shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

الاجتهاد الجماعي واقع وطموح

 

بحث

الدكتور علاء الدين زعتري

 

ضمن فعاليات الملتقى الإسلامي الأول

في مجمع الشيخ أحمد كفتارو بدمشق

بعنــوان:

الاجتهاد بين التجديد والتفريط

 

خلال الأيام (12-13-14/4/2004م)


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين؛ وآله الغر الميامين وصحابته أجمعين، وبعد:

فإن صعود الإسلام إلى سطح الأحداث؛ إيجاباً وسلباً، والواقع الفكري والاجتماعي والسياسي الراهن بمختلف تنوعاته وأصعدته ومجالاته: أتاح المجال لبروز كثير من المقولات التي تستثير على الإسلام عدداً من الإشكاليات الفكرية النظرية والحياتية العملية.

ومن هنا فإن الحديث في الأونة الحاضرة قد كَثُر عن مسألة الاجتهاد والمشاكل العويصة والمعقدة، التي بات المسلمون يواجهونها لتفعيل دور الإسلام؛ عقيدة وشريعة، وسلوكاً ومنهج حياة، وبخاصة لما كثر الكلام من الناس في إبداء الرغبة الجادة والملحة في الالتزام بالإسلام على المستوى العملي والحياتي، من خلال الصحوة العلمية والفكرية التي يشهدها العالم اليوم.

ومن جهة أخرى: فإن التخلف الذي تشهده الحركة الفقهية إزاء تسارع حركة الأحداث وجملة المشاكل وكثرة الصعوبات، التي يعاني منها المجتمع الإسلامي لا يعبر عن حقيقة الفقه الشمولي، ويشير إلى ضرورة الحديث عن أهمية الفقه وشموليته، وعن أسباب تخلفه وتراجعه عن الساحة الميدانية العملية الحياتية.

ولعل من أهم الأسباب التي أدت إلى تخلف الفقه إزاء الأحداث:

  • غياب الاجتهاد عن الساحة العملية؛ وأقصد بها ساحة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
  • عدم الاهتمام بالاجتهاد الشامل في مباني الشريعة، ويمكن تجاوز هذه العقبة باستخدام الاجتهاد الجماعي، الذي يعد ضرورة حتمية.
  • جمود بعض المشتغلين بالفقه عند نصوص مَن سبقهم دون الأخذ بالنبع الصافي؛ القرآن والسنة، فأقوال الفقهاء أفهام وتطبيقات للشريعة بما يتناسب مع زمان كل فقيه، ولم يتعبَّدنا الله بها.

وشتان بين قولين: [باب الاجتهاد مغلق]، و[الإسلام دين كل زمان ومكان]، ومما لا شك فيه بأن السبيل للاستفادة من نصوص الشريعة يكون عن طريق الاجتهاد الذي هو عملية مزج المسائل المستجدة والوقائع النازلة مع أصولها التشريعية.

وبالنظر إلى عمل الاجتهاد ومكانته علمياً فإنه: الطاقة الدافعة، والحركية الفاعلة، الذي بسببه يستطيع الفقهاء أن يواكبوا تطورات الحياة ويستجيبوا للتحديات ويزيلوا الإشكاليات، التي تفرضها عليهم حركة الحياة.

ومن أجمل ما قرأت تعبيراً عن عمل الاجتهاد قول المفكر الدكتور محمد عمارة([1]): الاجتهاد عقد قران بين روح الشريعة ومقاصدها وبين الواقع المتطور والمصالح المتجددة.

وفي زمن التخصص العملي، لا بد من التنبه إلى ضرورة الاجتهاد الجماعي؛ عصماً للفتاوى عن الزلل، وصيانة للفكر عن الزيغ، وتأكيداً على التلازم المتقن بين التخصصات المختلفة.

تعريف الاجتهاد الجماعي:

تعددت تعريفات الاجتهاد ألفاظاً، واتحدت مضمونا؛ وهنا أختار أحد هذه التعريفات: [استفراغ أغلب الفقهاء الجهد لتحصيل ظنٍّ بحكمٍ شرعيٍّ بطريق الاستنباط، واتفاقهم جميعاً أو أغلبهم على الحكم بعد التشاور]([2]).

فالاجتهاد الجماعيُّ مقدِّمةٌ ينتج عنه تحقيق الإجماع القطعيِّ أو الظنيِّ في المسائل العامَّة، فالناتج عن الاجتهاد الجماعيَّ لا يخلو أن يكون اتفاق جميع المجتهدين على رأي، أو يكون اتفاق أغلبهم، فإن كان الأول سمِّي إجماعاً، وإن كان الثاني سمِّي إجماع الأكثريَّة أو إجماع الأغلبيَّة.

أهمية الاجتهاد الجماعي:

إن الدعوة إلى الاجتهاد الجماعي ليست وليدة اليوم، وإنما هي حاجة ملحة منذ أمد بعيد، والذي أود التركيز عليه هو التوسع في هذه الناحية، وتطبيقها في سائر الدول الإسلامية، تحاشياً للخلافات التي تظهر على الساحة من حين لآخر.

وتظهر أهمية الاجتهاد الجماعي في كون حياة الإنسان متغيرة ومتطورة، حيث اقتضت حكمة الله عزَّ وجلَّ أن يكون بيان الوحي المتلو وغير المتلو في الكليات والمقاصد والغايات في الغالب الأعم، دون التطرق إلى التفاصيل والفروع والجزئيات إلا نادراً، ومن هنا كانت ضرورة الاجتهاد ملحة ودائمة حتى تكون روحُ الشريعة مستوعبة الواقعَ المتجدد ولتستجيب التشريعات لما يستجد من المستحدثات.

وفي ظل الحياة البسيطة سابقاً، والثقافة الموسوعية التي كانت تميز كبار المجتهدين: كان المجتهد يستطيع النظر في الأمور المختلفة ويخرج منها برؤية سليمة.

أما اليوم فقد تغيرت الأحوال في الجهتين؛ جهة الحياة فأضحت معقدة، وجهة الثقافة الموسوعية فقد توضحت معالم التخصصات الدقيقة، فلم يعد بإمكان المجتهد الفرد أن يلم بحقائق الأشياء وحده.

وأمام كل ذلك كان لا بد أن يتخذ الاجتهاد الإسلامي أسلوباً جديداً ليلبي احتياجات هذا الواقع الجديد؛ فأهل الذكر لم يعودوا هم الأفذاذ من علماء الشريعة وحدهم، وأصبح الاجتهاد يتطلب أن يشمل خبراء علوم الدنيا التطبيقية بجانب علماء الدين، وأن تتبلور المؤسسات الفكرية التي تجمع الخبرات في علوم الدين والدنيا معا ليعود للاجتهاد تألقه، ملبياً احتياجات الناس مع مراعاة الواقع المتجدد.

أهداف الاجتهاد:

لما كان الهدف من الاجتهاد في كل زمان ومكان يتمثل في إحياء الشريعة والقيم الإسلامية والخروج من التخلف العلمي والضعف المادي، فإن هذا الهدف هو الأكثر إلحاحاً اليوم في زمن التفكك الاجتماعي، والتخلف الاقتصادي، والتسيب الأخلاقي، والضعف السياسي.

وإنما كان التعويل على الاجتهاد الجماعي لأن منهجه يجمع بين العمل لتثبيت الإسلام رسالة وشريعة ونظاماً، والعمل لترقية المجتمع الإسلامي علمياً وحضارياً.

وهذا المنهج لا يتحقق إلا في الصلة العلمية المتينة بين الخبرة العلمية التشريعية والخبرة العلمية التطبيقية والتنفيذية، وهو ما يسمى بالاجتهاد الجماعي.

وهنا يتجلى مبدأ من مبادئ الإسلام العظيمة، ألا وهو مبدأ الشورى؛ حيث إن رأي الجماعة أقرب إلى الصواب من رأي الفرد، مهما ارتفع شأنه في المعرفة، وعلا كعبه في العلم، فعند اللقاء الشوروي [على مائدة الشورى وطاولة البحث] قد يلمح شخص جانباً في الموضوع لا ينتبه له آخر، وقد يحفظ شخص ما يغيب عن غيره، وقد تبرز المناقشة نقاطاً كانت خافية، أو تجلى أموراً كانت غامضة، أو تذكِّر بأشياء كانت منسية، وهذه من بركات الشورى، ومن ثمار العمل الجماعي دائماً، عمل الفريق، أو عمل المؤسسة، بدل عمل الأفراد.

دليل مشروعية الاجتهاد الجماعي:

إن الاجتهادات المذكورة في الكتب الأصوليَّة وبخاصة تلك المسائل العامة المروية عن رسول الله  r تُعَدُّ اجتهاداتً جماعيَّةً قائمةً على تشاور وتحاور أهل العلم والمعرفة والدراية من الصحابة، حيث إنَّه r كان يطرح القضيَّة على صحابته الكرام ويحاورهم ويشاورهم فيما ينبغي فعله، وذلك بقصد الوصول إلى مراد الله في المسائل العامَّة.

وهو r لم يكن وحده الذي يتصدَّى للفصل في النوازل العامَّة التي كانت تنـزل بساحتهم، كما أنَّ الصحب الكرام -رضوان الله عليهم- كانوا شركاء له في البحث عن المراد الإلهيِّ في تلك النوازل([3]).

ومما يدل على مشروعية الاجتهاد الجماعي نصاً ما رواه سعيد بن المسيب عن علي -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله الأمر ينـزل بنا لم ينـزل فيه قرآن، ولم تمض فيه منك سنة؟ قال: "اجمعوا له العابدين ـ أو قال العالمين ـ من المؤمنين فاجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واحد"([4]).

واستمر الحال من بعده r في الاجتهاد الجماعي من خلال ما يأتي:

 

مشاورات الصحابة في المسائل الفقهية.

فعن ميمون بن مهران قال: كان أبو بكر الصديق t إذا ورد عليه حكم نظر في كتاب الله تعالى فإن وجد فيه ما يقضي به: قضى به، وإن لم يجد في كتاب الله نظر في سنة رسول الله r فإن وجد فيها ما يقضي به: قضى به، فإن أعياه ذلك سأل الناس هل علمتم أنَّ رسول الله r قضى فيه بقضاءٍ فربمَّا قام إليه القوم، فيقولون قضى فيه بكذا وكذا، فإن لم يجد سنَّةً سنَّها النبي r جَمَعَ رؤساء الناس فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على شيء: قضى به([5]).

وكان عمر t يفعل ذلك - يقصد مثل ما كان أبي بكر t- فإذا أعياه أن يجد ذلك في الكتاب والسنة، سأل هل كان أبو بكر قضى فيه بقضاء؟ فإن كان لأبي بكر قضاء، قضى به، وإلاَّ جمع علماء الناس واستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على شيءٍ، قضى به([6]).

وعن الزهري قال: [كان مجلس عمر t مغتصاً عن القراء شباباً وكهولاً، فربما استشارهم ويقول‏: لا يمنع أحدَكم حداثةُ سنه أن يشير برأيه؛ فإن العلم ليس على حداثة السن وقدمه، ولكن الله تعالى يضعه حيث يشاء] ([7]).

ونقل عن عثمان بن عفَّان t أنَّه كان إذا جلس حضر أربعةً من الصحابة، فاستشارهم، فإذا رأوا ما رآه أمضاه([8])، ونُقل مثل ذلك عن علي بن أبي طالب t.

وشهدت فترة حكم الخليفة عمر بن عبد العزيز شهدت محاولة استرجاعٍ للعمل بفكرة الاجتهاد الجماعيِّ، وتنقل كتب السيرة عنه أنَّه: لما ولي أمر المدينة، نزل دار مروان، فلما صلَّى الظهر دعا عشرة من فقهاء المدينة، وهم: عروة بين الزبير، وعبد الله بن عبد الله بن عيينة، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو بكر بن سليمان، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عامر، وخارجة بن زيد، وهم إذ ذاك سادة الفقهاء، فلما دخلوا عليه أجلسهم، ثم حمد الله وأثنى عليه، وقال: إنِّي إنَّما دعوتكم لأمرٍ تُؤْجَرُون عليه، وتكونون فيه أعوانًا على الحقِّ، ما أريد أن أقطع أمرًا إلا برأيكم، أو برأي من حضر منكم([9]).

ثم إن الحديث عن الاجتهاد الجماعي لا يعني حجر ومنع الاجتهاد الفردي؛ بل هو أعني الاجتهاد الفردي الأساس الذي ينبني عليه، ومعلوم جواز الاجتهاد الفردي، واجتماع مجموعة من المجتهدين إنما هو لقوة الاجتهاد الناتج قدر المستطاع، وصونه عن احتمالية الخطأ الواردة في الحديث: قال رسول الله r:‏ ‏"‏إذا اجتهد الحاكم فأصاب له أجران وإذا اجتهد فأخطاء فله أجر‏"([10])‏.

 

العناصر البشرية في الاجتهاد الجماعي:

قال الله تعالى: ]ولا تقف ما ليس لك به علم[[الإسراء: 36]، وانطلاقاً من القاعدة: (الحكم على الشيء فرع عن تصوره)؛ فإن الاجتهاد الجماعي من جهة العناصر البشرية لا بد أن يشمل:

- خبراء في العلوم المتنوعة، لبيان التصور الصحيح المتقن عن المسألة المراد درسها، ومعرفة الحكم الشرعي لها.

- فقهاء حكماء علماء بأحكام الشريعة؛ بشروط الاجتهاد المعروفة في كتب أصول الفقه.

وضرورة المزج بين هذين الحقلين تظهر من خلال أنه لا اجتهاد من دون تكوين رؤية واضحة عن المجتمع وحاجاته وضروراته، ولا اجتهاد من دون فهم مفردات الواقع وحقيقة الزمن، ولا اجتهاد من دون رؤية إسلامية إنسانية للعالم أجمع.

عقبات الاجتهاد الجماعي:

حركة الاجتهاد عند المسلمين في أزمة خطيرة تتمثل في:

التخلف عن متابعة أهم إنجازات العصر الحديث، والتي تفرض نفسها كرؤى وتصورات ومفاهيم تمتلك القدرة على صياغة العقل الإنساني وتحديد قيمه وتوجهاته.

فالتنوع الذي جسدته العلوم الحديثة والثقافة الجديدة ساهم في تغيير اهتمامات الإنسان وقلب أولوياته مما أدى إلى مضاعفة الصعوبة التي استشعرها عقل المسلم المعاصر في تعامله مع هذه المعطيات المستجدة.

وهناك موانع وعقبات كانت ولا تزال تقف حجر عثرة في طريق الاجتهاد الجماعي، من أهمها ما يأتي:

1- ضعف الوعي بآمال الأمة وتطلعاتها، ومهامها وشؤونها، وواقعها والصعوبات التي تواجهها.

2- عدم الإفادة من الخبراء والمختصين في دراسة ومعرفة موضوعات الأحكام وخصائصها، مما أدى إلى القطيعة بين الفقه ومجريات الأحداث.

3- التأثر بآراء المتقدمين والتسليم بها واعتبارها مطابقة للواقع تماماً، إذا يعد البعض أن احترام رأي المتقدمين والعمل به أولى من الاجتهاد الجديد، فالقداسة والتقدير عند البعض للبعد الزمني للقائل، دون أن يكلف نفسه عناء البحث حتى عن صحة دليل القائل، أو وجه استدلاله.

4- التحجر والجمود الفكري على مُسلَّمات متأثرة بالعادات والتقاليد والبيئات.

5- إهمال دور الرأي والعقل في مرحلة الاستنباط، وبخاصة في المسائل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؛ اعتماداً على حرفية النص تبعاً لصحة سنده أياً كان.

6- قلة مراكز الدراسات والأبحاث الخاصة بمدارسة المسائل المستجدة، والاجتهاد المعاصرة.

7- ضبابية المنهج المعاصر للاجتهاد والإفتاء، فقد يلوح عند البعض أن المنهج هو حب الظهور والشهرة، أو الحصول على مكاسب مادية أو معنوية.

8- بحث المسائل الشرعية بين جدران المنازل والمساجد والمدارس دون الحضور في الحياة الاجتماعية والتعرف على احتياجات المجتمع؛ بما يمكن وصفه بالتقوقع في الفكر.

9- غياب عملية التقنين في البحث الفقهي؛ فبطون الكتب الفقهية ذاخرة بالعلوم والمعارف، وبيان المقاصد والقواعد، ولكن قد يصعب الوصول إليها، أو تسهيل الاستفادة منها؛ بربطها بقواعد متخصصة.

10- تأثر المجتهد بالبيئة الجغرافية في ظل غياب الرحلة في طلب العلم، وكذا تأثره بالتربية النظرية؛ بحيث يتأثر بالجو المحيط، ويتمسك بمنهجه دون التعرف أو القبول للمناهج الأخرى في عملية الاستنباط.

11- إغفال دور العلوم الإنسانية الحديثة، مثل علم اللغة والاجتماع والاقتصاد وعلم النفس، ذات الصلة بالاستنباط الفقهي.

آليات الاجتهاد الجماعي:

آليات الاجتهاد الفكرية:

إن الاجتهاد لا يعدو أن يكون فاعلية فكرية وعقلية؛

فإما أن تتحرك باتجاه البناء وتطوير وعي العقل الإسلامي فتكون عملية الاجتهاد فاعلة تتمكن في كل حين من افتتاح أفق مستجد للإنسان المسلم فيما يعيه عن دينه وذاته وواقعه.

وإما أن تتحرك هذه الفاعلية الفكرية والعقلية باتجاه التضييق وسد المنافذ على العقل المسلم فتتحول إلى عملية منفعلة تنفتح عليها في كل يوم آفاق غير متوقعة وغير محسوبة لتربكها وتعيق خطواتها.

وما يحفظ مهمة الاجتهاد من أن تتحول إلى عملية سكونية جامدة هو السعي لتحريكها في كل الأبعاد الفكرية النظرية، والواقعية الحياتية كما أراد الله لها أن تكون.


آليات الاجتهاد العملية:

مجمع البحوث العلمية:

في الأزهر والذي أنشئ بمقتضى القانون 103 لسنة 1961م ميلاديَّة، وعقد المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر المنعقد بتاريخ شوال 1383 هـ.

المجامع الفقهية.

مجمع الفقه الإسلاميِّ بمكَّة المكرَّمة، فقد أسَّسته رابطة العالم الإسلاميِّ بمكَّة المكرَّمة عام 1397هـ 1977م.

ومع مطلع القرن الخامس عشر الهجري، تمَّ تأسيس مجمع فقهيٍّ ثالث بمدينة جدَّة، وقد أنشأته منظمة المؤتمر الإسلاميِّ، وعقد المجمع دورته الأولى في مكَّة المكرَّمة في شهر صفر 1405هـ (11/ 1984م).

مجمع الفقه الإسلامي في الهند.

مجمع الفقه الإسلامي في السودان.

والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وقد عقد اللقاء التأسيسي لـ (المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث) في مدينة لندن في بريطانيا في الفترة : 21-22 من ذي القعدة 1417 هـ الموافق 29-30 من شهر آذار ( مارس) 1997م.

ومجمع علماء الشريعة بأمريكا، وقد عقد الاجتماع التأسيسي لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا المنعقد بمدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية يوم الخميس في الخامس والعشرين من رجب سنة1423هـ الموافق الثالث من أكتوبر سنة 2002 م.

ومما لا شك فيه فإنَّ تأسيس المجامع الفقهيَّة الدوليَّة وضع حدًّا للحديث النظريِّ عن فكرة الاجتهاد الجماعيِّ، وبقيت المسألة العملية:

ما دور المجامع في تحويل المسألة التي تم دراستها إلى حيز التطبيق؟، وما مدى إلزامية قرارات المجامع الفقهية؟.

في الجواب أقول: لعل الأوان قد حان للتوقف مع الذات؛ من أجل تقييم أداء المجامع، وذلك في اتجاهين:

  • مدى قدرتها على توجيه نوازل الأمَّة ومستجداتها.
  • علاقة المجامع بعضها ببعض من جهةٍ، وعلاقاتها ببعض المجالس والمجامع المنبثَّة في بعض الأقطار الإسلاميَّة.

ملاحظات على المجامع القائمة:

من الملاحظ حرص مؤسِّسي المجامع على تسميَّتهما بالمجامع الفقهيَّة، تأكيدًا على أنَّ هذه المجامع لا تعنيها سوى المسائل والنوازل الفقهيَّة([11]) بالمعنى الاصطلاحي: (الأحكام الشرعية العملية المستمدة من أدلتها التفصيلية)، وبمعنى أخص مسائل في العبادات والمعاملات الاجتماعية والمالية التي تحتاج إلى معرفة حكم الشرع فيها، وأما النوازل والقضايا العقائدية والثقافية والسياسية، فإنها تُعَدُّ من غير دائرة تخصص المجامع المذكورة، وبالتالي فهي لا تتصدَّى لها، ولا توليها اهتمامها، لدرجة أن مؤتمر القمة الإسلامية الأخير الذي عقد في ماليزيا حَمَل على مجمعه الفقهي تقصيره في دوره.

لذا، فلا بأس من التفكير بأعمال جديدة:

  • توسيع نشاط المجامع الفقهية؛ عن طريق التخصصات؛ ويكون مقر كل مجمع تبعاً للظروف المحيطة به؛ فبلد يحمل مبدأ الشورى في الحكم يوضع فيه مجمع دراسة القضايا السياسية، وبلد فيه نشاط اقتصادي واسع يكون مقراً لمجمع يدرس المستجدات الاقتصادية، وبلد يعاني من مشكلات اجتماعية وأسرية يكون مقراً لمجمع يدرس المستجدات الاجتماعية، وهكذا.
  • إقامة أعمال تكون أكبر من المسائل الفقهية وأوسع من القضايا النازلة من جهة الفقه العملي فقط، والانتقال إلى دراسة النوازل على اختلافها؛ الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولو بتسمية جديدة، كمثل:

مجلس شورى علمي إسلامي:

يضم أبرز المجتهدين في فروع الحياة المختلفة، فيه مجتهدون مبرزون في: العلوم الدينية، والاقتصادية، والسياسية، والإدارية، وخبراء الشؤون الدولية، وعلماء التربية والنفس والاجتماع، وعلوم الحياة والطب والبيئة، وعلماء الرياضيات والفلك والهندسة، وعلماء الفيزياء والكيمياء وطبقات الأرض والزراعة والصناعة والتجارة، وخبراء في السياسة.

أو لجنة إسلامية عليا للاجتهاد:

تضم الفقهاء والعلماء والمتخصصين في شتى العلوم الحديثة في العالم الإسلامي، ويتكفل ـ كل حسب اختصاصه ـ بمتابعة كل القضايا الجديدة (العلمية، والطبية، والاجتماعية، والثقافية والاقتصادية) التي تواجهها الأمة الإسلامية في مختلف المجالات والميادين، وتقديم الحلول العلمية والعملية الناجحة لها، بما لا يتناقض وروح الإسلام.

ولعل أهم عقبة في نجاحات المجامع الفقهية ومجالس الشورى واللجان العليا تتمثل في أسلوب التعامل الرتيب مع التسويف والتأجيل، كما قد تظهر روح الأنانية لدى بعض الأفراد ممَن يودون بقاءهم في دائرة الضوء في كل محفل دون السماح للكوادر الشابة من الانطلاق أو الاستفادة من تجاربهم، مما يعيق تقدم هذه المجامع أو المجالس أو اللجان.

ولا يعني هذا استبعاد أو استقصاء الرموز العلمية أو الاستغناء عنها، كما يحاول البعض ليبنوا نجاحاتهم على تحطيم الآخرين، بقدر ما هو همسة في الآذان بأن حركة الحياة في تجدد دائم، ولا بد من تحاور الأجيال، وتسليم الراية جيلاً بعد جيل.

آليات الاجتهاد المستقبلية([12]):

مع توجه الناس علمياً نحو الشبكة العالمية (الأنترنت) ([13])، فإن التسابق خير من أن نصل متأخرين، أو نصحو بعد فوات الأوان.

فهناك شريحة كبرى تتوجه اليوم للاستفسار عن مشاكلها وأسئلتها الفقهية إلى المواقع الإسلامية التي تجد فيها نافذة مخصصة للفتوى، لذا: أقترح مشروعاً يجمع مراكز الفتوى الإسلامية عبر الشبكة العالمية لتحقيق الانسجام بين الفتاوى الصادرة.

فالحاجة للفتوى أصبحت من ميزات عصر الأنترنت، وما يزال المسلمون بعيدين عن تحقيق الكفاية في تأمين إجابة لكل سؤال يرد لهم عن طريق الانترنت. 

 وفي استطلاع قامت به مدرسة الإسلام ـ أحد المواقع عبر الشبكة العالمية ـ لواقع الحال في مراكز الفتوى المختلفة على الشبكة الإسلامية تبين أنه يردها حوالي 5000 فتوى يومياً وتضطر لإغلاق باب الفتوى حسب نظام وقتي معين بحسب طاقتها البشرية المحدودة أمام الحجم الهائل من الطلب العالمي على مراكز الفتوى، وهذا الكم الهائل من سيل الأسئلة هو الذي يكشف النوازل ويكشف المستجدات ـ  وبسرعة فائقة ـ فما لم يكن أهل العلم والاختصاص عند الحدث؛ فإن الناس يفقدون مصداقية التعامل معهم.

وفي تجربة خاصة عبر موقعي؛ فإن عشرات الفتاوى يومياً ترد، ولا يخفى مدى الجهد والوقت اللازم للإجابة عنها؛ إن في الاستدلال أو التوثيق.

وقد قدَّم موقع (مدرسة الإسلام) مشروعاً يعتمد حلاً تقنياً تنسيقياً بين مراكز الفتوى المشهورة ليصار إلى تلبية حاجات المسلمين في هذا الجانب المهم من العلم الشرعي، والمشروع منشور على الشبكة بانتظار تبنيه.

الخطوات العملية:

عقد مؤتمر لكل الجهات المعروفة عالمياً ( مراكز الفتوى على الأنترنت ).

ويكون محور المؤتمر مدارسة ما يلي:

1- توحيد ميثاق عمل موحد لكل مراكز الفتوى والتفاهم حول آلية موحدة للمسائل الخلافية، ووضع آلية ترجيح موحدة، ودراسة حلول هذه القضية الكترونياً، مع ملاحظة وجود مستشارين الكترونيين مع الفقهاء.

 2- توحيد مخازن الفتاوى الالكترونية ( Data Base ) لكل المراكز لتسهيل عملها وتوسيع طاقاتها لاستيعاب الجمهور.

  3- تأسيس ساحات حوار خاصة بمؤتمرات فقهية الكترونية وبناء تفاهمات حول آليات اجتماع أرباب الفتوى الكترونياً، والاستفادة من التقنيات في تطوير أداء تلك المجامع الفقهية الإلكترونية.

وأقترح أسماء بعض الجهات المرشحة لمثل تلك المؤتمرات:

رابطة العالم الإسلامي، مدرسة الإسلام، الشبكة الإسلامية، إسلام أون لاين، المواقع الشخصية لكبار علماء الأمة.

مزايا الاجتهاد الجماعي:

يمتاز الاجتهاد الجماعي بعدة خصائص؛ تجعله مؤهلاً للقيام بدوره في عملية النهوض بالأمة، ولعل الحديث في هذه الفقرة هو في المطلوب والمأمول بالإضافة إلى الواقع والموجود، ومما يذكر في خصائص ومزايا الاجتهاد الجماعي:

التقوى في الفتوى؛ وذلك بالجمع بين الحجة الشرعية والبرهان الجلي، والدليل الصحيح من جهة، والخشية القلبية والإخلاص في النية من جهة أخرى؛ من خلال اختيار حكماء علماء الأمة لمدارسة المسائل المستجدة، والنوازل الطارئة؛ بعيداً عن الاجتهادات الفردية أو المنفردة التي قد تتأثر بالشخصية الذاتية وبعوامل بيئية وبظروف سياسية تصدر في ظلها.

الوسطية؛ بامتزاج آراء الفقهاء والمجتهدين مع اختلاف بيئاتهم، وتنوع مدارسهم الفكرية، والوسطية لا تقوم إلا إذا تم الحفاظ على المقاصد الكبرى وقطعيات الشريعة من جهة، والمرونة في الوسائل والآليات؛ تحقيقا لمبدأ الارتباط بالأصل والاتصال بالعصر.

التخصص الدقيق والعلم الصحيح النافع؛ بعيداً عن التعصبات الفردية، أو النزعات الفكرية، أو التشددات الشخصية، أو التساهلات الفقهية، وهنا أشير إلى أهمية الفرق بين التساهل والترخص، فالتساهل قد يفضي إلى فك عرى الدين، أما الترخص فهو الفقه على قول الإمام سفيان الثوري: [إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة فأما التشدد فيحسنه كل أحد].

التفرقة بين مقاصد الخلق ومقاصد الشريعة؛ فقد يتأثر المجتهد الفرد بمقصد خاص به تبعاً للظروف التي يعيشها، والمراكز التي يتقلدها، ومع الجماعة تتغلب النظرة الموضوعة والبحث والتحري عن المقاصد الشرعية بعيداً عن أي مصلحة فردية أو مقصد خاص.

الحيادية والتحرر من الضغوط السياسية والاجتماعية؛ بحيث يتم إبداء الرأي بصراحة تامة، ويصدر القرار بشجاعة مطلقة، بلا ضغط وإرهاب من الحكومات، أو من قوى الضغط في المجتمع، فالدين للأمة بعيداً عن التكتلات أو التجمعات التنظيمية المعاصرة.

تنبيهات([14]):

إن استمرار الاجتهاد لا يعني أن يترك لكل إنسان أن يقول في الدين ما شاء وكيف شاء، بل إن العلم الديني تخصص ـ شديد الدقة والعمق ـ لا يحل لأحد أن يقول فيه إلا إذا كان مؤهلاً لذلك تأهيلاً يقبله المجتمع العلمي،وهنا أذكر بعض الأخطاء والأخطار التي يقع بها المسلمون.

1- لا تكفي الشهادة الجامعية، مهما علت، ولا الدرجة الوظيفية، مهما تكن رفيعة، فكم من أصحاب هذين أو أحدهما، لو عرض على قاض عادل لرد شهادته وأسقط عدالته، وكم منهم لا بصر له بالأدلة وترتيبها وكيفية فهمها فضلاً عن القدرة على الاستنباط منها.

فهناك فارق بين الاجتهاد الذي يقوم به أهله، وبين الحلول الإرضائية والآراء السطحية الفجة التي يبثها بعض ذوي المناصب والألقاب ممن عرفوا شيئاً وغابت عنهم أشياء.

فالاجتهاد المطلوب والذي ندعو إليه هو الاجتهاد الذي يسير على مناهج الاستدلال والبحث التي قبلها المسلمون على امتداد تاريخهم، لا الاجتهاد الذي يتحلل صاحبه من كل قيد، ويرفض كل قديم، ويتبع هوى نفسه وأعراض فؤاده، أو مصالح قريبة زائلة له أو لمن يسترضيهم بما يقول، فذلك ليس من الاجتهاد في شيء، وفاعله مأزور لا أجر له، وقد رأينا من هؤلاء من يتبوأ أعلى المناصب الرسمية والناس لا يأبهون لقوله ولا يتعلقون بفعله، بل يهملونه عامدين، ويأخذون عن الذين يظنون أنهم يتقون الله في القول والعمل ويراقبونه في السر والعلن.

كما أن هناك فارقاً كبيراً بين واجب الاجتهاد الذي يقع على عاتق العلماء المؤهلين له، وبين الجرأة على الدين التي يقع فيها بعض من ينتسبون إلى العلم وقد لا يحسنون قراءة نص عربي، ولكنهم يقتحمون أدق المجالات الفقهية فيحللون ويحرمون بغير علم ولا هدى ولا كتاب مبين.

2- بعض الناس يرى أن الاجتهاد المعاصر يستلزم: التخلص من النصوص الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وإطلاق القدرة البشرية بغير حد ولا قيد لتقرر ما تراه من أحكام.

ومعظم هؤلاء يقولون إن ذلك هو مقتضى احترام العقل في مواجهة أو مقابلة النقل.

أو يقولون أن ذلك هو معنى الاعتناء بالمصلحة وإنزالها المنـزلة اللائقة بها في التشريع، ثم يتيهون في المصالح الشخصية بل الحرص على المصالح الشرعية.

وقليل منهم يجهرون، بأن النصوص القرآنية والنبوية نزلت لزمان غير زماننا، وظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية غير ظروفنا، فلا تثريب علينا إن تركوها وراء ظهورهم، ونحَّوها جانباً عن التحكم في تنظيم الحياة.

ويتجمل الأقلون منهم فيتذرعون ببعض ما كتبه الأسلاف عن قاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان، واضعين إياها في غير موضعها، ومستندين إلى كلام الأسلاف ـ على نفاسته ودقته وصحته ـ في غير مورده، فالقاعدة المذكورة في الأحكام الاجتهادية غير المنصوص عليها، وليس على إطلاقها.

وفي مقابل الاجتهاد: لا بد من تهيئة الأجواء للقبول:

وتوفر الأرضية المساعدة للتطبيق، والإفادة من الاجتهاد في المجالات الاجتماعية والسياسية والحكومية من أجل تفعيل الفقه في مختلف مجالات الحياة، والنهوض به ليرقى إلى مستوى الأحداث والتطورات، يواكبها ويستجيب للتحديات التي تفرضها.

فالاجتهادات أقوال نظرية، تحتاج إلى تنفيذ وتحقيق في واقع حياة المسلمين، وهذا يحتاج إلى توعية شاملة للأمة، بغرس الإيمان في قلوب الناس، وتوجيههم إلى معرفة الله ومحبته، وإرشادهم إلى الهدف الأصلي، والغاية الكبرى من وجودهم ألا وهي عبادة الله تعالى.

وأختم ببضع كلمات:

يقول الإمام الغزالي في مقدمة المستصفى: [أشرف العلوم ما ازدوج فيه العقل والسمع، واصطحب فيه الرأي والشرع، وعلم الفقه وأصوله من هذا القبيل؛ فإنه يأخذ من صفو الشرع والعقل سواء السبيل؛ فلا هو تَصَرُّف بمحض العقول؛ بحيث لا يتلقاه الشرع بالقبول، ولا هو مبني على نحض التقليد؛ الذي لا يشهد له العقل بالتأييد والتسديد] ([15]).

فيما يأتي أعرض منهجاً للاجتهاد:

الإيمان بالوحي، وعدم ترك العقل.

الحرص على المعاصرة، مع التمسك بالأصالة.

الاستمرار في الاجتهاد، ورفض تعدي الثوابت.

تبني التيسير في الفتوى، والتبشير في الدعوة.

وهناك بعض المقترحات والتوصيات والنتائج:

  • الاجتهاد ضرورة حتمية في التفاصيل والجزئيات، والأحداث والوقائع اللامتناهية، حتى لا تقف الشريعة عند أداء مهمتها في التشريع والتقنين، وحتى تكون صالحة لاستيعاب مستجدات الأحداث.
  • الاجتهادات الفقهية القديمة، كنوز حضارية تدل على حيوية الفكر الإسلامي، يجب الحفاظ عليها كتراث عظيم، لكن لا تعتبر مُسَلَّمات، بل يستفاد منها في إنشاء الأحكام للوقائع المعاصرة.
  • التأكيد على أن الأحكام الثابتة بالنصوص القطعية لا مساغ للاجتهاد فيها، ولا مراء في ثباتها تحت أي ظرف من الظروف.
  • التأكيد على أن باب الاجتهاد المطلق مفتوح لمن تتوافر فيه الأهلية اللازمة.
  • إن شروط المجتهد التي طلبها العلماء، لم يرد بها نص شرعي، وإنما عرفت من طبيعة الأشياء، إذ بعد قراءة سير الرجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تصدوا للإفتاء والاجتهاد: وجد العلماء أن من الضروري أن يتمتع المجتهد بشروط ذاتية وأخرى علمية مكتسبة.
  • لابد أن تتوافر في المجتهد صفات التقوى والعدالة ومعرفة مقاصد الشرع، ومعرفة الناس والحياة، وإلمامه بثقافة عصره.
  • تجنباً للوقوع في الخطأ والزلل في حالة الاجتهاد الفردي، وخشية وجود خلل في شروط قبول الاجتهاد أرى ضرورة تغليب جانب التوجه إلى الاجتهاد الجماعي بلقاء أهل العلم مع وجود أصحاب الاختصاص في المسائل المعروضة.
  • يجب أن يشمل الاجتهاد أمور الدين والدنيا، وعلينا أن نوجه أعظم طاقاتنا الفكرية والإبداعية لبناء عزة وازدهار أمتنا الإسلامية.
  • المطلوب من العلماء أن لا يكونوا مقلدين جامدين، متقوقعين في أطر مذاهبهم، بل ينطلقوا ساعين خلف الأدلة، ضمن إطار الشريعة الواسع.
  • المطلوب من المجتهدين أن يحملوا لواء التجديد لا في تغيير النصوص بل في طريقة فهمها بما يناسب الحال المعاصر للمسلمين.
  • التحلي عند المناقشة والمدارسات بآداب الاختلاف وحرية الرأي.
  • الاجتهاد في المسائل الفرعية ليس ملزماً، بل هو توسعة على الناس، والاجتهاد لا يُنْقَضُ بالاجتهاد.
  • العمل على توحيد جهود المجامع الفقهية ومجامع البحوث الإسلامية، ومراكز الأبحاث العلمية، وأقترح أن يكون ذلك تحت رابطة العالم الإسلامي، أو على الأقل توجيه المجامع الموجودة إلى التخصص؛ تحقيقاً لمزيد من الانتفاع، ومنعاً لأي تضارب في الفتوى أو القرار الصادر عن أي مجمع أو مركز.
  • الدعوة إلى تحول بحوث المجامع الفقهية ومراكز الأبحاث العلمية ودراساتها إلى مقررات قانونية يسهل الاستفادة منها في مجال التقنين والتطبيق بشكل موحد.
  • الاجتهاد الانتقائي منضبط بالقواعد المتفق عليها بين العلماء.
  • تشجيع الشباب المتفوقين وتربيتهم للدراسة العلمية؛ ليكونوا مجتهدي المستقبل.
  • دعوة أصحاب القرار بالاستفادة من مقررات الاجتهاد الجماعي في المسائل الاجتماعية العامة، حتى يكون لتلك المقررات صفة الإلزام، تبعاً لقاعدة (حكم الحاكم يرفع الخلاف.‏

 

 

([1]) جريدة البيان الإماراتية، السبت 9 رمضان 1422 هـ الموافق 24 نوفمبر 2001م.

([2]) يُنْظَر: الاجتهاد الجماعي في التشريع الإسلامي، عبد المجيد السوسوة الشرفي، (وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، طبعة أولى 1998م). ص46.

([3]) مثل: قرار خروجه إلى بدر، وقضية مكان المعركة، ومسألة الأسرى، والخروج لملاقاة العدو يوم أحد، ومصالحة بني غطفان على ثلث ثمار المدينة.

([4]) أخرجه الخطيب البغدادي من رواية الإمام مالك، ورواه الطبراني في الأوسط كما قال ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين، 2/54، قال الهيثمي: رواه الطبراني في معجم الأوسط رجاله موثقون من أهل الصحيح.

([5]) نقله ابن القيم عن أبي عبيد في كتاب القضاء، كما في: إعلام الموقعين عن ربِّ العالمين، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، طبعة 1973م، 1/62 وما بعدها.

([6]) إعلام الموقعين عن ربِّ العالمين، ابن القيم: تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، طبعة 1973م، 1/62 وما بعدها.

([7]) كنـز العمال، كتاب العلم من قسم الأفعال، باب فضله والتحريض عليه، (29354)، ابن عبد البر (ق).

([8]) ينظر: الشهب اللامعة في السياسة النافعة، ابن رضوان المالقي، دار الثقافة، الدار البيضاء، طبعة 1984م، ص 145 وما بعدها.

([9]) ينظر: الاجتهاد الجماعي في الشريعة الإسلاميَّة، زكريا البري، أبحاث مؤتمر الفقه الإسلاميِّ بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلاميَّة، سنة 1396 هـ، ص256.

([10]) أخرجه البخاري وأبو داود‏.

([11])  لا ينكر ما طرحته بعض المجامع في بعض قضايا العقيدة والسياسة؛ كموضوع بعض الفرق المعاصرة والمذاهب السياسية، ومسألة العولمة، ولكنها لم تزل في إطار محدود.

([12]) http://www.islamschool.com/

([13]) تشير الإحصاءات إلى 1.2 مليار مستخدم لشبكة الأنترنت، وهذه الرقم قابل للازدياد المطَّرد.

([14]) محاضرة بعنوان «الفقه الإسلامي من التقليد إلى التجديد» استضافتها ندوة الثقافة والعلوم، الدكتور محمد سليم العوا، جريدة البيان الإماراتية، السبت 28 شوال 1422 هـ الموافق 12 يناير 2002م.

([15]) المستصفى من علم الأصول، الإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي، المطبعة الأميرية ببولاق مصر المحمية، سنة 1322 هـ، 1/3.

عدد القراء : 2451