النفقة الشرعية
تُعَدُّ النفقة حاجة من الحاجات الأساسية التي تقوم عليها المجتمعات والأفراد.
ورغم وجوبها على الآباء فهي قربى إلى الله ووسيلة من وسائل الترقي عنده بل سبق فضلها في الأجر أجر النفقة في سبيل الله.
1ـ 1: تعريف النفقة:
النفقة في اللغة: اسم من المصدر نَفَق، يقال: نفقت الدراهم نَفَقاً: نَفِدت، وجمع النفقة نِفَاق، مثل رقبة ورقاب، وتجمع على نفقات، ويقال: نفق الشيء نفقاً فَنِي، وأنفقته: أفنيته، ونفقت السلعة والمرأة نفاقا: كثر طلابها وخطابها. [المصباح المنير مادة: ن ف ق]
والنفقة في الاصطلاح:
ما يتوقف عليه بقاء شيء من مأكول وملبوس وسكنى. [مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر ج 1 ص 484 طبع دار إحياء التراث العربي].
أو: ما به قوام معتاد حال الآدمي دون سرف. [حاشية الصاوي على الشرح الصغير 2/ 729 ط دار المعارف].
1 ـ 2: مشروعية النفقة:
خشية التكرار سيُذكر دليل كل نفقة عند ذكر أنواعها؛ كل في موضعه، (2 ـ 1، 2 ـ 2، 2 ـ 3، 2 ـ 4).
1 ـ3: أسباب النفقة: [رد المحتار على الدر المختار 3/572 ط دار الفكر، والتاج والإكليل شرح مختصر خليل 4/181 - 182 ط دار الفكر، ومغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/425 ط دار الفكر].
تجب النفقة بالنكاح والقرابة، والقرابة: أصول وفروع وحواشي، بشروط تعرف في موضعها، (4) وفروعها.
2 ـ أنواع النفقة:
النفقة على الزوجة، والنفقة على الأصول، والنفقة على الفروع، والنفقة على الأقارب.
2 ـ 1: النفقة الزوجية:
اتفق الفقهاء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها. [رد المحتار على الدر المختار 3/572 ط دار الفكر، والتاج والإكليل شرح مختصر خليل 4/181 - 182 ط دار الفكر، والحاوي الكبير للماوردي 15/3-6 ط دار الفكر، والإنصاف للمرداوي 9/376 ط إحياء التراث العربي].
والنفقة من أسباب القوامة التي جعلها الله تعالى في يد الزوج في قوله جل شأنه: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:34] أي: إن الزوج متى عجز عن النفقة عليها لم يكن قوَّامًا عليها.
ولا يشترط في وجوب النفقة الواجبة بالزوجية فقر الزوجة، بل تجب النفقة على الزوجة، فقيرة كانت أو غنية.
ويجب على الزوج أن يوفر لزوجته ما تحتاجه؛ غذاءً، وكساءً، ودواءً، وسكنى، يؤدي كل ذلك إليها كاملاً، دون مِنَّة أو أذى، قال جل شأنه: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:233].
ويؤجر الزوج على ذلك، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِى رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِى أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ" [رواه مسلم].
كما يحصل للزوج الثواب حين يُطعم زوجته بيده، فقد قال: “إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِى فِى امْرَأَتِكَ” [البخاري ومسلم].
2 ـ 2: نفقة الأصول:
هم الآباء والأجداد، والأمهات والجدات، وإن علوا؛ لأن الأب يطلق على الجد وكل من كان سبباً في الولادة، كذلك الأم تطلق على الجدة مهما علت.
فقد أطلق القرآن كلمة الأبوين على آدم وحواء، وقال تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78]، [تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 3/62 ط دار الكتاب الإسلامي، ومغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/ 446 ط دار الفكر، والإنصاف للمرداوي 9/392 ط إحياء التراث العربي].
وعند المالكية: الأصول الذين تجب نفقتهم: هم الآباء والأمهات المباشرون، لا الأجداد والجدات مطلقاً، سواء من جهة الأب أو الأم. فلا تجب نفقة على جد أو جدة، كما لا تجب على ولد ابن. [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/522 ط دار الفكر].
لقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23]، ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما.
ولقوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] ومن المعروف القيام بكفايتهما عند الحاجة، ولو كانا مخالفين في الدين.
ولما رواه عبد الله بن عمرو "أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى مَالاً وَوَلَدًا وَإِنَّ وَالِدِى يَجْتَاحُ (يستأصله ويأتى عليه) مَالِى، قَالَ: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ، إِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ؛ فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلاَدِكُمْ". [أبو داود والنسائي].
فإذا كان كسب الولد يعد من كسب الأب، فإن نفقة الأب تكون واجبة فيه، لأن نفقة الإنسان تكون من كسبه.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. [مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/447 ط دار الفكر، والمغني لابن قدامة 11/373 ط هجر].
2 ـ 3: نفقة الفروع:
لا خلاف بين الفقهاء [تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 3/62 ط دار الكتاب الإسلامي، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل 4/209 ط دار الفكر، وتحفة المحتاج بشرح المنهاج 8/344 ط دار إحياء التراث العربي] على وجوب إنفاق الأب على ولده المباشر ذكراً كان أو أنثى.
لقول الله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، والمولود له هو الأب، فأوجب الله تعالى عليه رزق النساء لأجل الأولاد، فلأن تجب عليه نفقة الأولاد من باب أولى. [مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/426 ط دار الفكر].
ولقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6]؛ فقد أوجب سبحانه وتعالى أجرة الرضاع للأولاد على آبائهم، وإيجاب الأجرة لإرضاع الأولاد يقتضي إيجاب مؤنتهم والإنفاق عليهم. [مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/ 446 ط دار الفكر].
ولحديث عَائِشَةَ رضى الله عنها، قَالَتْ هِنْدٌ أُمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا؟، قَالَ: "خُذِى أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ" [البخاري ومسلم]؛ فقد أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة أبي سفيان الأخذ من مال زوجها لتنفق على نفسها وأولادها، ولولا أن الإنفاق على الأولاد والزوجات حق واجب لما أباح لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لحرمة مال المسلم.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. [المغني المطبوع مع الشرح الكبير 9/256 ط الكتاب العربي].
وإنما الخلاف بينهم في وجوب إنفاقه على أولاد الأولاد وفروعهم.
فذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب النفقة لسائر الفروع، وإن نزلوا، لأن الولد يشمل الولد المباشر وما تفرع منه، ولأن النفقة تجب بالجزئية لا بالإرث، وولد الولد وإن نزل بعض من جده، فوجبت له النفقة عليه، وإن لم يكن وارثاً منه. [العناية شرح الهداية بهامش فتح القدير 4/410-411 ط الفكر، ومغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/446 ط دار الفكر، والمغني المطبوع مع الشرح الكبير 9/256 ط الكتاب العربي].
وذهب المالكية إلى عدم وجوب النفقة لأولاد الأولاد على جدهم لظاهر النص القرآني: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، فهذا النص يدل على وجوب الإنفاق على ولد الصلب، فلا يلحق به غيره، ولأن النفقة عندهم تجب بالإرث لا بالجزئية. [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/ 523 ط دار الفكر].
2 ـ 4: نفقة الأقارب: [البحر الرائق شرح كنز الدقائق 4/228 ط دار الكتاب الإسلامي، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل 4/209 ط دار الفكر، ومغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/47 ط دار الفكر، والمغني المطبوع مع الشرح الكبير 9/ 260 ط الكتاب العربي].
تجب نفقة الأقارب من الحواشي وذوي الأرحام كالإخوة والأخوال والأعمام وأبناء الإخوة والعمات والخالات
لقوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: 26].
وقوله سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [النساء: 36].
وقوله صلّى الله عليه وسلم: "يَدُ الْمُعْطِى الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ؛ أُمَّكَ، وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ، وَأَخَاكَ، وَأَدْنَاكَ أَدْنَاكَ" [النسائي والبيهقي والدارقطني].
فهذه الآيات والأحاديث تدل على وجوب الإنفاق على القريب العاجز.
وللعلماء آراء ثلاثة:
الأول: مذهب الحنفية: أن النفقة تجب لكل ذي رحم محرم؛ كالعم، والأخ، وابن الأخ، والعمة، والخالة، والخال، ولا تجب لغير ذي رحم محرم؛ كابن العم، وبنت العم، ولا لمحرم غير ذي رحم؛ كالأخ رضاعاً.
الثاني: مذهب المالكية والشافعية: ألا تجب نفقة من عدا الوالدين والمولودين من الأقارب؛ كالإخوة والأعمام وغيرهم؛ لأن الشرع ورد بإيجاب نفقة الوالدين والمولودين، وأما من سواهم فلا يلحق بهم في الولادة وأحكامها، فلم يلحق بهم في وجوب النفقة.
الثالث: مذهب الحنابلة: أن النفقة تجب لكل قريب وارث، بفرض أو تعصيب؛ كالأخ الشقيق أو لأب أو لأم، والعم، وابن العم، ولا تجب لذوي الأرحام؛ كبنت العم، والخال، والخالة، والعمة، ونحوهم ممن لا يرث بفرض ولا تعصيب؛ لأن قرابتهم ضعيفة، وإنما يأخذون مال المتوفى القريب عند عدم الوارث، فهم كسائر المسلمين.
3: الملزم بالنفقة:
3 ـ 1: الملزم بالنفقة على الزوجة:
اتفق الفقهاء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها، فالنفقة حق أصيل من حقوق الزوجة بسبب عقد الزواج. [الهداية بأعلى فتح القدير 3/321 ط الأميرية – بولاق، والتاج والإكليل شرح مختصر خليل 4/181 - 182 ط دار الفكر، والحاوي الكبير للماوردي 15/3-6 ط دار الفكر، والإنصاف للمرداوي 9/376 ط إحياء التراث العربي].
3 ـ 2: الملزم بالنفقة على الأصول:
تجب نفقة الأصول على الولد؛ لأن الولد أقرب الناس إليهم، فكان أولى باستحقاق نفقتهم عليه.
وهي عند الحنفية على الذكور والإناث بالسوية في ظاهر الرواية، لأن المعنى يشملهما. [شرح فتح القدير على الهداية 4/ 417 ط الفكر].
وتجب على ولد الولد وإن نزل على رأي الجمهور خلافا للمالكية، فلا تجب عندهم على ولد الولد. [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/ 522- 523 ط دار الفكر].
3 ـ 3: الملزم بالنفقة على الفروع:
اتفق الفقهاء على أنه إذا كان الأب موجوداً وموسراً أو قادراً على الكسب في رأي الجمهور، فعليه وحده نفقة أولاده، لا يشاركه فيها أحد، لقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، الذي يفيد حصر النفقة فيه، ولأنهم جزء منه، فنفقتهم وإحياؤهم كنفقة نفسه. [رد المحتار على الدر المختار 2/644 ط إحياء التراث، ومواهب الجليل بشرح مختصر خليل 4/211 ط دار الفكر، والبجيرمي على الإقناع 4 66 ط مصطفى الحلبي، وكشاف القناع 5/480 ط دار الفكر].
أما إذا لم يكن الأب موجوداً، أو كان فقيراً عاجزاً عن الكسب لمرض أو كبر سن أو نحو ذلك، كانت نفقتهم في رأي الحنفية على الموجود من الأصول ذكراً كان أو أنثى إذا كان موسراً.
ورأى المالكية: أنه تجب النفقة على الأب وحده دون غيره.
وذهب الشافعية: إلى أنه إذا لم يوجد الأب أو كان عاجزاً، وجبت النفقة على الأم، لقوله تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233]،
وعند الحنابلة: إذا لم يكن للولد الصغير أب، وجبت نفقته على كل وارث على قدر ميراثه.
فإن كان للولد وارثان فالنفقة عليهما على قدر إرثهما منه، وإن كانوا ثلاثة أو أكثر، فالنفقة بينهم على قدر إرثهم منه:
3 ـ 4: الملزم بالنفقة على الأقارب:
إذا لم يكن لمستحق النفقة إلا قريب واحد موسر:
فإن كان القريب من أصوله أو فروعه، وجبت نفقته عليه، ولو لم يكن وارثاً له، كجد لأم أوابن بنت، وذلك باتفاق الجمهور غير المالكية.
وإن كان القريب من الحواشي، وجبت نفقته عليه في رأي الحنفية إن كان ذا رحم محرم كالأخ والعم والعمة، وفي رأي الحنابلة إن كان وارثاً بفرض أو تعصيب كالأخ لأم وابن العم.
3 ـ 5: نفقة الأقارب في القانون السوري :
أخذ القانون السوري بمذهب الحنفية في نفقة الأقرباء ما عدا توزيع النفقات عند تعدد من تجب عليه النفقة، وإيجابها بها لهم بدون تقييد بالمحرمية، فإنه أخذ ذلك من المذهب الحنبلي.
وها هي نصوص القانون:
(م 154) ـ نفقة كل إنسان في ماله، إلا الزوجة فنفقتها على زوجها.
(م 155) ـ
1 - إذا لم يكن للولد مال، فنفقته على أبيه، ما لم يكن فقيراً عاجزاً عن النفقة والكسب لآفة بدنية أو عقلية.
2 - تستمر نفقة الأولاد إلى أن تتزوج الأنثى، ويصل الغلام إلى الحد الذي يكتسب فيه أمثاله.
(م 156) -
1 - إذا كان الأب عاجزاً عن النفقة، غير عاجز عن الكسب، يكلف بنفقة الولد من تجب عليه عند عدم الأب.
2 - تكون هذه النفقة ديناً للمنفق على الأب يرجع عليه بها إذا أيسر.
(م 157) -
1 - لا يكلف الأب بنفقة زوجة ابنه إلا إذا تكفل بها.
2 - يكون إنفاق الأب في هذه الحالة ديناً على الولد، إلى أن يوسر.
(م 158) يجب على الولد الموسر ذكراً كان أو أنثى، كبيراً كان أو صغيراً نفقة والديه الفقراء، ولوكانا قادرين على الكسب، ما لم يظهر تعنت الأب في اختيار البطالة على عمل أمثاله كسلاً أو عناداً.
(م 159) ـ تجب نفقة كل فقير عاجز عن الكسب لآفة بدنية أو عقلية، على من يرثه من أقاربه الموسرين بحسب حصصهم الإرثية.
(م 160) ـ لا نفقة مع اختلاف الدين إلا للأصول والفروع.
(م 161) يقضى بنفقة الأقارب من تاريخ الادعاء، ويجوز للقاضي أن يحكم بنفقة الأولاد على أبيهم عن مدة سابقة للادعاء، على ألا تتجاوز أربعة أشهر.
4: شروط وجوب النفقة:
4 ـ 1: شروط وجوب النفقة على الزوجة:
اشترط جمهور الفقهاء لاستحقاق الزوجة النفقة على زوجها أن تكون المرأة كبيرة، وأن تسلم نفسها للزوج متى طلبها إلا لمانع شرعي، وأن يكون النكاح صحيحاً لا فاسداً. [العناية شرح الهداية بهامش فتح القدير 4/196 ط إحياء التراث، وروضة الطالبين للنووي 9/57 ط المكتب الإسلامي، والمغني المطبوع مع الشرح الكبير 9/231 ط الكتاب العربي].
وفرق المالكية بين المدخول بها وغير المدخول بها.
أما غير المدخول بها فتجب النفقة لممكنة من نفسها بلا مانع.
وأما المدخول بها: فلم يشترطوا شيئاً من ذلك. [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/508 ط دار الفكر].
وقد أخذ القانون السوري بهذه الأحكام، فنص على ما يلي:
(م 72 ـ 1) ـ تجب النفقة للزوجة على الزوج ولو مع اختلاف الدين من حين العقد الصحيح، ولو كانت مقيمة في بيت أهلها إلا إذا طالبها الزوج بالنقلة وامتنعت بغير حق.
2 - يعتبر امتناعها بحق ما دام الزوج لم يدفع معجل المهر أو لم يهيء المسكن الشرعي.
(م 73) - يسقط حق الزوجة في النفقة إذا عملت خارج البيت دون إذن زوجها.
4 ـ 2: شروط وجوب الإنفاق على الأصول:
أ - أن يكون الأصل فقيراً أو عاجزاً عن الكسب؛ لأنها تجب على سبيل المواساة والبر، والقادر على الكسب كالموسر مستغن عن المواساة.
وبهذا قال المالكية والحنابلة والشافعية في قول. [منح الجليل شرح مختصر خليل 2/448 ط دار صادر، ومغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/446 ط دار الفكر، والإنصاف للمرداوي 9/392 ط إحياء التراث العربي].
وقال الحنفية والشافعية في الأظهر وهو قول بعض المالكية: إن كان الأصل فقيراً قادراً على الكسب تجب نفقته على فرعه كذلك؛ لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إلى الوالدين، وفي إلزام الآباء التكسب مع غنى الأبناء ترك للإحسان إليهم وإيذاء لهم، وهو لا يجوز. [رد المحتار على الدر المختار 2/678 ط إحياء التراث، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/522 ط دار الفكر، ومغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/448 ط دار الفكر].
ب - أن يكون الفرع موسراً وهذا باتفاق الفقهاء، أو قادراً على التكسب وهو ما ذهب إليه الحنفية والشافعية والحنابلة، وأن يكون في ماله أو كسبه فضل عن نفقة نفسه وولده وامرأته، فإن لم يفضل منه شيء لا تجب عليه النفقة. [رد المحتار على الدر المختار 2/678 ط إحياء التراث، ومغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/448 ط دار الفكر، والإنصاف للمرداوي 9/392 ط إحياء التراث العربي].
وقال المالكية: لا يجب على الفرع المعسر التكسب لينفق على والديه: إذا كان الابن فقيرا كسوبا وكان الأب كسوبا لا يجبر الابن على الإنفاق عليه لأنه كان غنيا باعتبار الكسب فلا ضرورة في إيجاب النفقة على الغير. [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير2/522 ط دار الفكر].
اتحاد الدين واختلافه بين المنفق والمنفق عليه.
لا يشترط عند جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في رواية): [بدائع الصنائع 4/36 ط المكتبة العلمية، بيروت، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير2/522 ط دار الفكر، ونهاية المحتاج 7/208 ط مصطفى الحلبي 1357هـ، والمغني المطبوع مع الشرح الكبير 9/259 ط دار الكتاب العربي] اتحاد الدين لوجوب نفقة الأصل على الفرع، فتجب النفقة عليه وإن اختلف دينهما؛ لأن الله تعالى قال في حق الأبوين الكافرين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15].
وعند الحنابلة: لا تجب نفقتهم مع اختلاف الدين، وتعليلهم أنها مواساة تجب على سبيل البر والصلة، كنفقة غير عمودي النسب، ولأنهما غير متوارثين فلم يجب لأحدهما على الآخر نفقة بالقرابة. [المغني المطبوع مع الشرح الكبير 9\259 ط الكتاب العربي].
4 ـ 3: شروط وجوب الإنفاق على الفروع:
أ : أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم عليهم؛ لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة. [الهداية شرح بداية المبتدى بأعلى شرح فتح القدير 4/414 ط الفكر، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/522 ط دار الفكر، والمهذب للشيرازي 2/166 ط عيسى الحلبي، والمغني المطبوع مع الشرح الكبير 9/257 ط الكتاب العربي].
ب : أن يكون ما ينفقه الأصل عليهم فاضلاً عن نفقة نفسه، سواء أكان ذلك من ماله أم من كسبه.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا؛ فَإِنْ فَضَلَ شَىْءٌ فَلأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَىْءٌ فَلِذِى قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِى قَرَابَتِكَ شَىْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا". يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ. [رواه مسلم].
وهذان الشرطان متفق عليهما بين الفقهاء.
ج : أن يكون المنفق وارثاً، وبهذا قال الحنابلة، مستدلين بقوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] موجهين استدلالهم بأن بين المتوارثين قرابة تقتضي كون الوارث أحق بمال الموروث من سائر الناس، فينبغي أن يختص بوجوب صلته بالنفقة دونهم، فإن لم يكن وارثا لم تجب عليه النفقة. [الإنصاف للمرداوي 9/392 ط إحياء التراث العربي].
وأما شرط اتحاد الدين، فقد سبق بيانه في الفقرة (4 ـ2).
4 ـ 4: شروط وجوب الإنفاق على الأقارب:
لا يثبت وجوب نفقة الأقرباء عند الحنفية إلا بالقضاء أو الرضا، حتى لو ظفر أحدهم بجنس حقه قبل القضاء أو الرضا، ليس له الأخذ.
ويشترط لوجوب الإنفاق على القريب ثلاثة شروط:
أ : أن يكون القريب فقيراً؛ لا مال له، ولا قدرة له على الكسب؛ لعدم البلوغ، أو الكبر، أو الجنون، أو الزمانة المرضية.
ب : أن يكون الملزم بالنفقة موسراً مالكاً نفقة فاضلة عن نفسه.
ج : أن يكون المنفق قريباً للمنفق عليه ذا رحم محرم منه، مستحقاً للإرث منه عند الحنفية والحنابلة؛ لقوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233]. وأما عند المالكية فأن يكون أباً أو ابناً، وعند الشافعية أن يكون من الأصول أو الفروع.
5: مبادئ النفقة:
5 ـ 1: مبدأ الكفاية:
اختلف الفقهاء في تقدير نفقة الزوجة على أربعة أقوال:
القول الأول: أنها مقدرة بكفايتها، وإليه ذهب الحنفية والمالكية وبه قال بعض الشافعية، وأكثر الحنابلة وهو المذهب عندهم. [بدائع الصنائع 4/23 ط المكتبة العلمية، بيروت، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/510 ط دار الفكر، وروضة الطالبين للنووي 9/40 ط المكتب الإسلامي، والمغني المطبوع مع الشرح الكبير 9/231 ط الكتاب العربي].
واستدلوا على ذلك بقول الله عز وجل: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، موجهين استدلالهم بأن الله عز وجل أوجب على المولود له - وهو الزوج - نفقة زوجته من غير تحديد بمقدار معين، فيكون على الكفاية في العرف والعادة.
وعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها، قَالَتْ هِنْدٌ أُمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا؟، قَالَ: "خُذِى أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ" [البخاري ومسلم]، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم هنداً بأن تأخذ ما يكفيها وولدها من مال زوجها بالمعروف دون أن يقدر ذلك بمقدار معين، والمعروف هو المقدر عرفاً بالكفاية، فدل هذا على أن نفقة الزوجة مقدرة بكفايتها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" [رواه مسلم].
القول الثاني: إنها مقدرة بمقدار محدد، وإليه ذهب الشافعية على المعتمد، وبعض الحنابلة. [روضة الطالبين للنووي 9/40 ط المكتب الإسلامي، والمبدع شرح المقنع 8/185- 186 ط المكتب الإسلامي].
واحتجوا لأصل التفاوت بين الموسر والمعسر بقول الله عز وجل: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7].
وأما التقدير فبقياس نفقة الزوجة على الكفارة بجامع أن كلا منهما مال وجب بالشرع. [مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/426 ط دار الفكر، وتحفة المحتاج بشرح المنهاج 8 / 302 ط إحياء التراث العربي].
القول الثالث: إن المعتبر في تقدير النفقة عادة أمثال الزوج والزوجة وحال البلد، وإليه ذهب المالكية، وهو قول عند بعض الشافعية. [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/509 ط دار الفكر، وروضة الطالبين للنووي 9/40 ط المكتب الإسلامي].
القول الرابع: إن المعتبر ما يفرضه القاضي وعليه أن يجتهد ويقدر، وإليه ذهب بعض الشافعية. [روضة الطالبين للنووي 9/40 ط المكتب الإسلامي].
واتفق الفقهاء على أن نفقة الأقارب تجب بقدر الكفاية غذاءً، وكساءً، ودواءً، وسكنى، على حسب حال المنفق وبقدر العادة أو عوائد البلاد؛ لأنها وجبت للحاجة، والحاجة تندفع بالكفاية، كنفقة الزوجة، على القول بالكفاية المستند إلى النص.
5 ـ 2: مرتبتها يساراً وإعساراً:
5 ـ 2 ـ أ: حد يسار الزوج في فرض نفقة الموسرين لزوجته:
ذهب الحنفية والمالكية وهو وجه عند الشافعية إلى أن: تحديد يسار الزوج الذي تقدر معه نفقة الموسرين للزوجة موكول إلى العرف، والنظر إلى الحال من التوسع في الإنفاق وعدمه. [رد المحتار على الدر المختار 2/645 ط إحياء التراث].
وللشافعية في تحديد اليسار والإعسار أوجه [روضة الطالبين للنووي 9/40 ط المكتب الإسلامي]:
أحدها وهو المذهب: أن المعسر هو مسكين الزكاة، وهو من قَدَرَ على مال أو كسب يقع موقعاً من كفايته، ولا يكفيه. [أسنى المطالب شرح روض الطالب 2 / 192 ط دار الكتاب الإسلامي].
وفي وجه آخر عند الشافعية: أن الموسر مَن يزيد دخله على خرجه، والمعسر عكسه، والمتوسط مَن تساوى خرجه ودخله.
وفي وجه: أن الاعتبار بالكسب، فمَن قدر على نفقة الموسرين في حق نفسه، ومَن في نفقته مِن كسبه فهو موسر، ومَن لا يقدر على أن ينفق من كسبه فمعسر، ومَن قدر أن ينفق من كسبه نفقة المتوسطين فمتوسط. [روضة الطالبين للنووي 9/41 ط المكتب الإسلامي].
وقال الحنابلة: الموسر من يقدر على النفقة بماله أو كسبه، والمعسر: مَن لا يقدر عليها لا بماله ولا بكسبه، وقيل: المعسر مَن لا شيء له، ولا يقدر عليه، والمتوسط: مَن يقدر على بعض النفقة بماله أو كسبه، وقيل: مسكين الزكاة معسر، ومَن فوقه متوسط، وإلا فهو موسر. [الإنصاف للمرداوي9/355 ط دار إحياء التراث العربي].
5 ـ 2 ـ ب: النفقة عند إعسار بعض الأقارب:
اختلف الفقهاء في حد اليسار والإعسار بالنفقة على الأقارب إلى رأيين:
يرى الجمهور: أن حد اليسار الموجب لنفقة الأقارب مُقَدَّر بما يزيد عن قوته وقوت زوجته في يومه وليلته. [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/522 ط دار الفكر، وروضة الطالبين للنووي 9/83 ط المكتب الإسلامي، والكافي لابن قدامه 3/375 ط المكتب الإسلامي].
ويرى الحنفية أن حد اليسار الموجب لنفقة الأقارب هو يسار الفطرة: وهو أن يملك الشخص ما يحرم عليه به أخذ الزكاة وهو نصاب - ولو غير نام - فاضل عن حوائجه الأصلية؛ فمن وجب عليه الزكاة لملكه النصاب وجب عليه الإنفاق على قريبه بشرط أن يكون المال زائداً عن نفقته ونفقة عياله.
6 ـ 1: هل تتوقف النفقة على القضاء؟
عند الحنفية: تجب نفقة الأصول والفروع من غير حاجة إلى قضاء القاضي، إلا أنه إذا كان للصغير مال غائب، وأراد الأب أن يرجع عليه، فليس له الرجوع إلا بالقضاء أو بالإشهاد بأن يُشْهِد أنه أنفق ليرجع عليه بعد أن نوى بقلبه، فلو أنفق بغير إذن القاضي وبغير إشهاد فليس له الرجوع قضاء، وله أن يرجع ديانة فيما بينه وبين الله تعالى، وأما نفقة غير الأصول والفروع، فلا تثبت إلا بالقضاء أو بالتراضي. [بدائع الصنائع، 4/22].
وعند النزاع في مقدار النفقة يقوم القاضي بتقدير نفقة الزوجة بحال الزوجين يساراً وإعساراً أو يسار أحدهما وإعسار الآخر:
6 ـ 2: جزاء الامتناع عن النفقة:
إذا امتنع مَن وجبت عليه النفقة، وأصر على الامتناع مع قدرته ويساره، فإنه يحبس ولو كان أباً، للضرورة؛ لأن في الامتناع عن النفقة إهلاكاً لِمَن وجبت له، وفي الحبس حمل على الإنفاق لحفظ حياة الإنسان، وهو أمر واجب شرعاً، ويتحمل الأب ـ وغيره من باب أولى ـ هذا القدر من الأذى لهذه الضرورة. [الفتاوى البزازية بهامش الهندية 1/432 - 438 ط الفكر، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير2/518 - 519 ط دار الفكر، وحاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي 4/81 ط عيسى الحلبي، والمغني لابن قدامة 8/204 ط مكتبة القاهرة].
7 ـ سقوط النفقة:
7 ـ 1: سقوط نفقة الزوجة:
تسقط نفقة الزوجة في الحالات التالية: [بدائع الصنائع 4/22 ط المكتبة العلمية، بيروت، والقوانين الفقهية لابن جزي 1/192 ط دار الفكر، ومغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/436 ط دار الفكر، والمغني لابن قدامة 8/237 ط مكتبة القاهرة].
1 ـ مضي الزمان من غير فرض القاضي أو التراضي: ولا تسقط بمضي المدة بعد القضاء به، وتصير ديناً.
2 ـ الإبراء من النفقة الماضية: ويكون الإبراء إسقاطاً لدين واجب. وقال الحنفية: لا يصح الإبراء عن النفقة المستقبلة؛ لأن نفقة الزوجة تجب شيئاً فشيئاً على حسب حدوث الزمان، فكان الإبراء منها إسقاطاً لواجب قبل الوجوب، وقبل وجود سبب الوجوب أيضاً، وهو حق الاحتباس. وقد نصت عليه المادة (79) من القانون السوري: (النفقة المفروضة قضاء أو رضاء لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء).
3 ـ موت أحد الزوجين: لو مات الرجل قبل إعطاء النفقة، لم يكن للمرأة أن تأخذها من ماله، ولو ماتت المرأة لم يكن لورثتها أن يأخذوا نفقتها.
4 ـ النشوز: هو معصية المرأة لزوجها فيما له عليها مما أوجبه له عقد الزواج، كما لو امتنعت من فراشه، أو امتنعت من الانتقال معه إلى مسكن يليق بها، أو خرجت من منزله بغير إذنه، وعند الحنفية: النفقة التي تسقط بالنشوز أو الموت هي النفقة المفروضة، لا المستدانة في الأصح.
7 ـ 2: سقوط نفقة الأقارب:
تسقط نفقة الأقارب للولد والوالدين وذي الأرحام في رأي جمهور الفقهاء بمضي المدة؛ لأنه إذا مضى زمنها استغني عنها، فإذا قضى القاضي بالنفقة للأقارب، فمضت مدة شهر فأكثر، فلم يقبض القريب ولا استدان عليه حتى مضت المدة، سقطت النفقة؛ لأن نفقة الأقرباء تجب سداً للحاجة، فلا تجب للموسرين، فإذا مضت المدة ولم يقبضها المستحق، دل على أنه غير محتاج إليها، إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة على المنفق عليه. [بدائع الصنائع 4/38 ط المكتبة العلمية، بيروت، والمهذب للشيرازي 2/167 ط عيسى الحلبي، وشرح منتهى الإرادات 3/256 ط دار الفكر].
وقال المالكية: تسقط نفقة الأبوين أو الأولاد بمرور الزمن إلا أن يفرضها القاضي، فحينئذ تثبت. [القوانين الفقهية لابن جزي 1/193 ط دار الفكر].
أما سقوطها بالموت بعد وجوبها، فقد اختلف الفقهاء على قولين:
أحدهما: للجمهور، وهو أن نفقة الأقارب تسقط بموت من وجبت عليه قبل أدائها لمستحقها؛ لأنها صلة، والصلات تبطل بالموت قبل التسليم، إلا إذا فرضها القاضي وأمر باستدانتها عليه، ففعل المستحق، فعندئذ تصير دَيناً في ذمة مَن لزمته، ولا تسقط بموته قبل الأداء، بل تؤخذ من تركته كسائر ديون العباد، حيث إنها تأكدت بفرض القاضي وأمره بالاستدانة. [شرح فتح القدير على الهداية 4/425 ط الفكر، وتحفة المحتاج بشرح المنهاج 8/349 ط دار إحياء التراث العربي، وشرح منتهى الإرادات 3/257 ط دار الفكر].
الثاني: للمالكية، وهو أن متجمد نفقة الأقارب يسقط بموت من لزمته قبل أدائها إلا إذا قضى بها قاض، أو أنفق شخص على من وجبت له غير قاصد التبرع عليها بها، وكان من وجبت عليه موسراً، فعندئذ تصير دَيناً في ذمته، ولا تسقط بموته قبل الأداء، بل تؤخذ من تركته كسائر الديون الثابتة للآدميين. [شرح مختصر خليل للخرشي 4/204 ـ 205 ط دار صادر].
مراجع بحث النفقة الشرعية
- أسنى المطالب شرح روض الطالب ط دار الكتاب الإسلامي.
- الإنصاف للمرداوي ط إحياء التراث العربي.
- البجيرمي على الإقناع ط مصطفى الحلبي.
- البحر الرائق شرح كنز الدقائق ط دار الكتاب الإسلامي.
- بدائع الصنائع ط المكتبة العلمية، بيروت.
- التاج والإكليل شرح مختصر خليل ط دار الفكر.
- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ط دار الكتاب الإسلامي.
- تحفة المحتاج بشرح المنهاج ط دار إحياء التراث العربي.
- حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ط دار الفكر.
- حاشية الصاوي على الشرح الصغير ط دار المعارف.
- حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي ط عيسى الحلبي.
- الحاوي الكبير للماوردي ط دار الفكر.
- رد المحتار على الدر المختار ط إحياء التراث.
- رد المحتار على الدر المختار ط دار الفكر.
- روضة الطالبين للنووي ط المكتب الإسلامي.
- سنن أبي داود.
- سنن البيهقي.
- سنن الدارقطني.
- سنن النسائي.
- شرح فتح القدير على الهداية ط الفكر.
- شرح مختصر خليل للخرشي ط دار صادر.
- شرح منتهى الإرادات ط دار الفكر.
- صحيح البخاري.
- صحيح مسلم.
- العناية شرح الهداية بهامش فتح القدير ط إحياء التراث.
- العناية شرح الهداية بهامش فتح القدير ط الفكر.
- الفتاوى البزازية بهامش الهندية ط الفكر.
- القانون السوري.
- القوانين الفقهية لابن جزي ط دار الفكر.
- الكافي لابن قدامه ط المكتب الإسلامي.
- كشاف القناع ط دار الفكر.
- المبدع شرح المقنع ط المكتب الإسلامي.
- مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر طبع دار إحياء التراث العربي.
- المصباح المنير.
- مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين ط دار الفكر.
- المغني المطبوع مع الشرح الكبير ط الكتاب العربي.
- المغني لابن قدامة ط مكتبة القاهرة.
- المغني لابن قدامة ط هجر.
- منح الجليل شرح مختصر خليل ط دار صادر.
- المهذب للشيرازي ط عيسى الحلبي.
- مواهب الجليل بشرح مختصر خليل ط دار الفكر.
- نهاية المحتاج ط مصطفى الحلبي 1357هـ.
- الهداية بأعلى فتح القدير ط الأميرية – بولاق.
- الهداية شرح بداية المبتدى بأعلى شرح فتح القدير ط الفكر.
عدد القراء : 1605