اختلاف معاني الألفاظ العربية
014 الدرس الرابع عشر 23 6 2019 لمجموعات الفتوى
وأهم أسباب اختلاف الفقهاء في استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة الظنية هو ما يأتي([1]):
أولاً ـ اختلاف معاني الألفاظ العربية: إما بسبب كون اللفظ مجملاً، أو مشتركاً، أو متردداً بين العموم والخصوص، أو بين الحقيقة والمجاز، أو بين الحقيقة والعرف، أو بسبب إطلاق اللفظ تارة وتقييده تارة. أو بسبب اختلاف الإعراب، أو الاشتراك في الألفاظ إما في اللفظ المفرد: كلفظ القُرْء الذي يطلق على الأطهار وعلى الحيضات، ولفظ الأمر: هل يحمل على الوجوب أو على الندب، ولفظ النهي: هل يحمل على التحريم أو الكراهية؟
وإما في اللفظ المركب: مثل قوله تعالى بعد آية حد القذف: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 35]، اختلف في الفاعل، هل هو الكلم، أو العمل.
وإما في الأحوال العارضة، نحو: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: 282]، فإنه يحتمل لفظ (يضار) وقوع الضرر منهما أو عليهما.
ومثال التردد بين العموم والخصوص: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]، هل هو خبر بمعنى النهي، أو هو خبر حقيقي؟.
والمجاز له أنواع: إما الحذف، وإما الزيادة، وإما التقديم وإما التأخير.
والتردد بين الإطلاق والتقييد: نحو إطلاق كلمة الرقبة في العتق في كفارة اليمين، وتقييدها بالإيمان في كفارة القتل الخطأ.
ثانياً - اختلاف الرواية: وله أسباب ثمانية، كأن يصل الحديث إلى أحدهم ولا يصل إلى غيره، أو يصل من طريق ضعيف لا يحتج به، ويصل إلى آخر من طريق صحيح، أو يصل من طريق واحد، ويرى أحدهم أن في بعض رواته ضعفاً لا يعتقده غيره، أو لا يراه مانعاً من قبول الرواية، وهذا مبني على الاختلاف في طريق التعديل والترجيح.
أو يصل إليهما من طريق متفق عليه، غير أن أحدهما يشترط في العمل به شروطاً لا يشترطها الآخر، كالحديث المرسل (وهو مارواه غير الصحابي بدون سند إلى الرسول).
ثالثاً ـ اختلاف المصادر: وهناك أدلة اختلفوا في مدى الاعتماد عليها، كالاستحسان، والمصالح المرسلة، وقول الصحابي، والاستصحاب، والذرائع ونحوها من دعوى البراءة أو الإباحة وعدمها.
رابعاً ـ اختلاف القواعد الأصولية أحياناً: كقاعدة العام المخصوص ليس بحجة، والمفهوم ليس بحجة، والزيادة على النص القرآني نسخ أم لا، ونحو ذلك.
خامساً ـ الاجتهاد بالقياس: هو أوسع الأسباب اختلافاً، فإن له أصلاً وشروطاً وعلة، وللعلة شروطاً ومسالك، وفي كل ذلك مجال للاختلاف، والاتفاق بالذات على أصل القياس وما يجري فيه الاجتهاد وما لا يجري أمر يكاد يكون غير متحقق.
كما أن تحقيق المناط (وهو التحقق من وجود العلة في الفرع) من أهم أسباب اختلاف الفقهاء.
سادساً ـ التعارض والترجيح بين الأدلة: وهو باب واسع اختلفت فيه الأنظار وكثر فيه الجدل. وهو يتناول دعوى التأويل والتعليل والجمع والتوفيق والنسخ وعدمه.
والتعارض إما بين النصوص أو بين الأقيسة مع بعضها، والتعارض في السنة قد يكون في الأقوال أو في الأفعال، أو في الإقرارات، وقد يكون الاختلاف بسبب وصف تصرف الرسول سياسة أو إفتاء، ويزال التعارض بأسباب من أهمها الاحتكام إلى مقاصد الشريعة، وإن اختلفت النظرة إلى ترتيب المقاصد.
([1]) يُنْظَر: بداية المجتهد، ابن رشد الحفيد، 1/5 وما بعدها، وحجة الله البالغة، الدهلوي، 1/115 وما بعدها، الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم، الباب الثالث والسادس، الباب الخامس والعشرون، والسادس والعشرون، والموافقات،الشاطبي، 4/211 - 214، وأسباب اختلاف الفقهاء، الشيخ علي الخفيف، ومقارنة المذاهب في الفقه للشيخ محمود شلتوت، والشيخ محمد علي السايس، مطبعة صبيح 1373، وما لا يجوز فيه الخلاف،الشيخ عبد الجليل عيسى، والإنصاف في التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم، ابن السيد البطليوسي.
عدد القراء : 1154