shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

صدقة نقية من نفس تقية

صدقة نقية من نفس تقية

آداب الصدقة

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أمرنا في كتابه بالصدقة ودعانا إليها وحثنا عليها، فقال: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:262]

وصلى الله وسلم على نبينا محمد الذي أمرنا بالصدقة وحثنا عليها، فقال في خطبته: كما في شعب الإيمان (5/ 27 وما بعدها)، 3049 - عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ قَوْمٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ [النمار بالكسر جمع نمرة، وهي كساء من صوف مُخطَّط، ومعنى مجتابيها: أي: لابسيها وقد خرَّقوها في رؤوسهم] مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، لَيْسَ عَلَيْهِمْ أُزُرٌ [ما يلبس في أعلى الجسم] وَلَا شَيْءَ غَيْرَهَا، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بِهِمْ مِنَ الْجَهْدِ وَالْعُرْيِ وَالْجُوعِ تَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ، ثُمَّ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ مِنْبَرًا صَغِيرًا، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، ذَلِكُمْ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ:  {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر: 18 - 20]، [ص:28] تَصَدَّقُوا قَبْلَ أَنْ لَا تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الصَّدَقَةِ، تَصَدَّقَ امْرِؤٌ مِنْ دِينَارِهِ، تَصَدَّقَ امْرِؤٌ مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ بُرِّهِ، مِنْ تَمْرِهِ، مِنْ شَعِيرِهِ، لَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الصَّدَقَةِ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ "

فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ، فَنَاوَلَهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِهِ، فَقَبَضَهَا وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِهِ يُعْرَفُ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: " مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعَمِلَ بِهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَمِلَ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَمَثَلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا فَقَامَ النَّاسُ فَتَفَرَّقُوا فَمِنْ ذِي دِينَارٍ، وَمِنْ ذِي دِرْهَمٍ، وَمِنْ ذِي طَعَامٍ، وَمِنْ ذِي وَمِنْ ذِي، فَاجْتَمَعَ فَقَسَمَهُ بَيْنَهُمْ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ

حديثنا أيها الإخوة! عن "صدقة نقية من نفس تقية".

ما هي آداب الصدقة؟

ما شروطها؟

ما مجالات الصدقة؟

ما هي بعض الأحكام المتعلقة بالصدقة؟

أما آداب الصدقة: فإن الله سبحانه وتعالى يقول في آدابها وشروطها، وما يتقبل منها: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:262]، وقال عز وجل: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:274]، وقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:245]، وقال سبحانه: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد:11].

هذه الدعوة من الله {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} [الحديد:11] إذا علم المقرض أن المقترض مليء غني ووفي ومحسن؛ كان ذلك أدفعَ له للصدقة، وأطيبَ لقلبه ولسماحةِ نفسه

إذا علم المقرض أن الذي اقترض منه مليء، فهذا يدفعه إلى الصدقة

إذا علم أن الذي يقترض منه يتاجر له فيها، وينميها له، ويثمرها حتى تصيرَ أضعافاً مما كانت قبل سيكون بالقرض أسمحَ وأسمحَ،

فإذا علم أن المقترض مع ذلك سيزيده من فضله ويعطيه أجراً آخر غير القرض الذي اقترضه، ليس يرده إليه فحسب، بل ويضاعفه وينميه وإنما سيعطيه شيئاً إضافياً عليه، لا شك أنه سيكون في ثقة وضمان، وأنه سيندفع إليها أكثر وأكثر،

والله سبحانه وتعالى هنا قد أخبر: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [الحديد:11] من المقترض؟ الله.

هذه منة منه سبحانه وتعالى على عباده: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [الحديد:11] ينميه ويثمره الغني ثم يعطيه، بالإضافة إلى ذلك أجر آخر غير أجر الصدقة {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد:11] غير الصدقة له أجر كريم.

والله عز وجل قد بيَّن لنا في الآيات التي سبق ذكرها آداب الصدقة:

أولاً: أن تكون من مالٍ طيب لا رديء ولا خبيث.

ثانياً: أن تخرج طيبةً بها نفس المتصدق يبتغي بها مرضات الله.

ثالثاً: ألا يمن بها ولا يؤذي.

قال سبحانه: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [البقرة:262]، {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً} [البقرة: 274]، {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} [الحديد:18].

فتأمل هذه الآداب الثلاثة: الأول: يتعلق بالمال أن يكون طيباً.

الثاني: يتعلق بالمنفق بينه وبين الله، أن يكون مبتغياً مرضات الله طيبةً بها نفسه.

الثالث: شيء يتعلق بينه وبين الآخذ، وهو ألا يمن ولا يؤذي.

عدد القراء : 376