحوها مما فيه كلفة معتبرة عند السقي.

ب – زكاة العسل العشر (10%) من الناتج.

 

زكاة عروض التجارة من أعيانها([9])

الأصل إخراج زكاة عروض التجارة نقداً، بعد تقويمها وحساب المقدار الواجب فيها؛ لأنها أصلح للفقير حيث يسد بها حاجاته مهما تنوعت.

ومع ذلك يجوز إخراج زكاة عروض التجارة من أعيانها إذا كان ذلك يدفع الحرج عن المزكي في حالة الكساد وضعف السيولة لدى التاجر، ويحقق مصلحة الفقير في أخذ الزكاة أعياناً يمكنه الانتفاع بها.

وهذا ما اختارته الندوة في ضوء الاجتهادات الفقهية وظروف الأحوال.

ويتم تقويم عروض التجارة بحسب قيمتها السوقية يوم وجوب الزكاة، وتُقَوَّم السلع المباعة جملة أو تجزئة بسعر الجملة.

 

الأصول المحاسبية المعاصرة لتقويم عروض التجارة([10])

أولاً : يقصد بتقويم عروض التجارة : تقديرها بقيمتها النقدية وذلك لمعرفة بلوغ النصاب، وتحديد الوعاء الزكوي من أجل معرفة القدر الواجب إخراجه.

ثانياً : يكون التقويم لكل تاجر بحسبه، سواء أكان تاجر جملة أم تاجر تجزئة بالسعر الذي يمكنه الشراء به عادة عند نهاية الحول (القيمة الاستبدالية)، وهو يختلف عن كل من سعر البيع (القيمة السوقية)، وعن التكلفة التاريخية أو الدفترية.

ثالثاً : إذا تغيرت الأسعار بين يوم وجوب الزكاة ويوم أدائها، فالعبرة بأسعار يوم الوجوب سواء زادت أو نقصت.

رابعاً : زكاة البضائع المنقولة قبل قبضها على مالكها، ويحصل المالك في البضاعة المشتراة على الوصف بالقبض، فالبضاعة المشتراة على الوصف التي في الطريق فإن كانت مشتراة (مثلاً) على أساس التسليم في ميناء البائع (F.O.B) تدخل في الملك بمجرد التسليم إلى الشاحن، وإن كانت مشتراة على أساس التسليم في ميناء المشتري (C.I.F) تدخل في الملك عند بلوغها ميناء الوصول.

خامساً : إذا اشتملت أموال التجارة على عملات مختلفة، أو ذهب أو فضة، فَتُقَوَّم - لمعرفة المقدار الواجب إخراجه - بالعملة التي يتخذها التاجر لتقويم عروض تجارته، وذلك بالسعر السائد يوم وجوب الزكاة.

سادساً : الديون التي للتاجر (الذمم المدينة وأوراق القبض التجارية) تُقَوَّم بكامل مبلغها إذا كانت مرجوة السداد، فإن كانت غير مرجوة السداد يُحسَم منها هذا القدر، فيزكي ما يرجو سداده حالاً وما يقبضه في الحال.

سابعاً : آ - المعادلة الميسِّرة لحساب الزكاة، ومنها عروض التجارة حسب مقولة ميمون بن مهران([11]) التي نصها (إذا حلَّت عليك الزكاة، فانظر ما عندك من نقد أو عَرَض للبيع فَقَوِّمْهُ قيمة النقد، وما كان مِن دَيْن في ملاءة فاحسبه، ثم اطرح منه ما كان عليك من دين ثم زكِ ما بقى)، والمعادلة هي :

الزكاة الواجبة = (عروض التجارة + النقود + الديون المرجوة على الغير - الديون التي على التاجر) × نسبة الزكاة حسب الحول القمري (2.5%)، أو حسب الحول الشمسي (2.577%).

ب- لحساب زكاة التجارة ينظر إلى الموجودات الزكوية؛ بجردها وتقويمها يوم وجوب الزكاة وذلك بالاستعانة بقائمة المركز المالي (الميزانية)، بصرف النظر عن وجود ربح أو خسارة في حساب الأرباح والخسائر.

ج- لابد من مراعاة الشروط العامة لوجوب الزكاة وأدائها، بالإضافة للشروط الخاصة بعروض التجارة.

ثامناً : آ - تُقَوَّم عروض التجارة لمعرفة بلوغها النصاب على أساس نصاب الذهب، وهو ما يعادل (85) جراماً من الذهب الخالص أي ليس عيار ((21، أو 18، 14، 12)).

ب- المواد المعدة للتغليف والتعبئة لا تُقَوَّم على حده، إذا لم تشتر بقصد البيع مفردة، أما إذا كانت تستخدم في بيع عروض التجارة فَتُقَوَّم إن كانت تزيد في قيمة تلك العروض كالأكياس الخاصة، وإن كانت لا تزيد كورق التغليف فلا تدخل في التقويم.

 

زكاة المشروعات الصناعية([12])

إن المشروعات الصناعية يمكن قياسها على الأراضي الزراعية باعتبار كل منهما أصلاً ثابتاً يدرُّ دخلاً متجدداً؛ بالعمل فيه والنفقة عليه، ومن ثَمَّ تجب الزكاة في المنتج بنسبة 5%، كما يمكن معاملة رأس المال العامل (الأصول المتداولة) من المشروع الصناعي معاملة عروض التجارة، ومن ثَمَّ تجب الزكاة في الأصل والناتج نسبة 2.5%.

زكاة الأصول الثابتة([13])

  • الأصول الثابتة هي الموجودات المادية والمعنوية للمشروعات الاقتصادية مما يُتَّخَذ بقصد الانتفاع به في أنشطة تلك المشروعات أو لدرِّ الغلة ولا يقصد به البيع، ويطلق على الموجودات المادية - الدَّارة للغلة منها - (المستغلات).
  • تشمل الأصول الثابتة :

آ ) الموجودات التي تُتَّخَذ للانتفاع بها في المشاريع الإنتاجية، مثل وسائل النقل وأجهزة الحاسب، وهذا النوع لا زكاة له.

ب) الموجودات المادية التي تَدُرُّ غلة للمشروع، مثل آلات الصناعة والبيوت المؤجرة، وهذا النوع لا تجب الزكاة في أصله، إنما تجب في صافي غلته بنسبة 2.5%، بعد مرور حَوْلٍ من بداية الإنتاج، وضم ذلك إلى سائر أموال المزكي.

 

زكاة الأراضي([14])

الأرض إما أن تكون زراعية فيُزكى نتاجها زكاة الزروع والثمار .

أو تكون معدة للتجارة فتزكى زكاة عروض التجارة.

وإن كانت للإيجار فالزكاة فيما يحول عليه الحول من إيرادها مع توافر شروط الزكاة فيها.

وإن كانت للانتفاع الشخصي فلا زكاة فيها.

 

زكاة المواد الخام الداخلة في الصناعة والمواد المساعدة([15]) :

1- المواد الخام (المواد الأولية) المعدة للدخول في تركيب المادة المصنوعة؛ كالحديد في صناعة السيارات، والزيوت في صناعة الصابون تجب الزكاة فيها بحسب قيمتها التي يمكن الشراء بها في نهاية الحول، وينطبق هذا أيضاً على الحيوانات ونحوها، والحبوب والنباتات المعدة للتصنيع.

2- المواد المساعدة التي لا تدخل في تركيب المادة المصنوعة، كالوقود في الصناعات، لا زكاة فيها، كالأصول الثابتة.

 

زكاة السلع المصنعة والسلع غير المنتهية الصنع([16])

تجب الزكاة في السلع المصنعة وفي السلع غير المنتهية الصنع زكاةَ عروض التجارة بحسب قيمتها في حالتها الراهنة في نهاية الحول.

 

زكاة السَّلَم([17])

السَّلَم هو: (أن يُسلِّم عوضاً حاضراً في عوضٍ موصوف في الذمة إلى أجل) ([18]).

زكاة الثمن في السلم على البائع (المُسَلَّم إليه)، ويعد الحول من تاريخ قبضه الثمن، وأما المبيع (المسلم فيه) فزكاته قبل قبضه زكاة الديون، وبعد القبض يزكى زكاة عروض تجارة إذا اتُخذ للتجارة.

 

زكاة الاستصناع([19])

الاستصناع هو: (عقد مع صانع - ويسمى بائعاً - على عمل شيء معين في الذمة) ([20]).

يجري في زكاة الاستصناع ما يجري في زكاة السَّلَم.

 

زكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية

القرار([21]): بعد أن استمع المجلس لما أعد من دراسات في موضوع (زكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية) وبعد أن ناقش الموضوع مناقشة وافية ومتعمقة تبين:

أولاً: أنه لم يؤثر نص واضح يوجب الزكاة في العقارات والأراضي المأجورة.

ثانياً: أنه لم يؤثر نص واضح كذلك يوجب الزكاة الفورية في غلة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية.

ولذلك قرر:

أولاً: أن الزكاة غير واجبة في أصول العقارات والأراضي المأجورة.

ثانياً: أن الزكاة تجب في الغلة وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم القبض مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.

 

زكاة أجور العقار

القرار([22]): إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي قد نظر في موضوع زكاة أجور العقار وبعد المناقشة وتداول الرأي قرر بالأكثرية ما يلي:

أولاً: العقار المعد للسكنى هو من أموال القنية فلا تجب فيه الزكاة إطلاقاً؛ لا في رقبته ولا في قدر أجرته.

ثانياً: العقار المعدُّ للتجارة هو من عروض التجارة فتجب الزكاة في رقبته وتقدر قيمته عند مضي الحول عليه.

ثالثاً: العقار المعدُّ للإيجار تجب الزكاة في أجرته فقط دون رقبته.

رابعاً: نظراً إلى أن الأجرة تجب في ذمة المستأجر للمؤجر من حين عقد الإجارة فيجب إخراج زكاة الأجرة عند انتهاء الحول من حين عقد الإجارة بعد قبضها.

خامساً: قدر زكاة رقبة العقار إن كان للتجارة، وقدر زكاة غلته إن كان للإجارة هو: ربع العشر إلحاقا له بالنقدين.

 

زكاة الديون

القرار([23]): بعد أن نظر المجمع في الدراسات المعروضة حول (زكاة الديون) وبعد المناقشة المستفيضة التي تناولت الموضوع من جوانبه المختلفة تبين:

أولاً: أنه لم يرد نص من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَصِّل زكاة الديون.

ثانياً: أنه قد تعدد ما أثر عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم من وجهات نظر في طريقة إخراج زكاة الديون.

ثالثاً: أنه قد اختلفت المذاهب الإسلامية بناء على ذلك اختلافاً بَيِّنَاً.

رابعاً: أن الخلاف قد انبنى على الاختلاف في قاعدة: هل يعطي المال الممكن الحصول عليه صفة الحاصل ؟.

وبناء على ذلك قرر:

أولاً: أنه تجب زكاة الدين على رب الدين عن كل سنة إذا كان المدين مليئاً باذلاً.

ثانياً: أنه تجب زكاة الدين على رب الدين بعد دوران الحول من يوم القبض إذا كان المدين معسراً أو مماطلاً.

كيف تكون زكاة الديون ؟

القرار([24]): في ضوء مباحثات وآراء المشاركين اتفق الملتقى على ما يلي:

1 - الدين ينقسم إلى قسمين : دين غير مرجو حصوله، ودين مرجو حصوله.

فالدين الذي لا يرجى حصوله لأي سبب إذا تم أداؤه يوماً فالزكاة تجب عليه بعد مضي سنة كاملة من ذلك اليوم.

2 - إذا كان المدين يماطل في تسديد الدين رغم مطالبة الدائن حتى ييأس الدائن من حصوله على دينه فزكاة هذا الدين لا تجب على الدائن وإذا حصل هذا الدين في أي يوم فبعد مضي سنة من ذلك اليوم تجب الزكاة عليه.

3 - الدين الذي يرجى حصوله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

  • دين هو بدل القرض أو بدل السلع التجارية ومثل هذا الدين تجب زكاته بعد الحصول عليه مع زكاة السنين الماضية.
  • دين هو بدل مال غير القرض وثمن عروض التجارة مثل مال الوراثة والوصية.
  • دين ليس هو بدل مال مثل المهر وفي هاتين الصورتين تجب الزكاة بعد مضى سنة من يوم الحصول عليه ولا تجب للسنين الماضية.

4 - في الديون طويلة الأجل المعطاة من المؤسسات الرسمية أو غير الرسمية يخصم من أموال الزكاة القسط اللازم دفعه سنويا فقط لا جميع الديون فتجب الزكاة على بقية الديون.

 

الإبراء من الدين على مستحق الزكاة واحتسابه منها([25])

إسقاط الدائنِ العاجزِ عن استيفاء دينه على المدين المعسر لهذا الدين لا يحتسب من الزكاة ولو كان المدين مستحقاً للزكاة وهذا ما ذهب إليه أكثر الفقهاء.

ومن الصور المتصلة بهذا الموضوع :

آ ) لو دفع المزكي الدائنُ الزكاةَ للمدين، ثم ردها المدين إلى الدائن وفاءً لدينه من غير تواطؤ ولا اشتراط، فإنه يصح ويجزئ عن الزكاة.

ب) لو دفع الدائن الزكاة إلى المدين بشرط أن يردها إليه عن دينه، أو تواطأ الاثنان على الرد، فلا يصح الدفع ولا تسقط الزكاة وهذا رأي أكثر الفقهاء.

ج) لو قال المدين للمزكي : اِدفع الزكاة إليّ حتى أقضيك دينك، ففعل، أجزأه المدفوع عن الزكاة، وملكه القابض، ولكن لا يلزم المدينَ القابضَ دفعُ ذلك المال إلى الدائن عن دينه.

د) لو قال رب المال للمدين : اِقضي يا فلان ما عليك من الدين على أن أردَّه عليك عن زكاتي، فقضاه، صحّ القضاءُ ولا يلزم الدائنَ ردُّ ذلك المال إلى المدين بالاتفاق.

 

زكاة مكافأة نهاية الخدمة والراتب التقاعدي([26])

مكافأة نهاية الخدمة هي: مبلغ مالي مقطوع يستحقه العامل على رب العمل في نهاية خدمته بمقتضى القوانين والأنظمة، إذا توافرت الشروط المحدَّدة فيها.

مكافأة التقاعد هي: مبلغ مالي مقطوع تؤديه الدولة أو المؤسسات المختصة إلى الموظف أو العامل المشمول بقانون التأمينات الاجتماعية، إذا لم تتوافر جميع الشروط المطلوبة لاستحقاق الراتب التقاعدي.

الراتب التقاعدي: مبلغ مالي يستحقه شهرياً الموظف أو العامل على الدولة أو المؤسسة المختصة بعد انتهاء خدمته بمقتضى القوانين والأنظمة إذا توافرت الشروط المحدَّدة فيها.

لا تجب الزكاة على العامل أو الموظف في هذه الاستحقاقات طيلة مدة الخدمة؛ لعدم تحقق الملك التام الذي يُشترط لوجوب الزكاة.

هذه الاستحقاقات إذا صدر القرار بتحديدها وتسليمها للموظف أو العامل دفعة واحدة أو على فترات دورية أصبح ملكه لها تاماً ويزكي ما قبضه منها زكاة المال المستفاد.

والمال المستفاد يُزكى بضمِّه إلى ما عند المزكي من الأموال؛ من حيث النصاب والحول.

 

زكاة التأمين النقدي

السؤال: ما مدى خضوع ما يدفعه المستأجر من تأمين للمالك للزكاة إذا بلغ نصابا شرعيا وحال عليه حول؟.

الجواب([27]): التأمين النقدي الذي يدفعه المستأجر لمالك الأرض مال مملوك للمستأجر مودع عند صاحب الأرض ضماناً لسداد الإيجار في مواعيده فيجب زكاته على مالكه لا على صاحب الأرض إذا توافرت شرائط الوجوب، ومنها بلوغ النصاب وحولان الحول.

 

زكاة أسهم الشركات

القرار([28]): بعد الاطلاع على البحوث الواردة بخصوص موضوع زكاة أسهم الشركات قرر مجلس المجمع ما يلي:

أولاً: تجب زكاة الأسهم على أصحابها وتخرجها الشركة نيابة عنهم إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك أو صدر به قرار من الجمعية العمومية أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه.

ثانياً: تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله بمعني أن تعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخص واحد وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة ومن حيث النصاب ومن حيث المقدار الذي يؤخذ وغير ذلك مما يراعي في زكاة الشخص الطبيعي وذلك أخذا بمبدأ الخلطة عند من عممه من الفقهاء في جميع الأموال ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة ومنها أسهم الخزانة العامة وأسهم الوقف الخيري وأسهم الجهات الخيرية وكذلك أسهم غير المسلمين.

ثالثاً: إذا لم تُزَكِ الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه زكى أسهمه على هذا الاعتبار لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك:

فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي وليس بقصد التجارة فإنه يزكيها زكاة المستغلات وتمشيا مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم وإنما تجب الزكاة في الريع وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.

وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة زكاها زكاة عروض التجارة فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه زكى قيمتها السوقية وإذا لم يكن لها سوق زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة فيخرج ربع العشر (2.5 %) من تلك القيمة ومن الربح إذا كان للأسهم ربح.

رابعاً: إذا باع المساهم أسهمه في أثناء الحول ضم ثمنها إلى ماله وزكاه معه عندما يجيء حول زكاته أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق.

 

كيف تقدر زكاة الأسهم

السؤال : أسهم البنك لها قيمة اسمية مسجلة بها في دفاتر البنك ولهذه الأسهم احتياطيات أيضاً، غير أن قيمة السهم التي يباع ويشترى بها في السوق أكثر من قيمة السهم الاسمية واحتياطياته فعند احتساب الزكاة في نهاية العام هل تحسب على أساس قيمة السهم السوقية والمعلنة أم على أساس قيمته الدفترية واحتياطياته ؟.

الجواب([29]): يمثل السهم جزءاً من رأس مال الشركة أو البنك ويقبل التداول بالبيع والشراء كسائر السلع غير أن قيمته متغيرة بحسب الأحوال فله قيمة اسميه هي قيمته المحددة عند إصداره وقيمة سوقية هي سعره في سوق الأوراق المالية وقيمة دفترية وهي عبارة عن قيمته الاسمية مضافاً إليها ما يخصه من الاحتياطيات.

ويذهب معظم الفقهاء إلى تقييم السلعة بالسعر المالي الذي تباع به السلعة في السوق عند وجوب الزكاة فيها، وجاء عن ابن جابر بن زيد من التابعين في عَرَض يراد به التجارة قدمه بنحو من ثمنه يوم حلت فيه الزكاة ثم أخرج زكاته.

وبناء عليه يعتمد بالقيمة السوقية للسهم في حساب الزكاة إذا كانت تمثل القيمة الحقيقة لسعر السهم.

فإذا تبين أن هناك عوامل غير طبيعية قد أثرت فيها ارتفاعاً أو انخفاضاً فترى الهيئة احتساب قيمة السهم الدفترية بالإضافة إلى الربح عند إخراج الزكاة ويخصم من هذه القيمة ما يخص السهم من الأصول الثابتة التي لا تعد للبيع كالمباني والآلات والأدوات وغيرها ويضاف باقي السهم إلى غيره من عناصر الزكاة الأخرى لدى مالك السهم فإذا بلغت جملتها نصابا وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة.

وفى حالة بيع السهم فعلاً فتخرج الزكاة على أساس ثمن البيع كاملاً.

 

كيف تحسب الزكاة في أموال الشركات والمؤسسات والمتاجر والمصانع

السؤال: كيف تحسب الزكاة في أموال الشركات والمؤسسات والمتاجر والمصانع ؟.

الجواب([30]): حساب الزكاة في أموال الشركات والمؤسسات والمتاجر والمصانع هي كالآتي:

أولاً: لا زكاة في قيمة الأصول الثابتة (المواد غير المعدة للبيع) كالمباني التي تمارس الشركة فيها أعمالها والأثاث والرفوف والمكاتب المعدة للعمل لا للبيع، وكذلك السيارات المعدة للعمل.

ثانياً: تزكى الأصول المتداولة الموجودة يوم الجرد السنوي وهي ثلاثة أصناف:

1 - النقود الورقية وسائر العملات والذهب والفضة.

2 - الديون المستحقة للشركة قِبَل الآخرين أياً كانوا إن كانت مرجوة السداد، أما غير المرجوة السداد فيجب تزكيتها عند قبضها وحولان الحول، وتزكى حينئذ لسنة واحدة ولو أقامت عند المدين سنين، والديون غير المرجوة السداد هي ما كانت على معسر أو على منكر ولا بينة بها ومنها تأمينات الكهرباء والماء والهاتف.

3 - البضائع التي اشترتها الشركة بغرض المتاجرة بها أي لبيعها واكتساب فرق الثمن من مواد غذائية أو مواد صناعية أو أدوية أو أراض أو عقارات أو أسهم أو أي مواد أخرى وتقدر البضائع المذكورة بسعرها التجاري (أي السعر المتعارف بين التجار) في مكانها يوم حولان الحول سواء أكان أقل من سعر التكلفة أم أكثر، وإن كانت الشركة قد أدخلت بجهودها على المادة المشتراة صنعة ذات قيمة فالزكاة على المادة الخام فقط أي على الحال التي اشتريت عليها.

ثالثاً: يخصم من مجموع الموجودات الزكوية المذكورة ما في ذمة الشركة من الحقوق كأثمان لبضائع لم يتم دفعها وحقوق للموظفين أو أرباح مرصودة للمساهمين لم تسلم أو ثمن كهرباء أو ماء أو خدمات بريدية أو هاتفية مستحقة أو أي ذمم دائنة أخرى.

رابعاً: تستحق الزكاة في الصافي من ذلك بنسبة (2.5 %) إن كانت الشركة تخرج الزكاة بحسب السنة القمرية وهي السنة المعتبرة شرعا للزكاة فإن شق عمل جرد في نهاية كل سنة قمرية وكانت الشركة تمسك حسابات على أساس السنة الشمسية يجوز تيسيراً على الناس أن تكتفي بالجرد السنوي المعتاد وتضيف عليه نسبة الأيام التي تزيدها السنة الشمسية على السنة القمرية فتكون النسبة هي (2.557 %) بدلاً من (2.5 %)

خامساً: يجوز أن يتضمن عقد إنشاء الشركة بنداً ينص على أن الشركة تخرج الزكاة عما لديها من الأموال وحينئذ يحق لإدارة الشركة إخراج الزكاة نيابة عن المساهمين، أما إذا لم ينص عقد إنشاء الشركة على ذلك فيجوز للشركاء أن يوكلوا إدارة الشركة في إخراج الزكاة فإن لم يوكلوها لم يكن لها أن تخرج الزكاة وهذا في ظل الأمر القائم الآن من أن الدولة جعلت تحصيل بيت الزكاة للزكوات باختيار المزكين أما لو أخذت الدولة بنظام التحصيل الإلزامي فيجوز حينئذ أخذ الزكاة للشركة ككل ويعتبر مالها مالاً واحداً قياساً على نظام الخلطة في زكاة الماشية، وأما في ظل الوضع الحاضر فإن كل مزك يخرج عن نفسه أو يوكل من يخرج عنه الزكاة ويضم إلى حصته من الموجودات الزكوية من الشركة ما سوى ذلك من أمواله الزكوية ويسقط ما عليها من الديون ويزكى الباقي إن كان أكثر من نصاب.

 

مصرف الفقراء والمساكين([31])

أولاً: الفقير هو الذي لا مال له ولا كسب يقع موقعاً من كفايته، والمسكين هو الذي يملك ما يقع موقعاً من كفايته ولا يكفيه لمدة سنة..

ثانياً: يُعطى مِن سهم الفقراء والمساكين ما يلي:

  • مَن كان بحاجة إلى الزواج، وهو عاجز عن تكاليفه المعتادة لمثله.
  • طالب العلم العاجز عن الجمع بين طلب العلم والتكسب.
  • العاجزون عن التكسب.
  • مَن لم يجد عملاً يليق بمكانته ومروءته.
  • العاملون في وظائف عامة أو خاصة مِمَن لا تكفي دخولهم مِن مرتبات أو غيرها لسدِّ حاجاتهم.
  • آل البيت الذين لا يُعطون كفايتهم مِن بيت المال.
  • الزوج الذي لا يملك كفايته، ولا يقدر على تحصيلها، فيجوز لزوجته أن تعطيه من زكاة مالها.

ثالثاً: لا يخرج عن وصف الفقر أو المسكنة مَن تحقَّق فيه المعنى المتقدم في (أولاً) مَن يلي:

  • مَن له مسكن ملائم يحتاج إليه فلا يكلف بيعه للإنفاق منه.
  • مَن له مال لا يقدر على الانتفاع به، ولا يتمكن من الحصول عليه.
  • مَن له نصاب أو نُصب (جمع نصاب) لا تفي بحوائجه وحوائج مَن يعولهم.
  • مَن له عقار يُدر عليه ريعاً لا يفي بحاجته.
  • مَن لها حلي تتزين بها ولا تزيد عن حوائج مثلها عادة.
  • مَن له أدوات حرفة (صنعة) يحتاج إلى استعمالها في صنعته، ولا يكفي كسبه منها ولا مِن غيرها حاجته.
  • مَن كانت لديه كتب علم يحتاج إليها سواء كانت كتب علوم شرعية أو كانت كتب علوم أخرى نافعة.
  • مَن كان له دَين لا يستطيع تحصيله لكونه مؤجلاً أو على مدين مفلس أو مماطل.

رابعاً: يُعطى الفقير والمسكين كفايته لمدة عام.

خامساً: يُقصد بالكفاية كل ما يحتاج إليه هو ومَن يعولهم مِن مطعم وملبس ومسكن وأثاث وعلاج وتعليم أولاده وكتب علم إن كان ذلك لازماً لأمثاله وكل ما يليق به عادة من غير إسراف ولا تقتير.

سادساً: مراعاة حاجات المسلم بلا تفريق بين فقير وفقير باعتبار جنسيته.

سابعاً: نظراً لشيوع ادعاء الفقر والمسكنة ينبغي التحري في حالة الاشتباه قبل الإعطاء، ويراعى في ذلك وسائل الإثبات الشرعية.

ثامناً: لا يُعطى من سهم الفقراء والمساكين مَن يلي:

  • الأغنياء، وهم مَن يملكون كفايتهم وكفاية مَن يعولونهم لمدة سنة.
  • الأقوياء المكتسبون الذين يقدرون على تحقيق كفايتهم وكفاية مَن يعولونهم.
  • آل البيت الذين يُعطون كفايتهم من بيت المال.

غير المسلمين.

 

مصرف (الغارمين)([32])

الغارمون قسمان :

الأول : المدينون المسلمون الفقراء لمصحلة أنفسهم في المباح، وكذا بسبب الكوارث والمصائب التي أصابتها.

والثاني : المدينون المسلمون لإصلاح ذات البين، لتسكين الفتن التي قد تثور بين المسلمين، أو للإنفاق في المصائب والكوارث التي تحل بالمسلمين، ولا يشترط الفقر في هذا القسم.

  • الضامن مالاً عن رجل معسر يجوز إعطاؤه ما ضمنه إن كان الضامن عسراً.
  • لا يجوز إعطاء الغارم لمصلحة نفسه من الزكاة إذا كان دينه في معصية، كالخمر، والميسر، والربا، إلا إذا تحقق صدق توبته.
  • يجوز قضاء دَين الميت من مال الزكاة إذا لم يكن في ميراثه ما يفي به، ولم يسدد ورثتُه دينَه، ففي تسديد دينه من الزكاة إبراء لذمته، وحفظ لأموال الدائنين.
  • الغارمُ لمصلحة نفسه القويُ المكتسبُ لا يجوز له أن يأخذ من مال الزكاة إذا أمكنه سداد دينه من كسبه، أو أنظره صاحب المال إلى ميسرة، وكذلك مَن كان له مال سواء كان نقداً أو عقاراً أو غيرها يمكنه السداد منه.
  • إذا أخذ الغارمُ من الزكاة بوصف الغرم فلا يجوز له أن ينفق هذا المال إلا في سداد غرمه، أما إذا أخذه بوصف الفقر فيجوز له إنفاقه في حاجاته.
  • الغارم الفقير أو الغارم المسكين أولى بالزكاة من الفقير أو المسكين الذي ليس بغارم، لأن الأوَّلَين اجتمع فيهم وصفان : الغرم والفقر أو المسكنة، والآخرَيْن ليس فيهما إلا وصف الفقر.
  • يجوز إعطاء الغارم من الزكاة بمقدار ما عليه من ديون قَلَّت أو كثرت، إذا كان في مال الزكاة وفاء لتلك الديون، أو إن استغنى([33]) الغارم قبل سداد ما عليه من ديون وجب عليه إرجاع تلك الأموال لولي الأمر، أو لمن أخذها منه، فإن لم يستطع، فإنه يدفعها في مصارف الزكاة.
  • يجوز إعطاء الغارم من مال الزكاة للعام الذي يحل دينه فيه ولو بقي من ذلك العام أشهر على موعد السداد، ولا يُعطى لسداد دين العام التالي، إلا أن يصالح المدينُ صاحبَ الدين على السداد في الحال مع الحط من الدين.
  • لا ينبغي لمن يجد دخلاً يكفيه أن يستدين لإنشاء مصنع أو مزرعة أو مسكن، اعتماداً منه على السداد من مال الزكاة، فمال الزكاة يُعطَى لسد حاجة الفقراء، أو إيجاد دخل لهم يسد حاجتهم، ولا يعطى لمن لديه ما يكفيه ليزداد ثراء.
  • يعطى ذوو قرابة الرسول e الغارمون من هذا المصرف، إذا انقطعت حقوقهم المقررة شرعاً.

 

مفهوم (في سبيل الله)

القرار([34]): بعد اطلاع المجلس على الاستفتاء الذي يطلب فيه الإفادة هل أحد مصارف الزكاة الثمانية المذكورة في الآية الكريمة وهو ( وفي سبيل الله ) يقصر معناه على الغزاة في سبيل الله أم إن سبيل الله عام لكل وجه من وجوه البر من المرافق والمصالح العامة من بناء المساجد والربط والقناطر وتعليم العلم وبث الدعاة ... إلخ.

وبعد دراسة الموضوع ومناقشته وتداول الرأي فيه ظهر أن للعلماء في المسألة قولين:

أحدهما: قصر معنى ( وفي سبيل الله ) في الآية الكريمة على الغزاة في سبيل الله وهذا رأي جمهور العلماء وأصحاب هذا القول يريدون قصر نصيب ( وفي سبيل الله ) من الزكاة على المجاهدين الغزاة في سبيل الله تعالى.

القول الثاني: إن سبيل الله شامل عام لكل طرق الخير والمرافق العامة للمسلمين من بناء المساجد وصيانتها وبناء المدارس والربط وفتح الطرق وبناء الجسور وإعداد المؤن الحربية وبث الدعاة وغير ذلك من المرافق العامة مما ينفع الدين وينفع المسلمين وهذا قول قلة من المتقدمين وقد ارتضاه واختاره كثير من المتأخرين.

وبعد تداول الرأي ومناقشة أدلة الفريقين قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:

أولاً: نظراً إلى أن القول الثاني قد قال به طائفة من علماء المسلمين وأن له حظاً من النظر في بعض الآيات الكريمة مثل قوله تعالى:}الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ{، [البقرة: 262]، ومن الأحاديث: عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - فَقَالَ إِنَّ رَجُلًا أَوْصَى إِلَيَّ وَجَعَلَ نَاقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَيْسَ هَذَا زَمَانًا يُخْرَجُ إِلَى الْغَزْوِ فَأَحْمِلُ عَلَيْهَا فِي الْحَجِّ فَقَالَ ابْنُ عُمَر - رضي الله عنهما -:"الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ"([35]).

ثانياً: ونظراً إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح هو إعلاء كلمة الله تعالى، وأن إعلاء كلمة الله تعالى كما يكون بالقتال يكون - أيضاً - بالدعوة إلى الله تعالى ونشر دينه؛ بإعداد الدعاة ودعمهم ومساعدتهم على أداء مهمتهم فيكون كلا الأمرين جهاداً؛ لما ورد عَنْ أَنَسٍ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ"جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ"([36]).

ثالثاً: ونظراً إلى أن الإسلام محارَب - بالغزو الفكري والعقدي من الملاحدة واليهود والنصارى وسائر أعداء الدين، وأن لهؤلاء من يدعمهم الدعم المادي والمعنوي؛ فإنه يتعين على المسلمين أن يقابلوهم بمثل السلاح الذي يغزون به الإسلام وبما هو أنكى منه.

رابعاً: ونظراً إلى أن الحروب في البلاد الإسلامية أصبح لها وزارات خاصة بها ولها بنود مالية في ميزانية كل دولة بخلاف الجهاد بالدعوة فإنه لا يوجد له في ميزانيات غالب الدول مساعدة ولا عون.

لذلك كله فإن المجلس يقرر - بالأكثرية المطلقة - دخول الدعوة إلى الله تعالى وما يتعين عليها ويدعم أعمالها في معنى ( وفي سبيل الله ) في الآية الكريمة.

 

مصرف (في سبيل الله)([37])

إن مصرف (في سبيل الله) يرادُ به الجهاد بمعناه الواسع الذي قرره الفقهاء بما مفاده : حفظ الدين وإعلاء كلمة الله، ويشمل مع القتالِ الدعوةَ إلى الإسلام، والعملَ على تحكيم شريعته ودفع الشبهات التي يثيرها خصومه عليه، وصدّ التيارات المعادية له.

وبهذا لا يقتصر الجهاد على النشاط العسكري وحده ويدخل تحت الجهاد بهذا المعنى الشامل ما يلي :

آ ) تمويل الحركات العسكرية الجهادية التي ترفع راية الإسلام، وتصد العدوان على المسلمين في شتى ديارهم؛ مثل حركات الجهاد في فلسطين وأفغانستان والفلبين.

ب) دعم الجهود الفردية والجماعية الهادفة لإعادة حكم الإسلام وإقامة شريعة الله في ديار المسلمين ومقاومة خطط خصوم الإسلام لإزاحة عقيدته وتنحية شريعته عن الحكم.

ج) تمويل مراكز الدعوة إلى الإسلام التي يقوم عليها رجال صادقون في البلاد غير الإسلامية؛ بهدف نشر الإسلام بمختلف الطرق الصحيحة التي تلائم العصر، وينطبق هذا على كل مسجد يقام في بلد غير إسلامي يكون مقراً للدعوة الإسلامية.

د) تمويل الجهود التي تُثَبِّت الإسلام بين الأقليات الإسلامية في الديار التي تسلط فيها غير المسلمين على رقاب المسلمين، والتي تتعرض لخطط تذويب البقية الباقية من المسلمين في تلك الديار.

 

مصرف ابن السبيل وتطبيقاته المعاصرة([38])

إن جعل الشريعة ابن السبيل من مصارف الزكاة يُظهِر مدى عناية الإسلام بالمصالح المترتبة على السفر والترحال، حيث أوجد لهم مسعفاً في حال انقطاع السبل بهم، وهذا يؤدي إلى تشجيع طلبة العلم والدعاة والتجار ونحوهم على الارتحال وتحصيل منافع السفر مما يُسهم في تنشيط الاقتصاد وتحقيق المصالح الاجتماعية والاقتصادية للأمة الإسلامية.

  • ابن السبيل : هو المسافر فعلاً مهما كانت مسافة سفره والذي طرأت عليه الحاجة بسبب ضياع ماله أو نفاذ نفقته وإن كان غنياً في بلده.
  • يشترط لإعطاء ابن السبيل من الزكاة ما يلي:

أ – أن لا يكون سفره سفر معصية.

ب – أن لا يتمكن من الوصول إلى ماله.

  • يُعطى ابن السبيل مقدار حاجته من الزاد والرعاية والإيواء وتكاليف السفر إلى مقصده ثم الرجوع إلى بلده.
  • لا يُطلب من ابن السبيل إقامة البينة على ضياع ماله أو نفاذ نفقته، إلا إذا ظهر من حاله ما يُخالِف دعواه.
  • لا يجب على ابن السبيل أن يقترض ولو وجد مَن يُقرِضه، ولا أن يكتسب وإن كان قادراً على الكسب.
  • لا يجب على ابن السبيل أن يردَّ ما فضل في يده من مال الزكاة عند وصوله إلى بلده وماله، والأولى أن يردَّ ما فضل – إن كان غنياً – إلى صندوق الزكاة أو إلى أحد مصارف الزكاة.
  • يندرج في مفهوم (ابن السبيل) بالقيود والشروط السابقة كل من:

أ – الحُجَّاج والعمَّار.

ب – طلبة العلم والعلاج.

ج – الدعاة إلى الله تعالى.

د – الغزاة في سبيل الله تعالى.

هـ - المشردون أو المهجَّرون عن ديارهم أو مساكنهم إلى أن يستوطنوا غيرها.

و – المغتربون عن أوطانهم إذا أرادوا العودة ولم يجدوا ما يوصلهم إليها.

ز – المرحَّلون عن أماكن إقامتهم.

<

عدد القراء : 2170