فتاوى فقهية معاصرة
(المعاملات المالية)
فتاوى في العقود
إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة([1])
القرار : بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة) ونظراً إلى التطور الكبير الذي حصل في وسائل الاتصال وجريان العمل بها في إبرام العقود لسرعة إنجاز المعاملات المالية والتصرفات، وباستحضار ما تعرض له الفقهاء بشأن إبرام العقود: بالخطاب وبالكتابة وبالإشارة وبالرسول، وما تقرر من أن التعاقد بين الحاضرين يشترط له: اتحاد المجلس (عدا الوصية والإيصاء والوكالة)، وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صدور ما يدلل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف، تقرر :
أولاً: إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد، ولا يرى أحدهما الآخر؛ معاينة، ولا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة (الرسول)، وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي (الكمبيوتر)
ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله.
ثانياً: إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد وهما في مكانين متباعدين، وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي؛ فإن التعاقد بينهما يعتبر تعاقداً بين حاضرين
وتطبق على هذه الحالة الأحكام الأصلية المقررة لدى الفقهاء المشار إليها في الديباجة (مقدمة القرار).
ثالثاً: إذا أصدر العارض بهذه الوسائل إيجاباً محددَ المدة يكون ملزماً بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة وليس له الرجوع عنه.
رابعاً: إن القواعد السابقة لا تشمل النكاح؛ لاشتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف؛ لاشتراط التقابض، ولا السَّلَم؛ لاشتراط تعجيل رأس المال.
خامساً: ما يتعلق باحتمال التزييف أو التزوير أو الغلط يرجع فيه إلى القواعد العامة للإثبات.
الظروف الطارئة وأثرها في العقود([2])
الظروف الطارئة وتأثيرها في الحقوق والالتزامات العقدية عرضت على مجلس المجمع الفقهي الإسلامي مشكلةُ ما قد يطرأ بعد إبرام عقود التعهد ونحوها من العقود ذات التنفيذ المتراخي في مختلف الموضوعات: من تبدل مفاجئ في الظروف والأحوال ذات التأثير الكبير في ميزان التعادل الذي بنى عليه الطرفان المتعاقدان حساباتهما فيما يعطيه العقد كلا منهما من حقوق وما يحمله إياه من التزامات مما يسمى اليوم في العرف التعاملي بـ (الظروف الطارئة)
وقد عرضت مع المشكلة أمثلة لها: من واقع أحوال التعامل وأشكاله توجب التفكير في حل فقهي مناسب عادل يقضي على المشكلة في تلك الأمثلة ونظائرها الكثيرة.
أولاً: في العقود المتراخية التنفيذ (كعقود التوريد والتعهدات والمقاولات) إذا تبدلت الظروف التي تم فيها التعاقد تبدلاً غَيَّرَ الأوضاع والتكاليف والأسعار تغييراً كبيراً بأسباب طارئة عامة لم تكن متوقعة حين التعاقد فأصبح بها تنفيذ الالتزام العقدي يلحق بالملتزم خسائر جسيمة غير معتادة من تقلبات الأسعار في طرق التجارة، ولم يكن ذلك نتيجة تقصير أو إهمال من الملتزم في تنفيذ التزاماته؛ فإنه يحق للقاضي - في هذه الحال عند التنازع، وبناءً على الطلب - تعديلَ الحقوق والالتزامات العقدية بصورة توزع القدر المتجاوز للمتعاقد من الخسارة على الطرفين المتعاقدين، كما يجوز له أن يفسخ العقد فيما لم يتمم تنفيذه منه إذا رأى أن فسخه أصلح وأسهل في القضية المعروضة عليه، وذلك مع تعويض عادل للملتزم له صاحب الحق في التنفيذ يُجْبِر له جانباً معقولاً من الخسارة التي تلحقه من فسخ العقد بحيث يتحقق عدل بينهما دون إرهاق للملتزم، ويعتمد القاضي في هذه الموازنات جميعا رأى أهل الخبرة الثقات.
ثانياً: ويحق للقاضي أيضاً أن يمهل الملتزم إذا وجد أن السبب الطارئ قابل للزوال في وقت قصير، ولا يتضرر الملتزَم له كثيراً بهذا الإمهال.
هذا، وإن مجلس المجمع الفقهي يرى في هذا الحل المستمد من أصول الشريعة تحقيقاً للعدل الواجب بين طرفي العقد، ومنعاً للضرر المرهق لأحد المتعاقدين بسبب لا يَدَ له فيه، وإن هذا الحل أشبه بالفقه الشرعي الحكيم، وأقرب إلى قواعد الشريعة ومقاصدها العامة وعدلها.
فتاوى في البيوع
البيع بالتقسيط([3])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (البيع بالتقسيط) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله تقرر:
أولاً: تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال،ي كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقداً وثمنه بالأقساط لمدد معلومة، ولا يصح البيع إلا إذا جزم المتعاقدان بالنقد أو التأجيل، فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد فهو غير جائز شرعاً.
ثانياً: لا يجوز شرعاً في بيع الأجل: التنصيصُ (النص) في العقد على فوائد التقسيط مفصولة عن الثمن الحالي بحيث ترتبط بالأجل سواء اتفق المتعاقدان على نسبة الفائدة أم ربطاها بالفائدة السائدة.
ثالثاً: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط؛ لأن ذلك ربا محرم.
رابعاً: يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حل من الأقساط، ومع ذلك لا يجوز شرعاً اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء.
خامساً: يجوز شرعاً أن يشترط البائع بالأجل حلول الأقساط قبل مواعيدها عند تأخر المدين عن أداء بعضها ما دام المدين قد رضي بهذا الشرط عند التعاقد.
سادساً: لا حق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة.
البيع بالأجل مع تقسيط الثمن ([4])
بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لاستفسارات البنك الإسلامي للتنمية بخصوص عمليات (البيع بالأجل مع تقسيط الثمن) قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية فيها:
المبدأ الأول: أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية ببيع المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعاً.
المبدأ الثاني: أن توكيل البنك أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يبيعه البنك تلك الأشياء بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل توكيل مقبول شرعا والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
المبدأ الثالث: أن عقد البيع يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها وأن يبرم بعقد منفصل.
بيع الأعضاء البشرية([5])
هل يجوز بيع الأعضاء البشرية ؟.
إن الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي يجوز فيها ذلك مشروط بأن لا يتم بواسطة بيع العضو إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما أما بذل المال من المستفيد ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأة وتكريما فمحل اجتهاد ونظر.
بيع المرابحة([6])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (بيع المرابحة للآمر بالشراء) واستماعه للمناقشات التي دارت حولهما قرر:
أولاً: أن بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور وحصول القبض المطلوب شرعا هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه.
ويوصي: بأنه في ضوء ما لاحظه من أن أكثر المصارف الإسلامية اتجهت في أغلب نشاطاتها إلى التمويل عن طريق المرابحة للآمر بالشراء بالتالي:
- أولاً: أن يتوسع نشاط جميع المصارف الإسلامية في شتى أساليب تنمية الاقتصاد، ولا سيما إنشاء المشاريع الصناعية أو التجارية بجهود خاصة أو عن طريق المشاركة والمضاربة مع أطراف أخرى.
- ثانياً: أن تدرس الحالات العملية لتطبيق (المرابحة للآمر بالشراء) لدى المصارف الإسلامية لوضع أصول تعصم من وقوع الخلل في التطبيق وتعين على مراعاة الأحكام الشرعية العامة أو الخاصة ببيع المرابحة للآمر بالشراء.
الوفاء بالوعد في بيع المرابحة للآمر بالشراء([7])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (الوفاء بالوعد في بيع المرابحة للآمر بالشراء) واستماعه للمناقشات التي دارت حولهما قرر:
أولاً: الوعد (وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد) يكون ملزماً للواعد؛ ديانة، إلا لعذر، وهو ملزم؛ قضاء إذا كان معلقاً على سبب، ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد.
ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلاً بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.
ثانياً: المواعدة (وهي التي تصدر من الطرفين)يجوز بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو أحدهما،فإذا لم يكن خيار فإنها لا تجوز؛ لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي r عن بيع الإنسان ما ليس عنده([8]).
ويوصي: بأنه في ضوء ما لاحظه من أن أكثر المصارف الإسلامية اتجه في أغلب نشاطاته إلى التمويل عن طريق المرابحة للآمر بالشراء بالتالي:
- أولاً: أن يتوسع نشاط جميع المصارف الإسلامية في شتى أساليب تنمية الاقتصاد ولا سيما إنشاء المشاريع الصناعية أو التجارية بجهود خاصة أو عن طريق المشاركة والمضاربة مع أطراف أخرى.
- ثانياً: أن تدرس الحالات العملية لتطبيق (المرابحة للآمر بالشراء) لدى المصارف الإسلامية لوضع أصول تعصم من وقوع الخلل في التطبيق وتعين على مراعاة الأحكام الشرعية العامة أو الخاصة ببيع المرابحة للآمر الشراء.
الحقوق المعنوية([9])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (الحقوق المعنوية) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله قرر المجلس
أولاً: الاسم التجاري والعنوان التجاري والعلامة التجارية والتأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً فلا يجوز الاعتداء عليها.
ثانياً: يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية ونقل أي منها بعوض مالي إذا انتفى الغرر والتدليس والغش باعتبار أن ذلك أصبح حقاً مالياً.
ثالثاً: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها ولا يجوز الاعتداء عليها.
تحديد أرباح التجار([10])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (تحديد أرباح التجار) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله تقرر:
أولاً: الأصل الذي تقرره النصوص والقواعد الشرعية تركُ الناس أحراراً في بيعهم وشرائهم وتصرفهم في ممتلكاتهم وأموالهم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وضوابطها عملاً بمطلق قول الله تعالى: }يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ{[النساء:29].
ثانياً: ليس هناك تحديد لنسبة معينة للربح يتقيد بها التجار في معاملاتهم، بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة، وظروف التاجر والسلع، مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من: الرفق، والقناعة، والسماحة، والتيسير.
ثالثاً: تضافرت نصوص الشريعة الإسلامية على وجوب سلامة التعامل من أسباب الحرام وملابساته؛ كالغش، والخديعة، والتدليس، والاستغفال، وتزييف حقيقة الربح، والاحتكار، الذي يعود بالضرر على العامة والخاصة.
رابعاً: لا يتدخل ولي الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللاً واضحاً في السوق والأسعار ناشئاً من عوامل مصطنعة؛ فإن لولي الأمر حينئذ التدخل بالوسائل العادلة الممكنة التي تقضي على تلك العوامل وأسباب الخلل والغلاء والغبن الفاحش.
القبض؛ صوره وأحكامه
القرار([11]): بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (القبض: صوره وبخاصة المستجدة منها وأحكامها) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله تقرر:
أولاً: قبض الأموال كما يكون حسياً في حالة الأخذ باليد أو الكيل أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتباراً وحكماً بالتخلية (التخلي عن المبيع أو الثمن) مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حساً، وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضا لها.
ثانياً: أن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعاً وعرفاً التالي:
1 - القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية:
أ - إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
ب - إذا عقد العميل عقد صرف ناجزا بينه وبين المصرف في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.
ج - إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغا من حساب له إلى حساب آخر بعملة أخرى في المصرف نفسه أو غيره لصالح العميل أو مستفيد آخر، وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية، ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي.
2 - تَسَلُّم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجزه المصرفي.
قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي([12]):
إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي قد نظر في موضوع:
أولاً: صرف النقود في المصارف، هل يستغنى فيه عن القبض بالشيك الذي يتسلمه مريد التحويل؟.
ثانياً: هل يكتفى بالقيد في دفاتر المصرف عن القبض لِمَن يُرِد استبدال عملة بعملة أخرى مودعة في المصرف؟.
وبعد البحث والدراسة قرر المجلس بالإجماع ما يلي:
أولاً: يقوم استلام الشيك مقام القبض عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف.
ثانياً: يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لِمَن يُرِد استبدال عملة بعملة أخرى سواء أكان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أم بعملة مودعة فيه.
السمسرة في الأسواق المالية([13])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (السمسرة) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله تقرر:
يجوز للجهات الرسمية المختصة أن تنظم تداول بعض الأسهم بأن لا يتم إلا بواسطة سماسرة مخصوصين ومرخصين بذلك العمل لأن هذا من التصرفات الرسمية المحققة لمصالح مشروعة.
وكذلك يجوز اشتراط رسوم لعضوية المتعامل في الأسواق المالية لأن هذا من الأمور التنظيمية المنوطة بتحقيق المصالح المشروعة.
عقود الاختيارات الجارية في الأسواق المالية([14])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (الخيارات) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله تقرر:
أن المقصود بعقود الاختيارات: الالتزام ببيع شيء محدد موصوف أو شرائه بسعر محدد خلال فترة زمنية معينة أو في وقت معين إما مباشرة أو من خلال هيئة ضامنة لحقوق الطرفين، وحكمه الشرعي أن عقود الاختيارات - كما تجري اليوم في الأسواق المالية العالمية - هي عقود مستحدثة لا تنضوي تحت أي عقد من العقود الشرعية المسماة، وبما أن المعقود عليه ليس مالاً و لا منفعة ولا حقاً مالياً يجوز الاعتياض عنه؛ فإنه غير جائز شرعاً، وبما أن هذه لا تجوز ابتداءً فلا يجوز تداولها.
طرق التعامل بالسلع في الأسواق([15])
ما هي طريقة التعامل بالسلع في الأسواق ؟.
يتم التعامل بالسلع في الأسواق المنظمة بإحدى أربع طرق هي التالية:
الطريقة الأولى: أن يتضمن العقد حق تسلم المبيع وتسلم الثمن في الحال مع وجود السلع أو إيصالات ممثلة لها في ملك البائع وقبضه، وهذا العقد جائز شرعاً بشروط البيع المعروفة.
الطريقة الثانية: أن يتضمن العقد حق تسلم المبيع وتسلم الثمن في الحال مع إمكانهما بضمان هيئة السوق، وهذا العقد جائز شرعاً بشروط البيع المعروفة.
الطريقة الثالثة: أن يكون العقد على تسليم سلعة موصوفة في الذمة في موعد آجل ودفع الثمن عند التسليم وأن يتضمن شرطاً يقضي أن ينتهي فعلاً بالتسليم والتسلم، وهذا العقد غير جائز؛ لتأجيل البدلين، ويمكن أن يُعَدَّل ليستوفى شروط السَلَّم المعروفة فإذا استوفى شروط السَلَّم جاز، وكذلك لا يجوز بيع السلعة المشتراة سَلَمَاً قبل قبضها.
الطريقة الرابعة: أن يكون العقد على تسليم سلعة موصوفة في الذمة في موعد آجل ودفع الثمن عند التسليم دون أن يتضمن العقد شرط أن ينتهي بالتسليم والتسلم الفعليين بل يمكن تصفيته بعقد معاكس وهذا هو النوع الأكثر شيوعاً في أسواق السلع وهذا العقد غير جائز أصلاً.
التعامل في أسواق العملات الدولية([16])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (التعامل في أسواق العملات الدولية) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله اتضح أنه يتم التعامل بالعملات في الأسواق المنظمة بإحدى الطرق الأربع التالية:
الطريقة الأولى: أن يتضمن العقد حق تسلم المبيع وتسلم الثمن في الحال مع وجود السلع أو إيصالات ممثلة لها في ملك البائع وقبضه وهذا العقد جائز شرعاً بشروط البيع المعروفة.
الطريقة الثانية: أن يتضمن العقد حق تسلم المبيع وتسلم الثمن في الحال مع إمكانهما بضمان هيئة السوق وهذا العقد جائز شرعاً بشروط البيع المعروفة.
الطريقة الثالثة: أن يكون العقد على تسليم سلعة موصوفة في الذمة في موعد آجل ودفع الثمن عند التسليم وأن يضمن شرطاً يقتضي أن ينتهي فعلاً بالتسليم والتسلم، وهذا العقد غير جائز؛ لتأجيل البدلين؛ ويمكن أن يُعَدَّل ليستوفى شروط السَلَّم المعروفة فإذا استوفى شروط السَلَّم جاز، وكذلك لا يجوز بيع السلعة المشتراة سَلَما قبل قبضها.
الطريقة الرابعة: أن يكون العقد على تسليم سلعة موصوفة في الذمة في موعد آجل ودفع الثمن عند التسليم دون أن يتضمن العقد شرط أن ينتهي بالتسليم والتسلم الفعليين بل يمكن تصفيته بعقد معاكس وهذا هو النوع الأكثر شيوعا في أسواق السلع، وهذا العقد غير جائز أصلاً.
الحطيطة من الدين المؤجَّل([17])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: (البيع بالتقسيط) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله تقرر:
الحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله سواء كانت بطلب الدائن أم المدين (ضع وتعجل) جائزة شرعاً لا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق، وما دامت العلاقة بين الدائن والمدين ثنائية، فإذا دخل بينهما طرف ثالث لم تجز؛ لأنها تأخذ عندئذ حكم حسم الأوراق التجارية.
يجوز اتفاق المتداينين على حلول سائر الأقساط عند امتناع المدين عن وفاء أي قسط من الأقساط المستحقة عليه ما لم يكن معسراً إذا اعتبر الدين حالَّاً؛ لموت المدين أو إفلاسه أو مماطلته، فيجوز في جميع هذه الحالات الحط منه للتعجيل بالتراضي.
ضابط الإعسار الذي يوجب الانتظار: ألا يكون للمدين مال زائد عن حوائجه الأصلية([18]) يفي بدَينه نقداً وعيناً.
بيع الوفاء([19])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (بيع الوفاء) وبعد الاستماع للمناقشات التي دارت حول بيع الوفاء وحقيقته:"بيع المال بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري إليه المبيع"، تقرر:
أولاً: إن حقيقة هذا البيع "قرض جر نفعاً"؛ فهو تحايل على الربا، وبعدم صحته قال جمهور العلماء.
ثانياً: يرى المجمع أن هذا العقد غير جائز شرعاً.
بيع العربون([20])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: (بيع العربون) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله تقرر ما يلي:
أولاً: المراد ببيع العربون: (بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغاً من المال إلى البائع؛ على أنه إن أخذ السلعة احتُسِب المبلغ من الثمن، وإن تركها فالمبلغ للبائع)، ويجري مجرى بيع الإجارة؛ لأنها بيع المنافع، ويستثنى من البيوع: كل ما يشترط لصحته قبض أحد البدلين في مجلس العقد (السَّلَم) أو قبض البدلين (مبادلة الأموال الربوية والصرف)، ولا يجرى في المرابحة للآمر بالشراء في مرحلة المواعدة، ولكن في مرحلة البيع التالية للمواعدة.
ثانياً: يجوز بيع العربون إذا قيدت فترة الانتظار بزمن محدود، ويحتسب العربون جزءاً من الثمن إذا تم الشراء ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء.
عقد المزايدة([21])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: (عقد المزايدة) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله، وحيث إن عقد المزايدة من العقود الشائعة في الوقت الحاضر، وقد صاحب تنفيذه في بعض الحالات تجاوزات دعت لضبط طريقة التعامل به ضبطاً؛ يحفظ حقوق المتعاقدين، طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، كما اعتمدته المؤسسات والحكومات وضبطته؛ بتراتيب إدارية، ومن أجل بيان الأحكام الشرعية لهذا العقد تقرر ما يلي:
أولاً: عقد المزايدة: عقد معاوضة يعتمد دعوة الراغبين نداءً أو كتابةً للمشاركة في المزاد، ويتم عند رضا البائع.
ثانياً: يتنوع عقد المزايدة بحسب موضوعه إلى: بيع وإجارة وغير ذلك، وبحسب طبيعته إلى: اختياري؛ كالمزادات العادية بين الأفراد، وإلى إجباري؛ كالمزادات التي يوجبها القضاء، وتحتاج إليه المؤسسات العامة والخاصة والهيئات الحكومية والأفراد.
ثالثاً: إن الإجراءات المتبعة في عقود المزايدات من تحرير كتابي وتنظيم وضوابط وشروط إدارية أو قانونية يجب أن لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
رابعاً: طلب الضمان ممن يريد الدخول في المزايدة جائز شرعاً، ويجب أن يُرَدَّ لكل مشارك لم يرس عليه العطاء، ويحتسب الضمان المالي من الثمن لِمَن فاز بالصفقة.
خامساً: لا مانع شرعاً من استيفاء رسم الدخول (قيمة دفتر الشروط بما لا يزيد عن القيمة الفعلية)؛ لكونه ثمنا له.
سادساً: يجوز أن يعرض المصرف الإسلامي أو غيره مشاريع استثمارية ليحقق لنفسه نسبة أعلى من الربح سواء أكان المستثمر عاملاً في عقد مضاربة مع المصرف أم لا.
سابعاً: النَجْش حرام، ومن صوره:
أ - أن يزيد في ثمن السلعة من لا يريد شراءها ليغري المشتري بالزيادة.
ب - أن يتظاهر من لا يريد الشراء بإعجابه بالسلعة ويمدحها؛ ليغري المشتري فيرفع ثمنها.
ج - أن يَدَّعي صاحب السلعة أو الوكيل أو السمسار ادعاءً كاذباً أنه دفع فيها ثمناً معيناً؛ ليدلس على ما يسوم.
د - ومن الصور الحديثة للنَجْش المحظورة شرعاً: اعتماد الوسائل السمعية والمرئية والمقروءة التي تذكر أوصافاً رفيعة؛ لا تمثل الحقيقة، أو ترفع الثمن؛ لتغري المشتري وتحمله على التعاقد.
فتاوى في الإيجار
عمليات الإيجار([22])
القرار: بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لجميع الاستفسارات التي تقدم بها البنك الإسلامي للتنمية إلى المجمع بخصوص (عمليات الإيجار) قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية فيها:
المبدأ الأول: إن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعاً.
المبدأ الثاني: إن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد حيازة الوكيل لها هو توكيل مقبول شرعاً، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
المبدأ الثالث: إن عقد الإيجار يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها، وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد.
المبدأ الرابع: إن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإيجار جائز بعقد منفصل.
المبدأ الخامس: إن تَبِعَة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفته مالكاً للمعدات ما لم يكن ذلك بتعدٍ أو تقصيرٍ من المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليه.
المبدأ السادس: إن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلامية كلما أمكن ذلك يتحملها البنك.
بدل الخلو (الفروغ)([23])
23 بعد الاطلاع على الأبحاث الفقهية الواردة إلى المجمع بخصوص (بدل الخلو) بناء عليه تقرر ما يلي:
أولاً: تنقسم صور الاتفاق على بدل الخلو إلى أربع صور هي:
1 - أن يكون الاتفاق بين مالك العقار وبين المستأجر عند بدء العقد.
2 - أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين المالك وذلك في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.
3 - أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين مستأجر جديد في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.
4 - أن يكون الاتفاق بين المستأجر الجديد وبين كل من المالك والمستأجر الأول قبل انتهاء المدة أو بعد انتهائها.
ثانياً: إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغاً مقطوعاً زائداً عن الأجرة الدورية (وهو ما يسمى في بعض البلاد خلواً) فلا مانع شرعاً من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن يُعَدَّ جزءاً من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة.
ثالثاً: إذا تم الاتفاق بين المالك والمستأجر أثناء مدة الإجارة على أن يدفع المالك إلى المستأجر مبلغاً مقابل تخليه عن حقه الثابت بالعقد في ملك منفعة بقية المدة فإن بدل الخلو هذا جائز شرعاً؛ لأنه تعويض عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك، أما إذا انقضت مدة الإجارة ولم يتجدد العقد صراحة أو ضمناً عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له فلا يحل بدل الخلو؛ لأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر.
رابعاً: إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول والمستأجر الجديد أثناء مدة الإجارة على التنازل عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية فإن بدل الخلو هذا جائز شرعاً مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بين المالك والمستأجر الأول ومراعاة ما تقضى به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية على أنه في الإجارات الطويلة المدة - خلافاً لنص عقد الإجارة طبقاً لما تسوغه بعض القوانين - لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك، أما إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة فلا يحل بدل الخلو لانقضاء حق المستأجر الأول في منفعة العين.
الإيجار المنتهي بالتمليك([24])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (الإيجار المنتهي بالتمليك) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله وبعد الاطلاع على قرار المجمع رقم (1) في الدورة الثالثة بشأن الإجابة عن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية فقرة (ب) بخصوص عمليات الإيجار تقرر:
أولاً: الأولى الاكتفاء عن صور الإيجار المنتهي بالتمليك ببدائل أخرى منها البديلان التاليان:
الأول: البيع بالأقساط مع الحصول على الضمانات الكافية.
الثاني: عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في واحد من الأمور التالية:
- مد مدة الإجارة.
- إنهاء عقد الإجارة ورد العين المأجورة إلى صاحبها.
- شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة.
ثانياً: هناك صور مختلفة للإيجار المنتهي بالتمليك تقرر تأجيل النظر فيها إلى دورة قادمة بعد تقديم نماذج لعقودها وبيان ما يحيط بها من ملابسات وقيود بالتعاون مع المصارف الإسلامية لدراستها وإصدار القرار في شأنها.
فتاوى في التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها ([25])
القرار: بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله تقرر:
أولاً: أن المسكن من الحاجات الأساسية للإنسان، وينبغي أن يوفر بالطرق المشروعة بمال حلال، وإن الطريقة التي تسلكها البنوك العقارية والإسكانية ونحوها من الإقراض بفائدة قَلَّت أو كثرت هي طريقة محرمة شرعاً؛ لما فيها من التعامل بالربا.
ثانياً: هناك طرق مشروعة يستغنى بها عن الطريقة المحرمة لتوفير المساكن بالتملك - فضلاً عن إمكانية توفيره بالإيجار -،منها:
أ - أن تُقَدِّم الدولة للراغبين في تملك مساكن قروضاً مخصصة لإنشاء المساكن تستوفيها بأقساط ملائمة بدون فائدة سواء كانت الفائدة صريحة أم تحت ستار اعتبارها "رسم خدمة"،على أنه إذا دعت الحاجة إلى تحصيل نفقات لتقديم عمليات القروض ومتابعتها؛ وجب أن يقتصر فيها على التكاليف الفعلية لعملية القرض على النحو المبين في الفقرة (أ) من القرار رقم (1) للدورة الثالثة لهذا المجمع.
ب - أن تتولى الدول القادرة إنشاء المساكن وتبيعها للراغبين في تملك مساكن بالأجل والأقساط بالضوابط الشرعية المبينة في القرار (53) لهذه الدورة المتعلق ببيع التقسيط.
ج - أن يتولى المستثمرون من الأفراد أو الشركات بناء مساكن تباع بالأجل.
د - أن تملك المساكن عن طريق عقد الاستصناع - على أساس اعتباره لازماً -، وبذلك يتم شراء المسكن قبل بنائه بحسب الوصف الدقيق المزيل للجهالة المؤدية للنـزاع دون وجوب تعجيل جميع الثمن، بل يجوز تأجيله بأقساط يتفق عليها مع مراعاة الشروط والأحوال المقررة لعقد الاستصناع لدى الفقهاء الذين ميزوه عن عقد السلم.
ويوصي: بمواصلة النظر لإيجاد طرق أخرى مشروعة توفر تملك المساكن للراغبين في ذلك.
فتاوى في الاستثمار والأوراق المالية (البورصة)
حول سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة)([26])
إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في موضوع (سوق الأوراق المالية والبضائع – البورصة) وما يعقد فيها من عقود؛ بيعاً وشراء على العملات الورقية، وأسهم الشركات، وسندات القروض التجارية والحكومية، والبضائع وما كان من هذه العقود على مُعَجَّل، وما كان منها على مؤجل.
كما اطلع مجلس المجمع على الجوانب الإيجابية المفيدة لهذه السوق في نظر الاقتصاديين والمتعاملين فيها وعلى الجوانب السلبية الضارة فيها.
أولاً: إن غاية السوق المالية (البورصة) هي إيجاد سوق مستمرة ودائمة يتلاقى فيها العرض والطلب والمتعاملون بيعاً وشراء، وهذا أمر جيد ومفيد ويمنع استغلال المحترفين للغافلين والمسترسلين الذين يحتاجون إلى بيع أو شراء ولا يعرفون حقيقة الأسعار ولا يعرفون مَن هو المحتاج إلى البيع ومَن هو المحتاج إلى الشراء، ولكن هذه المصلحة الواضحة يواكبها في الأسواق المذكورة (البورصة) أنواع من الصفقات المحظورة شرعاً والمقامرة والاستغلال وأكل أموال الناس بالباطل، ولذلك لا يمكن إعطاء حكم شرعي عام بشأنها، بل يجب بيان حكم المعاملات التي تجري فيها كل واحدة منها على حدة.
ثانياً: إن العقود العاجلة على السلع الحاضرة الموجودة في ملك البائع التي يجري فيها القبض فيما يشترط له القبض في مجلس العقد شرعاً هي عقود جائزة ما لم تكن عقوداً على محرم شرعاً، أما إذا لم يكن المبيع في ملك البائع فيجب أن تتوافر فيه شروط بيع السَّلم ثم لا يجوز للمشتري بعد ذلك بيعه قبل قبضه.
ثالثاً: إن العقود العاجلة على أسهم الشركات والمؤسسات حين تكون تلك الأسهم في ملك البائع جائزة شرعاً ما لم تكن تلك الشركات أو المؤسسات موضوع تعاملها محرم شرعاً؛ كشركات البنوك الربوية وشركات الخمور فحينئذ يحرم التعاقد في أسهمها بيعاً وشراء.
رابعاً: إن العقود العاجلة والآجلة على سندات القروض بفائدة بمختلف أنواعها غير جائزة شرعاً؛ لأنها معاملات تجري بالربا المحرم.
خامساً: إن العقود الآجلة بأنواعها التي تجري على المكشوف أي على الأسهم والسلع التي ليست في ملك البائع بالكيفية التي تجري في السوق المالية (البورصة) غير جائزة شرعاً؛ لأنها تشتمل على بيع الشخص ما لا يملك اعتماداً على أنه سيشتريه فيما بعد ويسلمه في الموعد وهذا منهى عنه شرعاً لما صح عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا تبع ما ليس عندك"([27]), وكذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن زيد بن ثابت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم"([28]).
سادساً: ليست العقود الآجلة في السوق المالية (البورصة) من قبيل بيع السَّلَم الجائز في الشريعة الإسلامية وذلك للفرق بينهما من وجهين:
أ - في السوق المالية (البورصة) لا يدفع الثمن في العقود الآجلة في مجلس العقد، وإنما يؤجل دفع الثمن إلى موعد التصفية، بينما الثمن في بيع السَّلَم يجب أن يدفع في مجلس العقد.
ب - في السوق المالية (البورصة) تباع السلعة المتعاقد عليها وهي في ذمة البائع الأول وقبل أن يحوزها المشتري الأول عدة بيوعات وليس الغرض من ذلك إلا قبض أو دفع فروق الأسعار بين البائعين والمشترين غير الفعليين؛ مخاطرة منهم على الكسب والربح كالمقامرة سواء بسواء، بينما لا يجوز بيع المبيع في عقد السلم قبل قبضه.
وبناء على ما تقدم يرى المجمع الفقهي الإسلامي أنه يجب على المسؤولين في البلاد الإسلامية:
أن لا يتركوا أسواق البورصة في بلادهم حرة تتعامل كيف تشاء في عقود وصفقات سواء كانت جائزة أم محرمة.
وأن لا يتركوا للمتلاعبين بالأسعار فيها أن يفعلوا ما يشاءون بل يوجبون فيها مراعاة الطرق المشروعة في الصفقات التي تعقد فيها ويمنعون العقود غير الجائزة شرعاً؛ ليحولوا دون التلاعب الذي يجر إلى الكوارث المالية ويخرب الاقتصاد العام ويلحق النكبات بالكثيرين؛ لأن الخير كل الخير في التزام طريق الشريعة الإسلامية في كل شيء قال الله تعالى: }وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{[الأنعام:153].
سندات المقارضة وسندات الاستثمار([29])
بعد الاطلاع على الأبحاث المقدمة في موضوع (سندات المقارضة وسندات الاستثمار) والتي كانت حصيلة الندوة التي أقامها المجمع بالتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية بتاريخ 6 - 9 من محرم 1408 هجرية 30 / 08 / 1988 م تنفيذاً لقرار رقم (10) المتخذ في الدورة الثالثة للمجمع وشارك فيها عدد من أعضاء المجمع وخبرائه وباحثي المعهد وغيره من المراكز العلمية والاقتصادية وذلك للأهمية البالغة لهذا الموضوع وضرورة استكمال جميع جوانبه للدور الفعال لهذه الصيغة في زيادة القدرات على تنمية الموارد العامة عن طريق اجتماع المال والعمل وبعد استعراض التوصيات العشر التي انتهت إليها الندوة ومناقشتها في ضوء الأبحاث المقدمة في الندوة وغيرها قرر المجلس ما يلي:
أولاً: من حيث الصيغة المقبولة شرعاً لصكوك المقارضة
1 - سندات المقارضة:هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال الفعل (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأس مال المضاربة وما يتحول إليه بنسبة ملكية كل منهم فيه ويفضل تسمية هذه الأداة الاستثمارية (صكوك المقارضة).
2 - الصورة المقبولة شرعا لسندات المقارضة بوجه عام لا بد أن تتوافر فيها العناصر التالية:
العنصر الأول: أن يمثل الصك ملكية حصة شائعة في المشروع الذي أصدرت الصكوك لإنشائه أو تمويله وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته وترتب عليها جميع الحقوق والتصرفات المقررة شرعاً للمالك في ملكه؛ من بيع، وهبة، ورهن، وإرث، وغيرها مع ملاحظة أن الصكوك تمثل رأس مال المضاربة.
العنصر الثاني: يقوم العقد في صكوك المقارضة على أساس أن شروط التعاقد تحددها (نشرة الإصدار) وأن (الإيجاب) يعبر عنه الاكتتاب في هذه الصكوك وأن (القبول) تعبر عنه موافقة الجهة المصدرة، ولا بد أن تشتمل نشرة الإصدار على جميع البيانات المطلوبة شرعا في عقد القراض (المضاربة)، من حيث بيان: معلومية رأس المال، وتوزيع الربح، مع بيان الشروط الخاصة بذلك الإصدار على أن تتفق جميع الشروط مع الأحكام الشرعية.
العنصر الثالث: أن تكون صكوك المقارضة قابلة للتداول بعد انتهاء الفترة المحددة للاكتتاب باعتبار ذلك مأذوناً فيه من المضارب عند نشوء السندات مع مراعاة الضوابط التالية:
أ - إذا كان مال القراض المتجمع بعد الاكتتاب وقبل المباشرة في العمل بالمال ما يزال نقوداً فإن تداول صكوك المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد وتطبق عليه أحكام الصرف.
ب - إذا أصبح مال القراض ديوناً تطبق على تداول صكوك المقارضة أحكام تداول التعامل بالديون.
ج - إذا صار مال الفع
عدد القراء : 1377