الثبات على المبدأ
الثبات على المبدأ
إن من أهم سمات التربية: الثبات على المبدأ، والصلابة في الحق، وعدم التنازل، ورفض أي شكل من أشكال المساومات وأنصاف الحلول.
إِنَّ الثَّبَاتَ عَلَى دِينِ اللهِ تَعَالَى وَمُلاَزَمَةَ صِرَاطِهِ المُسْتَقِيمِ وَالمُدَاوَمَةَ عَلَى الطَّاعَةِ، دَلِيلُ صِدْقِ الإِيمَانِ وَثَمَرَةُ الهِدَايَةِ، وَسَبَبُ حُصُولِ الخَيرَاتِ، وَتَنَزُّلِ الرَّحَمَاتِ.
إِنَّ الثَّبَاتَ عَلَى المبدأ هُوَ الرُّجُولَةُ الحَقَّةُ وَالانْتِصَارُ العَظِيمُ فِي مَعْرَكَةِ الحياة.
وَلِذَلِكَ اسْتَحَقَّ الثَّابِتُونَ المُسْتَقِيمُونَ أَنْ تَتَنَزَّلَ عَلَيهِم المَلاَئِكَةُ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا، لِتَطْرُدَ عَنْهُمُ الخَوفَ والحَزَنَ، وَتُبَشِّرَهُم بالجَنَّةِ، وَتُعْلِنَ وَقُوفَهَا إِلَى جَانِبِهِم في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَولِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: 30-32].
وَلَقَدْ كَانَ مِنْ دُعَاءِ المُصْطَفَى فِي صَلاَتِهِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ" [رواه النسائيُ وَأحمدُ والترمذيُّ].
الثبات على الحق والتمسك به من صفات المؤمنين الصادقين، قال تعالى:
قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَولِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 17].
وقدوتنا في ذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد لاقى ما لاقى ومع ذلك كان أشد ثباتًا حتى بلغ رسالة ربه على أتم وجه.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ أَكْثَرَ دُعَاءِ النَّبِيِّ: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ"، فَقَالَتْ لَهُ زَوجُهُ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ، إِنَّهُ لَيسَ آدَمِيٌّ إِلاَّ وَقَلْبُهُ بَينَ أُصْبُعَينِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ؛ فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ" [رواه الترمذيُّ وأحمدُ].
إَنَّ الثَّبَاتَ عَلَى دِينِ اللهِ تَعَالَى هُوَ حَقِيقَةُ الإِسْلاَمِ؛ فَإِنَّ الإِسْلاَمَ فِي حَقِيقَتِهِ إِيمَانٌ باللهِ وَحْدَهُ، ثُمَّ اسْتِقَامَةٌ وَثَبَاتٌ عَلَيهِ حَتَّى المَمَاتِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ الإِيمَانِ، وَحُسْنِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَقُوَّةِ النَّفْسِ، وَرَبَاطَةِ الجَأْشِ، وَالتَّأَسِّي بِأَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ عَلَيهِمِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، الذِينَ ضَرَبُوا أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ وَأَصْدَقَهَا فِي الثَّبَاتِ عَلَى الدِينِ وَتَبْلِيغِ رِسَالاَتِ اللهِ تَعَالَى، رُغْمَ مَا نَالَهُم مِنَ الأَذَى وَمَا لَحِقَهُم مِنَ العَذَابِ وَالضَّرَرِ، مِمَّا سَطَّرَهُ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى قُرْآنًا يُتْلَى إِلَى يَومِ القِيَامَةِ فِي صَبْرِ أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَثَبَاتِهِم عَلَى دِينِ اللهِ وَتَبْلِيغِ رِسَالاَتِهِ.
وَإِنَّ عَلَى المُسْلِمِ الصَّادِقِ فِي إِيمَانِهِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى الثَّبَاتِ سِيَّمَا فِي هِذَا العَصْرِ؛ عَصْرِ التَّحَدِّيَاتِ وَالفِتَنِ وَالمُغْرِيَاتِ، فَبِالثَّبَاتِ يَعِيشُ المُسْلِمُ، وَيَسْتَمِرُّ عَلَى مَنْهَجِ اللهِ ثَابِتَ الأَرْكَانِ، عَظِيمَ القِيَمِ، مُحَقِّقًا أَسْمَى غَايَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
عدد القراء : 1016