جهاد الأعداء والمعتدين على الوطن ودور الشهادة والشهداء في حماية الأمة
جهاد الأعداء والمعتدين على الوطن ودور الشهادة والشهداء في حماية الأمة
الحمد لله الذي جعل الشهادة بابًا من أعظم أبواب الجنة، دار السلام.
الإسلام رسالة الإنسان، ومنهجه في كل مجالات الحياة، وفي جميع ميادين النشاط البشري.
ولقد ضمن القرآن الكريم الجهاد معنى إنسانياً نبيلاً وفريداً، وحدد له مقاصده العليا، منزهة عن الهوى والأغراض المادية العاجلة، والمطامح الشخصية، أو العنصرية، من شهوة العلو في الأرض، وجرَّده وسيلة رئيسة لترسيخ القيم والمثل العليا، في الوجود البشري بعامة، والحفاظ عليها.
الحديث عن الجهاد في سبيل الله حديث عن معالي الأمور وإن كرهته النفوس.
قال ربنا: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].
إنه حديث عن تحرير الفرد والأمة من عبودية الشهوات، واستنقاذ النفوس من الوهم والجبن والخور، وهو طريق إلى إرهاب العدو.
ونظرًا لتأخر النفوس أحيانًا عن الجهاد لسبب من أسباب الدنيا، فقد جاء العوض في روحة أو غدوة في سبيل الله كبيرًا وغير متكافئ مع متاع الدنيا، يقول صلى الله عليه وسلم: "لغدوة في سبيل الله أو روحة، خير من الدنيا وما فيها" [رواه البخاري].
إن في الجهاد رفعاً لذل الأمة، وهو طريقنا إلى العز والتمكين في الدنيا، وهو طريق موصل إلى الجنة والنعيم في الآخرة.
فلنستجب لنداء ربنا {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مّن قُوَّةٍ وَمِن رّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال:60].
جاء رجل إلى النبي فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله" [رواه البخاري].
ويعد ممارسة الإرهاب والعنف من الوسائل الخطيرة التي تهدد حياة الأبرياء والناس، وتدمر الممتلكات والثروات، وتفقد المجتمع الشعور بالأمن والأمان.
إن كل الأعمال الإرهابية التي تستهدف حياة الأبرياء، وتدمير الممتلكات، يجب أن تُدان وتستنكر، لأنها تمثل اعتداء على حق الحياة، وعدوان على حقوق الناس.
من أهم أضرار الإرهاب هو قتل الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، وسفك الدماء، وهو من أشد المحرمات في الإسلام، إذ هو عدوان على النفس البشرية التي حَرَّمَ الله قتلها إلا بالحق.
إن قتل الأبرياء لأسباب واهية، أو للاختلاف في الدين أو المذهب أو الفكر يعد جريمة نكراء لا يقبلها عقل أو منطق أو دين.
في الإسلام منهج متكامل يمنع ممارسة الإرهاب والعنف، فقد حَرَّمَ الإسلام قتل الأبرياء من الناس سواء كانوا من المسلمين أو من غيرهم، يقول تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً}.
ومن جهة أخرى فإن بلوغ الأهداف الكبرى في الحياة يستلزم تضحيات كبرى مكافئة لها، ولا ريب أن سمو الأهداف وشرف المقاصد ونبل الغايات تقتضي سمو التضحيات وشرفها ورقي منازلها.
ومن أشرف التضحيات الذود عن حياض الوطن والدفاع عنه.
ثم إن للتضحيات ألوانًا كثيرة ودروبًا متعددة، لكن تأتي في الذروة منها التضحية بالنفس، وبذل الروح رخيصة لدحر أعداء الأمة، وذلك هو المراد لمصطلح الشهادة والاستشهاد.
ولبيان مكانة الشهيد قال رسول الله: "للشهيد عند الله ست خصال:
يغفر له في أول دُفعة ـ والدفقة بضم الدال المهملة هي الدفعة من الدم وغيره ـ
ويرى مقعده من الجنة.
ويجار من عذاب القبر.
ويأمن من الفزع الأكبر.
ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها.
...
ويشفع في سبعين من أقاربه ـ وفي لفظ ـ من أهل بيته" [أخرجه الترمذي وابن ماجه في سننهما بإسناد صحيح].
عدد القراء : 783