حقوق الطفولة في النص الإسلامي
دمشق
صحيفة تشرين
ثقافة و فنون
الاحد 26 آذار 2006
زيد قطريب
ضمن أعمال ندوة «الإسلام وحقوق الإنسان» ناقشت الندوة موضوع الطفولة وحقوقها كما حددها ورآها الإسلام من خلال القرآن الكريم وأحاديث النبي محمد (ص)؛ فخلص الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني إلى أن مبادئ حقوق الطفولة في الإسلام تتفوق على المبادئ المعلنة في الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الطفل التي تزامنت مع تأسيس الهيئة الدولية المهتمة بالطفولة (اليونيسيف) حيث تضمنت تلك المبادئ عشرة بنود زادت عليها المبادئ الإسلامية بكثير من المقدمات والنتائج.
يقول رسول الله (ص): (كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يقوتُ) فقد تميز الإسلام بالتأكيد على جملة حقوق لم تذكرها الاتفاقيات الدولية، أهمها حقوق الطفولة في حسن اختيار الأبوين: (فاستجبنا له وَوَهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه)، وحق الطفولة وقت تكوينها الحملي أي مدة الحمل واستدامته، وحظر الإجهاض والرعاية المادية مدة الحمل والحق في التلقين الروحي الأول وفي التسمية الحسنة وثبوت النسب وحضانة الأمومة ورعاية الأبوة والرضاعة الوالدية.
وأضاف الدكتور الحسيني فذكر عدة مبادئ تكفل حقوق الطفولة بعد وجودها، وقسمها إلى حقوق مادية وحقوق معنوية مثل حق الطفل في تكريمه (أكرموا أولادكم) وذلك عبر السلام عليه واستئذانه واصطحابه واسترضائه والحنو عليه وإشعاره بالعاطفة والمساواة بين الذكر والأنثى وتوفير البيئة التربوية والقدوة الحسنة إضافة إلى حق الطفل في التعليم وإبداء الرأي والتعبير وبعض أشكال الاختيار والتدريب الاجتماعي والاقتصادي وحق الرياضة واللعب والحق المالي، قال رسول الله (ص): (أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله).
الدكتورة هداية الشاش تحدثت عن حقوق الطفل عند تكوين الأسرة فأكدت أن الشريعة الإسلامية اهتمت بتأسيس الأسرة وفق مبادئ سليمة من الناحية الدينية والناحية الصحية والنفسية والناحية الوراثية قبل أن يكشف عن دورها العلم الحديث، فسنّت حقوقا للطفل على والديه عند تكوين الأسرة.. ويزداد موضوع اختيار الأبوين أهمية حين نعلم أن التجارب الحديثة دلت على أن الأبناء يرثون نصف صفاتهم العقلية من أبويهم ويرثون ربع صفاتهم من الجيل الأول للأجداد، وثمن صفاتهم من الجيل الثاني للأجداد.. وهكذا.. ووظيفة الأسرة الأساسية هي المحافظة على فطرة الطفل سليمة نقية والعمل على صقلها وتفجير طاقاتها الخيرة والوظيفة التالية هي: توفير الأمن له ورعايته في جو من الحنان والمحبة حتى يتمتع الطفل بشخصية متوازنة قادرة على الإنجاز والعطاء.
وأضافت الدكتورة هداية: إن الحقوق التي منحها الإسلام للطفل عند تكوين الأسرة تتجلى في العلاقة الشرعية بين الزوجين إذ تعتبر هذه العلاقة ضمانا وأمانا للطفل، ومن أجل ذلك اعتبر الإسلام الزنى اعتداء على الطفل نفسه. أما في العالم الغربي الذي يقوم على الحرية الجنسية فإننا نجد نسبة المواليد غير الشرعيين تبلغ في بعض بلدانهم 75% من المواليد وأن حوالي نصف النساء الحوامل غير متزوجات.
وقد شدد الإسلام على حسن اختيار الزوجين، ونهى عن زواج الأقارب منعاً لتوارث الأمراض، وأكد على وحدة العقيدة بين الأبوين لئلا ينشأ الطفل بين أبوين متنافرين فيصبح معقدا نفسيا.
وخلصت شاش إلى أن الميزات العامة التي تتسم بها حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية تلخص جميع الحالات بغض النظر عن الزمان والمكان فهي حقوق ربانية لا يملك حاكم أو محكوم حرمانه منها.. فقد حرصت الشريعة الإسلامية على الكليات وتقرير الحقوق الأساسية، فهي تتصف بالطابع الإنساني واحترام المشاعر والأحاسيس.
الدكتور علاء الدين زعتري لخّص مجمل موضوع حقوق الإنسان بمحاضرة أشار فيها إلى أن هذا العنوان ينطوي على التباسات عندما ينقل النقاش من مهمة توصيف واستعراض المبادئ الحقوقية التي حوتها النصوص المتعلقة بهذه الحقوق إلى مهمة اكتشاف الأسس العقائدية والاجتماعية المولدة لها.
وفي هذا المجال فقد سلك الإسلام في إقامة العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين منهجا يستميل العاطفة ويؤثر تأثيرا كبيرا على مشاعر الإنسان في مجال التقريب بين أفراد البشر؛ ذلك أنه بيّن أن أصل الإنسان واحد فهم مشتركون في مبدأ الخلق ومادته التي تفرع عنها جميع الآدميين.
وأضاف: إن الشريعة الإسلامية قد أفردت لكل شأن من شؤون الحياة الفردية والجماعية منظومة كاملة من المبادئ العليا والتشريعات التفصيلية التي تتكامل لتشكل نهجا شاملا حتى فيما يخص الشأن الاقتصادي.. فالمال لله، جعله قياما ومعاشا للمجتمع الإنساني من غير أن يوقفه على شخص دون آخر وقفاً لا يتغير ولا يتبدل، وهبة تنسلب معها قدرة التصرف التشريعي.
عدد القراء : 1273