أنشطة المصارف الإسلامية
نشاط المصارف الإسلامية:
تمارس المصارف الإسلامية نشاطها بالاستفادة من أبواب المعاملات في الفقه الإسلامي، والاستفادة من التجارب العملية للمصارف التجارية بما لا يخالف الشريعة الغراء، ثم باستقراء الأحكام الفقهية في الجوانب المستحدثة والجديدة من المعاملات المصرفية عن طريق الاجتهاد والاستنباط من الفقهاء وعلماء الشريعة في العصر الحاضر على ضوء الأصول الشرعية المقررة الثابتة، والنصوص الفقهية الواسعة، مع الاستفادة من التقنية الحديثة كإدخال الحاسب الآلي في المصارف الإسلامية، وأجهزة الصرافة الآلية المتطورة، وخدمة البنك الناطق.
ويتحدد نشاط المصارف الإسلامية فيما يلي:
- النشاط الاقتصادي.
- النشاط الاجتماعي.
- النشاط الثقافي والتعليمي.
- نشاط أخرى متنوعة.
أولاً: النشاط المصرفي الإسلامي الاقتصادي:
تُقَدِّم المصارف الإسلامية كافة الخدمات المصرفية والاستثمارية طبقاً لأحكام الشريعة، وتتجنب ممارسة كافة أنواع الظلم ؛ كالربا، والغرر، والرشوة.
ثانياً: النشاط المصرفي الإسلامي الاجتماعي:
اتجهت المصارف الإسلامية لتقديم الخدمات الاجتماعية للقضاء على التخلف في المجتمع العربي والإسلامي، والمساهمة في نهضته وتطوره، فدعت إلى الادخار، والحث على الإنفاق، والتوسط في الاستهلاك، وتحريم الاكتناز.
ويتجلى النشاط الاجتماعي للمصارف الإسلامية في أمور كثيرة، منها:
1- الوقوف إلى جانب المتعاملين معها:
حيث تسعى لمساعدتهم في عثراتهم، وعدم رفع الدعوى عليهم لمجرد تعثرهم في دفع الأقساط المحققة، والصبر عليهم للوصول معهم إلى حلولٍ تضمن استمرار المتعاملين في نشاطهم، مع ضمان حقوق المودعين، تطبيقاً لقول الحق I: } وإن كان ذو عُسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ{ [البقرة: 2/280].
2- القرض الحسن:
وذلك لمساعدة المحتاجين في تدبير أمور حياتهم بدون فوائد ربوية ؛ لغايات إنسانية، كالزواج، والعلاج، والكوارث، وحوادث الوفيات، والديون، والإعسار، وغيرها([1]).
وللعلم فإن أموال صندوق القرض الحسن ليست من أموال المودعين بالبنك، بل هي من أموال أهل الخير من جهة، ومن أصحاب الودائع الراغبين حصراً في إقراضها عن طريق البنك كقروض حسنة.
والقرض الحسن يستحيل تصوره في بنك ربوي، أو في فكر رأسمالي، بينما ورد صريحاً أو قطعياً في القرآن الكريم، والسنة النبوية، ودعا إليه الإسلام.
3- صندوق الزكاة:
أنشأت المصارف الإسلامية في داخلها صندوقاً للزكاة، وجعلته منفصلاً في إدارته وحساباته عن البنك، ووضعت للصندوق لائحة تُشْرِف على تنفيذها هيئة الفتوى والرقابة الشرعية داخل المصرف.
ويوجد مجموعة من الباحثين يقومون بدراسة الأموال التي تجب فيها الزكاة، وتقديم الحساب الشرعي لها، بالنسبة للأفراد والتجار، والشركات، ويقومون بالزيارات الميدانية لذلك، مع الدراسات الاجتماعية للعائلات والأسر لتخفيف المعاناة عن المستحقين من الفقراء والمساكين، وبذلك تم إحياء فريضة جمع الزكاة، وللمساهمة في حل مشكلة العجزة والمتسولين والعالة على المجتمع.
والزكاة تساهم في الحياة الاجتماعية، وتعمل على محو الفقر، والتقليل من مخاطره، وفتح فرص العمل، والنشاط الاقتصادي.
ويتسابق المسلمون إلى تسليم الزكاة إلى المصارف الإسلامية، التي تقوم بتأدية زكاة أموالهم المودَعة أيضاً في المصرف ؛ لثقتهم في حسن توزيعها واستثمارها لصالح المسلمين، مما يساعد في حل أهم مشاكل التنمية الاجتماعية الحقيقية، ويساعد في تنفيذ المشروعات التي توفر فرص العمالة، وتخطي مشاكل البطالة والاحتكار.
4- المساهمة في حل مشكلة الإسكان:
وهي من المشكلات التي تواجه معظم المجتمعات المعاصرة، وخاصة في البلاد الإسلامية، بالنسبة للفقراء، والمحتاجين، والمساكين، وموظفي الدولة، ومتوسطي الدخل، وكذلك محدودي الدخل([2]).
ويتم البناء عن طريق العقود الشرعية، كالاستصناع، أو المرابحة، أو المشاركة المتناقصة التي يتنازل البنك عن جزء من حصته في المبنى سنوياً، إلى أن تؤول الملكية الكاملة إلى المتعامل مع البنك.
5- صندوق التنمية الاجتماعي:
وتتكون حصيلته من التبرعات التي يقدمها الأفراد طواعية للبنك، وتستحق حصيلة هذا الصندوق للتأمين ضد الكوارث التي تصيب المودعين([3]).
ثالثاً: النشاط الثقافي والتعليمي للمصارف الإسلامية:
أخذت المصارف الإسلامية على عاتقها إعداد الكوادر الرائدة في المجال المصرفي الإسلامي، وأنشأت عدة مراكز للاقتصاد الإسلامي بجدة والأزهر وعدد من البلدان أهمها "المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب" في البنك الإسلامي للتنمية بجدة.
وتم إنشاء مركز التدريب والتطوير في بنك دبي الإسلامي ليقوم بتدريب موظفي البنك على المستوى العلمي والعملي المطلوب، ومركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بمصر.
وفي الجامعة العالمية بباكستان أنشئ المعهد الدولي للاقتصاد، ويضم كلية للاقتصاد الإسلامي حتى الدراسات العليا.
وقامت المصارف الإسلامية بإصدار نشرات للتعريف بها، ثم أصدرت مجلات متخصصة في الاقتصاد الإسلامي، لتغطية أخبار المصارف الإسلامية، وتقديم البحوث من المختصين فيها، والخبراء في المصارف، ومن الفقهاء والعلماء والمفكرين الذي يزودون هذه المجلات بالأحكام الشرعية النيِّرة، والاجتهادات القيمة في المستجدات الفقهية، مع الإجابة عن الفتاوى الشرعية للأسئلة الواردة من المصارف، ومن المتعاملين معها، ومن عامة الشعب، وتُطْرَح الآراء للعرض والمناقشة، وتفتح مجال الإدلاء بالآراء، والردِّ عليها، للوصول إلى الحق والعدل والصواب، وإزالة الشبهات السائدة بين المسلمين عن المصارف الإسلامية، ومن غيرهم، ومن هذه المجلات مجلة النور التي يصدرها بيت التمويل الكويتي، ومجلة الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية التي يصدرها باسم "مجلة البنوك الإسلامية".
وقد أصبحت مصادر أصيلة للمعرفة والاقتصاد الإسلامي والمصارف خاصة([4]).
ومن هذه المجلات: مجلة الاقتصاد الإسلامي، في بنك دبي الإسلامي منذ عام 1981م، وهي مجلة شهرية لنشر الفكر الاقتصادي الإسلامي عامة، والفكر المصرفي خاصة، مع الثقافة الإسلامية، والتوجيه والتربية الدينية([5]).
ومنها مجلة جامعة الملك عبد العزيز -الاقتصاد الإسلامي، التي يصدرها مركز النشر بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وهي فصلية أو نصف سنوية، وتصدر باللغتين العربية والإنكليزية، وفيها دراسات اقتصادية إسلامية ومصرفية معمقة، مع تقييم الكتب التي تصدر في هذا الخصوص.
وأنشأ البنك الإسلامي الأردني معهد التدريب الخاص بالبنك، ويتم فيه تنظيم الدورات المتخصصة لموظفي البنك، لتغطية مختلف الأنشطة والأعمال المصرفية والمالية والإدارية، ودورات بالأمور الشرعية والتسويقية والتحليل المالي والسلوك الوظيفي واللغة الإنكليزية، وأرسل البنك الإسلامي الأردني موظفيه للقيام بالدورات والبرامج الدراسية وحضور الندوات داخل الأردن وخارجه، وفتح أبوابه لتدريب الطلبة من المؤسسات التعليمية من سائر البلاد العربية للاطلاع على تجربة المصرف، ويستقبل طلبة الجامعة الأردنية، ووكالة الغوث، ويقدم العون والمساعدة إلى العديد من الطلبة والباحثين في مجال الاقتصاد الإسلامي وتطبيقاته من الأردن وخارجه([6]).
وتدعو المصارف الإسلامية وتشارك في عقد الندوات والمؤتمرات التي يشارك فيها العلماء والفقهاء والمفكرون والخبراء والمتخصصون في المصارف الإسلامية، وقد نظم بنك دبي الإسلامي أول مؤتمر عالمي حول البنوك الإسلامية عام 1399هـ/1979م، وحضره كبار العلماء والمفكرين الاقتصاديين لمناقشة أهم القضايا المصرفية الشرعية ووضع الإطار الشرعي لمعاملات المصارف، ثم عقد المؤتمر الثاني بالكويت عام 1403هـ/1983م، الثالث بدبي 1406هـ/1985م وهكذا([7]).
كما نظم البنك الإسلامي الأردني مع كلية الشريعة عقد "ندوة المستجدات الفقهية في المعاملات المعاصرة"، كما يعقد المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بجدة ندوات ودورات دائمة، وتعقد ندوات في بنوك فيصل الإسلامية، ومجموعة دلة البركة الإسلامية، وبيت التمويل الكويتي، وغيرها، وعقدت ندوة الحوار بين الإعلاميين والفكر الاقتصادي الإسلامي ومؤسساتها مع مجموعة دلة البركة عام 1415هـ/1995م([8]).
كما تساهم المصارف الإسلامية في إيفاد الطلاب المتخصصين من موظفيها ومن غيرهم، للحصول على الشهادات الدراسية العلمية المعمقة (الماجستير والدكتوراه) وتدعم الطلاب الذين يدرسون هذا التخصص، وتساهم في نشر وطباعة الكتب والرسائل.
[وقد تزايد الاهتمام العلمي بالتجربة الإسلامية وتطويرها؛ فكثرت الدراسات والأبحاث العلمية، واضطلعت المجامع الفقهية، خاصة مجمع الفقه الإسلامي في جدة، الذي قام بدور بارز في هذا المجال.
وما زالت الندوة الفقهية الاقتصادية السنوية التي تنظمها مجموعة البركة – منذ أكثر من عشر سنوات – تشكل منتديًا يجمع بين العلماء المختصين في مجال الاستثمارات والمصارف الإسلامية بصدد مداولات وإصدار رأي فقهي جماعي حول القضايا المالية المعاصرة.
هذا بالإضافة إلى المنتديات والمؤتمرات التي يرعاها البنك الإسلامي للتنمية بجدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، واتحاد المصارف الإسلامية، والبنوك المركزية في كلٍّ من السودان وباكستان والبحرين وماليزيا، وبعض المعاهد المتخصصة في بريطانيا والبحرين وباكستان. ومن ناحية أخرى تطور اهتمام الجامعات الإسلامية إلى درجة منح الشهادات الجامعية في هذا المجال، وتعتبر جامعة أم درمان الإسلامية رائدة في مجال المصارف والاقتصاد الإسلامي؛ حيث تمنح درجات علمية، وتنظم دورات في مجالات الصيرفة والمالية الإسلامية، وتُعد أول مؤسسة جامعية في العالم تنشئ قسمًا للاقتصاد الإسلامي منذ 1968، ولكلية التجارة بجامعة الأزهر دور رائد في هذا المجال؛ ففي رحابها أقيم مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي، وتبع ذلك وجود تخصصات الاقتصاد الإسلامي في الجامعة الإسلامية العالمية في باكستان وبعض الجامعات السعودية، خاصة جامعة الملك عبد العزيز التي أسس فيها مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، وكذلك الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا] ([9]).
رابعاً: النشاطات الأخرى في المصارف الإسلامية:
تقوم المصارف الإسلامية بنشاطات عدة أخرى منها:
1- أقسام خاصة للنساء التي أنشأها بنك دبي الإسلامي، فأنشأ في كل فرع قسماً خاصاً لإنجاز معاملات النساء مع البنك، لتجنب التعامل مع الرجال، والاختلاط المنهي عنه، ويحفظ على المرأة عفتها وكرامتها وحياءها، [وقد أكدت فاطمة التميمي مديرة مصرف أبو ظبي الإسلامي فرع السيدات أن نجاح تجربة فرعها أثبت أن المرأة أقدر على التفاعل والتعامل مع أختها وان النساء بمقدورهن قيادة وسير العمل المصرفي بنجاح تام] ([10]).
2- إدارة التركات، وتنفيذ الوصايا الشرعية في إطار الخدمات الاجتماعية.
3- أوجدت المصارف الإسلامية فرصاً كثيرة للوظائف ليعمل بها الشباب والبنات والخبراء، والمختصون، وخريجو الجامعات، وهيأت لهم أعمالاً كريمة وذات دخل مرموق، مع العمال والإداريين وغيرهم.
([1]) فقد أفرد النظام الأساسي لبنك دبي الإسلامي الباب السادس للخدمات الاجتماعية، المادتين 71،72، وفي عام 1982م طبق ذلك عملياً، ووضع لصندوق القرض الحسن لوائحها الخاصة بها، ونصت المادة 71 على "منح القروض الحسنة للمتعاملين مع البنك الذين يواجهون صعوبات طارئة أثناء معاملاتهم، حتى لا يضطروا للتعامل بالفائدة، أو إعلان الإفلاس، ومنح القروض الحسنة لأصحاب الضرورات ؛ كالعلاج والزواج وغيرها، حتى لا يقعوا فريسة للمرابين"، وقد بلغت جملة القروض في البنك منذ عام 1982م حتى نهاية عام 1994م أكثر من خمسين مليون درهم. ينظر: الدور الاجتماعي لبنك دبي الإسلامي، في مجلة الاقتصاد الإسلامي، العدد176 للسنة الخامسة عشرة، ص38 من الملحق، كما حرص البنك الإسلامي الأردني على تغطية الحاجات الاجتماعية الهادفة إلى توثيق أواصر التراحم والترابط في المجتمع، ومنح البنك قروضاً حسنة خلال عام 1993م فقط لحوالي ((4235)) مواطناً، بلغ مجموعها مليوناً ونصف المليون دينار.
([2]) وقد قام بنك دبي الإسلامي - على سبيل المثال - ببناء مساكن خاصة لأبناء الإمارات العربية وبناء مساكن استثمارية، بلغت جملتها حتى نهاية عام 1994م مبلغ 7 و 2 مليار درهم.ينظر: مجلة الاقتصاد الإسلامي، العدد176، ص38، وبنى البنك الإسلامي الأردني "ضاحية بدر السكنية" في مدينة عمان، ليتم تمليك الشقق فيها للأفراد تدريجياً، وتخفيف المعاناة عن محدودي الدخل.
([3]) ينظر: بنوك بلا فوائد كاستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الإسلامية، مجموعة محاضرات للدكتور أحمد النجار، ص51.
([4]) المصارف الإسلامية، أ.د. محمد الزحيلي، ص37.
([5]) كما تدعم المصارف الإسلامية النشاط الثقافي عامة، كبرنامج الأطفال (لماذا أنا مسلم) التلفزيوني الذي يموله بنك فيصل الإسلامي المصري بالاشتراك مع اتحاد السينمائيين العرب
أنشطة المصارف الإسلامية
نشاط المصارف الإسلامية:
تمارس المصارف الإسلامية نشاطها بالاستفادة من أبواب المعاملات في الفقه الإسلامي، والاستفادة من التجارب العملية للمصارف التجارية بما لا يخالف الشريعة الغراء، ثم باستقراء الأحكام الفقهية في الجوانب المستحدثة والجديدة من المعاملات المصرفية عن طريق الاجتهاد والاستنباط من الفقهاء وعلماء الشريعة في العصر الحاضر على ضوء الأصول الشرعية المقررة الثابتة، والنصوص الفقهية الواسعة، مع الاستفادة من التقنية الحديثة كإدخال الحاسب الآلي في المصارف الإسلامية، وأجهزة الصرافة الآلية المتطورة، وخدمة البنك الناطق.
ويتحدد نشاط المصارف الإسلامية فيما يلي:
- النشاط الاقتصادي.
- النشاط الاجتماعي.
- النشاط الثقافي والتعليمي.
- نشاط أخرى متنوعة.
أولاً: النشاط المصرفي الإسلامي الاقتصادي:
تُقَدِّم المصارف الإسلامية كافة الخدمات المصرفية والاستثمارية طبقاً لأحكام الشريعة، وتتجنب ممارسة كافة أنواع الظلم ؛ كالربا، والغرر، والرشوة.
ثانياً: النشاط المصرفي الإسلامي الاجتماعي:
اتجهت المصارف الإسلامية لتقديم الخدمات الاجتماعية للقضاء على التخلف في المجتمع العربي والإسلامي، والمساهمة في نهضته وتطوره، فدعت إلى الادخار، والحث على الإنفاق، والتوسط في الاستهلاك، وتحريم الاكتناز.
ويتجلى النشاط الاجتماعي للمصارف الإسلامية في أمور كثيرة، منها:
1- الوقوف إلى جانب المتعاملين معها:
حيث تسعى لمساعدتهم في عثراتهم، وعدم رفع الدعوى عليهم لمجرد تعثرهم في دفع الأقساط المحققة، والصبر عليهم للوصول معهم إلى حلولٍ تضمن استمرار المتعاملين في نشاطهم، مع ضمان حقوق المودعين، تطبيقاً لقول الحق I: } وإن كان ذو عُسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ{ [البقرة: 2/280].
2- القرض الحسن:
وذلك لمساعدة المحتاجين في تدبير أمور حياتهم بدون فوائد ربوية ؛ لغايات إنسانية، كالزواج، والعلاج، والكوارث، وحوادث الوفيات، والديون، والإعسار، وغيرها([1]).
وللعلم فإن أموال صندوق القرض الحسن ليست من أموال المودعين بالبنك، بل هي من أموال أهل الخير من جهة، ومن أصحاب الودائع الراغبين حصراً في إقراضها عن طريق البنك كقروض حسنة.
والقرض الحسن يستحيل تصوره في بنك ربوي، أو في فكر رأسمالي، بينما ورد صريحاً أو قطعياً في القرآن الكريم، والسنة النبوية، ودعا إليه الإسلام.
3- صندوق الزكاة:
أنشأت المصارف الإسلامية في داخلها صندوقاً للزكاة، وجعلته منفصلاً في إدارته وحساباته عن البنك، ووضعت للصندوق لائحة تُشْرِف على تنفيذها هيئة الفتوى والرقابة الشرعية داخل المصرف.
ويوجد مجموعة من الباحثين يقومون بدراسة الأموال التي تجب فيها الزكاة، وتقديم الحساب الشرعي لها، بالنسبة للأفراد والتجار، والشركات، ويقومون بالزيارات الميدانية لذلك، مع الدراسات الاجتماعية للعائلات والأسر لتخفيف المعاناة عن المستحقين من الفقراء والمساكين، وبذلك تم إحياء فريضة جمع الزكاة، وللمساهمة في حل مشكلة العجزة والمتسولين والعالة على المجتمع.
والزكاة تساهم في الحياة الاجتماعية، وتعمل على محو الفقر، والتقليل من مخاطره، وفتح فرص العمل، والنشاط الاقتصادي.
ويتسابق المسلمون إلى تسليم الزكاة إلى المصارف الإسلامية، التي تقوم بتأدية زكاة أموالهم المودَعة أيضاً في المصرف ؛ لثقتهم في حسن توزيعها واستثمارها لصالح المسلمين، مما يساعد في حل أهم مشاكل التنمية الاجتماعية الحقيقية، ويساعد في تنفيذ المشروعات التي توفر فرص العمالة، وتخطي مشاكل البطالة والاحتكار.
4- المساهمة في حل مشكلة الإسكان:
وهي من المشكلات التي تواجه معظم المجتمعات المعاصرة، وخاصة في البلاد الإسلامية، بالنسبة للفقراء، والمحتاجين، والمساكين، وموظفي الدولة، ومتوسطي الدخل، وكذلك محدودي الدخل([2]).
ويتم البناء عن طريق العقود الشرعية، كالاستصناع، أو المرابحة، أو المشاركة المتناقصة التي يتنازل البنك عن جزء من حصته في المبنى سنوياً، إلى أن تؤول الملكية الكاملة إلى المتعامل مع البنك.
5- صندوق التنمية الاجتماعي:
وتتكون حصيلته من التبرعات التي يقدمها الأفراد طواعية للبنك، وتستحق حصيلة هذا الصندوق للتأمين ضد الكوارث التي تصيب المودعين([3]).
ثالثاً: النشاط الثقافي والتعليمي للمصارف الإسلامية:
أخذت المصارف الإسلامية على عاتقها إعداد الكوادر الرائدة في المجال المصرفي الإسلامي، وأنشأت عدة مراكز للاقتصاد الإسلامي بجدة والأزهر وعدد من البلدان أهمها "المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب" في البنك الإسلامي للتنمية بجدة.
وتم إنشاء مركز التدريب والتطوير في بنك دبي الإسلامي ليقوم بتدريب موظفي البنك على المستوى العلمي والعملي المطلوب، ومركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بمصر.
وفي الجامعة العالمية بباكستان أنشئ المعهد الدولي للاقتصاد، ويضم كلية للاقتصاد الإسلامي حتى الدراسات العليا.
وقامت المصارف الإسلامية بإصدار نشرات للتعريف بها، ثم أصدرت مجلات متخصصة في الاقتصاد الإسلامي، لتغطية أخبار المصارف الإسلامية، وتقديم البحوث من المختصين فيها، والخبراء في المصارف، ومن الفقهاء والعلماء والمفكرين الذي يزودون هذه المجلات بالأحكام الشرعية النيِّرة، والاجتهادات القيمة في المستجدات الفقهية، مع الإجابة عن الفتاوى الشرعية للأسئلة الواردة من المصارف، ومن المتعاملين معها، ومن عامة الشعب، وتُطْرَح الآراء للعرض والمناقشة، وتفتح مجال الإدلاء بالآراء، والردِّ عليها، للوصول إلى الحق والعدل والصواب، وإزالة الشبهات السائدة بين المسلمين عن المصارف الإسلامية، ومن غيرهم، ومن هذه المجلات مجلة النور التي يصدرها بيت التمويل الكويتي، ومجلة الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية التي يصدرها باسم "مجلة البنوك الإسلامية".
وقد أصبحت مصادر أصيلة للمعرفة والاقتصاد الإسلامي والمصارف خاصة([4]).
ومن هذه المجلات: مجلة الاقتصاد الإسلامي، في بنك دبي الإسلامي منذ عام 1981م، وهي مجلة شهرية لنشر الفكر الاقتصادي الإسلامي عامة، والفكر المصرفي خاصة، مع الثقافة الإسلامية، والتوجيه والتربية الدينية([5]).
ومنها مجلة جامعة الملك عبد العزيز -الاقتصاد الإسلامي، التي يصدرها مركز النشر بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وهي فصلية أو نصف سنوية، وتصدر باللغتين العربية والإنكليزية، وفيها دراسات اقتصادية إسلامية ومصرفية معمقة، مع تقييم الكتب التي تصدر في هذا الخصوص.
وأنشأ البنك الإسلامي الأردني معهد التدريب الخاص بالبنك، ويتم فيه تنظيم الدورات المتخصصة لموظفي البنك، لتغطية مختلف الأنشطة والأعمال المصرفية والمالية والإدارية، ودورات بالأمور الشرعية والتسويقية والتحليل المالي والسلوك الوظيفي واللغة الإنكليزية، وأرسل البنك الإسلامي الأردني موظفيه للقيام بالدورات والبرامج الدراسية وحضور الندوات داخل الأردن وخارجه، وفتح أبوابه لتدريب الطلبة من المؤسسات التعليمية من سائر البلاد العربية للاطلاع على تجربة المصرف، ويستقبل طلبة الجامعة الأردنية، ووكالة الغوث، ويقدم العون والمساعدة إلى العديد من الطلبة والباحثين في مجال الاقتصاد الإسلامي وتطبيقاته من الأردن وخارجه([6]).
وتدعو المصارف الإسلامية وتشارك في عقد الندوات والمؤتمرات التي يشارك فيها العلماء والفقهاء والمفكرون والخبراء والمتخصصون في المصارف الإسلامية، وقد نظم بنك دبي الإسلامي أول مؤتمر عالمي حول البنوك الإسلامية عام 1399هـ/1979م، وحضره كبار العلماء والمفكرين الاقتصاديين لمناقشة أهم القضايا المصرفية الشرعية ووضع الإطار الشرعي لمعاملات المصارف، ثم عقد المؤتمر الثاني بالكويت عام 1403هـ/1983م، الثالث بدبي 1406هـ/1985م وهكذا([7]).
كما نظم البنك الإسلامي الأردني مع كلية الشريعة عقد "ندوة المستجدات الفقهية في المعاملات المعاصرة"، كما يعقد المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بجدة ندوات ودورات دائمة، وتعقد ندوات في بنوك فيصل الإسلامية، ومجموعة دلة البركة الإسلامية، وبيت التمويل الكويتي، وغيرها، وعقدت ندوة الحوار بين الإعلاميين والفكر الاقتصادي الإسلامي ومؤسساتها مع مجموعة دلة البركة عام 1415هـ/1995م([8]).
كما تساهم المصارف الإسلامية في إيفاد الطلاب المتخصصين من موظفيها ومن غيرهم، للحصول على الشهادات الدراسية العلمية المعمقة (الماجستير والدكتوراه) وتدعم الطلاب الذين يدرسون هذا التخصص، وتساهم في نشر وطباعة الكتب والرسائل.
[وقد تزايد الاهتمام العلمي بالتجربة الإسلامية وتطويرها؛ فكثرت الدراسات والأبحاث العلمية، واضطلعت المجامع الفقهية، خاصة مجمع الفقه الإسلامي في جدة، الذي قام بدور بارز في هذا المجال.
وما زالت الندوة الفقهية الاقتصادية السنوية التي تنظمها مجموعة البركة – منذ أكثر من عشر سنوات – تشكل منتديًا يجمع بين العلماء المختصين في مجال الاستثمارات والمصارف الإسلامية بصدد مداولات وإصدار رأي فقهي جماعي حول القضايا المالية المعاصرة.
هذا بالإضافة إلى المنتديات والمؤتمرات التي يرعاها البنك الإسلامي للتنمية بجدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، واتحاد المصارف الإسلامية، والبنوك المركزية في كلٍّ من السودان وباكستان والبحرين وماليزيا، وبعض المعاهد المتخصصة في بريطانيا والبحرين وباكستان. ومن ناحية أخرى تطور اهتمام الجامعات الإسلامية إلى درجة منح الشهادات الجامعية في هذا المجال، وتعتبر جامعة أم درمان الإسلامية رائدة في مجال المصارف والاقتصاد الإسلامي؛ حيث تمنح درجات علمية، وتنظم دورات في مجالات الصيرفة والمالية الإسلامية، وتُعد أول مؤسسة جامعية في العالم تنشئ قسمًا للاقتصاد الإسلامي منذ 1968، ولكلية التجارة بجامعة الأزهر دور رائد في هذا المجال؛ ففي رحابها أقيم مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي، وتبع ذلك وجود تخصصات الاقتصاد الإسلامي في الجامعة الإسلامية العالمية في باكستان وبعض الجامعات السعودية، خاصة جامعة الملك عبد العزيز التي أسس فيها مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، وكذلك الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا] ([9]).
رابعاً: النشاطات الأخرى في المصارف الإسلامية:
تقوم المصارف الإسلامية بنشاطات عدة أخرى منها:
1- أقسام خاصة للنساء التي أنشأها بنك دبي الإسلامي، فأنشأ في كل فرع قسماً خاصاً لإنجاز معاملات النساء مع البنك، لتجنب التعامل مع الرجال، والاختلاط المنهي عنه، ويحفظ على المرأة عفتها وكرامتها وحياءها، [وقد أكدت فاطمة التميمي مديرة مصرف أبو ظبي الإسلامي فرع السيدات أن نجاح تجربة فرعها أثبت أن المرأة أقدر على التفاعل والتعامل مع أختها وان النساء بمقدورهن قيادة وسير العمل المصرفي بنجاح تام] ([10]).
2- إدارة التركات، وتنفيذ الوصايا الشرعية في إطار الخدمات الاجتماعية.
3- أوجدت المصارف الإسلامية فرصاً كثيرة للوظائف ليعمل بها الشباب والبنات والخبراء، والمختصون، وخريجو الجامعات، وهيأت لهم أعمالاً كريمة وذات دخل مرموق، مع العمال والإداريين وغيرهم.
([1]) فقد أفرد النظام الأساسي لبنك دبي الإسلامي الباب السادس للخدمات الاجتماعية، المادتين 71،72، وفي عام 1982م طبق ذلك عملياً، ووضع لصندوق القرض الحسن لوائحها الخاصة بها، ونصت المادة 71 على "منح القروض الحسنة للمتعاملين مع البنك الذين يواجهون صعوبات طارئة أثناء معاملاتهم، حتى لا يضطروا للتعامل بالفائدة، أو إعلان الإفلاس، ومنح القروض الحسنة لأصحاب الضرورات ؛ كالعلاج والزواج وغيرها، حتى لا يقعوا فريسة للمرابين"، وقد بلغت جملة القروض في البنك منذ عام 1982م حتى نهاية عام 1994م أكثر من خمسين مليون درهم. ينظر: الدور الاجتماعي لبنك دبي الإسلامي، في مجلة الاقتصاد الإسلامي، العدد176 للسنة الخامسة عشرة، ص38 من الملحق، كما حرص البنك الإسلامي الأردني على تغطية الحاجات الاجتماعية الهادفة إلى توثيق أواصر التراحم والترابط في المجتمع، ومنح البنك قروضاً حسنة خلال عام 1993م فقط لحوالي ((4235)) مواطناً، بلغ مجموعها مليوناً ونصف المليون دينار.
([2]) وقد قام بنك دبي الإسلامي - على سبيل المثال - ببناء مساكن خاصة لأبناء الإمارات العربية وبناء مساكن استثمارية، بلغت جملتها حتى نهاية عام 1994م مبلغ 7 و 2 مليار درهم.ينظر: مجلة الاقتصاد الإسلامي، العدد176، ص38، وبنى البنك الإسلامي الأردني "ضاحية بدر السكنية" في مدينة عمان، ليتم تمليك الشقق فيها للأفراد تدريجياً، وتخفيف المعاناة عن محدودي الدخل.
([3]) ينظر: بنوك بلا فوائد كاستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الإسلامية، مجموعة محاضرات للدكتور أحمد النجار، ص51.
([4]) المصارف الإسلامية، أ.د. محمد الزحيلي، ص37.
([5]) كما تدعم المصارف الإسلامية النشاط الثقافي عامة، كبرنامج الأطفال (لماذا أنا مسلم) التلفزيوني الذي يموله بنك فيصل الإسلامي المصري بالاشتراك مع اتحاد السينمائيين العرب (دراسات في الاقتصاد الإسلامي، بحث د. المصري ص213).
([6]) البنك الإسلامي الأردني، التقرير السنوي الخامس عشر 1414هـ/1993م، ص14ـ15.
([7]) المصارف الإسلامية، أ.د. محمد الزحيلي، هامش ص39-40.
([8]) ينظر: مجلة الاقتصاد الإسلامي العدد 176 ص40 من الملحق.
([9]) المصارف الإسلامية: الحلم يتحقق، د. محمد شريف بشير، جامعة بترا، ماليزية، شبكة الانترنيت، بتاريخ 18/3/2001م.
([10]) حوار مع فاطمة التميمي، مديرة فرع السيدات بمصرف أبو ظبي الإسلامي، جريدة البيان الإماراتية، الجمعة 2/ربيع الأول/1422هـ، الموافق لـ25/أيار/2001م.
(دراسات في الاقتصاد الإسلامي، بحث د. المصري ص213).
([6]) البنك الإسلامي الأردني، التقرير السنوي الخامس عشر 1414هـ/1993م، ص14ـ15.
([7]) المصارف الإسلامية، أ.د. محمد الزحيلي، هامش ص39-40.
([8]) ينظر: مجلة الاقتصاد الإسلامي العدد 176 ص40 من الملحق.
([9]) المصارف الإسلامية: الحلم يتحقق، د. محمد شريف بشير، جامعة بترا، ماليزية، شبكة الانترنيت، بتاريخ 18/3/2001م.
([10]) حوار مع فاطمة التميمي، مديرة فرع السيدات بمصرف أبو ظبي الإسلامي، جريدة البيان الإماراتية، الجمعة 2/ربيع الأول/1422هـ، الموافق لـ25/أيار/2001م.
عدد القراء : 3014