shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

الإشهاد في الطلاق

القصد من تعديل القوانين خدمة المجتمع.

لن نغير في أصل النصوص الشرعية.

إنما هي اختيارات فقهية، لمصلحة المجتمع، في زمان خاص.

حكم الحاكم يرفع الخلاف

قال الحق سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا، فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [سورة الطلاق آية 1- 2].

الزواج ميثاق غليظ، وعقد أحاطه الإسلام بشرائع وآداب تحفظه من الانحلال والهدم، وهو من آيات الله ونعمه على عباده، به يحصل العفاف ويستمر النسل وتحفظ الأعراض.

قال سبحانه وتعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الروم آية 21].

وقد نهي المسلم أن يعرض هذا الميثاق لكل ما يفسده، فحث الأزواج على حسن المعاشرة وحث النساء على حسن التبعل.

وكل طلاق من دون بأس فهو ظلم وعدوان إما على النفس أو على الغير، أو عليهما معا لما يعرض الأولاد للسوء.

أليس الطلاق أبغض الحلال إلى الله، وفي الحديث الصحيح "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة " رواه أبو داود.

وعن العلاء الغساني، قال: لقد بلغني: أن من الفواحش التي حرم الله مما بطن، مما لم يتبين ذكرها في القرآن: أن يتزوج الرجل المرأة، فإذا تقادم صحبتهما، وطال عهدهما، ونفضت ما في بطنها؛ طلقها من غير ريبة.

ذهب عامة أهل العلم إلى كراهة الطلاق من غير حاجة.

ورد عن الإمام أحمد رواية أنه ‏يحرم لأنه ضرر بنفسه وزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه، فكان حراماً ‏كإتلاف المال، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".

لقد نزلت هذه الأحكام الشرعية زمن الخيرية، فالتزم بها المكلفون على أنفسهم وعلى غيرهم، مع أداء الحقوق ومراعاة الأمانات، ومحبة الخير للغير.

أما الآن، وفي مجتمعات غلب على أهلها الجهل والفوضى وغمط الحقوق، مع غياب الوازع الديني وتغييب الشريعة، فعلى أصحاب القرار أن يراعوا في تطبيقهم للأحكام أن لا يظلم الناس رجالا كانوا أو نساء باسم الشرع الحنيف.

لقد وصف الحق سبحانه وتعالى عقد الزواج بأنه ميثاق غليظ، فأتت السنة المطهرة فأكدت هذا الوصف بأن جعلت لصحته توفر شروط محكمة من إيجاب وقبول وحضور ولي الزوجة وشاهدين عدلين، مع انتفاء الموانع مثل التوقيت أو الشغار أو التحليل وغيره.

أما عند الطلاق فأكثر أهل العلم يقول بوقوع الطلاق بمجرد التلفظ بكلمة الطلاق أو الفراق أو التسريح تصريحا أو غيرها كناية مع النية، وسواء كان المطلق جادا أو هازلا أو لاعبا.

بدليل حديث: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة".

اختلف أهل العلم في المسألة على قولين:

القول الأول: أن من تلفظ ولو هازلا بصريح لفظ الطلاق فإن طلاقه يقع ودليلهم الحديث الآنف.

القول الثاني وهو قول المالكية أن اللفظ الصريح يفتقر إلى النية، ودليلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات". وقول الله عز وجل: {وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم} [البقرة: 227].

أليس القصد والاختيار وإحضار الشهود أو الذهاب للتوثيق عند القاضي قيود لو روعيت حاليا لما تعرضت البيوت للفساد والأنساب والأولاد للضياع؟.

أليس إلزام الزوج بإحضار الشهود وسيلة لإبعاده عن جو الخصام والصدام عسى بحضورهم أن يذكروه بالله فيندم على ما سيقدم عليه؟.

أليس إلزام الناس بتوثيق العقود تحصين لهم من أن يعيشوا في الشبهات حيث أن الرجل قد يطلق زوجته مرات ومرات، لا يدري عددها وهي لا تزال في عصمته وفراشه، وهذا أمر حاصل ومشاهد في واقع المجتمع المسلم. هذه الحالة الأخيرة لا تخفى على من له تجربة في قضايا الزواج والطلاق وسط الأسر المسلمة، فقد سمعت وسمع غيري من زيجات اعترفن أنهن سمعن الطلاق من أزواجهن عددا لا يحصى من المرات. حتى أصبح التلفظ به لا يؤثر فيهن على الإطلاق.

ذهب جمهور علماء الأمة إلى أن الطلاق يقع من غير إشهاد؛ لأنه حق الزوج وله أن يتصرف في حقه كيف يشاء.

واستدلوا بأن المسلمين قديما وحديثا كانوا يطلقون ولم يشهدوا على هذا فدل على أن قوله تعالى {وأشهدوا ذوي عدل منكم} إنما للندب.

فمن أشهد على طلاقه فحسن ومن لم يشهد فلا شيء عليه.

بل هناك من قال أن آية سورة الطلاق ليست إلا للرجعة وليست للطلاق.

أقوال المفسرين:

  1. قال الطبري([1]): وقوله: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} وأشهدوا على الإمساك إن أمسكتموهن, وذلك هو الرجعة ذوي عدل منكم, وهما اللذان يرضى دينهما وأمانتهما.

ولكنه نقل قولا عن ابن عباس يقول: بأن الإشهاد للطلاق والرجعة قال: حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قال: إن أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها، أشهد رجلين كما قال الله {وأشهدوا ذوي عدل منكم} عند الطلاق وعند المراجعة.

  1. وقال أبن كثير وَقَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْل مِنْكُمْ}، أي: على الرجعة إذا عزمتم عليها.
  2. وقال القرطبي([2]): (فيه ست مسائل:

الأولى: قوله تعالى: {وأشهدوا} أمر بالإشهاد على الطلاق، وقيل: على الرجعة، والظاهر رجوعه إلى الرجعة لا إلى الطلاق، فإن راجع من غير إشهاد ففي صحة الرجعة قولان للفقهاء.

وقيل: المعنى وأشهدوا عند الرجعة والفرقة جميعا.

وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبي حنيفة؛ كقوله تعالى: {وأشهدوا إذا تبايعتم} [البقرة: 282].

وعند الشافعي واجب في الرجعة، مندوب إليه في الفرقة.

وفائدة الإشهاد ألا يقع بينهما التجاحد، وألا يتهم في إمساكها، ولئلا يموت أحدهما فيدعي الباقي ثبوت الزوجية ليرث).

وللإمام الشافعي قول آخر في القديم يرى أن الإشهاد في الطلاق واجب. قال([3]): (فأمر الله عز وجل في الطلاق والرجعة بالشهادة وسمى فيها عدد الشهادة فانتهى إلى شاهدين فدل ذلك على أن كمال الشهادة على الطلاق والرجعة شاهدان فإذا كان ذلك كمالها لم يجز فيها شهادة أقل من شاهدين).

ويرى الجعفرية، أن الإشهاد شرط لصحة الطلاق، قال الطوسي في كتاب الخلاف: كل طلاق لم يحضره شاهدان مسلمان عدلان وإن تكاملت سائر الشروط، فإنه لا يقع.

وسبب الخلاف هو: هل الإشهاد يعود إلى الطلاق أي إذا طلقتم النساء فاشهدوا ذوي عدل منكم، أو يعود على الرجعة إي إذا أرجعتموهن فأشهدوا على هذه الرجعة.

يرى الجعفرية أنه يعود إلى الطلاق بدليل أن السورة بكاملها أتت لبيان أحكام الطلاق حيث ذكرت عدة أحكام تخصه وهي:

1- أن يكون الطلاق لعدة النساء.

2- إحصاء العدة.

3- عدم إخراج النساء من البيوت.

4- خيار الزوج بين الإمساك والمفارقة عند دنو العدة من الانتهاء.

5- إشهاد العدول.

6- عدة المرتابة.

7- عدة من لا تحيض وهي في سن من تحيض.

8- عدة المرأة الحامل.

إذن:

النكاح متى وقع وثبت، كان أمرًا يقينيًّا، فلا يزول بحكم اجتهادي؛ لأنه ظن لا يزول به اليقين، ولا بخبر أحادي، كحديث "ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة".

دليل اشتراط الشهود في كل مرة من مرات الطلاق: قول الله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 65/2].

امتداداً لأمر التحكيم بين الزوجين، قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء، 4/35].

يمكن للزوج الرجوع في أثناء العدة، ولكن بشترط أن تكون نيته الإصلاح. كما دلَّ على ذلك قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة، 2/228].

ولا يجوز الرجوع بنية جلب الضرر عليها لذا قلنا بوجوب الشاهدين في كل مرة من مرات الطلاق.

وأهمية الشهود لمعرفة سبب الخلاف ووجود التعسف من عده، وليعرفا نية الزوج في الرجعة، قال الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة، 2/231].

ويقرر الشاهدان أن الزوج قام بإرجاع زوجته بنية الإصلاح، كما قال الله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق، 65/2].

في الفقه الجعفري([4]): (كل طلاق لم يحضره شاهدان مسلمان عدلان وإن تكاملت سائر الشروط؛ فإنه لا يقع).

وقال السيوطي: أخرج عبد الرزاق عن عطاء قال: النكاح بالشهود، والطلاق بالشهود، والمراجعة بالشهود([5]).

فالشارع بحكمته العالية يريد تقليل وقوع الطلاق والفرقة، فكثر قيوده وشروطه على القاعدة المعروفة من أن الشيء إذا كثرت قيوده عز أو قل وجوده، فاعتبر الشاهدين العدلين للضبط أوّلاً، وللتأخير والأناة ثانياً.

وعسى إلى أن يحضر الشاهدان أو يحضر الزوجان أو أحدهما عندهما يحصل الندم، ويعودان إلى الألفة، كما أشير إليه بقوله تعالى: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ً﴾.

وهذه حكمة عميقة في اعتبار الشاهدين لإيقاع الطلاق.

الشواهد من كتب الحديث الشريف:

الإشهاد على الطلاق وعلى الرجعة

عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ امْرَأَتَهُ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِى عُبَيْدٍ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَكَانَ لاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلاَّ بِإِذْنٍ فَلَمَّا رَاجَعَهَا أَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا([6]).

باب الشَّهَادَةِ فِى الطَّلاَقِ وَالرَّجْعَةِ وَمَا فِى مَعْنَاهُمَا مِنَ النِّكَاحِ وَالْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوِى عَدْلٍ مِنْكُمْ) ([7]).

حدثنا أبو بكر قال نا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية عن جويبر عن الضحاك في قوله وأشهدوا ذوي عدل منكم قال أمروا أن يشهدوا عند الطلاق والرجعة([8]).

حدثنا أبو بكر قال نا بن أبي غنية عن أبيه عن الحكم في رجل يراجع امرأته ولا يشهد قال فليشهد على رجعتها([9]).

حدثنا أبو بكر قال نا وكيع عن سفيان عن بن جريج عن عطاء قال الفرقة والرجعة بالشهود([10]).

حدثنا أبو بكر قال نا الثقفي عن أيوب عن محمد عن عمران بن حصين أنه سئل عن رجل طلق امرأته ولم يشهد وراجع ولم يشهد فقال طلق في غير عدة وراجع في غير سنة ليشهد على ما صنع([11]).

(6 ـ باب ما جاء في الإشهاد على الرجعة قال الله تعالى {فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم}) ([12]).

(4 ـ باب الشهادة في الطلاق والرجعة وما في معناهما من النكاح والقصاص والحدود قال الله جل ثناؤه {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم})([13]).

وقال الله عَزَّ وجلَّ في الطلاق والرجعة (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف، أو فارقوهن بمعروف، وأشهدوا ذوي عدل منكم) ([14]).

الشواهد من كتب أحاديث الأحكام وشروحه:

(عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ ثُمَّ يُرَاجِعُ، وَلَا يُشْهِدُ، فَقَالَ أَشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا وَعَلَى رَجْعَتِهَا.

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهَكَذَا مَوْقُوفًا وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ سُئِلَ عَمَّنْ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ، فَقَالَ: أَرْجَعَ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ فَيُشْهِدُ الْآنَ وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ فِي رِوَايَةٍ وَيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ).

دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى شَرْعِيَّةِ الرَّجْعَةِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} الْآيَةَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ رَجْعَةَ زَوْجَتِهِ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ رِضَاهَا وَرِضَا وَلِيِّهَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْمَسِيسِ وَكَانَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ لَا إذَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَةُ سُورَةِ الطَّلَاقِ وَهِيَ قَوْلُهُ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} بَعْدَ ذِكْرِهِ الطَّلَاقَ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَكَأَنَّهُ اسْتَقَرَّ مَذْهَبُهُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ الْمَرْزَعِيُّ فِي تَيْسِيرِ الْبَيَانِ، وَقَدْ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ جَائِزٌ.

وَأَمَّا الرَّجْعَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا قَرِينَتُهُ، فَلَا يَجِبُ فِيهَا الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلزَّوْجِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ عَلَى قَبْضِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ الْإِشْهَادُ([15]).

قَالَ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الرَّجْعَةِ شَاهِدَانِ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا صَحَّتْ الرَّجْعَةُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا تَصِحُّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَالْأَمْرُ لِلْإِيجَابِ، وَلَنَا إطْلَاقُ النُّصُوصِ عَنْ قَيْدِ الْإِشْهَادِ، وَلِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ وَالشَّهَادَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ كَمَا فِي الْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ إلَّا أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ كَيْ لَا يَجْرِيَ التَّنَاكُرُ فِيهَا وَمَا تَلَاهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَرَنَهَا بِالْمُفَارَقَةِ وَهُوَ فِيهَا مُسْتَحَبٌّ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْلِمَهَا كَيْ لَا تَقَعَ فِي الْمَعْصِيَةِ([16]).

قَوْله (بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم - كِتَاب الطَّلَاق)

الطَّلَاق قَدْ يَكُون حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ جَائِزًا،

أَمَّا الْأَوَّل فَفِيمَا إِذَا كَانَ بِدْعِيًّا وَلَهُ صُوَر،

وَأَمَّا الثَّانِي فَفِيمَا إِذَا وَقَعَ بِغَيْرِ سَبَب مَعَ اِسْتِقَامَة الْحَال،

وَأَمَّا الثَّالِث فَفِي صُوَر مِنْهَا الشِّقَاق إِذَا رَأَى ذَلِكَ الْحَكَمَانِ،

وَأَمَّا الرَّابِع فَفِيمَا إِذَا كَانَتْ غَيْر عَفِيفَة،

وَأَمَّا الْخَامِس فَنَفَاهُ النَّوَوِيّ وَصَوَّرَهُ غَيْره بِمَا إِذَا كَانَ لَا يُرِيدهَا وَلَا تَطِيبُ نَفْسه أَنْ يَتَحَمَّل مُؤْنَتهَا مِنْ غَيْر حُصُول غَرَض الِاسْتِمْتَاع، فَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَام أَنَّ الطَّلَاق فِي هَذِهِ الصُّورَة لَا يُكْرَه.

قَوْله (وَطَلَاق السُّنَّة أَنْ يُطَلِّقهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْر جِمَاع)

رَوَى الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ اِبْن مَسْعُود فِي قَوْله تَعَالَى (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) قَالَ: فِي الطُّهْر مِنْ غَيْر جِمَاع، وَأَخْرَجَهُ عَنْ جَمْع مِنْ الصَّحَابَة وَمَنْ بَعْدهمْ كَذَلِكَ، وَهُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ أَيْضًا.

قَوْله (وَيُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ)

مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْل مِنْكُمْ) وَهُوَ وَاضِح، وَكَأَنَّهُ لَمَّحَ بِمَا أَخْرَجَهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " كَانَ نَفَرٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ يُطَلِّقُونَ لِغَيْرِ عِدَّة وَيُرَاجِعُونَ بِغَيْرِ شُهُود فَنَزَلَتْ"([17]).

الشواهد من كتب تفسير القرآن العظيم:

وقبول شهادة العدلين في الرجعة والطلاق المنصوص في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ} [الطلاق: 2] من الكتاب الذي أنزله الله، لأنه مصرح به فيه([18]).

(فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) تفريع على جميع ما تقدم من أحكام العدة معطوف على جملة (وأحصوا العدة) لأن إحصاءها بحفظ مدتها واستيعاب أيامها فإذا انتهت المدة فقد أعذر الله لهما والزيادة عليها إضرار بأحدهما أو بكليهما وفائدة الآجال الوقوف عند انتهائها

 وبلوغ الأجل أصله انتهاء المدة المقدرة له كما يؤذن به معنى البلوغ الذي هو الوصول إلى المطلوب على تشبيه الأجل المعين بالمكان المسير إليه وشاع ذلك في الاستعمال فالمجاز في لفظ الأجل وتبعه المجاز في البلوغ وقد استعمل البلوغ في هذه الآية في مقاربة ذلك الانتهاء مبالغة في عدم التسامح فيه وهذا الاستعمال مجاز آخر لمشابهة مقاربة الشيء بالحصول فيه والتلبس به

وقرينة المجاز هنا هو لفظ الأجل لأنه لا تتصور المراجعة بعد بلوغ الأجل لأن في ذلك رفع معنى التأجيل

والأمر في (فامسكوهن) (أو فارقوهن) للإباحة وأو فيه للتخيير

والباء في (بمعروف) للملابسة أي ملابسة كل من الإمساك والفراق للمعروف

والمعروف: هو ما تعارفه الأزواج من حسن المعاملة في المعاشرة وفي الفراق

فالمعروف في الإمساك: حسن اللقاء والاعتذار لها عما فرط والعود إلى حسن المعاشرة

والمعروف في الفراق: كف اللسان عن غيبتها وإظهار الاستراحة منها

...

ولما قيد أمر الإباحة من قوله (فامسكوهن) (أو فارقوهن) بقيد بالمعروف فهم منه أنه إن كان إمساك دون المعروف فهو غير مأذون فيه وهو الإمساك الذي كان يفعله أهل الجاهلية أن يطلق الرجل امرأته فإذا قاربت انتهاء عدتها راجعها أياما ثم طلقها بفعل ذلك ثلاثا ليطيل عليها من العدة فلا تتزوج عدة أشهر إضرار بها

...

(وأشهدوا ذوي عدل منكم) ظاهر وقوع هذا الأمر بعد ذكر الإمساك أو الفراق أنه راجع إلى كليهما لأن الإشهاد جعل تتمة للمأمور به في معنى الشرط للإمساك أو الفراق لأن هذا العطف يشبه القيد وإن لم يكن قيدا وشأن الشروط الواردة بعد جمل أن تعود إلى جميعها

وظاهر صيغة الأمر الدلالة على الوجوب فيتركب من هذين أن يكون الإشهاد على المراجعة وعلى بت الطلاق واجبا على الأزواج لأن الإشهاد يرفع أشكالا من النوازل وهو قول ابن عباس وأخذ به يحيى بن بكير من المالكية والشافعي في أحد قوليه وابن حنبل في أحد قوليه وروى عن عمران بن حصين وطاووس وإبراهيم وأبي قلابة وعطاء.

وقال الجمهور الإشهاد المأمور به الإشهاد على المراجعة دون بت الطلاق.

أما مقتضى صيغة الأمر في قوله تعالى (وأشهدوا ذوي عدل) فقيل هو مستحب وهو قول أبي حنيفة والمشهور عن مالك فيما حكاه ابن القصار.

ولعل مستند هذا القول عدم جريان العمل بالتزامه بين المسلمين في عصر الصحابة وعصور أهل العلم، وقياسه على الإشهاد بالبيع فإنهم اتفقوا على عدم وجوبه، وكلا هذين مدخول؛ لأن دعوى العمل بترك الإشهاد دونها منع، ولأن قياس الطلاق والرجعة على البيع قد يقدح فيه بوجود فارق معتبر، وهو خطر الطلاق والمراجعة وأهمية ما يترتب عليهما من الخصومات بين الانساب، وما في البيوعات مما يغني عن الإشهاد وهو التقايض في الاعواض.

 وقيل الأمر للوجوب المراجعة دون الفرقة وهو أحد قولي الشافعي وأحمد ونسبه إسماعيل بن حماد من فقهاء المالكية ببغداد إلى مالك وهو ظاهر مذهب ابن بكير

واتفق الجميع على أن هذا الإشهاد ليس شرطا في صحة المراجعة أو المفارقة لأنه إنما شرع احتياطا لحقهما وتجنبا لنوازل الخصومات خوفا من أن يموت فتدعي أنها زوجة لم تطلق أو أن تموت هي فيدعي هو ذلك وكأنهم بنوه على أن الأمر لا يقتضي الفور على أن جعل الشيء شرطا لغيره يحتاج إلى دليل خاص غير دليل الوجوب لأنه قد يتحقق الإثم بتركه ولا يبطل بتركه ما أمر بإيقاعه معه مثل الصلاة في الأرض المغصوبة. وبالثوب المغصوب. قال الموجبون للإشهاد لو راجع ولم يشهد أو بت الفراق ولم يشهد صحت مراجعته ومفارقته وعليه أن يشهد بعد ذلك

 قال يحي بن بكير: معنى الاستشهاد على المراجعة والمفارقة أن يشهد عند مراجعتها إن راجعها وعند انقضاء عدتها إن لم يراجعها أنه قد كان طلقها وأن عدتها قد انقضت([19]).

 

وأشهدوا ذوي عدل منكم هذا خطاب للأزواج والمأمور به هو الإشهاد على الرجعة عند الجمهور.

وقد اختلف فيه هل هو واجب أو مستحب على قولين في المذهب.

وقال ابن عباس هو الشهادة على الطلاق وعلى الرجعة وهذا أظهر لأن الإشهاد به يرفع الإشكال والنزاع، ولا فرق في هذا بين الرجعة والطلاق([20]).

 

وإن أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها أشهد على ذلك رجلين كما قال الله: وأشهدوا ذوي عدل منكم عند الطلاق وعند المراجعة فإن راجعها فهي عنده على طلقتين أو إن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت عدتها منه بواحدة وهي أملك لنفسها ثم تتزوج من شاءت هو أو غيره

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

الطلاق على أربعة منازل: منزلان حلال ومنزلان حرام

فأما الحرام فأن يطلقها حين يجامعها ولا يدري اشتمل الرحم على شيء أو لا، وأن يطلقها وهي حائض

وأما الحلال فأن يطلقها لأقرائها طاهرا عن غير جماع، وأن يطلقها مستبينا حملها([21]).

{وأشهدوا ذوي عدل منكم} على الرجعة والفراق([22]).

وقوله تعالى: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} يريد على الرجعة، وذلك شرط في صحة الرجعة، وللمرأة منع الزوج من نفسها حتى يشهد، وقال ابن عباس المراد على الرجعة، والطلاق، لأن الإشهاد يرفع من النوازل إشكالات كثيرة، وتقييد تاريخ الإشهاد من الإشهاد([23]).

 

ثم قال - سبحانه -: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ} أى: وأشهدوا عند المراجعة لأزواجكم وعند مفارقتكم لهن رجلين تتوفر فيهما العدالة والاستقامة لأن الإشهاد يقطع التنازع، ويدفع الريبة، وينفى التهمة.

والأمر فى قوله: {وَأَشْهِدُواْ} للندب والاستحباب فى حالتى المراجعة والمفارقة، فهو كقوله - تعالى -: {وأشهدوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} وقال الشافعى فى القديم: إنه للوجوب فى الرجعة. وزعم الطبرسى أن الظاهر أنه أمر بالإشهاد على الطلاق، وأنه مروى عن أثمة أهل البيت، وأنه للوجوب، وشرط فى صحة الطلاق.

وقوله: {وَأَقِيمُواْ الشهادة لِلَّهِ} معطوف على ما قبله، والخطاب لكل من تتعلق به الشهادة.

والمراد بإقامة الشهادة: أداؤها بالعدل والصدق.

أى: وعليكم - أيها المؤمنون - عند أدائكم للشهادة، أن تؤدوها بالعدل والأمانة، وأن تجعلوها خالصة لوجه الله - تعالى - وامتثالا لأمره([24]).

قال عز وجل: {وَأَشْهِدُوا ذَوِى عَدْلٍ مّنْكُمْ} يعني: أشهدوا على الطلاق والمراجعة فهو على الاستحباب. ويقال: على النكاح المستقبل، فإن أراد به الإشهاد على الطلاق والمراجعة، فهو على الاستحباب. ولو ترك الإشهاد بالمراجعة، جاز الطلاق والمراجعة. فإن أراد به الإشهاد على النكاح، فهو واجب، لأنه لا نكاح إلاَّ بشهود([25]).

 

مواطن الشهادة الواردة في القرآن، والتي يجب القيام فيها، نسوقها على سبيل الإجمال.

الأول: الإشهاد في البيع في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ}.

الثاني: الطلاق، والرجعة لقوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَى عَدْلٍ مِّنكُمْ}.

الثالث: كتابة الدَّين لقوله تعالى: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ}.

الرابع: الوصية عند الموت لقوله تعالى: {يِـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ شَهَـ?دَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ}.

الخامس: دفع مال اليتيم إليه إذا رشد، لقوله تعالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ}.

السادس: إقامة الحدود لقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

السابع: في السنة عقد النكاح لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل"، وهذه كلها مواطن هامة تتعلق بحقّ الله وحق العباد من حفظ للمال والعرض والنسب، وفي حق الحي والميت واليتيم والكبير، فهي في شتى مصالح الأمة استوجبت الحث على القيام بها {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَـادَاتِهِم قَائِمُونَ} والتحذير من كتمانها {وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَـادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءَاثِمٌ قَلْبُهُ}([26]).

وأشهدوا ذوى عدل منكم عند الرجعة والفرقة قطعا للتنازع وهذ أمر ندب كما في قوله تعالى واشهدوا إذا تبايعتم ويروى عن الشافعي أنه للوجوب في الرجعة وأقيموا الشهداة لله أيها الشهود عند الحاجة خالصا لوجهه تعالى ذلكم إشارة إلى الحث على الإشهاد والإقامة أو على جميع ما في الآية يوعظ به من كان يمن بالله واليوم الآخر إذ هو المنتفع به والمقصود تذكيره([27]).

قوله وأشهدوا ذوي عدل منكم يعني على الطلاق والمراجعة وأقيموا الشهادة لله يعني من كانت عنده شهادة فليشهد بها([28]).

 

وقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} أي: على الرجعة إذا عَزَمتم عليها، كما رواه أبو داود وابن ماجه، عن عمران بن حُصَين: أنه سُئِل عن الرجل يطلق امرأته ثم يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال: طَلَّقتَ لغير سنة، ورجعت لغير سنة، وأشهِدْ على طلاقها وعلى رجعتها، ولا تَعُدْ([29]).

وقال ابن جريج: كان عطاء يقول: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} قال: لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا رجاع إلا شاهدا عدل، كما قال الله، عز وجل، إلا أن يكون من عذر.

وقوله: {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} أي: هذا الذي أمرناكم به من الإشهاد وإقامة الشهادة، إنما يأتمر به من يؤمن بالله وأنه شرع هذا، ومن يخاف عقاب الله في الدار الآخرة.

ومن ها هنا ذهب الشافعي -في أحد قوليه-إلى وجوب الإشهاد في الرجعة، كما يجب عنده في ابتداء النكاح. وقد قال بهذا طائفة من العلماء، ومن قال بهذا يقول: إن الرجعة لا تصح إلا بالقول ليقع الإشهاد عليها([30]).

{وَأَشْهِدُواْ ذَوَى عَدْلٍ مّنكُمْ} عند الرجعة إن اخترتموها أو الفرقة إن اخترتموها تبريا عن الريبة وقطعاً للنزاع، وهذا أمر ندب كما في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]، وقال الشافعي في القديم: إنه للوجوب في الرجعة، وزعم الطبرسي أن الظاهر أنه أمر بالاشهاد على الطلاق وأنه مروى عن أئمة أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. وأنه للوجوب وشرط في صحة الطلاق {وَأَقِيمُواْ الشهادة} أي أيها الشهود عند الحاجة {لِلَّهِ} خالصاً لوجهه تعالى([31]).

{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} على الرجعة والفراق. أمر بالإشهاد على الرجعة وعلى الطلاق([32]).

{وأشهدوا ذوي عدل منكم} على الرجعة أو الفرقه تبريا عن الريبة وقطعا للتنازع وهو ندب كقوله تعالى: {وأشهدوا إذا تبايعتم} وعن الشافعي وجوبه في الرجعة([33]).

وقوله تعالى وأشهدوا ذوي عدل منكم يريد على الرجعة وذلك شرط في صحة الرجعة وتمنع المرأة الزوج من نفسها حتى يشهد وقال ابن عباس على الرجعة والطلاق معا([34]).

{وأشهدوا ذوي عدل منكم} على المراجعة أو الفراق([35]).

 

{وأشهدوا ذوي عدل منكم} أي على الرجعة وعلى الفراق أمر بالإشهاد على الرجعة وعلى الطلاق.

عن عمران بن حصين أنه سئل عن رجل يطلق امرأته ثم يقع عليها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد. أخرجه أبو داود وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبي حنيفة كما في قوله وأشهدوا إذا تبايعتم وعند الشافعي هو واجب في الرجعة مندوب إليه في الفرقة وفائدة هذا الإشهاد أن لا يقع بينهما التجاحد وأن لا يتهم في إمساكها وأن لا يموت أحد الزوجين فيدعي الآخر ثبوت الزوجية ليرث؛ وقيل أمر بالإشهاد للاحتياط مخافة أن تنكر الزوجة المراجعة فتنقضي العدة فتنكح زوجاً غيره([36]).

وقوله تعالى: {وَأَشْهِدُواْ ذَوى عَدْلٍ مّنْكُمْ} أي أمروا أن يشهدوا عند الطلاق وعند الرجعة ذوي عدل، وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبي حنيفة كما في قوله: {وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وعند الشافعي هو واجب في الرجعة مندوب إليه في الفرقة، وقيل: فائدة الإشهاد أن لا يقع بينهما التجاحد، وأن لا يتهم في إمساكها ولئلا يموت أحدهما فيدعي الباقي ثبوت الزوجية ليرث، وقيل: الإشهاد إنما أمروا به للاحتياط مخافة أن تنكر المرأة المراجعة فتنقضي العدة فتنكح زوجاً([37]).

{وَأَشْهِدُوا} على طلاقها ورجعتها {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} أي: رجلين مسلمين عدلين، لأن في الإشهاد المذكور، سدًا لباب المخاصمة، وكتمان كل منهما ما يلزمه بيانه([38]).

 

حدثني عليّ، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال: إن أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها، أشهد رجلين كما قال الله (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) عند الطلاق وعند المراجعة، فإن راجعها فهي عنده على تطليقتين، وإن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت منه بواحدة، وهي أملك بنفسها، ثم تتزوّج من شاءت، هو أو غيره.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله:(وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) قال: على الطلاق والرجعة([39]).

ثم أمر بالإشهادِ على ذلك فقال: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ الشهادة لِلَّهِ}، يعني اذا راجع المرء زوجته عليه ان يُشهِد اثنين من العدول، واذا فارقَها كذلك. وخاطب الشهودَ بأن يشهدوا على الحق ويؤدوا أمانتهم، وهي الشهادة، على وجهها خالصة لله([40]).

 

قوله: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ}.

أمر بالإشهاد على الطلاق، وقيل على الرجعة.

قال القرطبي: « والظاهر رجوعه إلى الرجعة لا إلى الطلاق، فإن راجع من غير إشهاد ففي صحة الرجعة قولان.

وقيل: المعنى وأشهدوا عند الرجعة والفرقه جميعاً وهذا الإشهاد مندُوب إليه عند أبي حنيفة، كقوله تعالى: {وأشهدوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]، وعند الشَّافعي واجبٌ في الرَّجعة مندوب إليه في الفرقة، وفائدة الإشهاد ألا يقع بينهما التجاحد، وألاَّ يتهم في إمساكها، ولئلا يموت أحدهما فيدعي الباقي بثبوت الزوجية فيرث ».

فصل في الإشهاد على الرجعية

الإشهاد على الرجعية ندب عند الجمهور، وإذا جامع أو قبل أو باشر يريد بذلك الرَّجعة، فليس بمراجع.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا قبل أو باشر أو لمس بشهوة، فهو رجعة وكذلك النظر إلى الفَرْج رجعة.

وقال الشافعي وأبو ثور: إذا تكلم بالرجعة، فهي رجعة.

وقيل: وطؤه مراجعة على كُلِّ حال، نواها أو لم ينوها، وهو مذهب أحمد وإليه ذهب الليث وبعض المالكية.

قال القرطبي: وكان مالك يقول: إذا وطىء ولم ينو الرجعة، فهو وَطْء فاسد، ولا يعود إلى وطئها حتى يستبرئها من مائهِ الفاسد، وله الرجعة في بقية العدة الأولى، وليست له رجعة في هذا الاستبراء.

فصل فيمن أوجب الإشهاد في الرجعة

أوجب الإشهاد في الرجعة الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، والشافعي كذلك لظاهر الأمر.

وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد والشافعي في القول الآخر: إنَّ الرجعة لا تفتقر إلى القبول فلم تفتقر إلى الإشهاد كسائر الحقوق، وخصوصاً حل الظهار بالكفارة.

فصل

إذا ادّعى بعد انقضاء العدة أنه راجع امرأته في العدة، فإن صدقته جاز، وإن أنكرت حلفت، فإن أقام بينةً أنه ارتجعها في العدة، ولم تعلم بذلك لم يضرّه جهلها، وكانت زوجته وإن كانت قد تزوجت ولم يدخل بها، ثم أقام الأول البيّنة على رجعتها، فعن مالك - رحمه الله - في ذلك روايتان:

إحداهما: أن الأول أحق بها.

والأخرى: أن الثاني أحق بها، فإن كان الثاني قد دخل بها فلا سبيل للأول إليها([41]).

وأشهدوا ذوي عدل منكم عند الرجعة إن اخترتموها أو الفرقة إن اخترتموها تبريا عن الريبة وقطعا للنزاع وهذا أمر ندب كما في قوله تعال: وأشهدوا إذا تبايعتم وقال الشافعي في القديم: إنه للوجوب في الرجعة وزعم الطبرسي أن الظاهر أنه أمر بالإشهاد على الطلاق وأنه مروي عن أئة أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وأنه للوجوب وشرط في صحة الطلاق([42]).

وأشهدوا ذوي عدل منكم قال المفسرون أشهدوا على الطلاق أو المراجعة واختلف العلماء هل الإشهاد على المراجعة واجب أم مستحب وفيه عن أحمد روايتان وعن الشافعي قولان([43]).

{وأشهدوا ذوي عدل منكم} على الرجعة وقيل على الطلاق وقيل عليها قطعا للتنازع وحسما لمادة الخصومة والأمر للندب كما في قوله: {وأشهدوا إذا تبايعتم} وقيل إنه للوجوب وإليه ذهب الشافعي قال: الإشهاد واجب في الرجعة مندوب إليه في الفرقة وإليه ذهب أحمد بن حنبل وفي قول للشافعي: إن الرجعة لا تفتقر إلى الإشهاد كسائر الحقوق وروي نحو هذا عن أبي حنيفة وأحمد([44]).

{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، على الرجعة أو الفراق أمر بالإشهاد على الرجعة وعلى الطلاق([45]).

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. فَأَمَرَ اللَّهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ بِالشَّهَادَةِ، وَسَمَّى فِيهَا عَدَدَ الشَّهَادَةِ؛ فَانْتَهَى إلَى شَاهِدَيْنِ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كَمَالَ الشَّهَادَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ: شَاهِدَانِ لَا نِسَاءَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ شَاهِدَيْنِ لَا يَحْتَمِلُ بِحَالٍ، أَنْ يَكُونَا إلَّا رَجُلَيْنِ. وَدَلَّ أَنِّي لَمْ أَلْقَ مُخَالِفًا: حَفِظْتُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ حَرَامًا أَنْ يُطَلِّقَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): دَلَالَةُ اخْتِيَارٍ. وَاحْتَمَلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الرَّجْعَةِ مِنْ هَذَا. مَا احْتَمَلَ الطَّلَاقُ([46]).

 

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} فَأَمَرَ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الرَّجْعَةِ وَالْفُرْقَةِ أَيَّتَهمَا اخْتَارَ الزَّوْجُ؛ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَطَاوُسٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَأَبُو قلابة أَنَّهُ إذَا رَجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ فَالرَّجْعَةُ صَحِيحَةٌ وَيُشْهِدُ بَعْدَ ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمَّا جُعِلَ لَهُ الْإِمْسَاكُ أَوْ الْفِرَاقُ ثُمَّ عَقَبَهُ بِذِكْرِ الْإِشْهَادِ كَانَ مَعْلُومًا وُقُوعُ الرَّجْعَةِ إذَا رَجَعَ وَجَوَازُ الْإِشْهَادِ بَعْدَهَا إذْ لَمْ يَجْعَلْ الْإِشْهَادَ شَرْطًا فِي الرَّجْعَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِرَاقِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ تَرْكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَأَنَّ الْفُرْقَةَ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا وَيُشْهِدُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِشْهَادَ عَقِيبَ الْفُرْقَةِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا، كَذَلِكَ الرَّجْعَةُ وَأَيْضًا لَمَّا كَانَتْ الْفُرْقَةُ حَقًّا لَهُ وَجَازَتْ بِغَيْرِ إشْهَادٍ إذْ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى رِضَا غَيْرِهِ وَكَانَتْ الرَّجْعَةُ أَيْضًا حَقًّا لَهُ، وَجَبَ أَنْ تَجُوزَ بِغَيْرِ إشْهَادٍ وَأَيْضًا لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الْإِمْسَاكِ أَوْ الْفُرْقَةِ احْتِيَاطًا لَهُمَا وَنَفْيًا لِلتُّهْمَةِ عَنْهُمَا إذَا عُلِمَ الطَّلَاقُ وَلَمْ يُعْلَمْ الرَّجْعَةُ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ الطَّلَاقُ وَالْفِرَاقُ، فَلَا يُؤْمَنُ التجاحد بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ مَعْنَى الِاحْتِيَاطِ فِيهِمَا مَقْصُورًا عَلَى الْإِشْهَادِ فِي حَالِ الرَّجْعَةِ أَوْ الْفُرْقَةِ بَلْ يَكُونُ الِاحْتِيَاطُ بَاقِيًا، وَإِنْ أَشْهَدَ بَعْدَهُمَا وَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُهُمَا إذَا أَشْهَدَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ بِسَاعَةٍ أَوْ سَاعَتَيْنِ؛ وَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي صِحَّةِ وُقُوعِ الرَّجْعَةِ بِغَيْرِ شُهُودٍ إلَّا شَيْئًا يُرْوَى عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: " الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ بِالْبَيِّنَةِ "، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ احْتِيَاطًا مِنْ التجاحد لَا عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ بِغَيْرِ شُهُودٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ ذَكَرَ الطَّلَاقَ مَعَهَا وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؟([47]).

 

 

الشواهد من كتب الفقه:

والمشروع: إعلان النكاح، والطلاق، والرجعة، والإشهاد على ذلك؛ لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ([48]).

كِتَابُ الشَّهَادَاتِ: الشَّهَادَةُ مَوْضُوعَةٌ لِلتَّوَثُّقِ صِيَانَةً لِلدُّيُونِ وَالْعُ

عدد القراء : 3350