شروط الأضحية في ذاتها
891 شروط الأضحية في ذاتها 11 4 1443 16 11 2021
الباب الثامن: الأضحية
مطلب: تعريف الأضحيّة.
مطلب: مشروعية الأضحية ودليلها.
مطلب: حكم الأضحية.
الأضحية المنذورة.
مطلب: شروط وجوب الأضحية أو سنيتها.
مطلب: شروط صحة الأضحية:
هي ثلاثة أنواع: نوع يرجع إلى الأضحية، ونوع يرجع إلى المضحي، ونوع يرجع إلى وقت التضحية.
النوع الأول: شروط الأضحية في ذاتها:
(الشرط الأول) وهو متفق عليه: أن تكون من الأنعام، وهي الإبل، والبقرة الأهلية ومنها الجواميس، والغنم ضأناً كانت أو مَعْزًا، ويجزئ من كل ذلك الذكور والإناث.
فمن ضحى بحيوان مأكول غير الأنعام، سواء أكان من الدواب أم الطيور، لم تصح تضحيته به، لقوله تعالى: {وَلِكُل أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 34]، ولأنه لم تنقل التضحية بغير الأنعام عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويتعلق بهذا الشرط أن الشاة تجزئ عن واحد، وَالْبَدَنَةُ والبقرة كل منهما عن سبعة؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: نَحَرْنَا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية الْبَدَنَةَ عن سبعة، والبقرة عن سبعة([1]). وهو قول جمهور الفقهاء غير المالكية([2]).
(الشرط الثاني): أن تبلغ سن التضحية، بأن تكون ثَنِيَّةً أو فوق الثَّنِيَّةِ من الإبل والبقر وَالْمَعْزِ، وَجَذَعَةً أو فوق الْجَذَعَةِ من الضأن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً، إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ"([3]). والمسنة من كل الأنعام هي الثَّنِيَّةُ فما فوقها([4]).
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَتِ الأُضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ"([5]).
(الشرط الثالث): سلامتها من العيوب الفاحشة، وهي العيوب التي من شأنها أن تنقص الشحم أو اللحم إلا ما استثني.
وبناء على هذا الشرط لا تجزئ التضحية بما يأتي([6]):
1) العمياء.
2) العوراء الْبَيِّنُ عورها، وهي التي ذهب بصر إحدى عينيها، وفسرها الحنابلة بأنها التي انخسفت عينها وذهبت.
3) مقطوعة اللسان بالكلية.
4) ما ذهب من لسانها مقدار كثير. وقال الشافعية: يضر قطع بعض اللسان ولو قليلاً.
5) الجدعاء وهي مقطوعة الأنف.
6) مقطوعة الأذنين أو إحداهما، وكذا السَّكَّاءُ وهي: فاقدة الأذنين أو إحداهما خِلْقَةً، وخالف الحنابلة في السَّكَّاءِ.
7) ما ذهب من إحدى أذنيها مقدار كثير، واختلف العلماء في تفسير الكثير، فذهب الحنفية إلى أنه ما زاد عن الثلث في رواية، والثلث فأكثر في رواية أخرى، والنصف أو أكثر، وهو قول أبي يوسف، والربع أو أكثر في رواية رابعة. وقال المالكية: لا يضر ذهاب ثلث الأذن أو أقل. وقال الشافعية: يضر ذهاب بعض الأذن مطلقاً. وقال الحنابلة: يضر ذهاب أكثر الأذن. والأصل في ذلك حديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُضَحِّيَ بِعَضْبَاءِ الأُذُنِ([7]).
8) العرجاء الْبَيِّنُ عرجها، وهي التي لا تقدر أن تمشي برجلها إلى المنسك - أي المذبح - وفسرها المالكية والشافعية بالتي لا تسير بسير صواحبها.
9) الجذماء وهي: مقطوعة اليد أو الرجل، وكذا فاقدة إحداهما خِلْقَةً.
10) الْجَذَّاءُ وهي: التي قطعت رؤوس ضروعها أو يبست. وقال الشافعية: يضر قطع بعض الضَّرْعِ، ولو قليلاً. وقال المالكية: إن التي لا تجزئ هي يابسة الضَّرْعِ جميعه، فإن أرضعت ببعضه أجزأت.
11) مقطوعة الأَلْيَةِ، وكذا فاقدتها خِلْقَةً، وخالف الشافعية فقالوا بإجزاء فاقدة الألية خِلْقَةً، بخلاف مقطوعتها.
12) ما ذهب من أَلْيَتِهَا مقدار كثير. وقال الشافعية: يضر ذهاب بعض الأَلْيَةِ ولو قليلاً.
13) مقطوعة الذَّنَبِ، وكذا فاقدته خِلْقَةً، وهي المسماة بالبتراء، وخالف الحنابلة فيهما فقالوا: إنهما يجزئان. وخالف الشافعية في الثانية دون الأولى.
14) ما ذهب من ذَنَبِهَا مقدار كثير. وقال المالكية: لا تجزئ ذاهبة ثلثه فصاعداً. وقال الشافعية: يضر قطع بعضه ولو قليلاً. وقال الحنابلة: لا يضر قطع الذَّنَبِ كلاً أو بعضاً.
15) المريضة الْبَيِّنُ مرضها، أي التي يظهر مرضها لمن يراها.
16) العجفاء التي لا تُنْقِي، وهي المهزولة التي ذهب نَقْيُهَا، وهو المخ الذي في داخل العظام، فإنها لا تجزئ، لأن تمام الخلقة أمر ظاهر، فإذا تبين خلافه كان تقصيراً.
17) مُصَرَّمَةُ الأَطِبَّاءِ، وهي التي عولجت حتى انقطع لبنها.
18) الْجَلاَّلَةُ، وهي التي تأكل الْعَذِرَةَ ولا تأكل غيرها، مما لم تستبرأ بأن تحبس أربعين يوماً إن كانت من الإبل، أو عشرين يوماً إن كانت من البقر، أو عشرة إن كانت من الغنم.
ولا تجزئ (البكماء) وهي فاقدة الصوت ولا (البخراء) وهي منتنة رائحة الفم، ولم يقيدوا ذلك بكونها جَلاَّلَةً ولا بينة الْبَشَمِ، وهو التخمة. ولا (الصماء) وهي التي لا تسمع.
ولا تجزئ (الْهَيْمَاء) وهي المصابة بالهيام وهو عطش شديد لا ترتوي معه بالماء، فتهيم في الأرض ولا ترعى. وكذا (الحامل) على الأصح، لأن الحمل يفسد الجوف ويصير اللحم رديئاً.
ولا تجزئ (العصماء) وهي التي انكسر غلاف قرنها (وَالْخَصِيُّ المجبوب)، وهو ما ذهب أُنْثَيَاهُ وذَكَره معاً، بخلاف ذاهب أحدهما.
والأصل الذي دل على اشتراط السلامة من هذه العيوب كلها ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لاَ تُجْزِئُ مِنَ الضَّحَايَا أَرْبَعٌ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لاَ تُنْقِي"([8]).
وما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اسْتَشْرِفُوا الْعَيْنَ وَالأُذُنَ"([9]). أي تأملوا سلامتها عن الآفات، وما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِعَضْبَاءِ الأُذُنِ([10]).
وألحق الفقهاء بما في هذه الأحاديث كل ما فيه عيب فاحش.
(الشرط الرابع): أن تكون مملوكة للذابح، أو مأذوناً له فيها صراحة أو دلالة، فإن لم تكن كذلك لم تجزئ التضحية بها عن الذابح؛ لأنه ليس مالكاً لها، ولا نائباً عن مالكها، لأنه لم يَأْذَنْ له في ذبحها عنه، والأصل فيما يعمله الإنسان أن يقع للعامل، ولا يَقَعَ لغيره إلا بإذنه.
([1]) أخرجه مسلم (2/955 - الحلبي).
([2]) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني 5/69، والمجموع، النووي 8/398، والمغني، ابن قدامة 11/96، 118.
([3]) أخرجه مسلم وغيره من حديث جابر (صحيح مسلم 3/1555 ط. الحلبي) وقوله: "إلا أن يعسر" إلخ ظاهره أن الجذع لا يجزئ إلا عند عسر المسنة، لكنه محمول على أن من أراد الأكمل ينبغي له ألا يقدم على التضحية.
([5]) أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب (سنن الترمذي 4/87، ونصب الراية 4/216).
([6]) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني 5/75 - 76، ورَدُّ المحتار على الدُّر المختار (حاشية ابن عابدين) 5/212 - 214، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الدردير 2/120، وبلغة السالك 1/309، والمجموع، النووي 8/400، وحاشية البجيرمي على المنهج 4/296، ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 2/465، والمغني، ابن قدامة 11/102.
([7]) أخرجه أبو داود (3/238 ط عزت عبيد دعاس) وأحمد في مسنده (1/84 ط الميمنية) والترمذي (4/90 ط الحلبي) وصححه، وقال المنذري: (في تصحيح الترمذي لهذا الحديث نظر). كذا في مختصره (4/108 - نشر دار المعرفة).
([8]) أخرجه أبو داود (3/235 ط عزت عبيد دعاس) والنسائي (7/214 ط المكتبة التجارية)، والترمذي (سنن الترمذي 4/86 ط استانبول) ولفظ الترمذي: "لا يضحى بالعرجاء بين ظلعها، ولا بالعوراء بين عورها، ولا بالمريضة بين مرضها، ولا بالعجفاء التي لا تنقي" وقال الترمذي: هذا الحديث حسن صحيح.
([9]) أخرجه أحمد في مسنده (1/108، 149 ط الميمنية) وأبو داود (3/237 ط عزت عبيد دعاس) والترمذي بلفظ: "أمرنا أن نستشرف العين والأذن" (تحفة الأحوذي 5/82، 83) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
([10]) أخرجه أبو داود (3/238 ط عزت عبيد دعاس) وأحمد في مسنده (1/84 ط الميمنية) والترمذي (4/90 ط الحلبي) وصححه، وقال المنذري: (في تصحيح الترمذي لهذا الحديث نظر). كذا في مختصره (4/108 - نشر دار المعرفة).
عدد القراء : 460