shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

الجماع في إحرام الحج

866 الجماع في إحرام الحج 16 3 1443 22 10 2021

الباب السابع:

الحج

مطلب: تعريف الحج.

مطلب: الحكم التكليفي للحج.

مطلب: وجوب الحج على الفور أو التراخي.

مطلب: شروط فرضية الحج.

مطلب: شروط صحة الحج.

الإحرام.

مطلب: أركان الحج.

مطلب: واجبات الحج.

مطلب: سنن الحج.

مطلب: مستحبات الحج.

مطلب: كيفيات الحج.

مطلب: طواف الوداع.

مطلب: ممنوعات الحج.

كفارات محظورات الإحرام.

كفارات محظورات الترفه.

قتل الصيد وما يتعلق به في الإحرام.

مطلب: الجماع ودواعيه أثناء الإحرام:

أولاً: الجماع في إحرام الحج:

يكون الجماع في إحرام الحج جناية في ثلاثة أحوال:

الأول - الجماع قبل الوقوف بعرفة.

فمن جامع قبل الوقوف بعرفة فسد حجه بإجماع العلماء، ووجب عليه ثلاثة أمور:

1 - الاستمرار في حجه الفاسد إلى نهايته لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، وجه الاستدلال أنه لم يُفَرِّق في الأمر بالإتمام بين صحيح وفاسد([1]).

2 - أداء حج جديد في المستقبل؛ قضاء للحجة الفاسدة، ولو كانت نافلة.

ويستحب أن يفترقا (أب: الزوجان) في حجة القضاء هذه عند الأئمة الثلاثة منذ الإحرام بحجة القضاء، وأوجب المالكية عليهما الافتراق.

3 - ذبح الهدي في حجة القضاء. وهو عند الحنفية شاة، وقال الأئمة الثلاثة: لا تجزئ الشاة، بل يجب عليه بدنة.

استدل الحنفية بما ورد أن رجلاً جامع امرأته وهما محرمان، فسألا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما: "اقْضِيَا نُسُكَكُمَا وَأَهْدَيَا هَدْيًا"([2])، وبما روي من الآثار عن الصحابة أنه يجب عليه شاة([3]).

واستدل جمهور الفقهاء بفتوى جماعة من الصحابة، ولم يعرف لهم مخالف([4]).

الثاني: الجماع بعد الوقوف قبل التحلل الأول.

فمَن جامع بعد الوقوف قبل التحلل يفسد حجه، وعليه بدنة - كما هو الحال قبل الوقوف - عند جمهور الفقهاء([5]).

وذهب الحنفية إلى أنه لا يفسد حجه، ويجب عليه أن يهدي بدنة([6]).

استدل جمهور الفقهاء: بما روي عن ابن عمر أن رجلاً سأله فقال: إني وقعت على امرأتي ونحن محرمان؟ فقال: "أَفْسَدْتَ حَجَّكَ، انْطَلِقْ أَنْتَ وَأَهْلُكَ مَعَ النَّاسِ، فَاقْضُوا مَا يَقْضُونَ، وَحُل إِذَا حَلُّوا، فَإِذَا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِل فَاحْجُجْ أَنْتَ وَامْرَأَتُكَ، وَأَهْدَيَا هَدْيًا، فَإِنْ لَمْ تَجِدَا فَصُومَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعْتُمْ"([7]).

وجه الاستدلال: أنه ونحوه مما روي عن الصحابة مطلق في المُحْرِم إذا جامع، لا تفصيل فيه بين ما قبل الوقوف وبين ما بعده، فيكون حكمهما واحداً، وهو الفساد ووجوب بدنة.

واستدل الحنفية بقوله صلى الله عليه وسلم: "الْحَجُّ عَرَفَةُ"([8])، وبقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عروة بن مضرس الطائي: "وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْل ذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ"([9]).

وجه الاستدلال: أن حقيقة تمام الحج المتبادرة من الحديثين غير مرادة؛ لبقاء طواف الزيارة، وهو ركن إجماعاً، فتَعَيَّن القول بأن الحج قد تم حكماً، والتمام الحكمي يكون بالأمن من فساد الحج بعده، فأفاد الحديث أن الحج لا يفسد بعد عرفة مهما صنع المحرم([10]). وإنما أوجبنا البدنة بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض، فأمره أن ينحر بدنة([11]).

الثالث: الجماع بعد التحلل الأول: اتفقوا على أن الجماع بعد التحلل الأول لا يفسد الحج.

وألحق المالكية به الجماع بعد طواف الإفاضة ولو قبل الرمي، والجماع بعد يوم النحر قبل الرمي والإفاضة.

ووقع الخلاف في الجزاء الواجب: فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجب عليه شاة؛ لخفة الجناية، لوجود التحلل في حق غير النساء.

وعند المالكية، وقول عند الشافعية والحنابلة: يجب عليه بدنة؛ لعظم الجناية على الإحرام([12]).

وأوجب مالك والحنابلة على من فعل هذه الجناية بعد التحلل الأول قبل الإفاضة أن يخرج إلى الحل، ويأتي بعمرة، لقول ابن عباس ذلك. ولم يوجب الحنفية والشافعية ذلك([13]).

 

 

([1]) المجموع 7/381، ونهاية المحتاج، الرملي 2/456، 457 والمسلك المتقسط في المنسك المتوسط، علي القاري ص 225، 226 (وفيه مزيد تفاصيل) وشرح الكنز، العيني 1/102، وشرح الزرقاني لمختصر خليل 2/306، والشرح الكبير، الدردير 2/68، والمغني، ابن قدامة 3/334، ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 2/247، 348.

([2]) رواه أبو داود في المراسيل والبيهقي في السنن الكبرى.

([3]) يُنْظَر الهداية، المرغيناني وفتح القدير 2/238 - 240، وشرح الكنز، العيني 1/102. والحديث المذكور مرسل وهو حجة عند الحنفية، وقد تعضد بشواهد تقوية.

([4]) نهاية المحتاج، الرملي 2/457، ويُنْظَر: المغني، ابن قدامة 3/334، والمجموع 7/381، والمنتقى شرح الموطأ، الباجي 3/3، والشرح الكبير، الدردير 2/68، وقد أطلق شراح المالكية وجوب (هدي) وبين تعيينه في المنتقى أنه بدنة.

([5]) حاشية العدوي 1/485، 486، والشرح الكبير، الدردير الموضع السابق ونهاية المحتاج، الرملي 2/456، والمغني، ابن قدامة 3/334.

([6]) الهداية، المرغيناني بشرحها 2/240، 241، والمسلك المتقسط في المنسك المتوسط، علي القاري ص 226.

([7]) المغني، ابن قدامة 3/335، ويُنْظَر نصب الراية فقد رواه بأطول من هذا اللفظ 3/127 وقال: (رواه البيهقي في السنن الكبرى وإسناده صحيح).

([8]) مسند أحمد، 4/309، 310 وأبو داود (باب من لم يدرك عرفة) 2/196، والترمذي واللفظ له، (باب من أدرك الإمام...) 3/237، 238، والنسائي 5/256، وابن ماجه ص 1003، والمستدرك 1/464 قال الذهبي: (صحيح).

([9]) مسند أحمد 4/261،262 وأبو داود الموضع السابق، والترمذي واللفظ له في الباب السابق ص 238، 239، والنسائي (باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة) 5/263 - 265 وابن ماجه ص 1004، والمستدرك 1/463 ووافق الذهبي على صحته.

([10]) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 2/58، وفتح القدير، الكمال ابن الهمام 2/240، 241.

([11]) الموطأ من طريق أبي الزبير (هدي من أصاب أهله قبل أن يفيض) 1/273 وابن أبي شيبة في المصنف من طريق آخر عن ابن عباس. وسنده صحيح. يُنْظَر: المجموع 7/380.

([12]) وقد روى مالك القصة المذكورة في باب (هدي من أصاب أهله تجل أن يفيض) فدل بذلك على أنه مذهبه في جناية الجماع بعد التحلل.

([13]) الهداية، المرغيناني 2/241، وشرح الكنز، العيني 1/103، والمنتقى شرح الموطأ، الباجي 3/9، 10، والمجموع 7/393، 394 والمقنع 1/414، ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 2/350.

عدد القراء : 449