shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

مصطلحات المذهب الشافعي

011 الدرس الحادي عشر لمجموعات الفتوى

مصطلحات المذهب الشافعي:

نقل عن الشافعي في بضع عشرة مسألة قولان فأكثر، كما في خيار الرؤية الذي ذكر فيه قول بجوازه وقول بمنعه رجع فيه عن الأول، وكما في وجوب الزكاة على المدين بدين مساو لما في يده، وكما في إقرار المفلس بدين له لآخر، هل يدخل المقر له مع الغرماء أم لا، وكما في تغرير الزوج بزوجته، بأن يذكر لها نسباً غير نسبه، هل لها الخيار بفسخ الزواج، أو أن الزواج باطل، ونحو ذلك، مما جعل بعض المغرضين يتخذون من تعدد أقوال الشافعي سبيلاً للنيل منه، والطعن في اجتهاده، وزعم نقص علمه.

والحق أن التردد بين القولين عند تعارض الأقيسة، وتصادم الأدلة، ليس دليل النقص، ولكنه دليل الكمال في العقل، فهو لا يهجم باليقين في مقام الظن، ودليل على كمال الإخلاص في طلب الحق والقصد، فهو لا يجزم بالحكم إلا إذا توافرت لديه أسباب الترجيح، وإن لم تتوافر الأسباب لذلك، ألقى بتردده([1]).

وعلى المفتي إذا وجد قولين للشافعي أن يختار ما رجحه المخرجون السابقون([2])، وإلا توقف كما يقول النووي.

وإذا كانت المسألة ذات أوجه للمجتهدين من أصحاب الشافعي أو طرق نقل مختلفة، فيأخذ المفتي بما رجحه المجتهدون السابقون: وهو ما صححه الأكثر، ثم الأعلم، ثم الأورع، فإن لم يجد ترجيحاً، يقدم ما رواه البويطي، والربيع المرادي، والمزني عن الشافعي([3])، ويعتبر الشيخ أبو زكريا، يحيى بن شرف النووي (676هـ) بحق مُحرِّر المذهب الشافعي، أي منقحه، ومبين الراجح من الأقوال فيه، وذلك في كتابه (منهاج الطالبين، وعمدة المفتين)، وهو المعتمد لدى الشافعية، حتى بالنسبة لبعض كتب النووي الأخرى كروضة الطالبين، وقد اعتمد في تأليفه على مختصر (المحرّر) للإمام أبي القاسم الرافعي (المتوفى سنة 623هـ)، ثم اختصر الشيخ زكريا الأنصاري المنهاج إلى المنهج. والفتوى على ما قاله النووي في المنهاج وما ذكره الشارح في نهاية المحتاج للرملي، وتحفة المحتاج لابن حجر، ثم ما ذكره الشيخ زكريا.

وهذه طريقة النووي في حكاية الأقوال وبيان الأوجه المخرجة للأصحاب، وكيفية الترجيح بينها، علماً بأنه يسمي آراء الشافعي أقوالاً، وآراء أصحابه أوجهاً، واختلاف رواة المذهب في حكاية مذهب الشافعي طرقاً، فالاختلافات ثلاثة([4]):

الأقوال: وهي المنسوبة للشافعي.

والأوجه: وهي الآراء التي يستنبطها فقهاء الشافعية بناء على قواعده وأصوله.

والطرق: وهي اختلاف الرواة في حكاية المذهب.

أ ـ (الأظهر): أي من قولين أو أقوال للشافعي رحمه الله تعالى، قوي الخلاف فيهما أو فيها، ومقابله (ظاهر) لقوة مدرك كلٍ([5]).

ب ـ (المشهور): أي من قولين أو أقوال للشافعي لم يقو الخلاف فيهما أو فيها، ومقابله (غريب) لضعف مدركه.

فكل من الأظهر والمشهور: من قولين للشافعي.

جـ ـ (الأصح): أي من وجهين أو أوجه استخرجها الأصحاب من كلام الشافعي، بناء على أصوله، أو استنبطوها من قواعده، وقد قوي الخلاف فيما ذكر، ومقابله صحيح.

د ـ (الصحيح): أي من وجهين أو أوجه، ولكن لم يقو الخلاف بين الأصحاب، ومقابله ضعيف لفساد مدركه.

فكل من الأصح والصحيح: من وجهين أو أوجه للأصحاب.

هـ ـ (المذهب) من الطريقتين أو الطرق: وهي اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب، كأن يحكي بعضهم في المسألة قولين، أو وجهين لمن تقدم، ويقطع بعضهم بأحدهما، وعلى كل قد يكون قول القطع هو الراجح، وقد يكون غيره. ومدلول هذا التعبير (المذهب): أن المفتى به هو ما عُبِّر عنه بالمذهب.

و ـ (النص) أي نص الشافعي، ومقابله وجه ضعيف أو مخرَّج([6])، وعلى كل قد يكون الإفتاء بغير النص.

ز ـ (الجديد): هو مقابل المذهب القديم، والجديد: هو ما قاله الشافعي في مصر تصنيفاً أو إفتاء، ورواته: البويطي والمزني والربيع المرادي وحرملة ويونس بن عبد الأعلى، وعبد الله بن الزبير المكي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وغيرهم. والثلاثة الأول: هم الذين قاموا بالعبء، والباقون نقلت عنهم أمور محصورة.

ح ـ (القديم): ما قاله الشافعي في العراق تصنيفاً في كتابه (الحجة) أو أفتى به. ورواته جماعة أشهرهم: الإمام أحمد بن حنبل، والزعفراني والكرابيسي، وأبو ثور. وقد رجع الشافعي عنه، ولم يحل الشافعي الإفتاء به، وأفتى الأصحاب به في نحو سبع عشرة مسألة.

وأما ما وجد بين مصر والعراق، فالمتأخر جديد، والمتقدم قديم.

وإذا كان في المسألة: قديم وجديد، فالجديد هو المعمول به، إلا في مسائل يسيرة نحو السبع عشرة، أفتي فيها بالقديم([7]).

ط ـ (قولا الجديد): يعمل بآخرهما إن علم، فإن لم يعلم، وعمل الشافعي بأحدهما، كان إبطالاً للآخر أو ترجيحاً لما عمل به. وكلمة (قيل) تعني وجود وجه ضعيف، والصحيح أو الأصح خلافه. و(الشيخان) هما الرافعي والنووي.

ي ـ قال ابن حجر: ولا يجوز العمل بالضعيف في المذهب، ويمتنع التلفيق في مسألة، كأن قَلَّد مالكاً في طهارة الكلب، والشافعي في مسح بعض الرأس في صلاة واحدة، وأما في مسألة بتمامها بجميع معتبراتها فيجوز، ولو بعد العمل، كأن أدى عبادته صحيحة عند بعض الأربعة دون غيره، فله تقليده فيها، حتى لا يلزمه قضاؤها، ويجوز الانتقال من مذهب لغيره، ولو بعد العمل([8]).

 

 

([1]) الشافعي، أبو زهرة، ص172 - 175.

([2]) ويرجح المجتهدون ما رجحه الشافعي هو، فإن لم يكن له ترجيح رجحوا المتأخر على المتقدم، فإن لم يعرف التأخر، وذلك نادر رجحوا أقربها إلى أصوله.

([3]) الشافعي ص 368 وما بعدها.

([4]) الشافعي ص 361، والفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية، ص35 وما بعدها.

([5]) يُنْظَر في هذا وما يأتي: مقدمة كتاب منهاج الطالبين، النووي.

([6]) التخريج: أن يجيب الشافعي بحكمين مختلفين في صورتين متشابهتين، ولم يظهر ما يصلح للفرق بينهما، فينقل الأصحاب جواب الشافعي في كل صورة إلى الأخرى، فيحصل في كل صورة منهما قولان: منصوص ومخرج، المنصوص في مسألة مخرج في الأخرى، والمنصوص في الأخرى مخرج في الأولى، فيقال: فيهما قولان بالنقل والتخريج، والأصح أن القول المخرّج لا ينسب للشافعي؛ لأنه ربما روجع فيه، فذكر فرقاً.

([7]) أوصل الشافعية هذه المسائل إلى اثنتين وعشرين مسألة، مثل عدم مضي وقت المغرب بمضي خمس ركعات. يُنْظَر: حاشية البجيرمي على الشربيني الخطيب 1/48.

([8]) حاشية البجيرمي على الشربيني الخطيب 1/51.

عدد القراء : 1024