الشروط في عقد الزواج
963 الشروط في عقد الزواج 23 6 1443 27 1 2021
المادة 14
1 - إذا قُيِّدَ عقد الزواج بشرط ينافي نظامه الشرعي، أو ينافي مقاصده ويلتزم فيه ما هو محظور شرعاً: كان الشرط باطلاً، والعقد صحيحاً.
2 - وإذا قُيِّدَ بشرط يلتزم فيه للمرأة مصلحة غير محظورة شرعاً، ولا تمس حقوق غيرها، ولا تقيد حرية الزوج في أعماله الخاصة المشروعة: كان الشرط صحيحاً ملزماً.
3 - وإذا اشترطت المرأة في عقد النكاح ما يقيد حرية الزوج في أعماله الخاصة، أو يمس حقوق غيرها؛ كان الاشتراط صحيحاً، ولكنه ليس بملزم للزوج، فإذا لم يف الزوج به؛ فللزوجة المشترِطة طلبُ فسخ النكاح.
الشروط في عقد الزواج
اختلف الفقهاء في الشروط في عقد النكاح، هل تُبْطِلُ النكاح، أو لا تبطله؟ ولهم في ذلك تفصيل:
يرى الحنفية([1]): أن النكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة، فيصح النكاح، ويلغو الشرط.
ومن أمثلة ذلك أن يتزوج الرجل المرأة على ألف بشرط ألا يتزوج عليها، فإن وَفَّى بما شرط فلها المسمى؛ لأنه يصلح مهراً وقد تراضيا به، وإن لم يُوَفِّ فلها مهر مثلها، لأنها ما رضيت بالألف - وهو دون مهر مثلها - إلا مع ما ذَكَرَ لها من المنفعة فيُكْمِلُ لها مهر المثل، لأنها ما رضيت بالمسمى وحده؛ فكأنه ما سَمَّى.
ومن ذلك ما لو تزوجها على ألف وكرامتها - أي بأن يحسن إليها بشيء تُسَرُّ به - فلها مهر مثلها، لا يَنقص عن ألف؛ لأنه رضي بها، وإن طَلَّقَهَا قبل الدخول؛ فلها نصف الألف؛ لأنه أكثر من المتعة.
وإن قال: عَلَيَّ ألف إن أقمت بها، وألفين إن أخرجتها، فإن أقام فلها الألف، وإن أخرجها فمهر مثلها؛ لا يزاد على ألفين، ولا يَنْقُص عن ألف.
ولو تزوجها على ألف إن كانت قبيحة، وألفين إن كانت جميلة صح الشرطان.
والفرق أنه لا مخاطرة هنا؛ لأن المرأة على صفة واحدة، إلا أن الزوج يجهلها، وفي المسألة الأولى المخاطرة موجودة في التسمية الثانية، لأنه لا يُدْرَى أن الزوج هل يفي بالشرط الأول أم لا.
وعند المالكية([2]): إن تزوج الرجل امرأة على شرط أن لا تأتيه، أو أن لا يأتيها إلا نهاراً أو ليلاً فحسب؛ فُسِخَ النكاح قبل الدخول، لا بعده؛ لأن ذلك مما يناقض مقتضى النكاح، ولما فيه من الخلل في الصداق.
ولذا كان يثبت بعد الدخول بصداق المثل؛ لأن الصداق يزيد وينقص بالنسبة لهذا الشرط.
ولو وقع النكاح بخياره يوماً أو أكثر، لأحد الزوجين، أو لهما، أو لأجنبي فُسِخ قبل الدخول، وثبت بعده بالمسمى إن كان؛ وإلا فبصداق المثل، إلا خيار المجلس؛ فإنه جائز هنا إذا اشتُرِطَ.
ولو وقع النكاح على شرطِ أنه: إذا لم يأت بالصداق لوقت كذا فلا نكاح؛ فيُفْسَخُ قبل الدخول فحسب؛ إن جاء به في الوقت المذكور، أو قبله، فإن لم يأت به فُسِخ أبداً.
وقالوا: كل ما وقع على شرط يناقض المقصود من النكاح؟
كأن وقع على شرط ألا يَقْسِمَ بينها وبين ضرتها في المبيت، أو على شرط أن يُؤْثِرَ عليها ضرتها، أو على شَرْطِ أن نفقتها عليها، أو على أبيها، أو أن لا ميراث بينهما، أو شَرَطَتْ على الزوج أن ينفق على ولدها من غيره، أو على أمها، أو أختها، أو شَرَطَت عليه أنَّ أَمْرَهَا بيدها، أو شَرَطَت زوجة الصغير أو السفيه أن نفقتها على الولي؛ فإنَّ النكاح يُفْسَخ في الجميع قبل الدخول، ويثبت بعده بمهر المثل، ويُلْغَى الشرط.
وعند الشافعية([3]): الشرط في النكاح إن لم يتعلق به غرض فهو لغو، وإن تعلق به لكن لا يخالف مقتضى النكاح؛ بأن شَرَط أن ينفق عليها، أو يَقْسِم لها، أو يتزوج عليها إن شاء، أو يسافر بها، أو لا تخرج إلا بإذنه؛ فهذا لا يؤثر في النكاح.
وإن شَرَط ما يخالف مقتضاه فهو ضربان:
أحدهما: ما لا يخل بالمقصود الأصلي من النكاح فيَفْسُد الشرطُ، سواء كان الشرط لمصلحتها؛ بأن شرط ألا يتزوج عليها، أو لا يطلقها، أو يطلق ضرتها، أو كان الشرط عليها بأن شَرَط أن لا يَقْسِم لها، أو لا ينفق عليها، أو يجمع بينها وبين ضَرَّاتها في سكن واحد، ثم فساد الشرط لا يُفْسِدُ النكاح على المشهور.
الضرب الثاني: ما يُخِلُّ بمقصود النكاح؛ كأن شرط الزوج أن لا يطأ زوجته أصلاً، أو أن لا يطأها إلا مرة واحدة مثلاً في السَّنَةِ، أو أن لا يطأها إلا ليلاً فحسب، أو إلا نهاراً، أو أن يطلقها ولو بعد الوطء: بطل النكاح؛ لأنه ينافي مقصود النكاح فأبطله.
ولو شَرَطَ الزوج أن الزوجة لا ترثه، أو أنه لا يرثها، أو أنهما لا يتوارثان، أو أن النفقة على غير الزوج: بطل النكاح.
وعند الحنابلة([4]): محل الاعتبار من الشروط ما ورد في صلب العقد، أو قبله، كأن يقول: زوجتك بنتي فلانة بشرط كذا، ونحوه، ويقبل الزوج على ذلك.
وكذا توافق الزوجان عليه قبل العقد؛ لأن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود والعهود يتناوله ذلك تناولاً واحداً، ولا يلزم الشرط بعد العقد ولزومه لفوات محل الشرط.
والشروط في النكاح قسمان:
القسم الأول: صحيح، وهو نوعان:
أحدهما: ما يقتضيه العقد؛ كتسليم الزوجة إلى الزوج، وتمكينه من الاستمتاع بها، وتسليمها المهر وتمكينها من الانتفاع به، فوجوده كعدمه؛ لأن العقد يقتضي ذلك.
والثاني: شرطُ ما تَنتفع به المرأة، مما لا ينافي العقد؛ كزيادة معلومة في مهرها، أو في نفقتها الواجبة، أو اشتراط كون مهرها من نقد معين، أو تَشترط عليه ألا ينقلها من دارها، أو بلدها، أو أن لا يسافر بها، أو أن لا يفرِّق بينها وبين أبويها أو أولادها، أو على أن تُرْضِع ولدها الصغير، أو شَرَطَت أن لا يتزوج عليها، أو شَرَطَ لها طلاق ضَرَّتِها، فهذا النوع صحيح لازم للزوجة، بمعنى ثبوت الخيار لها بعدمه.
لما روى الأثرم أن رجلاً تزوج امرأة، وشرط لها دارها، ثم أراد نقلها، فخاصموه إلى عمر رضي الله عنه فقال: (لها شرطها)، فقال الرجل: إذن يطلقننا، فقال عمر: (مقاطع الحقوق عند الشروط)([5])، ولأنه شَرَطَ لها منفعة مقصودة لا تمنع المقصود من النكاح؛ فكان لازماً.
ولو شَرَطَ ألا يخرجها من منزل أبويها، فمات الأب أو الأم بطل الشرط؛ لأن المنزل صار لأحدهما بعد أن كان لهما، فاستحال إخراجها من منزل أبويها، فبطل الشرط.
ولو تعذر سكن المنزل الذي اشترطت سكناه - بخراب وغيره - سَكَن بها الزوج حيث أراد، وسَقَطَ حقها من الفسخ؛ لأن الشرط عارض - وقد زال - فرجعنا إلى الأصل، والسكنى محض حقه.
ولو شَرَطَت عليه نفقة ولدها من غيره، وكسوته، مدة معينة: صح الشرط، وكانت من المهر، وظاهره إن لم يُعَيِّن المدة: لم يصح؛ للجهالة.
والقسم الثاني من الشروط في النكاح فاسد، وهو نوعان:
أحدهما ما يُبْطِل النكاح، وهو أربعة أشياء:
أحدها: نكاح الشِّغَار، وهو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته، ولا مهر بينهما.
الثاني: نكاح المُحَلِّل، بأن يتزوج رجلٌ المطلقةَ ثلاثاً بشرط أنه متى أحلها للأول طلقها، أو لا نكاح بينهما.
الثالث: نكاح المتعة، وهو أن يتزوجَ الرجلُ المرأةَ إلى مدة.
الرابع: إذا شَرَط نفيَ الحِلِّ في النكاح؛ بأن تزوجها على ألا تحل له.
والنوع الثاني من الشروط الفاسدة في الزواج: إذا شَرَطَ الزوجان أو أحدهما الخيار في النكاح أو في المهر، أو شرطا، أو أحدهما عدم الوطء، أو شَرَطَت إن جاء بالمهر في وقت كذا؛ وإلا فلا نكاح بينهما، أو شَرَطَ الزوج عدم المهر، أو النفقة، أو أن يكون لها قَسْمٌ أَقَلُ من ضرتها أو أكثر، أو يَشْتَرِط أن يعزل عنها، أو شَرَطَت أن لا يكون عندها في الجمعة إلا ليلة، أو لا تُسَلِّم نفسَها إليه، أو قُيِّدَ إلا بعد مدة معينة، أو شرطت عليه أن يسافر بها إذا أرادت انتقالاً، أو أن يسكن بها حيث شاءت، أو حيث شاء أبوها، أو غيره، أو شرطت أن تستدعيه للجماع وقت حاجتها، أو وقت إرادتها، أو شَرَط لها النهار دون الليل؛ ففي هذه الصور كلها يبطل الشرط؛ لأنه ينافي مقتضى العقد، ويتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده: فلم يصح.
([1]) الاختيار 3/105، 106، والبحر الرائق 3/171، وتبيين الحقائق 2/148، 149.
([2]) الشرح الصغير والصاوي 2/384 - 386، والشرح الكبير والدسوقي 2/238.
([3]) روضة الطالبين 7/264، 265، ومغني المحتاج 3/226 - 227.
([5]) المصنف في الأحاديث والآثار، أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي، مكتبة الرشد – الرياض، الطبعة الأولى، 1409، تحقيق: كمال يوسف الحوت، (16449)، 3/499، وأخرجه سعيد بن منصور في كتاب السنن، (662)، 1/211، والبيهقي (14216)، 7/249.
عدد القراء : 1137