shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

الغلو في الدين، أسباب وعلاج

 

 

الغلو: من غلا إذ زاد وارتفع وجاوز الحد.

الغلو في الدين:

(الغلو) مصطلح ورد في القرآن الكريم في  موضعين؛ في قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ} [النساء: 171].

وفي قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} [المائدة: 77].

وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لمّا جمع للنبيّ جمرات، أمره أنّ يلتقط حصىً صغاراً، وقال: بمثل هؤلاء فارموا، بمثل هؤلاء فارموا، وإياكم والغلوَّ في الدين ! فإنه أهلك من كان قبلكم، الغلوُّ في الدين([1]).

معنى الغلو في الدين:

الغلو:

مجاوزة الحد المطلوب شرعاً من العبد إلى ما هو أبعد منه؛ فلا يكتفي بطلب الشارع، بل يشعر بأن ما طلبه الشارع قليل ولا يكفي، فيغالي ويزيد من عنده على ما أمر به الشارع؛ اعتقاداً بأن ذلك محبوب شرعاً.

ومعنى الغلو: مجاوزة الحد، والحد هو النصُّ الشرعي، كلام الله عزَّ وجلَّ، وما صح من كلام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأن يُفهم هذا النص وفق قواعد علم الأصول، وكما قال تعالى في كتابه العزيز: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36].

وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].


 

الألفاظ ذات الصلة:

أحيانا تطلق مصطلحات دون معرفة مدلولاتها الذاتية الحقيقية، وتلتبس على الناس، بل قد تلبس على المثقفين، وأحياناً تكون وسائل الإعلام موجَّهة نحو هذا التشويش.

فيطلق لفظ (التطرف) وأحياناً يطلق لفظ (الأصولية)، وأحياناً تطلق كلمة (الإرهاب)، دون الإجماع على تحديد مفاهيم هذه المصطلحات الثلاثة، وسأبين بعض مدلولاتها، ثم أؤكد على المصطلح الشرعي وهو (الغلو) ومجاوزة الحد في السلوك أو الاعتقاد أو العبادة.

التطرف:

التطرف، مشتق من الطرف أي الناحية، أو منتهى الشيء، وتطرف أتى الطرف، وجاوز حد الاعتدال ولم يتوسط.

وبقراءة لمعاجم اللغة التراثية لا تجد هذا المعنى الدقيق، بهذه الكلمات، بل هو كلام عام عن مجافاة الوسط، وطرفي الحد.

وأصل الكلمة في الماديات (الحسيات) ثم استخدمت في المعنويات، كالتطرف الفكري.

وفي الحقيقة هو مصطلح صحفي ولم يرد هذا اللفظ بهذا الاصطلاح لا في الكتاب ولا في السنة.

وغالبا ما يستخدم هذا المصطلح من قبل العلمانيين، دون التزام بالموضوعية في هذا المصطلح، فهم لم يحددوا أولاً ما هو التطرف، ولا معناه، بل يريدونه لفظاً غامضاً عائماً فضفاضاً لمحاولة إضفائه وإلصاقه فيمن يشاؤون سواء كانت الخصومة سياسية أو فكرية أو شرعية أو دنيوية، بل حتى خصومة شخصية.

فاليوم يطلق لفظ (التطرف والمتطرف) على الإسلام والملتزم به، وغدا يتحول التطرف إلى جهة أخرى.

فمن له مواقف سياسية معينة ضد إسرائيل فهو متطرف سياسي مهما كانت قضيته عادلة، ويبذل من أجل الدفاع عن دينه وبلده وأمته.

ومواجهة بعض المواقف السلوكية السلبية في نظر بعض العلمانيين تطرف كالدعوة إلى الحجاب، ونبذ التبرج، أو محاربة الربا، أو تجنب الفواحش، ففي نظر البعض يعد هذا متطرفا عقديا.

ولذا فهذا لفظة ليس لها حد لمعرفة ما تجمع وما تمنع؛ إذ الكل يوظفها حسب هواه.

وإذا كان التطرف هو الميل إلى أحد الطرفين فهو ضد الوسطية والاعتدال وهو ميل إما إلى غلو وإما ميل إلى تساهل وإلغاء.

وبما أن التطرف هو مجاوزة حد الاعتدال فهذا يدعو إلى معرفة الغلو.

 

الأصولية fundamentalism:

وهي في معجم (WESTER) مصطلح أطلق على حركة احتجاجٍ مسيحية ظهرت في القرن العشرين تؤكد على ضرورة التفسير الحرفي للكتاب المقدس كأساس للحياة الدينية الصحيحة.

وقد حاول كثير من المغرضين البحث عن أوجه الشبه بين هذه الفئات النصرانية وبعض دعاة الإسلام لينقلوا إليهم هذا المصطلح، رغم أنه مصطلح غربي له ظروفه وملابساته.

 

ومن الواجب أن نفرِّق بين غلو حقيقي وهو مجاوزة للحدِّ الشرعي، وانحراف عن سواء السبيل، وبين غلو موهوم في رأس أعداء الدين، يوصف بالأصولية تارة، وبالتطرف تارة أخرى، وهو في حقيقته دعوةٌ خالصة إلى الله وإلى دينه، وإلى تحكيم شريعته، والعمل بالكتاب والسنّة.


 

لماذا الحديث عن التطرف والغلو؟

إن قضية الغلو في الدين ليست وليدة اليوم، فهي عند اليهود وأحبارهم وعند النصارى في رهبانهم، وظهرت في الخوارج في الإسلام، وظهرت عند بعض المتصوفة، وعند كثير من الفرق التي انتسبت إلى الإسلام، ولذا كانت مناقشة هذا الموضوع لأسباب:

أولاً: لأنه واقع لا يمكن تجاهله، ولا يمكن أن ننزعج من معالجة هذه الأخطاء وحوارها، بل الصحيح أن ننزعج من إهمالها، كيف لا، وقد جاء في الحديث عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ"، قُلْنَا: لِمَنْ؟، قَالَ: "لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ"([2]).

ثانياً: لقد تناول هذا الموضوع كثير من الغربيين والعلمانيين، وأطلقوا لفظ الأصولية والإرهاب والتطرف على خليط من الأوراق، وقد تكلم المتخصص وغير المتخصص، فلماذا لا يكون لحملة العلم الشرعي وقفة ووضوح في هذه القضية.

ثالثاً: أن هذا الموضوع يتجدد عرضه مع كل حدث، وقد ازداد عرضه بعد حادث 11 سبتمبر، حيث أنه تم شحن العالم كله بموضوع الإرهاب والتطرف.

ثم أعيد طرحه بعد أحداث مدريد، وأحداث شرم الشيخ، وأحداث طابا في مصر، وأحداث لندن، وأحداث متتالية، بل أصبح الشماعة التي تعلق عليها أحداث العالم اليوم، ومن العجيب أن يلصق كل ذلك بالإسلام أو بالمسلمين ـ بتعبير أدق ـ.

رابعاً: لأن مفهوم التطرف والإرهاب قد أصبح فضفاضاً وقد أدخلت فيه كثير من القضايا العادلة كقضية فلسطين وغيرها، واستخدمت الآلة العسكرية والقوى الأمنية بأعلى درجات البطش للقضاء على التطرف والإرهاب دون بحث في جذور المشكلة وأسبابها.

لذا أرى أن هذه الندوة العلمية قد أقيمت لتسليط الضوء على هذه الجوانب من خلال كوكبة من علماء العالم الإسلامي.

خامساً: لأن كثيراً من الناس يستقون معلوماتهم من الإعلام، وفي كثير من الأحيان يكون الإعلام (فرعونياً؛ ما أريكم إلا ما أرى) موجهاً لخدمة فكرة ما، أو تيار معين.

ومن المؤسف أنه قد أصبح من الواضح عبر الصياغة الإعلامية أن التطرف والأصولية والإرهاب إنما هي ألفاظ لصيقة بالإسلام والمسلمين، وليس لها علاقة بممارسات بعض الدول المحتلة التي تستولي على الشعوب، وتنهب خيراتها كحال   إسرائيل مع الفلسطينيين، أو الولايات الأمريكية مع العراقيين مثلاً.

 

 

أنواع الغلو

 

الغلوُّ نوعان: اعتقادي، وعملي.

 

أما الغلو الاعتقادي، فيتمثل في أن الغلاة يعتقدون فيمّا هو جزء من الدين أنه الدين كلّه.

كغلو النصارى في عيسى ابن مريم عليه السلام، وغلو الرافضة في الأئمة، وغلو الخوارج في تكفير أهل الإسلام بالكبيرة والذنب، وغلاة الصوفية يرون أن صفاء القلب هو الدين كلّه، وهم بهذا يعطلون الجانب التشريعي، والجانب العملي في الدين.

وغلاة كلّ فرع من فروع الدين، يُحلُّون هذا الفرع محلَّ الأصل، وينظرون إلى من عُني ببقية فروع الدين نظرة ازدراءٍ وإشفاق، وقد أشار إلى هذين النوعين من الغلّو الإمام الشاطبي في الموافقات:

 ولا يخفى أن من كليات الدين الجانب الاعتقادي، والجانب السلوكي، وحينما تحلُّ كلية من هذه الكليات محلَّ الدين كلّه، فهذا غلو.

كذلك تضخيم الفرع في الدين ليحلَّ محلَّ الأصل يُعَدُّ غلوّاً في الدين.

فهل يُعقل أن يصبح الدين كله ـ على سبيل المثال ـ إتقانَ علمِ التجويد ليس غير.

 

والنوع الثاني من الغلو: الغلو العملي.

وهو المتعلق بالأمور العملية التفصيلية من الأقوال والأفعال بما لا يترتب عليه اعتقاد؛ مثل رمي الجمار بالحصى الكبيرة، والزيادة في العبادات كالوصال في الصوم، والتبتل بعدم الزواج.

وحينما يقع الإنسان فريسة وساوسه المتسلطة في شأن طهارته، ووضوئه، وحينما يتجاوز في عبادته الحد الذي شرَّعه الله فيترك عملَه ويهمل أسرته، وبهذا يختل توازنه، ولا يحقق الهدف الأمثل من تدينه.

 

ولا شك أن الغلو الاعتقادي هو الأخطر؛ لأن صاحبه لا يرجع عنه، إذ يعتقد أنه على صواب فهو لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري.

 


 

أسباب الغلو  

للغلو أسباب كثيرة، ويجمع الباحثون في قضية التطرف والغلو أن أسبابه عديدة، منها ما هو سياسي، ومنها ما هو تربوي، ومنها ما هو نفسي، ومنها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو ثقافي، ومنها ما هو مجتمعي.

ونتناول هنا أبرز هذه الأسباب:

 

ضعف البصيرة بحقيقة الدين، وقلة البضاعة في فقهه والتعمق في معرفة أسراره والوصول إلى فهم مقاصده واستشفاف روحه، والجهل، وهو: عدم معرفة حكم الله جلّ وعلا وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم.

فقد يكون المغالي معظماً للحرمات، غيوراً على دين الله، فإذا رأى إنساناً متلبساً بمعصية، لم يطق، أو لم يتصور أن هذا الشخص مسلم، أو أن ذنبه يمكن أن يُغفر، لذلك يتهمه بالكفر والخروج من الدين.

وقد يكون الجهل جهلاً بالدليل لعدم معرفته أو الاطلاع عليه، وقد يكون جهلاً بالاستنباط، أو جهلاً بقواعد اللغة العربية.

والمقصود هنا نصف العلم الذي يظن صاحبه أنه دخل به من زمرة العلماء وهو يجهل الكثير والكثير، فهو يعرف نتفاً من العلم من هنا وهناك، غير متماسكة ولا مترابطة، يهتم بما يطفو على السطح ولا يهتم بما يرسب في الأعماق.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئِلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا"([3]).

وفي الحقيقة أن نصف العلم مع العجب والغرور والاعتقاد أنه عالم يضر أكثر من الجهل الكلي مع الاعتراف، لأن هذا جهل بسيط وذلك جهل مركب، وهو جهل من لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري.

 

وهذا الجهل ناتج عن غياب الوعي الديني، والفهم العميق للنصوص، وربما أدى به ذلك إلى الجرأة على الأحكام الشرعية، ومعالجة النوازل من غير أهل الاختصاص دون فهم للنصوص الشرعية، ومعرفة مقاصد الأحكام، والإلمام بأسرار اللغة.

والجهل أسهلُ أسبابِ الغلو معالجةً، ولا سيما إذا كان المغالي بريئاً من الهوى، والنزعات الشريرة، فالجهل يزول بالعلم.

 

ومن أسباب الغلو: ضعف البصيرة بالواقع والحياة والتاريخ وسنن الكون:

فتجد أحدهم يريد ما لا يكون، ويطلب ما لا يوجد، ويتخيل ما لا يقع، ويفهم الوقائع على غير حقيقتها، ويفسرها وفقاً لأوهام رسخت في رأسه لا أساس لها من سنن الله في خلقه، ولا من أحكامه في شرعه.

وهو يريد أن يغير المجتمع كله؛ أفكاره ومشاعره وتقاليده وأخلاقه وأنظمته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بوسائل واهية وأساليب خيالية وإمكانات بدائية مع شجاعة وجرأة وفدائية لا تستكثر تضحية وإن غلت، ولا تعبأ بالموت، ولا تهتم بالنتائج أياً كانت ما دامت نيتها لله وهدفها إعلاء كلمة الله، ومن ثم لا يُسْتَغرب أن تندفع إلى أعمال وتصرفات يسميها البعض انتحارية، ويسميها آخرون جنونية، ويسقط كثير منهم ضحاياها دون أن يبالوا بذلك شيئاً.

 

ومن أسباب الغلو: الهوى.

الذي يجر صاحبه إلى التعسف في التأويل، وردّ النصوص، وقد يكون الهوى لغرض دنيوي من طلب الجاه أو الشهرة أو نحوها، وقد يكون المغالي بعيداً عن هذه المطالب، ولكن الانحراف سبقا إلى عقله وقلبه واستقرا فيهما، وتعمَّقت جذورهما، وترسخت، وكما قيل:

أتاني هواها قبل أن أعرفَ الهوى   ... فصادف قلباً فارغاً فتمكَّنا

وحينئذ يَعِزُّ على المغالي أن يتخلى من غلوه، وأن يقرَّ على نفسه أنه كان متحمساً للباطل، مناوئاً للحق، فيتشبث بباطله، ويلتمس له الأدلة الضعيفة الواهية من هنا وهناك.

وقد يكون الهوى بسبب نفسية مريضة معتلَّة منحرفة، تميل إلى الحدة والعنف، والعَسْف ـ السير على غير هدى ـ في آرائها ومواقفها، وتنظر دائماً إلى الجانب السلبي والمظلم للآخرين.

وقد يتصف صاحبها بالعلو والفوقية، من دون أن يشعر ذلك من نفسه، فضلاً عن أن يعترف به.

فإذا التقى أشخاصاً أو قرأ كتبهم، فإنه يبحث عن نقاط ضعفهم، مغفلاً النواحي الإيجابية التي يتمتعون بها.

وعندها تتبخَّر ثقته بالعلماء العاملين، والدعاة المخلصين، و يبتعد عنهم، ويستقل بنفسه ورأيه، فينتج عن هذا: الشذوذ في الآراء والمواقف والتصورات.

 

ومن أسباب الغلو: الأوضاع الاقتصادية:

فالناس على طبقتين مع انعدام الطبقة الوسطى:

طبقة استأثروا بالثروات والمؤسسات والشركات وعاشوا حياة البذخ والسرف من السرقات والرشاوى والنفوذ واستغلال السلطة.

وطبقة محرومة تعيش دون مستوى الفقر، بل تصل إلى حد العدم ولا تملك شيئا ولا يمكنهم الحصول على شيء إلا من خلال التسول وإراقة ماء الوجه، وإهدار كرامة الإنسان بل بعضهم اضطر إلى بيع عرضه والتخلي عن شرفه من أجل أن يعيش.

فماذا نتوقع من ألوف من الجامعيين العاطلين عن العمل وآلاف من البنات العازبات عن الزواج بسبب نقص ذات اليد لدى الشباب مع ارتفاع تكاليف الحياة والمعيشة.

إنه وبحكم الطبيعة البشرية سيرتفع مستوى الحقد والحسد والتحامل والتطرف والنقمة على الغني.

ولك أن تتصور ما يفعل الفقر في الإنسان؛ من أمراض جسدية يعجز عن علاجها، وأمراض نفسية يورثها الفقر والهم والتفكير بالغد وعدم قدرة على التعليم بل ولا على العيش.

ويوافق ذلك هوى في النفس ومجاميع عاطلة تتوافق نفسياً مع بعضها من حيث مبدأ التحامل على النظام بسبب الفقر والفاقة وعدم العدالة في توزيع الثروات مما يؤجج روح العداء ويذكي نار التطرف والغلو تحت مسمى الدين أو غيره.

 

ومن أسباب الغلو في الدين: غلو الطرف الآخر.

فالذين يجرُّون المجتمعات الإسلامية إلى الفساد، والانحلال الخلقي، هم في الحقيقة من المتسببين في حدوث الغلو.

فمظاهر الرذيلة والانحلال في المدرسة والجامعة والشارع والشاطئ والمتجر والحديقة؛ إذا أقرَّها المجتمع وسكت عنها، أو شجعها ودعمها وحماها؛ فإن على المجتمع أن يستعد للتعامل مع أنماط كثيرة من الغلو.

 

 

 

مظاهر الغلو في الدين:

من مظاهر الجهل سبباً للغلو:

  • الاتجاه الظاهري في فهم النصوص:

فمثلاً: عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو"([4])، والناظر في علة هذا المنع يتبين له أن النبي r لم ينه عن ذلك إلا مخافة أن يستهين الكفار بالمصحف أو ينالوه بسوء، فالبعض لا ينظرون إلى علة النهي وينهي عن السفر إلى أرض الكفار بالمصحف رغم أن المسلمين في أمس الحاجة لوجود المصاحف معهم لتلاوتها وحفظها وتعليمها لأولادهم ولدعوة الكفار إلى الإسلام.

فالعالم الفقيه يفتي بجواز سفر المسلمين الآن بالمصاحف إلى ديار الكفار لعدم وجود علة المنع وهي الاستهانة بالمصحف، ولأن العلة تدور مع الحكم وجوداً وعدماً، فإن وجدت العلة وجد الحكم وإن انتفت انتفى الحكم.

  • الاشتغال بالمعارك الجانبية عن القضايا الكبرى:

التي تتعلق بوجود الأمة الإسلامية وهويتها ومصيرها.

فنرى كثيراً منهم يقيم الدنيا ولا يقعدها من أجل مسائل فرعية اختلف فيها العلماء سلفاً وخلفاً ولا مصير إلى اتفاقهم فيها لأنها من المسائل الاجتهادية الفرعية التي تتفاوت فيها الأفهام وتتعارض فيها الأدلة.

كوضع اليدين في الصلاة، هل توضع على الصدر أم تحت السرة أم تسدل إلى الجانبين فهذه صورة مكملة للغرض وليست هي الغرض لذا فالاختلاف فيها لا يمثل كبير اختلاف.

  • الإسراف في التحريم (بغير دليل):

حيث ترى الميالين للغلو فهم يسارعون إلى التحريم دون تحفظ، فإذا كان في الفقه رأيان أحدهما يقول بالإباحة والآخر بالكراهة أخذوا بالكراهة، وإن قال أحدهما بالكراهة والآخر بالتحريم جنحوا إلى التحريم، وإذا كان هناك رأيان أحدهما ييسر والآخر يشدد فهم دائماً مع التشديد ومع التضييق.

  • عدم التعلم على أيدي العلماء:

وإنما تلقاه من الكتب والصحف مباشرة دون أن تتاح له فرصة المراجعة والمناقشة والأخذ والرد واختبار فهمه ومعلوماته ووضعها على مشرحة التحليل، وطرحها على بساط البحث ولكنه قرأ شيئاً وفهمه واستنبط منه، وربما أساء القراءة أو أساء الفهم أو أساء الاستنباط وهو لا يدري، وربما كان هناك معارض أقوى وهو لا يعلم، لأنه لم يجد من يوقفه عليه.

ومن أجل ذلك نهى علماء السلف من أن يتلقى العلم عن صُحَفِي أو القرآن عن مُصْحَفي، وهم يعنون بالصُحَفي الذي أخذ العلم من الكتب وحدها من غير أن يتتلمذ على أهل العلم، ويعنون بالمُصْحَفي الذي حفظ القرآن من المصحف فحسب، دون أن يتلقاه بالرواية والمشافهة من القراء المتقنين.

 

ومن مظاهر الغلو في الدين:

1-التعصب للرأي وعدم الاعتراف بالرأي الآخر في الأمور الاجتهادية والأمور المحتملة.

وكثيراً ما يجعل الأمور الاجتهادية أموراً مقطوعة ويقينية، ليس فيها إلا قول واحد وهو قوله، ولا رأى إلا رأيه، فهو لا يسمع حجج الآخرين ولا يفكر فيها ولا يقارن كلامه بكلامهم ويناظر حجته بحجتهم، ثم يأخذ ما يراه أنصع برهاناً وأرجح ميزاناً.

والعجب أن منهم من يجيز لنفسه أن يجتهد في أغوص المسائل وأغمض القضايا وهو غير أهل للاجتهاد، ولا يجيز لغيره من العلماء المتخصصين أن يجتهد كما اجتهد هو.

فهذا التعصب المقيت الذي يثبت المرء فيه نفسه وينفي كل ما عداه، كأنما يقول لك: من حقي أن أتكلم، ومن واجبك أن تتبع، رأيي صواب لا يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ لا يحتمل الصواب، وبهذا لا يمكن أن يلتقي بغيره أبداً!

ويزداد الأمر خطورة حين يراد فرض الرأي على الآخرين بالعصا الغليظة، (ليس تلك المصنوعة من حديد أو خشب) بل هناك الاتهام بالابتداع، أو بالاستهتار بالدين، أو بالكفر والمروق من الدين.

 

2- إلزام جمهور الناس بما لم يلزمهم الله به، مع قيام موجبات التيسير:

فلا ينبغي لمسلم أن يرفض التيسير في وقت الحرج، وأن يرفض الرخصة التي رخصها الله، ويلزم جانب التشدد في كل أحواله؛ بحيث يحتاج إلى التيسير فيأباه وتأتيه الرخصة لتخرجه من الضيق والحرج فيرفضها.

 

3- التشدد في غير موضعه.

كالتشدد مع المدعويين، وبخاصة الجدد منهم، فحديثي العهد بإسلام أو حديثي عهد بتوبة ينبغي التساهل معهم في المسائل الفرعية والأمور الخلافية، والتركيز معهم على الكليات قبل الجزئيات.

فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مُعَاذًا قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ؛ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ؛ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ؛ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ" ([5]).

 

4- الغلظة والخشونة:

في الأسلوب والفظاظة في الدعوة خلافاً لأوامر الله وأوامر رسوله.

فقد قال الله سبحانه وتعالى: ] ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ[ [النحل: 125].

ووصف الله عزَّ وجلَّ رسوله الكريم r بقوله: ]لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[ [التوبة: 128]، وقال تعالى: ]فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ[ [آل عمران: 159].

 

5 – سوء الظن بالناس:

بالتفتيش عن العيوب ويجعلون من الخطأ خطيئة، ومن الخطيئة كفراً، وإذا كان هناك قول يحتمل وجهين؛ وجه خير وهداية، ووجه شر وغواية، رجحوا احتمال الشر على احتمال الخير خلافاً لما أُثِر عن علماء الأمة من أن الأصل حمل حال المسلم على الصلاح والعمل على تصحيح أقواله وتصرفاته بقدر الإمكان.

إن ولع من يكفرون المسلمين بالهدم لا بالبناء، ولع قديم، وهم مغرمون بانتقاد غيرهم وتزكية أنفسهم، وقد قال الله سبحانه وتعالى لهم: ]فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى[ [النجم: 32].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ؛ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ"([6]).

فكثير من المتشددين يرتدون في عقولهم وقلوبهم نظارة سوداء، فلا يرون من الآخرين إلا المثالب.

وكثيراً ما تجده ينتقد الناس ولا يعجبه أحد.

وإذا سألته عن شخص ما، ذَكَرَ مثالبه وبالغ فيها وسكت عن حسناته، وقد يذكر جزءاً يسيراً من حسناته ويقلل من شأنها في أحسن الأحوال.

وهذه نظرة غير عادلة وانحراف عن جادة الطريق، وقد قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[ [المائدة: 8].

وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا[ [النساء: 135].

فعلى المسلم أن يكون عادلاً منصفاً يزن الناس بميزان الشرع والوسطية، ولا ينبغي له أن يحقر أخاه المسلم؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ؛ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا ـ وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ؛ دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ" ([7]).

وعَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ الْيَمَامِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا يَمَامِيُّ، لَا تَقُولَنَّ لِرَجُلٍ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ: لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا.

قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنَّ هَذِهِ لَكَلِمَةٌ يَقُولُهَا أَحَدُنَا لِأَخِيهِ وَصَاحِبِهِ إِذَا غَضِبَ.

قَالَ: فَلَا تَقُلْهَا.

فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلَانِ، كَانَ أَحَدُهُمَا مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ، وَكَانَ الْآخَرُ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ، فَكَانَا مُتَآخِيَيْنِ، فَكَانَ الْمُجْتَهِدُ لَا يَزَالُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى ذَنْبٍ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا أَقْصِرْ، فَيَقُولُ: خَلِّنِي وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟.

قَالَ: إِلَى أَنْ رَآهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ اسْتَعْظَمَهُ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ أَقْصِرْ، قَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟.

قَالَ: فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ: لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا، قَالَ أَحَدَهُمَا.

قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا مَلَكًا فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، وَاجْتَمَعَا، فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: اذْهَبْ، فَادْخُلْ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، وَقَالَ لِلْآخَرِ: أَكُنْتَ بِي عَالِمًا، أَكُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِي خَازِنًا، اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ.

قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ"([8]).

فهذا قد رأى صاحبه على منكر فاعتقد أن الله لا يغفر له أبداً ولا يدخله الجنة أبداً، وهذا اعتقاد باطل وفاسد فإن رحمة الله وسعت كل شيء، ولا يملك أحد الحجر على رحمة الله.

 

6 – النظرة المثالية للمجتمع:

والمشكلة أن النظرة المثالية هي في خياله، وليس في الواقع، فيعتقد أن المجتمع المسلم ينبغي أن يكون مجتمعاً ملائكياً؛ يسوده الحب والمودة والطاعة الدائمة لله دونما تقصير، ويعتقد أن المجتمع الذي يعيش فيه إن كان كذلك فهو مجتمع مسلم، وإن وُجِدت فيه المعاصي فهو مجتمع جاهلي غير إسلامي.

وإذا كانت قد وقعت بعض المعاصي والذنوب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو خير القرون بلا جدال، فإذا ما وقع مثل ذلك أو أكثر في عصورنا هذه، فلا يجوز لأحد أن يصف هذا المجتمع بأنه مجتمع جاهلي ومجتمع كافر، فإن المعاصي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات على مر العصور و الدهور.

وقديماً نظر بعض التابعين إلى مجتمعهم نظرة مثالية خالية من الواقع، فوجدوا أن كتاب الله تعالى لا يُعمَل به كله، وذلك في عهد عمر بن الخطاب رضوان الله تعالى عليه، فأنكروا ذلك وذهبوا إلى أمير المؤمنين ليناظروه في هذا التقصير في المجتمع المسلم، و لننظر ماذا دار بينهم.

روى ابن جرير عن الحسن: إن أناساً سألوا عبد الله بن عمرو بن العاص بمصر فقالوا: نرى أشياء من كتاب الله عز وجل أَمَر أن يُعمل بها لا يُعمل بها، فأردنا أن نلقي أمير المؤمنين في ذلك.

فقدم وقدموا معه، فلقي عمر t، فقال: متى قدمت؟ فقال: منذ كذا وكذا، قال: أبأذن قدمت؟ قال: لا، فلا أدري كيف رد عليه.

فقال: يا أمير المؤمنين إن أناساً لقوني بمصر فقالوا: إنا نرى أشياء في كتاب الله أَمَر الله أن يعمل بها فلا يعمل بها؛ فأحبوا أن يلقوك في ذلك، قال: فاجمعهم لي، قال: فجمعهم له.

فأخذ أدناهم رجلاً فقال: أنشدك الله وبحق الإسلام عليك أقرأت القرآن كله؟ قال: نعم، قال: فهل أحصيته في نفسك؟ فقال: اللهم لا، قال: ولو قال نعم لخصمته، قال: فهل أحصيته في بصرك؟ فهل أحصيته في لفظك؟ فهل أحصيته أثرك؟.

ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم، فقال: ثكلت عمرَ أمُّه، أتكلفونه أن يقيم الناس على كتاب الله! قد علم ربنا أن ستكون لنا سيئات، قال: وتلا: ]إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا[ [النساء: 31]، ثم قال: هل علم أهل المدينة، أو قال هل علم أحد بما قدم تم؟ قالوا: لا، قال: لو علموا لوعظت بكم([9]).

 

7 –السقوط في هاوية التكفير، ويبلغ هذا الغلو غايته حين يُسْقِط عصمةَ الآخرين، ويستبيح دماءهم وأموالهم ولا يرى لهم حرمة ولا ذمة.

وذلك عندما يخوض في لجة التكفير واتهام جمهور الناس بالخروج عن الإسلام، أو عدم الدخول فيه أصلاً كما هي دعوى بعضهم.

وهذا يمثل قمة الغلو الذي يجعل صاحبه في واد وسائر الأمة في واد آخر.

 

 

 

حكمة تحريم الغلو في الدين:

 

1- الغلو منفر لا تحتمله طبيعة البشر العادية ولا تصبر عليه، ولو صبر عليه قليل من الناس لم يصبر عليه جمهورهم، والشرائع إنما تخاطب الناس كافة.

ولهذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ t حين صلى بالناس فأطال الصلاة، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ الصَّلَاةَ، فَقَرَأَ بِهِمْ الْبَقَرَةَ، قَالَ: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ، فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا، فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنَا، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ، فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أَنِّي مُنَافِقٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ"، ثَلَاثًا "اقْرَأْ: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَنَحْوَهَا" ([10]).

وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلَانٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ؛ فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ"([11]).

ولما بَعَث النبي r معاذاً وأبا موسى إلى اليمن أوصاهما بقوله: " يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا"([12]).

 

 

 

2- الغلو قصير العمر، فالإنسان ملول وطاقته محدودة.

فإن صبر يوماً على التشدد والتعسير فسرعان ما يكل ويمل ويسأم، ويدع العمل حتى القليل منه، أو يأخذ طريقاً آخر على عكس الطريق الذي كان عليه، أي: ينتقل من الإفراط إلى التفريط ومن التشدد إلى التسيب.

ورد عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصِيرٌ، وَكَانَ يُحَجِّرُهُ مِنْ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي فِيهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ، فَثَابُوا ـ أي: اجتمعوا ـ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ، وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَثْبَتُوهُ"([13]).

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ، فَكَانَ لَا يَأْتِيهَا، كَانَ يَشْغَلُهُ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ"، قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَمَا زَالَ بِهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ: "صُمْ يَوْمًا، وَأَفْطِرْ يَوْمًا"، وَقَالَ لَهُ: "اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ"، قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "اقْرَأْهُ فِي كُلِّ خَمْسَ عَشْرَةَ"، قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "اقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ"، حَتَّى قَالَ: "اقْرَأْ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ"، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً([14]) وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ؛ فَمَنْ كَانَتْ شِرَّتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ"([15]).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ"([16]).

سددوا، أي: الزموا السداد، وهو الصواب بلا إفراط ولا تفريط.

وقاربوا، أي: إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فأعملوا بما يقرب منه.

وأبشروا، أي: بالثواب على العمل الدائم وإن قل.

 

3- الغلو لا يخلو من جَوْر على حقوق أخرى يجب أن تراعى، وواجبات يجب أن تؤدى.

وما أصدق ما قاله الحكماء: ما رأيت إسرافاً إلا وبجانبه حق مضيع.

وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟"، فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "فَلَا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ؛ فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ([17]) عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ: "فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام، وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ"، قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام؟، قَالَ: "نِصْفَ الدَّهْرِ"، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ: يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ([18])، يعني: فأعط كل ذي حق حقه ولا تحل وتغل في ناحية على حساب الأخرى.

وثبت أنه آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟، قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، قَالَ: فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ، ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قَالَ سَلْمَانُ: قُمْ الْآنَ، فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا؛ فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ سَلْمَانُ"([19]).


 

معالجة الغلو

لا سبيل إلى القضاء على الغلو الحقيقي في الدين إلا بالعمل على:

أولاً: تمكين العلماء الربانيين العاملين المخلصين من القيام بواجبهم في الدعوة إلى الله، وَفقَ أُسس صحيحة متوازنة، ومن خلال رؤية صافية لحقيقة الدين الحنيف، وبأساليب نابعة من الكتاب والسنّة.

وذلك من أجل بناء شخصية المسلم بناءً، تتمثل فيه صحة الجسد، وطُهرُ النفس، ورجاحة العقل، بناءً يوازن بين المادة والروح، وبين الحاجات والقيم، ويسعى إلى إصلاح الدنيا والآخرة.

بناءً يجعل المسلم إنساناً متميزاً، له قلبٌ كبير، وعزم متين، وإرادة صلبة، هدفه أكبر من حاجاته، ورسالته أسمى من رغباته، يملك نفسه ولا تملكه، يقود هواه ولا ينقاد له، تحكمه القيم ويحتكم إليها، سما حتى اشرأبَّت إليه الأعناق، وصفا حتى  مالت إليه النفوس.

ثانياً: إجراء حوارات ولقاءات ومناظرات مع من يحمل فكراً فيه غلو أو تطرف أو عرضت عليه شبهة بقصد تشخيص المشكلة ومعالجتها، بعيداً عن المزايدات والتشهير وكيل التهم واستباق الأحكام والبحث عن مكاسب دنيوية.

ثالثاً: تشكيل لجان تضم خبراء من الشرعيين والنفسانيين والاجتماعيين والاقتصاديين والأمنيين والإعلاميين لمعالجة ظاهرة الغلو والتطرف في المجتمعات، عبر دراسات علمية وميدانية جادة غير منحازة.

رابعاً: تحسين الوضع الاقتصادي للشباب بتوزيع الثروات بالشكل العادل وإتاحة فرص العمل والإبداع والمشاركة، وإعادة تأهيل الشباب ليكون فرداً صالحاً في مجتمعه وأمته والقضاء على هاجس الرزق وانتظار الفتات واستغلال هذا الفقر من قبل البعض لتجنيد الشباب لتحقيق أهدافا وغايات غير مشروعة.

 

([1]) أخرجه النسائي، 5/268، والإمام أحمد، 1/215.

([2]) رواه مسلم (82).

([3]) رواه البخاري [100] ومسلم [2673/13.

([4]) رواه البخاري [2828] ومسلم [1869/92].

([5]) رواه مسلم (27).

([6]) رواه مسلم (4755).

([7]) رواه مسلم (4650).

([8]) رواه

عدد القراء : 2317