shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

عقوبة الفساد في الأرض

عقوبة الفساد في الأرض

اتقوا الله في أنفسكم، وتبصَّروا في واقعكم، واعلموا عظيمَ نعمة الأمن التي تعيشون فيها

انظروا واعتبروا حال من فقدوا الأمنَ كيف يعيشون؟ وكيف حالُهم الآن؟ تدبَّروا غيْركم لتعرفوا واقعَكم وما أنتم فيه من النعم.

لا يتَّخذكن الأعداء مطاياً لهم؛ ليقضوا بكم أغراضَهم، وينفِّذوا على أيديكم مخطّطاتِهم.

تدبّروا حالَ أممٍ خاضوا في دماء بعضهم، فقتل بعضهم بعضاً، كيف فقدوا الأمنَ، وفقدوا الخير، وصاروا بعدَ الغِنى في فقر، وبعد العزّة في ذلّ.

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد طه الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر أجمعين.

أيها المستمعون الكرام: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:

إنّ الله جلّ وعلا رتّب على الفساد عقوبةَ عظيمة، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة:204-206].

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد:25].

أيّها المستمعون الكرام: لا نجاةَ للعباد إلا إذا حارَبوا الفساد، سواء كان الفساد اعتقاديّاً أو فكريّاً أو عمليّاً، قال تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ} [هود:116].

إنّ المؤمنَ يفرح للمؤمنين بالطمأنينة والأمن والاستقرار، هكذا يفرح بذلك المؤمن، وغيرُ المؤمن يسوؤه ذلك، امتلأ قلبه حقداً وكراهيةً لنعم الله على عباده، فسعى في الأرض فساداً.

فيا مَن انخدَع بالآراء الباطِلة أو تصوَّر الباطلَ حقّاً، وقد عرفتَ عِظمَ الجريمة وخطرَها وشرَّها، بادِر بالتّوبة إلى الله والنّدم على ما مضى، والعزيمة أن لا تعودَ إلى هذا الباطل، بادِر بالتوبة إلى الله فالتوبةُ بابُها مفتوح.

إنَّ من تصوَّر حلَّ دماء المسلمين وأنّ دماءهم أمرُها يسير فقد ارتكب أمراً عظيماً وجُرماً كبيراً، {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:93].

فالمؤمن يتّقي الله في نفسه، ولا يستعجلَ في أموره، ويزن الأمورَ بالميزان الشرعيّ حتى يسلمَ من دعاة السوء ومروِّجي الباطل والساعين في خداع المجتمع ومحاولة إذلال الوطن.

لا تكن مطيةً للأعداء، يسخِّرونك كيف يشاؤون، ويدبِّرون لك كيف يريدون، بل لتكن على علم ووعيٌ وحصانة إيمانية، في تصوَّر الباطلِ على حقيقته حتّى تكونَ بعيداً منه، فمن المصائب التباس الحقّ بالباطل، قال تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ} [فاطر:8].

فيا شبابَ الأمّة: اتقوا الله في أنفسكم، وتبصَّروا في واقعكم، واعلموا عظيمَ نعمة الأمن التي تعيشون فيها، فهي نعمةٌ عظيمة سابغة، تفضَّل الله بها عليكم، فاشكروا الله على نعمته، واسألوه الثبات على الحقّ، وتعوَّذوا بالله من زوال النعم وتحوّل العافية وفجاءة النقم، انظروا واعتبروا حال من فقدوا الأمنَ كيف يعيشون، وكيف حالُهم الآن، تدبَّروا غيْركم لتعرفوا واقعَكم وما أنتم فيه من النعم.

يا شباب الوطن الغالي: لا يتَّخذكن الأعداء مطاياً لهم؛ ليقضوا بكم أغراضَهم، وينفِّذوا على أيديكم مخطّطاتِهم، كونوا على حذر في أموركم كلّها.

فهذا واجبُ من يتّقي الله، واجب من يرجو الله ويخافه، أن يتّقيَ الله في دماء أهله وأبناء مجتمعه وأموالهم وأعراضهم، وواجبه أن يبذل النصيحةَ بالضوابط الشرعية والأصول المرعية التي لا تخلُّ بتوازنه.

أمّا أن يكونَ في قلبه حِقد أو غلّ، ويرى أنّ دماءَ المواطنين حلال، لا يبالي بذلك، فذاك نوع كبير من النفاق والفساد.

وتدبّروا حالَ أممٍ خاضوا في دماء بعضهم، فقتل بعضهم بعضاً، كيف فقدوا الأمنَ، وفقدوا الخير، وصاروا بعدَ الغِنى في فقر، وبعد العزّة في ذلّ، فاتّقوا الله في أنفسكم، وتبصّروا في واقعكم، واسألوا اللهَ الثباتَ على الحقّ والاستقامة عليه.

أيّها الشابّ، ربّما عرضَت لك شبهة، أو زيّن لك أحدٌ أمراً وحسّن لك رأياً، فيا أخي الشابّ اتّق الله، وإيّاك أن تقبَل كلَّ ما أدلِي إليك، وإيّاك أن تغترَّ بمن تظنّه ناصحاً والله يشهد إنّهم لكاذبون. اتّصِل بعلماءِ أمّتك لتجدَ عندَهم كشفاً لشبهتك، وإزالةَ للبس العارض لك.

فإنّ علماءَ أمّتك حريصون على تبيين الحقّ وكشفِ كلّ لبس حصل عندك حتى تكونَ في أمورك على المنهج القويم. ولا تنخدعْ بنفسك، ولا تسئ الظنَّ بعلماء أمّتك.

لا، اتّق الله، وأتِ الأمورَ من أبوابها، وسترى عند أهل العلم من رحابةِ الصدر وسعةِ الأفق وحسن التعامل ما يزيل عنك كلَّ الشبَه التي يمكِن أن يكونَ غرَّك بها مَن غرّك وخدَعك بها مَن خدَعك حتّى ظننتَ أنّ الأخطاءَ والفساد حقّ وصلاح.

استشر حتى تكونَ في أمورك على منهج قويم وصراط مستقيم، أمّا أن تغترَّ بما يقال، وتسمَع من وسائل التواصل الاجتماعي أموراً يقولونها ونشراتٍ ينشرها من لا يُدرَى عنه شيء، وإنّما يريد غشَّ الأمّة والكذبَ على أبنائها وترويجَ الباطل، فهذا أمر لا يجوز أن تعتمدَ عليه، ولا أن تثقَ به.

إنَّ تعاونَ المجتمع على البرّ والتقوى أمر مطلوب، {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2]، أسأل الله أن يجمعَ القلوبَ على طاعتِه.

اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، أصلحنا وأصلح بنا يا رب العالمين، أصلح فساد قلوبنا بذكرك، وأتمم علينا نعمتك بفضلك، لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك، اجمع كلمتنا على الحق، ووحد صفوفنا يا رب العالمين في مواجهة فتنة تستهدف شعبنا وأرضنا وحياتنا، اللهم آمين، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

عدد القراء : 980