shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

القرآن طريق السعادة

القرآن طريق السعادة

نيل السعادة وفق المنهج القرآني

السعادة (عنوان) غاية الكمال

السعادة ثمرة العلم

 

 

الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري

أمين الفتوى؛ إدارة الإفتاء العام

وزارة الأوقاف، سورية

E.Mail:alzatari@scs-net.org

 

الحمد لله رب العالمين خلق فسوى وقدر فهدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قسم الخلق – بعلمه وحكمته – إلى أشقياء وسعداء ففريق في الجنة وفريق في السعير.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه، حمل رسالة الخير إلى  أمته ففاز بالاتباع أهل السعادة، وانتكس أهل الفسوق والشقوة ولا يظلم ربك أحداً.

اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر النبيين ومن سار على هديهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

الحمد لله الذي يسر طريق السعادة للسالكين، وأنار سبيل الهدى للعابدين، وعلمنا أن ندعو في كل ركعة من صلواتنا {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6]، وهو الإِسلام المفضي بصاحبه إلى السعادة والكمال في الحياة الدنيا والآخرة، وبعد:

عرض موجز لواقع الأمة:

حينما تكثُر الفتنُ في الأمة وتتعدد المُتغيِّرات، وتدلهِمُّ الخُطوبُ وتتراكم المحنُ في المجتمعات، ويُخيِّمُ على سمائها الصافية سُحُبُ المخالفات، فيلتبِسُ الحق بالباطل، ويختلطُ الهدى بالضلال؛ فإن الأمة لن تجِدَ المُستعصَم إلا في التمسُّك بالقرآن الكريم؛ لأن فيه الفوزَ والنجاةَ من المحَن، والمخرجَ من الورَطات والفتن.

وبعد أن تسرَّبَت إلى صفوف الأمة ألوانٌ من المسالك المُنحرفة، وتسلَّلت صنوفٌ من الطرق الفاسدة، واختلطَ الحابلُ بالنابل، وتشعَّبت المناهجُ وتباعدت الغايات، وعمَّت الفتن وانتشرت الابتلاءات، وتفرَّقت الأمةُ وتاهَت، وثارَت عليها عواصفُ التغيير والمُستجِدَّات، وهبَّت عليها أعاصير التموُّجات والتحوُّلات، وتداعَت عليها الأمم؛ فإنه لا منجَ لهذه الأمة إلا بالتمسُّك بكتاب ربها.

المخرج والحل بتدبر كلام الله:

إن التأمل والتدبر في كتاب الله، والغوص في بحار معانيه، واستخراج الجواهر والدرر من كنوز أنواره، من أعظم العبادات، بل من أكثرها زيادة للإيمان وتثبيتا للجنان، ولقد جعل الله الغاية العظمى من إنزال كتابه، تلك العبادة العظيمة وهي التدبر فقال سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29].

إن القرآن طريق للهدى ولحصول السعادة، ومحذر من طرق الغواية والردى، ومن أعرض عنه باتت حياته ضنكاً، وكذلك حكم ربنا {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طـه: من الآية 124-126].

فالسعادة في قراءة القرآن وتدبر معانيه والعمل بمقتضى ما فيه

إنّه القرآن، كتاب الحياة، وباب السعادة، كلما نظرت كلما أشرق في قلبك نور الإيمان، قال تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [التغابن: 8].

إنَّ القرآن علاج الهموم، ومُزيل الغموم، ومُذْهِب الحسرات، وكاشفُ للبليَّات.

فيا من أحاطت به هموم الدنيا، وأزعجته المصائب، أُوصِيك بأن تجلس مع القرآن في كل يوم ولمدة ساعة تقرأ فيه، وتتأمل معانيه، وتعرض نفسك عليه، عندها تشعر بالسعادة وتذوق طعم الحياة.

حال الناس مع السعادة:

كل الناس على اختلاف أديانهم، وتنوع قومياتهم، وتعدد جنسياتهم وجنسهم يبحثون عن أسباب السعادة ووسائلها، وتختلف تصوراتهم عن السعادة، بحسب ثقافاتهم ومعتقداتهم وما تربّوا عليه.

ولكن أكثر الناس يغفل عن السعادة الحقيقية التي يستطيعها كل أحد، وليست منحصرة في الأغنياء وأصحاب الأموال والثروات، بل قد يعيش الفقير أو المريض أو المبتلى في سعادة لا تعدلها سعادة، كما عاشاها الصالحون المستأنسون بالله وطاعته.

حتى قال إبراهيم بن أدهم([1]): (لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه من لذيذ العيش) ([2]).

ومصداق ذلك من كتاب الله سبحانه قوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].

فإن السعادة كلمة خفيفة على اللسان، حبيبة إلى قلب كل إنسان.

وما من إنسان إلا وهو يسعى إلى السعادة وتحقيقها في حياته.

فأكثر الناس يظن أن السعادة في المال والثراء الفاحش.

ومنهم من يتصور أن السعادة في أن يكون له بيت فاخر وسيارة فارهة.

ومنهم من يعتقد أن السعادة في المال والأولاد.

ويعتقد البعض أن السعادة في أن تكون له وجاهة في المجتمع، أو يتبوأ أعلى المناسب القيادية في البلد.

ومنطق بعض الناس أن السعادة تكون في السلطة والملك.

ومن الناس من يقول أن السعادة في أن يتزوج إمرأة حسناء ويظفر بذات الحسب والنسب والمال والجمال وذات الدلال، وللناس فيما يعشقون مذاهب.

وقليل من الناس هم الذين عرفوا حقيقة السعادة في الدنيا فعلموا أن السعادة إنما تكون بالاستقامة على دين الله.

طرق السعادة في نظر الناس:

السعادة مطلب العقلاء، ومبتغى الكبراء، وحلم يراود الضعفاء، ولكن الناس متفاوتون في فهم حقيقتها، ومتباينون في طرق الوصول إليها.

منهم من يراها في المال والولد.

ومنهم من يراها في الجاه الاجتماعي والمنصب السياسي.

ومنهم من يراها في توفر الشهوات يعب منها عباً، غير آبه بما يحل وما يحرم، ولا فرق عنده بين ممنوع ومشروع.

ومنهم من يراها في السبق في مجال الصناعة والاختراع.

ومنهم من يراها في القصور الفارهة، والحسان الغانية، والخيل المسمومة والأنعام والحرث، وكل ذلك من متاع الحياة الدنيا الفانية، ولكن ثمة ما هو أنفع وأبقى.

قال الله تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 15].

أجل، لقد أخطأ طريق السعادة فرعون الذي ظن الملك والجبروت طريقه الآمن الدائم، فقال قولته الظالمة الآثمة {يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف: 51]، وأعلن على الملأ عقيدته الجائرة {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} [النازعـات: من الآية 24-25].

طرق السعادة كما في كتاب الله:

لقد جاء في كتاب الله تحديد طريق السعادة والفلاح.

فمرة باتباع هدى الله {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} [طـه: من الآية 123]، {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: من الآية 38].

ومرة بالإيمان وعمل الصالحات، قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].

ومرة بتزكية النفس وتحليها بالصفات الحميدة وإبعادها عن الصفات المذمومة، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10].

ومرة بالقيام بالواجبات والانتهاء عن المحرمات، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: من الآية 1-11].

إن الإيمان واليقين سبيل للسعادة في الآخرة والأولى، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} [مريم: 96]، وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} [طـه: 112].

وقال الله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: من الآية 106-108].

قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [يونس: 3] (يدبر الأمر: أمر السعادة والشقاوة ويهيئ أسبابهما من الأخلاق والأحوال والأعمال والأفعال والأقوال والحركات والسكنات)([3]).

قال حقي عند تفسير قول الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [غافر: 22]: (واعلم أن أهل السعادة قد شكروا الله على نعمة الوجود؛ فزادهم نعمة الإيمان، فشكروا نعمة الإيمان؛ فزادهم نعمة الولاية، فشكروا نعمة الولاية؛ فزادهم نعمة القرب والمعرفة في الدنيا ونعمة الجوار في الآخرة، وأهل الشقاوة قد كفروا نعمة الوجود؛ فعذبهم الله بالكفر والبعاد والطرد واللعن في الدنيا وعذبهم في الآخرة بالنار وأنواعِ التعذيبات) ([4]).

والقرآن العظيم أُنزل هداية للخلق إلى السعادة في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89].

السعادةُ حقيقةٌ إيمانيةٌ وجوهر، وليست شكلاً ولا مظهراً.

إن معرفة الله أصل السعادة، وتقوى الله هي سبب السعادة وسرها.

السعادة مربوطة بأمرين: التعظيم لله والشفقة على خلقه.

قال ابن عادل في تفسير اللباب: (كمال السعادة بأمرين:

أحدِهِمَا: التعظيم لأمر الله.

والثاني: الشفقة على خلق الله.

ويجب أن يكون التعظيم لأمر الله مقدماً على الشفقة على خلق الله، فقوله تعالى: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} مشعر بالتعظيم لأمر الله، وقوله {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ} مشعرٌ بالشفقة على خلق الله)([5]).

(عن ابن عباس، قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، قال: خلق الله الخلق كلهم بقدر، وخلق لهم الخير والشرّ بقدر، فخير الخير السعادة، وشرّ الشرّ الشقاء)([6]).

قال الله تعالى: {وَوَيْلٌ لّلْمُشْرِكِينَ * الذين لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاة وَهُمْ بالآخرة هُمْ كافرون}، (وفي هذه الآية مسائل:

المسألة الأولى: وجه النظم في هذه الآية من وجوه:

الأول: أن العقول والشرائع ناطقة بأن خلاصة السعادات مربوطة بأمرين: التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله ، وذلك لأن الموجودات، إما الخالق وإما الخلق.

فأما الخالق فكمال السعادة في المعاملة معه أن يقر بكونه موصوفاً بصفات الجلال والعظمة، ثم يأتي بأفعال دالة على كونه في نهاية العظمة في اعتقادنا وهذا هو المراد من التعظيم لأمر الله.

وأما الخلق فكمال السعادة في المعاملة معهم: أن يسعى في دفع الشر عنهم، وفي إيصال الخير إليهم، وذلك هو المراد من الشفقة على خلق الله.

فثبت أن أعظم الطاعات التعظيم لأمر الله، وأفضل أبواب التعظيم لأمر الله الإقرار بكونه واحداً، وإذا كان التوحيد أعلى المراتب وأشرفها كان ضده وهو الشرك أخس المراتب وأرذلها، ولما كان أفضل أنواع المعاملة مع الخلق هو إظهار الشفقة عليهم كان الامتناع من الزكاة أخس الأعمال، لأنه ضد الشفقة على خلق الله.

إذا عرفت هذا فنقول إنه تعالى أثبت الويل لمن كان موصوفاً بصفات ثلاثة.

أولها: أن يكون مشركاً وهو ضد التوحيد. وإليه الإشارة بقوله {وَوَيْلٌ لّلْمُشْرِكِينَ}.

وثانيها: كونه ممتنعاً من الزكاة وهو ضد الشفقة على خلق الله، وإليه الإشارة بقوله: {الذين لاَ يُؤْتُونَ الزكاة}.

وثالثها: كونه منكراً للقيامة مستغرقاً في طلب الدنيا ولذاتها، وإليه الإشارة بقوله {وَهُمْ بالآخرة هُمْ كافرون})([7]).

تعريف السعادة ونظائرها:

جاء في تاج العروس: (البَرَكَةُ محرَّكَةً: النَّماءُ والزِّيادَةُ وقال الفَرّاءُ: البَرَكةُ: السَّعادَةُ، وبه فُسِّرَ قولُه تعالَى: {رَحْمَةُ اللّهِ وبَرَكاته عَلَيكُم أَهْلَ البَيتِ} [هود: 73]؛ لأَنّ مَنْ أَسْعَدَه الله تعالَى بما أَسْعَدَ به النبيَ صلَّى اللّهُ عليه وآله وسَلّمَ فقد نالَ السّعادَةَ المُبَارَكَة الدّائِمَةَ، قال الأَزهرِيُّ: وكذلك الذي في التَّشَهّدِ)([8]).

وجاء في تهذيب اللغة: (وقال الفراء في قول الله تعالى: {رَحْمَةُ اللهِ وبَركاتُه عليكم أهل البَيتِ} [هود: 73]، قال: البركات: السعادة. قال أبو منصور: وكذلك قوله في التشهد: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته؛ لأن من أسعده الله بما أسعد به النبي صلى الله عليه وآله فقد نال السعادة المباركة الدائمة)([9]).

الآية التي نصت على لفظ السعادة

لم يرد في نصوص آيات كتاب الله لفظ السعادة إلا مرة وحيدة.

(قال الله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ} كامل الشقاوة {و} منهم {سعيد} [هود: 105] كامل السعادة {فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار} [هود: 106] أي نار الحرمان عن المراد وآلام ما اكتسبوه من الآثام وهو عذاب النفس {خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ} فيخرجون من ذلك إلى ما هو أشد منه من نيران القلب وذلك بالسخط والإذلال ونيران الروح وذلك بالحجب واللعن والقهر {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لّمَا يُرِيدُ} [هود: 107] لا حجر عليه سبحانه {وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ فَفِى الجنة} أي جنة حصول المرادات واللذات وهي جنة النفس {خالدين فِيهَا ما دَامَتِ السماوات والارض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ} [هود: 108] فيخرجون من ذلك إلى ما هو أعلى وأعلى من جنات القلب في مقام تجليات الصفات وجنات الروح في مقام الشهود، وهناك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)([10]).

وفي تفسير البغوي والطبري: ({وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا} ... أي: رُزِقوا السعادة)([11]).

(قال في المفردات: الشقاوة خلاف السعادة، وكما إن السعادة ضربان: سعادة دنيوية، وسعادة أخروية، وفى الشقاوة الأخروية قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123]، وفى الدنيوية {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 117] انتهى)([12]).

آيات أشارت إلى معنى السعادة:

بالاستقراء تبين لي وجود ثماني آيات تحدثت عن مفهوم السعادة، وفيما يلي عرض لها، مع بيان معانيها من كتب التفسير.

الآية الأولى:

قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 179].

روى ابن أبي حاتم: (4610- ... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}  فَيَمِيزُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ)([13]).

الآية الثانية:

قال الله تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأنفال: 37].

(فمن المفسرين من تأوّل {الخبيث} و {الطيب} على الآدميين، فقال ابن عباس: {ليميز} أهل السعادة من أهل الشقاوة ونحوه، قال السدّي ومقاتل: أراد المؤمن من الكفار، وتحريره: ليميز أهل الشقاوة من أهل السعادة، والكافرَ من المؤمن)([14]).

(يعني ليفرق الله بين فريق الكفار وهم الفريق الخبيث وبين فريق المؤمنين وهم الفريق الطيب، وهذا معنى قول ابن عباس فإنه قال: يميز أهل السعادة من أهل الشقاوة)([15]).

عن ابن عباس قوله: {ليميز الله الخبيث من الطيب}، فميَّز أهل السعادة من أهل الشقاوة.

الآية الثالثة:

قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].

روى ابن أبي حاتم: (13509 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: {حَيَاةً طَيِّبَةً}، قَالَ: السعادة)([16]).

وفي تفسير القرطبي: (وفي الحياة الطيبة خمسة أقوال: ... الثاني: القناعة، وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه) ([17]).

الآية الرابعة:

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].

روى ابن أبي حاتم: (16274- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قوله: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، يَقُولُ: أَئِمَّةَ هُدًى لِيُهْتَدَى بِنَا، وَلا تَجْعَلْنَا أَئِمَّةَ ضَلالَةٍ, لأَنَّهُ ـ تعالى ـ قَالَ لأَهْلِ السَّعَادَةِ:  {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 73]، وَلأَهْلِ الشَّقَاوَةِ,  {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ} [القصص: 41])([18]).

الآية الخامسة:

قال الله تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 112].

(هذا نعتُ المؤمنين الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بهذه الصفات الجميلة والخلال الجليلة:

{التَّائِبُونَ} من الذنوب كلها، التاركون للفواحش، {الْعَابِدُونَ} أي: القائمون بعبادة ربهم محافظين عليها، وهي الأقوال والأفعال فمن أخَصّ الأقوال الحمد؛ فلهذا قال: {الْحَامِدُونَ} ومن أفضل الأعمال الصيامُ، وهو ترك الملاذِّ من الطعام والشراب والجماع، وهو المراد بالسياحة هاهنا؛ ولهذا قال: {السَّائِحُونَ} كما وصف أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك في قوله تعالى: {سَائِحَاتٍ} [التحريم: 5] أي: صائمات، وكذا الركوع والسجود، وهما عبارة عن الصلاة، ولهذا قال: {الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ} وهم مع ذلك ينفعون خلق الله، ويرشدونهم إلى طاعة الله بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، مع العلم بما ينبغي فعله ويجب تركُه، وهو حفظ حدود الله في تحليله وتحريمه، علماً وعملاً فقاموا بعبادة الحق ونصح الخلق؛ ولهذا قال: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} لأن الإيمان يشمل هذا كله، والسعادة كل السعادة لمن اتصف به)([19]).

الآية السادسة:

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء].

يقول تعالى مخبراً عما حَتَّمه وقضاه لعباده الصالحين، من السعادة في الدنيا والآخرة، ووراثة الأرض في الدنيا والآخرة، كقوله تعالى: {إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف:128]، وقال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ} [غافر:51]. وقال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ [وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}، الآية [النور:55])([20]).

الآية السابعة:

قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)} [فصلت].

({وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} أي: ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والأخرى. قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم)([21]).

الآية الثامنة:

قال الله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22].

(وقوله: {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} أي: من اتصف بأنه لا يُوَادِّ من حادَّ الله ورسوله ولو كان أباه أو أخاه، فهذا ممن كتب الله في قلبه الإيمان، أي: كتب له السعادة وقررها في قلبه وزين الإيمان في بصيرته)([22]).

من أمارات السعادة كما ذكر علماء التفسير:

قال القشيري عند تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87]: (من أمارات السعادة الوقوفُ على حد الأمر؛ إنْ أَبَاحَ الحقُّ شيئاً قَبِلَه، وقابله بالخشوع)([23]).

وفي تفسير حقي، عند قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: 107]: (وعلامة السعادة حب الصالحين والدنو منهم وتلاوة القرآن وسهر الليل ومجالسة العلماء ورقة القلب)([24]).

وفي تفسير حقي عند قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105]: (قال فى التبيان: علامة الشقاوة خمسة أشياء: قساوة القلب، وجمود العين، والرغبة في الدنيا، وطول الأمل، وقلة الحياء. وعلامة السعادة خمسة أشياء: لين القلب، وكثرة البكاء، والزهد في الدنيا، وقصر الأمل، وكثرة الحياء ... وعلامة الشقاء: الإعراض عن الحق، وطلبه الإصرار على المعاصي من غير ندم عليها، والحرص على الدنيا حلالها وحرامها، واتباع الهوى والتقليد، والبدعة. وعلامة السعادة: الإقبال على الله، وطلبه، والاستغفار من المعاصي، والتوبة إلى الله، والقناعة باليسير من الدنيا، وطلب الحلال منها، واتباع السنة، واجتناب البدعة، ومخالفة الهوى انتهى)([25]).

من وسائل الحصول على السعادة:

قال الله تعالى، عن مهمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: {وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم} أي: إلى الإسلام طريق السعادة والكمال في الدنيا والآخرة.

مكمن السعادة الحقة في عبادة الله عز وجل.

الإيمان والعمل الصالح هو سبيل السعادة والمتعة بالحياة.

ولا سبيل إلى السعادة الحقيقية والاستمتاع بالحياة مهما كان الإنسان ماهرا في فن التعامل مع الناس ما لم يحقق الأصل العظيم: الإيمان والعمل الصالح كما قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل: 97].

السعادة في الإحسان إلى النّاس

إنْ كُنتَ تبحث عن الراحة والسكون والطمأنينة، فأوصيك أنْ تمسح رأس اليتيم، وتُقبِّل رأس ذلك العجوز الفقير.

إنَّ الإحسان طريق مختصر إلى السعادة، وباب يُدخلك على كنوزٍ من الطمأنينة.

قال تعالى: {وأحْسِنُوا إنَّ الله يُحِبُّ المُحسِنِين} [البقرة: 195].

هل عفوتَ عن أحدٍ ظلمك؟

هل سامحت من أساء إليك؟

أقول لك: جرِّب ذلك.. فوالله ستجد طعماً للسعادة لا يُوازيه شيء.

ابذل مالك للمحتاج.

يا من رزقه الله بيتاً.. إنَّ هناك عوائل لا بيوت لها.

يا من منحه الله زوجة.. هناك من طلَّق زوجته.

يا من يلعب مع أطفاله.. إنَّ هناك أطفال لم يجدوا آباءهم، فهم موتى أو مسجونين أو في شباك المخدرات.

يا من يريد السعادة: أَخْرِج قليلاً من مالك لذلك الفقير.. ولتلك الأرملة.. ولذلك المسكين.. فوالله ستشعر بِلَذَّةِ الإحسان وطعماً للسعادة.

قال تعالى: {ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأُولئكَ هُمُ المُفْلِحُون}([26]).

من وسائل السعادة: تقليل الانشغال بالدنيا:

قال الله تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 16].

يقول ابن عاشور: (والمقصود من الآية تخليق المسلمين بخلق استضعاف الحياة الدنيا وصرف هممهم إلى السعي نحو الكمال الذي به السعادة الأبدية سيراً وراء تعاليم الدين التي تقود النفوس إلى أوج الملكية)([27]).

السعادة الدنيوية والأخروية جمعت في آية واحدة?، هي قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}، فالعبادة لله وحده تحقق سعادة الإنسان في الآخرة، والاستعانة بالله وحده تحقق سعادة الإنسان في الدنيا.

من هم أهل السعادة:

أهل السعادة الكاملة: هم أربعة أصناف النبيون وهم أفضلهم ثم الصديقون وهم بعدهم في الدرجة ثم الشهداء ثم الصالحون فهؤلاء المنعم عليهم النعمة التامة وهم السعداء الفائزون، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].

هم أولياء الله، قال الله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)} [يونس].

والمعنى: لا خوف عليهم فيما يستقبلونه من حياتهم القادمة في الدنيا أو الآخرة، ولا هم يحزنون على ما يتركون وراءهم ويخلفون.

وهذه هي السعادة حيث خلت حياتهم من الخوف والحَزَن، وحَلَّ محلها الأمن والسرور.

قصص وعبر

طريق السعادة وجدها فتية مستضعفون آمنوا بربهم، واعتزلوا معبودات قومهم، وكان نصيبهم من الأرض – حين العزلة – كهفاً تقل مساحته في الأرض وتضيق منافذه الظاهرة نحو السماء، حتى إن الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال، ولو اطلعت عليهم داخله لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً، ومع ذلك فالسعادة تحيط بهم، والرحمة منشورة عليهم، والعقبى كانت لهم تلك ثمرات الإيمان وذلك طريق السعادة لمن رام الجنان.

ذهب رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه والرضوان ليكتب له عقد بيت، فنظر علي إلى الرجل فوجد أن الدنيا متربعة عَلَى قلبه فكتب: اشترى ميت من ميت بيتا في دار المذنبين له أربعة حدود، الحد الأول يؤدي إلى الموت، والحد الثاني يؤدي إلى القبر والحد الثالث يؤدي إلى الحساب والحد الرابع يؤدي إما للجنة وإما للنار.

فقال الرجل: ما هذا يَا أمير المؤمنين، جئتُ تكتب لي عقد بيت، كتبت لي عقد مقبرة، فقال له الإمام عليه السلام([28]):

النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت...ان السعادة فيها ترك ما فيها

لا دار للمرءِ بعد الموت يسكُنها...إلا التي كان قَبلَ الموتِ بانيها

فإن بناها بخير طابَ مسكنُه...وإن بناها بشرٍّ خاب بانيها

أموالنا لذوي الميراث نجمعُها...ودورنا لخراب الدهر نبنيها

أين الملوك التي كانت مسلطنةً..حتى سقاها بكاْسِ الموت ساقيها

فكم مدائن فِي الأفاق قد بنيت..أمست خراباَ وأفنى الموتُ أهليها

لا تركنن إلى الدنيا وما فيها...فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيها

لكلِ نفس وإن كانت على وجلٍ..من المنيةٍ آمال تُقويهَا

المرء يَبسطها وَالدَّهر يقبضُها..والنفسُ تنشرها والموتُ يطويها

إنما المكارم أخلاق مطهرة...الدينُ أولُها والعقلُ ثانيها

والعلمُ ثالثها والحلمُ رابُعها...والجودُ خامسُها والفضلُ ساديها

والبّرُ سابعُها والشكرُ ثامنُها...والصبرُ تاسُعها واللينُ باقيها

والنفسُ تعلمُ أني لا أصادقها...ولستُ أرشدُ إلا حين أعصيها

وأعمل لدار غداَ رضوانُ خازنُها...والجارُ أحمدُ والرحمنُ ناشيها

قصورُها ذهب والمسكُ طينتُها...والزعفران حشيش نابت فيها

أنهارها لبن محض ومن عسل...والخمرُ يجري رحيقا في مجاريها

والطيرُ تجري على الأغصان عاكفة..تُسبّحُ اللّه جهراً في مغانيها

كتب الله لنا ولكم وللجميع السعادة، وبلغك وإياكم من الجنة الحسنى وزيادة.


 

نتائج وخلاصة:

حينما تكثُر الفتنُ في الأمة وتتعدد المُتغيِّرات، وتدلهِمُّ الخُطوبُ وتتراكم المحنُ في المجتمعات، ويُخيِّمُ على سمائها الصافية سُحُبُ المخالفات، فيلتبِسُ الحق بالباطل، ويختلطُ الهدى بالضلال؛ فإن الأمة لن تجِدَ المُستعصَم إلا في التمسُّك بالقرآن الكريم؛ لأن فيه الفوزَ والنجاةَ من المحَن، والمخرجَ من الورَطات والفتن.

والمخرج والحل بتدبر كلام الله:

فالقرآن طريق للهدى ولحصول السعادة، ومن أعرض عنه باتت حياته ضنكاً.

القرآن علاج الهموم، ومُزيل الغموم، ومُذْهِب الحسرات، وكاشفُ للبليَّات.

حال الناس مع السعادة:

كل الناس على اختلاف أديانهم، وتنوع قومياتهم، وتعدد جنسياتهم وجنسهم يبحثون عن أسباب السعادة ووسائلها، وتختلف تصوراتهم عن السعادة، بحسب ثقافاتهم ومعتقداتهم وما تربّوا عليه.

ولكن أكثر الناس يغفل عن السعادة الحقيقية.

السعادة مطلب العقلاء، ومبتغى الكبراء، وحلم يراود الضعفاء، ولكن الناس متفاوتون في فهم حقيقتها، ومتباينون في طرق الوصول إليها.

طرق السعادة كما في كتاب الله:

لقد جاء في كتاب الله تحديد طريق السعادة والفلاح.

فمرة باتباع هدى الله، ومرة بالإيمان وعمل الصالحات، ومرة بتزكية النفس وتحليها بالصفات الحميدة وإبعادها عن الصفات المذمومة، ومرة بالقيام بالواجبات والانتهاء عن المحرمات.

والقرآن العظيم أُنزل هداية للخلق إلى السعادة في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89].

والسعادة مربوطة بأمرين: التعظيم لله والشفقة على خلقه.

ومن معاني السعادة: البَرَكَةُ، وبه فُسِّرَ قولُه تعالَى: {رَحْمَةُ اللّهِ وبَرَكاته عَلَيكُم أَهْلَ البَيتِ} [هود: 73].

الآية التي نصت على لفظ السعادة

لم يرد في نصوص آيات كتاب الله لفظ السعادة إلا مرة وحيدة.

وأما الآيات التي أشارت إلى معنى السعادة، فهي:

قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 179].

وقال الله تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأنفال: 37].

وقال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].

وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].

وقال الله تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 112].

وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء].

وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)} [فصلت].

وقال الله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22].

ومن وسائل الحصول على السعادة: العبادة لله، والإحسان إلى النّاس، وتقليل الانشغال بالدنيا:

أهل السعادة الكاملة: هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون.

توصيات:

يا من أحاطت به هموم الدنيا، وأزعجته المصائب، أُوصِيك بأن تجلس مع القرآن في كل يوم ولمدة ساعة تقرأ فيه، وتتأمل معانيه، وتعرض نفسك عليه، عندها تشعر بالسعادة وتذوق طعم الحياة.


 

المصادر والمراجع:

  1. ابن عادل، تفسير اللباب.
  2. ابن عاشور، محمد الطاهر، التحرير والتنوير، الطبعة التونسية دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس، 1997 م.
  3. ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، المحقق: سامي بن محمد سلامة، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية 1420هـ - 1999 م.
  4. ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي أبو الفداء، البداية والنهاية، مكتبة المعارف، بيروت.
  5. أبو حيان، محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيّان، تفسير البحر المحيط.
  6. الأزهري، تهذيب اللغة.
  7. الآلوسي، شهاب الدين محمود ابن عبد الله الحسيني الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني.
  8. البغوي، محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، معالم التنزيل، حققه وخَرَّج أحاديثه: محمد عبد الله النمر، عثمان جمعة ضميرية، سليمان مسلم الحرش، دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة: الرابعة، 1417 هـ - 1997 م.
  9. تاج العروس.
  10. تفسير ابن أبي حاتم.
  11. حقي، إسماعيل حقي البروسوي، روح البيان في تفسير القرآن.
  12. الخازن، أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيحي، لباب التأويل في معاني التنزيل.
  13. الرزاي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب.
  14. الزركلي، خير الدين، الأعلام، الطبعة السادسة، تشرين الثاني (نوفمبر) 1984 م، دار العلم للملايين.
  15. الطبري، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، المحقق: أحمد محمد شاكر، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 2000 م.
  16. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن.
  17. القشيري، تفسير القشيري.
  18. الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، النكت والعيون.

 

([1]) إبراهيم بن أدهم: توفي سنة 161 ه = 778 م)، التميمي البلخي، أبو إسحاق: زاهد مشهو

عدد القراء : 1643