التكامل الإقتصادي الإسلامي خيار استراتيجي للعالم الإسلامي
التكامل الإقتصادي الإسلامي
خيار استراتيجي للعالم الإسلامي
علاء الدين زعتري([1])
لن أدعي أن آتي بجديد في مجال بحث التكامل الاقتصادي، فقد قدمت عدة دراسات عن تكامل العالم الإسلامي، منها على سبيل المثال: كتاب (صيغة مقترحة للتكامل الاقتصادي بين بلدان العالم الاسلامي: اختيارات وبدائل) ([2]).
ومن الدراسات المهمة ما أعده المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية بعنوان: The Theory of Economic Integration And Its Relevance To
Oic Members Countries([3]).
وما هذه القراءة ما هي إلا تأكيد على ماسبق، وضم البحث إلى البحث، وتضافر الجهود العلمية الواعية إلى تحقيق الآمال والتطلعات.
وعلى الرغم منا يحتويه الإسلام من مبادئ سامية، وقيم عليا، وما يتضمنه من نصوص دافعة التوحد والتكامل والتقدم، وأخرى مانعة محذرة من الفرقة والأحادية والتخلف؛ فإن واقع المسلمين يحكي الخلاف النظريات، ويعكس حالة مزرية؛ لا تسر صديقاً، ولا تجعل العدو حاسداً.
وفي الآونة الأخيرة تعددت الأوصاف للمرحلة الراهنة على الصعيد الاقتصادي، فأطلقت على هذا الزمان أسماء، مثل: عصر التكتلات الاقتصادية، عصر الاتصالات، عصر العولمة، وغيرها من الأوصاف التي توحي بأن العالم متجه نحو الاندماج في شكل مجموعات متراصة تربطها مصالح اقتصادية، بأين موقع العالم الإسلامي من هذه التجمعات؟
فقارة أمريكا الشمالية بأكملها قاب قوسين أو أدنى من تشكيل اتحاد كامل يمكن أن يشكل مع الاتحاد الأوروبي كتلة غربية مهولة من حيث القوة الاقتصادية والتقنية العسكرية، يقابلها من الناحية الأخرى كتلة شرقية مهولة يمكن أن تتشكل قريباً تضم الأعداد الرهيبة من السكن الصينيين واليابانيين والكوريين ذوي الفكر والثقافة والتاريخ والاقتصاد والتراث الواحد، والذين يتمتعون بمعدلات نمو اقتصادية غير عادية، فأين موقع المسلمين في خارطة التكتلات؟
فالعالم ينقسم انقساماً اقتصادياً حاداً له مدلول واضح، فالدول الغنية تمثّل نحو ربع سكان العالم وهي تملك أكثر من ثلاثة أرباع إجمالي الدخل العالمي.
في حين أن الربع الباقي من الدخل العالمي يعيش عليه ثلاثة أرباع سكان العالم، ومن بين دول العالم النامي توجد دول شديدة الفقر تعيش على حدِّ الكفاف.
وفي حين أن قسماً من الدول الإسلامية قد تمتلك من مصادر الثروات الطبيعية ما يزيد على ما تمتلكه بعض الدول الغنية، إلا أن الفقر هو السمة البارزة للمجتمعات الإسلامية.
وبين الكثرة الفقيرة والقلة الغنية ترتفع الأصوات المنادية بالاعتصام بالقرآن الكريم، والعمل بشريعاته؛ الداعية إلى التكافل والتكامل.
نماذج من التكامل:
إن التكامل الاقتصادي الإسلامي ضرور ةشرعية، فقد وصف الله سبحانه وتعالى الأمة الإسلامية بأنها أمة واحدة وأمرها بعبادته سبحانه وتعالى قال الله تعالى: (إنّ هَذهِ أمَّتكم أمَّة واحدة وأنا ربُّكم فاعبدون) (الاأنبياء/ 92) . وقال الله تعالى: (وإنَّ هذهِ أمَّتُكم أمَّة واحدةً وأنا ربُّكم فاتَّقون) (المؤمنون/ 52).
فهل أصبحت الحياة الأولى للمسلمين قصص تاريخية خيالية لا صلة لها بالواقع، أم ما زال بريقها وألقها يتلألأ؛ داعياً المسلمين للعمل بالتوجيهات القرآنية والنبوية، ولتكون حياة أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قدوة تحتذى، ومثالاً يقتدى به!!؟
الإخوة الإيمانية:
يوم أن قال رسول الله(ص): (تآخوا في الله أخوين أخوين)، واختار الرسول الاعظم أخوة من فيه خلقه وخُلُقه: الإمام علي (ع).
الأوس والخزرج:
ويوم أن عرض أهل المدينة (الأنصار) أموالهم على القادمين من مكة (المهاجرين)، بجعلها الصفة، فكان التوجيه النبوي بأن تبقى ملكية الأراضي والأصول لأصحابها، وأما المهاجرون فيكونون شركاء في العمل؛ أليس هذا ه والتخصص وتقسيم العمل على طريقة الأقوياء الشركاء، والأبناء الأصفياء، وليس الأعداء الألداء على طريقة النظم المعاصرة بأن يكون العامل أجيراً قد يصل به الحال الى العمل ولو بأقل من الكفاف!!؟
هذا الفعل الرائع: ألم تكن له دوائر واسعة الانتشار، وانعكاسات صالحة الاستمرار؟، ألم يكن بالقوة الكافية لإحداث الاتساع بالفكرة عبر الزمان والمكان، كجسم صلب يُلقى في الماء فُيحدث دوائر = كلما بعدت عن المركز؟!!، أم يحلو القول بأن تلك الحالات كانت طفرة في عمر البشرية ستكرر، وأن الجسم لم يكن بتلك الصلابة لإحداث دوائر واسعة؟، وهو قول باطل يوصل إلى نتائج باطلة؟ بوصف الإسلام بالمحدودية.
هل اختلفت النصوص الدافعة والمانعة وتغيرت، أم تنافرت عقول الأتباع وتبدلت؟
مّن ذا الذي فَرَّغ النصوص الإسلامية من محتواها؟ ، ومَن ذا الذي يغيبها عن ساحة الوقائع المتعددة في كل عصر وأوان، وفي كل زمان ومكان؟
ومن جهة أخرى فليس أضرّ على المسلمين في هذا الوقت من ابتعادهم عن نظام الإسلام الشامل ومنهجه الرباني المتكامل، ذاك النظام الذي يبتعث كوامن الحياة ودوافع العمل، ورعاية المصلحة في الأمة بأكثرها، وينفذ إلى لباب مشكلات الحياة عملاً للوصول إلى السعادة في الدنيا، والفلاح في الآخرة.
إن التعاون الاقتصادي بين دول العالم الإسلامي ليس خياراً مطروحاً على مجالس الشورى والبرلمانات للحوار حول أهميته وضرورته، وللتصويت عليه، والأخذ به في حال الاقتناع، أو نبذه في حال الاختلاف، وليس التعاون الاقتصادي المنشود بين دول العالم مجرد مظهر من مظاهر التضامن، بل أمر وجود وعدم، قضية حياة أو موت، وهو أمر حتمي تفرضه وقائع الدهوروحوادث الأيام.
فالتجمعات الاقتصادية الكبرى التي يشهدها عالم اليوم، والتكتلات الاقتصادية العالمية قد لا تجمع موادها إلا المصالح المادية المشتركة، بعيداً عن القيم الأخلاقية، والمثل العليا، والأحكام الدينية؛ فما بالك بعالم تلفه – بالإضافة إلى تلك المصالح الاقتصادية – مبادئ رفيعة، وقيم سامية؛ ربانية المنهج، إنسانية السرعة؛ من أجل تحقيق الأهداف الكبرى؛ سعادة الإنسان، وإرادة الخير له.
وإن حالة التكامل المنشودة لا تتحقق بالدعوات والصلوات، والأمنيات والشعارات، ولا استنزاف المزيد من الثروات، ولا بـإضاعة الوفير من الموارد الطبيعية والخيرات؛ بل تتم عبر أًجنحة العلمية الشاملة المستدامة؛ بنفخ الروح الإيمانية فيها، والتغلب على الصعوبات والشدائد، وتجاوز المحن والمصائب، للإقلاع بطائرة التكامل، والإبحار بسفينة النهضة.
تاريخ الحديث عن التكامل الاقتصادي في العصر الحاضر:
بداية الجهود الجادة والصياغة الرسمية لأفكار التعاون بين البلدان الأعضاء في المنظمة كانت مؤتمر القمة الإسلامي الثالث الذي عقد في مكة المكرمة – الطائف في يناير 1981م؛ حيث تبنى في بيانه الختامي الخطة العمل لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء (وقد حددت هذه الخطة المكونة من عشرة فصول قطاعات ومجالات التعاون من حيث الأهداف، والمبادرات الهامة والسياسات المقترحة من أجل العمل المشترك. غير أن صياغة برامج العمل والمقترحات الملموسة لم تبدأ إلا بعد تأسيس اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري لمنظمة المؤتمر الإسلامي (كوميسك) في 1984 بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة الاسلامي الرابع في الدار البيضاء([4]).
الواقع الاقتصادي للأقطار الإسلامية:
من خصائص الوضع الاقتصادي للعالم الإسلامي أنه متخلف، وإنجازاته التنموية متواضعة، مع تشابه النوعي في مشاكله.
ومن مفارقات الزمان وترهات العصر، والمضحك المبكي في الفكر: أن الدول الغربية تستورد المواد الخام من الدول الإسلامية بأسعارزهيدة، وتستثمر في تصنيعها أموال المسلمين، ثم توزع منتجاتها الدول الإسلامية بأسعار باهظة؛ فمكاسبها ثلاثية مكعبة.
إّذ تشكل صادرات العالم الإسلامي في الأغلب والأعم السلع الخام غري المصنعة ونصف المصنعه تباع بأسعار زهيدة، لتبقى دول العالم الإسلامي مستودعاً وتابعاً للدول الصناعية، وفي الوقت نفسه عالـماً مستهلكاً، وبذلك تزيد الفجوة بين العالمين بين العالم الإسلامي المستهلك، والعالم الصناعي المنتج لتلك التقنية والثروة.
وهذه بعض مظاهر الاقتصاد في العالم الإسلامي.
1ـ الفقر وانخفاض الدخول: يشكل الفقر وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي سمة بارزة في معظم الأقطار الإسلامية – عدا بعض الدول المصدرة للنفط.
فالمسلمون يجمعون التناقضات؛ فترى بعضهم يعيش في ترف وإسراف ،وآخرون يعانون من التضخم والبطالة، وعلى مستوى الدول ترى ضعف الهياكل الاقتصادية.
وبلغة الأرقام: فإنه مما لا فيه شك أن أغلب الدول الإسلامية تعتبر من الدول النامة، وكثير منها من الدول الأشد فقراً، والذي ينظر إلى خريطة العالم يجد الدول الإسلامية كلها في آسيا وأفريقيا وهي من دول العالم الثالث، حيث تبلغ نسبة السكان تحت خط الفقر في العالـــــــم الإسلامي 37%، أعلاها توجد في سيراليون (68%) تليها غامبيا (64%)، ثم أوغندا (55%) ، وهو ما يعادل 405 ملايين نسمة من المسلمين، وتبلغ نسبة المسلمين إلى فقراء العالم 39%([5]).
ويبلغ معدل حصة الفرد الواحد من الناتج المحلي الإجمالي 3934 دولارا، أعلاها في الكويت (700،22 دولار)، تليها الإمارات العربية المتحدة (400،17 دولار)، ثم قطر (100،17 دولار). أما أد أدناها ففي سيراليون (530 دولارا)، يليها الصومال (600 دولار)، ثم جزر القمر (700 دولار) ([6]).
2- هيكل التجارة الخارجية واتجاهاتها: للتجارة الخارجية دور مهم في حياة الأمم.
ويُلاحظ في دول العالم الإسلامي: سيطرة السلع الأولية في سلم الصادرات، مثل: الوقود ، والمعادن، والمنتوجات الزراعية، وأن اتجاه التصدير إلى الدول الصناعية الكبرى.
ويضاف إلى ذلك: ضعف التبادل التجاري بين الدول الإسلامية نفسها، ومرده إلى : اختلاف السياسات الاقتصادية العامة: وتشابه الإنتاج، وضعف التنوع في الاقتصاد، وتخلف البنية التحتية.
فالتجارة الإسلامية البينية لا تتجاوز 10% من مجموع التجارة بين المسلمين والدول الصناعية([7]).
3- انخفاض نسبة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي: إن التنمية الصناعية تعتبر الطريق والأساس الوحيد للإفلات من التبعية الاقتصادية، وهي وسيلة لزيادة فرص العمل المنتج وتوليد دخل أعلى، ورغم ذلك فلا تزال جميع الدول الإسلامية متخلفة صناعياً.
فحصة قطاع الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي: 30%([8]).
4- ارتفاع حجم المديونية الأجنبية، وازدياد أعباء خدمتها: دخلت كل الدول الإسلامية نادي المديونية، واستمرار ذلك يشكل مصدر تهديد للأمن الاقتصادي والاجتماعي لسرعة تراكمها على مر الأعوام.
5- أزمة الغذاء: بالرغم من أهمية القطاع الزراعي في اقتصاديات البلدان الإسلامية إلا أن العجر عن تلبية الطلب المحلي المتزايد على السلع الغذائية جعل معظم الدول الإسلامية تصبح منطقة عجز غذائي كبير ومتزايد، ولاسيما في السلع الاساسية، والاستراتيجية التي لا غنى عنها مثل القمح.
وهي تنفق مبالغ كبيرة لاستيراد تلك الموارد، الأمر الذي يشكل استزافاً لإقتصاد الدول الاسلامية، إضافة إلى التبعية الغذائية للدول المتقدمة المصدرة للغذاء.
6- أزمة المياه: يعتبر مورد المياه من المقومات الأساسية للتنمية، وتتركز مشكلة المياه في الأقطار الاسلامية بسبب توزيعها غير المتكافئ، فهوبين توفره بشكل كاف في بعض الأقطار إلى ندرة شديدة في الآخر، وما يترتب على ذلك من جفاف وتصحر.
7- الإنفاق العسكري: إن التسلح والإنفاق العسكري والخسائر الباهظة التي تسببها الصراعات العسكرية (الإسلامية) قوضت استجابة الحكومات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، في عالمنا الاسلامي غلّب مفهوم (الأمن) في إطاره الضيق على مفهوم التنمية الشاملة.
8- تتجلى أزمة التعليم في: غياب فلسفة تربوية واضحة المعالم، وانتشار الأمية، والوضع المعيشي للمرأة المسلمة، والاهتمام بالتعليم النظري دون التلعيم الفني، وهجرة العقول المسلمة، وهل من ــ بين مخرجات التعليم وأسواق العمل؟، وبالأرقام فإن نسبة التعليم في دول العالم الإسلامي 2،63%، أما معدل الإنفاق على التعليم من الناتج القومي الإجمالي فهــو 4%فقط([9]).
9- وسائل الاتصال: إن معظم الدول الإسلامية تعاني من قصور فاضح في الاتصالات والموصلات، وذلك إذا قورنت بالدول الصناعية.
حقائق في أرقام وآمال جسام:
تصنف الأمم المتحدة سنوياً دول العالم في ثلاثة مستويات تنموية وفقاً لمجموعة كبيرة من المؤشرات، وتتراوح قيمة التصنف بين(1 وصفر)، وتقع 31 دولة إسلامية في مجموعة مستوى التنمية المتوسط (5، 0 – 8، 0)، فيما تقع 20 دولة في مجموعة مستوى التنمية المنخفض (أقل من 45،) وتتمتع خمس دول فقط بمستوى تنمية مرتفع، وهي: بروناي (0،889)، البحرين (0،872) ، الامارات (0،855) ، الكويت 0،848)، قطر (0،840) ([10]).
يبلغ الناتج المحلي الإجمالي([11]) في العالم الإسلامي 3483 مليار دولار للعام 1999م. وأعلى بلدان العالم الإسلامي من حيث ناتجها المحلي الإجمالي هي إندونيسيا (602 مليار دولار)، تليها تركيا في 425 مليارا)، ثم إيران (340 مليارا). أما أقلها فهي جزر القمر (410 ملايين)، تليها المالديف (540 مليونا) ([12]).
العالم الإسلامي؛ مؤشرات رقمية([13]):
32 مليون كم 2 |
المساحة الإجمالية |
1 |
3،11% |
نسبة الأراضي الزراعية |
2 |
658 الف كم 2 |
مساحة الأراضي المروية |
3 |
883، 441، 361، 1 |
سكان العالم الإسلامي |
4 |
2،2% |
متوسط نسبة النمو السكاني |
5 |
3483 مليار دولار |
الناتج المحلي الإجمالي |
6 |
3934 دولار |
حصة الفرد الواحد من الناتج المحلي الإجمالي |
7 |
24% |
حصة قطاع الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي |
8 |
30% |
حصة قطاع الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي |
9 |
46% |
حصة قطاع الخدمات من الناتج المحلي الإجمالي |
10 |
37% |
نسبة السكان تحت مستوى خط الفقر |
11 |
14% |
معدل التضخم |
12 |
395 مليون نسمة |
حجم القوى العاملة |
13 |
2،19% |
نسبة البطالة |
14 |
431 مليار دولار |
حجم الواردات |
15 |
358 مليار دولار |
حجم الصادرات |
16 |
ومن جهة أخرى: فإن العالم الإسلامي يمتلك مزايا تؤهله لتحقيق الوحدة الاقتصادية، وفي مقدمتها: الدين الحنيف الذي ارتضاه الله لهذه الأمة، والموقع الجغرافي والاقتصادي، والموارد البشرية الهائلة، والثروات الطبيعية الضخمة.
فبلاد الإسلام تشتمل على معظم خيرات الدنيا من مواد أولية، ومعادن وكنوز بكافة ألوانها، بالاضافة إلى الرصيد الحضاري الذي يشكل قاعدة راسخة للثقة والاعتزاز والفخار، والانطلاق والنهوض.
فدول ذات فائض نقدي، ودول ذات برة تقنية، ودول ذات عمالة بشرية، ودول ذات مساحات قاطعة، ودول ذات مياه غزيرة.
وبلغة الأرقام: تمتلك دول العالم الإسلامي ثروات استراتيجية؛ أهمها: النفط، والغاز، والزراعة وثروات معدنية، مثل: الحديد، والنحاس، والفوسفات وغيرها.
حيث يختزن ثلثي الاحتياطي العالمي من النفط، و5\22% من الاحتياط العالمي للغاز، وينتج 9 من إنتاج العالم من الحديد، ويبلغ إنتاجه 5% من سوق النفط العالمي مبيعاً، ويشكل النفط العربي 65% من احتياجات أوربا و 80% من احتياجات اليابان و15% من احتياجات الولايات المتحدة ([14]).
المعقوات عن مواكبة الحياة:
ــ تخلي المسلمين عن منهج خالق الكون والحياة.
ــ ضعف المسلمين في مواجهة الأعداء.
ــ حالة التفرق والتشرذم، والتشتت والتخلف.
ــ التبعية بكل أشكالها؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ــ هيمنة قوى الاستقواء على مناطق العالم الإسلامي.
ــ الأطماع الاقتصادية المتزايدة في ثروات المسلمين.
ــ استنزاف خيرات الأمة بفرض سياسات اقتصادية ربوية.
ــ محاصرة الأمة الإسلامية بالديون المتراكمة عبر عقود من الزمان.
مواجهة التحديات والموقف من العولمة:
إن عصر العولمة الذي نعيش فيه هو عصر التكتلات الاقتصادية ولم يعد أمام المسلمين مفر من مواجهة هذه الحقيقة.
وليس من الحكمة أن تقف أقطار العالم الإسلامي مكتوفة الأيدي إزاء ظاهرة العولمة، بل يجب أن تأخذ بالأسباب لمواجهة سلبياتها بالموضوعية قبل فوات الأوان، ويرى الكاتب أن هناك حاجة لإعطاء اولوية عليا للجوانب الآتية:
1ـ نحو مشروع حضاري إسلامي: في ضوء التحديات والمستجدات التي يشهدها العالم فإنه لا خيار للدول الإسلامية في المرحلة المقبلة سوى الاعتماد على الذات وصياغة مشروع مستقبلي قادر على تهيئة الجهود، وإعادة الديناميكية إلى الأمة ومؤسساتها، وتعزيز لحمة التكامل الاقتصادي والتنموي بين اقطارها، ويهدف المشروع إلى تكوين الشخص المسلم الذي يفقه الدين ويفهم العصر، ولا يكون ذلك الا بتعميق الإيمان وصدق العطاء.
والمشروع الحضاري يحتاج إلى الوعي لدى جماهير الأمة الإسلامية بأهمية النهضة للعالم الإسلامي، وهذا يتطلب ضرورة العمل الجاد على محو الأمية في العالم الإسلامي.
فالعلم هو سلاح العصر والذي يملك العلم يملك القوة، ومن هنا فلا مفر أمام المسلمين من الصلح بالعلم الذي هو فريضة إسلامية لا يجوز التفريط فيها.
2- التكامل الاقتصادي: فدول العالم الإسلامي لا تستطيع مواجهة متطلبات العولمة اعتمادا على الإمكانات القطرية، فالترابط والكتامل الاقتصادي الإسلامي أصبح قضية مصيرية.
ولكن من المحزن حقاً أن نرى حماس الدول الإسلامية للتكتل والاندماج يضعف ويخبو في الوقت الذي أصبح فيه الاندماج والتكتل سمة العصر.
إن التكتل المنشود يحتاج إلى إرادة قوية، وشعور جماعي بالأخطار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه المسلمين، والتي تتعاظم في ظل تدني مستوى التعاون بين الدول الإسلامية، وفرض سياسات العولمة على الأمة الإسلامية.
3- ضرورة التنمية البشرية: فالعنصر البشري ركيزة كل تقدم علمي وتكنولوجي قديماً وحديثاً وللتنمية البشرية جانبان:
الأول: تشكيل القدرات البشرية مثل تحسين الصحة والمعرفة والمهارات.
الثاني: انتفاع الناس بقدراتهم المكتسبة في المجالات الشخصية.
4- الشفافية ومحاربة الفساد: لقد أخذ الفساد يستشري في كثير من دول العالم الإسلامي، وبات أمراً عادياً وليس وضعاً شاذاً أقرب إلى الاستثناء.
وللفساد آليتان رئيسيتان هما:
1ـ العمولة لتسهيل عقد الصفقات.
2- وضع اليد على المال العام، والمحسوبية، أي تحويل الموارد الحقيقية من المصلحة العامة إلى أصدقاء الحاكم السياسيين.
وبعد الفساد الإداري أحد أهم المشاكل التي تعاني منها دول العالم الإسلامي، وقد صنفت مؤسسة الشفافية الدولية التي يشرف عليها البنك الدولي 85 دولة حسب مدى انتشار الفساد في سلم تنازلي من 10 (الأكثر نزاهة) إلى صفر (الأقل نزاهة). ووفق هذا السلم فإن أكثر الدول الإسلامية نزاهة جاءت في موقع متوسط، واعتبرت ماليزيا من بينها الاكثر نزاهة وحصلت على 53 نقاط، تلتها تونس (50 نقاط)، ثم الأردن (47 نقاط)، أما أقل الدول الإسلامية نزاهة فهي نيجريا وحصلت على 19 نقطة ، ثم اندونيسيا (نقطتان) ثم باكستان (27 نقطة) وللمقارنة: جاءت الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة السابعة عشرة بمجموع 75 نقاط، أما إسرائيل فقد جاءت في المرتبة التاسعة عشرة بمجموع 71 نقاط([15]).
الارتقاء باقتصاد الأمة:
بعيداً عن المرض والالم، وبنظرة إلى إستشراف المستقبل ووجود الامل، أقول:
إن جوانب القوة الاقتصادية لاتزال موجودة لو أحسن المسلمون توظيفها، وأدركوا التحديات التي تواجههم.
فالسبيل الأفضل للنهوض بالأمة الإسلامية وباقتصادات المسلمين: هو إجادة الإستفادة من الموانع البشرية الموجودة والاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية المتاحة، والتوظيف الأمثل في تعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول الإسلامية.
فالتكامل يتيح ظروفاً أفضل لجميع الدول؛ من خلال تجميع القوى الفاعلة، وتوحيد الطاقات العاملة، والاستفادة المثلى من الثروات، والمحافظة على الموارد المتاحة في أقصى حدودها.
ولابد من الإيمان بمرحلية التكامل، عبر التكاملات الثنائية والتكتلات الإقليمية، وما حالة أوربا لنا ببعيد، إذ قضت خمسين عاماً منذ الحرب العالمية الثانية وهي في طريقها للتكامل والتوحد الاقتصادي .
أما الانتظار حتى يتم التكامل الشامل معاً؛ فإنه سيدفع إلى مزيد من التخلف والانحدار. ومن المفيد أن يُبدأ العمل التكاملي في الآونة الراهنة بتعزيز ودفع خطى التجمعات الإقليمية العربية الراهنة، كتجمع الوحدة الاقتصادية العربية (السوق العربية المشتركة)ومجلس التعاون الخليجي، والاتحاد المغاربي، ودول جنوب شرق أسيا، وتجمع الوحدة الاقتصادية الإسلامية؛ لتكون كل منها نواة يتوافر لها التجامع أولاً، كتجارب تجمع بين دول متقاربة في الظروف والأحوال والمصالح وغالباً متجاورة جغرافياً.
وعلى ذلك تنتهج هذه الدول الأطراف فهي تلك التجمعات الإقليمية الجزئية لبلدان إسلامية النهج تتجه نحو التكامل الاقتصادي الإنمائي، الذي يقوم على أسس من الإخاء والتعاون، فضلاً عن التزام مبادئ وتوجيهات الإسلام الحنيف؛ حيث تعلو تلك الأسس والمبادئ على أي مقتضيات أو اعتبارات قومية أو عرقية أو اقتصادية أو جغرافية، أو حتى اعتبارات طائفية أو مذهبية.
فتعتنق كل من تلك التجمعات أو التكتلات الإقليمية فكرة السعي الحثيث نحو تكامل اقتصادي اسلامي شامل في الأجل الطويل، مما ينبغي معه أن تلتزم تلك التكتلات بالتنسيق المشترك فيما بينها من أجل بلوغ ذلك الهدف البعيد.
ومن هذا المنطلق افتتحت قمة الثماني الدول الإسلامية الاعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي وسط آمال عريضةمن مستثمري بلدان القمة، في دفع الاستثمارات المشتركة، وزيادة حجم التبادل التجاري والدول الأعضاء([16]) تتمتع بثروات طبيعية فضلاً عن موارد بشرية تتمثل بنحو 800 مليون نسمة يشكلون نسبة 5ر12% من مجموع سكان العالم، وإجمالي الناتج القومي يمثل نحو نصف مجموعة منظمة المؤتمر الإسلامي. ويشار إلى أن حجم تجارة دول المجموعة مع العالم بلغ مايزيد على 400 مليار دولار، فيما لا تزيد نسبة التجـــــــارة البينية في مابينها عن حوالي 1% من هذا الحجم. وتتمتع دول المجموعة بنحو 88ر2% من حجم الصادرات الدوليةو 5ر4% من حجم الواردات الدولية([17]).
وحيث إن ماليزيا تتصدر دول المجموعة من حيث الصادرات والتي بلغت 5ر84 مليار دولار عام 1999م، في حين بلغت الواردات 5ر75 مليار دولار. وجاءت إندونيسيا في المرتبة الثانية من حيث الصادرات بقيمة 3ر75 مليار دولار خلال نفس العام، ثم تركيا بقيمة 7ر37 مليار دولار، تليها إيران بقيمة 2ر15 مليار دولار، ونيجريا 7ر11 مليار دولار، وباكستان 4ر8 مليار دولار، ثم بنجلاديش 5ر4 مليار دولار، وأخيراً مصر 5ر3 مليار دولار، مع ملاحظة أن هذه الصادرات سلعية ولا تتضمن الصادرات البترولية ([18]).
كما حصل تكتل آخر يتكوّن من سبع دول عربية متوسطية، وهي المغرب وموريتانيا، الجزائر، ليبيا، مصر، الأردن، و3 مندوبون من سوريا ولبنان وفلسطين. وسميت إعلان أغادير لإقامة منطقة للتبادل الحر بين الدول العربية المتوسطية([19])، ومن تجمعات التكامل الإقليمية الفرعية التي تضم بلداناً من العالم الإسلامي: اتفاقية التجارة التفضيلية لشمال أفريقيا([20]).
وأما التجمعات الاقتصادية من خارج المنظمة التي تشارك فيها بلدان أعضاء في المنظمة فهي تشمل: رابطة أقطار جنوب شرق آسيا، والاتحاد الاقتصادي الأفريقي، والاتحاد الاقتصادي لدول غرب أفريقيا، والاتحاد الاقتصادي لغرب أفريقيا، واتحاد نهر مانو، ومنطقة التجارة التفضيلية لدول الشرق والجنوب الأفريقي، ورابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي([21]).
ومن الملاحظ أن كل دول التكتلات اتخذت من منظمة المؤتمر الإسلامي محوراً ومرتكزاً لتنسيق الجهود نحو تحقيق الوحدة الإسلامية الشاملة، وتقوية أواصر التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية مجتمعة، وبالتالي تصبح أكبر وأشمل تجمع دولي بين بلدان العالم الإسلامي في الوقت الحاضر.
وإن حاجة الأمة الإسلامية اليوم إلىقليل من العمل أكثر من حاجتها إلى كثير من القول.
إصلاحات داخلية في كل بلد إسلامي
ومن آليات العمل المرحلي لعملية التكامل الاقتصادي الإسلامي الكلي، أقول: لابد أن يمر العمل أولاً بـإصلاحات داخلية ضمن البلد الواحد لبناء القدرة الذاتية، وحل المشاكل التي يعاني منها المجتمع في اقتصاده.
وتتجلى الإصلاحات الداخلية – والتي يمكن تنفيذها بالإمكانات الذاتية – بما يأتي:
1ــ إصلاح النظام التعليمي بحيث يسعى إلى تخريج قوة العمل التي يحتاجها تطوير الاقتصاد، وتشجيع البحث العلمي التخصصي.
2ــ تشجيع القطاع الزراعي والمزارعين للاهتمام بكل شبر يصلح للزراعة، والاستفادة من المنتجات الزراعية من أجل الاستهلاك النهائي أو التصنيع الزراعي.
3- تشجيع القطاع الخاص الصناعي لإنتاج احتياجات المجتمع دون أن تكون هناك فروع لماركات أجنبية تعتمد في جميع موادها أو أكثر المواد على البلدان الأجنبية وعلى ما يملك الوطن من عملات أجنبية.
4- تدعيم البناء الهيكلي للبلد؛ من طرق وسكك حديد وجسور وسدود ومحطات توليد طاقة ووسائل نقل ومواصلات حديثة وأجهزة اتصالات جوالة وحاسبات آلية متطورة متصلة بالشبكات العالمية.
5- تطوير قنوات الادخار لتحقيق تراكم رؤوس الأموال اللازمة لتحقيق التنمية.
6- تطوير قنوات تمويل الاستثمارات وإيجاد الحلول الآمنة لها.
7- بناء قاعدة بيانات ومعلومات إحصائية حديثة دقيقة وشاملة عن السواق المحلية والأسواق المجاورة؛ لتسهيل التبادل التجاري.
8- تشجيع العمل في القطاع المشترك؛ الجمع بين القطاع العام والخاص؛ لتقريب الفجوة بين الحكومات والشعوب، والدولة والمجتمع.
9 – وضع إمكانات جميع أجهزة الدولة لتسهيل أعمال القطاعات والأنشطة الاقتصادية.
10- السعي إلى تطوير العمل الإداري وإلغاء تكرار الأعمال وكثرة المراجعات والتوقيعات.
11- الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي نجحت في حل بعض المشكلات العالقة.
إصلاحات إقليمية:
لابد لَمن يسعى إلى التكامل الاقتصادي من أن يبحث عن شركاء تجاريين وعلميين من بلدان العالم الإسلامي وفق السياسات الآتية:
1ـ تنسيق الخارطة الزراعية للبلدين؛ بحيث يتولى كل بلد زراعة عدد من المحاصيل التي تناسب الأرض والإنسان والمناخ، ومن ثـَمَّ يتم تبادل الإنتاج الزراعي بين البلدين بدون أي رسوم، وبأسعار تنافيسة، وأن تكون تسوية فروق المدفوعات بالحساب الجاري دون الاضطرار للتعامل بالنقد الأجنبي.
2- توزيع التوطن الصناعي بين البلدين، وتتم عملية تبادل الإنتاج الصناعي دون رسوم جمركية، وبأسعار تنافسية، وأن تكون تسوية فروق المدفوعات بالحساب الجاري دون الاضطرار للتعامل بالنقد الأجنبي.
3- السماح للمثلين التجاريين والإعلاميين ورجال الدعاية بالتحرك بحرية في أسواق البلدين للتحضير للصفقات، والدعاية للمنتجات دون أي عائق.
4- السماح للأفراد من العمال والخبراء والطلاب والباحثين العلميين من الدخول والإقامة بين البلدين دون أي عائق وبأسهل الإجراءات القنصلية وفي المطارات وفي الأجهزة الأمنية.
5- الاتفاق على منع الغش التجاري والتلاعب المالي والاحتيال بشتى الطرق مع إمكاية تأسيس مكاتب مشتركة للمراقبة والفحص، (نظام الحسبة والإشراف على الأسواق).
6- الامتناع عن الاقتراض لأي سبب كان ووفق أي شروط كانت، فإما أن تستلم الدول الفقيرة مساعدات مجانية، أو تحاول إصلاح نظامها الاقتصادي لتأمين الاكتفاء الذاتي من مواردها المتاحة.
7- تبادل الخبرات الزراعية والصناعية والمهنية والفنية، وتبادل الاعتراف ببراءات الاختراع والرقابة على الجودة.
8- ربط أجهزة الاتصال والمواصلات بين البلدين، وحرية الاستخدام لجميع المواطنين بأسعار ضجعة.
مناحي التكامل المرحلي:
سأعرض لأمرين يسيران جنباً إلى جنب، وصولاً على المراد؛ الفكر والاقتصاد، وقد كانا أساس أمر قمتين إسلاميتين، في ايران حيث تم التركيز على الفكر وحوار الحضارات، وفي قطر حيث تم التأكيد على القضايا الاقتصادية.
أولاً على الصعيد الفكري:
ــ الاهتمام بالوحدة الفكرية على أساس الإسلام، بعيداً عن كل مسميات أخرى؛ اتباعاً لقول الله تعالى: (هو سماكم المسلمين من قبل) (الحج/ 78).
ــ تطبيق تعاليم الإسلام التي جعلت من العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، لا تقل عن أي فريضة أخرى في الدين، وتحمل المسؤولية التي أوجبها الإسلام على البشر في إعمار الكون في قول القرآن الكريم: (هو أنشاكم من الأرض واستعمركم فيها)، أي طلب منكم عمارتها.
ــ إعلان الالتزام بالشريعة مصدراً لكافة التشريعات والتنظيمات الإدارية الجديدة؛ قولاً وعملاً، وهذا لا يعني القدرة على التطبيق الفوري؛ فما ضاع بالتدرج يدعوإلى الصبر على إعادة التطبيق بالتدرج، والمهم وجود النية السليمة، والتخطيط المفيد، والعزيمة الصادقة، والإرادة القوية.
وعناصر هذا الالتزام سياسياً: إقامة مجتمع الشورى، وحق محاسبة الجميع، وبخاصة الحكومات، ومراقبتها في أعمالها ومشروعاتها الاقتصادية؛ وبالتالي لا يضيع المال العام، أو يستثمر بما يفيد الأمة.
وعناصر هذا الالتزام اقتصادياً: تجنب كل أشكال الربا، والابتعاد عن المال الحرام الناتج عن الغش والخيانة، والخديعة والمكر.
ثانياً على الصعيد الاقتصادي:
ــ العمل للوصول إلى الاستقلال الاقتصادي، والاكتفاء الذاتي المحلي، ثم الإقليمي، ثم على مستوى الأمة الاسلامية.
ــ السعي لتحقيق التوازن في العلاقات والأنشطة الاقتصادية، والبعد ما أمكن عن أحادية النشاط الاقتصادي.
ــ بناء هيكلية التنمية الاقتصاية الشاملة، ويتم ذلك عبر إشباع الحاجات الأساسية، حيث يشمل الاستثمار في : إنتاج السلع الغذائية الضرورية، وكذا إنتاج الكساء الشعبي، وإقامة المساكن الشعبية، والاهتمام بمحو الأمية بدعم التعليم الأساسي الابتدائي، وبناء شبكات الخدمات الصحية والمائية والكهربائية والصرف الصحي، وإنشاء الطرق المعبدة، وشق قنوات الري.
ــ ضغط الإنفاق الاستهلاكي إلى أدنى الحدود الممكنة؛ عاملاً بالتوجيهات القرآنية فيها الخصوص وزيادة، المدخرات المحلية، والعمل على زيادة الوفر من العملة الأجنبية.
ــ تشجيع قيام المصارف والمؤسسات المالية وشركات التمويل وصناديق الاستثمار ذات الاستقلالية الاقتصادية والبعد ما أمكن عن الارتباط بالمؤسسات العالمية مالياً، والقائمة على أساس فقه المعاملات الإسلامية، مما يؤدي إلى تنشيط الحركة وتنمية الأنشطة الاقتصادية.
ــ دعم مشروع الدينار الإسلامي القائم([22])، واعتماده أداة لأداء الحقوق والالتزامات، وعملة في راي العملات في التبادلات الخارجية([23])، فمشروع العملة الإسلامية الموحدة مشروع حضاري واقتصادي، وإطلاقه وتعميمه سيحقق الفوائد الآتية:
يكون مقياساً ثابتاً للقيم مع مرور الزمن.
يكون وعاءً مناسباً للادخار، سواء للأفراد أو للدول، اعتماداً على القيمة الثابتة للعملة الموحدة يسهّل تسدي أثمان السلع والصفقات التجارية بين الأفراد والدول في العالم الإسلامي، مما يشجع التجارة البينية الإسلامية.
يقلّل من نزوح الرساميل الإسلامية إلى الخارج.
يسهّل السياحة البينية الإسلامية.
يشجّع علىاستثمار الفوائض النقدية الإسلامية في الدول الاسلامية دون تعرضها لخطر فقدان القيمة بسبب التضخم النقدي في العملات الدولية.
يعزز الشعور الإسلامي الموحد لدى جميع المسلمين، مما سيعطي دفعاً كبيراً نحو تحقيق أي شكل من أشكال التنسيق أوالتكامل أو التضامن أو الوحدة الإسلامية التامة.
تقليص هيمنة الدولار الأمريكي.
استخدام الذهب كعملة دولية في العالم بدلاً من الدولار.
مقترحات
فكرياً:
توفير قاعدة بيانات بالمنتجات الزراعية والصناعية المتوفرة في العالم الإسلامي.
توفير قاعدة بيانات بالموارد الطبيعية المتاحة للاستثمار.
المصداقية في عرض البيانات والمعلومات بعيداً عن التعتيم الإعلامي، أو التضليل السياسي، التنسيق بين مندوبي دول العالم الإسلامي في اجتماعات المنظمات الدولية؛ بعقد اجتماعات تمهيدية، وتحديد وجهة نظر إسلامية في الموضوعات المطروحة للبحث في المنظمات الدولية، مثل التجارة العالمية، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي.
مالياً:
الاستفادة من فقه المعاملات المالية؛ لتجميع رساميل تنهض بالأمة اقتصادياً؛ وبخاصة الركان وصدقة الفطر.
من خلال تأسيس:
صندوق التنمية بالركاز؛وهي زكاة الخارج من المعادن والنفط وما شابهها.
فدول العالم الإسلامي تمتلك 35% من بترول العالم، و35% من تصدير العالم، 29% فوسفات العالم، و12% من منغنيز العالم، وغير ذلك من الثروات الطبيعية: من الغاز، والكروم، والبوكسيت، والنحاس، والرصاص، والبوتاسيوم، والكالسيوم، والذهب والفضة ومقدار زكاة الركاز: 25%.
صندوق صدقة الفطر السنوي، ومقدارها: دينار إسلامي، هذا يعني: مليار دينار إسلامي على الاقل تعطى لأكثر الدول الإسلامية احتياجات، وتنفق في مشروعات تنموية.
ولوتوسعنا فجعلنا ديناراً إسلامي كل شهر على كل فرد من المسلمين؛ ضريبة التنمية الشاملة، ضمن صندوق (الدينار الإسلامي) الشهري، لإعطائه المليار دينار إسلامي لأحوج دولة إسلامية، فعلى مدار أربع سنوات تتكرر العملية لكل دول العالم الإسلامي.
وإنشاء اتحاد اقتصادي إسلامي مشترك تمثل فيه جميع الدول الإسلامية، على غرار الاتحاد الاوربي، تتلخص مهمته في تنسيق العلاقات الاقتصادية علىأساس التكامل والتعاون ووضع مخطط اقتصادي مشترك يهدف إلى تبادل الخبرات والمعونات وتشجيع مؤسسات التمولي والتجارة والمبادلات الاقتصادية.
من التوصيات:
1ـ شحذ الهمم فكرياً وثقافياً وتربوياً لصنع الإرادة القوية، والعزيمة الصادقة لمقارنة العمل بالقول .
2- الدفاع عن دين الإسلام، وعن الثروات والخيرات التي منحها الله عزوجلّ للأمة الاسلامية، جعلها من أشرف أنواع الجهاد.
3- خلق حالة ثقافية تؤمن بالمنتجات ذات المنشأ الإسلامي، بدلاً عن عقدة النقص مجودة المنتج الغربي.
4- تحديد احتياجات الأمة من المشروعات التنموية، وما لديها من موارد مالية ليصار الى توزيعها في الدول المعنية حسب معايير اقتصادية موضوعية.
5- ضرورة تفعيل اتفاقيات التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية.
6- متابعة قرارات القمم الإسلامية بما يتصل بالشأن الاقتصادي.
7- تعزيز التجارة البينية بين الدول الإسلامية.
8- دعم البحوث العلمية المؤدية إلى أحسن أنواع التنمية؛ فمقياس الأمم: العلم النافع، والعقل والتراجح، وجودة الأفكار.
9- العناية بتنمية الموارد البشرية ومضاعفة نفقات التنمية وخاصة لقطاعات التربية والتعليم والتدريب والصحة، والتكنولوجيا، فالموارد البشرية يجب أن يكون لها مركز متقدم في أي سياسة اقتصادية واجتماعية، فهي العامل المحرك لعناصر التنمية.
10- العمل على استثمار وتنمية الموارد الطبيعيةوالاستفادة منها بشكل جيّد دون إسراف أو هدر.
11- العمل على تقليص الفجوة التكنولوجية، بالعمل على الاستثمار في مجالات واستخدامات التقنية وتطويرها بما يخدم قضايا الأمة الإسلامية.
12- تشجيع تمويل المشروعات المشتركة بين الدول الإسلامية واستثمار رؤوس الأموال الاسلامية في داخل العالم الإسلامي لفائدة الشعوب الصغيرة والبلدان المزدحمة بالسكان.
13- تشجيع تبادل الخبرات الفنية والمالية، والمعلومات الاقتصادية والتجارية والتموينية ورؤوس الأموال بين الدول الاسلامية.
14- تفعيل التعاون بين المصارف الاسلامية، ومؤسسات التمويل الحكومية في البلدان الاسلامية وصناديق التنمية والاستثمار في مشروعات التنمية المختلفة.
15- العمل على تنفيذ القرارات الاقتصادية في قمم الدول الاسلامية ومؤتمرات.
*ضرورة الإسراع في اتخاذ خطوات عملية وعلى رأسها إنشاء مشروعات استثمارية مشتركة الدول الأعضاء لتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي، لعمل التنفيذ المتكامل بهدف إنشاء سوق اسلامية مشتركة أو أي نوع من التكامل الاقتصادي على امر الخطوة خطوة([24]).
*ـ الإشادة بالجهود التي يبذلها المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي لإنشاء منطقة تجارة حرة عربي كبرى، ويحث التجمعات الاقتصادية الإقليمية التي تشارك في عضويتها الدول الأعضاء، وبخاصة منه التعاون الاقتصادي، وتجمع دول الساحل والصحراء، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والانجاز الاقتصادي والنقدي لوسط إفريقيا، والاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا، على الاستمرار جهودهما في هذا المضمار([25]).
*- دعوة البلدان المتقدمة إلى مزيد من تحرير التجارة وزيادة فرص وصول المنتجات والخدمات الأسواق التي تتمتع فيها البلدان النامية بميزة نسبية وكذلك تمكين الدول النامية من نقل التكنولوجيا بشروط ميسرة، والإفادة من الاستثمار والتكنولوجيا([26]).
*- حث الدول الأعضاء على مواصلة جهودها الهادفة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وتنسيق السياسات الاقتصادية فيما بينها وذلك من أجل إتاحة أكبر قدر ممكن من عناصر التكامل اقتصادياتها وتجنب المزيد من التهميش([27]).
*- يدعو الدول الأعضاء للعمل من اجل تفاعل اقتصادي فيما بين الدول قائم على مبادئ المعاملة التفضيلية الأوسع والتكامل والمنفعة المتبادلة([28]).
*-دعوة البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الى تكثيف جهوده من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بروح التضامن الإسلامي الذي يشكل عنصرا هاما للتعاون فيما بين البلدان النامية وذلك وفقا لمبادئ الاعتماد الذاتي الجماعي([29]).
*-تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري لتسهيل التكامل الاقتصادي والتجاري خطوة بخطوة بين الدول الأعضاء في المنظمة([30]).
*-تعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي فيما بين الدول الأعضاء لتمكينها من التغلب على الصعوبات الناجمة عن الأزمة الاقتصادية العالمية وآثارها على العالم الإسلامي(عدد القراء : 2753