رقم الفتوى : 382
عنوان الفتوى : حكم الوكالة العامة
السؤال :
السؤال هل يصح توكيل شخصٍ لشخص في وكالةٍ عامة دون تخصيص بأمرٍ معين، كأن يقول له: وكلتك على القيام بجميع شؤوني ومتطلباتي من بيع وشراءٍ وتجارةٍ وغيرها دون تخصيص بأمرٍ معين؟
الفتوى :
الجواب
لا،
إذا قال: وكلتك في كل شيء تدخله الوكالة،
فهذا فيه وجهان مشهوران للعلماء:
شدد فقهاء الشافعية والحنابلة في الوكالة المطلقة أو العامة وقالوا: لا يصح حتى يبين عمومها، وعللوا السبب في هذا: الغرر؛ فقد يدخل الرجل عليه أموراً لا تحمد عقباها.
وقال الحنفية والمالكية: يجوز أن يوكله وكالةً مطلقة، ويفوض إليه التصرف في الأمور، وهذا قوي من حيث الأصل.
وكلا القولين له وجهه.
لكن الاحتياط يرجع إلى قول القائل بأن الوكالة إذا كانت مفوضة ومطلقة من كل وجه فالغرر فيها قوي، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر، وحديث ابن عمر في الصحيح في ذلك واضح،
فكل الإشكال: خوف الضرر.
وأياً ما كان فالاحتياط والأولى والأفضل أن يحدد له العموم، يقول له: وكلتك في البيع والشراء عن المرفقات تبيع وتشتري، أو وكلتك في الإجارات، ويحدد له ما وكله فيه، فهذا هو الأشبه وخاصةً في هذه الأزمنة؛ فإن الأزمنة المتأخرة ضعفت فيها أمانة الناس، وأصبح الغرر أكثر، والضرر أكثر، وكم وقعت من الحوادث والمصائب في الوكالة الخاصة فضلاً عن الوكالة العامة.
فكم من أخت وثقت في أخيها، ومع ذلك أكل أموالها وابتز حقوقها.
بل وصل الأمر إلى ابن مع أمه أن يبيع عنها ويشتري، ويؤجر عنها ويوقعها في الغرر العظيم الذي لا تعلم به، وإذا بها تفاجأ في يومٍ من الأيام أنه ليس لها من مالها شيئاً، بل لربما فوجئت في يومٍ من الأيام بأنها مطالبة بحقوق، وقد ضاع عليها ما ضاع.
وكم من أب وثق في ابنٍ من أبنائه وأعطاه وكالة على بيع، بل في بعض الأحيان على عقار مخصوص ويبيعه دون علمه، ويتصرف فيه ويأكل المال، ويفعل فيه ما يشاء والأب لا يعلم بشيء، حتى يتفاجأ يوماً من الأيام وقد توجهت إليها دعوى في قضاء أو نحوه أنه مطالب بحقٍ ما، فيسأل وإذا بوكيله قد خانه في أمانته.
وهذا من علامات الساعة: أنه تنزع الأمانة من الناس.
وعلى هذا:
فالقول الذي يقول بعدم فتح باب الوكالات المطلقة خاصة في هذه الأزمنة من القوة بمكان، فيحدد له محل الوكالة، وهذا أفضل وأحوط وهو مقصود الشرع من فتح باب الوكالة.
عدد القراء : 577