shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

أهمية وضرورة تدريس مادة الاقتصاد الإسلامي

 

تتبوأ الدراسات الاقتصادية مركز الصدارة بين الدراسات الحديثة، وتشغل اهتمام شرائح مختلفة من الناس، وبخاصة بعد أن أصبح النظام الاقتصادي السائد هو نظام الحرية الفردية الذي يسمح للفرد أن ينمّي ملكيته بكل الطرق دون تقييد أو تحديد، ولو كان على حساب الآخرين.

ففقد الجانب الاجتماعي نصيبه من الدراسات الاقتصادية، حتى تحولت تلك الدراسات إلى نظم رقمية لا مكان فيها للعواطف والإحسان والبر والتعاون.

بينما يعتقد المسلمون بمبادئ ونظم أخلاقية يرغبون بل ويكافحون ليرونها في مجال الواقع العملي، فالإسلام رغم أنه يسمح بالملكية الفردية ويشجّع النشاط الفردي، إلا أنه يعاقب مَن يعتدي على ملكيات الأفراد، كما أن الإسلام قد حدّد تصرفات الفرد فلم يسمح له أن ينمّي ملكيته عن طريق الربا أو الاحتكار أو الإضرار بالناس.

ومن المؤسف أن الجامعات المنتشرة في العالم العربي والإسلامي ما زالت في أغلبها تدرّس الاقتصاد الغربي، وتُهمِل تدريس الاقتصاد الإسلامي.

ويتخرج الطالب في تلك الجامعات وقد عرف الاقتصاد المعاصر دون أن يعرف عن الاقتصاد الإسلامي إلا ما يسمعه من هنا وهناك من كلمات متقطعة ومفاهيم مختلطة عن الاقتصاد الإسلامي حتى يظن أن الإسلام خالٍ من هذه الدراسات.

ولذلك فإن الحاجة ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تعريف كثير من المسلمين بمفردات الإسلام تعريفاً صحيحاً وبياناً شافياً، يجمع بين النظرية والتطبيق، فقد عمد البعض إلى الترويج لأفكار مدسوسة وغريبة عن الإسلام في المجتمعات، كما روج بعضاً أخر كثير من الأفكار مؤداها أن الإسلام وإن صلح في عصوره الأولى فلا يصلح في عصرنا الحالي، لتغير الزمان والمكان، وبخاصة في المجال الاقتصادي، فالتقدم العلمي وشرعة انتقال المعلومة، وسهولة الاتصال أفرز مجموعة من القيم الخاصة، والتي لا يتناسب معها قراءة ما ورد في النصوص الشرعية والاجتهادات الفقهية القديمة.

ومن هنا كان الواجب التحرك نحو التعليم لإزالة هذه الإلباسات والالتباسات، فالتعليم يكون بأحد دافعين؛ أن تُعلِّم نظرياً ما ترغب أن يتحقق عملياً، أو أن تُعلِّم ما هو موجود لاستمرار الاستفادة.

وكلا الدافعين ينطبق على تدريس مادة الاقتصاد الإسلامي بالكليات والمعاهد، من حيث الأهمية العلمية والعملية.

وتعليم المسلمين أسس ومبادئ الاقتصاد الإسلامي بالإضافة إلى الاستفادة الذاتية منه فإنه يهدف لبيان أهمية إيجاد نظام اقتصادي إسلامي عالمي ينجو بالبشرية من ويلات الاقتصاد الغربي المدمر.

وتهدف دراسة الاقتصاد الإسلامي إلى تزويد الدارس بالمعرفة التي تمكنه من التعرف على الأدبيات الاقتصادية الإسلامية العامة والخاصة، وتكوين حصيلة معرفية لديه تجعله ملماً متعمقاً بالعلوم الاقتصادية الإسلامية؛ مما يمكنه من العمل في مجالات المصارف الإسلامية والمؤسسات والهيئات والمنظمات الإسلامية الإقليمية والدولية المختلفة، وكذا إعداد البحوث والدراسات في مجال الاقتصاد الإسلامي.

فمع تزايد الطلب على الأعمال المالية الإسلامية تزداد الحاجة إلى كوادر بشرية بكفاءات عالية تكون قادرة على مواكبة الطلب المتنامي.

وتبرز أهمية ذلك لما للاقتصاد الإسلامي من جوانب متعددة، تتجاوز الماديات إلى الروحانيات والمعنويات، والقيم الأخلاقية إلى جانب القيم الرقمية، والاقتصاد الإسلامي يمتاز بالقدرة على الديمومة والاستمرار، في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويمتلك عوامل ومقاييس النجاح.

وتدريس مادة الاقتصاد الإسلامي بالكليات والمعاهد يعد ضمن برنامج العلوم الاجتماعية والاقتصادية، وهو من باب الدعوة إلى الإسلام لنشر علم الاقتصاد الإسلامي عالمياً.

وتزداد أهمية تدريس مادة الاقتصاد الإسلامي كون الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وتصوره ينبغي أن يكون على مختلف الأصعدة العلمية والثقافية.

ثم إن الاعتراف الرسمي من قبل الحكومات العربية والإسلامية بالمصارف الإسلامية كواقع، يجعل دراسة أصول المصارف الإسلامية من منابعها ضرورة ملحة، فها هي بعض الدول العربية والإسلامية قد أصدرت تشريعاً خاصاً بالمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية وينظم علاقتها بالبنك المركزي كما هو الحال في السودان وإيران وباكستان والإمارات والكويت.

كما بدأت بعض الجامعات العربية والإسلامية الاهتمام بالدراسات والبحوث في مجال الاقتصاد الإسلامي، وأخذ ذلك صيغاً عدة منها:

أ ـ تزايد عدد رسائل الماجستير والدكتوراه في مجال الاقتصاد الإسلامي والمصارف الإسلامية.

ب ـ تدريس مواد الاقتصاد الإسلامي وفروعه المختلفة في الجامعات.

جـ ـ إنشاء معاهد متخصصة للاقتصاد الإسلامي والمصارف الإسلامية مثل: مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، ومركز صالح عبد الله كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر، ومركز الاقتصاد الإسلامي بباكستان.

د ـ تنظيم الندوات والمؤتمرات الدولية للاقتصاد والمصارف الإسلامية.

هـ ـ إنشاء أقسام متخصصة للاقتصاد الإسلامي في بعض الجامعات مثل: قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك محمد بن سعود الإسلامية، وقسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، وقسم الاقتصاد الإسلامي بالجامعة الإسلامية بباكستان.

ولم يقتصر الأمر على المراكز الرسمية والجامعات، بل وصل إلى الأفراد المتخصصين، وذلك عبر شبكة المعلومات الدولية (الأنترنت).

ويمكن عرض مقترح بعض المواد في الاقتصاد الإسلامي ومفرداتها؛ مجتمعة أو متفرقة حسب المستوى التعليمي:

أولاً: مادة مبادئ الاقتصاد الإسلامي.

وتهدف إلى تبصير الطالب بأهمية الاقتصاد الإسلامي, و بالأسس التي يقوم عليها, و تشتمل على: بيان المقصود بالاقتصاد الإسلامي, و الفرق بين علم الاقتصاد والنظام الاقتصادي, وأسس الاقتصاد الإسلامي وخصائصه, العمل: أهميته, وميادينه, وضوابطه, الملكية: مفهومها, وضوابطها, وقيودها, ومنهج الإسلام في تحريك الفعاليات الاقتصادية, واستثمار الأموال, وتوزيع الثروة, وإشباع حاجات كل فرد في المجتمع, ودراسة بعض القضايا ذات الأبعاد الاقتصادية (الشركات, البنوك).

الغاية من المادة: تعريف الطالب ببعض المصطلحات الخاصة بالاقتصاد الإسلامي؛ كالسلع والاقتصاد والنظام الاقتصادي والاستثمار والإنتاج والتوزيع والمنفعة الزمانية والمنفعة المكانية.

مفردات مادة مبادئ الاقتصاد الإسلامي: مقدمة، قوى (عوامل) السوق: الطلب والعوامل المؤثرة فيه ـ سلوك المستهلك المسلم وغيره ـ العرض والعوامل المؤثرة فيه ـ تحليل التوازن (الطلب والعرض) ـ سلوك المنتج المسلم، السوق في الاقتصاد الإسلامي مقارنة مع الاقتصاد الوضعي: مفهوم السوق ـ أشكال السوق ـ السوق في الاقتصاد الإسلامي، النقود: مفهوم النقود ـ وظائف النقود ـ أنواع النقود، المصارف (البنوك): مفهوم المصارف ـ وظائف المصارف ـ أنواع المصارف ـ الخدمات المصرفية.

ثانياً: مفردات مادة أصول الاقتصاد الإسلامي:

مقدمة، نشأة وتعريف علم الاقتصاد، مجالات الدراسة الاقتصادية، المشكلة الاقتصادية وموقف الإسلام، تعريف الاقتصاد الإسلامي، تقسيم الحاجات والأموال في الإسلام، عوامل السوق (الطلب والعرض) الطلب؛ تمثيل الطلب هندسياً (منحنى الطلب)، ورياضياً (دالة أو معادلة الطلب) العوامل المؤثرة في الطلب، العرض؛ تمثيل العرض هندسياً (منحنى العرض)، ورياضياً (دالة أو معادلة العرض)، العوامل المؤثرة في العرض، تحليل التوازن (الطلب والعرض): تحليل التوازن الساكن، تحليل التوازن الديناميكي، المرونات: مرونة الطلب السعرية بيانياً وكمياً، العوامل المؤثرة في مرونة الطلب، مرونة الطلب الدخلية، مرونة الطلب التقاطعية، مرونة العرض السعرية بيانياً وكمياً، سلوك المستهلك المسلم، سلوك المنتج المسلم، أساسيات في الدخل القومي والناتج القومي.

ثالثاً: مفردات مادة الاقتصاد الإسلامي ومبادئ الاقتصاد العام:

الاقتصاد في المفهوم الإسلامي: تعريف الاقتصاد، مبادئ الاقتصاد الإسلامي، خصائص الاقتصاد الإسلامي، الملكية في الإسلام؛ المفهوم الإسلامي للملكية، واجبات الملكية، طرق اكتساب الملكية، الطرق غير المشروعة لكسب الملكية، أنواع الملكية، الربـــا، تعريف الربا، منهج القرآن في تحريم الربا، أنواع الربا، علة الربا وحكمة تحريمه.

الإسلام وعدالة التوزيع: التصور الإسلامي للمشكلة الاقتصادية، مفهوم الفقر في نظر الإسلام، كيف عالج الإسلام مشكلة الفقر، أساليب الإسلام في حفظ التوازن الاقتصادي.

مبادئ الاقتصاد الجزئي: إطار علم الاقتصاد، التعريف بالمشكلة الاقتصادية وطرق علاجها بين النظريات العامة والإسلامية، عناصر الإنتاج، السلع والخدمات، الإنتاج وسلوك توازن المنتج، دالة الإنتاج، مفهوم القيمة، السعر، الثمن، الاستهلاك وسلوك توازن المستهلك، نظرية المنفعة وسلوك توازن المستهلك.

وكما هو ملاحظ أن هناك تشابهاً كبيراً في أصول الاقتصاد، وتختلف في تطبيقاتها، وذلك حسب الضوابط والقواعد الفقهية، عملاً بالنصوص الشرعية.

عدد القراء : 1474