shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

العبادة في الإسلام

العبادة علة وجودنا وسر سعادتنا في الدنيا وثمن جنة ربنا في الآخرة، قال تعالى: ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[.

إنها غاية الخضوع لأمر الله، وغاية محبته فمن أطاعه، ولم يحبه لا يكون عابداً له، ومن أحبه، ولم يخضع له لا يكون عابداً له.

تعصي الإله وأنت تظهر حبه      ذاك لعمري في المقــال شنيعُ

لو كان حبك صادقاً لأطعتـه      إن المحب لمـن يحب  مطيـعُ

في العبادات جانب سلوكي، ألا وهو الطاعة الطوعية، والانقياد التام إلى الأمر التكليفي فعلاً وتركاً، وفي العبادة جانب بنفسي، هو الحب الغامر للمنعم الذي أنعم، أنعم بنعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والإرشاد.

لابد لهذه الطاعة الطوعية من معرفة يقينية تسبقها، كما أنه لابد لهذه الطاعة الطوعية من سعادة حقيقية تفضي إليها، تلك السعادة التي خلق الإنسان من أجلها، قال تعالى: ]ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا مَن رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين[.

والعبادة غذاء النفس، فكما أن الجسم غذاؤه الطعام والشراب فالنفس التي بين جنبيك غذاؤها العبادة، فليس الإنسان هو الغلاف المادي الذي نحسه ونراه، ولكن حقيقة الإنسان هو ذلك الجوهر النفيس الذي صار به سيد المخلوقات، هذا الجوهر الذي يحيى، ويسعد بذكر الله والإقبال عليه، ويهلك ويشقى بالغفلة والبعد عنه.

ثانياً: العبودية الحقة لله سبيل إلى الحرية الحقيقية، فهي وحدها تعتق القلب من رق المخلوقين، وتحرره من الذل، والخضوع لكل ما سوى الله من أنواع الآلة والطواغيت، التي تستعبد الناس، وتسترقهم أشد ما يكون الاسترقاق والاستعباد.

ذلك أن في قلب الإنسان حاجة ذاتية إلى رب، إلى إله، إلى معبود يتعلق به، ويسعى إليه، ويعمل على رضاه، ويلتجئ إليه، ويلوذ بحماه؛ لأن الإنسان خلق ضعيفاً، ليفتقر في ضعفه فيسعد في افتقاره.

ولو خلق قويًا لاستغنى بقوته، فشقي في استغنائه، فإذا لم يكن هذا المعبود هو الله الواحد الأحد تخبط في عبادة آلهة شتى، وأرباب أخر مما يرى، ومما لا يرى، ممن يعقل، ومما لا يعقل، مما هو موجود، وما ليس بموجود إلا في الوهم والخيال.

ثالثاً: من أهداف العبادة، العبادة ابتلاء إلهي، فالحياة الدنيا التي نحياها طالت أو قصرت ليست هي الغاية، ولا إليها المنتهى، إنها حياة دنيا فانية، جعلها الله إعداداً لحياة عليا باقية، وشاءت حكمة الله جل جلاله أن يركب في الإنسان عناصر مزدوجة، بعضها يسمو به، وبعضها يهوي به، ففيه العقل والإرادة، وفيه الغريزة والشهوة، والحظوظ التي منحه الله إياها كالمال، والجمال، والقوة، والذكاء حيادية، يمكن أن يجعلها الإنسان سلماً يرقى بها، ويمكن أن يجعلها دركاتٍ يهوي بها، تسعده أو تشقيه، تكون سبباً لدخوله الجنة أو سبباً لدخوله النار، لقد أودعت فيه، ومنح نعمة العقل والإرادة، ثم رُسِم له منهجٌ من عند خالقه كُلف أن يسير عليه، وأن يطبق تفاصيله، فإما أن يحكم عقله، ويستعمل إرادته، فيطبق منهج ربه، فيسعد في الدنيا والآخرة، وإما أن يحكم غريزته، ويستجيب لشهوته، فيعرض عن منهج ربه، فيشقى في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ]إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً[[سورة الإنسان 2].

رابعاً: العبادة حق الله على عباده، روى البخاري ومسلم عن معاذ بن جبل قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد ؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "حق الله على العباد أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئاً".

فليس بمستَنكَرٍ أن يكون لله علينا حق عبادته وحده، بل المستنكر أن يكون غير هذا، المستنكر أن نعبد ما دون الله، أو من دون الله فنؤدي الحق لغير أهله، إننا لم نكن شيئاً مذكوراً، خرجنا من ظلمة العدم إلى نور الوجود، ثم كنا نوعاً مكرماً من الخليقة، خُلقنا في أحسن تقويم، وصورنا في أحسن صورة، علمنا البيان، أوتينا العقل والإرادة، سخرت الكائنات لخدمتنا، فالعبادة نوع من الخضوع لا يستحقه إلا المنعم بأعلى أنواع النعم، كنعمة الحياة والرزق والهداية، وأقل القليل من العبادة أكبر من أن يستحقه أي مخلوق كائناً من كان، لذلك لا يستحق العبادة إلا الله، العبادة حق الله على عباده.

خامساً: العبادة طلب للجنة، ونجاة من النار، لا يضير العابد، ولا يقلل من قيمة عبادته أن تكون عبادته طلباً لثوابه، وخوفاً من عقابه، طلباً لجنته، وهرباً من ناره، لقد وصف الله تعالى صفوته من خلقه، وصف الأنبياء والرسل والصديقين والصالحين بأنهم يرجون رحمته ويخافون عذابه، ولو لم يكن هذا مطلوباً لما وصف الله الجنة للعباد، وزينها لهم، وأخبرهم عن تفاصيل لا تصل إليها عقولهم منها، ولما وصف لهم النار وخوفهم منها، وأخبرهم عن تفاصيل لا تصل إليه عقولهم منها، والحقيقة أن الجنة ليست اسماً لمجرد الأشجار، والفواكه، والثمار، والطعام، والشراب، والحور العين، والأنهار والقصور، بل هي اسم لدار النعيم المطلق الكامل، قال تعالى: ]وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم[[سورة التوبة 72].

سادساً: العبادة هي الأداة الوحيدة لتربية الضمير، أو هي السبب الوحيد لمكارم الأخلاق الأصيلة التي لا تنبع من المصالح، ولا تتأثر بها، فالله جل جلاله أهل الخير والحق والجمال، والإنسان من خلال عبادته واتصاله بربه يشتق من مكارم الأخلاق ما يتناسب مع حجم استقامته، وعمله الصالح، وإخلاصه، وصدقه، فأشد البشر اتصالاً بربه أعلاهم خلقاً: ]وإنك لعلى خلق عظيم[[سورة القلم: 4].

وفي بيان أوصاف المؤمنين: الخشوع في الصلاة، وآخر أوصافهم المحافظة عليها، وصفهم بفعل الزكاة، وهي عبادة مع الفضائل الخلقية الأخرى، إعراضهم عن اللغو، عفتهم، حفظهم للأمانة، رعايتهم للعهد.

عدد القراء : 1079

A PHP Error was encountered

Severity: Notice

Message: fwrite(): write of 34 bytes failed with errno=122 Disk quota exceeded

Filename: drivers/Session_files_driver.php

Line Number: 253

Backtrace:

A PHP Error was encountered

Severity: Warning

Message: session_write_close(): Failed to write session data using user defined save handler. (session.save_path: /home/alzatari/public_html/system/cache)

Filename: Unknown

Line Number: 0

Backtrace: