shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

الحرب على الإسلام

 

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسول الله المصطفى، وآله الطيبين الطاهرين أولى الصدق والوفا، وصحابته الغر الميامين الأصفيا، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين من أولي الألباب والحجا، وبعد:

فإن هناك شقين لمسؤولية الدعاة:

في العطاء: فمسؤولية الدعاة في كل الأزمنة والأمكنة مسؤولية عظيمة وجليلة فهي مهمة الأنبياء والمرسلين، تحمَّلها الدعاة من بعدهم ليسيروا على نهجهم في بناء الإنسان؛ بناءً إيمانياً، وتكوين شخصيته الفكرية عبر معرفة نقية مستمدة من خالق الكون والحياة، وترسيخ قيم الخير والصلاح؛ اجتماعياً، وتقوية الروابط والتكافل؛ اقتصادياً، ويصون ذلك كله إدارة سياسية شورية؛ قائمة على العدل والإنصاف.

وفي الوقاء: تكون مسؤوليتهم أكبر ومهمتهم أشق؛ في تنقية مفاهيم الناس عن الإسلام وتطهيرها مما يشوبها عبر السنين، ومن خلال أعداء الداخل والخارج في محاولاتهم إلصاق تهم وشبهات بدين الله مما لم يأت به كتاب كريم، ولا سنة مطهرة، ولا قول مأثور، ولا كلام مشهور.

الأمة الإسلامية في مواجهة معلنة:

ومن جهة أخرى فكل مخلص من المسلمين يحترق قلبه ألماً ويتحرق فؤاده غَيْرَة، بسبب ما تمر به الأمة الإسلامية اليوم من ضعف مادي وخوار فكري، وتكالب من الأمم عليها من خلال انتهاك حرماتها، والاستهانة بدمائها، واحتلال لأراضيها، ونهب لخيراتها، وتشريد لإنسانها، وتقتيل لأطفالها.

ويبدو أن الأمة الإسلامية على موعد متجدد مع الأحزان لا ينتهي، ومع أتراح تدمي القلب وتدمع العين بدأت منذ بدء الدعوة الإسلامية واستمرت إلا أن تأثيرها بات أشد من ذي قبل في قرون ماضية ليست بالقليلة، وبخاصة في العقود الأخيرة من القرن العشرين؛ فمن نكبة إلى نكبة، ومن هزيمة إلى أخرى، وكأن الأحداث التي تعصف بالأمة سحابة صيف ثقيلة تلازم المكان وتستمر في الزمان، ولا تريد أن تغادر لتعود السماء صافية من جديد، وإنما أسميتها سحابة صيف للأمل الذي أنشده في أبناء الأمة الإسلامية.

وقد أدرك أعداء الأمة أن الحرب على الإسلام لا يمكن أن تكون حرب مواجهة معلنة ضد دين الله؛ لأن المواجهة تستثير حفيظة المسلم، وتوقظ حميته، وتدفعه للدفاع عن دين الله دفاعاً مستميتاً؛ فاتخذوا سبيل التسلل للصفوف الإسلامية وتحويل المعركة حرباً على المسلمين دون إعلان صريح؛ بغرس أفكار خاطئة يتبناها جماعات ممن ولدوا في بلاد المسلمين وترعرعوا فيها، ثم إثارة حفيظة الآخرين عليهم والمجتمع الدولي ضدهم على أن الحرب على هؤلاء المتطرفين.

ومن خلال تجارب التاريخ نتعلم أيضا أن احتلال الأرض لا يمكن أن يتم إلا باحتلال العقول وجزء من احتلال العقول هو الدين والفكر الديني. والغرب في صراعه ضد الإسلام ينظر إلى الدين الإسلامي باعتباره الجامع الموحد للأمة والطاقة المحركة لها وأنه يجب أولا أن يعمل على تفكيك هذا الجامع حتى يحقق هدفه في شرذمة المسلمين وهزيمتهم واستسلامهم.

غير أنه في السنوات والأشهر القليلة الماضية بدأت الحرب مكشوفة معلنة على أنها حرب دينية، دون وجل أو تحفظ، ولعل السبب الأكبر ليس قوة العدو بقدر ما هو استكانة المسلمين وضعفهم، حيث يعيش المسلمون على الانفعال مع الأحداث ولم يفكروا قط بفعلها.

وقد مرت المسألة بمسميات مخترَعة، ومصطلحات جديدة؛ مثل العولمة، تجديد الخطاب الديني، محاربة التطرف، ومكافحة الإرهاب.

وأرى أن:

غزوة الأحزاب تعود من جديد عبر (الحرب العالمية الرابعة):

فالعولمة كما تلاحظون ما هي إلا تطبيق لنظرية صراع الحضارات؛ التي عرضها (هانتنغتون) وهي ليست اختراعاً منه ولا تبشيراً بصدام الحضارات، لكنها كشف وإظهار عن واقع صدام الحضارات الذي يمارسه الغرب ضد الحضارات الأخرى، وقد تحدث بصراحة ووضوح عن ضرورة البدء بالحضارة الإسلامية والصينية مع تحييد الحضارات الأخرى.

ولكن لأن الصين حققت مشروعاً نهضوياً كبيراً وأصبحت قوة لا يستهان بها؛ فقد صارت نقاط الضعف موجودة أساساً في الحضارة الإسلامية.

ويعتبر البروفيسور (إليوت كوهين) أن الحرب الباردة ضد الشيوعية كانت الحرب العالمية الثالثة، وقد حققت فيها أمريكا والغرب الرأسمالي انتصارًا ساحقًًا، حسب تعبير الرئيس الأمريكي الأسبق (ريتشارد نيكسون) في كتابه (نصر بلا حرب).

وعند سقوط الاتحاد السوفيتي السابق بررت (مارجريت تاتشر) رئيسة الوزراء البريطانية السابقة استمرار وتقوية (حلف الناتو) بوجود الخطر الإسلامي، وهو ما عبّر عنه رئيس مجلس الوزراء الأوروبي الأسبق (جياتي ديميلكس) عندما سُئل من مراسل مجلة النيوزويك الأمريكية عن السبب في بقاء حلف الأطلنطي بعد نهاية المعسكر الشيوعي: (صحيح أن المواجهة مع المعسكر الشيوعي قد انتهت، ولكن هناك مواجهة أخرى لا بد أن نستعد لها وهي مواجهة العالم العربي والإسلامي، وعلى أوروبا أن تحلّ مشكلاتها لتتفرغ لهذا العدو الخطير).

وبالتالي؛ فإن أمريكا تعتبر نفسها الآن تخوض الحرب العالمية الرابعة ضد العالم الإسلامي تحت اسم مواجهة الإرهاب [الإسلامي].

وفي مقالة في صحيفة "وول ستريت" بتاريخ (20/11/2001) تشير إلى أن الحملة على الإرهاب هي الحرب العالمية الرابعة، وأن على الولايات المتحدة أن تنتصر في الحرب على الإسلام الأصولي.

وأعلنت الولايات المتحدة صراحة حربها على الإسلام، وبدأ الحديث عن (الإسلام المعدل) سواء كان ذلك ما يتعلق بمنع ارتداء السراويل وحظر غطاء الرأس للرجال، وتقييد إطلاق اللحية، وكذلك حذف بعض التعاليم الدينية من المناهج التعليمية والخطاب الإسلامي عموماً، وبالذات ما ستعلق بشأن الجهاد ومحاربة الكفار.

في عام 1981م قال (إدوارد سعيد): (هناك قوى في أمريكا والغرب نجحت في نشر صورة سلبية عن الإسلام باعتباره خطرًا على الحضارة الغربية)، والقوى هي اليهودية المتصهينة والصليبية الحاقدة وهي التي تُهيئ الرأي العام الغربي منذ فترة طويلة لقبول الحرب العالمية الرابعة ضد الإسلام.

وفي العادة يربط البعض بين الحرب على الإسلام وبين أحداث 11سبتمبر2001م، وهو ربط غير صحيح؛ فلا علاقة سببية بين الاثنين؛ فالحادث استخدم ذريعة أو تبريراً أو مناسبة لتصعيد الهجوم على المظاهر الإسلامية.

ففكرة اعتبار العالم الإسلامي خطرًا على الحضارة الغربية فكرة تقليدية قديمة مزروعة في الوجدان الغربي أولاً، وتصاعدت بقوة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي بمناسبة سقوط الخطر الشيوعي عامة، وتفكك الاتحاد السوفييتي بوجه خاص، وتأججت وبرزت للعيان مع أحداث 11 سبتمبر 2001م.

ومن جهة أخرى يذكرنا تكالب الأمم واجتماعهم على المسلمين اليوم بما جرى في السنة الخامسة للهجرة، فقبيل غزوة الخندق كانت القبائل العربية تعيش على الصراعات فيما بينها وهي قبائل مشركة، وكان اليهود أهل دين، وعلى الرغم مما بينهم من تناقضات شديدة، إلا أنهم اتحدوا في مواجهة الإسلام.

وقد عبّر القرآن الكريم عن مسألة الصراع بين الحق والباطل، بين الإسلام وغيره، بقوله تعالى: ]ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا[[البقرة: 217].

فمَن هم أعداء الإسلام في هذا الزمان؟

الذي يحدث الآن أن الصليبية الغربية الحاقدة اتحدت مع اليهودية الصهيونية، مع الأرثوذكسية الروسية، مع الكونفوشيسية الصينية، ومع البوذية اليابانية، ومع الهندوسية الهندية؛ لتحجيم الظاهرة الإسلامية والمد الإسلامي واليقظة الإسلامية، والصحوة الإسلامية.

وبالإضافة إلى تجار الحروب لترويج صناعة السلاح.

بالإضافة إلى مروجي الدعايات الغَازِيَة، والأفكار المسمومة، في محاولة لتشويه المفاهيم الإسلامية، من خلال عرض الحروب الآتية:

أشكال الحرب المستخدمة ضد الإسلام عبر المسلمين:

داخل العالم الغربي:

  • أذى يتعرض له المسلمون من مؤسسات حكومية.
  • طلاب يطردون من الجامعات، ومراقبة الطلاب المسلمين عموماً، والتنصت عليهم، ومنعهم من بعض التخصصات، وحرمانهم من المميزات التي ينالها بقية الطلاب في الجامعات.
  • مدرسون يبعدون من الكليات.
  • مشاريع مشتركة دولية؛ منها: الموقف من الهجرة العربية والإسلامية "الهجرة غير المرغوبة" وهي هجرة الفقراء والباحثين عن العمل وسبل الرزق.

أما هجرة العقول فهناك إلحاح بأن يكون البديل من غير المسلمين، من الهند وأمريكا الجنوبية وشرق آسيا، لأن المسلمين يمثلون مشكلة حضارية دينية للغرب.

  • منع نقل رؤوس الأموال، واستعادة المسلمين أموالهم، ومنع نقل التكنولوجيا والتقدم العلمي للعالم الإسلامي.

خارج العالم الغربي:

أولاً: العولمة القانونية:

بجعل الكونجرس الأمريكي يشرع للعالم ما يريد هو وليس ما يلائم الآخر، سواء في حقوق الأقليات أو أحكام المنافع والتجارات، أو حتى في قانون العقوبات والجنايات، بل وحتى في تغيير أنظمة الحكم.

ثانياً: العولمة الاجتماعية:

بإحلال منظومة القيم الغربية من خلال صياغتها في وثائق خاصة عبر مؤتمرات عالمية حول المرأة والطفل والسكان، ومقرراتها جاهزة، وتوصياتها قائمة، بل ربما تنفذ قبل عقد المؤتمرات.

وتوجهوا إلى المرأة والشباب

المرأة وإشغالها بالمظاهر:

المرأة أساس المجتمع؛ المربية للأجيال، وصانعة الرجال، تحاول الحرب الاجتماعية إلهاءها عن مهامها الأساسية، فمواقع الأنترنت الخاصة بالمرأة عديدة منها: ما يتحدث عن أسرار الجمال والرشاقة، والرجيم، وفن الطبخ، والديكور العصري، وأحدث صيحات الموضة، والعناية بالبشرة، وفن الاتيكيت، وسر الشباب الدائم.

والأسوء مواقع الدردشة النسائية لتتبادل فيها النساء المواضيع المتعلقة بالموضة والرشاقة.

والجدير بالذكر أن نسبة استخدام النساء للانترنت في العالم العربي مرتفعة جداً فبعض الإحصاءات في إحدى الدول العربية تشير إلى أن نسبة استخدام النساء للانترنت 58% من عدد المستفيدين و27,84% منهن أمهات.

والمقصود: إبعاد المرأة عن المشاركة الفعالة في الحياة؛ دينياً، وتربوياً، وثقافياً، وفكرياً، واجتماعياً، وسياسياً.

ولا يختلف حال المرأة في مواقع الإنترنت عن حالها في باقي وسائل الإعلام الأخرى، فهي لا تعدو أن تكون في أفضل الأحوال وسيلة دعائية أو عامل جذب أو فكرة تسويقية.

الشباب وضياع الأوقات:

ببرامج غنائية، ومسابقات الأخ الأكبر، وسوبر ستار، وأكاديميا، ومواقع الأنترنت الإباحية.

ثالثاً: العولمة الثقافية:

فالضغوط التي تتم الآن على بعض الدول، والتدخل في تغيير مناهج التعليم الديني أكبر دليل على القضية حرب على الإسلام وليست مسألة فكرية بحتة بتغيير مناهج التعليم لتصبح في وسائلها متطورة وفي إبداعاتها متألقة، وتمرير أحدث العلوم التقنية والطبية لأمم الأرض.

وبنظرة فاحصة للمسألة يتبين أن الشأن الفكري الثقافي بدأ من قرون بدراسات المستشرقين، ففي بحث للأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري (الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة كلية الدعوة) يذكر أنه منذ مئة وخمسين سنة وحتى الوقت الحاضر يصدر في أوروبا بلغاتها المختلفة كتاب عن الإسلام كل يوم ، فهناك ستون ألف كتاب قد صدرت بين 1800-1950 م أي عبر قرن ونصف، وعندما نعرف أن في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يوجد حوالي خمسين مركزاً مختصاً بالعالم الإسلامي، وأن المستشرقين يصدرون الآن ثلاثمائة مجلة متنوعة بمختلف اللغات كما قرر ذلك بوزورث في (تراث الإسلام)، وأن المستشرقين عقدوا مؤتمرات دورية خلال قرن واحد – هو المئة سنة الأخيرة - ثلاثين مؤتمراً، سوى المؤتمرات الإقليمية، والندوات، وبعض هذه المؤتمرات مثل مؤتمر أوكسفورد ضم قرابة تسعمائة عالم، فلماذا كل هذا الاهتمام بالإسلام، وبالشرق، وبالعَربِ، وبالقضايا التي تتصل بمنطقة بعيدة عنهم ؟.

إن خطاب المستشرقين لم يكن موجهاً ابتداءً لناطقي العربية أو اللغات الشرقية وإلا لكانت الكتابة باللغة العربية، بل كان موجهاً لأوروبا، لإيصال فكرة أن هذه هي صورة الإسلام فلا تتحولوا إليه، وإذا كانت هذه هي صورة المسلمين فلا تلوموننا إذا اقتحمنا ديارهم، ولا تلوموننا إذا استنـزفنا خيراتهم، ولا تلوموننا إذا تعصبنا ضدهم، لأن هؤلاء القوم يتسمون بخصائص عقلية وجنسية وثقافية لا تمكنهم من النهوض بأنفسهم، وهم بحاجة إلى عوننا وتدخُّلنا، والدور الذي سنقوم به والذي سنحدثه إنما هو لصالح الحضارة الإنسانية.

وبدأت الحرب المعلنة بالأفكار الآتية:

  • تغيير مفاهيم معينة في القرآن الكريم، أو ما يسمى بتجديد الخطاب الديني، وهو في حقيقته تخريب وتزييف للخطاب الديني.
  • تغيير مناهج التعليم لدعم ما يسمى بثقافة (السلام) ولعل الصواب ثقافة (الاستسلام).
  • تقليص المدارس الدينية الشرعية، وحصار المؤسسات التربوية والإعلامية الإسلامية.
  • إنشاء قنوات فضائية وصحف تعمل على ترويج النموذج الأمريكي.
  • ووصل الأمر إلى درجة أن تطلب الإدارة الأمريكية إغلاق المساجد الصغيرة والزوايا بدعوى أنها بؤر لتفريخ التطرف، وأن يتم استخراج تصريح به تعقيدات كبيرة لإنشاء أي مسجد جديد.
  • محاربة العمل الخيري الإسلامي واتهام الجمعيات الخيرية الإسلامية بالإرهاب ويجب حلها ومصادرة أموالها والإساءة إلى سمعة القائمين عليها أو حتى اعتقالهم وسجنهم وتلفيق القضايا لهم؛ ومعلوم أن الجمعيات الخيرية هي بمثابة الساق التي تربط الأوراق والثمار والفروع بالجذور.
  • إلغاء فصل كامل من فصول الفقه الإسلامي وهو المتعلق بالجهاد، بل هو الركن السادس من أركان الإسلام، بالإضافة إلى مطالبتها بإلغاء تعليم الدين في المدارس، وجعل مادة الأخلاق هي البديل الأنسب.

رابعاً: العولمة الاقتصادية:

بدوافع الطمع والجشع وحب الدنيا والحرص على حياة، عن طريق فتح كل الحدود أمام الشركات متعددة الجنسيات؛ لسحب الخامات والخيرات، وإعادة تصديرها بأسعار مرتفعات.

حرب أطماع اقتصادية:

ينظر الاقتصاديون إلى الحرب الأمريكية على العرب والمسلمين على أنها إنما تهدف إلى خدمة مصالحها الاقتصادية فقط لا غير فالحرب على العراق إنما تهدف إلى تأمين البديل عن بترول الخليج في حال قررت دول الخليج استخدام البترول كسلاح في وجه الغرب.

ومن مظاهر هذه الحرب الاقتصادية:

تجفيف الينابيع:

وجعل دفع الزكاة عملاً إرهابياً، وكفالة اليتيم إرهاباً، وتقديم المعونات إرهاباً، والمتتبع للإجراءات الأمريكية، ومن ثم الغربية، وما يفرض منها على بعض الحكومات العربية والإسلامية أن تتخذه حيال الجمعيات الخيرية الإسلامية؛ يكتشف أن المسألة عميقة جدًّا واستراتيجية، وأن الحرب على الجمعيات الخيرية الإسلامية هي حرب عالمية على الإسلام دينًا وحضارةً وقيمًا وسلوكًا وجهادًا.

فليس المطلوب إذًا جمعيات تساعد الفقراء، أو تعين المحتاجين أو تحفر الآبار في إفريقيا وآسيا، أو تساعد ضحايا العدوان الصهيوني على الفلسطينيين، أو تبني المساجد أو ترعى الأيتام؛ بل المطلوب جمعيات تهدم القيم عن طريق تحريض المرأة على الخروج على تعاليم الإسلام، أو التمهيد للقبول بإسرائيل بدعوى القبول بالآخر، أو الترويج للقيم الأمريكية بدعوى أنها قيم عالمية.

ترويج ثقافة الكسب بالحظ على ثقافة العمل:

من خلال برامج فضائية باسم الثقافة والترفيه؛ كمثل: مَن سيربح المليون، ووزنك ذهب، وغيرهما.

خامساً: العولمة السياسية:

بتكريس حق التدخل في الشؤون الداخلية للدول الوطنية، وتهميش دور المنظمات الدولية، وإحلال محلها الهيمنة الأمريكية، ويستتبع ذلك:

سادساً: العولمة العسكرية:

التي جعلت حلف الأطلسي يخرج عن ميثاقه الصادر عام 1949 بكونه قاصراً على الدفاع عن أراض الدول المشترِكة فيه من النطاق الأوروبي والغربي، إلى جعل نطاقه عالمياً بدءاً من شهر نيسان 1999م، حيث طورت صيغة حلف الأطلسي، وبدلا من الدفاع عن أراض الدول المشتركة فيه أصبحت للدفاع عن مصالح الدول المشتركة فيه، ولو كانت في أقاصي الدنيا، وفي آخر المعمورة، وبالتالي بدأ الحديث عن القوات متعددة الجنسية والانتشار السريع للتدخل في مناطق التطرف، وتطهير الدول من أسلحة الدمار الشامل، أو من مجرد الحديث عنها.

ولا أحد يشك في أن الولايات المتحدة هي أقوى دولة في تاريخ الإنسانية، فقد وقع بوش قانوناً باعتماد ميزانية 2004م التي تحوي مخصصات عسكرية قدرها 400 بليون دولار، أي ما يفوق الميزانيات العسكرية لجميع الدول الكبرى الأخرى.

غير أن القوة إذا كانت بيد السفيه بَطَش في تصرفه، وإذا كانت بيد الرشيد عَدَل في حكمه.

المطلوب، ما الحل؟ وما الطريق؟ لمواجهتهم ورد كيدهم؟:

إن الهجمة الأميركية ضد الإسلام وضعت جميع المسلمين بلا استثناء في المواجهة، واليوم يشعر كل مسلم في كل أرجاء المعمورة انه معني بها؛ لأنها تمس قيمه ومبادئه وحياته الخاصة، ويشعر جميع المسلمين أنهم في خندق واحد، ويواجهون عدواً واحداً.

ومطلوب من رجال الدعوة والعلم أن يعرفوا كل فرد من المسلمين موقعه في هذه المواجهة؟، وما الذي يستطيع تقديمه لإسلامه.

وباختصار وموضوعية: ليس المطلوب حمل السلاح بشكل عشوائي لقتل الأبرياء والمدنيين، بل المطلوب:

  1. أن يقوم كل مسلم بدوره الحضاري لخدمة هذا الدين؛ كل في مجاله؛ تربوياً، إعلامياً، وثقافياً، واجتماعياً، وسياسياً.
  2. إيقاظ العقول والضمائر لفضح الهجمة الشرسة والتصدي لها.

فمن التوجيهات الربانية، والمعاني الخفية ما جاء في قوله تعالى: ]يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم أصحاب النار هم فيها خالدون[

إن هذا التوجيهي الرباني يأخذ القلوب المؤمنة الصادقة لما فيه من كشف خطط الأعداء وطريقة التعامل معهم في وقت الحرب والسلم.

فالإسلام لا يرضى أن يُجَرَّد المسلمون من سر قوتهم؛ بسبب اتهامات أعداءهم لهم، ولا يقرَّ أن يضعفوا، بل يرد القرآن على الأعداء بأن ما يفعلونه أعظم مما يقع فيه المسلمون بأضعاف مضاعفة، لأن من بدأ بالقتال والاعتداء على الحرمات وطرد المستضعفين من ديارهم وصدهم هم أعداء الإسلام وليس المسلمون، وما أشبه اليوم بالأمس.

وهذا الهدف لا يتغير في كل أرض وفي كل جيل، فقد تتغير الأسماء والصفات، ولكن الحقيقة واحدة لا تتغير.

  1. حشد الامكانات الفكرية والمادية والبشرية لإزالة ما ينسب زوراً للدعوة السمحة، وإظهار ما في هذا الدين الحنيف من مظاهر الرحمة وملامح السمو، وتقديم صحيح الدين للمسلمين بعيداً عن التهاون والشطط.
  2. العمل على توحيد الصف، وجمع الكلمة، ورأب كل صدع، فالخلاف والاختلاف أخطر على الأمة الإسلامية من كل أسلحة الأعداء، بل إن التفتت والتشرذم والإغراق في الفرعيات والخلاف حول الأمور الهامشية، سلاح للعدو أمضى من كل أسلحة الحرب الفاتكة.
  3. إعادة تأهيل القائمين على الدعوة الإسلامية، وإحاطتهم بمعطيات العصر الجديد وتدريبهم فكرياً ليصبحوا قادرين على الوصول بسرعة إلى عقول المسلمين وقلوبهم.
  4. الاهتمام بوسائل الإعلام على الإنترنيت لدعم تثقيف المسلم بوجه عام، والمرأة بوجه خاص؛ دينياً وتوجيهها إلى الطريق الصحيح.
  5. تبليغ الدعوة وإقامة الحجة وإزالة الشبهة، وتقديم الإسلام بشكل موضوعي متقن، لذلك اقترح عمل مشروع ألف كتيب إسلامي بحيث نكوِّن مكتبة تستطيع أن تجيب على علامات الاستفهام والأسئلة التي تملأ الفراغات الموجودة سواء كانت في العقيدة أو السيرة والسنة، ومن خطواتها العلمية: أن يكون هذا المجمع نواة البدء بتبني هذا المشروع، والخطوة التالية: ترجمة هذه الكتيبات باللغات المختلفة.
  6. تدريب وتطوير الكوادر البشرية العلمية القادرة على تحمُّل المسؤولية؛ بالحفاظ على الأمن الآتي:
    • الأمن الروحي: بصيانة الروح وتغذيتها بالقرآن وعلوم الشريعة.
    • الأمن العقلي والفكري والمعلوماتي: بتغذية العقل بالمعرفة النافعة، فأمتنا أمة (اقرأ) فأين موقعها في هذا الزمان.
    • الأمن الاقتصادي والتجاريوالمالي: بصيانته مؤسسات التنمية ومنع الربا ودعوة المسلمين للاهتمام بالأنشطة الاقتصادية النافعة؛ زراعة وصناعة وتجارة مشروعة.
    • الأمن السياسي: ببيان مفهوم الشورى الإسلامية على أنها ضمان لحرية الرأي.
  7. الـتأكيد على أن الجهاد وسيلة وليست غاية، وهو ليس سفك للدماء، وقتل وذبح وتخريب، بل الجهاد عمران للحضارة وصيانة للإنسان؛ يهدف لنشر العدل والمساواة في الأرض، وأهميته للأمم الأخرى لضرورة رفع الظلم العالمي الناجم من طغيان المادة على القيم الإنسانية.

 

 

عدد القراء : 1266