هل الكفاءة شرط في صحة عقد الزواج
976 هل الكفاءة شرط في صحة عقد الزواج 7 7 1443 9 2 2021
الكفاءة
المادة 26 - يشترط في لزوم الزواج أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة.
هل الكفاءة شرط في صحة عقد الزواج؟
اختلف الفقهاء في هل الكفاءة - في حال اعتبارها - شرط في صحة النّكاح أم في لزومه:
فذهب الشافعية، والحنفية في ظاهر الرّواية، وهو المعتمد عند المالكية، والمذهب عند الحنابلة، إلى أنّ الكفاءة تعتبر للزوم النّكاح لا لصحته غالباً، فيصحّ النّكاح مع فقدها؛ لأنّها حقّ للمرأة وللأولياء، فإن رَضُوا بإسقاطها فلا اعتراض عليهم.
واستدلّوا بأنّ النّبي صلى الله عليه وسلم زوج بناته ولا أحد يكافئه، وبأنّه "صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة بنت قيس وهي قرشية أن تنكح أسامة بن زيد مولاه، فنكحها بأمره"([1])، "وزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية"([2])، وبأنّ الكفاءة لا تخرج عن كونها حقّاً للمرأة والأولياء، فلم يشترط وجودها.
ووجه اعتبارها عندهم، أنّ انتظام المصالح يكون عادةً بين المتكافئين، والنّكاح شرع لانتظامها، ولا تنتظم المصالح بين غير المتكافئين؛ ولأنّ النّكاح وضع لتأسيس القرابات الصّهرية، ليصير البعيد قريباً عضداً وساعداً، يسرّه ما يسرّك، وذلك لا يكون إلا بالموافقة والتقارب، ولا مقاربة للنّفوس عند مباعدة الأنساب، فعقده مع غير المكافئ قريب الشبه من عقد لا تترتب عليه مقاصده([3]).
وذهب الحنفية - في رواية هي المختارة للفتوى - واللخميّ وابن بشير وابن فرحون وابن سلمون - من المالكية - وهو رواية عن أحمد: إلى أنّ الكفاءة شرط في صحة النّكاح؛ لقول عمر رضي الله تعالى عنه: "لأمنعنّ فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء"([4]).
وذهب الكرخيّ والجصاص والحسن البصريّ إلى عدم اعتبار الكفاءة، وقالوا: إنّها ليست بشرط في النّكاح أصلاً، واحتجّوا بما روي عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَا بَنِى بَيَاضَةَ أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ وَانْكِحُوا إِلَيْهِ، قال: وكان حجَّاماً"([5])، أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتزويج عند عدم الكفاءة، ولو كانت معتبرةً لما أمر، وبقوله صلى الله عليه وسلم: "لا فضل لعربيّ على عجميّ ولا لعجميّ على عربيّ، ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى"([6])، وبأنّ الكفاءة لو كانت معتبرةً في الشرع لكان أولى الأبواب بالاعتبار بها باب الدّماء، لأنّه يحتاط فيه ما لا يحتاط في سائر الأبواب، ومع هذا لم تعتبر، حتى يقتل الشريف بالوضيع، فهاهنا أولى، والدليل عليه أنّها لم تعتبر في جانب المرأة، فكذا في جانب الزوج([7]).
وقال الشافعية: إنّ الكفاءة وإن كانت لا تعتبر لصحة النّكاح غالباً بل لكونها حقّاً للوليّ والمرأة إلا أنّها قد تعتبر للصّحة كما في التزويج بالإجبار([8]).
([2]) أخرجه ابن جرير في تفسيره (22/11).
([3]) رد المحتار 2/318، وبدائع الصنائع 2/317، وفتح القدير 2/418، وحاشية الدسوقي 2/249، ومغني المحتاج 3/164، وروضة الطالبين 7/84، وكشاف القناع 5/67، والمغني 6/48(- 481.
([4]) أخرجه عبد الرزاق (6/152)، والبيهقي (7/133).
([5]) أخرجه أبو داود (2/579 - 58()، والحاكم (2/164)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
([6]) أخرجه أحمد (5/411)، وقال الهيثمي في المجمع (3/266): ورجاله رجال الصحيح.
([7]) بدائع الصنائع 2/317، وفتح القدير 2/418.
عدد القراء : 469