shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

قصة بائعة الخبز

قصة بائعة الخبز

قصة حقيقية مؤثرة حدثت في جمهورية السودان لأحد المعلمين بمنطقة ريفى المناقل (منطقة في السودان ) كان يُدَرِّس فى مدرسة للبنات فى الصف الثالث ابتدائي، وفي كل يوم كان يرى خارج الفصل جنب الشباك بنت مسكينة وجميلة تكسوها البراءة وتبيع الخبز لأمها في الصباح، وقد بلغت سن المدرسة لكنها لم تدخلها بسبب الوضع المادي لأسرتها، فلديها أربعة أخوه صغار ووالدهم متوفر وهي تسهم مع أمها فى مصاريف معيشتهم ببيع الخبز عند المدرسة، فساعدت إخوتها بأن يدخلوا المدرسة ويكملوا تعليمهم..

كان الاستاذ يشرح للطالبات درساً في الرياضيات وبائعة الخبز تتابعه من شباك الفصل وهي بالخارج، ثم سأل الأستاذ في أحد الايام الطالبات سؤالاً صعباً وخصص له جائزة، ولم تجيبه أي طالبة، وتفاجأ ببائعة الخبز تؤشر باصبعها من خارج الشباك وتصرخ: أستاذ أستاذ أستاذ، فأذن لها المدرس بالإجابة.. وأجابت وكانت إجابتها صحيحة…!!

منذ ذلك اليوم اهتم الأستاذ بها، فتكفل برعايتها وبكل ما يلزمها من مصروفات مدرسية على نفقته ومن مرتبه، واتفق مع مدير المدرسة على أن يتم تسجيلها كطالبة بالمدرسة وتشارك بالاختبارات دون دخول الفصل لعدم قدرتها على تحمل مصاريف المدرسة، وأن يجعلها تبدأ من الصف الثالث كمستمعة لـتتعلم ولو الشيء البسيط من التعليم، واتفق مع جميع مدرسي المواد الأخرى على أن تظل الفتاة تسمتع من الشباك إلى كل الحصص وهي خارج الفصل، فأجمعوا على الموافقة على مغامرته وأخبر هو والدتها بذلك، وفرض المدرس على الفتاة أن تترك بيع الخبز وتتفرغ للتعليم ويتولى أحد اخوتها البيع بدلاً منها..

وكانت المفاجأة عندما ظهرت نتائج الاختبارات، فقد كانت هي الأولى على المدرسة، وسارت على هذا النهج برعاية الأستاذ وإشرافه اليومي عليها الى أن اوصلها إلى الصف الأول بالمرحلة الثانوية..

وهنا فارق الاستاذ السودان للعمل بالخارج، ولم يكن هناك تلفونات في ذلك الوقت لكي يواصل متابعة أخبارها، وقد كبر أحد إخوتها وعمل بعربة لبيع الماء وبقى يصرف عليها، وانقطعت صلتها بالأستاذ لمدة اثني عشر عاماً..

وبعد غياب لسنوات عاد الأستاذ إلى السودان، وكان لديه زميل بالدولة التي كان يعمل فيها، وزميله هذا لديه إبن بجامعة الخرطوم كلية الطب، وطلب زميله منه أن يرافقه للجامعة، وأثناء دخوله الجامعة مع صديقه مكث بعض الوقت في الكافتريا، فإذا بفتاة على قدر من الجمـال تحدق فيه بشوق وقد تغيرت معالم وجهها عندما رأته، وهو لم يعلم لماذا تحدق فيه بهذا التأثر..!؟

فسأل ابن صاحبه إن كان يعرف هذه الفتاة وأشار إليها خفية، فأجابه: نعم بالطبع إنها بروفيسور تُدَرِّس طلاب كلية الطب دفعة السنة السادسة والأخيرة

ثم سأل الطالب الأستاذ: هو أنت بتعرفها يا عمو..؟

قال: لا ولكن نظراتها لي غريبة..

وفجأة وبدون مقدمات جرت الفتاة نحوه واحتضنته وعانقته وهي تبكي بحرقة بصوت لفت أنظار كل من كان بالكافتيريا، وظلت تحضنه لفترة من الزمن دون مراعاة لأي اعتبار، وظن الجميع أنه والدها، وأجهشت بالبكاء ونظرت إليه وقالت له: ألا تذكرني يا أستاذي..؟

أنا البنت اللي كانت حطام إنسانة وحضرتك صنعت منها إنسانه ناجحة، أنا البنت اللي حضرتك كنت السبب في دخولها المدرسة وصرفت عليها من حر مالك حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، وذلك بفضل الله ثم رعايتك وإهتمامك وموقفك الإنساني الفريد، أنا إبنتك فلانة (بائعة الخبز)

ودعته والذين معه ومجموعة من الزملاء إلى منزلها وأخبرت أمها وإخوتها بالأستاذ الإنسان الذي وقف معهم وكان سبباً في تغيير مجرى حياتهم، وألقى الأستاذ كلمة قال فيها:

[لأول مرة أحس إني معلم و..إنسان]

تحية لكل معلم

وتحية لكل من علمني حرفاً

وزرع في قلبي معنى الحياة

والعطاء

عدد القراء : 387