shikh-img
رسالة الموقع
أول أيام شهر رمضان للعام 1442 هجري، هو يوم الثلاثاء الواقع فث 13/ 4/ 2021 ميلادي. تقبل الله منا و

ما موقع الولي في عقد الزواج

997 ما موقع الولي في عقد الزواج 28 7 1443 2 3 2021

 

المادة 27 - إذا زوجت الكبيرة نفسها من غير موافقة الولي فإن كان الزوج كفؤاً لزم العقد؛ وإلا فللولي طلب فسخ النكاح.

اختلف الفقهاء في كون الولي ركناً من أركان النكاح، أو شرطاً في صحته، أو شرطاً في جوازه ونفاذه.

فقال المالكية والشافعية: الولي ركن من أركان عقد النكاح؛ فلا يصح النكاح بدون ولي بشروطه؛ لأن الولي من أركان العقد التي لا يتحقق وجوده إلا بها، والمراد بالولي مَن له ولاية؛ ولو تولى العقد غيره بإذنه.

ولا يصح عند المالكية والشافعية تولي عقد النكاح من أنثى([1]).

فلا تصح عبارة المرأة في النكاح إيجاباً وقبولاً؛ فلا تُزَوِّج نفسها؛ بإذن الولي، ولا بغير إذنه، ولا تُزَوِّج غيرها؛ لا بولاية ولا بوكالة، ولا تَقْبَلُ (من القبول بعد الإيجاب من غيرها) النكاح؛ لا بولاية ولا بوكالة.

وقال الشافعية: ولو عُدِمَ الوليُ والحاكمُ فَوَّلَت مع خاطبها أمرَها رجلاً مجتهداً؛ ليزوجها منه: صح؛ لأنه مُحَكَّمٌ، وَالْمُحَكَّمُ كَالْحَاكِمِ.

وكذا لو وَلَّتَ معه عَدْلَاَ: صح على المختار؛ وإن لم يكن مجتهداً؛ لشدة الحاجة إلى ذلك.

قال في المهمات: ولا يختص ذلك بفقد الحاكم، بل يجوز مع وجوده سفراً وحضراً، بناء على الصحيح في جواز التحكيم.

قال الولي العراقي: ومراد المهمات ما إذا كان الْمُحَكَّمُ صالحاً للقضاء.

وأما الذي اختاره النووي أنه يكفي العدالة، ولا يشترط أن يكون صالحاً للقضاء؛ فشَرْطُه: السفر، وفقد القاضي([2]).

وقال الحنفية: الولاية شرط في الركن، وهي من شروط الجواز والنفاذ؛ فلا ينعقد إنكاح مَن لا ولاية له.

والولي: العاقل البالغ الوارث؛ فخرج الصبي، والمعتوه، وهذا عند أكثر فقهائهم، وقال الرملي وابن عابدين التعريف خاص بالولي من جهة القرابة؛ إذ الحاكم ولي، وليس بوارث.

والولاية في النكاح نوعان:

الأول: ولاية ندب واستحباب، وهو الولاية على البالغة العاقلة؛ بكراً كانت أو ثيباً.

والثاني: ولاية إجبار، وهو الولاية على الصغيرة؛ بكراً كانت أو ثيباً، وكذا الكبيرة المعتوهة.

وللحنفية في الولاية على البالغة العاقلة أقوال لخصها الكمال فقال: وحاصل ما عند علمائنا في ذلك سبع روايات:

روايتان عن أبي حنيفة:

الأولى: تجوز مباشرة البالغة العاقلة عقد نكاحها، ونكاح غيرها مطلقاً - أي من كفء، أو من غير كفء - إلا أنه خلاف المستحب، وهو ظاهر المذهب([3]).

ولأبي حنيفة على ظاهر المذهب أدلة من الكتاب العزيز، ومن السنة، والاستدلال:

أما الكتاب فقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: 50]؛ فالآية الشريفة نص على انعقاد النكاح بعبارتها، فكانت حجة على المخالف، وقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 230]، فقد أضاف النكاح في قوله: {حَتَّى تَنْكِحَ} [البقرة: 230] إليها، فيقتضي تصور النكاح منها، وأضافه إلى الزوجين في قوله: {أَنْ يَتَرَاجَعَا} [البقرة: 230] أي: يتناكحا من غير ذِكْرٍ الولي، وقوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232].

والاستدلال من وجهين:

أحدهما: أنه أضاف النكاح إليهن؛ فيدل على جواز النكاح بعبارتهن من غير شرط الولي.

والثاني: أنه نهى الأولياء عن المنع عن نكاحهن أنفسهن من أزواجهن إذا تراضى الزوجان، والنهي يقتضي تصور المنهي عنه.

وأما السنة فما ورد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ"([4])، وهذا قطع ولاية الولي عنها،

وورد عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا"([5])، والأيم اسم لامرأة لا زوج لها.

وأما الاستدلال:

فهو أنها لما بلغت عن عقل صارت ولية نفسها في النكاح فلا تبقى مولياً عليها؛ فهي كالصبي العاقل إذا بلغ، والجامع أن ولاية الإنكاح إنما ثبتت للأب على الصغيرة بطريق النيابة عنها شرعاً، لكون النكاح تصرفاً نافعاً متضمناً مصلحة الدين والدنيا، وحاجتها إليه حالاً ومآلاً، وكونها عاجزة عن إحراز ذلك بنفسها وكون الأب قادراً عليه، وبالبلوغ عن عقل زال العجز حقيقة، وقدرت على التصرف في نفسها حقيقة، فتزول ولاية الغير عنها وثبتت الولاية لها؛ لأن النيابة الشرعية إنما تثبت بطريق الضرورة نظراً؛ فتزول بزوال الضرورة([6]).

والرواية الثانية عن أبي حنيفة هي رواية الحسن عنه أنه: إن عقدت مع كفء جاز، ومع غيره لا يصح، واختيرت للفتوى.

وعن أبي يوسف ثلاث روايات:

لا يجوز مطلقاً إذا كان لها ولي.

ثم رجع إلى الجواز من الكفء، لا من غيره.

ثم رجع إلى الجواز مطلقاً من الكفء وغيره.

وعن محمد روايتان: انعقاده موقوفاً على إجازة الولي، إن أجازه نفذ وإلا بطل، إلا أنه إذا كان مع كفء، وامتنع الولي يجدد القاضي العقد ولا يلتفت إليه.

ورواية رجوعه إلى ظاهر الرواية([7]).

وقال الحنابلة: الولي شرط في صحة النكاح، فلا يصح نكاح إلا بولي، وهذا هو المذهب، وعليه الأصحاب، ونُصَّ عليه، ولا يختلفون في ذلك.

وعن أحمد: ليس الولي بشرط مطلقاً، وخصها ابن قدامة بالعذر؛ لعدم الولي والسلطان.

وعلى المذهب عندهم: لو زَوَّجَت امرأة نفسها، أو زَوَّجَت غيرها؛ كبنتها وأختها، أو وَكَّلَت غير وليها في تزويجها؛ ولو بإذن وليها: لم يصح النكاح في الصور الثلاث؛ لحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ"([8])، وهو لنفي الحقيقة الشرعية؛ بدليل ما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَل بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَل مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ"([9])، ولا يقال يمكن حمل النفي في قوله صلى الله عليه وسلم: "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ"([10])، على نفي الكمال، لأن كلام الشارع محمول على الحقائق الشرعية، أي: لا نكاح موجود في الشرع إلا بولي.

وقالوا: إن النكاح لا يصح بدون ولي؛ لعدم وجود شرطه.

وقالوا: إن حَكَمَ بصحة عقد النكاح بدون ولي حاكمٌ؛ لم يُنْقَضْ حكمه؛ لأنه يسوغ فيها الاجتهاد فلم يجز نقض الحكم بها([11]).

 

 

([1]) الشرح الصغير 2/335، 369، وشرح الزرقاني 3/168، ومغني المحتاج 3/147، وعقد الجواهر الثمينة 2/13.

([2]) عقد الجواهر الثمينة 2/13، ومغني المحتاج 3/147، وروضة الطالبين 7/50، 51.

([3]) بدائع الصنائع 2/232، 237، وفتح القدير 3/157، والدر المختار ورد المحتار 2/395.

([4]) أخرجه أبو داود (2/578، 579 ط حمص)، والنسائي (6/85 ط التجارية الكبرى).

([5]) أخرجه مسلم (2/1037 ط عيسى الحلبي) من حديث ابن عباس رضي الله عنهم.

([6]) بدائع الصنائع 2/248.

([7]) فتح القدير 3/157.

([8]) أخرجه أبو داود (2/568 ط حمص)، والترمذي (3/398 ط الحلبي) وقال: حسن.

([9]) أخرجه الترمذي (3/407 ط الحلبي)، وقال: هذا حديث حسن.

([10]) أخرجه أبو داود (2/568 ط حمص)، والترمذي (3/398 ط الحلبي) وقال: حسن.

([11]) الإنصاف 8/66، وكشاف القناع 5/48، 49.

عدد القراء : 305