shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

التواضع من أخلاق الأنبياء وشيم النبلاء

التواضعُ خلقٌ شريف يمنحه الله من يشاء من عباده، فيجعل في قلبه التواضع، وهذا التواضعُ عزٌّ للمسلم، وشرفٌ له، ورفعٌ لقدره في الدنيا والآخرة.
قال تعالى عن عباد الرحمن: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان:63].
ومِن التواضُع أن تتواضعَ لإخوانِك المؤمنين قال جلّ وعلا: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء:215].
وقال جلّ وعلا لنبيِّه: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحياةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف:28].
وقال جل وعلا: {ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:54]، فهم مَع المؤمنين تواضُع ومحبّة ومودّةٌ وموالاة.
قال جلّ وعلا في وصفِ أصحاب نبيّه: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} [الفتح:29].
هكذا المؤمن مع إخوانه المؤمنين، هذا التواضُع يدعوهُ إلى نصيحتهم ومحبّتهم والبعدِ عن غِشِّهم وخيانتهم، وأن يكونَ موقفه معهم موقفَ المحِبِّ الناصح الباذل للخير البعيدِ عن الشرّ، فيأمنون شرَّه، ويأمنون غوائلَه، ويأمنون خبثَه، ويأمنون غِشَّه، ويأمنون خيانتَه، ويؤمِّلُون فيه بعدَ الله الخيرَ والهدى.
أيّها الشاب المسلم، تواضَع لمن هو أكبرُ منك سنًّا، تواضُعًا يقتضي إكرامه وإجلالَه، وأن لا تؤذيَه، وأن لا ترفع صوتك عليه، وأن تذكرَ له كبرَ سنّه وعمرَه في الإسلام، في الحديث يقول: "إنّ من إجلال الله إكرامَ ذي الشيبةِ من المسلمين وحاملِ القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه".
فإكرامُك ذا الشيبة من المسلمين دليلٌ على تواضعك، إكرامك له دليل على نفسِك الطيّبة، إكرامُك له دليل على أصالتِك في الخير. فإيّاك أن يخدعَك شبابُك، فلا تبالي بالأكبر سنًّا ولا تنظر له إلا نظرَ احتقارٍ وازدراء، هذا كلّه نقصٌ في الإيمان.
تواضع الدعاة:
يظهَر في حُسن عرضهم لمحاسن الإسلام وأخلاق الإسلام، ويعلَموا أنّ الدعوةَ إلى الله عملٌ من أشرف الأعمال، بل هو خُلُق النبيّ وأنبياء الله السابقين فليكن الداعي إلى الله على جانبٍ من الحِلم والصّفح والعَفو واللُّطف في الأقوال: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} [النحل:125].
لا يقصِد بدعوتِه شماتةً بآخرين، ولا إذلالاً لهم وتكبّرًا عليهم، وإنما هدفُه إنقاذهم من الضلالة، إنقاذهم من مخالفة شرع الله وهدايتُهم إلى الطريق المستقيم، ولذا كان نبيّنا رأسَ المتواضعين في الدعوة إلى الله بحِلمه وصَفحه وتواضُعه الجَمّ، ملَك القلوبَ بأعماله وأخلاقه، يقول الله له: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الاْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران:159]، فكان أحلمَ الخلق وأكرمَ الخلق وأعظمَهم تواضعًا، من رأى مُحيَّاه أحبَّه وعرف أنّ وجهه وجهُ خير وهدًى صلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائمًا إلى يوم الدين.
نصائح:
إذا جمع المعلم ثلاثاً تمت النعمة بها على المتعلم: الصبر، والتواضع، وحسن الخلق.
خمس من الأخلاق هي من علامات علماء الآخرة مفهومة من خمس آيات من كتاب الله عز وجل:
الخشية والخشوع والتواضع وحسن الخلق وإيثار الآخرة على الدنيا وهو الزهد.
فأما الخشية، فمن قوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.
وأما الخشوع، فمن قوله تعالى: {خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً}.
وأما التواضع، فمن قوله تعالى: {واخفض جناحك للمؤمنين}.
وأما حسن الخلق، فمن قوله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم}.
وأما الزهد، فمن قوله تعالى: {وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً}.
الصلاة مدرسة تدريبية للتواضع.
المؤمن متواضع وليس بذليل.
من ترك الكبر، ولزم التواضع؛ كمل سؤدده، وعلا قدره، وتناهى فضله.
وأحسن أخلاق الفتى وأتمها تواضعه للناس وهو رفيع([1]).
من أسباب العزة العفو والتواضع: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلا عِزّاً، وَمَا تَوَاضَعَ أحَدٌ لِلَّـهِ إِلا رَفَعَهُ اللهُ". أخرجه مسلم([2]).
من أهم علامات التواضع: الانقياد للحق، قال الله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة: 206.
كل ذي نعمة في الناس محسود، والنعمة التي لا يحسد صاحبها عليها التواضع.
تواضعَ الشريفِ زيادةٌ في شرفِه، وتكبر الوضيع زيادة في ضعته.
التواضع المذموم:
التّواضع أمامَ نُصرة دينِ الله سبحانه، والذي يسبِّب التخاذلَ وهجرَ النّصيحة وهجر الأمرِ بالمعروف والنّهيِ عن المنكر والخنوعَ أمام الباطل والبعدَ عن نصرة الظالم والمظلوم.
مِن التّواضع المذموم: تواضعَ المرء لصاحب الدنيا والجاه والنسب رغبةً في شيء مما عنده حتى يُصبح عالةً أمام المغريات فيفتَن بها.

عدد القراء : 1392